مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية (اللهجة السودانية)
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٢٥ آب (‏اغسطس)‏ ص ٢٦-‏٣٠
  • رحلتي من الخجل إلى الخدمة الإرسالية

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • رحلتي من الخجل إلى الخدمة الإرسالية
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏٢٠٢٥
  • العناوين الفرعية
  • حينَ بَدَأتُ بِالخِدمَةِ كامِلَ الوَقت
  • هَدَفُ الخِدمَةِ الإرسالِيَّة
  • الخِدمَةُ في بَلَدٍ تُمَزِّقُهُ الحَرب
  • تَحَدِّياتٌ جَديدَة
  • مُواجَهَةُ مَشاكِلِنا الصِّحِّيَّة
  • يَهْوَه لم يَترُكْني أبَدًا
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏٢٠٢٥
ب٢٥ آب (‏اغسطس)‏ ص ٢٦-‏٣٠
ماريان فيرتهولتس

قصة حياة

رِحلَتي مِنَ الخَجَلِ إلى الخِدمَةِ الإرسالِيَّة

كما رَوَتها مَارْيَان فِيرْتْهُولْتْس

في طُفولَتي،‏ كُنتُ خَجولَةً جِدًّا وأخافُ مِنَ النَّاس.‏ ولكنْ معَ الوَقت،‏ يَهْوَه ساعَدَني أن أصيرَ مُرسَلَةً تُحِبُّ النَّاس.‏ كَيف؟‏ في الأوَّل،‏ مِن خِلالِ دَعمِ أبي؛‏ بعد ذلك،‏ بِواسِطَةِ مِثالِ أُختٍ مُراهِقَة حَماسِيَّة جِدًّا؛‏ وفي الآخِر،‏ مِن خِلالِ صَبرِ زَوجي وكَلِماتِهِ اللَّطيفَة.‏ دَعوني أُخبِرُكُم عن رِحلَتي في الحَياة.‏

وُلِدتُ سَنَةَ ١٩٥١ في عائِلَةٍ كاثوليكِيَّة تَعيشُ في فْيِينَّا بِالنَّمْسَا.‏ كُنتُ خَجولَةً بِطَبعي،‏ لكنِّي كُنتُ أُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وأُصَلِّي دائِمًا.‏ وحينَ كانَ عُمري تِسعَ سَنَوات،‏ بَدَأ أبي يَدرُسُ مع شُهودِ يَهْوَه.‏ وسُرعانَ ما انضَمَّت إلَيهِ أُمِّي.‏

مع أختي إليزابيث (‏إلى الشمال)‏

ولم يَمْضِ وَقتٌ طَويلٌ حتَّى صِرنا في جَماعَةِ دُوبْلِينْغ في فْيِينَّا.‏ وكُنَّا نَفعَلُ كُلَّ شَيءٍ معًا كعائِلَة:‏ نَقرَأُ الكِتابَ المُقَدَّسَ ونَدرُسُه،‏ نَحضُرُ اجتِماعاتِ الجَماعَة،‏ ونَتَطَوَّعُ في الاجتِماعاتِ الدَّائِرِيَّة.‏ وبِعُمرٍ صَغير،‏ بَدَأ أبي يَغرِسُ في قَلبي مَحَبَّةَ يَهْوَه.‏ حتَّى إنَّهُ كانَ يُصَلِّي دائِمًا أن نَصيرَ أنا وأُختي فاتِحَتَيْن.‏ ولكنْ آنَذاك،‏ لم يَكُنْ هذا هَدَفي.‏

حينَ بَدَأتُ بِالخِدمَةِ كامِلَ الوَقت

إعتَمَدتُ سَنَةَ ١٩٦٥ بِعُمرِ ١٤ سَنَة.‏ ولكنْ كانَ صَعبًا علَيَّ أن أُبَشِّرَ أشخاصًا لا أعرِفُهُم.‏ وكُنتُ أشعُرُ دائِمًا أنِّي أقَلُّ قيمَةً مِن غَيري،‏ وكانَ كُلُّ هَمِّي أن يَتَقَبَّلَني الشُّبَّانُ والشَّابَّاتُ الَّذينَ مِن عُمري.‏ لِذلِك بَعدَ وَقتٍ قَصيرٍ مِن مَعمودِيَّتي،‏ بَدَأتُ أُعاشِرُ شُبَّانًا وشابَّاتٍ لا يَخدُمونَ يَهْوَه.‏ ومع أنِّي كُنتُ أستَمتِعُ بِعِشرَتِهِم،‏ كانَ ضَميري يُعَذِّبُني لِأنِّي أقْضي الكَثيرَ مِنَ الوَقتِ مع أشخاصٍ لَيسوا مِنَ الشُّهود.‏ لكنْ لم يَكُنْ لَدَيَّ ما يَكْفي مِنَ القُوَّةِ لِأُغَيِّرَ هذِهِ العادَة.‏ فما الَّذي ساعَدَني؟‏

ماريان ودوروثي

تعلَّمت الكثير من دوروثي (‏إلى الشمال)‏

في تِلكَ الفَترَة،‏ كانَ في جَماعَتِنا أختٌ عُمرُها ١٦ سَنَةً اسْمُها دُورُوثِي.‏ وقد أعجَبَتني حَماسَتُها في الخِدمَةِ مِن بَيتٍ إلى بَيت.‏ كُنتُ أكبَرَ مِنها بِقَليل،‏ لكنِّي لم أكُنْ نَشيطَةً مِثلَها في الخِدمَة.‏ ففَكَّرتُ بَيني وبَينَ نَفْسي:‏ ‹والِدايَ مِن شُهودِ يَهْوَه،‏ لكنَّ دُورُوثِي لا أحَدَ مِن عائِلَتِها في الحَقّ.‏ ومع أنَّها تَعيشُ مع أُمِّها المَريضَة،‏ فهي دائِمًا في الخِدمَة!‏›.‏ لقد شَجَّعَني مِثالُها أن أخدُمَ يَهْوَه أكثَر.‏ وبَعدَ وَقتٍ قَصير،‏ صِرنا أنا ودُورُوثِي رَفيقَتَيْنِ في عَمَلِ الفَتح.‏ في البِدايَة،‏ كُنَّا فاتِحَتَيْنِ إضافِيَّتَيْن،‏ أو فاتِحَتَيْ عُطلَةٍ مِثلَما كانَ الاسْمُ آنَذاك.‏ ولاحِقًا،‏ اشتَرَكنا معًا في الفَتحِ العادِيّ.‏ كانَت حَماسَةُ دُورُوثِي مُعْدِيَة.‏ فهي ساعَدَتني أن أُؤَسِّسَ أوَّلَ دَرسٍ لي في الكِتابِ المُقَدَّس.‏ ومعَ الوَقت،‏ صارَ أسهَلَ علَيَّ أن أتَكَلَّمَ معَ النَّاسِ على الباب،‏ في الشَّارِع،‏ وفي أماكِنَ أُخْرى.‏

خِلالَ سَنَتي الأُولى في الفَتحِ العادِيّ،‏ أتى إلى جَماعَتِنا أخٌ مِنَ النَّمْسَا اسْمُهُ هَايِنْتْس.‏ كانَ هَايِنْتْس قد تَعَلَّمَ الحَقَّ في كَنَدَا فيما يَزورُ أخاهُ الَّذي مِن شُهودِ يَهْوَه.‏ وقد تَعَيَّنَ كفاتِحٍ خُصوصِيٍّ في جَماعَتِنا في فْيِينَّا.‏ فأعجَبَني مِنَ النَّظرَةِ الأُولى.‏ لكنَّهُ أرادَ أن يَصيرَ مُرسَلًا.‏ أمَّا أنا فلم أكُنْ أنْوي أن أخدُمَ كمُرسَلَة.‏ لِذلِك في الأوَّل،‏ أخْفَيتُ مَشاعِري عنه.‏ ولكنْ لاحِقًا،‏ بَدَأنا نَتَعارَفُ واحِدُنا على الآخَر،‏ ثُمَّ تَ‍زَوَّجنا وبَدَأنا نَخدُمُ معًا كفاتِحَيْنِ في النَّمْسَا.‏

هَدَفُ الخِدمَةِ الإرسالِيَّة

كانَ هَايِنْتْس يُخبِرُني دائِمًا عن رَغبَتِهِ أن يَصيرَ مُرسَلًا.‏ ومع أنَّهُ لم يَضغَطْ علَيَّ أبَدًا،‏ كانَ يَسألُني أسئِلَةً تُشَجِّعُني أن أضَعَ هذا الهَدَف،‏ مِثل:‏ «بِما أنَّهُ لَيسَ لَدَينا أوْلاد،‏ فهل يُمكِنُ أن نَخدُمَ يَهْوَه أكثَر؟‏».‏ ولكنْ بِسَبَبِ طَبعي الخَجول،‏ كُنتُ أخافُ أن أصيرَ مُرسَلَة.‏ صَحيحٌ أنِّي كُنتُ فاتِحَة،‏ لكنِّي شَعَرتُ أنَّ التَّعيينَ الإرسالِيَّ بِأكمَلِهِ أكبَرُ مِنِّي.‏ مع ذلِك،‏ ظَلَّ هَايِنْتْس يُساعِدُني بِصَبرٍ أن أُفَكِّرَ في هذا الهَدَف.‏ كما أنَّهُ شَجَّعَني أن أُرَكِّزَ أكثَرَ على الاهتِمامِ بِالنَّاسِ بَدَلَ أن أُفَكِّرَ في مَخاوِفي.‏ وكانَت نَصيحَتُهُ في مَحَلِّها.‏

هاينتس يدير درس برج المراقبة في جماعة يوغوسلافية صغيرة في سالزبورغ بالنمسا،‏ سنة ١٩٧٤

تَدريجِيًّا،‏ صارَ لَدَيَّ رَغبَةٌ أن أخدُمَ كمُرسَلَة.‏ فقَدَّمْنا طَلَبًا لِنَحضُرَ مَدرَسَةَ جِلْعَاد.‏ لكنَّ خادِمَ الفَرعِ اقتَرَحَ علَيَّ أن أُحَسِّنَ أوَّلًا لُغَتي الإنْكِلِيزِيَّة.‏ وبَعدَما اجتَهَدتُ ثَلاثَ سَنَواتٍ لِأُحَسِّنَ إنْكِلِيزِيَّتي،‏ تَفاجَأنا عِندَما تَعَيَّنَّا في جَماعَةٍ يُوغُوسْلَافِيَّة في سَالْزْبُورْغ بِالنَّمْسَا.‏ وقد بَقينا في هذا الحَقلِ سَبعَ سَنَوات،‏ بِما فيها سَنَةٌ في العَمَلِ الدَّائِرِيّ.‏ كانَتِ اللُّغَةُ الصِّرْبِيَّة الكِرْوَاتِيَّة صَعبَة،‏ ولكنْ كانَ لَدَينا عِدَّةُ دُروسٍ في الكِتابِ المُقَدَّس.‏

ثُمَّ سَنَةَ ١٩٧٩،‏ طُلِبَ مِنَّا أن نَذهَبَ في «عُطلَةٍ» إلى بُلْغَارْيَا.‏ كانَ العَمَلُ هُناك تَحتَ الحَظر.‏ فلم نُبَشِّرْ في تِلكَ «العُطلَة».‏ لكنَّنا هَرَّبْنا مَطبوعاتٍ حَجمُها صَغيرٌ مِن أجْلِ الأخَواتِ الخَمسِ اللَّواتي كُنَّ يَعِشْنَ في العاصِمَةِ صُوفِيَا.‏ خِفتُ كَثيرًا،‏ لكنَّ يَهْوَه ساعَدَني لِأقومَ بِهذِهِ المُغامَرَة.‏ وحينَ رَأيتُ شَجاعَةَ هؤُلاءِ الأخَواتِ وفَرَحَهُنَّ رَغمَ خَطَرِ السَّجن،‏ صارَ لَدَيَّ القُوَّةُ والثِّقَةُ لِأقومَ بِأيِّ تَعيينٍ تَطلُبُهُ مِنِّي هَيئَةُ يَهْوَه.‏

في هذِهِ الفَترَة،‏ قَدَّمْنا مِن جَديدٍ طَلَبًا لِنَذهَبَ إلى جِلْعَاد.‏ وهذِهِ المَرَّة،‏ أتَتنا المُوافَقَة.‏ ظَنَنَّا أنَّنا سنَحضُرُ المَدرَسَةَ بِالإنْكِلِيزِيَّة في الوِلَايَاتِ المُتَّحِدَة.‏ ولكنْ في تِشْرِين الثَّاني (‏نُوفَمْبِر)‏ ١٩٨١،‏ بَدَأَت مَدرَسَةُ جِلْعَاد الفَرعِيَّة في بَيْت إيل بِفِيسْبَادِن في أَلْمَانِيَا.‏ فاستَطَعنا أن نَحضُرَها بِالألْمَانِيَّة.‏ وهذا طَبعًا كانَ أسهَلَ علَيّ.‏ ولكنْ أينَ تَعَيَّنَّا؟‏

الخِدمَةُ في بَلَدٍ تُمَزِّقُهُ الحَرب

تَعَيَّنَّا في كِينْيَا!‏ لكنَّ مَكتَبَ الفَرعِ هُناك طَلَبَ مِنَّا أن نَخدُمَ في أُوغَنْدَا المُجاوِرَة.‏ وقَبلَ أكثَرَ مِن عَشْرِ سَنَوات،‏ حَدَثَ انقِلابٌ في البَلَدِ بِرِئاسَةِ الضَّابِطِ عِيدِي أَمِين الَّذي أسقَطَ الحُكومَة.‏ وفي السَّنَواتِ التَّالِيَة،‏ سَبَّبَ حُكمُهُ الدِّيكتاتورِيُّ المَوتَ لِلآلافِ والعَذابَ لِلمَلايين.‏ ثُمَّ سَنَةَ ١٩٧٩،‏ أُسقِطَتِ الحُكومَةُ في أُوغَنْدَا مِن جَديد.‏ وطَبعًا لا داعي أن أُخبِرَكُم أنِّي كُنتُ خائِفَةً مِنَ الانتِقالِ إلى بَلَدٍ تُمَزِّقُهُ الحَرب.‏ لكنَّ جِلْعَاد كانَت قد عَلَّمَتنا أن نَثِقَ بِيَهْوَه.‏ فوافَقنا أن نَذهَب.‏

كانَتِ الفَوْضى تَعُمُّ أُوغَنْدَا.‏ وقد وَصَفَ هَايِنْتْس الوَضعَ هُناك في الكِتابِ السَّنَوِيِّ لِعام ٢٠١٠ قائِلًا:‏ «كانَت شَبَكاتُ المِياهِ ووَسائِلُ الاتِّصالِ مُعَطَّلَة .‏ .‏ .‏ كما تَفَشَّت في البَلَدِ عَمَلِيَّاتُ القَتلِ والسَّلبِ وخُصوصًا في اللَّيل.‏ لِذا ما إن يَحِلُّ الظَّلامُ حتَّى .‏ .‏ .‏ يَقبَعَ النَّاسُ في بُيوتِهِم آمِلين،‏ ومُتَضَرِّعينَ في أغلَبِ الأحيان،‏ أن يَمْضِيَ اللَّيلُ بِسَلامٍ دونَ أن يَتَلَقَّوْا زِيارَةً غَيرَ مَرغوبٍ فيها».‏ ولكنْ رَغمَ هذِهِ التَّحَدِّيات،‏ كانَ الإخوَةُ في البَلَدِ يَخدُمونَ يَهْوَه بِفَرَح.‏

فيما نحضِّر وجبة طعام في بيت عائلة وَييسوا

سَنَةَ ١٩٨٢،‏ وَصَلنا أنا وهَايِنْتْس إلى كَامْبَالَا،‏ عاصِمَةِ أُوغَنْدَا.‏ وخِلالَ الأشهُرِ الخَمسَة الأُولى،‏ بَقينا في بَيتِ سَام وكْرِيسْتِينَا وَيْيِسْوَا وأوْلادِهِما الخَمسَة وأقرِبائِهِما الأربَعَة.‏ وغالِبًا ما كانَ سَام وكْرِيسْتِينَا والأوْلادُ يَتَناوَلونَ وَجبَةَ طَعامٍ واحِدَة في اليَوم،‏ وهذا جَعَلَنا نُقَدِّرُ ضِيافَتَهُم كَثيرًا.‏ وخِلالَ إقامَتِنا في بَيتِهِم،‏ تَعَلَّمنا أنا وهَايِنْتْس الكَثيرَ مِنَ الدُّروسِ العَمَلِيَّة الَّتي ساعَدَتنا في حَياتِنا كمُرسَلَيْن.‏ مَثَلًا،‏ تَعَلَّمنا كَيفَ نُوَفِّرُ الماءَ ونَستَحِمُّ بِلِتراتٍ قَليلَة فَقَط ثُمَّ نَستَعمِلُ الماءَ نَفْسَهُ بَعدَ الدُّخولِ إلى الحَمَّام.‏ وسَنَةَ ١٩٨٣،‏ وَجَدنا أنا وهَايِنْتْس بَيتًا في مِنطَقَةٍ آمِنَة نِسبِيًّا في كَامْبَالَا وانتَقَلنا إلَيه.‏

إستَمتَعنا أنا وهَايِنْتْس بِالخِدمَةِ كَثيرًا.‏ أتَذَكَّرُ أنَّنا وَزَّعنا في شَهرٍ واحِدٍ أكثَرَ مِن ٤٬٠٠٠ مَجَلَّة!‏ لكنَّ النَّاسَ كانوا أحْلى ما في الخِدمَة.‏ فقد كانوا يَحتَرِمونَ اللّٰهَ ويُريدونَ أن يَتَكَلَّموا عنِ الكِتابِ المُقَدَّس.‏ وعادَةً،‏ كانَ لَدى كُلِّ واحِدٍ مِنَّا بَينَ ١٠ و ١٥ دَرسًا.‏ وتَعَلَّمنا الكَثيرَ مِن تَلاميذِنا.‏ مَثَلًا،‏ كُنَّا نُقَدِّرُ روحَهُمُ الإيجابِيَّة فيما يَسيرونَ كُلَّ أُسبوعٍ إلى الاجتِماعاتِ ويَعودونَ مِنها.‏ ولم نَرَهُم يَومًا يَتَذَمَّرون،‏ بل كانَتِ الابتِسامَةُ دائِمًا على وُجوهِهِم.‏

في السَّنَتَينِ ١٩٨٥ و ١٩٨٦،‏ حَدَثَ نِزاعانِ عَسكَرِيَّانِ آخَرانِ في أُوغَنْدَا.‏ وفي كَثيرٍ مِنَ الأحيان،‏ كُنَّا نَرى جُنودًا مِنَ الأوْلادِ يَحمِلونَ بَنادِقَ كَبيرَة ويَقِفونَ على حَواجِزِ التَّفتيش.‏ وفي هذِهِ الفَترَة،‏ كُنَّا نُصَلِّي ونَطلُبُ التَّمييزَ وهُدوءَ القَلبِ فيما نَبحَثُ عنِ المُهتَمِّينَ في المُقاطَعَة.‏ وقدِ استَجابَ يَهْوَه صَلَواتِنا.‏ فغالِبًا ما كُنَّا نَنْسى خَوفَنا حالَما نَلتَقي شَخصًا يَتَجاوَبُ مع رِسالَةِ مَملَكَةِ اللّٰه.‏

أنا وهاينتس مع تتيانا (‏في الوسط)‏

وكُنَّا نَفرَحُ أيضًا حينَ نُبَشِّرُ الأجانِب.‏ مَثَلًا،‏ الْتَقَينا طَبيبًا وزَوجَتَهُ مِن تَتَارِسْتَان (‏رُوسِيَا الوُسطى)‏ اسْمُهُما مُرَات ودِيلْبَار إبَاتُولِين ودَرَسنا معهُما.‏ وقد قَبِلا الحَقَّ واعتَمَدا،‏ وما زالا يَخدُمانِ يَهْوَه بِأمانَة.‏ ولاحِقًا،‏ كانَ لَدَيَّ الامتِيازُ أن ألتَقِيَ تَتْيَانَا فِيلِيسْكَا،‏ امرَأةً مِن أُوكْرَانِيَا كانَت تُفَكِّرُ في الانتِحار.‏ وبَعدَ أنِ اعتَمَدَت تَتْيَانَا،‏ عادَت إلى أُوكْرَانِيَا وخَدَمَت لاحِقًا كمُتَرجِمَةٍ لِمَطبوعاتِنا.‏a

تَحَدِّياتٌ جَديدَة

سَنَةَ ١٩٩١،‏ فيما كُنَّا أنا وهَايِنْتْس في عُطلَةٍ بِالنَّمْسَا،‏ اتَّصَلَ بنا الإخوَةُ في الفَرعِ هُناك وأخبَرونا عن تَعيينِنا الجَديدِ في بُلْغَارْيَا.‏ فبَعدَ سُقوطِ النِّظامِ الشُّيوعِيِّ في أُورُوبَّا الشَّرقِيَّة،‏ صارَ عَمَلُ شُهودِ يَهْوَه قانونِيًّا في بُلْغَارْيَا.‏ وكَما ذَكَرتُ مِن قَبل،‏ كُنَّا أنا وهَايِنْتْس قد هَرَّبْنا مَطبوعاتٍ إلى ذلِكَ البَلَدِ حينَ كانَ عَمَلُنا تَحتَ الحَظر.‏ ولكنِ الآن،‏ سنَذهَبُ إلى هُناك لِنُبَشِّرَ النَّاس.‏

طُلِبَ مِنَّا أن لا نَعودَ إلى أُوغَنْدَا.‏ فلم يَكُنْ هُناك مَجالٌ لِنَرجِعَ إلى بَيتِنا،‏ نُوَضِّبَ أغراضَنا،‏ ونُوَدِّعَ الإخوَة.‏ فذَهَبنا إلى بَيْت إيل في أَلْمَانِيَا،‏ أخَذْنا سَيَّارَةً وسافَرنا إلى بُلْغَارْيَا.‏ وقد تَعَيَّنَّا هُناك في فَريقٍ مِن ٢٠ ناشِرًا تَقريبًا في صُوفِيَا.‏

واجَهْنا العَديدَ مِنَ التَّحَدِّياتِ الجَديدَة في بُلْغَارْيَا.‏ أوَّلًا،‏ لم نَكُنْ نَعرِفُ اللُّغَة.‏ أيضًا،‏ كانَتِ المَطبوعَتانِ الوَحيدَتانِ المُتَوَفِّرَتانِ بِالبُلْغَارِيَّةِ هُما الحَقُّ الَّذي يَقودُ إلى الحَياةِ الأبَدِيَّة و كِتابي لِقِصَصِ الكِتابِ المُقَدَّس.‏ لِذلِك كانَ صَعبًا علَينا أن نَبدَأَ دُروسًا.‏ ولكنْ رَغمَ ذلِك،‏ كانَ فَريقُنا الصَّغيرُ والنَّشيطُ يَتَقَدَّمُ بِشَكلٍ جَيِّد.‏ فلاحَظَتِ الكَنيسَةُ الأُرثوذُكسِيَّة نَشاطَنا وبَدَأَت تُسَبِّبُ لنا مَشاكِلَ كَبيرَة.‏

سَنَةَ ١٩٩٤،‏ أُلغِيَ تَسجيلُ شُهودِ يَهْوَه وصاروا يُعامَلونَ كبِدعَةٍ مَحظورَة.‏ وقد أُلقِيَ القَبضُ على بَعضِ الإخوَة.‏ كما أنَّ وَسائِلَ الإعلامِ نَشَرَت أكاذيبَ فَظيعَة عنَّا،‏ وادَّعَت أنَّنا لا نَقتُلُ الأوْلادَ فَقَط،‏ بل نُقنِعُ واحِدُنا الآخَرَ بِالانتِحار.‏ كانَ صَعبًا علَينا أنا وهَايِنْتْس أن نُبَشِّر.‏ فغالِبًا ما الْتَقَينا أشخاصًا عِدائِيِّينَ يَصرُخونَ في وَجهِنا،‏ يَتَّصِلونَ بِالشُّرطَةِ لِتُمسِكَنا،‏ وحتَّى يَرْمونَ أغراضًا علَينا.‏ إضافَةً إلى ذلِك،‏ لم يَكُنْ مُمكِنًا إدخالُ مَطبوعاتٍ إلى البَلَد،‏ وكانَ استِئجارُ صالاتٍ لِعَقدِ الاجتِماعاتِ أمرًا صَعبًا جِدًّا.‏ حتَّى إنَّ الشُّرطَةَ اقتَحَمَت مَرَّةً أحَدَ اجتِماعاتِنا السَّنَوِيَّة.‏ لم نَكُنْ أنا وهَايِنْتْس مُعتادَيْنِ على هذِهِ الكَمِّيَّةِ مِنَ الكَراهِيَة.‏ لِذلِك شَعَرنا بِالفَرقِ الكَبيرِ بَينَ النَّاسِ العِدائِيِّينَ هُنا والنَّاسِ اللُّطَفاءِ والمُتَجاوِبينَ في أُوغَنْدَا.‏ ولكنْ ما الَّذي ساعَدَنا أن نَتَكَيَّفَ مع هذا التَّغيير؟‏

فَرِحنا بِعِشرَةِ الإخوَةِ والأخَواتِ في البَلَد.‏ فقد كانوا سُعَداءَ لِأنَّهُم وَجَدوا الحَقّ،‏ وقَدَّروا كَثيرًا دَعمَنا لهُم.‏ كُنَّا دائِمًا نَقْضي الوَقتَ معًا ونُقَوِّي واحِدُنا الآخَر.‏ وقد تَعَلَّمنا مِن هذِهِ الاختِباراتِ أنَّنا نَقدِرُ أن نَكونَ سُعَداءَ في أيِّ تَعيينٍ ما دُمنا نُحِبُّ النَّاس.‏

ماريان وهاينتس فيرتهولتس

في فرع بلغاريا،‏ سنة ٢٠٠٧

ولكنْ معَ الوَقت،‏ تَحَسَّنَتِ الأوْضاع.‏ فقد تَسَجَّلَت هَيئَتُنا مِن جَديدٍ سَنَةَ ١٩٩٨،‏ وسُرعانَ ما صارَ عَدَدٌ كَبيرٌ مِن مَطبوعاتِنا مُتَوَفِّرًا بِالبُلْغَارِيَّة.‏ ثُمَّ سَنَةَ ٢٠٠٤،‏ دُشِّنَ مَبْنًى جَديدٌ لِلفَرع.‏ واليَوم،‏ هُناك ٥٧ جَماعَةً في بُلْغَارْيَا فيها ٢٬٩٥٣ ناشِرًا.‏ وفي سَنَةِ الخِدمَةِ الماضِيَة،‏ حَضَرَ الذِّكْرى ٦٬٤٧٥ شَخصًا.‏ ومع أنَّهُ كانَ هُناك في الماضي خَمسُ أخَواتٍ فَقَط في صُوفِيَا،‏ لَدَينا الآنَ تِسعُ جَماعات!‏ فقد رَأينا بِعُيونِنا «الصَّغيرَ .‏ .‏ .‏ يَصيرُ ألفًا».‏ —‏ إش ٦٠:‏٢٢.‏

مُواجَهَةُ مَشاكِلِنا الصِّحِّيَّة

عانَيتُ مِن مَشاكِلَ صِحِّيَّة كَثيرَة.‏ فعلى مَرِّ السِّنين،‏ صارَ لَدَيَّ عِدَّةُ أوْرام،‏ بِما فيها وَرَمٌ في رَأسي.‏ وقد تَلَقَّيتُ مُعالَجَةً إشعاعِيَّة وخَضَعتُ لِعَمَلِيَّةٍ جِراحِيَّة في الهِنْد استَغرَقَت ١٢ ساعَةً أزالَ فيها الأطِبَّاءُ الجُزْءَ الأكبَرَ مِنَ الوَرَم.‏ وبَعدَما تَعافَيتُ في فَرعِ الهِنْد،‏ عُدنا إلى تَعيينِنا في بُلْغَارْيَا.‏

وفي هذِهِ الأثناء،‏ بَدَأ هَايِنْتْس يُعاني مِن مَرَضٍ وِراثِيٍّ نادِرٍ يُسَمَّى داءَ هَنْتِنْغْتُن.‏ وصارَ صَعبًا علَيهِ أن يَمْشِيَ ويَتَكَلَّمَ ويَتَحَكَّمَ بِحَرَكاتِه.‏ وفي مَراحِلَ مُتَقَدِّمَة مِنَ المَرَض،‏ صارَ يَعتَمِدُ علَيَّ أكثَر.‏ شَعَرتُ أحيانًا أنِّي مُرهَقَةٌ جِدًّا وخِفتُ مِمَّا يَنتَظِرُنا بَعدَ ذلِك.‏ لكنَّ أخًا شابًّا اسْمُهُ بُوب كانَ يَدْعو هَايِنْتْس دائِمًا لِيُبَشِّرا معًا.‏ ولم يَكُنْ بُوب يَخجَلُ مِن طَريقَةِ كَلامِ هَايِنْتْس ولا مِن حَرَكاتِهِ غَيرِ المَضبوطَة.‏ وكُنتُ أقدِرُ دائِمًا أن أعتَمِدَ علَيهِ حينَ لا أكونُ قادِرَةً أن أهتَمَّ بِهَايِنْتْس.‏ فمع أنَّنا أنا وهَايِنْتْس قَرَّرنا أن لا نُنجِبَ أوْلادًا في هذا النِّظام،‏ شَعَرنا أنَّ يَهْوَه أعْطانا بُوب لِيَكونَ مِثلَ ابْنٍ لنا!‏ —‏ مر ١٠:‏٢٩،‏ ٣٠.‏

عانى هَايِنْتْس أيضًا مِن مَرَضِ السَّرَطان.‏ ولِلأسَف،‏ تُوُفِّيَ سَنَةَ ٢٠١٥.‏ شَعَرتُ بِالحُزنِ الشَّديدِ وعَدَمِ الأمانِ بَعدَما خَسِرتُ زَوجي الحَبيب.‏ لم أُصَدِّقْ أنَّهُ لم يَعُدْ مَوْجودًا.‏ لكنَّهُ ما زالَ حَيًّا في ذاكِرَتي.‏ (‏لو ٢٠:‏٣٨)‏ فغالِبًا ما أتَذَكَّرُ خِلالَ يَومي كَلِماتِهِ اللَّطيفَة ونَصائِحَهُ الجَيِّدَة.‏ وأشكُرُ يَهْوَه كَثيرًا على السَّنَواتِ الَّتي خَدَمْنا فيها معًا بِأمانَة.‏

يَهْوَه لم يَترُكْني أبَدًا

لا شَكَّ أنَّ يَهْوَه دَعَمَني في كُلِّ الضِّيقاتِ الَّتي مَرَرتُ بها.‏ وقد ساعَدَني أيضًا أن أتَغَلَّبَ على خَجَلي وأصيرَ مُرسَلَةً تُحِبُّ النَّاس.‏ (‏٢ تي ١:‏٧)‏ وبِفَضلِه،‏ أنا وأُختي نَخدُمُ الآنَ كامِلَ الوَقت.‏ فهي وزَوجُها يَخدُمانِ في دائِرَةٍ بِاللُّغَةِ الصِّرْبِيَّة في أُورُوبَّا.‏ فيَبْدو أنَّ صَلَواتِ أبي مُنذُ سَنَواتٍ طَويلَة استُجيبَت فِعلًا!‏

إنَّ دَرسي لِلكِتابِ المُقَدَّسِ يَمنَحُني السَّلامَ وراحَةَ البال.‏ وفي الأوْقاتِ الصَّعبَة،‏ تَعَلَّمتُ أن أُصَلِّيَ «بِحَرارَةٍ أكثَرَ» كما فَعَلَ يَسُوع.‏ (‏لو ٢٢:‏٤٤)‏ وإحْدى الطُّرُقِ الَّتي يَستَجيبُ بها يَهْوَه صَلَواتي هي مِن خِلالِ مَحَبَّةِ ولُطفِ الإخوَةِ في جَماعَتي في نَادِيجْدَا بِصُوفِيَا.‏ فهُم يَدْعونَني لِأقْضِيَ الوَقتَ معهُم وغالِبًا ما يُعَبِّرونَ لي عن تَقديرِهِم،‏ وهذا يُحَسِّسُني بِفَرَحٍ كَبير.‏

في أحيانٍ كَثيرَة،‏ أتَأمَّلُ في وَعْدِ اللّٰهِ بِالقِيامَة.‏ فأتَخَيَّلُ أنِّي أرى والِدَيَّ أمامَ بَيتِنا وهُما يَبْدُوانِ جَميلَيْنِ جِدًّا،‏ كما كانا يَومَ زَواجِهِما.‏ وأرى أيضًا أُختي تُحَضِّرُ الطَّعام،‏ وأتَخَيَّلُ هَايِنْتْس يَقِفُ قُربَ حِصانِه.‏ هذِهِ الصُّوَرُ تُبعِدُ عن عَقلي الأفكارَ السَّلبِيَّة وتَملَأُ قَلبي بِالشُّكرِ لِيَهْوَه.‏

حينَ أُفَكِّرُ في حَياتي وأتَطَلَّعُ إلى المُستَقبَل،‏ أُوافِقُ تَمامًا على كَلِماتِ دَاوُد في المَزْمُور ٢٧:‏١٣،‏ ١٤:‏ «أينَ أكونُ لَو لم أُؤْمِنْ أنِّي سأرى صَلاحَ يَهْوَه وأنا حَيّ؟‏ ضَعْ أمَلَكَ في يَهْوَه.‏ كُنْ شُجاعًا وقَوِّ قَلبَك.‏ نَعَم،‏ ضَعْ أمَلَكَ في يَهْوَه».‏

a أُنظُرْ قِصَّةَ حَياةِ تَتْيَانَا فِيلِيسْكَا في عَدَد ٢٢ كَانُون الأوَّل (‏دِيسَمْبِر)‏ ٢٠٠٠ مِن إستَيقِظ!‏،‏ الصَّفَحات ٢٠-‏٢٤‏.‏

    المطبوعات باللغة العربية السودانية (‏٢٠٢٤-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية (اللهجة السودانية)
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة