مقالة الدرس ٣٤
التَّرنيمَة ٣ مُتَّكَلي، قُوَّتي، ورَجائي
كُنْ مُتَأكِّدًا أنَّ يَهْوَه سامَحَك
«أنتَ سامَحتَني على خَطاياي». — مز ٣٢:٥.
الفِكرَةُ الرَّئيسِيَّة
لِماذا نَحنُ بِحاجَةٍ أن نَكونَ مُتَأكِّدينَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا، وكَيفَ يُطَمِّنُنا الكِتابُ المُقَدَّسُ أنَّ يَهْوَه يُسامِحُ الخُطاةَ التَّائِبين؟
١-٢ كَيفَ نَشعُرُ لِأنَّ يَهْوَه يُسامِحُنا على خَطايانا؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
عَرَفَ المَلِكُ دَاوُد ما مَعْنى الشُّعورِ بِالذَّنْبِ نَتيجَةَ أخطاءِ الماضي. (مز ٤٠:١٢؛ ٥١:٣ والعنوان) فهوَ ارتَكَبَ أخطاءً خَطيرَة في حَياتِه. لكنَّهُ تابَ تَوبَةً صادِقَة، ويَهْوَه سامَحَه. (٢ صم ١٢:١٣) وبِالنَّتيجَة، فَهِمَ دَاوُد أيضًا ما مَعْنى الشُّعورِ بِالرَّاحَةِ الَّذي يَأتي مِن غُفرانِ يَهْوَه. — مز ٣٢:١.
٢ ومِثلَ دَاوُد، يُمكِنُ أن نَختَبِرَ نَحنُ أيضًا الشُّعورَ بِالرَّاحَةِ الَّذي يَأتي مِن رَحمَةِ يَهْوَه. فكم تُطَمِّنُنا الفِكرَةُ أنَّ يَهْوَه مُستَعِدٌّ أن يُسامِحَنا على خَطايانا حتَّى لَو كانَت خَطيرَة، شَرطَ أن نَتوبَ بِصِدق، نَعتَرِفَ بها، ونَعمَلَ كُلَّ جُهدِنا كَي لا نُكَرِّرَها! (أم ٢٨:١٣؛ أع ٢٦:٢٠؛ ١ يو ١:٩) وكم يَهدَأُ بالُنا حينَ نَعرِفُ أنَّهُ يُسامِحُنا بِشَكلٍ كامِلٍ وكَأنَّ خَطِيَّتَنا لم تَكُن! — حز ٣٣:١٦.
ألَّف الملك داود عدة مزامير تصف غفران يهوه (أُنظر الفقرتين ١-٢.)
٣-٤ كَيفَ شَعَرَت أُختٌ بَعدَما اعتَمَدَت، وماذا سنُناقِشُ في هذِهِ المَقالَة؟
٣ ولكنْ في بَعضِ الأحيان، قد يَستَصعِبُ البَعضُ أن يَقبَلوا الفِكرَةَ أنَّ يَهْوَه سامَحَهُم. إلَيكَ اختِبارَ جِنِيفِير الَّتي تَرَبَّت في الحَقّ. فبِعُمرِ المُراهَقَة، تَوَرَّطَت في سُلوكٍ خاطِئٍ وعاشَت بِوَجهَيْن. لكنَّها بَعدَ سَنَوات، عادَت إلى يَهْوَه وصارَت معَ الوَقتِ جاهِزَةً لِتَعتَمِد. تَقول: «كانَت حَياتي مِن قَبل مَليئَةً بِالمادِّيَّة، العَهارَة، السُّكر، والغَضَبِ الشَّديد. في عَقلي، كُنتُ أعرِفُ أنَّني بَعدَما طَلَبتُ الغُفرانَ وعَبَّرتُ عن تَوبَتي، ذَبيحَةُ المَسِيح طَهَّرَتني مِن خَطاياي. لكنِّي لم أقدِرْ أن أُقنِعَ قَلبي أنَّ يَهْوَه سامَحَني».
٤ هل تَستَصعِبُ أحيانًا أن تُقنِعَ قَلبَكَ أنَّ يَهْوَه سامَحَكَ على أخطاءِ الماضي؟ يُريدُ يَهْوَه أن نَكونَ واثِقينَ أنَّهُ رَحَمَنا وسامَحَنا، مِثلَما كانَ دَاوُد مِن قَبل. وفي هذِهِ المَقالَة، سنُناقِشُ لِماذا نَحنُ بِحاجَةٍ أن نَكونَ مُتَأكِّدينَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا وماذا يُساعِدُنا في هذا الخُصوص.
لِماذا نَحنُ بِحاجَةٍ أن نَتَأكَّدَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا؟
٥ بِماذا يُريدُ الشَّيْطَان أن يُقنِعَنا؟ أعْطِ مَثَلًا.
٥ إذا كُنَّا مُتَأكِّدينَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا، نَتَجَنَّبُ أن نَقَعَ في أحَدِ فِخاخِ الشَّيْطَان. لا نَنْسَ أنَّ الشَّيْطَان مُستَعِدٌّ أن يَفعَلَ أيَّ شَيءٍ لِيوقِفَنا عن خِدمَةِ يَهْوَه. وكَي يُحَقِّقَ هَدَفَه، قد يُحاوِلُ أن يُقنِعَنا بِأنَّ خَطايانا لا تُغتَفَر. لاحِظْ ما حَدَثَ معَ الرَّجُلِ في كُورِنْثُوس الَّذي أُبعِدَ عنِ الجَماعَةِ بِسَبَبِ العَهارَة. (١ كو ٥:١، ٥، ١٣) فحينَ تابَ لاحِقًا، أرادَ الشَّيْطَان أن يَكونَ أفرادُ الجَماعَةِ غَيرَ مُتَسامِحينَ معه، قُساةً لِدَرَجَةِ أن لا يُرَحِّبوا بهِ مِن جَديد. وفي الوَقتِ نَفْسِه، أرادَ الشَّيْطَان أن يَشعُرَ الرَّجُلُ التَّائِبُ بِأنَّهُ لا يَستَحِقُّ المُسامَحَة، أن «يُبتَلَعَ . . . مِن فَرطِ حُزنِهِ» ويَتَوَقَّفَ عن خِدمَةِ يَهْوَه. والشَّيْطَان لم يُغَيِّرْ هَدَفَهُ ولا تَكتيكاتِه. لكنَّنا «لا نَجهَلُ مُخَطَّطاتِه». — ٢ كو ٢:٥-١١.
٦ كَيفَ نَرتاحُ مِنَ الشُّعورِ بِالذَّنْب؟
٦ إذا كُنَّا مُتَأكِّدينَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا، نَرتاحُ مِنَ الشُّعورِ بِالذَّنْب. عِندَما نُخطِئ، مِنَ الطَّبيعِيِّ أن نَشعُرَ بِالذَّنْب. (مز ٥١:١٧) وهذا شَيءٌ جَيِّد، لِأنَّ ضَميرَنا يُمكِنُ أن يَدفَعَنا أن نَأخُذَ خُطُواتٍ إيجابِيَّة لِنُصَحِّحَ سُلوكَنا. (٢ كو ٧:١٠، ١١) ولكنْ إذا بَقينا مُتَمَسِّكينَ بِمَشاعِرِ الذَّنْبِ بَعدَ وَقتٍ طَويلٍ مِن تَوبَتِنا، فقد نَميلُ أن نَستَسلِمَ ونَتَوَقَّفَ عن خِدمَةِ يَهْوَه. أمَّا إذا كُنَّا مُتَأكِّدينَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا، فنَقدِرُ أن نَضَعَ الشُّعورَ بِالذَّنْبِ في مَكانِه، أي نَرْمِيَهُ وَراءَ ظَهرِنا. وعِندَئِذٍ نَقدِرُ أن نَخدُمَ يَهْوَه بِالطَّريقَةِ الَّتي يُريدُها، أي بِضَميرٍ طاهِرٍ وفَرَحٍ عَميق. (كو ١:١٠، ١١؛ ٢ تي ١:٣) ولكنْ كَيفَ نُقنِعُ قُلوبَنا بِأنَّ اللّٰهَ سامَحَنا؟
ماذا يُساعِدُنا أن نَتَأكَّدَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا؟
٧-٨ كَيفَ وَصَفَ يَهْوَه نَفْسَهُ لِمُوسَى، وبِماذا نَثِق؟ (خروج ٣٤:٦، ٧)
٧ تَأمَّلْ كَيفَ وَصَفَ يَهْوَه نَفْسَه. لاحِظْ مَثَلًا ما قالَهُ يَهْوَه لِمُوسَى على جَبَلِ سِينَاء.a (إقرإ الخروج ٣٤:٦، ٧.) فمِن بَينِ كُلِّ ما يُمكِنُ أن يَقولَهُ يَهْوَه عن صِفاتِهِ وطُرُقِه، رَأى مِنَ المُناسِبِ أن يُعَرِّفَ عن نَفْسِهِ بِأنَّهُ «إلهٌ رَحيمٌ وحَنون». فهل مَعقولٌ أن يَمتَنِعَ إلهٌ كهذا عن مُسامَحَةِ خادِمٍ لهُ تابَ بِصِدق؟ طَبعًا لا! فالإلهُ الَّذي يَفعَلُ هذا يَكونُ قاسِيًا ولا يَعرِفُ الرَّحمَة. وبِالطَّبع، يَهْوَه لا يَقدِرُ أن يَكونَ كذلِك.
٨ ونَحنُ نَثِقُ بِأنَّ يَهْوَه لن يُعْطِيَنا أبَدًا صورَةً غَيرَ صَحيحَةٍ عن نَفْسِهِ لِأنَّهُ إلهُ الحَقّ. (مز ٣١:٥) لِذلِك نَحنُ مُتَأكِّدونَ أنَّهُ يَعْني ما يَقولُه. فإذا كانَ صَعبًا علَيكَ أن تَتَخَلَّصَ مِنَ الشُّعورِ بِالذَّنْبِ بِسَبَبِ خَطاياكَ السَّابِقَة، فاسألْ نَفْسَك: ‹هل أُؤْمِنُ أنَّ يَهْوَه رَحيمٌ وحَنونٌ فِعلًا وأنَّهُ لن يَمتَنِعَ أبَدًا عن مُسامَحَةِ أيِّ خاطِئٍ تائِب؟ إذًا، ألَا يَجِبُ أن أكونَ مُتَأكِّدًا أنَّهُ سامَحَني أنا أيضًا؟›.
٩ ما مَعْنى أنَّ يَهْوَه سامَحَنا على خَطايانا؟ (مزمور ٣٢:٥)
٩ تَأمَّلْ في ما أوْحى يَهْوَه إلى كَتَبَةِ الكِتابِ المُقَدَّسِ أن يَقولوا عن غُفرانِه. لاحِظْ مَثَلًا كَيفَ وَصَفَ دَاوُد غُفرانَ يَهْوَه. (إقرإ المزمور ٣٢:٥.) فهو قال: «أنتَ سامَحتَني على خَطاياي». والكَلِمَةُ العِبْرَانِيَّة المَنقولَة إلى «سامَحَ» يُمكِنُ أن تَعْنِيَ «رَفَع»، «حَمَلَ»، أو «أزال». فحينَ سامَحَ يَهْوَه دَاوُد، كأنَّهُ رَفَعَ خَطاياهُ وحَمَلَها بَعيدًا. فشَعَرَ دَاوُد أنَّهُ ارتاحَ مِنَ الذَّنْبِ الثَّقيلِ الَّذي كانَ يَحمِلُه. (مز ٣٢:٢-٤) ونَقدِرُ نَحنُ أيضًا أن نَشعُرَ بِالرَّاحَةِ نَفْسِها. فحينَ نَتوبُ بِصِدق، لا داعي أن نَظَلَّ نَحمِلُ مَشاعِرَ الذَّنْبِ الثَّقيلَة. فيَهْوَه رَفَعَها وحَمَلَها بَعيدًا عنَّا.
١٠-١١ ماذا تُخبِرُنا كَلِمَةُ «غَفور» عن يَهْوَه؟ (مزمور ٨٦:٥)
١٠ إقرإ المزمور ٨٦:٥. يَقولُ دَاوُد هُنا إنَّ يَهْوَه «غَفور». وتَعليقًا على هذِهِ الكَلِمَة، يَذكُرُ مَرجِعٌ لِلكِتابِ المُقَدَّسِ عن يَهْوَه أنَّ الغُفرانَ «جُزْءٌ مِن طَبيعَتِه». ولِماذا مِن طَبيعَةِ يَهْوَه أن يَغفِر؟ تُكمِلُ الآيَة: «أنتَ وَلِيٌّ جِدًّا لِكُلِّ الَّذينَ يَلجَأونَ إلَيك». فكَما تَعَلَّمنا في المَقالَةِ السَّابِقَة، وَلاءُ يَهْوَه، أو مَحَبَّتُهُ الثَّابِتَة، يَدفَعُهُ أن يَتَعَلَّقَ بِعُبَّادِهِ الأُمَناءِ تَعَلُّقًا شَديدًا لا يَزولُ أبَدًا. وبِدافِعِ وَلائِه، «سيُسامِحُ بِكَرَمٍ» كُلَّ الخُطاةِ التَّائِبين. (إش ٥٥:٧، الحاشية) فإذا استَصعَبتَ أن تَقبَلَ الفِكرَةَ أنَّ اللّٰهَ سامَحَك، فاسألْ نَفْسَك: ‹هل أُؤْمِنُ أنَّ يَهْوَه غَفور، أي أنَّهُ مُستَعِدٌّ أن يُسامِحَ كُلَّ الخُطاةِ التَّائِبينَ الَّذينَ يَطلُبونَ مِنهُ الرَّحمَة؟ إذًا، ألَا يَجِبُ أن أقبَلَ الفِكرَةَ أنَّهُ سامَحَني أنا عِندَما صَرَختُ إلَيهِ وطَلَبتُ الرَّحمَة؟›.
١١ ونَطمَئِنُّ كَثيرًا حينَ نَعرِفُ أنَّ يَهْوَه يَفهَمُ تَمامًا طَبيعَتَنا الخاطِئَة. (مز ١٣٩:١، ٢) وهذا واضِحٌ في مَزْمُور آخَرَ لِدَاوُد، فهذا المَزْمُور يُساعِدُنا أيضًا أن نَكونَ مُتَأكِّدينَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا.
لا تَنْسَ ما يَتَذَكَّرُهُ يَهْوَه
١٢-١٣ حَسَبَ المَزْمُور ١٠٣:١٤، ماذا يَتَذَكَّرُ يَهْوَه عنَّا، وإلامَ يَدفَعُهُ ذلِك؟
١٢ إقرإ المزمور ١٠٣:١٤. يَقولُ دَاوُد عن يَهْوَه إنَّهُ «يَتَذَكَّرُ أنَّنا تُراب». مِن خِلالِ هذِهِ الكَلِمات، يوضِحُ دَاوُد أحَدَ الأسبابِ الَّتي تَجعَلُ يَهْوَه مُستَعِدًّا أن يُسامِحَ خُدَّامَهُ التَّائِبين: أنَّهُ يُبْقي في بالِهِ دائِمًا طَبيعَتَنا الخاطِئَة. وكَي نَفهَمَ هذِهِ الفِكرَةَ بِشَكلٍ أفضَل، لِنَتَعَمَّقْ في كَلِماتِ دَاوُد.
١٣ يَقولُ دَاوُد إنَّ يَهْوَه «يَعرِفُ جَيِّدًا تَركيبَتَنا». فهو جَبَلَ آدَم «مِن تُرابِ الأرضِ» ويَعرِفُ جَيِّدًا أنَّ البَشَرَ الكامِلينَ لَدَيهِم حُدودٌ طَبيعِيَّة، مِثلُ حاجَتِهِم إلى الأكلِ والنَّومِ والتَّنَفُّس. (تك ٢:٧) ولكنْ عِندَما أخطَأَ آدَم وحَوَّاء، صارَتِ الفِكرَةُ أنَّ البَشَرَ مِن تُرابٍ تَحمِلُ مَعْنًى إضافِيًّا. فبِما أنَّنا أوْلادُهُما، وَرِثنا طَبيعَتَهُما الخاطِئَة الَّتي تَجعَلُنا نَميلُ إلى فِعلِ الخَطَإ. ويَهْوَه لا يُدرِكُ فَقَط أنَّ طَبيعَتَنا خاطِئَة؛ فدَاوُد يَقولُ إنَّهُ «يَتَذَكَّرُ» ذلِك. والكَلِمَةُ العِبْرَانِيَّة المُستَعمَلَة هُنا يُمكِنُ أن تَعْنِيَ أن يَأخُذَ إجراءً إيجابِيًّا. إذًا، نَقدِرُ أن نُلَخِّصَ كَلِماتِ دَاوُد هكَذا: يَتَفَهَّمُ يَهْوَه أنَّنا نُقَصِّرُ أحيانًا؛ وعِندَما نَفعَلُ ذلِك، يَتَجاوَبُ مع تَوبَتِنا الحَقيقِيَّة ويُظهِرُ لنا الرَّحمَةَ والغُفران. — مز ٧٨:٣٨، ٣٩.
١٤ (أ) كَيفَ أوْضَحَ دَاوُد إلى أيِّ حَدٍّ يَصِلُ غُفرانُ يَهْوَه؟ (مزمور ١٠٣:١٢) (ب) كَيفَ يُظهِرُ مِثالُ دَاوُد كم كامِلٌ هو غُفرانُ يَهْوَه؟ (أُنظُرِ الإطار «ما مَعْنى أنَّ يَهْوَه يُسامِحُ ويَنْسى؟».)
١٤ إلى أيِّ حَدٍّ يَصِلُ غُفرانُ يَهْوَه؟ (إقرإ المزمور ١٠٣:١٢.) يَقولُ دَاوُد إنَّ يَهْوَه حينَ يُسامِح، يُبعِدُ خَطايانا عنَّا «كبُعدِ الشَّرقِ عنِ الغَرب». والشَّرقُ هو دائِمًا أبعَدُ نُقطَةٍ على الإطلاقِ عنِ الغَرب؛ فهاتانِ النُّقطَتانِ مُستَحيلٌ أن تَلتَقِيا. وماذا يُخبِرُنا ذلِك عنِ الخَطايا الَّتي يَغفِرُها يَهْوَه؟ يوضِحُ أحَدُ المَراجِعِ الفِكرَةَ قائِلًا: «إذا أُبعِدَتِ الخَطِيَّةُ إلى هذا الحَدّ، فعِندَئِذٍ نَقدِرُ أن نَكونَ مُتَأكِّدينَ أنَّ رائِحَتَها، أثَرَها، ذِكْراها بِحَدِّ ذاتِها لا بُدَّ أنَّها اختَفَت تَمامًا». فَكِّرْ قَليلًا: الرَّائِحَةُ قد تُعيدُ الذِّكْرَياتِ إلى البال. ولكنْ عِندَما يُسامِحُ يَهْوَه، وكَأنَّهُ لم يَعُدْ هُناك أيُّ أثَرٍ لِأيِّ رائِحَةٍ تُذَكِّرُهُ بِخَطِيَّتِنا وتَجعَلُهُ يُمسِكُها ضِدَّنا. — حز ١٨:٢١، ٢٢؛ أع ٣:١٩.
١٥ ما العَمَلُ إذا بَقينا نَحمِلُ مَشاعِرَ الذَّنْبِ الثَّقيلَة بِسَبَبِ أخطائِنا السَّابِقَة؟
١٥ كَيفَ تُساعِدُنا كَلِماتُ دَاوُد في المَزْمُور ١٠٣ أن نَكونَ مُتَأكِّدينَ أنَّ يَهْوَه سامَحَنا؟ إذا بَقينا نَحمِلُ مَشاعِرَ الذَّنْبِ الثَّقيلَة بِسَبَبِ خَطايانا السَّابِقَة، فجَيِّدٌ أن نَسألَ أنفُسَنا: ‹هل أنْسى ما يَتَذَكَّرُهُ يَهْوَه، أي هل أنْسى أنَّهُ يُبْقي في بالِهِ طَبيعَتي الخاطِئَة وسَيُسامِحُني إذا تُبت؟ أيضًا، هل أتَذَكَّرُ ما يَختارُ يَهْوَه أن يَنْساه، أي هل أتَذَكَّرُ الخَطايا الَّتي سامَحَني علَيها ولن يُمسِكَها ضِدِّي أبَدًا؟›. يَهْوَه لا يُرَكِّزُ على خَطايانا السَّابِقَة. ونَحنُ أيضًا لا يَجِبُ أن نُرَكِّزَ علَيها. (مز ١٣٠:٣) فحينَ نَكونُ مُتَأكِّدينَ أنَّهُ سامَحَنا، سنَقدِرُ أن نُسامِحَ أنفُسَنا ونَطْوِيَ الصَّفحَة.
١٦ أعْطِ مَثَلًا يوضِحُ كم خَطِرٌ أن نَتَمَسَّكَ بِمَشاعِرِ الذَّنْبِ نَتيجَةَ خَطايانا السَّابِقَة. (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
١٦ إلَيكَ هذا المَثَل. إذا تَمَسَّكنا بِمَشاعِرِ الذَّنْبِ نَتيجَةَ خَطايانا السَّابِقَة، نَكونُ كأنَّنا نَقودُ سَيَّارَةً إلى الأمامِ فيما عُيونُنا طولَ الوَقتِ على المِرآةِ الخَلفِيَّة. طَبعًا، جَيِّدٌ أن نُلْقِيَ مِن وَقتٍ إلى آخَرَ نَظرَةً على المِرآة؛ فهكَذا نَنتَبِهُ مِن أيِّ خَطَرٍ آتٍ مِنَ الخَلف. ولكنْ كَي نَسيرَ إلى الأمامِ بِأمان، علَينا أن نُرَكِّزَ على الطَّريقِ أمامَنا. بِشَكلٍ مُشابِه، يُمكِنُ أن نَستَفيدَ إذا نَظَرنا مِن وَقتٍ إلى آخَرَ إلى الوَراء، إلى أخطاءِ الماضي؛ فهكَذا نَتَعَلَّمُ مِنها ونُقَوِّي تَصميمَنا أن لا نُكَرِّرَها. ولكنْ إذا بَقينا نُرَكِّزُ على أخطائِنا السَّابِقَة، فإنَّ مَشاعِرَ الذَّنْبِ قد تَحُدُّ مِمَّا نَقدِرُ أن نَفعَلَهُ الآنَ في خِدمَةِ يَهْوَه. بَدَلًا مِن ذلِك، لِنُرَكِّزْ دائِمًا على الطَّريقِ أمامَنا. فنَحنُ نَسيرُ على الطَّريقِ الَّذي يُؤَدِّي إلى الحَياةِ في عالَمِ اللّٰهِ الجَديد، حَيثُ الذِّكْرَياتُ البَشِعَة «لن تَخطُرَ على البال». — إش ٦٥:١٧؛ أم ٤:٢٥.
مثلما يلزم أن يركِّز السائق على الطريق أمامه أكثر من المرآة الخلفية، يلزم أن تركِّز على البركات الآتية أكثر من الخطايا السابقة (أُنظر الفقرة ١٦.)
إستَمِرَّ في إقناعِ قَلبِك
١٧ لِماذا نَحنُ بِحاجَةٍ أن نَظَلَّ نُقنِعُ قُلوبَنا بِأنَّ يَهْوَه يُحِبُّنا ويُسامِحُنا؟
١٧ نَحنُ بِحاجَةٍ أن نَظَلَّ نُقنِعُ قُلوبَنا بِأنَّ يَهْوَه يُحِبُّنا ويُسامِحُنا. (١ يو ٣:١٩، الحاشية) لِماذا؟ لِأنَّ الشَّيْطَان لن يَستَسلِمَ بل سيَعمَلُ كُلَّ جُهدِهِ لِيُقنِعَنا أنَّنا لا نَستاهِلُ المَحَبَّةَ ولا المُسامَحَة. وفي الحالَتَيْن، هَدَفُهُ هو نَفْسُه: أن نَتَوَقَّفَ عن خِدمَةِ يَهْوَه. ولا نَستَغرِبُ أن يُكَثِّفَ جُهودَهُ لِأنَّهُ يَعلَمُ أنَّ وَقتَهُ قَصير. (رؤ ١٢:١٢) فلا يَجِبُ أن نَدَعَهُ يَربَح!
١٨ كَيفَ تُقنِعُ قَلبَكَ أنَّ يَهْوَه يُحِبُّكَ ويُسامِحُك؟
١٨ كَي تُقَوِّيَ ثِقَتَكَ بِأنَّ يَهْوَه يُحِبُّك، طَبِّقِ الاقتِراحاتِ الَّتي ناقَشناها في المَقالَةِ السَّابِقَة. وكَي تُقنِعَ قَلبَكَ بِأنَّ يَهْوَه سامَحَك، فَكِّرْ كَيفَ وَصَفَ نَفْسَهُ في الكِتابِ المُقَدَّس. تَأمَّلْ في الأفكارِ الَّتي أوْحى إلى كَتَبَةِ الكِتابِ المُقَدَّسِ أن يَقولوها عن غُفرانِه. ولا تَنْسَ أنَّهُ يَعرِفُ جَيِّدًا طَبيعَتَكَ النَّاقِصَة وسَيَتَعامَلُ معكَ بِرَحمَة. أيضًا، أبْقِ في بالِكَ أنَّهُ حينَ يُسامِح، يُسامِحُ بِشَكلٍ كامِل. وعِندَئِذٍ ستَصيرُ لَدَيكَ ثِقَةٌ كَبيرَة بِرَحمَةِ يَهْوَه، نَفْسُ الثِّقَةِ الَّتي كانَت لَدى دَاوُد. ستَقدِرُ أن تَقول: «شُكرًا يا يَهْوَه لِأنَّكَ ‹سامَحتَني على خَطاياي›!». — مز ٣٢:٥.
التَّرنيمَة ١ صِفاتُ يَهْوَه
a أُنظُرِ المَقالَة «إقتَرِبْ إلى اللّٰه: حينَ أخبَرَ يَهْوَه عن صِفاتِه» في عَدَد ١ أيَّار (مَايُو) ٢٠٠٩ مِن بُرجِ المُراقَبَة.