مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «الأسر»‏
  • الأسر

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • الأسر
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • المسبيون يعودون من بابل
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • إسرائيل
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • الكتاب المقدس:‏ كتاب نبوي دقيق،‏ الجزء ٢
    استيقظ!‏ ٢٠١٢
  • يهوه يدعو شعبه من الظلمة
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏ ٢٠١٦
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «الأسر»‏

الأسر

يذكر تاريخ الكتاب المقدس عدة انواع من الاسر.‏ (‏عد ٢١:‏٢٩؛‏ ٢ اخ ٢٩:‏٩؛‏ اش ٤٦:‏٢؛‏ حز ٣٠:‏١٧،‏ ١٨؛‏ دا ١١:‏٣٣؛‏ نا ٣:‏١٠؛‏ رؤ ١٣:‏١٠‏؛‏ انظر «الأسير».‏)‏ لكنَّ كلمة «الاسر» تشير بشكل عام الى نفي اليهود من ارض الموعد في القرنَين الثامن والسابع قبل الميلاد على يد الدولتَين العالميتَين اشور وبابل.‏ وهذا الاسر يُدعى ايضا «السبي».‏ —‏ عز ٣:‏٨؛‏ ٦:‏٢١؛‏ مت ١:‏١٧‏؛‏ انظر «السبي».‏

حذَّر ارميا وحزقيال وأنبياء آخرون من هذه الكارثة حين قالوا عبارات مثل:‏ «الذين للاسر فإلى الاسر!‏»؛‏ «اما انت يا فشحور،‏ وجميع سكان بيتك،‏ فتذهبون الى الاسر.‏ وتأتي الى بابل»؛‏ «قول على اورشليم وكل بيت اسرائيل .‏.‏.‏ الى السبي،‏ الى الاسر،‏ يذهبون».‏ (‏ار ١٥:‏٢؛‏ ٢٠:‏٦؛‏ حز ١٢:‏١٠،‏ ١١‏)‏ لاحقا،‏ قال نحميا (‏٧:‏٦‏)‏ عن العودة من الاسر في بابل:‏ «هؤلاء هم بنو الاقليم الاسرى الذين صعدوا من السبي،‏ الذين سباهم نبوخذنصر ملك بابل ورجعوا لاحقا الى اورشليم وإلى يهوذا».‏ —‏ انظر ايضا عز ٢:‏١؛‏ ٣:‏٨؛‏ ٨:‏٣٥؛‏ نح ١:‏٢،‏ ٣؛‏ ٨:‏١٧‏.‏

يبدو ان اشور كانت اول دولة تعتمد سياسة نقل السكان،‏ فكانوا يأخذون جميع سكان المدن التي يستولون عليها من ارضهم وينقلونهم الى مكان آخر،‏ ويجلبون اسرى من اماكن اخرى في الامبراطورية ليسكنوا مكانهم.‏ وهم لم يعتمدوا هذه السياسة فقط مع اليهود.‏ فعندما سقطت دمشق عاصمة سوريا امام الهجوم العنيف الذي شنَّه جيش اشور (‏الدولة العالمية الثانية)‏،‏ نفوا شعبها الى قير،‏ كما انبأ النبي عاموس.‏ (‏٢ مل ١٦:‏٨،‏ ٩؛‏ عا ١:‏٥‏)‏ وكان لهذا الامر تأثير مزدوج.‏ فمن ناحية،‏ منع القليلين الباقين في الارض من القيام بأي اعمال تخريبية.‏ ومن ناحية اخرى،‏ ردع الامم المحيطة،‏ التي ربما كانت علاقتها طيبة بالاسرى،‏ من تقديم المساعدة والدعم للمقيمين الغرباء الذين جلبهم الاشوريون من اماكن بعيدة.‏

ان السبب الرئيسي الذي ادى الى اسر مملكة اسرائيل الشمالية المؤلفة من عشرة اسباط ومملكة يهوذا الجنوبية المؤلفة من سبطَين كان هو نفسه:‏ ترك الشعب عبادة يهوه الحقيقية وعبدوا الآلهة المزيفة.‏ (‏تث ٢٨:‏١٥،‏ ٦٢-‏٦٨؛‏ ٢ مل ١٧:‏٧-‏١٨؛‏ ٢١:‏١٠-‏١٥‏)‏ ظل يهوه يرسل انبياءه الى المملكتَين كلتَيهما،‏ لكن دون جدوى.‏ (‏٢ مل ١٧:‏١٣‏)‏ فلم يعمل اي من ملوك اسرائيل على ازالة العبادة المزيَّفة بالكامل،‏ العبادة التي انشأها يربعام،‏ اول ملك على هذه المملكة.‏ ويهوذا لم تصغِ لتحذيرات يهوه المباشرة،‏ ولم تتَّعظ مما حصل مع مملكة اسرائيل التي أُخذَت الى الاسر.‏ (‏ار ٣:‏٦-‏١٠‏)‏ وفي النهاية،‏ أُخذت المملكتان الى الاسر،‏ وخضعت كل مملكة لأكثر من عملية ترحيل كبرى.‏

بداية الاسر:‏ عندما كان فقح ملك اسرائيل يحكم في السامرة (‏حوالي ٧٧٨-‏٧٥٩ ق‌م)‏،‏ هجم فول (‏تغلث فلاسر الثالث)‏ ملك اشور على اسرائيل واستولى على جزء كبير في الشمال ورحَّل السكان الى مناطق في شرق امبراطوريته.‏ (‏٢ مل ١٥:‏٢٩‏)‏ ايضا،‏ استولى الملك نفسه على اراضٍ شرق الاردن،‏ ومن هناك «سبى الرأوبينيين والجاديين ونصف سبط منسى وأحضرهم الى حلح وخابور وهارا ونهر جوزان الى هذا اليوم».‏ —‏ ١ اخ ٥:‏٢٦‏.‏

سنة ٧٤٢ ق‌م،‏ حاصر الجيش الاشوري السامرة بقيادة شلمنأسر الخامس.‏ (‏٢ مل ١٨:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وعندما سقطت السامرة سنة ٧٤٠ ق‌م وزالت مملكة العشرة اسباط عن الوجود،‏ اخذ الاشوريون السكان اسرى ووضعوهم «في حلح وفي خابور عند نهر جوزان وفي مدن الماديين».‏ وتقول الاسفار المقدسة ان ذلك حصل «لأنهم لم يسمعوا لصوت يهوه إلههم،‏ بل تجاوزوا عهده وكل ما اوصى به موسى خادم يهوه.‏ فلم يسمعوا ولم يعملوا».‏ —‏ ٢ مل ١٨:‏١١،‏ ١٢؛‏ ١٧:‏٦‏؛‏ انظر «‏سَرْجُون‏».‏

بعد ذلك،‏ جلب الاشوريون اسرى من مناطق متفرقة وأسكنوهم في مدن السامرة.‏ «ثم احضر ملك اشور اناسا من بابل وكوث وعوا وحماة وسفروايم،‏ وأسكنهم في مدن السامرة مكان بني اسرائيل،‏ فامتلكوا السامرة وسكنوا في مدنها».‏ (‏٢ مل ١٧:‏٢٤‏)‏ وهؤلاء الغرباء جلبوا معهم اديانهم المزيفة «فصارت كل امة تصنع إلهها».‏ ولأنهم لم يحترموا يهوه ولم يقيموا له اي اعتبار،‏ «ارسل .‏.‏.‏ عليهم الاسود،‏ فصارت تقتل منهم».‏ فأعاد ملك اشور واحدا من كهنة اسرائيل،‏ «وصار يعلِّمهم كيف يخافون يهوه».‏ وهكذا،‏ كما تكمل القصة:‏ «كانوا يخافون يهوه،‏ لكنهم كانوا يعبدون آلهتهم،‏ بحسب دين الامم الذين سبوهم من بينهم».‏ —‏ ٢ مل ١٧:‏٢٥-‏٣٣‏.‏

وخلال اكثر من مئة سنة بعد سقوط المملكة الشمالية حصلت عمليات ترحيل بارزة اخرى.‏ فقبل هزيمة اللّٰه المذلَّة لسنحاريب سنة ٧٣٢ ق‌م،‏ هجم سنحاريب على عدة مواقع في يهوذا.‏ وقد ادَّعى في حوليَّاته انه اسر ١٥٠‏,٢٠٠ من سكان مدن يهوذا وحصونها،‏ علما ان اسلوب الحوليات يوحي ان العدد مبالغ فيه.‏ (‏٢ مل ١٨:‏١٣‏)‏ كما ان الملكَين الاشوريَّين اللذَين خلفاه،‏ اسرحدُّون ثم اسنفَّر (‏آشوربانيبال)‏،‏ رحَّلا الاسرى الى مناطق اخرى.‏ —‏ عز ٤:‏٢،‏ ١٠‏.‏

سنة ٦٢٨ ق‌م،‏ قيَّد نخو فرعون مصر يهوآحاز،‏ ابن يوشيا،‏ ملك المملكة الجنوبية وأخذه اسيرا الى مصر.‏ (‏٢ اخ ٣٦:‏١-‏٥‏)‏ وسنة ٦١٧ ق‌م،‏ اي بعد اكثر من عشر سنوات،‏ اخذ نبوخذنصر اول دفعة من الاسرى من اورشليم الى بابل.‏ فقد هجم على اورشليم المتمردة وأخذ الطبقة العليا الى الاسر،‏ بمَن فيهم الملك يهوياكين وأمه،‏ ورجال مثل حزقيال،‏ دانيال،‏ حننيا،‏ ميشائيل،‏ عزريا،‏ «وكل الرؤساء وكل الجبابرة البواسل —‏ عشرة آلاف سباهم —‏ وأيضا جميع الصناع والمحصنين.‏ ولم يبق احد إلا مساكين شعب الارض .‏.‏.‏ والموظفون في بلاطه ووجهاء الارض ساقهم مسبيين من اورشليم الى بابل.‏ وجميع الرجال البواسل،‏ سبعة آلاف،‏ والصناع والمحصنون ألف،‏ جميعهم جبابرة رجال حرب،‏ سباهم ملك بابل الى بابل».‏ وأخذ ايضا الكثير من كنوز الهيكل.‏ (‏٢ مل ٢٤:‏١٢-‏١٦؛‏ اس ٢:‏٦؛‏ حز ١:‏١-‏٣؛‏ دا ١:‏٢،‏ ٦‏)‏ وعيَّن صدقيا عم يهوياكين ملكا تابعا له وتركه في اورشليم.‏ وبقي هناك ايضا اشخاص بارزون قليلون مثل النبي ارميا.‏ ونظرا الى ان عدد الاسرى المذكور في ٢ ملوك ٢٤:‏١٤ كان كبيرا جدا،‏ فمن الواضح ان الرقم ٠٢٣‏,٣ المذكور في ارميا ٥٢:‏٢٨ يشير الى اصحاب المراتب او رؤوس العائلات،‏ ولا يشمل الزوجات والاولاد الذين بلغ عددهم الآلاف.‏

سنة ٦٠٧ ق‌م،‏ استولى نبوخذنصر بشكل نهائي على اورشليم بعد حصار دام ١٨ شهرا.‏ (‏٢ مل ٢٥:‏١-‏٤‏)‏ وهذه المرة اخلى المدينة من معظم سكانها.‏ وسمح لبعض من افقر الناس ان يبقوا ‹ككرامين وعمال سخرة› تحت قيادة جدليا في المصفاة.‏ (‏ار ٥٢:‏١٦؛‏ ٤٠:‏٧-‏١٠؛‏ ٢ مل ٢٥:‏٢٢‏)‏ وشمل الذين اخذهم اسرى الى بابل «بعضا من مساكين الشعب،‏ وبقية الشعب الذين بقوا في المدينة،‏ والهاربين .‏.‏.‏،‏ وبقية العمال المهرة».‏ من الواضح ان عبارة «الذين بقوا في المدينة» تشير ان عددا كبيرا مات إما من الجوع او المرض او الحرائق او ذُبحوا في الحرب.‏ (‏ار ٥٢:‏١٥؛‏ ٢ مل ٢٥:‏١١‏)‏ اما ابناء صدقيا،‏ رؤساء يهوذا،‏ موظفو القصر،‏ بعض الكهنة،‏ والعديد من السكان البارزين الآخرين فقُتلوا بأمر من ملك بابل.‏ (‏٢ مل ٢٥:‏٧،‏ ١٨-‏٢١؛‏ ار ٥٢:‏١٠،‏ ٢٤-‏٢٧‏)‏ وهذا يفسِّر العدد القليل نسبيا (‏٨٣٢ فقط)‏ الذي يقول الكتاب المقدس انه أُسر،‏ والذي يُحتمَل انه شمل رؤوس العائلات بدون الزوجات والاولاد.‏ —‏ ار ٥٢:‏٢٩‏.‏

بعد حوالي شهرَين،‏ وبعد مقتل جدليا،‏ هرب الباقون من اليهود في يهوذا الى مصر وأخذوا معهم ارميا وباروخ.‏ (‏٢ مل ٢٥:‏٨-‏١٢،‏ ٢٥،‏ ٢٦؛‏ ار ٤٣:‏٥-‏٧‏)‏ وربما هرب بعضهم الى امم اخرى مجاورة.‏ ومن المحتمَل ان الاسرى الـ‍ ٧٤٥ (‏رؤوس العائلات)‏ الذين اخذهم نبوخذنصر بعد خمس سنوات جمعهم من هذه الامم.‏ وقد حدث ذلك عندما استخدمه يهوه كعصا رمزية ليحطِّم الامم المحيطة بيهوذا.‏ (‏ار ٥١:‏٢٠؛‏ ٥٢:‏٣٠‏)‏ فيوسيفوس يقول انه بعد خمس سنوات من دمار اورشليم،‏ اجتاح نبوخذنصر عمون وموآب واتجه جنوبا لينتقم من مصر.‏ —‏ العاديات اليهودية،‏ ١٠:‏١٨١،‏ ١٨٢ (‏٩:‏٧)‏.‏

كان الوضع في اورشليم مختلفا عن باقي المدن التي أُخضعَت.‏ فالسامرة مثلا سكنها اسرى جلبهم الاشوريون من مناطق اخرى في الامبراطورية.‏ اما اورشليم وجوارها فقد اخلاها البابليون وتركوها مهجورة (‏تماما مثلما قرر يهوه بشأنها)‏،‏ بخلاف سياستهم التي طبقوها عادة على باقي المدن التي احتلوها.‏ قد يشكك نقاد الكتاب المقدس في ان يهوذا التي كانت مزدهرة صارت فجأة «قفرا بلا ساكن».‏ (‏ار ٩:‏١١؛‏ ٣٢:‏٤٣‏)‏ ولكن لا توجد اي ادلة تاريخية او سجلات محفوظة من تلك الفترة تبرهن العكس.‏ يقول عالِم الآثار ج.‏ ارنست رايت:‏ «العنف الذي لحق بيهوذا واضح .‏.‏.‏ من الادلة الاثرية التي تُظهر ان المدن في ذلك الوقت صارت خالية من السكان،‏ الواحدة بعد الاخرى.‏ والكثير منها لم يُسكَن من جديد ابدا».‏ (‏علم آثار الكتاب المقدس،‏ ١٩٦٢،‏ ص ١٨٢)‏ ويوافقه الرأي وليم ف.‏ ألبرايت فيقول:‏ «لا توجد ولا مدينة داخل اراضي يهوذا يُعرف انها ظلت مأهولة بالسكان بشكل مستمر خلال فترة الاسر».‏ —‏ علم الآثار في فلسطين،‏ ١٩٧١،‏ ص ١٤٢.‏

حالة الاسرى:‏ اعتُبر الاسر عموما فترة من القمع والعبودية.‏ وبابل لم ترحم اسرائيل،‏ فيهوه قال لها:‏ «على الشيخ ثقَّلتِ نيرك جدا».‏ (‏اش ٤٧:‏٥،‏ ٦‏)‏ لا شك ان البابليين فرضوا على الاسرائيليين ان يدفعوا مبالغ معينة (‏ضرائب،‏ جزية،‏ رسوما)‏ على حسب ما يكسبونه او ينتجونه،‏ تماما مثلما فرضوا على باقي الاسرى.‏ وما يدل على القمع الذي تعرض له الاسرائيليون هو ان البابليين نهبوا هيكل يهوه العظيم في اورشليم ودمروه،‏ قتلوا الكهنة او نفوهم،‏ وأخذوا الشعب اسرى وأخضعوهم لسلطة اجنبية.‏

لكنَّ النفي الى بلد اجنبي كان افضل من العبودية القاسية التي لا تنتهي او الاعدام بطريقة وحشية الذي نفذه الاشوريون والبابليون خلال غزواتهم.‏ (‏اش ١٤:‏٤-‏٦؛‏ ار ٥٠:‏١٧‏)‏ فيبدو ان الاسرى اليهود تمتعوا بمقدار من الحرية ليتنقلوا،‏ وأداروا شؤونهم الخاصة الى حد ما.‏ (‏عز ٨:‏١،‏ ١٦،‏ ١٧؛‏ حز ١:‏١؛‏ ١٤:‏١؛‏ ٢٠:‏١‏)‏ قال يهوه لكل الاسرى الذين جعلهم يذهبون من اورشليم الى الاسر في بابل:‏ «ابنوا بيوتا واسكنوا فيها،‏ واغرسوا جنات وكلوا ثمرها.‏ اتخذوا زوجات وأنجبوا بنين وبنات،‏ واتخذوا لبنيكم زوجات وأعطوا بناتكم لأزواج،‏ فيلدن بنين وبنات.‏ واكثروا هناك ولا تقلوا.‏ واطلبوا سلام المدينة التي سبيتكم اليها،‏ وصلوا لأجلها الى يهوه؛‏ لأنه بسلامها يكون لكم انتم سلام».‏ (‏ار ٢٩:‏٤-‏٧‏)‏ ومنهم مَن صار ماهرا في حِرَف مختلفة نفعتهم بعد نهاية الاسر.‏ (‏نح ٣:‏٨،‏ ٣١،‏ ٣٢‏)‏ وصاروا متخصصين في المشاريع التجارية وبارعين في التجارة بشكل عام،‏ حتى ان اسماء يهودية عديدة وُجدت في سجلات تجارية.‏ وبسبب التعاملات التجارية والعلاقات الاجتماعية مع غير اليهود ظهر تأثير اللغة الارامية على اللغة العبرانية.‏

بطبيعة الحال،‏ اثَّرت فترة الاسر،‏ التي دامت ٨٠ سنة بالنسبة الى بعض اليهود،‏ على عبادتهم كمجموعة للإله الحقيقي يهوه.‏ فمن دون هيكل ولا مذبح ولا كهنة لم يكن تقديم الذبائح اليومية ممكنا.‏ غير ان الشخص الامين كان يقدر ان يُختَتَن،‏ يمتنع عن الاطعمة النجسة،‏ يحفظ السبت،‏ ويداوم على الصلاة،‏ رغم سخرية الآخرين واستهزائهم.‏ فدانيال «واظب على خدمته» للّٰه رغم انه اسير،‏ وكان الملك داريوس والآخرون يعرفون ذلك جيدا.‏ حتى عندما صدر مرسوم يمنع اي شخص من ان يطلب طلبا من احد غير الملك تحت طائلة الموت،‏ كان دانيال «يجثو على ركبتَيه ثلاث مرات في اليوم،‏ ويصلي ويسبِّح قدام إلهه،‏ كما كان يفعل بانتظام من قبل».‏ (‏دا ٦:‏٤-‏٢٣‏)‏ وأمانة هؤلاء الاسرى،‏ رغم عبادتهم المحدودة،‏ ساعدتهم ان لا يخسروا هويتهم.‏ كما انهم استفادوا حين لاحظوا الفرق بين البساطة والطهارة في عبادة يهوه وبين البهرجة المادية في عبادة بابل الوثنية.‏ ولا شك انهم استفادوا ايضا من وجود نبيَّي يهوه حزقيال ودانيال.‏ —‏ حز ٨:‏١؛‏ دا ١:‏٦؛‏ ١٠:‏١،‏ ٢‏.‏

عندما انشأ اليهود ترتيب المجامع المحلية،‏ صار الاسرى في كل مادي وفارس وبابل يحتاجون اكثر الى نُسَخ للاسفار المقدسة.‏ يقول السجل ان عزرا كان ‹ناسخا ماهرا في شريعة موسى›،‏ مما يدل ان اليهود كانوا قد اخذوا معهم من يهوذا نسخا من شريعة يهوه وصنعوا منها نسخا اخرى.‏ (‏عز ٧:‏٦‏)‏ ولا شك ان هذه الادراج القديمة الثمينة شملت سفر المزامير.‏ ويُحتمَل ان المزمور ١٣٧‏،‏ وربما المزمور ١٢٦ ايضا،‏ أُلِّفا خلال الاسر او بعد فترة قصيرة منه.‏ اما المزامير الستة المعروفة بمزامير الهلِّل (‏١١٣ الى ١١٨)‏ فكانت المجموعة الصغيرة التي عادت من بابل ترنِّمها خلال الاحتفالات الكبيرة بالفصح التي اقاموها بعد العودة من الاسر.‏

الرد والشتات (‏الدياسبورا)‏:‏ لم يكن لدى الاسرى في بابل اي امل بأن يتحرروا لأن بابل لم تكن تطلق اسراها.‏ ومصر التي التجأت اليها اسرائيل سابقا،‏ لم تكن قادرة ان تساعدهم،‏ لا عسكريا ولا غير ذلك.‏ والامم الاخرى كانت ايضا عاجزة،‏ إن لم تكن معادية علنا لليهود.‏ لذلك لم يكن هناك امل إلا على اساس وعود يهوه النبوية.‏ فقد تحدَّث موسى وسليمان قبل مئات السنين عن الرد الذي سيأتي بعد الاسر.‏ (‏تث ٣٠:‏١-‏٥؛‏ ١ مل ٨:‏٤٦-‏٥٣‏)‏ وأكَّد انبياء آخرون ايضا ان يهوه سيخلِّص اليهود من الاسر.‏ (‏ار ٣٠:‏١٠؛‏ ٤٦:‏٢٧؛‏ حز ٣٩:‏٢٥-‏٢٧؛‏ عا ٩:‏١٣-‏١٥؛‏ صف ٢:‏٧؛‏ ٣:‏٢٠‏)‏ والفصول الـ‍ ١٨ الاخيرة من نبوة اشعيا (‏٤٩-‏٦٦‏)‏ تطوِّر موضوع الرد حتى ذروته الرائعة.‏ اما الانبياء الكذابون فقد انبأوا بتحرُّر مبكر،‏ لكنهم كانوا على خطإ.‏ وكل مَن وثق بهم خاب امله.‏ —‏ ار ٢٨:‏١-‏١٧‏.‏

النبي الامين ارميا هو مَن اخبر ان طول فترة خراب اورشليم ويهوذا سيكون تحديدا ٧٠ سنة،‏ ومن بعدها سيرد يهوه اليهود الى ارضهم.‏ (‏ار ٢٥:‏١١،‏ ١٢؛‏ ٢٩:‏١٠-‏١٤؛‏ ٣٠:‏٣،‏ ١٨‏)‏ لذلك،‏ في السنة الاولى لداريوس المادي،‏ «ميَّز [دانيال] من الكتب عدد السنين التي في شأنها وردت كلمة يهوه على ارميا النبي،‏ لتمام خراب اورشليم،‏ وهي سبعون سنة».‏ —‏ دا ٩:‏١،‏ ٢‏.‏

كم كان عدد الاسرى الذين عادوا من بابل الى اورشليم سنة ٥٣٧ ق‌م؟‏

في اوائل سنة ٥٣٧ ق‌م،‏ اصدر كورش الثاني ملك فارس مرسوما يسمح للاسرى بأن يرجعوا الى اورشليم ويعيدوا بناء الهيكل.‏ (‏٢ اخ ٣٦:‏٢٠،‏ ٢١؛‏ عز ١:‏١-‏٤‏)‏ وسرعان ما بدأت التحضيرات.‏ وتحت توجيه الحاكم زربابل ورئيس الكهنة يِشوع بدأت الرحلة التي دامت حوالي اربعة اشهر.‏ وكان عدد الاسرى العائدين الذين قاموا بهذه الرحلة ٣٦٠‏,٤٢،‏ اضافة الى ٥٣٧‏,٧ عبدا ومرنِّما.‏ يعطي عزرا ونحميا ارقاما مختلفة لعدد العائلات الاسرائيلية التي عادت،‏ لكنهما يتفقان على الرقم الإجمالي.‏ (‏انظر «نحميا (‏سفر نحميا)‏».‏)‏ في الشهر السابع،‏ في الخريف،‏ استقروا في مدنهم.‏ (‏عز ١:‏٥–‏٣:‏١‏)‏ وبفضل العناية الإلهية،‏ حُفظَت سلالة داود الملكية التي تؤدي الى المسيح عبر يهوياكين (‏يكنيا)‏ وزربابل.‏ وحُفظَت ايضا سلالة رؤساء الكهنة اللاويين عبر يهوصاداق ثم يِشوع ابنه.‏ —‏ مت ١:‏١١-‏١٦؛‏ ١ اخ ٦:‏١٥؛‏ عز ٣:‏٢،‏ ٨‏.‏

لاحقا عاد المزيد من الاسرى الى ارض فلسطين.‏ فسنة ٤٦٨ ق‌م،‏ عاد مع عزرا اكثر من ٧٥٠‏,١ شخصا،‏ علما ان هذا الرقم شمل الرجال فقط كما يبدو.‏ (‏عز ٧:‏١–‏٨:‏٣٢‏)‏ وبعد بضع سنوات قام نحميا برحلتَين على الاقل من بابل الى اورشليم،‏ لكنَّ السجل لا يخبر كم من اليهود عادوا معه.‏ —‏ نح ٢:‏٥،‏ ٦،‏ ١١؛‏ ١٣:‏٦،‏ ٧‏.‏

انهى الاسر انقسام المملكة الى قسمَين،‏ يهوذا وإسرائيل.‏ والذين احتلوا المملكتَين لم يفرِّقوا بين الاسرى على اساس اسباطهم عندما رحَّلوهم.‏ قال يهوه:‏ «بنو اسرائيل وبنو يهوذا مظلومون معا».‏ (‏ار ٥٠:‏٣٣‏)‏ وعندما عادت المجموعة الاولى سنة ٥٣٧ ق‌م،‏ كانت تضم اشخاصا يمثِّلون كل اسباط اسرائيل.‏ ولاحقا،‏ عندما انتهوا من اعادة بناء الهيكل،‏ قدَّموا ١٢ تيسا ذبيحة «بحسب عدد اسباط اسرائيل».‏ (‏عز ٦:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ وهناك نبوات اشارت الى ان المملكتَين كانتا ستتحدان بعد الاسر.‏ مثلا،‏ وعد يهوه «أردُّ اسرائيل».‏ (‏ار ٥٠:‏١٩‏)‏ وقال ايضا:‏ «أردُّ اسرى يهوذا وأسرى اسرائيل،‏ وأبنيهم كما في البدء».‏ (‏ار ٣٣:‏٧‏)‏ كما ان التمثيلية الرمزية التي مثَّلها حزقيال عن العصوَين اللذَين صارا عصا واحدة اشارت ان المملكتَين ستصيران من جديد امة واحدة.‏ (‏حز ٣٧:‏١٥-‏٢٨‏)‏ وأنبأ اشعيا ان يسوع المسيح سيصير حجرا يتعثَّر به ‹بيتا اسرائيل›.‏ هذا لا يعني ان يسوع،‏ او الـ‍ ١٢ الذين ارسلهم خلال جولته الثالثة في الجليل،‏ كان عليه ان يذهب الى اراضٍ بعيدة في بلاد مادي ليبشِّر المتحدرين من الاسرائيليين الذين كانوا من المملكة الشمالية.‏ (‏اش ٨:‏١٤؛‏ مت ١٠:‏٥،‏ ٦؛‏ ١ بط ٢:‏٨‏)‏ والنبية حنة،‏ التي كانت في اورشليم عندما وُلِد يسوع،‏ كانت من سبط اشير الذي كان واحدا من اسباط المملكة الشمالية.‏ —‏ لو ٢:‏٣٦‏.‏

لم يرجع كل اليهود الى اورشليم مع زربابل،‏ انما رجعت «بقية» فقط.‏ (‏اش ١٠:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ وبين العائدين،‏ قليلون جدا عرفوا الهيكل الاصلي.‏ لم يسمح العمر لكثيرين ان يقوموا بهذه الرحلة المليئة بالمخاطر.‏ اما آخرون فكانت صحتهم تسمح لهم بالذهاب،‏ لكنهم اختاروا ان يبقوا في بابل.‏ ولا شك ان كثيرين كانوا قد نعموا بنوع من الازدهار المادي بعد كل تلك السنوات،‏ وفضَّلوا ان يبقوا هناك.‏ فلو كانت اعادة بناء الهيكل تأتي اولا في حياتهم لكانوا مستعدين ان يقوموا بالرحلة الخطرة ويواجهوا مستقبلا غير مضمون.‏ وطبعا،‏ الذين صاروا مرتدين لم يكن عندهم اي دافع للعودة.‏

هذا يعني ان جزءا من الشعب اليهودي بقي متفرِّقا وصار يُعرف بالشتات،‏ دياسپورا.‏ وفي القرن الخامس ق‌م،‏ كانت هناك جاليات يهودية في كل ولايات الامبراطورية الفارسية الـ‍ ١٢٧.‏ (‏اس ١:‏١؛‏ ٣:‏٨‏)‏ حتى ان بعض المتحدرين من الاسرى حصلوا على مراكز حكومية عالية،‏ مثل مردخاي وأستير تحت حكم الملك الفارسي احشويروش (‏زركسيس الاول)‏،‏ ونحميا ساقي الملك ارتحشستا الطويل اليد.‏ (‏اس ٩:‏٢٩-‏٣١؛‏ ١٠:‏٢،‏ ٣؛‏ نح ١:‏١١‏)‏ وعندما كان عزرا يجمع المعلومات ليكتب سفر اخبار الايام ذكر ان كثيرين من الذين كانوا متفرِّقين في العديد من مدن الشرق كانوا لا يزالون هناك «الى هذا اليوم» (‏نحو ٤٦٠ ق‌م)‏.‏ (‏١ اخ ٥:‏٢٦‏)‏ وعندما صارت اليونان امبراطورية عالمية،‏ جلب الاسكندر الكبير يهودا الى مدينة الاسكندرية التي كان قد اسسها حديثا في مصر،‏ حيث تعلموا اليونانية.‏ وهناك،‏ في القرن الثالث ق‌م،‏ بدأت ترجمة الاسفار العبرانية الى اليونانية،‏ وصارت تُعرف بالترجمة السبعينية.‏ وبسبب الحروب بين سوريا ومصر،‏ انتقل الكثير من اليهود الى آسيا الصغرى ثم الى مصر.‏ وعندما هزم بومبي اورشليم سنة ٦٣ ق‌م،‏ اخذ بعض اليهود عبيدا الى روما.‏

تفرَّق اليهود في كل انحاء الامبراطورية الرومانية،‏ وقد ساهم ذلك في انتشار المسيحية بسرعة.‏ صحيح ان يسوع المسيح بشَّر فقط في اسرائيل،‏ لكنه امر اتباعه ان يذهبوا «الى اقصى الارض» وينشروا البشارة هناك.‏ (‏اع ١:‏٨‏)‏ وعندما اتى الى اورشليم يهود من كل انحاء الامبراطورية الرومانية ليحتفلوا بالعيد يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ سمعوا المسيحيين المولودين بالروح يبشرون عن يسوع بلغة فرثيا،‏ مادي،‏ عيلام،‏ بلاد ما بين النهرين،‏ كبَّدوكية،‏ بنطس،‏ اقليم آسيا،‏ فريجية،‏ بمفيلية،‏ مصر،‏ ليبيا،‏ كريت،‏ بلاد العرب،‏ وروما.‏ وعندما رجعوا الى بلادهم،‏ اخذ الآلاف منهم ايمانهم الجديد معهم.‏ (‏اع ٢:‏١-‏١١‏)‏ في معظم المدن التي زارها بولس كانت هناك مجامع،‏ وهكذا استطاع ان يتكلم بسهولة مع اليهود المتفرِّقين (‏الدياسبورا)‏.‏ ففي لسترة،‏ التقى بولس بتيموثاوس الذي كانت امه يهودية.‏ وعندما وصل الى كورنثوس حوالي سنة ٥٠ ب‌م،‏ كان اكيلا وبريسكلا قد وصلا حديثا من روما.‏ (‏اع ١٣:‏١٤؛‏ ١٤:‏١؛‏ ١٦:‏١؛‏ ١٧:‏١،‏ ٢؛‏ ١٨:‏١،‏ ٢،‏ ٧؛‏ ١٩:‏٨‏)‏ ايضا،‏ كانت هناك اعداد كبيرة من اليهود في بابل وجوارها،‏ لذلك كان من المناسب ان يذهب بطرس الى هناك ليكمل خدمته بين ‹المختونين›.‏ (‏غل ٢:‏٨؛‏ ١ بط ٥:‏١٣‏)‏ وقد بقيت هذه الجالية اليهودية في المناطق المجاورة لبابل مركزا مهما للديانة اليهودية فترة طويلة بعد دمار اورشليم سنة ٧٠ ب‌م.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة