مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٩٣ ١/‏١٠ ص ٥-‏٩
  • ميراث مسيحي نادر

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • ميراث مسيحي نادر
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٣
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • ابي يتعلَّم حق الكتاب المقدس
  • الابتداء باكرا بالخدمة
  • خدمة اللّٰه مع والديَّ
  • التدريب من جَدَّيَّ
  • سنوات الاضطهاد
  • شاكرة على التوجيه الابوي
  • الزواج والعمل الجائل
  • الاعتناء بالوالدَيْن
  • علَّمنا والدانا ان نحب اللّٰه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٩
  • ميراثنا الروحي الغني
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٥
  • انعم بالسلام مع اللّٰه ومع امي
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١٥
  • ماذا افعل اذا كان ابي او امي مريضا؟‏
    قضايا الشباب
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٣
ب٩٣ ١/‏١٠ ص ٥-‏٩

ميراث مسيحي نادر

كما روتها بْلاسُم برانت

كان الثلج يتساقط في سان انطونيو،‏ تكساس،‏ في ١٧ كانون الثاني ١٩٢٣،‏ اليوم الذي ولدتُ فيه.‏ وكان الطقس باردا في الخارج،‏ لكن رُحِّب بي بين الاذرع الدافئة لوالدَيْن مسيحيَّيْن محبَّيْن،‏ دْجَدْج وهيلن نوريس.‏ ومن ذكرياتي الابكر ان كل ما كان يقوم به والداي كان يتمحور حول عبادتهما ليهوه اللّٰه.‏

في السنة ١٩١٠ حين كانت امي بعمر الثامنة،‏ انتقل والداها من جوار پيتسبورڠ،‏ پنسلڤانيا،‏ الى مزرعة خارج ألڤن،‏ تكساس.‏ وهناك سُرَّا بتعلُّم حقائق الكتاب المقدس من احد الجيران.‏ وقضت امي باقي حياتها تبحث عن الاشخاص المهتمين برجاء الملكوت.‏ واعتمدتْ في السنة ١٩١٢ بعد ان انتقلت العائلة الى هيوستون،‏ تكساس.‏

التقت امي ووالداها لأول مرة تشارلز ت.‏ رصل،‏ اول رئيس لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس،‏ عندما زار جماعتهم في هيوستون.‏ وكثيرا ما كانت العائلة تضيف في بيتها الممثلين الجائلين للجمعية،‏ الذين كانوا يُدعون آنذاك خطباء جائلين.‏ وبعد سنوات قليلة،‏ انتقلت امي مع والدَيها الى شيكاڠو،‏ إيلينوي،‏ وكان الاخ رصل يزور ايضا الجماعة هناك.‏

في السنة ١٩١٨،‏ أُصيبت جدتي بالحمى الاسپانية،‏ وبسبب تأثيرها المضعِف في صحتها،‏ نصحها الاطباء بأن تعيش في مناخ اكثر دفئا.‏ وبما ان جدي كان يعمل في شركة حافلات قطار پولمان،‏ نُقل في السنة ١٩١٩ من جديد الى تكساس.‏ وهناك،‏ في سان انطونيو،‏ التقت امي عضوا شابا وغيورا من الجماعة اسمه دْجَدْج نوريس.‏ فانجذبا واحدهما الى الآخر في الحال،‏ وبعد مدة من الوقت تزوَّجا،‏ وصار دْجَدْج والدي.‏

ابي يتعلَّم حق الكتاب المقدس

أُعطي «دْجَدْج» (‏الذي يعني قاضيا)‏ اسمه غير العادي عند ولادته.‏ فعندما رآه والده لأول مرة،‏ قال:‏ «هذا الطفل رزين كقاضٍ،‏» فصار هذا اسمه.‏ وفي السنة ١٩١٧،‏ حين كان والدي بعمر ١٦ سنة،‏ أُعطي نشرتَي اين هم الموتى؟‏ وما هي النفس؟‏ اللتين طبعتهما جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ وكان والد ابي قد مات قبل سنتين،‏ فزوَّدته النشرتان بالأجوبة التي كان يبحث عنها بشأن حالة الموتى.‏ وبُعيد ذلك ابتدأ يحضر اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس،‏ كما كان شهود يهوه معروفين آنذاك.‏

اراد ابي ان يشترك فورا في نشاطات الجماعة.‏ فحصل على مقاطعة حيث كان بإمكانه ان يكرز،‏ وبعد المدرسة كان ينطلق الى هناك على دراجته ليوزِّع النشرات.‏ وصار منهمكا كليا في المشاركة في رجاء الملكوت،‏ وفي ٢٤ آذار ١٩١٨ رمز الى انتذاره ليهوه بمعمودية الماء.‏

وفي السنة التالية حين انتقلت امي الى سان انطونيو،‏ انجذب والدي فورا الى ما قال انه «اعذب ابتسامة وأكثر العيون زرقة» رآها على الاطلاق.‏ وسرعان ما جعلا رغبتهما في الزواج معروفة،‏ لكنهما واجها صعوبة في اقناع والدَي أمي.‏ ومع ذلك،‏ في ١٥ نيسان ١٩٢١،‏ تمَّ الزواج.‏ وكانت الخدمة كامل الوقت هدفهما كليهما.‏

الابتداء باكرا بالخدمة

عندما كان امي وأبي مشغولَيْن بالتخطيط لحضور المحفل في سيدر پوينت،‏ اوهايو،‏ في السنة ١٩٢٢،‏ اكتشفا ان امي كانت حاملا بي.‏ وبُعيد ولادتي،‏ حين كان ابي بعمر ٢٢ سنة فقط،‏ عُيِّن مدير خدمة الجماعة.‏ وعنى ذلك انه كان يصنع كل ترتيبات خدمة الحقل.‏ وبعد مجرد اسابيع قليلة من ولادتي،‏ اخذتني امي في الخدمة من باب الى باب.‏ وفي الواقع،‏ اراد جدَّاي ان اكون معهما ايضا في الخدمة.‏

وحين كنت بعمر سنتين فقط،‏ انتقل والداي الى دالاس،‏ تكساس،‏ وابتدأا بالخدمة كامل الوقت كفاتحَيْن بعد ثلاث سنوات.‏ وفي الليل كانا ينامان على سرير خفيف نقّال بجانب الطريق وكانا يضعانني على المقعد الخلفي للسيارة.‏ طبعا،‏ اعتقدت ان ذلك مُسلٍّ،‏ لكن سرعان ما صار واضحا انهما لم يكونا مستعدَّيْن لحياة الفتح بعدُ.‏ لذلك ابتدأ ابي بعمل.‏ وبعد مدة من الوقت،‏ بنى مقطورة صغيرة استعدادا للابتداء بخدمة الفتح مجدَّدا.‏

وقبل ان أبتدئ بالمدرسة،‏ علَّمتني امي ان اقرأ وأكتب،‏ وكنت اعرف حتى جدول الضرب الرابع.‏ وكان تركيزها دائما على مساعدتي لأتعلَّم فكانت توقفني على كرسي بجانبها لاتمكَّن من تنشيف الصحون التي تغسلها،‏ وتعلِّمني ان استظهر آيات وأرنِّم ترنيمات الملكوت،‏ او التراتيل كما كنا ندعوها آنذاك.‏

خدمة اللّٰه مع والديَّ

في السنة ١٩٣١ حضرنا جميعا المحفل المثير في كولومبس،‏ اوهايو،‏ حيث نلنا الاسم شهود يهوه.‏ ومع انني كنت في الثامنة من العمر فقط،‏ فقد اعتقدت ان ذلك اجمل اسم سمعته على الاطلاق.‏ وبُعيد عودتنا الى البيت،‏ أُحرق محل ابي كاملا،‏ فاعتبر ابي وأمي ذلك «مشيئة الرب» ان يبتدئا بخدمة الفتح مجدَّدا.‏ وهكذا،‏ اذ ابتدأنا في صيف السنة ١٩٣٢،‏ تمتعنا بسنوات عديدة في الخدمة كامل الوقت.‏

خدم والداي كفاتحين في وسط تكساس ليبقيا بالقرب من والدَي امي،‏ اللذَيْن كانا لا يزالان في سان انطونيو.‏ والانتقال من تعيين الى تعيين عنى انه كثيرا ما غيَّرتُ مدارس.‏ وأحيانا كان الاصدقاء العديمو الاعتبار يقولون،‏ «لِمَ لا تستقران وتملكان بيتا لهذا الولد،‏» كما لو انه لم يكن يجري الاعتناء بي بشكل لائق.‏ لكنني كنت اعتقد ان حياتنا مثيرة وأنني اساعد ابي وأمي في خدمتهما.‏ وفي الواقع،‏ كان يجري تدريبي وإعدادي لِما كان سيصير لاحقا نمط حياتي الخاص.‏

واستمررت طوال اشهر اقول لأبي وأمي انني اريد ان اعتمد،‏ وكثيرا ما كلَّماني عن ذلك.‏ فقد ارادا ان يتأكدا انني اعرف كم هو جِدِّي قراري.‏ وفي ٣١ كانون الاول ١٩٣٤،‏ اتى اليوم لهذا الحدث البالغ الاهمية في حياتي.‏ ولكن،‏ في الليلة التي سبقت،‏ تأكد ابي انني صلَّيت الى يهوه.‏ ثم قام بأمر جميل.‏ جعلَنا كلنا نجثو،‏ وقدَّم صلاة.‏ وقال ليهوه انه سعيد جدا بقرار ابنته الصغيرة ان تنذر حياتها له.‏ ويمكنكم ان تكونوا على يقين من انني،‏ في كل العصور التي ستأتي،‏ لن انسى ابدا تلك الليلة!‏

التدريب من جَدَّيَّ

بين السنتين ١٩٢٨ و ١٩٣٨،‏ قضيت وقتا كثيرا في زيارة جَدَّيَّ في سان انطونيو.‏ والروتين معهما كان يشبه كثيرا الروتين مع والديَّ.‏ وكانت جدتي موزعة مطبوعات جائلة،‏ كما اعتادوا تسمية الفاتحين،‏ ثم صارت فاتحة بعض الوقت.‏ وعُيِّن جَدِّي فاتحا في كانون الاول ١٩٢٩،‏ وهكذا كانت خدمة الحقل دائما نشاطا يوميا قانونيا.‏

كان جَدِّي يضمني بين ذراعيه في الليل ويعلِّمني اسماء النجوم.‏ وكان يتلو عليَّ شعرا من الذاكرة.‏ لقد قمت برحلات عديدة معه في الپولمان حين كان يعمل في السكة الحديدية.‏ وكان دائما شخصا يمكنني اللجوء اليه عندما تكون لديَّ مشكلة؛‏ فكان يعزيني ويمسح دموعي.‏ ومع ذلك،‏ عندما كان يجري تأديبي لسبب سوء سلوكي وأذهب اليه طالبة المؤاساة،‏ كان يقول ببساطة (‏كلمات لم افهمها في ذلك الحين،‏ انما نبرتها كانت واضحة جدا)‏:‏ «حبيبتي،‏ عندما يرتكب المرء خطأ،‏ يتألم.‏»‏

سنوات الاضطهاد

في السنة ١٩٣٩،‏ ابتدأت الحرب العالمية الثانية،‏ فعانى شعب يهوه الاضطهاد وعنف الرعاع.‏ وفي نهاية السنة ١٩٣٩،‏ مرضت امي جدا وأخيرا احتاجت الى عملية جراحية،‏ فرجعنا الى سان انطونيو.‏

كان الرعاع يبرزون فيما كنا نقوم بعمل المجلات في شوارع سان انطونيو.‏ ولكن كل اسبوع،‏ كعائلة،‏ كنا هناك،‏ كلٌّ في زاويته المعيَّنة.‏ وكثيرا ما شاهدتهم فيما كانوا يسوقون ابي الى مركز الشرطة.‏

حاول ابي ان يستمر في خدمة الفتح على الرغم من انه كان على امي ان تتوقف.‏ لكنه لم يتمكن من كسب ما يكفي من المال اذ كان يعمل بدوام جزئي،‏ ولذلك اضطر الى التوقف ايضا.‏ انهيت مدرستي في السنة ١٩٣٩،‏ وحصلت انا ايضا على عمل.‏

تبرهن ان اسم ابي «دْجَدْج» كان نافعا خلال تلك السنوات.‏ مثلا،‏ ذهب فريق من الاصدقاء ليشهد في بلدة شمالي سان انطونيو مباشرة،‏ فابتدأ العمدة يضعهم جميعا في السجن.‏ واعتقل نحو ٣٥،‏ بمن فيهم جدَّاي.‏ فأوصلا خبرا الى ابي،‏ فاندفع بسرعة الى هناك.‏ وسار الى مكتب العمدة وقال:‏ «انا دْجَدْج نوريس من سان انطونيو.‏»‏

‏«نعم سيدي القاضي،‏ بماذا استطيع ان اخدمك؟‏» سأل العمدة.‏

‏«أتيت لأنظر في قضية اخراج هؤلاء الاشخاص من السجن،‏» اجاب ابي.‏ بهذا تركهم العمدة يخرجون دون كفالة —‏ ودون اسئلة اضافية!‏

أَحب ابي ان يشهد في مباني المكاتب في قلب البلدة التجاري،‏ وكان يرغب خصوصا في زيارة القضاة والمحامين.‏ وكان يقول للمستقبلين:‏ «انا دْجَدْج نوريس،‏ وقد اتيت لأرى القاضي فلانا.‏»‏

بعد ذلك،‏ حين كان يقابل القاضي،‏ كان يقول دائما في بادئ الامر:‏ «الآن،‏ وقبل ان اتكلم عن هدف زيارتي،‏ اريد ان اوضح انني قاضٍ لمدة اطول منك.‏ انني قاضٍ طوال حياتي.‏» ثم كان يوضح كيف حصل على اسمه.‏ وهذا كان يؤدي الى مقدمة ودية،‏ فنمَّى علاقات جيدة عديدة مع القضاة في تلك الايام.‏

شاكرة على التوجيه الابوي

لقد مرَرْت بسنوات المراهقة المضطربة تلك،‏ وأعرف ان ابي وأمي حبسا نَفَسهما مرات عديدة اذ كانا يراقبان ويتساءلان عما سأفعله بعد ذلك.‏ وكما يفعل كل الاولاد،‏ امتحنت ابي وأمي مرات عديدة،‏ طالبة ان افعل شيئا ما او ان اذهب الى مكان اعرف مسبقا ان جوابهما سيكون لا.‏ وأحيانا كنت ابكي.‏ وفي الواقع،‏ كنت سأنزعج بشدة لو قالا في وقت من الاوقات:‏ «هيا،‏ افعلي ما تريدين.‏ فنحن لا نهتم.‏»‏

والمعرفة انه لا يمكنني التأثير فيهما ليغيِّرا مقاييسهما اعطتني شعورا بالأمن.‏ وفي الواقع،‏ سهَّل ذلك عليَّ الامر عندما كان الاحداث الآخرون يقترحون تسلية غير حكيمة،‏ لأنه كان بإمكاني ان اقول:‏ «لن يسمح لي ابي.‏» وعندما كنت بعمر ١٦ سنة،‏ تأكد والدي انني تعلَّمت القيادة وأنني املك رخصتي للقيادة.‏ وأيضا،‏ اعطاني نحو هذا الوقت مفتاحا للبيت.‏ فتأثرت جدا اذ وثق بي.‏ وشعرت بأنني بالغة،‏ فمنحني ذلك شعورا بالمسؤولية ورغبة في عدم خيانة ثقتهما.‏

في تلك الايام لم يكن يُعطى الكثير من المشورة بشأن الزواج،‏ لكنَّ ابي كان يعرف الكتاب المقدس وما يقوله عن التزوج «في الرب فقط.‏» (‏١ كورنثوس ٧:‏٣٩‏)‏ فأوضح لي انه اذا دعوت شابا عالميا الى البيت في وقت من الاوقات،‏ او حتى اذا فكَّرت في مواعدة شاب عالمي،‏ فستكون خيبته ساحقة.‏ وعرفت انه على حق،‏ لانني رأيت السعادة والوحدة في زواجهما لأنهما تزوجا «في الرب.‏»‏

في السنة ١٩٤١،‏ حين كنت بعمر ١٨ سنة،‏ ظننت انني مغرمة بشاب في الجماعة.‏ كان فاتحا ويدرس ليكون محاميا.‏ كنت مثارة.‏ وعندما اخبرْنا والدَيَّ اننا نريد الزواج،‏ بدلا من ان يظهرا عدم الرضى او التثبط،‏ قالا ببساطة:‏ «نود ان نطلب منكِ امرا،‏ بْلاسُم.‏ نحن نشعر بأنكما اصغر مما ينبغي،‏ ونود ان نطلب منكما ان تنتظرا سنة واحدة.‏ فإذا كنتما عاشقين حقا،‏ فإن سنة واحدة لن تصنع فرقا.‏»‏

انا سعيدة للغاية لأنني اصغيت الى تلك النصيحة الحكيمة.‏ ففي غضون السنة،‏ نضجتُ الى حد ما وابتدأت ارى ان هذا الشاب لم يكن يملك الصفات التي تجعله رفيق زواج جيدا.‏ وأخيرا ترك الهيئة،‏ ونجوت مما كان سيصير كارثة في حياتي.‏ فكم هي رائعة حيازة والدَين حكيمَيْن يمكن الاعتماد على رأيهما!‏

الزواج والعمل الجائل

في شتاء ١٩٤٦،‏ بعد ان كنت قد قضيت ست سنوات اخدم كفاتحة وأعمل بدوام جزئي،‏ دخل اروَع شاب التقيته على الاطلاق قاعة ملكوتنا.‏ وكان دْجِين برانت قد عُيِّن كرفيق لخادمنا الجائل للاخوة،‏ كما كان يدعى ناظر الدائرة آنذاك.‏ وكان هنالك انجذاب متبادل،‏ وفي ٥ آب ١٩٤٧،‏ تزوجنا.‏

بُعيد ذلك،‏ افتتح ابي ودْجِين مكتب محاسبة.‏ لكنَّ ابي قال لدْجِين:‏ «في اليوم الذي يمنعنا فيه هذا المكتب من اجتماع او تعيين ثيوقراطي،‏ سأقفل الباب وأرمي المفتاح.‏» فبارك يهوه وجهة النظر الروحية هذه،‏ وكان المكتب يزوِّد حاجاتنا المادية على نحو كافٍ ويسمح بالوقت لخدمة الفتح.‏ كان ابي ودْجِين رَجُلَي اعمال ناجحَيْن،‏ وكان بإمكاننا ان نصير اغنياء بسهولة،‏ لكنَّ ذلك لم يكن هدفهما قط.‏

في السنة ١٩٥٤،‏ دُعي دْجِين الى العمل الدائري،‏ مما عنى تغييرا كبيرا في حياتنا.‏ فكيف كان والداي سيتجاوبان؟‏ من جديد،‏ لم يكن اهتمامهما بأنفسهما انما بمصالح ملكوت اللّٰه وبخير ولديهما الروحي.‏ لم يقولا لنا قط:‏ «لِمَ لا تنجبان لنا حفداء؟‏» وبدلا من ذلك،‏ كان قولهما دائما:‏ «ماذا بإمكاننا ان نفعل لمساعدتكما في الخدمة كامل الوقت؟‏»‏

وهكذا حين اتى اليوم الذي فيه كان علينا ان نغادر،‏ كانت هنالك فقط كلمات تشجيع وفرح بامتيازنا العظيم.‏ لم يجعلانا قط نشعر بأننا نتخلى عنهما بل كانا دائما داعمَيْن لنا ١٠٠ في المئة.‏ وبعد ان غادرنا،‏ بقيا مشغولَيْن بعمل الفتح لعشر سنوات اخرى.‏ وعُيِّن ابي ناظر مدينة سان انطونيو،‏ المركز الذي شغله طوال ٣٠ سنة.‏ لقد سُرّ برؤية النمو من جماعة واحدة في المدينة في عشرينيات الـ‍ ١٩٠٠ الى ٧١ جماعة قبل ان يموت في السنة ١٩٩١.‏

بالنسبة الى دْجِين واليَّ،‏ كانت الحياة ملآنة اثارة.‏ فقد امتلكنا الفرح الوافر لخدمة اخوة وأخوات اعزاء في اكثر من ٣١ ولاية،‏ وربما الابرز من الكل،‏ امتياز حضور الصف الـ‍ ٢٩ لمدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس في السنة ١٩٥٧.‏ بعد ذلك عدنا الى العمل الجائل.‏ وفي السنة ١٩٨٤،‏ بعد ٣٠ سنة في العمل الدائري والكوري،‏ منحت الجمعية بلطف دْجِين تعيينا دائريا في سان انطونيو،‏ اذ ان الوالدَيْن كانا في ثمانينياتهما وفي صحة ضعيفة.‏

الاعتناء بالوالدَيْن

بعد سنة ونصف فقط من عودتنا الى سان انطونيو كان ان امي دخلت سباتا جزئيا وماتت.‏ لقد حدث ذلك بسرعة بالغة بحيث لم اتمكن من قول بعض الامور التي اردت ان اقولها لها.‏ وهذا علَّمني ان اتكلم كثيرا مع ابي.‏ وبعد ٦٥ سنة من الزواج،‏ كان يفتقد امي كثيرا جدا،‏ لكننا كنا هناك لنمنحه المحبة والدعم.‏

ان مثال ابي طيلة حياته لحضور الاجتماعات المسيحية،‏ الدرس،‏ والخدمة استمر حتى موته.‏ فقد كان يحب القراءة.‏ واذ كان عليه ان يبقى وحيدا فيما كنا في الخدمة،‏ كنت آتي الى البيت وأسأل،‏ «هل كنتَ وحيدا؟‏» لقد كان مشغولا جدا بالقراءة والدرس،‏ حتى ان الفكرة لم تخطر على باله.‏

كانت هنالك عادةٌ اخرى استمرت مدى حياته وحافظنا عليها.‏ فأبي كان يصرّ دائما ان تأكل العائلة معا،‏ وخصوصا وقت الفطور،‏ حين كان يجري التأمل في الآية اليومية من الاسفار المقدسة.‏ ولم يكن يُسمح لي قط بأن اترك البيت دون فعل ذلك.‏ وأحيانا كنت اقول:‏ «لكن ابي،‏ سأتأخر عن المدرسة (‏او عن العمل)‏.‏»‏

‏«ليست الآية ما سيجعلك تتأخرين؛‏ لم تنهضي في الوقت المعيَّن،‏» كان يقول.‏ وكان عليَّ ان ابقى وأسمعها.‏ وكان يتأكد ان هذا المثال الجيد موجود حتى الايام الاخيرة من حياته.‏ هذا ميراث آخر تركه لي.‏

بقي ابي نشيطا عقليا حتى موته.‏ وما سهَّل العناية به هو انه لم يصر قط نكِدا او متذمرا.‏ وأحيانا كان يذكر داء مفاصله،‏ لكنني كنت اذكِّره ان ما كان لديه حقا هو «الداء الآدَمي،‏» فكان يضحك.‏ وفيما كنا دْجِين وأنا جالسَيْن الى جانبه،‏ مات ابي بهدوء في صباح ٣٠ تشرين الثاني ١٩٩١.‏

عمري الآن اكثر من ٧٠ سنة ولا ازال استفيد من المثال الجيد لوالدَيَّ المسيحيين المحبين.‏ وصلاتي الجدية هي ان ابرهن على تقديري الكامل لهذا الميراث باستعماله بشكل لائق عبر كل العصور التي ستأتي.‏ —‏ مزمور ٧١:‏١٧،‏ ١٨‏.‏

‏[الصورة في الصفحة ٥]‏

امي وأنا

‏[الصورتان في الصفحة ٧]‏

١-‏ اول محفل لي:‏ سان ماركوس،‏ تكساس،‏ ايلول ١٩٢٣

٢-‏ آخر محفل لأبي:‏ فورت وورث،‏ تكساس،‏ حزيران ١٩٩١ (‏ابي جالس)‏

‏[الصورة في الصفحة ٩]‏

دْجِين وبْلاسُم برانت

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة