مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب١١ ١/‏١٠ ص ١٨-‏٢٣
  • اتخذَت موقفا الى جانب شعب اللّٰه

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • اتخذَت موقفا الى جانب شعب اللّٰه
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١١
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • ‏«جميلة المنظر»‏
  • ملكة تُخلع عن العرش
  • نالت حظوة «في عيني كل من رآها»‏
  • ايمان استير يوضع على المحك
  • ايمانها يغلب الخوف من الموت
  • اتخذتْ موقفا الى جانب شعب اللّٰه
    اقتد بإيمانهم
  • تصرفت بحكمة وشجاعة وعدم انانية
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١٢
  • تصرفتْ بحكمة وشجاعة وعدم انانية
    اقتد بإيمانهم
  • سفر الكتاب المقدس رقم ١٧:‏ استير
    ‏«كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع»‏
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١١
ب١١ ١/‏١٠ ص ١٨-‏٢٣

اقتدِ بإيمانهم

اتخذَت موقفا الى جانب شعب اللّٰه

تحاول استير ان تهدئ من روعها وهي تقترب من دار القصر في شوشن.‏ فالخطوة التي ستقدم عليها ليست بالامر السهل،‏ لأن كل ما في القلعة —‏ منحوتاتها النافرة الملونة المصنوعة من الآجر المصقول التي تمثل ثيرانا مجنحة ورماة سهام وأسودا،‏ اعمدتها الحجرية المخدَّدة،‏ تماثيلها المهيبة،‏ وكذلك موقعها على الارصفة الضخمة القريبة من جبال زڠروس المكللة بالثلوج والمطلة على مياه نهر كرخة الصافية —‏ صُمم ليذكّر الزائر بالسلطة الهائلة التي يتمتع بها الرجل الذي تنوي مقابلته،‏ الرجل الذي دعا نفسه «الملك العظيم»،‏ والذي هو ايضا زوجها.‏

نعم،‏ كان الملك احشويروش زوج استير.‏ ولكن شتان ما بينه وبين الزوج الذي تتمناه الفتاة اليهودية الامينة!‏a فهو لم يكن يتطلع الى اشخاص يقتدي بهم،‏ امثال ابراهيم الذي قبِل بتواضع ارشاد اللّٰه وسمع لامرأته سارة.‏ (‏تكوين ٢١:‏١٢‏)‏ وبالكاد عرف شيئا عن يهوه،‏ إله استير،‏ او عن شريعته.‏ بيد انه كان ملمّا بالشريعة الفارسية التي تحرّم ما تنوي استير فعله.‏ فقد نص القانون ان كل من يظهر امام الملك الفارسي دون ان يستدعيه يستوجب الموت.‏ وأستير لم تكن قد استُدعيت من قِبل الملك.‏ رغم ذلك ذهبت لتقابله.‏ ولعلها شعرت وهي تدنو من الدار الداخلية،‏ حيث تصبح على مرأى من العرش،‏ انها ماضية الى حتفها.‏ —‏ استير ٤:‏١١؛‏ ٥:‏١‏.‏

فلمَ خاطرت بحياتها؟‏ وماذا نتعلم من ايمان هذه المرأة الرائعة؟‏ لنرَ اولا كيف حظيت بمنصب رفيع كملكة على عرش فارس.‏

‏«جميلة المنظر»‏

باتت استير يتيمة الابوين وهي بعد طفلة.‏ ولا نعلم سوى اليسير عن والديها اللذين سميّاها هدسَّة،‏ وهو اسم عبراني يعني «الآس»،‏ شجيرة جميلة ازهارها بيضاء اللون.‏ لكن ابن عمها مردخاي الذي كان اكبر منها بكثير اشفق عليها.‏ فأتى بها الى بيته وعاملها معاملة الاب لابنته.‏ —‏ استير ٢:‏٥-‏٧،‏ ١٥‏.‏

كان مردخاي وأستير من المسبيين اليهود،‏ وقد سكنا في تلك العاصمة الفارسية حيث اضطرا على الارجح ان يواجها الازدراء بسبب دينهما والشريعة التي حرصا على اتّباعها.‏ من ناحية اخرى،‏ لا شك ان استير كانت تزداد اقترابا من ابن عمها كلما علمها عن يهوه،‏ الاله الرحيم الذي سبق وأنقذ شعبه من المصاعب مرات عديدة وسينقذه مرة اخرى.‏ (‏لاويين ٢٦:‏٤٤،‏ ٤٥‏)‏ فنمت بينهما علاقة متينة اساسها المحبة والولاء.‏

عمل مردخاي كموظف في قلعة شوشن على ما يبدو،‏ اذ كان يجلس بانتظام عند بوابة القصر مع آخرين من خدام الملك.‏ (‏استير ٢:‏١٩،‏ ٢١؛‏ ٣:‏٣‏)‏ اما استير فلا نعلم يقينا كيف امضت ايام صباها.‏ انما يمكننا القول انها اعتنت بابن عمها وببيته الواقع على الارجح في احد الاحياء المتواضعة على الضفة الثانية من النهر مقابل القلعة الملكية.‏ ولعلها تمتعت بالذهاب الى السوق في شوشن،‏ حيث كان تجار الذهب والفضة وغيرهم يعرضون سلعهم.‏ ولم يخطر على بالها انها ستنعم يوما ما بكل وسائل الرفاهية هذه،‏ اذ لم تكن لديها ادنى فكرة عما يخبئه لها المستقبل.‏

ملكة تُخلع عن العرش

ذات يوم،‏ ضجت شوشن بأقاويل عن بلبلة حدثت في بيت الملك.‏ فأثناء حفل كبير اغدق فيه احشويروش على ضيوفه الشرفاء ما لذّ وطاب من الاطعمة والخمور،‏ قرر ان يستدعي ملكته الجميلة وشتي،‏ التي كانت تحتفل مع النساء على حدة.‏ غير انها رفضت طلبه.‏ وإذ شعر بإهانة كبيرة وغضب شديد،‏ سأل مشيريه اي عقاب تستحقه الملكة.‏ فكانت النتيجة ان خُلعت وشتي عن العرش.‏ وبعدها،‏ انطلق خدام الملك يبحثون في كل ارجاء الامبراطورية عن فتيات عذارى ليختار منهن ملكة جديدة.‏ —‏ استير ١:‏١–‏٢:‏٤‏.‏

يمكننا ان نتخيل مردخاي ينظر بفخر وقلق في آن معا الى ابنة عمه استير الحبيبة وهي تكبر لتغدو شابة في غاية الجمال.‏ يذكر الكتاب المقدس:‏ «كانت الفتاة حسنة الشكل وجميلة المنظر».‏ (‏استير ٢:‏٧‏)‏ لا شك ان الجمال الخارجي هو مسرة للعين.‏ ولكن اذا لم يكن مصحوبا بالحكمة والتواضع،‏ فقد يولّد في القلب الغرور والكبرياء وغيرهما من الصفات القبيحة.‏ (‏امثال ١١:‏٢٢‏)‏ فهل لمستَ صحة هذه الحقيقة يوما؟‏ وفي حالة استير،‏ هل كان جمالها سيعود عليها بالخير ام لا؟‏ كان الوقت هو الكفيل بإعطاء الجواب.‏

لفتت استير انظار خدام الملك.‏ فضموها الى الفتيات الاخريات اللواتي جمعوهن اثناء بحثهم،‏ وأخذوها من مردخاي الى القصر الكبير عبر النهر.‏ (‏استير ٢:‏٨‏)‏ لا بد ان لحظة الفراق كانت مؤثرة جدا،‏ فقد ربطت بينهما علاقة اب بابنته.‏ ومردخاي لم يكن يرغب ان تقترن استير برجل غير مؤمن،‏ حتى وإن كان ملكا.‏ لكنّ الامر خرج عن سيطرته.‏ اما استير فلا بد انها اصغت بكل انتباه للنصائح التي اسداها اليها ابن عمها قبل ان تغادر البيت.‏ وفي الطريق الى قلعة شوشن،‏ جالت في رأسها تساؤلات كثيرة.‏ فأية حياة يا تُرى تنتظرها هناك؟‏

نالت حظوة «في عيني كل من رآها»‏

وجدت استير نفسها في عالم جديد وغريب كليا عليها.‏ فقد كانت بين «فتيات كثيرات» جُمعن من كل اصقاع الامبراطورية الفارسية،‏ وكنّ على الارجح على اختلاف كبير من حيث العادات واللغات والافكار.‏ وإذ عُهد بهن الى موظف اسمه هيجاي،‏ وجب ان يخضعن طوال سنة لعناية تجميلية مكثفة تشمل جلسات تدليك بزيوت عطرة.‏ (‏استير ٢:‏٨،‏ ١٢‏)‏ في هذا الجو السائد،‏ من السهل ان يصبح المظهر الخارجي هوس هؤلاء الفتيات،‏ وأن تتولد لديهن مشاعر الغرور وروح المنافسة.‏ فأي اثر تركه ذلك في استير؟‏

ما من احد في العالم كان يمكن ان يقلق عليها اكثر من مردخاي.‏ فالرواية تقول انه اعتاد ان يذهب كل يوم الى بيت النساء ويقترب منه قدر الامكان ليستعلم عن سلامتها.‏ (‏استير ٢:‏١١‏)‏ ولا بد انه كان يشع فرحا افتخارا بها كلما تسربت اليه نتف من المعلومات عنها،‏ ربما من خلال خدم البيت المتعاونين.‏ ولماذا؟‏

لقد اثرت استير تأثيرا عميقا في هيجاي حتى انه اظهر نحوها لطفا حبيا كبيرا،‏ اذ وضع في خدمتها سبع فتيات وأعطاها افضل مكان في بيت النساء.‏ تقول الرواية:‏ «كانت استير تنال حظوة في عيني كل من رآها».‏ (‏استير ٢:‏٩،‏ ١٥‏)‏ فهل جمالها فقط هو السبب؟‏ كلا.‏ بل ايضا الكثير من المزايا الاخرى التي تحلت بها.‏

نقرأ مثلا:‏ «لم تخبر استير عن شعبها وأنسبائها،‏ لأن مردخاي اوصاها ألا تخبر».‏ (‏استير ٢:‏١٠‏)‏ فكان قد اوصى الفتاة ان تبقي اصلها اليهودي طي الكتمان،‏ لأنه دون شك لمس تحاملا كبيرا من الاسرة المالكة ضد شعبه.‏ وكم سرّ حين علم انها بقيت تعرب عن الحكمة والطاعة رغم غيابها عن نظره!‏

واليوم،‏ بإمكان الاحداث ايضا ان يفرّحوا قلب والديهم والاوصياء عليهم.‏ فحين يكونون بعيدين عن عيونهم،‏ يستطيعون مقاومة التأثيرات السيئة والالتصاق بالمقاييس التي يعرفون انها صائبة،‏ حتى وإن وجدوا انفسهم محاطين بأشخاص سطحيين او فاسدين ادبيا او عنفاء.‏ وإذا فعلوا ذلك،‏ على غرار استير،‏ يفرّحون قلب ابيهم السماوي يهوه.‏ —‏ امثال ٢٧:‏١١‏.‏

لما حان الوقت لتمثل استير امام الملك،‏ أُعطيت حرية اختيار كل ما تظن انه يلزمها،‏ ربما لتزيد من تأنقها.‏ لكنها اتبعت نصيحة هيجاي ولم تطلب شيئا اكثر مما قُدِّم لها،‏ معربة بذلك عن الاحتشام.‏ (‏استير ٢:‏١٥‏)‏ فقد ادركت على الارجح انها لن تكسب قلب الملك بالجمال وحده،‏ بل ايضا بالروح المتواضعة والمحتشمة التي سيتبين انها اثمن بكثير.‏ فهل كانت على صواب؟‏

تجيب الرواية:‏ «احب الملك استير اكثر من سائر النساء،‏ فنالت حظوة ولطفا حبيا امامه اكثر من جميع العذارى.‏ فوضع العمامة الملكية على رأسها وجعلها ملكة مكان وشتي».‏ (‏استير ٢:‏١٧‏)‏ لا بد انه شقّ على استير التكيُّف مع هذا التغيير الجذري في حياتها.‏ فبعدما كانت فتاة يهودية متواضعة باتت الآن الملكة الجديدة،‏ زوجة اعظم ملك في ذلك الزمان!‏ فهل انتشى قلبها من مجد هذا المنصب الجديد وامتلأ كبرياء؟‏

كلا على الاطلاق،‏ بل ظلت مطيعة لمربيها مردخاي.‏ فقد حرصت على ابقاء علاقتها بالشعب اليهودي سرّا.‏ وحين كشف مردخاي عن مؤامرة ترمي الى اغتيال احشويروش،‏ استجابت لطلبه وأبلغت الملك بذلك،‏ فأُحبطت المكيدة وعوقب المجرمان.‏ (‏استير ٢:‏٢٠-‏٢٣‏)‏ نعم،‏ استمرت استير تعرب عن ايمانها باللّٰه من خلال تحليها بروح التواضع والطاعة.‏ اما اليوم فنادرا ما تُعتبر الطاعة فضيلة،‏ اذ بات العصيان والتمرد المقياس السائد.‏ لكنّ الذين يمتلكون ايمانا اصيلا يعتبرون الطاعة امرا قيما جدا اسوة بأستير.‏

ايمان استير يوضع على المحك

حظي رجل اسمه هامان بمركز مرموق في البلاط الملكي.‏ فقد عيّنه احشويروش كبيرَ الوزراء،‏ جاعلا اياه مشيره الرئيسي والثاني بعده في الامبراطورية.‏ حتى انه اصدر مرسوما يقضي بأن يخرّ امامه كل مَن يراه.‏ (‏استير ٣:‏١-‏٤‏)‏ شكّل هذا القانون مشكلة لمردخاي،‏ اذ آمن ان عليه اطاعة الملك،‏ انما ليس على حساب احترام اللّٰه.‏ وهامان كان اجاجيا،‏ ما يعني حسبما يتضح انه متحدر من اجاج ملك عماليق الذي قُتل على يد نبي اللّٰه صموئيل.‏ (‏١ صموئيل ١٥:‏٣٣‏)‏ وكان شر العماليقيين عظيما جدا بحيث جعلوا من انفسهم اعداء ليهوه وإسرائيل.‏ لذا حكم اللّٰه عليهم كشعب بالفناء.‏b (‏تثنية ٢٥:‏١٩‏)‏ فهل يُعقل ان يخرّ يهودي امين لعماليقي؟‏ طبعا لا.‏ ومردخاي لم يفعل ذلك وبقي ثابتا على موقفه.‏ وحتى يومنا هذا،‏ يخاطر جميع المؤمنين بحياتهم ليلتصقوا بالمبدإ القائل:‏ «ينبغي ان يطاع اللّٰه حاكما لا الناس».‏ —‏ اعمال ٥:‏٢٩‏.‏

امتلأ هامان سخطا.‏ لكنه لم يشأ ان يشفي غليله بقتل مردخاي فقط،‏ بل وصل به الحد الى محاولة ابادة شعب مردخاي عن بكرة ابيهم.‏ فقد تحدث الى الملك راسما له صورة مشوهة عن اليهود.‏ ودون ذكرهم بالاسم،‏ اوحى بأنهم عديمو الاهمية قائلا انهم شعب «متبدد ومتفرق بين الشعوب».‏ كما تمادى في افترائه بالادعاء انهم لا يطيعون قوانين الملك،‏ واضعا اياهم بالتالي في مصاف المتمردين الخطرين.‏ ثم عرض ان يضع في خزانة الملك مبلغا طائلا من المال لتغطية نفقة ابادة كل اليهود في الامبراطورية.‏c فأعطى احشويروش خاتمه لهامان كي يختم به اي امر ينوي ان يصدره.‏ —‏ استير ٣:‏٥-‏١٠‏.‏

وسرعان ما انطلق السعاة على صهوة جوادهم الى كل اراضي الامبراطورية الشاسعة ليسلموا الرسائل التي تتضمن الامر بإهلاك اليهود.‏ تخيل الوقع الذي خلفه هذا الاعلان حين بلغ اورشليم البعيدة،‏ حيث كان اليهود العائدون من السبي البابلي يكافحون لإعادة بناء مدينة ما زالت دون اسوار تحميها.‏ لربما فكر مردخاي في هؤلاء،‏ وكذلك في اصدقائه وأقربائه المقيمين في شوشن،‏ حين سمع هذه الاخبار المريعة.‏ ومن شدة اضطرابه مزّق ثيابه،‏ لبس مِسحا ووضع على رأسه رمادا،‏ وصرخ صراخا عظيما في وسط المدينة.‏ اما هامان فجلس يشرب مع الملك غير آبه بما سببه من اسى للشعب اليهودي في شوشن وغيرها.‏ —‏ استير ٣:‏١٢–‏٤:‏١‏.‏

ادرك مردخاي ان عليه اتخاذ اجراء ما.‏ ولكن ماذا في وسعه ان يفعل؟‏ حين سمعت استير بمعاناته ارسلت اليه بعض الثياب،‏ غير انه رفض ان يتعزى.‏ ولعله كان قد قضى اياما وليالي يتساءل لمَ سمح إلهه يهوه ان تؤخذ استير الحبيبة منه لتصبح زوجة حاكم وثني.‏ والآن يبدو ان السبب بدأ ينكشف له.‏ لذا بعث الى الملكة يلتمس منها ان تتوسط ‹لشعبها› عند الملك.‏ —‏ استير ٤:‏٤-‏٨‏.‏

لا بد ان استير أُصيبت بتوتر شديد لدى سماعها طلب مردخاي.‏ فها هي الآن امام اهم امتحان لإيمانها.‏ وقد عبرت عن جزعها بصراحة في جوابها لمردخاي.‏ فذكّرته بأن قانون الملك يحكم بالموت على كل مَن يدخل الى حضرته دون استدعاء،‏ إلّا اذا مدّ له صولجانه الذهبي.‏ فهل كان لديها اي سبب يجعلها تتوقع الرحمة من الملك،‏ لا سيما بعد المصير الذي لاقته الملكة وشتي عندما رفضت الانصياع لأمره؟‏ اضافة الى ذلك،‏ اخبرت مردخاي ان الملك لم يستدعها منذ ثلاثين يوما.‏ وهذا الاهمال اعطاها سببا وجيها لتتساءل ما اذا كانت قد خسرت حظوتها لدى الملك المتقلب المزاج.‏d —‏ استير ٤:‏٩-‏١١‏.‏

اجاب مردخاي استير بحزم ليشدّد ايمانها.‏ وأكّد لها انها اذا لم تتخذ اجراء،‏ فسيأتي خلاص اليهود من مصدر آخر.‏ اما هي فكيف لها ان تتوقع النجاة متى بدأ الاضطهاد يتفاقم؟‏ بهذا الموقف برهن مردخاي عن ايمان عميق بيهوه،‏ الذي لم يكن ليسمح ابدا بفناء شعبه وعدم اتمام وعوده.‏ (‏يشوع ٢٣:‏١٤‏)‏ ثم سأل مردخاي استير:‏ «ومَن يدري إن كنتِ لمثل هذا الوقت قد بلغت مقام الملك؟‏».‏ (‏استير ٤:‏١٢-‏١٤‏)‏ لقد وثق مردخاي ثقة تامة بإلهه يهوه.‏ فماذا عنا؟‏ —‏ امثال ٣:‏٥،‏ ٦‏.‏

ايمانها يغلب الخوف من الموت

حانت الآن اللحظة الحاسمة لتتخذ استير خطوتها الجريئة.‏ فأرسلت الى مردخاي تطلب منه ان يدعو ابناء شعبها الى الصوم معها ثلاثة ايام،‏ واختتمت كلامها بالعبارة التي تردَّد صداها عبر القرون لما تعكسه من ايمان وشجاعة:‏ «إن هلكتُ،‏ هلكتُ».‏ (‏استير ٤:‏١٥-‏١٧‏)‏ لا بد انها لم تصلِّ من قبل قط كما صلّت في تلك الايام الثلاثة.‏ وأخيرا،‏ اتت الساعة!‏ فارتدت افضل حُلَلها الملكية،‏ باذلة كل ما في وسعها لتروق في عيني الملك،‏ ثم ذهبت لمقابلته.‏

كما رأينا في مستهل المقالة،‏ توجهت استير الى قصر الملك.‏ ومَن يدري كم استحوذ عليها القلق وكم رفعت الى اللّٰه صلوات حارة؟‏!‏ وها هي الآن تدخل الدار فيصبح الملك على مرأى منها.‏ لعلها حاولت ان تقرأ تعابير وجهه،‏ ذلك الوجه الذي تحيط به خصل الشعر المجعدة المتناسقة واللحية المربعة الشكل.‏ ولو طال انتظارها،‏ لبدت كل لحظة بالنسبة اليها دهرا.‏ غير انه لم تمضِ هنيهة حتى رآها زوجها.‏ ولا شك ان الدهشة بانت على وجهه،‏ لكن سرعان ما لانت ملامحه ومدّ لها صولجانه الذهبي.‏ —‏ استير ٥:‏١،‏ ٢‏.‏

وهكذا،‏ حظيت استير بفرصة لتمثل امام الملك الذي اعارها اذنا صاغية.‏ نعم،‏ لقد اتخذت موقفا الى جانب إلهها وشعبها،‏ راسمة مثالا رائعا لكل خدام اللّٰه حتى يومنا الحاضر.‏ لكن الخطوة التي اتخذتها لم تكن سوى البداية.‏ فكيف ستقنع الملك بأن هامان مشيره المفضل ما هو إلا رجل شرير يدبر المكايد؟‏ وكيف ستتمكن من انقاذ شعبها؟‏ ستعالج مقالة مقبلة هذين السؤالين.‏

‏[الحواشي]‏

a يشيع الاعتقاد ان احشويروش هو زركسيس الاول الذي حكم الامبراطورية الفارسية في اوائل القرن الخامس ق‌م.‏

b ربما كان هامان من بين اواخر شعب عماليق،‏ لأن «باقي» مَن نجا منهم قُضي عليهم في ايام حزقيا.‏ —‏ ١ اخبار الايام ٤:‏٤٣‏.‏

c عرض هامان على الملك ٠٠٠‏,١٠ وزنة من الفضة،‏ ما يعادل مئات ملايين الدولارات اليوم.‏ وإذا كان احشويروش هو نفسه زركسيس الاول،‏ فمن المحتمل ان هذا المبلغ جعل عرض هامان مغريا جدا.‏ فهذا الملك كان قد خسر ثروة طائلة في حربه ضد اليونان،‏ قبل زواجه من استير على ما يبدو.‏

d عُرف زركسيس الاول بطبعه المزاجي والعنيف.‏ وفي كتابات المؤرخ اليوناني هيرودوتس،‏ نجد بعض الامثلة عن اعمال العنف التي ارتكبها اثناء حربه ضد اليونان.‏ يخبر السجل ان الملك امر ببناء جسر عائم مصنوع من السفن عند مضيق هَلّيسپونت.‏ ولكن حين هبت عاصفة وحطمت الجسر حكم بقطع رأس المهندسين،‏ حتى انه طلب من رجاله «معاقبة» المضيق بأن يضربوا مياهه بالسوط ويتلوا بصوت مرتفع اعلانا يتضمن كلمات مهينة.‏ ايضا،‏ حين توسل رجل غني الى الملك ان يُجنِّب ابنه الالتحاق بالجيش،‏ امر هذا الطاغية بشطر الابن الى نصفين وعرض جثته لتكون عبرة للآخرين.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٩]‏

كان لدى مردخاي سبب وجيه ليفتخر بالابنة التي ربّاها

‏[الصورة في الصفحة ٢٠]‏

عرفت استير ان التواضع والحكمة اثمن بكثير من الجمال الخارجي

‏[الصورة في الصفحتين ٢٢،‏ ٢٣]‏

خاطرت استير بحياتها لتحمي شعب اللّٰه

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة