لَا تَدَعِ ٱلنَّدَمَ يُعِيقُكَ عَنْ خِدْمَةِ يَهْوَهَ
«أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ أَمَامُ». — في ٣:١٣.
١-٣ (أ) مَا هُوَ ٱلنَّدَمُ، وَكَيْفَ يُؤَثِّرُ فِينَا؟ (ب) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ بُولُسَ؟
«يَا لَيْتَ!» عِبَارَةٌ كَثِيرًا مَا تَتَرَدَّدُ عَلَى أَلْسُنِ ٱلنَّاسِ تَعْبِيرًا عَنْ نَدَمِهِمْ. وَٱلنَّدَمُ هُوَ ٱلْأَسَفُ أَوِ ٱلشُّعُورُ بِٱلْحُزْنِ أَوِ ٱلِٱسْتِيَاءِ لِفِعْلِ شَيْءٍ أَوْ عَدَمِ فِعْلِهِ يُرَافِقُهُ أَحْيَانًا ٱلْأَلَمُ ٱلنَّفْسِيُّ وَوَخْزُ ٱلْضَّمِيرِ. وَكُلُّ فَرْدٍ مِنَّا لَدَيْهِ مَا يَنْدَمُ عَلَيْهِ وَيَتَمَنَّى لَوْ يَعُودُ بِهِ ٱلزَّمَنُ إِلَى ٱلْوَرَاءِ كَيْ يَتَصَرَّفَ عَلَى نَحْوٍ مُغَايِرٍ. فَمَاذَا عَنْكَ؟ هَلْ لَدَيْكَ مَا تَنْدَمُ عَلَيْهِ؟
٢ هُنَالِكَ أَشْخَاصٌ ٱرْتَكَبُوا فِي حَيَاتِهِمْ أَغْلَاطًا فَادِحَةً، أَوْ حَتَّى خَطَايَا خَطِيرَةً. وَهُنَالِكَ مَنْ لَمْ يَقْتَرِفُوا أُمُورًا شَائِنَةً، إِنَّمَا قَامُوا بِخِيَارَاتٍ قَدْ لَا تَكُونُ ٱلْفُضْلَى. وَفِي كِلْتَا ٱلْحَالَتَيْنِ، يَتَمَكَّنُ ٱلْبَعْضُ مِنْ طَيِّ صَفْحَةِ ٱلْمَاضِي وَمُتَابَعَةِ حَيَاتِهِمْ، فِيمَا يَعْجَزُ آخَرُونَ عَنْ ذٰلِكَ إِذْ تَبْقَى كَلِمَةُ «لَوْ» تُقْلِقُهُمْ وَتُقِضُّ مَضْجَعَهُمْ. (مز ٥١:٣) فَأَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ أَنْتَ؟ هَلْ تَوَدُّ أَنْ تَخْدُمَ يَهْوَهَ دُونَ أَنْ تَتَحَسَّرَ عَلَى ٱلْمَاضِي؟ إِذَا كَانَتْ هٰذِهِ رَغْبَتَكَ، فَتَعَالَ نَتَأَمَّلُ مَعًا فِي مِثَالِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ ٱلَّذِي يُسَاعِدُنَا فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ.
٣ فَبُولُسُ ٱقْتَرَفَ خِلَالَ حَيَاتِهِ أَخْطَاءً مُرِيعَةً وَقَامَ أَيْضًا بِخِيَارَاتٍ حَكِيمَةٍ. وَفِي حِينِ أَنَّهُ نَدِمَ أَشَدَّ ٱلنَّدَمِ عَلَى مَاضِيهِ، إِلَّا أَنَّهُ تَعَلَّمَ أَنْ يَصُبَّ ٱهْتِمَامَهُ عَلَى خِدْمَةِ ٱللّٰهِ بِأَمَانَةٍ. فَلْنَرَ كَيْفَ نَتَعَلَّمُ مِنْهُ أَلَّا نَدَعَ ٱلنَّدَمَ يُعِيقُنَا عَنْ خِدْمَةِ يَهْوَهَ.
مَاضِي بُولُسَ
٤ أَيُّ مَاضٍ نَدِمَ عَلَيْهِ بُولُسُ؟
٤ حِينَ كَانَ بُولُسُ فَرِّيسِيًّا، ٱرْتَكَبَ شُرُورًا نَدِمَ عَلَيْهَا لَاحِقًا. فَقَدْ قَادَ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ حَمْلَةً مِنَ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلْوَحْشِيِّ ضِدَّ تَلَامِيذِ ٱلْمَسِيحِ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُخْبِرُ أَنَّهُ بَعْدَ ٱسْتِشْهَادِ إِسْتِفَانُوسَ مُبَاشَرَةً، ٱبْتَدَأَ شَاوُلُ «يَسْطُو عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ. وَكَانَ يَدْخُلُ بَيْتًا بَعْدَ آخَرَ عَنْوَةً وَيَجُرُّ رِجَالًا وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى ٱلسِّجْنِ». (اع ٨:٣) وَيَذْكُرُ ٱلْعَالِمُ أَلْبِرْت بَارْنْز أَنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ ٱلْمَنْقُولَةَ إِلَى «يَسْطُو» هِيَ «تَعْبِيرٌ قَوِيٌّ يُشِيرُ إِلَى ٱلْحَمَاسِ وَٱلْعُنْفِ ٱللَّذَيْنِ مَيَّزَا ٱضْطِهَادَ» شَاوُلَ. فَقَدْ «ثَارَ عَلَى ٱلْكَنِيسَةِ كَوَحْشٍ ضَارٍ». وَلِمَاذَا؟ بِمَا أَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا مُخْلِصًا، ٱعْتَقَدَ أَنَّ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ هِيَ أَنْ يَمْحُوَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ. فَطَارَدَهُمْ بِشَرَاسَةٍ ‹نَافِثًا تَهْدِيدًا وَقَتْلًا عَلَى ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ› عَلَى ٱلسَّوَاءِ. — اع ٩:١، ٢؛ ٢٢:٤.a
٥ أَوْضِحُوا كَيْفَ تَوَقَّفَ بُولُسُ عَنِ ٱضْطِهَادِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ وَبَدَأَ يُبَشِّرُ بِٱلْمَسِيحِ.
٥ عَقَدَ شَاوُلُ ٱلْعَزْمَ أَنْ يَقْصِدَ دِمَشْقَ، يَأْخُذَ تَلَامِيذَ ٱلْمَسِيحِ عَنْوَةً مِنْ بُيُوتِهِمْ، وَيَجُرَّهُمْ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُوَاجِهُوا غَضَبَ ٱلسَّنْهَدْرِيمِ. لٰكِنَّهُ فَشِلَ فِي تَنْفِيذِ مَأْرَبِهِ لِأَنَّ رَأْسَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ تَصَدَّى لَهُ. (اف ٥:٢٣) فَفِيمَا كَانَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى دِمَشْقَ، أَبْرَقَ نُورٌ مِنَ ٱلسَّمَاءِ أَعْمَى بَصَرَهُ وَسَمِعَ صَوْتَ يَسُوعَ يُخَاطِبُهُ. بَعْدَ ذٰلِكَ، أَرْسَلَهُ يَسُوعُ إِلَى دِمَشْقَ بِٱنْتِظَارِ أَنْ يَنَالَ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْإِرْشَادَاتِ. — اع ٩:٣-٢٢.
٦، ٧ مَا ٱلَّذِي يُظْهِرُ أَنَّ بُولُسَ أَدْرَكَ إِدْرَاكًا تَامًّا مَا ٱقْتَرَفَهُ فِي ٱلْمَاضِي؟
٦ مَا إِنْ أَصْبَحَ بُولُسُ مَسِيحِيًّا حَتَّى تَغَيَّرَتْ قِيَمُهُ. فَتَحَوَّلَ مِنْ عَدُوٍّ لَدُودٍ لِلْمَسِيحِيَّةِ إِلَى مُؤَيِّدٍ غَيُورٍ لَهَا. رَغْمَ ذٰلِكَ، كَتَبَ لَاحِقًا عَنْ نَفْسِهِ: «لَقَدْ سَمِعْتُمْ بِمَسْلَكِي قَبْلًا فِي ٱلدِّيَانَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ، أَنِّي كُنْتُ أَضْطَهِدُ بِشِدَّةٍ جَمَاعَةَ ٱللّٰهِ وَأُدَمِّرُهَا». (غل ١:١٣) وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ أَيْضًا، ضَمَّنَ رَسَائِلَهُ إِلَى كُورِنْثُوسَ، فِيلِبِّي، وَتِيمُوثَاوُسَ تَعَابِيرَ تَعْكِسُ نَدَمَهُ ٱلشَّدِيدَ عَلَى مَاضِيهِ. (اِقْرَأْ ١ كورنثوس ١٥:٩؛ في ٣:٦؛ ١ تي ١:١٣) صَحِيحٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَخُورًا بِكِتَابَةِ أُمُورٍ كَهٰذِهِ عَنْ نَفْسِهِ، لٰكِنَّهُ لَمْ يُحَاوِلِ ٱلتَّهَرُّبَ مِنَ ٱلْحَقِيقَةِ. بَلْ أَدْرَكَ إِدْرَاكًا تَامًّا أَنَّهُ ٱرْتَكَبَ أَغْلَاطًا فَادِحَةً. — اع ٢٦:٩-١١.
٧ وَقَدْ أَشَارَ عَالِمُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ فْرِيدْرِيك و. فَارَار إِلَى ٱلدَّوْرِ ٱلَّذِي لَعِبَهُ شَاوُلُ فِي «ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلْبَغِيضِ» ٱلَّذِي لَحِقَ بِٱلْمَسِيحِيِّينَ. ثُمَّ أَضَافَ أَنَّنَا مَا لَمْ نُدْرِكْ شَرَاسَةَ هٰذَا ٱلِٱضْطِهَادِ، لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَسْتَوْعِبَ مَدَى ٱلنَّدَمِ ٱلَّذِي لَا بُدَّ أَثْقَلَ كَاهِلَ بُولُسَ وَٱلتَّعْيِيرَ ٱلَّذِي أَتَاهُ مِنْ أَعْدَائِهِ. وَلَعَلَّ بُولُسَ كَانَ فِي زِيَارَتِهِ لِلْجَمَاعَاتِ يَلْتَقِي أَحْيَانًا إِخْوَةً يَرَاهُمْ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى، فَيَقُولُونَ لَهُ: ‹إِذًا، أَنْتَ هُوَ بُولُسُ ٱلَّذِي كَانَ يَضْطَهِدُنَا!›. — اع ٩:٢١.
٨ كَيْفَ شَعَرَ بُولُسُ بِشَأْنِ رَحْمَةِ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ وَمَحَبَّتِهِمَا لَهُ، وَأَيُّ دَرْسٍ نَتَعَلَّمُهُ مِنْهُ؟
٨ أَدْرَكَ بُولُسُ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُتَمِّمَ خِدْمَتَهُ إِلَّا بِفَضْلِ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ عَلَيْهِ. فَقَدْ أَتَى عَلَى ذِكْرِ هٰذِهِ ٱلصِّفَةِ ٱلَّتِي تَدُلُّ عَلَى رَحْمَةِ ٱللّٰهِ نَحْوَ ٩٠ مَرَّةً فِي رَسَائِلِهِ ٱلْـ ١٤ — أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ كَاتِبٍ آخَرَ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. (اِقْرَأْ ١ كورنثوس ١٥:١٠.) وَإِذْ قَدَّرَ تَقْدِيرًا عَمِيقًا مُعَامَلَةَ يَهْوَهَ ٱلرَّحِيمَةَ لَهُ، سَعَى إِلَى ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلِٱمْتِنَانِ لِرَحْمَتِهِ ‹بِٱلْكَدِّ أَكْثَرَ› مِنْ كُلِّ ٱلرُّسُلِ ٱلْآخَرِينَ فِي ٱلْخِدْمَةِ. فَأَيُّ دَرْسٍ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ مِثَالِهِ؟ إِذَا ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا وَغَيَّرْنَا مَسْلَكَنَا، فَسَيَكُونُ يَهْوَهُ مُسْتَعِدًّا أَنْ يَمْحُوَ ٱلْأَخْطَاءَ ٱلَّتِي ٱقْتَرَفْنَاهَا مَهْمَا عَظُمَتْ، وَذٰلِكَ عَلَى أَسَاسِ ذَبِيحَةِ ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْفِدَائِيَّةِ. فَيَا لَهُ مِنْ دَرْسٍ رَائِعٍ لِكُلِّ مَنْ يَصْعُبُ عَلَيْهِ ٱلتَّصْدِيقُ أَنَّ فَوَائِدَ ذَبِيحَةِ يَسُوعَ يُمْكِنُ أَنْ تَنْطَبِقَ عَلَيْهِ شَخْصِيًّا! (اِقْرَأْ ١ تيموثاوس ١:١٥، ١٦.) فَمَعَ أَنَّ بُولُسَ ٱضْطَهَدَ ٱلْمَسِيحَ ٱضْطِهَادًا عَنِيفًا، تَمَكَّنَ مِنَ ٱلْقَوْلِ: «اِبْنُ ٱللّٰهِ . . . أَحَبَّنِي وَسَلَّمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِي». (غل ٢:٢٠؛ اع ٩:٥) وَهٰكَذَا، تَعَلَّمَ بُولُسُ أَنَّ عَلَيْهِ بَذْلَ مَا فِي وِسْعِهِ فِي خِدْمَةِ ٱللّٰهِ رَغْمَ مَاضِيهِ، بِحَيْثُ لَا يَعُودُ هُنَالِكَ أَيُّ أَمْرٍ آخَرَ يَنْدَمُ عَلَيْهِ. فَهَلْ هٰذَا مَا تَتَعَلَّمُ فِعْلَهُ؟
تَعَلَّمَ بُولُسُ أَلَّا يَجْعَلَ ٱلنَّدَمَ يُعِيقُ خِدْمَتَهُ
هَلْ يَسْتَحْوِذُ عَلَيْكَ ٱلشُّعُورُ بِٱلنَّدَمِ؟
٩، ١٠ (أ) لِمَاذَا قَدْ يَشْعُرُ بَعْضُ شُهُودِ يَهْوَهَ بِٱلنَّدَمِ؟ (ب) لِمَ ٱلْقَلَقُ ٱلْمُسْتَمِرُّ بِشَأْنِ أَغْلَاطِ ٱلْمَاضِي لَا يُجْدِي نَفْعًا؟
٩ هَلْ تَأْسَفُ ٱلْآنَ عَلَى أُمُورٍ قُمْتَ بِهَا؟ مَثَلًا، هَلْ حَدَثَ أَنِ ٱسْتَنْزَفْتَ طَاقَتَكَ وَوَقْتَكَ فِي مَسَاعٍ بَاطِلَةٍ؟ أَوْ هَلْ تَصَرَّفْتَ بِطَرِيقَةٍ سَبَّبَتِ ٱلْأَذِيَّةَ لِلْآخَرِينَ؟ مَهْمَا كَانَ ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي تَنْدَمُ عَلَيْهِ، فَٱلسُّؤَالُ ٱلَّذِي يَطْرَحُ نَفْسَهُ هُوَ: مَا ٱلَّذِي يُمْكِنُكَ فِعْلُهُ بِشَأْنِهِ؟
١٠ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ يَسْتَسْلِمُونَ لِلْقَلَقِ بِشَأْنِ مَا ٱرْتَكَبُوهُ مِنْ أَخْطَاءٍ، بِحَيْثُ يَتَمَلَّكُهُمُ ٱلْهَمُّ وَٱلشُّعُورُ بِٱلتَّعَاسَةِ. فَهَلْ يَحُلُّ ذٰلِكَ ٱلْمَشَاكِلَ؟ كَلَّا، عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. فَٱلَّذِي يَطْغَى عَلَيْهِ ٱلْقَلَقُ هُوَ أَشْبَهُ بِشَخْصٍ يُحَاوِلُ ٱلتَّقَدُّمَ إِلَى ٱلْأَمَامِ بِٱلتَّأَرْجُحِ فِي كُرْسِيٍّ هَزَّازٍ طَوَالَ سَاعَاتٍ. فَلَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ جُهُودِهِ ٱلْمَبْذُولَةِ سَتَذْهَبُ هَبَاءً. لِذٰلِكَ، عِوَضَ أَنْ تَدَعَ ٱلْقَلَقَ يَسْتَحْوِذُ عَلَيْكَ وَتَقِفَ مَكْتُوفَ ٱلْيَدَيْنِ، بَادِرْ إِلَى حَلِّ مَشَاكِلِكَ. يُمْكِنُكَ مَثَلًا أَنْ تَعْتَذِرَ مِنْ شَخْصٍ آذَيْتَهُ وَتُعِيدَ تَوْطِيدَ ٱلْعَلَاقَةِ ٱلسِّلْمِيَّةِ مَعَهُ. حَلِّلْ مَا ٱلَّذِي أَدَّى بِكَ إِلَى إِيذَائِهِ كَيْ لَا تُعِيدَ ٱلْكَرَّةَ. لٰكِنْ أَحْيَانًا تُضْطَرُّ إِلَى مُعَانَاةِ عَوَاقِبِ خَطَئِكَ. غَيْرَ أَنَّ ٱلْقَلَقَ بِشَأْنِ أَغْلَاطِ ٱلْمَاضِي لَا يُجْدِيكَ نَفْعًا، بَلْ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يُعِيقَكَ عَنْ خِدْمَةِ ٱللّٰهِ كَامِلًا.
١١ (أ) كَيْفَ نَنَالُ رَحْمَةَ يَهْوَهَ وَلُطْفَهُ ٱلْحُبِّيَّ؟ (ب) أَيَّةُ «وَصْفَةٍ» تُسَاعِدُنَا أَنْ نَنَالَ سَلَامَ ٱلْعَقْلِ؟
١١ يَشْعُرُ ٱلْبَعْضُ أَنْ لَا قِيمَةَ لَهُمْ فِي عَيْنَيِ ٱللّٰهِ وَلَا يَسْتَحِقُّونَ رَحْمَتَهُ، إِمَّا لِفَدَاحَةِ ٱلْأَخْطَاءِ ٱلَّتِي ٱرْتَكَبُوهَا أَوْ لِكَثْرَتِهَا. لٰكِنَّ ٱلْوَاقِعَ هُوَ أَنَّهُ مَهْمَا ٱرْتَكَبُوا مِنْ مَعَاصٍ، فَبِإِمْكَانِهِمْ أَنْ يَتُوبُوا، يَصْنَعُوا ٱلتَّعْدِيلَاتِ ٱللَّازِمَةَ، وَيَلْتَمِسُوا ٱلْغُفْرَانَ مِنَ ٱللّٰهِ. (اع ٣:١٩) وَيَهْوَهُ سَيُعْرِبُ لَهُمْ عَنِ ٱلرَّحْمَةِ وَٱللُّطْفِ ٱلْحُبِّيِّ كَمَا فَعَلَ لِكَثِيرِينَ غَيْرِهِمْ. فَهُوَ مُسْتَعِدٌّ أَنْ يَغْفِرَ لِأَيِّ شَخْصٍ يَنْدَمُ وَيَتُوبُ عَنْ أَخْطَائِهِ بِكُلِّ صِدْقٍ وَتَوَاضُعٍ. وَهٰذَا مَا فَعَلَهُ مَعَ أَيُّوبَ ٱلَّذِي قَالَ: «أَتُوبُ فِي ٱلتُّرَابِ وَٱلرَّمَادِ». (اي ٤٢:٦) وَثَمَّةَ «وَصْفَةٌ» أَعْطَانَا إِيَّاهَا ٱللّٰهُ عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نَتْبَعَهَا لِنَنَالَ سَلَامَ ٱلْعَقْلِ، وَهِيَ: «مَنْ يُخْفِي مَعَاصِيَهُ لَنْ يَنْجَحَ، وَمَنْ يَعْتَرِفُ بِهَا وَيَتْرُكُهَا يُرْحَمُ». (ام ٢٨:١٣؛ يع ٥:١٤-١٦) إِذًا، يَجِبُ أَنْ نَعْتَرِفَ بِخَطَايَانَا لِلّٰهِ، نُصَلِّيَ طَلَبًا لِغُفْرَانِهِ، وَنَتَّخِذَ خُطُوُاتٍ لِتَصْوِيبِ ٱلْخَطَإِ. (٢ كو ٧:١٠، ١١) وَمَتَى فَعَلْنَا ذٰلِكَ، نَحْظَى بِرَحْمَةِ ذَاكَ ٱلَّذِي «يُكْثِرُ ٱلْغُفْرَانَ». — اش ٥٥:٧.
١٢ (أ) اِقْتِدَاءً بِدَاوُدَ، مَا هِيَ أَفْضَلُ طَرِيقَةٍ لِنَرْتَاحَ مِنْ عَذَابِ ٱلضَّمِيرِ؟ (ب) هَلْ يَشْعُرُ يَهْوَهُ بِٱلنَّدَمِ؟ (اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ.)
١٢ وَمِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ تُؤْمِنَ أَنَّ يَهْوَهَ يَسْمَعُ صَلَوَاتِكَ وَيَغْفِرُ لَكَ. وَدَاوُدُ مِثَالٌ عَلَى ذٰلِكَ. فَقَدْ نَظَمَ مَزْمُورًا يَعْكِسُ إِيمَانَهُ ٱلتَّامَّ بِأَنَّ ٱللّٰهَ ٱسْتَجَابَ لِصَلَوَاتِهِ. (اِقْرَأْ مزمور ٣٢:١-٥.) فَمِنْ هٰذَا ٱلْمَزْمُورِ، يَتَبَيَّنُ أَنَّ عَدَمَ ٱعْتِرَافِ دَاوُدَ بِخَطِيَّتِهِ أَثْقَلَ ضَمِيرَهُ وَسَبَّبَ لَهُ ٱلْمَرَضَ وَٱلتَّعَبَ ٱلنَّفْسِيَّ، فَخَسِرَ فَرَحَهُ. وَلَمْ يَنَلِ ٱلرَّاحَةَ وَٱلْغُفْرَانَ إِلَّا بَعْدَمَا ٱعْتَرَفَ بِمَعَاصِيهِ لِلّٰهِ. وَقَدِ ٱسْتَجَابَ يَهْوَهُ لِصَلَوَاتِهِ ٱلْحَارَّةِ وَشَدَّدَهُ كَيْ يَمْضِيَ قُدُمًا وَيَسْتَمِرَّ فِي فِعْلِ ٱلصَّوَابِ. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، إِذَا ٱسْتَوْلَى عَلَيْكَ ٱلْقَلَقُ بِشَأْنِ أَخْطَائِكَ ٱلْمَاضِيَةِ، فَصَلِّ إِلَى يَهْوَهَ بِحَرَارَةٍ وَٱلْتَمِسْ مِنْهُ ٱلْغُفْرَانَ، وَٱبْذُلْ قُصَارَى جُهْدِكَ لِتَصْنَعَ ٱلتَّغْيِيرَاتِ ٱللَّازِمَةَ. وَلْتَكُنْ لَدَيْكَ ثِقَةٌ تَامَّةٌ أَنَّ يَهْوَهَ أَصْغَى لِصَلَوَاتِكَ وَغَفَرَ لَكَ. — مز ٨٦:٥.
اِمْضِ قُدُمًا نَحْوَ ٱلْأَمَامِ
١٣، ١٤ (أ) عَلَامَ يَجِبُ أَنْ نَصُبَّ ٱهْتِمَامَنَا ٱلْآنَ؟ (ب) أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ تُسَاعِدُنَا أَنْ نُحَلِّلَ وَضْعَنَا ٱلْحَالِيَّ؟
١٣ لَا بَأْسَ إِنْ نَظَرْتَ إِلَى مَاضِيكَ لِتَسْتَقِيَ مِنْهُ عِبَرًا. لٰكِنْ لَا تَدَعْهُ يَقِفُ عَائِقًا أَمَامَ تَقَدُّمِكَ. فَلَا تَسْمَحْ لِلنَّدَمِ بِأَنْ يَشُلَّكَ، بَلْ رَكِّزْ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ فِي حَاضِرِكَ وَمُسْتَقْبَلِكَ. اِسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹بَعْدَ سَنَوَاتٍ، هَلْ أَنْدَمُ عَلَى ٱلْقَرَارَاتِ ٱلَّتِي أَتَّخِذُهَا ٱلْآنَ؟ هَلْ أَتَمَنَّى لَوْ أَنَّنِي فَعَلْتُ ٱلْأُمُورَ بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ؟ هَلْ أَخْدُمُ ٱللّٰهَ ٱلْيَوْمَ بِأَمَانَةٍ بِحَيْثُ لَا أَنْدَمُ عَلَى شَيْءٍ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ؟›.
١٤ وَبِمَا أَنَّ ٱلضِّيقَ ٱلْعَظِيمَ عَلَى ٱلْأَبْوَابِ، فَمِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ تَسْأَلَ نَفْسَكَ: ‹هَلْ فِي وِسْعِي أَنْ أُنْجِزَ أَكْثَرَ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ؟ لِمَ لَا أَنْخَرِطُ فِي ٱلْفَتْحِ؟ مَا ٱلَّذِي يَمْنَعُنِي مِنَ ٱلْخِدْمَةِ كَخَادِمٍ مُسَاعِدٍ؟ هَلْ أَسْعَى بِكُلِّ طَاقَتِي لِأَلْبَسَ ٱلشَّخْصِيَّةَ ٱلْجَدِيدَةَ؟ هَلْ أَنَا شَخْصٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُدْخِلَهُ يَهْوَهُ إِلَى عَالَمِهِ ٱلْجَدِيدِ؟›. فَعِوَضَ أَنْ تَقْلَقَ بِشَأْنِ مَا لَمْ تَقُمْ بِهِ فِي ٱلْمَاضِي، فَكِّرْ فِي مَا تَفْعَلُهُ ٱلْيَوْمَ وَٱحْرِصْ أَنْ تَبْذُلَ كُلَّ مَا فِي وِسْعِكَ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ. وَٱتَّخِذْ قَرَارَاتِكَ بِحَيْثُ لَا تَنْدَمُ عَلَيْهَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. — ٢ تي ٢:١٥.
لَا تَنْدَمْ عَلَى تَضْحِيَاتِكَ فِي سَبِيلِ خِدْمَةِ يَهْوَهَ
١٥، ١٦ (أ) أَيَّةُ تَضْحِيَاتٍ قَامَ بِهَا كَثِيرُونَ لِوَضْعِ خِدْمَةِ ٱللّٰهِ أَوَّلًا فِي حَيَاتِهِمْ؟ (ب) لِمَاذَا لَا يَجِبُ أَنْ نَنْدَمَ عَلَى أَيِّ تَضْحِيَةٍ قُمْنَا بِهَا لِنَخْدُمَ يَهْوَهَ؟
١٥ مَاذَا لَوْ أَنَّكَ صَنَعْتَ تَضْحِيَاتٍ لِتَخْدُمَ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ؟ فَلَرُبَّمَا تَخَلَّيْتَ عَنْ مِهْنَةٍ وَاعِدَةٍ أَوْ عَمَلٍ مُرْبِحٍ لِتُبَسِّطَ حَيَاتَكَ وَتُخَصِّصَ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْوَقْتِ لِعَمَلِ ٱلْمَلَكُوتِ. أَوْ لَرُبَّمَا ٱخْتَرْتَ ٱلْبَقَاءَ عَازِبًا كَيْ تَخْدُمَ يَهْوَهَ بِشَكْلٍ أَكْمَلَ. أَوْ لَعَلَّكَ قَرَّرْتَ أَنْتَ وَرَفِيقُ زَوَاجِكَ عَدَمَ إِنْجَابِ ٱلْأَوْلَادِ كَيْ تَتَمَكَّنَ مِنَ ٱلْخِدْمَةِ فِي بَيْتَ إِيلَ، ٱلِٱشْتِرَاكِ فِي عَمَلِ ٱلْبِنَاءِ ٱلْعَالَمِيِّ، ٱلِٱلْتِحَاقِ بِٱلْعَمَلِ ٱلدَّائِرِيِّ أَوِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ. فَلَا يُسَاوِرْكَ أَبَدًا ٱلنَّدَمُ عَلَى قَرَارِكَ فِيمَا تَتَقَدَّمُ بِكَ ٱلسِّنُونُ. وَلَا تَشْعُرْ مُطْلَقًا أَنَّ تَضْحِيَاتِكَ لَمْ تَكُنْ ضَرُورِيَّةً أَوْ أَنَّكَ قُمْتَ بِهَا فِي وَقْتٍ غَيْرِ مُنَاسِبٍ.
١٦ فَأَنْتَ ٱتَّخَذْتَ قَرَارَاتِكَ هٰذِهِ بِدَافِعِ مَحَبَّتِكَ ٱلْعَمِيقَةِ لِيَهْوَهَ وَتَوْقِكَ إِلَى مُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ عَلَى خِدْمَتِهِ. لَا تَظُنَّ أَنَّ حَيَاتَكَ كَانَتْ سَتَكُونُ أَفْضَلَ لَوِ ٱخْتَرْتَ طَرِيقًا مُخْتَلِفًا. بَلِ ٱفْرَحْ بِٱلْقَرَارَاتِ ٱلَّتِي صَنَعْتَهَا. فَأَنْتَ ٱخْتَرْتَ أَفْضَلَ طَرِيقَةٍ لِتَخْدُمَ يَهْوَهَ حَسْبَمَا تَسْمَحُ لَكَ ظُرُوفُكَ. وَيَهْوَهُ لَنْ يَنْسَى تَضْحِيَاتِكَ. فَفِي ٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ ٱلْقَادِمَةِ، سَيُغْدِقُ عَلَيْكَ بَرَكَاتٍ جَزِيلَةً لَا تَخْطُرُ عَلَى ٱلْبَالِ. — مز ١٤٥:١٦؛ ١ تي ٦:١٩.
كَيْفَ نَخْدُمُ يَهْوَهَ دُونَ أَنْ يُعِيقَنَا ٱلنَّدَمُ
١٧، ١٨ (أ) مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ كَيْ لَا يَشْعُرَ بِمَزِيدٍ مِنَ ٱلنَّدَمِ؟ (ب) كَيْفَ سَتَقْتَدُونَ بِبُولُسَ؟
١٧ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ كَيْ لَا يَشْعُرَ بِٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلنَّدَمِ لَاحِقًا فِي حَيَاتِهِ؟ لَقَدْ كَفَّ عَنِ ٱلْقَلَقِ بِشَأْنِ مَاضِيهِ وَعَمِلَ جَاهِدًا لِيَنَالَ مُكَافَأَتَهُ. (اِقْرَأْ فيلبي ٣:١٣، ١٤.) فَهُوَ لَمْ يَغْرَقْ فِي ٱلتَّفْكِيرِ فِي مَسْلَكِهِ ٱلْخَاطِئِ ٱلَّذِي ٱتَّبَعَهُ فِي ٱلدِّيَانَةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ، بَلْ سَعَى بِكُلِّ طَاقَتِهِ لِيَبْقَى أَمِينًا كَيْ يَنَالَ جَائِزَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ.
١٨ وَيُمْكِنُنَا جَمِيعًا ٱلِٱقْتِدَاءُ بِبُولُسَ. فَعِوَضَ أَنْ نَتَحَسَّرَ عَلَى ٱلْمَاضِي، عَلَى مَا يَتَعَذَّرُ إِصْلَاحُهُ، عَلَيْنَا أَنْ نَمْتَدَّ إِلَى مَا هُوَ أَمَامُ. صَحِيحٌ أَنَّنَا لَنْ نَسْتَطِيعَ أَنْ نَنْسَى أَخْطَاءَنَا كُلِّيًّا، لٰكِنْ يَجِبُ أَلَّا نَدَعَ ضَمِيرَنَا يُؤَنِّبُنَا عَلَيْهَا دَوْمًا. فَلْنَطْوِ صَفْحَةَ ٱلْمَاضِي، نَسْعَ لِخِدْمَةِ يَهْوَهَ بِكُلِّ مَا أُوتِينَا مِنْ قُوَّةٍ، وَنُرَكِّزْ تَفْكِيرَنَا عَلَى ٱلْمُسْتَقْبَلِ ٱلْمَجِيدِ ٱلَّذِي يَكْمُنُ أَمَامَنَا.