هَلْ تَعْرِفُ يَهْوَهَ مِثْلَ نُوحٍ وَدَانِيَالَ وَأَيُّوبَ؟
«أَهْلُ ٱلسُّوءِ لَا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَفْهَمُوا ٱلْعَدْلَ، وَطَالِبُو يَهْوَهَ قَادِرُونَ عَلَى فَهْمِ كُلِّ شَيْءٍ». — ام ٢٨:٥.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٤٣، ١٣٣
١-٣ (أ) كَيْفَ نَبْقَى أَوْلِيَاءَ لِلّٰهِ خِلَالَ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ؟ (ب) مَاذَا تُنَاقِشُ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ؟
فِيمَا نَقْتَرِبُ مِنْ نِهَايَةِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ، «يُفْرِخُ ٱلْأَشْرَارُ كَٱلنَّبْتِ». (مز ٩٢:٧) فَلَا نَسْتَغْرِبُ أَنْ نَرَى كَثِيرِينَ يَتَجَاهَلُونَ مَبَادِئَ ٱللّٰهِ. لٰكِنَّ بُولُسَ أَوْصَانَا أَنْ نَكُونَ «أَطْفَالًا مِنْ جِهَةِ ٱلسُّوءِ»، وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ ‹مُكْتَمِلِي ٱلنُّمُوِّ فِي ٱلْفَهْمِ›. (١ كو ١٤:٢٠) فَكَيْفَ نُطَبِّقُ مَشُورَتَهُ؟
٢ نَجِدُ ٱلْجَوَابَ فِي آيَتِنَا ٱلرَّئِيسِيَّةِ: «طَالِبُو يَهْوَهَ قَادِرُونَ عَلَى فَهْمِ كُلِّ شَيْءٍ»، أَيْ كُلِّ مَا يَلْزَمُ لِإِرْضَائِهِ. (ام ٢٨:٥) وَتُعَبِّرُ ٱلْأَمْثَال ٢:٧، ٩ عَنْ فِكْرَةٍ مُمَاثِلَةٍ. فَهِيَ تَقُولُ إِنَّ يَهْوَهَ «عِنْدَهُ كَنْزُ ٱلْحِكْمَةِ ٱلْعَمَلِيَّةِ لِلْمُسْتَقِيمِينَ». لِذٰلِكَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَفْهَمُوا «ٱلْبِرَّ وَٱلْعَدْلَ وَٱلِٱسْتِقَامَةَ، كُلَّ سَبِيلٍ صَالِحٍ».
٣ فِي ٱلْمَاضِي، تَحَلَّى نُوحٌ وَدَانِيَالُ وَأَيُّوبُ بِٱلْحِكْمَةِ ٱلَّتِي مِنْ يَهْوَهَ. (حز ١٤:١٤) وَيَصِحُّ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ. وَلٰكِنْ مَاذَا عَنَّا إِفْرَادِيًّا؟ هَلْ ‹نَفْهَمُ كُلَّ شَيْءٍ› ضَرُورِيٍّ لِإِرْضَاءِ ٱللّٰهِ؟ إِنَّ مَعْرِفَتَهُ مَعْرِفَةً دَقِيقَةً هِيَ ٱلْمِفْتَاحُ. لِذَا سَنُنَاقِشُ ثَلَاثَةَ أَسْئِلَةٍ: (١) كَيْفَ تَعَرَّفَ نُوحٌ وَدَانِيَالُ وَأَيُّوبُ إِلَى يَهْوَهَ؟ (٢) كَيْفَ ٱسْتَفَادُوا مِنْ مَعْرِفَتِهِ؟ وَ (٣) كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِهِمْ؟
نُوحٌ سَارَ مَعَ ٱللّٰهِ فِي عَالَمٍ شِرِّيرٍ
٤ كَيْفَ تَعَرَّفَ نُوحٌ إِلَى يَهْوَهَ، وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟
٤ كَيْفَ تَعَرَّفَ نُوحٌ إِلَى يَهْوَهَ؟ عَلَى مَرِّ ٱلتَّارِيخِ، تَعَلَّمَ ٱلْبَشَرُ عَنِ ٱللّٰهِ بِثَلَاثِ طَرَائِقَ رَئِيسِيَّةٍ: اَلتَّأَمُّلِ فِي ٱلْخَلِيقَةِ، ٱلِٱسْتِمَاعِ إِلَى خُدَّامِ يَهْوَهَ ٱلْأُمَنَاءِ، وَٱخْتِبَارِ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي تَنْتِجُ عَنْ إِطَاعَتِهِ. (اش ٤٨:١٨) وَفِي ٱلْخَلِيقَةِ، تَوَفَّرَتْ لِنُوحٍ أَدِلَّةٌ كَثِيرَةٌ أَكَّدَتْ وُجُودَ ٱللّٰهِ وَكَشَفَتْ صِفَاتِهِ. وَهٰكَذَا رَأَى بِعَيْنِهِ قُدْرَةَ يَهْوَهَ وَأَدْرَكَ أَنَّهُ ٱلْإِلٰهُ ٱلْحَقُّ ٱلْوَحِيدُ. (رو ١:٢٠) نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، نَمَّى هٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْبَارُّ إِيمَانًا قَوِيًّا بِٱللّٰهِ.
٥ كَيْفَ تَعَلَّمَ نُوحٌ عَنْ قَصْدِ ٱللّٰهِ لِلْبَشَرِ؟
٥ كَمَا أَنَّ «ٱلْإِيمَانَ يَلِي ٱلسَّمَاعَ». (رو ١٠:١٧) وَلَا شَكَّ أَنَّ نُوحًا سَمِعَ عَنْ يَهْوَهَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ. وَأَحَدُهُمْ هُوَ أَبُوهُ لَامِكُ ٱلَّذِي آمَنَ بِٱللّٰهِ وَعَاصَرَ آدَمَ. (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.) وَكَانَ هُنَاكَ أَيْضًا جَدُّهُ مَتُوشَالَحُ، وَجَدُّ جَدِّهِ يَارِدُ ٱلَّذِي مَاتَ حِينَ كَانَ عُمْرُ نُوحٍ ٣٦٦ سَنَةً.a (لو ٣:٣٦، ٣٧) فَرُبَّمَا أَخْبَرَهُ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ وَزَوْجَاتُهُمْ أَنَّ يَهْوَهَ خَلَقَ ٱلْبَشَرَ، وَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْثُرُوا وَيَمْلَأُوا ٱلْأَرْضَ وَيَخْدُمُوهُ. وَرُبَّمَا أَخْبَرُوهُ أَيْضًا عَنِ ٱلتَّمَرُّدِ فِي عَدْنٍ ٱلَّذِي رَأَى عَوَاقِبَهُ بِأُمِّ عَيْنِهِ. (تك ١:٢٨؛ ٣:١٦-١٩، ٢٤) عَلَى أَيِّ حَالٍ، أَحَبَّ نُوحٌ مَا تَعَلَّمَهُ وَٱنْدَفَعَ أَنْ يَخْدُمَ ٱللّٰهَ. — تك ٦:٩.
٦، ٧ كَيْفَ قَوَّى ٱلرَّجَاءُ إِيمَانَ نُوحٍ؟
٦ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، يَقْوَى ٱلْإِيمَانُ بِوَاسِطَةِ ٱلرَّجَاءِ. تَخَيَّلْ كَيْفَ شَعَرَ نُوحٌ حِينَ عَرَفَ أَنَّ ٱسْمَهُ، ٱلَّذِي يَعْنِي عَلَى ٱلْأَرْجَحِ «رَاحَةً» أَوْ «تَعْزِيَةً»، حَمَلَ مَعَهُ ٱلْأَمَلَ وَٱلرَّجَاءَ. (تك ٥:٢٩) فَقَدْ أَوْحَى يَهْوَهُ إِلَى لَامِكَ أَنْ يَقُولَ عَنْ نُوحٍ: «هٰذَا يُعَزِّينَا عَنْ . . . مَشَقَّةِ أَيْدِينَا مِنَ ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي لَعَنَهَا يَهْوَهُ». لِذَا رَجَا نُوحٌ أَنْ يُحَسِّنَ ٱللّٰهُ ٱلْأَحْوَالَ. كَمَا أَنَّهُ، مِثْلَ هَابِيلَ وَأَخْنُوخَ، آمَنَ ‹بِٱلنَّسْلِ› ٱلَّذِي سَيَسْحَقُ رَأْسَ ٱلْحَيَّةِ. — تك ٣:١٥.
٧ صَحِيحٌ أَنَّ نُوحًا لَمْ يَفْهَمْ تَفَاصِيلَ ٱلْوَعْدِ فِي ٱلتَّكْوِين ٣:١٥، وَلٰكِنْ لَا بُدَّ أَنَّهُ رَجَا ٱلْخَلَاصَ عَلَى أَسَاسِهِ. وَقَدْ نَادَى أَخْنُوخُ بِرِسَالَةٍ مُمَاثِلَةٍ، قَائِلًا إِنَّ ٱللّٰهَ سَيُهْلِكُ ٱلْأَشْرَارَ. (يه ١٤، ١٥) وَلَا شَكَّ أَنَّ رِسَالَتَهُ أَيْضًا قَوَّتْ رَجَاءَ نُوحٍ وَإِيمَانَهُ. وَهِيَ سَتَتِمُّ كَامِلًا فِي هَرْمَجِدُّونَ.
٨ كَيْفَ حَمَتِ ٱلْمَعْرِفَةُ ٱلدَّقِيقَةُ نُوحًا؟
٨ كَيْفَ ٱسْتَفَادَ نُوحٌ مِنْ مَعْرِفَةِ ٱللّٰهِ؟ بِمَا أَنَّ نُوحًا عَرَفَ ٱللّٰهَ مَعْرِفَةً دَقِيقَةً، تَحَلَّى بِٱلْإِيمَانِ وَٱلْحِكْمَةِ. وَهٰذَا حَمَاهُ مِنَ ٱلْأَذَى، خُصُوصًا ٱلْأَذَى ٱلرُّوحِيَّ. فَلِأَنَّهُ «سَارَ مَعَ ٱللّٰهِ»، لَمْ يُرَافِقِ ٱلْأَشْرَارَ. كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَنْخَدِعْ بِٱلْمَلَائِكَةِ ٱلَّذِينَ تَجَسَّدُوا. أَمَّا ٱلنَّاسُ فَٱنْبَهَرُوا بِمَقْدِرَاتِهِمِ ٱلْخَارِقَةِ، وَرُبَّمَا عَبَدُوهُمْ أَيْضًا. (تك ٦:١-٤، ٩) إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، عَرَفَ نُوحٌ أَنَّ ٱللّٰهَ أَوْصَى ٱلْبَشَرَ أَنْ يَكْثُرُوا وَيَمْلَأُوا ٱلْأَرْضَ. (تك ١:٢٧، ٢٨) فَأَدْرَكَ أَنَّ ٱلْعَلَاقَاتِ ٱلْجِنْسِيَّةَ بَيْنَ ٱلنِّسَاءِ وَهٰؤُلَاءِ ٱلْمَلَائِكَةِ خَاطِئَةٌ وَغَيْرُ طَبِيعِيَّةٍ. وَلَا بُدَّ أَنَّهُ تَأَكَّدَ مِنْ ذٰلِكَ حِينَ نَمَا أَوْلَادُهُمْ حَتَّى أَصْبَحُوا عَمَالِقَةً. وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، حَذَّرَ ٱللّٰهُ نُوحًا أَنَّهُ سَيَجْلُبُ طُوفَانًا. فَدَفَعَهُ إِيمَانُهُ أَنْ يَبْنِيَ ٱلْفُلْكَ. وَهٰكَذَا خَلَّصَ أَهْلَ بَيْتِهِ. — عب ١١:٧.
٩، ١٠ كَيْفَ تَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ نُوحٍ؟
٩ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ نُوحٍ؟ مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ نَدْرُسَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ بِٱجْتِهَادٍ، نُقَدِّرَهَا، نَتْبَعَ إِرْشَادَهَا، وَنُجْرِيَ ٱلتَّغْيِيرَاتِ ٱللَّازِمَةَ. (١ بط ١:١٣-١٥) وَعِنْدَئِذٍ سَيَحْمِينَا ٱلْإِيمَانُ وَٱلْحِكْمَةُ مِنْ مُخَطَّطَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَتَأْثِيرِ عَالَمِهِ. (٢ كو ٢:١١) فَكَثِيرُونَ فِي ٱلْعَالَمِ يُحِبُّونَ ٱلْعُنْفَ وَٱلْفَسَادَ ٱلْجِنْسِيَّ، وَيَتْبَعُونَ شَهَوَاتِهِمِ ٱلْخَاطِئَةَ. (١ يو ٢:١٥، ١٦) كَمَا أَنَّ ٱلنَّاسَ يَتَجَاهَلُونَ أَنَّ نِهَايَةَ هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ قَرِيبَةٌ. لِذَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ إِيمَانُنَا قَوِيًّا لِكَيْلَا نَتَأَثَّرَ بِهِمْ. فَعِنْدَمَا شَبَّهَ يَسُوعُ أَيَّامَنَا بِأَيَّامِ نُوحٍ، لَمْ يُحَذِّرْ مِنَ ٱلْعُنْفِ أَوِ ٱلْفَسَادِ، بَلْ مِنَ ٱلتَّلَهِّي عَنْ خِدْمَةِ ٱللّٰهِ. — اقرأ متى ٢٤:٣٦-٣٩.
١٠ لِذٰلِكَ ٱسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹هَلْ تُظْهِرُ حَيَاتِي أَنِّي أَعْرِفُ يَهْوَهَ فِعْلًا؟ وَهَلْ يَدْفَعُنِي إِيمَانِي أَنْ أَتْبَعَ مَبَادِئَهُ وَأُعَلِّمَهَا لِلْآخَرِينَ؟›. سَيُسَاعِدُكَ ٱلتَّأَمُّلُ فِي هٰذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ أَنْ تَتَمَثَّلَ بِنُوحٍ وَ ‹تَسِيرَ مَعَ ٱللّٰهِ›.
دَانِيَالُ أَعْرَبَ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ فِي مَدِينَةٍ وَثَنِيَّةٍ
١١ (أ) مَاذَا تَكْشِفُ مَحَبَّةُ دَانِيَالَ لِلّٰهِ عَنْ تَرْبِيَتِهِ؟ (ب) أَيَّةُ صِفَاتٍ تَحَلَّى بِهَا دَانِيَالُ تَرْغَبُ أَنْ تُنَمِّيَهَا؟
١١ كَيْفَ تَعَرَّفَ دَانِيَالُ إِلَى يَهْوَهَ؟ لَا شَكَّ أَنَّ وَالِدَيْ دَانِيَالَ رَبَّيَاهُ تَرْبِيَةً حَسَنَةً، وَعَلَّمَاهُ أَنْ يُحِبَّ يَهْوَهَ وَكَلِمَتَهُ. وَمَحَبَّتُهُ هٰذِهِ رَافَقَتْهُ طَوَالَ حَيَاتِهِ. فَظَلَّ يَدْرُسُ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ بِٱجْتِهَادٍ، حَتَّى بَعْدَمَا كَبِرَ فِي ٱلْعُمْرِ. (دا ٩:١، ٢) وَهٰكَذَا عَرَفَ دَانِيَالُ ٱلْكَثِيرَ عَنِ ٱللّٰهِ وَعَمَّا فَعَلَهُ مِنْ أَجْلِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. وَهٰذَا وَاضِحٌ مِنْ صَلَاتِهِ ٱلْمُسَجَّلَةِ فِي دَانِيَال ٩:٣-١٩، وَٱلَّتِي تَعْكِسُ صِدْقَهُ وَتَوَاضُعَهُ. فَلِمَ لَا تَقْرَأُ هٰذِهِ ٱلصَّلَاةَ، تَتَأَمَّلُ فِيهَا، وَتُلَاحِظُ مَا تَكْشِفُهُ عَنْ شَخْصِيَّةِ دَانِيَالَ؟
١٢-١٤ (أ) كَيْفَ أَعْرَبَ دَانِيَالُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ؟ (ب) كَيْفَ بَارَكَ ٱللّٰهُ دَانِيَالَ عَلَى شَجَاعَتِهِ وَوَلَائِهِ؟
١٢ كَيْفَ ٱسْتَفَادَ دَانِيَالُ مِنْ مَعْرِفَةِ ٱللّٰهِ؟ شَكَّلَتِ ٱلْحَيَاةُ فِي بَابِلَ ٱلْوَثَنِيَّةِ تَحَدِّيًا لِدَانِيَالَ وَبَاقِي ٱلْيَهُودِ ٱلْأُمَنَاءِ. مَثَلًا، أَوْصَاهُمْ يَهْوَهُ: «اُطْلُبُوا سَلَامَ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي سَبَيْتُكُمْ إِلَيْهَا». (ار ٢٩:٧) لٰكِنَّهُ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ، طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِمْ. (خر ٣٤:١٤) فَكَيْفَ ٱسْتَطَاعَ دَانِيَالُ أَنْ يُوَفِّقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ ٱلْوَصِيَّتَيْنِ؟ سَاعَدَتْهُ ٱلْحِكْمَةُ أَنْ يَفْهَمَ مَبْدَأَ ٱلْخُضُوعِ ٱلنِّسْبِيِّ لِلْحُكَّامِ ٱلْبَشَرِ. وَبَعْدَ مِئَاتِ ٱلسِّنِينَ، عَلَّمَ يَسُوعُ ٱلْمَبْدَأَ نَفْسَهُ. — لو ٢٠:٢٥.
١٣ فَكِّرْ مَثَلًا فِي مَا فَعَلَهُ دَانِيَالُ حِينَ صَدَرَ قَانُونٌ يَمْنَعُ ٱلصَّلَاةَ طِيلَةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا إِلَى أَيِّ إِلٰهٍ أَوْ إِنْسَانٍ، إِلَّا إِلَى ٱلْمَلِكِ. (اقرأ دانيال ٦:٧-١٠.) فَهُوَ لَمْ يَقُلْ: ‹اَلْقَانُونُ يَمْنَعُ ٱلصَّلَاةَ فَتْرَةً قَصِيرَةً فَقَطْ›. بَلْ رَفَضَ أَنْ يُطِيعَ ٱلْأَمْرَ ٱلْمَلَكِيَّ عَلَى حِسَابِ عِبَادَةِ ٱللّٰهِ. كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِي ٱلسِّرِّ. فَقَدْ عَرَفَ أَنَّ ٱلنَّاسَ ٱعْتَادُوا عَلَى رُؤْيَتِهِ يُصَلِّي يَوْمِيًّا، فَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُعْطِيَ ٱلِٱنْطِبَاعَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَنْ عِبَادَتِهِ، حَتَّى لَوْ تَعَرَّضَتْ حَيَاتُهُ لِلْخَطَرِ.
١٤ وَقَدْ بَارَكَ يَهْوَهُ دَانِيَالَ عَلَى شَجَاعَتِهِ وَوَلَائِهِ. فَحَمَاهُ بِأُعْجُوبَةٍ مِنْ مِيتَةٍ وَحْشِيَّةٍ، مِمَّا أَدَّى إِلَى شَهَادَةٍ عَظِيمَةٍ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ إِمْبَرَاطُورِيَّةِ مَادِي وَفَارِسَ. — دا ٦:٢٥-٢٧.
١٥ كَيْفَ نُنَمِّي إِيمَانًا كَإِيمَانِ دَانِيَالَ؟
١٥ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ دَانِيَالَ؟ لِكَيْ نُنَمِّيَ إِيمَانًا قَوِيًّا، لَا يَكْفِي أَنْ نَقْرَأَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ. بَلْ يَلْزَمُ أَنْ نَتَأَمَّلَ فِيهَا ‹لِنَفْهَمَهَا›. (مت ١٣:٢٣) وَهٰكَذَا نَعْرِفُ رَأْيَ يَهْوَهَ فِي مُخْتَلِفِ ٱلْمَسَائِلِ. إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ نُصَلِّيَ بِٱنْتِظَامٍ وَمِنَ ٱلْقَلْبِ، خُصُوصًا حِينَ نُوَاجِهُ ٱلْمَصَاعِبَ. وَيَهْوَهُ لَنْ يَبْخَلَ عَلَيْنَا بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْقُوَّةِ حِينَ نَطْلُبُهُمَا مِنْهُ. — يع ١:٥.
أَيُّوبُ ٱتَّبَعَ ٱلْمَبَادِئَ ٱلْإِلٰهِيَّةَ فِي كُلِّ ٱلظُّرُوفِ
١٦، ١٧ كَيْفَ ٱكْتَسَبَ أَيُّوبُ مَعْرِفَةً دَقِيقَةً عَنِ ٱللّٰهِ؟
١٦ كَيْفَ تَعَرَّفَ أَيُّوبُ إِلَى يَهْوَهَ؟ لَمْ يَكُنْ أَيُّوبُ إِسْرَائِيلِيًّا. وَلٰكِنْ رَبَطَتْهُ قَرَابَةٌ بَعِيدَةٌ بِإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ٱلَّذِينَ كَشَفَ لَهُمْ يَهْوَهُ تَفَاصِيلَ عَنْ هُوِيَّتِهِ وَقَصْدِهِ. وَبِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى، وَصَلَ ٱلْعَدِيدُ مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلثَّمِينَةِ إِلَى أَيُّوبَ. (اي ٢٣:١٢) فَقَدْ قَالَ: «سَمِعْتُ عَنْ [يَهْوَهَ] سَمَاعَ ٱلْأُذُنِ». (اي ٤٢:٥) وَيَهْوَهُ نَفْسُهُ أَكَّدَ أَنَّ أَيُّوبَ تَكَلَّمَ بِٱلْحَقِّ عَنْهُ. — اي ٤٢:٧، ٨.
حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي ٱلْخَلِيقَةِ، نَتَعَلَّمُ عَنْ صِفَاتِ يَهْوَهَ وَيَقْوَى إِيمَانُنَا (اُنْظُرِ ٱلْفِقْرَةَ ١٧.)
١٧ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ، تَعَلَّمَ أَيُّوبُ عَنْ صِفَاتِ يَهْوَهَ مِنَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي ٱلْخَلِيقَةِ. (اي ١٢:٧-٩، ١٣) وَبِوَاسِطَةِ ٱلْخَلِيقَةِ أَيْضًا، ذَكَّرَهُ أَلِيهُو وَيَهْوَهُ كَمِ ٱلْإِنْسَانُ صَغِيرٌ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ ٱلْخَالِقِ. (اي ٣٧:١٤؛ ٣٨:١-٤) وَقَدْ مَسَّتْ كَلِمَاتُ يَهْوَهَ قَلْبَهُ. فَأَجَابَ بِتَوَاضُعٍ: «قَدْ عَرَفْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَلَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْكَ رَأْيٌ. لِذٰلِكَ أَتَرَاجَعُ، وَأَتُوبُ فِي ٱلتُّرَابِ وَٱلرَّمَادِ». — اي ٤٢:٢، ٦.
١٨، ١٩ كَيْفَ أَظْهَرَ أَيُّوبُ أَنَّهُ يَعْرِفُ يَهْوَهَ مَعْرِفَةً دَقِيقَةً؟
١٨ كَيْفَ ٱسْتَفَادَ أَيُّوبُ مِنْ مَعْرِفَةِ ٱللّٰهِ؟ فَهِمَ أَيُّوبُ ٱلْمَبَادِئَ ٱلْإِلٰهِيَّةَ جَيِّدًا. وَلِأَنَّهُ عَرَفَ يَهْوَهَ مَعْرِفَةً دَقِيقَةً، عَاشَ بِطَرِيقَةٍ تُرْضِيهِ. فَقَدْ أَدْرَكَ أَنَّهُ إِذَا أَحَبَّ ٱللّٰهَ، فَلَنْ يُعَامِلَ ٱلْآخَرِينَ بِقَسْوَةٍ. (اي ٦:١٤) كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَتَكَبَّرْ عَلَى غَيْرِهِ، بَلِ ٱهْتَمَّ بِقَرِيبِهِ ٱلْإِنْسَانِ، سَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا. قَالَ: «أَلَيْسَ ٱلَّذِي صَنَعَنِي فِي ٱلْبَطْنِ صَنَعَهُ؟». (اي ٣١:١٣-٢٢) مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ أَيُّوبَ لَمْ يَعْتَبِرْ نَفْسَهُ أَفْضَلَ مِنَ ٱلْآخَرِينَ بِسَبَبِ مَكَانَتِهِ وَثَرْوَتِهِ. فَكَمْ يَخْتَلِفُ عَنْ كَثِيرِينَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسُّلْطَةِ وَٱلثَّرْوَةِ ٱلْيَوْمَ!
١٩ زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّ أَيُّوبَ رَفَضَ كُلِّيًّا ٱلْعِبَادَةَ ٱلْبَاطِلَةَ، بِمَا فِيهَا ٱلتَّعَلُّقُ بِٱلْمُمْتَلَكَاتِ. فَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُ ‹يُنْكِرُ ٱللّٰهَ مِنْ فَوْقُ› إِذَا تَعَبَّدَ لِإِلٰهٍ آخَرَ، حَتَّى فِي قَلْبِهِ. (اقرأ ايوب ٣١:٢٤-٢٨.) كَمَا أَنَّهُ ٱعْتَبَرَ ٱلزَّوَاجَ ٱتِّحَادًا مُقَدَّسًا بَيْنَ رَجُلٍ وَٱمْرَأَةٍ، لِدَرَجَةِ أَنَّهُ قَطَعَ عَهْدًا مَعَ عَيْنَيْهِ أَلَّا يَنْظُرَ بِشَهْوَانِيَّةٍ إِلَى عَذْرَاءَ. (اي ٣١:١) وَمَعَ أَنَّهُ عَاشَ فِي وَقْتٍ سَمَحَ فِيهِ ٱللّٰهُ بِتَعَدُّدِ ٱلزَّوْجَاتِ، لَمْ يَتَّخِذْ زَوْجَةً ثَانِيَةً. فَكَمَا يَبْدُو، ٱتَّبَعَ أَيُّوبُ ٱلنَّمُوذَجَ ٱلَّذِي وَضَعَهُ ٱللّٰهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ.b (تك ٢:١٨، ٢٤) وَبَعْدَ نَحْوِ ٦٠٠,١ سَنَةٍ، عَلَّمَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْمَبْدَأَ نَفْسَهُ بِخُصُوصِ ٱلزَّوَاجِ وَٱلْجِنْسِ. — مت ٥:٢٨؛ ١٩:٤، ٥.
٢٠ كَيْفَ تُسَاعِدُنَا مَعْرِفَتُنَا لِيَهْوَهَ وَمَقَايِيسِهِ عِنْدَ ٱخْتِيَارِ ٱلْأَصْدِقَاءِ وَٱلتَّسْلِيَةِ؟
٢٠ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ أَيُّوبَ؟ نَحْتَاجُ أَنْ نَعْرِفَ يَهْوَهَ مَعْرِفَةً دَقِيقَةً، وَأَنْ نَعِيشَ بِحَسَبِ هٰذِهِ ٱلْمَعْرِفَةِ. مَثَلًا، ذَكَرَ كَاتِبُ ٱلْمَزْمُورِ دَاوُدُ أَنَّ يَهْوَهَ يَكْرَهُ «مُحِبَّ ٱلْعُنْفِ»، وَحَذَّرَ مِنْ مُعَاشَرَةِ «ٱلْمُنَافِقِينَ». (اقرإ المزمور ١١:٥؛ ٢٦:٤.) فَمَاذَا تَكْشِفُ لَنَا هَاتَانِ ٱلْآيَتَانِ عَنْ فِكْرِ ٱللّٰهِ؟ وَكَيْفَ يُؤَثِّرُ ذٰلِكَ عَلَى أَوْلَوِيَّاتِنَا، ٱسْتِخْدَامِنَا لِلْإِنْتِرْنِت، وَٱخْتِيَارِنَا لِلْأَصْدِقَاءِ وَٱلتَّسْلِيَةِ؟ يُسَاعِدُنَا هٰذَانِ ٱلسُّؤَالَانِ أَنْ نُقَيِّمَ مَعْرِفَتَنَا لِيَهْوَهَ. فَنَحْنُ لَا نُرِيدُ أَنْ نَتَأَثَّرَ بِهٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ، إِنَّمَا نُرِيدُ أَنْ نُدَرِّبَ ‹قُوَى إِدْرَاكِنَا›. وَهٰكَذَا لَا نُمَيِّزُ «بَيْنَ ٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ» فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بَيْنَ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْحَمَاقَةِ. — عب ٥:١٤؛ اف ٥:١٥.
٢١ كَيْفَ نَفْهَمُ «كُلَّ شَيْءٍ» لَازِمٍ لِإِرْضَاءِ أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ؟
٢١ لَقَدْ بَذَلَ نُوحٌ وَدَانِيَالُ وَأَيُّوبُ جُهْدَهُمْ لِيَعْرِفُوا يَهْوَهَ، فَسَاعَدَهُمْ «عَلَى فَهْمِ كُلِّ شَيْءٍ» لَازِمٍ لِإِرْضَائِهِ. وَهٰكَذَا عَاشُوا حَيَاةً نَاجِحَةً، وَرَسَمُوا ٱلْمِثَالَ لَنَا. (مز ١:١-٣) فَهَلْ تَعْرِفُ يَهْوَهَ مِثْلَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ ٱلْأُمَنَاءِ؟ بِفَضْلِ ٱلنُّورِ ٱلرُّوحِيِّ ٱلْمُتَزَايِدِ، يُمْكِنُكَ أَنْ تَعْرِفَهُ أَكْثَرَ مِمَّا عَرَفُوهُ هُمْ. (ام ٤:١٨) فَٱجْتَهِدْ فِي دَرْسِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ، تَأَمَّلْ فِيهَا، وَصَلِّ طَلَبًا لِلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. وَعِنْدَئِذٍ تَقْتَرِبُ أَكْثَرَ إِلَى أَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ، وَتَتَصَرَّفُ بِحِكْمَةٍ وَفَهْمٍ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ. — ام ٢:٤-٧.
a أَخْنُوخُ، أَبُو جَدِّ نُوحٍ، «سَارَ . . . مَعَ ٱللّٰهِ» هُوَ ٱلْآخَرُ. لٰكِنَّ «ٱللّٰهَ أَخَذَهُ» قَبْلَ وِلَادَةِ نُوحٍ بِحَوَالَيْ ٧٠ عَامًا. — تك ٥:٢٣، ٢٤.