قِصَّةُ حَيَاةٍ
عِنْدَ يَهْوَهَ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ
«لَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَوْتٌ، حَتَّى ٱلَّذِينَ مَاتُوا سَيَقُومُونَ». سَمِعَتْ زَوْجَتِي مَايْرَامْبُوبُو وَهِيَ فِي ٱلْبَاصِ ٱمْرَأَةً تَقُولُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، فَأَحَبَّتْ أَنْ تَعْرِفَ أَكْثَرَ. وَمَا إِنْ تَوَقَّفَ ٱلْبَاصُ وَنَزَلَ ٱلرُّكَّابُ حَتَّى لَحِقَتْ بِهَا. وَكَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ شَاهِدَةً لِيَهْوَهَ ٱسْمُهَا أَبُون مَامْبِتْسَادِيكُوفَا. وَمَعَ أَنَّ ٱلتَّكَلُّمَ مَعَ ٱلشُّهُودِ آنَذَاكَ كَانَ خَطِرًا، تَعَلَّمْنَا مِنْ أَبُون أُمُورًا غَيَّرَتْ حَيَاتَنَا.
اَلْعَمَلُ مِنْ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ إِلَى مَغِيبِهَا
وُلِدْتُ عَامَ ١٩٣٧ فِي مَزْرَعَةٍ يُدِيرُهَا عِدَّةُ مُزَارِعِينَ تَحْتَ إِشْرَافِ ٱلْحُكُومَةِ، قُرْبَ بَلْدَةِ تُوكْمَاك فِي قِيرْغِيزِسْتَان. نَحْنُ مِنَ ٱلشَّعْبِ ٱلْقِيرْغِيزِيِّ وَنَتَكَلَّمُ ٱللُّغَةَ ٱلْقِيرْغِيزِيَّةَ. وَقَدْ عَمِلَ وَالِدَايَ فِي ٱلْمَزْرَعَةِ مِنْ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ إِلَى مَغِيبِهَا. وَكَانَ ٱلْفَلَّاحُونَ هُنَاكَ يَحْصُلُونَ دَائِمًا عَلَى طَعَامِهِمْ، لٰكِنَّ أُجْرَتَهُمْ تُدْفَعُ نَقْدًا مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ. لِذٰلِكَ صَعُبَ عَلَى أُمِّي أَنْ تُؤَمِّنَ حَاجَاتِنَا أَنَا وَأُخْتِي ٱلصُّغْرَى. وَبَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ فَقَطْ مِنَ ٱلدِّرَاسَةِ، تَرَكْتُ ٱلْمَدْرَسَةَ وَبَدَأْتُ أَعْمَلُ كُلَّ ٱلنَّهَارِ فِي ٱلْمَزْرَعَةِ.
سِلْسِلَةُ جِبَالِ تِسْكِي أَلَا تُو
عِشْتُ فِي مِنْطَقَةٍ فَقِيرَةٍ حَيْثُ تَأْمِينُ لُقْمَةِ ٱلْعَيْشِ مُهِمَّةٌ صَعْبَةٌ. لِذٰلِكَ لَمْ أُفَكِّرْ فِي شَبَابِي فِي ٱلْهَدَفِ مِنَ ٱلْحَيَاةِ وَلَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. وَلَمْ أَتَخَيَّلْ أَنَّ ٱلتَّعَالِيمَ ٱلرَّائِعَةَ عَنْ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ وَقَصْدِهِ سَتُغَيِّرُ حَيَاتِي. وَلٰكِنْ كَيْفَ وَصَلَ ٱلْحَقُّ إِلَى قِيرْغِيزِسْتَان؟ دَعُونِي أُخْبِرُكُمْ هٰذِهِ ٱلْقِصَّةَ ٱلْمُشَوِّقَةَ ٱلَّتِي بَدَأَتْ فِي مِنْطَقَتِنَا شَمَالَ ٱلْبِلَادِ.
مَنْفِيُّونَ سَابِقُونَ يُوصِلُونَ ٱلْحَقَّ إِلَى قِيرْغِيزِسْتَان
بَدَأَ ٱلْحَقُّ يَنْمُو فِي قِيرْغِيزِسْتَان فِي خَمْسِينِيَّاتِ ٱلْقَرْنِ ٱلْعِشْرِينَ. لٰكِنْ لَزِمَ أَوَّلًا أَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى ٱلْإِيدْيُولُوجِيَّةِ ٱلسَّائِدَةِ آنَذَاكَ. فَمَا يُدْعَى ٱلْآنَ قِيرْغِيزِسْتَان كَانَ جُزْءًا مِنِ ٱتِّحَادِ ٱلْجُمْهُورِيَّاتِ ٱلِٱشْتِرَاكِيَّةِ ٱلسُّوفْيَاتِيَّةِ. وَشُهُودُ يَهْوَهَ بَقُوا حِيَادِيِّينَ سِيَاسِيًّا فِي كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلِٱتِّحَادِ. (يو ١٨:٣٦) فَٱعْتُبِرُوا أَعْدَاءً لِلنِّظَامِ ٱلشُّيُوعِيِّ وَتَعَرَّضُوا لِلِٱضْطِهَادِ. لٰكِنْ مَا مِنْ إِيدْيُولُوجِيَّةٍ تَقْدِرُ أَنْ تَمْنَعَ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ مِنَ ٱلْوُصُولِ إِلَى قُلُوبِ ٱلنَّاسِ ٱلطَّيِّبِينَ. وَأَحَدُ أَهَمِّ ٱلدُّرُوسِ ٱلَّتِي تَعَلَّمْتُهَا خِلَالَ حَيَاتِي ٱلطَّوِيلَةِ هُوَ أَنَّ «كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ» عِنْدَ يَهْوَهَ. — مر ١٠:٢٧.
إِمِيل يَانْتْسِن
سَاهَمَ ٱلِٱضْطِهَادُ فِي ٱنْتِشَارِ ٱلْحَقِّ فِي قِيرْغِيزِسْتَان. فَٱلِٱتِّحَادُ ٱلسُّوفْيَاتِيُّ شَمَلَ مِنْطَقَةَ سَيْبِيرِيَا حَيْثُ نُفِيَ أَعْدَاءُ ٱلْحُكُومَةِ. وَعِنْدَمَا حُرِّرَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمَنْفِيُّونَ، جَاءَ بَعْضُهُمْ إِلَى قِيرْغِيزِسْتَان وَجَلَبُوا ٱلْحَقَّ مَعَهُمْ. وَأَحَدُهُمْ هُوَ إِمِيل يَانْتْسِنُ ٱلَّذِي وُلِدَ فِي قِيرْغِيزِسْتَان عَامَ ١٩١٩. وَخِلَالَ وُجُودِهِ فِي مُعَسْكَرٍ لِلْأَشْغَالِ ٱلشَّاقَّةِ، ٱلْتَقَى بِٱلشُّهُودِ وَعَرَفَ ٱلْحَقَّ. ثُمَّ عَادَ إِلَى بِلَادِهِ عَامَ ١٩٥٦ وَٱسْتَقَرَّ قُرْبَ بَلْدَةِ سُوكُولُوك، أَيْ قُرْبَ ٱلْمِنْطَقَةِ حَيْثُ أَسْكُنُ. وَقَدْ تَأَسَّسَتْ فِي سُوكُولُوك عَامَ ١٩٥٨ أَوَّلُ جَمَاعَةٍ فِي قِيرْغِيزِسْتَان.
فِيكْتُور فِينْتَار
بَعْدَ سَنَةٍ تَقْرِيبًا، ٱنْتَقَلَ أَخٌ ٱسْمُهُ فِيكْتُور فِينْتَار إِلَى سُوكُولُوك. وَقَدْ عَانَى هٰذَا ٱلْأَخُ ٱلْأَمِينُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمِحَنِ. فَبِسَبَبِ حِيَادِهِ، حُكِمَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ بِٱلسَّجْنِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ. ثُمَّ أَمْضَى عَشْرَ سَنَوَاتٍ أُخْرَى فِي ٱلسِّجْنِ وَخَمْسَ سَنَوَاتٍ فِي ٱلْمَنْفَى. مَعَ ذٰلِكَ، لَمْ يَمْنَعْهُ ٱلِٱضْطِهَادُ هُوَ وَبَاقِيَ ٱلْإِخْوَةِ مِنْ نَشْرِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ.
اَلْحَقُّ يَصِلُ إِلَى بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ
إِدْوَارْت فَارْتِر
بِحُلُولِ عَامِ ١٩٦٣، كَانَ هُنَاكَ حَوَالَيْ ١٦٠ شَاهِدًا فِي قِيرْغِيزِسْتَان، كَثِيرُونَ مِنْهُمْ أَصْلُهُمْ مِنْ أَلْمَانِيَا وَأُوكْرَانِيَا وَرُوسِيَا. وَكَانَ إِدْوَارْت فَارْتِر وَاحِدًا مِنْهُمْ. اِعْتَمَدَ إِدْوَارْت فِي أَلْمَانِيَا سَنَةَ ١٩٢٤. وَفِي ٱلْأَرْبَعِينِيَّاتِ، أَرْسَلَهُ ٱلنَّازِيُّونَ إِلَى مُعَسْكَرِ ٱعْتِقَالٍ. وَبَعْدَ سَنَوَاتٍ قَلِيلَةٍ، نُفِيَ عَلَى يَدِ ٱلشُّيُوعِيِّينَ فِي ٱلِٱتِّحَادِ ٱلسُّوفْيَاتِيِّ. ثُمَّ ٱنْتَقَلَ هٰذَا ٱلْأَخُ ٱلْأَمِينُ عَامَ ١٩٦١ إِلَى كَانْت، بَلْدَةٍ قَرِيبَةٍ جِدًّا مِنْ بَلْدَتِي.
أَكْسَمَا سُلْطَانَالِييِوَا، إِلِيزَابِيث فُوت
كَانَتْ إِلِيزَابِيث فُوت خَادِمَةً وَلِيَّةً لِيَهْوَهَ تَعِيشُ هِيَ أَيْضًا فِي كَانْت وَتَعْمَلُ خَيَّاطَةً. وَكَانَتْ مَاهِرَةً جِدًّا فِي عَمَلِهَا لِدَرَجَةِ أَنَّ بَعْضَ ٱلْأَطِبَّاءِ وَٱلْمُعَلِّمِينَ قَصَدُوهَا لِيُخَيِّطُوا ٱلثِّيَابَ. وَإِحْدَى زَبَائِنِهَا كَانَتْ زَوْجَةَ مَسْؤُولٍ فِي مَكْتَبِ ٱلْمُدَّعِي ٱلْعَامِّ ٱسْمُهَا أَكْسَمَا سُلْطَانَالِييِوَا. وَكُلَّمَا أَتَتْ أَكْسَمَا لِتُخَيِّطَ ٱلثِّيَابَ، طَرَحَتْ أَسْئِلَةً كَثِيرَةً عَنِ ٱلْقَصْدِ مِنَ ٱلْحَيَاةِ وَحَالَةِ ٱلْمَوْتَى. فَكَانَتْ إِلِيزَابِيث تُجِيبُهَا عَنْ أَسْئِلَتِهَا مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ مُبَاشَرَةً. وَفِي ٱلنِّهَايَةِ، أَصْبَحَتْ أَكْسَمَا مُبَشِّرَةً غَيُورَةً.
نِيكَالَاي تْشِيمْبُوش
فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ، عُيِّنَ نِيكَالَاي تْشِيمْبُوش مِنْ مُولْدُوفَا نَاظِرَ دَائِرَةٍ وَخَدَمَ فِي هٰذَا ٱلتَّعْيِينِ ٣٠ سَنَةً تَقْرِيبًا. وَلَمْ يَقْتَصِرْ تَعْيِينُهُ عَلَى زِيَارَةِ ٱلْجَمَاعَاتِ، بَلْ أَشْرَفَ عَلَى طَبْعِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ وَتَوْزِيعِهَا. لٰكِنَّ ٱلسُّلُطَاتِ عَرَفَتْ بِذٰلِكَ. لِذَا نَصَحَهُ إِدْوَارْت فَارْتِر: «عِنْدَمَا يَسْتَجْوِبُكَ عَمِيلُ لَجْنَةِ أَمْنِ ٱلدَّوْلَةِ ٱلسُّوفْيَاتِيَّةِ، قُلْ لَهُ دُونَ تَرَدُّدٍ إِنَّنَا نَحْصُلُ عَلَى مَطْبُوعَاتِنَا مِنَ ٱلْمَرْكَزِ ٱلرَّئِيسِيِّ فِي بْرُوكْلِين. اُنْظُرْ فِي عَيْنَيْهِ مُبَاشَرَةً وَلَا تَخَفْ». — مت ١٠:١٩.
وَبَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، ٱسْتَدْعَتْ لَجْنَةُ أَمْنِ ٱلدَّوْلَةِ ٱلسُّوفْيَاتِيَّةِ فِي كَانْت ٱلْأَخَ نِيكَالَاي إِلَى ٱلِٱسْتِجْوَابِ. يُخْبِرُ: «سَأَلَنِي ٱلْعَمِيلُ مِنْ أَيْنَ نَحْصُلُ عَلَى مَطْبُوعَاتِنَا. وَعِنْدَمَا أَجَبْتُهُ أَنَّهَا تَأْتِينَا مِنِ بْرُوكْلِين، لَمْ يَعْرِفْ مَاذَا يَقُولُ. ثُمَّ سَمَحَ لِي أَنْ أَذْهَبَ وَلَمْ يَسْتَدْعِنِي ثَانِيَةً». وَٱسْتَمَرَّ ٱلشُّهُودُ ٱلشُّجْعَانُ فِي نَشْرِ ٱلْبِشَارَةِ بِحَذَرٍ شَدِيدٍ فِي مِنْطَقَتِنَا شَمَالَ قِيرْغِيزِسْتَان. وَأَخِيرًا، وَصَلَ ٱلْحَقُّ إِلَى عَائِلَتِي فِي ٱلثَّمَانِينِيَّاتِ، وَكَانَتْ زَوْجَتِي مَايْرَامْبُوبُو أَوَّلَ مَنْ سَمِعَهُ.
زَوْجَتِي تُمَيِّزُ ٱلْحَقَّ بِسُرْعَةٍ
كَانَتْ مَايْرَامْبُوبُو تَعِيشُ فِي مِنْطَقَةِ نَارِين فِي قِيرْغِيزِسْتَان. وَفِي آبَ (أُغُسْطُس) ١٩٧٤، أَتَتْ لِتَزُورَ أُخْتِي. وَهُنَاكَ رَأَيْتُهَا وَأَحْبَبْتُهَا مِنَ ٱلنَّظْرَةِ ٱلْأُولَى، وَتَزَوَّجْنَا فِي ٱلْيَوْمِ نَفْسِهِ.
أَبُون مَامْبِتْسَادِيكُوفَا
فِي كَانُونَ ٱلثَّانِي (يَنَايِر) ١٩٨١، كَانَتْ مَايْرَامْبُوبُو فِي ٱلْبَاصِ ذَاهِبَةً إِلَى ٱلسُّوقِ. فَسَمِعَتِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمَذْكُورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ وَأَحَبَّتْ أَنْ تَعْرِفَ أَكْثَرَ. فَسَأَلَتِ ٱلْأُخْتَ عَنِ ٱسْمِهَا وَعُنْوَانِهَا. فَأَخْبَرَتْهَا ٱلْأُخْتُ أَنَّ ٱسْمَهَا أَبُون. لٰكِنَّ نَشَاطَاتِ ٱلشُّهُودِ كَانَتْ مَحْظُورَةً خِلَالَ تِلْكَ ٱلسَّنَوَاتِ. لِذٰلِكَ لَمْ تُعْطِ أَبُون عُنْوَانَهَا لِزَوْجَتِي بَلْ أَخَذَتْ عُنْوَانَنَا نَحْنُ. فَعَادَتْ زَوْجَتِي إِلَى ٱلْمَنْزِلِ مُتَحَمِّسَةً جِدًّا.
قَالَتْ لِي: «سَمِعْتُ ٱلْيَوْمَ أَخْبَارًا رَائِعَةً. أَخْبَرَتْنِي ٱمْرَأَةٌ أَنَّ ٱلنَّاسَ قَرِيبًا لَنْ يَمُوتُوا. حَتَّى ٱلْحَيَوَانَاتُ ٱلْمُفْتَرِسَةُ لَنْ تُؤْذِيَنَا». بِصَرَاحَةٍ، لَمْ أُصَدِّقْ مَا سَمِعْتُهُ. فَقُلْتُ لَهَا: «لِنَنْتَظِرْ حَتَّى تَزُورَنَا وَتُخْبِرَنَا عَنِ ٱلتَّفَاصِيلِ».
بَعْدَ ٣ أَشْهُرٍ، زَارَتْنَا أَبُون. ثُمَّ زَارَتْنَا عِدَّةُ أَخَوَاتٍ مِنَ ٱلشُّهُودِ ٱلْأَوَائِلِ مِنَ ٱلشَّعْبِ ٱلْقِيرْغِيزِيِّ. وَقَدْ عَلَّمَتْنَا هٰؤُلَاءِ ٱلْأَخَوَاتُ ٱلْحَقَائِقَ ٱلرَّائِعَةَ عَنْ يَهْوَهَ وَقَصْدِهِ لِلْبَشَرِ وَدَرَسْنَ مَعَنَا كِتَابَ مِنَ ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْمَفْقُودِ إِلَى ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْمَرْدُودِ.a وَلٰكِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سِوَى نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُ فِي تُوكْمَاك، فَنَسَخْنَاهُ نَحْنُ بِأَنْفُسِنَا.
إِحْدَى ٱلْحَقَائِقِ ٱلْأُولَى ٱلَّتِي تَعَلَّمْنَاهَا هِيَ ٱلنُّبُوَّةُ فِي ٱلتَّكْوِين ٣:١٥ ٱلَّتِي سَيُتَمِّمُهَا يَسُوعُ، ٱلْمَلِكُ ٱلْمُعَيَّنُ مِنَ ٱللّٰهِ. فَشَعَرْنَا أَنَّهَا رِسَالَةٌ مُهِمَّةٌ يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَهَا ٱلْجَمِيعُ، وَهٰذَا زَادَ حَمَاسَتَنَا لِلِٱشْتِرَاكِ فِي ٱلْكِرَازَةِ. (مت ٢٤:١٤) وَبَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ، بَدَأَتْ تَعَالِيمُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ تُغَيِّرُ حَيَاتَنَا.
اَلِٱجْتِمَاعَاتُ وَٱلْمَعْمُودِيَّةُ تَحْتَ ٱلْحَظْرِ
ذَاتَ مَرَّةٍ، دَعَانَا أَخٌ مَسِيحِيٌّ فِي تُوكْمَاك إِلَى عُرْسٍ. وَسُرْعَانَ مَا لَاحَظْنَا أَنَّ ٱلشُّهُودَ مُخْتَلِفُونَ عَنِ ٱلْآخَرِينَ. فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ كُحُولٌ وَكُلُّ شَيْءٍ مُنَظَّمٌ وَلَائِقٌ، بِعَكْسِ ٱلْأَعْرَاسِ ٱلَّتِي حَضَرْنَاهَا مِنْ قَبْلُ حَيْثُ يَسْكَرُ ٱلْمَدْعُوُّونَ وَيَتَصَرَّفُونَ بِطَرِيقَةٍ غَيْرِ لَائِقَةٍ وَيَقُولُونَ كَلَامًا بَذِيئًا.
حَضَرْنَا أَيْضًا فِي جَمَاعَةِ تُوكْمَاكَ ٱجْتِمَاعَاتٍ مَسِيحِيَّةً عُقِدَتْ فِي ٱلْغَابَةِ حَسْبَمَا يَسْمَحُ ٱلطَّقْسُ. لٰكِنَّ ٱلشُّرْطَةَ كَانَتْ تُرَاقِبُنَا دَائِمًا. وَعَرَفَ ٱلْإِخْوَةُ ذٰلِكَ فَعَيَّنُوا أَخًا لِيَحْرُسَ ٱلْمَكَانَ. أَمَّا فِي ٱلشِّتَاءِ، فَكُنَّا نَجْتَمِعُ فِي أَحَدِ ٱلْبُيُوتِ. وَقَدْ أَتَى رِجَالُ ٱلشُّرْطَةِ إِلَى هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ لِيَعْرِفُوا مَاذَا نَفْعَلُ. وَفِي تَمُّوزَ (يُولْيُو) ١٩٨٢، ٱعْتَمَدْنَا أَنَا وَمَايْرَامْبُوبُو فِي نَهْرِ تْشُوِي، وَكُنَّا جَمِيعًا حَذِرِينَ جِدًّا. (مت ١٠:١٦) فَقَدْ وَصَلَ ٱلْإِخْوَةُ بِأَعْدَادٍ صَغِيرَةٍ وَتَجَمَّعْنَا فِي ٱلْغَابَةِ. ثُمَّ رَنَّمْنَا تَرْنِيمَةً وَٱسْتَمَعْنَا إِلَى خِطَابِ ٱلْمَعْمُودِيَّةِ.
اِسْتَفَدْنَا مِنَ ٱلْفُرْصَةِ لِنَخْدُمَ فِي مُقَاطَعَاتٍ جَدِيدَةٍ
عَامَ ١٩٨٧، طَلَبَ مِنِّي أَحَدُ ٱلْإِخْوَةِ أَنْ أَزُورَ شَخْصًا مُهْتَمًّا بِٱلْحَقِّ يَعِيشُ فِي بَلْدَةِ بَالِيكْتْشِي ٱلَّتِي تَبْعُدُ أَرْبَعَ سَاعَاتٍ بِٱلْقِطَارِ. وَبَعْدَ عِدَّةِ رِحْلَاتٍ إِلَى تِلْكَ ٱلْبَلْدَةِ، ٱكْتَشَفْنَا أَنَّ هُنَاكَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمُهْتَمِّينَ. وَهٰذَا سَمَحَ لَنَا أَنْ نَخْدُمَ فِي مُقَاطَعَاتٍ جَدِيدَةٍ.
ذَهَبْنَا أَنَا وَمَايْرَامْبُوبُو مَرَّاتٍ عَدِيدَةً إِلَى بَالِيكْتْشِي. وَخِلَالَ رِحْلَاتِنَا، بَشَّرْنَا ٱلرُّكَّابَ فِي ٱلْقِطَارِ. وَكُنَّا نَبْقَى هُنَاكَ مُعْظَمَ نِهَايَاتِ ٱلْأَسَابِيعِ وَنَشْتَرِكُ فِي ٱلْخِدْمَةِ وَنَعْقِدُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ. فَٱزْدَادَ ٱلطَّلَبُ بِسُرْعَةٍ عَلَى مَطْبُوعَاتِنَا. فَحَمَلْنَا مَطْبُوعَاتٍ مِنْ تُوكْمَاك فِي أَكْيَاسٍ لِنَقْلِ ٱلْبَطَاطَا تُدْعَى مِيشُك. وَكُنَّا كُلَّ شَهْرٍ نَمْلَأُ كِيسَيْنِ بِٱلْمَطْبُوعَاتِ، لٰكِنَّهُمَا بِٱلْكَادِ كَانَا يَكْفِيَانِ.
عَامَ ١٩٩٥، أَيْ بَعْدَ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ مِنْ أَوَّلِ زِيَارَةٍ لَنَا إِلَى بَالِيكْتْشِي، تَأَسَّسَتْ أَوَّلُ جَمَاعَةٍ هُنَاكَ. وَقَدْ كَلَّفَتِ ٱلرِّحْلَاتُ مِنْ تُوكْمَاك إِلَى بَالِيكْتْشِي ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَالِ. وَمَوَارِدُنَا كَانَتْ مَحْدُودَةً. فَكَيْفَ تَدَبَّرْنَا أُمُورَنَا؟ اِعْتَادَ أَخٌ مَسِيحِيٌّ أَنْ يُغَطِّيَ تَكَالِيفَ رِحْلَاتِنَا. فَيَهْوَهُ رَأَى أَنَّنَا نُحِبُّ مِنْ كُلِّ قَلْبِنَا أَنْ نَخْدُمَهُ فِي مُقَاطَعَاتٍ جَدِيدَةٍ. لِذٰلِكَ فَتَحَ لَنَا «كُوَى ٱلسَّمٰوَاتِ». (مل ٣:١٠) فِعْلًا، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ يَهْوَهَ!
بَيْنَ ٱلْخِدْمَةِ وَٱلْعَائِلَةِ
عُيِّنْتُ شَيْخًا عَامَ ١٩٩٢، وَكُنْتُ أَوَّلَ شَيْخٍ قِيرْغِيزِيٍّ فِي ٱلْبَلَدِ. وَقَدْ فُتِحَتْ أَمَامَنَا مَجَالَاتٌ جَدِيدَةٌ لِلْخِدْمَةِ فِي جَمَاعَتِنَا ٱلْأُولَى فِي تُوكْمَاك. فَعَقَدْنَا عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلدُّرُوسِ مَعَ طُلَّابٍ قِيرْغِيزِيِّينَ فِي ٱلْمَعَاهِدِ ٱلْمِهَنِيَّةِ. وَيَخْدُمُ أَحَدُهُمُ ٱلْآنَ فِي لَجْنَةِ ٱلْفَرْعِ، وَٱثْنَانِ آخَرَانِ هُمَا فَاتِحَانِ خُصُوصِيَّانِ. وَحَاوَلْنَا أَيْضًا أَنْ نَدْعَمَ ٱلْإِخْوَةَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. فَفِي أَوَائِلِ ٱلتِّسْعِينِيَّاتِ، كَانَتْ مَطْبُوعَاتُنَا وَٱجْتِمَاعَاتُنَا بِٱللُّغَةِ ٱلرُّوسِيَّةِ فَقَطْ. لٰكِنَّ عَدَدَ ٱلْإِخْوَةِ وَٱلْأَخَوَاتِ ٱلَّذِينَ لُغَتُهُمُ ٱلْأُمُّ هِيَ ٱلْقِيرْغِيزِيَّةُ ٱزْدَادَ كَثِيرًا. فَبَدَأْتُ أُتَرْجِمُ لَهُمُ ٱلْمَوَادَّ. وَهٰذَا سَاعَدَهُمْ أَنْ يَفْهَمُوا ٱلْحَقَّ بِسُهُولَةٍ.
مَعَ زَوْجَتِي وَثَمَانِيَةٍ مِنْ أَوْلَادِي عَامَ ١٩٨٩
مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، ٱنْشَغَلْنَا أَنَا وَمَايْرَامْبُوبُو بِتَرْبِيَةِ عَائِلَتِنَا ٱلْكَبِيرَةِ. فَقَدِ ٱعْتَدْنَا أَنْ نَأْخُذَ أَوْلَادَنَا إِلَى ٱلْخِدْمَةِ وَٱلِٱجْتِمَاعَاتِ. وَكَانَتِ ٱبْنَتُنَا غُولْسَايْرَا تُحِبُّ أَنْ تُبَشِّرَ ٱلنَّاسَ فِي ٱلشَّارِعِ وَهِيَ بِعُمْرِ ١٢ سَنَةً فَقَطْ. كَمَا أَحَبَّ أَوْلَادُنَا أَنْ يَحْفَظُوا آيَاتٍ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. وَهٰكَذَا صَارُوا هُمْ وَأَوْلَادُهُمْ فِي مَا بَعْدُ مَشْغُولِينَ جِدًّا بِٱلنَّشَاطَاتِ ٱلرُّوحِيَّةِ. وَمِنْ بَيْنِ أَوْلَادِنَا ٱلـ ٩ وَأَحْفَادِنَا ٱلْـ ١١ ٱلَّذِينَ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ، ١٦ شَخْصًا يَخْدُمُونَ يَهْوَهَ أَوْ يَحْضُرُونَ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ مَعَ وَالِدِيهِمْ.
تَغْيِيرَاتٌ كَبِيرَةٌ
كَمْ سَيَتَفَاجَأُ ٱلْإِخْوَةُ وَٱلْأَخَوَاتُ ٱلْأَعِزَّاءُ ٱلَّذِينَ جَلَبُوا ٱلْحَقَّ إِلَى مِنْطَقَتِنَا فِي خَمْسِينِيَّاتِ ٱلْقَرْنِ ٱلْعِشْرِينَ عِنْدَمَا يَرَوْنَ ٱلتَّغْيِيرَاتِ ٱلْكَبِيرَةَ ٱلَّتِي حَصَلَتْ! مَثَلًا، مُنْذُ ٱلتِّسْعِينِيَّاتِ، صِرْنَا نَتَمَتَّعُ بِحُرِّيَّةٍ أَكْبَرَ لِنُبَشِّرَ وَنَجْتَمِعَ بِأَعْدَادٍ كَبِيرَةٍ.
مَعَ زَوْجَتِي فِي ٱلْخِدْمَةِ
وَعَامَ ١٩٩١، حَضَرْنَا أَنَا وَزَوْجَتِي أَوَّلَ مَحْفِلٍ كَبِيرٍ فِي مَدِينَةِ آلْمَا آتَا، ٱلَّتِي تُدْعَى ٱلْآنَ آلْمَاتِي، فِي قَازَاخِسْتَان. وَعَامَ ١٩٩٣، عُقِدَ أَوَّلُ مَحْفِلٍ سَنَوِيٍّ فِي قِيرْغِيزِسْتَان، فِي مُدَرَّجِ سْبَارْتَاك فِي بِيشْكِيك. فَأَمْضَى ٱلنَّاشِرُونَ أُسْبُوعًا يُنَظِّفُونَ ٱلْمُدَرَّجَ. وَعِنْدَمَا رَأَى ٱلْمُدِيرُ ذٰلِكَ، ٱنْدَهَشَ كَثِيرًا وَسَمَحَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَعْمِلُوا ٱلْمَكَانَ دُونَ مُقَابِلٍ.
وَقَدْ حَقَّقْنَا إِنْجَازًا جَدِيدًا عَامَ ١٩٩٤ عِنْدَمَا صَدَرَتْ أَوَّلُ مَطْبُوعَةٍ بِٱللُّغَةِ ٱلْقِيرْغِيزِيَّةِ. وَٱلْيَوْمَ، هُنَاكَ فَرِيقُ تَرْجَمَةٍ فِي مَكْتَبِ ٱلْفَرْعِ فِي مَدِينَةِ بِيشْكِيك يُتَرْجِمُ ٱلْمَطْبُوعَاتِ بِٱنْتِظَامٍ إِلَى هٰذِهِ ٱللُّغَةِ. وَعَامَ ١٩٩٨، صَارَ عَمَلُ شُهُودِ يَهْوَهَ مُعْتَرَفًا بِهِ رَسْمِيًّا فِي قِيرْغِيزِسْتَان. أَيْضًا، ٱزْدَادَ عَدَدُ ٱلنَّاشِرِينَ كَثِيرًا بِحَيْثُ تَخَطَّى ٱلْـ ٠٠٠,٥. وَأَصْبَحَ هُنَاكَ ٨٣ جَمَاعَةً و٢٥َ فَرِيقًا بِٱللُّغَةِ ٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ، ٱلْأُوزْبَكِيَّةِ، ٱلتُّرْكِيَّةِ، ٱلرُّوسِيَّةِ، ٱلصِّينِيَّةِ، ٱلْقِيرْغِيزِيَّةِ، لُغَةِ ٱلْإِشَارَاتِ ٱلرُّوسِيَّةِ، وَٱلْوِيغُورِيَّةِ. وَكُلُّ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةِ وَٱلْأَخَوَاتِ ٱلْأَحِبَّاءِ ٱلَّذِينَ مِنْ خَلْفِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ يَخْدُمُونَ يَهْوَهَ بِوَحْدَةٍ. حَقًّا، صَنَعَ يَهْوَهُ تَغْيِيرَاتٍ كَبِيرَةً فِي هٰذِهِ ٱلْبِلَادِ.
غَيَّرَ يَهْوَهُ حَيَاتِي أَنَا أَيْضًا. فَقَدْ كَبِرْتُ فِي عَائِلَةٍ فَقِيرَةٍ وَتَعَلَّمْتُ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ خَمْسَ سَنَوَاتٍ فَقَطْ. مَعَ ذٰلِكَ، أَعْطَانِي يَهْوَهُ ٱلِٱمْتِيَازَ أَنْ أَخْدُمَ شَيْخًا فِي ٱلْجَمَاعَةِ وَأُعَلِّمَ ٱلْحَقَّ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَلِّمِينَ أَكْثَرَ مِنِّي بِكَثِيرٍ. لِذٰلِكَ أَقُولُ عَنْ خِبْرَةٍ إِنَّ يَهْوَهَ يَصْنَعُ ٱلْعَجَائِبَ. وَمَا حَصَلَ مَعِي يَدْفَعُنِي أَنْ أَسْتَمِرَّ فِي ٱلشَّهَادَةِ عَنْهُ، هُوَ ٱلْإِلٰهُ ٱلَّذِي عِنْدَهُ «كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ». — مت ١٩:٢٦.
a إِصْدَارُ شُهُودِ يَهْوَهَ، لٰكِنَّهُ لَمْ يَعُدْ يُطْبَعُ ٱلْآنَ.