مقالة الدرس ٣٢
التَّرنيمَة ٤٤ صَلاةُ المِسكين
يَهْوَه يُريدُ أن يَتوبَ الجَميع
«لا يَرغَبُ [يَهْوَه] أن يَهلَكَ أحَد، بل أن يَتوبَ الجَميع». — ٢ بط ٣:٩.
الفِكرَةُ الرَّئيسِيَّة
أن نَفهَمَ ما هيَ التَّوبَة، لِماذا هي ضَرورِيَّة، وكَيفَ ساعَدَ يَهْوَه مُختَلَفَ النَّاسِ أن يَتوبوا.
١ ماذا تَشمُلُ التَّوبَة؟
عِندَما نُخطِئ، مِنَ الضَّرورِيِّ أن نَتوب. وفي الكِتابِ المُقَدَّس، الشَّخصُ التَّائِبُ يُغَيِّرُ نَظرَتَهُ إلى تَصَرُّفٍ مُعَيَّن، يَتَوَقَّفُ عنِ القِيامِ به، ويُصَمِّمُ أن لا يُكَرِّرَ ما فَعَلَه. — مت ٣:٨؛ أع ٣:١٩؛ ٢ بط ٣:٩.
٢ لِماذا نَحتاجُ جَميعًا أن نَتَعَلَّمَ عنِ التَّوبَة؟ (نحميا ٨:٩-١١)
٢ كُلُّ إنسانٍ بِحاجَةٍ أن يَتَعَلَّمَ عنِ التَّوبَة. لِماذا؟ لِأنَّنا جَميعًا نُخطِئُ كُلَّ يَوم. فبِما أنَّنا أوْلادُ آدَم وحَوَّاء، وَرِثَ كُلُّ واحِدٍ مِنَّا الخَطِيَّةَ والمَوت. (رو ٣:٢٣؛ ٥:١٢) لا أحَدَ مُستَثنى. حتَّى رِجالُ الإيمانِ البارِزونَ مِثلُ الرَّسولِ بُولُس تَصارَعوا معَ الخَطِيَّة. (رو ٧:٢١-٢٤) ولكنْ هل هذا يَعْني أنَّنا يَلزَمُ أن نَكونَ تُعَساءَ طولَ الوَقتِ بِسَبَبِ خَطايانا؟ طَبعًا لا. فيَهْوَه إلهٌ رَحيم، وهو يُريدُ أن نَكونَ سُعَداء. لاحِظْ ماذا حَصَلَ معَ اليَهُودِ في أيَّامِ نَحَمْيَا. (إقرأ نحميا ٨:٩-١١.) فيَهْوَه لم يُرِدْ أن يَسحَقَهُمُ الحُزنُ بِسَبَبِ خَطاياهُمُ السَّابِقَة، بل أرادَ أن يَفرَحوا في عِبادَتِه. ويَهْوَه يَعرِفُ أنَّ التَّوبَةَ تَجلُبُ السَّعادَة. لِذلِك يُعَلِّمُنا عنها. وإذا تُبنا عن خَطايانا، نَقدِرُ أن نَثِقَ أنَّ أبانا الرَّحيمَ سيُسامِحُنا.
٣ ماذا سنُناقِشُ في هذِهِ المَقالَة؟
٣ كَي نَتَعَلَّمَ أكثَرَ عنِ التَّوبَة، سنُرَكِّزُ في هذِهِ المَقالَة على ثَلاثِ نِقاط. أوَّلًا، سنَرى ماذا عَلَّمَ يَهْوَه أُمَّةَ إسْرَائِيل عنِ التَّوبَة. بَعدَ ذلِك، سنُناقِشُ كَيفَ تَعامَلَ يَهْوَه معَ الخُطاةِ كَي يَقودَهُم إلى التَّوبَة. وفي الآخِر، سنَعرِفُ ماذا تَعَلَّمَ أتباعُ يَسُوع عنِ التَّوبَة.
ماذا عَلَّمَ يَهْوَه أُمَّةَ إسْرَائِيل عنِ التَّوبَة؟
٤ ماذا عَلَّمَ يَهْوَه أُمَّةَ إسْرَائِيل عنِ التَّوبَة؟
٤ عِندَما نَظَّمَ يَهْوَه الإسْرَائِيلِيِّينَ لِيَصيروا أُمَّة، عَمِلَ معهُم عَهدًا، أوِ اتِّفاقًا رَسمِيًّا. وكانَ سيَحْميهِم ويُبارِكُهُم شَرطَ أن يُطَبِّقوا شَرائِعَه. وقد طَمَّنَهُم حينَ قالَ عن هذِهِ الشَّرائِع: «هذِهِ الوَصِيَّةُ الَّتي أُوصيكَ بها اليَومَ لَيسَت صَعبَةً علَيكَ ولا بَعيدَةً عنك». (تث ٣٠:١١، ١٦) ولكنْ إذا تَمَرَّدوا علَيهِ واختاروا مَثَلًا أن يَعبُدوا آلِهَةً أُخْرى، كانَ سيَنزِعُ بَرَكَتَهُ عنهُم وبِالتَّالي سيُعانونَ كَثيرًا. ولكنْ حتَّى في هذِهِ الحالَة، كانَ بِإمكانِهِم أن يَستَعيدوا رِضى اللّٰه. كانوا يَقدِرونَ أن ‹يَرجِعوا إلى يَهْوَه إلهِهِم ويَسمَعوا له›. (تث ٣٠:١-٣، ١٧-٢٠) بِكَلِماتٍ أُخْرى، كانَ بِإمكانِهِم أن يَتوبوا. وإذا فَعَلوا ذلِك، يَقتَرِبُ يَهْوَه إلَيهِم ويُبارِكُهُم مِن جَديد.
٥ كَيفَ أظهَرَ يَهْوَه أنَّهُ لم يَقطَعِ الأمَلَ مِن شَعبِه؟ (٢ ملوك ١٧:١٣، ١٤)
٥ تَمَرَّدَ شَعبُ يَهْوَه علَيهِ مِرارًا وتَكرارًا. فهُم عَبَدوا الأصنامَ وقاموا بِمُمارَساتٍ مُنحَطَّة أُخْرى. وبِالنَّتيجَة، عانَوْا مِنَ العَواقِب. لكنَّ يَهْوَه لم يَقطَعِ الأمَلَ مِن شَعبِهِ المُتَمَرِّدِ هذا. بل مَرَّةً بَعدَ مَرَّة، أرسَلَ إلَيهِم أنبِياءَهُ لِيُشَجِّعوهُم أن يَتوبوا ويَعودوا إلَيه. — إقرأ ٢ ملوك ١٧:١٣، ١٤.
٦ كَيفَ استَخدَمَ يَهْوَه أنبِياءَهُ لِيُعَلِّمَ شَعبَهُ كمِ التَّوبَةُ مُهِمَّة؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
٦ غالِبًا ما استَخدَمَ يَهْوَه أنبِياءَهُ لِيُحَذِّرَ شَعبَهُ ويُؤَدِّبَهُم. قالَ لهُم مَثَلًا بِواسِطَةِ إرْمِيَا: «إرجِعي يا إسْرَائِيل المُرتَدَّة . . . لن أتَطَلَّعَ فيكِ بِغَضَبٍ لِأنِّي وَلِيّ . . . لن أبْقى غاضِبًا إلى الأبَد. ولكنِ اعتَرِفي بِذَنْبِكِ لِأنَّكِ تَمَرَّدتِ على يَهْوَه». (إر ٣:١٢، ١٣) وقالَ يَهْوَه بِواسِطَةِ يُوئِيل: «إرجِعوا إلَيَّ الآنَ بِكُلِّ قُلوبِكُم». (يوء ٢:١٢، ١٣) وأوْصاهُم مِن خِلالِ إشَعْيَا: «تَطَهَّروا، أَزيلوا رَداءَةَ أعمالِكُم مِن أمامِ عَيْنَيَّ، وكُفُّوا عن فِعلِ الشَّرّ». (إش ١:١٦-١٩) كما سَألَ بِواسِطَةِ حَزْقِيَال: «هل أفرَحُ بِمَوتِ الشِّرِّير؟ . . . ألَا أُفَضِّلُ أن يُغَيِّرَ طَريقَهُ ويَحْيا؟ أنا لا أفرَحُ بِمَوتِ أحَد . . . فارجِعوا وعيشوا». (حز ١٨:٢٣، ٣٢) فمِنَ الواضِحِ أنَّ يَهْوَه يَفرَحُ حينَ يَرى الخُطاةَ يَتوبونَ لِأنَّهُ يُريدُ أن يَبْقَوْا أحياء، وإلى الأبَدِ أيضًا! إذًا، لا يَقِفُ يَهْوَه مَكتوفَ اليَدَيْنِ بِانتِظارِ أن يَتَغَيَّرَ الخُطاة وبعدَ ذلِكَ يُقَدِّمُ لهُمُ المُساعَدَة. لنرَ أمثِلَةً أُخْرى على ذلِك.
غالبًا ما استخدم يهوه أنبياءه ليشجِّع شعبه المتمرِّد أن يتوب (أُنظر الفقرتين ٦-٧.)
٧ ماذا عَلَّمَ يَهْوَه شَعبَهُ مِن خِلالِ قِصَّةِ النَّبِيِّ هُوشَع وزَوجَتِه؟
٧ لاحِظْ ماذا عَلَّمَ يَهْوَه شَعبَهُ مِن خِلالِ مِثالٍ حَيّ، مِثالِ جُومَر زَوجَةِ النَّبِيِّ هُوشَع. فبَعدَما ارتَكَبَتِ العَهارَة، تَرَكَت هُوشَع وذَهَبَت وَراءَ رِجالٍ آخَرين. ولكنْ هل كانَت حالَتُها مَيؤوسًا مِنها؟ يَهْوَه، الَّذي يَقرَأُ القُلوب، قالَ لِهُوشَع: «إذهَبْ وأَحِبَّ مُجَدَّدًا امرَأتَكَ الزَّانِيَة الَّتي يُحِبُّها رَجُلٌ آخَر. أَحِبَّها مِثلَما يُحِبُّ يَهْوَه شَعبَ إسْرَائِيل مع أنَّهُم يَذهَبونَ وَراءَ آلِهَةٍ أُخْرى». (هو ٣:١؛ أم ١٦:٢) لاحِظْ أنَّ زَوجَةَ هُوشَع كانَت لا تَزالُ تُمارِسُ خَطِيَّةً خَطيرَة. مع ذلِك، طَلَبَ يَهْوَه مِن هُوشَع أن يَذهَبَ إلَيها لِيُصالِحَها ويُعيدَها إلَيه.a بِشَكلٍ مُشابِه، لم يَيأسْ يَهْوَه مِن شَعبِهِ العَنيد. فرَغمَ أنَّهُم كانوا غارِقينَ في خَطاياهُمُ الفَظيعَة، ظَلَّ يُحِبُّهُم ويُحاوِلُ أن يُساعِدَهُم لِيَتوبوا ويُغَيِّروا طَريقَهُم. فهل يَعْني هذا المِثالُ أنَّ يَهْوَه، «الَّذي يَفحَصُ القُلوب»، سيُحاوِلُ أن يُساعِدَ شَخصًا لا يَزالُ يُمارِسُ خَطِيَّةً خَطيرَة ويُجَرِّبُ أن يَقودَهُ إلى التَّوبَة؟ (أم ١٧:٣) لِنَرَ معًا.
كَيفَ يَقودُ يَهْوَه الخُطاةَ إلى التَّوبَة؟
٨ كَيفَ حاوَلَ يَهْوَه أن يُساعِدَ قَايِين لِيَقودَهُ إلى التَّوبَة؟ (تكوين ٤:٣-٧) (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
٨ كانَ قَايِين الابْنَ الأكبَرَ لِآدَم وحَوَّاء. وهو وَرِثَ مِن والِدَيْهِ المَيلَ إلى الخَطِيَّة. كما أنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يَقولُ إنَّ «أعمالَهُ هو كانَت شِرِّيرَة». (١ يو ٣:١٢) ورُبَّما هذا يُفَسِّرُ لِماذا «لم يَنظُرْ [يَهْوَه] بِرِضًى إلى قَايِين وتَقدِمَتِه». وبَدَلَ أن يُغَيِّرَ قَايِين تَصَرُّفاتِه، ‹غَضِبَ جِدًّا واكتَأب›. فماذا فَعَلَ يَهْوَه بَعدَ ذلِك؟ تَكَلَّمَ مع قَايِين. (إقرإ التكوين ٤:٣-٧.) لاحِظْ أنَّ يَهْوَه حاوَلَ أن يُقنِعَهُ بِلُطفٍ أن يَتَغَيَّر. فهو أعْطاهُ أمَلًا وحَذَّرَهُ مِنِ ارتِكابِ الخَطِيَّة. ولكنْ لِلأسَف، رَفَضَ قَايِين أن يَسمَعَ لِيَهْوَه؛ لم يَسمَحْ لهُ أن يَقودَهُ إلى التَّوبَة. فهل تَوَقَّفَ يَهْوَه، بَعدَ هذا المَوْقِفِ السَّلبِيّ، عن مُساعَدَةِ خُطاةٍ آخَرينَ لِيَقودَهُم إلى التَّوبَة؟ بِالعَكسِ تَمامًا!
حاول يهوه أن يقنع قايين بلطف أن يتغيَّر، فهو أعطاه أملًا وحذَّره من ارتكاب الخطية (أُنظر الفقرة ٨.)
٩ كَيفَ قادَ يَهْوَه دَاوُد إلى التَّوبَة؟
٩ أحَبَّ يَهْوَه كَثيرًا المَلِكَ دَاوُد. حتَّى إنَّهُ دَعاهُ «رَجُلًا مِثلَما يَتَمَنَّاهُ قَلبي». (أع ١٣:٢٢) لكنَّ دَاوُد ارتَكَبَ خَطايا خَطيرَة، بِما فيها الزِّنى والقَتل. وحَسَبَ شَريعَةِ مُوسَى، استَحَقَّ دَاوُد المَوت. (لا ٢٠:١٠؛ عد ٣٥:٣١) لكنَّ يَهْوَه تَدَخَّلَ بِكُلِّ لُطف.b فهو أرسَلَ نَبِيَّهُ نَاثَان لِيَزورَ المَلِك دَاوُد، مع أنَّ دَاوُد لم يَكُنْ قد أظهَرَ بَعد أيَّ بَوادِرَ لِلتَّوبَة. وقدِ استَخدَمَ نَاثَان مَثَلًا بِهَدَفِ أن يَصِلَ إلى قَلبِ دَاوُد. فتَأثَّرَ دَاوُد كَثيرًا وتاب. (٢ صم ١٢:١-١٤) حتَّى إنَّهُ كَتَبَ مَزْمُورًا عَبَّرَ فيهِ مِن قَلبِهِ عن تَوبَتِهِ الصَّادِقَة. (مز ٥١، العنوان) وهذا المَزْمُور نَفْسُهُ لا يَزالُ حتَّى اليَومِ يُطَمِّنُ خُطاةً كَثيرينَ ويَدفَعُهُم إلى التَّوبَة. ألَسنا سُعَداءَ لِأنَّ يَهْوَه قادَ خادِمَهُ العَزيزَ دَاوُد إلى التَّوبَةِ بِكُلِّ مَحَبَّة؟
١٠ كَيفَ تَشعُرُ تِجاهَ صَبرِ يَهْوَه وغُفرانِهِ في تَعامُلِهِ معَ البَشَرِ الخُطاة؟
١٠ يَهْوَه يَكرَهُ الخَطِيَّةَ ولا يَتَقَبَّلُها بِأيِّ شَكلٍ مِنَ الأشكال. (مز ٥:٤، ٥) لكنَّهُ في الوَقتِ نَفْسِهِ يَعرِفُ أنَّنا جَميعًا خُطاة. وبِدافِعِ مَحَبَّتِهِ لنا، يُريدُ أن يُساعِدَنا لِنُحارِبَ الخَطِيَّة. وهو يُحاوِلُ دائِمًا أن يُساعِدَ حتَّى أسوَأَ الخُطاةِ لِيَتوبوا ويَقتَرِبوا إلَيه. كم تُريحُنا هذِهِ الفِكرَة! وكُلَّما تَأمَّلْنا في صَبرِ يَهْوَه وغُفرانِه، زادَ تَصميمُنا أن نَبْقى أوْلِياءَ لهُ ونَتوبَ بِسُرعَةٍ عِندَما نُخطِئ. والآن، لِنَنتَقِلْ إلى الجَماعَةِ المَسِيحِيَّة ونَرَ كَيفَ تَعَلَّمَت أكثَرَ عنِ التَّوبَة.
ماذا تَعَلَّمَ أتباعُ يَسُوع عنِ التَّوبَة؟
١١-١٢ ماذا عَلَّمَ يَسُوع النَّاسَ عن شَخصِيَّةِ أبيهِ المُتَسامِحَة؟ (أُنظُر الصُّورَة.)
١١ في القَرنِ الأوَّلِ لِلميلاد، كانَ الوَقتُ قد حانَ لِيَأتِيَ المَسِيَّا. ومِثلَما ذَكَرْنا في المَقالَةِ السَّابِقَة، استَخدَمَ يَهْوَه يُوحَنَّا المَعْمَدان ويَسُوع المَسِيح لِيُعَلِّما الشَّعبَ كم مُهِمٌّ أن يَتوبوا. — مت ٣:١، ٢؛ ٤:١٧.
١٢ وقد عَلَّمَ يَسُوع النَّاسَ خِلالَ خِدمَتِهِ عن شَخصِيَّةِ أبيهِ المُتَسامِحَة. وفَعَلَ ذلِك بِطَريقَةٍ بارِزَة جِدًّا عِندَما أعْطى مَثَلَ الابْنِ الضَّالّ. فهذا الشَّابُّ اختارَ أن يَعيشَ لِبَعضِ الوَقتِ حَياةً فاسِدَة. لكنَّهُ «عادَ إلى وَعْيِهِ» ورَجَعَ إلى بَيتِ أبيه. وماذا كانَت رَدَّةُ فِعلِ أبيه؟ قالَ يَسُوع: «فيما كانَ [الابْنُ] لا يَزالُ بَعيدًا، رَآهُ أبوهُ وأشفَقَ علَيه، ورَكَضَ وعانَقَهُ وقَبَّلَهُ بِحَرارَة». كانَ الابْنُ يَنْوي أن يَطلُبَ مِن أبيهِ أن يَعتَبِرَهُ واحِدًا مِن عُمَّالِه. لكنَّ أباهُ قالَ عنه: «إبْني هذا»، واعتَبَرَهُ مُجَدَّدًا فَردًا مِنَ العائِلَة. وقد وَصَفَهُ قائِلًا: «كانَ ضائِعًا فوُجِد». (لو ١٥:١١-٣٢) فَكِّرْ قَليلًا: عِندَما كانَ يَسُوع في السَّماءِ قَبلَ مَجيئِهِ إلى الأرض، لا شَكَّ أنَّهُ رَأى كَيفَ أظهَرَ أبوهُ حَنانًا كهذا لِكَثيرينَ مِنَ الخُطاةِ التَّائِبين. لِذلِكَ استَطاعَ أن يَرسُمَ لنا هذِهِ الصُّورَةَ الرَّائِعَة والمُطَمِّنَة عن أبينا الرَّحيمِ يَهْوَه.
الأب في مثل يسوع عن الابن الضال يركض ليعانق ابنه المتمرِّد الذي رجع إلى البيت (أُنظر الفقرتين ١١-١٢.)
١٣-١٤ ماذا تَعَلَّمَ الرَّسولُ بُطْرُس عنِ التَّوبَة، وماذا عَلَّمَ الآخَرينَ عنها؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
١٣ لقد تَعَلَّمَ الرَّسولُ بُطْرُس الكَثيرَ مِن يَسُوع عنِ التَّوبَةِ والغُفران. فمَرَّةً بَعدَ مَرَّة، احتاجَ بُطْرُس إلى الغُفران، ويَسُوع سامَحَهُ بِكَرَم. مَثَلًا، بَعدَما أنكَرَ بُطْرُس ثَلاثَ مَرَّاتٍ أنَّهُ يَعرِفُ يَسُوع، سَحَقَهُ الشُّعورُ بِالذَّنْب. (مت ٢٦:٣٤، ٣٥، ٦٩-٧٥) ولكنْ بَعدَما قامَ يَسُوع، ظَهَرَ لِبُطْرُس، ويَبْدو أنَّهُ ظَهَرَ لهُ على انفِراد. (لو ٢٤:٣٣، ٣٤؛ ١ كو ١٥:٣-٥) ولا شَكَّ أنَّ يَسُوع في هذِهِ المُناسَبَةِ سامَحَ بِمَحَبَّةٍ هذا الرَّسولَ التَّائِبَ وطَمَّنَ قَلبَه. — أُنظر مر ١٦:٧ والملاحظة الدراسية على «ولبطرس» (بالإنكليزية).
١٤ وبَعدَما عاشَ بُطْرُس شَخصِيًّا هذِهِ التَّجرِبَة، صارَ بِإمكانِهِ أن يُعَلِّمَ الآخَرينَ عنِ التَّوبَةِ والغُفران. فبَعدَ وَقتٍ قَصيرٍ مِنَ الاحتِفالِ بِيَومِ الخَمسين، ألْقى بُطْرُس خِطابًا أمامَ جَمعٍ مِنَ اليَهُودِ غَيرِ المُؤْمِنين، وأوْضَحَ لهُم أنَّهُم قَتَلوا المَسِيَّا. لكنَّهُ شَجَّعَهُم بِمَحَبَّة: «توبوا وارجِعوا لِتُمْحى خَطاياكُم، كَي تَأتِيَ أوْقاتُ الانتِعاشِ مِن يَهْوَه نَفْسِه». (أع ٣:١٤، ١٥، ١٧، ١٩) وهكَذا أظهَرَ بُطْرُس أنَّ التَّوبَةَ تَدفَعُ الخاطِئَ أن يَرجِع، أي أن يُغَيِّرَ طَريقَةَ تَفكيرِهِ وتَصَرُّفاتِهِ الخاطِئَة، ويَبدَأَ مَسلَكًا جَديدًا يُرْضي اللّٰه. أيضًا، أظهَرَ لهُم بُطْرُس أنَّ يَهْوَه سيَمْحو خَطاياهُم كُلِّيًّا. وبَعدَ عَشَراتِ السِّنين، أكَّدَ بُطْرُس لِلمَسِيحِيِّين: «يَهْوَه . . . يَصبِرُ علَيكُم لِأنَّهُ لا يَرغَبُ أن يَهلَكَ أحَد، بل أن يَتوبَ الجَميع». (٢ بط ٣:٩) فما أجمَلَ الأمَلَ الَّذي أعْطاهُ يَهْوَه لِلمَسِيحِيِّينَ الَّذينَ يَرتَكِبونَ الخَطايا، حتَّى لَو كانَت خَطيرَة!
سامح يسوع بمحبة تلميذه التائب وطمَّن قلبه (أُنظر الفقرتين ١٣-١٤.)
١٥-١٦ (أ) كَيفَ تَعَلَّمَ الرَّسولُ بُولُس عنِ الغُفران؟ (١ تيموثاوس ١:١٢-١٥) (ب) ماذا سنُناقِشُ في المَقالَةِ التَّالِيَة؟
١٥ قَليلونَ هُمُ الأشخاصُ الَّذينَ احتاجوا إلى التَّوبَةِ والغُفرانِ أكثَرَ مِن شَاوُل الطَّرْسُوسِيّ. فهو كانَ مُضطَهِدًا شَرِسًا لِلمَسِيحِيِّينَ الأعِزَّاءِ على قَلبِ يَسُوع. وأغلَبِيَّةُ أتباعِ المَسِيح اعتَبَروهُ على الأرجَحِ قَضِيَّةً خاسِرَة، أسوَأَ مِن أن يَتوب. لكنَّ يَسُوع المُقامَ كانَ أبعَدَ ما يَكونُ عن هذا التَّفكيرِ البَشَرِيِّ النَّاقِص. فهو وأبوهُ رَأَيا صِفاتٍ حُلْوَة في شَاوُل. لِذلِك قالَ عنهُ يَسُوع: «إنِّي اختَرتُ هذا الرَّجُل». (أع ٩:١٥) حتَّى إنَّهُ عَمِلَ عَجيبَةً لِيَقودَ شَاوُل إلى التَّوبَة. (أع ٧:٥٨–٨:٣؛ ٩:١-٩، ١٧-٢٠) وبَعدَما صارَ شَاوُل، الَّذي عُرِفَ لاحِقًا بِالرَّسولِ بُولُس، شَخصًا مَسِيحِيًّا، عَبَّرَ مَرَّاتٍ كَثيرَة عن شُكرِهِ على اللُّطفِ والرَّحمَةِ اللَّذَيْنِ أُظهِرا له. (إقرأ ١ تيموثاوس ١:١٢-١٥.) وقد عَلَّمَ بِتَقدير: «اللّٰهُ يُحاوِلُ مِن خِلالِ لُطفِهِ أن يَقودَكَ إلى التَّوبَة». — رو ٢:٤.
١٦ وكَيفَ تَصَرَّفَ بُولُس حينَ سَمِعَ عنِ العَلاقَةِ الجِنسِيَّة الفاضِحَة الَّتي تَغاضَت عنها جَماعَةُ كُورِنْثُوس؟ لقد عالَجَ المُشكِلَةَ بِطَريقَةٍ تُعَلِّمُنا الكَثيرَ عنِ التَّأديبِ النَّابِعِ مِن مَحَبَّةِ يَهْوَه وعن أهَمِّيَّةِ إظهارِ الرَّحمَة. وهذا ما سنُناقِشُهُ بِالتَّفصيلِ في المَقالَةِ التَّالِيَة.
التَّرنيمَة ٣٣ ألْقِ عِبئَكَ على يَهْوَه
a هذِهِ الحالَةُ استِثنائِيَّة. فاليَوم، إذا حَصَلَ زِنى، لا يَطلُبُ يَهْوَه مِنَ الطَّرَفِ البَريءِ أن يَظَلَّ مُتَزَوِّجًا مِنَ الشَّخصِ الَّذي زَنى. حتَّى إنَّ يَهْوَه وَجَّهَ ابْنَهُ لِيُهَيِّئَ تَرتيبًا لِضَحايا الزِّنى. فهو سَمَحَ لهُم أن يَطلُبوا الطَّلاقَ إذا اختاروا ذلِك. — مت ٥:٣٢؛ ١٩:٩.
b أُنظُرِ المَقالَة «ما السَّبيلُ إلى نَيلِ غُفرانِ يَهْوَه؟» في عَدَد ١٥ تِشْرِين الثَّاني (نُوفَمْبِر) ٢٠١٢ مِن بُرجِ المُراقَبَة، الصَّفَحات ٢١-٢٣، الفَقَرات ٣-١٠.