-
«سقطت بابل العظيمة!»الرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٠
«سقطت بابل العظيمة!»
١ ماذا يعلن الملاك الثاني، ومَن هي بابل العظيمة؟
انها ساعة دينونة اللّٰه! اذًا، أَصغوا الى الرسالة الالهية: «وتبع ملاك آخر ثانٍ، قائلا: ‹سقطت! سقطت بابل العظيمة، التي سقت جميع الامم من خمر غضب عهارتها!›». (رؤيا ١٤:٨ ) للمرة الاولى، ولكن ليس الاخيرة، يركِّز سفر الرؤيا الانتباه على بابل العظيمة. ولاحقا، سيصفها الاصحاح ١٧ بأنها عاهرة شهوانية. فمَن هي؟ كما سنرى، هي امبراطورية عالمية، هي دينية، وهي نظام الشيطان الزائف الذي يستخدمه في محاربة نسل امرأة اللّٰه. (رؤيا ١٢:١٧) ان بابل العظيمة هي كامل الامبراطورية العالمية للدين الباطل. وهي تشمل جميع الاديان التي تحفظ التعاليم والممارسات الدينية لبابل القديمة والتي تعرب عن روحها.
٢ (أ) كيف حدث ان الدين البابلي بُدِّد الى كل انحاء الارض؟ (ب) ما هو القسم الابرز لبابل العظيمة، ومتى نشأ كهيئة قوية؟
٢ حدث في بابل، منذ اكثر من ٠٠٠,٤ سنة، ان يهوه بلبل ألسنة بنَّائي برج بابل الراغبين في الشهرة. فبُدِّدت الفرق اللغوية الى اطراف الارض، آخذين معهم معتقدات وممارسات الارتداد التي هي الاساس لمعظم الاديان الى هذا اليوم. (تكوين ١١:١-٩) ان بابل العظيمة هي الجزء الديني من هيئة الشيطان. (قارنوا يوحنا ٨:٤٣-٤٧.) وقسمها الابرز اليوم هو العالم المسيحي المرتدّ، الذي نشأ كهيئة قوية متعدية على الشريعة في القرن الرابع بعد المسيح، بدساتير وشكليات مشتقة، لا من الكتاب المقدس، وإنما الى حد كبير من الدين البابلي. — ٢ تسالونيكي ٢:٣-١٢.
٣ كيف يمكن القول ان بابل العظيمة سقطت؟
٣ وقد تسألون: ‹بما ان الدين لا يزال يمارس نفوذا عظيما في الارض، لماذا يعلن الملاك ان بابل العظيمة سقطت؟›. حسنا، ماذا نتج بعد السنة ٥٣٩ قم عندما سقطت بابل القديمة؟ تحرَّر اسرائيل للعودة الى موطنه وردِّ العبادة النقية هناك! ولذلك فإن ردَّ اسرائيل الروحي في السنة ١٩١٩ الى ازدهار روحي مشرق، الامر الذي يستمر ويمتد الى هذا اليوم، يقف دليلا على ان بابل العظيمة سقطت في تلك السنة. ولم تعد لديها القوة على كبح شعب اللّٰه. وعلاوة على ذلك، وقعت في مشكلة عويصة ضمن صفوفها. فمنذ السنة ١٩١٩ يجري تشهير انحرافها، عدم استقامتها، وفسادها الادبي على نحو واسع. وفي معظم اوروپا، يذهب اناس قليلون الآن الى الكنيسة. واذ تكون محتقرة في عيون جميع محبي كلمة حق اللّٰه، تنتظر بابل العظيمة الآن في زنزانة الموت، اذا جاز التعبير، تنفيذ دينونة يهوه البارة فيها.
سقوط بابل المخزي
٤-٦ كيف حدث ان «بابل العظيمة . . . سقت جميع الامم من خمر غضب عهارتها»؟
٤ لنفحص باكثر تفصيل الظروف المحيطة بسقوط بابل العظيمة المخزي. يخبرنا الملاك هنا ان «بابل العظيمة . . . سقت جميع الامم من خمر غضب عهارتها». فماذا يعني ذلك؟ انه يتعلق بالغزو. مثلا، قال يهوه لإرميا: «خذ كأس خمر السخط هذه من يدي، واسقها جميع الامم التي انا مرسلك اليهم. وليشربوا ويترنحوا ويتجننوا من السيف الذي انا مرسله بينهم». (ارميا ٢٥:١٥، ١٦) وفي القرنين السادس والسابع قم، استخدم يهوه بابل القديمة لسكب كأس ضيق رمزية لتشرب امم كثيرة، بمن فيها يهوذا المرتدَّة، بحيث أُخذ حتى شعبه الخاص الى السبي. ثم، بدورها، سقطت بابل لأن مَلكها ترفَّع على يهوه، «رب السماء». — دانيال ٥:٢٣.
٥ قامت بابل العظيمة بغزوات ايضا، ولكن في اغلب الحالات، كانت هذه اكثر خبثا. فقد «سقت جميع الامم» باستخدام حبائل البغي، مرتكبة العهارة الدينية معهم. وقد اغرت الحكام السياسيين بتحالفات وصداقات معها. وبواسطة الاغواءات الدينية، خططت لظلم سياسي وتجاري واقتصادي. وأثارت الاضطهاد الديني والحروب الدينية والحملات الصليبية، اضافة الى الحروب القومية، لأسباب سياسية وتجارية محض. وقدَّست هذه الحروب بالقول انها مشيئة اللّٰه.
٦ وتورُّط الدين في حروب وسياسات القرن الـ ٢٠ معروف عموما — كما في اليابان الشنتوية، الهند الهندوسية، ڤيتنام البوذية، ايرلندا الشمالية واميركا اللاتينية «المسيحيتين»، فضلا عن غيرها — دون التغاضي عن دور قسوس الجيش في كلا جانبي الحربين العالميتين في حثّ الشبان على قتل واحدهم الآخر. والمثال التقليدي لمغازلة بابل العظيمة هو حصتها في الحرب الاهلية الاسپانية للسنوات ١٩٣٦-١٩٣٩، التي قُتل فيها ٠٠٠,٦٠٠ شخص على الاقل. وإراقة الدم هذه احدثها داعمو رجال الدين الكاثوليك وحلفاؤهم، جزئيا لأنه جرى تهديد ثراء ومركز الكنيسة من قِبل حكومة اسپانيا الشرعية.
٧ مَن هو الهدف الرئيسي لبابل العظيمة، وأية اساليب استخدمتها ضد هذا الهدف؟
٧ بما ان بابل العظيمة هي الجزء الديني من نسل الشيطان، فقد كانت دائما تجعل «امرأة» يهوه، «اورشليم العليا»، هدفها الرئيسي. وفي القرن الاول، حُدِّدت هوية جماعة المسيحيين الممسوحين بوضوح بصفتها نسل المرأة. (تكوين ٣:١٥؛ غلاطية ٣:٢٩؛ ٤:٢٦) وحاولت بابل العظيمة جاهدة ان تغزو هذه الجماعة الطاهرة باغرائها لارتكاب العهارة الدينية. والرسولان بولس وبطرس حذَّرا ان كثيرين كانوا سيستسلمون وأن ارتدادا عظيما كان سينتج. (اعمال ٢٠:٢٩، ٣٠؛ ٢ بطرس ٢:١-٣) ورسائل يسوع الى الجماعات السبع اشارت الى انه نحو نهاية حياة يوحنا، كانت بابل العظيمة تحرز شيئا من التقدم في جهودها للافساد. (رؤيا ٢:٦، ١٤، ١٥، ٢٠-٢٣) ولكنَّ يسوع كان قد اظهر الى ايّ حد سيُسمح لها بأن تصل.
الحنطة والزوان
٨، ٩ (أ) الى ماذا اشار مثل يسوع عن الحنطة والزوان؟ (ب) ماذا حدث «فيما الناس نائمون»؟
٨ في مثله عن الحنطة والزوان، تحدث يسوع عن انسان زرع بذارا جيدا في حقل. ولكن «فيما الناس نائمون»، جاء عدو وزرع ايضا زوانا. ولذلك حجب الزوانُ الحنطة. وفسَّر يسوع مثله بهذه الكلمات: «الزارع البذار الجيد هو ابن الانسان. والحقل هو العالم. اما البذار الجيد فهو بنو الملكوت. والزوان هو بنو الشرير. والعدو الذي زرعه هو ابليس». ثم اظهر ان الحنطة والزوان كان سيُسمح بأن ينموا معا حتى «اختتام نظام الاشياء»، عندما «يجمع» الملائكة الزوان الرمزي. — متى ١٣:٢٤-٣٠، ٣٦-٤٣.
٩ ان ما حذَّر يسوع والرسولان بولس وبطرس منه قد حدث. ‹ففيما الناس نائمون›، سواء بعدما رقد الرسل في الموت او عندما صار النظار المسيحيون كسالى في حراسة رعية اللّٰه، نبت الارتداد البابلي في داخل الجماعة. (اعمال ٢٠:٣١) وسرعان ما فاق الزوان الحنطة بالعدد الى حد بعيد وأخفاها عن النظر. وطوال عدد من القرون، ربما ظهر ان نسل المرأة كان مغمورا تماما بالاذيال الفضفاضة لبابل العظيمة.
١٠ ماذا حصل بحلول سبعينات الـ ١٨٠٠، وكيف تجاوبت بابل العظيمة مع ذلك؟
١٠ بحلول سبعينات الـ ١٨٠٠ بدأ المسيحيون الممسوحون يبذلون جهودا حثيثة ليفصلوا انفسهم عن الطرق الفاسقة لبابل العظيمة. فهجروا العقائد الباطلة التي ادخلها العالم المسيحي من الوثنية واستخدموا الكتاب المقدس بجرأة في الكرازة بأن ازمنة الامم كانت ستنتهي في السنة ١٩١٤. والاداة الرئيسية لبابل العظيمة، رجال دين العالم المسيحي، قاومت هذه الحوافز الى ردّ العبادة الحقة. وفي اثناء الحرب العالمية الاولى، استغلوا هستيريا زمن الحرب ليحاولوا استئصال ذلك الفريق الصغير من المسيحيين الامناء. وفي السنة ١٩١٨، عندما قُمعت تماما تقريبا نشاطاتهم، ظهر ان بابل العظيمة نجحت. لقد بدا انها انتصرت عليهم.
١١ ماذا نتج من سقوط بابل القديمة؟
١١ كما لاحظنا سابقا، اختبرت مدينة بابل المتكبرة سقوطا عن السلطة متَّسما بالكارثة في السنة ٥٣٩ قم. ثم سُمع الصراخ: «سقطت! سقطت بابل!». ان المقر العظيم للامبراطورية العالمية قد سقط في ايدي جيوش مادي وفارس بقيادة كورش الكبير. وعلى الرغم من ان المدينة نفسها بقيت موجودة بعد الغزو، فقد كان سقوطها عن السلطة حقيقيا، وأنتج اطلاق سراح اسراها اليهود. لقد رجعوا الى اورشليم لاعادة تأسيس العبادة النقية هناك. — اشعيا ٢١:٩؛ ٢ أخبار الايام ٣٦:٢٢، ٢٣؛ ارميا ٥١:٧، ٨.
١٢ (أ) في زمننا، كيف يمكن القول ان بابل العظيمة سقطت؟ (ب) ماذا يثبت ان يهوه رفض تماما العالم المسيحي؟
١٢ وفي زمننا سُمع ايضا الصراخ بأن بابل العظيمة سقطت! فنجاح العالم المسيحي البابلي الموقَّت في السنة ١٩١٨ انقلب بحدَّة في السنة ١٩١٩ عندما استُردَّت بقية الممسوحين، صف يوحنا، بقيامة روحية. لقد سقطت بابل العظيمة في ما يتعلق بالاحتفاظ بأيّ اسير من شعب اللّٰه. وكالجراد، اندفع اخوة المسيح الممسوحون الى خارج المهواة، مستعدّين للعمل. (رؤيا ٩:١-٣؛ ١١:١١، ١٢) لقد كانوا «العبد الامين الفطين» العصري، والسيد اقامهم على جميع ممتلكاته على الارض. (متى ٢٤:٤٥-٤٧) واستخدامهم على هذا النحو اثبت ان يهوه كان قد رفض تماما العالم المسيحي على الرغم من ادعائه انه ممثِّله على الارض. وأُعيد تأسيس العبادة النقية، وفُتح الطريق لاكمال عمل ختم بقية الـ ٠٠٠,١٤٤ — الباقين من نسل المرأة، العدوّ القديم العهد لبابل العظيمة. كل ذلك كان علامة لهزيمة ساحقة لتلك الهيئة الدينية الشيطانية.
احتمال القديسين
١٣ (أ) ماذا يعلن الملاك الثالث؟ (ب) اية دينونة يصنعها يهوه لاولئك الذين ينالون سمة الوحش؟
١٣ والآن يتكلم الملاك الثالث. أَصغوا! «وتبعهما ملاك آخر ثالث، قائلا بصوت عالٍ: ‹إنْ عَبَد احد الوحش وصورته، ونال سمة على جبهته او على يده، فإنه سيشرب ايضا من خمر غضب اللّٰه المسكوب صرفا في كأس سخطه›». (رؤيا ١٤:٩، ١٠ أ ) في رؤيا ١٣:١٦، ١٧، ظهر انه في اثناء يوم الرب يتألم اولئك الذين لا يعبدون صورة الوحش — حتى انهم يُقتلون. والآن نتعلَّم ان يهوه قرَّر ان يجلب الى الدينونة اولئك الذين ‹لهم السمة، اسم الوحش او عدد اسمه›. فسيُجبَرون على شرب ‹كأس السخط› المرّ لغضب يهوه. وماذا سيعني ذلك لهم؟ في السنة ٦٠٧ قم، عندما اجبر يهوه اورشليم على شرب «كأس سخطه»، اختبرت المدينة «الدمار والانسحاق، والجوع والسيف» على ايدي البابليين. (اشعيا ٥١:١٧، ١٩) وعلى نحو مماثل، عندما يشرب مؤلِّهو دول الارض السياسية وصورتها، الامم المتحدة، كأس سخط يهوه، ستحلّ بهم البلية. (ارميا ٢٥:١٧، ٣٢، ٣٣) وسيدمَّرون تماما.
١٤ حتى قبل دمار اولئك الذين يعبدون الوحش وصورته، ماذا يجب ان يخضع له اشخاص كهؤلاء، وكيف يصف يوحنا ذلك؟
١٤ ولكن، حتى قبل ان يحدث ذلك، يجب على الذين لهم سمة الوحش ان يخضعوا للآثار المعذِّبة لسخط يهوه. واذ يتحدث عمَّن يعبد الوحش وصورته، يخبر الملاك يوحنا: «ويعذَّب بنار وكبريت امام الملائكة القدوسين وأمام الحمَل. والذين يعبدون الوحش وصورته، ومَن ينال سمة اسمه، يصعد دخان عذابهم الى ابد الآبدين، ولا راحة لهم نهارا وليلا». — رؤيا ١٤:١٠ب، ١١.
١٥، ١٦ ما هو فحوى الكلمات «نار وكبريت» في رؤيا ١٤:١٠؟
١٥ ينظر البعض الى ذكر نار وكبريت («نار وحجر كبريت»، ترجمة الملك جيمس ) هنا كبرهان على وجود نار هاوية. ولكنَّ نظرة مختصرة الى نبوة مماثلة تظهر الفحوى الحقيقي لهذه الكلمات في هذه القرينة. فقديما في ايام اشعيا، حذَّر يهوه امة ادوم انهم سيعاقَبون بسبب عداوتهم لاسرائيل. قال: «تتحوَّل انهارها زفتا، وترابها كبريتا، وتصير ارضها زفتا مشتعلا. ليلا ونهارا لا تنطفئ. الى الدهر يصعد دخانها. من جيل الى جيل تبقى قاحلة. وإلى ابد الآبدين لا يعبر فيها احد». — اشعيا ٣٤:٩، ١٠.
١٦ فهل طُرحت ادوم في نار هاوية اسطورية لتحترق الى الابد؟ طبعا لا. ولكنَّ الامة اختفت تماما من المشهد العالمي كما لو انها التُهمت كاملا بنار وكبريت. والنتيجة النهائية للعقاب لم تكن عذابا ابديا بل ‹الخلاء . . . الخراب . . . العدم›. (اشعيا ٣٤:١١، ١٢) والدخان ‹الصاعد الى الدهر› يوضح ذلك بحيوية. فعندما يحترق بيت، يستمر الدخان في التصاعد من الرماد لبعض الوقت بعد ان تخمد اللُّهُب، مزوِّدا الناظرين بالدليل على انه كان هنالك حريق مدمِّر. وحتى اليوم يتذكَّر شعب اللّٰه الدرس الذي يجب تعلُّمه من دمار ادوم. وبهذه الطريقة لا يزال ‹دخان حريقها› يصعد بطريقة رمزية.
١٧، ١٨ (أ) ما هي النتيجة لاولئك الذين ينالون سمة الوحش؟ (ب) بأية طريقة يعذَّب عبَّاد الوحش؟ (ج) كيف «يصعد دخان عذابهم الى ابد الآبدين»؟
١٧ ان اولئك الذين لهم سمة الوحش سيدمَّرون ايضا تماما، كما لو انه بنار. وكما تظهر النبوة في ما بعد، ستُترك جثثهم غير مدفونة لتأكلها الحيوانات والطيور. (رؤيا ١٩:١٧، ١٨) ولذلك من الواضح انهم لا يعذَّبون الى الابد حرفيا! فكيف ‹يعذَّبون بنار وكبريت›؟ بمعنى ان المناداة بالحق تشهِّرهم وتحذِّرهم من دينونة اللّٰه القادمة. ولذلك فانهم يطعنون في شعب اللّٰه، وحيثما امكن، يقنعون بمكر الوحش السياسي باضطهاد وحتى قتل شهود يهوه. وكذروة، سيدمَّر هؤلاء المقاومون كما بنار وحجر كبريت. وحينئذ «يصعد دخان عذابهم الى ابد الآبدين» بمعنى ان دينونة اللّٰه لهم ستخدم كمِحكٍّ اذا جرى تحدّي سلطان يهوه الشرعي ثانية يوما ما. فهذه القضية ستكون قد بُتَّت الى الابد.
١٨ ومَن يسلِّم الرسالة المعذِّبة اليوم؟ تذكَّروا ان الجراد الرمزي له سلطة ان يعذِّب الناس الذين ليس لهم ختم اللّٰه على جباههم. (رؤيا ٩:٥) وكما يتضح، فان هؤلاء الاشخاص تحت توجيه ملائكي هم المعذِّبون. ومثابرة الجراد الرمزي هي بحيث ان «الذين يعبدون الوحش وصورته، ومن ينال سمة اسمه، . . . لا راحة لهم نهارا وليلا». وأخيرا، بعد دمارهم، يصعد الدليل التذكاري لتبرئة سلطان يهوه هذه، «دخان عذابهم»، الى ابد الآبدين. فليحتمل صف يوحنا الى ان تُكمَل هذه التبرئة! وكما يختتم الملاك: «هنا الحاجة الى احتمال القديسين، اولئك الذين يحفظون وصايا اللّٰه والايمان بيسوع». — رؤيا ١٤:١٢.
١٩ لماذا الاحتمال مطلوب من جهة القديسين، وبماذا يخبر يوحنا مما يقوّيهم؟
١٩ نعم، ان «احتمال القديسين» يعني عبادتهم يهوه بتعبُّد مطلق بواسطة يسوع المسيح. فرسالتهم ليست شعبية. وهي تقود الى المقاومة، الاضطهاد، وحتى الاستشهاد. ولكنهم يتقوَّون بما يخبر به يوحنا بعد ذلك: «وسمعت صوتا من السماء يقول: ‹اكتب: سعداء هم الاموات الذين يموتون في اتحاد بالرب منذ الآن. نعم، يقول الروح، فليستريحوا من اتعابهم، لأن اعمالهم تتبعهم›». — رؤيا ١٤:١٣.
٢٠ (أ) كيف ينسجم الوعد الذي يخبر به يوحنا مع نبوة بولس عن حضور يسوع؟ (ب) افراد الممسوحين الذين يموتون بعد إبعاد الشيطان من السماء يجري وعدهم بأي امتياز خصوصي؟
٢٠ هذا الوعد ينسجم جيدا مع نبوة بولس في ما يتعلق بحضور يسوع: «الاموات الذين في اتحاد بالمسيح سيقومون اولا. ثم نحن الاحياء الباقين [الممسوحين الذين يبقون احياء الى يوم الرب] سنُختطف معهم في السحب، لملاقاة الرب في الهواء». (١ تسالونيكي ٤:١٥-١٧) فبعد إبعاد الشيطان من السماء، قام اولا اولئك الذين كانوا امواتا في اتحاد بالمسيح. (قارنوا رؤيا ٦:٩-١١.) وبعد ذلك يجري وعد الافراد الممسوحين الذين يموتون في اثناء يوم الرب بامتياز خصوصي. فقيامتهم الى الحياة الروحانية في السماء هي فورية، «في طرفة عين». (١ كورنثوس ١٥:٥٢) فما أروع ذلك! وأعمال برهم تستمر في الحيِّز السماوي.
حصاد الارض
٢١ ماذا يخبرنا يوحنا عن «حصاد الارض»؟
٢١ سيستفيد آخرون ايضا في يوم الدينونة هذا، كما يمضي يوحنا مخبرا ايانا: «ونظرت فإذا سحابة بيضاء، وعلى السحابة جالس يشبه ابن انسان، على رأسه تاج ذهبي وبيده منجل حاد. وخرج ملاك آخر [الرابع] من مقدس الهيكل، صارخا بصوت عالٍ الى الجالس على السحابة: ‹أرسل منجلك واحصد، لأنها قد اتت ساعة الحصاد، فحصاد الارض قد نضج›. فألقى الجالس على السحابة منجله في الارض، فحُصِدَت الارض». — رؤيا ١٤:١٤-١٦.
٢٢ (أ) مَن هو اللابس تاجا ذهبيا والجالس على السحابة البيضاء؟ (ب) متى تحصل ذروة الحصاد، وكيف؟
٢٢ ان هوية الجالس على السحابة البيضاء ليست موضع شك. فالجالس على سحابة بيضاء، اذ يكون شبيها بابن انسان وله تاج ذهبي، هو يسوع على نحو واضح، الملك المسيّاني الذي رآه ايضا دانيال في رؤيا. (دانيال ٧:١٣، ١٤؛ مرقس ١٤:٦١، ٦٢) ولكن ما هو الحصاد المتنبَّأ عنه هنا؟ عندما كان على الارض، شبَّه يسوع عمل التلمذة بحصاد الحقل العالمي للبشرية. (متى ٩:٣٧، ٣٨؛ يوحنا ٤:٣٥، ٣٦) وذروة هذا الحصاد تأتي في يوم الرب عندما يتوَّج يسوع ملكا وينفِّذ الدينونة لمصلحة ابيه. وهكذا يكون زمن حكمه ايضا، منذ السنة ١٩١٤، الوقتَ المفرح لجلب الحصاد. — قارنوا تثنية ١٦:١٣-١٥.
٢٣ (أ) ممَّن يأتي الامر بالبدء بالحصاد؟ (ب) اي حصاد يحصل من السنة ١٩١٩ حتى الآن؟
٢٣ على الرغم من انه ملك وديّان، ينتظر يسوع امرا من يهوه الهه قبل البدء بالحصاد. وهذا الامر يأتي من «مقدس الهيكل» عن طريق ملاك. وفورا، يطيع يسوع. اولا، من السنة ١٩١٩ فصاعدا، يجعل ملائكته يكملون حصاد الـ ٠٠٠,١٤٤. (متى ١٣:٣٩، ٤٣؛ يوحنا ١٥:١، ٥، ١٦) وبعد ذلك، يحصل تجميع حصاد الجمع الكثير من الخراف الاخر. (يوحنا ١٠:١٦؛ رؤيا ٧:٩) ويظهر التاريخ انه بين ١٩٣١ و ١٩٣٥ بدأ عدد لا بأس به من الخراف الاخر هؤلاء يظهر. وفي السنة ١٩٣٥ كشف يهوه لفهم صف يوحنا الهوية الحقيقية للجمع الكثير للرؤيا ٧:٩-١٧ . ومنذ ذلك الحين، وُضع تشديد كبير على تجميع هذا الجمع. وبحلول السنة ٢٠٠٥، فاق عدده ستة ملايين، وهو لا يزال يتزايد. بالتاكيد، ان الذي يشبه ابن انسان قد حصد حصادا وافرا مبهجا في اثناء وقت النهاية هذا. — قارنوا خروج ٢٣:١٦؛ ٣٤:٢٢.
دوس كرمة الارض
٢٤ ماذا يوجد في يدي الملاك الخامس، وبماذا ينادي الملاك السادس؟
٢٤ باكمال حصاد الخلاص، يحين الوقت لحصاد آخر. يخبر يوحنا: «وخرج ملاك آخر ايضا [الخامس] من مقدس الهيكل الذي في السماء، ومعه هو ايضا منجل حاد. وخرج ملاك آخر ايضا [السادس] من المذبح وله سلطة على النار. ونادى بصوت عالٍ الذي معه المنجل الحاد، قائلا: ‹أَرسل منجلك واقطف عناقيد كرمة الارض، لأن عنبها قد نضج›». (رؤيا ١٤:١٧، ١٨ ) ان الحشود الملائكية مستأمَنة على حصاد كثير في اثناء يوم الرب، اذ تفرز الجيد من الرديء!
٢٥ (أ) الى ماذا يشير الواقع ان الملاك الخامس اتى من مقدس الهيكل؟ (ب) لماذا من الملائم ان يأتي الامر بالبدء بالحصاد من ملاك «خرج . . . من المذبح»؟
٢٥ يأتي الملاك الخامس من حضرة يهوه في مقدس الهيكل؛ ولذلك فإن الحصاد النهائي يحصل ايضا وفقا لمشيئة يهوه. ويجري امر الملاك بالبدء بعمله بواسطة رسالة منقولة عن طريق ملاك آخر «خرج . . . من المذبح». وهذا الواقع هو ذو اهمية الى حد بعيد، اذ ان النفوس الامينة تحت المذبح كانت قد سألت: «حتى متى، ايها السيد الرب القدوس والحق، تحجم عن ان تدين وتنتقم لدمنا من الساكنين على الارض؟». (رؤيا ٦:٩، ١٠) وبحصاد كرمة الارض، سيجري ارضاء صرخة الانتقام هذه.
٢٦ ما هي «كرمة الارض»؟
٢٦ ولكن ما هي «كرمة الارض»؟ في الاسفار العبرانية، جرى التحدث عن الامة اليهودية بصفتها كرمة يهوه. (اشعيا ٥:٧؛ ارميا ٢:٢١) وعلى نحو مماثل، يجري التحدث عن يسوع المسيح واولئك الذين سيخدمون معه في ملكوت اللّٰه بصفتهم كرمة. (يوحنا ١٥:١-٨) في هذا الوضع تكون الميزة المهمة للكرمة انها تنتج ثمرا، والكرمة المسيحية الحقيقية تنتج ثمرا وافرا لتسبيح يهوه. (متى ٢١:٤٣) ولذلك لا بد ان «كرمة الارض» ليست هي هذه الكرمة الحقيقية، بل تقليد الشيطان لها، نظامه المنظور الفاسد للحكم على الجنس البشري، ‹بعناقيده› المختلفة ذات الثمر الابليسي المنتَج على مرّ القرون. وبابل العظيمة، التي يكون العالم المسيحي المرتدّ بارزا جدا فيها، تمارس نفوذا كبيرا على هذه الكرمة السامة. — قارنوا تثنية ٣٢:٣٢-٣٥.
٢٧ (أ) ماذا يحصل عندما يقطف الملاك ذو المنجل كرمة الارض؟ (ب) اية نبوات في الاسفار العبرانية تشير الى مدى الحصاد؟
٢٧ الدينونة يجب ان تنفَّذ! «فألقى الملاك منجله في الارض وقطف كرمة الارض، وطرحها في معصرة خمر غضب اللّٰه العظيمة. وديست معصرة الخمر خارج المدينة، فخرج دم من معصرة الخمر الى علو لُجُم الخيل، مسافة ألف وست مئة غلوة». (رؤيا ١٤:١٩، ٢٠ ) ان سخط يهوه على هذه الكرمة كان قد أُعلن منذ زمن طويل. (صفنيا ٣:٨) وثمة نبوة في سفر اشعيا لا تترك ايّ شك في ان امما بكاملها ستدمَّر عندما تداس معصرة الخمر. (اشعيا ٦٣:٣-٦) ويوئيل ايضا تنبَّأ ان «جماهير» ضخمة، امما بكاملها، كانت ستداس للهلاك في «معصرة الخمر»، في «منخفض وادي القضاء». (يوئيل ٣:١٢-١٤) حقا، لن يجري حصاد هائل كهذا ثانية ابدا! ووفقا لرؤيا يوحنا، لا يُحصد العنب فقط بل ان كرمة رمزية بكاملها تُقطَع وتُلقى في معصرة الخمر لتداس. ولذلك ستُستأصل كرمة الارض ولن تكون قادرة على النمو ثانية.
٢٨ مَن يقومون بدوس كرمة الارض، وماذا يعني ان معصرة الخمر «ديست . . . خارج المدينة»؟
٢٨ ان الدوس الرؤيوي تقوم به خيل، لأن الدم المدوس الخارج من الكرمة يبلغ «لُجُم الخيل». وبما ان التعبير «خيل» يشير عادة الى عمليات حربية، فلا بد ان يكون ذلك وقت حرب. فجيوش السموات التي تتبع يسوع الى الحرب الاخيرة ضد نظام اشياء الشيطان يقال انها ستدوس «معصرة خمر غضب سخط اللّٰه القادر على كل شيء». (رؤيا ١٩:١١-١٦) هؤلاء بوضوح هم الذين يقومون بدوس كرمة الارض. ومعصرة الخمر «ديست . . . خارج المدينة»، اي خارج صهيون السماوية. وفي الواقع، من الملائم انه يكون دوس كرمة الارض على الارض. ولكنها ايضا ‹ستُداس خارج المدينة› بمعنى انه لن يلحق ايّ اذى الباقين من نسل المرأة، الذين يمثِّلون صهيون السماوية على الارض. فهؤلاء مع الجمع الكثير سيُخبَّأون بأمان ضمن ترتيب يهوه التنظيمي الارضي. — اشعيا ٢٦:٢٠، ٢١.
٢٩ الى ايّ حد يكون الدم من معصرة الخمر عميقا، كم يمتدّ، والى ماذا يشير كل ذلك؟
٢٩ هذه الرؤيا الحية لها تناظر في سحق ممالك الارض بواسطة حجر الملكوت الموصوف في دانيال ٢:٣٤، ٤٤. فستكون هنالك ابادة. ونهر الدم من معصرة الخمر عميق جدا، الى علو لُجُم الخيل، ويمتدّ مسافة ٦٠٠,١ غلوة.a وهذا الرقم الضخم، الناتج من ضرب مربع الاربعة في مربع العشرة (٤×٤×١٠×١٠)، ينقل على نحو تشديدي الرسالة ان الدليل على الدمار سيشمل كل الارض. (اشعيا ٦٦:١٥، ١٦) فالدمار سيكون تاما ولا يمكن نقضه. كلا، لن تتأصل كرمة الارض للشيطان مرة ثانية ابدا. — مزمور ٨٣:١٧، ١٨.
٣٠ ما هي ثمار كرمة الشيطان، وماذا يجب ان يكون تصميمنا؟
٣٠ اذ نحيا في ساعة متأخرة من وقت النهاية، تكون رؤيا هذين الحصادين غنية جدا بالمعنى. وما علينا إلا ان ننظر حولنا لنرى ثمار كرمة الشيطان. فالاجهاضات والاشكال الاخرى للقتل؛ مضاجعة النظير، الزنى، والاشكال الاخرى للفساد الادبي؛ عدم الاستقامة والنقص في المودَّة الطبيعية — مثل هذه الامور كلها تجعل هذا العالم رديئا في عيني يهوه. ان كرمة الشيطان ‹تثمر سما وأفسنتينا›. ومسلكها الصنمي المخرِّب يحقِّر الخالق العظيم للجنس البشري. (تثنية ٢٩:١٨؛ ٣٢:٥؛ اشعيا ٤٢:٥، ٨) ويا له من امتياز ان نقترن بنشاط بصف يوحنا في حصاد الثمر السليم الذي ينتجه يسوع تسبيحا ليهوه! (لوقا ١٠:٢) فلنصمم جميعا ان لا تفسدنا ابدا كرمة هذا العالم، ولنتجنب بالتالي ان نداس مع كرمة الارض عندما تُنفَّذ دينونة يهوه المضادة.
[الحاشية]
a ٦٠٠,١ غلوة هي نحو ٣٠٠ كيلومتر، او ١٨٠ ميلا انكليزيا. — رؤيا ١٤:٢٠، الكتاب المقدس المرجعي لترجمة العالم الجديد، الحاشية.
[الاطار في الصفحة ٢٠٨]
‹خمر عهارتها›
ان جزءا بارزا من بابل العظيمة هو الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وتُحكم الكنيسة من قِبل البابا في روما وتدَّعي ان كل بابا هو خليفة الرسول بطرس. وما يلي هو بعض الوقائع المنشورة عمن يسمَّون خلفاء:
فورموسوس (٨٩١-٨٩٦): «بعد تسعة شهور من موته، أُخرجت جثة فورموسوس من السرداب البابوي وأُحضرت للمحاكمة امام مجلس ‹لمحاكمة الجثث›، اشرف عليها اسطفان [البابا الجديد]. لقد اتُّهم البابا الميت بطموح جامح الى المنصب البابوي وأُعلنت كل اعماله انها باطلة. . . . وعُرِّيت الجيفة من الثياب الحَبرية؛ وبُترت اصابع اليد اليمنى». — دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.
اسطفان السادس (٨٩٦-٨٩٧): «في غضون بضعة شهور [من محاكمة جيفة فورموسوس] انهى ردّ فعل عنيف مدة حكم البابا اسطفان؛ لقد حُرم الشارة الحَبرية، سُجن، وشُنق». — دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.
سرجيوس الثالث (٩٠٤-٩١١): «سَلَفاه المباشران . . . شُنقا في السجن. . . . وفي روما دعمته عائلة ثيوفيلاكتوس، التي من احدى بناتها، ماروزيا، يُفترض انه كان له ابن (لاحقا البابا يوحنا الحادي عشر)». — دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.
اسطفان السابع (٩٢٨-٩٣١): «في السنين الاخيرة لحكمه البابوي، كان البابا يوحنا العاشر . . . قد تعرَّض لغضب ماروزيا، Senatrix Donna روما، وسُجن واغتيل. وحينئذ منحت ماروزيا البابوية للبابا ليو السادس، الذي مات بعد ٢⁄١ ٦ شهور في منصبه. وخلفه اسطفان السابع، وعلى الارجح عن طريق نفوذ ماروزيا. . . . وفي اثناء سنتيه بصفته بابا، كان بلا سلطة تحت سيطرة ماروزيا». — دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.
يوحنا الحادي عشر (٩٣١-٩٣٥): «عقب موت اسطفان السابع . . .، ماروزيا، من بيت ثيوفيلاكتوس، جعلت البابوية لابنها يوحنا، شاب في اوائل عشريناته. . . . وكبابا، جرت السيطرة على يوحنا من قِبل امه». — دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة.
يوحنا الثاني عشر (٩٥٥-٩٦٤): «لم يكد يبلغ الثامنة عشرة، والتقارير المعاصرة توافق على عدم اهتمامه بالامور الروحية، ادمانه الملذات الفظة، والحياة الفاسقة غير المكبوحة». — قاموس اوكسفورد للبابوات.
بنيديكت التاسع (١٠٣٢-١٠٤٤؛ ١٠٤٥؛ ١٠٤٧-١٠٤٨): «كان مشهورا ببيع البابوية لعرَّابه ثم على نحو متتالٍ المطالبة بالمنصب مرتين». — دائرة المعارف البريطانية الجديدة.
وهكذا، عوض اتِّباع مثال بطرس الامين، كان هؤلاء البابوات وغيرهم نفوذا شريرا. فقد سمحوا لذنب سفك الدم والعهارة الروحية والجسدية، اضافة الى نفوذ ايزابل، بإفساد الكنيسة التي حكموها. (يعقوب ٤:٤) وفي السنة ١٩١٧ عرض كتاب تلاميذ الكتاب المقدس السر المنتهي كثيرا من الوقائع بتفصيل شديد. وهذه كانت احدى الطرائق التي بها ‹ضرب [تلاميذ الكتاب المقدس في تلك الايام] الارض بكل انواع الضربات›. — رؤيا ١١:٦؛ ١٤:٨؛ ١٧:١، ٢، ٥.
[الصورة في الصفحة ٢٠٦]
المسيح المتوَّج ينجز الدينونة بدعم ملائكي
[الصورة في الصفحة ٢٠٧]
بعد سقوط بابل في السنة ٥٣٩ قم تحرَّر سجناؤها
-
-
اعمال يهوه — عظيمة وعجيبةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣١
اعمال يهوه — عظيمة وعجيبة
الرؤيا ١٠ — رؤيا ١٥:١–١٦:٢١
الموضوع: يهوه في مقدسه؛ جامات غضبه السبعة تُسكب على الارض
وقت الاتمام: ١٩١٩ الى هرمجدون
١، ٢ (أ) اية آية ثالثة يخبر بها يوحنا؟ (ب) اي دور ملائكي كان معروفا لمدة طويلة عند خدام يهوه؟
امرأة تلد ولدا ذكرا! تنين عظيم يسعى الى التهام هذا الولد! ان هاتين الآيتين السماويتين، المصوَّرتين بحيوية الى حد بعيد في الرؤيا الاصحاح ١٢، بيَّنتا لنا ان الخصومة الطويلة العهد التي تشمل نسل امرأة اللّٰه والشيطان ونسله الابليسي تبلغ ذروتها. وفي ابراز هذين الرمزين، يقول يوحنا: «وظهرت آية عظيمة في السماء . . . وظهرت آية اخرى». (رؤيا ١٢:١، ٣، ٧-١٢) والآن يخبر يوحنا بآية ثالثة: «ورأيت في السماء آية أخرى عظيمة وعجيبة: سبعة ملائكة معهم سبع ضربات. هي الاخيرة، لأن بها ينتهي غضب اللّٰه». (رؤيا ١٥:١ ) وهذه الآية الثالثة لها ايضا معنى حيوي لخدام يهوه.
٢ لاحظوا الادوار المهمة التي للملائكة مرة اخرى في انجاز مشيئة اللّٰه. وهذا الواقع كان معروفا لمدة طويلة عند خدام يهوه. حتى ان صاحب المزمور قديما تحدث الى ملائكة كهؤلاء تحت الوحي، حاثّا اياهم: «باركوا يهوه يا ملائكته المقتدرين قوة، العاملين بكلمته، سمعا لصوت كلامه». (مزمور ١٠٣:٢٠) والآن، في هذا المشهد الجديد، يعيَّن الملائكة لسكب الضربات السبع الاخيرة.
٣ ما هي الضربات السبع، وعلى ماذا يدل سكبها؟
٣ وما هي هذه الضربات؟ كنفخات الابواق السبع، انها اعلانات دينونة قاسية جدا تظهر نظرة يهوه الى اوجه مختلفة لهذا العالم وتحذِّر من النتيجة النهائية لأحكامه. (رؤيا ٨:١–٩:٢١) وسكبها يشير الى تنفيذ هذه الاحكام، عندما تدمَّر اهداف سخط يهوه في يوم اتقاد غضبه. (اشعيا ١٣:٩-١٣؛ رؤيا ٦:١٦، ١٧) وهكذا، بها «ينتهي غضب اللّٰه». ولكن قبل وصف سكب الضربات، يخبرنا يوحنا عن بعض البشر الذين لن يتأثروا بها على نحو مضاد. واذ رفضوا سمة الوحش، يرنِّم هؤلاء الاولياء تسابيح ليهوه فيما ينادون بيوم انتقامه. — رؤيا ١٣:١٥-١٧.
ترنيمة موسى والحمل
٤ ماذا يصير ظاهرا ليوحنا الآن؟
٤ والآن يصير مشهد شامل رائع ظاهرا ليوحنا: «ورأيت مثل بحر زجاجي مختلط بنار، والذين يخرجون منتصرين على الوحش وصورته وعدد اسمه واقفين عنده، ومعهم قيثارات اللّٰه». — رؤيا ١٥:٢.
٥ ماذا يمثِّله ‹البحر الزجاجي المختلط بنار›؟
٥ ‹البحر الزجاجي› هو نفسه الذي رآه يوحنا في وقت ابكر، الواقع امام عرش اللّٰه. (رؤيا ٤:٦) انه مماثل لـ «البحر المسبوك» (حوض الماء) في هيكل سليمان، حيث كان الكهنة يحصلون على الماء ليطهروا انفسهم. (١ ملوك ٧:٢٣) وهكذا يكون تمثيلا حسنا لـ «غُسل الماء»، اي كلمة اللّٰه، التي بها يطهر يسوع الجماعة الكهنوتية للمسيحيين الممسوحين. (افسس ٥:٢٥، ٢٦؛ عبرانيين ١٠:٢٢) وهذا البحر الزجاجي «مختلط بنار»، مما يشير الى ان هؤلاء الممسوحين يُمتحنون ويُنقَّون اذ يطيعون المقياس السامي الموضوع امامهم. واكثر من ذلك، يذكِّرنا بأن كلمة اللّٰه تحتوي ايضا على تعابير احكام نارية ضد اعدائه. (تثنية ٩:٣؛ صفنيا ٣:٨) وبعض هذه الاحكام النارية يُعرَب عنها في الضربات السبع الاخيرة التي هي على وشك ان تُسكب.
٦ (أ) مَن هم المرنِّمون الواقفون امام البحر الزجاجي السماوي، وكيف نعرف ذلك؟ (ب) بأية طريقة «يخرجون منتصرين»؟
٦ وواقع ان البحر المسبوك في هيكل سليمان كان لاستعمال الكهنة يشير الى ان المرنِّمين الواقفين امام البحر الزجاجي السماوي هم صف كهنوتي. وهم لديهم «قيثارات اللّٰه»، ولذلك نقرنهم بالشيوخ الـ ٢٤ والـ ٠٠٠,١٤٤، لان هذين الفريقين ايضا يرنِّمون بمصاحبة قيثارات. (رؤيا ٥:٨؛ ١٤:٢) والمرنِّمون الذين يراهم يوحنا «يخرجون منتصرين على الوحش وصورته وعدد اسمه». ولذلك لا بد ان يكونوا من بين الـ ٠٠٠,١٤٤ الذين يحيون على الارض في اثناء الايام الاخيرة. وكفريق، يخرجون منتصرين فعلا. فطوال ما يناهز ٩٠ سنة منذ السنة ١٩١٩، رفضوا قبول سمة الوحش او النظر الى صورته بصفتها رجاء الانسان الوحيد للسلام. وكثيرون منهم قد احتملوا بأمانة الى الموت، وهؤلاء، الآن في السماء، يتبعون دون شك بمسرَّة خصوصية ترنيم اخوتهم الذين لا يزالون على الارض. — رؤيا ١٤:١١-١٣.
٧ كيف استُعملت القيثارة في اسرائيل القديمة، وكيف يجب ان يؤثر فينا وجود قيثارات اللّٰه في رؤيا يوحنا؟
٧ ان هؤلاء المنتصرين الاولياء لديهم قيثارات اللّٰه. وهم في ذلك كلاويِّي الهيكل في الماضي الذين عبدوا يهوه بترنيم بمصاحبة القيثارات. وتنبَّأ البعض ايضا بمصاحبة القيثارات. (١ أخبار الايام ١٥:١٦؛ ٢٥:١-٣) والموسيقى الجميلة للقيثارة زخرفت ترانيم فرح اسرائيل وصلوات تسبيحهم وشكرهم ليهوه. (١ أخبار الايام ١٣:٨؛ مزمور ٣٣:٢؛ ٤٣:٤؛ ٥٧:٧، ٨) وفي اوقات الكآبة او الاسر، لم تكن تُسمع القيثارة. (مزمور ١٣٧:٢) ووجود قيثارات اللّٰه في هذه الرؤيا يجب ان ينبِّه توقُّعنا الى ترنيمة نصر وتهلُّل تسبيحا وشكرا لالهنا.a
٨ اية ترنيمة تُرنَّم، وما هي كلماتها؟
٨ هذا ما يخبر به يوحنا: «وهم يرنمون ترنيمة موسى عبد اللّٰه وترنيمة الحمل، قائلين: ‹عظيمة وعجيبة هي اعمالك، يا يهوه اللّٰه، القادر على كل شيء. بارة وحق هي طرقك، يا ملك الابدية. مَن لن يخافك، يا يهوه، ويمجد اسمك، لأنك وحدك وليّ؟ فجميع الامم سيأتون ويقدِّمون العبادة امامك، لأن احكامك البارة قد أُظهرت›». — رؤيا ١٥:٣، ٤.
٩ لماذا دُعيت الترنيمة جزئيا «ترنيمة موسى»؟
٩ هؤلاء المنتصرون يرنِّمون «ترنيمة موسى»، اي ترنيمة مماثلة للتي رنَّمها موسى في ظروف مشابهة. فبعد ان شهد الاسرائيليون الضربات العشر في مصر ودمار الجيوش المصرية في البحر الاحمر، قادهم موسى في ترنيمة نصر كهذه تسبيحا ليهوه، مناديا: «يهوه يملك الى الدهر والابد». (خروج ١٥:١-١٩) وكم يكون ملائما للمرنِّمين في رؤيا يوحنا، اذ ينتصرون على الوحش ويكونون مشمولين بالمناداة بالضربات السبع الاخيرة، ان يرنِّموا ايضا ‹لملك الابدية›! — ١ تيموثاوس ١:١٧.
١٠ اية ترنيمة اخرى ألَّفها موسى، وكيف يتعلق العدد الاخير منها بالجمع الكثير اليوم؟
١٠ وفي ترنيمة اخرى، أُلِّفت فيما كان اسرائيل يستعدّ لغزو كنعان، اخبر موسى المسنّ هذه الامة: «اني أعلن اسم يهوه. أعطوا عظمة لإلهنا!». والعدد الاخير من هذه الترنيمة اعطى ايضا التشجيع لغير الاسرائيليين، وكلمات موسى الملهمة تبلغ الجمع الكثير اليوم: «تهللوا ايها الامم مع شعبه». ولماذا يجب ان يتهللوا؟ لأن يهوه الآن «ينتقم لدم خدامه، ويرد نقمة على خصومه». وهذا التنفيذ للدينونة البارة سيجلب ابتهاجا لجميع الذين يرجون يهوه. — تثنية ٣٢:٣، ٤٣؛ روما ١٥:١٠-١٣؛ رؤيا ٧:٩.
١١ كيف تستمر الترنيمة التي سمعها يوحنا في حيازة اتمام؟
١١ كم كان سيفرح موسى نفسه ان يكون في يوم الرب الآن، مرنِّما الى جانب الجوقة السماوية: «جميع الامم سيأتون ويقدِّمون العبادة امامك»! وهذه الترنيمة الفائقة تستمر في حيازة اتمام رائع اليوم اذ نرى، لا في الرؤيا فقط بل كحقيقة حية، الملايين من «الامم» الذين يتدفقون الآن بفرح الى هيئة يهوه الارضية.
١٢ لماذا دُعيت ترنيمة المنتصرين ايضا «ترنيمة الحمل»؟
١٢ إلا ان هذه الترنيمة ليست فقط ترنيمة موسى بل ايضا «الحمل». وكيف ذلك؟ كان موسى نبي يهوه لاسرائيل، ولكنَّ موسى نفسه تنبَّأ ان يهوه كان سيقيم نبيا مثله. وهذا الشخص تبيَّن انه الحمل، يسوع المسيح. وبينما كان موسى «عبد اللّٰه» كان يسوع ابن اللّٰه، وفي الواقع، موسى الاعظم. (تثنية ١٨:١٥-١٩؛ اعمال ٣:٢٢، ٢٣؛ عبرانيين ٣:٥، ٦) ولذلك يرنِّم المرنِّمون ايضا «ترنيمة الحمل».
١٣ (أ) كيف يكون يسوع، على الرغم من انه اعظم من موسى، مثله؟ (ب) كيف يمكن ان نتَّحد مع المرنِّمين؟
١٣ كموسى، رنَّم يسوع علنا تسابيح اللّٰه وتنبَّأ عن ظفره على جميع اعدائه. (متى ٢٤:٢١، ٢٢؛ ٢٦:٣٠؛ لوقا ١٩:٤١-٤٤) ويسوع تطلَّع ايضا الى الوقت الذي فيه تأتي الامم لتسبِّح يهوه، وبصفته «حمل اللّٰه» المضحّي بالذات، بذل حياته البشرية ليجعل ذلك ممكنا. (يوحنا ١:٢٩؛ رؤيا ٧:٩؛ قارنوا اشعيا ٢:٢-٤؛ زكريا ٨:٢٣.) وكما قدَّر موسى اسم اللّٰه، يهوه، ومجَّد هذا الاسم، كذلك جعل يسوع اسم اللّٰه ظاهرا. (خروج ٦:٢، ٣؛ مزمور ٩٠:١، ١٧؛ يوحنا ١٧:٦) وبما ان يهوه ذو ولاء، فإن وعوده المجيدة اكيدة الاتمام. بالتأكيد، اذًا، نحن متَّحدون مع هؤلاء المرنِّمين الاولياء، مع الحمل، ومع موسى، في الموافقة على كلمات الترنيمة: «مَن لن يخافك، يا يهوه، ويمجد اسمك؟».
الملائكة ذوو الجامات
١٤ مَن يراهم يوحنا يخرجون من المقدس، وماذا يُعطى لهم؟
١٤ من الملائم ان نسمع ترنيمة هؤلاء الغالبين الممسوحين. ولماذا؟ لأنهم يعلنون على الارض الاحكام التي تحتويها الجامات الممتلئة من غضب اللّٰه. ولكنَّ سكب هذه الجامات يشمل اكثر من مجرد البشر، كما يمضي يوحنا مظهرا: «وبعد هذا نظرت، وكان مقدس خيمة الشهادة مفتوحا في السماء، وخرج من المقدس الملائكة السبعة الذين معهم الضربات السبع، لابسين كتَّانا نقيا متألقا ومتمنطقين عند صدورهم بمناطق ذهبية. وواحد من المخلوقات الحية الاربعة أعطى الملائكة السبعة سبعة جامات ذهبية ممتلئة من غضب اللّٰه، الحي الى أبد الآبدين». — رؤيا ١٥:٥-٧.
١٥ لماذا ليس مدهشا ان يخرج الملائكة السبعة من المقدس؟
١٥ في ما يختص بالهيكل الاسرائيلي، الذي احتوى على تمثيلات للامور السماوية، كان يمكن لرئيس الكهنة فقط ان يدخل قدس الاقداس، المدعو هنا «المقدس». (عبرانيين ٩:٣، ٧) فهو يمثِّل مكان حضور يهوه في السماء. ولكن، في السماء عينها، ليس لرئيس الكهنة يسوع المسيح فقط امتياز الدخول امام يهوه بل للملائكة ايضا. (متى ١٨:١٠؛ عبرانيين ٩:٢٤-٢٦) اذًا، ليس مدهشا ان يُرى الملائكة السبعة يخرجون من المقدس في السماء. فلديهم مهمة من يهوه اللّٰه نفسه: اسكبوا الجامات الممتلئة من غضب اللّٰه. — رؤيا ١٦:١.
١٦ (أ) ماذا يظهر ان الملائكة السبعة مؤهَّلون جيدا لعملهم؟ (ب) ماذا يشير الى ان آخرين مشمولون بالعمل العظيم لسكب الجامات الرمزية؟
١٦ ان هؤلاء الملائكة مؤهَّلون جيدا لهذا العمل. وهم متسربلون بكتَّان نقي ومتألق، مما يظهر انهم انقياء روحيا وقديسون، ابرار في نظر يهوه. وأيضا، يلبسون مناطق ذهبية. والمناطق تُستخدم عادة عندما يتمنطق الشخص لعمل يجب انجازه. (لاويين ٨:٧، ١٣؛ ١ صموئيل ٢:١٨؛ لوقا ١٢:٣٧؛ يوحنا ١٣:٤، ٥) ولذلك فان الملائكة متمنطقون لانجاز تعيين ما. وعلاوة على ذلك، فان مناطقهم ذهبية. وفي المسكن القديم، استُخدم الذهب ليمثِّل امورا الهية وسماوية. (عبرانيين ٩:٤، ١١، ١٢) ويعني ذلك ان هؤلاء الملائكة لديهم مهمة خدمة الهية ثمينة لتأديتها. وهذا العمل العظيم يشمل آخرين ايضا. فواحد من المخلوقات الحية الاربعة يناولهم الجامات الفعلية. وهذا، دون شك، كان المخلوق الحي الاول، الشبيه بأسد، رامزا الى الجرأة والشجاعة التي لا تُقهر اللازمتين للمناداة بأحكام يهوه. — رؤيا ٤:٧.
يهوه في مقدسه
١٧ ماذا يخبرنا يوحنا عن المقدس، وكيف يذكِّرنا ذلك بالمقدس في اسرائيل القديمة؟
١٧ وأخيرا، اذ يُكمِل هذا الجزء من الرؤيا، يخبرنا يوحنا: «فامتلأ المقدس دخانا بسبب مجد اللّٰه وقدرته، ولم يقدر احد ان يدخل المقدس حتى انتهت سبع ضربات الملائكة السبعة». (رؤيا ١٥:٨ ) كانت هنالك مناسبات في تاريخ اسرائيل غطت فيها سحابةٌ المقدس الحرفي، وهذا الاعراب عن مجد يهوه منع الكهنة من الدخول الى هناك. (١ ملوك ٨:١٠، ١١؛ ٢ أخبار الايام ٥:١٣، ١٤؛ قارنوا اشعيا ٦:٤، ٥.) وكانت هذه اوقاتا كانت ليهوه فيها على نحو فعَّال علاقة بالتطورات على الارض.
١٨ متى سيعود الملائكة السبعة ليقدموا تقريرا ليهوه؟
١٨ يهوه مهتم ايضا بعمق بالامور التي تحدث على الارض الآن. وهو يريد من الملائكة السبعة ان يكملوا تعيينهم. انه وقت ذروي للدينونة، كما هو موصوف في مزمور ١١:٤-٦: «يهوه في هيكله المقدس. يهوه في السموات عرشه. عيناه تنظران، ونظراته تفحص بني البشر. يهوه يفحص البار والشرير، ومحب العنف تبغضه نفسه. يمطر على الأشرار فخاخا، نارا وكبريتا، وريحا لافحة، فتكون كأسا يشربونها». فإلى ان تُسكب الضربات السبع على الاشرار، لن يعود الملائكة السبعة الى حضرة يهوه الرفيعة.
١٩ (أ) اي امر يجري اصداره، ومن قِبل مَن؟ (ب) متى لا بد ان يكون قد بدأ سكب الجامات الرمزية؟
١٩ والامر الذي يوحي بالرهبة يدوّي راعدا: «وسمعت صوتا عاليا من المقدس يقول للملائكة السبعة: ‹اذهبوا واسكبوا جامات غضب اللّٰه السبعة على الارض›». (رؤيا ١٦:١ ) فمَن يصدر هذا الامر؟ لا بد انه يهوه نفسه، لان اشراق مجده وقوته منع ايّ شخص آخر من دخول المقدس. لقد اتى يهوه الى هيكله الروحي من اجل الدينونة في السنة ١٩١٨. (ملاخي ٣:١-٥) اذًا، لا بد انه اعطى الامر بسكب جامات غضب اللّٰه بعد ذلك التاريخ بوقت قصير. وفي الواقع، ابتدأت المناداة بالاحكام التي تحتويها الجامات الرمزية بكثافة في السنة ١٩٢٢. والمناداة بها تزداد على نحو تصاعدي اليوم.
الجامات ونفخات الابواق
٢٠ ماذا تظهره وتحذِّر منه جامات غضب يهوه، وكيف تُسكب؟
٢٠ ان جامات غضب يهوه تُظهِر اوجه مشهد العالم كما ينظر اليها يهوه وتحذِّر من الاحكام التي سينفذها يهوه. والملائكة تسكب الجامات من خلال وكالة جماعة المسيحيين الممسوحين على الارض، الاشخاص الذين يرنِّمون ترنيمة موسى وترنيمة الحمل. وفيما نادى بالملكوت بصفته بشارة، اظهر صف يوحنا بجرأة محتويات جامات الغضب هذه. (متى ٢٤:١٤؛ رؤيا ١٤:٦، ٧) وهكذا تكون رسالتهم المزدوجة سلمية في المناداة بالحرية للجنس البشري ولكن حربية في التحذير من «يوم انتقام لإلهنا». — اشعيا ٦١:١، ٢.
٢١ كيف تعادل اهداف جامات غضب اللّٰه الاربعة الاولى تلك التي لنفخات الابواق الاربع الاولى، وفي ماذا تختلف؟
٢١ ان اهداف جامات غضب اللّٰه الاربعة الاولى تعادل تلك التي لنفخات الابواق الاربع الاولى، اي الارض، البحر، الانهار وينابيع المياه، والمصادر السماوية للنور. (رؤيا ٨:١-١٢) ولكنَّ نفخات الابواق اعلنت ضربات على «ثلث»، في حين ان الكل أُصيب بسكب جامات غضب اللّٰه. وهكذا، بينما نال العالم المسيحي، بصفته ‹ثلثا›، الانتباه الاول في اثناء يوم الرب، لم يُعف ولا جزء واحد من نظام الشيطان من ضربه برسائل احكام يهوه المغيظة والاحزان التي تجلبها.
٢٢ كيف كانت نفخات الابواق الثلاث الاخيرة مختلفة، وكيف تتعلَّق بجامات غضب يهوه الثلاثة الاخيرة؟
٢٢ ونفخات الابواق الثلاث الاخيرة كانت مختلفة، لأنها دُعيت ويلات. (رؤيا ٨:١٣؛ ٩:١٢) والاثنان الاولان من هذه تألَّفا على نحو خصوصي من الجراد وجيوش الخيالة، فيما قدَّم الثالث ولادة ملكوت يهوه. (رؤيا ٩:١-٢١؛ ١١:١٥-١٩) وكما سنرى، فإن جامات غضبه الثلاثة الاخيرة تغطّي ايضا بعض هذه الاوجه، ولكنها مختلفة الى حد ما عن الويلات الثلاثة. فلننتبه الآن جيدا الى الانكشافات المؤثِّرة التي تنتج من سكب جامات غضب يهوه.
[الحاشية]
a على نحو مثير للاهتمام، اصدر صف يوحنا في السنة ١٩٢١ المطبوعة المساعدة على درس الكتاب المقدس قيثارة اللّٰه، التي طُبع منها اكثر من خمسة ملايين نسخة بأكثر من ٢٠ لغة. وقد ساعدت على جلب مزيد من المرنِّمين الممسوحين.
-
-
غضب اللّٰه ينتهيالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٢
غضب اللّٰه ينتهي
١ ماذا سيكون قد حدث عندما تكون الجامات السبعة قد سُكبت نهائيا، وأي سؤالين ينشأان الآن في ما يتعلق بالجامات؟
كان يوحنا قد قدَّم الملائكة المفوَّض اليهم سكب الجامات السبعة. وهو يخبرنا بأنها «الاخيرة، لأن بها ينتهي غضب اللّٰه». (رؤيا ١٥:١؛ ١٦:١) وهذه الضربات، اذ تكشف عقوبات يهوه على الشر في الارض، يجب ان تُسكب على نحو نهائي. وعندما تنتهي ستكون احكام اللّٰه قد نُفِّذت. وعالم الشيطان لن يكون في ما بعد! فبماذا تتوعَّد هذه الضربات الجنس البشري وحكام النظام الشرير الحاضر؟ كيف يستطيع المسيحيون تجنُّب ضربهم مع هذا العالم المحكوم عليه؟ هذان سؤالان حيويان، وستجري الاجابة عنهما الآن. وجميع الذين يتوقون الى انتصار البر سيهتمون اهتماما شديدا بما يراه يوحنا بعد ذلك.
سخط يهوه على «الارض»
٢ ماذا ينتج من سكب الملاك الاول جامه على الارض، والى ماذا ترمز «الارض»؟
٢ الملاك الاول يشرع في العمل! «فمضى الاول وسكب جامه على الارض. فكان قرح مؤذ وخبيث على الناس الذين لهم سمة الوحش والذين يعبدون صورته». (رؤيا ١٦:٢ ) كما في حالة نفخة البوق الاولى، ترمز «الارض» هنا الى النظام السياسي المستقر ظاهريا الذي بدأ الشيطان ببنائه هنا على الارض قديما في زمن نمرود، منذ اكثر من ٠٠٠,٤ سنة. — رؤيا ٨:٧.
٣ (أ) كيف تطلب حكومات كثيرة ما يعادل العبادة من رعاياها؟ (ب) ماذا انتجت الامم كبديل لملكوت اللّٰه، وما هو التأثير في اولئك الذين يعبدونه؟
٣ في هذه الايام الاخيرة، تطلب حكومات كثيرة ما يعادل العبادة من رعاياها، مصرَّة على ان الدولة يجب ان ترفَّع فوق اللّٰه او ايّ ولاء آخر. (٢ تيموثاوس ٣:١؛ قارنوا لوقا ٢٠:٢٥؛ يوحنا ١٩:١٥.) ومنذ السنة ١٩١٤ اصبح شائعا ان تجنِّد الامم شبانها إلزاميا لكي يخوضوا، او يستعدوا ليخوضوا، نوع الحرب الكلية الذي أدمى كثيرا صفحات التاريخ العصري. وفي اثناء يوم الرب، انتجت الامم ايضا، كبديل لملكوت اللّٰه، صورة الوحش — عصبة الامم وخليفتها، الامم المتحدة. ويا له من تجديف ان يُعلَن، كما فعل البابوات الاخيرون، ان هذه الهيئة البشرية الصنع هي رجاء الامم الوحيد للسلام! فهي تقاوم ملكوت اللّٰه بقوة. وأولئك الذين يعبدونها يصيرون نجسين روحيا، مصابين بقروح، تماما كما ضُرب المصريون الذين قاوموا يهوه في ايام موسى بقروح ودمامل حرفية. — خروج ٩:١٠، ١١.
٤ (أ) على ماذا تشدد بقوة محتويات الجام الاول لغضب اللّٰه؟ (ب) كيف ينظر يهوه الى اولئك الذين يقبلون سمة الوحش؟
٤ ان محتويات هذا الجام تشدِّد بقوة على الخيار الذي يكمن امام البشر. فلا بد ان يتألموا إما من عدم رضى العالم او من غيظ يهوه. وقد أُكره الجنس البشري على قبول سمة الوحش، بنيَّة انه «لا يقدر احد ان يشتري او يبيع إلا من له السمة، اسم الوحش او عدد اسمه». (رؤيا ١٣:١٦، ١٧) ولكن هنالك ثمن لدفعه مقابل ذلك! فيهوه ينظر الى اولئك الذين يقبلون السمة وكأنهم مضروبون ‹بقرح مؤذ وخبيث›. ومنذ السنة ١٩٢٢ يجري وسمهم علنا بصفتهم رفضوا اللّٰه الحي. وخططهم السياسية لا تلاقي نجاحا، وهم يتألمون من الكرب. وروحيا، هم نجسون. وما لم يتوبوا، سيقضي هذا المرض ‹المؤذي› عليهم، لأنه الآن هو يوم دينونة يهوه. وليست هنالك منطقة محايدة بين الكينونة جزءا من نظام الاشياء العالمي وخدمة يهوه الى جانب مسيحه. — لوقا ١١:٢٣؛ قارنوا يعقوب ٤:٤.
البحر يصير دما
٥ (أ) ماذا يحدث عندما يُسكب الجام الثاني؟ (ب) كيف ينظر يهوه الى اولئك الذين يسكنون البحر الرمزي؟
٥ يجب ان يُسكب الآن الجام الثاني لغضب اللّٰه. فماذا سيعني ذلك للجنس البشري؟ يخبرنا يوحنا: «وسكب الثاني جامه على البحر. فصار دما كدم ميت، وماتت كل نفس حية مما في البحر». (رؤيا ١٦:٣ ) كنفخة البوق الثانية، يوجَّه هذا الجام ضد «البحر» — حشد البشرية المتأجج المتمرد المبتعد عن يهوه. (اشعيا ٥٧:٢٠، ٢١؛ رؤيا ٨:٨، ٩) وفي عيني يهوه، يكون هذا «البحر» كالدم، غير ملائم لتعيش المخلوقات فيه. ولذلك لا يجب ان يكون المسيحيون جزءا من العالم. (يوحنا ١٧:١٤) وسكب الجام الثاني لغضب اللّٰه يكشف ان كل الجنس البشري الذي يسكن هذا البحر ميتٌ في عيني يهوه. وبسبب المسؤولية المشتركة، يكون الجنس البشري مذنبا بإراقة فادحة لدم بريء. وعندما يأتي يوم غضب يهوه، سيموتون حرفيا على ايدي قواه التنفيذية. — رؤيا ١٩:١٧، ١٨؛ قارنوا افسس ٢:١؛ كولوسي ٢:١٣.
اعطاؤهم دما ليشربوا
٦ ماذا يحدث عندما يُسكب الجام الثالث، وأية كلمات تُسمع من ملاك ومن المذبح؟
٦ ان الجام الثالث لغضب اللّٰه، كنفخة البوق الثالثة، له تأثير على مصادر المياه العذبة. «وسكب الثالث جامه على الانهار وينابيع المياه. فصارت دما. وسمعت الملاك الذي على المياه يقول: ‹بار انت، ايها الكائن والذي كان، ايها الولي، إذ حكمت هكذا، لأنهم سفكوا دم قديسين وأنبياء، فأعطيتهم دما ليشربوا. انهم يستحقون ذلك›. وسمعت المذبح يقول: ‹نعم، يا يهوه اللّٰه، القادر على كل شيء، حق وبارة هي احكامك›». — رؤيا ١٦:٤-٧.
٧ ماذا تمثِّله «الانهار وينابيع المياه»؟
٧ هذه «الانهار وينابيع المياه» تمثِّل ما يدعى المصادر العذبة للارشاد والحكمة المقبولة لدى هذا العالم، كالفلسفات السياسية، الاقتصادية، العلمية، الثقافية، الاجتماعية، والدينية التي ترشد تصرفات البشر وقراراتهم. وعوضا عن التطلع الى يهوه، ينبوع الحياة، من اجل الحق المعطي الحياة، فان البشر قد ‹حفروا لأنفسهم اجبابا مشققة› وشربوا بإفراط من «حكمة هذا العالم [التي هي] حماقة عند اللّٰه». — ارميا ٢:١٣؛ ١ كورنثوس ١:١٩؛ ٢:٦؛ ٣:١٩؛ مزمور ٣٦:٩.
٨ بأية طرائق جلب الجنس البشري على نفسه ذنب سفك الدم؟
٨ ان ‹مياها› ملوَّثة كهذه قد قادت الناس الى الصيرورة مذنبين بسفك الدم، مثلا، في تشجيعهم على سفك الدم بمقدار ضخم في الحروب، التي اخذت في القرن الماضي حياة اكثر من مئة مليون. وخصوصا في العالم المسيحي، حيث انفجرت الحربان العالميتان، كان الناس ‹مسرعين الى سفك الدم البريء›، وقد شمل ذلك دم شهود اللّٰه. (اشعيا ٥٩:٧؛ ارميا ٢:٣٤) وجلب الجنس البشري ايضا على نفسه ذنب سفك الدم باساءة استعماله لكميات ضخمة من الدم لعمليات نقل الدم، انتهاكا لشرائع يهوه البارة. (تكوين ٩:٣-٥؛ لاويين ١٧:١٤؛ اعمال ١٥:٢٨، ٢٩) ولهذا السبب يحصدون الآن الاسى من جراء تكاثر الأيدز، التهاب الكبد، وأمراض اخرى من خلال عمليات نقل الدم. والعقوبة الكاملة لذنب سفك الدم كله ستأتي قريبا عندما يدفع المخالفون الجزاء الاقصى، اذ يُداسون في «معصرة خمر غضب اللّٰه العظيمة». — رؤيا ١٤:١٩، ٢٠.
٩ ماذا يشمل سكب الجام الثالث؟
٩ في ايام موسى، عندما تحوَّل نهر النيل دما، كان المصريون قادرين على البقاء احياء بطلب مصادر ماء اخرى. (خروج ٧:٢٤) أما اليوم، خلال الضربة الروحية، فلا يوجد ايّ مكان في عالم الشيطان يمكن فيه ان يجد الناس مياها تعطي الحياة. وسكب هذا الجام الثالث يشمل المناداة ان ‹انهار وينابيع مياه› العالم هي كالدم، تجلب الموت الروحي لكل الذين يشربونها. وما لم يلتفت الناس الى يهوه، فإنهم سيحصدون دينونته المضادة. — قارنوا حزقيال ٣٣:١١.
١٠ ماذا يعلن «الملاك الذي على المياه»، وأية شهادة يضيفها «المذبح»؟
١٠ و «الملاك الذي على المياه»، اي الملاك الذي يسكب هذا الجام على المياه، يعظِّم يهوه بصفته الديَّان الكوني، الذي احكامه البارة ثابتة. ولذلك يقول عن هذه الدينونة: ‹انهم يستحقونها›. ولا شك ان الملاك شهد شخصيا الكثير من سفك الدم والوحشية اللذين اثارتهما على مر آلاف السنين التعاليم والفلسفات الباطلة لهذا العالم الشرير. فهو يعرف، اذًا، ان حكم يهوه صائب. وحتى «مذبح» اللّٰه يتكلم جهرا. وفي رؤيا ٦:٩، ١٠، يقال ان نفوس الذين قُتلوا هي تحت هذا المذبح. ولذلك فإن «المذبح» يضيف شهادة قوية الى عدل وبر احكام يهوه.a فمن الملائم بالتأكيد ان اولئك الذين سفكوا وأساءوا استعمال الدم الى هذا الحد يجب ان يشربوا هم انفسهم الدم قسرا، رمزا الى حكم يهوه عليهم بالموت.
لذع الناس بنار
١١ ما هو هدف الجام الرابع لغضب اللّٰه، وماذا يحدث عندما يُسكب؟
١١ ان الجام الرابع لغضب اللّٰه له الشمس كهدف. يخبرنا يوحنا: «وسكب الرابع جامه على الشمس، فأُعطيت ان تلذع الناس بنار. ولُذع الناس بحرٍّ شديد، إلا انهم جدفوا على اسم اللّٰه، الذي له السلطة على هذه الضربات، ولم يتوبوا ليعطوه مجدا». — رؤيا ١٦:٨، ٩.
١٢ ما هي «شمس» هذا العالم، وماذا يُعطى لهذه الشمس الرمزية؟
١٢ اخوة يسوع الروحيون اليوم، عند اختتام نظام الاشياء، ‹يسطعون كالشمس في ملكوت ابيهم›. (متى ١٣:٤٠، ٤٣) ويسوع نفسه هو «شمس البر». (ملاخي ٤:٢) ولكنَّ الجنس البشري له ‹شمسه› الخاصة، حكامه الذين يحاولون ان يسطعوا في مقاومة لملكوت اللّٰه. ان نفخة البوق الرابعة اعلنت ان ‹الشمس، القمر، والنجوم› في سموات العالم المسيحي هي حقا مصادر ظلام، لا نور. (رؤيا ٨:١٢) والجام الرابع لغضب اللّٰه يظهر الآن ان «شمس» العالم ستكون حارة بشكل لا يطاق. وأولئك الذين يُنظر اليهم كقادة مشبَّهين بالشمس ‹سيلذعون› الجنس البشري. سيُعطى ذلك للشمس الرمزية. وبكلمات اخرى، سيسمح يهوه بذلك كجزء من دينونته النارية على الجنس البشري. فبأية طريقة يجري هذا الاحتراق؟
١٣ بأية طريقة ‹يلذع› حكام هذا العالم المشبَّهون بالشمس الجنس البشري؟
١٣ بعد الحرب العالمية الاولى، شكَّل حكام هذا العالم عصبة الامم في جهد لحل مشكلة امن العالم، ولكنَّ ذلك فشل. وهكذا جُرِّبت انواع اختبارية اخرى من الحكم، كالفاشية والنازية. واستمرت الشيوعية في التوسع. وعوضا عن تحسين نصيب الجنس البشري، بدأ الحكام المشبَّهون بالشمس في هذه الانظمة ‹يلذعون الجنس البشري بحرٍّ شديد›. والحروب المحلية في اسپانيا، إثيوپيا، ومنشوريا قادت الى الحرب العالمية الثانية. ويسجِّل التاريخ الحديث ان موسوليني، هتلر، وستالين كدكتاتوريين صاروا مسؤولين بشكل مباشر وغير مباشر عن موت عشرات الملايين، بمن فيهم كثيرون من مواطنيهم. وفي وقت متأخر اكثر، ‹لذعت› النزاعات الدولية او الاهلية الناس في بلدان مثل ڤيتنام، كمپوتشيا، ايران، لبنان، وايرلندا، بالاضافة الى بلدان في اميركا اللاتينية وافريقيا. أَضف الى ذلك الصراع المتقدم باستمرار بين الدول العظمى، التي تستطيع اسلحتها النووية الرهيبة ترميد كل الجنس البشري. وفي هذه الايام الاخيرة، تتعرض البشرية حتما ‹لشمس› لاذعة، حكامها الظالمين. ان سكب الجام الرابع لغضب اللّٰه يحدِّد هذه الوقائع التاريخية، وشعب اللّٰه يعلنها في كل الارض.
١٤ ماذا يعلِّم شهود يهوه بثبات انه الحل الوحيد لمشاكل الجنس البشري، وبأي تجاوب من الجنس البشري ككل؟
١٤ يعلِّم شهود يهوه بثبات ان الحل الوحيد لمشاكل الجنس البشري المربكة هو ملكوت اللّٰه الذي بواسطته يقصد يهوه ان يقدس اسمه. (مزمور ٨٣:٤، ١٧، ١٨؛ متى ٦:٩، ١٠) ومع ذلك، يعطي الجنس البشري ككل اذنا صماء لهذا الحل. وكثيرون ممن يرفضون الملكوت يجدِّفون ايضا على اسم اللّٰه، كما فعل فرعون عندما رفض الاعتراف بسلطان يهوه. (خروج ١:٨-١٠؛ ٥:٢) واذ لا يملكون ايّ اهتمام بالملكوت المسيّاني، يختار هؤلاء المقاومون ان يتعذبوا تحت ‹شمسهم› الخاصة المتقدة لحكم البشر الظالم.
عرش الوحش
١٥ (أ) على ماذا يُسكب الجام الخامس؟ (ب) ما هو «عرش الوحش»، وماذا يشمل سكب الجام عليه؟
١٥ على ماذا يسكب الملاك التالي جامه؟ «وسكب الخامس جامه على عرش الوحش». (رؤيا ١٦:١٠ أ ) ان «الوحش» هو نظام الشيطان الحكومي. وهو لا يملك عرشا حرفيا، لان الوحش نفسه ليس حرفيا. ولكنَّ ذكر العرش يظهر ان الوحش قد مارس سلطة ملكية على الجنس البشري؛ ويتلاءم ذلك مع واقع ان كلاًّ من قرون الوحش يحمل اكليلا ملكيا. وفي الواقع، ان «عرش الوحش» هو اساس، او مصدر، هذه السلطة.b ويكشف الكتاب المقدس الحالة الحقيقية للسلطة الملكية للوحش عندما يقول انه قد «اعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطة عظيمة». (رؤيا ١٣:١، ٢؛ ١ يوحنا ٥:١٩) وهكذا فإن سكب الجام على عرش الوحش يشمل مناداة تكشف الدور الحقيقي الذي لعبه الشيطان ولا يزال يلعبه في دعم وترويج الوحش.
١٦ (أ) مَن تخدمه الامم، سواء ادركت ذلك او لا؟ أَوضحوا. (ب) كيف يعكس العالم شخصية الشيطان؟ (ج) متى سيطاح بعرش الوحش؟
١٦ وكيف تجري المحافظة على هذه العلاقة بين الشيطان والامم؟ عندما جرَّب الشيطانُ يسوع، أراه جميع ممالك العالم في رؤيا وقدَّم «هذا السلطان كله ومجد هذه الممالك». ولكن كان هنالك شرط — كان يجب على يسوع ان يقوم اولا بعمل عبادة امام الشيطان. (لوقا ٤:٥-٧) فهل يمكننا ان نتخيَّل ان حكومات العالم تنال سلطتها بثمن اقل؟ كلا على الاطلاق. ووفقا للكتاب المقدس، فان الشيطان هو اله نظام الاشياء هذا، بحيث تخدمه الامم، سواء ادركت ذلك او لا. (٢ كورنثوس ٤:٣، ٤)c وهذه الحالة تنكشف في بنية نظام العالم الحاضر، المبني على القومية المتعصبة، البغض، والمصلحة الشخصية. وهو منظَّم بالطريقة التي يريدها الشيطان — لإبقاء الجنس البشري تحت سيطرته. فالفساد في الحكم، الرغبة في السلطة، الدبلوماسية الكاذبة، سباق التسلح — هذه تعكس شخصية الشيطان المنحطة. والعالم يشترك في مقاييس الشيطان الاثيمة، جاعلا اياه بالتالي الهه. ان عرش الوحش سيطاح به عندما يعاني هذا الوحش الانقراض ويضع نسلُ امرأة اللّٰه اخيرا الشيطان نفسه في المهواة. — تكوين ٣:١٥؛ رؤيا ١٩:٢٠، ٢١؛ ٢٠:١-٣.
ظلمة ووجع مبرِّح
١٧ (أ) كيف يتعلق سكب الجام الخامس بالظلمة الروحية التي كانت دائما تغلِّف مملكة الوحش؟ (ب) كيف يتجاوب الناس مع سكب الجام الخامس لغضب اللّٰه؟
١٧ ان مملكة هذا الوحش هي في ظلمة روحية منذ بدايتها. (قارنوا متى ٨:١٢؛ افسس ٦:١١، ١٢.) والجام الخامس يجلب اعلانا جهريا مكثَّفا لهذه الظلمة. حتى انه يسرد ذلك بطريقة مثيرة لان جام غضب اللّٰه هذا يُسكب على عرش الوحش الرمزي عينه. «فصارت مملكته مظلمة، وأخذوا يعضّون على ألسنتهم من الوجع، غير انهم جدَّفوا على اله السماء لأجل اوجاعهم ولأجل قروحهم، ولم يتوبوا عن اعمالهم». — رؤيا ١٦:١٠ب، ١١.
١٨ اي تطابق هنالك بين نفخة البوق الخامسة والجام الخامس لغضب اللّٰه؟
١٨ ان نفخة البوق الخامسة ليست تماما كالجام الخامس لغضب اللّٰه، لان نفخة البوق اعلنت ضربة جراد. ولكن لاحظوا انه عند اطلاق ضربة الجراد هذه، كانت هنالك ظلمة للشمس والهواء. (رؤيا ٩:٢-٥) وفي خروج ١٠:١٤، ١٥، نقرأ في ما يتعلق بالجراد الذي به ضرب يهوه مصر: «كان ثقيلا جدا. لم يكن قبله جراد هكذا مثله، ولا يكون بعده كذلك. وغطى وجه الارض كلها، فأظلمت الارض». اجل، ظلمة! واليوم، صارت ظلمة العالم الروحية واضحة جدا نتيجة للتصويت بالبوق الخامس وسكب الجام الخامس لغضب اللّٰه. والرسالة اللاسعة التي يعلنها سرب الجراد العصري تجلب عذابا ووجعا لاولئك الاشرار الذين «احبوا الظلمة على النور». — يوحنا ٣:١٩.
١٩ انسجاما مع رؤيا ١٦:١٠، ١١، ماذا يسبِّب التشهيرُ الجهري للشيطان بصفته اله نظام الاشياء هذا؟
١٩ بصفته حاكم العالم، سبَّب الشيطان الكثير من التعاسة والالم. فالمجاعة، الحروب، العنف، الجريمة، اساءة استعمال المخدرات، الفساد الادبي، الامراض المنقولة جنسيا، عدم الاستقامة، الرياء الديني — هذه وغيرها هي دمغات نظام اشياء الشيطان. (قارنوا غلاطية ٥:١٩-٢١.) ومع ذلك، فإن التشهير الجهري للشيطان بصفته اله نظام الاشياء هذا سبَّب الوجع والإحراج لاولئك الذين يعيشون بحسب مقاييسه. فقد «اخذوا يعضّون على ألسنتهم من الوجع»، وخصوصا في العالم المسيحي. ويستاء الكثيرون من ان الحق يشهِّر نمط حياتهم. والبعض يجدونه مهدِّدا، فيضطهدون اولئك الذين ينشرونه. ويرفضون ملكوت اللّٰه ويشتمون اسم يهوه القدوس. وحالتهم المريضة والمتقرِّحة دينيا تُعرَّى، بحيث يجدِّفون على اله السماء. كلا، انهم ‹لا يتوبون عن اعمالهم›. ولذلك لا يمكننا ان نتوقع اهتداء جماعيا قبل نهاية نظام الاشياء هذا. — اشعيا ٣٢:٦.
نهر الفرات جفَّ
٢٠ كيف تشمل نفخة البوق السادسة وسكب الجام السادس كلاهما نهر الفرات؟
٢٠ اعلنت نفخة البوق السادسة اطلاق «الملائكة الاربعة المقيَّدين عند النهر العظيم، نهر الفرات». (رؤيا ٩:١٤) وتاريخيا، كانت بابل المدينة العظيمة التي جلست على نهر الفرات. وفي السنة ١٩١٩ رافق اطلاق الملائكة الاربعة الرمزيين سقوطا ذا مغزى لبابل العظيمة. (رؤيا ١٤:٨) فمن الجدير بالملاحظة، اذًا، ان الجام السادس لغضب اللّٰه يشمل ايضا نهر الفرات: «وسكب السادس جامه على النهر العظيم، نهر الفرات، فجفَّ ماؤه، لكي يُهيَّأ الطريق للملوك الذين من مشرق الشمس». (رؤيا ١٦:١٢ ) هذا ايضا خبر سيِّئ لبابل العظيمة!
٢١، ٢٢ (أ) كيف جفَّت مياه نهر الفرات الواقية لبابل في السنة ٥٣٩ قم؟ (ب) ما هي «المياه» التي تجلس عليها بابل العظيمة، وكيف تجف هذه المياه الرمزية الآن ايضا؟
٢١ في اوج بابل القديمة، كانت المياه الوافرة لنهر الفرات جزءا رئيسيا من نظامها الدفاعي. وفي السنة ٥٣٩ قم جفَّت تلك المياه عندما حوَّل القائد الفارسي كورش مجراها. وهكذا فُتح الطريق لكورش الفارسي وداريوس المادي، الملكين من «مشرق الشمس» (اي الشرق)، ليدخلا بابل ويقهراها. وفي ساعة الازمة، فشل نهر الفرات في الدفاع عن تلك المدينة العظيمة. (اشعيا ٤٤:٢٧–٤٥:٧؛ ارميا ٥١:٣٦) وثمة امر مماثل متوقَّع حدوثه لبابل العصرية، النظام العالمي النطاق للدين الباطل.
٢٢ ان بابل العظيمة «جالسة على مياه كثيرة». ووفقا للرؤيا ١٧:١، ١٥، ترمز هذه الى ‹شعوب وجموع وأمم وألسنة› — حشود من المؤيِّدين الذين تعتبرهم حماية. ولكنَّ «المياه» تجف! ففي اوروپا الغربية، حيث كان لها تأثير كبير سابقا، يتجاهل مئات الملايين الدين بشكل صريح. وفي بعض البلدان، كانت هنالك طوال سنوات عديدة سياسة مُعلَنة لمحاولة تدمير تأثير الدين. والجماهير في تلك البلدان لم تثُر من اجل مصلحتها. وعلى نحو مماثل، عندما يأتي الوقت لتدمير بابل العظيمة، سيبرهن العدد المتضائل لمؤيِّديها انه ليس حماية على الاطلاق. (رؤيا ١٧:١٦) وعلى الرغم من انها تدَّعي عضوية آلاف الملايين، ستجد بابل العظيمة نفسها عاجزة عن الدفاع ضد «الملوك الذين من مشرق الشمس».
٢٣ (أ) مَن كان الملوك من «مشرق الشمس» في السنة ٥٣٩ قم؟ (ب) مَن هم «الملوك الذين من مشرق الشمس» في اثناء يوم الرب، وكيف سيدمِّرون بابل العظيمة؟
٢٣ ومَن هم هؤلاء الملوك؟ في السنة ٥٣٩ قم كانوا داريوس المادي وكورش الفارسي، اللذين استخدمهما يهوه لقهر مدينة بابل القديمة. وفي يوم الرب هذا، سيدمِّر ايضا الحكام البشر النظام الديني الباطل لبابل العظيمة. ولكن، مرة اخرى، سيكون ذلك دينونة الهية. فيهوه اللّٰه ويسوع المسيح، «الملوك الذين من مشرق الشمس»، سيكونان قد وضعا في قلوب الحكام البشر ‹الفكر› ان يهاجموا بابل العظيمة ويدمِّروها تماما. (رؤيا ١٧:١٦، ١٧) وسكب الجام السادس ينادي جهرا بأن هذه الدينونة هي على وشك ان تنفَّذ!
٢٤ (أ) كيف أُعلنت محتويات الجامات الستة الاولى لغضب يهوه، وبأية نتيجة؟ (ب) قبل اخبارنا بجام غضب اللّٰه الباقي، ماذا يكشف سفر الرؤيا؟
٢٤ هذه الجامات الستة الاولى لغضب يهوه تحمل رسالة واقعية. وخدام اللّٰه الارضيون، اذ تدعمهم الملائكة، كانوا مشغولين بنشر محتوياتها على نطاق عالمي. وبهذه الطريقة، قُدِّم انذار مناسب في كل قطاعات نظام الشيطان العالمي، وقد زوَّد يهوه الافراد بفرصة ان يلتفتوا الى البر ويحيوا حياة. (حزقيال ٣٣:١٤-١٦) ومع ذلك، يبقى جام آخر لغضب اللّٰه. ولكن قبل اخبارنا به، يكشف سفر الرؤيا كيف يحاول الشيطان وعملاؤه الارضيون إبطال نشر احكام يهوه.
الجمع الى هرمجدون
٢٥ (أ) ماذا يخبرنا يوحنا عن ‹عبارات الوحي› النجسة الشبيهة بالضفادع؟ (ب) كيف تكون هنالك بلية مثيرة للاشمئزاز شبيهة بالضفادع مؤلَّفة من «عبارات وحي نجسة» في يوم الرب، وبأية نتيجة؟
٢٥ يخبرنا يوحنا: «ورأيت ثلاث عبارات وحي نجسة تشبه الضفادع تخرج من فم التنين ومن فم الوحش ومن فم النبي الدجال. إنها عبارات وحي من شياطين، تصنع آيات وتخرج الى ملوك المسكونة بأسرها، لتجمعهم الى حرب اليوم العظيم، يوم اللّٰه القادر على كل شيء». (رؤيا ١٦:١٣، ١٤ ) في ايام موسى، جلب يهوه ضربة ضفادع كريهة على مصر الفرعونية، بحيث «أنتنت الارض». (خروج ٨:٥-١٥) وفي اثناء يوم الرب، هنالك ايضا بلية مثيرة للاشمئزاز شبيهة بالضفادع، مع انها من مصدر مختلف. وهي تتألَّف من «عبارات وحي نجسة» للشيطان، ترمز بوضوح الى الدعاية المصمَّمة لتؤثر في كل الحكام البشر، ‹الملوك›، ليقاوموا يهوه اللّٰه. وهكذا يتأكد الشيطان ان سكب جام غضب اللّٰه لا يحملهم على تغيير فكرهم بل يكونون الى جانب الشيطان بثبات عندما تبدأ «حرب اليوم العظيم، يوم اللّٰه القادر على كل شيء».
٢٦ (أ) من اية مصادر ثلاثة تأتي الدعاية الشيطانية؟ (ب) ما هو «النبي الدجال»، وكيف نعرف ذلك؟
٢٦ ان الدعاية تأتي من «التنين» (الشيطان) و «الوحش» (البنية السياسية الارضية للشيطان)، المخلوقين اللذين صادفناهما سابقا في سفر الرؤيا. ولكن، ما هو «النبي الدجال»؟ هذا هو وافد جديد ظاهريا فقط. فسابقا، أُظهر لنا وحش له قرنان كالحمل صنع آيات عظيمة امام الوحش ذي السبعة الرؤوس. وهذا المخلوق المخادع عمل كنبي لذلك الوحش. لقد روَّج عبادة الوحش، حتى انه سبَّب بناء صورة له. (رؤيا ١٣:١١-١٤) وهذا الوحش ذو القرنين كالحمل لا بد انه «النبي الدجال» نفسه المذكور هنا. وتأكيدا لذلك، نقرأ لاحقا ان النبي الدجال، كالوحش الرمزي ذي القرنين، «صنع قدام [الوحش ذي السبعة الرؤوس] الآيات التي بها اضل الذين نالوا سمة الوحش والذين يؤدون العبادة لصورته». — رؤيا ١٩:٢٠.
٢٧ (أ) اي تحذير في حينه يعطيه يسوع المسيح نفسه؟ (ب) اي تحذير اعطاه يسوع عندما كان على الارض؟ (ج) كيف ردَّد الرسول بولس تحذير يسوع؟
٢٧ وبدعاية شيطانية بهذا القدر حولنا، تكون الكلمات التالية التي يسجِّلها يوحنا في حينها فعلا: «ها انا آت كسارق. سعيد هو الذي يبقى مستيقظا ويحفظ ثيابه الخارجية، لئلا يمشي عريانا فينظروا خزيه». (رؤيا ١٦:١٥ ) مَن يأتي «كسارق»؟ يسوع نفسه، يأتي في وقت غير معلَن كمنفِّذ لاحكام يهوه. (رؤيا ٣:٣؛ ٢ بطرس ٣:١٠) وفيما كان لا يزال على الارض، شبَّه يسوعُ ايضا مجيئه بذاك الذي لسارق، قائلا: «داوموا على السهر، لأنكم لا تعرفون في اي يوم يأتي ربكم. من اجل هذا كونوا انتم ايضا مستعدين، لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الانسان». (متى ٢٤:٤٢، ٤٤؛ لوقا ١٢:٣٧، ٤٠) واذ ردَّد هذا الانذار، قال الرسول بولس: «لأنكم انتم تعرفون حق المعرفة ان يوم يهوه آت كسارق في الليل. فحين يقولون: ‹سلام وأمن!›، حينئذ يدهمهم سريعا هلاك مفاجئ». والشيطان هو وراء اية مناداة باطلة كهذه بـ ‹السلام والامن›! — ١ تسالونيكي ٥:٢، ٣.
٢٨ اي تحذير اعطاه يسوع عن مقاومة الضغوط العالمية، وما هو «ذلك اليوم» الذي لا يريد المسيحيون ان يدهمهم «مثل شرك»؟
٢٨ حذَّر يسوع ايضا من نوع الضغوط الذي سيضعه هذا العالم، المشبَع بالدعاية، على المسيحيين. قال: «انتبهوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم بالافراط في الاكل والاسراف في الشرب وهموم الحياة، فيدهمكم ذلك اليوم فجأة مثل شرك. . . . فابقوا مستيقظين، متضرعين في كل وقت، لكي تتمكنوا من الإفلات من كل هذا المحتوم ان يكون، ومن الوقوف امام ابن الانسان». (لوقا ٢١:٣٤-٣٦) و «ذلك اليوم» هو «اليوم العظيم، يوم اللّٰه القادر على كل شيء». (رؤيا ١٦:١٤) واذ يقترب «ذلك اليوم» لتبرئة سلطان يهوه، يصير التغلب على هموم الحياة اكثر صعوبة من ايّ وقت مضى. ويلزم المسيحيين ان يكونوا منتبهين وساهرين، اذ يبقون مستيقظين حتى يأتي ذلك اليوم.
٢٩، ٣٠ (أ) الى ماذا يلمِّح تحذير يسوع ان الذين يوجدون نياما يخزون بفقدان ‹ثيابهم الخارجية›؟ (ب) الثياب الخارجية تحدِّد هوية اللابس بصفته ماذا؟ (ج) كيف يمكن ان يخسر الشخص ثيابه الخارجية الرمزية، وبأية نتيجة؟
٢٩ ولكن، الى ماذا يلمِّح التحذير ان الذين يوجدون نياما يخزون بفقدان ‹ثيابهم الخارجية›؟ في اسرائيل القديمة، كانت لدى ايّ كاهن او لاوي في واجب الحراسة في الهيكل مسؤولية ثقيلة. ويخبرنا المعلِّقون اليهود انه اذا أُمسك احد نائما في واجب كهذا، كان يجري تجريده من ثيابه وحرقها، بحيث يُخزى علنا.
٣٠ ويسوع هنا يحذِّر انه يمكن ان يحدث امر مماثل اليوم. والكهنة واللاويون رمزوا الى اخوة يسوع الممسوحين. (١ بطرس ٢:٩) لكنَّ تحذير يسوع ينطبق بالتوسيع على الجمع الكثير ايضا. والثياب الخارجية المشار اليها هنا تحدِّد هوية اللابس بصفته شاهدا مسيحيا ليهوه. (قارنوا رؤيا ٣:١٨؛ ٧:١٤.) واذا سمح احد لضغوط عالم الشيطان بأن تهدهده لينام او ليخمل، فسيخسر على الارجح هذه الثياب الخارجية — وبكلمات اخرى، يخسر هويته الطاهرة كمسيحي. ومثل هذه الحالة مخزية. وتضع الشخص في خطر الخسارة الكلية.
٣١ (أ) كيف تشدد الرؤيا ١٦:١٦ على حاجة المسيحيين الى البقاء ساهرين؟ (ب) ماذا ظنَّ بعض القادة الدينيين في ما يتعلق بهرمجدون؟
٣١ ان حاجة المسيحيين الى السهر تصير ايضا اكثر إلحاحا اذ يقترب العدد التالي من سفر الرؤيا من الاتمام: «فجمعَتْهم [جمعت عباراتُ وحي من شياطين الملوكَ او الحكام الارضيين] الى الموضع الذي يدعى بالعبرانية هرمجدون». (رؤيا ١٦:١٦ ) وهذا الاسم يرد مرة واحدة فقط في الكتاب المقدس. ولكنه اضرم مخيِّلة الجنس البشري. فقد حذَّر قادة العالم من هرمجدون نووية محتملة. ورُبطت هرمجدون ايضا بمدينة مجدّو القديمة، موقع معارك حاسمة عديدة في ازمنة الكتاب المقدس، ولذلك ظنَّ بعض القادة الدينيين ان الحرب الاخيرة على الارض ستحدث في تلك البقعة المحدودة. وفي ذلك هم بعيدون جدا عن الحقيقة.
٣٢، ٣٣ (أ) عوضا عن ان يكون مكانا حرفيا، ماذا يمثِّل الاسم هرمجدون؟ (ب) اية عبارات اخرى للكتاب المقدس تشبه «هرمجدون» او تتعلق بها؟ (ج) متى سيكون الوقت قد حان ليسكب الملاك السابع الجام الاخير لغضب اللّٰه؟
٣٢ ان الاسم هرمجدون يعني «جبل مجدّو». ولكن عوضا عن ان يكون مكانا حرفيا، يمثِّل حالة العالم التي تُجمع اليها كل الامم في مقاومة ليهوه اللّٰه وحيث سيدمِّرها اخيرا. وذلك عالمي النطاق. (ارميا ٢٥:٣١-٣٣؛ دانيال ٢:٤٤) انها تشبه «معصرة خمر غضب اللّٰه العظيمة» و «منخفض وادي القضاء» او «منخفض وادي يهوشافاط»، حيث تُجمع الامم لتنفيذ الحكم فيها من يهوه. (رؤيا ١٤:١٩؛ يوئيل ٣:١٢، ١٤) وتتعلق ايضا بـ «ارض اسرائيل» حيث تدمَّر الجيوش الشيطانية لجوج الماجوجي وبذلك الموقع «بين البحر العظيم وجبل الزينة المقدس» حيث يبلغ ملك الشمال «نهايته» على يدي ميخائيل الرئيس العظيم. — حزقيال ٣٨:١٦-١٨، ٢٢، ٢٣؛ دانيال ١١:٤٥–١٢:١.
٣٣ وعندما تُحرَّك الامم الى هذه الحالة بالدعاية النقَّاقة الناشئة من الشيطان وعملائه الارضيين، سيكون الوقت قد حان ليسكب الملاك السابع الجام الاخير لغضب اللّٰه.
«قد تمّ!»
٣٤ على ماذا يسكب الملاك السابع جامه، وأية مناداة تخرج ‹من المقدس آتية من العرش›؟
٣٤ «وسكب السابع جامه على الهواء، فخرج من المقدس صوت عالٍ آتيا من العرش قائلا: ‹قد تمّ!›». — رؤيا ١٦:١٧.
٣٥ (أ) ما هو «الهواء» في الرؤيا ١٦:١٧؟ (ب) في سكب جامه على الهواء، ماذا يعبِّر عنه الملاك السابع؟
٣٥ «الهواء» هو الوسيلة الاخيرة الداعمة الحياة التي ستُضرب. ولكنَّ هذا ليس الهواء الحرفي. فلا شيء في الهواء الحرفي يجعله يستحق احكام يهوه المضادة، تماما كما ان الارض، البحر، مصادر المياه العذبة، او الشمس الحرفية لا تستحق ان تعاني الاحكام على يد يهوه. وبالاحرى، هذا هو «الهواء» الذي كان بولس يناقشه عندما دعا الشيطان «حاكم سلطة الهواء». (افسس ٢:٢) انه «الهواء» الشيطاني الذي يتنشقه العالم اليوم، الروح، او الميل العقلي العام، الذي يميِّز نظام اشيائه الشرير بأسره، التفكير الشيطاني الذي يتخلل كل وجه من الحياة خارج هيئة يهوه. ولذلك، في سكب جامه على الهواء، يعبِّر الملاك السابع عن سخط اللّٰه على الشيطان، هيئته، وكل ما يدفع الجنس البشري الى دعم الشيطان في تحدّي سلطان يهوه.
٣٦ (أ) ماذا تؤلِّف الضربات السبع؟ (ب) الى ماذا تشير مناداة يهوه: «قد تمّ!»؟
٣٦ هذه والضربات الست السابقة تعطي المجموع العام لاحكام يهوه ضد الشيطان ونظامه. انها اعلان الحكم على الشيطان ونسله. وعندما يُسكب هذا الجام الاخير، ينادي يهوه نفسه: «قد تمّ!». فليس هنالك شيء آخر لقوله. وعندما تكون محتويات جامات غضب اللّٰه قد أُعلنت لاكتفاء يهوه، لن يكون هنالك ايّ تأخير في تنفيذه الاحكام التي نادت بها هذه الرسائل.
٣٧ كيف يصف يوحنا ما يحدث بعد سكب الجام السابع لغضب اللّٰه؟
٣٧ يتابع يوحنا: «فحدثت بروق وأصوات ورعود، وحدث زلزال عظيم لم يحدث مثله منذ وجد الناس على الارض، زلزال كبير وعظيم جدا. وانقسمت المدينة العظيمة الى ثلاثة اقسام، وسقطت مدن الامم، وذكر اللّٰه بابل العظيمة ليعطيها كأس خمر غضب سخطه. وهربت كل جزيرة، ولم توجد الجبال. ونزل من السماء على الناس برَد عظيم، كل حبة منه نحو ثقل وزنة، وجدف الناس على اللّٰه بسبب ضربة البرَد، لأن ضربته كانت عظيمة جدا». — رؤيا ١٦:١٨-٢١.
٣٨ الى ماذا يرمز (أ) ‹الزلزال العظيم›؟ (ب) واقع ان «المدينة العظيمة»، بابل العظيمة، صارت «ثلاثة اقسام»؟ (ج) واقع ان ‹كل جزيرة هربت ولم توجد جبال›؟ (د) «ضربة البرَد»؟
٣٨ مرة اخرى، يتصرف يهوه بطريقة جليَّة تجاه الجنس البشري، وهذا تشير اليه ‹البروق والاصوات والرعود›. (قارنوا رؤيا ٤:٥؛ ٨:٥.) والجنس البشري سيتزعزع بطريقة لم تحدث من قبل قط، كما لو انه بزلزال مخرِّب. (قارنوا اشعيا ١٣:١٣؛ يوئيل ٣:١٦.) وهذه الزعزعة الشديدة ستحطِّم «المدينة العظيمة»، بابل العظيمة، بحيث تنقسم الى «ثلاثة اقسام» — رمزا الى انهيارها الى ركام لا يمكن اصلاحه. وستسقط ايضا «مدن الامم». و «كل جزيرة» و «الجبال» — المؤسَّسات والهيئات التي تبدو دائمة الى حد بعيد في هذا النظام — ستولّي. و «برَد عظيم»، اعظم بكثير من ذاك الذي اصاب مصر في اثناء الضربة السابعة، اذ كانت كل حبة تزن نحو وزنة، سيضرب الجنس البشري على نحو مؤلم.d (خروج ٩:٢٢-٢٦) ان هذا الانهمار المعاقِب لمياه مجمَّدة يمثِّل على الارجح تعابير شفهية ثقيلة على نحو غير اعتيادي لاحكام يهوه، مما يشير الى ان نهاية نظام الاشياء هذا قد اتت اخيرا! ويهوه يمكنه ان يستخدم ايضا برَدا حرفيا في عمله التدميري. — ايوب ٣٨:٢٢، ٢٣.
٣٩ على الرغم من سكب الجامات السبعة، اي مسلك سيتخذه معظم الجنس البشري؟
٣٩ وهكذا ستفاجئ دينونة يهوه البارة عالم الشيطان. والى النهاية سيستمر معظم الجنس البشري في تحدّي اللّٰه والتجديف عليه. وكما كانت الحال مع فرعون قديما، فان قلوبهم لن تليِّنها الضربات المتكررة او الذروة المميتة لهذه الضربات. (خروج ١١:٩، ١٠) ولن يكون هنالك تغيير قلبي على نطاق واسع في الدقيقة الاخيرة. وفي رمقهم الاخير، سيشتمون الاله الذي يعلن: «يعلمون اني انا يهوه». (حزقيال ٣٨:٢٣) ولكنّ سلطان يهوه اللّٰه القادر على كل شيء سيكون قد تبرأ.
[الحواشي]
a مثالا للاشياء غير الحية التي تخدم كشاهد او تعطي شهادة، قارنوا تكوين ٤:١٠؛ ٣١:٤٤-٥٣؛ عبرانيين ١٢:٢٤.
b ان استعمالا مماثلا ‹للعرش› يظهر في الكلمات الموجَّهة نبويا الى يسوع: «اللّٰه عرشك الى الدهر والابد». (مزمور ٤٥:٦) فيهوه هو مصدر، او اساس، سلطة يسوع الملكية.
c انظروا ايضا ايوب ١:٦، ١٢؛ ٢:١، ٢؛ متى ٤:٨-١٠؛ ١٣:١٩؛ لوقا ٨:١٢؛ يوحنا ٨:٤٤؛ ١٢:٣١؛ ١٤:٣٠؛ عبرانيين ٢:١٤؛ ١ بطرس ٥:٨.
d اذا كان يوحنا يفكِّر في الوزنة اليونانية، فإن كل برَدة تزن نحو ٤٥ پاوندا. انها عاصفة برَد مخرِّبة.
[الاطار في الصفحة ٢٢١]
«على الارض»
صف يوحنا اعلن سخط يهوه على «الارض» بتصريحات كالتالية:
«بعد قرون من الجهد، اثبتت الاحزاب السياسية عدم ملاءمتها لمواجهة الاحوال الحاضرة وحل المشاكل المحزنة. ويجد الاقتصاديون ورجال الدولة، اذ يدرسون المسألة باجتهاد، انهم غير قادرين على فعل شيء». — ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا، ١٩٢٠، الصفحة ٦١، بالانكليزية.
«لا توجد حكومة على الارض اليوم ترضي اية نسبة معقولة من العالم. فالكثير من الامم يحكمها دكتاتوريون. والعالم كله مفلِس عمليا». — حكومة مشتهاة، ١٩٢٤، الصفحة ٥، بالانكليزية.
«ان جلب نهاية نظام الاشياء الحاضر . . . هو الوسيلة الوحيدة لإنقاذ الارض من الشر وفسح المجال لازدهار السلام والبر». — «بشارة الملكوت هذه»، ١٩٥٤، الصفحة ٢٤.
«الترتيب العالمي الحاضر ميَّز نفسه بازدياد الخطية والاثم والعصيان على اللّٰه وعلى مشيئته. . . . ولا يمكن اصلاحه، لذلك ينبغي ان يمضي!». — برج المراقبة، ١ آب ١٩٨٢، الصفحة ٤٥.
[الاطار في الصفحة ٢٢٣]
«على البحر»
ما يلي هو مجرد قليل من التصريحات التي نشرها على مرّ السنين صف يوحنا التي تعلن سخط اللّٰه على «البحر» المضطرب والمتمرد للجنس البشري الكافر البعيد عن يهوه:
«تاريخ كل امة ينطق انه كان عراكا بين الطبقات. اقلية ضد اكثرية. . . . فأسفرت المنازعات عن ثورات عديدة ونكبات عظيمة واهراق دماء غزيرة». — الحكومة، ١٩٢٨، الصفحة ٢٧١.
في العالم الجديد، «‹البحر› المجازي للشعوب الكافرة المتمردة غير المستقرة، الذي صعد منه الوحش المجازي منذ زمن بعيد والذي يستخدمه ابليس، لن يوجد في ما بعد». — برج المراقبة، ١٥ ايلول ١٩٦٧، الصفحة ٥٦٧، بالانكليزية.
«المجتمع البشري الحاضر مريض وعليل روحيا. ولا يستطيع ايّ منا ان ينقذه، لان كلمة اللّٰه تظهر ان مرضه يؤدي الى موته». — السلام والامن الحقيقيان — من اي مصدر؟، ١٩٧٣، الصفحة ١٣١.
[الاطار في الصفحة ٢٢٤]
‹على الانهار والينابيع›
الضربة الثالثة شهَّرت «الانهار وينابيع المياه» بتصريحات كالتالية:
«رجال الدين، الذين يدَّعون انهم يعلِّمون عقائد [المسيح]، برَّروا الحرب وجعلوها شيئا مقدسا. وقد ابتهجوا بأن تُعرض صورهم وتماثيلهم جنبا الى جنب مع تلك التي للمحاربين الدمويين». — برج المراقبة، ١٥ ايلول ١٩٢٤، الصفحة ٢٧٥، بالانكليزية.
«الارواحية مؤسَّسة على كذبة كبيرة، كذبة الحياة بعد الموت وخلود النفس البشرية». — ماذا تقوله الاسفار المقدسة عن «الحياة بعد الموت»؟، ١٩٥٥، الصفحة ٥١، بالانكليزية.
«الفلسفات البشرية، اصحاب النظريات السياسية، المنظِّمون الاجتماعيون، المشيرون الاقتصاديون والمدافعون عن التقاليد الدينية لم ينتجوا انعاشا حقيقيا مانحا الحياة . . . حتى ان مياها كهذه قادت الشاربين الى انتهاك شريعة الخالق المتعلقة بقداسة الدم والى المشاركة في الاضطهادات الدينية». — قرار جرى تبنيه في محفل «البشارة الابدية» الاممي لسنة ١٩٦٣.
«ليس الخلاص العلمي، بل دمار الجنس البشري هو ما يجب توقعه من الانسان نفسه. . . . لا يمكننا النظر الى كل العلماء النفسانيين والاطباء النفسانيين في العالم ليغيِّروا طريقة تفكير الجنس البشري . . . ولا يمكننا الاعتماد على اية قوة شرطة دولية لتتشكل . . . وتجعل هذه الارض مكانا آمنا للعيش فيه». — انقاذ الجنس البشري — بطريقة الملكوت، ١٩٧٠، الصفحة ٥، بالانكليزية.
[الاطار في الصفحة ٢٢٥]
«على الشمس»
اذ ‹لذعت› «شمس» الحكم البشري الجنس البشري في اثناء يوم الرب، لفت صف يوحنا الانتباه الى ما يحدث بتصريحات كالتالية:
«هتلر وموسوليني اليوم، الدكتاتوران المستبدّان، يهدِّدان سلام العالم بأسره، وهما مدعومان كاملا في تدميرهما الحرية من قِبل الترتيب الرئاسي الكاثوليكي الروماني». — الفاشية ام الحرية، ١٩٣٩، الصفحة ١٢، بالانكليزية.
«طوال التاريخ كانت السياسة التي اتَّبعها الدكتاتوريون البشر، سَيطِرْ او دَمِّر! ولكنَّ القاعدة التي سيطبِّقها الآن في كل الارض ملك اللّٰه المنصَّب، يسوع المسيح، هي ان تُحكَم او تُعدَم». — عندما تتَّحد كل الامم تحت ملكوت اللّٰه، ١٩٦١، الصفحة ٢٣، بالانكليزية.
«منذ السنة ١٩٤٥ قُتل اكثر من ٢٥ مليون شخص في نحو ١٥٠ حربا جرى خوضها حول الكرة الارضية». — برج المراقبة، ١٥ كانون الثاني ١٩٨٠، الصفحة ٦، بالانكليزية.
«ان الامم حول الارض . . . قلَّما تهتم بالمسؤولية الدولية او قواعد السلوك. ولبلوغ اهدافها تشعر بعض الامم بأنها مبرَّرة كاملا في استخدام اية وسيلة تعتبرها ضرورية — المجازر، الاغتيالات، الاختطافات، الانفجارات، وهلمَّ جرّا . . . فالى متى ستحتمل الامم بعضها بعضا بسلوك كهذا عديم المعنى والمسؤولية؟». — برج المراقبة، ١٥ شباط ١٩٨٥، الصفحة ٤، بالانكليزية.
[الاطار في الصفحة ٢٢٧]
«على عرش الوحش»
شهود يهوه شهَّروا عرش الوحش وأعلنوا ادانة يهوه له بتصريحات كهذه:
«الحكام والمرشدون السياسيون للامم تؤثر فيهم القوى الخبيثة فوق الطبيعة البشرية التي تقودهم بشكل لا يقاوم في سير انتحاري الى النزاع الحاسم لهرمجدون». — بعد هرمجدون — عالم اللّٰه الجديد، ١٩٥٣، الصفحة ٨، بالانكليزية.
«ان ‹وحش› الحكم البشري غير الثيوقراطي نال قدرته، سلطانه وعرشه من التنين. ولذلك يجب ان يلتزم خط الفريق، خط التنين». — بعد هرمجدون — عالم اللّٰه الجديد، ١٩٥٣، الصفحة ١٥، بالانكليزية.
«الامم يمكن ان تضع نفسها فقط في . . . جانب خصم اللّٰه الرئيسي، الشيطان ابليس». — قرار جرى تبنيه في محفل «الانتصار الالهي» الاممي لسنة ١٩٧٣.
[الاطار في الصفحة ٢٢٩]
«جفَّ ماؤه»
الآن ايضا يجفّ الدعم للدين البابلي في اماكن كثيرة، مما يشير الى ما سيحدث عندما يهجم «الملوك الذين من مشرق الشمس».
«ان استقصاءً قوميّ النطاق وجد ان ٧٥ في المئة من اولئك الذين يعيشون في المناطق المتمتعة باستقلال ذاتي [في تايلند] لا يذهبون ابدا الى المعابد البوذية للاستماع الى العظات، فيما يتضاءل عدد الذين يزورون المعابد في الريف بثبات الى نحو خمسين في المئة». — بانكوك پوست، ٧ ايلول ١٩٨٧، الصفحة ٤.
«السحر قد خرج من الطاوية في البلد [الصين] حيث تأسَّست منذ نحو ألفي عام. . . . واذ يُحرمون من الوسائل السحرية التي بواسطتها اعتادوا وأسلافهم ان يكسبوا أتباعا كثيرين، يجد اعضاء الكهنوت انفسهم بدون خلفاء، مواجهين انقراض الطاوية الفعلي كايمان منظَّم في الجزء الرئيسي من البلد». — ذا اتلانتا جورنال اند كونستيتيوشن، ١٢ ايلول ١٩٨٢، الصفحة ٣٦-أ.
«اليابان . . . لديها اكبر حشد في العالم من المرسَلين الاجانب، نحو ٢٠٠,٥، ومع ذلك . . . اقل من ١ ٪ من عدد السكان هم مسيحيون. . . . كاهن فرنسيسكاني عامل هنا منذ خمسينات الـ ١٩٠٠ . . . يعتقد ان ‹يوم المرسَل الاجنبي في اليابان قد انتهى›». — ذا وول ستريت جورنال، ٩ تموز ١٩٨٦، الصفحة ١.
في انكلترا خلال العقود الثلاثة الماضية، «أُغلقت ٠٠٠,٢ كنيسة تقريبا من الـ ٠٠٠,١٦ كنيسة انڠليكانية بسبب عدم الاستعمال. وعدد الحضور انخفض ليصير بين الاقل في البلدان المعترف بأنها مسيحية. . . . ‹ليست القضية الآن ان انكلترا بلد مسيحي›، قال [اسقف دورهام]». — ذا نيويورك تايمز، ١١ ايار ١٩٨٧، الصفحة أ ٤.
«بعد ساعات من المناقشة الحادة، وافق البرلمان [اليوناني] اليوم على التشريع، مخوِّلا الحكومة الاشتراكية السيادة على اراضٍ ضخمة تملكها الكنيسة الارثوذكسية اليونانية . . . وعلاوة على ذلك، يعطي القانون غير الاكليريكيين السلطة على المجامع واللجان الكنسية المسؤولة عن ادارة استثمارات الكنيسة المغتنَمة بما فيها الفنادق، مقالع الرخام وأبنية المكاتب». — ذا نيويورك تايمز، ٤ نيسان ١٩٨٧، الصفحة ٣.
[الصور في الصفحة ٢٢٢]
الجامات الاربعة الاولى لغضب اللّٰه تجلب ضربات تشبه تلك الناتجة من نفخات الابواق الاربع الاولى.
[الصورة في الصفحة ٢٢٦]
الجام الخامس يشهِّر عرش الوحش بصفته السلطة التي اعطاها الشيطان للوحش
[الصور في الصفحة ٢٣١]
الدعاية الشيطانية تجمع حكام الارض الى الحالة البؤرية، هرمجدون، حيث ستُسكب احكام يهوه عليهم
[الصورة في الصفحة ٢٣٣]
الذين يدفعهم «هواء» الشيطان الملوَّث يجب ان يعانوا تنفيذ احكام يهوه البارة
-
-
ادانة العاهرة الرديئة السمعةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٣
ادانة العاهرة الرديئة السمعة
الرؤيا ١١ — رؤيا ١٧:١-١٨
الموضوع: بابل العظيمة تركب وحشا قرمزي اللون ينقلب عليها اخيرا ويخرِّبها
وقت الاتمام: من السنة ١٩١٩ الى الضيق العظيم
١ ماذا يُظهر واحد من الملائكة السبعة ليوحنا؟
ان غضب يهوه البار يجب ان يُسكب حتى التمام، سبعة جامات منه! عندما افرغ الملاك السادس جامه في موقع بابل القديمة، رمز ذلك بشكل ملائم الى ضرب بابل العظيمة فيما تتحرَّك الحوادث بسرعة نحو حرب هرمجدون النهائية. (رؤيا ١٦:١، ١٢، ١٦) وعلى الارجح، انه الملاك نفسه الذي يُظهر الآن سبب وكيفية تنفيذ يهوه احكامه البارة. ويأخذ العجب يوحنا لما يسمعه ويراه بعد ذلك: «وجاء واحد من الملائكة السبعة الذين معهم الجامات السبعة وكلمني، قائلا: ‹تعال فأريك الدينونة على العاهرة العظيمة الجالسة على مياه كثيرة، التي ارتكب ملوك الارض معها العهارة، وسكر سكان الارض من خمر عهارتها›». — رؤيا ١٧:١، ٢.
٢ اي دليل هنالك على ان «العاهرة العظيمة» (أ) ليست روما القديمة؟ (ب) ليست التجارة الكبيرة؟ (ج) هي كيان ديني؟
٢ «العاهرة العظيمة»! لماذا التسمية صاعقة جدا؟ مَن هي؟ حدَّد البعض هوية هذه العاهرة الرمزية بصفتها روما القديمة. ولكنَّ روما كانت دولة سياسية. وهذه العاهرة ترتكب العهارة مع ملوك الارض، ويشمل ذلك على نحو واضح ملوك روما. وفضلا عن ذلك، بعد دمارها، يقال ان «ملوك الارض» ينوحون على زوالها. ولذلك لا يمكن ان تكون دولة سياسية. (رؤيا ١٨:٩، ١٠) وبالاضافة الى ذلك، اذ ينوح عليها تجار العالم ايضا، لا يمكن ان تمثِّل التجارة الكبيرة. (رؤيا ١٨:١٥، ١٦) ولكننا نقرأ انه ‹بممارستها الارواحية ضلَّت جميعُ الامم›. (رؤيا ١٨:٢٣) وهذا يوضح ان العاهرة العظيمة لا بد ان تكون كيانا دينيا عالميا.
٣ (أ) لماذا يجب ان ترمز العاهرة العظيمة الى اكثر من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية او حتى العالم المسيحي كله؟ (ب) اية عقائد بابلية توجد في معظم الاديان الشرقية بالاضافة الى طوائف العالم المسيحي؟ (ج) بماذا اعترف الكردينال الكاثوليكي الروماني جون هنري نيومان في ما يتعلق بمنشإ كثير من عقائد، مراسم، وممارسات العالم المسيحي؟ (انظروا الحاشية.)
٣ ايّ كيان ديني؟ هل هي الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، كما جزم البعض؟ ام هل هي العالم المسيحي كله؟ كلا، يجب ان تكون اكبر ايضا من هذين اذا كانت ستضل جميع الامم. وفي الواقع، انها كامل الامبراطورية العالمية للدين الباطل. ومنشأُها في أسرار بابل يجري اظهاره لان عقائد وممارسات بابلية كثيرة هي شائعة في الاديان حول الارض. مثلا، ان الاعتقاد بالخلود الملازم للنفس البشرية، بهاوية عذاب، وبثالوث من الآلهة يوجد في معظم الاديان الشرقية بالاضافة الى طوائف العالم المسيحي. والدين الباطل، اذ نشأ في مدينة بابل القديمة منذ اكثر من ٠٠٠,٤ سنة، تطوَّر الى البشاعة العصرية التي تدعى بلياقة بابل العظيمة.a ولكن، لماذا توصف بالتعبير الكريه «العاهرة العظيمة»؟
٤ (أ) بأية طرائق ارتكبت اسرائيل القديمة العهارة؟ (ب) بأية طريقة بارزة ترتكب بابل العظيمة العهارة؟
٤ ان بابل (التي تعني «بلبلة») بلغت ذروة عظمتها في زمن نبوخذنصر. لقد كانت دولة دينية سياسية بأكثر من ألف هيكل ومعبد. وكهنوتها مارس سلطة عظيمة. ومع ان بابل توقفت منذ زمن طويل عن ان توجد كدولة عالمية، تستمر بابل العظيمة الدينية في العيش، وعلى غرار النموذج القديم، لا تزال تسعى الى التأثير في الشؤون السياسية وتكييفها. ولكن، هل يرضى اللّٰه عن الدين في السياسة؟ في الاسفار العبرانية، قيل ان اسرائيل ارتكبت البغاء عندما تورطت في العبادة الباطلة وعندما صنعت تحالفات مع الامم عوض الوثوق بيهوه. (ارميا ٣:٦، ٨، ٩؛ حزقيال ١٦:٢٨-٣٠) وبابل العظيمة ترتكب العهارة ايضا. وعلى نحو بارز، تفعل ايّ شيء تراه مناسبا لكي تكسب النفوذ والسلطة على ملوك الارض الذين يحكمون. — ١ تيموثاوس ٤:١.
٥ (أ) اية اضواء يتمتع بها رجال الدين؟ (ب) لماذا الرغبة في البروز العالمي هي تناقض مباشر مع كلمات يسوع المسيح؟
٥ واليوم، يشترك القادة الدينيون تكرارا في حملات من اجل مركز حكومي رفيع، وفي بعض البلدان، يشاركون في الحكومة، حتى انهم يتولَّون مناصب وزارية. وفي السنة ١٩٨٨ ترشَّح رجلا دين بروتستانتيان معروفان جيدا لمركز رئيس الولايات المتحدة. فالقادة في بابل العظيمة يحبّون الاضواء؛ وغالبا ما تُرى صورهم في الصحافة العامة اذ يعاشرون السياسيين البارزين. وبالتباين، تجنَّب يسوع التورط السياسي وقال عن تلاميذه: «ليسوا جزءا من العالم، كما اني انا لست جزءا من العالم». — يوحنا ٦:١٥؛ ١٧:١٦؛ متى ٤:٨-١٠؛ انظروا ايضا يعقوب ٤:٤.
«عهارة» عصرية
٦، ٧ (أ) كيف بلغ حزب هتلر النازي السلطة في المانيا؟ (ب) كيف ساعدت الاتفاقية التي صنعها الڤاتيكان مع المانيا النازية هتلر في دفعه الى السيطرة العالمية؟
٦ بتدخُّلها في السياسة، جلبت العاهرة العظيمة اسى كثيرا جدا للجنس البشري. مثلا، تأملوا في الوقائع وراء وصول هتلر الى السلطة في المانيا — وقائع شنيعة يريد البعض شطبها من كتب التاريخ. ففي ايار ١٩٢٤ شغل الحزب النازي ٣٢ مقعدا في مجلس النواب الالماني. وبحلول ايار ١٩٢٨ تضاءلت هذه الى ١٢ مقعدا. ولكنَّ الازمة الاقتصادية العظمى احاطت بالعالم في السنة ١٩٣٠؛ واذ انطلقوا في اعقابها، تعافى النازيون على نحو لافت، كاسبين ٢٣٠ مقعدا من ٦٠٨ في الانتخابات الالمانية لشهر تموز ١٩٣٢. وبعد ذلك مباشرة، انجد النازيين المستشار السابق فرانز ڤون پاپن، فارس بابوي. ووفقا للمؤرخين، تصوَّر ڤون پاپن امبراطورية رومانية مقدسة جديدة. والمدة القصيرة لتولِّيه مركز مستشار كانت فاشلة، ولذلك امل الآن ان يكسب السلطة عن طريق النازيين. وبحلول كانون الثاني ١٩٣٣، كان قد حشد الدعم لهتلر من الاقطاب الصناعيين، وبالمكائد الماكرة ضَمن صيرورة هتلر مستشار المانيا في ٣٠ كانون الثاني ١٩٣٣. وعُيِّن هو نفسه نائب المستشار واستخدمه هتلر ليربح دعم الاقاليم الكاثوليكية في المانيا. وفي غضون شهرين من كسب السلطة، حلَّ هتلر البرلمان، ارسل آلاف قادة المقاومة الى معسكرات الاعتقال، وبدأ حملة علنية من ظلم اليهود.
٧ وفي ٢٠ تموز ١٩٣٣، جرى الاعراب عن اهتمام الڤاتيكان بالسلطة الناشئة للنازية عندما وقَّع الكردينال پاسيللي (الذي صار لاحقا البابا پيوس الثاني عشر) اتفاقية في روما بين الڤاتيكان والمانيا النازية. وقد وقَّع ڤون پاپن الوثيقة بصفته ممثل هتلر، وهناك منح پاسيللي ڤون پاپن الوسام البابوي العالي للصليب العظيم من رتبة پيوس.b وفي كتابه الشيطان في القبعة الرسمية، يكتب تيبور كوڤيس عن ذلك ذاكرا: «كانت الاتفاقية انتصارا عظيما لهتلر. فقد منحته اول دعم ادبي تلقَّاه من العالم الخارجي، وذلك من أرفع مصدر». والاتفاقية تطلَّبت من الڤاتيكان ان يسحب دعمه من حزب الوسط الكاثوليكي لألمانيا، معترفا بالتالي بـ «الدولة الكليانية» ذات الحزب الواحد لهتلر.c وفضلا عن ذلك، ذكر بندها الـ ١٤: «ان التعيينات لرؤساء الاساقفة، الاساقفة، وما اشبه ذلك ستصدر فقط بعد ان يكون الحاكم، الذي ينصِّبه الرايخ، قد تحقَّق كما ينبغي انه لا شكوك توجد في ما يختص بالاعتبارات السياسية العامة». وبحلول نهاية السنة ١٩٣٣ (التي نادى بها البابا پيوس الحادي عشر «سنة مقدسة»)، صار دعم الڤاتيكان عاملا رئيسيا في دفع هتلر الى السيطرة العالمية.
٨، ٩ (أ) كيف تجاوب الڤاتيكان بالاضافة الى الكنيسة الكاثوليكية ورجال دينها مع الطغيان النازي؟ (ب) اي بيان اصدره الاساقفة الكاثوليك الالمان عند بداية الحرب العالمية الثانية؟ (ج) ماذا انتجت العلاقات الدينية السياسية؟
٨ على الرغم من ان عددا قليلا من الكهنة والراهبات احتجوا على فظائع هتلر — وتألموا من اجل ذلك — فان الڤاتيكان بالاضافة الى الكنيسة الكاثوليكية وجيشها من رجال الدين اعطوا إما الدعم النشيط وإما الصامت للطغيان النازي، الذي اعتبروه متراسا ضد تقدُّم الشيوعية العالمية. واذ جلس في وضع مريح في الڤاتيكان، ترك البابا پيوس الثاني عشر ابادة اليهود والاضطهادات القاسية لشهود يهوه وآخرين تأخذ مجراها دون انتقاد. ومما يدعو الى السخرية ان يمجِّد البابا يوحنا بولس الثاني، عند زيارة المانيا في ايار ١٩٨٧، الموقف المضاد للنازية لأحد الكهنة المخلصين. وماذا كان يفعل ألوف آخرون من رجال الدين الالمان في اثناء حكم هتلر الارهابي؟ ثمة رسالة رعوية اصدرها الاساقفة الكاثوليك الالمان في ايلول ١٩٣٩ عند نشوب الحرب العالمية الثانية تزوِّد الانارة في هذه النقطة. تقول جزئيا: «في هذه الساعة الحاسمة نحضّ جنودنا الكاثوليك ان يقوموا بواجبهم اطاعة للزعيم وأن يكونوا مستعدين للتضحية بشخصيتهم الفردية الكاملة. ونناشد المؤمنين ان يشتركوا في الصلوات الحارّة ان تقود العناية الالهية هذه الحرب الى نجاح مبارك».
٩ ان دبلوماسية كاثوليكية كهذه توضح نوع العهارة الذي انغمس فيه الدين على مرِّ الـ ٠٠٠,٤ سنة الماضية في التودُّد الى الدولة السياسية لكي يكسب السلطة والفائدة. وعلاقات دينية سياسية كهذه عزَّزت الحرب، الاضطهادات، والشقاء البشري على نطاق واسع. فكم يمكن للجنس البشري ان يكون سعيدا بأن دينونة يهوه على العاهرة العظيمة قريبة. فلتنفَّذ سريعا!
الجلوس على مياه كثيرة
١٠ ما هي ‹المياه الكثيرة› التي تتطلع اليها بابل العظيمة من اجل الحماية، وماذا يحدث لها؟
١٠ جلست بابل القديمة على مياه كثيرة — نهر الفرات وقنوات متعددة. هذه كانت حماية لها وكذلك مصدر تجارة ينتج الثراء، الى ان جفّت في ليلة واحدة. (ارميا ٥٠:٣٨؛ ٥١:٩، ١٢، ١٣) وبابل العظيمة ايضا تتطلع الى «مياه كثيرة» لتحميها وتغنيها. وهذه المياه الرمزية هي ‹شعوب وجموع وأمم وألسنة›، اي كل آلاف الملايين من البشر الذين تسيطر عليهم وتستمد منهم الدعم المادي. ولكنَّ هذه المياه تجفّ ايضا، او تسحب الدعم. — رؤيا ١٧:١٥؛ قارنوا مزمور ١٨:٤؛ اشعيا ٨:٧.
١١ (أ) كيف ‹اسكرت› بابل القديمة «كل الارض»؟ (ب) كيف «تُسكر» بابل العظيمة «كل الارض»؟
١١ وعلاوة على ذلك، وُصفت بابل القديمة بأنها «كأس ذهب بيد يهوه تُسكر كل الارض». (ارميا ٥١:٧) فبابل القديمة اجبرت الامم المجاورة على ابتلاع تعابير غضب يهوه عندما غلبتهم عسكريا، جاعلة اياهم ضعفاء كرجال سكارى. ومن هذه الناحية، كانت اداة يهوه. وبابل العظيمة ايضا قامت بغزوات الى حد الصيرورة امبراطورية عالمية. ولكنها بالتأكيد ليست اداة اللّٰه. وبالاحرى، خدمت «ملوك الارض» الذين معهم ترتكب العهارة الدينية. وهي تُشبع رغبات هؤلاء الملوك باستخدام عقائدها الكاذبة وممارساتها المستعبِدة لابقاء جماهير الناس، «سكان الارض»، ضعيفة كرجال سكارى، خانعة باستسلام لحكامها.
١٢ (أ) كيف كان قسم من بابل العظيمة في اليابان مسؤولا عن كثير من سفك الدم في اثناء الحرب العالمية الثانية؟ (ب) كيف تراجعت ‹المياه› الداعمة لبابل العظيمة في اليابان، وبأية نتيجة؟
١٢ تزوِّد اليابان الشنتوية مثالا لذلك جديرا بالملاحظة. فالجندي الياباني المتشرِّب العقيدة كان يعتبره ارفع شرف ان يقدِّم حياته للامبراطور — الاله الشنتوي الاسمى. وفي اثناء الحرب العالمية الثانية، مات نحو ٠٠٠,٥٠٠,١ جندي ياباني في المعركة؛ وبدون استثناء تقريبا، نظروا الى الاستسلام كشيء غير مشرِّف. ولكن نتيجة لهزيمة اليابان، اضطر الامبراطور هيروهيتو الى انكار ادعائه الالوهية. وأنتج ذلك تراجعا جديرا بالملاحظة ‹للمياه› الداعمة للقسم الشنتوي من بابل العظيمة — للأسف، بعد ان اجازت الشنتوية سفك مقدار كبير من الدم في مسرح حرب الپاسيفيك! وهذا الاضعاف للنفوذ الشنتوي فتح ايضا الطريق في السنوات الاخيرة لأكثر من ٠٠٠,٢٠٠ ياباني، غالبيتهم العظمى كانوا سابقا شنتويين او بوذيين، ليصيروا خداما معتمدين للرب المتسلط يهوه.
العاهرة تركب وحشا
١٣ اي منظر مذهل يراه يوحنا عندما يذهب به الملاك بقدرة الروح الى برِّية؟
١٣ وماذا تكشف النبوة بعدُ في ما يتعلق بالعاهرة العظيمة ومصيرها؟ كما يروي يوحنا الآن، يظهر مشهد حيوي اضافي: «وذهب [الملاك] بي بقدرة الروح الى برِّية. فأبصرت امرأة جالسة على وحش قرمزي اللون مملوء اسماء تجديف وله سبعة رؤوس وعشرة قرون». — رؤيا ١٧:٣.
١٤ لماذا من الملائم ان يُؤخذ يوحنا الى برِّية؟
١٤ ولماذا يُؤخذ يوحنا الى برِّية؟ ان اعلان دينونة ابكر على بابل القديمة وُصف بأنه «على برِّية البحر». (اشعيا ٢١:١، ٩) وقد اعطى ذلك تحذيرا مناسبا من ان بابل القديمة، على الرغم من كل دفاعها المائي، كانت ستصير خرابا عديم الحياة. من الملائم اذًا ان يُؤخذ يوحنا في رؤياه الى برِّية ليرى مصير بابل العظيمة. فهي ايضا يجب ان تصير قفرا وخرابا. (رؤيا ١٨:١٩، ٢٢، ٢٣) ولكنَّ يوحنا يذهله ما يراه هناك. فالعاهرة العظيمة ليست وحدها! انها تجلس على وحش ضخم!
١٥ اية اختلافات هنالك بين وحش الرؤيا ١٣:١ وذاك الذي للرؤيا ١٧:٣؟
١٥ لهذا الوحش سبعة رؤوس وعشرة قرون. اذًا، هل هو الوحش عينه الذي رآه يوحنا في وقت ابكر، الذي له ايضا سبعة رؤوس وعشرة قرون؟ (رؤيا ١٣:١) كلا، هنالك اختلافات. فهذا الوحش قرمزي اللون، وبخلاف الوحش السابق، لا يقال ان له اكاليل. وعوض ان تكون له اسماء تجديف على رؤوسه السبعة فقط، فانه «مملوء اسماء تجديف». غير انه يجب ان تكون هنالك علاقة بين هذا الوحش الجديد والوحش السابق؛ والتماثلات بينهما اوضح من ان تكون عرضية.
١٦ ما هي هوية الوحش القرمزي اللون، وماذا ذُكر في ما يتعلق بقصده؟
١٦ اذًا، ما هو هذا الوحش القرمزي اللون الجديد؟ لا بد ان يكون صورة الوحش التي أُنتجت بتحريض من الوحش الانكلواميركي الذي له قرنان كقرنَي الحمل. فبعد ان صُنعت الصورة، سُمح لهذا الوحش ذي القرنين بأن يمنح نسمة لصورة الوحش. (رؤيا ١٣:١٤، ١٥) ويرى يوحنا الآن الصورة الحية التي تتنفَّس. وهي تمثِّل منظمة عصبة الامم التي احياها الوحش ذو القرنين في السنة ١٩٢٠. ورئيس الولايات المتحدة ولسون تصوَّر ان العصبة «كانت ستصير منبرا لإجراء العدل لكل الناس وإزالة تهديد الحرب الى الابد». وعندما أُقيمت بعد الحرب العالمية الثانية بصفتها الامم المتحدة، كان قصد ميثاقها «ان تحافظ على السلام والامن الدوليين».
١٧ (أ) بأية طريقة يكون الوحش القرمزي اللون الرمزي مملوءا اسماء تجديف؟ (ب) مَن يركب الوحش القرمزي؟ (ج) كيف ربط الدين البابلي نفسه بعصبة الامم وخليفتها من البداية؟
١٧ وبأية طريقة يكون هذا الوحش الرمزي مملوءا اسماء تجديف؟ لأن الناس اقاموا هذا المعبود المتعدد الامم بديلا لملكوت اللّٰه — لينجز ما يقول اللّٰه ان ملكوته وحده يمكن ان ينجزه. (دانيال ٢:٤٤؛ متى ١٢:١٨، ٢١) ولكنَّ الجدير بالذكر بشأن رؤيا يوحنا هو ان بابل العظيمة تركب الوحش القرمزي اللون. ووفقا للنبوة، ربط الدين البابلي نفسه، وعلى نحو خصوصي في العالم المسيحي، بعصبة الامم وخليفتها. فباكرا في ١٨ كانون الاول ١٩١٨، تبنَّت الهيئة المعروفة الآن بالمجلس الوطني لكنائس المسيح في اميركا بيانا اعلن جزئيا: «ان عصبة كهذه ليست مجرد وسيلة سياسية؛ وبالاحرى هي التعبير السياسي لملكوت اللّٰه على الارض. . . . ويمكن للكنيسة ان تمنح روح حسن النية، الذي بدونه لا يمكن لعصبة الامم ان تدوم. . . . عصبة الامم متأصلة في الانجيل. وكالانجيل، هدفها ‹السلام على الارض، حسن النية تجاه الناس›».
١٨ كيف اظهر رجال دين العالم المسيحي دعمهم لعصبة الامم؟
١٨ في ٢ كانون الثاني ١٩١٩، حملت سان فرنسيسكو كرونيكل عنوان الصفحة الاولى: «البابا يدافع عن تبنِّي عصبة امم ولسون». وفي ١٦ تشرين الاول ١٩١٩، قُدِّمت عريضة وقَّعها ٤٥٠,١٤ رجل دين من فئات رئيسية الى مجلس شيوخ الولايات المتحدة، حاثَّة هذه الهيئة «ان تقرَّ معاهدة باريس للسلام التي تتضمن ميثاق عصبة الامم». ومع ان مجلس الشيوخ فشل في اقرار المعاهدة، استمر رجال دين العالم المسيحي في الاشتراك في حملة من اجل العصبة. وكيف دُشِّنت العصبة؟ تقول رسالة إخبارية من سويسرا، مؤرخة في ١٥ تشرين الثاني ١٩٢٠: «أُعلن افتتاح اول اجتماع لعصبة الامم عند الساعة الحادية عشرة من هذا الصباح بقرع جميع اجراس الكنائس في جنيڤ».
١٩ عندما ظهر الوحش القرمزي اللون، اي مسلك اتخذه صف يوحنا؟
١٩ وهل شارك صف يوحنا، الفريق الوحيد على الارض الذي قبل بشوق الملكوت المسيّاني المقبل، العالم المسيحي في تقديم التوقير للوحش القرمزي اللون؟ كلا على الاطلاق! ففي يوم الاحد ٧ ايلول ١٩١٩، ابرز محفل شعب يهوه في سيدر پوينت، اوهايو، الخطاب العام «الرجاء للبشرية المتضايقة». وفي اليوم التالي، اخبرت ستار جورنال لسَنْدَسكي ان ج. ف. رذرفورد، في مخاطبة ما يقارب ٠٠٠,٧ شخص، «اكَّد ان سخط الرب سيُصبُّ يقينا على العصبة . . . لأن رجال الدين — الكاثوليك والپروتستانت — اذ يدَّعون انهم ممثِّلو اللّٰه، هجروا خطته وأيدوا عصبة الامم، مرحِّبين بها بصفتها تعبيرا سياسيا لملكوت المسيح على الارض».
٢٠ لماذا كان تجديفا ان يرحِّب رجال الدين بعصبة الامم بصفتها «التعبير السياسي لملكوت اللّٰه على الارض»؟
٢٠ ان الفشل المفجع لعصبة الامم لا بد انه اعطى اشارة لرجال الدين بأن ادوات بشرية الصنع كهذه ليست جزءا من ملكوت اللّٰه على الارض. ويا له من تجديف ان يُصنع مثل هذا الادعاء! فهو يجعل الامر يبدو وكأن اللّٰه كان شريكا في العمل الضخم غير المتقن الذي صارت عليه عصبة الامم. أما اللّٰه ‹فكامل صنيعه›. وملكوت يهوه السماوي برئاسة المسيح — لا مزيج من السياسيين المتنازعين، وكثيرون منهم ملحدون — هو الوسيلة التي بها يجلب السلام ويجعل مشيئته على الارض كما في السماء. — تثنية ٣٢:٤؛ متى ٦:١٠.
٢١ ماذا يظهر ان العاهرة العظيمة تدعم وتُعجَب بخليفة العصبة، الامم المتحدة؟
٢١ وماذا عن خليفة العصبة، الامم المتحدة؟ من ابتدائها، كانت العاهرة العظيمة راكبة على ظهر هذه الهيئة، مرتبطة بها على نحو واضح ومحاولة توجيه مصيرها. مثلا، في ذكراها السنوية الـ ٢٠، في حزيران ١٩٦٥، اجتمع ممثِّلون للكنيسة الكاثوليكية الرومانية والكنيسة الاورثوذكسية الشرقية، الى جانب الپروتستانت، اليهود، الهندوس، البوذيين، والمسلمين — الذين قيل انهم يمثِّلون ألفي مليون من سكان الارض — في سان فرانسيسكو ليحتفلوا بدعمهم واعجابهم بالامم المتحدة. وعند زيارة الامم المتحدة في تشرين الاول ١٩٦٥، وصفها البابا بولس السادس بأنها «اعظم المنظمات الدولية قاطبة». وأضاف: «شعوب الارض تلتفت الى الامم المتحدة بصفتها الرجاء الاخير للوئام والسلام». وقال زائر بابوي آخر، البابا يوحنا بولس الثاني، مخاطبا الامم المتحدة في تشرين الاول ١٩٧٩: «ارجو ان تبقى الامم المتحدة ابدا المنبر الاسمى للسلام والعدل». وعلى نحو ذي مغزى، لم يلفت البابا الانتباه الى يسوع المسيح او ملكوت اللّٰه في خطابه. وفي اثناء زيارته للولايات المتحدة في ايلول ١٩٨٧، كما تخبر ذا نيويورك تايمز، «تكلم يوحنا بولس مطوَّلا عن الدور الايجابي للامم المتحدة في ترويج . . . ‹تضامن عالمي جديد›».
اسم، سرّ
٢٢ (أ) اي نوع من الوحوش اختارت العاهرة العظيمة ركوبه؟ (ب) كيف يصف يوحنا العاهرة الرمزية بابل العظيمة؟
٢٢ سيعلم الرسول يوحنا سريعا ان العاهرة العظيمة اختارت وحشا خطرا لركوبه. ولكنَّ انتباهه يتحول اولا الى بابل العظيمة نفسها. فهي متحلية على نحو وافر، ولكن كم تكون مثيرة للاشمئزاز! «وكانت المرأة متسربلة بأرجوان وقرمز، ومتحلية بذهب وحجر كريم ولآلئ ومعها في يدها كأس ذهبية ملآنة ارجاسا ونجاسات عهارتها. وعلى جبهتها اسم مكتوب، سرّ: ‹بابل العظيمة، أم العاهرات وأرجاس الارض›. ورأيت المرأة سكرى من دم القديسين ومن دم شهود يسوع». — رؤيا ١٧:٤-٦ أ.
٢٣ ما هو الاسم الكامل لبابل العظيمة، وما هو مغزاه؟
٢٣ كما كانت العادة في روما القديمة، تُحدَّد هوية هذه البغيّ بالاسم الذي على جبهتها.d انه اسم طويل: «بابل العظيمة، أم العاهرات وأرجاس الارض». وهذا الاسم هو «سرّ»، شيء بمعنى مستتر. ولكن في وقت اللّٰه المعيَّن، سيجرى توضيح السرّ. وفي الواقع، يعطي الملاك يوحنا ما يكفي من المعلومات ليسمح لخدام يهوه اليوم بأن يميِّزوا المغزى الكامل لهذا الاسم الوصفي. ونحن ندرك ان بابل العظيمة هي كل الدين الباطل. انها «أم العاهرات» لأن كل الاديان الباطلة الافرادية في العالم، بما فيها الطوائف الكثيرة في العالم المسيحي، هي كبنات لها، اذ تقتدي بها في ارتكاب العهارة الروحية. وهي ايضا أم ‹الأرجاس› لأنها ولدت ذرية تتقزز منها النفس كالصنمية، الارواحية، قراءة البخت، التنجيم، قراءة الكف، الذبيحة البشرية، بغاء الهياكل، السكر تكريما للآلهة الباطلة، وممارسات قبيحة اخرى.
٢٤ لماذا من الملائم ان تُرى بابل العظيمة لابسة ‹ارجوانا وقرمزا› و «متحلية بذهب وحجر كريم ولآلئ»؟
٢٤ وبابل العظيمة لابسة ‹ارجوانا وقرمزا›، وهما لونَا الملكية، و «متحلية بذهب وحجر كريم ولآلئ». فكم يكون ذلك ملائما! تأملوا فقط في كل الابنية الرائعة، التماثيل والرسوم النادرة، الايقونات التي لا تقدَّر بثمن، والامتعة الدينية الاخرى، بالاضافة الى الكميات الهائلة من الممتلكات والاوراق المالية، التي جمعتها اديان العالم هذه. وسواء في الڤاتيكان، في امبراطورية التبشير التلفزيونية المتمركزة في الولايات المتحدة، او في معابد وهياكل الشرق الغريبة، تكدِّس بابل العظيمة — وأحيانا تخسر — ثروة خيالية.
٢٥ (أ) الى ماذا ترمز محتويات ‹الكأس الذهبية الملآنة ارجاسا›؟ (ب) بأي معنى تكون العاهرة الرمزية سكرى؟
٢٥ انظروا الآن ما في يد العاهرة. لا بد ان يوحنا شهق لمنظره — كأس ذهبية «ملآنة ارجاسا ونجاسات عهارتها»! هذه هي الكأس التي تحتوي على «خمر غضب عهارتها» التي بها اسكرت جميع الامم. (رؤيا ١٤:٨؛ ١٧:٤) انها تبدو انيقة من الخارج، ولكنَّ محتوياتها مثيرة للاشمئزاز ونجسة. (قارنوا متى ٢٣:٢٥، ٢٦.) وهي تحتوي على كل الممارسات والاكاذيب القذرة التي تستخدمها العاهرة العظيمة لتغوي الامم وتجعلهم تحت نفوذها. وما تتقزز منه النفس اكثر ايضا هو ان يوحنا يرى ان العاهرة نفسها ثملة، سكرى من دم خدام اللّٰه! وفي الواقع، نقرأ لاحقا انه «فيها وُجِد دم انبياء وقديسين وجميع الذين ذُبحوا على الارض». (رؤيا ١٨:٢٤) فيا له من ذنب جسيم لسفك الدم!
٢٦ اي دليل هنالك على ذنب سفك الدم من جهة بابل العظيمة؟
٢٦ على مر القرون، اراقت الامبراطورية العالمية للدين الباطل محيطات من الدم. مثلا، في يابان القرون الوسطى، حُوِّلت الهياكل في كيوتو الى حصون، والرهبان المحاربون، اذ استغاثوا بـ «اسم البوذا المقدس»، قاتلوا احدهم الآخر الى ان فاضت الشوارع بالدم. وفي القرن الـ ٢٠، سار رجال دين العالم المسيحي مع جيوش بلادهم الخاصة، وهؤلاء قتلوا احدهم الآخر، بخسارة حياة مئة مليون على الاقل. وفي تشرين الاول ١٩٨٧ قال الرئيس السابق للولايات المتحدة نِكسون: «القرن الـ ٢٠ هو الاكثر سفكا للدم في التاريخ. فقد قُتل في حروب هذا القرن اناس اكثر من كل الحروب التي جرى خوضها قبل بداية القرن». وأديان العالم تُدان على نحو مضاد من قِبل اللّٰه لمشاركتها في كل ذلك؛ فيهوه يكره ‹الايدي السافكة دما بريئا›. (امثال ٦:١٦، ١٧) وفي وقت ابكر، سمع يوحنا صراخا من المذبح: «حتى متى، ايها السيد الرب القدوس والحق، تُحجِم عن ان تدين وتنتقم لدمنا من الساكنين على الارض؟». (رؤيا ٦:١٠) وبابل العظيمة، أم العاهرات وأرجاس الارض، ستكون متورطة بعمق عندما يأتي الوقت للاجابة عن هذا السؤال.
[الحواشي]
a اذ اشار الى المنشإ غير المسيحي لكثير من عقائد، مراسم، وممارسات العالم المسيحي المرتدّ، كتب الكردينال الكاثوليكي الروماني للقرن الـ ١٩ جون هنري نيومان في بحث في تطور العقيدة المسيحية الذي له: «استعمال الهياكل، وهذه مخصَّصة لقديسين معيَّنين، ومزخرفة في المناسبات بأغصان الشجر؛ البخور، السُّرُج، والشموع؛ قرابين الشكر عن الشفاء من المرض؛ الماء المقدَّس؛ الاماكن المقدسة التي يلجأ اليها المجرمون؛ الاعياد والمواسم، استعمال التقاويم، الزيَّاح، البركات على الحقول؛ الازياء الكهنوتية، حلق قمة الرأس، الخاتم في الزواج، الالتفات الى الشرق، التماثيل في تاريخ متأخر، وربما الترتيل الكنسي، والكِيرياليسُون [ترتيلة «يا رب، ارحم»]، كلها من اصل وثني، وقد جرى تقديسها بتبنيها في الكنيسة».
عوض تقديس صنمية كهذه، يحضّ «يهوه القادر على كل شيء» المسيحيين: «اخرجوا من بينهم، وافترزوا . . . ولا تمسوا النجس بعد». — ٢ كورنثوس ٦:١٤-١٨.
b يذكر عمل وليم ل. شَيرر التاريخي قيام وسقوط الرايخ الثالث ان ڤون پاپن كان «مسؤولا اكثر من ايّ فرد آخر في المانيا عن بلوغ هتلر السلطة». وفي كانون الثاني ١٩٣٣ قال المستشار الالماني السابق ڤون شْليخِر عن ڤون پاپن: «تبيَّن انه نوع الخائن الذي بالمقارنة معه يكون يهوذا الاسخريوطي قديسا».
c عند مخاطبة كلية موندرَڠوني في ١٤ ايار ١٩٢٩، قال البابا پيوس الحادي عشر انه يتفاوض مع الشيطان نفسه لو تطلَّب خير النفوس ذلك.
d قارنوا كلمات المؤلف الروماني سَنيكا الى كاهنة منحرفة (كما اقتبسها سويت): «يا فتاة، وقفتِ في بيت السمعة الرديئة . . . اسمك تدلَّى من جبهتك؛ قبلتِ مالا من اجل عارك». — كونتروڤ ١، ٢.
[الاطار في الصفحة ٢٣٧]
تْشَرْتشل يشهِّر ‹العهارة›
في كتابه عاصفة التجميع (١٩٤٨)، يخبر ونستون تْشَرْتشل ان هتلر عيَّن فرانز ڤون پاپن سفيرا المانيّا في ڤيينا من اجل «إضعاف او كسب رضى الشخصيات القيادية في السياسة النمساوية». ويقتبس تْشَرْتشل من سفير الولايات المتحدة في ڤيينا قوله عن ڤون پاپن: «بالطريقة الاجرإ والاكثر سخرية . . . شرع پاپن يخبرني انه . . . عزم ان يستعمل سمعته ككاثوليكي صالح ليكسب النفوذ عند النمساويين كالكردينال إنيتزر».
وبعد ان استسلمت النمسا ودخلت قوات عاصفة هتلر بخطوة عسكرية الى ڤيينا، امر الكردينال الكاثوليكي إنيتزر ان ترفع جميع الكنائس النمساوية علم الصليب المعقوف، تقرع اجراسها، وتصلّي من اجل ادولف هتلر تكريما ليوم ميلاده.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٢٣٨]
‹صلاة حرب› من اجل الرايخ
تحت هذا العنوان، ظهرت المقالة التالية في الطبعة الاولى من ذا نيويورك تايمز، ٧ كانون الاول ١٩٤١:
«الاساقفة الكاثوليك في فولدا يطلبون البركة والنصر . . . اوصى مؤتمر الاساقفة الكاثوليك الالمان المنعقد في فولدا بتقديم ‹صلاة حرب› خصوصية يجب ان تُتلى عند بداية ونهاية جميع القداديس الالهية. والصلاة تناشد العناية الالهية ان تبارك الاسلحة الالمانية بالنصر وتمنح الحماية لحياة وصحة كل الجنود. وأمر الاساقفة ايضا رجال الدين الكاثوليك ان يحرصوا ويتذكَّروا في موعظة الاحد الخصوصية على الاقل مرة في الشهر الجنود الالمان ‹في البر، في البحر وفي الجو›».
لكن هذه المقالة أُلغيت من الطبعات اللاحقة للصحيفة. و ٧ كانون الاول ١٩٤١ هو اليوم الذي فيه هاجمت اليابان، حليفة المانيا النازية، اسطول الولايات المتحدة في پيرل هاربر.
[الاطار في الصفحة ٢٤٤]
«اسماء تجديف»
عندما روَّج الوحش ذو القرنين عصبة الامم بعد الحرب العالمية الاولى، سعى كثيرون من عشاقها الدينيين فورا الى منح الاعتراف الديني لهذه الخطوة. ونتيجة لذلك، صارت منظمة السلام الجديدة ‹مملوءة اسماء تجديف›.
«المسيحية يمكن ان تزوِّد حسن النية، القوة وراء العصبة [عصبة الامم]، وتغيِّر بالتالي المعاهدة من قصاصة ورق الى اداة لملكوت اللّٰه». — القرن المسيحي، الولايات المتحدة الاميركية، ١٩ حزيران ١٩١٩، الصفحة ١٥.
«فكرة عصبة الامم هي توسيع لفكرة ملكوت اللّٰه، كنظام عالمي لحسن النية، وتطبيقها على العلاقات الدولية . . . انها الشيء الذي يصلّي من اجله جميع المسيحيين عندما يقولون، ‹ليأت ملكوتك›». — القرن المسيحي، الولايات المتحدة الاميركية، ٢٥ ايلول ١٩١٩، الصفحة ٧.
«ان اسمنت عصبة الامم هو دم المسيح». — الدكتور فرانك كراين، قس پروتستانتي، الولايات المتحدة الاميركية.
«المجلس [الوطني للكنائس الجماعية] يدعم الميثاق [ميثاق عصبة الامم] بصفته الاداة السياسية الوحيدة المتوافرة الآن التي بها يمكن ان يجد روح يسوع المسيح مجالا اوسع في التطبيق العملي على شؤون الامم». — الجماعيّ والتقدُّم، الولايات المتحدة الاميركية، ٦ تشرين الثاني ١٩١٩، الصفحة ٦٤٢.
«المؤتمر يدعو جميع المنهجيين ان يؤيِّدوا ويروِّجوا على نحو رفيع المُثُل [التي لعصبة الامم] كما تعبِّر عنها فكرة اللّٰه الآب وأولاد اللّٰه الارضيين». — الكنيسة المنهجية الويزلية، بريطانيا.
«عندما نتأمل في المطامح، الاحتمالات والقرارات التي لهذا الاتفاق، نرى انه يحتوي على لُبِّ تعاليم يسوع المسيح: ملكوت اللّٰه وبرّه . . . وهو ليس اقل من ذلك». — موعظة ألقاها رئيس اساقفة كانتربري عند افتتاح اجتماع عصبة الامم في جنيڤ، ٣ كانون الاول ١٩٢٢.
«اتحاد عصبة الامم في هذا البلد له الحق المقدس نفسه كأي جمعية ارسالية خيرية، لأنه في الوقت الحاضر الوكالة الاكثر فعالية لحكم المسيح بصفته امير السلام بين الامم». — الدكتور ڠارڤي، قس جماعي، بريطانيا.
[الخريطة في الصفحة ٢٣٦]
(اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)
العقائد الباطلة التي يجري الايمان بها حول العالم لها منشأُها في بابل
بابل
ثواليث او مجموعات ثلاثية من الآلهة
النفس البشرية تبقى حية بعد الموت
الارواحية — التكلم مع «الموتى»
استعمال الصور في العبادة
استعمال الرقى لتهدئة الابالسة
الحكم بواسطة كهنوت قوي
[الصورة في الصفحة ٢٣٩]
بابل القديمة جلست على مياه كثيرة
[الصورة في الصفحة ٢٣٩]
العاهرة العظيمة اليوم تجلس ايضا على «مياه كثيرة»
[الصورة في الصفحة ٢٤١]
بابل العظيمة جالسة على وحش خطر
[الصور في الصفحة ٢٤٢]
العاهرة الدينية ترتكب العهارة مع ملوك الارض
[الصور في الصفحة ٢٤٥]
المرأة «سكرى من دم القديسين»
-
-
حلُّ سرّ رهيبالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٤
حلُّ سرّ رهيب
١ (أ) كيف يتجاوب يوحنا عند رؤية العاهرة العظيمة ومَطِيَّتها المخيفة، ولماذا؟ (ب) كيف يتجاوب صف يوحنا اليوم اذ تنكشف الحوادث اتماما للرؤيا النبوية؟
ما هو تجاوب يوحنا عند رؤية العاهرة العظيمة ومَطِيَّتها المخيفة؟ يجيب هو نفسه: «ولمَّا ابصرتُها تعجبت تعجبا عظيما». (رؤيا ١٧:٦ ب ) لم يكن ممكنا لمجرد خيال بشري ان يستحضر منظرا كهذا. ومع ذلك، ها هي — بعيدا في برِّية — عاهرة فاسقة جاثمة على وحش قرمزي اللون شنيع! (رؤيا ١٧:٣) وصفّ يوحنا يتعجب ايضا تعجبا عظيما اذ تنكشف الحوادث اتماما للرؤيا النبوية. ولو تمكَّن الناس في العالم من رؤيتها لهتفوا: ‹لا يُصدَّق!›، ولردَّد قادة العالم ‹لا يخطر بالبال!›. ولكنَّ الرؤيا تصير حقيقة مروِّعة اليوم. وشعب اللّٰه كان قد ساهم على نحو رائع في اتمام الرؤيا، وهذا يؤكِّد لهم ان النبوة ستتقدَّم مباشرة الى ذروتها المذهلة.
٢ (أ) تجاوبا مع دهشة يوحنا، ماذا يقول له الملاك؟ (ب) ماذا أُظهر لصف يوحنا، وكيف جرى ذلك؟
٢ يلاحظ الملاك دهشة يوحنا. يتابع يوحنا: «فقال لي الملاك: ‹لماذا تعجبت؟ انا اخبرك بسر المرأة والوحش الذي يحملها، الذي له الرؤوس السبعة والقرون العشرة›». (رؤيا ١٧:٧ ) ان الملاك سيحلُّ الآن السرّ! وهو يشرح ليوحنا المندهش الاوجه المختلفة للرؤيا والحوادث المؤثرة التي توشك ان تنكشف. وكذلك، اذ يخدم تحت التوجيه الملائكي اليوم، أُظهر لصف يوحنا فهم النبوة. «أليست التفاسير للّٰه؟». كيوسف الامين، نؤمن بأنها للّٰه. (تكوين ٤٠:٨؛ قارنوا دانيال ٢:٢٩، ٣٠.) وشعب اللّٰه يوضعون في وسط المسرح، مجازيا، اذ يفسِّر لهم يهوه معنى الرؤيا ووقعها في حياتهم. (مزمور ٢٥:١٤) ففي الوقت المعيَّن، كُشف لفهمهم سرّ المرأة والوحش. — مزمور ٣٢:٨.
٣، ٤ (أ) اي خطاب عام ألقاه ن. ه. نور في السنة ١٩٤٢، وكيف حدَّد هوية الوحش القرمزي اللون؟ (ب) اية كلمات تكلم بها الملاك الى يوحنا ناقشها ن. ه. نور؟
٣ من ١٨ الى ٢٠ ايلول ١٩٤٢، في اوج الحرب العالمية الثانية، عقد شهود يهوه في الولايات المتحدة محفلهم، «المحفل الثيوقراطي للعالم الجديد». وقد رُبطت المدينة الرئيسية، كليڤلَند، اوهايو، بواسطة الهاتف باكثر من ٥٠ مدينة محفل اخرى، لذروة حضور من ٦٩٩,١٢٩. وحيثما سمحت احوال زمن الحرب، اعادت محافل اخرى البرنامج حول العالم. في ذلك الوقت، توقع كثيرون من شعب يهوه ان تتصاعد الحرب الى حرب اللّٰه هرمجدون؛ ولذلك اثار عنوان الخطاب العام، «السلام — هل يمكن ان يدوم؟»، كثيرا من الفضول. فكيف امكن للرئيس الجديد لجمعية برج المراقبة، ن. ه. نور، ان يتجرأ على التحدث عن السلام عندما بدا النقيض مخزونا للامم؟a السبب هو ان صف يوحنا كان ‹منتبها اكثر من المعتاد› الى كلمة اللّٰه النبوية. — عبرانيين ٢:١؛ ٢ بطرس ١:١٩.
٤ فأيّ نور ألقاه الخطاب «السلام — هل يمكن ان يدوم؟» على النبوة؟ اذ حدَّد بوضوح هوية الوحش القرمزي اللون للرؤيا ١٧:٣ بصفته عصبة الامم، مضى ن. ه. نور يناقش تطور سيرته العاصفة على اساس كلمات الملاك التالية الى يوحنا: «الوحش الذي رأيت كان، وليس الآن، إلا انه سيصعد من المهواة، ويمضي الى الهلاك». — رؤيا ١٧:٨ أ.
٥ (أ) كيف حدث ان «الوحش . . . كان» ثم «ليس الآن»؟ (ب) كيف اجاب ن. ه. نور عن السؤال «هل ستبقى العصبة في الحفرة»؟
٥ «الوحش . . . كان». نعم، لقد كان موجودا بصفته عصبة الامم من ١٠ كانون الثاني ١٩٢٠ فصاعدا، بـ ٦٣ امة مشاركة في وقت او آخر. ولكن انسحبت اليابان، المانيا، وايطاليا تباعا، والاتحاد السوڤياتي السابق أُخرج من العصبة. وفي ايلول ١٩٣٩ شن دكتاتور المانيا النازي الحرب العالمية الثانية.b واذ فشلت في حفظ السلام في العالم، هبطت عصبة الامم فعليا الى مهواة الخمول. وبحلول السنة ١٩٤٢ صارت شيئا من الماضي. لا قبل ذلك ولا في تاريخ لاحق — ولكن في ذلك الوقت العصيب تماما — فسَّر يهوه لشعبه العمق الكامل لمعنى الرؤيا! وفي المحفل الثيوقراطي للعالم الجديد تمكّن ن. ه. نور ان يعلن، انسجاما مع النبوة، ان «الوحش . . . ليس الآن». ثم طرح السؤال: «هل ستبقى العصبة في الحفرة؟». واذ اقتبس من رؤيا ١٧:٨ اجاب: «ان جمعية الامم العالمية ستقوم ثانية». وهكذا كان — تبرئة لكلمة يهوه النبوية!
الصعود من المهواة
٦ (أ) متى صعد الوحش القرمزي اللون من المهواة، وبأي اسم جديد؟ (ب) لماذا تكون الامم المتحدة في الواقع اعادة احياء للوحش القرمزي اللون؟
٦ ان الوحش القرمزي اللون صعد فعلا من المهواة. ففي ٢٦ حزيران ١٩٤٥، بتبويق شديد الضجيج في سان فرانسيسكو، الولايات المتحدة الاميركية، صوَّتت ٥٠ أمة لقبول ميثاق منظمة الامم المتحدة. وهذه الهيئة كانت «لتحافظ على السلام والامن الدوليين». وكانت هنالك تماثلات عديدة بين العصبة والامم المتحدة. تلاحظ دائرة معارف الكتاب العالمي: «ببعض الطرائق، تشبه الامم المتحدة عصبة الامم التي نُظِّمت بعد الحرب العالمية الاولى . . . فكثير من الامم التي اسست الامم المتحدة كان قد اسس ايضا العصبة. وكالعصبة، تأسست الامم المتحدة للمساعدة على حفظ السلام بين الامم. والاعضاء الرئيسيون في الامم المتحدة هم كالذين في العصبة». فالامم المتحدة هي في الواقع اعادة احياء للوحش القرمزي اللون. وعضويتها التي تتأ لَّف من نحو ١٩٠ امة تتجاوز الى حد بعيد تلك التي للـ ٦٣ للعصبة؛ وتتولّى ايضا مسؤوليات اوسع من سابقتها.
٧ (أ) بأية طريقة يتعجب ساكنو الارض من الوحش القرمزي اللون المعاد احياؤه؟ (ب) اي هدف افلت من الامم المتحدة، وماذا قال امينها العام من هذا القبيل؟
٧ في البداية، جرى التعبير عن آمال عظيمة للامم المتحدة. وكان ذلك اتماما لكلمات الملاك: «وسيتعجب الساكنون على الارض، الذين ليست اسماؤهم مكتوبة في دَرْج الحياة منذ تأسيس العالم، عندما يرون الوحش انه كان، وليس الآن، ولكنه سيكون حاضرا». (رؤيا ١٧:٨ ب ) يتعجب ساكنو الارض من هذا الشيء الضخم الجديد، اذ يعمل من مركزه الرئيسي المهيب في ايست ريڤر في نيويورك. ولكنَّ السلام والامن الحقيقيين افلتا من الامم المتحدة. فخلال الجزء الاكبر من القرن الـ ٢٠، جرى الحفاظ على السلام العالمي فقط بتهديد «الدمار الاكيد المتبادل» — MAD، كما يجري اختصاره — ويستمر سباق التسلح في التصاعد على نحو هائل. ففي سنة ١٩٨٥، بعد نحو ٤٠ سنة من الجهد من قِبل الامم المتحدة، رثا خافيير پيريز ديكويار، الذي كان آنذاك امينها العام: «نحن نعيش في عصر آخر للتعصب، ولا نعرف ماذا نفعل بشأنه».
٨، ٩ (أ) لماذا لا تملك الامم المتحدة الاجوبة عن مشاكل العالم، وماذا سيحدث لها قريبا وفقا لحكم اللّٰه؟ (ب) لماذا مؤسِّسو الامم المتحدة والمعجبون بها ليست اسماؤهم مسجلة في «دَرْج الحياة» الذي للّٰه؟ (ج) ماذا سينجز ملكوت يهوه بنجاح؟
٨ لا تملك الامم المتحدة الاجوبة. ولماذا؟ لأن معطي الحياة لجميع الجنس البشري ليس هو معطي الحياة للامم المتحدة. ومدى حياتها سيكون قصيرا، لانها وفقا لحكم اللّٰه ‹تمضي الى الهلاك›. ان مؤسِّسي الامم المتحدة والمعجبين بها ليست اسماؤهم مسجلة في دَرْج الحياة الذي للّٰه. فكيف يمكن لأناس خطاة مائتين، هزأ كثيرون منهم باسم اللّٰه، ان يحقِّقوا بواسطة الامم المتحدة ما اعلن يهوه اللّٰه انه على وشك انجازه، لا بوسائل بشرية، بل عن طريق ملكوت مسيحه؟ — دانيال ٧:٢٧؛ رؤيا ١١:١٥.
٩ والامم المتحدة هي في الواقع تزييف تجديفي لملكوت اللّٰه المسيّاني برئاسة رئيس سلامه، يسوع المسيح — الذي لا نهاية لرئاسته. (اشعيا ٩:٦، ٧) وحتى إن كانت الامم المتحدة ستزوِّد سلاما موقتا فان الحروب سرعان ما تنفجر ثانية. فذلك في طبيعة الناس الخطاة. «ليست اسماؤهم مكتوبة في دَرْج الحياة منذ تأسيس العالم». أما ملكوت يهوه برئاسة المسيح فلن يؤسس السلام الابدي على الارض فقط ولكنه، على اساس ذبيحة يسوع الفدائية، سيقيم الاموات، الابرار والاثمة، الذين هم في ذاكرة اللّٰه. (يوحنا ٥:٢٨، ٢٩؛ اعمال ٢٤:١٥) ويشمل ذلك كل مَن بقي ثابتا على الرغم من هجمات الشيطان ونسله، والآخرين الذين سيُظهرون بعدُ انهم طائعون. ومن الواضح ان دَرْج الحياة الذي للّٰه لن يحتوي ابدا على اسماء الملتصقين العُنُد ببابل العظيمة او ايّ من الذين استمروا في عبادة الوحش. — خروج ٣٢:٣٣؛ مزمور ٨٦:٨-١٠؛ يوحنا ١٧:٣؛ رؤيا ١٦:٢؛ ١٧:٥.
السلام والامن — رجاء باطل
١٠، ١١ (أ) بماذا نادت الامم المتحدة في السنة ١٩٨٦، وماذا كان التجاوب؟ (ب) كم «عشيرة دينية» اجتمعت في أسِّيزي، ايطاليا، للصلاة من اجل السلام، وهل يستجيب اللّٰه صلوات كهذه؟ اشرحوا.
١٠ في جهد لدعم آمال الجنس البشري، نادت الامم المتحدة بالسنة ١٩٨٦ «سنة دولية للسلام»، بمحور «صيانة السلام ومستقبل البشرية». ودعيت الامم المتحاربة الى القاء سلاحها، على الاقل سنة واحدة. فماذا كان تجاوبها؟ وفقا لتقرير بواسطة المعهد الاممي لابحاث السلام، فإن ما قدره خمسة ملايين شخص قُتلوا نتيجة الحروب في اثناء السنة ١٩٨٦ وحدها! وعلى الرغم من اصدار قطع نقد خصوصية وطوابع تذكارية، فإن معظم الامم لم تسعَ الى غاية السلام في تلك السنة. إلا ان اديان العالم — المتشوِّقة دائما الى صلة جيدة بالامم المتحدة — بدأت تعلن السنة بطرائق مختلفة. ففي ١ كانون الثاني ١٩٨٦، مدح البابا يوحنا بولس الثاني عمل الامم المتحدة وخصَّص السنة الجديدة للسلام. وفي ٢٧ تشرين الاول، جمع قادةَ الكثير من اديان العالم في أسِّيزي، ايطاليا، للصلاة من اجل السلام.
١١ وهل يستجيب اللّٰه صلوات كهذه من اجل السلام؟ حسنا، الى ايّ اله كان اولئك القادة الدينيون يصلّون؟ اذا سألتموهم، فإن كل فريق يعطي جوابا مختلفا. وهل هنالك مجموعة من ملايين الآلهة يمكن ان تسمع وتلبِّي طلبات تقدَّم بطرائق مختلفة؟ فكثيرون من المشاركين عبدوا ثالوث العالم المسيحي.c والبوذيون، الهندوس، وآخرون انشدوا صلوات لآلهة بلا عدد. وككل، اجتمعت ١٢ «عشيرة دينية»، اذ مثَّلها وجهاء كرئيس اساقفة كانتربري الانڠليكاني، دالاي لاما البوذي، متروپوليت اورثوذكسي روسي، رئيس جمعية المزارات الشنتوية في طوكيو، اصحاب مذهب الروحانية في افريقيا، مع هنديَّين اميركيَّين مزيَّنَين بعمرة مزخرفة بالريش. لقد كان فريقا ملوَّنا، دون مبالغة، ساهم في تغطية مثيرة للتلفزيون. واحدى الفرق صلَّت دون توقُّف ١٢ ساعة في وقت واحد. (قارنوا لوقا ٢٠:٤٥-٤٧.) ولكن هل وصلت اية من هذه الصلوات الى ما وراء غيوم المطر التي تحرَّكت فوق التجمع؟ كلا، للاسباب التالية:
١٢ لأية اسباب لم يستجب اللّٰه صلوات قادة العالم الدينيين من اجل السلام؟
١٢ بالتباين مع اولئك الذين ‹يسيرون باسم يهوه›، لم يكن ايّ من اولئك الدينيين يصلّي الى يهوه، الاله الحي، الذي يظهر اسمه نحو ٠٠٠,٧ مرة في النص الاصلي للكتاب المقدس. (ميخا ٤:٥؛ اشعيا ٤٢:٨، ١٢)d وكفريق، لم يقتربوا الى اللّٰه باسم يسوع، حتى ان غالبيتهم لا تؤمن بيسوع المسيح. (يوحنا ١٤:١٣؛ ١٥:١٦) ولا احد منهم يفعل مشيئة اللّٰه لايامنا، التي هي المناداة في كل العالم بملكوت اللّٰه المقبل — لا الامم المتحدة — بصفته الرجاء الحقيقي للجنس البشري. (متى ٧:٢١-٢٣؛ ٢٤:١٤؛ مرقس ١٣:١٠) وفي اكثر الحالات، كانت هيئاتهم الدينية متورطة في الحروب الدموية للتاريخ، بما فيها الحربان العالميتان للقرن الـ ٢٠. ولمثل هؤلاء يقول اللّٰه: «وإن أكثرتم الصلاة لا اسمع. ايديكم ملآنة من الدماء». — اشعيا ١:١٥؛ ٥٩:١-٣.
١٣ (أ) لماذا هو ذو مغزى ان يتَّحد قادة العالم الدينيون بالامم المتحدة في الدعوة من اجل السلام؟ (ب) الصرخات من اجل السلام ستبلغ النهاية في اية ذروة منبإ بها من اللّٰه؟
١٣ وعلاوة على ذلك، فانه ذو مغزى على نحو عميق ان يتَّحد قادة العالم الدينيون بالامم المتحدة في الدعوة من اجل السلام في هذا الوقت. فهم يريدون ان يؤثِّروا في الامم المتحدة من اجل منفعتهم، وخصوصا في هذا العصر الحديث حين يهجر كثيرون من شعبهم الدين. وكالقادة الدينيين غير الامناء في اسرائيل القديمة، يصرخون، «‹سلام! سلام!›، ولا سلام». (ارميا ٦:١٤) ولا شك ان صرخاتهم من اجل السلام ستستمر، اذ ترتفع دعما للذروة التي تنبَّأ عنها الرسول بولس: «يوم يهوه آت كسارق في الليل. فحين يقولون: ‹سلام وأمن!›، حينئذ يدهمهم سريعا هلاك مفاجئ دهم المخاض للحامل، فلا يفلتون». — ١ تسالونيكي ٥:٢، ٣.
١٤ اي شكل يمكن ان يتخذه الصراخ «سلام وأمن»، وكيف يمكن للمرء ان يتجنب الضلال به؟
١٤ في السنوات الماضية، استخدم السياسيون عبارة «سلام وأمن» لوصف مخططات بشرية متنوعة. فهل هذه الجهود التي يبذلها قادة العالم هي بدء اتمام كلمات ١ تسالونيكي ٥:٣؟ ام ان بولس كان يشير الى حادثة محدَّدة لافتة للنظر تستقطب انتباه العالم بأسره؟ بما ان نبوات الكتاب المقدس لا تُفهَم كاملا في اغلب الاحيان إلا بعد إتمامها او عندما تكون قيد الاتمام، فما علينا إلا ان ننتظر لنرى. وفي هذه الاثناء، يعلم المسيحيون انه مهما كان مقدار السلام والامن الذي تحققه الامم ظاهريا، فلن يكون اي شيء قد تغيّر فعلا من حيث الاساس. فالانانية، البغض، الجريمة، التحطُّم العائلي، الفساد الادبي، المرض، الحزن، والموت ستكون هنا بعد. ولذلك لن يضلكم الصراخ «سلام وأمن» مهما كان، وذلك اذا بقيتم متيقظين لمعنى حوادث العالم وأصغيتم الى التحذيرات النبوية في كلمة اللّٰه. — مرقس ١٣:٣٢-٣٧؛ لوقا ٢١:٣٤-٣٦.
[الحواشي]
a مات ج. ف. رذرفورد في ٨ كانون الثاني ١٩٤٢ وخلفه ن. ه. نور رئيسا لجمعية برج المراقبة.
b في ٢٠ تشرين الثاني ١٩٤٠، وقَّعت المانيا، ايطاليا، اليابان، وهنڠاريا للانضمام الى «عصبة الامم الجديدة»، تبعتها بعد اربعة ايام اذاعة الڤاتيكان لقداس وصلاة من اجل سلام ديني ونظام جديد للاشياء. وهذه ‹العصبة الجديدة› لم تتحقق قط.
c تنجم فكرة الثالوث عن بابل القديمة، حيث اله الشمس شَمَش، اله القمر سين، والاهة النجوم عَشتار كانت تُعبد كمجموعة ثلاثية. واتَّبعت مصر النموذج عينه، عابدة أوزيريس، إيزيس، وحُورَس. والاله الاشوري الرئيسي، اشور، يصوَّر بأنه يملك ثلاثة رؤوس. وبحسب النموذج عينه، توجد صور في الكنائس الكاثوليكية ترسم اللّٰه بأنه يملك ثلاثة رؤوس.
d يعرِّف قاموس وبستر الاممي الجديد الثالث لسنة ١٩٩٣ يهوه اللّٰه بصفته «الاله المتفوِّق الذي يعترف به والاله الوحيد الذي يعبده شهود يهوه».
[الاطار في الصفحة ٢٥٠]
مفارقة «السلام»
على الرغم من ان السنة ١٩٨٦ نادت بها الامم المتحدة سنة دولية للسلام، فقد تصاعد سباق التسلح الانتحاري. ونفقات العالم العسكرية والاجتماعية ١٩٨٦ تزوِّد هذه التفاصيل الواقعية:
في ١٩٨٦ بلغت النفقات العسكرية العالمية ٩٠٠ ألف مليون دولار اميركي.
كانت نفقة عسكرية عالمية لساعة واحدة ستكفي لتحصين الـ ٥,٣ ملايين الذين كانوا يموتون سنويا من المرض المعدي الممكن منعه.
حول العالم، كان شخص واحد من كل خمسة يعيش في فقر مدقع. وجميع هؤلاء الناس الجياع كان يمكن اطعامهم سنة واحدة بكلفة ما صرفه العالم من اجل التسلح في يومين.
كانت الطاقة الانفجارية في مخزون العالم للاسلحة النووية ٠٠٠,٠٠٠,١٦٠ مرة اكثر من تلك التي لانفجار تشيرنوبيل.
القنبلة النووية كان يمكن ان توجَّه بقوة انفجارية ٥٠٠ مرة اكثر من قوة القنبلة التي أُلقيت على هيروشيما في السنة ١٩٤٥.
كانت المستودعات النووية تحتوي على ما يعادل اكثر من مليون قنبلة هيروشيما. ومثلت ٧٠٠,٢ مرة الطاقة الانفجارية التي أُطلقت في الحرب العالمية الثانية، عندما مات ٣٨ مليون شخص.
صارت الحروب اكثر تكرارا واكثر إماتة. فوفيات الحروب بلغت ما مجموعه ٤,٤ ملايين في القرن الـ ١٨، ٣,٨ ملايين في القرن الـ ١٩، ٨,٩٨ مليونا في اول ٨٦ سنة من القرن الـ ٢٠. ومنذ القرن الـ ١٨، ازدادت وفيات الحروب اكثر من ست مرات اسرع من ازدياد سكان العالم. وكانت هنالك وفيات لكل حرب في القرن الـ ٢٠ عشرة اضعاف ما في القرن الـ ١٩.
[الصور في الصفحة ٢٤٧]
كما أُنبئ عن الوحش القرمزي اللون، هبطت عصبة الامم الى المهواة في اثناء الحرب العالمية الثانية ولكن اعيد احياؤها بصفتها الامم المتحدة
[الصور في الصفحة ٢٤٩]
دعما لـ ‹سنة السلام› التي للامم المتحدة، قدَّم ممثِّلون لاديان العالم خليطا من الصلوات في أسِّيزي، ايطاليا، ولكن لم يكن ايّ منهم يصلّي الى الاله الحي، يهوه
-
-
تنفيذ الحكم في بابل العظيمةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٥
تنفيذ الحكم في بابل العظيمة
١ كيف يصف الملاك الوحش القرمزي اللون، وأي نوع من الحكمة لازم لفهم رموز سفر الرؤيا؟
في وصف اضافِي للوحش القرمزي اللون للرؤيا ١٧:٣، يخبر الملاك يوحنا: «لا بد هنا من الذكاء والحكمة: الرؤوس السبعة تمثل سبعة جبال عليها تجلس المرأة. ويوجد سبعة ملوك: خمسة سقطوا، وواحد موجود، والآخر لم يأت بعد، ولكن متى اتى لا بد ان يبقى مدة قصيرة». (رؤيا ١٧:٩، ١٠ ) ينقل الملاك هنا الحكمة التي من فوق، الحكمة الوحيدة التي يمكن ان تعطي الفهم للرموز في سفر الرؤيا. (يعقوب ٣:١٧) وهذه الحكمة تنير صف يوحنا ورفقاءه في ما يتعلق بخطورة الاوقات التي نعيش فيها. وتبني في القلوب المتعبِّدة التقدير لاحكام يهوه، التي هي الآن على وشك ان تنفَّذ، وتغرس خوفا سليما من يهوه. وكما تذكر امثال ٩:١٠: «مخافة يهوه بداية الحكمة، ومعرفة الكلي القداسة هي الفهم». فماذا تظهر لنا الحكمة الالهية عن الوحش؟
٢ ما هو معنى الرؤوس السبعة للوحش القرمزي اللون، وكيف حدث ان ‹خمسة سقطوا، وواحدا موجود›؟
٢ ان الرؤوس السبعة لهذا الوحش الضاري تمثِّل سبعة «جبال»، او سبعة «ملوك». وكلا التعبيرين يُستعملان في الاسفار المقدسة للاشارة الى دول حكومية. (ارميا ٥١:٢٤، ٢٥؛ دانيال ٢:٣٤، ٣٥، ٤٤، ٤٥) وفي الكتاب المقدس، تُذكر ست دول عالمية بأن لها وقعا في شؤون شعب اللّٰه: مصر، اشور، بابل، مادي وفارس، اليونان، وروما. ومن هذه، كانت خمس قد اتت ومضت وقتَ تسلُّم يوحنا سفر الرؤيا، فيما كانت روما لا تزال دولة عالمية الى حد بعيد. وهذا يتطابق جيدا مع الكلمات، «خمسة سقطوا، وواحد موجود». ولكن ماذا عن «الآخر» الذي كان سيأتي؟
٣ (أ) كيف انقسمت الامبراطورية الرومانية؟ (ب) اية تطورات حدثت في الغرب؟ (ج) كيف يجب النظر الى الامبراطورية الرومانية المقدسة؟
٣ دامت الامبراطورية الرومانية وامتدت ايضا مئات السنين بعد ايام يوحنا. وفي ٣٣٠ بم، نقل الامبراطور قسطنطين عاصمته من روما الى بيزنطة، التي اعاد تسميتها القسطنطينية. وفي ٣٩٥ بم، انشقت الامبراطورية الرومانية الى الجزءين الشرقي والغربي. وفي ٤١٠ بم، سقطت روما نفسها في يدي ألارِك، ملك القوط الغربيين (قبيلة جرمانية كانت قد اهتدت الى النوع الآريوسي من «المسيحية»). والقبائل الجرمانية (ايضا «مسيحيون») قهروا اسپانيا وقسما كبيرا من مقاطعة روما في افريقيا الشمالية. وكانت هنالك قرون من الثوران، عدم الاستقرار، واعادة التعديل في اوروپا. وقام اباطرة بارزون في الغرب مثل شارلمان، الذي شكَّل حلفا مع البابا ليو الثالث في القرن الـ ٩، وفريدريك الثاني، الذي حكم في القرن الـ ١٣. ولكنَّ منطقة نفوذهم، مع انها سميت الامبراطورية الرومانية المقدسة، كانت اصغر بكثير من تلك التي للامبراطورية الرومانية الابكر في اوجها. لقد كانت ردّا او استمرارا لهذه الدولة القديمة اكثر منه امبراطورية جديدة.
٤ اية نجاحات كانت للامبراطورية الشرقية، ولكن ماذا حدث للكثير من المقاطعة السابقة لروما القديمة في افريقيا الشمالية، اسپانيا، وسوريا؟
٤ بقيت امبراطورية روما الشرقية، المتمركزة في القسطنطينية، في علاقة متقلقلة نوعا ما بالامبراطورية الغربية. ففي القرن السادس، كان الامبراطور الشرقي يوستنيانُس الاول قادرا على اعادة قهر قسم كبير من افريقيا الشمالية وتدخَّل ايضا في اسپانيا وايطاليا. وفي القرن السابع، استعاد يوستنيانُس الثاني للامبراطورية مناطق مقدونيا التي كان قد قهرها رجال قبيلة سلاڤية. ولكن، بحلول القرن الثامن، صار الكثير من المقاطعة السابقة لروما القديمة في افريقيا الشمالية، اسپانيا، وسوريا تحت حكم الامبراطورية الاسلامية الجديدة وهكذا انتقل من سيطرة القسطنطينية وروما كلتيهما.
٥ مع ان مدينة روما سقطت في ٤١٠ بم، كيف حدث ان زوال كل آثار الامبراطورية الرومانية السياسية من المشهد العالمي تطلَّب قرونا كثيرة؟
٥ دامت مدينة القسطنطينية نفسها مدة اطول نوعا ما. فقد نجت من هجمات متكررة من الفرس، العرب، البلغاريين، والروس الى ان سقطت اخيرا في السنة ١٢٠٣ — لا في ايدي المسلمين بل في ايدي الصليبيين من الغرب. ولكن في ١٤٥٣ صارت تحت سلطة الحاكم العثماني المسلم محمد الثاني وصارت سريعا عاصمة الامبراطورية العثمانية او التركية. وهكذا، مع ان مدينة روما سقطت في ٤١٠ بم، فإن زوال كل آثار الامبراطورية الرومانية السياسية من المشهد العالمي تطلَّب قرونا كثيرة. وحتى في ذلك الحين، كان تأثيرها لا يزال متميِّزا في الامبراطوريات الدينية المؤسسة على بابوية روما والكنائس الارثوذكسية الشرقية.
٦ اية امبراطوريات جديدة تماما تطوَّرت، وأية واحدة صارت الاكثر نجاحا؟
٦ ولكن، بحلول القرن الـ ١٥، كانت بعض البلدان تبني امبراطوريات جديدة تماما. وفيما وُجدت بعض هذه الدول الامبراطورية الجديدة في مقاطعة المستعمرات السابقة لروما، لم تكن امبراطورياتهم مجرد استمرار للامبراطورية الرومانية. فالپرتغال، اسپانيا، فرنسا، وهولندا صارت جميعها مراكز لمناطق نفوذ مترامية الاطراف. ولكنَّ الاكثر نجاحا كانت بريطانيا، التي باتت تشرف على امبراطورية ضخمة ‹لا تغيب عنها الشمس›. وقد انتشرت هذه الامبراطورية في اوقات مختلفة في قسم كبير من اميركا الشمالية، افريقيا، الهند، وجنوب شرق آسيا، بالاضافة الى المساحة الفسيحة للپاسيفيك الجنوبي.
٧ كيف اتى الى الوجود نوع من الدولة العالمية المزدوجة، والى كم من الوقت قال يوحنا ان ‹الرأس›، او الدولة العالمية، السابع يستمر؟
٧ وبحلول القرن الـ ١٩، كانت بعض المستعمرات في اميركا الشمالية قد انفصلت عن بريطانيا لتشكِّل الولايات المتحدة الاميركية المستقلة. وسياسيا، استمر بعض النزاع بين الامة الجديدة والوطن الام السابق. غير ان الحرب العالمية الاولى اجبرت كلا البلدين على ادراك مصالحهما المشتركة ووطَّدت علاقة خصوصية بينهما. وهكذا اتى الى الوجود نوع من الدولة العالمية المزدوجة، مؤلف من الولايات المتحدة الاميركية، الآن اغنى امة في العالم، وبريطانيا العظمى، مركز اكبر امبراطورية في العالم. اذًا، هوذا ‹الرأس›، او الدولة العالمية، السابع الذي يستمر الى وقت النهاية وفي المقاطعات التي فيها تأسس اولا شهود يهوه العصريون. وبالمقارنة مع الحكم الطويل للرأس السادس، يبقى السابع «مدة قصيرة» فقط، الى ان يدمِّر ملكوت اللّٰه جميع الكيانات القومية.
لماذا يدعى ملكا ثامنا؟
٨، ٩ ماذا يدعو الملاك الوحش القرمزي اللون الرمزي، وبأية طريقة ينشأ عن السبعة؟
٨ يوضح الملاك ايضا ليوحنا: «والوحش الذي كان وليس الآن، فهو ملك ثامن، ولكنه ينشأ عن السبعة، ويمضي الى الهلاك». (رؤيا ١٧:١١ ) ان الوحش القرمزي اللون الرمزي «ينشأ عن» الرؤوس السبعة؛ اي انه مولود من او مَدين بوجوده لتلك الرؤوس التي ‹للوحش الصاعد من البحر› الاصلي، الذي يكون الوحش القرمزي اللون صورة له. وبأية طريقة؟ حسنا، في السنة ١٩١٩ كانت الدولة الانكلواميركية الرأسَ الصاعد. فالستة الرؤوس السابقة كانت قد سقطت، ومركز الدولة العالمية المسيطرة انتقل الى هذا الرأس المزدوج وتمركز فيه الآن. وهذا الرأس السابع، بصفته الممثِّل الحالي لسلالة الدول العالمية، كان القوة الدافعة في تأسيس عصبة الامم وهو لا يزال المروِّج الرئيسي والدعم المالي للامم المتحدة. وهكذا، رمزيا، فإن الوحش القرمزي اللون — الملك الثامن — «ينشأ عن» الرؤوس السبعة الاصلية. واذ يُنظر اليه بهذه الطريقة، تنسجم العبارة انه من السبعة جيدا مع الرؤيا الابكر ان الوحش ذا القرنين شبه الحمل (الدولة العالمية الانكلواميركية، الرأس السابع لذلك الوحش الاصلي) حضَّ على صنع الصورة وأعطاها حياة. — رؤيا ١٣:١، ١١، ١٤، ١٥.
٩ وبالاضافة الى ذلك، فان الاعضاء الاصليين لعصبة الامم شملوا، الى جانب بريطانيا العظمى، حكومات حكمت في مراكز بعض الرؤوس السابقة، اي اليونان، ايران (فارس)، وايطاليا (روما). وفي نهاية الامر، صارت الحكومات التي تحكم المقاطعة التي سيطرت عليها الدول العالمية الست السابقة اعضاء داعمة لصورة الوحش. وبهذا المعنى ايضا امكن القول ان هذا الوحش القرمزي اللون ينشأ عن السبع الدول العالمية.
١٠ (أ) كيف يمكن القول ان الوحش القرمزي اللون «هو ملك ثامن»؟ (ب) كيف عبَّر زعيم في الاتحاد السوڤياتي السابق عن الدعم للامم المتحدة؟
١٠ لاحظوا ان الوحش القرمزي اللون «هو ملك ثامن». وهكذا فإن الامم المتحدة اليوم مصمَّمة لتبدو كحكومة عالمية. حتى انها احيانا عملت كحكومة، مرسلة الجيوش الى الميدان لحلّ النزاعات الدولية، كما في كوريا، شبه جزيرة سيناء، بعض البلدان الافريقية، ولبنان. ولكنها مجرد صورة ملك. وكصورة دينية، ليس لها تأثير او سلطة حقيقيان بمعزل عما يمنحها اياه اولئك الذين اوجدوها ويعبدونها. وأحيانا، يبدو هذا الوحش الرمزي ضعيفا، ولكنه لم يختبر قط نوع الهجر الذريع من الاعضاء ذوي التوجُّه الدكتاتوري الذين ارسلوا عصبة الامم مترنحة الى المهواة. (رؤيا ١٧:٨) وعلى الرغم من التمسك جوهريا بآراء مختلفة في مناطق اخرى، انضم زعيم بارز في الاتحاد السوڤياتي السابق في السنة ١٩٨٧ الى بابوات روما في التعبير عن الدعم للامم المتحدة. حتى انه دعا الى «نظام شامل من الامن الدولي» مؤسس على الامم المتحدة. وكما يعلم يوحنا سريعا، سيأتي وقت تعمل فيه الامم المتحدة بسلطة معتبرة. ثم، بدورها، ‹تمضي الى الهلاك›.
عشرة ملوك لساعة واحدة
١١ ماذا يخبر ملاك يهوه عن القرون العشرة على الوحش القرمزي اللون الرمزي؟
١١ في الاصحاح السابق لسفر الرؤيا، سكب الملاكان السادس والسابع جامَي غضب اللّٰه. وهكذا أُشعرنا بأن ملوك الارض يجري تجميعهم الى حرب اللّٰه في هرمجدون وأن ‹اللّٰه يذكر بابل العظيمة›. (رؤيا ١٦:١، ١٤، ١٩) والآن سنتعلَّم بتفصيل اكبر كيف ستنفَّذ احكام اللّٰه على هؤلاء. أَصغوا ثانية الى ملاك يهوه فيما يتكلم الى يوحنا. «والقرون العشرة التي رأيت تمثل عشرة ملوك لم ينالوا مملكة بعد، ولكنهم ينالون سلطة كملوك ساعة واحدة مع الوحش. هؤلاء لهم فكر واحد، فيعطون الوحش قدرتهم وسلطتهم. هؤلاء سيحاربون الحمل، ولكن الحمل يغلبهم لأنه رب الارباب وملك الملوك. والمدعوون والمختارون والامناء الذين معه يغلبون ايضا». — رؤيا ١٧:١٢-١٤.
١٢ (أ) ماذا تصوِّر القرون العشرة؟ (ب) كيف يكون ان القرون العشرة الرمزية ‹لم تنل مملكة بعد›؟ (ج) كيف يكون للقرون العشرة الرمزية «مملكة» الآن، ولكم من الوقت؟
١٢ ان القرون العشرة تصوِّر جميع الدول السياسية التي تهيمن في الوقت الحاضر على المشهد العالمي والتي تدعم صورة الوحش. فالقليل جدا من البلدان الموجودة الآن كان معروفا في ايام يوحنا. وتلك التي كانت معروفة، مثل مصر وفارس (ايران)، لها اليوم بنية سياسية مختلفة كليا. ولذلك، في القرن الاول، ‹لم تنل القرون العشرة مملكة بعد›. أما الآن، في يوم الرب، فلها «مملكة»، او سلطة سياسية. وبانهيار الامبراطوريات الاستعمارية العظمى، وخصوصا منذ الحرب العالمية الثانية، وُلدت امم جديدة كثيرة. وهذه، اضافة الى الدول المؤسَّسة منذ وقت اطول، لا بد ان تحكم مع الوحش فترة قصيرة — مجرد «ساعة واحدة» — قبل ان يجلب يهوه نهاية لكل السلطة السياسية العالمية في هرمجدون.
١٣ بأية طريقة يكون للقرون العشرة «فكر واحد»، وأي موقف تجاه الحمل يؤكده ذلك؟
١٣ والقومية اليوم هي احدى القوى الاقوى التي تدفع هذه القرون العشرة. فلهم «فكر واحد» لأنهم يريدون ان يحفظوا سلطانهم القومي عوضا عن قبول ملكوت اللّٰه. وهذا كان قصدهم من الاشتراك في عصبة الامم وهيئة الامم المتحدة قبل كل شيء — ان يحفظوا السلام العالمي وبالتالي ان يصونوا وجودهم الخاص. وموقف كهذا يؤكد ان القرون ستقاوم الحمل، «رب الارباب وملك الملوك»، لأن يهوه قصد ان يحل ملكوته برئاسة يسوع المسيح قريبا محل جميع هذه الممالك. — دانيال ٧:١٣، ١٤؛ متى ٢٤:٣٠؛ ٢٥:٣١-٣٣، ٤٦.
١٤ كيف يمكن لحكام العالم ان يحاربوا الحمل، وماذا ستكون النتيجة؟
١٤ طبعا، لا شيء يمكن لحكام هذا العالم ان يفعلوه ضد يسوع نفسه. فهو في السماء بعيد عن متناولهم. ولكنَّ اخوة يسوع، باقي نسل المرأة، لا يزالون على الارض وهم معرَّضون للهجوم كما يبدو. (رؤيا ١٢:١٧) وكثير من القرون يعرب الآن عن عداء مرير تجاههم، وبهذه الطريقة يحاربون الحمل. (متى ٢٥:٤٠، ٤٥) ولكن، سريعا، سيحين لملكوت اللّٰه ان ‹يسحق ويُفني كل هذه الممالك›. (دانيال ٢:٤٤) وحينئذ سيكون ملوك الارض في قتال حتى النهاية مع الحمل كما سنرى قريبا. (رؤيا ١٩:١١-٢١) ولكن هنا نتعلَّم ما يكفي لندرك ان الامم لن تنجح. فمع انه لهم وللوحش القرمزي اللون للامم المتحدة «فكر واحد»، لا يمكنهم ان يهزموا «رب الارباب وملك الملوك» العظيم، ولا يمكنهم ان يهزموا اولئك الذين هم ‹مدعوّون ومختارون وأمناء›، الذين يشملون أتباعه الممسوحين الذين لا يزالون على الارض. وهؤلاء ايضا سيكونون قد غلبوا بالمحافظة على الاستقامة اجابة عن اتِّهامات الشيطان الخسيسة. — روما ٨:٣٧-٣٩؛ رؤيا ١٢:١٠، ١١.
تخريب العاهرة
١٥ ماذا يقول الملاك عن العاهرة وموقف واجراء القرون العشرة والوحش تجاهها؟
١٥ ليس شعب اللّٰه الاهداف الوحيدة لعداوة القرون العشرة. فالملاك الآن يلفت انتباه يوحنا ثانية الى العاهرة: «وقال لي: ‹المياه التي رأيت حيث العاهرة جالسة، تمثل شعوبا وجموعا وأمما وألسنة. والقرون العشرة التي رأيت، والوحش، هؤلاء سيبغضون العاهرة ويجعلونها خربة وعريانة، ويأكلون لحومها ويحرقونها كاملا بنار›». — رؤيا ١٧:١٥، ١٦.
١٦ لماذا لن تكون بابل العظيمة قادرة على الاتكال على مياهها من اجل الدعم الواقي عندما تنقلب الحكومات السياسية عليها؟
١٦ كما اتكلت بابل القديمة على دفاعها المائي، تتكل بابل العظيمة اليوم على عضويتها الهائلة من ‹شعوب وجموع وأمم وألسنة›. والملاك على نحو ملائم يلفت انتباهنا الى هذه قبل الإخبار بتطور صاعق: الحكومات السياسية لهذه الارض ستنقلب بعنف على بابل العظيمة. وماذا ستفعل حينئذ كل تلك ‹الشعوب والجموع والأمم والألسنة›؟ يحذِّر شعب اللّٰه الآن بابل العظيمة من ان ماء نهر الفرات سيجف. (رؤيا ١٦:١٢) وهذه المياه اخيرا ستجف كاملا. ولن تكون قادرة على منح العاهرة القديمة المثيرة للاشمئزاز ايّ دعم فعَّال في ساعة حاجتها الامسّ. — اشعيا ٤٤:٢٧؛ ارميا ٥٠:٣٨؛ ٥١:٣٦، ٣٧.
١٧ (أ) لماذا ثراء بابل العظيمة لن ينقذها؟ (ب) كيف ستكون نهاية بابل العظيمة بعيدة ان تكون مشرِّفة؟ (ج) الى جانب القرون العشرة، او الامم الافرادية، ماذا ايضا ينضم الى الثورة على بابل العظيمة؟
١٧ بالتأكيد، ان الثراء المادي الفاحش لبابل العظيمة لن ينقذها. حتى انه قد يعجِّل دمارها، لأن الرؤيا تظهر انه عندما يصب الوحش والقرون العشرة بغضهم عليها سيجرِّدونها من ثيابها الملكية وكل جواهرها. وسيسلبون ثراءها. «ويجعلونها . . . عريانة»، مشهِّرين شخصيتها الحقيقية على نحو مخزٍ. فيا له من تخريب! ونهايتها بعيدة ايضا عن ان تكون مشرِّفة. فهم يدمِّرونها، «يأكلون لحومها»، محوِّلين اياها الى هيكل عظمي عديم الحياة. وأخيرا، «يحرقونها كاملا بنار». فهي تُحرق كمن يحمل الوبأ، حتى دون دفن لائق! وليست الامم وحدها، كما تمثلها القرون العشرة، هي التي تدمِّر العاهرة العظيمة، ولكنَّ «الوحش»، الذي يعني الامم المتحدة نفسها، ينضم اليها في هذه الثورة. فسيمنح موافقته على دمار الدين الباطل. والعديد من الـ ١٩٠ امة تقريبا ضمن الامم المتحدة يعربون الآن، بطريقة تصويتهم، عن عداء تجاه الدين، وخصوصا ذاك الذي للعالم المسيحي.
١٨ (أ) اية امكانية لانقلاب الامم على الدين البابلي تجري رؤيتها الآن؟ (ب) ماذا سيكون السبب الاساسي للهجوم الشامل على العاهرة العظيمة؟
١٨ ولماذا تعامل الامم عشيقتها السابقة على نحو فظيع الى هذا الحد؟ رأينا في التاريخ الحديث امكانية انقلاب كهذا على الدين البابلي. فالمقاومة الحكومية الرسمية قلَّصت على نحو مذهل نفوذ الدين في بلدان كالاتحاد السوڤياتي السابق والصين. وفي القطاعات الپروتستانتية من اوروپا، تعمل اللامبالاة والشك المنتشران على إفراغ الكنائس، بحيث ان الدين ميت عمليا. والامبراطورية الكاثوليكية الواسعة يمزِّقها التمرُّد وعدم الاتفاق، اللذان لم يكن قادتها قادرين على تهدئتهما. ولكن، لا يجب ان ننسى الواقع ان هذا الهجوم النهائي الشامل على بابل العظيمة يأتي كتعبير عن دينونة اللّٰه غير القابلة للتغيير على العاهرة العظيمة.
تنفيذ فكر اللّٰه
١٩ (أ) كيف يمكن توضيح تنفيذ دينونة يهوه ضد العاهرة العظيمة بدينونته على اورشليم المرتدّة في السنة ٦٠٧ قم؟ (ب) ماذا صوَّرته لايامنا مسبقا الحالة المقفرة غير الآهلة لاورشليم بعد السنة ٦٠٧ قم؟
١٩ وكيف ينفِّذ يهوه هذه الدينونة؟ يمكن توضيح ذلك باجراء يهوه ضد شعبه المرتدّ في الازمنة القديمة، الذين قال عنهم: «في انبياء اورشليم رأيت الفظائع: الزنى والسير بالكذب. قد شددوا ايدي فاعلي السوء حتى لا يرجعوا كل واحد عن رداءته. صاروا لي كلهم كسدوم، وسكانها كعمورة». (ارميا ٢٣:١٤) وفي السنة ٦٠٧ قم، استخدم يهوه نبوخذنصر كي ‹ينزع ثياب ويأخذ ادوات زينة ويترك عريانة ومتجردة› تلك المدينة الزانية روحيا. (حزقيال ٢٣:٤، ٢٦، ٢٩) واورشليم ذلك الوقت كانت نموذجا للعالم المسيحي اليوم، وكما رأى يوحنا في الرؤى الابكر، سيوجِّه يهوه الى العالم المسيحي وباقي الدين الباطل عقابا مماثلا. والحالة المقفرة غير الآهلة لاورشليم بعد السنة ٦٠٧ قم تظهر ما سيبدو عليه العالم المسيحي الديني بعد تجريده من ثرائه وتشهيره على نحو مخزٍ. وباقي بابل العظيمة لن تصير حاله افضل.
٢٠ (أ) كيف يظهر يوحنا ان يهوه مرة اخرى سيستخدم الحكام البشر في تنفيذ الدينونة؟ (ب) ما هو «فكر» اللّٰه؟ (ج) بأية طريقة سينفذ الامم «فكرهم الواحد»، ولكن فكر مَن سيُنفَّذ حقا؟
٢٠ مرة اخرى يستخدم يهوه الحكام البشر في تنفيذ دينونته. «فإن اللّٰه وضع في قلوبهم ان ينفذوا فكره، اي ان ينفذوا فكرهم الواحد بإعطاء مملكتهم للوحش، الى ان تتم كلمات اللّٰه». (رؤيا ١٧:١٧ ) فما هو «فكر» اللّٰه؟ ان يرتِّب لمنفِّذي الحكم في بابل العظيمة ان يتَّحدوا معا، لكي يدمِّروها كاملا. طبعا، سيكون دافع الحكام في الهجوم عليها ان ينفذوا «فكرهم الواحد». وسيشعرون بأنه من مصالحهم القومية ان ينقلبوا على العاهرة العظيمة. فقد يعتبرون الوجود المستمر للدين المنظَّم ضمن حدودهم تهديدا لسلطانهم. ولكنَّ يهوه في الواقع هو الذي سيحرك الامور؛ وسينفذون فكره بتدمير عدوَّته العاهرة القديمة العهد بضربة واحدة! — قارنوا ارميا ٧:٨-١١، ٣٤.
٢١ بما ان الوحش القرمزي اللون سيُستخدم في تدمير بابل العظيمة، ماذا ستفعل الامم بشكل واضح في ما يتعلق بالامم المتحدة؟
٢١ نعم، ستستخدم الامم الوحش القرمزي اللون، الامم المتحدة، في تدمير بابل العظيمة. وهم لا يعملون من ذاتهم، لأن يهوه يضع في قلوبهم «ان ينفذوا فكرهم الواحد بإعطاء مملكتهم للوحش». وعندما يحين الوقت، سترى الامم بشكل واضح الحاجة الى تقوية الامم المتحدة. وسيعطونها اسنانا، مجازيا، معِيرين اياها ايَّ سلطة او قوة لديهم بحيث يمكن ان تنقلب على الدين الباطل وتقاتل ضده بنجاح «الى ان تتم كلمات اللّٰه». وهكذا ستصل العاهرة القديمة الى نهايتها الكاملة. فلتذهب دون عودة!
٢٢ (أ) في رؤيا ١٧:١٨، الى ماذا تشير طريقة اختتام الملاك شهادته؟ (ب) كيف يتجاوب شهود يهوه مع حل السرّ؟
٢٢ وكما لو انه للتشديد على يقينية تنفيذ يهوه للدينونة في الامبراطورية العالمية للدين الباطل، يختتم الملاك شهادته بالقول: «والمرأة التي رأيت تمثل المدينة العظيمة التي لها مملكة تسود على ملوك الارض». (رؤيا ١٧:١٨ ) وكبابل في زمن بيلشاصر، فإن بابل العظيمة ‹وُزنت في الميزان فوُجدت ناقصة›. (دانيال ٥:٢٧) وتنفيذ الحكم فيها سيكون سريعا ونهائيا. وكيف يتجاوب شهود يهوه مع حل سرّ العاهرة العظيمة وسرّ الوحش القرمزي اللون؟ انهم يظهرون الغيرة في المناداة بيوم دينونة يهوه، فيما يجاوبون «بنعمة» الباحثين المخلصين عن الحق. (كولوسي ٤:٥، ٦؛ رؤيا ١٧:٣، ٧) وكما سيظهر فصلنا التالي، يجب على جميع الراغبين في النجاة عندما ينفَّذ الحكم في العاهرة العظيمة ان يعملوا، وأن يعملوا بسرعة!
[الصور في الصفحة ٢٥٢]
تعاقب الدول العالمية السبع
مصر
اشور
بابل
مادي وفارس
اليونان
روما
انكلواميركا
[الصورتان في الصفحة ٢٥٤]
«هو ملك ثامن»
[الصورة في الصفحة ٢٥٥]
اذ يديرون ظهورهم للحمل، «يعطون الوحش قدرتهم وسلطتهم»
[الصورة في الصفحة ٢٥٧]
العالم المسيحي بصفته الجزء الرئيسي من بابل العظيمة سيشبه اورشليم القديمة في الخراب التام
-
-
خراب المدينة العظيمةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٦
خراب المدينة العظيمة
الرؤيا ١٢ — رؤيا ١٨:١–١٩:١٠
الموضوع: سقوط ودمار بابل العظيمة؛ اعلان عرس الحمل
وقت الاتمام: من السنة ١٩١٩ الى ما بعد الضيق العظيم
١ ماذا سيسم بداية الضيق العظيم؟
مفاجئ، صاعق، مخرِّب — هكذا سيكون زوال بابل العظيمة! وسيكون احد الحوادث المفجعة اكثر في كل التاريخ، واسما بداية «ضيق عظيم لم يحدث مثله منذ بدء العالم الى الآن، ولن يحدث ثانية». — متى ٢٤:٢١.
٢ على الرغم من قيام وسقوط امبراطوريات سياسية، اي نوع من الامبراطوريات بقي؟
٢ ان الدين الباطل موجود لزمن طويل. فقد وُجد دون انقطاع منذ ايام نمرود المتعطش الى الدم، الذي قاوم يهوه وأقام رجالا لبناء برج بابل. وعندما بلبل يهوه ألسنة اولئك المتمردين وبدَّدهم في الارض، انتقل دين بابل الباطل معهم. (تكوين ١٠:٨-١٠؛ ١١:٤-٩) ومنذ ذلك الحين، قامت وسقطت امبراطوريات سياسية، ولكنَّ الدين البابلي بقي. وقد اتخذ اشكالا وهيئات كثيرة، صائرا امبراطورية عالمية للدين الباطل، بابل العظيمة المتنبَّأ عنها. وجزؤه الابرز هو العالم المسيحي الذي نشأ من ادماج التعاليم البابلية الباكرة في العقيدة «المسيحية» المرتدَّة. وبسبب تاريخ بابل العظيمة الطويل جدا، يجد اناس كثيرون انه من الصعب التصديق انها ستدمَّر يوما ما.
٣ كيف يؤكد سفر الرؤيا دينونة الدين الباطل؟
٣ ولذلك من الملائم ان يؤكد سفر الرؤيا دينونة الدين الباطل بإعطائنا وصفين مفصَّلين لسقوطه والحوادث اللاحقة المؤدية الى خرابه الكلي. فقد سبق ان رأيناه بصفته «العاهرة العظيمة» التي يخرِّبها اخيرا احباؤها السابقون من الحيِّز السياسي. (رؤيا ١٧:١، ١٥، ١٦) والآن، في رؤيا اخرى ايضا، ننظر اليه بصفته مدينة، الشيء الديني الذي رمزت اليه بابل القديمة.
بابل العظيمة تقع
٤ (أ) اية رؤيا يراها يوحنا بعد ذلك؟ (ب) كيف يمكن ان نحدِّد هوية الملاك، ولماذا من الملائم ان يعلن هو سقوط بابل العظيمة؟
٤ يتابع يوحنا الرواية، مخبرا ايانا: «بعد هذا رأيت ملاكا آخر نازلا من السماء، له سلطة عظيمة. واستنارت الارض من مجده. فصرخ بصوت قوي قائلا: ‹سقطت! سقطت بابل العظيمة›». (رؤيا ١٨:١، ٢ أ ) انها المرة الثانية التي يسمع فيها يوحنا هذا الاعلان الملائكي. (انظروا رؤيا ١٤:٨.) ولكن هذه المرة يُشدَّد على مغزاه بعظمة الملاك السماوي، لأن مجده ينير الارض كلها! فمَن يمكن ان يكون؟ قبل قرون، اذ اخبر عن رؤيا سماوية، ذكر النبي حزقيال ان «الارض اضاءت من مجده [يهوه]». (حزقيال ٤٣:٢) والملاك الوحيد الذي يضيء بمجد يمكن مقارنته بذاك الذي ليهوه هو الرب يسوع، الذي هو «انعكاس مجد [اللّٰه] والرسم الدقيق لذاته». (عبرانيين ١:٣) وفي السنة ١٩١٤ صار يسوع ملكا سماويا، ومنذ ذلك الحين، يمارس السلطة على الارض بصفته ملكا وديّانا معاونا ليهوه. اذًا، من الملائم ان يعلن هو سقوط بابل العظيمة.
٥ (أ) مَن يستخدم الملاك في اعلان سقوط بابل العظيمة؟ (ب) عندما ابتدأت الدينونة على اولئك المدَّعين انهم «بيت اللّٰه»، كيف كانت الحال مع العالم المسيحي؟
٥ ومَن يستخدم هذا الملاك بسلطة عظيمة في اعلان أخبار مذهلة كهذه امام الجنس البشري؟ انهم الشعب عينه الذي يتحرر نتيجة لذلك السقوط، الممسوحون الباقون على الارض، صف يوحنا. فمن ١٩١٤ الى ١٩١٨ تألم هؤلاء كثيرا على يدي بابل العظيمة، ولكن في السنة ١٩١٨ ابتدأ الرب يهوه و ‹رسول عهده [الابراهيمي]›، يسوع المسيح، الدينونة «ببيت اللّٰه»، اولئك المدَّعين انهم مسيحيون. وهكذا جُلب العالم المسيحي المرتدّ الى المحاكمة. (ملاخي ٣:١؛ ١ بطرس ٤:١٧) وذنبه المروِّع لسفك الدم الذي جلبه على نفسه في اثناء الحرب العالمية الاولى، اشتراكه في اضطهاد شهود يهوه الامناء، وعقائده البابلية لم تساعده في وقت الدينونة؛ ولم يستحق ايّ جزء آخر من بابل العظيمة رضى اللّٰه. — قارنوا اشعيا ١٣:١-٩.
٦ لماذا يمكن القول ان بابل العظيمة قد سقطت بحلول السنة ١٩١٩؟
٦ ولذلك بحلول السنة ١٩١٩ سقطت بابل العظيمة، فاتحة الطريق لتحرير وردّ شعب اللّٰه، في يوم واحد اذا جاز التعبير، الى ارض ازدهارهم الروحي. (اشعيا ٦٦:٨) وبحلول تلك السنة، حرَّك يهوه اللّٰه ويسوع المسيح، داريوس الاعظم وكورش الاعظم، الامور بحيث لم يعد ممكنا للدين الباطل ان يحتفظ بشعب يهوه. ولم يعد ممكنا له ان يمنعهم من خدمة يهوه وتعريف جميع الذين يمكن ان يسمعوا بأن بابل العظيمة المشبَّهة بعاهرة محكوم عليها وأن تبرئة سلطان يهوه قريبة! — اشعيا ٤٥:١-٤؛ دانيال ٥:٣٠، ٣١.
٧ (أ) مع ان بابل العظيمة لم تدمَّر في السنة ١٩١٩، كيف نظر اليها يهوه؟ (ب) عندما سقطت بابل العظيمة في السنة ١٩١٩، ماذا نتج لشعب يهوه؟
٧ صحيح ان بابل العظيمة لم تدمَّر في السنة ١٩١٩ — تماما كما ان مدينة بابل القديمة لم تدمَّر في السنة ٥٣٩ قم عندما سقطت في ايدي جيوش كورش الفارسي. ولكن، من وجهة نظر يهوه، سقطت هذه المنظَّمة. لقد أُدينت قضائيا، منتظرة تنفيذ الحكم؛ ولذلك لم يعد ممكنا للدين الباطل ان يبقي شعب يهوه في الاسر. (قارنوا لوقا ٩:٥٩، ٦٠.) وقد تحرَّر هؤلاء ليخدموا بصفتهم العبد الامين الفطين للسيد في تزويد الطعام الروحي في حينه. ونالوا دينونة «احسنْتَ» وفُوِّض اليهم ان ينشغلوا مرة اخرى بعمل يهوه. — متى ٢٤:٤٥-٤٧؛ ٢٥:٢١، ٢٣؛ اعمال ١:٨.
٨ اي حادث ينادي به الرقيب في اشعيا ٢١:٨، ٩، ومَن يرمز اليهم اليوم هذا الرقيب؟
٨ منذ آلاف السنين استخدم يهوه انبياء آخرين لينبئوا بهذا الحادث الذي يسم العصر. فقد تكلم اشعيا عن رقيب «صرخ كأسد: ‹يا يهوه، انا واقف على برج المراقبة دائما في النهار، وأنا قائم على محرسي كل الليالي›». وأيّ حادث يدركه هذا الرقيب وينادي به بجرأة كجرأة الاسد؟ هذا: «سقطت! سقطت بابل، وكل منحوتات آلهتها كسرها [يهوه] الى الارض!». (اشعيا ٢١:٨، ٩) يرمز هذا الرقيب جيدا الى صف يوحنا اليقظ اليوم اذ يستعملون مجلة برج المراقبة ومطبوعات ثيوقراطية اخرى لاعلان الاخبار ان بابل قد سقطت.
انحطاط بابل العظيمة
٩، ١٠ (أ) نفوذ الدين البابلي يعاني ايّ انحطاط منذ الحرب العالمية الاولى؟ (ب) كيف يصف الملاك القوي الحالة الساقطة لبابل العظيمة؟
٩ ان سقوط بابل القديمة في السنة ٥٣٩ قم كان بداية انحطاط طويل انتهى الى خرابها. وعلى نحو مماثل، منذ الحرب العالمية الاولى، انحط نفوذ الدين البابلي على نحو لافت على نطاق عالمي. ففي اليابان، حُرِّمت عبادة الامبراطور الشِّنتوي بعد الحرب العالمية الثانية. وفي الصين، تسيطر الحكومة الشيوعية على جميع التعيينات والنشاطات الدينية. وفي اوروپا الشمالية الپروتستانتية، يصير معظم الناس غير مبالين بالدين. والكنيسة الكاثوليكية الرومانية جرى اضعافها مؤخرا بالانشقاقات والانقسام الداخلي في منطقة نفوذها العالمية. — قارنوا مرقس ٣:٢٤-٢٦.
١٠ ان كل هذه الميول هي دون شك جزء من ‹جفاف نهر الفرات› استعدادا للهجوم العسكري الآتي على بابل العظيمة. وهذا ‹الجفاف› منعكس ايضا في اعلان البابا في تشرين الاول ١٩٨٦ ان الكنيسة يجب ان «تصير ثانية متسوِّلة» — بسبب العجز الهائل. (رؤيا ١٦:١٢) وعلى نحو خصوصي منذ السنة ١٩١٩ شُهِّرت بابل العظيمة امام انظار العموم بصفتها ارضا اعراء روحية، تماما كما يعلن الملاك القوي هنا: «وصارت مسكنا لشياطين ومَكْمَنا لكل فَيْح نجس ومَكْمَنا لكل طائر نجس وبغيض!». (رؤيا ١٨:٢ ب ) وسريعا ستكون حرفيا ارضا اعراء كهذه، مقفرة كخرائب بابل في العراق اليوم. — انظروا ايضا ارميا ٥٠:٢٥-٢٨.
١١ بأي معنى تصير بابل العظيمة «مسكنا لشياطين» و ‹مَكْمَنا لكل فَيْح وطائر نجس›؟
١١ ان الكلمة «شياطين» هنا هي على الارجح انعكاس لعبارة «الشياطين اشباه التيوس» (سِعيريم ) الموجودة في وصف اشعيا لبابل الساقطة: «تربض هناك وحوش القفر، ويملأ البوه بيوتهم. وتقيم هناك النعام، وتقفز هناك الشياطين اشباه التيوس». (اشعيا ١٣:٢١) ربما لا يشير ذلك الى شياطين حرفيين وانما بالاحرى الى حيوانات شعثاء الشعر تسكن الصحراء يجعل منظرها المشاهدين يفكِّرون في الشياطين. وفي خرائب بابل العظيمة يدل الوجود المجازي لحيوانات كهذه، الى جانب الهواء السام الراكد (‹الفَيْح النجس›) والطيور النجسة، على حالتها الميتة روحيا. فهي لا تقدِّم ايّ توقع للحياة على الاطلاق للجنس البشري. — قارنوا افسس ٢:١، ٢.
١٢ كيف تطابق حالة بابل العظيمة نبوة ارميا في الاصحاح ٥٠؟
١٢ وحالتها تطابق ايضا نبوة ارميا: «‹سيف على الكلدانيين›، يقول يهوه، ‹وعلى سكان بابل وعلى رؤسائها وعلى حكمائها. . . . خراب على مياهها فتجف. لأنها ارض منحوتات، ورؤاهم المفزعة قد جعلتهم يُجَنُّون. لذلك يسكن اهل القفر مع بنات آوى، وتسكن فيها النعام، ولا تُسكَن بعد ابدا، ولا يكون لها مكان تقيم فيه من جيل الى جيل›». ان الصنمية وانشاد الصلوات التكرارية لا يمكن ان ينقذا بابل العظيمة من العقوبة المشابهة لقلب اللّٰه سدوم وعمورة. — ارميا ٥٠:٣٥-٤٠.
خمر مثيرة للرغبة الجنسية
١٣ (أ) كيف يلفت الملاك القوي الانتباه الى المدى الواسع لعهارة بابل العظيمة؟ (ب) اي فساد ادبي كان سائدا في بابل القديمة موجود ايضا في بابل العظيمة؟
١٣ يلفت الملاك القوي الانتباه بعد ذلك الى المدى الواسع لعهارة بابل العظيمة، مناديا: «لأن جميع الامم وقعت ضحية بسبب [خمر عهارتها المثيرة للرغبة الجنسية ]a، وملوك الارض ارتكبوا العهارة معها، وتجار الارض الجائلين اغتنوا من فرط ترفها الفاضح». (رؤيا ١٨:٣ ) لقد لقَّنت جميع امم الجنس البشري طرقها الدينية النجسة. ففي بابل القديمة، وفقا للمؤرخ اليوناني هيرودوتُس، كان مطلوبا من كل امرأة ان تمارس البغاء مرة في حياتها كجزء من عبادة الهيكل. والفساد الجنسي الذي تتقزز منه النفس مصوَّر الى هذا اليوم في التماثيل المتضررة من الحرب في أَنكور وات في كمپوتشيا وفي الهياكل في خاجورِهو، الهند، التي تظهر الاله الهندوسي ڤيشنو محاطا بمشاهد شهوانية مثيرة للاشمئزاز. وفي الولايات المتحدة توضح فضائح الفساد الادبي التي هزَّت عالم مبشّري التلفزيون في السنة ١٩٨٧، ومرة اخرى في السنة ١٩٨٨، بالاضافة الى الكشف عن الممارسة الواسعة الانتشار لمضاجعة النظير من قِبل قسوس الدين، انه حتى العالم المسيحي يتساهل في الافراط الصاعق للعهارة الحرفية. ومع ذلك، وقعت جميع الامم ضحية نوع من العهارة اكثر خطورة ايضا.
١٤-١٦ (أ) اية علاقة دينية سياسية محرَّمة روحيا تطوَّرت في ايطاليا الفاشية؟ (ب) عندما اجتاحت ايطاليا الحبشة، اية تصاريح صنعها اساقفة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية؟
١٤ كنا قد راجعنا العلاقة الدينية السياسية المحرَّمة التي قذفت هتلر الى السلطة في المانيا النازية. وقد تألمت امم اخرى بسبب تدخُّل الدين في الشؤون الدنيوية. مثلا: في ايطاليا الفاشية، في ١١ شباط ١٩٢٩، وقَّع موسوليني والكردينال ڠاسپاري معاهدة لاتران، مما جعل مدينة الڤاتيكان دولة ذات سيادة. وادَّعى البابا پيوس الحادي عشر انه «أَرجع ايطاليا الى اللّٰه واللّٰه الى ايطاليا». فهل كان ذلك الحقيقة؟ تأملوا في ما حدث بعد ست سنوات. ففي ٣ تشرين الاول ١٩٣٥، اجتاحت ايطاليا الحبشة، مدَّعية انها «بلد بربري لا يزال يمارس الاستعباد». ومَن كان حقا بربريا؟ هل ادانت الكنيسة الكاثوليكية بربرية موسوليني؟ بينما اصدر البابا تصاريح غامضة، كان اساقفته صرحاء تماما في مباركة القوى المسلَّحة لـ «ارضهم الامّ» الايطالية. وفي الكتاب الڤاتيكان في عصر الدكتاتوريين، يذكر انتوني رودُس:
١٥ «في رسالته الرعوية في الـ ١٩ من تشرين الاول [١٩٣٥]، كتب اسقف أودين [ايطاليا]: ‹ليس في حينه ولا هو ملائم ان نبدي الرأي في الوقائع الحقيقية للحالة. ان واجبنا كايطاليين، واكثر ايضا كمسيحيين هو ان نساهم في نجاح فرقنا العسكرية›. وكتب اسقف پادووا في الـ ٢١ من تشرين الاول: ‹في الساعات الصعبة التي نعبرها، نطلب اليكم ان تؤمنوا برجال دولتنا وقواتنا المسلَّحة›. وفي الـ ٢٤ من تشرين الاول، قدَّس اسقف كريمونا عددا من الأعلام العسكريين وقال: ‹لتكن بركة اللّٰه على هؤلاء الجنود الذين، على التربة الافريقية، سيخضعون بلدانا جديدة وخصبة من اجل العبقرية الايطالية، جالبين اليها بذلك الحضارة الرومانية والمسيحية. فلتقف ايطاليا مرة اخرى بصفتها الناصح المسيحي للعالم بكامله›».
١٦ لقد اغتُصبت الحبشة ببركة رجال الدين الكاثوليك الرومان. فهل كان يمكن لأيٍّ من هؤلاء ان يدَّعي، بمعنى من المعاني، انه كالرسول بولس «طاهر من دم الجميع»؟ — اعمال ٢٠:٢٦.
١٧ كيف تألمت اسپانيا بسبب فشل رجال دينها في ‹طبع سيوفهم سككا›؟
١٧ بالاضافة الى المانيا، ايطاليا، والحبشة وقعت امة اخرى ضحية عهارة بابل العظيمة — اسپانيا. فالحرب الاهلية للسنوات ١٩٣٦-١٩٣٩ في هذا البلد اشعلها جزئيا اتخاذ الحكومة الديموقراطية خطوات لتقليص القوة الهائلة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية. واذ اخذت الحرب مجراها، وصف القائد الفاشي الكاثوليكي للقوى الثورية، فرانكو، نفسه بأنه «القائد العام المسيحي للصليبية المقدسة»، لقب تركه لاحقا. ومئات ألوف متعددة من الاسپان ماتوا في القتال. وفضلا عن ذلك، وفقا لتقديرٍ محافظ، قتل قوميّو فرانكو ٠٠٠,٤٠ عضو في «الجبهة الشعبية»، فيما قتلت الاخيرة ٠٠٠,٨ اكليريكي — من رهبان، كهنة، راهبات، ورهبان مبتدئين. هذا هو رعب ومأساة الحرب الاهلية، مما يوضح حكمة الاصغاء الى كلمات يسوع: «ردَّ سيفك الى مكانه. لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون». (متى ٢٦:٥٢) فكم يكون مثيرا للاشمئزاز ان يتورط العالم المسيحي في سفك دم جماعي كهذا! وفي الواقع، فشل رجال دينه تماما في ‹طبع سيوفهم سككا›. — اشعيا ٢:٤.
التجار الجائلون
١٨ مَن هم ‹تجار الارض الجائلون›؟
١٨ ومَن هم ‹تجار الارض الجائلون›؟ لا شك اننا ندعوهم اليوم كبار التجار، عمالقة التجارة، اصحاب الصفقات الحاذقين للتجارة الكبيرة. وهذا ليس لنقول انه من الخطإ الانهماك في تجارة شرعية. والكتاب المقدس يزوِّد مشورة حكيمة لرجال الاعمال، محذِّرا من عدم الاستقامة، الجشع، وما اشبه ذلك. (امثال ١١:١؛ زكريا ٧:٩، ١٠؛ يعقوب ٥:١-٥) ان «التعبد للّٰه مع الاكتفاء» ربح عظيم. (١ تيموثاوس ٦:٦، ١٧-١٩) ولكنَّ عالم الشيطان لا يتبع المبادئ البارة. والفساد يكثر. وهو يوجد في الدين، في السياسة — وفي التجارة الكبيرة. ومن وقت الى آخر تعرض وسائل الاعلام فضائح، كالاختلاس من قبل رسميين حكوميين بمستوى رفيع والمتاجرة غير الشرعية بالسلاح.
١٩ اي واقع عن اقتصاد العالم يساعد على تفسير سبب ورود ذكرٍ غير مؤاتٍ لتجار الارض في سفر الرؤيا؟
١٩ ان التجارة الدولية بالسلاح ترتفع فوق الـ ٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,٠٠٠,١ دولار اميركي كل سنة فيما يُحرم مئات الملايين من البشر ضرورات الحياة. وذلك رديء بما فيه الكفاية. ولكنَّ الاسلحة يظهر انها دعم اساسي لاقتصاد العالم. ففي ١١ نيسان ١٩٨٧، اخبرت مقالة في سپِكتايتُر اللندنية: «اذ نحسب فقط الصناعات ذات العلاقة المباشرة، يكون نحو ٠٠٠,٤٠٠ عمل ذا صلة في الولايات المتحدة و ٠٠٠,٧٥٠ في اوروپا. ولكن على نحو لافت كفاية، اذ ينمو الدور الاجتماعي والاقتصادي لبناء الاسلحة، فان السؤال الحقيقي عما اذا كان المنتجون في حماية انما يوضع في مكان ثانوي». والارباح الطائلة تُجنى فيما يتاجَر بالقنابل والاسلحة الاخرى في كل الارض، حتى الى الاعداء المحتمَلين. ويوما ما قد تعود هذه القنابل في محرقة نارية لتدمر الذين يبيعونها. فيا له من تناقض! أَضيفوا الى ذلك الكسب غير المشروع الذي يحيط بصناعة السلاح. ففي الولايات المتحدة وحدها، وفقا لـ سپِكتايتُر، «كل سنة يخسر الپانتاڠون على نحو لا يمكن تفسيره ٩٠٠ مليون دولار اميركي قيمة اسلحة ومعدات». فلا عجب ان يرد ذكرٌ غير مؤاتٍ لتجار الارض في سفر الرؤيا!
٢٠ اي مثال يظهر تورُّط الدين في الممارسات التجارية الفاسدة؟
٢٠ كما انبأ الملاك المجيد، ان الدين متورط عميقا في ممارسات تجارية فاسدة كهذه. مثلا، هنالك تورُّط الڤاتيكان في انهيار بنكو امبروزيانو في ايطاليا في السنة ١٩٨٢. وقد طالت القضية عبر ثمانينات الـ ١٩٠٠، والسؤال الذي بقي دون جواب هو: اين ذهب المال؟ وفي شباط ١٩٨٧ اصدر قضاة ميلانو اوامر توقيف لثلاثة اكليريكيين في الڤاتيكان، بمن فيهم رئيس اساقفة اميركي، بتهم كونهم محرِّضين على افلاس مزوَّر، ولكنَّ الڤاتيكان رفض طلب التسليم. وفي تموز ١٩٨٧، وسط اهتياج من الاحتجاج، أُلغيت الاوامر من قبل محكمة الاستئناف العليا في ايطاليا على اساس معاهدة قديمة بين الڤاتيكان والحكومة الايطالية.
٢١ كيف نعرف ان يسوع لم تكن له صلة بالممارسات التجارية المشكوك فيها لايامه، ولكن ماذا نرى اليوم في ما يتعلق بالدين البابلي؟
٢١ وهل كانت ليسوع صلة بالممارسات التجارية المشكوك فيها لايامه؟ كلا. حتى انه لم يكن صاحب ملكية، اذ لم يكن «له اين يضع رأسه». وقد نصح يسوع رئيسا شابا غنيا: «بع كل ما عندك ووزِّع على الفقراء، فيكون لك كنز في السموات، وتعال اتبعني». كان ذلك نصحا جيدا، لأنه كان يمكن ان ينتج تخلُّصه من كل الهموم بسبب المسائل التجارية. (لوقا ٩:٥٨؛ ١٨:٢٢) وبالتباين، غالبا ما تكون للدين البابلي روابط كريهة مع التجارة الكبيرة. مثلا، في السنة ١٩٨٧ أخبرت أولباني تايمز يونيون ان المدبِّر المالي لأبرشية رئيس الاساقفة الكاثوليكية في ميامي، فلوريدا، الولايات المتحدة الاميركية، اعترف بامتلاك الكنيسة أسهمًا في شركات تصنع اسلحة نووية، افلاما مصنَّفة بدرجة R، وسجائر.
«اخرجوا منها، يا شعبي»
٢٢ (أ) ماذا يقول صوت من السماء؟ (ب) ماذا قاد الى الابتهاج من جهة شعب اللّٰه في ٥٣٧ قم وفي ١٩١٩ بم؟
٢٢ تشير كلمات يوحنا التالية الى اتمام اضافي للنموذج النبوي: «وسمعت صوتا آخر من السماء يقول: ‹اخرجوا منها، يا شعبي، لئلا تشتركوا معها في خطاياها، ولئلا تنالوا من ضرباتها›». (رؤيا ١٨:٤ ) ان نبوات سقوط بابل القديمة في الاسفار العبرانية تشمل ايضا امر يهوه لشعبه: «اهربوا من وسط بابل». (ارميا ٥٠:٨، ١٣) وعلى نحو مماثل، نظرا الى الخراب الآتي لبابل العظيمة، يجري تحريض شعب اللّٰه الآن على الفرار. وفي السنة ٥٣٧ قم سبَّبت الفرصة للفرار من بابل ابتهاجا كثيرا من جهة الاسرائيليين الامناء. وبالطريقة عينها، فان تحرُّر شعب اللّٰه من الاسر البابلي في السنة ١٩١٩ قاد الى الابتهاج من جهتهم. (رؤيا ١١:١١، ١٢) ومنذ ذلك الحين يطيع ملايين من الآخرين الامر بالهرب.
٢٣ كيف يشدد الصوت من السماء على الحاح الهرب من بابل العظيمة؟
٢٣ وهل من الملح حقا الهرب من بابل العظيمة، الانسحاب من العضوية في اديان العالم والقيام بانفصال تام؟ انه كذلك، لأننا نحتاج ان نتخذ نظرة اللّٰه الى هذا الشيء الرهيب الديني القديم العهد، بابل العظيمة. وهو لم يلطِّف الكلام في دعائها بالعاهرة العظيمة. ولذلك يخبر الصوت من السماء الآن يوحنا بالمزيد في ما يتعلق بهذه البغيّ: «فإن خطاياها قد تراكمت حتى السماء، وتذكر اللّٰه مظالمها. جازوها كما جازت هي ايضا، وضاعفوا لها ضعفا بحسب اعمالها. في الكأس التي مزجت فيها امزجوا لها ضعفا. بقدر ما مجدت نفسها وعاشت في ترف فاضح، بقدر ذلك اعطوها عذابا ونوحا. فإنها تقول في قلبها: ‹اني جالسة ملكة، ولست ارملة، ولن ارى نوحا ابدا›. لذلك في يوم واحد ستأتي ضرباتها، موت ونوح ومجاعة، وستحترق كاملا بالنار، لأن يهوه اللّٰه الذي دانها قوي». — رؤيا ١٨:٥-٨.
٢٤ (أ) يجب ان يهرب شعب اللّٰه من بابل العظيمة ليتجنبوا ماذا؟ (ب) اولئك الذين يفشلون في الهرب من بابل العظيمة يشتركون معها في اية خطايا؟
٢٤ انها لكلمات قوية! ولذلك فان العمل مطلوب. وارميا حرَّض الاسرائيليين في ايامه على العمل، قائلا: «اهربوا من وسط بابل . . . لأن هذا وقت انتقام ليهوه، وهو يؤدي لها الجزاء. اخرجوا من وسطها يا شعبي، وانجوا كل واحد بنفسه من غضب يهوه المتقد». (ارميا ٥١:٦، ٤٥) وبطريقة مماثلة، يحذِّر الصوت من السماء شعب اللّٰه اليوم لكي يهربوا من بابل العظيمة لئلا ينالوا من ضرباتها. فأحكام يهوه المشبَّهة بضربات على هذا العالم، بما فيه بابل العظيمة، يُنادى بها الآن. (رؤيا ٨:١–٩:٢١؛ ١٦:١-٢١) ويلزم شعب اللّٰه ان ينفصلوا عن الدين الباطل اذا كانوا لا يريدون هم انفسهم ان يعانوا هذه الضربات ويموتوا اخيرا معه. والى جانب ذلك، فإن البقاء ضمن هذه الهيئة يجعلهم يشتركون في خطاياها. ويكونون مذنبين بقدر ما هي مذنبة بالزنا الروحي وإراقة دم «جميع الذين ذُبحوا على الارض». — رؤيا ١٨:٢٤؛ قارنوا افسس ٥:١١؛ ١ تيموثاوس ٥:٢٢.
٢٥ بأية طرائق خرج شعب اللّٰه من بابل القديمة؟
٢٥ ولكن، كيف يخرج شعب اللّٰه من بابل العظيمة؟ في قضية بابل القديمة، كان على اليهود ان يقوموا برحلة جسدية من مدينة بابل في طريق العودة الى ارض الموعد. ولكن اكثرُ من ذلك كان مشمولا. فقد امر اشعيا الاسرائيليين نبويا: «انصرفوا، انصرفوا، اخرجوا من هناك، لا تمسوا نجسا. اخرجوا من وسطها، تطهروا يا حاملي عتاد بيت يهوه». (اشعيا ٥٢:١١) نعم، كان عليهم ان يهجروا كل الممارسات النجسة للدين البابلي التي يمكن ان تلوِّث عبادتهم ليهوه.
٢٦ كيف اطاع المسيحيون الكورنثيون الكلمات: ‹اخرجوا من بينهم ولا تمسوا النجس بعد›؟
٢٦ اقتبس الرسول بولس كلمات اشعيا في رسالته الى الكورنثيين، قائلا: «لا تكونوا تحت نير لا تكافؤ فيه مع غير المؤمنين. فأية خلطة للبر والتعدي على الشريعة؟ او اية شركة للنور مع الظلمة؟ . . . ‹لذلك اخرجوا من بينهم، وافترزوا›، يقول يهوه، ‹ولا تمسوا النجس بعد›». لم يكن على المسيحيين الكورنثيين ان يتركوا كورنثوس لكي يطيعوا هذه الوصية. ولكن، كان عليهم جسديا ان يتجنبوا الهياكل النجسة للدين الباطل، بالاضافة الى الاعتزال روحيا عن الاعمال النجسة لعبَّاد الاصنام. وفي السنة ١٩١٩ بدأ شعب اللّٰه يهربون من بابل العظيمة بهذه الطريقة، مطهِّرين انفسهم من اية تعاليم وممارسات نجسة متبقِّية. وهكذا كانوا قادرين على خدمته بصفتهم شعبه المطهَّر. — ٢ كورنثوس ٦:١٤-١٧؛ ١ يوحنا ٣:٣.
٢٧ اية تناظرات هنالك بين الاحكام على بابل القديمة وتلك التي على بابل العظيمة؟
٢٧ ان سقوط بابل القديمة وخرابها النهائي كان عقابا على خطاياها. «لأن قضاءها بلغ الى السموات». (ارميا ٥١:٩) وعلى نحو مماثل، فان خطايا بابل العظيمة «تراكمت حتى السماء»، بحيث تبلغ انتباه يهوه نفسه. فهي مذنبة بالجور، الصنمية، الفساد الادبي، الظلم، السرقة، والقتل. وسقوط بابل القديمة كان جزئيا انتقاما من اجل ما فعلته لهيكل يهوه وعبَّاده الحقيقيين. (ارميا ٥٠:٨، ١٤؛ ٥١:١١، ٣٥، ٣٦) وكذلك فان سقوط بابل العظيمة ودمارها النهائي هو تعبير عن الانتقام من اجل ما فعلته بالعبَّاد الحقيقيين على مرّ القرون. وفي الواقع، ان دمارها الاخير هو بداية «يوم انتقام لالهنا». — اشعيا ٣٤:٨-١٠؛ ٦١:٢؛ ارميا ٥٠:٢٨.
٢٨ اي مقياس للعدل يطبِّقه يهوه على بابل العظيمة، ولماذا؟
٢٨ تحت الشريعة الموسوية، اذا سرق اسرائيلي من اهل بلده الرفقاء، كان يجب ان يردّ الضعف على الاقل تعويضا. (خروج ٢٢:١، ٤، ٧، ٩) وفي الدمار الآتي لبابل العظيمة، سيطبِّق يهوه مقياسا مشابها للعدل. فيجب ان تأخذ ضعف ما اعطت. ولن تُظهَر لها الرحمة لأن بابل العظيمة لم تظهر الرحمة لضحاياها. فقد تغذَّت على نحو طفيلي بشعوب الارض ‹لتعيش في ترف فاضح›. والآن ستختبر الالم والنوح. وبابل القديمة شعرت بأنها في وضع آمن تماما، اذ افتخرت: «لا اجلس ارملة، ولا اعرف الثكل». (اشعيا ٤٧:٨، ٩، ١١) وبابل العظيمة ايضا تشعر بالامن. ولكنَّ دمارها، اذ يقضي به يهوه الذي هو «قوي»، سيحدث بسرعة، كأنه «في يوم واحد»!
[الحاشية]
a الكتاب المقدس المرجعي لترجمة العالم الجديد، الحاشية.
[الاطار في الصفحة ٢٦٣]
‹ارتكب الملوك . . . معها العهارة›
في وقت باكر من القرن الـ ١٩ كان التجار الاوروپيون يهرِّبون كميات هائلة من الافيون الى الصين. وفي آذار ١٨٣٩ حاول الرسميون الصينيون ايقاف التجارة غير الشرعية بمصادرة ٠٠٠,٢٠ صندوق من المخدِّر من التجار البريطانيين. وأدَّى ذلك الى توتُّر بين بريطانيا والصين. واذ تدهورت العلاقات بين البلدين، حرَّض بعض المرسَلين الپروتستانت بريطانيا على الذهاب الى الحرب، بتصاريح كالتالية:
«كم تبهج هذه الصعوبات قلبي لاني اعتقد ان الحكومة الانكليزية قد تُغضَب، واللّٰه، في قوته قد يحطِّم العوائق التي تمنع دخول انجيل المسيح الى الصين». — هنرييتا شاك، مرسَلة معمدانية جنوبية.
وأخيرا، نشبت الحرب — الحرب المعروفة اليوم بحرب الافيون. والمرسَلون شجَّعوا بريطانيا من كل القلب بتعليقات كهذه:
«انا مكرَه على النظر الى الحالة الحاضرة للاشياء ليس كشأن للافيون او شأن انكليزي، بقدر ما هي الخطة العظيمة للعناية الالهية لجعل شر الانسان يسهِّل مقاصد رحمته نحو الصين في اختراق جدار صدِّها». — پيتر پاركر، مرسَل جماعي.
مرسَل جماعي آخر، صموئيل و. وليمز، اضاف: «ان يد اللّٰه ظاهرة في كل ما حدث بطريقة لافتة، ولا نشك ان ذاك الذي قال انه يأتي ليجلب سيفا على الارض قد اتى الى هنا وذلك من اجل دمار اعدائه السريع وتأسيس ملكوته الخاص. وهو سيقلب ويقلب الى ان يثبِّت رئيس السلام».
وفي ما يتعلق بالقتل الرهيب للوطنيين الصينيين، كتب المرسَل ج. لُويس شاك: «أعتبر مشاهد كهذه . . . ادوات مباشرة للرب في ازالة النفاية التي تعيق تقدُّم الحق الالهي».
والمرسَل الجماعي ايليا سي. بريدجمان اضاف: «كثيرا ما استعمل اللّٰه الذراع القوية للسلطة المدنية ليعدّ الطريق لملكوته . . . والوكالة في هذه اللحظات العظيمة هي بشرية؛ والقوة الموجِّهة الهية. ان الحاكم الاسمى لكل الامم قد استخدم انكلترا ليؤدِّب ويذلَّ الصين». — اقتباسات أُخذت من «غايات ووسائل»، ١٩٧٤، مقالة بقلم ستووارت كرايتن ميلر نُشرت في المشروع الارسالي في الصين واميركا (درس في هارْڤَرْد حرره جون ك. فيربَنك).
[الاطار في الصفحة ٢٦٤]
‹التجار الجائلون اغتنوا›
«بين ١٩٢٩ وانفجار الحرب العالمية الثانية، عيَّن [برنادينو] نوڠارا [المدبِّر المالي للڤاتيكان] رأسمال الڤاتيكان ووكلاء الڤاتيكان للعمل في مجالات متنوعة من اقتصاد ايطاليا — وخصوصا في القوة الكهربائية، الاتصالات الهاتفية، التسليف والاعمال المصرفية، الخطوط الحديدية الصغيرة، وانتاج الادوات الزراعية، الاسمنت، وألياف النسيج الاصطناعية. والعديد من هذه المغامرات حقَّق ربحا.
«نوڠارا التهم عددا من الشركات بما فيها La Società ,La Supertessile ,Italiana della Viscosa ,La Cisaraion. La Società Meridionale Industrie Tessili واذ ادمج هذه في شركة واحدة، الشركة التي سمَّاها CISA-Viscosa ووضعها تحت إمرة البارون فرانشِسكو ماريّا اوداسو، احد علمانيي الڤاتيكان الاكثر ثقة، دبَّر نوڠارا ان يضمَّ صاحب اكبر مصنع نسيج في ايطاليا هذه الشركة الجديدة الى شركته، Viscosa-SNIA. وفي نهاية الامر نما اهتمام الڤاتيكان اكثر فاكثر بـ Viscosa-SNIA، وفي الوقت المناسب سيطر الڤاتيكان — كما يشهد واقع ان البارون اوداسو صار في ما بعد نائبا للرئيس.
«وهكذا تغلغل نوڠارا في صناعة النسيج. وتغلغل في صناعات اخرى بطرائق اخرى، لأن نوڠارا كانت لديه حيل كثيرة يخفيها في سرّه. هذا الرجل الغيري . . . ربما عمل على ادخال الحياة في الاقتصاد الايطالي اكثر مما فعل ايّ رجل اعمال آخر وحده في تاريخ ايطاليا . . . ان بنيتو موسوليني لم يكن قط قادرا تماما على تحقيق الامبراطورية التي حلم بها، ولكنه مكَّن الڤاتيكان وبرنادينو نوڠارا من خلق منطقة نفوذ من نوع آخر». — امبراطورية الڤاتيكان، بواسطة نينو لو بيلّو، الصفحات ٧١-٧٣.
هذا مجرد مثل واحد للتعاون الوثيق بين تجار الارض وبابل العظيمة. فلا عجب ان ينوح هؤلاء التجار عندما تنتهي شريكتهم في التجارة!
[الصورة في الصفحة ٢٥٩]
اذ انتشر البشر في كل الارض، اخذوا دينهم البابلي معهم
[الصورتان في الصفحة ٢٦١]
صف يوحنا، كرقيب، ينادي بأن بابل قد سقطت
[الصورة في الصفحة ٢٦٦]
خرائب بابل القديمة تنذر بالخراب الآتي لبابل العظيمة
-
-
نوح وفرح بنهاية بابلالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٧
نوح وفرح بنهاية بابل
١ كيف سيتجاوب «ملوك الارض» مع الدمار المفاجئ لبابل العظيمة؟
ان نهاية بابل بشارة لشعب يهوه، ولكن كيف تنظر الامم الى ذلك؟ يخبرنا يوحنا: «وملوك الارض الذين ارتكبوا العهارة معها وعاشوا في ترف فاضح، سيبكون ويلطمون صدورهم حزنا عليها حين ينظرون دخان حريقها، وهم واقفون من بعيد خوفا من عذابها ويقولون: ‹واأسفاه، واأسفاه، ايتها المدينة العظيمة، بابل المدينة القوية، لأنه في ساعة واحدة جاءت دينونتك!›». — رؤيا ١٨:٩، ١٠.
٢ (أ) بما ان القرون العشرة الرمزية للوحش القرمزي اللون تدمِّر بابل العظيمة، لماذا يتحسَّر «ملوك الارض» على نهايتها؟ (ب) لماذا يقف الملوك المصابون بالحزن بعيدا عن المدينة المحكوم عليها؟
٢ قد يبدو تجاوب الامم مدهشا نظرا الى واقع ان القرون العشرة الرمزية للوحش القرمزي اللون هي التي دمَّرت بابل. (رؤيا ١٧:١٦) ولكن عندما تمضي بابل سيدرك «ملوك الارض» على نحو واضح كم كانت نافعة لهم في ابقاء الشعب هادئا وفي خضوع. فرجال الدين اعلنوا ان الحروب مقدَّسة، عملوا كوكلاء تجنيد، وحضُّوا الاحداث على الذهاب الى خطوط القتال. وقد زوَّد الدين ستارا من القداسة عمل وراءه الحكام الفاسدون في ظلم عامة الشعب. (قارنوا ارميا ٥:٣٠، ٣١؛ متى ٢٣:٢٧، ٢٨.) ولكن، لاحظوا ان هؤلاء الملوك المصابين بالحزن الآن يقفون بعيدا عن المدينة المحكوم عليها. فهم لا يقتربون كفاية لمساعدتها. وهم حزانى لرؤيتها تمضي ولكنهم ليسوا حزانى كفاية للمجازفة من اجلها.
التجار يبكون وينوحون
٣ مَن ايضا يأسفون على زوال بابل العظيمة، وأية اسباب لذلك يعطيها يوحنا؟
٣ ان ملوك الارض ليسوا الوحيدين الذين يأسفون على زوال بابل العظيمة. «ويبكي عليها تجار الارض الجائلون وينوحون، لأن بضاعتهم لن يشتريها احد، بضاعة من ذهب وفضة وحجر كريم ولآلئ وكتان جيد وأرجوان وحرير وقرمز، وكل شيء من خشب عطر، وأدوات عاجية على انواعها وكل انواع الادوات من خشب ثمين جدا ومن نحاس ومن حديد ومن رخام، وقرفة وطيبا هنديا وبخورا وزيتا عطرا ولبانا وخمرا وزيت زيتون ودقيقا فاخرا وحنطة وبقرا وخرافا، وخيلا وعربات وعبيدا ونفوسا بشرية. نعم، لقد ذهب عنك [بابل العظيمة] الثمر الجيد الذي اشتهته نفسك، وزال عنك كل ما هو فاخر وبهي، ولن يجده الناس في ما بعد». — رؤيا ١٨:١١-١٤.
٤ لماذا يبكي وينوح ‹التجار الجائلون› على نهاية بابل العظيمة؟
٤ نعم، كانت بابل العظيمة صديقا حميما وزبونا جيدا للتجار الاثرياء. مثلا، اكتسبت اديرة الرهبان، اديرة الراهبات، والكنائس في العالم المسيحي على مرّ القرون كميات هائلة من الذهب، الفضة، الحجارة الكريمة، الاخشاب القيِّمة، وأشكالا اخرى من الثراء المادي. واكثر من ذلك، وُهبت بركة الدين للمناسبات المقترنة بتبذير المال والافراط في السكر، الامر الذي يرافق الاحتفال بعيد الميلاد المحقِّر للمسيح والايام الاخرى المدعوَّة مقدسة. ومرسَلو العالم المسيحي دخلوا بلدانا نائية، فاتحين اسواقا جديدة ‹للتجار الجائلين› لهذا العالم. حتى انه في يابان القرن الـ ١٧، صارت الكاثوليكية، التي اتت مع التجار، متورطة في الحرب الاقطاعية. واذ تخبر عن معركة حاسمة تحت اسوار قصر اوساكا، تذكر دائرة المعارف البريطانية: «وجدت فيالق توكُوڠَوا نفسها تحارب ضد عدوّ كانت أعلامه مزيَّنة بالصليب وبصور للمخلِّص وللقديس يعقوب، القديس الرئيسي لاسپانيا». والحزب المنتصر اضطهد ومحا عمليا الكاثوليكية في ذلك البلد. وكذلك فان مساهمة الكنائس في الشؤون العالمية اليوم لن تجلب لها بركة.
٥ (أ) كيف يصف الصوت من السماء ايضا نوح ‹التجار الجائلين›؟ (ب) لماذا التجار ايضا «يقفون من بعيد»؟
٥ والصوت من السماء يقول ايضا: «والتجار الجائلون لهذه الاشياء، الذين اغتنوا منها، سيقفون من بعيد خوفا من عذابها، فيبكون وينوحون قائلين: ‹واأسفاه، واأسفاه — المدينة العظيمة، اللابسة كتانا جيدا وأرجوانا وقرمزا، والمتحلية بغنى بحلي من ذهب وحجر كريم ولؤلؤ — لأنه في ساعة واحدة خرب غنى عظيم مثل هذا!›». (رؤيا ١٨:١٥-١٧ أ ) وبدمار بابل العظيمة، ينوح «التجار» على خسارة هذا الشريك التجاري. حقا، انه لأمر ‹مؤسف› بالنسبة اليهم. ولكن لاحظوا ان اسبابهم للنوح هي انانية كاملا وأنهم — كالملوك — «يقفون من بعيد». وهم لا يقتربون كفاية ليكونوا عونا لبابل العظيمة.
٦ كيف يصف الصوت من السماء نوح ربابنة السفن والبحارة، ولماذا يبكون؟
٦ تتابع الرواية: «وكل ربّان سفينة وكل مسافر من اي مكان، والبحارة وكل الذين يكسبون معيشتهم من البحر، وقفوا من بعيد وصرخوا إذ نظروا دخان حريقها وقالوا: ‹اية مدينة تشبه المدينة العظيمة؟›. وألقوا ترابا على رؤوسهم وصرخوا، باكين ونائحين، وقالوا: ‹واأسفاه، واأسفاه — المدينة العظيمة، التي فيها اغتنى كل الذين لهم مراكب في البحر من ثرائها — لأنها في ساعة واحدة خربت!›». (رؤيا ١٨:١٧ب-١٩ ) كانت بابل القديمة مدينة تجارية وكان لها اسطول عظيم من السفن. وعلى نحو مماثل، فإن بابل العظيمة تقوم بتجارة كثيرة بـ ‹المياه الكثيرة› لشعبها. وهذا يزوِّد العمل لكثيرين من رعاياها الدينيين. وكم سيكون دمار بابل العظيمة ضربة اقتصادية لهؤلاء! فلن يكون هنالك ابدا مصدر آخر للرزق مثلها.
الفرح بإبادتها
٧، ٨ كيف يجعل الصوت من السماء رسالته تبلغ ذروتها في ما يتعلق ببابل العظيمة، ومَن سيتجاوبون مع هذه الكلمات؟
٧ عندما قلب الماديون والفرس بابل القديمة قال ارميا نبويا: «وتهلِّل على بابل السموات والارض وكل ما فيها». (ارميا ٥١:٤٨) وعندما تُدمَّر بابل العظيمة يجعل الصوت من السماء رسالته تبلغ ذروتها قائلا عن بابل العظيمة: «تهللي لما حلّ بها، ايتها السموات، وأيها القديسون والرسل والانبياء، لأن اللّٰه دانها دينونة لأجلكم!». (رؤيا ١٨:٢٠ ) ان يهوه والملائكة سيُسَرُّون برؤية ابادة عدوَّة اللّٰه القديمة، كما سيُسَرُّ الرسل والانبياء المسيحيون الاولون، الذين هم الآن مقامون وقد اتخذوا مركزهم في ترتيب الـ ٢٤ شيخا. — قارنوا مزمور ٩٧:٨-١٢.
٨ وفي الواقع، ان جميع ‹القديسين› — سواء أُقيموا الى السماء او لا يزالون احياء على الارض — سيصرخون فرحا، كما سيفعل الجمع الكثير من الخراف الاخر العشراء. وفي حينه، سيقام جميع الناس الامناء في الازمنة القديمة الى نظام الاشياء الجديد، وهم ايضا سيشتركون في الفرح. وشعب اللّٰه لا يحاول ان ينتقم لنفسه من مضطهديه الدينيين الزائفين. فهم يتذكَّرون كلمات يهوه: «لي الانتقام، انا اجازي، يقول يهوه». (روما ١٢:١٩؛ تثنية ٣٢:٣٥، ٤١-٤٣) حسنا، يهوه يجازي الآن. وكل الدم الذي اراقته بابل العظيمة سيكون قد انتُقم له.
طرْح حجر رحى عظيم
٩، ١٠ (أ) ماذا يفعل ويقول ملاك قوي الآن؟ (ب) اي عمل مماثل لذاك الذي ينجزه الملاك القوي للرؤيا ١٨:٢١ حدث في زمن ارميا، وماذا ضمن؟ (ج) ماذا يضمنه الاجراء الذي يتخذه الملاك القوي الذي رآه يوحنا؟
٩ وما يراه يوحنا بعد ذلك يؤكد ان دينونة يهوه لبابل العظيمة نهائية: «ورفع ملاك قوي حجرا كحجر رحى عظيم وطرحه في البحر، قائلا: ‹هكذا برمية خاطفة ستُطرَح بابل المدينة العظيمة، ولن توجد في ما بعد›». (رؤيا ١٨:٢١ ) في زمن ارميا، أُنجز عمل مماثل بمعنى نبوي قوي. فقد اوحي الى ارميا بأن يكتب في كتاب «كلَّ البلية الآتية على بابل». فأعطى الكتاب لسَرايا وأمره بأن يسافر الى بابل. وهناك، اذ اتَّبع ارشادات ارميا، قرأ سَرايا اعلانا ضد المدينة: «يا يهوه، انت تكلمت على هذا المكان بالقطع، حتى لا يكون فيه ساكن، لا انسان ولا بهيمة، بل ليصير قفارا الى الدهر». ثم ربط سَرايا حجرا بالكتاب وطرحه الى نهر الفرات، قائلا: «هكذا تغرق بابل ولا تقوم من البلية التي انا جالبها عليها». — ارميا ٥١:٥٩-٦٤.
١٠ ان طرْح الكتاب مع الحجر المربوط به الى النهر كان ضمانا ان بابل ستندثر في النسيان، لئلا تشفى ابدا. ورؤية الرسول يوحنا ملاكا قويا ينجز عملا مماثلا هي كذلك ضمان قوي ان قصد يهوه نحو بابل العظيمة سيتم. والحالة الخربة تماما لبابل القديمة اليوم تشهد بقوة لما سيصيب الدين الباطل في المستقبل القريب.
١١، ١٢ (أ) كيف يخاطب الملاك القوي الآن بابل العظيمة؟ (ب) كيف تنبَّأ ارميا في ما يختص باورشليم المرتدَّة، والى ماذا اشار ذلك لايامنا؟
١١ والآن يخاطب الملاك القوي بابل العظيمة قائلا: «ولن يُسمع فيك بعد الآن صوت مرنمين عازفين على القيثارة وموسيقيين وزمارين ونافخين في الابواق، ولن يوجد فيك صانع صنعة ما، ولن يُسمع فيك صوت حجر رحى، ولن يضيء فيك بعد الآن نور سراج، ولن يُسمع فيك صوت عريس وعروس، لأن تجارك الجائلين كانوا ذوي مناصب رفيعة في الارض، فبممارستك الارواحية ضلت جميع الامم». — رؤيا ١٨:٢٢، ٢٣.
١٢ بتعابير مشابهة، تنبَّأ ارميا في ما يختص باورشليم المرتدَّة: «أبيد منهم صوت الابتهاج وصوت الفرح، صوت العريس وصوت العروس، صوت الرحى ونور السراج. وتصير كل هذه الارض خرابا ومثار دهشة». (ارميا ٢٥:١٠، ١١) وبصفته الجزء الرئيسي من بابل العظيمة، سيصير العالم المسيحي خرابا بلا حياة، كما صوَّرته بوضوح كبير حالة اورشليم المقفرة بعد السنة ٦٠٧ قم. ان العالم المسيحي الذي كان مرة يفرح بجذل ويعج بالضجيج اليومي سيجد نفسه مقهورا ومهجورا.
١٣ اي تغيير مفاجئ يباغت بابل العظيمة، وما هو الاثر في ‹تجارها الجائلين›؟
١٣ وفي الواقع، كما يخبر الملاك هنا يوحنا، كل بابل العظيمة ستتغيَّر من امبراطورية اممية قوية الى ارض قاحلة جدباء شبيهة بصحراء. و ‹تجارها الجائلون›، بمن فيهم اصحاب الملايين العظماء، استخدموا دينها للمنفعة الشخصية او كتغطية، ورجال الدين وجدوا ان الاشتراك في الاضواء معهم مربحا. ولكنَّ هؤلاء التجار لن تكون لديهم بابل العظيمة شريكة لهم في ما بعد. وهي لن تخدع امم الارض بممارساتها الدينية الغامضة في ما بعد.
ذنب سفك دم فظيع
١٤ اي سبب يعطيه الملاك القوي لقساوة دينونة يهوه، وماذا قال يسوع على نحو مماثل عندما كان على الارض؟
١٤ وفي الختام، يخبر الملاك القوي لماذا يدين يهوه بابل العظيمة بقساوة كبيرة. يقول الملاك: «نعم، فيها وُجد دم انبياء وقديسين وجميع الذين ذُبحوا على الارض». (رؤيا ١٨:٢٤ ) وعندما كان على الارض قال يسوع للقادة الدينيين في اورشليم انهم كانوا مسؤولين عن «كل دم بار أُريق على الارض، من دم هابيل البار» فصاعدا. ووفقا لذلك، دُمِّر ذلك الجيل الملتوي في السنة ٧٠ بم. (متى ٢٣:٣٥-٣٨) واليوم، يحمل جيل آخر من الدينيين ذنب سفك الدم لاضطهاده خدام اللّٰه.
١٥ كيف كانت الكنيسة الكاثوليكية في المانيا النازية مذنبة بسفك الدم في تهمتين؟
١٥ في كتابه الكنيسة الكاثوليكية والمانيا النازية، يكتب ڠُنتر لوِي: «عندما مُنع شهود يهوه في باڤاريا في ١٣ نيسان [١٩٣٣] قبلت الكنيسة ايضا التعيين المعطى لها من قبل وزارة الثقافة والدين للابلاغ عن ايّ عضو في الطائفة لا يزال يمارس الدين المحرَّم». وهكذا تشترك الكنيسة الكاثوليكية في المسؤولية عن ارسال آلاف الشهود الى معسكرات الاعتقال؛ ويداها ملطختان بدم حياة مئات الشهود الذين أُعدموا. وعندما اظهر شهود احداث، مثل وِلْهَلم كَسيرو، انه يمكنهم ان يموتوا بشجاعة بواسطة فرقة الاعدام، قرَّر هتلر ان فرقة الاعدام هي ألطف من اللازم بالنسبة الى الرافضين بسبب الضمير؛ ولذلك مات وولفڠانڠ اخو وِلْهَلم، بعمر ٢٠ سنة، بواسطة المقصلة. وفي الوقت نفسه، كانت الكنيسة الكاثوليكية تشجع الكاثوليك الالمان الاحداث على الموت في جيش الوطن الامّ. ان ذنب الكنيسة لسفك الدم يُرى بوضوح!
١٦، ١٧ (أ) اي ذنب لسفك الدم يجب ان تُتَّهم به بابل العظيمة، وكيف صار الڤاتيكان مذنبا بسفك الدم في ما يتعلق باليهود الذين ماتوا في المذابح النازية؟ (ب) ما هي الطريقة الاولى التي يُلام بها الدين الباطل على قتل ملايين الناس في مئات الحروب في الازمنة العصرية؟
١٦ ولكن، تقول النبوة ان دم «جميع الذين ذُبحوا على الارض» يجب ان تُتَّهم به بابل العظيمة. وكان ذلك بالتاكيد صحيحا في الازمنة العصرية. مثلا، بما ان الخداع الكاثوليكي ساعد على جلب هتلر الى السلطة في المانيا، يشترك الڤاتيكان في ذنب سفك دم مروِّع في ما يتعلق بالستة ملايين يهودي الذين ماتوا في المذابح النازية. واكثر من ذلك، في زمننا هذا، قُتل اكثر من مئة مليون شخص في مئات الحروب. فهل يُلام الدين الباطل في هذا الصدد؟ نعم، بطريقتين.
١٧ الطريقة الاولى هي ان حروبا كثيرة مرتبطة بالخلافات الدينية. مثلا، العنف في الهند بين المسلمين والهندوس في ١٩٤٦-١٩٤٨ كان دافعه دينيا. ومئات الالوف خسروا حياتهم. والصراع بين العراق وايران في ثمانينات الـ ١٩٠٠ ارتبط بالخلافات الطائفية، وقد قُتل مئات الآلاف. والعنف بين الكاثوليك والپروتستانت في ايرلندا الشمالية اخذ حياة الآلاف. واذ درس هذا الحقل، قال سي. ل. سَلزبرڠر، محرر عمود، في السنة ١٩٧٦: «الحقيقة المفجعة هي انه ربما نصف الحروب او اكثر التي يجري خوضها الآن حول العالم هي إما صراعات دينية علنا او ذات علاقة بالنزاعات الدينية». وفي الواقع، كان الامر هكذا طوال التاريخ المضطرب لبابل العظيمة.
١٨ ما هي الطريقة الثانية التي تكون بها اديان العالم مذنبة بسفك الدم؟
١٨ وما هي الطريقة الثانية؟ من وجهة نظر يهوه، اديان العالم مذنبة بسفك الدم لأنها لم تعلِّم أتباعها بإقناعٍ حقيقة مطالب يهوه من خدامه. ولم تعلِّم الناس بإقناع ان عبَّاد اللّٰه الحقيقيين يجب ان يتمثلوا بيسوع المسيح ويظهروا المحبة نحو الآخرين بصرف النظر عن اصلهم القومي. (ميخا ٤:٣، ٥؛ يوحنا ١٣:٣٤، ٣٥؛ اعمال ١٠:٣٤، ٣٥؛ ١ يوحنا ٣:١٠-١٢) ولأن الاديان التي تشكِّل بابل العظيمة لم تعلِّم هذه الامور، انجذب أنصارها الى دوّامة الحرب الدولية. وكم كان ذلك واضحا في الحربين العالميتين للنصف الاول من القرن الـ ٢٠، اللتين بدأتا كلتاهما في العالم المسيحي وأدَّتا الى ان يقتل الدينيون الرفقاء واحدهم الآخر! فلو التصق جميع الذين يدَّعون انهم مسيحيون بمبادئ الكتاب المقدس لما حدثت هاتان الحربان قط.
١٩ اي ذنب فظيع لسفك الدم تحمله بابل العظيمة؟
١٩ يضع يهوه اللوم في كل سفك الدم هذا على بابل العظيمة. فلو علَّم القادة الدينيون، وخصوصا اولئك الذين في العالم المسيحي، شعبهم حق الكتاب المقدس لما حدث سفك دم عظيم كهذا. حقا، اذًا، بصورة مباشرة او غير مباشرة، يجب ان تكون بابل العظيمة — العاهرة العظيمة والامبراطورية العالمية للدين الباطل — مسؤولة امام يهوه ليس فقط عن ‹دم الانبياء والقديسين› الذين اضطهدتهم وقتلتهم بل عن دم «جميع الذين ذُبحوا على الارض». ان بابل العظيمة تحمل فعلا ذنبا فظيعا لسفك الدم. فلتذهب دون عودة اذ يحدث دمارها الاخير!
[الاطار في الصفحة ٢٧٠]
ثمن المسايرة
يكتب ڠُنتر لوِي في كتابه الكنيسة الكاثوليكية والمانيا النازية: «لو التصقت الكاثوليكية الالمانية من البداية بسياسة المقاومة العازمة للنظام النازي، لربما اتخذ تاريخ العالم مجرى مختلفا. وحتى لو فشل هذا الصراع تماما في هزم هتلر ومنع كل جرائمه الكثيرة، لرفع ذلك من وجهة نظر معيَّنة المقام الادبي للكنيسة على نحو لا يُحَدّ. ان الكلفة البشرية لمقاومة كهذه تكون باهظة بشكل لا يمكن انكاره، ولكنَّ هذه التضحيات تكون قد صُنعت من اجل اعظم القضايا. وبجبهة دعم مدنية لا يُركَن اليها، لم يكن هتلر ليجرؤ ربما على الذهاب الى الحرب ولكانت حياة الملايين حرفيا قد أُنقذت. . . . في حين عُذِّب حتى الموت الوف الالمان المقاومين للنازية في معسكرات اعتقال هتلر، وفي حين قُتل اهل الفكر الپولنديون، وفي حين مات مئات الآلاف من الروس نتيجة لمعاملتهم كسلاڤيين Untermenschen [دون البشر]، وفي حين قُتل ٠٠٠,٠٠٠,٦ كائن بشري لكونهم ‹غير آريين›، ساند رسميو الكنيسة الكاثوليكية في المانيا النظام الذي ارتكب هذه الجرائم. والبابا في روما، الرأس الروحي والمعلِّم الادبي الاسمى للكنيسة الكاثوليكية الرومانية، بقي صامتا». — الصفحتان ٣٢٠، ٣٤١.
[الصورة في الصفحة ٢٦٨]
«واأسفاه، واأسفاه»، يقول الحكام
[الصورة في الصفحة ٢٦٨]
«واأسفاه، واأسفاه»، يقول التجار
-
-
سبِّحوا ياه لاجل احكامه!الرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٨
سبِّحوا ياه لاجل احكامه!
١ اية كلمات يسمعها يوحنا تكون «مثل صوت عالٍ لجمع كثير في السماء»؟
بابل العظيمة ليست موجودة في ما بعد! هذه هي اخبار مفرحة حقا. فلا عجب ان يسمع يوحنا هتافات تسبيح سعيدة في السماء! «بعد ذلك سمعت مثل صوت عالٍ لجمع كثير في السماء يقول: ‹هلِّلويا! a الخلاص والمجد والقدرة لإلهنا، لأن احكامه حق وبارّة. فإنه نفّذ الدينونة في العاهرة العظيمة التي افسدت الارض بعهارتها، وانتقم لدم عبيده من يدها›. وما لبثوا ان قالوا ثانية: ‹هلِّلويا! b فإن دخانها يتصاعد الى ابد الآبدين›». — رؤيا ١٩:١-٣.
٢ (أ) ماذا تعني عبارة «هلِّلويا»، وماذا يظهر سماع يوحنا هذه العبارة مرتين عند هذه المرحلة؟ (ب) مَن ينال المجد لاجل تدمير بابل العظيمة؟ أَوضحوا.
٢ حقا، هلِّلويا! وتعني هذه الكلمة «سبِّحوا ياه»، و «ياه» هي صيغة مختصرة للاسم الالهي، يهوه. ويجري تذكيرنا هنا بحضّ صاحب المزمور: «كل نسمة فلتسبِّح ياه. سبِّحوا ياه!». (مزمور ١٥٠:٦) ان سماع يوحنا الجوقة السماوية المبتهجة ترنِّم «هلِّلويا!» مرتين عند هذه المرحلة في سفر الرؤيا يظهر استمرارية الكشف الالهي للحق. فاله الاسفار اليونانية المسيحية هو اله الاسفار العبرانية الابكر نفسه، ويهوه هو اسمه. والاله الذي سبَّب سقوط بابل القديمة قد دان الآن بابل العظيمة ودمَّرها. فانسبوا اليه كل المجد لاجل هذا العمل الباهر! ان القوة التي حرَّكت سقوطها تنتمي اليه بدلا من الامم التي استخدمها كأدوات في تخريبها. فالى يهوه وحده يجب ان ننسب الخلاص. — اشعيا ١٢:٢؛ رؤيا ٤:١١؛ ٧:١٠، ١٢.
٣ لماذا كانت العاهرة العظيمة تستحق الى هذا الحد دينونتها؟
٣ ولماذا كانت العاهرة العظيمة تستحق الى هذا الحد هذه الدينونة؟ وفقا للشريعة التي اعطاها يهوه لنوح — وبواسطته لكل الجنس البشري — يقتضي سفك الدم العمدي حكم الموت. وقد ذُكر ذلك ثانية في شريعة اللّٰه لاسرائيل. (تكوين ٩:٦؛ عدد ٣٥:٢٠، ٢١) وعلاوة على ذلك، تحت تلك الشريعة الموسوية، كان الزنى الجسدي والروحي كلاهما يستحقان الموت. (لاويين ٢٠:١٠؛ تثنية ١٣:١-٥) وطوال آلاف السنين، كانت بابل العظيمة مذنبة بسفك الدم، وهي عاهرة بكل معنى الكلمة. مثلا، ان سياسة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية لمنع كهنتها من الزواج قد ادَّت الى فساد ادبي فاضح من جهة كثيرين منهم، وليس قليلون من هؤلاء اليوم يلتقطون الأيدز. (١ كورنثوس ٦:٩، ١٠؛ ١ تيموثاوس ٤:١-٣) ولكنَّ خطاياها الخطيرة، ‹المتراكمة حتى السماء›، هي اعمالها الصاعقة للعهارة الروحية — وهذه العهارة تظهر في تعليم الاباطيل وتحالفها مع السياسيين الفاسدين. (رؤيا ١٨:٥) وبما ان عقابها قد باغتها اخيرا، يردِّد الحشد السماوي الآن مرة ثانية هلِّلويا.
٤ ماذا يرمز اليه واقع ان الدخان من بابل العظيمة «يتصاعد الى ابد الآبدين»؟
٤ وبابل العظيمة قد أُشعلت فيها النار كمدينة مقهورة، والدخان منها «يتصاعد الى ابد الآبدين». وعندما تحرق الجيوش القاهرة مدينة حرفية يبقى الدخان متصاعدا ما دام الرماد ساخنا. وكل مَن يحاول ان يعيد بناءها فيما لا تزال تدخِّن ستحرقه الخرائب المتَّقدة. وبما ان الدخان من بابل العظيمة سيرتفع «الى ابد الآبدين» علامة لنهائية دينونتها، فلن يكون احد يوما ما قادرا على ردّ تلك المدينة الظالمة. فالدين الباطل يولّي الى الابد. حقا، هلِّلويا! — قارنوا اشعيا ٣٤:٥، ٩، ١٠.
٥ (أ) ماذا يفعل ويقول الاربعة والعشرون شيخا والمخلوقات الحية الاربعة؟ (ب) لماذا لازمة هلِّلويا عذبة اكثر بكثير من قرارات هلِّلويا التي تُرنَّم في كنائس العالم المسيحي؟
٥ في رؤيا ابكر، رأى يوحنا حول العرش اربعة مخلوقات حية، بالاضافة الى الشيوخ الـ ٢٤ الذين يمثِّلون ورثة الملكوت في مركزهم السماوي المجيد. (رؤيا ٤:٨-١١) والآن يراهم مرة اخرى وهم يصرخون بصوت راعد هلِّلويا مرة ثالثة بسبب دمار بابل العظيمة: «فخرَّ الاربعة والعشرون شيخا والمخلوقات الحية الاربعة وعبدوا اللّٰه الجالس على العرش، وقالوا: ‹آمين! هلِّلويا!›».c (رؤيا ١٩:٤ ) ان قرار هلِّلويا العظيم هذا هو، اذًا، اضافة الى ‹الترنيمة الجديدة› لتسبيح الحمل. (رؤيا ٥:٨، ٩) وهم يرنِّمون الآن لازمة النصر الرائعة، ناسبين كل المجد الى السيد الرب يهوه بسبب نصره الحاسم على العاهرة العظيمة، بابل العظيمة. وعبارات هلِّلويا تدوِّي على نحو عذب اكثر بكثير من اية قرارات هلِّلويا تُرنَّم في كنائس العالم المسيحي، حيث يهان ويُحتقر يهوه، او ياه. ان ترنيما ريائيا كهذا معيِّرا لاسم يهوه يُسكَت الآن الى الابد!
٦ «صوت» مَن يُسمع، وعلى ماذا يحثّ، ومَن يشاركون في التجاوب؟
٦ كان في السنة ١٩١٨ ان يهوه شرع في مكافأة ‹الذين يخافون اسمه الصغار والكبار› — وأول هؤلاء هم المسيحيون الممسوحون الذين ماتوا امناء، الذين اقامهم ووضعهم في الرتب السماوية للاربعة والعشرين شيخا. (رؤيا ١١:١٨) وينضم آخرون الى هؤلاء في ترنيم عبارات هلِّلويا، لأن يوحنا يخبر: «وخرج صوت من العرش وقال: ‹سبِّحوا إلهنا، يا جميع عبيده الذين يخافونه، الصغار والكبار›». (رؤيا ١٩:٥ ) هذا هو «صوت» الناطق بلسان يهوه، ابنه الخاص، يسوع المسيح، الذي يقف «في وسط العرش». (رؤيا ٥:٦) وليس فقط في السماء بل ايضا هنا على الارض، «يا جميع عبيده» شاركوا في الترنيم، مع صف يوحنا الممسوح الذي يأخذ القيادة على الارض. وكم يشارك هؤلاء بابتهاج في اطاعة الامر: «سبِّحوا إلهنا»!
٧ بعد ان تُدمَّر بابل العظيمة، مَن سيسبِّحون يهوه؟
٧ نعم، ان الذين من الجمع الكثير هم ايضا معدودون بين هؤلاء العبيد. فمنذ السنة ١٩٣٥ يخرج هؤلاء من بابل العظيمة ويختبرون اتمام وعد اللّٰه: «يبارك خائفي يهوه، الصغار مع الكبار». (مزمور ١١٥:١٣) وعندما تُدمَّر بابل المشبَّهة بعاهرة، سيشترك ملايين منهم في ‹تسبيح إلهنا› — الى جانب صف يوحنا وكل الحشد السماوي. وفي ما بعد، لا شك ان اولئك المقامين على الارض، سواء كانوا بارزين سابقا او لا، سيرنِّمون عبارات هلِّلويا اضافية اذ يعلمون ان بابل العظيمة قد ولَّت الى الابد. (رؤيا ٢٠:١٢، ١٥) فكل التسبيح ليهوه لاجل نصره الباهر على العاهرة القديمة العهد!
٨ اي حافز يجب ان تمنحنا اياه قرارات التسبيح السماوية التي رآها يوحنا الآن، قبل ان تُدمَّر بابل العظيمة؟
٨ يا للحافز الذي يمنحنا اياه كل ذلك لنشارك كاملا في عمل اللّٰه للوقت الحاضر! فليقف جميع خدام ياه ذواتهم قلبا ونفسا لاعلان احكام اللّٰه، بالاضافة الى رجاء الملكوت العظيم، الآن، قبل ان تُنزَل بابل العظيمة عن مقعدها وتُدمَّر. — اشعيا ٦١:١-٣؛ ١ كورنثوس ١٥:٥٨.
‹هلِّلويا — يهوه هو ملك!›
٩ لماذا هلِّلويا الاخيرة هي صوت جَهْوَري وقوي؟
٩ هنالك اسباب اضافية للتهلُّل، كما يمضي يوحنا مخبرا ايانا: «وسمعت مثل صوت جمع كثير ومثل صوت مياه كثيرة ومثل صوت رعود مدوية. قالوا: ‹هلِّلويا، d لأن يهوه إلهنا، القادر على كل شيء، قد ابتدأ يملك›». (رؤيا ١٩:٦ ) ان عبارة هلِّلويا الاخيرة هذه هي التي تجعل الاعلان رباعيا او متناظرا. انها صوت سماوي قوي، اكثر عظمة من اية جوقة بشرية، اكثر بهاء من ايّ شلال ارضي، واكثر ايحاء بالرهبة من اية عاصفة رعدية ارضية. فربوات الاصوات السماوية تحتفل بواقع ان «يهوه إلهنا، القادر على كل شيء، قد ابتدأ يملك».
١٠ بأي معنى يمكن القول ان يهوه يبتدئ يملك بعد خراب بابل العظيمة؟
١٠ ولكن، كيف يبتدئ يهوه يملك؟ لقد مرت آلاف السنين منذ اعلن صاحب المزمور: «اللّٰه ملكي منذ القِدم». (مزمور ٧٤:١٢) لقد كان ملْك يهوه قديما حتى في ذلك الحين، فكيف يمكن للجوقة الكونية ان ترنِّم ان «يهوه . . . قد ابتدأ يملك»؟ لأنه عندما تُدمَّر بابل العظيمة، لن يسمح يهوه في ما بعد بأن تنتقص تلك المنافِسة الوقحة من الطاعة له بصفته المتسلط الكوني. ولن يحرِّض الدين الباطل حكام الارض في ما بعد على مقاومته. وعندما سقطت بابل القديمة عن السيادة العالمية سمعت صهيون الاعلان الظافر: «قد ملك إلهكِ!». (اشعيا ٥٢:٧) وبعد ولادة الملكوت في السنة ١٩١٤، اعلن الاربعة والعشرون شيخا: «نشكرك، يا يهوه اللّٰه . . . لأنك اخذت قدرتك العظيمة وابتدأت تملك». (رؤيا ١١:١٧) والآن، بعد خراب بابل العظيمة، يجري التلفظ بالصرخة ثانية: «يهوه . . . قد ابتدأ يملك». فلا إله بشري الصنع يبقى ليتحدّى سلطان الاله الحقيقي، يهوه!
عرس الحمل قريب!
١١، ١٢ (أ) كيف خاطبت اورشليم القديمة بابل القديمة، راسمة اي نموذج في ما يتعلق باورشليم الجديدة وبابل العظيمة؟ (ب) بالانتصار على بابل العظيمة، ماذا ترنِّم وتعلن الحشود السماوية؟
١١ «يا عدوَّتي»! هكذا خاطبت اورشليم، موقع هيكل يهوه للعبادة، بابل الصنمية. (ميخا ٧:٨) وبشكل مشابه، لدى «المدينة المقدسة، اورشليم الجديدة»، المؤلَّفة من عروس من ٠٠٠,١٤٤ عضو، كل سبب لتخاطب بابل العظيمة كعدوَّة لها. (رؤيا ٢١:٢) ولكن اخيرا تعاني العاهرة العظيمة مصيبة، بلية، وهلاكا. وممارساتها الارواحية ومنجِّموها لا يقدرون ان ينقذوها. (قارنوا اشعيا ٤٧:١، ١١-١٣.) فعلا، انه انتصار كبير للعبادة الحقة!
١٢ واذ تولّي العاهرة المثيرة للاشمئزاز، بابل العظيمة، الى الابد، يمكن ان يتركَّز الانتباه الآن على عروس الحمل العذراء النقية! ولذلك ترنِّم الحشود السماوية بابتهاج تسبيحا ليهوه: «فلنفرح ونتهلل، ولنعطه المجد، لأن عرس الحمل قد جاء وعروسه قد هيأت نفسها. وأُعطيَت ان تتسربل بكتان جيد متألق نقي، لأن الكتان الجيد يمثِّل اعمال القديسين البارة». — رؤيا ١٩:٧، ٨.
١٣ اي إعداد لعرس الحمل حدث على مرّ القرون؟
١٣ على مرّ القرون، صنع يسوع إعدادا حبيا لعرسه السماوي هذا. (متى ٢٨:٢٠؛ ٢ كورنثوس ١١:٢) فقد كان يطهِّر الـ ٠٠٠,١٤٤ لاسرائيل الروحي «لكي يحضرها لنفسه جماعة بهية، لا وصمة فيها ولا غضن او شيء مثل ذلك، بل لتكون مقدسة وبلا شائبة». (افسس ٥:٢٥-٢٧) وبهدف الحصول على «جائزة دعوة اللّٰه العليا» يجب على كل مسيحي ممسوح ان يخلع الشخصية القديمة مع ممارساتها، يلبس الشخصية المسيحية الجديدة، وينجز اعمالا بارة «من كل النفس كما ليهوه». — فيلبي ٣:٨، ١٣، ١٤؛ كولوسي ٣:٩، ١٠، ٢٣.
١٤ كيف حاول الشيطان ان يفسد الاعضاء المقبلين لعروس الحمل؟
١٤ من يوم الخمسين سنة ٣٣ بم فصاعدا، استخدم الشيطان بابل العظيمة كأداة له في محاولة لافساد الاعضاء المقبلين لعروس الحمل. وبحلول نهاية القرن الاول كان قد زرع بزور الدين البابلي في الجماعة. (١ كورنثوس ١٥:١٢؛ ٢ تيموثاوس ٢:١٨؛ رؤيا ٢:٦، ١٤، ٢٠) ويصف الرسول بولس اولئك الذين يقلبون الايمان بهذه الكلمات: «فأمثال هؤلاء رسل دجالون، عاملون خداعون، يغيرون شكلهم الى رسل للمسيح. ولا عجب، فالشيطان نفسه يغير شكله الى ملاك نور». (٢ كورنثوس ١١:١٣، ١٤) وفي القرون التالية، لبس العالم المسيحي المرتدّ، كباقي بابل العظيمة، ثياب الثراء والامتياز، ‹ارجوانا وقرمزا وذهبا وحجرا كريما ولآلئ›. (رؤيا ١٧:٤) ورجال دينه وبابواته اتفقوا مع الاباطرة المتعطشين الى الدم، مثل قسطنطين وشارلمان. فهو لم يتسربل قط بـ «اعمال القديسين البارة». وبصفته عروسا مزيَّفة، كان حقا تحفة خداع شيطاني. واخيرا، يولّي الى الابد!
عروس الحمل هيأت نفسها
١٥ كيف يحدث الختم، وما هو المطلوب من المسيحي الممسوح؟
١٥ ولذلك الآن، بعد ٠٠٠,٢ سنة تقريبا، جهَّز كلُّ الـ ٠٠٠,١٤٤ من صف العروس انفسهم. ولكن، عند اية مرحلة من الوقت يمكن القول ان ‹عروس الحمل هيأت نفسها›؟ على نحو تدريجي، من يوم الخمسين سنة ٣٣ بم فصاعدا، «خُتم [الممسوحون المؤمنون] بالروح القدس الموعود به». وذلك نظرا الى «يوم الفداء» الآتي. وكما عبَّر الرسول بولس عن ذلك، اللّٰه «ايضا وضع ختمه علينا وأعطانا عربون ما سيأتي، اي الروح، في قلوبنا». (افسس ١:١٣؛ ٤:٣٠؛ ٢ كورنثوس ١:٢٢) فكل مسيحي ممسوح هو ‹مدعوّ ومختار›، وقد اثبت انه ‹امين›. — رؤيا ١٧:١٤.
١٦ (أ) متى اكتمل ختم الرسول بولس، وكيف نعرف ذلك؟ (ب) متى تكون عروس الحمل قد «هيأت نفسها» كاملا؟
١٦ بعد عقود من الامتحان، كان ممكنا لبولس ان يعلن: «جاهدت الجهاد الحسن، انهيت الشوط، حفظت الايمان. ومنذ الآن محفوظ لي تاج البر، الذي يكافئني به في ذلك اليوم الرب، الديَّان البار، لا اياي فقط، بل جميع الذين يشتاقون الى استعلانه ايضا». (٢ تيموثاوس ٤:٧، ٨) يظهر ان ختم الرسول قد اكتمل، على الرغم من انه كان لا يزال في الجسد وكان سيواجه الاستشهاد. وعلى نحو مماثل، يجب ان يأتي الوقت حين يكون جميع الباقين على الارض من الـ ٠٠٠,١٤٤ قد خُتموا افراديا بصفتهم ليهوه. (٢ تيموثاوس ٢:١٩) وسيكون ذلك عندما تكون عروس الحمل قد هيأت نفسها كاملا — اذ تكون الغالبية العظمى من الـ ٠٠٠,١٤٤ قد نالت مكافأتها السماوية ويكون اولئك الذين لا يزالون على الارض قد قُبلوا وخُتموا بصورة نهائية كامناء.
١٧ متى يمكن لعرس الحمل ان يحدث؟
١٧ عند هذه المرحلة من جدول وقت يهوه، اذ يكتمل ختم الـ ٠٠٠,١٤٤، يطلق الملائكة اربع رياح الضيق العظيم. (رؤيا ٧:١-٣) فتنفَّذ الدينونة اولا في بابل العظيمة المشبَّهة بعاهرة. ثم ينتقل المسيح الظافر بسرعة الى هرمجدون ليدمر باقي هيئة الشيطان على الارض وأخيرا ليسجن الشيطان وأبالسته في المهواة. (رؤيا ١٩:١١–٢٠:٣) وإذا كان بعض الممسوحين لا يزالون احياء على الارض، فلا شك انهم سيدخلون الى مكافأتهم السماوية بُعيد إتمام المسيح غلبته وسينضمون الى رفقائهم اعضاء صف العروس. وحينئذ، في وقت اللّٰه المعيّن، يمكن لعرس الحمل ان يحدث!
١٨ كيف يؤكد المزمور ٤٥ تتابع الحوادث في ما يتعلق بعرس الحمل؟
١٨ تصف الرواية النبوية للمزمور ٤٥ ترتيب الحوادث. فالملك المتوَّج اولا يركب ليغلب اعداءه. (الاعداد ١-٧) ثم يجري العرس، والعروس السماوية تلازمها على الارض صاحباتها العذارى، الجمع الكثير. (الاعداد ٨-١٥) وبعد ذلك يصير العرس مثمرا، اذ يُرفع الجنس البشري المقام الى الكمال تحت اشراف «رؤساء في كل الارض». (العددان ١٦، ١٧) فيا للبركات المجيدة التي ترافق عرس الحمل!
سعداء هم المدعوون
١٩ ماذا يذكر يوحنا في المرة الرابعة التي يتحدث فيها عمن ينعمون بالسعادة، ومَن يشتركون في هذه السعادة الخصوصية؟
١٩ يتحدث يوحنا للمرة الرابعة الآن في سفر الرؤيا عمّن ينعمون بالسعادة فيقول: «وقال الملاك لي: ‹اكتب: سعداء هم المدعوون الى عشاء عرس الحمل›. وقال لي ايضا: ‹هذه هي اقوال اللّٰه الحقة›». (رؤيا ١٩:٩ ) e ان هؤلاء المدعوين الى «عشاء عرس الحمل» هم اعضاء صف العروس. (قارنوا متى ٢٢:١-١٤.) وكل جماعة العروس الممسوحة تشترك في سعادة تسلُّم هذه الدعوة. ومعظم المدعوين قد ذهبوا الآن الى السماء، مكان عشاء العرس. واولئك الذين لا يزالون على الارض هم سعداء ايضا بأن يملكوا الدعوة. ومكانهم في عشاء العرس مضمون. (يوحنا ١٤:١-٣؛ ١ بطرس ١:٣-٩) وعندما يقامون الى السماء، عندئذ ستشرع العروس المتحدة بكاملها في الاشتراك مع الحمل في هذا العرس السعيد على نحو فائق.
٢٠ (أ) ما هو فحوى الكلمات: «هذه هي اقوال اللّٰه الحقة»؟ (ب) كيف تأثر يوحنا بكلمات الملاك، وماذا كان تجاوب الملاك؟
٢٠ يضيف الملاك ان «هذه هي اقوال اللّٰه الحقة». وهذه الكلمة «حقة» هي ترجمة لـ أليثِنُس اليونانية وتعني «اصيل» او «يمكن الاعتماد عليه». وبما ان هذه الاقوال هي حقا من يهوه، فهي امينة وموثوق بها. (قارنوا ١ يوحنا ٤:١-٣؛ رؤيا ٢١:٥؛ ٢٢:٦.) وكأحد المدعوين الى وليمة العرس هذه، لا بد ان يوحنا امتلأ فرحا عند سماعه ذلك وعند تأمله في البركات امام صف العروس. وفي الواقع، تأثر بعمق حتى ان الملاك كان عليه ان يقدِّم له مشورة، كما يروي يوحنا: «فخررت امام قدميه لأعبده. ولكنه قال لي: ‹اياك ان تفعل ذلك! لست سوى عبد رفيق لك ولإخوتك الذين عندهم عمل الشهادة ليسوع. اعبد اللّٰه›». — رؤيا ١٩:١٠ أ.
٢١ (أ) ماذا يكشف عنه سفر الرؤيا بالنسبة الى الملائكة؟ (ب) اي موقف يجب ان يكون لدى المسيحيين ازاء الملائكة؟
٢١ في كل سفر الرؤيا تُقدَّم شهادة رائعة لأمانة واجتهاد الملائكة. فهم مشمولون في قناة الحق المُعلَن. (رؤيا ١:١) وهم يعملون مع البشر في الكرازة بالبشارة وسكب الضربات الرمزية. (رؤيا ١٤:٦، ٧؛ ١٦:١) وقد حاربوا الى جانب يسوع لطرد الشيطان وملائكته من السماء، وسيحاربون الى جانبه مرة اخرى في هرمجدون. (رؤيا ١٢:٧؛ ١٩:١١-١٤) وفي الواقع، لديهم حرية الاقتراب الى شخص يهوه نفسه. (متى ١٨:١٠؛ رؤيا ١٥:٦) غير انهم ليسوا اكثر من عبيد متواضعين للّٰه. فليس هنالك في العبادة النقية مكان لعبادة الملائكة او حتى العبادة النسبية، توجيه العبادة الى اللّٰه عن طريق «قديس» او ملاك. (كولوسي ٢:١٨) والمسيحيون يعبدون يهوه فقط، اذ يقدِّمون طلباتهم اليه باسم يسوع. — يوحنا ١٤:١٢، ١٣.
دور يسوع في النبوة
٢٢ ماذا يقول الملاك ليوحنا، وماذا تعني الكلمات؟
٢٢ يقول الملاك بعد ذلك: «فإن الشهادة ليسوع هي هدف النبوات». (رؤيا ١٩:١٠ ب ) وكيف ذلك؟ يعني هذا ان كل النبوة الموحى بها تُستحضَر بسبب يسوع والدور الذي يلعبه في مقاصد يهوه. فالنبوة الاولى في الكتاب المقدس وعدت بمجيء نسل. (تكوين ٣:١٥) ويسوع صار هذا النسل. والكشوف المتتابعة بنت صرحا كبيرا من الحق النبوي على هذا الوعد الاساسي. قال الرسول بطرس لكرنيليوس الاممي المؤمن: «له [يسوع] يشهد جميع الانبياء». (اعمال ١٠:٤٣) وبعد نحو ٢٠ سنة، قال الرسول بولس: «فوعود اللّٰه، مهما كان عددها، صارت نعم بواسطته [يسوع]». (٢ كورنثوس ١:٢٠) وبعد ٤٣ سنة اخرى، يذكِّرنا يوحنا نفسه: ‹صار الحق بيسوع المسيح›. — يوحنا ١:١٧.
٢٣ لماذا مركز وسلطة يسوع الرفيعان لا ينتقصان من العبادة التي نقدِّمها ليهوه؟
٢٣ وهل ينتقص ذلك بطريقة ما من العبادة التي نقدِّمها ليهوه؟ كلا. تذكَّروا نصيحة الملاك التحذيرية: «اعبد اللّٰه». فيسوع لا يحاول ابدا ان ينافس يهوه. (فيلبي ٢:٦) صحيح ان كل الملائكة يؤمَرون بأن ‹يسجدوا ليسوع›، وأن كل الخليقة يجب ان تعترف بمركزه الرفيع لكي «تنحني باسم يسوع كل ركبة». ولكن لاحظوا ان ذلك هو «لمجد اللّٰه الآب» وبأمر منه. (عبرانيين ١:٦؛ فيلبي ٢:٩-١١) فيهوه اعطى يسوع سلطته الرفيعة، وبالاعتراف بهذه السلطة، نعطي اللّٰه مجدا. واذا رفضنا الاذعان لحكم يسوع، يكون ذلك مساويا لرفض يهوه اللّٰه نفسه. — مزمور ٢:١١، ١٢.
٢٤ اي حادثين مذهلين نتأمل فيهما، ولذلك اية كلمات يجب ان نتلفظ بها؟
٢٤ فلنتلفظ، اذًا، باتحاد بالكلمات الافتتاحية للمزامير ١٤٦ الى ١٥٠: «سبِّحوا ياه!». وليدوِّ قرار هلِّلويا توقُّعا لانتصار يهوه على الامبراطورية العالمية البابلية للدين الباطل! وليكثر الفرح فيما يقترب عرس الحمل!
[الحواشي]
a انظروا حاشية رؤيا ١٩:١.
b انظروا حاشية رؤيا ١٩:١.
c انظروا حاشية رؤيا ١٩:١.
d انظروا حاشية رؤيا ١٩:١.
e انظروا ايضا رؤيا ١:٣؛ ١٤:١٣؛ ١٦:١٥.
[الاطار في الصفحة ٢٧٣]
«رسالة الى سدوم وعمورة»
تحت هذا العنوان البارز، اخبرت دايلي تلڠراف اللندنية عدد ١٢ تشرين الثاني ١٩٨٧ عن اقتراح امام السِّنودُس العام لكنيسة انكلترا. ودعا ذلك الى طرد «المسيحيين» مضاجعي النظير من الكنيسة. ذكر ڠودفري باركر، محرر عمود: «عبَّر رئيس اساقفة كانتربري عن رأيه امس على نحو كئيب: ‹اذا كان القديس بولس سيكتب رسالة الى كنيسة انكلترا، فقد نسأل ايّ نوع من الرسائل يمكن ان تكون›». وعلَّق السيد باركر نفسه: «رسالة الى سدوم وعمورة هو الجواب»، وأضاف: «الدكتور رَنسي [رئيس الاساقفة] تخيَّل انها تقول كما في رومية، الاصحاح ١ ».
واقتبس الكاتب كلمات بولس في رومية ١:٢٤-٣٢: «اسلمهم اللّٰه ايضا في شهوات قلوبهم الى النجاسة. . . . ذكورا بذكور . . . الذين اذ عرفوا حكم اللّٰه أن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت لا يفعلونها فقط بل ايضا يسرُّون بالذين يعملون». واستنتج: «كان القديس بولس قلقا فقط ازاء الناس على مقاعد الكنيسة. ومشكلة الدكتور رَنسي هي الناس على منابر الوعظ».
ولماذا لدى رئيس الاساقفة مشكلة كهذه؟ اعلنت عناوين رئيسية في الدايلي مايل اللندنية عدد ٢٢ تشرين الاول ١٩٨٧: «‹كاهن واحد من كل ثلاثة هو مضاجع نظير› . . . الحملة لطرد مضاجعي النظير ‹تغلق كنيسة انكلترا›». واقتبست التقارير من الامين العام «الموقَّر» لـ «الحركة المسيحية للمساحقات واللواطيين» قوله: «اذا قُبل هذا الاقتراح يحطِّم ذلك الكنيسة، ورئيس اساقفة كانتربري يعلم ذلك. وكرقم عام، نعتقد ان بين ٣٠ و ٤٠ في المئة من رجال دين كنيسة انكلترا هم لواطيون. وهم الناس الاكثر نشاطا الذين يساهمون في خدمة الكنيسة». والأعداد المتضائلة لروّاد الكنيسة دون شك هي جزئيا انعكاس للاشمئزاز من خدمة مضاجعي النظير الناشئة.
وماذا قرر سنودُس الكنيسة؟ الغالبية الساحقة لـ ٣٨٨ عضوا (٩٥ في المئة من رجال الدين) صوَّتوا لمصلحة اقتراح ملطَّف. وعن ذلك، اخبرت ذي ايكونوميست عدد ١٤ تشرين الثاني ١٩٨٧: «كنيسة انكلترا هي ضد ممارسات مضاجعة النظير، ولكن ليس كثيرا جدا. والسِّنودُس العام، برلمان الكنيسة، اذ فكَّر في رجال الدين المضاجعي النظير، قرر هذا الاسبوع ان اعمال مضاجعة النظير، بخلاف العهارة والزنى، ليست خطية: انها مجرد ‹تقصير عن المثالية› بأن ‹الاتصال الجنسي هو عمل التزام كلي ينتمي على نحو ملائم الى علاقة زواج دائمة›». واذ قابلت الموقف العقلي لرئيس اساقفة كانتربري بتصريح الرسول بولس الصريح في رومية ١:٢٦، ٢٧، عرضت ذي ايكونوميست اقتباسا من كلمات بولس فوق التعليق «القديس بولس كان يعرف ماذا يفكِّر».
ويسوع المسيح ايضا كان يعرف ماذا يفكِّر وقد ذكر ذلك بتعابير جليّة. فقال ان «الامر يكون اخف وطأة على ارض سدوم في يوم الدينونة» مما للدينيين الذين يزدرون برسالته. (متى ١١:٢٣، ٢٤) وكان يسوع هنا يستعمل الغلوّ ليظهر ان اولئك القادة الدينيين الذين رفضوا ابن اللّٰه وتعليمه كانوا ايضا يستحقون التأديب اكثر من السدوميين. ويهوذا ٧ تذكر ان اولئك السدوميين كابدوا «دينونة نار ابدية»، مما يعني الدمار الابدي. (متى ٢٥:٤١، ٤٦) اذًا، كم ستكون قاسية دينونة مَن يُسمَّون بالقادة المسيحيين الذين يبعدون على نحو اعمى رعاياهم الذين جرى اعماؤهم عن مقاييس ملكوت اللّٰه الادبية السامية الى طرق هذا العالم الاباحية الفاسقة! (متى ١٥:١٤) وفي ما يتعلق بالدين الباطل، بابل العظيمة، يدعو الصوت من السماء بإلحاح: «اخرجوا منها، يا شعبي، لئلا تشتركوا معها في خطاياها، ولئلا تنالوا من ضرباتها». — رؤيا ١٨:٢، ٤.
[الصور في الصفحة ٢٧٥]
السماء تدوِّي بعبارة هلِّلويا اربع مرات، مسبِّحة ياه لاجل نصره الاخير على بابل العظيمة
-
-
المحارب الملك ينتصر في هرمجدونالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٣٩
المحارب الملك ينتصر في هرمجدون
الرؤيا ١٣ — رؤيا ١٩:١١-٢١
الموضوع: يسوع يقود جيوش السماء لتدمير نظام اشياء الشيطان
وقت الاتمام: بعد دمار بابل العظيمة
١ ما هي هرمجدون، وماذا يؤدي اليها؟
هرمجدون — كلمة مخيفة لكثيرين! ولكنها بالنسبة الى محبّي البر تدل على اليوم المنتظَر لزمن طويل حين ينفِّذ يهوه الدينونة الاخيرة في الامم. انها ليست حرب الانسان بل «حرب اليوم العظيم، يوم اللّٰه القادر على كل شيء» — يوم انتقامه من حكام الارض. (رؤيا ١٦:١٤، ١٦؛ حزقيال ٢٥:١٧) وبتخريب بابل العظيمة، سيكون الضيق العظيم قد ابتدأ. ثم، اذ يحرِّضهم الشيطان، سيركِّز الوحش القرمزي اللون وقرونه العشرة هجومهم على شعب يهوه. وابليس، اذ يكون ساخطا اكثر من ايّ وقت مضى على هيئة اللّٰه المشبَّهة بامرأة، يصمِّم على استخدام ادواته في شنّ حرب حتى النهاية على باقي نسلها. (رؤيا ١٢:١٧) فهذه هي فرصة الشيطان الاخيرة!
٢ مَن هو جوج الماجوجي، وكيف يحرِّكه يهوه ليهاجم شعبه الخاص؟
٢ ان هجوم ابليس القاسي يوصف على نحو حيوي في حزقيال الاصحاح ٣٨. هنا يدعى الشيطان المنحط ‹جوجا، من ارض ماجوج›. ويجعل يهوه كلاليب مجازية في فكَّي جوج، جارّا اياه وجيشه الكثير الى الهجوم. وكيف يفعل ذلك؟ بجعله جوجا يرى شهوده شعبا بلا دفاع ‹مجموعا من الامم، جامعا ثروة وأملاكا وساكنا في وسط الارض›. فهؤلاء يشغلون مكانا مركزيا على الارض بصفتهم الشعب الوحيد الذي يرفض عبادة الوحش وصورته. وقوتهم وازدهارهم الروحيان يُحنِقان جوجا. ولذلك يندفع جوج وجيشه الكثير، بمن فيهم الوحش الصاعد من البحر بقرونه العشرة، للقتل. ولكن، بخلاف بابل العظيمة، يتمتع شعب اللّٰه الطاهر بالحماية الالهية! — حزقيال ٣٨:١، ٢، ٤، ١١، ١٢، ١٥؛ رؤيا ١٣:١.
٣ كيف يتخلَّص يهوه من جيش جوج؟
٣ وكيف يتخلَّص يهوه من جوج وكل جمهوره؟ أَصغوا! «‹أستدعي السيف عليه في كل جبالي›، يقول السيد الرب يهوه. ‹فيكون سيف كل واحد على اخيه›». ولكن لا الاسلحة النووية ولا التقليدية ستنفع في ذلك النزاع، لأن يهوه يعلن: «احاكمه بالوبإ وبالدم، وأُمطر عليه وعلى فِرق جيشه وعلى الشعوب الكثيرة الذين معه وابلا من المطر الغامر وحجارة برد ونارا وكبريتا. فأتعظم وأتقدس وأُعرف امام عيون امم كثيرة، فيعلمون اني انا يهوه». — حزقيال ٣٨:٢١-٢٣؛ ٣٩:١١؛ قارنوا يشوع ١٠:٨-١٤؛ قضاة ٧:١٩-٢٢؛ ٢ أخبار الايام ٢٠:١٥، ٢٢-٢٤؛ ايوب ٣٨:٢٢، ٢٣.
المدعوّ «الامين والحق»
٤ كيف يصف يوحنا يسوع المسيح في ثوب القتال؟
٤ يستدعي يهوه السيف. ومَن ذا الذي يحسن استخدام هذا السيف؟ اذ نعود الى سفر الرؤيا، نجد الجواب في رؤيا مثيرة اخرى. فأمام عيني يوحنا تنفتح السموات لتظهر شيئا يوحي حقا بالرهبة — يسوع المسيح نفسه في ثوب القتال! يخبرنا يوحنا: «ورأيت السماء مفتوحة، وإذا فرس ابيض. والجالس عليه يدعى الامين والحق، وبالبر يدين ويخوض حربا. عيناه لهب نار، وعلى رأسه اكاليل كثيرة». — رؤيا ١٩:١١، ١٢ أ.
٥، ٦ على ماذا يدل (أ) ‹الفرس الابيض›؟ (ب) الاسم «الامين والحق»؟ (ج) عينان مثل «لهب نار»؟ (د) «اكاليل كثيرة»؟
٥ كما في الرؤيا الابكر للفرسان الاربعة، يكون هذا ‹الفرس الابيض› رمزا ملائما الى الحرب البارة. (رؤيا ٦:٢) ومَن من بني اللّٰه يمكن ان يكون اكثر برا من هذا المحارب الجبار؟ واذ «يدعى الامين والحق»، لا بد ان يكون «الشاهد الامين والحق»، يسوع المسيح. (رؤيا ٣:١٤) وهو يخوض الحرب لكي ينفِّذ احكام يهوه البارة. وهكذا يقوم بواجبه بصفته الديَّان المعيَّن من يهوه، و‹الاله القدير›. (اشعيا ٩:٦) وعيناه توحيان بالخوف مثل «لهب نار»، اذ تتطلعان الى دمار خصومه الناري الآتي.
٦ تتوِّج الاكاليل رأس هذا المحارب الملك. والوحش الذي رآه يوحنا صاعدا من البحر كانت له عشرة اكاليل، مما يمثِّل حكمه الموقَّت للمشهد الارضي. (رؤيا ١٣:١) ولكنَّ يسوع له «اكاليل كثيرة». فحكمه المجيد لا مثيل له، اذ انه «ملك السائدين كملوك ورب السائدين كأرباب». — ١ تيموثاوس ٦:١٥.
٧ ما هو الاسم المكتوب الذي ليسوع؟
٧ يستمر وصف يوحنا: «وله اسم مكتوب لا يعرفه احد إلا هو». (رؤيا ١٩:١٢ ب ) يتحدث الكتاب المقدس سابقا عن ابن اللّٰه بأسماء مثل يسوع، عمانوئيل، وميخائيل. ولكنَّ هذا ‹الاسم› غير المذكور يَظهر انه يمثِّل المركز والامتيازات التي يتمتع بها يسوع في خلال يوم الرب. (قارنوا رؤيا ٢:١٧.) واشعيا، اذ يصف يسوع منذ السنة ١٩١٤، يقول: «يدعى اسمه مشيرا عجيبا، إلها قديرا، ابا ابديا، رئيس السلام». (اشعيا ٩:٦) والرسول بولس قرن اسم يسوع بامتيازاته الرفيعة للخدمة عندما كتب: ‹رفَّع اللّٰه [يسوع] الى مركز اعلى وأنعم عليه بالاسم الذي يعلو كل اسم آخر، لكي تنحني باسم يسوع كل ركبة›. — فيلبي ٢:٩، ١٠.
٨ لماذا يسوع فقط يمكن ان يعرف الاسم المكتوب، ومع مَن يشترك في بعض امتيازاته السامية؟
٨ وامتيازات يسوع فريدة. وباستثناء يهوه نفسه، يسوع فقط يمكن ان يفهم ما يعنيه ان يشغل المرء مركزا رفيعا كهذا. (قارنوا متى ١١:٢٧.) ولذلك، بين جميع مخلوقات اللّٰه، يسوع فقط يمكن ان يقدِّر كاملا هذا الاسم. غير ان يسوع يشمل عروسه ببعض هذه الامتيازات. ولذلك يصنع هذا الوعد: ‹مَن يغلب فسأكتب عليه اسمي الجديد›. — رؤيا ٣:١٢.
٩ الى ماذا يشير (أ) كون يسوع ‹متسربلا برداء مرشوش بدم›؟ (ب) كون يسوع يدعى «كلمة اللّٰه»؟
٩ يضيف يوحنا: «وهو متسربل برداء مرشوش بدم، ويدعى اسمه كلمة اللّٰه». (رؤيا ١٩:١٣ ) «دم» مَن هذا؟ يمكن ان يكون دم حياة يسوع، المسفوك في سبيل الجنس البشري. (رؤيا ١:٥) ولكنه، في هذه القرينة، يشير على الارجح الى دم اعدائه الذي يُراق عندما تُنفَّذ احكام يهوه فيهم. ويجري تذكيرنا بالرؤيا الابكر التي فيها تُحصد كرمة الارض وتداس في معصرة خمر غضب اللّٰه العظيمة حتى يبلغ الدم «علوّ لُجُم الخيل» — مما يدل على نصر عظيم على اعداء اللّٰه. (رؤيا ١٤:١٨-٢٠) وبشكل مشابه، يؤكد الدم المرشوش على رداء يسوع ان نصره حاسم وتام. (قارنوا اشعيا ٦٣:١-٦.) والآن يتحدث يوحنا مرة اخرى عن كون يسوع مدعوّا باسم. وهو في هذه المرة اسم معروف على نحو واسع — «كلمة اللّٰه» — محدِّدا هوية هذا المحارب الملك بصفته الناطق الرئيسي بلسان يهوه والمدافع عن الحق. — يوحنا ١:١؛ رؤيا ١:١.
رفقاء يسوع المحاربون
١٠، ١١ (أ) كيف يظهر يوحنا ان يسوع ليس وحده في القتال؟ (ب) ماذا يدل عليه واقع ان الخيل بيض وأن الفرسان لابسون «كتانا جيدا ابيض نقيا»؟ (ج) مَن يشكِّلون «الجيوش» السماوية؟
١٠ ليس يسوع وحده في خوض هذا القتال. يخبرنا يوحنا: «وكانت الجيوش التي في السماء تتبعه على خيل بيض، لابسين كتانا جيدا ابيض نقيا». (رؤيا ١٩:١٤ ) وواقع ان الخيل «بيض» يدل على حرب بارة. و ‹الكتان الجيد› ملائم لفرسان الملك، وبياضه النقي المتلألئ يشير الى موقف بار وطاهر امام يهوه. اذًا، مَن يشكِّلون هذه «الجيوش»؟ لا شك انهم يشملون الملائكة القدوسين. وكان في وقت باكر من يوم الرب ان ميخائيل وملائكته طرحوا الشيطان وأبالسته من السماء. (رؤيا ١٢:٧-٩) واكثر من ذلك فان «جميع الملائكة» سيخدمون يسوع فيما يجلس على عرشه المجيد ويبتدئ يدين الامم والشعوب على الارض. (متى ٢٥:٣١، ٣٢) وبالتاكيد، في الحرب الحاسمة، عندما تُنفَّذ احكام يهوه حتى نهايتها، سيرافق يسوعَ ملائكتُه مرة اخرى.
١١ وآخرون ايضا سيكونون مشمولين. فعند ارسال رسالته الى الجماعة في ثياتيرا، وعد يسوع: «ومن يغلب ويحفظ اعمالي حتى النهاية فسأعطيه سلطة على الامم كما نلت انا من ابي، فيرعاهم بعصا من حديد فيتكسرون كآنية خزفية». (رؤيا ٢:٢٦، ٢٧) وعندما يأتي الوقت، لا شك ان الافراد من اخوة المسيح الموجودين الآن في السماء سيشتركون في ان يرعوا الشعوب والامم بتلك العصا من حديد.
١٢ (أ) هل سيشترك خدام اللّٰه على الارض في القتال في هرمجدون؟ (ب) كيف يكون شعب يهوه على الارض مشمولين في هرمجدون؟
١٢ ولكن، ماذا عن خدام اللّٰه هنا على الارض؟ لن يكون لصف يوحنا دور فعَّال في القتال في هرمجدون؛ ولا لرفقائه الاولياء، اولئك الناس من كل الامم الذين يجرون الى بيت يهوه الروحي للعبادة. فهؤلاء الناس المسالمون قد طبعوا سيوفهم سككا. (اشعيا ٢:٢-٤) ومع ذلك، هم مشمولون الى حد بعيد! وكما لاحظنا سابقا، ان شعب يهوه العديم الدفاع حسب الظاهر هو مَن يهاجمه جوج وكل جمهوره بوحشية. هذه هي العلامة للمحارب الملك الذي ليهوه، الذي تدعمه الجيوش التي في السماء، ليبتدئ بخوض حرب تؤدي الى فناء تلك الامم. (حزقيال ٣٩:٦، ٧، ١١؛ قارنوا دانيال ١١:٤٤–١٢:١.) وكمتفرجين، سيكون شعب اللّٰه على الارض مهتمين كثيرا. فهرمجدون ستعني خلاصهم، وسيحيون الى الابد كشهود عيان لحرب يهوه العظيمة للتبرئة.
١٣ كيف نعرف ان شهود يهوه ليسوا ضد كل حكومة؟
١٣ هل يعني ذلك ان شهود يهوه هم ضد كل حكومة؟ كلا على الاطلاق! فهم يطيعون مشورة الرسول بولس: «لتخضع كل نفس للسلطات الفائقة». وهم يدركون انه ما دام النظام الحاضر باقيا، فإن هذه «السلطات الفائقة» توجد بسماح من اللّٰه للمحافظة على مقدار من النظام في المجتمع البشري. وهكذا يدفع شهود يهوه ضرائبهم، يطيعون القوانين، يحترمون قوانين السير المحلية، يذعنون لاجراءات التسجيل، وهلمّ جرّا. (روما ١٣:١، ٦، ٧) واكثر من ذلك، يتبعون مبادئ الكتاب المقدس بالكينونة صادقين ومستقيمين؛ بإظهار المحبة للقريب؛ ببناء وحدة عائلية ادبية قوية؛ وبتدريب اولادهم ليكونوا مواطنين مثاليين. وبهذه الطريقة يوفون «ما لقيصر لقيصر، وما للّٰه للّٰه». (لوقا ٢٠:٢٥؛ ١ بطرس ٢:١٣-١٧) وبما ان كلمة اللّٰه تظهر ان الدول الحكومية لهذا العالم وقتية، يتهيأ شهود يهوه الآن للحياة الاكمل، الحياة الحقيقية، التي سيجري التمتع بها قريبا في ظل حكم ملكوت المسيح. (١ تيموثاوس ٦:١٧-١٩) ومع انهم لن يشتركوا في قلب دول هذا العالم، يختبر الشهود رهبة توقيرية لما تقوله كلمة اللّٰه الملهمة، الكتاب المقدس، في ما يتعلق بالدينونة التي يوشك يهوه ان ينفِّذها في هرمجدون. — اشعيا ٢٦:٢٠، ٢١؛ عبرانيين ١٢:٢٨، ٢٩.
الى القتال الاخير!
١٤ الى ماذا يرمز ‹السيف الطويل الماضي› الخارج من فم يسوع؟
١٤ وبأيّ سلطة يُتِم يسوع غلبته؟ يعلِمنا يوحنا: «ومن فمه يخرج سيف طويل ماضٍ، لكي يضرب به الامم، وهو سيرعاهم بعصا من حديد». (رؤيا ١٩:١٥ أ ) ان هذا ‹السيف الطويل الماضي› يمثِّل سلطة يسوع المعطاة من اللّٰه لاصدار الاوامر لتنفيذ الحكم في جميع الذين يرفضون ان يدعموا ملكوت اللّٰه. (رؤيا ١:١٦؛ ٢:١٦) وهذا الرمز الحي يناظر كلمات اشعيا: «جعل [يهوه] فمي كسيف ماضٍ، وفي ظل يده خبأني. جعلني سهما مسنونا». (اشعيا ٤٩:٢) هنا رمز اشعيا الى يسوع، الذي ينادي بأحكام اللّٰه وينفِّذها، كما بسهم لا يخطئ.
١٥ عند هذه المرحلة من الوقت، مَن سيكون قد شُهِّر وأُدين بغية وسم بداية ماذا؟
١٥ عند هذه المرحلة من الوقت، سيكون يسوع قد عمل اتماما لكلمات بولس: «وعندئذ يُكشَف المتعدي على الشريعة، الذي يقضي عليه الرب يسوع بروح فمه ويبيده باستعلان حضوره». نعم، لقد أُثبت حضور (باليونانية، پارُوْسيا ) يسوع من السنة ١٩١٤ فصاعدا بتشهير وادانة انسان التعدي على الشريعة، رجال دين العالم المسيحي. وهذا الحضور سيُظهَر على نحو مؤثِّر عندما تنفِّذ القرون العشرة للوحش القرمزي اللون هذه الدينونة وتخرِّب العالم المسيحي، الى جانب باقي بابل العظيمة. (٢ تسالونيكي ٢:١-٣، ٨) تلك ستكون بداية الضيق العظيم! وبعد ذلك يحوِّل يسوع انتباهه الى ما يبقى من هيئة الشيطان، انسجاما مع النبوة: «يضرب الارض بعصا فمه، ويميت الشرير بروح شفتيه». — اشعيا ١١:٤.
١٦ كيف تصف المزامير وارميا دور المحارب الملك المعيَّن من يهوه؟
١٦ ان المحارب الملك، بصفته المعيَّن من يهوه، سيميِّز بين اولئك الذين سينجون واولئك الذين سيموتون. ويهوه، اذ يتحدث نبويا الى ابن اللّٰه هذا، يقول: «تكسرهم [حكام الارض] بصولجان من حديد، كإناء خزاف تحطمهم». ويخاطب ارميا مثل هؤلاء القادة الحكوميين الفاسدين وأتباعهم، قائلا: «ولولوا ايها الرعاة، واصرخوا! وتمرغوا يا وجهاء القطيع؛ لأن ايامكم قد تمت للذبح وللتبديد، فتسقطون كإناء نفيس!». فمهما بدا هؤلاء الحكام كشيء نفيس للعالم الشرير، فإن ضربة واحدة من صولجان الملك الحديدي ستقضي عليهم، كما لو انها تهشِّم اناء جذابا. وسيكون ذلك كما تنبَّأ داود عن الرب يسوع: «يرسل يهوه عصا قوتك من صهيون، ويقول: ‹تسلط في وسط اعدائك›. يهوه عن يمينك يحطم ملوكا في يوم غضبه. يدين بين الامم، يكثر الجثث». — مزمور ٢:٩، ١٢؛ ٨٣:١٧، ١٨؛ ١١٠:١، ٢، ٥، ٦؛ ارميا ٢٥:٣٤.
١٧ (أ) كيف يصف يوحنا اجراء تنفيذ الاحكام للمحارب الملك؟ (ب) اسردوا بعض النبوات التي تظهر كم سيكون يوم غضب اللّٰه مفجعا للامم.
١٧ يَظهر هذا المحارب الملك الجبار مرة اخرى في المشهد التالي من الرؤيا: «ويدوس ايضا معصرة خمر غضب سخط اللّٰه القادر على كل شيء». (رؤيا ١٩:١٥ ب ) في رؤيا سابقة، كان يوحنا قد رأى دوس «معصرة خمر غضب اللّٰه». (رؤيا ١٤:١٨-٢٠) واشعيا يصف ايضا معصرة خمر تنفيذ الاحكام، ويخبر انبياء آخرون كم سيكون يوم غضب اللّٰه مفجعا لجميع الامم. — اشعيا ٢٤:١-٦؛ ٦٣:١-٤؛ ارميا ٢٥:٣٠-٣٣؛ دانيال ٢:٤٤؛ صفنيا ٣:٨؛ زكريا ١٤:٣، ١٢، ١٣؛ رؤيا ٦:١٥-١٧.
١٨ ماذا يكشف النبي يوئيل في ما يتعلق بإدانة يهوه جميع الامم؟
١٨ يقرن النبي يوئيل معصرة الخمر بمجيء يهوه ‹ليدين الامم المحيطة›. ويهوه هو مَن يصدر الامر دون شك الى الديان المعاون المعيَّن من قبله، يسوع، وجيوشه السماوية: «أعمِلوا المنجل، لأن الحصاد قد نضج. تعالوا وانزلوا، لأن معصرة الخمر قد امتلأت. فاضت حياض المعاصر لأن شرهم قد كثر. جماهير جماهير في منخفض وادي القضاء، لأن يوم يهوه قريب في منخفض وادي القضاء. الشمس والقمر يظلمان، والنجوم تمنع ضياءها. ويهوه من صهيون يزأر، ومن اورشليم يطلق صوته. فتتزلزل السماء والارض. لكن يهوه يكون ملجأ لشعبه، وحصنا لبني اسرائيل. فتعرفون اني انا يهوه إلهكم». — يوئيل ٣:١٢-١٧.
١٩ (أ) كيف ستجري الاجابة عن السؤال المطروح في ١ بطرس ٤:١٧؟ (ب) اي اسم مكتوب على رداء يسوع، ولماذا سيتبرهن انه ملائم؟
١٩ سيكون ذلك حقا يوم دينونة للامم والبشر العصاة ولكن يوم راحة لجميع الذين جعلوا يهوه والمحارب الملك الذي له ملجأهم! (٢ تسالونيكي ١:٦-٩) والدينونة التي ابتدأت من بيت اللّٰه في السنة ١٩١٨ ستكون قد وصلت الى ذروتها، مجيبة عن السؤال في ١ بطرس ٤:١٧: «ما هي نهاية الذين لا يطيعون بشارة اللّٰه؟». والظافر المجيد سيكون قد داس معصرة الخمر الى النهاية، مظهرا انه المرفَّع الذي يقول عنه يوحنا: «وله على ردائه، اي على فخذه، اسم مكتوب: ملك الملوك ورب الارباب». (رؤيا ١٩:١٦ ) لقد تبرهن انه أقدر بكثير من ايّ حاكم ارضي، ايّ ملك او رب بشري. فكرامته وبهاؤه فائقان. وقد ركب «من اجل الحق والتواضع والبر» وانتصر انتصارا دائما! (مزمور ٤٥:٤) وعلى ردائه المرشوش بالدم مكتوب الاسم الذي وهبه اياه السيد الرب يهوه، الذي هو مبرِّئه!
مأدبة عشاء اللّٰه العظيمة
٢٠ كيف يصف يوحنا «مأدبة عشاء اللّٰه العظيمة»، مما يذكِّر بأية نبوة ابكر، ولكن مماثلة؟
٢٠ في رؤيا حزقيال، بعد دمار جمهور جوج، تُدعى الطيور والوحوش الى وليمة! فهي تخلِّص وجه الارض من الجيف بأكل جثث اعداء يهوه. (حزقيال ٣٩:١١، ١٧-٢٠) وكلمات يوحنا التالية تذكِّر على نحو حيوي بتلك النبوة الابكر: «رأيت ايضا ملاكا واقفا في الشمس، فصرخ بصوت عال وقال لجميع الطيور الطائرة في وسط السماء: ‹تعالي اجتمعي الى مأدبة عشاء اللّٰه العظيمة، لتأكلي لحوم ملوك ولحوم قواد جند ولحوم اقوياء ولحوم خيل والجالسين عليها، ولحوم الكل، احرار وعبيد وصغار وكبار›». — رؤيا ١٩:١٧، ١٨.
٢١ الى ماذا يشير (أ) ‹وقوف الملاك في الشمس›؟ (ب) واقع ان الاموات يُتركون مطروحين على وجه الارض؟ (ج) قائمة اولئك الذين تُترك جيفهم مطروحة على الارض؟ (د) التعبير «مأدبة عشاء اللّٰه العظيمة»؟
٢١ ان الملاك ‹واقف في الشمس›، مركز مطلّ للفت انتباه الطيور. وهو يدعوها الى التهيُّؤ لتَتَّخم من لحم اولئك الذين يوشك ان يقتلهم المحارب الملك وجيوشه السماوية. وواقع ان الاموات سيُتركون على وجه الارض يشير الى انهم سيموتون في خزي علني. ومثل ايزابل قديما، لن ينالوا دفنا مشرِّفا. (٢ ملوك ٩:٣٦، ٣٧) وقائمة اولئك الذين تُترك جيفهم مطروحة هناك تظهر مدى الدمار: ملوك، قواد جند، اقوياء، احرار، وعبيد. لا استثناءات. فكل اثر اخير للعالم المتمرد على يهوه سيباد. وبعد ذلك لن يكون هنالك بحر مضطرب من البشرية المشوَّشة في ما بعد. (رؤيا ٢١:١) هذه هي «مأدبة عشاء اللّٰه العظيمة»، لان يهوه هو الذي يدعو الطيور لتشترك فيها.
٢٢ كيف يوجز يوحنا سير الحرب الاخيرة؟
٢٢ يوجز يوحنا سير الحرب الاخيرة: «ورأيت الوحش وملوك الارض وجيوشهم مجتمعين ليخوضوا الحرب ضد الجالس على الفرس وضد جيشه. فأُمسك الوحش، ومعه النبي الدجال الذي صنع قدامه الآيات التي بها اضل الذين نالوا سمة الوحش والذين يؤدون العبادة لصورته. وطُرح كلاهما حيَّين في بحيرة النار المتقدة بالكبريت. وقُتل الباقون بالسيف الطويل للجالس على الفرس، السيف الخارج من فمه. وشبعت جميع الطيور من لحومهم». — رؤيا ١٩:١٩-٢١.
٢٣ (أ) بأي معنى يجري خوض «حرب اليوم العظيم، يوم اللّٰه القادر على كل شيء» في هرمجدون؟ (ب) اي تحذير فشل «ملوك الارض» في الاصغاء اليه، وبأية عاقبة؟
٢٣ بعد سكب الجام السادس لسخط يهوه، اخبر يوحنا ان «ملوك المسكونة بأسرها» جمعتهم الدعاية الشيطانية «الى حرب اليوم العظيم، يوم اللّٰه القادر على كل شيء». وهذه يجري خوضها في هرمجدون — ليست موقعا حرفيا، ولكنها الحالة العالمية التي تقتضي تنفيذ دينونة يهوه. (رؤيا ١٦:١٢، ١٤، ١٦) ويرى يوحنا الآن خطوط القتال. واذ يصطفون ضد اللّٰه، يكون هنالك جميع «ملوك الارض وجيوشهم». لقد رفضوا بعناد ان يذعنوا لمَلك يهوه. وقد اعطاهم تحذيرا عادلا في الرسالة الملهمة: «قبِّلوا الابن لئلا يشتد غضبه [يهوه] فتبيدوا من الطريق». واذ لم يذعنوا لحكم المسيح، يجب ان يموتوا. — مزمور ٢:١٢.
٢٤ (أ) اية دينونة تُنفَّذ في الوحش والنبي الدجال، وبأي معنى لا يزالان «حيَّين»؟ (ب) لماذا يجب ان تكون «بحيرة النار» مجازية؟
٢٤ ان الوحش الصاعد من البحر ذا الرؤوس السبعة والقرون العشرة، اذ يمثِّل هيئة الشيطان السياسية، يدمَّر دمارا تامًّا، ويمضي معه النبي الدجال، الدولة العالمية السابعة. (رؤيا ١٣:١، ١١-١٣؛ ١٦:١٣) وبينما لا يزالان «حيَّين»، او لا يزالان عاملين في مقاومتهما المتحدة لشعب اللّٰه على الارض، يُطرحان في «بحيرة النار». وهل هذه بحيرة نار حرفية؟ كلا، كما ان الوحش والنبي الدجال ليسا حيوانين حرفيين. فهي بالاحرى رمز الى الدمار الاخير التام، مكان اللاعودة. وهنا سيُطرح لاحقا الموت وهادس، اضافة الى ابليس نفسه. (رؤيا ٢٠:١٠، ١٤) وهي بالتأكيد ليست جحيم عذاب ابدي للاشرار، لان فكرة مكان كهذا مكرهة عند يهوه. — ارميا ١٩:٥؛ ٣٢:٣٥؛ ١ يوحنا ٤:٨، ١٦.
٢٥ (أ) مَن هم الذين ‹يُقتلون بالسيف الطويل للجالس على الفرس›؟ (ب) هل يجب ان نتوقع ان ايّا من الذين ‹يُقتلون› سينال قيامة؟
٢٥ وجميع الآخرين الذين لم يكونوا مباشرة جزءا من الحكومة، بل كانوا مع ذلك جزءا غير قابل للاصلاح من عالم الجنس البشري الفاسد هذا، هم كذلك ‹يُقتلون بالسيف الطويل للجالس على الفرس›. فسيعلن يسوع استحقاقهم للموت. وبما انه في حالتهم لا تُذكر بحيرة النار، هل يجب ان نتوقع ان ينالوا قيامة؟ لا يجري اخبارنا في ايّ مكان ان الذين ينفِّذ فيهم الديَّان المعيَّن من يهوه الحكم في ذلك الحين سيقامون. وكما ذكر يسوع نفسه، ان جميع الذين ليسوا ‹خرافا› يمضون «الى النار الابدية المهيأة لإبليس وملائكته»، اي «الى قطع ابدي». (متى ٢٥:٣٣، ٤١، ٤٦) ويكون ذلك ذروة «يوم الدينونة وهلاك الناس الكافرين». — ٢ بطرس ٣:٧؛ ناحوم ١:٢، ٧-٩؛ ملاخي ٤:١.
٢٦ اذكروا باختصار نتيجة هرمجدون.
٢٦ بهذه الطريقة، تنتهي كل هيئة الشيطان الارضية. وتكون «السماء الاولى» للحكم السياسي قد زالت. و «الارض»، النظام الدائم حسب الظاهر الذي بناه الشيطان على مر القرون، تكون الآن مدمَّرة تماما. و «البحر»، جمهور البشرية الشريرة المضاد ليهوه، لا يكون من بَعد. (رؤيا ٢١:١؛ ٢ بطرس ٣:١٠) ولكن، ماذا يخبئ يهوه للشيطان نفسه؟ يتابع يوحنا ليخبرنا.
-
-
سحق رأس الحيةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٤٠
سحق رأس الحية
الرؤيا ١٤ — رؤيا ٢٠:١-١٠
الموضوع: سجن الشيطان في المهواة، الحكم الالفي، الامتحان الاخير للجنس البشري، ودمار الشيطان
وقت الاتمام: من نهاية الضيق العظيم الى دمار الشيطان
١ كيف تَقدَّم اتمام نبوة الكتاب المقدس الاولى؟
هل تذكرون نبوة الكتاب المقدس الاولى؟ لقد تفوَّه بها يهوه اللّٰه عندما قال للحية: «أضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلكِ ونسلها. هو يسحق رأسكِ وأنتِ تسحقين عقبه». (تكوين ٣:١٥) والآن، يصل اتمام هذه النبوة الى ذروته! لقد تتبَّعنا تاريخ حرب الشيطان ضد هيئة يهوه السماوية المشبَّهة بامرأة. (رؤيا ١٢:١، ٩) ونسل الحية الارضي، بأديانه، سياساته، وتجارته الكبيرة، قد كوَّم الاضطهاد القاسي على نسل المرأة، يسوع المسيح وأتباعه الممسوحين الـ ٠٠٠,١٤٤، هنا على الارض. (يوحنا ٨:٣٧، ٤٤؛ غلاطية ٣:١٦، ٢٩) والشيطان ابتلى يسوع بموت أليم. ولكنَّ ذلك تبرهن انه كجرح في العقب، لأن اللّٰه اقام ابنه الامين في اليوم الثالث. — اعمال ١٠:٣٨-٤٠.
٢ كيف تُسحق الحية، وماذا يحدث لنسل الحية الارضي؟
٢ وماذا عن الحية ونسلها؟ نحو السنة ٥٦ بم، كتب الرسول بولس رسالة طويلة الى المسيحيين في روما. وفي اختتامها، شجعهم قائلا: «واللّٰه معطي السلام سيسحق الشيطان تحت اقدامكم عن قريب». (روما ١٦:٢٠) هذا هو اكثر من رضّ سطحي. فالشيطان سيُسحَق! واستعمل بولس هنا كلمة يونانية سينتريبو تعني ان يسحق الى حالة شبيهة بالهلام، ان يدوس، ان يدمِّر تماما بالسحق. أما النسل البشري للحية، فهذا ينتظر ضربة حقيقية في يوم الرب، الذي يبلغ الذروة في الضيق العظيم بالسحق التام لبابل العظيمة وأنظمة العالم السياسية، الى جانب أتباعها الماليين والعسكريين. (رؤيا، الاصحاحان ١٨ و ١٩) وهكذا يجلب يهوه الى الذروة العداوة بين النسلين. ونسل امرأة اللّٰه ينتصر على النسل الارضي للحية، وهذا النسل لن يوجد في ما بعد!
سجن الشيطان في المهواة
٣ ماذا يخبرنا يوحنا انه سيحدث للشيطان؟
٣ اذًا، ماذا ينتظر الشيطان نفسه وأبالسته؟ يخبرنا يوحنا: «ورأيت ملاكا نازلا من السماء ومعه في يده مفتاح المهواة وسلسلة عظيمة. فقبض على التنين، الحية الاولى، الذي هو ابليس والشيطان، وقيده ألف سنة. وطرحه في المهواة وأغلقها وختمها عليه، لكيلا يضل الامم بعد حتى تنتهي الالف سنة. وبعد ذلك لا بد له ان يُحَل زمنا يسيرا». — رؤيا ٢٠:١-٣.
٤ مَن هو الملاك الذي معه مفتاح المهواة، وكيف نعرف ذلك؟
٤ ومَن هو هذا الملاك؟ لا بد ان له قوة هائلة لكي يكون قادرا على التخلُّص من العدوّ الرئيسي ليهوه. وهو لديه «مفتاح المهواة وسلسلة عظيمة». ألا يذكِّرنا ذلك برؤيا ابكر؟ بلى، ان الملك على الجراد يدعى «ملاك المهواة». (رؤيا ٩:١١) وهكذا نلاحظ هنا مرة اخرى مبرِّئ يهوه الرئيسي، يسوع المسيح الممجَّد، وهو يعمل. ورئيس الملائكة هذا الذي طرد الشيطان من السماء، الذي دان بابل العظيمة، والذي تخلَّص من «ملوك الارض وجيوشهم» في هرمجدون لن يتنحَّى بالتاكيد ليدع ملاكا ادنى رتبة يسدِّد ضربة موفَّقة في سجن الشيطان في المهواة! — رؤيا ١٢:٧-٩؛ ١٨:١، ٢؛ ١٩:١١-٢١.
٥ كيف يتعامل ملاك المهواة مع الشيطان ابليس، ولماذا؟
٥ عندما طُرح التنين العظيم الناري اللون من السماء جرى التحدث عنه بصفته «الحية الاولى، المدعو ابليس والشيطان، الذي يضل المسكونة كلها». (رؤيا ١٢:٣، ٩) والآن، عند مرحلة القبض عليه وسجنه في المهواة، يوصف مرة اخرى كاملا بأنه «التنين، الحية الاولى، الذي هو ابليس والشيطان». فهذا الملتهم، المخادع، المفتري، والمقاوم الرديء السمعة يُقيَّد ويُطرح «في المهواة»، التي تُغلَق وتُختَم بإحكام، «لكيلا يضل الامم بعد». وهذا السجن للشيطان في المهواة هو لألف سنة، الوقت الذي في اثنائه لن يكون تأثيره في الجنس البشري اكثر من ذاك الذي لسجين في زنزانة عميقة تحت الارض. وملاك المهواة يبعد الشيطان تماما عن ايّ اتصال بملكوت البر. فيا لها من راحة للجنس البشري!
٦ (أ) اي دليل هنالك ان الشياطين يذهبون ايضا الى المهواة؟ (ب) ماذا يمكن ان يبتدئ الآن، ولماذا؟
٦ وماذا يحدث للشياطين؟ هم ايضا ‹محفوظون للدينونة›. (٢ بطرس ٢:٤) ويدعى الشيطان «بيلزبوب رئيس الشياطين». (لوقا ١١:١٥، ١٨؛ متى ١٠:٢٥) ونظرا الى تعاونهم الطويل الامد مع الشيطان، ألا يجب ان ينالوا الدينونة نفسها؟ ولزمن طويل كانت المهواة باعث خوف لاولئك الشياطين؛ ففي احدى المناسبات عندما واجههم يسوع، «توسلوا اليه ألا يأمرهم بالذهاب الى المهواة». (لوقا ٨:٣١) ولكن عندما يُسجَن الشيطان في المهواة، سيُطرح ملائكته بالتاكيد في المهواة معه. (قارنوا اشعيا ٢٤:٢١، ٢٢.) وبعد سجن الشيطان وأبالسته في المهواة، يمكن لحكم يسوع المسيح ألف سنة ان يبتدئ.
٧ (أ) في اية حالة سيكون الشيطان وأبالسته في المهواة، وكيف نعرف ذلك؟ (ب) هل هادِس والمهواة هما الشيء نفسه؟ (انظروا الحاشية.)
٧ وهل سيكون الشيطان وأبالسته نشاطى وهم في المهواة؟ حسنا، تذكَّروا الوحش القرمزي اللون ذا الرؤوس السبعة الذي «كان، وليس الآن، إلا انه سيصعد من المهواة». (رؤيا ١٧:٨) ففيما كان في المهواة، كان «ليس الآن». لقد كان غير عامل، عديم الحركة، ميتا بالنسبة الى كل النوايا والمقاصد. وبشكل مشابه، اذ تحدَّث عن يسوع، قال الرسول بولس: «‹من ينزل الى المهواة؟›، اي ليُصعِد المسيح من الأموات». (روما ١٠:٧) وفيما كان في تلك المهواة، كان يسوع ميتا.a اذًا، من المنطقي الاستنتاج ان الشيطان وأبالسته سيكونون في حالة خمول شبيه بالموت طوال ألف سنة من سجنهم في المهواة. فيا لها من اخبار سارة لمحبّي البر!
قضاةٌ لألف سنة
٨، ٩ ماذا يخبرنا يوحنا عن الذين يجلسون على عروش، ومَن هم مثل هؤلاء؟
٨ بعد الالف سنة، يُطلَق الشيطان من المهواة زمنا يسيرا. ولماذا؟ قبل اعطاء الجواب، يلفت يوحنا انتباهنا الى بداية فترة الوقت هذه. نقرأ: «ورأيت عروشا والذين جلسوا عليها، وأُعطوا سلطة ان يدينوا». (رؤيا ٢٠:٤ أ ) فمَن هم هؤلاء الذين يجلسون على عروش ويحكمون في السموات مع يسوع الممجَّد؟
٩ انهم ‹القدوسون› الذين وصفهم دانيال بأنهم يحكمون في الملكوت مع ذاك الذي هو «مثل ابن انسان». (دانيال ٧:١٣، ١٤، ١٨) انهم الشيوخ الـ ٢٤ انفسهم الذين يجلسون على عروش سماوية في حضرة يهوه. (رؤيا ٤:٤) وهم يشملون الرسل الـ ١٢ الذين اعطاهم يسوع الوعد: «عندما يجلس ابن الانسان على عرشه المجيد في التجديد، تجلسون انتم ايضا، يا من تبعتموني، على اثني عشر عرشا تدينون اسباط اسرائيل الاثني عشر». (متى ١٩:٢٨) ويشملون كذلك بولس، بالاضافة الى المسيحيين الكورنثيين الذين بقوا امناء. (١ كورنثوس ٤:٨؛ ٦:٢، ٣) ويشملون ايضا اعضاء جماعة لاودكية الذين غلبوا. — رؤيا ٣:٢١.
١٠ (أ) كيف يصف يوحنا الآن الملوك الـ ٠٠٠,١٤٤؟ (ب) مما اخبرنا اياه يوحنا في وقت ابكر، مَن يشمل الملوك الـ ٠٠٠,١٤٤؟
١٠ عروش — ٠٠٠,١٤٤ منها — معدَّة لاولئك الغالبين الممسوحين الذين «اشتُروا من بين الناس باكورة للّٰه وللحمل». (رؤيا ١٤:١، ٤) يتابع يوحنا: «نعم، رأيت نفوس الذين أُعدموا بالفأس من اجل شهادتهم ليسوع ومن اجل التكلم عن اللّٰه، الذين لم يعبدوا الوحش ولا صورته ولم ينالوا السمة على جبهتهم وعلى يدهم». (رؤيا ٢٠:٤ ب ) اذًا، بين هؤلاء الملوك، هنالك الشهداء المسيحيون الممسوحون الذين في وقت ابكر، عند فتح الختم الخامس، سألوا يهوه حتى متى سينتظر لينتقم لدمائهم. وفي ذلك الحين أُعطوا حللا بيضاء وقيل لهم ان ينتظروا زمانا يسيرا بعد. أما الآن فقد انتُقم لهم بتخريب بابل العظيمة، دمار الامم بواسطة ملك الملوك ورب الارباب، وسجن الشيطان في المهواة. — رؤيا ٦:٩-١١؛ ١٧:١٦؛ ١٩:١٥، ١٦.
١١ (أ) كيف يجب ان نفهم العبارة «أُعدموا بالفأس»؟ (ب) لماذا يمكن القول ان موت جميع الـ ٠٠٠,١٤٤ هو بمثابة تضحية بالذات؟
١١ وهل ‹أُعدم بالفأس› جسديا كل القضاة الملكيين الـ ٠٠٠,١٤٤ هؤلاء؟ على الارجح، قليلون منهم نسبيا قُتلوا هكذا بمعنى حرفي. ولكنَّ هذه العبارة دون شك يُقصد منها ان تشمل جميع اولئك المسيحيين الممسوحين الذين يحتملون الاستشهاد بطريقة او بأخرى.b (متى ١٠:٢٢، ٢٨) وبالتأكيد، يريد الشيطان ان يعدمهم كلهم بالفأس، ولكن، في الواقع، لا يموت كل اخوة يسوع الممسوحين شهداء. فكثيرون منهم يموتون من المرض او كبر السن. ومع ذلك، ينتمي مثل هؤلاء ايضا الى الفريق الذي يراه يوحنا الآن. فموتهم جميعا هو بمثابة تضحية بالذات. (روما ٦:٣-٥) وبالاضافة الى ذلك، لم يكن ايّ منهم جزءا من العالم. ولذلك ابغضهم العالم جميعا وصاروا، في الواقع، امواتا في عينيه. (يوحنا ١٥:١٩؛ ١ كورنثوس ٤:١٣) ولم يعبد ايّ منهم الوحش او صورته، وعندما ماتوا، لم يكن ايّ منهم يحمل سمة الوحش. فجميعهم ماتوا غالبين. — ١ يوحنا ٥:٤؛ رؤيا ٢:٧؛ ٣:١٢؛ ١٢:١١.
١٢ ماذا يخبر يوحنا عن الملوك الـ ٠٠٠,١٤٤، ومتى يعودون الى الحياة؟
١٢ والآن يحيا هؤلاء الغالبون مرة اخرى! يخبر يوحنا: «فعادوا الى الحياة وملكوا مع المسيح ألف سنة». (رؤيا ٢٠:٤ ج ) فهل يعني ذلك ان هؤلاء القضاة لا يقامون إلا بعد دمار الامم وسجن الشيطان وأبالسته في المهواة؟ كلا. فمعظمهم احياء الآن فعلا، لانهم ركبوا مع يسوع ضد الامم في هرمجدون. (رؤيا ٢:٢٦، ٢٧؛ ١٩:١٤) حقا، اشار بولس الى ان قيامتهم تبتدئ سريعا بعد بداية حضور يسوع في السنة ١٩١٤ وأن البعض يقامون قبل الآخرين. (١ كورنثوس ١٥:٥١-٥٤؛ ١ تسالونيكي ٤:١٥-١٧) ولذلك فإنهم يعودون الى الحياة خلال فترة من الوقت اذ ينالون افراديا عطية الحياة الخالدة في السموات. — ٢ تسالونيكي ١:٧؛ ٢ بطرس ٣:١١-١٤.
١٣ (أ) كيف يجب ان نعتبر الالف سنة التي يحكم في خلالها الـ ٠٠٠,١٤٤، ولماذا؟ (ب) كيف اعتبر پاپياس هيراپوليس الالف سنة؟ (انظروا الحاشية.)
١٣ ان ملْكهم وقضاءهم سيكونان لألف سنة. وهل هذه ألف سنة حرفية، ام يجب ان نعتبرها رمزيا فترة طويلة غير محدَّدة من الوقت؟ «ألوف» قد تعني عددا كبيرا غير محدَّد، كما في ١ صموئيل ٢١:١١. ولكنَّ الـ «ألف» هنا حرفية، لانها تظهر ثلاث مرات في رؤيا ٢٠:٥-٧ بصفتها «الالف سنة». وبولس دعا وقت الدينونة هذا «يوما» عندما قال: «حدَّد [اللّٰه] يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة بالبر». (اعمال ١٧:٣١) وبما ان بطرس يخبرنا ان يوما واحدا عند يهوه كألف سنة، فمن الملائم ان يكون يوم الدينونة هذا ألف سنة حرفية.c — ٢ بطرس ٣:٨.
باقي الاموات
١٤ (أ) اية عبارة يقحمها يوحنا عن «باقي الاموات»؟ (ب) كيف تلقي العبارات التي تلفظ بها الرسول بولس ضوءا على التعبير «يعودوا الى الحياة»؟
١٤ ولكن، مَن سيدين هؤلاء الملوك اذا كان، كما يقحم الرسول يوحنا هنا، «(باقي الاموات لم يعودوا الى الحياة حتى تنتهي الالف سنة)»؟ (رؤيا ٢٠:٥ أ ) مرة اخرى، يجب ان يُفهم التعبير «يعودوا الى الحياة» وفقا للقرينة. فيمكن ان تكون لهذا التعبير معانٍ متنوعة في ظروف متنوعة. مثلا، قال بولس عن رفقائه المسيحيين الممسوحين: «اللّٰه إياكم احيا، مع انكم كنتم امواتا في زلاتكم وخطاياكم». (افسس ٢:١) نعم، لقد جرى ‹إحياء› المسيحيين الممسوحين بالروح، حتى في القرن الاول، اذ تبرَّروا على اساس ايمانهم بذبيحة يسوع. — روما ٣:٢٣، ٢٤.
١٥ (أ) شهود يهوه لما قبل المسيحية تمتعوا بأي موقف عند اللّٰه؟ (ب) كيف «يعود» الخراف الاخر «الى الحياة»، ومتى سيرثون الارض بالمعنى الاكمل؟
١٥ وعلى نحو مماثل، تبرَّر شهود يهوه لما قبل المسيحية في ما يتعلق بالصداقة مع اللّٰه؛ وجرى التحدث عن ابراهيم، اسحاق، ويعقوب بصفتهم «احياء» مع انهم كانوا امواتا جسديا. (متى ٢٢:٣١، ٣٢؛ يعقوب ٢:٢١، ٢٣) أما هم، وكل الآخرين الذين يقامون، بالاضافة الى الجمع الكثير من الخراف الاخر الامناء الذين ينجون من هرمجدون وأيّ من الاولاد الذين قد يولدون لهؤلاء في العالم الجديد، فيجب ان يُرفعوا بعدُ الى الكمال البشري. وهذا ما سينجزه المسيح وملوكه وكهنته المعاونون في خلال يوم دينونة الالف سنة، على اساس ذبيحة يسوع الفدائية. وعند نهاية هذا اليوم سيكون «باقي الاموات» قد ‹عادوا الى الحياة› بمعنى انهم سيكونون بشرا كاملين. وكما سنرى، يجب ان يجتازوا بعدئذ امتحانا اخيرا، ولكنهم سيواجهون هذا الامتحان كبشر مكمَّلين. وعندما يجتازون الامتحان، سيعلن اللّٰه انهم جديرون بالحياة الى الابد، ابرار بالمعنى الاكمل. وسيختبرون الاتمام الكامل للوعد: «الابرار يرثون الارض، ويسكنونها الى الابد». (مزمور ٣٧:٢٩) فيا للمستقبل المبهج الذي ينتظر الجنس البشري الطائع!
القيامة الاولى
١٦ كيف يصف يوحنا القيامة التي يختبرها اولئك الذين يملكون مع المسيح، ولماذا؟
١٦ واذ يعود الآن الى اولئك الذين «عادوا الى الحياة وملكوا مع المسيح»، يكتب يوحنا: «هذه هي القيامة الاولى». (رؤيا ٢٠:٥ ب ) وكيف تكون الاولى؟ انها «القيامة الاولى» في ما يتعلق بالوقت، لأن الذين يختبرونها هم «باكورة للّٰه وللحمل». (رؤيا ١٤:٤) وهي الاولى ايضا في الاهمية، لان الذين يشتركون فيها يصيرون حكاما معاونين مع يسوع في ملكوته السماوي ويدينون باقي الجنس البشري. وأخيرا، انها الاولى في النوعية. فباستثناء يسوع المسيح نفسه، يجري التحدث في الكتاب المقدس عن الذين يقامون في القيامة الاولى بأنهم المخلوقات الوحيدة التي تنال الخلود. — ١ كورنثوس ١٥:٥٣؛ ١ تيموثاوس ٦:١٦.
١٧ (أ) كيف يصف يوحنا التوقُّع المبارك للمسيحيين الممسوحين؟ (ب) ما هو «الموت الثاني»، ولماذا ليس له «سلطة» على الغالبين الـ ٠٠٠,١٤٤؟
١٧ يا للتوقُّع المبارك للممسوحين هؤلاء! وكما يعلن يوحنا: «سعيد وقدوس من له نصيب في القيامة الاولى. هؤلاء ليس للموت الثاني سلطة عليهم». (رؤيا ٢٠:٦ أ ) وكما وعد يسوع المسيحيين في سميرنا، لن يكون اولئك الغالبون الذين يشتركون في «القيامة الاولى» في خطر ان يؤذيهم «الموت الثاني»، الذي يعني الابادة، الدمار دون رجاء بقيامة. (رؤيا ٢:١١؛ ٢٠:١٤) فليس للموت الثاني «سلطة» على غالبين كهؤلاء، لأنهم سيكونون قد لبسوا عدم الفساد والخلود. — ١ كورنثوس ١٥:٥٣.
١٨ ماذا يقول يوحنا الآن عن حكام الارض الجدد، وماذا سينجزون؟
١٨ وكم يختلفون عن ملوك الارض خلال سلطة الشيطان! فهؤلاء على الاكثر يحكمون مجرد ٥٠ او ٦٠ سنة، والغالبية الساحقة مجرد سنوات قليلة. وكثيرون منهم يظلمون الجنس البشري. وفي اية حال، كيف يمكن للامم ان تستفيد على نحو دائم تحت رئاسة حكام متغيِّرين على الدوام بسياسات متغيِّرة على الدوام؟ وبالتباين، يقول يوحنا عن حكام الارض الجدد: «بل سيكونون كهنة للّٰه وللمسيح، وسيملكون معه الالف سنة». (رؤيا ٢٠:٦ ب ) فمع يسوع، سيشكِّلون الحكومة الوحيدة لألف سنة. وخدمتهم الكهنوتية، في تطبيق استحقاق ذبيحة يسوع البشرية الكاملة، سترفع البشر الطائعين الى الكمال الروحي، الادبي، والجسدي. وخدمتهم الملكية ستؤدي الى بناء مجتمع بشري عالمي يعكس برّ وقداسة يهوه. وكقضاة لألف سنة، سيرشدون، مع يسوع، على نحو حبي البشر المتجاوبين نحو هدف الحياة الابدية. — يوحنا ٣:١٦.
الامتحان الاخير
١٩ ماذا ستكون عليه حالة الارض وحالة الجنس البشري بحلول نهاية حكم الالف سنة، وماذا يفعل يسوع الآن؟
١٩ بحلول نهاية حكم الالف سنة، ستكون كل الارض قد صارت شبيهة بعدن الاصلية. فستكون فردوسا حقيقيا. ولن يحتاج الجنس البشري الكامل في ما بعد الى رئيس كهنة ليشفع فيهم امام اللّٰه، لان كل آثار خطية آدم ستكون قد أُزيلت والعدوّ الاخير، الموت، قد أُبيد. وملكوت المسيح سيكون قد حقَّق قصد اللّٰه لخلق عالم واحد بحكومة واحدة. وعند هذه المرحلة، «يسلم [يسوع] المملكة الى إلهه وأبيه». — ١ كورنثوس ١٥:٢٢-٢٦؛ روما ١٥:١٢.
٢٠ ماذا يخبرنا يوحنا انه سيحدث عندما يحين الوقت للامتحان الاخير؟
٢٠ يحين الوقت الآن لامتحان اخير. فهل سيقف عالم الجنس البشري المكمَّل، بالتباين مع البشرين الاولين في عدن، ثابتا في استقامته؟ يخبرنا يوحنا بما يحدث: «وحالما تنتهي الالف سنة، يُحل الشيطان من سجنه، ويخرج ليضل تلك الامم في زوايا الارض الاربع، جوجا وماجوج، ليجمعهم للحرب. وعدد هؤلاء كرمل البحر. فتقدموا على عرض الارض وأحاطوا بمخيم القديسين وبالمدينة المحبوبة». — رؤيا ٢٠:٧-٩ أ.
٢١ في ما يتعلق بمحاولته الاخيرة، كيف يتحرك الشيطان، ولماذا لا يجب ان نُفاجَأ بأن يتَّبع البعض الشيطان حتى بعد حكم الالف سنة؟
٢١ وماذا ستُسفر عنه محاولة الشيطان الاخيرة؟ يضل «تلك الامم في زوايا الارض الاربع، جوجا وماجوج»، ويقودهم الى «الحرب». ومَن يمكن ان يؤيد الشيطان بعد ألف سنة من الحكم الثيوقراطي البنَّاء والمفرح؟ حسنا، لا تنسوا ان الشيطان كان قادرا ان يضل آدم وحواء الكاملين فيما كانا يتمتعان بالحياة في فردوس عدن. وكان قادرا ان يضلل ملائكة سماويين كانوا قد رأوا النتائج الرديئة للتمرد الاصلي. (٢ بطرس ٢:٤؛ يهوذا ٦) ولذلك لا يجب ان نُفاجَأ بأن يُغرَى بعض البشر الكاملين ليتَّبعوا الشيطان حتى بعد حكم مبهج ألف سنة بواسطة ملكوت اللّٰه.
٢٢ (أ) الى ماذا تشير العبارة «الامم في زوايا الارض الاربع»؟ (ب) لماذا يدعى المتمردون «جوجا وماجوج»؟
٢٢ يدعو الكتاب المقدس هؤلاء المتمردين «الامم في زوايا الارض الاربع». وهذا لا يعني ان الجنس البشري سيكون مقسَّما مرة اخرى الى كيانات قومية متضاربة. فذلك يشير فقط الى ان هؤلاء سيفرزون انفسهم عن ابرار وأولياء يهوه ويعربون عن الروح الرديئة نفسها التي تظهرها الامم اليوم. وسوف ‹يدبّرون خطة مؤذية›، كما فعل جوج الماجوجي في نبوة حزقيال، بهدف تدمير الحكومة الثيوقراطية على الارض. (حزقيال ٣٨:٣، ١٠-١٢) ولذلك يُدعَون «جوجا وماجوج».
٢٣ الى ماذا يشير الواقع ان عدد المتمردين هو «كرمل البحر»؟
٢٣ ان عدد الذين ينضمون الى الشيطان في ثورته سيكون «كرمل البحر». فكم يكون ذلك؟ ليس هنالك عدد مقدَّر. (قارنوا يشوع ١١:٤؛ قضاة ٧:١٢.) فعدد المتمردين الكلي الاخير يعتمد على كيفية تجاوب كل فرد مع حيل الشيطان المخادعة. ومع ذلك، دون شك، سيكون هنالك عدد معتبر، اذ سيشعرون بما يكفي من القوة للتغلب على ‹مخيم القديسين والمدينة المحبوبة›.
٢٤ (أ) ما هي «المدينة المحبوبة»، وكيف يمكن ان ‹يحاط› بها؟ (ب) ماذا يمثِّل «مخيم القديسين»؟
٢٤ ان «المدينة المحبوبة» لا بد انها المدينة التي يتحدث عنها يسوع المسيح الممجَّد الى أتباعه في رؤيا ٣:١٢ والتي يدعوها «مدينة إلهي، اورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند إلهي». وبما ان هذه هي هيئة سماوية، كيف يمكن لتلك القوى الارضية ان ‹تحيط› بها؟ بمعنى انهم يحيطون «بمخيم القديسين». ان المخيم هو خارج المدينة؛ ولذلك فإن «مخيم القديسين» لا بد ان يمثِّل اولئك الذين هم على الارض خارج الموقع السماوي لاورشليم الجديدة الذين يؤيدون بولاء ترتيب يهوه الحكومي. وعندما يهاجم المتمردون برئاسة الشيطان هؤلاء الامناء، يعتبر الرب يسوع ذلك هجوما عليه. (متى ٢٥:٤٠، ٤٥) وستحاول تلك «الامم» ان تمحو كل ما انجزته اورشليم الجديدة السماوية في جعل الارض فردوسا. وهكذا، في مهاجمة «مخيم القديسين»، يهاجمون ايضا «المدينة المحبوبة».
بحيرة النار والكبريت
٢٥ كيف يصف يوحنا نتيجة هجوم المتمردين على «مخيم القديسين»، وماذا سيعني ذلك للشيطان؟
٢٥ وهل ستنجح هذه المحاولة الاخيرة من قبل الشيطان؟ بالتأكيد لا — تماما كما ان الهجوم الذي سيقوم به جوج الماجوجي على اسرائيل الروحي في ايامنا لن ينجح! (حزقيال ٣٨:١٨-٢٣) ويوحنا يصف النتيجة على نحو مفعم بالحيوية: «إلا ان نارا نزلت من السماء والتهمتهم. وطُرح ابليس الذي كان يضلهم في بحيرة النار والكبريت، حيث الوحش والنبي الدجّال كلاهما». (رؤيا ٢٠:٩ب-١٠أ ) فعوضا عن ان يُسجن فقط في المهواة، فان الشيطان، الحية القديمة، هذه المرة سيُمحى فعلا من الوجود، يُهرس، يباد تماما كما بنار.
٢٦ لماذا لا يمكن ان تكون «بحيرة النار والكبريت» مكان عذاب حرفيا؟
٢٦ كنا قد لاحظنا ان «بحيرة النار والكبريت» لا يمكن ان تكون مكان عذاب حرفيا. (رؤيا ١٩:٢٠) واذا كان الشيطان سيعاني تعذيبا شديدا هنا طوال الابدية، يجب ان يحفظه يهوه حيا. ولكنَّ الحياة هبة، لا عقاب. أما الموت فهو عقاب على الخطية، ووفقا للكتاب المقدس، لا تشعر المخلوقات الميتة بالالم. (روما ٦:٢٣؛ جامعة ٩:٥، ١٠) واكثر من ذلك، نقرأ لاحقا ان الموت عينه، الى جانب هادِس، يُطرح في بحيرة النار والكبريت هذه نفسها. وبالتاكيد، لا يمكن للموت وهادِس ان يعانيا الالم! — رؤيا ٢٠:١٤.
٢٧ كيف يساعدنا ما حدث لسدوم وعمورة على فهم عبارة بحيرة النار والكبريت؟
٢٧ كل ذلك يعزِّز النظرة ان بحيرة النار والكبريت هي رمزية. واكثر من ذلك، ان ذكر النار والكبريت يذكِّر بمصير سدوم وعمورة القديمتين، اللتين دمَّرهما اللّٰه بسبب شرهما الفاضح. وعندما اتى وقتهما «امطر يهوه كبريتا ونارا على سدوم وعمورة من عند يهوه، من السماء». (تكوين ١٩:٢٤) وما اصاب المدينتين يدعى «دينونة نار ابدية». (يهوذا ٧) ولكنَّ هاتين المدينتين لم تعانيا عذابا ابديا. وانما مُحيتا، طُمستا على نحو دائم، مع سكانهما المنحرفين. فهاتان المدينتان لا توجدان اليوم، ولا يمكن لأحد ان يؤكد اين كانتا تقعان.
٢٨ ما هي بحيرة النار والكبريت، وكيف تكون مغايرة للموت، هادِس، والمهواة؟
٢٨ وانسجاما مع ذلك، يوضح الكتاب المقدس نفسه معنى بحيرة النار والكبريت: «وبحيرة النار هذه تمثل الموت الثاني». (رؤيا ٢٠:١٤) ومن الواضح انها وادي هنّوم عينه الذي تحدث عنه يسوع، مكان يبقى فيه الاشرار مدمَّرين، لا معذَّبين الى الابد. (متى ١٠:٢٨) انه دمار كامل تام دون رجاء بقيامة. وهكذا، فيما توجد مفاتيح للموت، هادِس، والمهواة، لا يوجد ذكر لمفتاح لفتح بحيرة النار والكبريت. (رؤيا ١:١٨؛ ٢٠:١) فهي لن تطلق ابدا اسراها. — قارنوا مرقس ٩:٤٣-٤٧.
يُعذَّبون نهارا وليلا الى الابد
٢٩، ٣٠ ماذا يقول يوحنا عن ابليس بالاضافة الى الوحش والنبي الدجّال، وكيف يجب ان يُفهم ذلك؟
٢٩ واذ يشير الى ابليس بالاضافة الى الوحش والنبي الدجّال، يخبرنا يوحنا الآن: «وسيعذَّبون نهارا وليلا الى ابد الآبدين». (رؤيا ٢٠:١٠ ب ) وماذا يمكن ان يعني ذلك؟ كما ذُكر سابقا، ليس منطقيا القول ان رموزا، كالوحش والنبي الدجّال، بالاضافة الى الموت وهادِس، يمكن ان تعاني التعذيب بطريقة حرفية. ولذلك ليس لدينا سبب للاعتقاد ان الشيطان سيتألم الى الابد. فيجب ان يُباد.
٣٠ ان الكلمة اليونانية المستعملة هنا مقابل ‹يعذِّب›، باسانيزو، تعني على نحو رئيسي «ان يمتحن (المعادن) بواسطة المحك». «ان يستجوب باستعمال التعذيب» هو معنى ثانٍ. (قاموس ثاير اليوناني الانكليزي الجديد للعهد الجديد ) وفي القرينة، يشير استعمال هذه الكلمة اليونانية الى ان ما يحدث للشيطان سيخدم، الى الابد، كمحك في قضية صواب وبرّ حكم يهوه. فقضية الحكم ذي السيادة هذه ستكون قد بُتَّت مرة وعلى الدوام. ولن يلزم ثانية ابدا ان يُمتَحن تحدٍّ لسلطان يهوه لفترة مطوَّلة من الوقت لكي يتبرهن انه خاطئ. — قارنوا مزمور ٩٢:١، ١٥.
٣١ كيف تساعدنا كلمتان يونانيتان تتعلقان بالكلمة التي تعني ‹يعذِّب› على فهم العقاب الذي يخضع له الشيطان ابليس؟
٣١ وبالاضافة الى ذلك، تُستعمل الكلمة ذات العلاقة باسانيستيس، «معذِّب»، في الكتاب المقدس لتعني «سجَّان». (متى ١٨:٣٤، ترجمة الملكوت ما بين السطور ) وانسجاما مع ذلك، سيُسجن الشيطان في بحيرة النار الى الابد؛ ولن يطلَق سراحه ابدا. وأخيرا في الترجمة السبعينية اليونانية، التي كانت معروفة جيدا لدى يوحنا، تُستعمل الكلمة ذات العلاقة باسانُس لتشير الى الذلّ الذي يؤدي الى الموت. (حزقيال ٣٢:٢٤، ٣٠) وهذا يساعدنا لنرى ان العقاب الذي يخضع له الشيطان انما هو مذلّ، موت ابدي في بحيرة النار والكبريت. وأعماله تموت معه. — ١ يوحنا ٣:٨.
٣٢ اي عقاب سيخضع له الشياطين، وكيف نعرف ذلك؟
٣٢ مرة اخرى، لا تُذكر الشياطين في هذا العدد. فهل سيجري اطلاق سراحهم مع الشيطان عند نهاية الالف سنة ثم يخضعون لعقاب الموت الابدي معه؟ يجيب الدليل نعم. ففي مثل الخراف والجداء، قال يسوع ان الجداء يمضون «الى النار الابدية المهيأة لإبليس وملائكته». (متى ٢٥:٤١) وعبارة «النار الابدية» لا بد ان تشير الى بحيرة النار والكبريت حيث سيُطرح الشيطان. وملائكة ابليس طُردوا من السماء معه. وكما يتضح، ذهبوا الى المهواة معه عند بداية حكم الالف سنة. اذًا، على نحو ثابت، سيدمَّرون ايضا معه في بحيرة النار والكبريت. — متى ٨:٢٩.
٣٣ اي جزء اخير من التكوين ٣:١٥ سيتم حينئذ، والى اية مسألة يلفت روح يهوه الآن انتباه يوحنا؟
٣٣ بهذه الطريقة، يتم الجزء الاخير من النبوة المسجَّلة في التكوين ٣:١٥. فعندما يُطرح الشيطان في بحيرة النار، سيصير ميتا كحية طُحن رأسها تحت عقب حديدي. وسيولّي هو وأبالسته الى الابد. ولا يوجد ذكر اضافي لهم في سفر الرؤيا. والآن، بعد التخلُّص نبويا من هؤلاء، يلفت روح يهوه الانتباه الى مسألة ذات اهتمام ملحٍّ لاولئك الذين يُبقون في اذهانهم رجاء ارضيا: ماذا سينتج للجنس البشري من المُلك السماوي لـ «ملك الملوك» و ‹المدعوين والمختارين والأمناء الذين معه›؟ (رؤيا ١٧:١٤) للاجابة، يعود بنا يوحنا مرة اخرى الى بداية حكم الالف سنة.
[الحواشي]
a تقول آيات اخرى ان يسوع كان في هادِس فيما كان ميتا. (اعمال ٢:٣١) ولكن، لا يجب ان نستنتج ان هادِس والمهواة هما دائما الشيء نفسه. ففيما يذهب الوحش والشيطان الى المهواة، فان البشر فقط يقال انهم يذهبون الى هادِس، حيث يرقدون في الموت الى ان يقاموا. — ايوب ١٤:١٣؛ رؤيا ٢٠:١٣.
b الفأس (باليونانية، پِلِكيس ) كانت على ما يبدو الاداة التقليدية للاعدام في روما، على الرغم من انه في ايام يوحنا كان السيف اكثر استعمالا عموما. (اعمال ١٢:٢) ولذلك فإن الكلمة اليونانية المستعملة هنا، پِپِلِكيسمِنون («أُعدموا بالفأس»)، تعني ببساطة «أُعدموا».
c على نحو مثير للاهتمام، يخبر مؤرخ القرن الرابع اوسابيوس ان پاپياس هيراپوليس، الذي يُعتقد انه تلقّى بعض معرفته للكتاب المقدس من تلاميذ ليوحنا، كاتب سفر الرؤيا، آمن بحكم المسيح ألف سنة حرفية (على الرغم من ان اوسابيوس عارضه بقوة). — تاريخ الكنيسة، اوسابيوس، ٣:٣٩.
[الصورة في الصفحة ٢٩٣]
البحر الميت. الموقع المحتمل لسدوم وعمورة
[الصور في الصفحة ٢٩٤]
«أضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلكِ ونسلها. هو يسحق رأسكِ وأنتِ تسحقين عقبه»
-
-
يوم دينونة اللّٰه — نتيجته المبهجة!الرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٤١
يوم دينونة اللّٰه — نتيجته المبهجة!
الرؤيا ١٥ — رؤيا ٢٠:١١–٢١:٨
الموضوع: القيامة العامة، يوم الدينونة، وبركات السموات الجديدة والارض الجديدة
وقت الاتمام: حكم الالف السنة
١ (أ) ماذا خسر الجنس البشري عندما اخطأ آدم وحواء؟ (ب) اي قصد للّٰه لم يتغيَّر، وكيف نعرف ذلك؟
كبشر، خُلقنا لنحيا الى الابد. ولو اطاع آدم وحواء وصايا اللّٰه لما ماتا قط. (تكوين ١:٢٨؛ ٢:٨، ١٦، ١٧؛ جامعة ٣:١٠، ١١) أما عندما اخطأا فخسرا الكمال والحياة لانفسهما ولذريتهما على السواء، وجاء الموت ليملك على الجنس البشري كعدوٍّ قاسٍ. (روما ٥:١٢، ١٤؛ ١ كورنثوس ١٥:٢٦) غير ان قصد اللّٰه ان يحيا بشر كاملون الى الابد على ارض فردوسية لم يتغيَّر. فبدافع من محبته العظيمة للجنس البشري، ارسل الى الارض الابن، مولوده الوحيد، يسوع، الذي قدَّم حياته البشرية الكاملة فدية عن «كثيرين» من ذرية آدم. (متى ٢٠:٢٨؛ يوحنا ٣:١٦) ويمكن ليسوع الآن ان يستعمل هذا الاستحقاق الشرعي لذبيحته ليردّ البشر المؤمنين الى الحياة بكمال على ارض فردوسية. (١ بطرس ٣:١٨؛ ١ يوحنا ٢:٢) فيا له من سبب عظيم ‹ليبتهج ويفرح› الجنس البشري! — اشعيا ٢٥:٨، ٩.
٢ بماذا يخبر يوحنا في رؤيا ٢٠:١١، وما هو ‹العرش العظيم الابيض›؟
٢ واذ يُحجز الشيطان في المهواة، يبتدئ حكم يسوع المجيد ألف سنة. انه الآن ‹اليوم› الذي فيه اللّٰه «مزمع ان يدين المسكونة بالبر برجل قد عيَّنه». (اعمال ١٧:٣١؛ ٢ بطرس ٣:٨) يعلن يوحنا: «ورأيت عرشا عظيما ابيض والجالس عليه. من امامه هربت الارض والسماء، ولم يوجد لهما موضع». (رؤيا ٢٠:١١ ) فما هو ‹العرش العظيم الابيض› هذا؟ لا يمكن ان يكون سوى كرسي دينونة «اللّٰه ديَّان الجميع». (عبرانيين ١٢:٢٣) والآن سيدين الجنس البشري في ما يتعلق بمَن سيستفيدون من ذبيحة يسوع الفدائية. — مرقس ١٠:٤٥.
٣ (أ) الى ماذا يشير واقع ان عرش اللّٰه يُقال انه «عظيم» و «ابيض»؟ (ب) مَن سيدين في يوم الدينونة، وعلى اي اساس؟
٣ ان عرش اللّٰه «عظيم»، مما يشدد على فخامة يهوه بصفته السيد الرب، وهو «ابيض»، لافتا الانتباه الى برّه العديم العيب. انه الديَّان الاخير للجنس البشري. (مزمور ١٩:٧-١١؛ اشعيا ٣٣:٢٢؛ ٥١:٥، ٨) ولكنه انتدب يسوع المسيح لعمل الدينونة: «الآب لا يدين احدا البتة، بل فوض كل الدينونة الى الابن». (يوحنا ٥:٢٢) ومع يسوع هنالك معاونوه الـ ٠٠٠,١٤٤ الذين «أُعطوا سلطة ان يدينوا . . . ألف سنة». (رؤيا ٢٠:٤) ومع ذلك، فإن مقاييس يهوه هي التي تقرِّر ما سيحدث لكل فرد في خلال يوم الدينونة.
٤ ماذا يعني انه «هربت الارض والسماء»؟
٤ وكيف كان ان ‹الارض والسماء هربتا›؟ هذه هي السماء عينها التي مضت كدَرْج عند فتح الختم السادس — الدول الحاكمة البشرية التي هي «مدخرة . . . للنار ومحفوظة ليوم الدينونة وهلاك الناس الكافرين». (رؤيا ٦:١٤؛ ٢ بطرس ٣:٧) والارض هي نظام الاشياء المنظَّم الموجود تحت هذا الحكم. (رؤيا ٨:٧) ودمار الوحش وملوك الارض وجيوشهم، الى جانب اولئك الذين نالوا سمة الوحش واولئك الذين يؤدون العبادة لصورته، يسم هرب هذه السماء والارض. (رؤيا ١٩:١٩-٢١) واذ تكون الدينونة قد نُفِّذت في ارض وسماء الشيطان، يُصدِر الديَّان العظيم أمرا بيوم دينونة آخر.
يوم دينونة الالف السنة
٥ بعد هرب الارض القديمة والسماء القديمة، مَن هم الذين يبقون ليدانوا؟
٥ ومَن يبقون ليدانوا بعد هرب الارض القديمة والسماء القديمة؟ ليس البقية الممسوحة من الـ ٠٠٠,١٤٤، لأن هؤلاء قد دينوا وخُتموا. وإذا كان ايٌّ من الممسوحين لا يزال حيًّا على الارض بعد هرمجدون يجب ان يموت بُعيد ذلك وينال مكافأته السماوية بالقيامة. (١ بطرس ٤:١٧؛ رؤيا ٧:٢-٤) ولكنَّ الملايين من الجمع الكثير الذين يأتون الآن من الضيق العظيم يقفون على نحو لافت «امام العرش». هؤلاء كانوا قد حُسبوا ابرارا للنجاة بسبب ايمانهم بدم يسوع المسفوك، ولكنَّ دينونتهم يجب ان تستمر خلال الالف السنة فيما يداوم يسوع على ارشادهم الى «ينابيع مياه الحياة». وبعد ذلك، اذ يُردُّون الى الكمال البشري وبعدئذ يُمتحنون، سيتبررون بالمعنى الاكمل. (رؤيا ٧:٩، ١٠، ١٤، ١٧) والاولاد الذين ينجون من الضيق العظيم وأيّ من الاولاد المولودين للجمع الكثير في خلال الالف السنة سيلزمهم على نحو مشابه ان يدانوا في خلال الالف السنة. — قارنوا تكوين ١:٢٨؛ ٩:٧؛ ١ كورنثوس ٧:١٤.
٦ (أ) اي حشد يراه يوحنا، والى ماذا تشير العبارة «الكبار والصغار»؟ (ب) كيف سيؤتى بملايين لا تُحصى في ذاكرة اللّٰه دون شك؟
٦ ولكنَّ يوحنا يلاحظ حشدا هائلا اكثر بكثير من الجمع الكثير الناجي. وسيبلغ عدده آلاف الملايين! «ورأيت الاموات، الكبار والصغار، واقفين امام العرش، وفُتحت ادراج». (رؤيا ٢٠:١٢ أ ) ان «الكبار والصغار» يشملون البارزين اضافة الى الاقل بروزا من البشر الذين عاشوا وماتوا على هذه الارض في خلال الـ ٠٠٠,٦ سنة الماضية. وفي الانجيل الذي كتبه الرسول يوحنا بُعيد سفر الرؤيا، قال يسوع عن الآب: «وأعطى [يسوع] سلطة ان يدين، لأنه ابن الانسان. لا تتعجبوا من هذا، لأنها تأتي الساعة التي يسمع فيها جميع الذين في القبور التذكارية صوته فيخرجون». (يوحنا ٥:٢٧-٢٩) فيا له من مشروع مذهل — إبطال الوفيات والمدافن في كل التاريخ! ودون شك، ان هذه الملايين التي لا تُحصى في ذاكرة اللّٰه سيؤتى بها تدريجيا بحيث يكون الجمع الكثير — القليل جدا بالمقارنة — قادرا على معالجة المشاكل التي قد تنشأ لأن المقامين قد يميلون اولا الى اتِّباع نمط حياتهم القديم، بضعفاته ومواقفه الجسدية.
مَن يقامون ويدانون؟
٧، ٨ (أ) اي دَرْج ينفتح، وماذا يحدث بعد ذلك؟ (ب) لمن لن تكون هنالك قيامة؟
٧ يضيف يوحنا: «وفُتح دَرْج آخر، هو دَرْج الحياة. ودين الاموات مما هو مكتوب في الادراج بحسب اعمالهم. وسلَّم البحر الاموات الذين فيه، وسلَّم الموت وهادس الاموات الذين فيهما، ودينوا كل واحد بحسب اعماله». (رؤيا ٢٠:١٢ب، ١٣ ) انه لمشهد باهر فعلا! ‹البحر، الموت، وهادس› كلٌّ يلعب دورا، ولكن لاحظوا ان هذه التعابير لا يستثني احدها الآخر.a فيونان، عندما كان في جوف سمكة وبالتالي في وسط البحر، تحدَّث عن نفسه كأنه في شيول، او هادس. (يونان ٢:٢) واذا أُمسك شخص في قبضة الموت الآدمي، فهو على الارجح في هادس ايضا. وهذه الكلمات النبوية تقدِّم ضمانا قويا بأنه لن يُغفَل عن احد.
٨ طبعا، هنالك عدد غير معروف ممن لن يقاموا. وبين هؤلاء الكتبة والفريسيون غير التائبين الذين رفضوا يسوع والرسل، «انسان التعدي» الديني، والمسيحيون الممسوحون الذين «زلوا بعيدا». (٢ تسالونيكي ٢:٣؛ عبرانيين ٦:٤-٦؛ متى ٢٣:٢٩-٣٣) وتحدَّث يسوع ايضا عن الناس المشبَّهين بالجداء عند نهاية العالم الذين يمضون الى «النار الابدية المهيأة لإبليس وملائكته»، اي ‹القطع الابدي›. (متى ٢٥:٤١، ٤٦) فلا قيامة لهؤلاء!
٩ كيف يشير الرسول بولس الى ان البعض ستكون لهم خصوصا حظوة في القيامة، ومَن يشمل هؤلاء؟
٩ ومن ناحية اخرى، ستكون للبعض خصوصا حظوة في القيامة. وأشار الرسول بولس الى ذلك عندما قال: «لي رجاء باللّٰه . . . أنه سوف تكون قيامة للابرار والاثمة». (اعمال ٢٤:١٥) وفي ما يتعلق بالقيامة الارضية، سيشمل «الابرار» الرجال والنساء الامناء قديما — ابراهيم، راحاب، وآخرين كثيرين — الذين تبرَّروا في ما يتعلق بالصداقة مع اللّٰه. (يعقوب ٢:٢١، ٢٣، ٢٥) وفي هذا الفريق نفسه سيكون هنالك اولئك الخراف الاخر الابرار الذين ماتوا امناء ليهوه في الازمنة العصرية. وعلى الارجح، فان امثال هؤلاء المحافظين على الاستقامة جميعا سيقامون باكرا في حكم يسوع الالفي. (ايوب ١٤:١٣-١٥؛ ٢٧:٥؛ دانيال ١٢:١٣؛ عبرانيين ١١:٣٥، ٣٩، ٤٠) ولا شك ان كثيرين من هؤلاء الابرار المقامين ستُعيَّن لهم امتيازات خصوصية في الاشراف على عمل الردّ الهائل في الفردوس. — مزمور ٤٥:١٦؛ قارنوا اشعيا ٣٢:١، ١٦-١٨؛ ٦١:٥؛ ٦٥:٢١-٢٣.
١٠ بين الذين سيقامون، مَن هم «الاثمة»؟
١٠ ولكن، مَن هم «الاثمة» المذكورون في اعمال ٢٤:١٥؟ هؤلاء يشملون الجماهير الكبيرة من الجنس البشري الذين ماتوا في كل التاريخ، وعلى نحو خصوصي اولئك الذين عاشوا في ‹ازمنة الجهل›. (اعمال ١٧:٣٠) فهؤلاء، بسبب مكان ولادتهم او وقت عيشهم، لم ينالوا الفرصة ليتعلموا الطاعة لمشيئة يهوه. واضافة الى ذلك، قد يكون هنالك بعض الذين سمعوا رسالة الخلاص ولكنهم لم يتجاوبوا كاملا في ذلك الحين او ماتوا قبل ان يتقدَّموا الى الانتذار والمعمودية. وفي القيامة سيكون على مثل هؤلاء ان يصنعوا تعديلات اضافية في تفكيرهم ومسلك حياتهم اذا كانوا سيستفيدون من هذه الفرصة لربح الحياة الابدية.
دَرْج الحياة
١١ (أ) ما هو «دَرْج الحياة»، وأسماء مَن مسجَّلة في هذا الدَّرْج؟ (ب) لماذا سينفتح دَرْج الحياة في خلال حكم الالف السنة؟
١١ يتحدَّث يوحنا عن «دَرْج الحياة». وهذا سجل للذين هم في طريقهم لنيل الحياة الابدية من يهوه. وأسماء اخوة يسوع الممسوحين، الجمع الكثير، والرجال الامناء قديما، كموسى، مسجَّلة في هذا الدَّرْج. (خروج ٣٢:٣٢، ٣٣؛ دانيال ١٢:١؛ رؤيا ٣:٥) وحتى الآن، لا احد من المقامين «الاثمة» يكون اسمه في دَرْج الحياة. ولذلك سينفتح دَرْج الحياة في خلال حكم الالف السنة للسماح بكتابة اسماء الآخرين الذين يصيرون مؤهَّلين. والذين لا تُكتب اسماؤهم في دَرْج، او كتاب، الحياة ‹يُطرحون في بحيرة النار›. — رؤيا ٢٠:١٥؛ قارنوا عبرانيين ٣:١٩.
١٢ ماذا سيقرر ما اذا كان الشخص يُكتب اسمه في دَرْج الحياة المفتوح، وكيف رسم ديّان يهوه المعيَّن المثال؟
١٢ اذًا، ماذا سيقرر ما اذا كان الشخص يُكتب اسمه في دَرْج الحياة المفتوح في ذلك الحين؟ ان العامل الرئيسي سيكون تماما كما كان في ايام آدم وحواء: الطاعة ليهوه. وكما كتب الرسول يوحنا الى الرفقاء المسيحيين المحبوبين: «العالم يزول وكذلك شهوته، وأما الذي يصنع مشيئة اللّٰه فيبقى الى الابد». (١ يوحنا ٢:٤-٧، ١٧) وفي مسألة الطاعة، رسم ديّان يهوه المعيَّن المثال: «مع كون [يسوع] ابنا، تعلم الطاعة مما تألم به. وبعدما كُمِّل، عُهِد إليه بالخلاص الابدي». — عبرانيين ٥:٨، ٩.
فتح ادراج اخرى
١٣ كيف يجب ان يعرب المقامون عن طاعتهم، وأية مبادئ يجب ان يتَّبعوا؟
١٣ وكيف يجب ان يعرب هؤلاء المقامون عن طاعتهم؟ اشار يسوع نفسه الى الوصيتين العظميين قائلا: «الاولى هي: ‹اسمع يا إسرائيل، يهوه إلهنا، يهوه واحد، وتحب يهوه إلهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل عقلك وبكل قوتك›. والثانية هي هذه: ‹تحب قريبك كنفسك›». (مرقس ١٢:٢٩-٣١) وهنالك ايضا مبادئ يهوه الثابتة جيدا التي يجب ان يتَّبعوها، كالامتناع عن السرقة، الكذب، القتل، والفساد الادبي. — ١ تيموثاوس ١:٨-١١؛ رؤيا ٢١:٨.
١٤ اية ادراج اخرى تنفتح، وعلى ماذا تحتوي؟
١٤ ولكنَّ يوحنا يذكر الآن ادراجا اخرى ستنفتح في خلال الحكم الالفي. (رؤيا ٢٠:١٢) فماذا ستكون هذه؟ كان يهوه احيانا يعطي ارشادات محدَّدة لأوضاع خصوصية. مثلا، في ايام موسى زوَّد سلسلة شرائع مفصَّلة عنت الحياة للاسرائيليين اذا اطاعوا. (تثنية ٤:٤٠؛ ٣٢:٤٥-٤٧) وفي خلال القرن الاول، أُعطيت ارشادات جديدة لمساعدة الامناء على اتِّباع مبادئ يهوه في ظل نظام الاشياء المسيحي. (متى ٢٨:١٩، ٢٠؛ يوحنا ١٣:٣٤؛ ١٥:٩، ١٠) والآن يخبر يوحنا ان الاموات سوف ‹يدانون مما هو مكتوب في الادراج بحسب اعمالهم›. من الواضح، اذًا، ان فتح هذه الادراج سينشر مطالب يهوه المفصَّلة للجنس البشري في خلال الالف السنة. وبتطبيق فرائض ووصايا هذه الادراج في حياتهم، سيكون البشر الطائعون قادرين على اطالة ايامهم، بالغين اخيرا الحياة الابدية.
١٥ اي نوع من الحملات التعليمية سيكون لازما في اثناء القيامة، وكيف ستتقدَّم القيامة على الارجح؟
١٥ يا للحملة الواسعة من التعليم الثيوقراطي التي ستكون لازمة! وفي السنة ٢٠٠٥ كان شهود يهوه في كل العالم يديرون، كمعدَّل، ٥٣٤,٠٦١,٦ درسا في الكتاب المقدس في مواقع مختلفة. أما في اثناء القيامة فستُدار دون شك ملايين لا تُحصى من الدروس المؤسسة على الكتاب المقدس والادراج الجديدة! وسيلزم كل شعب اللّٰه ان يصيروا معلِّمين وأن يبذلوا انفسهم. والمقامون، اذ يتقدَّمون، سيشاركون دون شك في برنامج التعليم الواسع هذا. وعلى الارجح، ستتقدَّم القيامة بحيث يمكن لاولئك الذين هم احياء ان يبتهجوا باستقبال وتعليم اعضاء العائلة والمعارف السابقين الذين، بدورهم، يمكن ان يستقبلوا ويعلِّموا آخرين. (قارنوا ١ كورنثوس ١٥:١٩-٢٨، ٥٨.) وشهود يهوه الاكثر من ستة ملايين الذين هم نشاطى في نشر الحق اليوم يضعون اساسا حسنا للامتيازات التي يرجون نيلها في اثناء القيامة. — اشعيا ٥٠:٤؛ ٥٤:١٣.
١٦ (أ) اسماء مَن لن تُكتب في دَرْج، او كتاب، الحياة؟ (ب) مَن هم الذين ستبرهن قيامتهم انها «قيامة للحياة»؟
١٦ وفي ما يتعلق بالقيامة الارضية قال يسوع ان ‹الذين فعلوا الصالحات يخرجون الى قيامة للحياة، والذين مارسوا الرذائل الى قيامة للدينونة›. هنا تتباين «الحياة» و «الدينونة»، مما يظهر ان المقامين الذين «مارسوا الرذائل» بعدما تعلَّموا الكتاب المقدس والادراج يدانون بعدم الجدارة بالحياة. وأسماؤهم لن تُكتب في دَرْج، او كتاب، الحياة. (يوحنا ٥:٢٩) ويصح ذلك ايضا في كل مَن اتَّبع سابقا مسلكا امينا ولكنه، لسبب ما، انحرف في خلال حكم الالف السنة. فالاسماء يمكن ان تُمحى. (خروج ٣٢:٣٢، ٣٣) ومن ناحية ثانية، فإن اولئك الذين يتَّبعون بطاعة الامور المكتوبة في الادراج سيُبقون اسماءهم في السجل المكتوب، دَرْج الحياة، ويستمرون احياء. وبالنسبة اليهم، ستبرهن القيامة انها «قيامة للحياة».
نهاية الموت وهادس
١٧ (أ) اي عمل رائع يصفه يوحنا؟ (ب) متى تُفرغ هادس؟ (ج) متى ‹يُطرح› الموت الآدمي «في بحيرة النار»؟
١٧ وبعد ذلك يصف يوحنا شيئا رائعا حقا! «وطُرح الموت وهادس في بحيرة النار. وبحيرة النار هذه تمثِّل الموت الثاني. ومَن لم يوجد مكتوبا في كتاب الحياة طُرح في بحيرة النار». (رؤيا ٢٠:١٤، ١٥ ) بحلول نهاية يوم الدينونة الالفي، يُزال «الموت وهادس» تماما. ولماذا يشمل ذلك ألف سنة؟ ان هادس، المدفن العام لكل الجنس البشري، تُفرغ عندما يقام آخر شخص في ذاكرة اللّٰه. ولكن ما دام البشر ملطخين بالخطية الموروثة، فإن الموت الآدمي يلازمهم. وجميع الذين يقامون على الارض، بالاضافة الى الجمع الكثير الذي ينجو من هرمجدون، سيلزمهم ان يطيعوا ما هو مكتوب في الادراج الى ان يطبَّق استحقاق فدية يسوع في الازالة الكاملة للمرض، الشيخوخة، وأيّ عجز موروث آخر. حينئذ، ‹يُطرح› الموت الآدمي، مع هادس، «في بحيرة النار». وسيولِّيان الى الابد!
١٨ (أ) كيف يصف الرسول بولس نجاح ملك يسوع؟ (ب) ماذا يفعل يسوع بالعائلة البشرية المكمَّلة؟ (ج) اية امور اخرى تحدث عند نهاية الالف السنة؟
١٨ وهكذا يتم البرنامج الذي يصفه الرسول بولس في رسالته الى اهل كورنثوس: «فلا بد له [يسوع] ان يملك الى ان يضع اللّٰه كل الاعداء تحت قدميه. آخر عدو يُباد هو الموت [الآدمي]». وماذا يحدث بعد ذلك؟ «متى أُخضع للابن كل شيء، فحينئذ سيخضع هو نفسه ايضا للذي أَخضع له كل شيء». وبكلمات اخرى، فان يسوع «يسلِّم المملكة الى إلهه وأبيه». (١ كورنثوس ١٥:٢٤-٢٨) نعم، ان يسوع، اذ يكون قد غلب الموت الآدمي باستحقاق ذبيحته الفدائية، سيسلِّم عائلة بشرية مكمَّلة لابيه، يهوه. ومن الواضح انه في هذه المرحلة، عند نهاية الالف السنة، يُطلَق سراح الشيطان ويحدث الامتحان الاخير لتقرير اسماء مَن ستبقى على نحو دائم مسجَّلة في دَرْج الحياة. ‹فاجتهدوا› لكي يكون اسمكم بينها! — لوقا ١٣:٢٤؛ رؤيا ٢٠:٥.
[الحاشية]
a ان الذين يقامون من البحر لا يشملون سكان الارض الفاسدين الذين هلكوا في الطوفان ايام نوح؛ فذلك الدمار كان نهائيا، كما سيكون تنفيذ دينونة يهوه في الضيق العظيم. — متى ٢٥:٤١، ٤٦؛ ٢ بطرس ٣:٥-٧.
[الصورة في الصفحة ٢٩٨]
المقامون «الاثمة» الذين يطيعون الادراج المفتوحة في خلال حكم الالف السنة يمكن ان تكون اسماؤهم مكتوبة ايضا في دَرْج الحياة
-
-
سماء جديدة وأرض جديدةالرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!
-
-
الفصل ٤٢
سماء جديدة وأرض جديدة
١ ماذا يصف يوحنا عندما يعود به الملاك الى بداية حكم الالف سنة؟
هذه الرؤيا المجيدة تستمر في الانكشاف اذ يعود الملاك بيوحنا الى بداية حكم الالف سنة. وماذا يصف؟ «ورأيت سماء جديدة وأرضا جديدة، لأن السماء الاولى والارض الاولى زالتا، والبحر لا يكون من بعد». (رؤيا ٢١:١ ) منظر شامل آسر يصير ظاهرا!
٢ (أ) كيف تمت نبوة اشعيا عن سموات جديدة وأرض جديدة في اليهود المستردّين في السنة ٥٣٧ قم؟ (ب) كيف نعرف انه سيكون هنالك انطباق اضافي لنبوة اشعيا، وكيف يتم هذا الوعد؟
٢ قبل ايام يوحنا بمئات السنين، قال يهوه لاشعيا: «لأني هأنذا خالق سموات جديدة وأرضا جديدة، فلا تُذكَر الامور السابقة ولا تصعد على القلب». (اشعيا ٦٥:١٧؛ ٦٦:٢٢) تمت هذه النبوة اولا عندما عاد اليهود الامناء الى اورشليم في السنة ٥٣٧ قم بعد سبيهم ٧٠ سنة في بابل. وفي ذلك الردّ، شكَّلوا مجتمعا مطهَّرا، «ارضا جديدة»، تحت نظام حكومي جديد، «سموات جديدة». ولكنَّ الرسول بطرس اشار الى انطباق اضافي للنبوة قائلا: «لكننا ننتظر بحسب وعده سموات جديدة وأرضا جديدة، فيها يسكن البر». (٢ بطرس ٣:١٣) ويظهر يوحنا الآن ان هذا الوعد يتم في اثناء يوم الرب. ان «السماء الاولى والارض الاولى»، نظام اشياء الشيطان المنظَّم ببنيته الحكومية التي يسيطر عليها الشيطان وأبالسته، ستزولان. و «البحر» المضطرب للجنس البشري المتمرد الشرير سيتوقف عن الوجود. وستحل محله ‹سماء جديدة وأرض جديدة› — مجتمع ارضي جديد في ظل حكومة جديدة، ملكوت اللّٰه. — قارنوا رؤيا ٢٠:١١.
٣ (أ) ماذا يصف يوحنا، وما هي اورشليم الجديدة؟ (ب) كيف تكون اورشليم الجديدة «نازلة من السماء»؟
٣ يتابع يوحنا: «ورأيت ايضا المدينة المقدسة، اورشليم الجديدة، نازلة من السماء من عند اللّٰه مهيَّأة كعروس مزيَّنة لعريسها». (رؤيا ٢١:٢ ) ان اورشليم الجديدة هي عروس المسيح، المؤلفة من المسيحيين الممسوحين الذين يبقون امناء حتى الموت والذين يقامون ليصيروا ملوكا وكهنة مع يسوع الممجَّد. (رؤيا ٣:١٢؛ ٢٠:٦) وكما صارت اورشليم الارضية مقرّ الحكومة في اسرائيل القديمة، تشكِّل اورشليم الجديدة الرائعة وعريسها حكومة نظام الاشياء الجديد. هذه هي السماء الجديدة. و ‹العروس تنزل من السماء›، ليس حرفيا، بل بمعنى توجيه الانتباه الى الارض. وستكون عروس الحمل رفيقته المساعِدة الوليَّة في ادارة حكومة بارة على كل الجنس البشري. بركة حقا للارض الجديدة!
٤ اي وعد يصنعه اللّٰه مماثل لذاك الذي صنعه لأمة اسرائيل المشكَّلة حديثا؟
٤ ويخبرنا يوحنا ايضا: «وسمعت صوتا عاليا من العرش يقول: ‹ها خيمة اللّٰه مع الناس، فسيسكن معهم، وهم يكونون له شعبا. واللّٰه نفسه يكون معهم›». (رؤيا ٢١:٣ ) عندما صنع يهوه عهد الشريعة مع امة اسرائيل الجديدة آنذاك، وعد: «اجعل مسكني في وسطكم، ولا تمقتكم نفسي. وأسير في وسطكم وأكون لكم إلها، وأنتم تكونون لي شعبا». (لاويين ٢٦:١١، ١٢) والآن يصنع يهوه وعدا مماثلا للبشر الامناء. ففي خلال يوم دينونة الالف سنة، سيصيرون شعبا خصوصيا جدا له.
٥ (أ) كيف سيسكن اللّٰه مع الجنس البشري في خلال الحكم الالفي؟ (ب) كيف سيسكن اللّٰه بين الجنس البشري بعد حكم الالف سنة؟
٥ في خلال الحكم الالفي، «سيسكن» يهوه بين الجنس البشري في ترتيب وقتي، اذ يمثِّله ابنه الملكي، يسوع المسيح. أما عند نهاية حكم الالف سنة، حين يسلِّم يسوع الملْك لابيه، فلن يلزم ممثِّل ملكي او شفيع. فيهوه سيسكن روحيا مع ‹شعبه› بطريقة دائمة ومباشرة. (قارنوا يوحنا ٤:٢٣، ٢٤.) فيا له من امتياز رفيع للبشرية المستردَّة!
٦، ٧ (أ) اية مواعيد عظمى يكشفها يوحنا، ومَن سيتمتعون بالبركات؟ (ب) كيف يصف اشعيا فردوسا روحيا وجسديا على السواء؟
٦ يمضي يوحنا قائلا: «وسيمسح كل دمعة من عيونهم، والموت لا يكون في ما بعد، ولا يكون نَوْح ولا صراخ ولا وجع في ما بعد. فالامور السابقة قد زالت». (رؤيا ٢١:٤ ) مرة اخرى، يجري تذكيرنا بالمواعيد الملهمة الابكر. فإشعيا ايضا تطلَّع الى الوقت حين لا يكون الموت والنَّوْح في ما بعد ويُستبدل الحزن بالابتهاج. (اشعيا ٢٥:٨؛ ٣٥:١٠؛ ٥١:١١؛ ٦٥:١٩) ويؤكد يوحنا الآن ان هذه المواعيد لها اتمام رائع في اثناء يوم دينونة الالف سنة. والجمع الكثير سيتمتع اولا بالبركات. ان «الحمل الذي في وسط العرش»، اذ يستمر في رعايتهم، «يرشدهم الى ينابيع مياه الحياة. وسيمسح اللّٰه كل دمعة من عيونهم». (رؤيا ٧:٩، ١٧) ولكن في نهاية الامر سيكون هنالك معهم جميع الذين يقامون ويمارسون الايمان بتدابير يهوه، متمتعين بفردوس روحي وجسدي على السواء.
٧ «حينئذ»، يقول اشعيا، «تنفتح عيون العمي، وآذان الصم تتفتح». نعم، «حينئذ يقفز الاعرج كالأُيل، ويهلل لسان الابكم». (اشعيا ٣٥:٥، ٦) حينئذ ايضا، «يبنون بيوتا ويسكنون فيها، ويغرسون كروما ويأكلون ثمرها. لا يبنون وآخر يسكن، ولا يغرسون وآخر يأكل. لأنه كأيام الشجرة تكون ايام شعبي، وينتفع مختاريَّ من عمل ايديهم كاملا». (اشعيا ٦٥:٢١، ٢٢) ولذلك لن يُستأصلوا من الارض.
٨ ماذا يقول يهوه نفسه في ما يتعلق بامكانية الاعتماد على هذه المواعيد العظمى؟
٨ يا لها من لمحات رائعة تملأ اذهاننا اذ نتأمل في هذه المواعيد! فهنالك تدابير عجيبة تنتظر الجنس البشري الامين في ظل حكومة السماء الحبية. فهل مثل هذه المواعيد احسن من ان تتحقَّق؟ وهل هي مجرد احلام رجل مسن منفي في جزيرة بطمس؟ يجيب يهوه نفسه: «وقال الجالس على العرش: ‹ها انا اصنع كل شيء جديدا›. وقال ايضا: ‹اكتب، لأن هذه الكلمات امينة وحقة›. وقال لي: ‹قد تمّت! انا هو الالف والياء، البداية والنهاية›». — رؤيا ٢١:٥، ٦ أ.
٩ لماذا يمكن اعتبار هذه البركات المستقبلية اكيدة التحقُّق من غير ريب؟
٩ انه كما لو ان يهوه نفسه يوقِّع لاجل الجنس البشري الامين كفالة، او سند ملكية، لهذه البركات المستقبلية. فمَن يجرؤ على الشك في كفيل كهذا؟ ان مواعيد يهوه هذه اكيدة بحيث يتحدَّث كما لو انها تمت: «قد تمّت!». أليس يهوه هو «الالف والياء . . . الكائن والذي كان والذي يأتي، القادر على كل شيء»؟ (رؤيا ١:٨) انه كذلك فعلا! وهو نفسه يعلن: «انا الاول وأنا الآخِر، ولا اله غيري». (اشعيا ٤٤:٦) ولانه هكذا، يمكنه ان يوحي بالنبوات ويتمِّمها بكل تفصيل. وكم يكون ذلك مقويا للايمان! ولذلك يعد: «ها انا اصنع كل شيء جديدا». فعوض ان نشك في ما اذا كانت هذه العجائب ستحدث حقا، يجب بالتاكيد ان نتساءل: ‹ماذا يلزمني شخصيا ان افعل لأرث بركات كهذه؟›.
«ماء» للعطاش
١٠ اي «ماء» يقدِّمه يهوه، وماذا يمثِّل؟
١٠ ويهوه نفسه هو الذي يعلن: «من يعطش فسأعطيه من ينبوع ماء الحياة مجانا». (رؤيا ٢١:٦ ب ) لإرواء هذا العطش، يجب ان يكون الشخص مدركا حاجته الروحية ومستعدا لقبول ‹الماء› الذي يزوِّده يهوه. (اشعيا ٥٥:١؛ متى ٥:٣) ايّ «ماء»؟ اجاب يسوع نفسه عن هذا السؤال عند الشهادة لامرأة قرب بئر في السامرة. قال لها: «مَن يشرب من الماء الذي اعطيه انا له فلن يعطش ابدا، بل الماء الذي اعطيه له يصير فيه نبع ماء ينبع فيمنح حياة ابدية». و «ينبوع ماء الحياة» هذا يتدفق من اللّٰه بواسطة المسيح بصفته تدبيره لردّ الجنس البشري الى كمال الحياة. فكالمرأة السامرية، كم يجب ان نتوق الى الشرب بوفرة من هذا الينبوع! وكتلك المرأة، كم يجب ان نكون مستعدين لتخفيف الاهتمامات الدنيوية لمصلحة إخبار الآخرين بالبشارة! — يوحنا ٤:١٤، ١٥، ٢٨، ٢٩.
الغالبون
١١ اي وعد يصنعه يهوه، وعلى مَن تنطبق الكلمات اولا؟
١١ ان اولئك الذين يشربون من هذا ‹الماء› المنعش يجب ايضا ان يغلبوا، كما يمضي يهوه قائلا: «مَن يغلب يرث هذه، وأنا اكون له الها وهو يكون لي ابنا». (رؤيا ٢١:٧ ) هذا الوعد مماثل للوعود الموجودة في الرسائل الى الجماعات السبع؛ ولذلك يجب ان تنطبق هذه الكلمات في الدرجة الاولى على التلاميذ الممسوحين. (رؤيا ٢:٧، ١١، ١٧، ٢٦-٢٨؛ ٣:٥، ١٢، ٢١) واخوة المسيح الروحيون في كل العصور كانوا يتوقَّعون بتوق امتياز الكينونة جزءا من اورشليم الجديدة. فإذا غلبوا، كما غلب يسوع، فستتحقَّق آمالهم. — يوحنا ١٦:٣٣.
١٢ كيف سيتم وعد يهوه في رؤيا ٢١:٧ نحو الجمع الكثير؟
١٢ والجمع الكثير من كل الامم يتطلَّع ايضا الى هذا الوعد. فهم ايضا يجب ان يغلبوا، خادمين اللّٰه بولاء الى ان يخرجوا من الضيق العظيم. وحينئذ سيدخلون الى ميراثهم الارضي، ‹الملكوت المهيَّإ لهم منذ تأسيس العالم›. (متى ٢٥:٣٤) هؤلاء والآخرون من خراف الرب الارضيين الذين يجتازون الامتحان عند نهاية الالف سنة يُدعون «قديسين». (رؤيا ٢٠:٩) فسيتمتعون بعلاقة مقدسة وبنوية بخالقهم، يهوه اللّٰه، كأعضاء في هيئته الكونية. — اشعيا ٦٦:٢٢؛ يوحنا ٢٠:٣١؛ روما ٨:٢١.
١٣، ١٤ لنرث مواعيد اللّٰه العظمى، اية ممارسات يجب ان نتجنب بعزم، ولماذا؟
١٣ اذ ننظر الى هذا التوقُّع العظيم، كم يكون مهما ان يبقى شهود يهوه الآن طاهرين من الاشياء المدنِّسة لعالم الشيطان! ويلزمنا ان نبقى اقوياء، عازمين، ومصمِّمين ان لا يجرَّنا ابليس ابدا الى الفريق الذي يصفه يهوه نفسه هنا: «وأما الجبناء وغير المؤمنين والرجسون والقتلة والعاهرون وممارسو الارواحية وعبدة الاصنام وجميع الكذبة، فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت. هذه تمثل الموت الثاني». (رؤيا ٢١:٨ ) نعم، ان الوارث المحتمَل يجب ان يتجنب الممارسات التي تلوِّث نظام الاشياء القديم هذا. ويجب ان يغلب بالبقاء امينا في وجه كل الضغوط والاغراءات. — روما ٨:٣٥-٣٩.
١٤ والعالم المسيحي، على الرغم من ادعائه بأنه عروس المسيح، متميِّز بالممارسات المثيرة للاشمئزاز التي يصفها يوحنا هنا. ولذلك يهبط الى الدمار الابدي مع باقي بابل العظيمة. (رؤيا ١٨:٨، ٢١) وبشكل مشابه، ان الافراد من الممسوحين او من الجمع الكثير الذين ينهمكون في ممارسة شر كهذا، او يبدأون بالتشجيع عليه، سيكون مصيرهم الدمار الابدي. فإذا اصرّوا على هذه الاعمال، فلن يرثوا المواعيد. وفي الارض الجديدة، ان الافراد الذين يحاولون ان يُدخلوا ممارسات كهذه سيدمَّرون سريعا، ماضين الى الموت الثاني دون رجاء بقيامة. — اشعيا ٦٥:٢٠.
١٥ مَن هم البارزون كغالبين، وبأية رؤيا يؤتى بسفر الرؤيا الى ذروة مهيبة؟
١٥ والبارزون كغالبين هم الحمل، يسوع المسيح، وعروسه المؤلفة من ٠٠٠,١٤٤، اورشليم الجديدة. اذًا، كم يكون ملائما ان يؤتى بسفر الرؤيا هذا الى ذروة مهيبة بمشهد اخير يفوق العقل لاورشليم الجديدة! ويصف يوحنا الآن رؤيا اخيرة.
[الصورتان في الصفحة ٣٠٢]
في مجتمع الارض الجديدة، سيكون هنالك عمل ورفقة مبهجان للجميع
-