اِسْتِقَامَتُكَ تُفَرِّحُ قَلْبَ يَهْوَه
«يَا ٱبْنِي، كُنْ حَكِيمًا وَفَرِّحْ قَلْبِي، لِأُجِيبَ مَنْ يُعَيِّرُنِي». — ام ٢٧:١١.
١، ٢ (أ) مَاذَا ٱدَّعَى ٱلشَّيْطَانُ بِحَسَبِ سِفْرِ أَيُّوبَ؟ (ب) كَيْفَ نَعْرِفُ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ ٱسْتَمَرَّ يُعَيِّرُ يَهْوَه بَعْدَ زَمَنِ أَيُّوبَ؟
سَمَحَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ بِٱمْتِحَانِ ٱسْتِقَامَةِ خَادِمِهِ ٱلْوَلِيِّ أَيُّوبَ. فَخَسِرَ أَيُّوبُ مَوَاشِيَهُ وَأَوْلَادَهُ وَصِحَّتَهُ. لكِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَمْ يَقْصِدْ أَيُّوبَ وَحْدَهُ حِينَ شَكَّكَ فِي ٱسْتِقَامَتِهِ قَائِلًا: «جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ». فَهذَا ٱلِٱدِّعَاءُ أَثَارَ قَضِيَّةً تَجَاوَزَتْ بِأَبْعَادِهَا أَيُّوبَ ٱلْفَرْدَ، وَلَا تَزَالُ قَائِمَةً بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ مِنْ مَوْتِهِ. — اي ٢:٤.
٢ فَبَعْدَ تَجَارِبِ أَيُّوبَ بِنَحْوِ ٦٠٠ سَنَةٍ، أُوحِيَ إِلَى سُلَيْمَانَ أَنْ يَكْتُبَ: «يَا ٱبْنِي، كُنْ حَكِيمًا وَفَرِّحْ قَلْبِي، لِأُجِيبَ مَنْ يُعَيِّرُنِي». (ام ٢٧:١١) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ آنَذَاكَ كَانَ لَا يَزَالُ يُشَكِّكُ فِي سُلْطَانِ يَهْوَه. كَمَا أَنَّ ٱلرَّسُولَ يُوحَنَّا، فِي إِحْدَى ٱلرُّؤَى ٱلَّتِي أُعْطِيَتْ لَهُ، رَأَى ٱلشَّيْطَانَ يَتَّهِمُ خُدَّامَ ٱللّٰهِ عَقِبَ طَرْدِهِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فِي وَقْتٍ مَا بَعْدَ تَأْسِيسِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ سَنَةَ ١٩١٤. وَلَا يَزَالُ ٱلشَّيْطَانُ يُشَكِّكُ فِي ٱسْتِقَامَةِ خُدَّامِ ٱللّٰهِ حَتَّى ٱلْيَوْمِ فِي هذِهِ ٱلْمَرْحَلَةِ ٱلْمُتَقَدِّمَةِ مِنَ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ! — رؤ ١٢:١٠.
٣ أَيَّةُ دُرُوسٍ قَيِّمَةٍ نَسْتَخْلِصُهَا مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ؟
٣ تَأَمَّلْ فِي ثَلَاثَةِ دُرُوسٍ مُهِمَّةٍ نَسْتَخْلِصُهَا مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ. أَوَّلًا، تَكْشِفُ تَجَارِبُ أَيُّوبَ ٱلْقِنَاعَ عَنْ عَدُوِّ ٱلْبَشَرِ ٱلْحَقِيقِيِّ وَمَصْدَرِ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلَّتِي يُعَانِيهَا شَعْبُ ٱللّٰهِ: اَلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ. ثَانِيًا، يُمْكِنُنَا ٱلْمُحَافَظَةُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا مَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ تَجَارِبَ إِذَا نَمَّيْنَا عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِٱللّٰهِ. ثَالِثًا، يُسَاعِدُنَا ٱللّٰهُ عَلَى ٱحْتِمَالِ ٱلتَّجَارِبِ وَٱلْمِحَنِ، مِثْلَمَا سَاعَدَ أَيُّوبَ. وَهُوَ يَمُدُّنَا بِهذَا ٱلدَّعْمِ ٱلْيَوْمَ بِوَاسِطَةِ كَلِمَتِهِ وَهَيْئَتِهِ وَرُوحِهِ ٱلْقُدُسِ.
لَا تَنْسَ مَنِ ٱلْعَدُوُّ
٤ مَنِ ٱلْمَلُومُ عَلَى أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرَةِ؟
٤ كَثِيرُونَ لَا يُؤْمِنُونَ بِوُجُودِ ٱلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ. لِذلِكَ لَا يُدْرِكُونَ أَنَّهُ ٱلسَّبَبُ ٱلْحَقِيقِيُّ وَرَاءَ أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلَّتِي تُرْعِبُهُمْ. طَبْعًا، إِنَّ ٱلْكَثِيرَ مِنْ وَيْلَاتِ ٱلْبَشَرِ يَتَحَمَّلُ مَسْؤُولِيَّتَهَا ٱلْإِنْسَانُ نَفْسُهُ. فَأَبَوَانَا ٱلْأَوَّلَانِ آدَمُ وَحَوَّاءُ ٱخْتَارَا ٱلِٱسْتِقْلَالَ عَنْ خَالِقِهِمَا، وَمُنْذُ ذلِكَ ٱلْحِينِ، تَسْلُكُ ٱلْأَجْيَالُ ٱلْمُتَعَاقِبَةُ مَسْلَكًا فِي غَايَةِ ٱلْحَمَاقَةِ وَٱلتَّهَوُّرِ. لكِنَّ إِبْلِيسَ هُوَ ٱلَّذِي خَدَعَ حَوَّاءَ وَجَعَلَهَا تَتَمَرَّدُ عَلَى ٱللّٰهِ. وَهُوَ ٱلَّذِي أَنْشَأَ بَيْنَ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ ٱلنَّاقِصِ وَٱلْفَانِي نِظَامًا عَالَمِيًّا يَخْضَعُ لِسَيْطَرَتِهِ. وَلِأَنَّهُ «إِلٰهُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا»، يَعْكِسُ ٱلْمُجْتَمَعُ ٱلْبَشَرِيُّ ٱلصِّفَاتِ نَفْسَهَا ٱلَّتِي يُعْرِبُ هُوَ عَنْهَا: اَلْكِبْرِيَاءَ، ٱلنَّزْعَةَ إِلَى ٱلْخِصَامِ، ٱلْغَيْرَةَ، ٱلْجَشَعَ، ٱلْخِدَاعَ، وَٱلتَّمَرُّدَ. (٢ كو ٤:٤؛ ١ تي ٢:١٤؛ ٣:٦؛ اِقْرَأْ يعقوب ٣:١٤، ١٥.) وَهذِهِ ٱلصِّفَاتُ تُؤَدِّي إِلَى ٱلنِّزَاعَاتِ ٱلسِّيَاسِيَّةِ وَٱلدِّينِيَّةِ وَٱلْبُغْضِ وَٱلْفَسَادِ وَٱلْفَوْضَى ٱلَّتِي تَلْعَبُ دَوْرًا كَبِيرًا فِي شَقَاءِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ.
٥ مَاذَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَفْعَلَ بِمَعْرِفَتِنَا ٱلثَّمِينَةِ؟
٥ مَا أَثْمَنَ ٱلْمَعْرِفَةَ ٱلَّتِي نَمْتَلِكُهَا كَخُدَّامٍ لِيَهْوَه! فَنَحْنُ نَعْرِفُ مَنِ ٱلْمَسْؤُولُ عَنْ أَحْوَالِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمُتَدَهْوِرَةِ. أَفَلَا يَدْفَعُنَا ذلِكَ إِلَى ٱلِٱشْتِرَاكِ فِي خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ لِنُخْبِرَ ٱلنَّاسَ مَنْ هُوَ أَصْلُ مَشَاكِلِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ؟ أَوَلَسْنَا سُعَدَاءَ أَنْ نَكُونَ إِلَى جَانِبِ ٱلْإِلهِ ٱلْحَقِّ، يَهْوَه، وَنَشْرَحَ لِلْآخَرِينَ كَيْفَ سَيُهْلِكُ ٱلشَّيْطَانَ وَيُنْهِي ٱلْوَيْلَاتِ ٱلَّتِي تَبْتَلِي ٱلْعَالَمَ؟
٦، ٧ (أ) مَنِ ٱلْمَسْؤُولُ عَنِ ٱضْطِهَادِ ٱلْعُبَّادِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ؟ (ب) كَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ أَلِيهُو؟
٦ لَيْسَ ٱلشَّيْطَانُ مَسْؤُولًا عَنِ ٱلْكَثِيرِ مِنْ مَآسِي ٱلْعَالَمِ فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا عَنِ ٱلْمُقَاوَمَةِ ٱلَّتِي يَتَعَرَّضُ لَهَا شَعْبُ ٱللّٰهِ. فَهُوَ مُصَمِّمٌ عَلَى ٱمْتِحَانِنَا. قَالَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ لِلرَّسُولِ بُطْرُسَ: «سِمْعَانُ، سِمْعَانُ! هَا إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَدْ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَٱلْحِنْطَةِ». (لو ٢٢:٣١) وَيَنْطَبِقُ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ عَلَيْنَا أَيْضًا، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسِيرُ عَلَى خُطَى يَسُوعَ سَيَتَعَرَّضُ لِلتَّجَارِبِ بِطَرِيقَةٍ أَوْ بِأُخْرَى. فَقَدْ شَبَّهَ بُطْرُسُ إِبْلِيسَ ‹بِأَسَدٍ زَائِرٍ يَطْلُبُ أَنْ يَلْتَهِمَ أَحَدًا›. كَمَا قَالَ بُولُسُ «إِنَّ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَحْيَوْا بِتَعَبُّدٍ لِلّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ سَيُضْطَهَدُونَ أَيْضًا». — ١ بط ٥:٨؛ ٢ تي ٣:١٢.
٧ فَكَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّنَا نُدْرِكُ مَنْ هُوَ عَدُوُّنَا ٱلْحَقِيقِيُّ؟ عِنْدَمَا تَحِلُّ فَاجِعَةٌ بِأَحَدِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ، لَا يَجِبُ أَنْ نَسْتَنْتِجَ أَنَّهَا عِقَابٌ مِنَ ٱللّٰهِ، بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ أَنَّ مَصْدَرَهَا هُوَ ٱلشَّيْطَانُ. وَعِوَضَ ٱلِٱبْتِعَادِ كَمُعَزِّي أَيُّوبَ ٱلزَّائِفِينَ عَنِ ٱلْأَخِ ٱلَّذِي أَلَمَّتْ بِهِ ٱلْمُصِيبَةُ، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَمَثَّلَ بِأَلِيهُو ٱلَّذِي خَاطَبَ أَيُّوبَ كَصَدِيقٍ حَقِيقِيٍّ، وَذلِكَ بِٱلتَّكَاتُفِ مَعَ أَخِينَا فِي صِرَاعِهِ مَعَ عَدُوِّنَا ٱلْمُشْتَرَكِ، ٱلشَّيْطَانِ. (ام ٣:٢٧؛ ١ تس ٥:٢٥) وَيَنْبَغِي أَلَّا نَأْلُوَ جُهْدًا فِي مُسَاعَدَتِهِ عَلَى ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ وَتَفْرِيحِ قَلْبِ يَهْوَه.
٨ لِمَاذَا فَشِلَ ٱلشَّيْطَانُ فِي مَنْعِ أَيُّوبَ مِنْ إِكْرَامِ يَهْوَه؟
٨ ضَرَبَ ٱلشَّيْطَانُ أَيُّوبَ أَوَّلَ مَا ضَرَبَهُ فِي مَوَاشِيهِ. وَكَانَتْ ذَاتَ قِيمَةٍ كَبِيرَةٍ وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَصْدَرَ رِزْقِهِ. وَقَدِ ٱسْتَخْدَمَهَا أَيُّوبُ أَيْضًا فِي ٱلْعِبَادَةِ. فَكَانَ يُقَدِّسُ أَوْلَادَهُ ثُمَّ «يُبَكِّرُ صَبَاحًا وَيُقَرِّبُ مُحْرَقَاتٍ عَلَى عَدَدِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ أَيُّوبَ كَانَ يَقُولُ: ‹لَعَلَّ بَنِيَّ أَخْطَأُوا وَلَعَنُوا ٱللّٰهَ فِي قُلُوبِهِمْ›. هٰكَذَا كَانَ أَيُّوبُ يَفْعَلُ دَائِمًا». (اي ١:٤، ٥) وَهذَا يَعْنِي أَنَّ أَيُّوبَ قَرَّبَ ٱلذَّبَائِحَ لِيَهْوَه بِٱنْتِظَامٍ. لكِنَّ ذلِكَ أَصْبَحَ غَيْرَ مُمْكِنٍ حَالَمَا ٱبْتَدَأَتْ تَجَارِبُهُ، إِذْ لَمْ تَعُدْ لَدَيْهِ «نَفَائِسُ» يُكْرِمُ بِهَا يَهْوَه. (ام ٣:٩) غَيْرَ أَنَّهُ ظَلَّ قَادِرًا عَلَى إِكْرَامِ يَهْوَه بِشَفَتَيْهِ، وَهذَا مَا فَعَلَهُ!
نَمِّ عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِيَهْوَه
٩ مَا هُوَ أَثْمَنُ شَيْءٍ لَدَيْنَا؟
٩ سَوَاءٌ كُنَّا أَغْنِيَاءَ أَوْ فُقَرَاءَ، شُبَّانًا أَوْ مُسِنِّينَ، أَصِحَّاءَ أَوْ مَرْضَى، يُمْكِنُنَا تَنْمِيَةُ عَلَاقَةٍ وَثِيقَةٍ بِيَهْوَه. وَهذِهِ ٱلْعَلَاقَةُ تُمَكِّنُنَا مِنَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا وَتَفْرِيحِ قَلْبِ يَهْوَه مَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ تَجَارِبَ. حَتَّى إِنَّ ٱلْبَعْضَ وَقَفُوا مَوْقِفًا شُجَاعًا وَحَافَظُوا عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِمْ رَغْمَ مَعْرِفَتِهِمِ ٱلْمَحْدُودَةِ لِلْحَقِّ.
١٠، ١١ (أ) كَيْفَ وَاجَهَتْ إِحْدَى أَخَوَاتِنَا ٱمْتِحَانَاتِ ٱلِٱسْتِقَامَةِ؟ (ب) كَيْفَ دَحَضَتْ هذِهِ ٱلْأُخْتُ ٱدِّعَاءَ ٱلشَّيْطَانِ؟
١٠ تَأَمَّلْ فِي ٱخْتِبَارِ ٱلْأُخْتِ ڤالنتينا ڠارنوفسْكايا، إِحْدَى ٱلشُّهُودِ ٱلْكَثِيرِينَ فِي رُوسِيَا ٱلَّذِينَ حَافَظُوا كَأيُّوبَ ٱلْأَمِينِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِمْ تَحْتَ أَقْسَى ٱلتَّجَارِبِ. فَعَامَ ١٩٤٥، بَشَّرَهَا أَحَدُ ٱلْإِخْوَةِ وَهِيَ فِي ٱلْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهَا تَقْرِيبًا. ثُمَّ عَادَ مَرَّتَيْنِ لِمُنَاقَشَةِ مَوَاضِيعَ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَلَمْ تَرَهُ ثَانِيَةً قَطُّ. رَغْمَ ذلِكَ، بَدَأَتْ ڤالنتينا بِٱلْكِرَازَةِ لِجِيرَانِهَا. فَٱعْتُقِلَتْ وَحُكِمَ عَلَيْهَا بِٱلسَّجْنِ ثَمَانِيَ سَنَوَاتٍ فِي أَحَدِ مُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ. وَمَا كَادَتْ تَخْرُجُ مِنَ ٱلْمُعَسْكَرِ عَامَ ١٩٥٣ حَتَّى ٱسْتَأْنَفَتْ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ. فَٱعْتُقِلَتْ ثَانِيَةً، وَسُجِنَتْ هذِهِ ٱلْمَرَّةَ عَشْرَ سَنَوَاتٍ. وَقَدْ نُقِلَتْ إِلَى مُعَسْكَرٍ فِيهِ أَخَوَاتٌ لَدَيْهِنَّ كِتَابٌ مُقَدَّسٌ. وَكَمْ كَانَتْ لَحْظَةً مُؤَثِّرَةً حِينَ أَرَتْهَا إِحْدَاهُنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ! فَلَمْ يَسْبِقْ لَهَا أَنْ رَأَتْ غَيْرَهُ إِلَّا بَيْنَ يَدَيِ ٱلْأَخِ ٱلَّذِي بَشَّرَهَا عَامَ ١٩٤٥.
١١ بَعْدَ أَنْ أُطْلِقَ سَرَاحُ ڤالنتينا عَامَ ١٩٦٧، تَمَكَّنَتْ أَخِيرًا أَنْ تَعْتَمِدَ فِي ٱلْمَاءِ رَمْزًا إِلَى ٱنْتِذَارِهَا لِيَهْوَه. وَٱسْتَغَلَّتْ حُرِّيَّتَهَا لِلِٱشْتِرَاكِ بِغَيْرَةٍ فِي ٱلْخِدْمَةِ حَتَّى سَنَةِ ١٩٦٩، حِينَ ٱعْتُقِلَتْ مُجَدَّدًا وَحُكِمَ عَلَيْهَا هذِهِ ٱلْمَرَّةَ بِٱلسَّجْنِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ. وَبَلَغَ مَجْمُوعُ مَا قَضَتْهُ فِي ٱلسُّجُونِ وَمُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ ٢١ سَنَةً. لكِنَّهَا لَمْ تَتَوَقَّفْ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ. وَعِنْدَ وَفَاتِهَا عَامَ ٢٠٠١، كَانَتْ قَدْ سَاعَدَتْ ٤٤ شَخْصًا عَلَى تَعَلُّمِ ٱلْحَقِّ. لَقَدْ كَانَتْ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِلتَّضْحِيَةِ بِكُلِّ شَيْءٍ، بِمَا فِي ذلِكَ حُرِّيَّتُهَا، فِي سَبِيلِ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهَا. قَالَتْ ڤالنتينا فِي أَوَاخِرِ حَيَاتِهَا: «لَمْ أَمْتَلِكْ قَطُّ بَيْتًا أَعِيشُ فِيهِ. فَكُلُّ مُمْتَلَكَاتِي كَانَتْ فِي حَقِيبَةٍ وَاحِدَةٍ. لكِنِّي شَعَرْتُ بِٱلسَّعَادَةِ وَٱلِٱكْتِفَاءِ لِأَنِّي أَخْدُمُ يَهْوَه». فَيَا لَلْجَوَابِ ٱلَّذِي دَحَضَتْ بِهِ ٱدِّعَاءَ ٱلشَّيْطَانِ أَنَّ ٱلْبَشَرَ لَا يَبْقَوْنَ أَوْلِيَاءَ لِلّٰهِ تَحْتَ ٱلتَّجَارِبِ! (اي ١:٩-١١) وَيُمْكِنُنَا أَنْ نَكُونَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهَا فَرَّحَتْ قَلْبَ يَهْوَه وَأَنَّهُ يَتُوقُ إِلَى إِقَامَتِهَا هِيَ وَجَمِيعِ ٱلَّذِينَ مَاتُوا أُمَنَاءَ. — اي ١٤:١٥.
١٢ مَا دَوْرُ ٱلْمَحَبَّةِ فِي عَلَاقَتِنَا بِيَهْوَه؟
١٢ إِنَّ صَدَاقَتَنَا مَعَ يَهْوَه نَابِعَةٌ مِنْ مَحَبَّتِنَا لَهُ. فَنَحْنُ نُقَدِّرُ صِفَاتِهِ وَنَفْعَلُ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا لِنَعِيشَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ مَقَاصِدِهِ. وَخِلَافًا لِمَا ٱدَّعَاهُ إِبْلِيسُ، نُحِبُّ يَهْوَه بِمِلْءِ إِرَادَتِنَا دُونَ قَيْدٍ وَلَا شَرْطٍ. وَهذِهِ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلنَّابِعَةُ مِنَ ٱلْقَلْبِ تَمُدُّنَا بِٱلْقُوَّةِ لِنُحَافِظَ عَلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ تَحْتَ ٱلتَّجْرِبَةِ. وَيَهْوَه بِدَوْرِهِ سَيَدْعَمُنَا، لِأَنَّهُ «يَحْرُسُ طَرِيقَ أَوْلِيَائِهِ». — ام ٢:٨؛ مز ٩٧:١٠.
١٣ كَيْفَ يَنْظُرُ يَهْوَه إِلَى مَا نَفْعَلُهُ فِي خِدْمَتِهِ؟
١٣ تَدْفَعُنَا ٱلْمَحَبَّةُ إِلَى إِكْرَامِ ٱسْمِ يَهْوَه مَهْمَا كَانَتْ قُدُرَاتُنَا مَحْدُودَةً. فَهُوَ يَرَى دَوَافِعَنَا ٱلْجَيِّدَةَ وَلَا يَدِينُنَا إِذَا عَجِزْنَا عَنْ إِنْجَازِ كُلِّ مَا نَرْغَبُ فِي فِعْلِهِ. فَلَيْسَ ٱلْمُهِمُّ مَا نَفْعَلُهُ فَقَطْ، بَلْ مَا يَدْفَعُنَا إِلَى فِعْلِهِ أَيْضًا. لَقَدْ تَكَلَّمَ أَيُّوبُ أَمَامَ مُتَّهِمِيهِ عَنْ مَحَبَّتِهِ لِطُرُقِ يَهْوَه رَغْمَ ٱلْفَاجِعَةِ ٱلَّتِي أَلَمَّتْ بِهِ وَٱلْآلَامِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي تَحَمَّلَهَا. (اِقْرَأْ ايوب ١٠:١٢؛ ٢٨:٢٨.) وَفِي ٱلْإِصْحَاحِ ٱلْأَخِيرِ مِنْ سِفْرِ أَيُّوبَ، عَبَّرَ ٱللّٰهُ عَنْ غَضَبِهِ عَلَى أَلِيفَازَ وَبِلْدَدَ وَصُوفَرَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا ٱلْحَقَّ. كَمَا أَظْهَرَ رِضَاهُ عَنْ أَيُّوبَ إِذْ دَعَاهُ «خَادِمِي» أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَجَعَلَهُ يَتَشَفَّعُ لِأَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ. (اي ٤٢:٧-٩) فَلْنَقْتَدِ بِمِثَالِهِ لِكَيْ يَرْضَى عَنَّا يَهْوَه!
يَهْوَه يَدْعَمُ خُدَّامَهُ ٱلْأُمَنَاءَ
١٤ كَيْفَ سَاعَدَ يَهْوَه أَيُّوبَ عَلَى تَقْوِيمِ تَفْكِيرِهِ؟
١٤ حَافَظَ أَيُّوبُ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِ رَغْمَ كَوْنِهِ إِنْسَانًا نَاقِصًا يَرْتَكِبُ ٱلْأَخْطَاءَ. فَتَحْتَ ٱلضَّغْطِ ٱلشَّدِيدِ لَمْ يَرَ ٱلْأُمُورَ دَائِمًا بِٱلْمِنْظَارِ ٱلصَّحِيحِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، قَالَ لِيَهْوَه: «أَسْتَغِيثُ بِكَ فَلَا تُجِيبُنِي، . . . وَتُعَادِينِي بِكُلِّ مَا أُوتِيَتْ يَدُكَ مِنْ قُوَّةٍ». كَمَا أَنَّهُ ٱهْتَمَّ أَكْثَرَ مِنَ ٱللَّازِمِ بِتَبْرِيرِ نَفْسِهِ حِينَ قَالَ: «لَسْتُ مُخْطِئًا» وَ ‹رَاحَتَايَ لَا عُنْفَ فِيهِمَا، وَصَلَاتِي نَقِيَّةٌ›. (اي ١٠:٧؛ ١٦:١٧؛ ٣٠:٢٠، ٢١) لكِنَّ يَهْوَه سَاعَدَهُ بِلُطْفٍ طَارِحًا عَلَيْهِ سِلْسِلَةَ أَسْئِلَةٍ جَعَلَتْهُ يَكُفُّ عَنِ ٱلتَّرْكِيزِ عَلَى نَفْسِهِ وَيَرَى بِأَكْثَرِ وُضُوحٍ عَظَمَةَ ٱللّٰهِ وَصِغَرَ ٱلْإِنْسَانِ. فَقَبِلَ أَيُّوبُ ٱلْإِرْشَادَ وَقَوَّمَ تَفْكِيرَهُ. — اِقْرَأْ ايوب ٤٠:٨؛ ٤٢:٢، ٦.
١٥، ١٦ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ يُسَاعِدُ يَهْوَه خُدَّامَهُ ٱلْيَوْمَ؟
١٥ يُرْشِدُ يَهْوَه أَيْضًا خُدَّامَهُ ٱلْيَوْمَ إِرْشَادًا لَطِيفًا وَلكِنْ حَازِمٌ. كَمَا يُزَوِّدُ شَعْبَهُ بِوَسَائِلِ مُسَاعَدَةٍ قَيِّمَةٍ. فَذَبِيحَةُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفِدَائِيَّةُ تُشَكِّلُ ٱلْأَسَاسَ لِغُفْرَانِ ٱلْخَطَايَا، وَبِفَضْلِهَا يُمْكِنُنَا ٱلتَّمَتُّعُ بِعَلَاقَةٍ وَثِيقَةٍ بِٱللّٰهِ رَغْمَ نَقْصِنَا. (يع ٤:٨؛ ١ يو ٢:١) فَضْلًا عَنْ ذلِكَ، يُمْكِنُنَا أَثْنَاءَ ٱلتَّجَارِبِ أَنْ نُصَلِّيَ إِلَيْهِ طَالِبِينَ دَعْمَ وَمَعُونَةَ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ. وَلَدَيْنَا أَيْضًا كَامِلُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّذِي نَسْتَطِيعُ بِقِرَاءَتِهِ وَٱلتَّأَمُّلِ فِيهِ أَنْ نَسْتَعِدَّ لِٱمْتِحَانَاتِ ٱلْإِيمَانِ. فَٱلدَّرْسُ يُسَاعِدُنَا عَلَى فَهْمِ قَضِيَّتَيِ ٱلسُّلْطَانِ ٱلْكَوْنِيِّ وَٱسْتِقَامَتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ.
١٦ عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، نَحْنُ مُبَارَكُونَ جِدًّا بِٱنْتِمَائِنَا إِلَى مَعْشَرِ إِخْوَةٍ عَالَمِيٍّ يَمُدُّهُ يَهْوَه بِٱلطَّعَامِ ٱلرُّوحِيِّ عَنْ طَرِيقِ «ٱلْعَبْدِ ٱلْأَمِينِ ٱلْفَطِينِ». (مت ٢٤:٤٥-٤٧) فَفِي كُلٍّ مِنْ جَمَاعَاتِ شُهُودِ يَهْوَه ٱلْبَالِغِ عَدَدُهَا نَحْوًا مِنْ ٠٠٠,١٠٠ جَمَاعَةٍ، تُعْقَدُ ٱجْتِمَاعَاتٌ تَعْلِيمِيَّةٌ تُقَوِّينَا عَلَى مُوَاجَهَةِ ٱمْتِحَانَاتِ ٱلْإِيمَانِ ٱلْمُحْتَمَلَةِ. وَهذَا مَا يُوضِحُهُ ٱخْتِبَارُ شِيلا، شَاهِدَةٍ مُرَاهِقَةٍ تَعِيشُ فِي ألْمَانِيَا.
١٧ أَيُّ ٱخْتِبَارٍ يُظْهِرُ حِكْمَةَ ٱلِٱلْتِصَاقِ بِإِرْشَادِ هَيْئَةِ يَهْوَه ٱلْيَوْمَ؟
١٧ فَذَاتَ يَوْمٍ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ، قَرَّرَ رُفَقَاءُ شِيلا أَنْ يَسْتَعْمِلُوا لَوْحَةَ وِيجَا أَثْنَاءَ غِيَابِ ٱلْمُعَلِّمِ. فَغَادَرَتْ شِيلا ٱلصَّفَّ عَلَى ٱلْفَوْرِ، وَقَدْ كَانَتْ سَعِيدَةً بِٱتِّخَاذِهَا هذَا ٱلْقَرَارَ عِنْدَمَا عَلِمَتْ لَاحِقًا بِمَا حَدَثَ. فَأَثْنَاءَ ٱسْتِعْمَالِ ٱللَّوْحَةِ، شَعَرَ بَعْضُ ٱلتَّلَامِيذِ بِحُضُورِ ٱلشَّيَاطِينِ وَفَرُّوا مَذْعُورِينَ. وَلِمَاذَا قَرَّرَتْ مُغَادَرَةَ ٱلصَّفِّ بِهذِهِ ٱلسُّرْعَةِ؟ تُوضِحُ شِيلا: «كُنَّا قُبَيْلَ ٱلْحَادِثَةِ قَدْ نَاقَشْنَا مَخَاطِرَ لَوْحَةِ وِيجَا فِي أَحَدِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ فِي قَاعَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. فَعَلِمْتُ مَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ. وَأَرَدْتُ إِرْضَاءَ يَهْوَه كَمَا يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ فِي ٱلْأَمْثَالِ ٢٧:١١». فَكَمِ ٱسْتَفَادَتْ شِيلا بِحُضُورِ ٱلِٱجْتِمَاعِ وَإِصْغَائِهَا إِلَى ٱلْبَرْنَامَجِ!
١٨ عَلَامَ أَنْتُمْ مُصَمِّمُونَ شَخْصِيًّا؟
١٨ فَلْيَكُنْ تَصْمِيمُ كُلٍّ مِنَّا أَنْ نَلْتَصِقَ بِٱلْإِرْشَادِ ٱلَّذِي نَتَلَقَّاهُ مِنْ هَيْئَةِ ٱللّٰهِ. فَبِٱلْمُوَاظَبَةِ عَلَى حُضُورِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ، قِرَاءَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، دَرْسِ ٱلْمَطْبُوعَاتِ، ٱلصَّلَاةِ، وَمُعَاشَرَةِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلنَّاضِجِينَ نَنَالُ مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ إِرْشَادٍ وَدَعْمٍ. إِنَّ يَهْوَه يُرِيدُ أَنْ نَخْرُجَ مُنْتَصِرِينَ، وَهُوَ وَاثِقٌ بِوَلَائِنَا. فَيَا لَهُ مِنْ شَرَفٍ كَبِيرٍ أَنْ نُكَرِّمَ ٱسْمَ يَهْوَه، نُحَافِظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا، وَنُفَرِّحَ قَلْبَ يَهْوَه!
هَلْ تَذْكُرُونَ؟
• أَيَّةُ أَحْوَالٍ وَتَجَارِبَ يَتَحَمَّلُ مَسْؤُولِيَّتَهَا ٱلشَّيْطَانُ؟
• مَا هُوَ أَثْمَنُ شَيْءٍ لَدَيْنَا؟
• مَا أَسَاسُ صَدَاقَتِنَا مَعَ يَهْوَه؟
• بِأَيَّةِ طَرَائِقَ يَدْعَمُنَا يَهْوَه ٱلْيَوْمَ؟
[الصورة في الصفحة ٨]
هَلْ تَنْدَفِعُ إِلَى إِخْبَارِ ٱلْآخَرِينَ بِٱلْمَعْرِفَةِ ٱلثَّمِينَةِ ٱلَّتِي تَمْلِكُهَا؟
[الصورة في الصفحة ٩]
يُمْكِنُنَا مُسَاعَدَةُ إِخْوَتِنَا أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى ٱسْتِقَامَتِهِمْ
[الصورة في الصفحة ١٠]
كَانَتْ ڤالنتينا عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِلتَّضْحِيَةِ بِكُلِّ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهَا