تقدير التجمعات المسيحية
«لنلاحظ بعضنا بعضا للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة غير تاركين اجتماعنا». — عبرانيين ١٠:٢٤، ٢٥.
١، ٢ (أ) لماذا حضور تجمع للمسيحيين الحقيقيين هو امتياز؟ (ب) بأيّ معنى يكون يسوع حاضرا في تجمعات أتباعه؟
ما اعظم امتياز حضور تجمع مسيحي، سواء حضره اقل من عشرة عبّاد ليهوه او عدة آلاف، لأن يسوع قال: «لأنه حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي فهناك اكون في وسطهم»! (متى ١٨:٢٠) صحيح انه عندما قطع يسوع هذا الوعد، كان يناقش مسائل قضائية يلزم ان يُحسِن معالجتها الذين يأخذون القيادة في الجماعة. (متى ١٨:١٥-١٩) ولكن هل يمكن ايضا تطبيق كلمات يسوع من حيث المبدأ على كل التجمعات المسيحية التي تفتتح وتختتم بصلاة باسمه؟ نعم. تذكروا انه عندما اوكل يسوع الى أتباعه ان يقوموا بعمل التلمذة وعدهم: «ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر». — متى ٢٨:٢٠.
٢ لا شك ان رأس الجماعة المسيحية، الرب يسوع المسيح، مهتم جدا بكل تجمعات أتباعه الامناء. وعلاوة على ذلك، يمكننا ان نتأكد انه حاضر معهم بواسطة روح اللّٰه القدوس. (اعمال ٢:٣٣؛ رؤيا ٥:٦) ويهوه اللّٰه ايضا يهتم باجتماعنا معا. فالهدف الرئيسي من اجتماعات كهذه هو تسبيح اللّٰه «في الجماعات». (مزمور ٢٦:١٢) وحضورنا اجتماعات الجماعة هو دليل على محبتنا له.
٣ لأية اسباب مهمة نقدِّر التجمعات المسيحية؟
٣ هنالك اسباب وجيهة تجعلنا نقدِّر التجمعات المسيحية. فقبل ان ترك يسوع المسيح الارض، عيَّن تلاميذه الممسوحين ليكونوا ‹عبدا امينا حكيما› بإعطاء الطعام الروحي في حينه لأهل الايمان. (متى ٢٤:٤٥) والوسيلة المهمة التي بواسطتها يُزوَّد الطعام الروحي هي اجتماعات الجماعة وكذلك التجمعات الاكبر — المحافل. ويرشد الرب يسوع المسيح هذا العبد الامين ليزوِّد معلومات حيوية في تجمعات كهذه لكل مَن يريد النجاة من نهاية هذا النظام الشرير والعيش في عالم اللّٰه الجديد البار.
٤ اية «عادة» خطرة مذكورة في الكتاب المقدس، وماذا يساعدنا على تجنبها؟
٤ لذلك لا يمكن لأي مسيحي ان يجازف بتنمية العادة الخطرة التي ذكرها بولس: «لنلاحظ بعضنا بعضا للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة غير تاركين اجتماعنا كما لقوم عادة بل واعظين بعضنا بعضا وبالاكثر على قدر ما ترون اليوم يقرب». (عبرانيين ١٠:٢٤، ٢٥) والتأمل في الامتيازات والفوائد الناتجة عن حضور التجمعات المسيحية سيساعدنا على دعم هذه التجمعات بولاء ومن كل القلب.
الاجتماعات التي تبني
٥ (أ) ايّ تأثير ينبغي ان يكون لكلامنا في الاجتماعات؟ (ب) لماذا لا ينبغي ان نتوانى في دعوة المهتمين الى حضور الاجتماعات؟
٥ بما ان المسيحيين يصلّون ليكون روح يهوه القدوس فعّالا في الاجتماعات المسيحية، ينبغي ان يبذل كل مَن يحضر اقصى جهده ان يعمل بانسجام مع الروح وأن ‹لا يُحزِن روح اللّٰه القدوس›. (افسس ٤:٣٠) عندما كتب الرسول بولس هذه الكلمات الموحى بها، كان يناقش التكلم بشكل لائق. فما نقوله ينبغي ان يُستعمل دائما «للبنيان حسب الحاجة كي يعطي نعمة للسامعين». (افسس ٤:٢٩) وهذا مهم خصوصا في الاجتماعات المسيحية. وقد شدَّد بولس في رسالته الى اهل كورنثوس على الحاجة ان تكون الاجتماعات بنَّاءة وتعليمية ومشجِّعة. (١ كورنثوس ١٤:٥، ١٢، ١٩، ٢٦، ٣١، عج) فكل الحاضرين يستفيدون من هذه الاجتماعات، بمَن فيهم الحاضرون الجدد الذين قد يستنتجون بالصواب: «ان اللّٰه بالحقيقة فيكم». (١ كورنثوس ١٤:٢٥) لذلك لا ينبغي ان نتوانى في دعوة المهتمين حديثا الى الاجتماع معنا، لأن ذلك سيسرع بتقدّمهم الروحي.
٦ ما هي بعض العوامل التي تساعد على جعل الاجتماع بنّاء؟
٦ يلزم ان يحرص جميع مَن تُعيَّن لهم الخطابات او المقابلات او التمثيليات في احد الاجتماعات المسيحية ان يكون كلامهم بنّاء ومنسجما مع كلمة اللّٰه المكتوبة، الكتاب المقدس. وبالاضافة الى التكلم بكلام دقيق، ينبغي ان نعبِّر عن مشاعر وعواطف منسجمة مع الشخصية الحبية التي يتحلّى بها اللّٰه والمسيح. وإذا كان كل الذين يقدِّمون اجزاء في برنامج الاجتماع يدركون ضرورة ان يعكسوا ‹ثمر روح اللّٰه›، كالفرح وطول الاناة والايمان، فعندئذ يُبنى بالتأكيد جميع الحاضرين. — غلاطية ٥:٢٢، ٢٣.
٧ كيف يمكن ان يساهم جميع الحاضرين في جعل التجمع بنّاء؟
٧ رغم ان الذين تُعيَّن لهم اجزاء في برنامج اجتماعات الجماعة هم قليلون، يمكن ان يساهم الجميع في جعل التجمع بنّاء. فكثيرا ما تكون هنالك فرص ليجيب الحضور عن الاسئلة. وهذه فرص لإعلان ايماننا جهرا. (رومية ١٠:٩، عج) ولا ينبغي ابدا ان نستغلها كفرصة لترويج افكارنا الخاصة، للافتخار بإنجازاتنا، او لنقد رفيق مؤمن. أفلا يُحزِن ذلك روح اللّٰه؟ فالاختلافات في الآراء مع الرفقاء المؤمنين من الافضل معالجتها على انفراد بروح المحبة. يقول الكتاب المقدس: «كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم اللّٰه ايضا في المسيح». (افسس ٤:٣٢) فما ابدع الفرصة التي تتيحها لنا الاجتماعات المسيحية لتطبيق هذه المشورة الرائعة! ولهذا السبب، يصل كثيرون الى الاجتماعات باكرا ويبقون بعد ان تنتهي. وهذا ما يساعد ايضا المهتمين حديثا، الذين هم بحاجة خصوصا الى الشعور بأنه مرحَّب بهم. لذلك يلعب المسيحيون المنتذرون جميعا دورا في جعل الاجتماعات بنّاءة ‹بملاحظة بعضنا بعضا والتحريض على المحبة والاعمال الحسنة›.
استعدوا جيدا
٨ (أ) اية تضحيات جديرة بالمدح يقوم بها البعض لحضور الاجتماعات؟ (ب) ايّ مثال يرسمه يهوه كراعٍ؟
٨ في حين انه قد يكون من السهل نسبيا على البعض ان يحضروا التجمعات المسيحية، إلا ان ذلك يتطلب من آخرين تضحية مستمرة. مثلا، ان الأم المسيحية التي تكون مضطرة الى العمل للمساعدة على تزويد الضروريات لأهل بيتها تأتي عادة من عملها الى البيت وهي مرهقة. ثم قد تضطر الى تحضير وجبة طعام ومساعدة اولادها ان يجهِّزوا انفسهم للاجتماع. وقد يضطر مسيحيون آخرون الى قطع مسافات طويلة للوصول الى الاجتماعات، او قد يعيقهم عجز ما او الشيخوخة. لا شك ان يهوه اللّٰه يفهم وضع كل شخص امين يحضر الاجتماعات، تماما كما يفهم الراعي المحب الحاجات الخصوصية لكل خروف في قطيعه. يذكر الكتاب المقدس: «كراعٍ يرعى [يهوه] قطيعه. بذراعه يجمع الحملان وفي حضنه يحملها ويقود المرضعات». — اشعياء ٤٠:١١.
٩، ١٠ كيف يمكن ان نستفيد قدر الامكان من الاجتماعات؟
٩ قد لا يكون عند الذين يقومون بتضحيات جمّة ليحضروا الاجتماعات قانونيا متسع من الوقت ليستعدوا للمواد التي ستُعالَج. لكنَّ مجاراة برنامج قراءة الكتاب المقدس الاسبوعية تجعل حضور مدرسة الخدمة الثيوقراطية فعّالا اكثر. وبشكل مماثل، فإن الاستعداد المسبق للاجتماعات الاخرى، مثل درس برج المراقبة ودرس الكتاب الجماعي، يجعلها مفيدة اكثر. فبقراءة مواد الدرس مسبقا وبالتأمل على الاقل في بعض الآيات المشار اليها، سيكون الذين تقع على عاتقهم مسؤوليات عائلية تتطلب الوقت اكثر استعدادا للمشاركة بفعّالية في مناقشات الكتاب المقدس المهمة هذه.
١٠ أما الذين تسمح ظروفهم فيمكن ان يقضوا وقتا اكبر في الاستعداد للاجتماعات. مثلا، يمكن ان يقوموا ببحث حول الآيات غير المقتبسة المشار اليها. وهكذا يمكن للجميع ان يكونوا مستعدين للاستفادة قدر الامكان من الاجتماعات والاشتراك بشكل جيد في بناء الجماعة بواسطة خطاباتهم وتعليقاتهم. فبالاستعداد جيدا، سيرسم الشيوخ والخدام المساعدون مثالا حسنا في إعطاء اجوبة قصيرة ومختصرة. وبدافع الاحترام لتدابير يهوه، سيتجنب الحاضرون فعل ايّ شيء يلهي الآخرين خلال الاجتماع. — ١ بطرس ٥:٣.
١١ لماذا تأديب الذات لازم من اجل الاستعداد للاجتماعات؟
١١ قد تستهلك النشاطات والتسليات غير المهمة لصحتنا الروحية الكثير جدا من وقتنا. فإذا كانت هذه هي الحال، يلزمنا ان نفحص انفسنا و‹لا نكون غير متعقلين› في استخدام وقتنا. (افسس ٥:١٧، عج) وينبغي ان يكون هدفنا ‹افتداء الوقت› من المسائل الاقل اهمية بحيث نقضي وقتا اكبر في الدرس الشخصي للكتاب المقدس والاستعداد للاجتماعات، وكذلك في خدمة الملكوت. (افسس ٥:١٦) ولا بد من الاعتراف ان هذا ليس سهلا دائما ويتطلب تأديب الذات. والاحداث الذين يطبِّقون ذلك يضعون اساسا حسنا للتقدم في المستقبل. كتب بولس الى رفيقه الاصغر منه، تيموثاوس: «اهتم بهذا [نصْح بولس لتيموثاوس]. كن فيه لكي يكون تقدمك ظاهرا في كل شيء». — ١ تيموثاوس ٤:١٥ .
امثلة من كلمة اللّٰه
١٢ ايّ مثال بارز رسمته عائلة صموئيل؟
١٢ تأملوا في المثال الرائع الذي رسمته عائلة صموئيل، التي كانت تشترك قانونيا في الترتيبات من اجل التجمع مع الرفقاء العبّاد عندما كان مسكن اللّٰه في شيلوه. فلم يكن مطلوبا إلا من الذكور ان يقوموا بزيارات سنوية لحضور الاحتفالات بالاعياد. لكنَّ والد صموئيل، ألقانة، كان يأخذ عائلته بكاملها معه عندما كان «يصعد من مدينته من سنة الى سنة ليسجد ويذبح لرب الجنود في شيلوه». (١ صموئيل ١:٣-٥) وربما كانت رامتايم صوفيم، مسقط رأس صموئيل، تقع قرب الساحل في مدينة رنتيس العصرية عند سفح «جبل افرايم». (١ صموئيل ١:١) لذلك كانت الرحلة الى شيلوه تبلغ نحو ٣٠ كيلومترا (٢٠ ميلا)، رحلة متعبة في تلك الايام. وهذا ما كانت عائلة ألقانة تقوم به بولاء «سنة بعد سنة كلما صعدت الى بيت الرب». — ١ صموئيل ١:٧.
١٣ ايّ مثال رسمه اليهود الامناء عندما كان يسوع على الارض؟
١٣ ترعرع يسوع ايضا في عائلة كبيرة. وكانت العائلة تسافر كل سنة من الناصرة نحو ١٠٠ كلم (٦٠ ميلا) جنوبا ليحضروا احتفال الفصح في اورشليم. وكانت هنالك طريقان من الممكن سلوكهما. فالطريق المباشرة كانت نزولا الى وادي مجدّو ثم صعودا نحو ٦٠٠ متر (٠٠٠,٢ قدم) عبر مقاطعة السامرة ثم الى اورشليم. والطريق الشائعة الاخرى كانت التي سلكها يسوع في رحلته الاخيرة الى اورشليم سنة ٣٣ بم. فقد شملت نزوله عبر وادي الاردن الى ما دون مستوى سطح البحر حتى وصل الى «تخوم اليهودية من عبر الاردن». (مرقس ١٠:١) ومن هذه النقطة، كان ‹الصعود الى اورشليم› يشمل مسافة نحو ٣٠ كيلومترا (٢٠ ميلا) الى علو يبلغ اكثر من ١٠٠,١ متر (٧٠٠,٣ قدم). (مرقس ١٠:٣٢) وكانت حشود من المحتفلين بالعيد الامناء يقومون باستمرار بالرحلة الشاقة من الجليل الى اورشليم. (لوقا ٢:٤٤) فيا له من مثال رائع لخدام يهوه في البلدان الغنية اليوم، الذين يستطيع معظمهم حضور التجمعات المسيحية بسهولة نسبيا، وذلك بفضل وسائل النقل العصرية!
١٤، ١٥ (أ) ايّ مثال رسمته حنة؟ (ب) ماذا يمكن ان نتعلم من الموقف الرائع الذي يظهره بعض الجدد الذين يحضرون الاجتماعات؟
١٤ والمثال الآخر هو الارملة حنة البالغة من العمر ٨٤ سنة. يذكر الكتاب المقدس انها «لا تفارق الهيكل». (لوقا ٢:٣٧) وعلاوة على ذلك، اظهرت حنة اهتماما حبيا بالآخرين. فماذا فعلت عندما رأت الطفل يسوع وعلمت انه المسيَّا الموعود به؟ سبَّحت اللّٰه وابتدأت ‹تتكلم عن الولد مع جميع المنتظرين فداء في اورشليم›. (لوقا ٢:٣٨) فيا له من موقف رائع، انه مثال للمسيحيين اليوم!
١٥ نعم، ينبغي ان يكون حضورنا واشتراكنا في الاجتماعات متعة كبيرة حتى اننا كحنة لا نريد ان نفارق الاجتماعات. هذا هو الشعور الذي ينتاب اشخاصا جددا كثيرين. فإذ خرجوا من الظلمة الى نور اللّٰه الرائع، يريدون ان يتعلموا قدر المستطاع، ويعبِّر كثيرون عن حماس كبير للاجتماعات المسيحية. ومن ناحية اخرى، يجب ان يحترز الاقدم في الحق من ‹ترك محبتهم الاولى›. (رؤيا ٢:٤) احيانا تعيق المشاكل الصحية الخطيرة او العوامل الخارجة عن نطاق سيطرة الشخص حضوره للاجتماعات. ولكن لا ينبغي ابدا ان نسمح للمادية، الاستجمام، او قلة الاهتمام بأن تجعلنا غير مستعدين، كسالى، او متقطعين في حضورنا الاجتماعات. — لوقا ٨:١٤.
اروع مثال
١٦، ١٧ (أ) ماذا كان موقف يسوع من التجمعات الروحية؟ (ب) اية عادة جيدة ينبغي ان يحاول المسيحيون جميعا اتّباعها؟
١٦ رسم يسوع مثالا بارزا لإظهار التقدير للتجمعات الروحية. فعندما كان حدثا، بعمر ١٢ سنة، اعرب عن محبته لبيت اللّٰه في اورشليم. فقد اضاعه ابواه ولكنهما وجداه اخيرا يناقش كلمة اللّٰه مع المعلمين في الهيكل. وكردّ فعل لقلق ابويه، سأل يسوع باحترام: «ألم تعلما انه ينبغي ان اكون في ما لأبي». (لوقا ٢:٤٩) وعاد يسوع الحدث بخضوع مع ابويه الى الناصرة. وهناك ظل يُظهِر محبته لتجمعات العبادة بالحضور القانوني في المجمع. لذلك عندما شرع في خدمته، يروي عنه الكتاب المقدس: «جاء الى الناصرة حيث كان قد تربى. ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ». وبعد ان قرأ يسوع وأوضح اشعياء ٦١:١، ٢، ابتدأ الحضور «يتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه». — لوقا ٤:١٦، ٢٢.
١٧ ان الاجتماعات المسيحية اليوم هي على المنوال الاساسي نفسه. فبعد افتتاح الاجتماع بترنيمة تسبيح وصلاة، تُقرَأ اعداد من الكتاب المقدس (او اعداد مقتبسة من الكتاب المقدس في مواد الدرس) وتُوضَّح. والمسيحيون الحقيقيون هم تحت التزام اتِّباع عادة يسوع المسيح الجيدة. وحسبما تسمح لهم ظروفهم، يجدون متعة في حضور التجمعات المسيحية قانونيا.
امثلة عصرية
١٨، ١٩ ايّ مثال رائع يرسمه الاخوة في البلدان الافقر في ما يتعلق بالاجتماعات والمحافل؟
١٨ يرسم كثيرون من اخوتنا وأخواتنا في الانحاء الافقر من الارض مثالا رائعا لتقدير التجمعات المسيحية. ففي موزمبيق، كان يلزم ان يسير اورلاندو، وهو ناظر كورة، وزوجته أمِليا ٤٥ ساعة ليقطعا نحو ٩٠ كيلومترا (٥٥ ميلا) فوق جبل عالٍ ليخدم في محفل. ثم كان يجب عليهما ان يقوما بالرحلة نفسها رجوعا ليخدم في المحفل التالي. روى اورلاندو باتِّضاع: «شعرنا بأننا لم نفعل شيئا بالمقارنة مع الاخوة في جماعة باوا. فلحضور المحفل والعودة الى بيوتهم كانوا يسيرون على الاقدام ستة ايام مسافة تبلغ نحو ٤٠٠ كيلومتر (٢٥٠ ميلا)، وكان بينهم اخ عمره ٦٠ سنة!».
١٩ وماذا عن التقدير لاجتماعات الجماعة الاسبوعية؟ كاشواشوا نْجامبا هي اخت واهنة في سبعيناتها. وهي تعيش في كايسوسوسي، قرية صغيرة تبعد نحو خمسة كيلومترات (٣ اميال) عن قاعة الملكوت في روندو، ناميبيا. ولحضور الاجتماعات، تسير عشرة كيلومترات (٦ اميال) ذهابا وإيابا عبر الدغل. وقد سُلب اشخاص آخرون في هذه الطريق، لكنَّ كاشواشوا لا تزال تأتي الى الاجتماعات. ومعظم الاجتماعات هي بلغات لا تفهمها. فكيف تستفيد من حضورها؟ تقول كاشواشوا: «بمتابعة الآيات، احاول ان استنتج ما يدور حوله الحديث». ولكنها اميّة، فكيف تتابع الآيات؟ تجيب: «اصغي الى الآيات التي اعرفها عن ظهر قلب». وعلى مرّ السنين، حفظت عددا لا بأس به من الآيات. ولتحسين قدرتها على استعمال الكتاب المقدس، تحضر صفوف معرفة القراءة والكتابة التي ترتبها الجماعة. تقول: «احب ان احضر الاجتماعات». وتتابع: «هنالك دائما امور جديدة لتعلّمها. وأحب ان اعاشر الاخوة والاخوات. ورغم انه ليس بإمكاني التكلم معهم جميعا، فهم يأتون دائما ويسلِّمون عليّ. والاهم هو انني اعرف انه بحضور الاجتماعات افرِّح قلب يهوه».
٢٠ لماذا لا يجب ان نترك اجتماعنا؟
٢٠ مثل كاشواشوا، يُظهِر الملايين من عبّاد يهوه حول الارض تقديرا جديرا بالمدح للتجمعات المسيحية. وإذ يتَّجه عالم الشيطان نحو دماره، لا يمكننا المجازفة بترك اجتماعاتنا. وبالاحرى، فلنبقَ صاحين روحيا ونظهر التقدير العميق للاجتماعات والمحافل. فهذا لن يفرِّح قلب يهوه فحسب بل سيفيدنا كثيرا اذ نأخذ التعليم الالهي الذي يؤدي الى الحياة الابدية. — امثال ٢٧:١١؛ اشعياء ٤٨:١٧، ١٨؛ مرقس ١٣:٣٥-٣٧.
اسئلة المراجعة
◻ لماذا حضور تجمع مسيحي هو امتياز؟
◻ كيف يمكن ان يساهم جميع الحاضرين في جعل التجمع بنّاء؟
◻ ايّ مثال بارز رسمه يسوع المسيح؟
◻ ايّ درس نتعلمه من الاخوة والاخوات في البلدان الافقر؟
[الاطار في الصفحة ١٧]
انهم يقدِّرون الاجتماعات الاسبوعية
يعيش ملايين الناس في مدن يبتليها الفقر والجريمة. ورغم هذه الظروف، يُظهِر المسيحيون الحقيقيون في وسطها تقديرا جديرا بالمدح للتجمعات المسيحية. يروي شيخ يخدم في احدى جماعات سووِتو في خوتِن، جنوب افريقيا: «في جماعة تتألف من ٦٠ شاهدا وناشرا غير معتمد، يبلغ عدد الحضور في الاجتماعات بين ٧٠ و ٨٠ وأحيانا اكثر. ورغم ان الاخوة والاخوات لا يقطعون مسافة كبيرة للحضور، فالوضع سيئ في هذه الناحية من سووِتو. فقد طُعن احد الاخوة في الخلف وهو في طريقه الى الاجتماع. وتعرضت اختان على الاقل لمحاولة سرقة. ولكنَّ هذا لا يعيقهم عن المجيء. وأيام الآحاد، نتمرن لوقت قصير على الترانيم بعد اختتام الاجتماع بالصلاة. ويبقى دائما ٩٥ في المئة على الاقل بعد الاجتماع ويرنمون كل ترانيم اجتماعات الاسبوع التالي. وهذا ما يساعد المهتمين حديثا على تعلم الترانيم وترنيمها معنا».
أما سكان الريف فتواجههم عوائق اخرى، مثل المسافات الطويلة التي يجب ان يقطعوها ليحضروا الاجتماعات ثلاث مرات في الاسبوع. يعيش زوجان مهتمان على بعد خمسة عشر كيلومترا (٩ اميال) من قاعة الملكوت في لوباتسي، بوتسوانا. وقد حضرا في السنة الماضية الاجتماعات قانونيا مع ولديهما. والزوج يصلح الاحذية ليعيل عائلته. وتبيع الزوجة اشياء صغيرة لتزيد من دخل العائلة لكي يستطيعوا دفع اجرة النقل الى ومن الاجتماعات.
ومؤخرا ذات ليلة في الصيف، كانت هذه العائلة بعد اجتماع مع ناظر الدائرة معدومة الوسيلة عند محطة للباص الساعة التاسعة مساء. فكانت الباصات قد توقفت باكرا بسبب الطقس الرديء. فتوقف ضابط شرطة في شاحنته وسألهم ماذا يفعلون هناك. وعند السماع عن مأزقهم، اشفق عليهم وأخذهم معه مسافة الخمسة عشر كيلومترا الى المنزل. قالت الزوجة، وهي ناشرة غير معتمدة، لزوجها: «أرأيت، اذا وضعنا الاجتماعات اولا، فسيدعمنا يهوه دائما». والآن، عبَّر الزوج هو ايضا عن رغبته في الصيرورة كارزا بالبشارة.
[الصورة في الصفحة ١٨]
يرسم شهود كهؤلاء في رومانيا مثالا رائعا لتقدير التجمعات المسيحية