-
الضحايا الابرياء للاساءة الى الاولاداستيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٨
-
-
الضحايا الابرياء للاساءة الى الاولاد
«انني اقارب الآن الـ ٤٠ من عمري،» تقول آيلين.a «وعلى الرغم من ان مشكلتي هي منذ اكثر من ٣٠ سنة، فلا تزال تلازمني كالشبح. وبسببها اعاني الغضب، الذنب، المشاكل في زواجي! يحاول الناس ان يتعاطفوا، ولكنهم لا يستطيعون.» فما هي مشكلة آيلين؟ انها ضحية الاساءة الجنسية الى الاطفال، وبالنسبة اليها برهنت التأثيرات انها طويلة الامد.
وآيلين ليست وحدها بالتأكيد. فالدراسات تشير ان عددا هائلا من النساء — والرجال — عانوا سوء معاملة كهذه.b وعوضا عن كونها عملا نادرا للسلوك المنحرف، فإن الاساءة الجنسية الى الاولاد بلية منتشرة، بلية تخترق كل الحدود الاجتماعية، الاقتصادية، الدينية، والعرقية.
ولحسن التوفيق، فإن الغالبية العظمى من الرجال والنساء لا يفكرون ابدا ايضا في اساءة معاملة الولد بهذه الطريقة. ولكنّ اقلية خطرة لديهم هذا الميل المريض. وبخلاف المعتقدات السائدة، فإن قليلين من المسيئين الى الاولاد هم اشخاص مهوَّسون ذوو ميول اجرامية يترصدون حول ملاعب الاطفال. والغالبية هم اشخاص نمّوا مظهرا خداعا للحالة الطبيعية. فهم يشبعون شهواتهم الجنسية المنحرفة باتخاذ الاولاد البسطاء، الآمنين، الذين هم بلا دفاع هدفا — عادة بناتهم.c وعلانية، قد يعاملونهم بلطف وبرقة. وسرا، يخضعونهم للتهديدات، العنف، واشكال الاعتداء الجنسي المخزية والمنحطة.
من المعترف به انه من الصعب الادراك ان مثل هذه الفظائع يمكن ان تحدث في الكثير جدا من البيوت التي تبدو محترمة. ولكن في ازمنة الكتاب المقدس ايضا جرى استخدام الاولاد «للارضاء الفوري الذي . . . للولع الشهواني.» (التعليق النقدي الاممي؛ قارنوا يوئيل ٣:٣.) وانبأ الكتاب المقدس: «ولكن اعلم هذا انه في الايام الاخيرة ستأتي ازمنة صعبة. لان الناس يكونون محبين لانفسهم . . . (بلا مودّة طبيعية . . . بلا ضبط نفس) شرسين غير محبين للصلاح.» لذلك، لا يجب ان يدهشنا ان الاساءة الى الاولاد تحدث على نطاق كبير اليوم. — ٢ تيموثاوس ٣:١، ٣، ١٣.
والتحرش بالاطفال ربما لا يترك ندوبا جسدية. وليس كل الراشدين الذين وقعوا ضحية كأولاد هم حزانى على نحو ظاهر. بل كما علّق مثل قديم: «ايضا في الضحك يكتئب القلب.» (امثال ١٤:١٣) نعم، ثمة ضحايا كثيرون لديهم ندوب عاطفية عميقة — جروح مخفية تتقيح في الداخل. ولكن، لماذا يسبب التحرش بالاطفال مثل هذه الاذية في البعض؟ ولماذا مرور الوقت وحده لا يشفي دائما جروحه؟ ان اهمية هذه المشكلة المحزنة تتطلب ان نوجه انتباهنا اليها. صحيح ان بعض ما يلي قد يكون غير سار لقراءته — والامر كذلك خصوصا اذا كنتم ضحية الاساءة الى الاطفال. ولكن تأكدوا ان هنالك رجاء، ان بامكانكم ان تُشفوا.
a كل الاسماء جرى تغييرها.
b بسبب الاختلاف الكثير في تعريفات الاساءة الجنسية واساليب الاستطلاع، من المستحيل تقريبا الحصول على احصاءات دقيقة.
c معظم الضحايا يتحرش بهم آباؤهم الجسديون او ازواج امهاتهم. وتحدث الاساءة ايضا على ايدي الاشقاء الاكبر، الاعمام والاخوال، الاجداد، المعارف الراشدين، والغرباء. والغالبية العظمى من الضحايا هم اناث. ولكنّ المعلومات المقدمة هنا تنطبق عموما على الجنسين كليهما.
-
-
الجروح المخفية للاساءة الى الاولاداستيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٨
-
-
الجروح المخفية للاساءة الى الاولاد
«انا اكره نفسي. استمر في التفكير ان هنالك امرا كان يجب ان اقوم به، كان يجب ان اقوله لايقاف ذلك. اشعر بقذارة شديدة.» — آن.
«اشعر بأنني منعزلة عن الناس. وغالبا ما اعالج مشاعر اليأس والقنوط. واحيانا اريد ان اموت.» — جيل.
«الاساءة الجنسية الى الاطفال هي . . . اعتداء ساحق، مؤذ، ومُذِلّ على عقل، روح، وجسم الولد . . . الاساءة تنتهك كل وجه من وجود المرء.» هكذا يقول الحق في البراءة، بواسطة بڤرلي إنجِل.
لا يتجاوب كل الاولاد مع الاساءة بالطريقة نفسها.a فالاولاد لديهم شخصيات، مهارات لمعالجة المشاكل، وامكانيات عاطفية مختلفة. والكثير ايضا يعتمد على علاقة الولد بالمسيء، خطورة الاساءة، مقدار دوام الاساءة، عمر الولد، وعوامل اخرى. وعلاوة على ذلك، اذا كُشفت الاساءة ونال الولد دعم الراشدين الحبي، يمكن ان تخف الاذية. ومع ذلك، يعاني ضحايا كثيرون جروحا عاطفية عميقة.
لماذا ذلك يدمِّر
يقدم الكتاب المقدس بصيرة في سبب حدوث مثل هذه الاذية. تعلق الجامعة ٧:٧: «الظلم يحمِّق الحكيم.» واذا صحَّ ذلك في الراشد، فتخيَّلوا تأثير الظلم الوحشي في الولد الصغير — وخصوصا اذا كان المسيء والدا موثوقا به. ويجب التذكر ان السنوات القليلة الاولى من الحياة هي حرجة لنمو الولد العاطفي والروحي. (٢ تيموثاوس ٣:١٥) فخلال تلك السنوات الحساسة يبدأ الصغير بتطوير الحدود الادبية والاحساس بالقيمة الشخصية. وبالالتصاق بوالديه، يتعلم الولد ايضا معنى المحبة والثقة. — مزمور ٢٢:٩.
«مع الاولاد المساء اليهم،» يوضح الدكتور ج. پاتريك ڠانون، «تُعاق عملية بناء الثقة هذه.» فالمسيء يخون ثقة الولد؛ يسلبه كل شكل من الامان، العزلة، او احترام الذات ويستخدمه كمجرد اداة لارضائه الذاتي.b والاولاد الصغار لا يفهمون معنى الاعمال الفاسدة ادبيا التي تُفرض عليهم، ولكنهم بوجه عام تقريبا يجدون الاختبار مزعجا، مرعبا، مُذِلاّ.
لذلك دُعيت الاساءة الى الاطفال «اسوأ خيانة ممكنة.» ويجري تذكيرنا بسؤال يسوع: «اي انسان منكم اذا سأله ابنه خبزا يعطيه حجرا.» (متى ٧:٩) ولكنّ المسيء يعطي الولد، لا المحبة والعاطفة، بل اقسى «حجر» على الاطلاق — الاعتداء الجنسي.
لماذا تدوم الجروح
تقول الامثال ٢٢:٦: «ربّ الولد في طريقه فمتى شاخ ايضا لا يحيد عنه.» من الواضح ان التأثير الابوي يمكن ان يدوم مدى الحياة. ولكن، ماذا اذا دُرِّب الولد على الاعتقاد انه عاجز عن منع التعدي الجنسي؟ اذا دُرِّب على القيام بالانحرافات الجنسية لقاء «المحبة»؟ اذا دُرِّب على النظر الى نفسه انه عديم القيمة وقذر؟ ألا يمكن ان يقود ذلك الى مدى حياة من السلوك المدمِّر؟ ليس ان الاساءة الى الاطفال تبرِّر سلوك الراشدين غير الملائم اللاحق، ولكن يمكن ان تساعد على ايضاح السبب الذي من اجله قد يميل ضحايا الاساءة الى العمل او الشعور بطريقة معيَّنة.
يعاني الكثير من ضحايا الاساءة عددا كبيرا من الاعراض، بما في ذلك الكآبة. والبعض ايضا تجيش في نفسهم مشاعر دائمة بالذنب، الخجل، والغيظ واحيانا ساحقة. وضحايا آخرون يمكن ان يعانوا الانقطاع العاطفي، عدم القدرة على التعبير عن العاطفة او حتى الشعور بها. والاحترام الضئيل للذات ومشاعر العجز يصيبان ايضا كثيرين. سالي، التي اساء اليها عمّها، تذكر: «كلما تحرش بي كنت اشعر بأنني عاجزة، متجمدة، فاقدة الحس، متيبِّسة، مشوَّشة. فلماذا كانت تحدث هذه الاساءة؟» تخبر العالمة النفسانية سينثيا تاور: «تظهر الدراسات ان الناس الذين جرت الاساءة اليهم كأولاد غالبا ما يحملون خلال الحياة شعورا بأنهم ضحية.» وقد يتزوجون رجلا مسيئا، يظهرون سيماء عدم الحصانة، او يشعرون بأنهم عاجزون عن حماية انفسهم عندما يُهددون.
وطبيعيا، لدى الاولاد ١٢ سنة او نحو ذلك ليستعدوا للعواطف التي تستيقظ خلال سن البلوغ. ولكن عندما تُفرض الاعمال الفاسدة على الولد الصغير، قد تسحقه المشاعر المُثارة. وكما اظهرت احدى الدراسات، قد يعوق ذلك لاحقا قدرَتَه على التمتع بالعلاقات الجنسية الزوجية. تعترف ضحية اسمها ليندا: «اجد الوجه الجنسي للزواج اصعب امر في حياتي. يستولي عليَّ الاحساس المخيف اكثر بأن ابي هناك، ويستولي عليَّ الذعر.» وقد يتجاوب الضحايا الآخرون بطريقة معاكسة تماما وينمّون رغبات قسرية فاسدة ادبيا. «عشت حياة الاختلاط الجنسي وانتهى بي الامر الى الحصول على علاقات جنسية مع اشخاص غرباء تماما،» تعترف جيل.
وقد تكون ايضا لدى ضحايا الاساءة صعوبة في المحافظة على علاقات سليمة. فالبعض يجدون من المستحيل ان تكون لهم صلة بالرجال او بشخصيات ذوي سلطة. والبعض يدمِّرون عمدا الصداقات والزيجات بالصيرورة مسيئين او مسيطرين. ويميل آخرون ايضا الى تجنب العلاقات الحميمة كاملا.
وهنالك ايضا ضحايا يوجهون مشاعرهم الهدّامة نحو انفسهم. «اكره جسدي لانه تجاوب مع اثارة الاساءة،» تعترف ريبا. ومن المحزن ان اضطرابات الاكل،c الرغبة القسرية في العمل، اساءة استعمال الكحول والمخدرات، هي شائعة بين ضحايا الاساءة — محاولات يائسة لدفن مشاعرهم. وقد يعبِّر البعض ايضا عن كرههم للذات بطرائق مباشرة اكثر. «لقد جرحت نفسي، غرزت اظفاري في ذراعيّ، حرقت نفسي،» تضيف ريبا. «شعرت بأنني استحق ان يُساء اليّ.»
ولكن لا تسرعوا في الاستنتاج ان كل من يشعر او يعمل بطرائق كهذه قد اسيئ اليه بالضرورة جنسيا. فعوامل جسدية او عاطفية اخرى قد تكون ذات علاقة. مثلا، يقول الخبراء ان اعراضا مماثلة شائعةٌ بين الراشدين الذين تربوا في عائلات باختلال وظيفي — حيث ضربهم والدوهم، استحقروهم وأذلوهم، تجاهلوا حاجاتهم الجسدية، او حيث كان الوالدون مدمنين على المخدرات او الكحول.
الاذية الروحية
ان التأثير الاكثر خداعا على الاطلاق الذي يمكن ان تحدثه الاساءة الى الاولاد هو الاذية الروحية الممكنة. والتحرش هو ‹دنس للجسد والروح.› (٢ كورنثوس ٧:١) وبانجاز اعمال منحرفة في الولد، بانتهاك حدوده الجسدية والادبية، بخيانة ثقته، يُفسد المسيء روح الولد، او ميله العقلي السائد. ويمكن ان يعيق ذلك لاحقا النمو الادبي والروحي للضحية.
وكتاب Facing Codependence، بواسطة پييا مِلودي، يذكر ايضا: «اية اساءة خطيرة . . . هي ايضا اساءة روحية، لانها تلوِّث ثقة الولد بالسلطة الاسمى.» مثلا، تسأل امرأة مسيحية اسمها إلين: «كيف يمكنني ان افكر في يهوه كأب في الوقت الذي فيه لديَّ فكرة الرجل المتوحش العنيف هذه عن الاب الارضي؟» وتقول ضحية اخرى اسمها تِري: «لم اتصل قط بيهوه بصفته ابا. بصفته اللّٰه، الرب، المتسلط، الخالق، نعم! ولكن بصفته ابا، لا!»
وافراد كهؤلاء ليسوا بالضرورة ضعفاء روحيا او ينقصهم الايمان. وعلى الضد من ذلك، فإن جهودهم المتواصلة لاتِّباع مبادئ الكتاب المقدس تعطي دليلا على القوة الروحية! ولكن تخيَّلوا كيف يمكن ان يشعر البعض عندما يقرأون آية كالمزمور ١٠٣:١٣، التي تقول: «كما يترأف الاب على البنين يترأف الرب على خائفيه.» فقد يفهم البعض هذه من الناحية العقلية. ولكن دون فكرة سليمة عما هو عليه الاب، قد يكون من الصعب عليهم ان يتجاوبوا مع هذه الآية عاطفيا!
وقد يجد البعض ايضا انه من الصعب ان يكونوا «مثل ولد» امام اللّٰه — واثق، متواضع، غير حصين. فقد يكبتون مشاعرهم الحقيقية عن اللّٰه عندما يصلّون. (مرقس ١٠:١٥) وقد يتردَّدون في تطبيق كلمات داود على انفسهم في المزمور ٦٢:٧، ٨: «على اللّٰه خلاصي ومجدي صخرة قوتي محتماي في اللّٰه. توكَّلوا عليه في كل حين يا قوم اسكبوا قدامه قلوبكم. اللّٰه ملجأ لنا.» ومشاعر الذنب وعدم الاستحقاق يمكن ايضا ان تضعف ايمانهم. قالت احدى الضحايا: «انا اؤمن بملكوت اللّٰه كثيرا. ولكنني لا اشعر بأنني صالحة كفاية لاكون هناك.»
طبعا، لا يتأثر كل الضحايا بالطريقة نفسها. فالبعض ينجذبون الى يهوه كأب محب ولا يشعرون على الاطلاق بعائق في الاتصال به. ومهما كانت الحال، اذا كنتم ضحية الاساءة الجنسية الى الاطفال، فقد تجدونه ذا قيمة عظيمة ان تميِّزوا كيف اثّر ذلك في حياتكم. وقد يكتفي البعض بقبول الوضع كما هو. ولكن اذا بدا لكم ان الاذية مهمة، فتشجعوا. ان جروحكم يمكن ان تُشفى.
a تركز مناقشتنا على ما يدعوه الكتاب المقدس بورنيا، او العهارة. (١ كورنثوس ٦:٩؛ قارنوا لاويين ١٨:٦-٢٢.) ويشمل ذلك كل اشكال الاتصال الجنسي الفاسد ادبيا. واعمال الاساءة الاخرى، كالاستعرائية، اختلاس النظر الشبقي، والتعرض للفن الاباحي، فيما لا تكون بورنيا، يمكن ان تؤذي ايضا الولد عاطفيا.
b بما ان الاولاد يميلون الى الثقة بالراشدين، فإن الاساءة من قبل عضو عائلة موثوق به، شقيق اكبر، صديق للعائلة، او حتى من قبل غريب تشكل ايضا خيانة مدمِّرة للثقة.
c انظروا استيقظ! عدد ٢٢ كانون الاول ١٩٩٠.
-
-
«للشفاء وقت»استيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٨
-
-
«للشفاء وقت»
كانت آن شخصا يصغي بتعاطف الى مشاكل الناس الآخرين؛ منقذا لكل فرد لديه مشكلة. واذ كانت متزنة وبدون عيب في المظهر، لم تبدِ اي تلميح ان لديها جروحا عاطفية مخفية، الى ان ابتدأت ذات يوم تتذكر. «كنت في العمل،» تذكر آن، «وابتدأت اتألم واشعر بالخجل على نحو شديد. ولم اتمكن من الوقوف! تعذَّبت طوال ايام. وبعد ذلك تذكرت زوج امي يتحرش بي — حقا، كان ذلك اغتصابا، ولم تكن المرة الوحيدة.»
يوجد «للشفاء وقت.» (جامعة ٣:٣) وبالنسبة الى كثيرين من ضحايا الاساءة الى الاطفال — مثل آن — يكون استحضار الذكريات المدفونة لزمن طويل جزءا مهما في عملية الشفاء.
ولكن كيف يمكن للشخص ان ينسى امرا جارحا كالاعتداء الجنسي؟ تأملوا كم يكون الولد عاجزا قبالة اقترابات اب او راشد قوي آخر. فلا يمكنه ان يهرب. ولا يجرؤ على الصراخ. ولا يجرؤ على إخبار — اي شخص! وعلاوة على ذلك، ربما يكون مضطرا ان يواجه المسيء كل يوم ويتصرف كما لو انه لم يحدث شيء. وأن يحافظ على ادِّعاء كهذا يكون صعبا على الراشد؛ وهو مستحيل تقريبا بالنسبة الى الولد. لذلك يستعمل الخيال الهائل الموهوب للاولاد ويهرب عقليا! ويدَّعي بأن الاساءة لم تحدث، اذ يمحيها او يميت احاسيسه بها.
وفي الواقع، من وقت الى آخر، نحجب جميعنا امورا لا نريد ان نراها او نسمعها. (قارنوا ارميا ٥:٢١.) ولكنّ ضحايا الاساءة يستعملون هذه المقدرة كوسيلة للنجاة. يخبر بعض الضحايا: «ادَّعيت بأن ذلك حدث لشخص آخر وانني كنت مجرد مشاهد.» «ادَّعيت بأنني كنت نائمة.» «صنعت مسائلي الرياضية عقليا.» — قوي في الاماكن المكسورة، بواسطة ليندا ت. سانفورد.
ليس مدهشا، اذًا، ان يؤكد كتاب النجاة من الاساءة الجنسية الى الاولاد: «يقدَّر انه حتى ٥٠ في المئة من الناجين من الاساءة الجنسية الى الاولاد هم غير مدركين لهذه الاختبارات.» ومع ذلك قد يتذكر البعض الاساءة نفسها ولكنهم يحجبون المشاعر المرتبطة بها — الالم، الغيظ، الخجل.
الكبت — صراع في العقل
أليس من الافضل، اذًا، ان تبقى هذه الامور مدفونة — ان يصرف الضحايا النظر عنها؟ قد يختار البعض حقا فعل ذلك. ولكنّ آخرين لا يستطيعون. والامر يكون كما تقول ايوب ٩:٢٧: «إن قلت: أنسى ضيقتي، وأُطلق أساريري، وأبتسم وأُبدي بِشْرا، فإني اظل اخشى أوجاعي.» (ترجمة تفسيرية) فكبت الذكريات المرعبة جهد عقلي منهك، لعبة صراع شديد يمكن ايضا ان تكون لها عواقب صحية خطيرة.
واذ تكبر الضحية، غالبا ما تُضعِف ضغوط الحياة مقدرتها على كبت الماضي. وقد يثير اثر رائحةِ عطر، وجه مألوف للنظر، صوت مروِّع، او حتى فحص من قبل احد الاطباء او طبيب اسنان هجوما مرعبا للذكريات والمشاعر.a ألا يجب ان تحاول جاهدة لتنسى؟ عند هذه النقطة يجد ضحايا كثيرون الراحة في محاولة التذكر! تقول امرأة اسمها جيل: ‹ما ان تظهر الذكريات حتى تفقد قوتها. فإبقاؤها في الداخل مؤلم وخطير اكثر من التخلص منها.›
قيمة الاعتراف
ولماذا الامر كذلك؟ السبب الاول هو ان التذكُّر يسمح للضحية بأن تحزن. والحزن هو رد فعل طبيعي للجرح؛ انه يساعدنا على وضع الحوادث المزعجة وراءنا. (جامعة ٣:٤؛ ٧:١-٣) ولكنّ ضحية الاساءة تُحرم فرصة التعبير عن حزنها، تُجبر على انكار اختبارها المروِّع، تُجبر على قمع ألمها. وكبت كهذا يمكن ان يؤدي الى ما يدعوه الاطباء اضطراب الاجهاد بعد الجرح — حالة خَدِرة مجرَّدة فعليا من العاطفة. — قارنوا مزمور ١٤٣:٣، ٤.
وعندما تبدأ الذكريات بالعودة، قد تحيي الضحيةُ فعليا الاساءةَ من جديد. حتى ان بعض الضحايا يرجعون مؤقتا الى حالة الطفولة. «عندما يجري تصوُّر الحادث الماضي،» تذكر جيل، «غالبا ما اعاني اعراضا جسدية. واحيانا تكون الذكريات شديدة الوطأة، اشعر بأنني أُدفع الى الجنون.» وغيظ الطفولة المكبوت لزمن طويل يمكن الآن ان يظهر فجأة. «التذكر غمرني بالكآبة والغضب،» تقول شيلا. ولكن في هذه الظروف الاستثنائية يكون الغضب ملائما. فأنتم تحزنون، تعبِّرون عن الغيظ البار المكتوم! ولكم الحق ان تكرهوا الاعمال الشريرة المرتكبة ضدكم. — رومية ١٢:٩.
تقول احدى ضحايا الاساءة: «عندما تمكَّنت من التذكر فعلا، احسست بالراحة كثيرا . . . على الاقل عرفت الآن ما اعالجه. وبقدر ما كان صعبا عليّ ان اتذكر، اعاد ذلك لي جزءا من حياتي التي صارت مروِّعة لانها كانت مجهولة وغامضة جدا.» — الحق في البراءة.
والتذكُّر يمكن ان يساعد الضحية ايضا على الوصول الى جذر بعض مشاكلها. «كنت اعرف دائما ان لديَّ كرها للذات وغضبا عميقين ولكنني لم اكن اعرف السبب،» تقول احدى ضحايا سفاح القربى. والتذكُّر يساعد الكثيرين على الادراك ان ما حدث ليس غلطتهم؛ انهم وقعوا ضحية.
طبعا، لا يتذكر الجميع الاساءة اليهم على نحو مأساوي وواضح كالآخرين.
-
-
«للشفاء وقت»استيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٨
-
-
«حتى الآن من الصعب عليّ ان افكر انني كنت بريئة،» تقول ضحية اسمها ريبا. «اتساءل، لماذا لم اوقفه؟»
-
-
«للشفاء وقت»استيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٨
-
-
ومع ذلك، تقول احدى النساء: «اشمئز عندما اتذكر المشاعر التي اثارها ابي فيّ.» ويذكر بعض الضحايا (٥٨ في المئة في دراسة واحدة) اختبار الاثارة الجنسية خلال التحرش. وعلى نحو مفهوم، يسبب ذلك لهم الكثير من الخجل.
-
-
«للشفاء وقت»استيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٨
-
-
فالبعض لا يزالون مملوئين بالغضب، بأوهام الثأر — او الذنب. قالت احدى ضحايا الاساءة: «انا مكتئبة لانني اعتقد ان يهوه يتوقع مني ان اسامح الذي تحرش بي، وانا لا استطيع ذلك.» ومن ناحية اخرى، قد تعيشون في خوف رهيب من المسيء اليكم. او قد تملكون مشاعر عدائية نحو امكم اذا تجاهلت الاساءة او تجاوبت برفض او غضب عندما كُشفت الاساءة. «قالت لي امي انه يجب ان اتعامل بتسامح مع [ابي]،» تذكر احدى النساء بمرارة.
-
-
«للشفاء وقت»استيقظ! ١٩٩١ | تشرين الاول (اكتوبر) ٨
-
-
a بعض الذكريات يبدأ استحضارها في شكل آلام نفسية جسدية؛ واخرى في شكل هلوسات يمكن ان يُظن انها نشاط شيطاني — حسّ مقتحمين، كفتح الابواب؛ شخصيات كالاشباح تنتقل عبر المداخل والنوافذ؛ الشعور بوجود غير منظور في السرير. ومثل هذا الانزعاج يزول عموما عندما تُستحضر الذكريات كاملا.
-