مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • هل يمكن ان تنشأ الحياة بالصدفة؟‏
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • الفصل ٤

      هل يمكن ان تنشأ الحياة بالصدفة؟‏

      ١ (‏أ)‏ بماذا سلّم تشارلز داروين عن اصل الحياة؟‏ (‏ب)‏ اية فكرة اعادت نظرية التطور الحاضرة إحياءها؟‏

      عندما قدّم تشارلز داروين نظريته عن التطور،‏ سلَّم بالاحتمال ان الحياة «نفخها الخالق لاول مرة في عدد قليل من الاشكال او في شكل واحد.‏»‏١ ولكنَّ نظرية التطور الحاضرة تحذف عموما اية اشارة الى خالق.‏ وعوضًا عن ذلك،‏ فان نظرية التولُّد التلقائي spontaneous generation للحياة،‏ التي أُنكِرت ذات مرة،‏ أُعيد إحياؤها معدَّلةً نوعًا ما.‏

      ٢ (‏أ)‏ اي اعتقاد سابق بشأن التولُّد التلقائي أُثبت انه باطل؟‏ (‏ب)‏ على الرغم من الاعتراف بأن الحياة لا تنشأ تلقائيًّا الآن،‏ ماذا يفترض مؤيدو التطور؟‏

      ٢ والاعتقاد بشكل من التولُّد التلقائي يرجع الى قرون.‏ ففي القرن الـ‍ ١٧ ب‌م قَبِل النظرية حتى بعض العلماء المحترمين،‏ ومنهم فرنسيس بايكون ووليم هارڤي.‏ إلا ان لويس پاستور وغيره من العلماء،‏ بحلول القرن الـ‍ ١٩،‏ سدّدوا اليها ما بدا ضربةً قاضية بإثباتهم عن طريق التجارب ان الحياة لا تأتي إلا من حياة سابقة.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ بدافع الضرورة،‏ تفترض نظرية التطور انه منذ عهد بعيد لا بد ان تكون الحياة المجهرية قد نشأت بطريقة ما تلقائيًّا من الجماد.‏

      شكل جديد من التولُّد التلقائي

      ٣،‏ ٤ (‏أ)‏ اي موجَز أُعطي عن الخطوات المؤدِّية الى اصل الحياة؟‏ (‏ب)‏ على الرغم من ان النشوء العرَضي للحياة بعيد الاحتمال،‏ ماذا يؤكِّد مؤيدو التطور؟‏

      ٣ يلخِّص ريتشارد دوكِنز في كتابه،‏ المورِّثة الانانية،‏ احد الآراء التطوّرية الجارية في ظهور الحياة.‏ فهو يَظُنّ ان الارض كان لها في البدء جوّ مكوَّن من ثاني أُكسيد الكربون،‏ الميتان methane‏،‏ الأمونيا والماء.‏ وبواسطة الطاقة المزوَّدة من ضوء الشمس،‏ وربما بالبرق والبراكين المتفجِّرة،‏ تحطمت هذه المُركَّبات البسيطة ثم أُعيد تشكيلها الى حموض أمينية.‏ فتراكمت منها في البحر تدريجيًّا مجموعة منوَّعة وتجمّعت الى مُركَّبات تُشبه الپروتين.‏ وأخيرًا،‏ حسب قوله،‏ اصبح المحيط «حَساءً عُضويًّا،‏» إلا انه كان لا يزال بدون حياة.‏

      ٤ ثم،‏ حسب وصف دوكِنز،‏ «تكوَّن عرَضًا جُزَيءٌ رائع خصوصا» —‏ جُزَيءٌ molecule كانت لديه المقدرة على التكاثر.‏ ومع انه يعترف بأن مِثل هذا العرَض كان بعيد الاحتمال الى اقصى حد،‏ يؤكِّد انه لا بد ان يكون قد حدث.‏ فتجمّعت معا كالعنقود جُزَيئات متشابهة،‏ ثم احاطت نفسها بحاجز واقٍ من الجُزَيئات الپروتينية الاخرى كغشاء membrane‏،‏ وذلك ايضًا في عرَض بعيد الاحتمال الى اقصى حد.‏ وهكذا،‏ كما يُدَّعَى،‏ تولَّدت اوَّل خلية حيّة.‏٢

      ٥ كيف يعالَج اصل الحياة عادةً في المطبوعات المنشورة،‏ ولكن ماذا يقول احد العلماء؟‏

      ٥ وعند هذه النقطة،‏ قد يبتدئ القارئ بفهم تعليق دوكِنز في تصدير كتابه:‏ «يجب قراءة هذا الكتاب وكأنه تقريبا خيال علمي.‏»‏٣ غير ان قرّاء الموضوع سيجدون ان طريقة معالجته ليست فريدة.‏ فأغلب كتب التطور الاخرى تمرّ ايضا سريعًا بالمشكلة المربكة،‏ مشكلة شرح انبثاق الحياة من الجماد.‏ وهكذا قال الپروفسور وليم ثورپ من قسم عِلم الحيوان بجامعة كَيمبريدج لزملائه العلماء:‏ «كل ما نُشر من تكهّنات ومناقشات سطحية خلال السنوات العشر الى الخمس عشرة الاخيرة لشرح طريقة اصل الحياة،‏ اتضح انه ساذج للغاية وضعيف جدا.‏ ويبدو،‏ في الواقع،‏ ان المشكلة بعيدة عن الحل كما كانت في ايّ وقت مضى.‏»‏٤

      ٦ ماذا تُظهر المعرفة المتزايدة؟‏

      ٦ ولم يعمل الانفجار الحديث لازدياد المعرفة إلا على تكبير الهُوَّة بين الاشياء الحية والجماد.‏ فحتى أقدم العضويات organisms الوحيدة الخلية المعروفة،‏ وُجدت معقَّدة بشكل لا يُسبَر غوره.‏ «المشكلة التي يواجهها عِلم الأحياء هي الوصول الى بداية بسيطة،‏» حسب قول الفلَكيَّين فرِد هُويْل وشانْدرا ويكْرَماسينڠ.‏ و «ما اكتُشِف في الصخور من بقايا احفورية fossil لأشكال الحياة القديمة،‏ لا يكشف عن بداية بسيطة.‏ .‏ .‏ .‏ ولذلك فان نظرية التطور ينقصها الاساس اللائق.‏»‏٥ واذ تزداد المعلومات،‏ يصير اصعب الشرح كيف كان يمكن لأشكال الحياة المجهرية،‏ بتركيبها المعقَّد الى حد لا يصدَّق،‏ ان تنشأ عرَضًا.‏

      ٧ ما هي الخطوات الرئيسية التي يُدَّعَى انها تؤدِّي الى اصل الحياة؟‏

      ٧ والخطوات الرئيسية في الطريق المؤدِّية الى اصل الحياة،‏ كما تتصورها نظرية التطور،‏ هي (‏١)‏ وجود الجوّ البدائي الصحيح و (‏٢)‏ تركيز في المحيطات لحَساء عُضْوي من جُزَيئات «بسيطة» ضرورية للحياة.‏ (‏٣)‏ من هذه تأتي الپروتينات والنيوكليوتيدات nucleotides (‏مركَّبات كيميائية معقَّدة)‏ التي (‏٤)‏ تتجمَّع وتكتسب غشاء،‏ ثم (‏٥)‏ تُطوِّر شفرة وراثية genetic code وتبتدئ بصنع نسخ لنفسها.‏ فهل تتفق هذه الخطوات مع الوقائع المتوافرة؟‏

      الجوّ البدائي

      ٨ كيف قصَّرت عن هدفها التجربة الشهيرة التي اجراها ستانلي ميلَر وغيرها من التجارب اللاحقة؟‏

      ٨ في سنة ١٩٥٣،‏ أمَرَّ ستانلي ميلَر شرارة كهربائية عبر «جوّ» من الهيدروجين،‏ الميتان،‏ الأمونيا وبخار الماء.‏ فأنتج هذا بعض ما يوجد من الحموض الأمينية العديدة التي هي كُتَل بناء الپروتينات.‏ ولكنه لم يحصل إلا على اربعة من الحموض الأمينية الـ‍ ٢٠ اللازمة لوجود الحياة.‏ وبعد اكثر من ٣٠ عامًا،‏ كان العلماء لا يزالون عاجزين عن ان ينتجوا بتجاربهم كل الحموض الأمينية الـ‍ ٢٠ الضرورية في احوال يمكن ان تُعتبر معقولة ظاهريًّا.‏

      ٩،‏ ١٠ (‏أ)‏ ما هو الاعتقاد بشأن التركيب المحتمل لجوّ الارض البدائي؟‏ (‏ب)‏ اي مأزق يواجهه التطور،‏ وماذا يُعرف عن جوّ الارض البدائي؟‏

      ٩ وافترض ميلَر ان جوّ الارض البدائي كان يُشبه ذاك الذي في قارورة تجربته.‏ ولماذا؟‏ لانه،‏ كما قال لاحقًا هو وزميل له:‏ «لا يحدث تخليق synthesis المركَّبات ذات القيمة الأحيائية إلا في احوال مُرجِعة reducing conditions [بلا اكسجين طليق في الجوّ].‏»‏٦ بيد ان نظرية آخَرين من مؤيدي التطور تقول بأن الاكسجين كان موجودًا.‏ والمأزق الذي يُحدِثه هذا للتطور يعبِّر عنه هِتْشِنْڠ:‏ «لو وُجد الاكسجين في الهواء،‏ لما تكوَّن ابدًا اول حمض أميني؛‏ ولو لم يوجد الاكسجين،‏ لقضَت عليه الاشعَّة الكونية.‏»‏٧

      ١٠ فالواقع هو ان ايَّة محاولة لإثبات طبيعة جوّ الارض البدائي لا تقوم إلا على التخمين او الافتراض.‏ ولا احد يعرف بالتأكيد ما كان عليه.‏

      هل يتشكَّل «حَساء عُضْوي»؟‏

      ١١ (‏أ)‏ لماذا لا يُحتمل ان يتراكم «حَساء عُضْوي» في المحيط؟‏ (‏ب)‏ كيف استطاع ميلَر المحافظة على الحموض الأمينية القليلة التي حصل عليها؟‏

      ١١ كم يُحتمل ان تنجرف الحموض الأمينية،‏ التي يُعتقد انها تشكَّلت في الجوّ،‏ وتشكِّل «حَساءً عُضْويًّا» في المحيطات؟‏ لا يُحتمل ذلك البتَّة.‏ فالطاقة نفسها التي تشطُر المركَّبات البسيطة في الجوّ تفكِّك باكثر سرعة ايضا ما يتشكَّل من حموض أمينية معقَّدة.‏ ومن المثير للاهتمام ان ميلَر،‏ في تجربته إمرار شرارة كهربائية عبر «الجوّ،‏» لم يحافظ على الحموض الأمينية الاربعة التي حصل عليها إلا بإبعادها عن منطقة الشرارة.‏ فلو تركها هناك لفكَّكتها الشرارة.‏

      ١٢ ماذا يحدث للحموض الأمينية حتى وإن وصل بعضها الى المحيطات؟‏

      ١٢ ولكن،‏ اذا افتُرض ان الحموض الأمينية وصلت الى المحيطات بطريقة او بأخرى،‏ وجرت وقايتها من الاشعاع فوق البنفسجي المدمِّر في الجوّ،‏ فماذا حينئذ؟‏ شرح هِتْشِنْڠ:‏ «لا توجد تحت سطح الماء طاقة كافية لتنشيط تفاعلات كيميائية اضافية؛‏ وعلى اية حال،‏ فالماء يمنع نمو الجُزَيئات الاكثر تعقيدًا.‏»‏٨

      ١٣ ماذا يلزم ان تفعل الحموض الأمينية في الماء لتشكِّل پروتينات،‏ ولكن بعدئذ اي خطر آخر تواجهه؟‏

      ١٣ وهكذا حالما توجد الحموض الأمينية في الماء،‏ يلزم ان تخرج منه لتشكِّل جُزَيئات اكبر وتتطور الى الصيرورة پروتينات نافعة لتشكيل الحياة.‏ غير انها حالما تخرج من الماء،‏ تتعرَّض ثانيةً للضوء فوق البنفسجي المدمِّر!‏ «وبكلمات اخرى،‏» يقول هِتْشِنْڠ،‏ «ان الفرَص النظرية لعبور حتى هذه المرحلة الاولى السهلة نسبيًّا [الحصول على الحموض الأمينية] في تطور الحياة هي كالحة.‏»‏٩

      ١٤ ولذلك ما هي احدى المشاكل الأشدّ استعصاءً التي تواجه مؤيدي التطور؟‏

      ١٤ على الرغم من انه يؤكَّد عمومًا ان الحياة نشأت تلقائيًّا في المحيطات،‏ فان الماء لا يساعد على إحداث العمليات الكيميائية الضرورية.‏ يشرح الكيميائي ريتشارد ديكرسُن:‏ «لذلك يصعب ان ندرك كيف كان يمكن للتماثر polymerization [ترابط جُزَيئات أصغر لتشكيل جُزَيئات أكبر] ان يتقدَّم في البيئة المائية للمحيط البدائي،‏ لان وجود الماء يسهِّل،‏ لا التماثر،‏ بل بالأحرى ازالة التماثر depolymerization [تفكُّك الجُزَيئات الكبيرة الى جُزَيئات أبسط].‏»‏١٠ ويوافق الكيميائي الحيوي جورج والْد على هذه النظرة،‏ قائلا:‏ «الانحلال التلقائي اكثر احتمالا بكثير،‏ وبالتالي يتقدَّم بسرعة اكبر بكثير من التخليق التلقائي.‏» وهذا يعني انه لن يكون هنالك تراكم لحَساء عُضْوي!‏ ويَعتقد والْد ان هذا هو «أشدّ المشاكل المستعصية التي تواجهنا [مؤيدي التطور].‏»‏١١

      ١٥،‏ ١٦ اية مشكلة كبرى هنالك في الحصول على الپروتينات الضرورية للحياة من الحموض الأمينية في حَساء عُضْوي مفترَض؟‏

      ١٥ إلا ان هنالك مشكلة مستعصية اخرى تواجه نظرية التطور.‏ تذكَّروا انه يوجد اكثر من ١٠٠ حمض أميني،‏ ولكن لا يلزم إلا ٢٠ للپروتينات الضرورية للحياة.‏ وعلاوةً على ذلك،‏ فهي تأتي بشكلين:‏ بعض الجُزَيئات «يمينية» والاخرى «يسارية.‏» فلو تشكَّلت عشوائيًّا،‏ كما في حَساء عُضْوي افتراضي،‏ لكان نصفها على الارجح يمينيًّا والنصف الآخر يساريًّا.‏ وما من سبب معروف لتفضيل احد الشكلين في الاشياء الحية.‏ ومع ذلك،‏ فان الحموض الأمينية الـ‍ ٢٠ المستعملة في إنتاج الپروتينات الضرورية للحياة كلها يسارية!‏

      ١٦ فكيف حدث انه،‏ عشوائيًّا،‏ لم يتَّحد في الحَساء إلا ما كان لازما على نحو محدَّد؟‏ يعترف الفيزيائي ج.‏ د.‏ برنَل:‏ «يجب الإقرار بأن الشرح .‏ .‏ .‏ لا يزال احد الأجزاء الاصعب شرحًا للأوجه البُنيوية للحياة.‏» واختتم:‏ «ربما لن نستطيع ابدًا شرح ذلك.‏»‏١٢

      الاحتمالات والپروتينات التلقائية

      ١٧ اي ايضاح يُظهر مدى المشكلة؟‏

      ١٧ وما هي فرصة تجمُّع الحموض الأمينية الصحيحة لتشكِّل جُزَيئا پروتينيا؟‏ يمكن تشبيه ذلك بكومة كبيرة مخلوطة تمامًا تحتوي على أعداد متساوية من الفاصولياء الحمراء والفاصولياء البيضاء.‏ ويوجد ايضًا اكثر من ١٠٠ نوع مختلف من الفاصولياء.‏ والآن،‏ اذا غرَفتم من هذه الكومة،‏ فعلى ماذا تظنون انكم ستحصلون؟‏ لكي تحصلوا على الفاصولياء التي تمثِّل المكوِّنات الاساسية للپروتين،‏ يجب ان تغرفوا فاصولياء حمراء فقط —‏ بلا فاصولياء بيضاء على الاطلاق!‏ وأيضا يجب ألا تحتوي مِغرفتكم إلا على ٢٠ نوعًا من الفاصولياء الحمراء،‏ ويجب ان تكون كل واحدة في مكان معيَّن محدَّد مسبقا في المِغرفة.‏ وغلطة واحدة في عالَم الپروتين في ايّ من هذه المتطلبات تجعل الپروتين الناتج يفشل في العمل بلياقة.‏ فهل يمكن ان نحصل على المجموعة المناسبة مهما حرَّكنا وغرَفنا من كومة فاصوليائنا الافتراضية؟‏ كلا.‏ اذًا،‏ كيف امكَن ذلك في الحَساء العُضْوي الافتراضي؟‏

      ١٨ كم هي واقعية ارجحية ان يتكوَّن عشوائيًّا حتى جُزَيء پروتيني بسيط؟‏

      ١٨ ان الپروتينات الضرورية للحياة لها جُزَيئات معقَّدة جدًّا.‏ فما هو الاحتمال ان يتكوَّن عشوائيًّا حتى جُزَيء پروتيني بسيط في حَساء عُضْوي؟‏ يعترف مؤيدو التطور بأن ذلك هو واحد فقط من ١٠١١٣ (‏١ يليه ١١٣ صفرًا)‏.‏ بيد ان ايّ حدث يُحتمل وقوعه بنسبة واحد فقط من ١٠٥٠ يستبعده علماء الرياضيات باعتباره لا يقع ابدًا.‏ وفكرة الارجحية،‏ او الاحتمالات،‏ ذات العلاقة تُرى في واقع ان العدد ١٠١١٣ اكبر من المجموع التقديري لكل الذرّات في الكون!‏

      ١٩ اي احتمال هنالك للحصول على الانزيمات اللازمة لخلية حيَّة؟‏

      ١٩ تخدم بعض الپروتينات كمواد بُنيوية وتخدم اخرى كانزيمات.‏ والاخيرة تعجِّل التفاعلات الكيميائية اللازمة في الخلية.‏ وبدون مثل هذه المساعدة تموت الخلية.‏ ويستلزم نشاط الخلية ان تخدم،‏ لا بضعة پروتينات فقط،‏ بل ٠٠٠‏,‏٢ منها،‏ كانزيمات.‏ فما هي احتمالات الحصول على هذه كلها عشوائيًّا؟‏ واحد من ١٠٠٠٠‏,‏٤٠‏!‏ «احتمال صغير بشكل فاضح،‏» يؤَكد هُويْل،‏ «لا يمكن توقعه حتى ولو كان الكون بأسره مؤلَّفا من حَساء عُضْوي.‏» ويضيف:‏ «ان لم يكن المرء متحيِّزا،‏ إما بسبب معتقداته الاجتماعية او بسبب تدريبه العلمي،‏ الى الاقتناع بأن الحياة نشأت [تلقائيًّا] على الارض،‏ يمحو هذا الحساب البسيط الفكرة محوًا تامًّا.‏»‏١٣

      ٢٠ لماذا الغشاء الذي تحتاج اليه الخلية يعقِّد المشكلة؟‏

      ٢٠ إلا ان الاحتمالات في الواقع اقل بكثير مما يدل عليه هذا الرقم ‹الصغير بشكل فاضح.‏› فالخلية يجب ان يحيط بها غشاء.‏ ولكنَّ هذا الغشاء معقَّد للغاية،‏ يتألف من جُزَيئات الپروتين والسكّر والدهن.‏ وكما يكتب مؤيد التطور لزلي اورڠل:‏ «تحتوي اغشية الخلايا العصرية على قنَوات ومضَخّات تضبط بدقة دخول وخروج المغذيات والفضلات والشوارد الفلزية metal ions وغيرها.‏ وتشمل هذه القنَوات المتخصصة پروتينات ذات نوعية عالية،‏ جُزَيئات لم يكن وجودها ممكنًا في البداية نفسها لتطوّر الحياة.‏»‏١٤

      الشفرة الوراثية الرائعة

      ٢١ كم يصعب الحصول على الهِسْتونات التي يتطلبها الـ‍ DNA‏؟‏

      ٢١ وما يصعب الحصول عليه اكثر من هذه هو النيوكليوتيدات،‏ الوحدات البُنيوية للـ‍ DNA‏،‏ التي تحمل الشفرة الوراثية genetic code‏.‏ ويرتبط الـ‍ DNA بخمسة هِسْتونات histones (‏يُعتقد ان الهِسْتونات تشارك في التحكم في نشاط المورِّثات)‏.‏ ويقال ان الاحتمال لتشكيل حتى أبسط هذه الهِسْتونات هو واحد من ٢٠١٠٠ —‏ عدد ضخم آخَر «اكبر من مجموع كل الذرّات في كل النجوم والمجرّات المرْئيّة في أكبر المقاريب الفلَكية.‏»‏١٥

      ٢٢ (‏أ)‏ ما هي علاقة الأُحجيّة القديمة عن ‹الدجاجة ام البيضة› بالپروتينات والـ‍ DNA‏؟‏ (‏ب)‏ اي حلّ يقدمه احد مؤيدي التطور،‏ وهل ذلك معقول؟‏

      ٢٢ ولكنَّ نظرية التطور تواجهها صعاب اكبر تشمل اصل كامل الشفرة الوراثية —‏ مطلب لاجل التكاثر الخلَوي.‏ وتبزغ ثانيةً الأُحجيّة القديمة عن ‹الدجاجة ام البيضة› في ما يتعلق بالپروتينات والـ‍ DNA‏.‏ يقول هِتْشِنْڠ:‏ «تعتمد الپروتينات في تشكُّلها على الـ‍ DNA‏.‏ ولكنَّ الـ‍ DNA لا يمكن ان يتشكَّل دون پروتين موجود قبله.‏»‏١٦ وهذا يؤدِّي الى ما يثيره ديكرسُن مما يَظهر متناقضا:‏ «ايهما جاء اولا،‏» الپروتين ام الـ‍ DNA‏؟‏ وهو يؤكد:‏ «يجب ان يكون الجواب،‏ ‹انهما نمَوَا متوازيين.‏›»‏١٧ فهو يقول،‏ في الواقع،‏ انه لا بد ان تكون ‹الدجاجة› و ‹البيضة› قد تطورتا في وقت واحد،‏ دون ان تأتي الواحدة من الاخرى.‏ فهل يبدو هذا معقولا لكم؟‏ يلخِّص ذلك محرر علمي بقوله:‏ «يثير اصل الشفرة الوراثية المشكلة الضخمة لأُحجيّة الدجاجة والبيضة،‏ المشكلة التي تبقى في الوقت الحاضر مشوَّشة تماما.‏»‏١٨

      ٢٣ ماذا يقول علماء آخرون عن الجهاز الوراثي؟‏

      ٢٣ وقدَّم ايضًا الكيميائي ديكرسُن هذا التعليق المثير للاهتمام:‏ «ان تطور الجهاز الوراثي هو الخطوة التي ليست لها نماذج مختبَرية،‏ ولذلك لا يسع المرء إلا ان يخمِّن الى ما لا نهاية دون ان يتقيَّد بحقائق مُزعجة.‏»‏١٩ ولكن هل هو اسلوب علمي سليم ان يجري تجاهل الفيضان الجارف من ‹الحقائق المزعجة› بهذه السهولة؟‏ يدعو لزلي اورڠل وجود الشفرة الوراثية «الوجه الاكثر ارباكا لمشكلة اصول الحياة.‏»‏٢٠ واستنتج فرنسيس كْريك:‏ «بالرغم من ان الشفرة الوراثية تكاد تكون عامة،‏ إلا ان الآلية الضرورية لتجسيدها معقَّدة اكثر من ان تكون قد نشأت دُفعةً واحدة.‏»‏٢١

      ٢٤ ماذا يمكن قوله عن الانتقاء الطبيعي وأوَّل خلية تكاثرت؟‏

      ٢٤ تحاول نظرية التطور حذف الحاجة الى تحقيق المستحيل «دُفعةً واحدة» بتبني عملية تدريجية بها يستطيع الانتقاء الطبيعي ان يؤدِّي عمله شيئًا فشيئًا.‏ غير انه بدون الشفرة الوراثية للابتداء بالتكاثر،‏ لا يمكن ان توجد مواد ينتقيها الانتقاء الطبيعي.‏

      التخليق الضوئي المدهش

      ٢٥ ينسب التطور الى خلية بسيطة المقدرةَ المدهشةَ على انشاء اية عملية؟‏

      ٢٥ وتنشأ الآن عَقبة اضافية امام نظرية التطور.‏ فقد لزم ان تبتدع الخلية البدائية في مرحلة من المراحل ما اوقع انقلابًا في الحياة على الارض —‏ التخليق الضوئي photosynthesis‏.‏ وهذه العملية،‏ التي بها يأخذ النبات ثاني أُكسيد الكربون ويُطلق الاكسجين،‏ لا يفهمها العلماء كاملا حتى الآن.‏ انها،‏ كما يصرِّح عالِم الاحياء ف.‏ و.‏ وانْت،‏ «عملية لم يستطع احد حتى الآن ان ينسخها في انبوبة اختبار.‏»‏٢٢ ومع ذلك،‏ يُظن ان خلية بسيطة صغيرة جدًّا انشأتها بالصدفة.‏

      ٢٦ اي تغيير ثوري سببته هذه العملية؟‏

      ٢٦ ان هذه العملية للتخليق الضوئي حوّلت جوًّا لا يوجد فيه اكسجين طليق الى جوّ يشكِّل فيه جُزَيء الاكسجين واحدا من كل خمسة جُزَيئات.‏ ونتيجة لذلك استطاعت الحيوانات تنشُّق الاكسجين والعيش،‏ وأمكن تكوُّن طبقة من الأوزون لوقاية كل الكائنات الحية من الآثار الضارة للإشعاع فوق البنفسجي.‏ فهل يمكن نسب هذا الترتيب الفريد للظروف الى مجرد صدفة عشوائية؟‏

      هل للذكاء علاقة؟‏

      ٢٧ في اي وضع تركَت الادلة بعض مؤيدي التطور؟‏

      ٢٧ عندما يواجَه مؤيدو التطور بالارجحية الهائلة ضد تشكُّل خلية حية بالصدفة،‏ يُجبَر بعضهم على التراجع.‏ مثلا،‏ يستسلم مؤلِّفا التطور من الفضاء (‏هُويْل وويكْرَماسينڠ)‏،‏ قائلَين:‏ «هذه القضايا معقَّدة اكثر من ان تُحدَّد لها أعداد.‏» ويضيفان:‏ «لا توجد وسيلة .‏ .‏ .‏ يمكننا بها الخروج من المأزِق بواسطة حَساء عُضْوي اكبر وأفضل،‏ كما رجونا نحن انفسنا ان يكون ممكنا منذ سنة او اثنتين.‏ فالأعداد التي حسبناها اعلاه،‏ من حيث الأساس،‏ خيالية للحَساء الكوني كما للحَساء الأرضي.‏»‏٢٣

      ٢٨ (‏أ)‏ ماذا يكمن على الارجح وراء رفض الاعتراف بالحاجة الى ذكاء؟‏ (‏ب)‏ مَن يقول مؤيدو التطور المؤمنون بالحاجة الى ذكاء اعلى انه ليس مصدر هذا الذكاء؟‏

      ٢٨ ثم،‏ بعد الاعتراف بأن الذكاء لا بد ان تكون له علاقة بطريقة او بأخرى بايجاد الحياة،‏ يتابع المؤلِّفان:‏ «حقًّا،‏ ان نظريةً كهذه واضحة جدا الى حد يتساءل عنده المرء لماذا لا تُقبَل قبولا واسعا بصفتها بديهية؟‏ ان الاسباب نفسيَّة اكثر مما هي علمية.‏»‏٢٤ وهكذا يمكن ان يستنتج المراقِب ان الحاجز «النفسي» هو التفسير المعقول الوحيد لسبب تمسّك اغلب مؤيدي التطور بالاصل العرَضي للحياة ونبذهم ايّ «تصميم او قصد او توجيه،‏»‏٢٥ كما عبَّر عن ذلك دوكِنز.‏ وفي الواقع،‏ حتى هُويْل وويكْرَماسينڠ،‏ بعد اعترافهما بالحاجة الى ذكاء،‏ يقولان انهما لا يؤمنان بأن خالقًا شخصيًّا مسؤول عن اصل الحياة.‏٢٦ فبحسب تفكيرهما،‏ ان الذكاء إلزاميّ،‏ ولكنَّ فكرة خالق غير مقبولة.‏ فهل تجدون ذلك تناقضًا؟‏

      هل هو علمي؟‏

      ٢٩ ما هو الاسلوب العلمي؟‏

      ٢٩ اذا كانت البداية التلقائية للحياة ستُقبَل كواقع علمي،‏ يجب اثباتها بالاسلوب العلمي.‏ وقد وُصف ذلك كما يلي:‏ لاحِظ ما يحدث؛‏ وعلى اساس هذه الملاحظات،‏ كوِّن نظرية عما يمكن ان يكون صحيحا؛‏ اختبر النظرية بملاحظات اضافية وبالتجارب؛‏ وراقب لترى ما اذا كانت التكهنات المؤسسة على النظرية تتحقَّق.‏

      ٣٠ بأية طرائق يقصِّر التولُّد التلقائي عن بلوغ الهدف في ما يتعلق بتطبيق الاسلوب العلمي؟‏

      ٣٠ في محاولة لتطبيق الاسلوب العلمي لم تكن ممكنة ملاحظة التولُّد التلقائي للحياة.‏ فلا يوجد دليل على انه يحدث الآن،‏ وطبعًا لم يكن مراقِب بشري موجودا كما يقول مؤيدو التطور عندما كان يحدث.‏ ولم تثبت بالملاحظة اية نظرية خاصة به.‏ وقد فشلت تجارب المختبرات في تكراره.‏ ولم تتحقَّق التكهنات المؤسسة على النظرية.‏ وبمثل هذا العجز عن تطبيق الاسلوب العلمي،‏ هل يكون عِلما صحيحا ان تُرفع نظرية كهذه الى مستوى الواقع؟‏

      ٣١ اي رأيين متضاربين في التولُّد التلقائي يملكهما احد العلماء؟‏

      ٣١ ومن ناحية اخرى،‏ توجد وفرة من الأدلَّة لدعم الاستنتاج بأن التولُّد التلقائي للحياة من الجماد امرٌ مُحال.‏ «ليس على المرء إلا ان يتأمل في عظم هذه المهمّة،‏» يُقرّ الپروفسور والْد من جامعة هارڤرد،‏ «حتى يسلِّم بأن التولُّد التلقائي لعضوية حية امرٌ مستحيل.‏» ولكن،‏ بماذا يؤمن فعلا هذا المؤيد للتطور؟‏ انه يجيب:‏ «ومع ذلك نحن هنا —‏ في اعتقادي،‏ نتيجةً للتولُّد التلقائي.‏»‏٢٧ فهل يبدو ذلك عِلما موضوعيا؟‏

      ٣٢ كيف يعترف حتى مؤيدو التطور بأن مثل هذا التفكير غير علمي؟‏

      ٣٢ وَسَم عالِم الأحياء البريطاني جوزيف هنري وُدْڠَر مثل هذا التفكير بأنه «تصلُّب بحت في الرأي —‏ التأكيد ان ما تريد الاعتقاد به وقعَ فعلا.‏»‏٢٨ فكيف انتهى الامر بالعلماء الى ان يقبلوا في افكارهم هذا الانتهاك الجليّ للاسلوب العلمي؟‏ اعترف مؤيد التطور الشهير لورِن ايزلي:‏ «بعد تعنيف اللاهوتي لاعتماده على الاساطير والمعجزات،‏ وجد العِلم نفسه في وضع لا يُحسد عليه لاضطراره الى ابتداع مجموعته الخاصة من الاساطير:‏ اي الافتراض انَّ ما لم يكن ممكنا بعد جهد طويل اثبات وقوعه اليوم،‏ وقعَ حقًّا في الماضي البدائي.‏»‏٢٩

      ٣٣ على اساس كل الأدلَّة السابقة،‏ اي استنتاج يجب الوصول اليه بخصوص التولُّد التلقائي وتطبيق الاسلوب العلمي؟‏

      ٣٣ على اساس الأدلَّة يتضح ان نظرية التولُّد التلقائي للحياة تلائم حيِّز الخيال العلمي اكثر مما تلائم الواقع العلمي.‏ ويَظهر ان كثيرين من المؤيّدين هجروا الاسلوب العلمي في امور كهذه لكي يعتقدوا بما يريدون اعتقاده.‏ وعلى الرغم من الارجحية الساحقة ضد نشوء الحياة بالصدفة،‏ يعم التصلّب العنيد في الرأي بدلا من الحذَر الذي يميِّزه الاسلوب العلمي عادة.‏

      لا يقبله كل العلماء

      ٣٤ (‏أ)‏ كيف يبرهن احد الفيزيائيين على انه منفتح العقل علميًّا؟‏ (‏ب)‏ كيف يصف التطور،‏ وما هو تعليقه على كثيرين من العلماء؟‏

      ٣٤ غير انه لم يغلق جميع العلماء الباب على البديل.‏ مثلا،‏ اذ ادرك الفيزيائي ه‍.‏ س.‏ ليپسون الارجحية ضد النشوء التلقائي للحياة،‏ قال:‏ «الشرح المقبول الوحيد هو الخلق‏.‏ انا اعرف ان هذا بغيض عند الفيزيائيين،‏ كما هو في الواقع عندي،‏ ولكن يجب ألا نرفض نظرية لا نحبُّها اذا دعمها الدليل التجريبي.‏» ولاحظ ايضًا انه بعد كتاب داروين،‏ اصل الانواع،‏ «اصبح التطور الى حد ما دينًا علميًّا؛‏ فقبِله تقريبًا جميع العلماء والكثيرون هم على استعداد لان ‹يعوِّجوا› ملاحظاتهم لكي تطابقه.‏»‏٣٠ تعليق مُحزن ولكن صحيح.‏

      ٣٥ (‏أ)‏ اي مفهوم وجد پروفسور جامعي التخلص منه شاقّا؟‏ (‏ب)‏ كيف يوضح امكانية تطور الحياة بالصدفة؟‏

      ٣٥ قال شانْدرا ويكْرَماسينڠ،‏ پروفسور في كليَّة الجامعة،‏ في كارديف:‏ «منذ تدريبي الابكر كعالِم،‏ غُسِل دماغي بشدة لأعتقد ان العِلم لا يمكن ان يتفق مع ايّ نوع من الخلق العمدي.‏ وهذا المفهوم كان يجب التخلص منه بشكل شاقّ جدًّا.‏ اني في غاية الانزعاج من الوضع،‏ الحالة الذهنية التي اجد نفسي فيها الآن.‏ ولكن لا يوجد مخرج منطقي من ذلك.‏ .‏ .‏ .‏ فاعتبار الحياة صدفة كيميائية على الارض هو كالبحث عن حبّة رمل معيَّنة على كل الشواطئ في كل الكواكب في الكون —‏ والعثور عليها.‏» وبكلمات اخرى،‏ من المُحال ان تكون الحياة قد نشأت من صدفة كيميائية.‏ ولذلك يستنتج ويكْرَماسينڠ:‏ «لا توجد طريقة اخرى يمكننا بها ان نفهم الترتيب الدقيق للمواد الكيميائية للحياة إلا بالاستعانة بالخلق على نطاق كوني.‏»‏٣١

      ٣٦ اي تعليق يقدِّمه روبرت جاسترو؟‏

      ٣٦ وكما قال الفلَكي روبرت جاسترو:‏ «لا برهان لدى العلماء على ان الحياة لم تَنتج من عمل خلقي.‏»‏٣٢

      ٣٧ اي سؤال يُثار بشأن التطور،‏ وأين يمكن ان يوجد الجواب؟‏

      ٣٧ ولكن،‏ حتى اذا افترضنا ان اوَّل خلية حية نشأت تلقائيًّا بطريقة او بأخرى،‏ فهل هنالك دليل على انها تطورت الى كل المخلوقات التي عاشت في وقت من الاوقات على الارض؟‏ تزوِّد الاحافير الجواب،‏ ويبحث الفصل التالي في ما يقوله حقًّا سجل الاحافير.‏

  • هل يمكن ان تنشأ الحياة بالصدفة؟‏
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • ‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٤٨ و ٤٩]‏

      الخلية العجيبة

      الخلية الحيَّة في غاية التعقيد.‏ ويحاول عالِم الأحياء فرنسيس كْريك وصف وظائفها بأسلوب بسيط،‏ لكنه يدرك اخيرًا انه لا يستطيع ان يذهب إلا الى حد معيّن،‏ «ولانها معقَّدة جدا يجب ان لا يحاول القارئ التصارع مع كل التفاصيل.‏»‏a

      ان التعليمات داخل DNA الخلية «لو كُتبت لملأت ألف كتاب من ٦٠٠ صفحة،‏» تشرح الجغرافيّة القومية.‏ «كل خلية عالَمٌ يطفح بفئات دقيقة من الذرّات تُدعَى جُزَيئات يصل عددها الى مئتي تريليون.‏ .‏ .‏ .‏ لو وُصِّلت صبغياتنا ‹خيوطنا› الـ‍ ٤٦ احداها بالاخرى لبلغ طولها اكثر من ست اقدام.‏ ومع ذلك،‏ فقُطر النواة التي تحويها اقل من اربعة من عشرة آلاف جزء من الانش.‏»‏b

      تستعمل مجلة نيوزويك ايضاحًا لاعطاء فكرة عن نشاطات الخلية:‏ «تؤدّي كلٌ من تلك الـ‍ ١٠٠ تريليون خلية عملها مثل مدينة مسوَّرة.‏ فتولِّد محطات توليد الطاقة ما يلزم الخلية من طاقة.‏ وتُنتج المصانع الپروتينات،‏ وحدات حيوية للتجارة الكيميائية.‏ وتوجِّه انظمة النقل المعقَّدة مواد كيميائية معيّنة من نقطة الى اخرى داخل الخلية وخارجها.‏ ويتحكم الحرّاس عند الحواجز في اسواق التصدير والاستيراد،‏ ويراقبون العالَم الخارجي لالتقاط اشارات الخطر.‏ وتقف جيوش أحيائية مدرّبة على استعداد لمصارعة الغزاة.‏ وتحافظ حكومة وراثية مركزية على النظام.‏»‏c

      عندما عُرضت نظرية التطور العصرية لاول مرة،‏ كانت لدى العلماء فكرة زهيدة عما للخلية الحيَّة من تعقيد ضخم يصعب تصديقه.‏ وفي الصفحة المقابلة بعض الأجزاء من خلية نموذجية —‏ كلها يحويها وعاء عرضه فقط ١٠٠٠ ⁄‏١ من الانش.‏

      الغشاء الخلَوي CELL MEMBRANE

      الغطاء الذي يتحكم في ما يدخل الخلية ويخرج منها

      الجسيمات الريبية RIBOSOMES

      البُنى التي تجتمع عليها الحموض الأمينية فتشكِّل الپروتينات

      النواة NUCLEUS

      محاطة بغلاف من غشاء مزدوج،‏ وهي مَركز السيطرة الذي يوجِّه نشاطات الخلية

      الصَّبغيَّات CHROMOSOMES

      تحتوي على DNA الخلية،‏ المخطَّط الوراثي الرئيسي لها

      النُّوَيّة NUCLEOLUS

      موقع تجمُّع الجسيمات الريبية

      الشبكة الپلازمية الداخلية ENDOPLASMIC RETICULUM

      صفائح رقيقة من الاغشية تخزِّن او تنقل الپروتينات التي تصنعها الجسيمات الريبية الملتصقة بها (‏بعض الجسيمات الريبية تسبح طليقةً في الخلية)‏

      الحُبَيبات الخيطية MITOCHONDRIA

      مراكز إنتاج الـ‍ ATP‏،‏ الجُزَيئات التي تمدّ الخلية بالطاقة

      جسم ڠُولْجي GOLGI BODY

      فئة من اكياس غشائية مسطّحة توضِّب وتوزِّع الپروتينات التي تصنعها الخلية

      المُرَيْكِزان CENTRIOLES

      يقعان بالقرب من النواة ويقومان بدور مهم في تكاثر الخلية

      ‏[الصورة]‏

      هل وُجِدت خلاياك الـ‍ ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٠٠ بالصدفة؟‏

      ‏[الاطار في الصفحة ٥٢]‏

      تعليق مؤيدي التطور في الماضي والحاضر على اصل الحياة

      «الفرْضية بأن الحياة نمت من المادة اللاعُضوية لا تزال،‏ في الوقت الحاضر،‏ من بنود الايمان.‏» —‏ عالِم الرياضيات ج.‏ و.‏ ن.‏ ساليڤانd

      «يقارَن احتمال نشوء الحياة من الصدفة باحتمال انتاج قاموس غير مختصر من انفجار في مطبعة.‏» —‏ عالِم الأحياء ادْوين كونكلينe

      «ليس على المرء إلا ان يتأمل في عظم هذه المهمّة حتى يسلِّم بأن التولُّد التلقائي لعضوية حية امرٌ مستحيل.‏» —‏ عالِم الكيمياء الحيوية جورج والْدf

      «الرجل المخلص،‏ المتسلِّح بكل المعرفة المتوافرة لنا الآن،‏ لا يمكنه إلا ان يصرِّح بأن اصل الحياة من بعض النواحي،‏ يظهر حاليا انه يكاد يكون معجزة.‏» —‏ عالِم الأحياء فرنسيس كْريكg

      «ان لم يكن المرء متحيِّزا،‏ إما بسبب معتقداته الاجتماعية او بسبب تدريبه العلمي،‏ الى الاقتناع بأن الحياة نشأت [تلقائيًّا] على الارض،‏ يمحو هذا الحساب البسيط [الارجحية الرياضية ضد ذلك] الفكرة محوًا تامًّا.‏» —‏ الفلَكيان فرِد هُويْل و ن.‏ ش.‏ ويكْرَماسينڠh

      ‏[الرسم/‏​الصور في الصفحة ٤٧]‏

      يتنشَّق البشر والحيوانات الاكسجين،‏ يُطلقون ثاني أُكسيد الكربون.‏ يأخذ النبات ثاني أُكسيد الكربون،‏ يُطلق الاكسجين

      ‏[الرسم]‏

      ‏[اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة]‏

      الضوء

      الاكسجين

      بخار الماء

      ثاني أُكسيد الكربون

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٠]‏

      لا يمكن ان يقوم مبنى كبير بدون اساس.‏ «نظرية التطور ينقصها الاساس اللائق،‏» يقول اثنان من العلماء

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٢]‏

      كلها حمراء،‏ كلها من النوع المناسب،‏ كل واحدة في مكانها المعيَّن مسبقا —‏ بالصدفة؟‏

      ‏[الصورة في الصفحة ٤٣]‏

      استعمال الحياة للحموض الأمينية «اليسارية» فقط:‏ «ربما لن نستطيع ابدًا شرح ذلك»‏

      ‏[الصورتان في الصفحة ٤٥]‏

      ايهما جاء اولا؟‏

  • ترك سجل الاحافير يتكلَّم
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • الفصل ٥

      ترك سجل الاحافير يتكلَّم

      ١ ما هي الاحافير؟‏

      الاحافير هي البقايا المحفوظة في قشرة الارض للأشكال القديمة للحياة.‏ وهذه قد تكون هياكل عظميَّة او اجزاءً منها كالعظام،‏ الأسنان او الأصداف.‏ والأُحفور قد يكون ايضًا علامة لنشاط شيء كان حيًّا ذات مرة،‏ كالبصمة او الأثَر.‏ والكثير من الاحافير لم تعُد تحتوي على مادتها الاصلية ولكنها تتكوَّن من الرواسب المعدنية التي تسرَّبت اليها واتَّخذت شكلها.‏

      ٢،‏ ٣ لماذا الاحافير مهمة للتطور؟‏

      ٢ ولماذا الاحافير مهمة للتطور؟‏ اشار عالِم الوراثة ج.‏ ل.‏ ستابينز الى سبب رئيسي:‏ «لم يَرَ في الواقع ايّ عالِم للأحياء اصل مجموعة رئيسية من العضويات عن طريق التطور.‏»‏١ ولذلك فان الاشياء الحية على الارض اليوم لا يُرى انها تتطور الى شيء آخر.‏ وبدلا من ذلك،‏ فجميعها مكتملة الشكل ومتميّزة عن غيرها من الاصناف.‏ وكما لاحظ عالِم الوراثة ثيودوسيوس دوبجانسكي:‏ «العالَم الحي ليس مجموعة منظَّمة واحدة .‏ .‏ .‏ تربطها سلسلة غير متقطعة من الاشكال المتوسطة.‏»‏٢ وقد سلَّم تشارلز داروين بأن «تميُّز الاشكال [الحية] المحدَّدة وعدم كونها مندمجة معا بحلقات انتقالية لا تحصى هو صعوبة واضحة جدا.‏»‏٣

      ٣ وهكذا فان التنوُّعات المتميِّزة للاشياء الحية الآن لا تؤيد البتَّة نظرية التطور.‏ من اجل ذلك صار سجل الاحافير مهمًّا جدًّا.‏ فقد اعتُقِد ان الاحافير ستهيّئ على الاقل التأكيد الذي تحتاج اليه نظرية التطور.‏

      ما يجب التفتيش عنه

      ٤-‏٦ لو كان التطور واقعيًّا،‏ ماذا كان يُظهر دليل الاحافير؟‏

      ٤ لو كان التطور واقعا،‏ لكشَف دليل الاحافير بالتأكيد عن تغيُّر تدريجي من جنس للحياة الى آخر.‏ ويجب ان تكون الحالة هكذا مهما اختلفت النظرية التطورية التي يجري قبولها.‏ وحتى العلماء الذين يؤمنون بالتغييرات الاسرع المقترنة بنظرية «التوازن المتقطِّع» يقرّون بضرورة مرور آلاف عديدة من السنين لتقع خلالها هذه التغييرات المزعومة.‏ ولذلك لا يُعقل الاعتقاد انه ليست هنالك حاجة على الاطلاق الى الاحافير الرابطة.‏

      ٥ وأيضا،‏ لو كان التطور مؤسسا على الواقع لتوقَّعنا ان يكشف سجل الاحافير عن بدايات البُنى الجديدة في الاشياء الحية.‏ فيجب ان تكون هنالك على الاقل بعض الاحافير بأذرع،‏ ارجل،‏ اجنحة،‏ اعين،‏ وغيرها من العظام والاعضاء في طور النموّ.‏ مثلا،‏ يجب ان تكون هنالك زعانف اسماك تتغيَّر الى ارجل برمائية بأقدام وأصابع،‏ وخياشيم تتغيَّر الى رئات.‏ ويجب ان تكون هنالك زواحف بأطراف امامية تتغيَّر الى اجنحة طيور،‏ اطراف خلفية تتغيَّر الى ارجل بمخالب،‏ حراشف تتغيَّر الى ريش،‏ وأفواه تتغيَّر الى مناقير قرنية.‏

      ٦ وبهذا الخصوص تقول مجلة العالِم الجديد البريطانية عن النظرية:‏ «انها تنبئ بسجل كامل للاحافير يتألف من سلالات من العضويات تُظهر تغيُّرا تدريجيًّا على نحو مستمر طوال فترات طويلة من الزمن.‏»‏٤ وكما اكَّد داروين نفسه:‏ «ان عدد التنوُّعات المتوسطة،‏ التي وُجدت سابقا،‏ [لا بد انه] عظيم.‏»‏٥

      ٧ ماذا يجب ان يُظهر سجل الاحافير اذا كانت رواية الخلق لسفر التكوين واقعية؟‏

      ٧ ومن ناحية اخرى،‏ اذا كانت رواية الخلق لسفر التكوين واقعية،‏ فحينئذ لا يُظهِر سجل الاحافير صنفا للحياة يتحول الى آخر.‏ ويعكس عبارة سفر التكوين بأن كل صنفٍ مختلفٍ من الاشياء الحية يتكاثر «كجنسه» فقط.‏ (‏تكوين ١:‏​١١،‏ ١٢،‏ ٢١،‏ ٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وأيضا،‏ اذا اتت الاشياء الحية الى الوجود بعمل خلقي،‏ لا توجد عظام او اعضاء جزئية غير مكتملة في سجل الاحافير.‏ وجميع الاحافير تكون كاملة وفي غاية التعقيد،‏ كما هي حال الاشياء الحية اليوم.‏

      ٨ اذا كانت الاشياء الحية قد خُلقت،‏ اي شيء آخر يجب ان يُظهره سجل الاحافير؟‏

      ٨ وعلاوةً على ذلك،‏ اذا كانت الاشياء الحية قد خُلقت،‏ يُنتظر ظهورها فجأة في سجل الاحافير،‏ دون ارتباط بأيّ شيء قبلها.‏ واذا صحَّ ذلك،‏ فحينئذ ماذا؟‏ اقرَّ داروين بصراحة:‏ «اذا كانت الانواع الكثيرة .‏ .‏ .‏ قد ابتدأت فعلا بالحياة فجأة،‏ يكون الواقع مميتا لنظرية التطور.‏»‏٦

      الى ايّ حد السجل كامل؟‏

      ٩ ماذا قال داروين عن الدليل في ايامه؟‏

      ٩ ولكن،‏ هل سجل الاحافير كامل الى حدّ يكفي لفحصٍ منصفٍ يُظهِر ايهما يلاقي دعما الخلق ام التطور؟‏ منذ اكثر من قرن لم يَعتقد داروين ذلك.‏ فماذا كان «الخطأ» في سجل الاحافير في زمانه؟‏ لم يحتوِ على الحلقات الانتقالية اللازمة لتأييد نظريته.‏ وهذا الوضع حمله على القول:‏ «فلماذا لا يكون كل تكوين جيولوجي وكل طبقة مليئا بمثل هذه الحلقات المتوسطة؟‏ بالتأكيد لا يكشف عِلم الجيولوجيا عن اية سلسلة عضوية كهذه متدرِّجة على نحو رائع؛‏ وهذا ربما كان الاعتراض الاوضح والاخطر الذي يمكن ان يقدَّم بقوة ضد النظرية.‏»‏٧

      ١٠ اية خيبة اخرى ذكرها داروين؟‏

      ١٠ وكان سجل الاحافير في ايام داروين مخيِّبا له بطريقة اخرى.‏ شرح قائلا:‏ «ان الطريقة المباغتة التي تظهر بها فجأة مجموعات كاملة من الانواع في تكوينات معيَّنة قد قدَّمها پالينتولوجيون عديدون بقوة .‏ .‏ .‏ كاعتراض مميت على الاعتقاد بتحول الانواع.‏» وأضاف:‏ «هنالك صعوبة اخرى ذات علاقة،‏ وهي اخطر بكثير.‏ وأنا اشير الى الطريقة التي تظهر بها فجأة الانواع المنتمية الى العديد من الاقسام الرئيسية لعالم الحيوان في اسفل الصخور الاحافيرية المعروفة.‏ .‏ .‏ .‏ والقضية في الوقت الحاضر يجب ان تبقى غير مفسَّرة؛‏ ويمكن ان تقدَّم بحق كحجة صحيحة ضد الآراء [التطورية] التي يجري التأمل فيها هنا.‏»‏٨

      ١١ كيف حاول داروين شرح المصاعب؟‏

      ١١ وحاول داروين شرح هذه المعضلات الضخمة بشنّه هجومًا على سجل الاحافير.‏ قال:‏ «انا انظر الى السجل الجيولوجي بوصفه تاريخًا للعالم حُفِظ بشكل ناقص،‏ .‏ .‏ .‏ ناقص الى درجة بالغة.‏»‏٩ لقد افترض هو وغيره ان الحلقات الأُحفورية المفقودة سيُعثر عليها بالتأكيد على مرّ الوقت.‏

      ١٢ الى اي حد هو شامل سجل الاحافير الآن؟‏

      ١٢ والآن،‏ بعد ما يزيد على قرن من التنقيب الشامل،‏ أُخرجت من الارض أعداد هائلة من الاحافير.‏ فهل لا يزال السجل ‹ناقصا› الى هذا الحد؟‏ يعلِّق كتاب عمليات التطور العضوي:‏ «ان سجل الاشكال الماضية للحياة شامل الآن وهو يزداد غنى على الدوام اذ يَكتشف،‏ يَصف،‏ ويقارن الپالينتولوجيون احافير جديدة.‏»‏١٠ ويضيف پورتر كير،‏ العالِم بمعهد سميثسونيان:‏ «هنالك مئة مليون أُحفور في المتاحف حول العالم،‏ كلها مصنَّفة ومحدَّدة هويتها.‏»‏١١ وهكذا يصرِّح دليل الى تاريخ الارض:‏ «يستطيع الپالينتولوجيون اعطاءنا الآن،‏ بمساعدة الاحافير،‏ صورةً ممتازة للحياة في العصور الماضية.‏»‏١٢

      ١٣،‏ ١٤ لماذا خيَّبت الأدلَّة الأُحفورية المتَّسعة مؤيدي التطور؟‏

      ١٣ بعد كل هذا الوقت،‏ وتجميع ملايين الاحافير،‏ ماذا يقول السجل الآن؟‏ يصرح مؤيد التطور ستِيڤن ستانلي بأن هذه الاحافير «تكشف امورًا جديدة ومدهشة عن اصولنا الأحيائية.‏»‏١٣ ويضيف كتاب نظرة الى الحياة،‏ من تأليف ثلاثة مؤيدين للتطور:‏ «سجل الاحافير ملآن اتجاهات لم يتمكن الپالينتولوجيون من تفسيرها.‏»‏١٤ وما هي تلك الامور التي وجدها علماء التطور هؤلاء «مدهشة» جدا وهم ‹لا يتمكنون من تفسيرها›؟‏

      ١٤ ان ما حيَّر امثال هؤلاء العلماء هو واقع ان الأدلَّة الأُحفورية الهائلة المتوافرة الآن تكشف عن الشيء عينه الذي كشفته في ايام داروين:‏ ظهرت الاجناس الاساسية للاشياء الحية فجأة ولم تتغيَّر على نحو يمكن ادراكه لفترات طويلة من الزمن.‏ ولم تُكتشف قط اية حلقات انتقالية بين جنس رئيسي وآخر من الاشياء الحية.‏ ولذلك فان ما يقوله سجل الاحافير هو تمامًا عكس ما كان متوقَّعا.‏

      ١٥ اي استنتاج وصل اليه عالِم نبات من درسه سجل الاحافير؟‏

      ١٥ بعد ٤٠ سنة من ابحاثه الخاصة،‏ وصَف عالِم النبات السويدي هاريبرت نيلسون الحالة على النحو التالي:‏ «لا يمكن حتى عمل صورة كاريكاتورية للتطور من الوقائع المتعلقة بعلم الحفريات البيولوجية.‏ والمواد الأُحفورية كاملة الآن الى حد انه .‏ .‏ .‏ لا يمكن تفسير انعدام السلاسل الانتقالية كنتيجة لندرة المواد.‏ فالفجوة حقيقية،‏ ولن تُسَدّ ابدًا.‏»‏١٥

      الحياة تظهر فجأة

      ١٦ (‏أ)‏ ماذا يقود احد العلماء المرء الى التوقع عن سجل الاحافير الباكر؟‏ (‏ب)‏ هل يتمم سجل الاحافير هذا التوقع؟‏

      ١٦ لننظر عن كثَب في الأدلَّة.‏ يقول روبرت جاسترو في كتابه العمالقة الحُمر والاقزام البِيض:‏ «في وقت من الاوقات،‏ في البليون سنة الاولى،‏ ظهرت الحياة على سطح الارض.‏ وببطء،‏ كما يدل سجل الاحافير،‏ تسلَّقت العضويات الحية السلَّم من الاشكال البسيطة الى الاكثر تقدمًا.‏» من هذا الوصف يتوقع المرء ان يكون سجل الاحافير قد اثبت تطورًا بطيئًا من اشكال الحياة «البسيطة» الاولى الى الاشكال المعقَّدة.‏ إلا ان الكتاب نفسه يقول:‏ «البليون سنة الاولى الحرجة،‏ التي ابتدأت خلالها الحياة،‏ هي صفحات بيضاء في تاريخ الارض.‏»‏١٦

      ١٧ هل يمكن ان تُدعى الاشكال الاولى للحياة «بسيطة»؟‏

      ١٧ وأيضا،‏ هل يمكن حقًّا وصف تلك الاصناف الاولى للحياة بأنها «بسيطة»؟‏ «بالرجوع في الزمن الى عصر اقدم الصخور،‏» يقول التطور من الفضاء،‏ «لا تُظهِر البقايا الأُحفورية للاشكال القديمة للحياة المكتشفة في الصخور بدايةً بسيطة.‏ ومع اننا قد نميل الى التفكير في احافير البكتيريا وأحافير الطحالب والفُطْريات المجهرية بأنها بسيطة بالمقارنة مع الكلب او الحصان،‏ يبقى مستوى المعلومات مرتفعًا جدًّا.‏ فأغلب التعقيد الكيميائي الحيوي للحياة كان موجودا وقتما تشكَّلت اقدم الصخور السطحية للارض.‏»‏١٧

      ١٨ هل يوجد اي دليل أُحفوري على تطور المخلوقات الوحيدة الخلية الى مخلوقات متعددة الخلايا؟‏

      ١٨ من هذه البداية،‏ هل يمكن ايجاد ايّ دليل على الاطلاق يُثبت ان العضويات الوحيدة الخلية تطورت الى عضويات متعددة الخلايا؟‏ يقول جاسترو:‏ «ان سجل الاحافير لا يحتوي على ايّ اثر لتلك المراحل البدائية في نمو العضويات المتعددة الخلايا.‏»‏١٨ وبدلا من ذلك،‏ يصرِّح:‏ «يحتوي سجل الصخور على القليل جدًّا،‏ ما عدا البكتيريا والنباتات الوحيدة الخلية،‏ الى ان وقع اختراق رئيسي قبل نحو بليون سنة،‏ بعد حوالي ثلاثة بلايين سنة من التقدم الخفيّ.‏ فظهرت على الارض اول المخلوقات المتعددة الخلايا.‏»‏١٩

      ١٩ ماذا حدث في بداية ما يُسمَّى بالدوْر الكمْبري؟‏

      ١٩ وهكذا،‏ في بداية ما يُسمَّى بالدوْر الكمْبري،‏ يتَّخذ سجل الاحافير تغيُّرا مذهلا يتعذَّر تفسيره.‏ فيَظهر فجأةً تنوُّع كبير من المخلوقات البحرية المعقَّدة التامة النمو،‏ والعديد بأصداف خارجية صلْبة،‏ حتى ان هذا الزمن كثيرا ما يُسمَّى «انفجار» الاشياء الحية.‏ ويصف نظرة الى الحياة ذلك:‏ «ابتداءً من قاعدة الدوْر الكمْبري وامتدادًا الى نحو ١٠ ملايين سنة،‏ ظهرت لاوَّل مرة كل مجموعات اللافَقاريات الرئيسية ذات الهياكل العظمية،‏ وذلك في اروع انبعاث في التنوُّع سُجِّل على كوكبنا السيّار في ايّ وقت مضى.‏» فظهر الحلزون والاسفَنج ونجوم البحر والحيوانات الشبيهة بالكَرْكَنْد المدعوّة ثُلاثيَّات الفصوص trilobites والكثير غيرها من المخلوقات البحرية المعقَّدة.‏ وعلى نحو جدير بالاهتمام،‏ يلاحظ الكتاب نفسه:‏ «في الواقع،‏ نمَّت بعض ثُلاثيَّات الفصوص المنقرضة عيونًا اكثر تعقيدًا وفعاليةً مما لأي حيوان حيّ مفصلي الارجل arthropod‏.‏»‏٢٠

      ٢٠ هل توجد اية حلقات أُحفورية بين انفجار الحياة الكمْبري وما جرى قبله؟‏

      ٢٠ وهل توجد حلقات أُحفورية بين انفجار الحياة هذا وما جرى قبله؟‏ في زمن داروين لم توجد مثل هذه الحلقات.‏ فقد اقرَّ:‏ «وعلى السؤال لماذا لا نجد ترسبات احافيرية غنية تنتمي الى تلك الادوار الابكر المفترَضة التي تسبق النظام الكمْبري،‏ لا يمكنني ان اعطي جوابا مُرضيا.‏»‏٢١ وهل تغيَّرت الحالة اليوم؟‏ لاحَظ الپالينتولوجي ألفرِد س.‏ رومر تصريح داروين عن «الطريقة المباغتة التي بها تظهر فجأة مجموعات كاملة من الانواع» فكتب:‏ «تحت هذا [الدوْر الكمْبري] هنالك سماكات ضخمة من الرواسب حيث يُتوقَّع وجود اسلاف الاشكال الكمْبرية.‏ ولكننا لا نجدها؛‏ فهذه الطبقات الاقدم تكاد تخلو من الدليل على الحياة،‏ ويمكن القول بشكل معقول ان الصورة العامة تتفق مع فكرة الخلق الخصوصي في بداية الازمنة الكمْبرية.‏ ‹وعلى السؤال لماذا لا نجد ترسبات احافيرية غنية تنتمي الى تلك الادوار الابكر المفترَضة التي تسبق النظام الكمْبري،‏› قال داروين،‏ ‹لا يمكنني ان اعطي جوابا مُرضيا.‏› ونحن ايضا لا يمكننا ذلك اليوم،‏» قال رومر.‏٢٢

      ٢١ اية حجَّتين لم تَثبتا،‏ ولماذا؟‏

      ٢١ يجادل البعض بأن صخور ما قبل الكمْبري تغيَّرت بالحرارة والضغط الى حد انها لم تحتفظ بالحلقات الأُحفورية،‏ او انه لم تترسَّب صخور في البحار الضحلة حتى يُحتفَظ بالاحافير.‏ «لم تَثبت اية من هاتين الحجتين،‏» يقول مؤيدو التطور سَلڤادور ا.‏ لوريا،‏ ستِيفن جاي ڠولد،‏ وسام سينڠر.‏ ويضيفون:‏ «اكتشف الجيولوجيون العديد من رواسب ما قبل الكمْبري غير المتغيِّرة،‏ وهي لا تحتوي على احافير لعضويات معقَّدة.‏»‏٢٣

      ٢٢ نظرًا الى هذه الوقائع،‏ اية تعليقات قدَّمها احد الكيميائيين الحيويين؟‏

      ٢٢ هذه الوقائع حملت الكيميائي الحيوي د.‏ ب.‏ ڠاوِر على التعليق،‏ كما نقلته تايمز في كَنْت،‏ انكلترا:‏ «لا يمكن التوفيق بين رواية الخلق في سفر التكوين ونظرية التطور.‏ فلا بد ان تكون الواحدة صائبة والاخرى خاطئة.‏ وقصة الاحافير اتفقت مع رواية سفر التكوين.‏ ففي أقدم الصخور لم نجد سلسلة احافير تغطِّي التغيُّرات التدريجية من أقدم المخلوقات البدائية الى الاشكال الكاملة النمو،‏ بل بالاحرى ظهرت فجأة انواع كاملة النمو في أقدم الصخور.‏ وبين كل نوع وآخر كان هنالك انعدام تام للاحافير المتوسطة.‏»‏٢٤

      ٢٣ ماذا استنتج عالِم بالحيوان؟‏

      ٢٣ واستنتج العالِم بالحيوان هارولد كوفِن:‏ «اذا صحَّ التطور التقدمي من البسيط الى المعقَّد،‏ فان اسلاف هذه المخلوقات الحية التامة النمو في الدوْر الكمْبري يلزم العثور عليها؛‏ ولكن لم يُعثر عليها ويعترف العلماء بأن الامل ضئيل في العثور عليها يومًا ما.‏ فعلى اساس الوقائع وحدها،‏ وعلى اساس ما يُكتَشف فعلا في الارض،‏ تكون نظرية العمل الخلقي الفجائي الذي عنه نتجت الاشكال الرئيسية للحياة ملائمة بشكل افضل.‏»‏٢٥

      ظهورات فجائية مستمرة،‏ تغيُّر قليل

      ٢٤ هل شهادة سجل الاحافير هي نفسها في الطبقات فوق الدوْر الكمْبري؟‏

      ٢٤ في الطبقات فوق انفجار الحياة الكمْبري هذا،‏ تكون شهادة سجل الاحافير هي نفسها تكرارا:‏ اجناس جديدة من الحيوانات وأجناس جديدة من النبات تظهر فجأة،‏ دون ارتباط بأيّ شيء جرى قبلها.‏ وما ان تصير على المسرح حتى تستمر بقليل من التغيُّر.‏ يصرِّح الجدول الزمني التطوري الجديد:‏ «يكشف السجل الآن ان الانواع تبقى عادةً مئة ألف جيل،‏ او حتى مليونا او اكثر،‏ دون ان تتطور كثيرًا.‏ .‏ .‏ .‏ وبعد نشأتها،‏ تختبر معظم الانواع قليلا من التطور قبل ان تنقرض.‏»‏٢٦

      ٢٥ اي استقرار مدهش تظهره الحشرات؟‏

      ٢٥ على سبيل المثال،‏ ظهرت الحشرات في سجل الاحافير فجأة وبوفرة،‏ دون اية اسلاف تطورية.‏ وهي ايضا لم تتغيَّر كثيرًا حتى يومنا هذا.‏ وبشأن العثور على ذبابة أُحفورية صُنِّفت بأن «عمرها ٤٠ مليون سنة،‏» قال الدكتور جورج پويْنار الاصغر:‏ «التشريح الداخلي لهذه المخلوقات يماثل بشكل مدهش ما تجدونه في الذباب اليوم.‏ فالجناحان والأرجل والرأس،‏ وحتى الخلايا في داخلها،‏ عصرية المنظر جدًّا.‏»‏٢٧ وعلَّق تقرير في ذا ڠلوب آند ميل في تورونتو:‏ «خلال ٤٠ مليون سنة من الجهاد لتسلُّق سلَّم التطور،‏ لم تكد تحرز ايّ تقدم ملحوظ.‏»‏٢٨

      ٢٦ كيف تُظهِر النباتات والحيوانات الاستقرار نفسه؟‏

      ٢٦ وتوجد صورة مماثلة للنبات.‏ فقد عُثر في الصخور على اوراق أُحفورية لأشجار وجَنَبات كثيرة تُظهِر اختلافا قليلا جدًّا عن اوراق نباتات كهذه اليوم:‏ السنديان،‏ الجَوز،‏ القارية hickory‏،‏ العنب،‏ المَغْنولِيَّة،‏ النخل،‏ والعديد غيرها.‏ وتتبع اجناس الحيوانات النمط نفسه.‏ فأسلاف الحيوانات العائشة اليوم تَظهر فجأة في سجل الاحافير وكانت تشبه كثيرا نظائرها الحية.‏ وهنالك تنوُّعات كثيرة،‏ ولكن يسهُل تحديد هويتها جميعا بأنها من «الجنس» نفسه.‏ وتذكر مجلة ديسْكَڤَر مثالا لذلك:‏ «سرطان النِّضْوة horseshoe crab .‏ .‏ .‏ وُجد على الارض بدون تغيير تقريبًا طوال ٢٠٠ مليون سنة.‏»‏٢٩ والحيوانات التي انقرضت اتّبعت ايضًا النمط نفسه.‏ فالدينوصورات،‏ مثلا،‏ تظهر فجأة في سجل الاحافير،‏ بلا حلقات مع ايّ من الاسلاف قبلها.‏ وقد تكاثرت جدًّا،‏ ثم انقرضت.‏

      ٢٧ ماذا تقول مطبوعة علمية عن ‹التحسُّن› التطوري؟‏

      ٢٧ وعن هذه النقطة تذكر النشرة لمتحف فيلد للتاريخ الطبيعي في شيكاڠو:‏ «تَظهر الانواع في السلسلة المتعاقِبة على نحو مفاجئ جدًّا،‏ تُظهر القليل او لا شيء من التغيُّر خلال وجودها في السجل،‏ ثم تختفي من السجل بغتةً.‏ ولا يتَّضح دائمًا،‏ وفي الواقع نادرًا ما يتَّضح،‏ ان السلائل كانت فعلا افضل تكيُّفا من سابقاتها.‏ وبكلمات اخرى،‏ يصعب العثور على تحسُّن أَحيائي.‏»‏٣٠

      لا ميزات انتقالية

      ٢٨ هل عُثر مرةً على اشكال انتقالية للعظام والاعضاء؟‏

      ٢٨ والصعوبة الاخرى التي يواجهها التطور هي واقع انه لا توجد في ايّ مكان من سجل الاحافير عظام او اعضاء مشكَّلة جزئيًّا يمكن اعتبارها بداية لميزة جديدة.‏ مثلا،‏ هنالك احافير لاصناف مختلفة من المخلوقات الطائرة —‏ الطيور،‏ الخفافيش،‏ المجنَّحات الاصابع pterodactyls المنقرضة.‏ فبحسب نظرية التطور،‏ لا بد ان تكون قد تطورت من اسلاف انتقالية.‏ غير انه لم يُعثر على ايّ من هذه الاشكال الانتقالية.‏ ولا يوجد لها ايّ اثر.‏ فهل هنالك احافير لزرافَى اعناقها ثُلثا او ثلاثة ارباع طولها الحالي؟‏ وهل هنالك احافير لطيور يتطور منقارها من فك حيوان زاحف؟‏ وهل يوجد دليل أُحفوري لسمكة تنمِّي حوضًا برمائيًّا،‏ او لزعانف سمك تتحول الى ارجُل وأقدام وأصابع برمائية؟‏ الواقع هو ان البحث عن مثل هذه الميزات النامية في سجل الاحافير برهن انه مسعى عقيم.‏

      ٢٩ بماذا يعترف مؤيدو التطور الآن عن الاشكال الانتقالية المزعومة؟‏

      ٢٩ لاحظت العالِم الجديد ان التطور «يتكهَّن بأن السجل التام للاحافير يتألف من سلالات لعضويات تُظهِر تغيُّرًا تدريجيا على نحو مستمر لفترات طويلة من الزمن.‏» ولكنها اقرَّت:‏ «لسوء الحظ،‏ لا يبلغ سجل الاحافير هذا التوقع،‏ لان الانواع الأُحفورية الفردية نادرا ما يرتبط احدها بالآخر بأشكال متوسطة معروفة.‏ .‏ .‏ .‏ يبدو فعلا ان الانواع الأُحفورية المعروفة لا تتطور حتى طوال ملايين السنين.‏»‏٣١ ويكتب عالِم الوراثة ستابينز:‏ «لا تُعرف اشكال انتقالية بين ايّ من الشُّعب phyla الرئيسية للحيوانات او النباتات.‏» وهو يتحدث عن «الفجوات الكبيرة التي توجد بين العديد من طوائف العضويات الرئيسية.‏»‏٣٢ «وفي الواقع،‏» يعترف الجدول الزمني التطوري الجديد،‏ «ان سجل الاحافير لا يدعم بالوثائق بإقناع انتقالا واحدًا من نوع الى آخر.‏ وعلاوة على ذلك،‏ فقد دامت الانواع على نحو مدهش فترات طويلة من الزمن.‏»‏٣٣ —‏ الأحرف المائلة مضافة.‏

      ٣٠ ماذا تؤكد دراسة شاملة؟‏

      ٣٠ ويتَّفق ذلك مع الدراسة الشاملة التي اجرتها جمعية لندن الجيولوجية ورابطة انكلترا الپالينتولوجية.‏ والپروفسور في العلوم الطبيعية جون ن.‏ مور ذكر عن النتائج:‏ «أعدَّ حوالي ١٢٠ عالمًا،‏ جميعهم اختصاصيون،‏ مؤلَّفًا هائلا من ٣٠ فصلا يحتوي على اكثر من ٨٠٠ صفحة ليقدِّموا سجل احافير النباتات والحيوانات،‏ مقسَّمة الى نحو ٥٠٠‏,‏٢ مجموعة.‏ .‏ .‏ .‏ ويظهر فيه ان كل شكل او جنس رئيسي من النبات والحيوان له تاريخ مستقل ومتميِّز عن جميع الاشكال او الاجناس الاخرى!‏ فالمجموعات من النباتات والحيوانات على السواء تظهر فجأة في سجل الاحافير.‏ .‏ .‏ .‏ الحيتان،‏ الخفافيش،‏ الأحصنة،‏ الرئيسيات primates‏،‏ الفيَلة،‏ الارانب البرِّية،‏ السناجيب،‏ الى آخره،‏ جميعها متميِّزة عند ظهورها الاول كما هي الآن.‏ لا يوجد اثر لسلَف مشترك،‏ فضلا عن انه لا توجد حلقة مع ايّ من الزواحف،‏ الاسلاف المزعومة.‏» وأضاف مور:‏ «يُحتمل جدًّا انه لم يُعثر على اشكال انتقالية في سجل الاحافير لانه لا وجود البتة لاشكال انتقالية في المرحلة الأُحفورية.‏ ومن المرجح جدًّا ان الانتقالات بين الاجناس الحيوانية و/‏او الانتقالات بين الاجناس النباتية لم تحدث قط.‏»‏٣٤

      ٣١ هل يختلف ما يقوله سجل الاحافير الآن عما قاله في ايام داروين؟‏

      ٣١ وهكذا فان ما صحَّ في ايام داروين يصحُّ اليوم ايضًا.‏ ودليل سجل الاحافير يبقى كما قال العالِم بالحيوان دارْسي طومْسون منذ سنين في كتابه عن النمو والشكل:‏ «لم يعلِّمنا التطور الدارويني كيف تحدَّرت الطيور من الزواحف،‏ الثدييَّات من رُباعيات القوائم الاولى،‏ رُباعيات القوائم من الاسماك،‏ ولا الفَقاريات من سلالة اللافَقاريات.‏ .‏ .‏ .‏ والبحث عن معابر للفجوات بينها انما هو بحث لا يُجدي نفعًا،‏ الى الابد.‏»‏٣٥

      ماذا عن الحصان؟‏

      ٣٢ ماذا يُعرض كثيرًا كمثال نموذجي للتطور؟‏

      ٣٢ ومع ذلك،‏ كثيرًا ما يقال ان الحصان على الاقل مثال نموذجي للتطور الموجود في سجل الاحافير.‏ وكما تصرِّح دائرة معارف الكتاب العالمي:‏ «الأحصنة هي بين افضل الامثلة المدعومة بالوثائق للنمو التطوري.‏»‏٣٦ والايضاحات عن ذلك تبتدئ بحيوان صغير جدًّا وتنتهي الى الحصان الكبير ليومنا.‏ ولكن هل يؤيِّد دليل الاحافير ذلك حقًّا؟‏

      ٣٣ هل يؤيِّد حقًّا دليل الاحافير تطور الحصان؟‏

      ٣٣ تعلِّق دائرة المعارف البريطانية:‏ «تطوُّر الحصان لم يكن قط في خط مستقيم.‏»‏٣٧ وبكلمات اخرى،‏ لا يُظهر دليل الاحافير في ايّ مكان نموًّا متدرِّجا من الحيوان الصغير الى الحصان الكبير.‏ ويقول مؤيد التطور هِتْشِنْڠ عن هذا النموذج التطوري الرئيسي:‏ «وإن صُوِّر مرَّةً بأنه بسيط وواضح،‏ فهو الآن معقَّد بحيث ان قبول وجهة نظر معيَّنة بدلا من اخرى هو مسألة ايمان اكثر مما هو اختيار منطقي.‏ ان الإيوهيپُّس Eohippus‏،‏ المفترض انه أقدم حصان،‏ والذي قال الخبراء انه انقرض منذ زمن بعيد واننا لا نعرفه إلا عن طريق الاحافير،‏ قد يكون في الواقع حيًّا وبخير وليس حصانا على الاطلاق —‏ قد يكون حيوانا خجولا بحجم الثعلب يسمَّى الوَبْر وينطلق مسرعًا في انحاء الدغل الافريقي.‏»‏٣٨

      ٣٤،‏ ٣٥ (‏أ)‏ لماذا يشك البعض الآن في مكان الإيوهيپُّس؟‏ (‏ب)‏ هل عُثر على اية اسلاف تطورية لتنوُّعات الأحصنة الأُحفورية؟‏

      ٣٤ ان في جعل الإيوهيپُّس الصغير سلفًا للحصان مطًّا للخيال،‏ وخصوصًا بالنظر الى ما يقوله الجدول الزمني التطوري الجديد:‏ «افتُرض بصورة واسعة ان [‏الإيوهيپُّس‏] تحوَّل ببطء ولكن بثبات الى حيوان خيْلي equine اكْمَل.‏» ولكن هل تدعم الوقائع هذا الافتراض؟‏ يجيب الكتاب:‏ «الانواع الأُحفورية لـ‍ [‏الإيوهيپُّس‏] تُظهر دليلا زهيدا على التعديل التطوري.‏» وهكذا يسلِّم بخصوص سجل الاحافير:‏ «انه يفشل في دعم التاريخ الكامل لفصيلة الحصان بالوثائق.‏»‏٣٩

      ٣٥ ولذلك يقول الآن بعض العلماء ان الإيوهيپُّس الصغير لم يكن قط صنفا من الأحصنة او سلفًا لأحدها.‏ وكل صنف من الاحافير وُضِع في سلالة الحصان اظهر استقرارًا فريدًا،‏ دون ان توجد بينه وبين غيره اشكالٌ انتقالية اعتُقد انها اسلاف تطورية.‏ ولا يجب ان يكون مدهشا ان توجد احافير لأحصنة من مختلف الحجوم والاشكال.‏ فحتى في يومنا تتنوَّع الأحصنة من اقزام الخيل الى افراس الحرث الكبيرة.‏ وجميعها تنوُّعات ضمن فصيلة الحصان.‏

      ما يقوله حقًّا سجل الاحافير

      ٣٦ ماذا يبيِّن حقًّا سجل الاحافير؟‏

      ٣٦ عندما نترك سجل الاحافير يتكلَّم،‏ لا تميل شهادته الى التطور.‏ وبدلا من ذلك،‏ فان شهادة سجل الاحافير تميل الى الخلق.‏ انها تبيِّن ان الاجناس المختلفة العديدة من الاشياء الحية ظهرت فجأةً.‏ وبينما كان هنالك تنوُّع عظيم في كل جنس،‏ فان هذه لم تكن لها اية حلقات مع اسلاف تطورية قبلها.‏ ولم تكن لها ايضا اية حلقات مع الاجناس المختلفة من الاشياء الحية التي اتت بعدها.‏ وقد استمرت الاجناس المتنوعة من الاشياء الحية بقليل من التغيُّر لفترات طويلة من الزمن قبل ان ينقرض بعضها،‏ فيما تبقى الاخرى حتى يومنا هذا.‏

      ٣٧ كيف يعترف بذلك احد مؤيدي التطور؟‏

      ٣٧ «لا يمكن اعتبار مفهوم التطور تفسيرًا علميًّا قويًّا لوجود مختلف اشكال الحياة،‏» يستنتج مؤيد التطور إدموند صموئيل في كتابه الترتيب:‏ في الحياة.‏ ولِمَ لا؟‏ يضيف:‏ «ما من تحليل دقيق للتوزيع الجغرافي الحيوي او لسجل الاحافير يمكن مباشرةً ان يؤيِّد التطور.‏»‏٤٠

      ٣٨ ماذا يستنتج الباحث غير المتحيِّز؟‏

      ٣٨ فمن الواضح ان الباحث غير المتحيِّز سيصل الى الاستنتاج ان الاحافير لا تؤيِّد نظرية التطور.‏ ومن جهة اخرى،‏ يساند دليل الاحافير بشدة الحُجج التي هي لمصلحة الخلق.‏ وكما صرَّح العالِم بالحيوان كوفِن:‏ «بالنسبة الى العلماء العلمانيين،‏ تشكِّل الاحافير،‏ وهي ادلة على الحياة في الماضي،‏ مَحكَمة الاستئناف النهائية والاخيرة،‏ لان سجل الاحافير هو التاريخ المعتمَد الوحيد المتوافر للعِلم عن الحياة.‏ فاذا كان هذا التاريخ للاحافير لا يتفق مع نظرية التطور —‏ وقد رأينا انه لا يتفق —‏ فماذا يعلِّم؟‏ انه يخبرنا بأن النباتات والحيوانات خُلِقت في اشكالها الاساسية.‏ وأن الوقائع الاساسية لسجل الاحافير تؤيِّد الخلق،‏ لا التطور.‏»‏٤١ والفلَكي كارل ساڠَن اعترف باخلاص في كتابه كوزموس:‏ «ادلة الاحافير يمكن ان تتلاءم مع فكرة مصمم عظيم.‏»‏٤٢

  • ترك سجل الاحافير يتكلَّم
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • ‏[الاطار في الصفحة ٥٥]‏

      توقَّعت نظرية التطور توقَّع نموذج الخلق

      التقليدية ان يحتوي ان يحتوي سجل

      سجل الاحافير على:‏ الاحافير على:‏

      ١-‏ الظهور التدريجي ١-‏ الظهور المفاجئ

      لاشكال الحياة لاشكال الحياة المعقَّدة

      البسيطة جدًّا

      ٢-‏ التغيُّر التدريجي ٢-‏ تكاثر اشكال الحياة

      للاشكال البسيطة المعقَّدة ‹بحسب اجناسها›‏

      الى اشكال معقَّدة (‏الفصائل الأحيائية)‏،‏ مع

      السماح بالتنوُّع

      ٣-‏ العديد من «الحلقات» ٣-‏ انعدام «الحلقات»‏

      الانتقالية بين الانتقالية بين الفصائل

      الاجناس المختلفة الأحيائية المختلفة

      ٤-‏ بدايات ميزات اجسام ٤-‏ انعدام ميزات الاجسام

      جديدة،‏ كالاطراف الجزئية؛‏ جميع

      والعظام والاعضاء الاجزاء كاملة النمو

  • ترك سجل الاحافير يتكلَّم
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • ‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٦٨ و ٦٩]‏

      ما تقوله الأدلَّة الأُحفورية .‏ .‏ .‏ عن اصل الاشياء الحية

      عن اصل الحياة:‏

      «على الاقل ثلاثة ارباع صفحات كتاب الدهور المحفور في قشرة الارض هي بيضاء.‏» —‏ العالم الذي نعيش فيه⁠c

      «الخطوات الاولى .‏ .‏ .‏ غير معروفة؛‏ .‏ .‏ .‏ لا يبقى لها ايّ اثر.‏» —‏ العمالقة الحُمر والاقزام البِيض⁠d

      عن الحياة المتعددة الخلايا:‏

      «كيف نشأت الحيوانات المتعددة الخلايا وما اذا حدثت هذه الخطوة مرةً واحدة او اكثر وبطريقة واحدة او اكثر يبقى مسألة صعبة ومثار جدال دائم وهو .‏ .‏ .‏ ‹في التحليل الاخير غير قابل حقًّا للاجابة.‏›» —‏ العِلم⁠e

      «ان سجل الاحافير لا يحتوي على ايّ اثر لتلك المراحل البدائية في نمو العضويات المتعددة الخلايا.‏» —‏ العمالقة الحُمر والاقزام البِيض⁠f

      عن الحياة النباتية:‏

      «يتطلع معظم علماء النبات الى سجل الاحافير كمصدر للتنوُّر.‏ ولكن .‏ .‏ .‏ لم تُكتشف مساعَدة كهذه.‏ .‏ .‏ .‏ وليس هنالك دليل على ايّ اسلاف.‏» —‏ التاريخ الطبيعي للنخيل⁠g

      عن الحشرات:‏

      «لا يعطي سجل الاحافير اية معلومات عن اصل الحشرات.‏» —‏ دائرة المعارف البريطانية h

      «لا توجد اية احافير معروفة تُظهر ما بدت عليه الاسلاف البدائية للحشرات.‏» —‏  الحشرات⁠i

      عن الحيوانات ذات العمود الفقري:‏

      «غير ان البقايا الأُحفورية لا تعطي اية معلومات عن اصل الفَقاريات.‏» —‏ دائرة المعارف البريطانية j

      عن السمك:‏

      «بحسب معرفتنا،‏ ما من ‹حلقة› ربطَت هذا الحيوان الجديد بأيّ من اشكال الحياة السابقة.‏ فالسمك ظَهَر وحسب.‏» —‏ عجائب وأسرار عالم حيواناتنا k

      عن صيرورة السمك برمائيات:‏

      «أما كيف او لماذا فعل ذلك فربما لن نعرف ابدًا.‏» —‏ الاسماك⁠l

      عن صيرورة البرمائيات زواحف:‏

      «احد الاوجه المثبِّطة لسجل الاحافير عن تاريخ الفَقاريات هو انه يُظهر القليل جدًّا عن تطور الزواحف خلال ايامها الاولى،‏ حين كانت تنشأ البيضة ذات القشرة.‏» —‏ الزواحف⁠m

      عن صيرورة الزواحف ثدييَّات:‏

      «لا توجد حلقة مفقودة [تربط] الثدييَّات بالزواحف.‏» —‏ الزواحف⁠n

      «لسوء الحظ،‏ تكشف الاحافير القليل جدًّا عن المخلوقات التي نعتبرها اول الثدييَّات الحقيقية.‏» —‏ الثدييَّات⁠o

      عن صيرورة الزواحف طيورا:‏

      «الانتقال من زواحف الى طيور يُعوزه الدعم بالوثائق اكثر من غيره.‏» —‏ عمليات التطور العضوي⁠p

      «لم يُعثر بعدُ على أُحفور لزاحف كهذا شبيه بالطير.‏» —‏ دائرة معارف الكتاب العالمي⁠q

      عن القِرَدة:‏

      «لسوء الحظ،‏ ان سجل الاحافير الذي يمكِّننا من تتبُّع ظهور القِرَدة لا يزال ناقصًا بشكل ميئوس منه.‏» —‏ الرئيسيات⁠r

      «القِرَدة العصرية،‏ مثلا،‏ يبدو انها انبثقت من العدم.‏ فليس لها ماضٍ،‏ ولا سجل أُحفوري.‏» —‏ ساينس دايجست⁠s

      من القرد الى الانسان:‏

      «لا يوجد دليل أُحفوري او دليل مادي آخر يربط مباشرة الانسان بالقرد.‏» —‏ ساينس دايجست⁠t

      «لا تتألف الاسرة البشرية من سلسلة نسَب وحيدة تمتدّ من شكل يُشبه القِرَدة الى نوعنا.‏» —‏ الجدول الزمني التطوري الجديد⁠u

  • هُوًى هائلة —‏ هل يستطيع التطور سدَّها؟‏
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • الفصل ٦

      هُوًى هائلة —‏ هل يستطيع التطور سدَّها؟‏

      ١ ماذا يلاحَظ بشأن الفجوات في سجل الاحافير؟‏

      تقدِّم الاحافير دليلا ملموسًا على تنوُّعات الحياة التي وُجدت قبل مجيء الانسان بزمن طويل.‏ ولكنها لم تُنتج الدعم المتوقَّع للنظرة التطورية الى كيفية ابتداء الحياة او كيفية ابتداء الاجناس الجديدة بعد ذلك.‏ واذ يعلِّق فرنسيس هِتْشِنْڠ على انعدام الاحافير الانتقالية لسدّ الفجوات الأحيائية يلاحظ:‏ «ان الامر الغريب هو وجود شيء ثابت بشأن الفجوات الأُحفورية:‏ الاحافير تكون مفقودة في جميع الاماكن المهمة.‏»‏١

      ٢ كيف توضح احافير السمك هذه الفجوات؟‏

      ٢ والاماكن المهمة التي يشير اليها هي الفجوات بين الاقسام الرئيسية للحياة الحيوانية.‏ ومثال ذلك هو الاعتقاد ان السمك تطور من اللافَقاريات،‏ مخلوقات بلا عمود فقَري.‏ يقول هِتْشِنْڠ:‏ «يَبرز السمك في سجل الاحافير على ما يظهر من العدم:‏ كامل النمو،‏ فجأةً وبصورة غامضة.‏»‏٢ والعالِم بالحيوان ن.‏ ج.‏ برِّيل يعلِّق على تفسيره التطوري الخاص للطريقة التي جاء بها السمك،‏ قائلا:‏ «هذه الرواية،‏ الى حد ما،‏ هي من قصص الخيال العلمي.‏»‏٣

      ٣ كيف تروي نظرية التطور تاريخ الاقسام الكبيرة للحياة الحيوانية؟‏

      ٣ تفترض نظرية التطور ان الاسماك صارت برمائيات،‏ وأن بعض البرمائيات صار زواحف،‏ ومن الزواحف جاءت الثدييَّات وأيضًا الطيور،‏ وأخيرًا صار بعض الثدييَّات بشرا.‏ لقد اظهر الفصل السابق ان سجل الاحافير لا يدعم هذه الادعاءات.‏ وسيركِّز هذا الفصل على عِظَم الخطوات الانتقالية المفترَضة.‏ واذ تتابعون القراءة،‏ فكّروا مليًّا في احتمال حدوث مثل هذه التغييرات تلقائيا بالصدفة غير الموجَّهة.‏

      الهُوَّة بين السمك والبرمائيات

      ٤،‏ ٥ ما هي بعض الاختلافات الكبيرة بين السمك والبرمائيات؟‏

      ٤ ان العمود الفقَري هو ما ميَّز السمك من اللافَقاريات.‏ وهذا العمود الفقَري كان يلزم ان يختبر تعديلات رئيسية لتصبح السمكة حيوانًا برمائيًّا،‏ اي مخلوقًا يستطيع العيش في الماء وعلى البَرّ على السواء.‏ فكانت تلزم اضافة الحوض pelvis‏،‏ ولكن لا تُظهر اية اسماك أُحفورية معروفة كيف نما حوض البرمائيات.‏ وفي بعض البرمائيات،‏ كالضفادع والعلاجيم،‏ كان يلزم تغيير العمود الفقَري برمَّته الى حد يتعذَّر التعرف به.‏ وكذلك فان عظام الجمجمة مختلفة.‏ وعلاوةً على ذلك،‏ في تشكُّل البرمائيات،‏ يستلزم التطور ان تصير زعانف السمك اطرافا ذات مفاصل،‏ بمعاصم وأصابع للقدمين،‏ وأن ترافق ذلك تعديلات رئيسية في العضلات والاعصاب.‏ ويجب ان تتغيَّر الخياشيم الى رئتين.‏ وفي السمك يُضَخّ الدم بقلب له حجرتان،‏ ولكن في البرمائيات بقلب له ثلاث حجُرات.‏

      ٥ ولسدّ الفجوة بين الاسماك والبرمائيات،‏ كان يلزم ان تختبر حاسة السمع تغييرا جذريا.‏ وعموما تتلقَّى الاسماك الصوت عن طريق اجسامها،‏ ولكنَّ معظم العلاجيم والضفادع لها طبلات أذُن.‏ وكان يجب ان تتغيَّر الالسنة ايضًا.‏ وما من سمكة لها لسان يتمدَّد،‏ ولكن يوجد ذلك عند البرمائيات مثل العلاجيم.‏ ولعيون البرمائيات المقدرة الاضافية على الطَّرْف،‏ اذ لها غشاء تُمِرُّه فوق كُرات عينها لحفظها نظيفة.‏

      ٦ اية مخلوقات اعتُبرت حلقات بين السمك والبرمائيات،‏ ولماذا ليست هي كذلك؟‏

      ٦ لقد بُذلت جهود شاقة لربط البرمائيات بسلَف من الاسماك،‏ ولكن عبثًا.‏ وكانت السمكة الرئوية lungfish مرشَّحًا مفضَّلا لانَّ لها،‏ اضافةً الى الخياشيم،‏ مثانة هوائية يمكن استعمالها للتنفس حين تكون مؤقَّتًا خارج الماء.‏ يقول كتاب الأسماك:‏ «يُغرَى المرء بالاعتقاد انه قد تكون لها صلة مباشرة بالبرمائيات التي ادّت الى الفَقاريات العائشة على البَرّ.‏ ولكن ليست لها صلة؛‏ انها فئة منفصلة كاملا.‏»‏٤ ويستبعد داڤيد أتِنْبُرا السمكة الرئوية والشوكية الجوف coelacanth كلتيهما «لان عظام جمجمتيهما تختلف كثيرا عن تلك التي للبرمائيات الأُحفورية الاولى بحيث لا يمكن ان تكون الواحدة قد اشتُقَّت من الاخرى.‏»‏٥

      الهُوَّة بين البرمائيات والزواحف

      ٧ من البرمائيات الى زواحف،‏ ما هي احدى المشاكل الاصعب تفسيرا؟‏

      ٧ تثير محاولة سدّ الفجوة بين البرمائيات والزواحف مشاكل عويصة اخرى.‏ وأصعبها اصل البيضة ذات القشرة.‏ فالمخلوقات التي سبقت الزواحف وضعت بيوضها الهلامية الرخْوة في الماء حيث أُخصِبت البيوض خارجيا.‏ أما الزواحف فتعيش على البَرّ وتضع بيوضها على البَرّ،‏ ولكنَّ الأجِنّة النامية داخلها يجب ان تكون مع ذلك في محيط مائي.‏ فكان الحلّ البيضة ذات القشرة.‏ ولكنَّ ذلك استلزم ايضًا تغييرًا رئيسيًّا في عملية الاخصاب:‏ تطلَّب إخصابا داخليا،‏ وذلك قبل ان تحاط البيضة بالقشرة.‏ وانجاز ذلك شمل اعضاء جنسية جديدة واجراءات للتزاوج جديدة وغرائز جديدة —‏ تشكِّل جميعها هُوَّةً شاسعة بين البرمائيات والزواحف.‏

      ٨،‏ ٩ اية ميزات اخرى ضرورية للبيضة ذات القشرة؟‏

      ٨ استلزمت احاطة البيضة بقشرة مزيدًا من التغييرات غير العادية لجعل نمو الزاحف وخروجه اخيرًا من القشرة ممكنَين.‏ فداخل القشرة،‏ مثلا،‏ تلزم اغشية وأكياس متنوعة،‏ مِثل النُّخط amnion‏.‏ وهذا يحتوي على السائل الذي ينمو فيه الجنين.‏ ويصف الزواحف غشاءً آخر يُدعَى الوشيقة allantois‏:‏ «تتلقى الوشيقة الفضلات الجنينية وتختزنها،‏ مؤدية نوعًا ما وظيفة المثانة.‏ ولها ايضًا اوعية دموية تلتقط الأُكسجين الذي يمر عبر القشرة وتنقله الى الجنين.‏»‏٦

      ٩ ولم يفسِّر التطور الفروق المعقَّدة الاخرى ذات العلاقة.‏ فأجِنّة السمك وبيوض البرمائيات تُطلِق فضلاتها في الماء المحيط بها على شكل بَوْلة urea قابلة للذَّوبان.‏ ولكنَّ البَوْلة داخل بيوض الزواحف ذات القشور تقتل الأجِنّة.‏ ولذلك في البيضة ذات القشرة يجري تغيير كيميائي رئيسي:‏ الفضلات،‏ حمض البول uric acid غير القابل للذَّوبان،‏ تُختزَن داخل غشاء الوشيقة.‏ وتأملوا في هذا ايضا:‏ ان مُحّ yolk البيضة هو طعام لجنين الزاحف النامي،‏ ممكِّنا اياه من النمو كاملا قبل خروجه من القشرة —‏ بخلاف البرمائيات التي لا تنقُف عند اكتمال النمو.‏ ولكي يخرج الجنين من القشرة،‏ يتميز ايضًا بحيازة سنّ تساعده على الخروج من سجنه.‏

      ١٠ اي رثاء اثاره احد مؤيدي التطور؟‏

      ١٠ يلزم اكثر بكثير لسدّ الفجوة بين البرمائيات والزواحف،‏ ولكنَّ هذه الامثلة تُظهر ان الصدفة غير الموجَّهة لا يمكن ان تفسِّر كل التغييرات المعقَّدة العديدة اللازمة لسدّ هذه الهُوَّة الواسعة.‏ فلا عجب ان يرثي مؤيد التطور أرْتشي كار قائلا:‏ «احد الاوجه المخيِّبة لسجل الاحافير لتاريخ الفَقاريات هو انه يُظهر القليل جدًّا عن تطور الزواحف في ابكر ايامها،‏ وقت نمو البيضة ذات القشرة.‏»‏٧

      الهُوَّة بين الزواحف والطيور

      ١١،‏ ١٢ ماذا يشكل فرقًا رئيسيًّا بين الزواحف والطيور،‏ وكيف يحاول البعض حلّ هذا اللغز؟‏

      ١١ الزواحف حيوانات ذات دم بارد،‏ بمعنى ان درجة حرارتها الداخلية ترتفع او تنخفض تبعًا لدرجة الحرارة الخارجية.‏ أما الطيور فهي ذات دم حار؛‏ فأجسادها تحافظ على درجة حرارة داخلية ثابتة نسبيًّا بصرف النظر عن درجة الحرارة الخارجية.‏ ولحلّ لغز كيفية مجيء الطيور ذات الدم الحار من الزواحف ذات الدم البارد،‏ يقول الآن بعض مؤيدي التطور ان بعض الدينوصورات (‏التي كانت زواحف)‏ كان ذا دم حار.‏ ولكنَّ الرأي العام لا يزال كما يلاحظ روبرت جاسترو:‏ «الدينوصورات،‏ مِثل كل الزواحف،‏ كانت حيوانات ذات دم بارد.‏»‏٨

      ١٢ قال لوكونْت دو نُوي،‏ مؤيد التطور الفرنسي،‏ عن الاعتقاد بأن الطيور ذات الدم الحار اتت من الزواحف ذات الدم البارد:‏ «يَبرز ذلك كأكبر ألْغاز التطور اليوم.‏» واعترف ايضًا بأن للطيور «كل ما للخلق المطلق من خصائص غير مُرضية»‏٩ —‏ غير مُرضية،‏ اي لنظرية التطور.‏

      ١٣ ماذا تفعل الطيور لتحضن بيوضها؟‏

      ١٣ واذ هو صحيح ان الزواحف والطيور على السواء تضع البيوض،‏ فالطيور فقط يجب ان تحضن بيوضها.‏ وهي مصمَّمة لذلك.‏ وللعديد من الطيور منطقة للحضْن في صدرها،‏ وهي مساحة مجردة من الريش وتحتوي على شبكة من الاوعية الدموية لتدفئة البيوض.‏ وبعض الطيور تنقصها بقعة الحضْن ولكنها تنتف الريش من صدرها.‏ وأيضا،‏ لكي تحضن الطيور البيوض،‏ يلزم ان يجهِّزها التطور بغرائز جديدة —‏ لبناء العش،‏ لفقس البيوض،‏ ولإطعام الصغار —‏ تصرفات تُعرب عن انكار للذات وعدم انانية ومراعاة للغير،‏ وتقتضي مهارةً وتعبًا وتعرُّضًا عمديًّا للخطر.‏ كل هذا يشكِّل فجوة واسعة بين الزواحف والطيور.‏ ولكن هنالك اكثر بكثير.‏

      ١٤ اية تعقيدات للريش تجعله غير معقول ان يكون قد اتى من حراشف الزواحف؟‏

      ١٤ تنفرد الطيور بالريش.‏ ويُفترض ان حراشف الزواحف حَدَثَ ان تحوَّلت الى هذه البُنَى المدهشة.‏ فمن عِراق shaft الريشة تتفرَّع صفوف من البُرائلات barbs‏.‏ ولكل بُرائل بُرَيْئلات barbules كثيرة،‏ ولكل بُرَيْئلة مئات من لواحق البُرَيْئلات barbicels والكلاليب الصغيرة.‏ وبعد فحص مجهري لريشة حمامة،‏ اتضح ان لها «مئات الآلاف من البُرَيْئلات وملايين من لواحق البُرَيْئلات والكلاليب الصغيرة.‏»‏١٠ وهذه الكلاليب تجعل كل اجزاء الريشة متماسكة لتأليف السطح المستوي او النَّصْل vane‏.‏ وما من شيء يفوق الريشة كمنساب هوائي airfoil‏،‏ وقليلة هي المواد التي تعادلها كعازل.‏ ولطير بحجم التَّم swan نحو ٠٠٠‏,‏٢٥ ريشة.‏

      ١٥ كيف تعتني الطيور بريشها؟‏

      ١٥ اذا صارت بُرائلات هذا الريش منفصلة،‏ يمشِّطها الطير بمنقاره.‏ ويمارس المنقار ضغطا اذ تمر البُرائلات عبره،‏ فتتشبَّك الكلاليب التي على البُرَيْئلات مثل اسنان السَّحَّاب.‏ ولأغلب الطيور غدة زيتية عند قاعدة الذنَب تأخذ منها الزيت لتسوية كل ريشة.‏ وبعض الطيور ليست لها غدة زيتية ولكن عوض ذلك لها ريش خصوصي منتفش عند اطرافه لانتاج غبار ناعم مِثل الطَّلْق talc لتسوية ريشها.‏ ويتجدد الريش عادةً بالانحسار molting مرةً كل سنة.‏

      ١٦ ماذا قال احد مؤيدي التطور عن اصل الريش؟‏

      ١٦ واذ عرفتم كل ذلك عن الريش،‏ تأملوا في هذه المحاولة المثيرة للدهش لشرح نموّه:‏ «كيف تطورت هذه المعجزة البُنيَويَّة؟‏ لا يلزم المرء ان يشطّ في الخيال كثيرا ليتصوَّر الريشة حرشفة معدَّلة،‏ من حيث الاساس كتلك التي للزواحف —‏ حرشفة طويلة قليلا غير مُحكمة الوصل،‏ انتفشت اطرافها الخارجية وانبسطت حتى تطورت الى البنية المعقَّدة جدًّا التي هي عليها اليوم.‏»‏١١ ولكن هل تعتقدون ان تفسيرًا كهذا علمي حقًّا؟‏ او هل يبدو اشبه بخيال علمي؟‏

      ١٧ كيف تختلف عظام الطيور عن عظام الزواحف؟‏

      ١٧ تأملوا ايضًا في تصميم الطير للطيران.‏ فعظام الطير دقيقة وجوفاء،‏ بخلاف العظام المتينة للزواحف.‏ غير ان القوة لازمة للطيران،‏ ولذلك داخل عظام الطير توجد قوائم انضغاط struts‏،‏ كالدعائم braces داخل اجنحة الطائرات.‏ وتصميم العظام هذا يخدم قصدًا آخر:‏ يساعد على تفسير عجيبة اخرى تقتصر على الطيور —‏ جهازها التنفسي.‏

      ١٨ اية بُنى تساعد الطيور على البقاء باردة في الطيران الطويل؟‏

      ١٨ ان الاجنحة العضلية التي تخفق ساعاتٍ او حتى ايامًا في الطيران تولِّد كثيرًا من الحرارة،‏ ولكنَّ الطير بدون غدد عَرَقية للتبريد يتغلب على المشكلة —‏ لديه «محرِّك» مبرَّد بالهواء.‏ جهاز بجيوب هوائية تصل تقريبا الى كل جزء مهم من الجسم،‏ وحتى الى العظام الجوفاء،‏ فتُلطَّف حرارة الجسم بدورة الهواء الداخلية هذه.‏ وأيضا بسبب هذه الجيوب الهوائية،‏ تستخلص الطيور الأُكسجين من الهواء بفعَّالية اكثر بكثير من ايّ فَقاري آخر.‏ فكيف يجري ذلك؟‏

      ١٩ ماذا يمكِّن الطيور من تنفُّس الهواء الرقيق؟‏

      ١٩ في الزواحف والثدييَّات،‏ تُدخل الرئتان الهواء وتخرجه،‏ مثل المنفاخ الذي يمتلئ ويفرغ بالتعاقب.‏ أما عند الطيور فهنالك تدفُّق مستمر للهواء النقي يذهب عبر الرئتين في اثناء الشهيق والزفير كليهما.‏ وبتعبير بسيط،‏ يعمل الجهاز على هذا النحو:‏ عندما يشهق الطير،‏ يذهب الهواء الى بعض الجيوب الهوائية؛‏ وهذه تعمل كمنفاخ لدفع الهواء الى الرئتين.‏ ومن الرئتين يذهب الهواء الى جيوب هوائية اخرى،‏ وهذه تطرده اخيرًا.‏ ويعني ذلك انَّ هنالك تيارًا من الهواء النقي يذهب باستمرار عبر الرئتين في اتجاه واحد،‏ كما يتدفَّق الماء عبر اسفنجة.‏ أما الدم في شعريّات capillaries الرئتين فيتدفق في الاتجاه العكسي.‏ وهذا التيار المعاكِس بين الهواء والدم هو ما يجعل جهاز التنفس عند الطير استثنائيا.‏ وبسببه تستطيع الطيور ان تتنفس الهواء الرقيق للارتفاعات العالية وهي تطير على ارتفاع يزيد على ٠٠٠‏,‏٢٠ قدم لأيام متتالية اذ تهاجر آلاف الأميال.‏

      ٢٠ اية ميزات اخرى توسِّع الهُوَّة بين الطيور والزواحف؟‏

      ٢٠ وتوسِّع ميزات اخرى الهُوَّة بين الطيور والزواحف.‏ والبصر واحدة منها.‏ فمن العُقاب eagle الى الدُّخَّلة warbler‏،‏ هنالك عيون كالمقاريب telescopes وعيون كالعدسات المكبِّرة.‏ والطيور لها في اعينها خلايا حسِّية اكثر مما لأيّ شيء حي آخر.‏ وأقدام الطيور مختلفة ايضًا.‏ فعندما تنزل لتجثم،‏ تجعل الاوتارُ tendons آليًّا اصابعَ اقدامها تتشبَّث بالغصن.‏ ولديها فقط اربع اصابع بدلا من الخمس التي للزواحف.‏ وعلاوة على ذلك،‏ ليست لها حبال صوتية vocal cords‏،‏ بل لها مِصفار syrinx تَخرج منه اغانٍ عذبة الانغام كتلك التي للعندليب nightingale والهَنْبَر mockingbird‏.‏ لاحِظوا ايضًا ان للزواحف قلبا ثلاثي الحجُرات؛‏ أما قلب الطير فله اربع حجُرات.‏ والمناقير ايضًا تميِّز الطيور عن الزواحف:‏ مناقير تقوم مقام كسّارة الجوز،‏ مناقير لاستخلاص الطعام من الماء الوَحِل بالتصفية،‏ مناقير تنتج بالجهد ثقوبًا في الاشجار،‏ مناقير مصلَّبة تفتح اكواز الصنوبر —‏ والتنوُّع يبدو بلا نهاية.‏ ومع ذلك فان المنقار،‏ بمثل هذا التصميم المتخصص،‏ يقال انه تطور بالصدفة من منخر زاحف!‏ فهل يبدو تفسير كهذا معقولا لكم؟‏

      ٢١ ماذا يجعل الـ‍ أرْكيوپْتِريكْس غير صالح ليكون حلقة بين الزواحف والطيور؟‏

      ٢١ اعتقد مؤيدو التطور مرةً ان الـ‍ أرْكيوپْتِريكْس Archaeopteryx ‏،‏ الذي يعني اسمه «جناح قديم» او «طير قديم،‏» كان حلقة بين الزواحف والطيور.‏ ولكنَّ كثيرين الآن لا يعتقدون ذلك.‏ فبقاياه الأُحفورية تظهر ريشًا كامل التكوين على اجنحة مصمَّمة وفقًا لعلم تحريك الغازات aerodynamically وقادرة على الطيران.‏ وعظام جناحيه ورجليه كانت دقيقة وجوفاء.‏ وميزاته التي يُفترض انها للزواحف توجد اليوم في الطيور.‏ وهو لا يتقدم الطيور زمنًا،‏ اذ وُجدت احافير لطيور اخرى في صخور الدَّور عينه كال‍ أرْكيوپْتِريكْس.‏١٢

      الهُوَّة بين الزواحف والثدييَّات

      ٢٢ اي فرق بين الزواحف والثدييَّات يدل عليه اسم «الثدييَّات» نفسه؟‏

      ٢٢ ثمَّة فروق رئيسية تترك هُوَّةً واسعة بين الزواحف والثدييَّات.‏ واسم «الثدييَّات» نفسه يدل على فرق كبير:‏ وجود الغدد الثديية التي تُدِرّ اللبن للصغار،‏ التي تولَد حية.‏ واقترح ثيودوسيوس دوبجانسكي ان هذه الغدد اللبنية «ربما كانت غددا عرَقيَّة معدَّلة.‏»‏١٣ ولكنَّ الزواحف ليست لها غدد عرَقيَّة ايضًا.‏ وعلاوةً على ذلك،‏ تفرز الغدد العرَقيَّة الفضلات،‏ لا الغذاء.‏ وبخلاف صغار الزواحف،‏ لصغار الثدييَّات غرائز وعضلات على السواء لامتصاص اللبن من أُمها.‏

      ٢٣،‏ ٢٤ اية ميزات اخرى للثدييَّات ليست موجودة عند الزواحف؟‏

      ٢٣ وللثدييَّات ايضًا ميزات اخرى غير موجودة في الزواحف.‏ فالأُم في الثدييَّات لها مَشِيمة placenta في غاية التعقيد لتغذية وتنمية صغارها غير المولودة.‏ أما الزواحف فلا مَشِيمة لها.‏ وليس هنالك حجاب حاجز diaphragm في الزواحف،‏ ولكنَّ الثدييَّات لها حجاب حاجز يفصل الصدر عن البطن.‏ وعضو كورْتي Corti في آذان الثدييَّات غير موجود في آذان الزواحف.‏ ولهذا العضو الصغير المعقَّد ٠٠٠‏,‏٢٠ عصيَّة rod و ٠٠٠‏,‏٣٠ نهاية عصبية.‏ وتحافظ الثدييَّات على درجة حرارة ثابتة لاجسامها،‏ فيما لا تفعل الزواحف ذلك.‏

      ٢٤ وللثدييَّات ايضًا ثلاثة عظام في آذانها،‏ فيما للزواحف عظم واحد فقط.‏ فمن اين اتى العظْمان «الاضافيَّان»؟‏ تحاول نظرية التطور تفسير ذلك كما يلي:‏ للزواحف على الاقل اربعة عظام في الفك السفلي،‏ فيما للثدييَّات عظْم واحد فقط؛‏ ولذلك عندما اصبحت الزواحف ثدييَّات يُفترض انه حدثت اعادة خلط للعظام؛‏ فانتقلت بعض عظام الفكّ السفلي للزواحف الى الأُذُن الوسطى للثدييَّات لتشكِّل العظام الثلاثة هناك،‏ وفي هذه العملية تركت عظما واحدا فقط للفك السفلي للثدييَّات.‏ ولكنَّ المشكلة في هذا النوع من التفكير هي انه لا توجد اية ادلة أُحفورية لدعمه.‏ انه مجرد تخمين مبني على الرغبة لا على الحقيقة.‏

      ٢٥ اية فروق اخرى توجد بين الزواحف والثدييَّات؟‏

      ٢٥ والمشكلة الاخرى المتعلقة بالعظام:‏ ارجل الزواحف مثبَّتة في جانب الجسم بحيث يكون البطن على الارض او قريبا جدًّا منها.‏ أما في الثدييَّات فالارجل هي تحت الجسم وترفعه عن الارض.‏ علَّق دوبجانسكي على هذا الفرق:‏ «ان هذا التغيير،‏ مع انه قد يبدو زهيدًا،‏ اقتضى تعديلات شاملة للهيكل العظمي والجهاز العضلي.‏» ثم اقر بفرق رئيسي آخر بين الزواحف والثدييَّات:‏ «اتقنت الثدييَّات كثيرا انشاء اسنانها.‏ فبدلا من الاسنان البسيطة الشبيهة بالوتد للزواحف،‏ هنالك تنوُّع كبير في اسنان الثدييَّات المتكيِّفة لقطم الطعام،‏ نتشه،‏ نهشه،‏ قرضه،‏ هرسه،‏ او طحنه.‏»‏١٤

      ٢٦ اي انعكاس اضطر التطور الى صنعه في اطِّراح الفضلات؟‏

      ٢٦ وأخيرًا:‏ عندما تطورت البرمائيات،‏ كما يُفترض،‏ الى زواحف لوحظ ان الفضلات المطَّرَحة تغيَّرت من بَوْلة الى حمض البول.‏ ولكن عندما صارت الزواحف ثدييَّات انعكس الوضع.‏ فعادت الثدييَّات الى طريقة البرمائيات باطِّراح الفضلات على شكل بَوْلة.‏ وفي الواقع،‏ تراجَع التطور —‏ شيء من المفترض نظريا ألا يحدث.‏

      أعظم الهُوَى قاطبةً

      ٢٧ ماذا قال احد مؤيدي التطور انه يكون ‹خطأ فظيعا›؟‏

      ٢٧ من الناحية الجسدية،‏ يطابق الانسان التعريف العام للثدييَّات.‏ غير ان احد مؤيدي التطور صرَّح:‏ «لا يمكن ارتكاب خطإ أفظَع من اعتبار الانسان ‹مجرد حيوان.‏› فالانسان فريد من نوعه؛‏ وهو يختلف عن كل الحيوانات الاخرى في خصائص عديدة،‏ كالنطق،‏ العُرف،‏ الثقافة،‏ وفترة طويلة جدًّا من النمو والعناية الابوية.‏»‏١٥

      ٢٨ كيف يعمل دماغ الانسان على تمييزه عن الحيوانات؟‏

      ٢٨ وما يميِّز الانسان عن كل المخلوقات الاخرى على الارض هو دماغه.‏ فالمعلومات المختزنة في حوالي ١٠٠ بليون عصبون neurons للدماغ البشري تملأ نحو ٢٠ مليون مجلد!‏ والقدرة على التفكير المجرد وعلى النطق تميِّز الانسان كثيرا جدًّا عن ايّ حيوان،‏ والمقدرة على تسجيل المعرفة المتراكمة هي من أروع مميزات الانسان.‏ واستخدام هذه المعرفة مكَّنه من التفوق على كل الاجناس الحية الاخرى على الارض —‏ حتى الى حد الذهاب الى القمر والعودة منه.‏ حقًّا،‏ كما قال احد العلماء،‏ ان دماغ الانسان «مختلف ومعقَّد الى حد لا يُقاس اكثر من ايّ شيء آخر في الكون المعروف.‏»‏١٦

      ٢٩ اي واقع يجعل الهُوَّة بين الانسان والحيوان أعظم الهُوَى قاطبةً؟‏

      ٢٩ وثمة ميزة اخرى تجعل الهُوَّة بين الانسان والحيوان أعظم الهُوَى قاطبةً وهي قيَم الانسان الادبية والروحية،‏ التي تنبع من صفات كالمحبة،‏ العدل،‏ الحكمة،‏ القوة،‏ الرحمة.‏ وهذا ما يُشار اليه في سفر التكوين عندما يقول ان الانسان مصنوع ‹على صورة اللّٰه وشبهه.‏› فالهُوَّة بين الانسان والحيوان هي أعظم الهُوَى قاطبةً.‏ —‏ تكوين ١:‏٢٦ .‏

      ٣٠ ماذا يقوله حقًّا سجل الاحافير؟‏

      ٣٠ وهكذا،‏ توجد فروق شاسعة بين الاقسام الرئيسية للحياة.‏ ويفرِّق بينها العديد من البُنى الجديدة والغرائز المبرمجة والصفات.‏ فهل يُعقل التفكير بأنه كان يمكن ان تنشأ من طريق حوادث عرَضية غير موجَّهة؟‏ كما رأينا،‏ لا يدعم دليل الاحافير هذا الرأي.‏ ولا يمكن العثور على احافير لسدّ الفجوات.‏ وكما يقول هُويْل وويكْرَماسينڠ:‏ «الاشكال المتوسطة مفقودة من سجل الاحافير.‏ والآن نعرف لماذا،‏ ومن حيث الجوهر لانه لم توجد اشكال متوسطة.‏»‏١٧ ولاولئك الذين آذانهم مفتوحة للسمع،‏ يقول سجل الاحافير:‏ «خَلْق خصوصي.‏»‏

  • ‏«الناس القِرَدة» —‏ ماذا كانوا؟‏
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • الفصل ٧

      ‏«الناس القِرَدة» —‏ ماذا كانوا؟‏

      ١،‏ ٢ ماذا تؤكد نظرية التطور ان اسلافنا كانوا؟‏

      لسنوات عديدة كانت هنالك تقارير عن العثور على بقايا أُحفورية لبشر اشباه قِرَدة.‏ وتغصّ المطبوعات العلمية برسوم الفنَّانين لمخلوقات كهذه.‏ فهل هذه هي الانتقالات التطورية بين البهيمة والانسان؟‏ وهل «الناس القِرَدة» هم اسلافنا؟‏ يزعم علماء التطور انهم اسلافنا.‏ ولذلك كثيرًا ما نقرأ عبارات مثل هذا العنوان لمقالة في مجلة علمية:‏ «كيف اصبح القرد انسانًا.‏»‏١

      ٢ صحيح ان بعض مؤيدي التطور لا يعتقدون ان هؤلاء الأسلاف النظريين للانسان يجب تسميتهم بحق «قِرَدة.‏» ومع ذلك،‏ فبعض زملائهم ليسوا مدقِّقين الى هذا الحد.‏٢ يقول ستِيفن جاي ڠولد:‏ «الناس .‏ .‏ .‏ تطوَّروا من اسلاف اشباه قِرَدة.‏»‏٣ وصرَّح جورج ڠايلورد سِيمْپسون:‏ «من المؤكد ان كل من رأى السلَف المشترك يدعوه قردًا او سَعدانًا باللغة الشعبية.‏ وبما ان الكلمتين قرد وسَعدان يعرِّفهما الاستعمال الشعبي،‏ فأسلاف الانسان كانوا قِرَدة او سَعادين.‏»‏٤

      ٣ لماذا يُعتبر سجل الاحافير مهمًّا في تقرير نسب الانسان؟‏

      ٣ ولماذا سجل الاحافير مهمّ جدًّا في محاولة الدعم بالوثائق لوجود اسلاف للجنس البشري اشباه قِرَدة؟‏ ذلك لأنه لا يوجد شيء في عالَم الأحياء اليوم يدعم الفكرة.‏ وكما ظهر في الفصل ٦،‏ هنالك هُوَّة هائلة بين البشر والحيوانات الموجودة اليوم ايًّا كانت،‏ بما فيها فصيلة القِرَدة.‏ ولذلك،‏ بما ان عالَم الأحياء لا يزوِّد حلقة بين الانسان والقرد،‏ فقد كان الرجاء ان يزوِّدها سجل الاحافير.‏

      ٤ من وجهة نظر التطور،‏ لماذا غياب «الناس القِرَدة» الاحياء غريب جدا؟‏

      ٤ من وجهة نظر التطور،‏ ان الهُوَّة الواضحة اليوم بين الانسان والقرد شيء غريب.‏ وترتئي نظرية التطور انه اذ تقدَّمت الحيوانات على سلَّم التطور،‏ صارت اكثر قدرة على البقاء.‏ اذًا،‏ لماذا لا تزال فصيلة القِرَدة «المتخلِّفة» موجودة،‏ دون ايّ شكل من الاشكال المتوسطة المزعومة،‏ التي كان يُفترض ان تكون اكثر تقدُّما في التطور؟‏ نحن نرى اليوم الشمپانزي والڠورلا والسَّعْلاة orangutan‏،‏ ولكننا لا نرى «الناس القِرَدة.‏» فهل يبدو مرجَّحا ان تكون كل «الحلقات» الأحدث،‏ والمزعوم انها اكثر تقدمًا،‏ بين المخلوقات اشباه القِرَدة والانسان الحديث قد انقرضت ما عدا القِرَدة الدنيا؟‏

      كم من الأدلَّة الأُحفورية؟‏

      ٥ اي انطباع تتركه الروايات عن الأدلَّة الأُحفورية على التطور البشري؟‏

      ٥ من الروايات في المطبوعات العلمية،‏ في معروضات المتاحف وعلى التلفزيون،‏ يبدو انه يجب ان توجد بالتأكيد ادلة وافرة على ان البشر تطوروا من مخلوقات اشباه قِرَدة.‏ فهل الامر هو كذلك حقًّا؟‏ مثلا،‏ اية ادلة أُحفورية على ذلك كانت هنالك في ايام داروين؟‏ وهل ادلة كهذه هي التي شجعته على صياغة نظريته؟‏

      ٦ (‏أ)‏ هل كانت النظريات الابكر عن التطور البشري مبنيَّة على الأدلَّة الأُحفورية؟‏ (‏ب)‏ لماذا تمكَّن التطور من نيل القبول دون ادلة قوية؟‏

      ٦ تخبرنا نشرة العلماء الذريين:‏ «ان النظريات الباكرة للتطور البشري هي حقًّا غريبة جدًّا اذا توقف المرء ليمعن النظر فيها.‏ فقد وصف داڤيد پلْبيم النظريات الباكرة بأنها ‹خالية من الاحافير.‏› ويعني ذلك انه كانت هنالك نظريات عن التطور البشري يعتقد المرء انها تتطلَّب بعض الأدلَّة الأُحفورية،‏ ولكن في الواقع كان هنالك إما عدد قليل من الاحافير بحيث لم تمارس ايّ تأثير في النظرية،‏ او لم تكن هنالك احافير على الاطلاق.‏ وهكذا،‏ بين اقرب اقارب الانسان المفترَضين والاحافير البشرية الباكرة لم يكن هنالك سوى خيال علماء القرن التاسع عشر.‏» وهذه المطبوعة العلمية تُظهِر السبب:‏ «اراد الناس ان يعتقدوا بالتطور،‏ التطور البشري،‏ وهذا أثَّر في نتائج عملهم.‏»‏٥

      ٧-‏٩ كم من الأدلَّة الأُحفورية على التطور البشري هنالك الآن؟‏

      ٧ وبعد ما يزيد على قرن من البحث،‏ كم من الأدلَّة الأُحفورية هنالك على «الناس القِرَدة»؟‏ صرَّح ريتشارد لِيكي:‏ «ان العاملين في هذا الحقل لديهم القليل من الأدلَّة ليؤسِّسوا عليها استنتاجاتهم بحيث يلزمهم تكرارًا ان يغيّروا استنتاجاتهم.‏»‏٦ وعلَّقت العالِم الجديد:‏ «اذا حكَمْنا بموجب مقدار الأدلَّة التي تتأسَّس عليها،‏ فان دراسة الانسان الأُحفوري لا تكاد تستحق ان تكون اكثر من مادة فرعية في الپالينتولوجيا [علم الاحافير] او الانثروپولوجيا [علم الانسان].‏ .‏ .‏ .‏ فالمجموعة ناقصة بصورة مُغيظة،‏ والنماذج عينها كثيرًا ما تكون غير متكاملة وغير حاسمة.‏»‏٧

      ٨ وعلى نحو مماثل،‏ يعترف كتاب الاصول:‏ «اذ نتقدَّم اكثر في طريق التطور نحو البشر يصير السير مشكوكا فيه على نحو واضح،‏ وأيضا بسبب ندرة الأدلَّة الأُحفورية.‏»‏٨ وتضيف مجلة العِلم:‏ «ان الدليل العلمي الأوَّلي هو مجموعة زهيدة يُرثَى لها من العظام،‏ منها يجب إنشاء التاريخ التطوّري للانسان.‏ وأحد العلماء بعلم الانسان قارن المهمَّة بتلك التي لاعادة انشاء حبكة رواية الحرب والسِّلم بـ‍ ١٣ صفحة مختارة عشوائيا.‏»‏٩

      ٩ ولكن الى ايّ حدّ ضئيل هو سجل الاحافير الخاص بـ‍ «الناس القِرَدة»؟‏ لاحظوا ما يلي.‏ نيوزويك:‏ «‹يمكنكم وضع كل الاحافير على سطح مكتب واحد،‏› قال ألْوين سِيمونز من جامعة ديوك.‏»‏١٠ ذا نيويورك تايمز:‏ «البقايا الأُحفورية المعروفة لاسلاف الانسان تسَعها طاولة بليارد.‏ وهذا يشكل قاعدة ركيكة لإمعان النظر منها في ضباب الملايين القليلة الاخيرة من السنين.‏»‏١١ ساينس دايجست:‏ «الواقع اللافت للنظر هو ان كل الأدلَّة المادية التي لدينا على التطور البشري يمكن وضعها بعدُ داخل تابوت واحد،‏ ويبقى فيه مكان!‏ .‏ .‏ .‏ والقِرَدة العصرية،‏ مثلا،‏ يبدو انها طلعت من لا مكان.‏ فلا ماضي لها،‏ ولا سجلَّ احافير.‏ والاصل الحقيقي للبشر العصريين —‏ للكائنات المنتصِبة القامة،‏ العُريانة،‏ الصانعة الادوات،‏ الكبيرة الدماغ —‏ هو ايضًا،‏ اذا اردنا ان نكون مخلصين مع انفسنا،‏ مسألة غامضة على نحو معادل.‏»‏١٢

      ١٠ ماذا يُبيِّن الدليل بشأن ظهور اناس الصنف الحديث؟‏

      ١٠ ان اناس الصنف الحديث،‏ بالمقدرة على التفكير،‏ التخطيط،‏ الاختراع،‏ البناء على معرفة سابقة واستخدام لغات معقَّدة،‏ يَظهرون فجأةً في سجل الاحافير.‏ وفي كتابه،‏ سوء قياس الانسان،‏ يلاحظ ڠولد:‏ «ليس لدينا دليل على التغيُّر الأحيائي في حجم الدماغ او بِنيته منذ ظهور الانسان العاقل sapiens Homo في سجل الاحافير قبل نحو خمسين ألف سنة.‏»‏١٣ وهكذا،‏ يسأل كتاب الكون في الداخل:‏ «ماذا جعل التطور .‏ .‏ .‏ يُنتج،‏ كأنَّما بين عشِيَّة وضحاها،‏ جنسًا بشريًّا حديثًا بدماغه الاستثنائي الفريد؟‏»‏١٤ ان التطور عاجز عن الاجابة.‏ ولكن هل يمكن ان يكمُن الجواب في خَلق مخلوق مختلف ومعقَّد جدًّا؟‏

      اين هي الـ‍ «حلقات»؟‏

      ١١ ما هي «القاعدة» في سجل الاحافير على نحو معترف به؟‏

      ١١ ولكن،‏ ألم يعثر العلماء على «الحلقات» الضرورية بين الحيوانات اشباه القِرَدة والانسان؟‏ ليس بحسب الأدلَّة.‏ وتتحدث ساينس دايجست عن «الافتقار الى حلقة مفقودة تفسِّر الظهور المفاجئ نسبيًّا للانسان الحديث.‏»‏١٥ ولاحظت نيوزويك:‏ «الحلقة المفقودة بين الانسان والقِرَدة .‏ .‏ .‏ انما هي الأزهى في كامل السلسلة الهرميَّة للمخلوقات الوهمية.‏ والحلقات المفقودة هي القاعدة في سجل الاحافير.‏»‏١٦

      ١٢ ماذا انتج الافتقارُ الى حلقات؟‏

      ١٢ ولسبب عدم وجود حلقات،‏ لزِم اختلاق «المخلوقات الوهمية» من ادنى الأدلَّة وتقديمها كما لو انها وُجدت فعلا.‏ وهذا يشرح لماذا يمكن ان يحدث التضارب التالي،‏ كما تخبر مجلة علمية:‏ «تطوَّر البشر من اسلافهم اشباه القِرَدة في خطوات تدريجية وليس،‏ كما يزعم بعض العلماء،‏ في قفزات فجائية من شكل الى آخر.‏ .‏ .‏ .‏ إلا ان غيرهم من العلماء بالانثروپولوجيا [علم الانسان]،‏ مع استعمالهم المعلومات نفسها من حيث الجوهر،‏ قيل انهم وصلوا الى استنتاج معاكس تمامًا.‏»‏١٧

      ١٣ ماذا نتج من العجز عن العثور على «الحلقات المفقودة»؟‏

      ١٣ وهكذا،‏ يمكننا ان نفهم بشكل افضل ملاحظة الخبير المحترم بعلم التشريح،‏ صولي زوكَرْمان،‏ الذي كتب في مجلة الكلِّية الملَكية لجرَّاحي أدنبره:‏ «ان البحث عن ‹الحلقة المفقودة› المشهورة في تطور الانسان،‏ تلك الكأس المقدسة لطائفة لا تفنَى من علماء التشريح والاحياء،‏ يسمح بازدهار التخمين والاساطير بالسرور عينه اليوم كما قبل ٥٠ سنة واكثر.‏»‏١٨ ولاحَظ انه كثيرًا ما جرى تجاهل الوقائع،‏ وعوضا عن ذلك،‏ تأييد ما هو شائع حاليًّا بالرغم من الدليل المعاكس.‏

      ‏«شجرة نسَب» الانسان

      ١٤،‏ ١٥ ماذا فعل الدليل بـ‍ «شجرة نسَب» البشر التطورية؟‏

      ١٤ ونتيجةً لذلك فان «شجرة النسَب» التي كثيرا ما تُرسم عن التطور المزعوم للانسان من الحيوانات الدنيا تتغيَّر باستمرار.‏ على سبيل المثال،‏ صرَّح ريتشارد لِيكي ان اكتشافًا أُحفوريًّا أحدث «يُنزل الخراب بالفكرة ان كل الاحافير الباكرة يمكن ترتيبها بتسلسل منظَّم من التغيُّر التطوري.‏»‏١٩ وأعلن تقرير صحفي عن هذا الاكتشاف:‏ «كل كتاب عن الانثروپولوجيا،‏ كل مقالة عن تطور الانسان،‏ كل رسم لشجرة نسَب الانسان سيلزم نبذها.‏ فهي خاطئة بوضوح.‏»‏٢٠

      ١٥ ان شجرة النسَب النظرية للتطور البشري مشوَّشة بالفضلات المنبوذة «للحلقات» التي كانت مقبولة سابقًا.‏ ولاحظت افتتاحية في ذا نيويورك تايمز ان العلم التطوري «يشمل مجالا واسعًا للظنون بحيث ان النظريات عن كيفية نشوء الانسان تميل الى الاخبار عن مؤلفها اكثر مما عن موضوعها.‏ .‏ .‏ .‏ فالذي يكتشف جمجمة جديدة يبدو في اغلب الاحيان انه يُعيد رسم شجرة نسَب الانسان،‏ واضعا اكتشافه في الخط المركزي الذي يؤدي الى الانسان وجماجم كل الآخرين في الخطوط الجانبية المؤدية الى لا مكان.‏»‏٢١

      ١٦ لماذا حذف عالِمان شجرة نسَب التطور من كتابهما؟‏

      ١٦ وفي مراجعة لكتاب اساطير التطور البشري من تأليف مؤيِّدَي التطور نايْلز ألدْريدْج وإيان تاتِرْصول،‏ لاحظت مجلة ديسْكَڤَر ان المؤلِّفَين حذفا ايّ شجرة نسَب تطورية.‏ ولماذا؟‏ بعدما اشارت الى ان «الحلقات التي تشكِّل اسلاف النوع البشري لا يمكن إلا تخمينها،‏» ذكرت هذه المطبوعة:‏ «يُصِرّ ألدْريدْج وتاتِرْصول على ان الانسان يبحث عن اسلافه عبثًا.‏ .‏ .‏ .‏ لو كان الدليل موجودا،‏ يؤكِّدان،‏ ‹لكان بامكان المرء ان يتوقَّع بثقة،‏ مع اكتشاف المزيد من الاحافير لفصيلة الانسانيات hominid‏،‏ ان تصير قصة التطور البشري اوضح.‏ غير ان العكس قد حدث،‏ ايًّا كان ذلك.‏›»‏

      ١٧،‏ ١٨ (‏أ)‏ كيف يمكن ان «يُعثر» على ما يَعتبر بعض مؤيدي التطور انه «ضاع»؟‏ (‏ب)‏ كيف يؤكِّد سجل الاحافير ذلك؟‏

      ١٧ واختتمت ديسْكَڤَر:‏ «ان النوع البشري،‏ وجميع الانواع،‏ ستبقى يتَامَى نوعًا ما،‏ اذ ضاعت هوية اجدادها في العصور الغابرة.‏»‏٢٢ ربما «ضاعت» من وجهة نظر النظرية التطورية.‏ ولكن ألم «يعثر» سفر التكوين البديل على اجدادنا كما هم عليه حقًّا في سجل الاحافير —‏ بشر بكل ما في الكلمة من معنى،‏ مثلنا تمامًا؟‏

      ١٨ يكشف سجل الاحافير عن اصل مختلف ومتميز للقِرَدة وللبشر.‏ ولهذا السبب فان الأدلَّة الأُحفورية على الحلقة بين الانسان والحيوانات اشباه القِرَدة غير موجودة.‏ فالحلقات في الواقع لم تكن هنالك قط.‏

      كيف كانوا يبدون؟‏

      ١٩،‏ ٢٠ علامَ تتأسَّس رسوم «الناس القِرَدة»؟‏

      ١٩ ولكن،‏ ان لم يكن اسلاف الانسان اشباه قِرَدة،‏ فلماذا تفيض المطبوعات العلمية والمتاحف حول العالم بالكثير جدا من الصور والنسخ المطابقة لـ‍ «الناس القِرَدة»؟‏ علامَ تتأسَّس هذه؟‏ يجيب كتاب بيولوجية العروق:‏ «اللحم والشعر على مِثل هذه التركيبات من جديد لا بد ان يُملأا باللجوء الى الخيال.‏» ويضيف قائلًا:‏ «لون الجلد؛‏ لون الشعر وشكله وتوزيعه؛‏ شكل الملامح؛‏ وقَسَمات الوجه —‏ من هذه الصفات لا نعرف شيئًا البتة عن ايّ من اناس ما قبل التاريخ.‏»‏٢٣

      ٢٠ وعلَّقت ساينس دايجست ايضًا:‏ «ان الغالبية الساحقة لمفاهيم الفنانين مؤسَّسة على الخيال اكثر مما هو على الدليل.‏ .‏ .‏ .‏ فيجب على الفنَّانين ان يبتدعوا شيئًا بين القرد والكائن البشري؛‏ وكلَّما قيل ان النموذج اقدم،‏ قرَّبوه اكثر الى شكل قرد.‏»‏٢٤ واعترف الباحث عن الاحافير،‏ دونالد جوهانسون:‏ «لا احد يمكن ان يتيقَّن كيف كان يبدو ايّ فرد منقرض من فصيلة الانسانيات.‏»‏٢٥

      ٢١ ما هي،‏ في الحقيقة،‏ تصاوير «الناس القِرَدة»؟‏

      ٢١ حقًّا،‏ اخبرت العالِم الجديد انه لا يوجد «دليل كاف من المواد الأُحفورية لاخراج نظريَّاتنا من عالَم الأوهام.‏»‏٢٦ ولذلك فإن تصاوير «الناس القِرَدة،‏» كما اعتَرف احد مؤيدي التطور،‏ «تخيُّل بَحْت من اغلب الوجوه .‏ .‏ .‏ اختلاق محض.‏»‏٢٧ وهكذا،‏ علَّق أيْڤار ليسْنر في الانسان،‏ اللّٰه والسحر:‏ «تماما كما نتعلم ببطء ان الناس البدائيين ليسوا بالضرورة همجيين،‏ كذلك يجب ان نتعلم ان ندرك ان الناس الأوَّلين في العصر الجليدي لم يكونوا بهائم غير عاقلة ولا نِصف قِرَدة ولا معتلي العقل.‏ ومن هنا الغباوة التي لا توصف لكل المحاولات لاعادة تركيب انسان نيانْدِرْتال او حتى انسان پِكين.‏»‏٢٨

      ٢٢ كيف انخدع كثيرون من مؤيِّدي التطور؟‏

      ٢٢ ورغبةً منهم في العثور على دليل على «الناس القِرَدة،‏» انخدع بعض العلماء بالخداع التام،‏ مثلا،‏ انسان پِلتْداون في السنة ١٩١٢ .‏ فلنحو ٤٠ سنة قبلته كشيء اصيل غالبية جماعة مؤيدي التطور.‏ وأخيرًا،‏ في سنة ١٩٥٣،‏ كُشِفت الخديعة عندما اظهرت الاساليب التقنية الحديثة ان عظام انسان وقرد جُمِعت معا وعُتِّقَت اصطناعيًّا.‏ وفي حالة اخرى،‏ أُعِدَّت «حلقة مفقودة» شبيهة بقرد وعُرضت في الصحافة.‏ ولكن اعتُرف لاحقًا بأن «الدليل» تألف من سِنّ واحدة فقط لشكل منقرض من الخنازير.‏٢٩

      ماذا كانت؟‏

      ٢٣ ماذا كانت،‏ في الحقيقة،‏ بعض الاحافير التي زُعم انها اسلاف الانسان؟‏

      ٢٣ اذا كانت التركيبات من جديد لـ‍ «الانسان القرد» غير صحيحة،‏ فماذا كانت تلك المخلوقات القديمة التي عُثر على عظامها الأُحفورية؟‏ احد هذه الثدييَّات الابكر التي يُزعم انها في سلالة الانسان هو حيوان صغير يشبه القوارض،‏ قيل انه عاش قبل حوالي ٧٠ مليون سنة.‏ وفي كتابهما لوسي:‏ بدايات الجنس البشري،‏ كتب دونالد جوهانسون ومايتْلاند إيدي:‏ «كانت من رباعيات الارجل الآكلة الحشرات بحجم السناجيب وشكلها تقريبا.‏»‏٣٠ وريتشارد لِيكي سمَّى الثَّدْييّ «حيوانًا رئيسيا primate شبه جرذ.‏»‏٣١ ولكن،‏ هل هنالك دليل متين على ان هذه الحيوانات الصغيرة كانت اسلاف البشر؟‏ كلا،‏ ولكن مجرد تخمين مؤسَّس على الرغبة.‏ ولم تربطها قط مراحل انتقالية إلا بما كانت عليه:‏ ثدييَّات صغيرة تشبه القوارض.‏

      ٢٤ اية مشاكل تنشأ في محاولة الإثبات ان قرد مصر سلَف للبشر؟‏

      ٢٤ ثم تتْبع على القائمة المقبولة عمومًا،‏ مع فجوة معترَف بها من حوالي ٤٠ مليون سنة،‏ احافير عُثر عليها في مصر وسمِّيت Aegyptopithecus —‏ قرد مصر.‏ ويقال ان هذا المخلوق عاش قبل نحو ٣٠ مليون سنة.‏ وعرضت المجلات والصحف والكتب صوَرًا لهذا المخلوق الصغير بعناوين مثل:‏ «مخلوق يشبه السَّعدان كان سلفًا لنا.‏» (‏تايم‏)‏٣٢ «حيوان يشبه السَّعدان من الرئيسيات الافريقية يُدعَى سلفًا مشترَكا للانسان والقِرَدة.‏» (‏ذا نيويورك تايمز‏)‏٣٣ «الـ‍ Aegyptopithecus هو سلَف مشترك لنا وللقِرَدة الحيَّة.‏» (‏الاصول‏)‏٣٤ ولكن،‏ اين هي الحلقات بينه وبين القارض الذي قبله؟‏ وأين هي الحلقات التي تربطه بما تبعه في السلسلة التطورية؟‏ لم يُعثر على ايّ منها.‏

      قيام وسقوط «الناس القِرَدة»‏

      ٢٥،‏ ٢٦ (‏أ)‏ ماذا زُعِم بشأن قرد راما؟‏ (‏ب)‏ على اي دليل أُحفوري أُعيد تركيبه لكي يَظهر ك‍ «انسان قرد»؟‏

      ٢٥ بعد فجوة هائلة اخرى معترَف بها في سجل الاحافير،‏ عُرض مخلوق أُحفوري آخر كأول قرد شبيه بالانسان.‏ وقيل انه عاش قبل حوالي ١٤ مليون سنة،‏ ودُعِي Ramapithecus —‏ قرد راما (‏كان راما احد الأُمراء الأُسطوريين للهند)‏.‏ وقد وُجدت احافيره في الهند منذ نحو نصف قرن.‏ ورُكِّب من هذه الاحافير مخلوق شبه قرد،‏ منتصِب،‏ على طرَفين.‏ وعنه ذكر الاصول:‏ «بقدر ما يمكن للمرء ان يقول في هذه المرحلة،‏ انه اوَّل ممثل للأُسرة البشرية.‏»‏٣٥

      ٢٦ وماذا كانت الأدلَّة الأُحفورية على هذا الاستنتاج؟‏ لاحظت المطبوعة نفسها:‏ «ان الدليل في ما يتعلق بـ‍ قرد راما ضخم —‏ مع انه،‏ بعبارات قاطعة،‏ يبقى صغيرًا بصورة مُحبِطة:‏ كِسَر من فك عُلوي وفك سُفلي،‏ مع مجموعة من الاسنان.‏»‏٣٦ فهل تعتقدون ان ذلك كان ‹دليلا› ‹ضخما› على نحو كاف لإعادة تركيب «انسان قرد» منتصِب يكون سلفًا للبشر؟‏ ومع ذلك،‏ رسم الفنانون هذا المخلوق الافتراضي في مُعظمه ك‍ «انسان قرد،‏» وغمرت صوره المطبوعات التطورية —‏ كل ذلك على اساس كِسَر فَكَّين وأسنان!‏ وبالرغم من ذلك،‏ كما اخبرت ذا نيويورك تايمز،‏ فإن قرد راما طوال عقود «جلس بأمان تام في اساس شجرة التطور البشرية.‏»‏٣٧

      ٢٧ ماذا اثبتته الأدلَّة اللاحقة بشأن قرد راما؟‏

      ٢٧ ولكن لم تعد هذه هي الحال.‏ فالاكتشافات الأُحفورية الحديثة والأكمل اظهرت ان قرد راما يُشبه كثيرًا فصيلة القِرَدة للوقت الحاضر.‏ ولذلك تصرِّح الآن العالِم الجديد:‏ «لا يمكن ان يكون قرد راما العضو الاوَّل في السلسلة البشرية.‏»‏٣٨ ومثل هذه المعلومات الجديدة اثارت السؤال التالي في مجلة التاريخ الطبيعي:‏ «كيف تسرَّب قرد راما،‏ .‏ .‏ .‏ المعاد تركيبه من اسنان وفَكَّين فقط —‏ دون حوض،‏ عظام اطراف،‏ او جمجمة معروفة —‏ الى هذا الموكب المتقدم نحو الانسان؟‏»‏٣٩ من الواضح ان مقدارا كبيرا من التفكير المؤسَّس على الرغبة ساهم دون شك في مثل هذا الجهد لجعل الدليل يقول ما لا يقوله.‏

      ٢٨،‏ ٢٩ ماذا زُعِم بخصوص القرد الجنوبي؟‏

      ٢٨ وتكمن فجوة ضخمة اخرى بين ذلك المخلوق والذي يليه المُدرَج ك‍ «انسان قرد» سلَف.‏ وهذا يُسمَّى Australopithecus —‏ القرد الجنوبي.‏ لقد عُثر اولا على احافير له في افريقيا الجنوبية في عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ .‏ وكان له قِحْف دماغ صغير شبيه بذاك الذي لقرد وعَظم فَكّ ثقيل،‏ وصُوِّر ماشيًا على طرَفين،‏ مُنحنِيًا،‏ شعرانيا وشكله كالقرد.‏ وقيل انه عاش ابتداءً من نحو ثلاثة او اربعة ملايين سنة.‏ ومع الوقت،‏ صار مقبولا عند جميع مؤيدي التطور تقريبًا كسلَف للانسان.‏

      ٢٩ على سبيل المثال،‏ لاحظ كتاب العقد الاجتماعي:‏ «يوافق الآن جميع الباحثين المقتدرين في هذا الميدان،‏ باستثناء واحد او اثنين،‏ على ان القِرَدة الجنوبية .‏ .‏ .‏ هي حقًّا اسلاف الانسان.‏»‏٤٠ وصرَّحت ذا نيويورك تايمز:‏ «‏القرد الجنوبي .‏ .‏ .‏ هو الذي تطوَّر اخيرا الى الانسان العاقل sapiens Homo ‏،‏ او الانسان الحديث.‏»‏٤١ وفي الانسان،‏ الزمن،‏ والاحافير قالت رُوث مُور:‏ «بحسب كل الأدلَّة،‏ التقى البشر اخيرًا اسلافهم الأوَّلين المجهولين لزمان طويل.‏» وصرَّحت بتشديد:‏ «كان الدليل غامرًا .‏ .‏ .‏ لقد عُثر اخيرًا على الحلقة المفقودة.‏»‏٤٢

      ٣٠،‏ ٣١ ماذا تظهر الأدلَّة اللاحقة بشأن القرد الجنوبي؟‏

      ٣٠ ولكن عندما يكون الدليل على ايّ شيء في الواقع ركيكًا او غير موجود،‏ او مبنيًّا على خداع تام،‏ فعاجلا او آجلا يؤول الادعاء الى لا شيء.‏ وقد تَبرهن ان هذه هي الحال مع العديد من الامثلة الماضية لِـ‍ «الناس القِرَدة» المزعومين.‏

      ٣١ وكذلك ايضًا مع القرد الجنوبي.‏ فقد كشَف المزيد من البحث ان جمجمته «تختلف عن تلك التي للبشر بطرائق اكثر من سعة دماغها الاصغر.‏»‏٤٣ كتب زوكَرْمان عالم التشريح:‏ «عند مقارنتها بجماجم البشر والقِرَدة،‏ تكون جمجمة القرد الجنوبي بصورة غامرة قِرْدية —‏ لا بشرية.‏ والاقتراح المعاكس يمكن ان يعادل التأكيد ان الأسْود هو ابيض.‏»‏٤٤ وقال ايضًا:‏ «لا تترك اكتشافاتنا مجالا للشك في ان .‏ .‏ .‏ القرد الجنوبي يشبه لا الانسان العاقل بل السَّعادين والقِرَدة الحيَّة.‏»‏٤٥ وقال دونالد جوهانسون ايضًا:‏ «القِرَدة الجنوبية .‏ .‏ .‏ لم تكن بشرًا.‏»‏٤٦ وعلى نحو مماثل،‏ فان ريتشارد لِيكي دعاه شيئا «غير محتمَل ان يكون اسلافنا المباشرون ذرِّية تطورية للقِرَدة الجنوبية.‏»‏٤٧

      ٣٢ لو كانت مخلوقات كهذه لا تزال حيَّة اليوم،‏ كيف كان يُنظر اليها؟‏

      ٣٢ لو وُجدت اليوم اية قِرَدة جنوبية حيَّة،‏ لوُضعت في حدائق الحيوانات مع غيرها من القِرَدة.‏ ولما سمّاها احدٌ «اناسا قِرَدة.‏» ويصحّ الامر نفسه في غيرها من «اولاد العَمّ» الأُحفورية التي تُشبهها،‏ مثل نوع اصغر من القِرَدة الجنوبية يُدعَى «لوسي.‏» وعنه يقول روبرت جاسترو:‏ «هذا الدماغ لم يكن كبيرًا بالحجم المطلق؛‏ لقد كان ثُلث حجم الدماغ البشري.‏»‏٤٨ فمن الواضح انه كان ايضا مجرد «قرد.‏» وفي الواقع،‏ قالت العالِم الجديد انه كانت لـ‍ «لوسي» جمجمة «شبيهة جدًّا بتلك التي للشمپانزي.‏»‏٤٩

      ٣٣ اي نوع من الاحافير يُحتمل او لا يُحتمل ان يكون انسانا؟‏

      ٣٣ ويُدعى نوعٌ آخر من الاحافير erectus Homo —‏ الانسان المنتصِب.‏ ويندرج حجم وشكل دماغه في الطبقة الدنيا من ذاك الذي للانسان الحديث.‏ وأيضا لاحظت دائرة المعارف البريطانية ان «عظام الاطراف التي اكتُشفت حتى الآن لا يمكن تمييزها من تلك التي لـ‍ الانسان العاقل.‏»‏٥٠ غير انه ليس واضحا ان كان انسانًا ام لا.‏ واذا كان الامر كذلك،‏ فحينئذ يكون مجرد فرع تَلاشَى من العائلة البشرية.‏

      العائلة البشرية

      ٣٤ كيف تغيَّرت الافكار عن انسان نيانْدِرْتال؟‏

      ٣٤ كان انسان نيانْدِرْتال (‏المسمَّى باسم اقليم نياندر في المانيا حيث عُثر على اول أُحفورة)‏ بشرًا دون شك.‏ وفي بادئ الامر صُوِّر مُنحنِيًا،‏ غبيّ المظهر،‏ شعرانيا ويشبه القرد.‏ أما الآن فالمعروف هو ان اعادة التركيب الخاطئة هذه كانت مؤسَّسة على هيكل عظمي أُحفوري شوَّهه المرض كثيرًا جدًّا.‏ ومنذ ذلك الحين عُثر على احافير نيانْدِرْتالية عديدة تؤكد انه لم يكن يختلف كثيرًا عن البشر العصريين.‏ وفي كتابه الجليد،‏ صرَّح فرِد هُويْل:‏ «لا يوجد دليل على ان انسان نيانْدِرْتال كان بأيّ شكل اكثر تخلُّفا منا.‏»‏٥١ ونتيجة لذلك اتَّخذت الرسوم الاخيرة لاناس نيانْدِرْتال مظهرًا اكثر حداثة.‏

      ٣٥ ماذا كانت انواع كرُومَنْيون؟‏

      ٣٥ والنوع الآخر من الاحافير الذي يَرِد تكرارا في المطبوعات العلمية هو انسان كرُومَنْيون.‏ لقد سُمِّي على اسم مكان في جنوبي فرنسا حيث أُخرِجت عظامه من الارض لاول مرة.‏ وهذه النماذج،‏ قال كتاب لوسي،‏ «كان تمييزها غير ممكن فعليا من تلك التي لايامنا بحيث اضطُرَّ حتى الذين هم اكثر تشككًا الى الاعتراف بأنها بشر.‏»‏٥٢

      ٣٦ ما هي الوقائع بشأن الاحافير الشبيهة بالقرد للماضي،‏ والاحافير الشبيهة بالبشر؟‏

      ٣٦ وهكذا،‏ فالدليل واضح على ان الاعتقاد بـ‍ «الناس القِرَدة» لا اساس له.‏ وعوضًا عن ذلك،‏ يتَّصف البشر بكل الخصائص الدالَّة على انهم خُلقوا —‏ منفصلين ومتميزين عن ايّ حيوان.‏ والبشر يتوالدون حسب جنسهم فقط.‏ وهم يفعلون ذلك اليوم وقد فعلوا ذلك دائما في الماضي.‏ وأية مخلوقات اشباه قِرَدة عاشت في الماضي كانت فقط هكذا —‏ قِرَدة،‏ او سَعادين —‏ لا بشرًا.‏ أما احافير البشر القدماء التي تختلف قليلا عن البشر اليوم فتبيِّن مجرد التنوُّع داخل العائلة البشرية،‏ تمامًا كما توجد عندنا اليوم تنوُّعات عديدة تعيش جنبًا الى جنب.‏ فهنالك بشر تبلغ قامتهم سبع اقدام وهنالك اقزام بحجوم وأشكال متفاوتة للهياكل العظمية.‏ ولكنهم جميعا ينتمون الى «الجنس» البشري نفسه،‏ لا الى «جنس» الحيوان.‏

      ماذا عن التواريخ؟‏

      ٣٧ يدل جدول تواريخ الكتاب المقدس ان البشر هم على الارض منذ كم من الوقت؟‏

      ٣٧ يدل جدول تواريخ الكتاب المقدس ان فترةً من نحو ٠٠٠‏,‏٦ سنة مرَّت منذ خلْق البشر.‏ فلماذا يقرأ المرء مرارًا عن فترات زمنية أطول بكثير منذ ظهرت انواع بشرية معترَف بها من الاحافير؟‏

      ٣٨ هل تبرهن التواريخ المحدَّدة بواسطة الاضمحلال الإشعاعي والمتعارضة مع جدول تواريخ الكتاب المقدس ان الكتاب المقدس على خطإ؟‏

      ٣٨ قبل الاستنتاج ان جدول تواريخ الكتاب المقدس على خطإ،‏ خذوا بعين الاعتبار ان اساليب التأريخ الاشعاعي انتقدها بعض العلماء انتقادًا حادًّا.‏ وقد اخبرت صحيفة علمية عن دراسات تُظهر ان «التواريخ المحدَّدة بواسطة الاضمحلال الإشعاعي يمكن ان تكون بعيدة —‏ ليس فقط بسنوات قليلة،‏ بل بعشرات الاضعاف.‏» وقالت:‏ «ان الانسان،‏ بدلا من ان يكون قد مشى على الارض طوال ٦‏,‏٣ ملايين سنة،‏ ربما كان هنا طوال آلاف قليلة فقط.‏»‏٥٣

      ٣٩ هل يُعتمَد دائمًا على «ساعة» الكربون المُشِعّ؟‏

      ٣٩ مثلا،‏ «ساعة» الكربون المُشِعّ.‏ ان هذا الاسلوب للتأريخ بالكربون المُشِعّ طوَّره على مَرّ عقدين من الزمن علماء من كل انحاء العالم.‏ وقد رُحِّب به على نحو واسع لتأريخه الدقيق للمصنوعات اليدوية من تاريخ الانسان القديم.‏ ولكن بعد ذلك عُقد مؤتمر لخبراء العالم،‏ بمن فيهم علماء في الكيمياء الإشعاعية والآثار وطبقات الارض،‏ في أوپْسالا،‏ السويد،‏ من اجل مقارنة ما وصلوا اليه.‏ فأظهر تقرير مؤتمرهم ان الافتراضات الاساسية التي قامت عليها القياسات وُجدت غير جديرة بالثقة بدرجات متفاوتة.‏ مثلا،‏ وجد ان نسبة تكوين الكربون المُشِعّ في الجَوّ لم تكن ثابتة في الماضي وأن هذا الاسلوب لا يُعتمَد عليه في تأريخ الاشياء من حوالي السنة ٠٠٠‏,‏٢ ق‌م او قبل ذلك.‏٥٤

      ٤٠ كيف تدعم السجلات التاريخية جدول تواريخ الكتاب المقدس في ما يتعلق بعمر العرق البشري؟‏

      ٤٠ تذكَّروا ان الدليل الموثوق به حقًّا على نشاط الانسان على الارض معطى،‏ لا بملايين السنين،‏ بل بالآلاف.‏ مثلا،‏ نقرأ في مصير الارض:‏ «منذ ستة او سبعة آلاف سنة فقط .‏ .‏ .‏ نشأت الحضارة،‏ ممكِّنة ايانا من بناء عالم بشري.‏»‏٥٥ ويُصرِّح آخر مليوني سنة:‏ «في العالم القديم،‏ اتُّخذت غالبية الخطوات الحاسمة في الثورة الزراعية بين ٠٠٠‏,‏١٠ و ٠٠٠‏,‏٥ ق‌م.‏» ويقول ايضا:‏ «لم يَترك الانسان سجلات خطِّية إلا عن السنوات الـ‍ ٠٠٠‏,‏٥ الاخيرة.‏»‏٥٦ وواقع ان سجل الاحافير يبيِّن ظهور الانسان الحديث فجأةً على الارض،‏ وأن السجلات التاريخية الموثوق بها حديثة على نحو معترَف به،‏ انما ينسجم مع جدول تواريخ الكتاب المقدس لحياة البشر على الارض.‏

      ٤١ ماذا قال احد الروَّاد في ميدان التأريخ بالكربون المُشِعّ عن تواريخ «ما قبل التاريخ»؟‏

      ٤١ من هذا القبيل،‏ لاحظوا ما قاله الحائز جائزة نوبل الفيزيائي النووي و.‏ ف.‏ ليبّي،‏ احد الروَّاد في التأريخ بالكربون المُشِعّ،‏ في مجلة العِلم:‏ «تألَّف البحث في تطوير اساليب التأريخ من مرحلتين —‏ تأريخ عيِّنات من الحقبتين التاريخية وما قبل التاريخية على التوالي.‏ آرنولْد (‏احد الزملاء)‏ وأنا أُصِبنا بأول صدمة عندما أعلَمَنا مشيرونا بأن التاريخ امتد رجوعا طوال ٠٠٠‏,‏٥ سنة فقط.‏ .‏ .‏ .‏ تقرأون تصريحات بمعنى ان هذا او ذاك المجتمع او الموقع الأثري عمره ٠٠٠‏,‏٢٠ سنة.‏ ولكننا تعلَّمنا على نحو غير متوقَّع ان هذه الارقام،‏ هذه العصور القديمة،‏ غير معروفة بدقة.‏»‏٥٧

      ٤٢ ماذا علَّق مؤلِّف انكليزي على الفرق بين الروايات التطورية ورواية سفر التكوين؟‏

      ٤٢ عند مراجعته كتابًا عن التطور،‏ علَّق المؤلِّف الانكليزي مالْكوم ماڠَرِدج على انعدام الدليل على التطور.‏ فلاحظ ان التخمينات الهَوجاء ازدهرت بالرغم من ذلك.‏ ثم قال:‏ «بالمقارنة،‏ تبدو رواية سفر التكوين رصينة كفايةً وتستحق على الاقل ان تكون مرتبطة بشكل صحيح بما نعرفه عن الكائنات البشرية وتصرفها.‏» وقال ان الادعاءات التي لا اساس لها عن ملايين السنين لتطوُّر الانسان «والقفزات الهَوجاء من جمجمة الى جمجمة،‏ لا يمكن إلا ان تترك في الشخص الذي لم يعلق بالأُسطورة [التطورية] الانطباع بأنها خيال بحت.‏» واختتم ماڠَرِدج قائلا:‏ «بالتأكيد،‏ ستتعجَّب ذُرِّيتنا،‏ وأمَلي انها ستتسلَّى كثيرا جدًّا،‏ من أنَّ مثل هذه النظريات غير المتقَنة وغير المقنِعة استأسرت بسهولة بالغة دون شك عقول القرن العشرين،‏ وطُبِّقت بشكل واسع ومتهوِّر جدًّا.‏»‏٥٨

  • الطَّفرات —‏ اساس للتطور؟‏
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • الفصل ٨

      الطَّفرات —‏ اساس للتطور؟‏

      ١،‏ ٢ اية آليَّة يُقال انها اساس للتطور؟‏

      هنالك صعوبة اخرى تواجه نظرية التطور.‏ كيف يُفترض ان يكون قد حدث بالضبط؟‏ وما هي الآلية الاساسية التي يُفترض انها مكَّنت صنفا من الاشياء الحية من التطور الى صنف آخر؟‏ يقول مؤيدو التطور ان تغييرات مختلفة داخل نواة الخلية تقوم بدورها.‏ وفي المقام الاول بين هذه هي التغييرات «العرَضية» المعروفة بـ‍ الطَّفرات mutations‏.‏ ويُعتقد ان الاجزاء الخصوصية المتعلقة بهذه التغييرات الطفْرية هي الموَرِّثات والصبغيات في الخلايا الجنسية،‏ اذ يمكن تمرير الطَّفرات فيها الى المتحدرين من المرء.‏

      ٢ «الطَّفرات .‏ .‏ .‏ هي اساس التطور،‏» تصرِّح دائرة معارف الكتاب العالمي.‏١ وعلى نحو مماثل،‏ دعا الپالينتولوجي ستِيڤن ستانلي الطَّفرات بـ‍ «المواد الخام» للتطور.‏٢ وأعلن عالم الوراثة پيو كولَر ان الطَّفرات «ضرورية للتقدم التطوري.‏»‏٣

      ٣ اي نوع من الطَّفرات يلزم للتطور؟‏

      ٣ غير ان الطَّفرات اللازمة للتطور ليست من ايّ نوع كان.‏ فقد اشار روبرت جاسترو الى الحاجة الى «التراكم البطيء للطَّفرات المؤاتية.‏»‏٤ وأضاف كارل ساڠَن:‏ «الطَّفرات —‏ تغييرات فجائية في الوراثة —‏ تتوالد على شَبَه الاصل.‏ وتزوِّد التطور مواده الخام.‏ وتختار البيئة تلك الطَّفرات القليلة التي تعزز البقاء،‏ منتجة سلسلة تحولات بطيئة من شكل من اشكال الحياة الى آخر،‏ يكون الاصل لأنواع جديدة.‏»‏٥

      ٤ اية صعوبة تنشأ عند الادِّعاء بأن الطَّفرات ربما كانت ذات علاقة بالتغييرات التطورية السريعة؟‏

      ٤ وقيل ايضًا ان الطَّفرات قد تكون مفتاحًا للتغيير السريع الذي تستدعيه نظرية «التوازن المتقطِّع.‏» ذكر جون ڠليدْمان اذ كتب في ساينس دايجست:‏ «يعتقد مؤيدو التعديل التطوري بأن الطَّفرات في المورِّثات المنظِّمة regulatory genes الاساسية قد تكون تماما الثقَّابات الوراثية التي تحتاج اليها نظريتهم عن التغييرات الفجائية.‏» أما العالِم البريطاني بالحيوان كولِن پاتِرْسون فلاحظ:‏ «ان التخمين هو بلا حدود.‏ فنحن لا نعرف شيئًا عن هذه المورِّثات الرئيسية المنظِّمة.‏»‏٦ ولكن بعيدًا عن مثل هذه التخمينات،‏ من المقبول عمومًا ان الطَّفرات التي يُفترض انها كانت ذات علاقة بالتطور هي تغييرات عرَضية صغيرة تتراكم على مدى فترة طويلة من الزمن.‏

      ٥ كيف تنشأ الطَّفرات؟‏

      ٥ وكيف تنشأ الطَّفرات؟‏ يُعتقد ان معظمها يحدث في العملية العادية لتكاثر الخلايا.‏ ولكنَّ التجارب اظهرت انه يمكن ان تسببها ايضًا عوامل خارجية كالاشعاع والمواد الكيميائية.‏ وكم مرة يتكرر حدوثها؟‏ ان تكاثر المواد الوراثية في الخليَّة ثابت على نحو لافت للنظر.‏ ونسبيا،‏ اذ يؤخذ بعين الاعتبار عدد الخلايا التي تنقسم في الشيء الحي،‏ لا تحدث الطَّفرات مرارًا كثيرة.‏ وكما علَّقت دائرة المعارف الاميركية،‏ فإن تكاثُر «سلاسل الـ‍ DNA التي تؤلِّف المورِّثة دقيق على نحو لافت للنظر.‏ وأخطاء الطبع او النَسخ حوادث نادرة.‏»‏٧

      هل تفيد ام تضرّ؟‏

      ٦،‏ ٧ اية نسبة من الطَّفرات هي ضارة بدلا من ان تكون مفيدة؟‏

      ٦ اذا كانت الطَّفرات المفيدة اساسًا للتطور،‏ فما هي نسبة المفيدة منها؟‏ هنالك اتفاق غامر على هذه النقطة بين مؤيدي التطور.‏ مثلا،‏ يصرِّح كارل ساڠَن:‏ «اكثريَّتها ضارَّة او مميتة.‏»‏٨ ويذكر پيو كولَر:‏ «النسبة الكبرى من الطَّفرات مؤذية للفرد الحامل المورِّثة الخاضعة لطفرة.‏ لقد وُجِد في التجارب انه مقابل كل طفرة ناجحة او نافعة هنالك آلاف عديدة ضارَّة.‏»‏٩

      ٧ ولذلك،‏ باستثناء الطَّفرات «المحايدة،‏» تفوق الطَّفرات الضارة عددًا تلك التي يُفترض انها مفيدة بنسبة آلاف الى واحد.‏ وتذكر دائرة المعارف البريطانية:‏ «ان نتائج كهذه يجب توقُّعها من التغييرات العرَضية الواقعة في ايّ تنظيم معقَّد.‏»‏١٠ ولهذا السبب يقال ان الطَّفرات مسؤولة عن مئات الامراض التي تُحدَّد وراثيا.‏١١

      ٨ كيف تُثبت النتائج الفعلية صحة ما لاحظَته دائرة معارف؟‏

      ٨ ولسبب الطبيعة الضارة للطَّفرات،‏ اعترفت دائرة المعارف الاميركية:‏ «يبدو انه من الصعب التوفيق بين واقع كون معظم الطَّفرات مضرّة للعضوية والنظرة ان الطَّفرة هي مصدر المواد الخام للتطور.‏ وفي الحقيقة،‏ ان الطوافر المصوَّرة في الكتب الدراسية لعلم الأحياء هي مجموعة شواذ ومسوخ،‏ ويبدو ان الطَّفرة عملية هدَّامة عوضا عن ان تكون بنَّاءة.‏»‏١٢ فعندما وُضعت حشرات خاضعة لطفرة في تنافس مع حشرات عادية،‏ كانت النتيجة دائمًا هي نفسها.‏ وكما لاحظ ج.‏ لِدْيارْد ستابينز:‏ «بعد اجيال زاد او قلَّ عددها،‏ زالت الطوافر.‏»‏١٣ فانها لم تقدر على المنافسة لانها لم تتحسن بل انحطَّت وتضرَّرت.‏

      ٩،‏ ١٠ لماذا لا مبرِّر للادِّعاء بأن الطَّفرات تعلِّل التطور؟‏

      ٩ في كتابه ينابيع الحياة اعترف الكاتب العلمي اسحق أزيموڤ:‏ «ان معظم الطَّفرات هي للاسوإ.‏» ولكنه أكَّد بعدئذ:‏ «على المدى الطويل،‏ من المؤكد ان الطَّفرات تجعل مجرى التطور يتقدم ويرتقي.‏»‏١٤ ولكن هل الامر هو كذلك؟‏ هل تُعتبر اية عملية تُنتج ضررًا اكثر من ٩٩٩ مرة من ٠٠٠‏,‏١ مفيدة؟‏ اذا اردتم بناء بيت،‏ فهل تستأجرون بنَّاءً يُنتج آلاف الاعمال المعيبة قبالة كل عمل صحيح؟‏ اذا اتَّخذ سائق سيارة آلاف القرارات الخاطئة مقابل كل قرار جيِّد في قيادته،‏ فهل ترغبون في الركوب معه؟‏ اذا قام جرَّاح بآ‌لاف الإجراءات الخاطئة مقابل كل اجراء صائب في عملياته،‏ فهل ترغبون في ان يُجري لكم عملية جراحية؟‏

      ١٠ قال مرةً دوبجانسكي،‏ عالم الوراثة:‏ «ان الحادث،‏ التغيير العشوائي،‏ في اية آليَّة دقيقة لا يكاد يُتوقع ان يحسِّنها.‏ واقحام عصا في معَدَّات ساعة او جهاز راديو نادرا ما يجعلها تعمل بشكل افضل.‏»‏١٥ ولذلك اسألوا نفسكم:‏ هل يبدو معقولا انَّ ما يتميَّز بتعقيد مُذهل من خلايا،‏ اعضاء،‏ اطراف،‏ وعمليات موجودة في الاشياء الحية قد شُيِّد باجراء هدَّام؟‏

      هل تُنتج الطَّفرات ايّ شيء جديد؟‏

      ١١-‏١٣ هل تُنتج الطَّفرات في حال من الاحوال ايّ شيء جديد؟‏

      ١١ وحتى اذا كانت كل الطَّفرات مفيدة،‏ فهل تستطيع ان تُنتج ايّ شيء جديد؟‏ كلا،‏ لا تستطيع.‏ فلا يَنتج من الطَّفرة إلا تغيير في ميزة سبق ان وُجدت.‏ انها تزوِّد تنوعًا،‏ ولكنها لا تُنتج ابدًا ايّ شيء جديد.‏

      ١٢ تعطي دائرة معارف الكتاب العالمي مثالا لما قد تُحدثه طفرة مفيدة:‏ «قد تكون لنَبْتة في منطقة جافة مورِّثة طافرة تجعلها تنمي جذورًا أكبر وأقوى.‏ فيكون للنبتة احتمال بقاء افضل مما لغيرها من نوعها بسبب مقدرة جذورها على امتصاص كمية اكبر من الماء.‏»‏١٦ ولكن هل ظهر شيءٌ جديد؟‏ كلا،‏ فهي لا تزال النبتة نفسها.‏ وهي لا تتطور الى شيء آخر.‏

      ١٣ قد تغيِّر الطَّفرات لون الشعر او نسيجه.‏ ولكنَّ الشعر يبقى دائمًا شعرًا.‏ فلن يتحول ابدًا الى ريش.‏ وربما تغيِّر الطَّفرات يد الشخص.‏ فقد تصبح اصابعها شاذة.‏ وأحيانًا قد تكون ايضًا لليد ست اصابع او تشويه آخر.‏ ولكنها دائمًا يد.‏ ولا تتغير ابدًا الى شيء آخر.‏ فلا يأتي الى الوجود شيء جديد،‏ ولا يمكن ان يأتي ابدًا.‏

      تجارب ذبابة الفواكه

      ١٤،‏ ١٥ ماذا كشَفت عقود من التجارب على ذباب الفواكه؟‏

      ١٤ قليلة هي تجارب الطَّفرة التي يمكن ان تعادل التجارب الواسعة التي أُجريت على ذبابة الفواكه الشائعة،‏ أليفة الندى melanogaster Drosophila‏.‏ فمنذ اوائل القرن العشرين عرَّض العلماء ملايين من هذا الذباب للاشعة السينية.‏ فزاد ذلك تكرُّر الطَّفرات الى اكثر من مئة ضعف ما كان عاديا.‏

      ١٥ فماذا اظهرت التجارب بعد كل تلك العقود؟‏ كشف دوبجانسكي احدى النتائج:‏ «الطَّوافر الواضحة المعالم لـ‍ أليفة الندى،‏ التي بها أُنجزت وفرة من الأبحاث التقليدية في علم الوراثة،‏ تكاد تكون،‏ بلا استثناء،‏ متخلِّفة عن ذباب الصنف البَرِّي في قدرتها على البقاء،‏ الإخصاب،‏ طول العمر.‏»‏١٧ وكانت النتيجة الاخرى ان الطَّفرات لم تُنتج قط ايّ شيء جديد.‏ فاتخذ ذباب الفواكه اجنحةً وأرجلا وأجسامًا مشوَّهة الشكل وغيرها من الانحرافات،‏ ولكنه بقي دائمًا ذباب فواكه.‏ وعندما تزاوج الذباب الخاضع لطفرة بعضه مع بعض،‏ وُجد انه بعد عدد من الاجيال،‏ شرع بعض ذباب الفواكه العادي يَنتج.‏ ولو تُرك هذا الذباب العادي في حالته الطبيعية لتفوَّق اخيرًا على الطَّوافر الاضعف في البقاء،‏ حافظا ذبابة الفواكه في الشكل الذي وُجدت فيه اصلا.‏

      ١٦ كيف تساعد الشفرة الوراثية على حفظ العضويات؟‏

      ١٦ لدى الـ‍ DNA‏،‏ الشفرة الوراثية،‏ مقدرة لافتة للنظر على ترميم الضرر الوراثي الذي يصيبه.‏ وهذا يساعد على حفظ نوع العضوية الذي دُوِّنت له الشفرة الوراثية.‏ وتَروي الاميركية العلمية كيف ان «حياة كل عضوية واستمرارها من جيل الى جيل» تحفظهما «الأنزيمات التي ترمِّم باستمرار» الضرر الوراثي.‏ تذكر المجلة:‏ «على الخصوص،‏ ان الضرر الخطير لجزيئات الـ‍ DNA يمكن ان يُحدث تجاوبًا طارئًا تُخلَّق فيه كمِّيات زائدة من أنزيمات الترميم.‏»‏١٨

      ١٧ لماذا تثبَّط ڠولتشميت في تجارب الطَّفرات؟‏

      ١٧ وهكذا،‏ في كتاب داروين تعاد محاكمته،‏ يقُصّ المؤلِّف ما يلي عن عالِم الوراثة المعتبَر،‏ الراحل ريتشارد ڠولتشميت:‏ «بعد ملاحظة الطَّفرات في ذباب الفواكه لسنوات كثيرة اعترى اليأس ڠولتشميت.‏ وقال نائحا ان التغييرات كانت متناهية الصغر الى حد انه اذا جُمعت ألف طفرة في عيِّنة واحدة فلن يكون هنالك مع ذلك نوع جديد.‏»‏١٩

      العُثَّة المرقَّطة

      ١٨،‏ ١٩ اي ادعاء يجري بخصوص العُثَّة المرقَّطة،‏ ولماذا؟‏

      ١٨ في المطبوعات التطورية كثيرا ما يشار الى العُثَّة المرقَّطة peppered moth لانكلترا كمثال عصري للتطور وهو يجري.‏ ذكرت دائرة معارف الحيوانات البرية الاممية:‏ «هذا هو أروع تغيير تطوري شاهده الانسان على الاطلاق.‏»‏٢٠ وبعد الإشارة الى انزعاج داروين من عجزه عن اظهار تطور حتى نوع واحد،‏ اضاف جاسترو في كتابه العمالقة الحُمر والاقزام البيض:‏ «لو عَلِم بذلك لكان بين يديه مثال يزوِّده بالدليل الذي احتاج اليه.‏ لقد كانت الحالة حالة نادرة للغاية.‏»‏٢١ والحالة كانت طبعا العُثَّة المرقَّطة.‏

      ١٩ فماذا حصل تمامًا للعُثَّة المرقَّطة؟‏ في بادئ الامر،‏ كان الشكل الافتح لهذه العُثَّة اكثر شيوعا من الشكل الاغمق.‏ وهذا النوع الافتح انسجم جيدًا مع جذوع الاشجار ذات اللون الافتح،‏ مما وقاه من الطيور اكثر.‏ ولكن في ما بعد،‏ اسودَّت جذوع الاشجار لسبب سنين من التلوث من المناطق الصناعية.‏ والآن عمل لون العُث الأفتح على ضرره،‏ اذ استطاعت الطيور ان تلتقطه بسرعة اكثر وتلتهمه.‏ وبناء على ذلك،‏ تمكَّن الضرب الاغمق من العُث المرقَّط،‏ الذي يقال انه من الطَّوافر،‏ من البقاء بصورة أفضل اذ صعُبَ على الطيور ان تراه على جذوع الاشجار المسودَّة بالسُّخام.‏ وسرعان ما اصبح الضرب الاغمق الصنف السائد.‏

      ٢٠ كيف شرحَت مجلة طبية انكليزية ان العُثَّة المرقَّطة لم تكن تتطور؟‏

      ٢٠ ولكن هل كانت العُثَّة المرقَّطة تتطور الى صنف آخر من الحشرات؟‏ كلا،‏ فقد كانت لا تزال تمامًا العُثَّة المرقَّطة نفسها،‏ بمجرد لون مختلف.‏ ولذلك اشارت المجلة الطبية الانكليزية عند الطلب الى استخدام هذا المثال في محاولة إثبات التطور كشيء «رديء السمعة.‏» وصرَّحت:‏ «هذا برهان ممتاز على عمل التمويه،‏ ولكن بما ان ذلك يبتدئ من العُث وينتهي الى العُث ولا تتشكل انواع جديدة،‏ فهو في غير موضعه على الاطلاق كدليل على التطور.‏»‏٢٢

      ٢١ ماذا يمكن القول عن المقدرة المزعومة للجراثيم على النمو مقاوِمةً للمضادات الحيوية؟‏

      ٢١ ان الادعاء غير الدقيق بأن العُثَّة المرقَّطة تتطور يشبه العديد من الامثلة الاخرى.‏ مثلا،‏ بما ان بعض الجراثيم اثبتت مقاومتها للمضادات الحيوية،‏ يُدَّعَى ان التطور جارٍ.‏ ولكنَّ الجراثيم الأشد احتمالا لا تزال الصنف نفسه،‏ ولم تتطور الى ايّ شيء آخر.‏ ويُعترَف ايضًا بأن التغيير ربما كان سببه،‏ لا الطَّفرات،‏ بل واقع كون بعض الجراثيم منيعة اولا.‏ وعندما ابادت العقاقير الأُخريات،‏ تكاثرت المنيعات وصارت سائدة.‏ وكما يقول التطور من الفضاء:‏ «ولكننا نشك في ان تشتمل هذه الحالات على ايّ شيء آخر سوى انتقاء مورِّثات سبق ان كانت موجودة.‏»‏٢٣

      ٢٢ هل واقع اثبات بعض الحشرات مناعتها ضد السموم يعني انها تتطور؟‏

      ٢٢ والعملية نفسها يمكن ان تكون ايضا الحالة مع بعض الحشرات كونها منيعة ضد السموم المستعملة لابادتها.‏ فإمَّا قتلت السموم تلك الحشرات التي استُخدمت ضدها،‏ وإمَّا كانت غير فعَّالة.‏ والحشرات التي قُتلت لم تستطع تنمية مقاومة لانها ماتت.‏ أما بقاء الحشرات الاخرى فيمكن ان يعني انها كانت منيعة في بادئ الامر.‏ ومثل هذه المناعة عامل وراثي يَظهر في بعض الحشرات ولكن ليس في غيرها.‏ وعلى ايّ حال،‏ فالحشرات بقِيَت من الجنس نفسه.‏ ولم تكن تتطور الى شيء آخر.‏

      ‏«كأجناسها»‏

      ٢٣ اي مقياس لسفر التكوين أكَّدته ايضا الطَّفرات؟‏

      ٢٣ والرسالة التي تؤكدها مرة اخرى الطَّفرات هي صيغة الاصحاح الاول من سفر التكوين‏:‏ الاشياء الحية تتكاثر «كأجناسها» فقط.‏ والسبب هو ان الشفرة الوراثية تمنع النبتة او الحيوان من الابتعاد كثيرًا عن المعدل.‏ فالتنوُّع الكبير ممكن (‏كما يُرى،‏ مثلا،‏ بين البشر،‏ القطاط،‏ او الكلاب)‏ ولكن ليس الى حدّ يتحول فيه الشيء الحي الى آخر.‏ وتُبرهِن ذلك كل تجربة أُجريَت في ميدان الطَّفرات.‏ وقد تَبرهَن ايضًا قانون النشوء الحيوي biogenesis‏،‏ وهو ان الحياة لا تأتي إلا من حياة وُجدت قبلها،‏ وأن العضوية الاب وذريتها هما من «الجنس» نفسه.‏

      ٢٤ كيف بيَّنت تجارب التوليد ان الاشياء الحية تتكاثر «كأجناسها» فقط؟‏

      ٢٤ تؤكِّد ذلك ايضًا تجارب التوليد.‏ فقد حاول العلماء الاستمرار في تغيير حيوانات ونباتات مختلفة الى ما لا نهاية بواسطة التهجين.‏ فكانوا يودّون ان يعرفوا اذا كان يمكنهم ان ينموا،‏ مع الوقت،‏ اشكالا جديدة من الحياة.‏ وبأية نتيجة؟‏ تُخبر عند الطلب:‏ «يجد المُوَلِّدون عادةً انه بعد عدة اجيال يجري الوصول الى الحدّ الاقصى الذي بعده يستحيل ايّ تحسين اضافي،‏ ولم تتشكل انواع جديدة .‏ .‏ .‏ وهكذا يبدو ان اجراءات التوليد تدحض التطور بدلا من ان تدعمه.‏»‏٢٤

      ٢٥،‏ ٢٦ ماذا تقول المطبوعات العلمية عن حدود التكاثر في الاشياء الحية؟‏

      ٢٥ ويجري ابداء الملاحظة عينها في مجلة العِلم:‏ «الانواع لديها فعلا المقدرة على اختبار تعديلات بسيطة في خصائصها الجسدية وغيرها،‏ ولكنَّ هذه محدودة وعلى المدى الابعد تنعكس في تذبذب حول [معدل] وسَطِي.‏»‏٢٥ اذًا،‏ ما تَرِثهُ الاشياء الحية ليس امكانية التغيُّر المستمر بل بالأحرى (‏١)‏ الثبات و (‏٢)‏ مجالات محدودة من التنوُّع.‏

      ٢٦ وهكذا،‏ يذكر كتاب الجُزيئات الى الخلايا الحيَّة:‏ «بعد دورات لا تُعَدّ من التناسل،‏ تحتفظ الخلايا من الجَزَر او من كبد الفأر احتفاظًا ثابتًا بالهوية النسيجية والعضوية الخاصة بكل منهما.‏»‏٢٦ ويقول التعايش في تطور الخلية:‏ «الحياة كلها .‏ .‏ .‏ تتناسل بوفاء لا يُصدَّق.‏»‏٢٧ و الاميركية العلمية تلاحظ ايضا:‏ «تتصف اشكال الاشياء الحية بتنوُّع هائل،‏ ولكنَّ الشكل في اية سلالة معيَّنة ثابت ثباتًا عجيبًا:‏ تبقى الخنازير خنازير وأشجار السِّنديان اشجار سِنديان جيلا فجيلا.‏»‏٢٨ وعلَّق كاتب علمي:‏ «شُجيرات الورد تُخرِج دائمًا وردًا،‏ ولا تُخرج ابدًا كاميليا.‏ والمعز تَلِد جداء،‏ وليس ابدًا حملانا.‏» واستنتج ان الطَّفرات «لا يمكن ان تعلِّل التطور عموما —‏ لماذا هنالك سمك،‏ زواحف،‏ طيور،‏ وثدييَّات.‏»‏٢٩

      ٢٧ ماذا اساء داروين تفسيره بخصوص الشراشير في جُزر ڠالاپاڠوس؟‏

      ٢٧ ان مسألة التنوُّع داخل الجنس توضح شيئًا اثَّر في تفكير داروين الأصلي عن التطور.‏ لقد لاحظ عندما كان في جُزر ڠالاپاڠوس نوعًا من الطيور يُدعَى الشُّرشور finch‏.‏ كانت هذه الطيور من الصنف نفسه الذي لأسلافها في قارة اميركا الجنوبية،‏ المكان الذي يظهر انها هاجرت منه.‏ ولكن كانت هنالك فوارق غريبة،‏ كما في شكل مناقيرها.‏ ففسَّر داروين ذلك انه تطور جارٍ.‏ ولكنَّ ذلك لم يكن في الواقع اكثر من مثال آخر على التنوُّع ضمن الجنس،‏ الامر الذي يسمح به التركيب الوراثي للمخلوق.‏ فالشراشير كانت لا تزال شراشير.‏ ولم تكن تتحول الى شيء آخر،‏ ولن تتحول ابدًا.‏

      ٢٨ كيف،‏ اذًا،‏ يمكن القول ان الواقع العلمي هو على انسجام تام مع قاعدة سفر التكوين،‏ «كأجناسها»؟‏

      ٢٨ وهكذا،‏ فإن ما يقوله سفر التكوين هو على انسجام تام مع الواقع العلمي.‏ فعندما تزرعون بُزورًا،‏ لا تُنتج إلا «كأجناسها،‏» ولذلك يمكنكم زرع حديقة وأنتم واثقون بإمكان الاعتماد على هذا القانون.‏ وعندما تَلِد القطاط،‏ تكون ذرِّيتها دائمًا قطاطًا.‏ وعندما يصير البشر آباء،‏ يكون اولادهم دائمًا بشرا.‏ ان هنالك تنويعًا في اللون والحجم والشكل،‏ ولكن دائمًا ضمن حدود الجنس.‏ فهل رأيتم شخصيا ذات مرة حالةً بخلاف ذلك؟‏ ولا الآخرون رأوا.‏

      ليس اساسًا للتطور

      ٢٩ ماذا قال عالِم احيائي فرنسي عن الطَّفرات؟‏

      ٢٩ ان الاستنتاج واضح.‏ لا يمكن لأيّ مقدار من التغيير الوراثي العرَضي ان يُحدِث تحوُّلا من جنس من اجناس الحياة الى آخر.‏ وكما قال مرةً العالِم الأحيائي الفرنسي جان روستان:‏ «كلا،‏ لا يمكنني حتمًا ان اجعل نفسي افكر ان هذه ‹الهفوات› الوراثية تمكنت،‏ حتى بتعاون الانتقاء الطبيعي،‏ حتى بفائدة الفترات الزمنية الهائلة التي خلالها يؤثر التطور في الحياة،‏ ان تبني كل العالم،‏ بسخائه وتحسيناته البِنْيَوية،‏ و ‹تكيُّفاته› المُذهلة.‏»‏٣٠

      ٣٠ اي تعليق ادلى به عالم بالوراثة على الطَّفرات؟‏

      ٣٠ وبشكل مماثل،‏ صرَّح عالم الوراثة س.‏ ه‍.‏ وادِنڠتون بخصوص الاعتقاد بالطَّفرات:‏ «هذه في الواقع هي النظرية انه اذا بدأتم بأربعة عشر سطرًا من نصّ انكليزي مترابط وغيَّرتم في كل مرة حرفا،‏ محتفظين فقط بما لا يزال له معنى،‏ فستنتهون اخيرًا الى قصيدة من قصائد شيكسپير ذات الـ‍ ١٤ بيتا.‏ .‏ .‏ .‏ يصدمني ذلك كصنف معتوه من المنطق،‏ وأعتقد انه يجب ان نكون قادرين على فعل ما هو احسن.‏»‏٣١

      ٣١ ماذا دعا احد العلماء الاعتقاد بأن الطَّفرات هي المواد الخام للتطور؟‏

      ٣١ ان الحقيقة هي كما صرَّح الپروفسور جون مور:‏ «بناء على الفحص والتحليل الدقيقين،‏ ان ايّ توكيد جازم .‏ .‏ .‏ ان طفرات المورِّثات هي المواد الخام لأية عملية تطورية تشمل الانتقاء الطبيعي انما هو تفوُّه بأسطورة.‏»‏٣٢

  • الطَّفرات —‏ اساس للتطور؟‏
    الحياة —‏ كيف وصلت الى هنا؟‏ بالتطوّر ام بالخلق؟‏
    • ‏[الاطار/‏​الصورة في الصفحتين ١١٢ و ١١٣]‏

      ايهما يطابق الوقائع؟‏

      بعد قراءة الفصول السابقة،‏ من اللائق ان نسأل:‏ ايهما يطابق الوقائع،‏ التطور ام الخلق؟‏ تُبيِّن الأعمدة ادناه النمَط التطوري،‏ النمَط الخَلْقي،‏ والوقائع كما تَظهر في العالم الحقيقي.‏

      تكهنات النمَط التطوري تكهنات النمَط الخَلْقي الوقائع كما تَظهر في العالم الحقيقي

      الحياة تطورت من لاحياة بواسطة الحياة لا تأتي إلا من حياة قبلها؛‏ (‏١)‏ الحياة لا تأتي إلا من حياة قبلها؛‏

      تطور كيميائي عرَضي (‏التولُّد التلقائي)‏ خلَقها اصلا خالق ذكي (‏٢)‏ يستحيل ان تتشكل شفرة وراثية معقَّدة عرَضا

      يجب ان تبيِّن الاحافير:‏ (‏١)‏ اشكال يجب ان تبيِّن الاحافير:‏ (‏١)‏ اشكالا الاحافير تبيِّن:‏ (‏١)‏ ظهورًا فجائيًّا لحياة

      الحياة البسيطة وهي تنشأ تدريجيا؛‏ معقَّدة تظهر فجأة في تنوُّع كبير؛‏ معقَّدة في تنوُّع كبير؛‏ (‏٢)‏ انفصال

      ‏(‏٢)‏ اشكالا انتقالية تربط ما بين (‏٢)‏ فجوات تفصل ما بين الأجناس كل جنس جديد عن الاجناس السابقة؛‏

      الاشكال السابقة الرئيسية؛‏ لا توجد اشكال رابطة لا توجد اشكال رابطة

      اجناس جديدة تبرز تدريجيا؛‏ بدايات لا اجناس جديدة تظهر تدريجيا؛‏ لا اجناس جديدة تظهر تدريجيا،‏ على الرغم

      لعظام وأعضاء غير مكتملة في مختلف لا عظام او اعضاء غير مكتملة،‏ بل جميع من التنوُّعات العديدة؛‏ لا عظام او اعضاء

      المراحل الانتقالية الاعضاء مكتملة الشكل غير مكتملة الشكل

      الطَّفرات:‏ النتيجة النهائية مفيدة؛‏ تُنشئ الطَّفرات ضارة بالحياة المعقَّدة؛‏ الطَّفرات الصغيرة ضارة،‏ والكبيرة مميتة؛‏

      ميزات جديدة لا تُنتج ايّ شيء جديد لا تُنتج ابدًا ايّ شيء جديد

      اصل الحضارة تدريجي،‏ ينشأ من الحضارة معاصرة للانسان؛‏ الحضارة تَظهر مع الانسان؛‏

      بدايات فظة ووحشية معقَّدة منذ البداية سُكَّان الكهوف أيًّا كانوا عاصروا الحضارة

      اللغة تطورت من اصوات حيوانية اللغة معاصرة للانسان؛‏ اللغات اللغة معاصرة للانسان؛‏ اللغات القديمة

      بسيطة الى لغات حديثة معقَّدة القديمة معقَّدة وتامة غالبا ما تكون أكثر تعقيدًا من الحديثة

      هور الانسان منذ ملايين السنين ظهور الانسان منذ حوالي ٠٠٠‏,‏٦ سنة أقدم السجلات المكتوبة يرجع تاريخها الى

      حوالي ٠٠٠‏,‏٥ سنة فقط

      ‏.‏ .‏ .‏ الاستنتاج المنطقي

      عندما نقارن ما وُجد في العالم الحقيقي بما تكهَّن به التطور،‏ وبما تكهَّن به الخَلق،‏ ألا يكون ظاهرا ايّ نمَط يطابق الوقائع وأيّ نمَط يتضارب معها؟‏ والدليل من عالم الاشياء الحية حولنا ومن سجل الاحافير للاشياء التي عاشت منذ زمن بعيد،‏ يشهد للاستنتاج نفسه:‏ الحياة خُلقت؛‏ ولم تتطور.‏

      كلا،‏ لم تبتدئ الحياة في نوع من «الحَساء» البدائي غير المعروف.‏ ولم يصل البشر الى هنا عن طريق اسلاف اشباه قِرَدة.‏ وعوضا عن ذلك،‏ خُلقت الاشياء الحية بوفرة كأصناف فصائل متميِّزة.‏ وكان يمكن لكل شيء حي ان يتكاثر بتنوُّع كبير ضمن «جنسه،‏» ولكن لم يكن ممكنا له ان يعبر الحد الذي يفصل بين مختلف الاجناس.‏ وهذا الحد،‏ كما يمكن ملاحظته بوضوح في الاشياء الحية،‏ يوجبه العُقْم.‏ والتمييز بين الاجناس تحميه الآلية الوراثية الفريدة لكل واحد.‏

      إلا ان ما يشهد لخالق هو اكثر بكثير من مجرد الوقائع المطابِقة لتكهنات النمَط الخَلقي.‏ تأملوا في التصاميم والتعقيدات المدهشة الموجودة على الارض وفي الواقع في كل الكون.‏ هذه ايضًا تشهد لوجود ذكاء اسمى.‏ وبعض هذه العجائب فقط،‏ من الكون المَهيب الى التصاميم المعقَّدة في العالم المجهري،‏ سيجري الآن تركيز انتباهنا عليها في عدد من الفصول التالية.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة