-
العلم: هل برهن ان الكتاب المقدس على خطإ؟الكتاب المقدس — كلمة اللّٰه أم الانسان؟
-
-
التطوُّر والخلق
١٥ ما هي نظرية التطوُّر، وكيف تناقض الكتاب المقدس؟
١٥ غير ان هنالك منطقة حيث يقول كثيرون ان العلم الحديث والكتاب المقدس في نزاع ميئوس منه. فمعظم العلماء يؤمنون بنظرية التطوُّر، التي تعلِّم ان كل الاشياء تطوَّرت من شكل بسيط للحياة اتى الى الوجود منذ ملايين السنين. والكتاب المقدس، من الجهة الاخرى، يعلِّم ان كل مجموعة رئيسية من الاشياء الحية خُلقت على نحو خصوصي وتتكاثر فقط ‹كجنسها.› والانسان، كما يقول، خُلق «ترابا من الارض.» (تكوين ١:٢١؛ ٢:٧) فهل هذا غلط علمي فاضح في الكتاب المقدس؟ قبل التقرير دعونا ننظر عن كثب الى ما يعرفه العلم، بالمقابلة مع ما يفترضه كنظريات.
١٦-١٨ (أ) ما هي احدى الملاحظات التي قام بها تشارلز داروين التي قادته الى الايمان بالتطوُّر؟ (ب) كيف يمكننا ان نحاجَّ ان ما لاحظه داروين في جزر ڠالاپاڠوس لا يناقض ما يقوله الكتاب المقدس؟
١٦ ان نظرية التطوُّر عَمَّمها تشارلز داروين في خلال القرن الماضي. فعندما كان في جزر ڠالاپاڠوس في الپاسيفيكي تأثَّر داروين بقوة من انواع الطيور الغِرِّيدة المختلفة في الجزر المختلفة، التي، كما استنتج، لا بدّ ان تكون قد تحدَّرت من نوع سلف واحد فقط. وجزئيا بسبب هذه الملاحظة روَّج النظرية ان كل الاشياء الحيّة تأتي من شكل اصليّ بسيط واحد. والقوة الدافعة وراء تطوُّر المخلوقات الاعلى من الادنى، كما جزم، كانت الانتقاء الطبيعي، بقاء الاصلح. وبفضل التطوُّر، كما ادَّعى، تطوَّرت حيوانات البر من السمك، الطيور من الزحَّافات، وهلمَّ جرًّا.
١٧ وفي الواقع، ان ما لاحظه داروين في تلك الجزر المنعزلة لم يكن غير منسجم مع الكتاب المقدس، الذي يسمح بالتنوُّع ضمن الجنس الحيّ الرئيسي. فجميع عروق الجنس البشري، مثلا، اتت من زوجين بشريين اصليين فقط. (تكوين ٢:٧، ٢٢-٢٤) وهكذا ليس شيئا غريبا ان تنبثق انواع الطيور الغِرِّيدة المختلفة تلك من نوع سلف مشترك. ولكنها بقيت طيورا غِرِّيدة. ولم تتطوَّر الى صقور او عِقبان.
١٨ لا انواع الطيور الغِرِّيدة المختلفة ولا ايّ شيء آخر رآه داروين برهن ان كل الاشياء الحيّة، سواء كانت أقراشا او نوارس البحر، فيلة او دود الارض، لها سلف مشترك. ومع ذلك يجزم علماء كثيرون ان التطوُّر لم يعد مجرد نظرية فحسب وإنَّما هو واقع. والآخرون، فيما يدركون مشاكل النظرية، يقولون انهم يؤمنون بها على اية حال. فمن الرائج فعل ذلك. ولكن يلزم ان نعرف ما اذا كان التطوُّر قد تبرهن الى حدّ يجب معه ان يكون الكتاب المقدس على خطإ.
هل هو مبرهَن؟
١٩ هل يدعم سجل الاحافير التطوُّر أم الخلق؟
١٩ وكيف يمكن امتحان نظرية التطوُّر؟ الطريقة البديهيّة اكثر هي فحص سجل الاحافير لرؤية ما اذا كان تغيُّر تدريجي من جنس الى آخر قد حدث حقا. فهل حدث؟ كلا، كما يُقِرّ باستقامة عدد من العلماء. يكتب احدهم، فرنسيس هِتْشِنْڠ: «عندما تبحثون عن وُصَلٍ بين المجموعات الرئيسية للحيوانات فإنها ببساطة ليست موجودة.»٧ وبديهيّ للغاية هو هذا النقص في الدليل في سجل الاحافير بحيث ان علماء التطوُّر اتوا ببدائل لنظرية داروين للتغيُّر التدريجي. إلاَّ ان الحقيقة هي ان الظهور الفجائي لأجناس الحيوان في سجل الاحافير يدعم الخلق الخصوصي اكثر بكثير ممَّا يدعم التطوُّر.
٢٠ لماذا لا تسمح الطريقة التي تتكاثر بها الخلايا الحية للتطوُّر بأن يحصل؟
٢٠ وفضلا عن ذلك، يُظهر هِتْشِنْڠ ان المخلوقات الحية مبرمجة لتنسخ نفسها تماما لا لتتطوَّر الى شيء آخر. يقول: «ان الخلايا الحية تتناسخ بمطابَقة للأصل شبه كليَّة. ودرجة الغلط في غاية الصغر بحيث لا تستطيع اية آلة من صنع الانسان ان تناهزها. وهنالك ايضا قيود مبيَّتة. فالنباتات تبلغ حجما معيَّنا وترفض ان تنمو اكبر من ذلك. وذباب الفاكهة يرفض ان يصير ايّ شيء سوى ذباب الفاكهة في اية ظروف ابتُكِرَت حتى الآن.»٨ والطفرات mutations التي استحثَّها العلماء في ذباب الفاكهة على مرّ عقود عديدة فشلت في إجباره على التطوُّر الى شيء آخر.
أصل الحياة
٢١ اي استنتاج برهنه لويس پاستور يطرح مشكلة هامَّة على علماء التطوُّر؟
٢١ والسؤال الشائك الآخر الذي فشل علماء التطوُّر في الاجابة عنه هو: ماذا كان اصل الحياة؟ كيف اتى الشكل البسيط الاول للحياة — الذي منه يُفترَض اننا جميعا قد تحدَّرنا — الى الوجود؟ منذ قرون لم يكن ذلك ليظهر مشكلة. فمعظم الناس آنذاك ظنّوا ان الذباب يمكن ان يتطوَّر من اللحم الفاسد وأن كومة من الخِرَق العتيقة يمكن تلقائيا ان تنتج فئرانا. ولكن، منذ اكثر من مئة سنة، اثبت بوضوح الكيميائي الفرنسي لويس پاستور ان الحياة يمكن ان تأتي فقط من حياة موجودة من قبل.
٢٢ و ٢٣ وفقا لعلماء التطوُّر، كيف ابتدأت الحياة، ولكن ماذا تُظهر الوقائع؟
٢٢ فكيف يشرح علماء التطوُّر مصدر الحياة؟ وفقا للنظرية الاكثر شيوعا، إن اتحادا صُدْفَةً للمواد الكيميائية والطاقة احدث توليدا تلقائيا للحياة منذ ملايين السنين. وماذا عن المبدإ الذي برهنه پاستور؟ تشرح دائرة معارف الكتاب العالمي: «اظهر پاستور ان الحياة لا يمكن ان تنشأ تلقائيا في الاحوال الكيميائية والفيزيائية الموجودة على الارض اليوم. أمَّا منذ بلايين السنين فإن الاحوال الكيميائية والفيزيائية على الارض كانت مختلفة جدا»!٩
٢٣ ولكن، حتى في الاحوال المختلفة جدا، هنالك فجوة هائلة بين المادة الجامدة والشيء الحي الابسط. وميخائيل دِنتون، في كتابه التطوُّر: نظرية في ازمة، يقول: «بين الخلية الحية والجهاز اللاأحيائي المنظَّم على المستوى الاعلى، كالبلّورة او نُدْفة الثلج، هنالك هُوَّة فسيحة ومطلقة بمقدار ما يمكن تصوُّره.»١٠ والفكرة القائلة ان المادة الجامدة امكن ان تصير حية بصدفة عرضية ما بعيدةٌ كل البعد بحيث تكون مستحيلة. وشَرْح الكتاب المقدس، ان ‹الحياة اتت من الحياة› بمعنى ان الحياة خلقها اللّٰه، هو على نحو مقنع منسجم مع الوقائع.
لِمَ لا الخلق
٢٤ بالرغم من مشاكل النظرية، لماذا لا يزال معظم العلماء يتشبَّثون بنظرية التطوُّر؟
٢٤ على الرغم من المشاكل الملازمة في نظرية التطوُّر فإن الاعتقاد بالخلق يُنظَر إليه اليوم كغير علمي، وحتى شاذّ. فلماذا ذلك؟ ولماذا حتى شخصٌ ثقةٌ مثل فرنسيس هِتْشِنْڠ، الذي يبيِّن باستقامة مواطن الضعف التي للتطوُّر، يرفض فكرة الخلق؟١١ يشرح ميخائيل دِنتون ان التطوُّر، بكل نقائصه، سيستمر تعليمه لأن النظريات المتعلِّقة بالخلق «تستند مجاهَرةً الى مسبِّبات فوق الطبيعة.»١٢ وبكلمات اخرى، إن واقع أن الخلق يقتضي خالقا يجعله غير مقبول. وبالتأكيد، هذا هو نوع التفكير المنطقي عينُه، الذي يَستعمِل في البرهان استنتاجا غير مبرهَن، الذي لاقيناه في قضية العجائب: ان العجائب مستحيلة لأنها عجائبية!
٢٥ اي موطن ضعف للتطوُّر، من الوجهة العلمية، يُظهر انه ليس بديلا يقوم على الواقع للخلق في شرح اصل الحياة؟
٢٥ وإلى جانب ذلك، ان نظرية التطوُّر نفسها مشتبَه فيها بعمق من وجهة النظر العلمية. وميخائيل دِنتون يمضي قائلا: «لكونها من حيث الاساس نظرية اعادة بناء تاريخي تكون [نظرية التطوُّر الداروينية] مستحيلة الإثبات بالتجربة او الملاحظة المباشرة كما هو عادي في العلم. . . . وفضلا عن ذلك، تتعامل نظرية التطوُّر مع سلسلة حوادث فريدة، اصل الحياة، اصل الذكاء وهلمَّ جرًّا. والحوادث الفريدة لا تتكرَّر ولا يمكن اخضاعها لأيّ نوع من التحقيق الاختباري.»١٣ والحقيقة هي ان نظرية التطوُّر، على الرغم من شعبيَّتها، مليئة بالفجوات والمشاكل. ولا تعطي ايّ سبب وجيه لرفض رواية الكتاب المقدس عن اصل الحياة. والاصحاح الاول للتكوين يزوِّد رواية معقولة تماما تُظهر كيف جرت هذه «الحوادث الفريدة» التي «لا تتكرَّر» في خلال ‹الايام› الخلقية التي امتدت عبر آلاف السنين من الزمن.a
-
-
العلم: هل برهن ان الكتاب المقدس على خطإ؟الكتاب المقدس — كلمة اللّٰه أم الانسان؟
-
-
[الاطار في الصفحة ١٠٧]
«على صورة اللّٰه»
يشير البعض الى التشابهات الجسدية بين الانسان وبعض الحيوانات ليبرهنوا علاقتهم. إلاَّ ان عليهم ان يوافقوا ان مقدرات الانسان العقلية تفوق الى حد بعيد تلك التي لأيّ حيوان. فلماذا يملك الانسان القدرة على صنع الخطط وتنظيم العالم حوله، المقدرة على المحبة، ذكاء عاليا، ضميرا، ومفهوما للماضي، الحاضر، والمستقبل؟ ان التطور لا يستطيع الاجابة عن ذلك. ولكنّ الكتاب المقدس يستطيع اذ يقول: «خلق اللّٰه الانسان على صورته. على صورة اللّٰه خلقه.» (تكوين ١:٢٧) وبقدر ما يتعلق الامر بقدرات الانسان وطاقته العقلية والادبية، انه انعكاس لأبيه السماوي.
-