-
ذبائح رضي عنها اللّٰهبرج المراقبة ٢٠٠٠ | ١٥ آب (اغسطس)
-
-
ذبائح رضي عنها اللّٰه
«كل رئيس كهنة يُعيَّن ليقدِّم قرابين وذبائح». — عبرانيين ٨:٣.
١ لماذا يشعر الناس بحاجة الى الالتفات الى اللّٰه؟
كتب العالم بتاريخ الكتاب المقدس ألْفرد ادرْشايْم: «ان تقديم الذبائح بالنسبة الى الانسان هو ‹حاجة فطرية› تماما كالصلاة؛ فالاولى تدل على شعوره حيال نفسه، أما الاخرى فتدل على شعوره حيال اللّٰه». فمنذ دخلت الخطية العالم، جلبت معها مرارة مشاعر الذنب والابتعاد عن اللّٰه والعجز. لذلك صار من اللازم ازالة هذه المشاعر. فمن المفهوم لماذا يشعر الناس بحاجة الى الالتفات الى اللّٰه من اجل المساعدة عندما يكونون في وضع حرج كهذا. — روما ٥:١٢.
٢ ايّة تقدمات باكرة للّٰه مذكورة في الكتاب المقدس؟
٢ ان اول تقدمات للّٰه ذُكرَت في الكتاب المقدس هي التي قدَّمها قايين وهابيل. نقرأ: «حدث من بعد ايام ان قايين قدَّم من اثمار الارض قربانا للرب. وقدَّم هابيل ايضا من ابكار غنمه ومن سمانها». (تكوين ٤:٣، ٤) ثم نجد ان نوحا، الذي حفظه اللّٰه من الطوفان العظيم الذي اهلك الجيل الشرير في ايامه، اندفع الى تقديم «محرقات على المذبح» ليهوه. (تكوين ٨:٢٠) وفي عدة مناسبات، فإن وعود اللّٰه وبركاته دفعت ابراهيم، خادم اللّٰه الامين وصديقه، الى ‹بناء مذبح والدعاء باسم الرب›. (تكوين ١٢:٨؛ ١٣:٣، ٤، ١٨) ولاحقا، واجه ابراهيم اعظم امتحان لإيمانه عندما امره يهوه بتقديم ابنه اسحاق محرقة. (تكوين ٢٢:١-١٤) ورغم ان هذه الروايات مختصرة، فإنها تلقي ضوءا على موضوع الذبائح كما سنرى.
٣ ايّ دور تلعبه الذبائح في العبادة؟
٣ يتَّضح من روايات الكتاب المقدس هذه وغيرها ان تقديم نوع ما من الذبائح كان جزءا اساسيا من العبادة قبلما اعطى يهوه شرائع محدَّدة تتعلق بها بوقت طويل. وانسجاما مع ذلك، يعرِّف احد المراجع كلمة «ذبيحة» انها «طقس ديني يُقدَّم فيه شيء ما لإله من اجل إقامة علاقة جيدة به، او المحافظة عليها، او استعادتها». لكنَّ ذلك ينشئ اسئلة مهمة اخرى جديرة بأن نتأمل فيها، مثل: لماذا الذبائح لازمة في العبادة؟ ايّ نوع من الذبائح مقبول عند اللّٰه؟ وأيّ مغزى تحمله الذبائح القديمة لنا اليوم؟
لماذا الذبائح لازمة؟
٤ ماذا كانت عاقبة خطية آدم وحواء؟
٤ ارتكب آدم خطيته عن قصد. فأخْذه وأكْله من ثمر شجرة معرفة الخير والشر كانا عصيانا عمديا. وعقوبة هذا العصيان كانت الموت، كما كان اللّٰه قد اوضح: «يوم تأكل منها موتا تموت». (تكوين ٢:١٧) وقد دفع آدم وحواء لاحقا اجرة الخطية: الموت. — تكوين ٣:١٩؛ ٥:٣-٥.
٥ لماذا اخذ يهوه المبادرة لمصلحة ذرية آدم، وماذا فعل من اجلهم؟
٥ ولكن ماذا عن ذرية آدم؟ بما انهم ورثوا الخطية والنقص من آدم، فهم معرَّضون الآن للابتعاد عن اللّٰه واليأس والموت كالزوجين البشريين الاولين. (روما ٥:١٤) لكنَّ يهوه هو اله محبة في المرتبة الاولى، وليس فقط اله عدل وقدرة. (١ يوحنا ٤:٨، ١٦) لذلك يأخذ المبادرة ليرأب هذا الصدع. فبعد ان يذكر الكتاب المقدس ان «اجرة الخطية هي موت»، يتابع قائلا: «أما عطية اللّٰه فهي حياة ابدية بالمسيح يسوع ربنا». — روما ٦:٢٣.
٦ ما هي مشيئة يهوه بشأن الضرر الناتج عن خطية آدم؟
٦ ولاحقا، ليصون يهوه اللّٰه هذه العطية، زوَّد شيئا يمكن ان يغطي الخسارة الناتجة عن تعدي آدم. بالعبرانية، كانت الكلمة كَفَر في البداية تعني على الارجح «غطّى» او ربما «ازال» وتُترجَم ايضا «التكفير».a وبكلمات اخرى، زوَّد يهوه وسيلة مناسبة لتغطية الخطية الموروثة من آدم وإزالة الضرر الناتج لكي يتحرر المؤهلون لنيل هذه العطية من إدانة الخطية والموت. — روما ٨:٢١.
٧ (أ) ايّ رجاء زوَّده حكم اللّٰه على الشيطان؟ (ب) ايّ ثمن يجب دفعه من اجل تحرير الجنس البشري من الخطية والموت؟
٧ جرى التلميح الى رجاء التحرر من عبودية الخطية والموت مباشرة بعدما اخطأ الزوجان البشريان الاولان. قال يهوه عندما اعلن حكمه على الشيطان، الذي كان ممثَّلا بالحية: «اضع عداوة بينكِ وبين المرأة وبين نسلكِ ونسلها. هو يسحق رأسكِ وأنتِ تسحقين عقِبه». (تكوين ٣:١٥) وبهذه النبوة، لاح بصيص امل لكل الذين سيؤمنون بهذا الوعد. ولكن هنالك ثمن يجب دفعه من اجل التحرير. فالنسل لن يأتي ببساطة ويهلك الشيطان؛ فكان يجب ان يُسحق عقِبه، اي انه كان يجب ان يموت ولكن لفترة محدودة.
٨ (أ) كيف تبيّن ان قايين لم يبلغ ما كان متوقعا منه؟ (ب) لماذا كانت ذبيحة هابيل مقبولة في نظر اللّٰه؟
٨ لا شك ان آدم وحواء فكَّرا مليًّا في هوية النسل الموعود به. فعندما ولدت حواء ابنها البكر قايين، اعلنت: «اقتنيت رجلا من عند الرب». (تكوين ٤:١) فهل فكرت ربما بأن ابنها سيكون النسل؟ سواء فكَّرت بذلك ام لا، فقايين لم يبلغ ما كان متوقعا منه، وكذلك تقدمته. أما اخوه هابيل فقد آمن بوعد اللّٰه واندفع الى تقديم بعض ابكار غنمه كذبيحة ليهوه. نقرأ: «بالايمان قدَّم هابيل للّٰه ذبيحة اعظم قيمة من قايين، وبالايمان شُهد له بأنه بار». — عبرانيين ١١:٤.
٩ (أ) بماذا آمن هابيل، وكيف عبَّر عن ذلك؟ (ب) ماذا انجزت تقدمة هابيل؟
٩ لم يكن ايمان هابيل مجرد اقتناع بأن اللّٰه موجود، فلا بدّ ان قايين كان مقتنعا بذلك ايضا. لكنَّ هابيل آمن بوعد اللّٰه بنسل سيجلب الخلاص للبشر الامناء. ورغم انه لم يُكشَف له كيف سيُنجَز ذلك، جعله وعد اللّٰه يدرك انه لا بد من سحق عقِب شخص ما. نعم، من الواضح انه استنتج انه لا بد ان يُسفك دم، وهذا هو مفهوم الذبيحة. فقدَّم هابيل عطية تشمل الحياة والدم الى مصدر الحياة، على الارجح كعربون لتوقه الشديد ولتوقعه تحقيق وعد يهوه. وهذا التعبير عن الايمان هو ما جعل يهوه يرضى عن تقدمة هابيل. وما فعله اظهر الى حد ما المعنى الحقيقي للذبيحة التي هي وسيلة يمكن ان يقترب بواسطتها البشر الخطاة الى اللّٰه لنيل رضاه. — تكوين ٤:٤؛ عبرانيين ١١:١، ٦.
١٠ كيف جرى ايضاح مغزى الذبائح عندما طلب يهوه من ابراهيم ان يقدِّم اسحاق؟
١٠ جرى ايضاح مغزى الذبيحة عندما امر يهوه ابراهيم ان يقدِّم ابنه اسحاق محرقة. ورغم ان هذه الذبيحة لم تقدَّم فعليا، فقد كانت رمزا الى ما سيفعله يهوه لاحقا: تقديم ابنه، مولوده الوحيد، كأعظم ذبيحة على الاطلاق من اجل إنجاز مشيئته للبشر. (يوحنا ٣:١٦) وبذبائح وتقدمات الشريعة الموسوية، وضع يهوه نماذج نبوية ليعلِّم شعبه المختار ماذا يجب ان يفعلوا لينالوا الغفران لخطاياهم وليرسِّخوا رجاءهم بالخلاص. فماذا يمكن ان نتعلم من هذه الذبائح؟
الذبائح المقبولة عند يهوه
١١ ايّ فئتين من التقدمات كان رئيس الكهنة يقدِّمهما في اسرائيل، ولأيّ قصد؟
١١ يقول الرسول بولس: «كل رئيس كهنة يعيَّن ليقدِّم قرابين وذبائح». (عبرانيين ٨:٣) لاحظوا ان بولس يقسم التقدمات التي كان يقدِّمها رئيس الكهنة في اسرائيل القديمة الى فئتين: ‹القرابين› و ‹الذبائح›، او ‹الذبائح عن الخطايا›. (عبرانيين ٥:١) يقدِّم الناس الهدايا عامة للتعبير عن العاطفة والتقدير، وكذلك لتنمية الصداقة ولنيل الرضى او القبول. (تكوين ٣٢:٢٠؛ امثال ١٨:١٦) لذلك يمكن اعتبار القرابين التي تأمر بها الشريعة انها هدايا مقدَّمة للّٰه لنيل قبوله ورضاه.b والتعديات على الشريعة تطلبت التعويض، لذلك كانت تُقدَّم ‹الذبائح عن الخطايا›. ويزوِّد الپانتاتيُك، وخصوصا اسفار الخروج واللاويين والعدد، الكثير من المعلومات التي تتعلق بمختلف انواع الذبائح والتقدمات. وفي حين انه من الصعب جدا استيعاب وتذكر كل التفاصيل، تستحق بعض النقاط الرئيسية المتعلقة بمختلف انواع الذبائح انتباهنا.
١٢ اين يمكن ان نجد في الكتاب المقدس وصفا عاما للذبائح، او التقدمات، في الشريعة؟
١٢ قد نلاحظ انه في اللاويين الاصحاحات ١ الى ٧، توصف خمسة انواع رئيسية من التقدمات: المحرقة، تقدمة الحبوب، ذبيحة السلامة، ذبيحة الخطية، وذبيحة الاثم؛ وتُذكر كل منها على حدة رغم ان البعض منها كان يُقدَّم معا. ونلاحظ ايضا ان هذه التقدمات توصف مرتين في هذه الاصحاحات وذلك لهدفين. المرة الاولى هي في اللاويين ١:٢ الى ٦:٧، حيث يُذكَر بالتفصيل ما يجب تقديمه على المذبح. والمرة الثانية في اللاويين ٦:٨ الى ٧:٣٦، حيث يجري إظهار الحصص المخصَّصة للكهنة والحصص المخصَّصة للذي يقدِّم الذبيحة. ثم في العدد الاصحاحين ٢٨ و ٢٩، نجد ما يمكن ان يُعتبَر جدولا مفصَّلا، يذكر ماذا يجب تقديمه يوميا، اسبوعيا، شهريا، وفي الاعياد السنوية.
١٣ صِفوا التقدمات التي كانت تُقدَّم طوعا كقرابين للّٰه.
١٣ كانت المحرقات، تقدمات الحبوب، وذبائح السلامة بين التقدمات المقدمة طوعا الى اللّٰه كقرابين او كوسيلة للاقتراب اليه لنيل رضاه. ويعتقد بعض العلماء ان التعبير العبراني المنقول الى «محرقة» يعني «تقدمة صعود» او «تقدمة صاعدة». وهذا ملائم، لأنه في المحرقة، كان الحيوان المذبوح يُحرَق على المذبح وكانت رائحة ذكية، او رائحة سرور، تصعد الى اللّٰه في السماء. وكان الوجه المميَّز للمحرقة انه بعد رش الدم حول المذبح، كان الحيوان يُقدَّم كله الى اللّٰه. وكان الكهنة يوقدون «الجميع على المذبح محرقة وقود رائحة سرور للرب». — لاويين ١:٣، ٤، ٩؛ تكوين ٨:٢١.
١٤ كيف كانت تقدمة الحبوب تُقدَّم؟
١٤ توصف تقدمة الحبوب في اللاويين الاصحاح ٢. فكانت تقدمة طوعية تتألف من دقيق، يوضع معه عادة الزيت، ويُضاف اليه اللُّبان. «يقبض منها [الكاهن] ملء قبضته من دقيقها وزيتها مع كل لُبانها ويوقد الكاهن تذكارها على المذبح وقود رائحة سرور للرب». (لاويين ٢:٢) كان اللُّبان احد مكوِّنات البخور المقدس الذي كان يُحرَق على مذبح البخور في المسكن والهيكل. (خروج ٣٠:٣٤-٣٦) ومن الواضح ان هذا ما كان يفكر فيه الملك داود عندما قال: «لتستقم صلاتي كالبخور قدامك ليكن رفع يديَّ كذبيحة مسائية [«كتقدمة الحبوب المسائية»، عج]». — مزمور ١٤١:٢.
١٥ ماذا كان القصد من ذبيحة السلامة؟
١٥ والتقدمة الطوعية الاخرى كانت «ذبيحة السلامة [«الشركة»، عج]»، الموصوفة في اللاويين الاصحاح ٣. فبالعبرانية، تشير الكلمة «سلامة» الى اكثر من مجرد غياب الحرب او الاضطرابات. يقول كتاب دروس في الانظمة الموسوية (بالانكليزية): «هذا ما تشير اليه في الكتاب المقدس، وتشير ايضا الى حالة السلام او العلاقة السلمية باللّٰه، الازدهار، الابتهاج، والسعادة». وهكذا، فإن ذبيحة السلامة لم تكن تقدَّم لضمان السلام مع اللّٰه، كأنما لإرضائه، بل للتعبير عن الشكر او للاحتفال بحالة السلام مع اللّٰه التي يتمتع بها الذين ينالون رضاه. فالكهنة والذي يقدِّم الذبيحة كانوا يتقاسمون الذبيحة بعد تقديم الدم والشحم ليهوه. (لاويين ٣:١٧؛ ٧:١٦-٢١؛ ١٩:٥-٨) فبطريقة رمزية كان مقدِّم الذبيحة والكهنة ويهوه اللّٰه يتشاركون في الوجبة، مما يشير الى العلاقة السلمية بينهم.
١٦ (أ) ماذا كان القصد من ذبيحة الخطية وذبيحة الاثم؟ (ب) كيف اختلف هذان النوعان من الذبائح عن المحرقة؟
١٦ كانت ذبيحة الخطية وذبيحة الاثم الذبيحتين المقدَّمتين لطلب غفران الخطية او للتكفير عن التعديات على الشريعة. ورغم ان هذين النوعين من الذبائح شملا ايضا الحرق على المذبح، فهما يختلفان عن المحرقات. فالحيوان لم يكن يقدَّم للّٰه كله، بل اجزاء معيَّنة منه والشحم فقط. أما الباقي فكان يجري التخلص منه خارج المحلة او يأخذه الكهنة احيانا. وهذا الفرق مهم. فالمحرقة كانت تُقدَّم كقربان للّٰه لتتيح الاقتراب اليه. لذلك كانت تُقدَّم بكاملها للّٰه وحده. ومن المثير للاهتمام ان المحرقة كانت تسبقها عادة ذبيحة خطية، او ذبيحة اثم، مما يدل ان غفران الخطية لازم ليكون قربان الخاطئ مقبولا عند اللّٰه. — لاويين ٨:١٤، ١٨؛ ٩:٢، ٣؛ ١٦:٣، ٥.
١٧، ١٨ لماذا جرى تزويد ذبيحة الخطية، وأيّ قصد خدمته ذبائح الاثم؟
١٧ كانت ذبيحة الخطية تُقبَل فقط عن الخطية المرتكبة سهوا ضد الشريعة، الخطية الناتجة عن الضعفات الجسدية. «اذا اخطأت نفس سهوا في شيء من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عملها»، فعلى الخاطئ ان يقدِّم ذبيحة خطية حسب مركزه. (لاويين ٤:٢، ٣، ٢٢، ٢٧) أما الخطاة غير التائبين فكانوا يُقطَعون؛ ولم يكن من الممكن تقديم ذبائح عنهم. — خروج ٢١:١٢-١٥؛ لاويين ١٧:١٠؛ ٢٠:٢، ٦، ١٠؛ عدد ١٥:٣٠؛ عبرانيين ٢:٢.
١٨ يجري ايضاح مغزى وهدف ذبيحة الاثم في اللاويين الاصحاحين ٥ و ٦. فقد يخطئ الشخص سهوا، لكنَّ خطيته قد تشمل تعدي حقوق رفيقه الانسان او يهوه اللّٰه ويجب التعويض او تصحيح الخطإ. وتُذكر عدة انواع من الخطايا. فالبعض هو خطايا شخصية (٥:٢-٦)، البعض خطايا في «اقداس الرب» (٥:١٤-١٦)، والبعض خطايا ناتجة عن الرغبات الخاطئة او الضعفات الجسدية ولكنها ليست سهوا بمعنى مطلق. (٦:١-٣) وبالاضافة الى الاعتراف بخطايا كهذه، طُلب من المذنب التعويض حيث يلزم ثم تقديم ذبيحة اثم ليهوه. — لاويين ٦:٤-٧.
شيء افضل سيأتي
١٩ لماذا لم تنل اسرائيل رضى اللّٰه، رغم حيازتها الشريعة والذبائح؟
١٩ أُعطيت الشريعة الموسوية، بذبائحها وتقدماتها العديدة، للاسرائيليين لتمكِّنهم من الاقتراب الى اللّٰه لنيل واستعادة رضاه وبركته حتى يأتي النسل الموعود به. وقد عبَّر الرسول بولس، وهو يهودي طبيعي، عن هذه الفكرة كما يلي: «الشريعة صارت لنا مربيًا يقودنا الى المسيح، لكي نتبرر بالايمان». (غلاطية ٣:٢٤) ومن المؤسف ان اسرائيل كأمة لم تتجاوب مع هذه التربية بل اساءت استعمال هذا الامتياز. فصارت كثرة ذبائحهم كريهة في نظر يهوه الذي قال: «اتَّخَمتُ من محرقات كباش وشحم مسمَّنات. وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسَرّ». — اشعياء ١:١١.
٢٠ ماذا حدث سنة ٧٠ بم للشريعة وذبائحها؟
٢٠ سنة ٧٠ بم، انتهى نظام الاشياء اليهودي مع هيكله وكهنوته. بعدئذ، لم تعد الذبائح التي نصت عليها الشريعة ممكنة. فهل يعني ذلك ان الذبائح، التي هي جزء لا يتجزأ من الشريعة، لم تعد تحمل مغزى لعبّاد اللّٰه اليوم؟ هذا ما سنعالجه في المقالة التالية.
[الحاشيتان]
a يوضح كتاب بصيرة في الاسفار المقدسة (بالانكليزية)، اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك: «تحمل كلمة ‹التكفير›، كما هي مستعملة في الكتاب المقدس، الفكرة الاساسية لـ ‹التغطية› او ‹الاستبدال›، والشيء الذي يُقدَّم كبديل، او ك ‹تغطية›، لشيء آخر يجب ان يكون نسخة طبق الاصل له. . . . للتكفير بشكل ملائم عمّا خسره آدم، كان يجب تزويد ذبيحة خطية لها القيمة نفسها التي لحياة بشرية كاملة».
b ان الكلمة العبرانية المترجمة تكرارا «تقدمة» هي قُربان. وقد اوضح مرقس ان «قربان» تعني «عطية مكرسة للّٰه» في معرض كلامه عن ادانة يسوع لممارسة لاأخلاقية كان يقوم بها الكتبة والفريسيون. — مرقس ٧:١١.
-
-
ذبائح التسبيح التي ترضي يهوهبرج المراقبة ٢٠٠٠ | ١٥ آب (اغسطس)
-
-
ذبائح التسبيح التي ترضي يهوه
«قرِّبوا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مقبولة عند اللّٰه». — روما ١٢:١.
١ ماذا يقول الكتاب المقدس عن القيمة النسبية للذبائح تحت الشريعة الموسوية؟
«حيث ان للشريعة ظل الخيرات الآتية، لا جوهر الاشياء عينه، لا يقدر الناس البتة بالذبائح نفسها التي يقدمونها بلا انقطاع سنة بعد سنة ان يجعلوا الذين يقتربون كاملين». (عبرانيين ١٠:١) يؤكد الرسول بولس هنا وبجملة واضحة واحدة ان كل الذبائح المقدَّمة تحت الشريعة الموسوية لم تكن لها قيمة دائمة في ما يتعلق بخلاص الانسان. — كولوسي ٢:١٦، ١٧.
٢ لماذا محاولة فهم المعلومات المفصَّلة في الكتاب المقدس عن التقدمات والذبائح في الشريعة ليست هباء؟
٢ فهل يعني هذا ان لا قيمة لمعلومات الپانتاتيُك عن التقدمات والذبائح للمسيحيين اليوم؟ على مدى ما يزيد على السنة، قرأ مؤخرا المنخرطون في مدرسة الخدمة الثيوقراطية في جماعات شهود يهوه حول العالم الاسفار الخمسة الاولى من الكتاب المقدس. وقد بذل البعض جهدهم لقراءة وفهم كل التفاصيل. فهل ذهبت جهودهم هباء؟ طبعا لا، لأن «كل ما كُتب من قبل كُتب لإرشادنا، حتى باحتمالنا وبالتعزية من الاسفار المقدسة يكون لنا رجاء». (روما ١٥:٤) اذًا ينشأ السؤال: ايّ «ارشاد» و«تعزية» يمكن ان نستمدهما من هذه المعلومات الموجودة في الشريعة عن التقدمات والذبائح؟
لإرشادنا وتعزيتنا
٣ اية حاجة اساسية لدينا؟
٣ رغم انه ليس مطلوبا منا تقديم ذبائح حرفية كما نصّت عليها الشريعة، فنحن لا نزال بحاجة ماسة الى ما انجزته الذبائح الى حد ما للاسرائيليين: غفران خطايانا والتمتع برضى اللّٰه. ولكن بما اننا لم نعد نقدِّم ذبائح حرفية، فكيف يمكننا جني هذه الفوائد؟ قال بولس بعد الاشارة الى الفوائد المحدودة للذبائح الحيوانية: «عندما يدخل [يسوع] الى العالم يقول: ‹«ذبيحة وتقدمة لم ترد، ولكنك هيأت لي جسدا. لم ترضَ بمحرقات وذبيحة خطية». ثم قلت: «ها أنا آت (في درج الكتاب مكتوب عني) لأفعل مشيئتك، يا اللّٰه»›». — عبرانيين ١٠:٥-٧.
٤ كيف يطبِّق بولس المزمور ٤٠:٦-٨ على يسوع المسيح؟
٤ اقتبس بولس من المزمور ٤٠:٦-٨، وأشار الى ان يسوع لم يأتِ لتكون ‹الذبيحة والتقدمة›، ‹المحرقات وذبائح الخطية›، ابدية. فبحلول وقت كتابة بولس، لم يعد اللّٰه يرضى عنها كلها. بالاحرى، فإن يسوع اتى بجسد هيأه ابوه السماوي، جسد يماثل من جميع النواحي الجسد الذي هيأه اللّٰه عندما خلق آدم. (تكوين ٢:٧؛ لوقا ١:٣٥؛ ١ كورنثوس ١٥:٢٢، ٤٥) وكان يسوع ابن اللّٰه الكامل و «نسل» المرأة، كما هو منبأ به في التكوين ٣:١٥. وكان سيتَّخذ الخطوات ‹لسحق رأس الشيطان›، رغم انه كان ‹سيُسحق عقبه›. وهكذا، صار يسوع الوسيلة التي زوَّدها يهوه لخلاص الجنس البشري، الامر الذي تاق اليه رجال الايمان منذ ايام هابيل.
٥، ٦ اية طريقة اسمى للاقتراب الى اللّٰه متاحة للمسيحيين؟
٥ يقول بولس وهو يتحدث عن هذا الدور الخصوصي الذي لعبه يسوع: «ذاك الذي لم يعرف خطية، جعله [اللّٰه] خطية من اجلنا، لنصير نحن برّ اللّٰه بواسطته». (٢ كورنثوس ٥:٢١) ان العبارة «جعله خطية» يمكن ترجمتها ايضا «جعله ذبيحة خطية». يقول الرسول يوحنا: «هو ذبيحة استرضاء تكفيرية عن خطايانا، وليس عن خطايانا فقط، بل عن خطايا العالم كله ايضا». (١ يوحنا ٢:٢) لذلك، في حين انه كانت للاسرائيليين وسيلة اقتراب وقتية الى اللّٰه بواسطة ذبائحهم، يملك المسيحيون اساسا اسمى للمجيء الى اللّٰه: ذبيحة يسوع المسيح. (يوحنا ١٤:٦؛ ١ بطرس ٣:١٨) فإذا مارسنا الايمان بذبيحة يسوع الفدائية التي زوَّدها اللّٰه وأطعناه، يمكننا نحن ايضا نيل غفران لخطايانا والتمتع برضى اللّٰه وبركته. (يوحنا ٣:١٧، ١٨) أفلا يعزينا ذلك؟ ولكن كيف يمكن ان نبرهن اننا نؤمن بالذبيحة الفدائية؟
٦ بعدما اوضح الرسول بولس ان للمسيحيين اساسا اسمى للاقتراب الى اللّٰه، يذكر، كما نقرأ في العبرانيين ١٠:٢٢-٢٥، ثلاث طرائق لنبرهن اننا نؤمن بتدبير اللّٰه الحبي ونقدِّره. ورغم ان حضّ بولس كان موجَّها بشكل رئيسي الى الذين لهم «طريق الدخول الى الموضع المقدس»، اي المسيحيين الممسوحين الذين لديهم دعوة سماوية، فلا شك ان كل البشر يلزم ان يصغوا الى كلمات بولس الموحى بها اذا ارادوا الاستفادة من ذبيحة الاسترضاء التكفيرية التي قدَّمها يسوع. — عبرانيين ١٠:١٩.
قدِّموا ذبائح طاهرة غير مدنَّسة
٧ (أ) كيف تعكس العبرانيين ١٠:٢٢ ما كان يجري عند تقديم الذبيحة؟ (ب) ماذا كان يجب فعله للتأكد ان الذبيحة مقبولة عند اللّٰه؟
٧ اولا يحثّ بولس المسيحيين: «لنقترب بقلوب صادقة في تمام يقين الايمان، وقلوبنا مرشوشة من ضمير شرير وأجسادنا مغسولة بماء طاهر». (عبرانيين ١٠:٢٢) ان الاسلوب المستخدَم هنا يعكس بوضوح ما كان يجري عند تقديم ذبيحة نموذجية تحت الشريعة. وهذا ملائم لأنه كان يجب ان تكون الذبيحة طاهرة غير مدنَّسة ومقدَّمة بدافع صائب لكي تكون مقبولة. والحيوان المقدَّم ذبيحة كان من البقر او الغنم، اي من الحيوانات الطاهرة، وكان «صحيحا» دون عيب. وإذا كانت الذبيحة من الطيور، وجب ان تكون من الترغل او افراخ اليمام. وإذا توفرت هذه الشروط، كان «يُرضى عليه للتكفير عنه». (لاويين ١:٢-٤، ١٠، ١٤، عج؛ ٢٢:١٩-٢٥) وتقدمة الحبوب لم تكن لتشمل الخمير الذي يرمز الى الفساد، ولا العسل الذي كان على الارجح عصير الفاكهة، وهو عامل مساعد على التخمر. وعندما كانت الذبائح الحيوانية او تقدمات الحبوب تُقدَّم على المذبح، كان يُضاف اليها الملح الذي هو مادة حافظة. — لاويين ٢:١١-١٣.
٨ (أ) ماذا كان مطلوبا من مقدِّم التقدمة؟ (ب) كيف يمكن ان نتأكد ان عبادتنا مقبولة عند يهوه؟
٨ وماذا عن مقدِّم الذبيحة؟ نصّت الشريعة ان يكون كل مَن يأتي امام يهوه طاهرا غير مدنَّس. وكلّ من تنجس لأيّ سبب، كان عليه اولا ان يقدِّم ذبيحة خطية او ذبيحة اثم لاستعادة موقفه الطاهر امام يهوه لكي تكون المحرقة او ذبيحة السلامة التي يقدِّمها مقبولة عند اللّٰه. (لاويين ٥:١-٦، ١٥، ١٧) فهل نقدِّر اهمية المحافظة دائما على موقف طاهر امام يهوه؟ اذا اردنا ان تكون عبادتنا مقبولة عند اللّٰه، يجب ان نصحِّح بسرعة اية تعديات على شرائع اللّٰه. ويجب ان نستعمل بسرعة وسيلة اللّٰه للمساعدة: «شيوخ الجماعة» و ‹ذبيحة الاسترضاء التكفيرية عن خطايانا›، يسوع المسيح. — يعقوب ٥:١٤؛ ١ يوحنا ٢:١، ٢.
٩ ما هو الفرق الرئيسي بين الذبائح المقدَّمة ليهوه وتلك المقدَّمة للآلهة الباطلة؟
٩ كان التشديد على عدم النجاسة من ايّ نوع في الواقع الفرق الرئيسي بين الذبائح المقدَّمة ليهوه وتلك التي قدَّمتها الامم المحيطة بإسرائيل للآلهة الباطلة. قال احد المراجع في التعليق على هذا الوجه المميِّز للذبائح في الشريعة الموسوية: «قد نلاحظ انه لا وجود للعرافة او الكهانة، الاهتياج الديني الجنوني، تشويه الذات او البغاء المقدس. وكانت شعائر الخصب الشهوانية التي ترافقها العربدة ممنوعة كليًّا؛ ولا وجود للذبائح البشرية ولا الذبائح المقدَّمة للاموات». كل ذلك يلفت الانتباه الى واقع واحد: ان يهوه قدوس، ولا يجيز او يوافق على الخطية او الفساد من ايّ نوع كان. (حبقوق ١:١٣) ووجب ان تكون العبادة والذبائح المقدَّمة له طاهرة غير مدنَّسة جسديا وأدبيا وروحيا. — لاويين ١٩:٢؛ ١ بطرس ١:١٤-١٦.
١٠ ايّ فحص ذاتي ينبغي ان نقوم به انسجاما مع حض بولس المسجل في روما ١٢:١، ٢؟
١٠ نظرا الى ذلك، يجب ان نفحص انفسنا في كل مجالات الحياة لنتأكد ان خدمتنا ليهوه مقبولة عنده. ولا ينبغي ان نفكر ابدا انه لا يهم ما نفعل في حياتنا الشخصية ما دمنا نشترك الى حدّ ما في الاجتماعات والخدمة المسيحية. ولا ينبغي ان نشعر ايضا ان الاشتراك في النشاطات المسيحية يعفينا بطريقة ما من إطاعة شرائع اللّٰه في مجالات اخرى من حياتنا. (روما ٢:٢١، ٢٢) فلا يمكننا ان نتوقع نيل بركة اللّٰه ورضاه اذا سمحنا لأيّ شيء نجس او مدنَّس في نظره بأن يلوِّث تفكيرنا وتصرفاتنا. تذكروا كلمات بولس: «اناشدكم، ايها الاخوة، برأفات اللّٰه ان تقرِّبوا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مقبولة عند اللّٰه، خدمة مقدسة بقوتكم العقلية. وكفوا عن مشاكلة نظام الاشياء هذا، بل غيِّروا شكلكم بتغيير ذهنكم، لتتبيَّنوا بالاختبار ما هي مشيئة اللّٰه الصالحة المقبولة الكاملة». — روما ١٢:١، ٢.
قدِّموا ذبائح تسبيح من كل قلبكم
١١ ماذا تشمل عبارة ‹الاعلان جهرا› المذكورة في العبرانيين ١٠:٢٣؟
١١ ثم يلفت بولس الانتباه، وهو يكتب الى العبرانيين، الى وجه مهم من العبادة الحقة: «لنتمسك بإعلان رجائنا جهرا من دون تقلب، لأن الذي وعد امين». (عبرانيين ١٠:٢٣) ان عبارة ‹الاعلان جهرا› تعني حرفيا «الاعتراف»، ويتكلم بولس ايضا عن «ذبيحة تسبيح». (عبرانيين ١٣:١٥) وهذا ما يذكِّرنا بنوع الذبيحة التي قدَّمها رجال مثل هابيل ونوح وإبراهيم.
١٢، ١٣ بماذا كان الاسرائيلي يعترف عند تقديم المحرقة، وماذا يمكن ان نفعل لنعكس الروح نفسها؟
١٢ كان الاسرائيلي يقدِّم المحرقة «عن اختيار امام يهوه». (لاويين ١:٣، عج) وبهذه الذبيحة، كان يصنع طوعا اعلانا جهريا، او اعترافا، بأن يهوه يغدق بركاته ولطفه الحبي على شعبه. تذكروا ان الوجه المميَّز للمحرقة هو ان التقدمة كلها كانت تلتهمها النار على المذبح — رمز ملائم الى التخصيص الكامل ليهوه. وعلى نحو مماثل، نبرهن عن ايماننا بالذبيحة الفدائية وعن شكرنا على هذا التدبير عندما نقدِّم ليهوه طوعا ومن كل قلبنا «ذبيحة تسبيح . . . اي ثمر شفاه».
١٣ في حين ان المسيحيين لا يقدِّمون ذبائح حرفية، سواء أكانت حيوانية ام نباتية، فلديهم مسؤولية الشهادة ببشارة الملكوت وجلب تلاميذ ليسوع المسيح. (متى ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩، ٢٠) فهل تنتهزون الفرص للاشتراك في اعلان بشارة ملكوت اللّٰه جهرا لكي يعرف اشخاص اكثر الامور الرائعة التي يخبئها اللّٰه للبشر الطائعين؟ هل تصرفون وقتكم وتبذلون جهدكم طوعا في تعليم المهتمين ومساعدتهم على الصيرورة تلاميذ ليسوع المسيح؟ ان اشتراكنا بغيرة في الخدمة يسرّ اللّٰه، تماما كرائحة السرور للمحرقة. — ١ كورنثوس ١٥:٥٨.
ابتهجوا برفقة اللّٰه والناس
١٤ كيف تناظر كلمات بولس في العبرانيين ١٠:٢٤، ٢٥ فكرة ذبيحة السلامة؟
١٤ وأخيرا، يلفت بولس الانتباه الى علاقتنا بالرفقاء المسيحيين فيما نعبد اللّٰه. «لنراعِ بعضنا بعضا للتحريض على المحبة والأعمال الحسنة، غير متخلين عن اجتماعنا، كما هو من عادة البعض، بل مشجعين بعضنا بعضا، وبالأكثر على قدر ما ترون اليوم يقترب». (عبرانيين ١٠:٢٤، ٢٥) ان عبارات «للتحريض على المحبة والاعمال الحسنة»، «اجتماعنا»، و «مشجعين بعضنا بعضا» تذكِّرنا كلها بما كانت تنجزه ذبيحة السلامة (الشركة) في اسرائيل لشعب اللّٰه.
١٥ ايّ تناظر هنالك بين ذبيحة السلامة والاجتماعات المسيحية؟
١٥ ان الكلمة العبرانية المترجمة «سلامة» تُستعمل هنا بصيغة الجمع، مما قد يشير الى ان الاشتراك في هذه الذبائح ينتج السلام مع اللّٰه والسلام مع الرفقاء العبّاد. يعلِّق احد العلماء على هذه الذبيحة: «لا شك انها كانت مناسبة للرفقة السارة مع اله العهد، التي كان خلالها يتنازل ليحل ضيفا على الاسرائيليين ليشاركهم في الذبيحة، هو الذي لطالما كان مضيفهم». وهذا ما يذكِّرنا بوعد يسوع: «حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة باسمي، فهناك اكون في وسطهم». (متى ١٨:٢٠) فكل مرة نحضر اجتماعا مسيحيا، نستفيد من المشاركة البنّاءة، من الارشاد المشجِّع، ومن فكرة وجود الرب يسوع المسيح معنا. وهذا ما يجعل الاجتماع المسيحي مناسبة مفرحة ومقوية للايمان.
١٦ ماذا يجعل الاجتماعات المسيحية مفرحة جدا كذبيحة السلامة قديما؟
١٦ في ذبيحة السلامة، كان كل الشحم — الذي حول الاحشاء والكليتين وزيادة الكبد والخاصرتين بالاضافة الى ألية الخروف — يُقدَّم ليهوه بالحرق، اذ يوقد على المذبح. (لاويين ٣:٣-١٦) كان الشحم يُعتبر اغنى وأفضل جزء من الحيوان. وتقديمه على المذبح يرمز الى اعطاء افضل ما لدى الشخص ليهوه. فما يجعل الاجتماعات المسيحية مفرحة خصوصا هو تقديم التسبيح ليهوه وليس فقط نيل الارشاد. وهذا ممكن اذا بذلنا جهودنا المتواضعة انما الدؤوبة في الاشتراك في الترنيم من كل القلب، الاصغاء بانتباه، والتعليق حيثما امكن. هتف صاحب المزمور: «هللويا. غنوا للرب ترنيمة جديدة تسبيحته في جماعة الاتقياء». — مزمور ١٤٩:١.
وفرة من البركات من يهوه في انتظارنا
١٧، ١٨ (أ) اية ذبائح عظيمة قدَّمها سليمان عند تدشين الهيكل في اورشليم؟ (ب) اية بركات نالها الشعب من جراء الاحتفال بتدشين الهيكل؟
١٧ عند تدشين الهيكل في اورشليم في الشهر السابع من سنة ١٠٢٦ قم، قدَّم الملك سليمان «ذبائح [«عظيمة»، عج] امام الرب»، تتألف من «المحرقات والتقدمات [«وتقدمات الحبوب»، عج] وشحم ذبائح السلامة». وبالاضافة الى تقدمات الحبوب، قُدِّم آنذاك ما مجموعه ٠٠٠,٢٢ من البقر و ٠٠٠,١٢٠ من الغنم كذبيحة. — ١ ملوك ٨:٦٢-٦٥.
١٨ فهل يمكنكم ان تتخيلوا مقدار العمل والنفقات التي تطلبها هذا الاحتفال الضخم؟ لكن من الواضح ان البركات التي نالها الاسرائيليون فاقت كثيرا الكلفة. فعندما انتهى الاحتفال، «صرف [سليمان] الشعب فباركوا الملك وذهبوا الى خيمهم فرحين وطيِّبي القلوب لأجل كل الخير الذي عمل الرب لداود عبده ولإسرائيل شعبه». (١ ملوك ٨:٦٦) حقا، كما عبَّر سليمان عن ذلك: «بركة الرب هي تُغْني ولا يزيد معها تعبا». — امثال ١٠:٢٢.
١٩ ماذا يمكن ان نفعل لنيل بركات عظيمة من يهوه الآن وإلى الابد؟
١٩ في ايامنا، حلّ «جوهر الاشياء عينه» محل «ظل الخيرات الآتية». (عبرانيين ١٠:١) فيسوع المسيح، في دور رئيس الكهنة العظيم المرموز اليه، سبق فدخل السماء عينها وقدَّم قيمة دمه للتكفير عن كل الذين يمارسون الايمان بذبيحته. (عبرانيين ٩:١٠، ١١، ٢٤-٢٦) وعلى اساس هذه الذبيحة العظيمة وبتقديم ذبائح تسبيحنا الطاهرة غير المدنَّسة للّٰه من كل القلب، يمكننا نحن ايضا ان نكون «فرحين وطيِّبي القلوب» وأن نتطلع الى البركات الوافرة من يهوه. — ملاخي ٣:١٠.
-