مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • هل كانت له بداية فعلا؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٩ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • هل كانت له بداية فعلا؟‏

      على مرِّ العصور،‏ حدَّق كثيرون في سماء الليل المتألقة المرصَّعة بالنجوم وتعجَّبوا.‏ فرحابة كوننا العجيب وجماله المهيب يخلبان العقول.‏ فمَن او ماذا يعلّل كل ذلك؟‏ لماذا وُجد الكون؟‏ وهل هو ازلي،‏ أم كانت له بداية؟‏

      كتب دايڤيد ل.‏ بلوك،‏ پروفسور في علم الفلك:‏ «ان الفكرة القائلة ان الكون ليس ازليا —‏ ان له بداية —‏ لم تلاقِ الاستحسان دائما».‏ لكنَّ ادلةً ظهرت في العقود الاخيرة اجبرت معظم الذين يقومون بدراسة الكون على الاعتقاد انه كانت له بداية فعلا.‏ «فكل علماء الفيزياء الفلكية تقريبا يستنتجون اليوم»،‏ كما تخبر اخبار الولايات المتحدة والتقرير العالمي (‏بالانكليزية)‏،‏ ان «الكون بدأ بانفجار عظيم قذف المادة في كل الاتجاهات».‏

      وعن هذا الاستنتاج المتعارف عليه عموما،‏ كتب روبرت جاسترو،‏ پروفسور في علم الفلك والجيولوجيا في جامعة كولومبيا:‏ «قليلون هم الفلكيون الذين توقَّعوا ان يصير هذا الحدث —‏ اي الولادة المفاجئة للكون —‏ حقيقة علمية مثبَتة،‏ لكنَّ رصد السموات بواسطة المقاريب اجبرهم على استنتاج ذلك».‏

      فهل هذه «الولادة المفاجئة للكون» هي فعلا «حقيقة علمية مثبَتة»؟‏ دعونا نتأمل في الادلة التاريخية التي ادت الى استخلاص هذه الفكرة.‏

      ادلة على وجود بداية

      ان نظرية النسبية العامة التي وضعها ألبرت آينشتاين،‏ والتي نُشرت سنة ١٩١٦،‏ دلَّت ضمنا على ان الكون إما يتمدَّد او يتقلص.‏ لكنَّ الفكرة كانت مناقضة تماما للرأي المتعارَف عليه آنذاك الذي يقول ان الكون ساكن static،‏ الامر الذي كان آينشتاين ايضا يؤمن به آنذاك.‏ لذلك ادخل في حساباته ما دعاه «الثابت الكوني cosmological constant».‏ وقد اجرى هذا التعديل لأنه كان يحاول ان يجعل نظريته تنسجم مع الاعتقاد السائد ان الكون ساكن ولا يتغيَّر.‏

      لكنَّ الادلة التي تراكمت في عشرينات القرن الـ‍ ٢٠ جعلت آينشتاين يقول عن هذا التعديل،‏ الذي اضطر الى القيام به في نظرية النسبية،‏ انه ‹اكبر هفوة› له.‏ فبفضل إنشاء المقراب (‏التلسكوپ)‏ الضخم على جبل ويلسون في كاليفورنيا،‏ والذي بلغ قطر مرآته ٢٥٤ سنتيمترا (‏١٠٠ انش)‏،‏ صار الحصول على الادلة ممكنا.‏ فالارصاد التي سُجِّلت باستعمال هذا المقراب خلال العشرينات اثبتت ان الكون يتمدَّد!‏

      قبل ذلك الوقت،‏ كانت اكبر المقاريب قادرة فقط على تحديد النجوم الواقعة ضمن مجرتنا درب التبَّانة.‏ صحيح ان الراصدين لاحظوا وجود بقع ضوئية ضبابية تُعرف باسم السُّدُم nebulas،‏ ولكن كان يُعتقد عموما انها دوَّامات من مادة غازيّة موجودة ضمن مجرتنا.‏ انما باستعمال مقراب جبل ويلسون الاقوى،‏ وجد ادوين هابل نجوما داخل هذه السُّدُم.‏ وفي النهاية حُدِّدت هوية هذه البقع الضوئية الضبابية على انها مجرات كمجرتنا درب التبَّانة.‏ واليوم،‏ يُقدَّر انه يوجد من ٥٠ بليون الى ١٢٥ بليون مجرة،‏ وتضمّ كل واحدة منها نجوما يصل عددها الى مئات البلايين.‏

      في اواخر العشرينات،‏ اكتشف هابل ايضا ان هذه المجرات تبتعد عنا،‏ وأنه كلما كانت المسافة اكبر زادت سرعة ابتعادها.‏ ويحدِّد الفلكيون معدل سرعة ابتعاد المجرة باستخدام راسم الطيف spectrograph الذي يقيس طيف الضوء الآتي من الاجرام النجمية.‏ ويُمرَّر الضوء الآتي من النجوم البعيدة في موشور prism،‏ فيتقزَّح الضوء متحوِّلا الى الالوان المختلفة التي يتكوَّن منها.‏

      عندما يتحرَّك جسم ما مبتعدا عن الناظر،‏ يصير الضوء الآتي منه مائلا الى الاحمر،‏ وتدعى هذه الحالة الانزياح الاحمر redshift.‏ أما الانزياح الازرق blueshift فيحدث في حالة الضوء الآتي من جسم يقترب.‏ ومن الملاحظ ان جميع المجرات المعروفة،‏ باستثناء بعض المجرات القريبة،‏ لها خطوط طيفية تدل على انزياح احمر.‏ وهكذا يعرف العلماء ان الكون يتمدَّد بطريقة منظمة.‏ ويُحدَّد معدل سرعة التمدُّد بقياس درجة انزياح خطوط الطيف نحو الاحمر.‏

      وأيّ استنتاج جرى التوصُّل اليه نتيجة المعرفة ان الكون يتمدَّد؟‏ دعا احد العلماء الناس الى تخيُّل هذه العملية بطريقة مقلوبة.‏ وبكلمات اخرى،‏ دعاهم الى التخيُّل انهم يشاهدون فيلما عن تمدُّد الكون يُعرض باتجاه معكوس حتى يرى المشاهد التاريخ الباكر للكون.‏ وبهذه الطريقة لا يُرى الكون وهو يتمدَّد بل وهو يتقلص.‏ وبذلك يعود الكون في آخر الامر الى اصله على شكل نقطة واحدة.‏

      في كتاب الثقوب السوداء والأكوان الناشئة وبحوث اخرى (‏بالانكليزية)‏،‏ الصادر سنة ١٩٩٣،‏ استنتج الفيزيائي الشهير ستيڤن هوكِنڠ انه «يمكن للعلم ان يقول:‏ لا بد ان الكون كانت له بداية».‏

      ولكن قبل سنوات قليلة،‏ لم يعتقد كثيرون ان الكون كانت له بداية.‏ وكان فرِد هُويْل عالما شهيرا عارض هذا المفهوم لظهور الكون الذي دعاه بازدراء ‹انفجارا عظيما›.‏ ومن الامور التي جادل فيها انه لو كانت للكون فعلا بداية دينامية كهذه،‏ لَبقي من هذه الحادثة اثر محفوظ في مكان ما من الكون.‏ فينبغي ان يكون هنالك اشعاع احفوري،‏ اذا جاز التعبير،‏ او وهج ضعيف متخلِّف يسبح في الفضاء.‏ فماذا كشف البحث عن هذا الاشعاع المسمى «إشعاع الخلفية background radiation»؟‏

      ذكرت ذا نيويورك تايمز (‏بالانكليزية)‏،‏ عدد ٨ آذار (‏مارس)‏ ١٩٩٨،‏ انه نحو سنة ١٩٦٥ «اكتشف الفلكيان آرنو پنْزِياس وروبرت ويلسون اشعاع الخلفية المنتشر في كل مكان،‏ وهو الوميض المتبقي من الانفجار البدائي».‏ وأضافت المقالة:‏ «بدا ان نظرية [الانفجار العظيم] قد أُثبتت».‏

      ولكن خلال السنوات التي تلت اكتشاف پنْزِياس وويلسون،‏ اثار البعض هذا السؤال:‏ اذا كانت نظرية الانفجار العظيم صحيحة فعلا،‏ فلمَ لم تُرصَد تفاوتات طفيفة في الاشارات الملتقطة لهذا الاشعاع؟‏ فلكي تتشكل المجرات،‏ لزم ان توجد في الكون مناطق اكثر برودة وكثافة حيث يمكن للمادة ان تلتحم.‏ لكنَّ الاختبارات التي اجراها پنْزِياس وويلسون من على سطح الارض لم تكشف عن تفاوتات كهذه.‏

      لذلك اطلقت وكالة الطيران والفضاء الاميركية في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٨٩ القمر الاصطناعي «مستكشف الخلفية الكونية» (‏كوبي COBE)‏ الى الفضاء الخارجي.‏ ووُصفت اكتشافاته بأنها مذهلة.‏ اوضح الپروفسور بلوك:‏ «ان التموُّجات،‏ التي سجَّلها جهاز على متن كوبي يقيس الفروق في الموجات الصُّغرية،‏ كانت مطابقة للتغيُّرات التي تركت اثرها في كوننا والتي ادت قبل بلايين السنين الى تشكّل المجرات».‏

      ما تعنيه هذه الادلة ضمنيا

      ماذا يمكن ان نستنتج من الواقع ان للكون بداية؟‏ قال روبرت جاسترو:‏ «يمكنكم ان تدعوا ذلك ‹الانفجار العظيم›،‏ ولكن يمكنكم ايضا ان تدعوه بشكل دقيق ‹لحظة الخلق›».‏ وذكر پنْزِياس،‏ الذي اشترك في اكتشاف اشعاع الخلفية في الكون:‏ «يقودنا علم الفلك الى حدث فريد،‏ الى كون خُلق من لا شيء».‏ ولاحظ جورج سموت،‏ رئيس فريق كوبي:‏ «ما وجدناه ليس الا دليلا على ولادة الكون».‏

      وهل من المنطقي الاستنتاج انه اذا كانت هنالك بداية،‏ او خلق،‏ للكون،‏ فهذا يعني انه يوجد مبدئ او خالق له؟‏ هذا ما يعتقده كثيرون.‏ فقد ذكر سموت بشأن اكتشافات كوبي:‏ «يشبه الامر النظر الى اللّٰه».‏

      وطبعا،‏ حتى دون ان تتوفَّر الادلة العلمية التي ظهرت في العقود الاخيرة،‏ آمن كثيرون بالكلمات الافتتاحية للكتاب المقدس:‏ «في البدء خلق اللّٰه السموات والارض».‏ —‏ تكوين ١:‏١‏.‏

      ولكن لا يريد الجميع الاعتراف بهذه الجملة البسيطة الواردة في الكتاب المقدس.‏ ذكر الفيزيائي ستيڤن هوكِنڠ:‏ «لم ترق علماء كثيرين الفكرة القائلة ان للكون بداية،‏ او لحظة خلق».‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ «لم تعجبهم المعاني الضمنية الخارجة عن النطاق العلمي لهذه النظرية»،‏ كما كتب مايكل ج.‏ بيهي،‏ «فحاولوا جاهدين تطوير بدائل».‏

      لذلك ينشأ السؤالان:‏ هل وُجد الكون تلقائيا؟‏ وهل حدث الامر بالصدفة،‏ أم ان خالقا ذكيا خلقه؟‏ ستوضح لكم الادلة التالية الكثير.‏

  • هل وُجد الكون بالصدفة،‏ أم انه خُلق؟‏
    استيقظ!‏ ١٩٩٩ | حزيران (‏يونيو)‏ ٢٢
    • هل وُجد الكون بالصدفة،‏ أم انه خُلق؟‏

      ينزعج علماء كثيرون من الفكرة القائلة ان خالقا ذكيا خلق الكون.‏ لذلك يفترضون ان الكون اوجد نفسه بنفسه بطريقة ما.‏ ولكن لم يتمكن احد من ان يشرح كيف امكن حدوث ذلك.‏

      والامر في الواقع يشبه ما ذكرته مجلة ساينتفيك امريكان (‏بالانكليزية)‏ في عدد كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٩:‏ «ان نظرية الانفجار العظيم لا تصف ولادة الكون».‏ وأضافت المجلة:‏ «ثمة حاجة الى نظرية اخرى تصف الازمنة الابكر ايضا لتفسير النشأة الاصلية للكون».‏

      ولكن هل يبدو منطقيا لكم ان الكون اوجد نفسه بنفسه بطريقة ما؟‏ ذكر الفيزيائي تشارلز تاونز:‏ «صحيح ان الفيزيائيين يأملون ان ينظروا الى ما وراء ‹الانفجار العظيم›،‏ وربما ان يفسِّروا اصل كوننا على انه،‏ مثلا،‏ تغيُّر من نوع ما.‏ ولكن حتى في هذه الحالة يبقى السؤال:‏ ما الذي حصل له تغيُّر،‏ وكيف كانت بدايته؟‏ يبدو،‏ في رأيي،‏ ان مسألة اصل [الكون] ستبقى دائما دون حل اذا بقي استكشافنا مركزا على الناحية العلمية فقط».‏

      من المسلَّم به اليوم ان الكون لم يكن موجودا في وقت من الاوقات،‏ وأنه اتى الى الوجود بطريقة ما.‏ فإذا رجعنا الى المعلومات المتوفرة عن القوانين العاملة في الكون،‏ فهل يساعدنا ذلك ان نفهم كيف ظهر؟‏

      ‏«وجهان لنفس الحالة»‏

      هذا ما قيل عن الطاقة والمادة.‏ وقد ذكرت مجلة ساينتفيك امريكان:‏ «المادة هي ببساطة احد اشكال الطاقة».‏ وهذه العلاقة بين المادة والطاقة عُبِّر عنها في الصيغة الشهيرة التي وضعها آينشتاين:‏ طا=ك‌سر٢ 2E=mc (‏الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربَّع سرعة الضوء)‏.‏ تُظهر هذه المعادلة ان قليلا من الكتلة،‏ او المادة،‏ يولِّد طاقة هائلة.‏ «انها تفسِّر»،‏ كما ذكر الپروفسور الجامعي تِموثي فرِس،‏ «لماذا بإمكان قنبلة في حجم برتقالة ان تدمِّر مدينة».‏

      ومن جهة اخرى،‏ بحسب نظرية آينشتاين،‏ يمكن ايضا ان تتحوَّل الطاقة الى مادة.‏ وهكذا،‏ عند تشكّل الكون،‏ ربما حدث ما دعاه احد علماء الكون «التحوُّل الاكثر مهابة للمادة والطاقة الذي كان لنا امتياز لمحه».‏

      ولكن من اين اتت المادة والطاقة اللازمتان ليحدث هذا «التحوُّل»؟‏ لا يملك العلم جوابا شافيا.‏ ومن المثير للاهتمام ان الكتاب المقدس يقول عن اللّٰه:‏ ‏«لكثرة القوة [‏‏«الطاقة الدينامية»،‏ ع‌ج‏] وكونه شديد القدرة لا يُفقد احد [من الاجرام السماوية]».‏ (‏اشعياء ٤٠:‏٢٦‏؛‏ إمالة الحروف لنا)‏ ومهما تكن الوسيلة التي استخدمها اللّٰه لخلق الكون،‏ فهو يملك دون شك الطاقة والقدرة اللازمتين لذلك.‏

      وهل تزوِّد الادلة العلمية اساسا للاعتقاد ان ذكاءً اسمى خلق كوننا؟‏ يمكن ان نحصل على الجواب عندما نلقي نظرة على الطريقة التي بدأ بها الكون.‏

      بداية منظمة

      فكّروا في هذا:‏ ان التحويل غير المضبوط للمادة الى طاقة الذي يحصل عند انفجار قنبلة نووية يسبِّب الفوضى،‏ كما يُرى من الدمار الشامل في اليابان الذي احدثته قنبلتان من هذا النوع في هيروشيما وجزء كبير من ناڠازاكي سنة ١٩٤٥.‏ لكنَّ الكون لا تعمُّه الفوضى البتة،‏ بل هو مثال التناسق والجمال!‏ تأملوا ايضا في هذه الارض الرائعة وتنوُّع الحياة المذهل عليها.‏ فلا يعقل ان تكون قد وُجدت بمعزل عن توجيه او تنظيم ذكي.‏

      قامت مجلة نيوزويك (‏بالانكليزية)‏،‏ عدد ٩ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٩٨،‏ باستعراض ما تعنيه ضمنيا الاكتشافات المتعلقة بنشأة الكون.‏ وقالت ان الوقائع «اشارت الى ان المادة والحركة نشأتا الى حد بعيد كما يشير التكوين [في الكتاب المقدس] من العدم،‏ في انفجار ضخم للضوء والطاقة».‏ لاحظوا الاسباب التي قدَّمتها نيوزويك لإجرائها المقارنة بين بداية الكون ووصف الكتاب المقدس لهذا الحدث.‏

      ‏«ان القوى التي أُطلقت كانت —‏ ولا تزال —‏ متوازنة بشكل لافت للنظر (‏بشكل عجائبي؟‏)‏:‏ فلو كان الانفجار العظيم اقل شدة بقليل،‏ لَتمدَّد الكون بسرعة اقل،‏ ولَانقبض عاجلا (‏بعد ملايين قليلة من السنين،‏ او بعد دقائق قليلة —‏ إنما عاجلا بأية حال)‏ على نفسه من جديد.‏ ولو كان الانفجار اكثر شدة بقليل،‏ لَتبدَّد الكون على الارجح في شكل حساء رقيق جدا بحيث يتعذَّر على النجوم ان تتكتَّل.‏ واحتمالات حدوث ذلك —‏ مما يعني انه لن نكون قد أتينا الى الوجود —‏ هي فعلا كبيرة جدا جدا.‏ فلا بد ان نسبة المادة والطاقة الى حجم الفضاء عند الانفجار العظيم لم تتعدَّ النسبة المثالية بأكثر من واحد الى كوَدريليون من الـ‍ ١ في المئة تقريبا».‏

      واقترحت نيوزويك انه كان هنالك،‏ اذا جاز التعبير،‏ «عامل ضابط» للكون بشكل دقيق.‏ ولاحظت:‏ «اذا حذفتم درجة واحدة فقط (‏انظروا ما ذُكر اعلاه عن مجال الخطإ البالغ واحد الى كوَدريليون من الـ‍ ١ في المئة)‏،‏ .‏ .‏ .‏ نتج عن ذلك ليس فقط الفوضى بل ايضا القصور [انتروپيا] والجليد الابديان.‏ اذًا،‏ ما —‏ او مَن —‏ هو هذا العامل العظيم الذي ضبط الامور بدقة؟‏».‏

      اعترف عالم الفيزياء الفلكية آلن لايتمان بأن العلماء «يتعجبون من ان الكون نشأ بهذا التنظيم الفائق».‏ وأضاف ان «اية نظرية ناجحة في علم الكونيات ينبغي ان توضح هذه المشكلة المتعلقة بالقصور» —‏ لماذا لم تعمّ الكون الفوضى.‏

      لماذا لا يريدون ان يصدِّقوا؟‏

      هل توافقون على ان هذا «التنظيم الفائق» يدل على وجود منظِّم؟‏ معظم الناس يوافقون.‏ ولكن ليس الامر كذلك مع الذين يصرِّحون بإلحادهم.‏ ولماذا؟‏ بسبب الدِّين!‏ فكما كتب الپروفسور فرِس،‏ «لا يمكننا ان ننكر ان الالحاد دِين كغيره من الاديان».‏ وادّعى انه من الافضل «ان نترك اللّٰه خارج موضوع علم الكونيات».‏

      وهذا ما يفعله كثيرون —‏ ولكن بصعوبة.‏ مثلا،‏ بعد ان لاحظ الپروفسور في علم الفلك جورج ڠرينستاين انه توجد امور كثيرة يمكن ان تُعتبر دليلا على التصميم في الكون،‏ كتب:‏ «صرت مقتنعا بأن ‹مصادفات› كهذه لا يعقل ان تكون قد حدثت بالصدفة».‏ لكنه يؤكد:‏ «اللّٰه ليس بتفسير».‏ وهكذا يضحّي بعض العلماء بالتحليل السليم ليتمسكوا بمعتقداتهم التقليدية الدينية الموضوعة في اطار علمي.‏

      لكنَّ «دِين» الفيزيائي الشهير فرِد هُويْل عاد وتزعزع خلال حياته.‏ فقد اعترف في الثمانينات:‏ «ان تفسيرا منطقيا للوقائع يشير الى ان ذكاءً خارقا تدخَّل في الفيزياء،‏ وأيضا في الكيمياء وعلم الأحياء،‏ ويشير الى انه لا توجد قوى عمياء تستحق ان تُنسب اليها الامور في الطبيعة.‏ فالارقام التي يصل اليها المرء من هذه الوقائع تبدو لي ضخمة جدا بحيث يكاد لا يمكن التغاضي عن هذا الاستنتاج».‏

      ومن المثير للاهتمام انه عندما كان عصر البحث العلمي بمعناه الحديث يبزغ،‏ توصل السير اسحاق نيوتن الى استنتاج مماثل.‏ وقد دفعته اكتشافاته الى ان يكتب:‏ «هذا النظام الرائع للشمس،‏ الكواكب،‏ والمذنَّبات لا يمكن ان يكون قد نشأ إلا بتوجيه وسيطرة كائن ذكي وقوي».‏

      تأملوا في احدى نتائج اكتشافات نيوتن ويوهانس كپلر في ما يتعلق بقوانين الحركة.‏

      ما يجعل الرحلات الفضائية ممكنة

      وصف كپلر قوانين حركة الكواكب في اوائل القرن الـ‍ ١٧،‏ وقد ذكرت دائرة معارف الكتاب العالمي (‏بالانكليزية)‏ ان هذه القوانين «تُستخدم لتحديد مدارات الاقمار الاصطناعية وللتخطيط لرحلات المركبات الفضائية».‏ وفي سنة ١٦٨٧،‏ نشر نيوتن قوانين الحركة المشهورة التي وضعها،‏ وقد قالت دائرة المعارف نفسها ان هذه القوانين «كقوانين كپلر،‏ تشكّل اساس التخطيط للرحلات الفضائية».‏ فلماذا؟‏

      لأنه باستخدام هذه القوانين،‏ بإمكان البشر ان يحدِّدوا بحسابات رياضية اين سيكون جسم ما في الفضاء في وقت معيَّن.‏ وما يجعل هذه الحسابات ممكنة هو ان الاجرام السماوية،‏ بما فيها الارض والقمر،‏ تتبع حركة ثابتة بحيث يمكن دائما معرفة اين ستكون.‏ مثلا،‏ يدور القمر في مداره حول الارض بمعدل سرعة يبلغ ٧٠٠‏,٣ كيلومتر (‏٣٠٠‏,٢ ميل)‏ في الساعة،‏ مكملا دورته في اقل من شهر بقليل بحيث يمكن معرفة اين سيكون.‏ وتقوم الارض بدورتها السنوية حول الشمس بسرعة ٢٠٠‏,١٠٧ كيلومتر (‏٦٠٠‏,٦٦ ميل)‏ في الساعة تقريبا،‏ ومن الممكن معرفة اين ستكون هي ايضا.‏

      وهكذا،‏ عند القيام برحلات فضائية الى القمر،‏ يوجِّه البشر على الارض مركباتهم الفضائية الى موقع في الفضاء يسبق القمر في مداره بآ‌لاف الكيلومترات.‏ فمن خلال حسابات مختلفة يعرفون مسبقا اين سيكون القمر بالتحديد في وقت معيَّن.‏ وإذا وُجِّهت المركبة الفضائية كما يجب وبالقوة المناسبة،‏ تصل هي ايضا الى ذلك الموقع.‏ وهذا ما يجعل الهبوط على سطح القمر ممكنا.‏

      وماذا يجعل الانسان قادرا على معرفة اين ستكون الاجرام السماوية في حركتها؟‏ ذكر جون ڠلين،‏ اول رائد فضاء اميركي يدور حول الارض،‏ بشأن الترتيب في الكون:‏ «هل يمكن ان يكون ذلك مجرد حادثة؟‏ .‏ .‏ .‏ لا يمكنني ان اصدِّق ذلك».‏ ثم اضاف:‏ «هذه كلها وضعتها قوة ما في المدار وهي تبقيها هناك».‏

      وكان عالم الفضاء ڤيرنهر ڤون براون متعجِّبا من القوانين التي تتحكم في الكون.‏ فاندفع الى القول:‏ «ان الرحلات الفضائية المأهولة .‏ .‏ .‏ لم تفتح لنا حتى الآن سوى باب صغير للتأمل في رحاب الفضاء.‏ وتطلُّعنا من ثقب الباب هذا الى اسرار الكون الشاسعة لا يعمل إلا على تأكيد ايماننا بخالقه».‏

      وكان ذلك ايضا رأي الفيزيائي الشهير پ.‏ أ.‏ م.‏ ديراك،‏ الذي كان پروفسورا في الرياضيات في جامعة كَيمبريدج.‏ فقد قال:‏ «ربما استطاع المرء ان يصف الحالة بالقول ان اللّٰه رياضي من درجة عالية جدا،‏ وقد استخدم رياضيات متقدمة جدا في بناء الكون».‏

      فمَن هو هذا الرياضي العظيم،‏ هذا الذكاء الاسمى،‏ المسؤول عن روائع الخلق؟‏

      مَن خلق الكون؟‏

      اذا كنا مسافرين في منطقة غير مألوفة ووجدنا بيتا جميلا تحيط به مرجات مجزوزة بمهارة وحدائق رائعة،‏ فلن نستنتج انه وُجد بالصدفة.‏ فهذا غير منطقي البتة.‏ فلا بد ان بنّاء ممتازا وبستانيا ماهرا قاما بذلك.‏

      وبشكل مماثل،‏ لا بد ان خالقا اوجد كوننا الكبير الاكثر تعقيدا بكثير.‏ وفي الكتاب المقدس يعطي هذا الخالق لنفسه اسما،‏ اذ يقول:‏ «انا يهوه.‏ هذا اسمي».‏ (‏اشعياء ٤٢:‏٨‏،‏ ع‌ج‏)‏ والاشخاص الذين يقدِّرون اعمال اللّٰه يُقال عنهم في الكتاب المقدس انهم يهتفون:‏ «انت مستحق،‏ يا يهوه الهنا،‏ ان تنال المجد والكرامة والقدرة،‏ لأنك خلقت كل الاشياء،‏ وهي بمشيئتك وُجدت وخُلقت».‏ —‏ كشف ٤:‏١١‏.‏

      وبالاضافة الى ان يهوه كشف للبشر الاسم الذي اطلقه على نفسه،‏ كشف ايضا في كلمته المكتوبة قصده المتعلق بإعداد الارض لسكنى البشر.‏ وقد اكد يسوع المسيح،‏ ابن اللّٰه،‏ انه يمكن الاعتماد على كلمة اللّٰه،‏ وذلك عندما قال:‏ «كلمتك هي حق».‏ —‏ يوحنا ١٧:‏١٧‏.‏

      قبل وقت غير طويل ذكرت مجلة علمية:‏ «بخلاف كل الاجيال السابقة،‏ نحن نعرف كيف وُجدنا.‏ ولكن ما زلنا لا نعرف،‏ شأننا في ذلك شأن كل الاجيال السابقة،‏ لماذا وُجدنا».‏ لكنَّ الجواب عن هذا السؤال،‏ لماذا؟‏،‏ موجود.‏ وكلمة اللّٰه هي التي تجيب عنه.‏ فتأملوا من فضلكم في الجواب في المقالة التالية.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة