مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • البِر ليس بالتقاليد الشفهية
    برج المراقبة ١٩٩٠ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • البِر ليس بالتقاليد الشفهية

      ‏«إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السموات.‏» —‏ متى ٥:‏٢٠‏.‏

      ١ و ٢ ماذا حدث قبل ان يقدِّم يسوع موعظته على الجبل مباشرة؟‏

      قضى يسوع الليل في الجبل.‏ فالسموات المزدانة بالنجوم انبسطت من فوق.‏ والحيوانات الليلية الصغيرة احدثت حفيفا في الجنبات.‏ والى الشرق ارتطمت مياه بحر الجليل برفق بالشاطئ.‏ ولكنّ يسوع ربما ادرك على نحو واهن فقط الجمال الهادئ المريح المحيط به.‏ فقد قضى الليل في الصلاة لأبيه السماوي،‏ يهوه.‏ وكان في حاجة الى ارشاد ابيه.‏ فالنهار القادم كان حاسما.‏

      ٢ في الشرق ضاءت السماء.‏ وابتدأت الطيور تتنقل،‏ مغرِّدة بنعومة.‏ وتمايلت الازهار البرية برفق في النسيم.‏ واذ انتشرت اشعة الشمس الاولى في الأفق،‏ دعا يسوع تلاميذه واختار من بينهم ١٢ ليكونوا رسله.‏ وبعد ذلك،‏ مع جميعهم،‏ شرع في النزول الى جانب الجبل.‏ وامكنت رؤية الجموع يتدفقون من الجليل،‏ صور وصيداء،‏ اليهودية واورشليم.‏ لقد جاءوا ليُشفَوا من امراضهم.‏ فقوة من يهوه كانت تخرج من يسوع اذ لمسه كثيرون وبرِئوا.‏ وجاءوا ايضا ليسمعوا كلماته التي هي كبلسم شافٍ لنفوسهم المضطربة.‏ —‏ متى ٤:‏٢٥؛‏ لوقا ٦:‏١٢-‏١٩‏.‏

      ٣ لماذا كان التلاميذ والجموع في حالة انتظار عندما ابتدأ يسوع يتكلم؟‏

      ٣ في جلسات تعليمهم الاكثر رسمية اعتاد الربانيون الجلوس،‏ وفي صباح الربيع الخصوصي هذا لسنة ٣١ ب‌م هذا ما فعله يسوع،‏ وكما يظهر في مكان مستو اعلى على جانب التلة.‏ وعندما رأى التلاميذ والجموع ذلك ادركوا ان شيئا خصوصيا يجري،‏ فاجتمعوا حوله بترقُّب.‏ وعندما ابتدأ يتكلم كانوا في حالة انتظار لكلماته؛‏ وعندما انتهى بعد بعض الوقت تُركوا مبهوتين مما سمعوه.‏ فلنرَ لماذا.‏ —‏ متى ٧:‏٢٨‏.‏

      نوعان من البِر

      ٤ (‏أ)‏ اي نوعين من البِر كانا مسألة نقاش؟‏ (‏ب)‏ ماذا كان القصد من التقاليد الشفهية،‏ وهل تحقَّق؟‏

      ٤ في موعظته على الجبل،‏ المذكورة في متى ٥:‏١-‏٧:‏٢٩ وفي لوقا ٦:‏١٧-‏٤٩ على السواء،‏ اظهر يسوع بوضوح تباينا بين صفين:‏ الكتبة والفريسيين وعامة الناس الذين ظلموهم.‏ لقد تكلم عن نوعين من البِر،‏ البِر الريائي الذي للفريسيين والبِر الحقيقي الذي للّٰه.‏ (‏متى ٥:‏٦،‏ ٢٠‏)‏ فالبِر الذاتي الفريسي تأصل في التقاليد الشفهية.‏ وهذه كانت قد ابتدأت في القرن الثاني ق‌م بصفتها «سياجا حول الناموس» لحمايته من غارات الهِلِّينية (‏الحضارة اليونانية)‏.‏ فصارت تُعتبر جزءا من الناموس.‏ وفي الواقع،‏ اعتبر الكتبة ايضا ان التقاليد الشفهية اسمى من الناموس المكتوب.‏ وتقول مِشْناه:‏ «ينطبق التشديد الاعظم على حفظ كلمات الكتبة [تقاليدهم الشفهية] اكثر من حفظ كلمات الناموس المكتوب.‏» وهكذا،‏ عوض الصيرورة «سياجا حول الناموس» لحمايته،‏ اضعفت تقاليدهم الناموس وأبطلته،‏ كما قال يسوع:‏ «رفضتم وصية اللّٰه لتحفظوا تقليدكم.‏» —‏ مرقس ٧:‏٥-‏٩؛‏ متى ١٥:‏١-‏٩‏.‏

      ٥ (‏أ)‏ ماذا كانت حال عامة الناس الذين جاءوا ليسمعوا يسوع،‏ وكيف نظر الكتبة والفريسيون اليهم؟‏ (‏ب)‏ ماذا جعل التقاليد الشفهية حملا ثقيلا جدا على اكتاف العمال؟‏

      ٥ وعامة الناس الذين احتشدوا ليسمعوا يسوع كانوا فقراء روحيا،‏ اذ كانوا «منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها.‏» (‏متى ٩:‏٣٦‏)‏ فبعجرفة متغطرسة ازدراهم الكتبة والفريسيون،‏ دعوهم عم هأرِص (‏شعب الارض)‏،‏ واحتقروهم كجهّال،‏ خطاة ملعونين غير جديرين بالقيامة لانهم لا يحفظون التقاليد الشفهية.‏ وبحلول زمن يسوع كانت هذه التقاليد قد صارت كثيرة جدا وتعقيدا مرهِقا الى حد بعيد لمماحكة التمسك بالحرف —‏ مثقَلة جدا بالشعائر الطقسية التي تستهلك الوقت —‏ بحيث انه ما من عامل تمكن من حفظها بأيّ حال.‏ فلا عجب ان يشهِّر يسوع التقاليد بصفتها «احمالا ثقيلة .‏ .‏ .‏ على اكتاف الناس.‏» —‏ متى ٢٣:‏٤؛‏ يوحنا ٧:‏٤٥-‏٤٩ .‏

      ٦ ماذا كان باغتا جدا بشأن اقوال يسوع الافتتاحية،‏ وأي تغيير اشارت اليه بالنسبة الى تلاميذه والى الكتبة والفريسيين؟‏

      ٦ وهكذا عندما جلس يسوع على جانب الجبل فإن اولئك الذين اقتربوا ليسمعوا كانوا تلاميذه والجموع الجائعة روحيا.‏ ولا بد ان هؤلاء وجدوا اقواله الافتتاحية باغتة.‏ ‹سعداء هم الفقراء،‏ سعداء هم الجياع،‏ سعداء هم الباكون،‏ سعداء هم المبغَضون.‏› ولكن مَن يمكن ان يكونوا سعداء وهم فقراء،‏ جياع،‏ باكون،‏ ومبغَضون؟‏ والويلات أُعلنت لاولئك الذين هم اغنياء،‏ مشبَعون،‏ ضاحكون،‏ وممتدَحون!‏ (‏لوقا ٦:‏٢٠-‏٢٦‏)‏ فبمجرد كلمات قليلة عكس يسوع التقييم العادي ومقاييس البشر المقبولة كلها.‏ وكان ذلك انعكاسا مثيرا للاوضاع،‏ انسجاما مع كلمات يسوع اللاحقة:‏ «كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع.‏» —‏ لوقا ١٨:‏٩-‏١٤‏.‏

      ٧ اي تأثير لا بد انه كان لكلمات يسوع الافتتاحية في الجمع الجائع روحيا المستمع الى يسوع؟‏

      ٧ بالتباين مع الكتبة والفريسيين ذوي الاكتفاء الذاتي كان اولئك القادمون الى يسوع في ذلك الصباح الخصوصي يدركون حالتهم الروحية المحزنة.‏ وكلماته الافتتاحية لا بد انها ملأتهم رجاء:‏ «طوبى للمساكين بالروح.‏ لان لهم ملكوت السموات.‏» وكم حلَّقت دون شك روحهم عندما اضاف:‏ «طوبى للجياع والعطاش الى البر.‏ لانهم يُشبَعون»!‏ (‏متى ٥:‏٣،‏ ٦؛‏ يوحنا ٦:‏٣٥؛‏ رؤيا ٧:‏١٦،‏ ١٧‏)‏ يُشبَعون من البِر،‏ نعم،‏ ولكن ليس بسِمة عار فريسية.‏

      لا يكفي ان نكون ‹ابرارا قدام الناس›‏

      ٨ لماذا يتساءل البعض كيف يمكن لبرّهم ان يزيد على الكتبة والفريسيين،‏ ولكن لماذا لا بد من ذلك؟‏

      ٨ «إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين،‏» قال يسوع،‏ «لن تدخلوا ملكوت السموات.‏» (‏متى ٥:‏١٧-‏٢٠‏؛‏ انظروا مرقس ٢:‏٢٣-‏٢٨؛‏ ٣:‏١-‏٦؛‏ ٧:‏١-‏١٣‏.‏)‏ ولا بد ان البعض فكروا:‏ ‹اكثر برا من الفريسيين؟‏ انهم يصومون ويصلّون ويقدِّمون العشور ويعطون الصدقات ويقضون حياتهم في درس الناموس.‏ فكيف يمكن لبرنا ان يفوق يوما ما برهم؟‏› لكنه لزم ان يزيد.‏ فالفريسيون ربما كان يجري تقديرهم على نحو رفيع من الناس،‏ ولكن ليس من اللّٰه.‏ وفي مناسبة اخرى قال يسوع لهؤلاء الفريسيين:‏ «انتم الذين تبررون انفسكم قدام الناس.‏ ولكن اللّٰه يعرف قلوبكم.‏ إن المستعلي عند الناس هو رجس قدام اللّٰه.‏» —‏ لوقا ١٦:‏١٥‏.‏

      ٩-‏١١ (‏أ)‏ ماذا كانت احدى الطرائق التي بها ظن الكتبة والفريسيون انهم ينالون موقفا بارا امام اللّٰه؟‏ (‏ب)‏ بأية طريقة ثانية توقعوا كسب البِر؟‏ (‏ج)‏ ماذا كانت الطريقة الثالثة التي اعتمدوا عليها،‏ وماذا قال الرسول بولس مما حكم على ذلك بالفشل؟‏

      ٩ كان الربانيون قد اختلقوا قواعدهم الخاصة من اجل كسب البِر.‏ وإحداها كانت استحقاق التحدر من ابرهيم:‏ «تلاميذ ابرهيم ابينا يتمتعون بهذا العالم ويرثون العالم القادم.‏» (‏مِشْناه)‏ وربما لكي يُبطل يوحنا المعمدان هذا التقليد كان انه حذر الفريسيين الذين اتوا اليه:‏ «اصنعوا اثمارا تليق بالتوبة.‏ ولا تفتكروا ان تقولوا في انفسكم لنا ابرهيم ابا [كما لو ان ذلك كان كافيا].‏» —‏ متى ٣:‏٧-‏٩‏؛‏ انظروا ايضا يوحنا ٨:‏٣٣،‏ ٣٩‏.‏

      ١٠ والطريقة الثانية لكسب البِر،‏ قالوا،‏ كانت اعطاء الصدقات.‏ ويعكس سِفران من الاسفار الابوكريفية التي كتبها يهود مخلصون خلال القرن الثاني ق‌م النظرة التقليدية.‏ فتَظهر عبارة في طوبيا:‏ «الصدقة تنجي من الموت وهي تطهر من كل خطيئة.‏» (‏١٢:‏٩،‏ الترجمة الكاثوليكية الجديدة‏)‏ وسفر يشوع بن سراخ (‏الكنسي)‏ يوافق على ذلك:‏ «الماء يطفئ النار الملتهبة والصدقة تكفر الخطايا.‏» —‏ ٣:‏٢٩،‏ الترجمة الكاثوليكية الجديدة.‏

      ١١ والطريقة الثالثة التي بها طلبوا البِر كانت اعمال الناموس.‏ فعلَّمت تقاليدهم الشفهية انه اذا كانت افعال الانسان صالحة في الغالب فانه ينجو.‏ والدينونة هي «بحسب زيادة الاعمال التي تكون إما صالحة او شريرة.‏» (‏مِشْناه)‏ فلكي يتخذوا موقفا مؤاتيا في الدينونة كان اهتمامهم «ان يبلغوا الفضائل التي ترجح على الخطايا.‏» واذا زادت اعمال الانسان الصالحة على الرديئة بعمل واحد،‏ فإنه ينجو —‏ وكأن اللّٰه يدين بحفظ عدد نشاطاتهم الصغيرة!‏ (‏متى ٢٣:‏٢٣،‏ ٢٤‏)‏ واذ قدَّم وجهة النظر الصحيحة،‏ كتب بولس:‏ «بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر امام [اللّٰه].‏» (‏رومية ٣:‏٢٠‏)‏ فبالتأكيد،‏ لا بد ان يزيد بِر المسيحي على الكتبة والفريسيين!‏

      ‏«سمعتم انه قيل»‏

      ١٢ (‏أ)‏ اي تغيير عن طريقته العادية في افتتاح الاشارات الى الاسفار العبرانية صنعه يسوع في موعظته على الجبل،‏ ولماذا؟‏ (‏ب)‏ ماذا نتعلم من الاستعمال السادس للتعبير «قيل»؟‏

      ١٢ عندما اقتبس يسوع سابقا من الاسفار العبرانية قال:‏ «مكتوب.‏» (‏متى ٤:‏٤،‏ ٧،‏ ١٠‏)‏ ولكنه افتتح ست مرات في الموعظة على الجبل ما بدا انه عبارات من الاسفار العبرانية بالكلمة:‏ «قيل.‏» (‏متى ٥:‏٢١،‏ ٢٧،‏ ٣١،‏ ٣٣،‏ ٣٨،‏ ٤٣‏)‏ ولماذا؟‏ لانه كان يشير الى الاسفار المقدسة كما تفسَّر في ضوء التقاليد الفريسية التي تخالف وصايا اللّٰه.‏ (‏تثنية ٤:‏٢؛‏ متى ١٥:‏٣‏)‏ وذلك واضح في اشارة يسوع السادسة والاخيرة في هذه السلسلة:‏ «سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك.‏» ولكنْ ما من شريعة موسوية قالت:‏ «تبغض عدوك.‏» ان الكتبة والفريسيين هم الذين قالوا ذلك.‏ فهذا كان تفسيرهم للشريعة أن تحب قريبك —‏ قريبك اليهودي،‏ لا الآخرين.‏

      ١٣ كيف يحذر يسوع حتى من بداية السلوك التي يمكن ان تقود الى القتل الفعلي؟‏

      ١٣ تأملوا الآن في العبارة الاولى من هذه السلسلة المؤلفة من ست عبارات.‏ اعلن يسوع:‏ «قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل.‏ ومَن قتل يكون مستوجب الحكم.‏ وأما انا فأقول لكم إن كل مَن يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم.‏» (‏متى ٥:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏ من الممكن ان يقود الغضب في القلب الى الكلام البذيء ومن هناك الى احكام الادانة،‏ وذلك يمكن اخيرا ان يقود الى القيام بالقتل نفسه.‏ فالغضب المطوَّل الذي يتغذى في القلب يمكن ان يكون مميتا:‏ «كل مَن يبغض اخاه فهو قاتل نفس.‏» —‏ ١ يوحنا ٣:‏١٥‏.‏

      ١٤ كيف يعطينا يسوع المشورة ان لا نبتدئ ايضا بالانطلاق في الطريق الذي يقود الى الزنى؟‏

      ١٤ وقال يسوع بعد ذلك:‏ «قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تزن.‏ وأما انا فأقول لكم إن كل مَن ينظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه.‏» (‏متى ٥:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ لن تقترفوا الزنى؟‏ اذًا،‏ لا تبتدئوا ايضا بالانطلاق في هذا الطريق بالتسلّي بالافكار المتعلقة به.‏ احفظوا قلبكم،‏ حيث يكون لمثل هذه الامور مصدرها.‏ (‏امثال ٤:‏٢٣؛‏ متى ١٥:‏١٨،‏ ١٩‏)‏ ويعقوب ١:‏١٤،‏ ١٥ تحذر:‏ «كل واحد يجرَّب اذا انجذب وانخدع من شهوته.‏ ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية والخطية اذا كملت تنتج موتا.‏» والناس يقولون احيانا:‏ ‹لا تبدأ بما لا يمكنك إنهاؤه.‏› ولكن في هذه الحال يجب ان نقول:‏ ‹لا تبدأ بما لا يمكنك ايقافه.‏› فبعض الذين كانوا امناء حتى عند تهديدهم بالموت امام فرقة اطلاق النار سقطوا في ما بعد في شرك الفساد الادبي الجنسي الماكر.‏

      ١٥ كيف كان موقف يسوع من الطلاق مختلفا تماما عن ذاك الوارد في تقاليد اليهود الشفهية؟‏

      ١٥ نأتي الآن الى عبارة يسوع الثالثة.‏ لقد قال:‏ «وقيل مَن طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق.‏ وأما انا فأقول لكم إن مَن طلق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني.‏ ومَن يتزوج مطلقة [اي،‏ مطلقة على اسس غير الفساد الادبي] فإنه يزني.‏» (‏متى ٥:‏٣١،‏ ٣٢‏)‏ لقد عامل بعض اليهود زوجاتهم بغدر وطلقوهن على اضعف الاسس.‏ (‏ملاخي ٢:‏١٣-‏١٦؛‏ متى ١٩:‏٣-‏٩‏)‏ فالتقاليد الشفهية سمحت للرجل بأن يطلق زوجته «حتى اذا افسدت له لونا من الطعام» او «اذا وجد امرأة اخرى اجمل منها.‏» —‏ مِشْناه.‏

      ١٦ اية ممارسة يهودية جعلت الحَلْف دون جدوى،‏ وأي موقف اتخذه يسوع؟‏

      ١٦ وبلغة مماثلة،‏ تابع يسوع:‏ «ايضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث .‏ .‏ .‏ وأما انا فأقول لكم لا تحلفوا البتة.‏» في ذلك الوقت كان اليهود يسيئون استعمال القَسَم ويحنثون في امور تافهة.‏ ولكنّ يسوع قال:‏ «لا تحلفوا البتة .‏ .‏ .‏ بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا.‏» فقاعدته كانت بسيطة:‏ كونوا صادقين في كل الاوقات،‏ دون الاضطرار الى ان تضمنوا كلامكم بقَسَم.‏ احفظوا الاقسام من اجل امور اساسية.‏ —‏ متى ٥:‏٣٣-‏٣٧‏؛‏ قارنوا ٢٣:‏١٦-‏٢٢‏.‏

      ١٧ اية طريقة افضل من «عين بعين وسن بسن» علَّمها يسوع؟‏

      ١٧ وقال يسوع بعد ذلك:‏ «سمعتم انه قيل عين بعين وسن بسن.‏ وأما انا فأقول لكم لا تقاوموا الشر.‏ بل مَن لطمك على خدك الايمن فحوِّل له الآخر ايضا.‏» (‏متى ٥:‏٣٨-‏٤٢‏)‏ لا يشير يسوع هنا الى ضربة للأذية بل الى لطمة اهانة بقفا اليد.‏ فلا تحطوا من شأنكم بإهانات المقايضة.‏ ارفضوا ان تجازوا عن شرٍّ بشرٍّ.‏ وعوض ذلك،‏ جازوا بخيرٍ وبالتالي ‹اغلبوا الشر بالخير.‏› —‏ رومية ١٢:‏١٧-‏٢١‏.‏

      ١٨ (‏أ)‏ كيف غيَّر اليهود الشريعة عن محبة قريبكم،‏ ولكنْ كيف ابطل يسوع ذلك؟‏ (‏ب)‏ ماذا كانت اجابة يسوع لناموسي اراد ان يحدِّد تطبيق الكلمة «قريب»؟‏

      ١٨ في مَثَله السادس والاخير اظهر يسوع بوضوح كيف اضعف التقليد الرباني الناموسَ الموسوي:‏ «سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك.‏ وأما انا فأقول لكم أحبوا اعداءكم.‏ باركوا لاعنيكم.‏ أحسنوا الى مبغضيكم.‏ وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم.‏» (‏متى ٥:‏٤٣،‏ ٤٤‏)‏ لا يرسم الناموس الموسوي حدودا للمحبة:‏ «تحب قريبك كنفسك.‏» (‏لاويين ١٩:‏١٨‏)‏ ان الفريسيين هم الذين توقفوا عند هذه الوصية،‏ ولكي يتخلصوا منها جعلوا التعبير «قريب» يقتصر على اولئك الذين يحفظون التقاليد.‏ وهكذا،‏ عندما ذكَّر يسوع في ما بعد احد الناموسيين بالوصية «تحب .‏ .‏ .‏ قريبك مثل نفسك،‏» اعترض الرجل:‏ «ومَن هو قريبي.‏» فأجاب يسوع بمَثل السامري الصالح —‏ كن قريبا للذي يحتاج اليك.‏ —‏ لوقا ١٠:‏٢٥-‏٣٧‏.‏

      ١٩ اي عمل ليهوه نحو الاشرار نصح يسوع بأن نتَّبعه؟‏

      ١٩ واذ تابع موعظته،‏ اعلن يسوع ان ‹اللّٰه اظهر المحبة للاشرار.‏ فجعل الشمس تشرق والمطر يمطر عليهم.‏ ليس هنالك شيء فوق العادة في محبة اولئك الذين يحبونكم.‏ فالاشرار يفعلون ذلك.‏ وليس هنالك سبب للأجر في ذلك.‏ برهنوا انكم ابناء اللّٰه.‏ تمثلوا به.‏ اجعلوا نفسكم قريبا للجميع وأحبوا قريبكم.‏ وهكذا «كونوا انتم كاملين كما أن اباكم الذي في السموات هو كامل.‏»› (‏متى ٥:‏٤٥-‏٤٨‏)‏ يا له من مقياس تحدٍّ للعيش بموجبه!‏ وكم يُظهر ذلك ان بِر الكتبة والفريسيين ناقص جدا!‏

      ٢٠ عوضا عن وضع الناموس الموسوي جانبا،‏ كيف شدَّد وعظَّم يسوع تأثيره ووضَعه في مستوى ارفع ايضا؟‏

      ٢٠ ولذلك عندما اشار يسوع الى اجزاء من الناموس وأضاف،‏ «وأما انا فأقول لكم،‏» لم يكن يضع الناموس الموسوي جانبا ويجعل شيئا آخَر في مكانه بدلا له.‏ كلا،‏ بل كان يشدِّد ويعظِّم قوته باظهار الروح وراءه.‏ فالناموس الاسمى للاخوَّة يحكم على الضغينة المتواصلة بأنها قتل.‏ الناموس الاسمى للطهارة يدين التفكير الشهواني المتواصل بأنه زنى.‏ الناموس الاسمى للزواج يرفض الطلاق السخيف بصفته مسلكا يقود الى زيجات زنى اخرى.‏ الناموس الاسمى للحق يُظهر ان الاقسام التكرارية غير لازمة.‏ الناموس الاسمى للوداعة يضع الانتقام جانبا.‏ والناموس الاسمى للمحبة يتطلب محبة الهية لا تعرف حدودا.‏

      ٢١ ماذا كشفت نصائح يسوع في ما يتعلق ببِر الربانيين الذاتي،‏ وماذا ايضا كانت الجموع ستتعلم؟‏

      ٢١ يا للتأثير العميق الذي لا بد انه كان لمثل هذه النصائح التي لم يُسمع بها اذ وقعت في آذان سامعيها للمرة الاولى!‏ وكم جعلت البِر الذاتي الريائي الذي يأتي من العبودية للتقاليد الربانية عديم القيمة مطلقا!‏ ولكن،‏ اذ تابع يسوع موعظته على الجبل،‏ كانت الجموع الجائعة والعطشانة الى بِر اللّٰه ستتعلم على نحو خصوصي كيفية نيله،‏ كما تُظهر المقالة التالية.‏

  • داوموا على طلب الملكوت وبر اللّٰه
    برج المراقبة ١٩٩٠ | ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏
    • ١ و ٢ الى ماذا حوَّل الكتبة والفريسيون الاعمال التي هي بحد ذاتها صالحة،‏ وأي تحذير اعطاه يسوع لأتباعه؟‏

      طلب الكتبة والفريسيون البِر بطريقتهم الخاصة،‏ التي لم تكن طريقة اللّٰه.‏ وليس ذلك فحسب،‏ بل عندما كانوا ينجزون اعمالا هي بحد ذاتها صالحة كانوا يحوِّلونها الى انجازات ريائية لكي يراها الناس.‏ فكانوا يخدمون،‏ ليس اللّٰه،‏ بل غرورهم.‏ وحذَّر يسوع تلاميذه من هذا التمثيل قائلا:‏ «احترزوا من ان (‏تمارسوا بِركم)‏ قدام الناس لكي ينظروكم.‏ وإلا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السموات.‏» —‏ متى ٦:‏١‏.‏

      ٢ يقدِّر يهوه اولئك الذين يعطون الفقراء —‏ ولكن ليس اولئك الذين يعطون كالفريسيين.‏ ويسوع حذَّر تلاميذه من التمثل بهم:‏ «فمتى صنعت صدقة فلا تصوِّت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجَّدوا من الناس.‏ الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.‏» —‏ متى ٦:‏٢‏.‏

      ٣ (‏أ)‏ بأي طريقة دُفع للكتبة والفريسيين كاملا لقاء عطائهم؟‏ (‏ب)‏ كيف كان موقف يسوع من العطاء مختلفا؟‏

      ٣ ان الكلمة اليونانية التي تقابل «استوفوا» (‏اپيخو‏)‏ كانت تعبيرا يَظهر غالبا في إيصالات العمل.‏ واستعمالها في الموعظة على الجبل يشير الى انهم «نالوا اجرهم،‏» اي «وقَّعوا إيصال اجرهم:‏ حقهم في نيل اجرهم جرى الحصول عليه،‏ تماما كما لو انهم أَعطوا إيصالا لقاءه.‏» (‏القاموس التفسيري لكلمات العهد الجديد،‏ لواضعه و.‏ أ.‏ ڤاين)‏ فكانت العطايا للفقراء تقدَّم علانية في الشوارع.‏ وفي المجامع كانت تُعلَن اسماء المتبرعين.‏ واولئك الذين يقدمون مبالغ كبيرة كان يجري اكرامهم على نحو خصوصي بالجلوس الى جانب الربانيين في اثناء العبادة.‏ فكانوا يعطون لكي يراهم الناس؛‏ والناس يرونهم ويمجدونهم؛‏ لذلك تمكَّنوا من ختم الإيصال لقاء الاجر الذي يأتي من عطائهم «مدفوعا كاملا.‏» وكم كان موقف يسوع مختلفا!‏ أعطِ «في الخفاء.‏ فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية.‏» —‏ متى ٦:‏٣،‏ ٤؛‏ امثال ١٩:‏١٧‏.‏

      الصلوات التي تسرُّ اللّٰه

      ٤ لماذا تسبَّبت صلوات الفريسيين بأن يدعو يسوع هؤلاء الناس مرائين؟‏

      ٤ يقدِّر يهوه الصلوات الموجَّهة اليه —‏ ولكن ليس كما صلَّى الفريسيون.‏ قال يسوع لأتباعه:‏ «متى صلَّيت فلا تكن كالمرائين.‏ فإنهم يحبون ان يصلُّوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يَظهروا للناس.‏ الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.‏» (‏متى ٦:‏٥‏)‏ كانت للفريسيين صلوات كثيرة تُتلى يوميا،‏ في اوقات محدَّدة،‏ بصرف النظر عن المكان الذي يكونون فيه.‏ ونظريا،‏ كان يجب ان يقدِّموها على انفراد.‏ وعلى الرغم من ذلك،‏ دبَّروا عمدا ان يكونوا «في زوايا الشوارع،‏» ظاهرين للناس المارّين في الاتجاهات الاربعة،‏ عندما تأتي ساعة الصلاة.‏

      ٥ (‏أ)‏ اية ممارسات اضافية جعلت صلوات الفريسيين تمضي دون ان يسمعها اللّٰه؟‏ (‏ب)‏ اية امور وضعها يسوع اولا في صلاته النموذجية،‏ وهل الناس اليوم على انسجام مع ذلك؟‏

      ٥ وفي عرض للقداسة الباطلة كانوا «لعلة يطيلون الصلوات.‏» (‏لوقا ٢٠:‏٤٧‏)‏ قال احد التقاليد الشفهية:‏ «اناس التقوى القدماء اعتادوا ان ينتظروا ساعة قبل قول تِفيلاّه [الصلاة].‏» (‏مِشْناه)‏ وبحلول ذلك الوقت لا بد ان كل شخص كان يرى تقواهم ويتعجب منها!‏ لم تصل مثل هذه الصلوات الى اعلى من رؤوسهم.‏ فيسوع قال ان نصلّي على انفراد،‏ دون تكرار باطل،‏ وأعطاهم نموذجا بسيطا.‏ (‏متى ٦:‏٦-‏٨؛‏ يوحنا ١٤:‏٦،‏ ١٤؛‏ ١ بطرس ٣:‏١٢‏)‏ وصلاة يسوع النموذجية وضعت الامور الاولى اولا:‏ «ابانا الذي في السموات.‏ ليتقدس اسمك.‏ ليأت ملكوتك.‏ لتكن مشيئتك.‏» (‏متى ٦:‏٩-‏١٣‏)‏ قليلون من الناس اليوم يعرفون اسم اللّٰه،‏ وأقل بالحري يرغبون في تقديسه.‏ انهم بذلك يجعلونه الها دون اسم.‏ ليأت ملكوت اللّٰه؟‏ يعتقد كثيرون انه هنا،‏ في داخلهم.‏ وقد يصلّون من اجل فعل مشيئته،‏ إلا ان معظمهم يفعلون مشيئتهم الخاصة.‏ —‏ امثال ١٤:‏١٢‏.‏

      ٦ لماذا دان يسوع الاصوام اليهودية بصفتها دون مغزى؟‏

      ٦ والصوم مقبول عند يهوه —‏ ولكن ليس كما قام به الفريسيون.‏ فكما مع تصدُّق وصلاة الكتبة والفريسيين،‏ رفض يسوع ايضا صومهم بصفته دون مغزى:‏ «ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين.‏ فإنهم يغيِّرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين.‏ الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.‏» (‏متى ٦:‏١٦‏)‏ فتقاليدهم الشفهية اشارت الى ان الفريسيين في اثناء الاصوام ما كانوا ليغتسلوا ولا ليدَّهنوا بل كانوا ينثرون الرماد على رؤوسهم.‏ وحين لا يكونون صائمين،‏ كان اليهود قانونيا يغتسلون ويدهنون اجسادهم بالزيت.‏

      ٧ (‏أ)‏ كيف لزم ان يسلك أتباع يسوع عندما يصومون؟‏ (‏ب)‏ في ما يتعلق بالصوم،‏ ماذا اراد يهوه في يوم اشعياء؟‏

      ٧ وعن الصوم قال يسوع لأتباعه:‏ «ادهن رأسك واغسل وجهك.‏ لكي لا تَظهر للناس صائما بل لأبيك.‏» (‏متى ٦:‏١٧،‏ ١٨‏)‏ وفي يوم اشعياء وجد اليهود المرتدّون مسرَّة في صومهم،‏ اذ ذلَّلوا انفسهم،‏ حنوا رؤوسهم،‏ وجلسوا على المِسْح والرماد.‏ ولكنّ يهوه اراد ان يحرِّروا المظلومين،‏ يطعموا الجائعين،‏ يأووا التائهين،‏ ويكسوا العراة.‏ —‏ اشعياء ٥٨:‏٣-‏٧‏.‏

      اكنزوا كنزا سماويا

      ٨ ماذا جعل الكتبةَ والفريسيين لا يتمكنون من رؤية كيفية نيل رضى اللّٰه،‏ وأي مبدإ،‏ اوضحه بولس في ما بعد،‏ تغاضوا عنه؟‏

      ٨ في سعيهم وراء البِر لم يتمكن الكتبة والفريسيون من رؤية كيفية نيل رضى اللّٰه وركَّزوا على إعجاب الناس.‏ فصاروا مهتمين جدا بتقاليد الناس بحيث وضعوا جانبا كلمة اللّٰه المكتوبة.‏ وجعلوا قلوبهم على المركز الارضي بدلا من الكنز السماوي.‏ وتجاهلوا حقيقة بسيطة كتبها بعد سنوات فريسي صار مسيحيا:‏ «وكل ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس عالمين انكم من الرب ستأخذون جزاء الميراث.‏» —‏ كولوسي ٣:‏٢٣،‏ ٢٤‏.‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة