الرسالة التي يجب ان ننادي بها
اعطانا يهوه مسؤولية وامتيازا كبيرا حين قال: «انتم شهودي . . . وأنا اللّٰه». (اشعياء ٤٣:١٢) فنحن لسنا مجرد اشخاص مؤمنين، بل نحن شهود يعلنون على الملإ الحقائق المهمة التي تحتويها كلمة اللّٰه الملهمة.
وما هي الرسالة التي فوَّض الينا يهوه تسليمها في ايامنا؟ انها تركز الانتباه على يهوه اللّٰه، يسوع المسيح، والملكوت المسيَّاني.
‹اتقوا اللّٰه واحفظوا وصاياه›
قبل زمن طويل من بداية المسيحية، اخبر يهوه ابراهيم الامين عن تدبير يتبارك فيه «جميع امم الارض». (تكوين ٢٢:١٨) كما اوحى الى سليمان ان يكتب عن مطلب اساسي ملقى على عاتق كل انسان: «اتقِ اللّٰه واحفظ وصاياه لأن هذا هو [«التزام»، عج] الانسان كله». (جامعة ١٢:١٣) ولكن كيف سيتعلم الناس العائشون في جميع الامم عن هذه الامور؟
مع انه وُجد دائما اشخاص يؤمنون بكلمة اللّٰه، يُظهر الكتاب المقدس ان الشهادة العالمية المكثفة التي توصل البشارة فعليا الى جميع الامم انما هي محفوظة ‹ليوم الرب›. وقد بدأ هذا اليوم سنة ١٩١٤. (كشف ١:١٠) وعن هذه الفترة انبأت الكشف ١٤:٦، ٧ بأن مناداة حاسمة تحت توجيه الملائكة ستُجرى في «كل امة وقبيلة ولسان وشعب». وسيُحَثّ الناس: «خافوا اللّٰه وأعطوه مجدا، لأن ساعة دينونته قد جاءت، فاعبدوا صانع السماء والأرض والبحر وينابيع المياه». ويشاء اللّٰه ان تسلَّم هذه الرسالة. ولدينا امتياز المشاركة في هذا العمل.
«الاله الحق». عندما ذكر يهوه: «انتم شهودي»، كان موضوع الالوهية يناقَش في ذلك السياق. (اشعياء ٤٣:١٠) والرسالة التي يجب تسليمها لا توصي الناس فقط بأن يكون لهم دين او ان يؤمنوا بإله. فيلزم ان تُتاح لهم الفرصة ليتعلموا ان خالق السماء والارض هو الاله الحق الوحيد. (اشعياء ٤٥:٥، ١٨، ٢١، ٢٢؛ يوحنا ١٧:٣) والاله الحق هو الوحيد القادر على الإنباء بالمستقبل دون خطإ. وهو امتيازنا ان نشير الى ان اتمام كلام يهوه في الماضي يشكل اساسا متينا للثقة بأن كل ما وعد به للمستقبل سيتحقق. — يشوع ٢٣:١٤؛ اشعياء ٥٥:١٠، ١١.
طبعا، كثيرون ممَّن نشهد لهم يعبدون آلهة اخرى او يدّعون انهم لا يعبدون ايّ اله. ولكي يستمعوا الى ما نقوله، قد يلزم ان نبدأ بشيء مشترك يهم الطرفين. ويمكننا الاستفادة من المثال المسجل في اعمال ١٧:٢٢-٣١. لاحظوا ان الرسول بولس، مع انه كان لبقا، ذكر بوضوح ان كل الناس مسؤولون امام الاله الذي هو خالق السماء والارض.
التعريف باسم اللّٰه. لا تترددوا في التعريف باسم الاله الحق. فيهوه يحب اسمه. (خروج ٣:١٥؛ اشعياء ٤٢:٨، عج) وهو يريد ان يعرف الناس هذا الاسم. فقد جعل اسمه المجيد يُذكر في الكتاب المقدس اكثر من ٠٠٠,٧ مرة. ومسؤوليتنا هي إخبار الناس به. — تثنية ٤:٣٥.
تعتمد آمال الحياة المستقبلية لكل الجنس البشري على معرفتهم يهوه ودعوتهم اياه بإيمان. (يوئيل ٢:٣٢؛ ملاخي ٣:١٦؛ ٢ تسالونيكي ١:٨) لكنَّ معظم الناس لا يعرفون يهوه. ويشمل ذلك اعدادا كبيرة ممن يدعون انهم يعبدون اله الكتاب المقدس. حتى لو كانوا يملكون كتابا مقدسا ويقرأونه، فقد لا يعرفون اسم اللّٰه الخاص لأنه أُزيل من الكثير من الترجمات العصرية. والشيء الوحيد الذي يعرفه بعض الاشخاص عن اسم يهوه هو ان قادتهم الدينيين يأمرونهم بعدم استعماله.
فكيف يمكن ان نعرّف الناس باسم اللّٰه؟ لا توجد طريقة افضل من إظهار الاسم لهم في الكتاب المقدس — في كتابهم الخاص اذا امكن. في بعض الترجمات يَظهر هذا الاسم آلاف المرات. وفي ترجمات اخرى لا يَظهر الا في المزمور ٨٣:١٨ او الخروج ٦:٣-٦، او قد يُعثر عليه في حاشية في الخروج ٣:١٤، ١٥ او ٦:٣. وفي عدد من الترجمات، تُطبع ألقاب بديلة مثل «الرب» و «اللّٰه» بحروف مطبعية مميزة حيث يحتوي النص الاصلي على اسم اللّٰه الخاص. وإذا كانت ترجمات عصرية قد حذفت اسم اللّٰه الخاص كليا، فقد تضطرون الى الاستعانة بترجمة اقدم للكتاب المقدس لتُظهروا للناس ماذا فُعل بالاسم. وفي بعض البلدان يمكنكم ان تشيروا الى استعمال الاسم الالهي في الاناشيد الدينية او في كتابة على مبنى عام.
ويمكن استخدام ارميا ١٠:١٠-١٣ بحسب ترجمة العالم الجديد من اجل الذين يعبدون آلهة اخرى. فهذه الآيات لا تذكر فقط اسم اللّٰه بل توضح ايضا مَن هو.
لا تستبدلوا اسم يهوه بألقاب مثل «اللّٰه» او «الرب» كما يفعل العالم المسيحي. لا يعني ذلك انه يجب استعمال هذا الاسم عند الابتداء بكل محادثة. فبسبب التحامل قد يُنهي بعض الاشخاص المناقشة. ولكن بعد وضع الاساس للمحادثة، لا تمتنعوا عن استعمال الاسم الالهي.
من الجدير بالملاحظة ان الكتاب المقدس يستعمل اسم اللّٰه الخاص اكثر من مجموع المرات التي تُستعمل فيها ألقاب مثل «الرب» و «اللّٰه». ومع ذلك لم يذكر كتبة الكتاب المقدس الاسم الالهي في كل جملة. فقد كان استعمالهم له طبيعيا وعفويا ومتسما بالاحترام. وهذا مثال جيد لاتّباعه.
شخصية حامل هذا الاسم. ان امتلاك اللّٰه اسما خاصا مسألة مهمة جدا، إلا ان معرفة ذلك ليست سوى البداية.
لكي يحب الناس يهوه ويدعوه بإيمان، يلزم ان يعرفوا ايّ نوع من الآلهة هو. فعندما أخبر يهوه موسى باسمه على جبل سيناء، لم يكتفِ بتكرار كلمة «يهوه»، متوقفا عند هذا الحد. لقد لفت الانتباه الى بعض صفاته البارزة. (خروج ٣٤:٦، ٧، عج) وهذا مثال لنا كي نتبعه.
عندما تشهدون لأشخاص مهتمين حديثا او تلقون خطابات في الجماعة وتتحدثون عن بركات الملكوت، أبرزوا ما يبيّن ذلك عن الاله الذي قطع هذه الوعود. وعندما تشيرون الى وصاياه، شددوا على الحكمة والمحبة اللتين تعكسهما. أوضحوا ان مطالب يهوه لا تلقي عبئا علينا، بل هي مصممة لإفادتنا. (اشعياء ٤٨:١٧، ١٨؛ ميخا ٦:٨) أظهروا كيف ان كل عمل من اعمال يهوه الخارقة يكشف شيئا عن شخصيته ومقاييسه وقصده. الفتوا الانتباه الى التوازن الظاهر في طريقة إعراب يهوه عن صفاته. دعوا الناس يسمعونكم تعبّرون عن مشاعركم حيال يهوه. فيمكن لمحبتكم ليهوه ان تساعدكم على تحريك هذه المحبة في الآخرين.
ان الرسالة الملحة في ايامنا تدعو جميع الناس ان يخافوا اللّٰه. وينبغي ان نسعى بما نقوله الى إثارة هذا الإحساس بالتقوى، او خوف اللّٰه. وهذا الخوف هو خوف سليم، مهابة ليهوه، توقير عميق له. (مزمور ٨٩:٧) ويشمل المعرفة ان يهوه هو الديان الاسمى وأن املنا في العيش في المستقبل يعتمد على نيلنا رضاه. (لوقا ١٢:٥؛ روما ١٤:١٢) لذلك يترافق هذا الخوف مع محبة عميقة له، وبالتالي مع رغبة شديدة في ارضائه. (تثنية ١٠:١٢، ١٣) وتدفعنا التقوى ايضا الى بغض الشر وإطاعة وصايا اللّٰه وعبادته بقلب كامل. (تثنية ٥:٢٩؛ ١ أخبار الايام ٢٨:٩؛ امثال ٨:١٣) وتحمينا حتى لا نحاول ان نخدم اللّٰه ونحب ما في العالم في الوقت ذاته. — ١ يوحنا ٢:١٥-١٧.
اسم اللّٰه — «برج حصين». ان الذين يعرفون يهوه حقا يتمتعون بحماية كبيرة. ليس لأنهم يستعملون اسمه الخاص او يعرفون ان يعدّدوا بعض صفاته، بل لأنهم يتكلون على يهوه نفسه. تقول الامثال ١٨:١٠ عن هذا الامر: «اسم الرب برج حصين. يركض اليه الصدِّيق ويتمنع».
استفيدوا من الفرص السانحة لتحثوا الآخرين على الثقة بيهوه والاتكال عليه. (مزمور ٣٧:٣؛ امثال ٣:٥، ٦) فهذه الثقة تُظهر انكم تؤمنون بيهوه وبوعوده. (عبرانيين ١١:٦) فعندما ‹يدعو الناس باسم يهوه› لأنهم يعرفون أنه المتسلط الكوني ويحبون طرقه ويؤمنون بكل اقتناع ان الخلاص الحقيقي لا يأتي إلا منه، يخلُصون كما تؤكد لنا كلمة اللّٰه. (روما ١٠:١٣، ١٤) وفيما تعلّمون الآخرين، ساعدوهم ان ينمّوا هذا النوع من الايمان الذي يرتبط بكل وجه من اوجه الحياة.
يواجه اناس كثيرون مشاكل شخصية ساحقة. وربما لا يرون حلا لها. حضّوهم على تعلّم طرق يهوه والاتكال عليه وتطبيق ما يتعلمونه. (مزمور ٢٥:٥) شجعوهم على الصلاة بحرارة طالبين مساعدة اللّٰه وشاكرينه على بركاته. (فيلبي ٤:٦، ٧) وعندما يعرفون يهوه، ليس فقط بقراءة بعض الكلمات في الكتاب المقدس بل ايضا بلمس اتمام وعوده في حياتهم، يبدأون بالتمتع بالامان الذي يأتي من معرفة ما يمثّله اسم يهوه فعلا. — مزمور ٣٤:٨؛ ارميا ١٧:٧، ٨.
استفيدوا جيدا من كل فرصة لمساعدة الناس على تقدير حكمة مخافة الاله الحق، يهوه، وحفظ وصاياه.
«الشهادة ليسوع»
بعد ان قام يسوع المسيح من بين الاموات وقبل ان يصعد الى السماء، امر تلاميذه قائلا: «تكونون لي شهودا . . . الى اقصى الارض». (اعمال ١:٨) ويوصف خدام اللّٰه الامناء في ايامنا ان «عندهم عمل الشهادة ليسوع». (كشف ١٢:١٧) فإلى ايّ حد تجتهدون في اعطاء هذه الشهادة؟
كثيرون ممَّن يقولون بإخلاص انهم يؤمنون بيسوع لا يعرفون شيئا عن وجوده السابق لبشريته، لا يدركون انه كان انسانا بالفعل على الارض، ولا يفهمون ما يعنيه كونه ابن اللّٰه. كما انهم لا يعلمون الا القليل جدا عن دوره في اتمام قصد اللّٰه. وهم لا يعرفون ماذا يفعل الآن، ولا يدركون ان حياتهم ستتأثر بما سيفعله في المستقبل. حتى انهم قد يعتقدون خطأً ان شهود يهوه لا يؤمنون بيسوع. فامتيازنا هو ان نسعى الى اظهار الحقيقة عن هذه الامور.
وهنالك اناس لا يؤمنون بأن يسوع، كما هو مذكور عنه في الكتاب المقدس، وُجد فعلا. والبعض يرون في يسوع مجرد انسان عظيم. وكثيرون يرفضون الفكرة انه ابن اللّٰه. و «الشهادة ليسوع» بين اناس كهؤلاء تتطلب الكثير من الجهد والصبر واللباقة.
مهما كان رأي سامعيكم، يلزم ان ينالوا المعرفة عن يسوع المسيح اذا ارادوا ان يستفيدوا من تدبير الحياة الابدية الذي اعده اللّٰه. (يوحنا ١٧:٣) ومشيئة اللّٰه المعبَّر عنها بوضوح هي ان ‹يعترف جهرا كل حي بأن يسوع المسيح هو رب› ويخضع لسلطته. (فيلبي ٢:٩-١١) لذلك لا يمكننا تجنب المسألة عندما نواجه اشخاصا لديهم آراء راسخة وإنما خاطئة او لديهم تحامل واضح. وفي حين يمكننا في بعض الحالات التحدث بحرية عن يسوع المسيح — حتى في زيارتنا الاولى — فقد يكون ضروريا في حالات اخرى ان نذكر بانتباه بعض التعليقات التي تساعد سامعينا ان يبدأوا بالتفكير بشكل صائب فيه. وقد يلزم ايضا ان نفكر في طرائق نمهد بها لأوجه اضافية من هذا الموضوع في الزيارات المقبلة. ولكن قد لا يكون ممكنا مناقشة كل ما يشمله الموضوع الى ان نبدأ بدرس بيتي في الكتاب المقدس مع الشخص. — ١ تيموثاوس ٢:٣-٧.
دور يسوع الحيوي في قصد اللّٰه. يلزم ان نساعد الناس على الفهم انه ما دام يسوع هو «الطريق» و ‹لا احد يأتي الى الآب الا به›، يستحيل ان يمتلك المرء علاقة باللّٰه مرضيًّا عنها دون ايمان بيسوع المسيح. (يوحنا ١٤:٦) وإذا لم يدرك الشخص الدور الحيوي الذي عيّنه يهوه لابنه البكر، يستحيل عليه ان يفهم الكتاب المقدس. ولماذا؟ لأن يهوه جعل هذا الابن الشخصية الرئيسية في تحقيق كل مقاصده. (كولوسي ١:١٧-٢٠) وتتمحور نبوات الكتاب المقدس حول هذا الواقع. (كشف ١٩:١٠) ويسوع المسيح هو الذي يأتي بواسطته الحل لكل المشاكل التي اثارها تمرد الشيطان وخطية آدم. — عبرانيين ٢:٥-٩، ١٤، ١٥.
لكي يفهم الشخص دور المسيح، يجب ان يعترف بأن البشر هم في حالة يرثى لها ولا يمكنهم الخروج منها بقوتهم الخاصة. فجميعنا وُلدنا في الخطية. ويمكن ان يؤثر ذلك فينا بطرائق عديدة خلال مجرى حياتنا. وعاجلا او آجلا، ستكون النتيجة الموت. (روما ٣:٢٣؛ ٥:١٢) تحدثوا عن هذه النقطة مع الذين تشهدون لهم. ثم اشيروا الى انه بواسطة ذبيحة يسوع المسيح الفدائية، فسح يهوه بمحبة المجال امام الذين يؤمنون بهذا التدبير ان يتحرروا من الخطية والموت. (مرقس ١٠:٤٥؛ عبرانيين ٢:٩) وذلك يمهد لهم السبيل ليتمتعوا بالحياة الابدية في كمال. (يوحنا ٣:١٦، ٣٦) ولا توجد طريقة اخرى يتحقق بها ذلك. (اعمال ٤:١٢) وكمعلمين، سواء في الجماعة او لأفراد، لا تكتفوا بسرد هذه الوقائع. ابنوا بلطف وصبر في سامعيكم شعورا بالشكر على دور المسيح كفادٍ لنا. والتقدير لهذا التدبير يمكن ان يؤثر تأثيرا عميقا في موقف الشخص وسلوكه وأهدافه في الحياة. — ٢ كورنثوس ٥:١٤، ١٥.
طبعا، قدم يسوع حياته ذبيحة مرة واحدة فقط. (عبرانيين ٩:٢٨) لكنه يخدم كرئيس كهنة الآن. ساعدوا الآخرين ان يفهموا ما يعنيه ذلك. هل يعانون الاجهاد او التثبط او الالم او المشاكل بسبب قساوة الناس حولهم؟ عندما كان يسوع انسانا، مرَّ بكل هذه. وهو يعرف كيف نشعر. فهل نشعر بسبب النقص اننا بحاجة الى رحمة اللّٰه؟ اذا صلينا الى اللّٰه طلبا للغفران على اساس ذبيحة يسوع، يعمل يسوع ك «معين عند الآب». وبرأفة «يشفع لنا». (١ يوحنا ٢:١، ٢؛ روما ٨:٣٤) وعلى اساس ذبيحة يسوع وبواسطة خدماته كرئيس كهنة، نتمكن من الاقتراب الى ‹عرش نعمة› يهوه لنجد العون في حينه. (عبرانيين ٤:١٥، ١٦) ومع اننا ناقصون، فإن العون الذي يمنحه يسوع كرئيس كهنة يمكّننا من خدمة اللّٰه بضمير طاهر. — عبرانيين ٩:١٣، ١٤.
بالاضافة الى ذلك، يملك يسوع سلطة كبيرة بصفته الشخص الذي عيّنه اللّٰه رأسا للجماعة المسيحية. (متى ٢٨:١٨؛ افسس ١:٢٢، ٢٣) ولذلك يعطي التوجيه اللازم الذي ينسجم مع مشيئة اللّٰه. فعندما تعلّمون الآخرين، ساعدوهم ان يفهموا ان يسوع المسيح هو رأس الجماعة لا ايّ انسان. (متى ٢٣:١٠) ومن اتصالكم الاول بالمهتمين، ادعوهم الى اجتماعات الجماعة المحلية، حيث ندرس الكتاب المقدس بمساعدة مواد يزودها «العبد الامين الفطين». لا تشرحوا لهم فقط مَن هو «العبد» بل ايضا مَن هو السيد كي يروا الدور الرئاسي ليسوع. (متى ٢٤:٤٥-٤٧) عرِّفوهم بالشيوخ وأوضحوا لهم المؤهلات المؤسسة على الاسفار المقدسة التي يجب ان تكون عندهم. (١ تيموثاوس ٣:١-٧؛ تيطس ١:٥-٩) اشرحوا لهم ان الجماعة ليست للشيوخ بل هم يساعدوننا على السير على خطى يسوع المسيح. (اعمال ٢٠:٢٨؛ افسس ٤:١٦؛ ١ بطرس ٥:٢، ٣) ساعدوا المهتمين ان يروا انه يوجد مجتمع عالمي منظم يعمل تحت رئاسة المسيح.
نتعلم من الاناجيل انه عندما دخل يسوع اورشليم قبيل موته، هتف تلاميذه قائلين عنه انه «الآتي ملكا باسم يهوه!». (لوقا ١٩:٣٨) وفيما يتعمق الناس في درس الكتاب المقدس، يتعلمون ان يهوه منح يسوع في الوقت الحاضر سلطة تؤثر في الناس في كل الامم. (دانيال ٧:١٣، ١٤) فعندما تلقون خطابات في الجماعة او تديرون دروسا، اجعلوا الناس يفهمون ويقدّرون ما ينبغي ان يعنيه حكم يسوع لنا جميعا.
شددوا على ان طريقة حياتنا تُظهر هل نؤمن حقا بأن يسوع المسيح ملك وهل نخضع طوعا لحكمه. ركزوا على العمل الذي امر يسوع أتباعه، بعدما مُسح ملكا، ان يقوموا به. (متى ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٨-٢٠) ناقشوا ما قاله يسوع، المشير العجيب، عن الاولويات في الحياة. (اشعياء ٩:٦، ٧، عج؛ متى ٦:١٩-٣٤) الفتوا الانتباه الى الروح التي قال رئيس السلام ان أتباعه سيُظهرونها. (متى ٢٠:٢٥-٢٧؛ يوحنا ١٣:٣٥) احذروا من ان تحكموا في ما اذا كان الآخرون يفعلون كل ما في وسعهم، وإنما شجعوهم ان يفكروا في ما تدل عليه اعمالهم عن خضوعهم لمُلك المسيح. ولا تنسوا ان تعترفوا بضرورة فعلكم انتم ايضا هذا الامر.
وضع المسيح كأساس. يشبّه الكتاب المقدس عمل التلمذة المسيحي بإنشاء بناء اساسه يسوع المسيح. (١ كورنثوس ٣:١٠-١٥) لإنجاز ذلك، ساعدوا الناس ان يعرفوا يسوع كما يصفه الكتاب المقدس. انتبهوا لئلا يعتبروا انفسهم أتباعا لكم انتم. (١ كورنثوس ٣:٤-٧) وجّهوا انتباههم الى يسوع المسيح.
اذا وضِع الاساس بطريقة جيدة، سيدرك التلاميذ ان المسيح ترك لنا قدوة ‹لنتبع خطواته بدقة›. (١ بطرس ٢:٢١) وللبناء على هذا الاساس، شجعوا التلاميذ ان يقرأوا الاناجيل وألا يفكروا فيها كمجرد تاريخ صحيح بل ايضا كنموذج يُحتذى. ساعدوهم ان ينتبهوا للمواقف والصفات التي ميّزت يسوع. شجعوهم ان يلاحظوا كيف كان يسوع يشعر حيال ابيه، كيف احتمل المحن والتجارب، كيف اظهر الخضوع للّٰه، وكيف تعامل مع البشر في مختلف الظروف. شددوا على العمل الذي شغل يسوع حياته به. وعندئذ، عندما يواجه التلميذ قرارات ومحنا في الحياة، سيسأل نفسه: ‹ماذا كان يسوع سيفعل في هذه الحالة؟ وهل سيُظهر مسلكي التقدير اللائق لما فعله من اجلي؟›.
عندما تلقون خطابا امام الجماعة، لا تستنتجوا انه لا حاجة الى لفت الانتباه كثيرا الى يسوع لأن الاخوة يؤمنون به. فما تقولونه سيعني لهم اكثر اذا كان مؤسسا على ذلك الايمان. لذلك عندما تتكلمون عن الاجتماعات، اربطوا هذا الموضوع بدور يسوع كرأس الجماعة. وعندما تناقشون موضوع خدمة الحقل، الفتوا الانتباه الى الروح التي اعرب عنها يسوع حين كان ينجز خدمته، وتحدثوا عن الخدمة على ضوء ما يفعله المسيح كملك لتجميع الناس من اجل حفظهم الى العالم الجديد.
من الواضح انه يلزم اكثر من مجرد تعلم حقائق اساسية عن يسوع. فللصيرورة مسيحيين حقيقيين، يجب ان يمارس الناس الايمان به ويحبوه محبة فعلية. وهذه المحبة تدفع الى اطاعته طاعة ولية. (يوحنا ١٤:١٥، ٢١) وهي تمكِّن الناس من ان يثبتوا في الايمان في وجه الشدائد، ويستمروا في السير على خطى المسيح كل ايام حياتهم، ويُظهروا انهم مسيحيون ناضجون ‹متأصلون وموطدون على الاساس›. (افسس ٣:١٧) وهذا المسلك يجلب المجد ليهوه، اله وأبي يسوع المسيح.
«بشارة الملكوت هذه»
عندما كان يسوع يعطي تفاصيل تتعلق بعلامة حضوره واختتام نظام الاشياء، انبأ قائلا: «يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم؛ ثم تأتي النهاية». — متى ٢٤:١٤.
فما هي هذه الرسالة التي يجب ان تنتشر الى هذا الحد؟ انها تتعلق بالملكوت الذي علّمَنا يسوع ان نصلّي الى اللّٰه من اجله، قائلين: «ليأتِ ملكوتك». (متى ٦:١٠) وتصفه الكشف ١١:١٥ ‹بمملكة ربنا يهوه ومسيحه› لأن سلطة الحكم تنبع من يهوه وقد أُعطيت للمسيح كملك. ولكن لاحظوا ان الرسالة التي قال يسوع انه سينادى بها في ايامنا تتجاوز ما كان أتباعه يكرزون به في القرن الاول. فقد كانوا يخبرون الناس قائلين: «قد اقترب منكم ملكوت اللّٰه». (لوقا ١٠:٩) ويسوع، الممسوح ليكون ملكا، كان آنذاك في وسطهم. لكنَّ يسوع انبأ، كما هو مسجل في متى ٢٤:١٤، عن إعلان عالمي يتعلق بتطور آخر في إتمام قصد اللّٰه.
نال النبي دانيال رؤيا عن هذا التطور. فقد رأى «مثل ابن انسان»، يسوع المسيح، وهو يأخذ من «القديم الايام» يهوه اللّٰه، «سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والامم والالسنة». (دانيال ٧:١٣، ١٤) وهذا الحدث البالغ الاهمية وقع في السماء سنة ١٩١٤. وبعده طُرد الشيطان وأبالسته إلى الارض. (كشف ١٢:٧-١٠) وبذلك كان نظام الاشياء القديم قد دخل ايامه الاخيرة. ولكن قبل ان يزول نهائيا، تجري مناداة عالمية بأن ملك يهوه المسيَّاني يحكم الآن من عرشه السماوي. ويجري إعلام الناس في كل مكان بهذا الأمر. وتجاوبهم يبيّن موقفهم من كون العلي متسلطا في «مملكة الناس». — دانيال ٤:٣٢.
والمزيد المزيد آتٍ! صحيح اننا نصلي حتى الآن «ليأتِ ملكوتك»، لكننا لا نظن بذلك ان تأسيس ملكوت اللّٰه لا يزال في المستقبل. فنحن نطلب ان يتدخل الملكوت السماوي بشكل حاسم ليتمم النبوات كالنبوتين في دانيال ٢:٤٤ وكشف ٢١:٢-٤. فهو سيحول الارض الى فردوس مليء بأناس يحبون اللّٰه ورفيقهم الانسان. وفيما نكرز «ببشارة الملكوت هذه»، نشير الى هذه الآمال المستقبلية. ولكننا نقول بلا تردد ان يهوه قد سبق وأعطى ابنه سلطة مطلقة. فهل تشددون على هذه البشارة عندما تشهدون عن الملكوت؟
شرح الملكوت. كيف يمكن ان نتمم تفويضنا ان نعلن ملكوت اللّٰه؟ قد نثير الاهتمام بالبدء بمحادثات عن مواضيع متنوعة، ولكن ينبغي ان نوضح دون تأخير ان رسالتنا تتعلق بملكوت اللّٰه.
احد الاوجه المهمة لهذا العمل يشمل قراءة او اقتباس الآيات التي تشير الى الملكوت. وعندما تشيرون الى الملكوت، تأكدوا ان الذين تكلّمونهم يفهمون ما هو الملكوت. وقد لا يكفي ان تقولوا ان ملكوت اللّٰه حكومة. فبعض الناس قد يستصعبون التفكير في الحكومة كشيء غير منظور. ويمكنكم ان تشرحوا لهم الامر بطرائق مختلفة. مثلا، الجاذبية غير منظورة، ولكن لها تأثير قوي في حياتنا. ولا نستطيع ان نرى واضع قانون الجاذبية، ولكن من الواضح ان له قوة عظيمة. فالكتاب المقدس يقول عنه انه «ملك الابدية». (١ تيموثاوس ١:١٧) او يمكنكم ان تقولوا انه في بلد كبير، كثيرون لم يذهبوا قط الى العاصمة او لم يروا حاكمهم شخصيا. لكنهم يعرفون هذه الامور من خلال التقارير الإخبارية. وبشكل مماثل يخبرنا الكتاب المقدس، الصادر بأكثر من ٢٠٠,٢ لغة، عن ملكوت اللّٰه ويذكر لنا مَن عُهد اليه بأن يتولى السلطة وماذا يفعل الملكوت. وهدف مجلة برج المراقبة، الصادرة بلغات اكثر من اية مجلة دورية اخرى، هو ان «تعلن ملكوت يهوه» كما يُذكر على غلافها الامامي.
لمساعدة الناس على فهم ما هو الملكوت، يمكنكم ان تذكروا بعض الامور التي يريدون ان تؤمّنها الحكومات: الامن الاقتصادي، السلام، نهاية الجريمة، عدم التحيز في معاملة كل المجموعات العرقية، التعليم، والرعاية الصحية. أظهروا ان ملكوت اللّٰه هو الوسيلة الوحيدة التي تحقق كاملا هذه الرغبات وسائر الرغبات الجيدة لدى البشر. — مزمور ١٤٥:١٦.
حاولوا ان تثيروا رغبة الناس في الصيرورة من رعايا الملكوت، الذي ملكُه يسوع المسيح. أشيروا الى عجائبه الماضية باعتبارها عينة لما سيفعله كملك سماوي. تحدثوا كثيرا عن الصفات الجذابة التي اعرب عنها. (متى ٨:٢، ٣؛ ١١:٢٨-٣٠) وأوضحوا انه بذل حياته من اجلنا، وأن اللّٰه اقامه بعد ذلك الى حياة خالدة في السموات. وهو يملك من هناك. — اعمال ٢:٢٩-٣٥.
شددوا على القول ان ملكوت اللّٰه يحكم الآن من السموات. ولكن ادركوا ان معظم الناس لا يرون في الاحوال اليوم ما يدل على انه يحكم الآن. دعوهم يعرفون أنكم تفهمون وجهة نظرهم، ثم اسألوا هل يعرفون ما قال يسوع المسيح انه سيكون الدليل. ابرزوا بعض اوجه العلامة المركبة في متى الاصحاح ٢٤ او مرقس الاصحاح ١٣ او لوقا الاصحاح ٢١. ثم اسألوهم لماذا كان سيؤدي تتويج المسيح في السماء الى هذه الاحوال على الارض. والفتوا الانتباه الى الكشف ١٢:٧-١٠، ١٢.
وكدليل ملموس على ما يفعله ملكوت اللّٰه، اقرأوا متى ٢٤:١٤ وصفوا البرنامج العالمي لتعليم الكتاب المقدس الذي يجري الآن. (اشعياء ٥٤:١٣) أخبروا الناس عن المدارس المختلفة التي يستفيد منها شهود يهوه، فجميعها مؤسسة على الكتاب المقدس وتُعقد مجانا. اوضحوا انه بالاضافة الى خدمتنا من بيت الى بيت، نعرض على الافراد والعائلات في اكثر من ٢٣٠ بلدا تعليما بيتيا مجانيا في الكتاب المقدس. وأية حكومة بشرية قادرة على تزويد برنامج تعليمي مكثف كهذا لا لرعاياها فقط بل للناس في كل ارجاء المعمورة؟ ادعوا الناس الى المجيء الى قاعة الملكوت وحضور محافل شهود يهوه ليروا الدليل على ان هذا التعليم يؤثر في حياة الناس. — اشعياء ٢:٢-٤؛ ٣٢:١، ١٧؛ يوحنا ١٣:٣٥.
ولكن هل سيدرك صاحب البيت كيف تتأثر حياته؟ يمكنكم ان تشيروا بلباقة الى ان هدف زيارتكم هو مناقشة الفرصة المفتوحة امام الجميع لاختيار الحياة كرعايا ملكوت اللّٰه. كيف؟ بتعلّم مطالب اللّٰه والعيش بحسبها الآن. — تثنية ٣٠:١٩، ٢٠؛ كشف ٢٢:١٧.
مساعدة الآخرين على وضع الملكوت اولا. حتى بعد ان يقبل المرء رسالة الملكوت، توجد قرارات يجب ان يتخذها. فأية اهمية يوليها لملكوت اللّٰه في حياته؟ حث يسوع تلاميذه ان ‹يداوموا اولا على طلب الملكوت›. (متى ٦:٣٣) فكيف يمكن ان نساعد رفقاءنا المسيحيين على ذلك؟ برسم المثال الحسن ومناقشة الفرص المتاحة؛ أحيانا، بسؤال الشخص هل فكر في احتمالات معينة وبسرد اختبارات تُظهر ما فعله آخرون؛ بمناقشة روايات الكتاب المقدس بطريقة تعمّق محبته ليهوه؛ بالتشديد على ان الملكوت حقيقي؛ وبالتأكيد على اهمية عمل المناداة بالملكوت. فالفائدة الكبرى لا تأتي غالبا من إخبار الناس ما يلزم ان يفعلوه، بل من إثارة الحافز فيهم الى فعله.
لا شك ان الرسالة الحيوية التي يجب علينا جميعا ان ننادي بها تركز الانتباه على يهوه اللّٰه ويسوع المسيح والملكوت. وينبغي ان يركَّز على الحقائق الحيوية المتعلقة بهم في شهادتنا العامة واجتماعاتنا وحياتنا الشخصية. وعندما نفعل ذلك، نُظهر اننا نستفيد فعلا من التعليم المزوَّد في مدرسة الخدمة الثيوقراطية.