مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «يَهُوذا»‏
  • يَهُوذا

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • يَهُوذا
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • بِنْيامِين
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • أب وبنوه المتمرِّدون
    نبوة اشعيا —‏ نور لكل الجنس البشري الجزء ١
  • إسرائيل
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • اسئلة من القراء
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٤
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «يَهُوذا»‏

يَهُوذا

‏[مَن يُحمد]:‏

١-‏ الابن الرابع ليعقوب من زوجته ليئة.‏ (‏تك ٢٩:‏٣٥؛‏ ١ اخ ٢:‏١‏)‏ أُخذ يهوذا مع كل بيت يعقوب الى كنعان بعد ان قضى نحو تسع سنوات من حياته في حاران بفدان ارام.‏ (‏قارن تك ٢٩:‏​٤،‏ ٥،‏ ٣٢-‏٣٥؛‏ ٣٠:‏​٩-‏١٢،‏ ١٦-‏٢٨؛‏ ٣١:‏​١٧،‏ ١٨،‏ ٤١‏.‏)‏ وقد سكن مع ابيه في سكوت ثم في شكيم.‏ وكما يتضح،‏ شارك يهوذا في نهب مدينة شكيم بعدما اغتصب ابن حمور اخته دينة وقتل شمعون ولاوي كل الذكور هناك انتقاما لها.‏ —‏ تك ٣٣:‏​١٧،‏ ١٨؛‏ ٣٤:‏​١،‏ ٢،‏ ٢٥-‏٢٩‏.‏

علاقته بيوسف:‏ كان يوسف الابن المفضل عند يعقوب،‏ ومع الوقت ابغضه يهوذا وكذلك إخوته من ابيه الآخرون.‏ وقد اشتد بغضهم ليوسف بعد ان روى لهم حلمين اشارا الى انه سيتفوق عليهم.‏ لذلك،‏ عندما ارسل يعقوب يوسف ليتفقد اخوته وهم يرعون الغنم،‏ تآ‌مروا على قتله لدى رؤيته من بعيد.‏ لكنهم عادوا ورموه في جب لا ماء فيه،‏ بناء على اقتراح رأوبين الذي كان يفكر في انقاذ حياة يوسف.‏ —‏ تك ٣٧:‏​٢-‏٢٤‏.‏

بعد ذلك،‏ لاحت لهم قافلة للاسماعيليين.‏ فأقنع يهوذا الآخرين،‏ في غياب رأوبين على ما يظهر،‏ انه من الافضل ان يبيعوا يوسف للتجار العابرين بدلا من قتله.‏ (‏تك ٣٧:‏​٢٥-‏٢٧‏)‏ ورغم التماس يوسف الرأفة باعوه بعشرين من الفضة (‏ما يعادل ٤٤ دولارا اذا كانت شواقل)‏.‏ (‏تك ٣٧:‏٢٨؛‏ ٤٢:‏٢١‏)‏ وتشير الدلائل الى ان انقاذ حياة يوسف كان همّ يهوذا الرئيسي وأن بيعه كان في ما بعد بركة لجميع المعنيين.‏ ومع ذلك كان يهوذا،‏ مثله مثل اخوته،‏ مذنبا بارتكاب خطية جسيمة عذبت ضميره فترة طويلة.‏ (‏تك ٤٢:‏​٢١،‏ ٢٢؛‏ ٤٤:‏١٦؛‏ ٤٥:‏​٤،‏ ٥؛‏ ٥٠:‏​١٥-‏٢١‏)‏ (‏تحت الشريعة الموسوية التي أُعطيت لاحقا للاسرائيليين،‏ استوجبت هذه الاساءة عقوبة الموت؛‏ خر ٢١:‏١٦‏.‏)‏ فضلا عن ذلك،‏ انضم لاحقا الى الآخرين في خداعهم ليعقوب وحمله على الاعتقاد ان وحشا افترس يوسف.‏ (‏تك ٣٧:‏​٣١-‏٣٣‏)‏ وكان يهوذا آنذاك بعمر ٢٠ سنة تقريبا.‏

عائلته:‏ يبدو انه بعد هذه الحادثة ترك يهوذا اخوته وخيم بالقرب من حيرة العدلامي،‏ فنشأت على ما يظهر صداقة بينهما.‏ وفي اثناء ذلك،‏ تزوج يهوذا ابنة شوع الكنعاني وأنجب منها ثلاثة ابناء هم عير وأونان وشيلة.‏ وقد وُلد شيلة الصغير في اكزيب.‏ —‏ تك ٣٨:‏​١-‏٥‏.‏

في وقت لاحق،‏ اختار يهوذا ثامار زوجة لعير بكره.‏ وإذ كان عير هذا شريرا،‏ اماته يهوه.‏ فأوصى يهوذا ابنه الثاني اونان ان يقوم بواجب اخي الزوج.‏ لكن اونان كان اذا دخل على ثامار «بدد منيه على الارض لئلا يعطي نسلا لأخيه».‏ لذا قتله يهوه هو ايضا.‏ عندئذ نصح يهوذا ثامار بأن تعود الى بيت ابيها وتنتظر حتى يبلغ شيلة سن الرشد.‏ فكبر شيلة ولم يعطها يهوذا له زوجة،‏ اذ ظن على ما يبدو ان ابنه الصغير سيموت.‏ —‏ تك ٣٨:‏​٦-‏١١،‏ ١٤‏.‏

حدث ان يهوذا كان صاعدا الى تمنة بعدما صار ارملا.‏ وما ان علمت ثامار بذلك حتى تنكرت بزي بغي وجلست عند مدخل عينايم على الطريق التي سيجتازها حموها.‏ وإذ ظنها بغيا ولم يعرف انها كنته اقام معها علاقة جنسية.‏ وفي وقت لاحق،‏ تبين انها حامل فأمر يهوذا ان تُحرق باعتبارها عاهرة.‏ ولكن بعد تقديم الدليل على انها حامل منه،‏ صرخ قائلا:‏ «هي أبرّ مني،‏ لأني لم أعطها لشيلة ابني».‏ وهكذا حل يهوذا عن غير قصد محل شيلة في انجاب نسل شرعي.‏ وبعد نحو ستة اشهر انجبت ثامار التوأمين فارص وزارح.‏ ولم يُقِم يهوذا معها اية علاقة اخرى.‏ —‏ تك ٣٨:‏​١٢-‏٣٠‏.‏

ذهابه الى مصر من اجل الطعام:‏ بعد وقت،‏ وصلت اخبار الى كنعان التي ضربتها المجاعة ان هنالك طعاما في مصر.‏ فأمر يعقوب عشرة من اولاده،‏ بمن فيهم يهوذا،‏ ان يذهبوا الى هناك لجلب الطعام.‏ في هذه الاثناء،‏ كان اخوهم يوسف مسؤولا عن الاغذية في مصر.‏ وما ان رآهم حتى عرفهم،‏ اما هم فلم يعرفوه.‏ فاتهمهم بأنهم جواسيس وحذرهم من العودة دون بنيامين الذي اتوا على ذكره فيما كانوا ينفون انهم جواسيس.‏ كما قيد شمعون،‏ احد اخوته،‏ وجعله رهينة.‏ —‏ تك ٤٢:‏​١-‏٢٥‏.‏

كان من الطبيعي ان يرفض يعقوب ذهاب بنيامين مع ابنائه الآخرين الى مصر،‏ فقد اعتقد انه خسر يوسف وشمعون.‏ فتكلم رأوبين بكلام مؤثر وقال ليعقوب ان يقتل ابنيه كليهما إن لم يعد ببنيامين اليه.‏ غير ان كلامه هذا لم يكن له اي تأثير،‏ ربما لأنه كان غير جدير بالثقة اذ انتهك حرمة ابيه بالاضطجاع مع سريته.‏ (‏تك ٣٥:‏٢٢‏)‏ لكن يهوذا نجح اخيرا في نيل موافقة ابيه بعد ان وعده بأنه سيكفل بنيامين.‏ —‏ تك ٤٢:‏​٣٦-‏٣٨؛‏ ٤٣:‏​٨-‏١٤‏.‏

انطلق ابناء يعقوب الى موطنهم اثر شرائهم الحبوب من مصر،‏ فلحق بهم وكيل يوسف واتهمهم بالسرقة (‏كان ذلك في الواقع حيلة دبرها يوسف)‏.‏ ولما وُجدت الكأس،‏ التي زُعم انها مسروقة،‏ في كيس بنيامين عاد الرجال ودخلوا الى بيت يوسف.‏ فرد يهوذا على التهمة وتوسل من اجل بنيامين وأبيه بطريقة مؤثرة وصادقة،‏ وطلب ان يكون هو عبدا عوضا عن بنيامين.‏ عندئذ تأثر يوسف كثيرا بتوسل يهوذا المخلص،‏ حتى انه لم يعد قادرا على ضبط مشاعره.‏ فانفرد بإخوته وكشف لهم عن هويته.‏ وبعد ان سامحهم على بيعهم اياه للعبودية،‏ امرهم ان يذهبوا ويأتوا بيعقوب الى مصر لأن الجوع كان سيستمر خمس سنوات اخرى.‏ —‏ تك ٤٤:‏١–‏٤٥:‏١٣‏.‏

لاحقا،‏ فيما كان يعقوب على وشك ان يصل الى مصر هو وكل بيته،‏ «ارسل يهوذا قدامه الى يوسف لينقل الخبر امامه الى جاسان».‏ —‏ تك ٤٦:‏٢٨‏.‏

يفوق اخوته:‏ قلق يهوذا على ابيه وبذل جهودا نبيلة لصون حرية بنيامين ولو على حساب حريته،‏ وبذلك فاق اخوته.‏ (‏١ اخ ٥:‏٢‏)‏ فلم يعد ذلك الشاب الذي شارك في نهب الشكيميين وفي ايذاء اخيه يوسف ثم في خداع ابيه.‏ كما ان صفاته الحسنة في القيادة خولته ان ينال،‏ كأحد رؤوس اسباط اسرائيل الـ‍ ١٢،‏ بركة نبوية فائقة تفوه بها ابوه وهو على فراش الموت.‏ (‏تك ٤٩:‏​٨-‏١٢‏)‏ وسنتأمل ادناه كيف تمت هذه البركة.‏

٢-‏ السبط الذي خرج من يهوذا.‏ بعد نحو ٢١٦ سنة من مجيء يهوذا الى مصر مع بيت يعقوب،‏ ازداد عدد الرجال الاقوياء البنية في سبط يهوذا من ابن ٢٠ سنة فصاعدا ليصبح ٦٠٠‏,٧٤،‏ وهو عدد يفوق عدد الرجال في اي من الاسباط الـ‍ ١٢ الاخرى.‏ (‏عد ١:‏​٢٦،‏ ٢٧‏)‏ وعند نهاية الـ‍ ٤٠ سنة من الهيمان في البرية،‏ ازداد عدد المكتتبين الذكور في يهوذا ٩٠٠‏,١ شخص.‏ —‏ عد ٢٦:‏٢٢‏.‏

صُنع المسكن وكل عتاده وأدواته تحت اشراف بصلئيل من سبط يهوذا ومساعده اهوليآ‌ب من سبط دان.‏ (‏خر ٣٥:‏​٣٠-‏٣٥‏)‏ وبعد ان نُصب،‏ خيم سبط يهوذا شرق المقدس الى جانب سبطَي يساكر وزبولون.‏ —‏ عد ٢:‏​٣-‏٨‏.‏

الدليل الباكر على توليه القيادة:‏ بحسب بركة يعقوب النبوية عُين ليهوذا دور قيادي (‏تك ٤٩:‏٨‏؛‏ قارن ١ اخ ٥:‏٢‏)‏،‏ وقد ثبت انه تمم هذا الدور حتى في التاريخ الباكر لهذا السبط.‏ فبقيادة الزعيم نحشون قاد يهوذا المسيرة عبر البرية.‏ (‏عد ٢:‏​٣-‏٩؛‏ ١٠:‏​١٢-‏١٤‏)‏ ومن هذا السبط ايضا خرج كالب،‏ احد الجاسوسين الامينين اللذين حصلا على امتياز الدخول ثانية الى ارض الموعد.‏ ورغم تقدم كالب في السن،‏ ساهم بشكل فعال في الاستيلاء على الارض التي أُعطيت بالقرعة ليهوذا.‏ فقد عين اللّٰه لهذا السبط ان يأخذ القيادة في محاربة الكنعانيين،‏ وكان الى جانبه الشمعونيون.‏ (‏عد ١٣:‏​٦،‏ ٣٠؛‏ ١٤:‏​٦-‏١٠،‏ ٣٨؛‏ يش ١٤:‏​٦-‏١٤؛‏ ١٥:‏​١٣-‏٢٠؛‏ قض ١:‏​١-‏٢٠‏؛‏ قارن تث ٣٣:‏٧‏.‏)‏ ولاحقا قاد يهوذا،‏ بتفويض الهي ايضا،‏ المعركة الهادفة الى معاقبة بنيامين.‏ —‏ قض ٢٠:‏١٨‏.‏

ميراثه:‏ كانت الاراضي التي أُعطيت ليهوذا متاخمة لأراضي بنيامين ودان في الشمال (‏يش ١٥:‏​٥-‏١١؛‏ ١٨:‏١١‏)‏،‏ وبحر الملح (‏البحر الميت)‏ في الشرق (‏يش ١٥:‏٥‏)‏،‏ والبحر الكبير (‏البحر الابيض المتوسط)‏ في الغرب.‏ (‏يش ١٥:‏١٢‏)‏ اما الحدود الجنوبية فيبدو انها امتدت باتجاه جنوبي غربي من اقصى جنوب البحر الميت الى طلعة العقارب؛‏ ومن هناك عبر التخم الى صين وصعد نحو الشمال بالقرب من قادِش برنيع،‏ ثم انتهى الى البحر الابيض المتوسط بعد ان مر بكل من حصرون وأدّار وقرقع وعصمون ووادي مصر.‏ (‏يش ١٥:‏​١-‏٤‏)‏ وقد عُين للشمعونيين من هذه الاراضي الجزء الذي احاط في معظمه ببئر سبع.‏ (‏يش ١٩:‏​١-‏٩‏)‏ كما ابتدأ القينيون يسكنون في اراضي يهوذا،‏ وهم عشيرة غير اسرائيلية اصبحت ذات قرابة لموسى بواسطة الزواج.‏ —‏ قض ١:‏١٦‏.‏

هنالك عدة مناطق طبيعية متميزة ضمن الحدود المعينة ليهوذا القديمة.‏ ففي الجنوب تقع منطقة النقب التي هي بمعظمها هضبة كبرى يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر ما بين ٤٥٠ و ٦٠٠ م (‏٥٠٠‏,١ و ٠٠٠‏,٢ قدم)‏.‏ وعلى طول البحر الابيض المتوسط يمتد سهل فلسطية بكثبانه الرملية التي تتغلغل احيانا في الشاطئ مسافة ٦ كلم (‏٥‏,٣ اميال)‏.‏ كان هذا السهل المتموج في الازمنة الباكرة منطقة كروم وبساتين زيتون وحقول قمح.‏ (‏قض ١٥:‏٥‏)‏ وإلى الشرق منه تقع منطقة تلال يصل ارتفاعها جهة الجنوب الى نحو ٤٥٠ م (‏٥٠٠‏,١ قدم)‏ فوق سطح البحر،‏ وتخترقها وديان عديدة.‏ وهذه المنطقة هي شفيلة (‏معناها:‏ «ارض قليلة الارتفاع»)‏ التي كانت قديما مكسوة بأشجار الجمّيز.‏ (‏١ مل ١٠:‏٢٧‏)‏ انها اراض قليلة الارتفاع مقارنة بمنطقة يهوذا الجبلية الواقعة شرقها والتي تعلو مرتفعاتها عن سطح البحر ما بين نحو ٦٠٠ م وأكثر من ١٠٠٠ م (‏٠٠٠‏,٢ و ٣٠٠‏,٣ قدم)‏.‏ اما التلال الجرداء التي تشغل المنحدر الشرقي لجبال يهوذا فتشكل برية يهوذا.‏

تحت قيادة يشوع حُطمت على ما يظهر قوة الكنعانيين في الاراضي التي أُعطيت ليهوذا.‏ ولكن،‏ كما يتضح،‏ لم يجرِ انشاء اية حاميات،‏ لذلك عاد السكان الاصليون على ما يبدو الى مدن مثل حبرون ودبير فيما كان الاسرائيليون يحاربون في مكان آخر على الارجح.‏ فكان يجب الاستيلاء على هذه الاماكن من جديد.‏ (‏قارن يش ١٢:‏​٧،‏ ١٠،‏ ١٣؛‏ قض ١:‏​١٠-‏١٥‏.‏)‏ اما الساكنون في منخفضات الوادي فلم يجرِ طردهم لأنهم كانوا مجهزين بمركبات حربية.‏ وقد شمل هؤلاء دون شك فلسطيي جت وأشدود.‏ —‏ يش ١٣:‏​٢،‏ ٣؛‏ قض ١:‏​١٨،‏ ١٩‏.‏

من القضاة الى شاول:‏ خلال فترة القضاة المضطربة وقع يهوذا تكرارا فريسة الصنمية،‏ شأنه في ذلك شأن الاسباط الاخرى.‏ لذا سمح يهوه للامم المجاورة،‏ خصوصا العمونيين والفلسطيين،‏ بأن تغزو اراضي يهوذا.‏ (‏قض ١٠:‏​٦-‏٩‏)‏ وفي ايام شمشون،‏ لم يخسر بنو يهوذا السيطرة على مدن الفلسطيين كغزة وعقرون وأشقلون فحسب،‏ بل صار الفلسطيون في الواقع اسيادا لهم.‏ (‏قض ١٥:‏​٩-‏١٢‏)‏ ويبدو ان اراضي يهوذا لم تُسترد من الفلسطيين إلا في ايام صموئيل.‏ —‏ ١ صم ٧:‏​١٠-‏١٤‏.‏

حارب بنو يهوذا بولاء تحت قيادة شاول من سبط بنيامين بعدما مسحه صموئيل ليكون الملك الاول على اسرائيل.‏ (‏١ صم ١١:‏​٥-‏١١؛‏ ١٥:‏​٣،‏ ٤‏)‏ وكانت اغلبية هذه الحروب ضد الفلسطيين (‏١ صم ١٤:‏٥٢‏)‏،‏ الذين كانوا كما يبدو قد عادوا وسيطروا على الاسرائيليين.‏ (‏١ صم ١٣:‏​١٩-‏٢٢‏)‏ غير ان نفوذهم ضعف تدريجيا.‏ فبمساعدة يهوه انتصر عليهم كل من شاول وابنه يوناثان في المنطقة الممتدة من مخماش الى ايلون.‏ (‏١ صم ١٣:‏٢٣–‏١٤:‏​٢٣،‏ ٣١‏)‏ وعندما غزا لاحقا الفلسطيون يهوذا،‏ هُزموا من جديد بعد ان قُتل رجلهم المبارز جليات على يد داود،‏ الفتى الراعي من سبط يهوذا.‏ (‏١ صم ١٧:‏​٤،‏ ٤٨-‏٥٣‏)‏ اثر ذلك جعل الملك شاول داود على رجال الحرب الاسرائيليين،‏ وكان داود قد مُسح ملكا مقبلا لإسرائيل.‏ فدعم شاول بولاء وحقق المزيد من الانتصارات على الفلسطيين.‏ (‏١ صم ١٨:‏​٥-‏٧‏)‏ وكان سبط يهوذا في هذا الوقت مثل «جرو اسد»،‏ اذ لم يكن داود قد تولى السلطة الملكية بعد.‏ —‏ تك ٤٩:‏٩‏.‏

حين رأى شاول في داود تهديدا لملكه وراح يطارده كخارج على القانون،‏ بقي داود وليا له بصفته ممسوح يهوه.‏ ولم يقف قط الى جانب اعداء اسرائيل،‏ كما انه لم يُلحق هو شخصيا الاذى بشاول او يسمح للآخرين بأن يؤذوه.‏ (‏١ صم ٢٠:‏​٣٠،‏ ٣١؛‏ ٢٤:‏​٤-‏٢٢؛‏ ٢٦:‏​٨-‏١١؛‏ ٢٧:‏​٨-‏١١؛‏ ٣٠:‏​٢٦-‏٣١‏)‏ عوضا عن ذلك،‏ حارب اعداء اسرائيل؛‏ وفي احدى المناسبات خلص قعيلة،‏ مدينة في يهوذا،‏ من ايدي الفلسطيين.‏ —‏ ١ صم ٢٣:‏​٢-‏٥‏.‏

بركة يعقوب تتم في داود:‏ اخيرا اتى وقت اللّٰه المعين لانتقال السلطة الملكية من سبط بنيامين الى سبط يهوذا.‏ فبعد موت شاول مسح رجال يهوذا داود ملكا.‏ لكن الاسباط الاخرى بقوا اولياء لبيت شاول وملّكوا ابنه ايشبوشث عليهم.‏ واستمرت الصدامات بين هاتين المملكتين الى ان انحاز الى داود ابنير،‏ الداعم الاقوى لإيشبوشث.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى قُتل ايشبوشث.‏ —‏ ٢ صم ٢:‏​١-‏٤،‏ ٨،‏ ٩؛‏ ٣:‏١–‏٤:‏١٢‏.‏

بعد ذلك تولى داود المُلك على كل اسرائيل.‏ عندئذ حمد ‹بنو يعقوب›،‏ اي كل اسباط اسرائيل،‏ يهوذا وسجدوا لممثله الحاكم.‏ وهكذا استطاع داود ايضا ان يزحف الى اورشليم،‏ مع انها كانت من حيث الاساس ضمن اراضي بنيامين.‏ وبعد ان استولى على معقل صهيون جعل اورشليم عاصمته.‏ في اغلب الاحيان كان داود يتصرف بطريقة جديرة بالثناء.‏ فبسببه حُمد سبط يهوذا على صفات كالعدل والبر وأيضا على الخدمات التي قدمها للامة،‏ بما فيها الحفاظ على امنها،‏ تماما كما انبأ يعقوب عندما تفوه بالبركة وهو على فراش الموت.‏ فضلا عن ذلك،‏ فإن يد يهوذا كانت فعليا على رقبة اعدائه،‏ اذ اخضع داود الفلسطيين (‏الذين حاولوا مرتين ان يطيحوا به كملك في صهيون)‏،‏ بالاضافة الى الموآبيين والاراميين والادوميين والعماليقيين والعمونيين.‏ وهكذا اتسعت اخيرا تخوم اسرائيل في ظل حكم داود،‏ حتى بلغت الحدود المعينة من اللّٰه.‏ —‏ تك ٤٩:‏​٨-‏١٢؛‏ ٢ صم ٥:‏​١-‏١٠،‏ ١٧-‏٢٥؛‏ ٨:‏​١-‏١٥؛‏ ١٢:‏​٢٩-‏٣١‏.‏

صُنع مع داود عهد ابدي لملكوت (‏مملكة)‏،‏ لذلك حاز سبط يهوذا على الصولجان وعصا القائد طوال ٤٧٠ سنة.‏ (‏تك ٤٩:‏١٠؛‏ ٢ صم ٧:‏١٦‏)‏ ولكن لم تكن هنالك مملكة متحدة إلا خلال ملك داود وسليمان،‏ حين سجد كل اسباط اسرائيل ليهوذا.‏ غير ان ارتداد سليمان نحو نهاية ملكه جعل يهوه يمزق المملكة ويأخذ الاسباط العشرة من رحبعام،‏ ملك يهوذا التالي،‏ ويعطيها ليربعام.‏ (‏١ مل ١١:‏​٣١-‏٣٥؛‏ ١٢:‏​١٥-‏٢٠‏)‏ فلم يبق سوى اللاويين وسبطَي بنيامين ويهوذا اولياء لبيت داود.‏ —‏ ١ مل ١٢:‏٢١؛‏ ٢ اخ ١٣:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

٣-‏ مملكة يهوذا،‏ وقد شملت سبط بنيامين.‏ (‏٢ اخ ٢٥:‏٥‏)‏ فبعد موت سليمان شكلت الاسباط العشرة الاخرى مملكة مستقلة يحكمها يربعام الافرايمي.‏

بعيد ذلك،‏ في السنة الخامسة لرحبعام،‏ اجتاح شيشق ملك مصر مملكة يهوذا حتى وصل الى اورشليم،‏ وقد استولى على المدن الحصينة في طريقه اليها.‏ —‏ ١ مل ١٤:‏​٢٥،‏ ٢٦؛‏ ٢ اخ ١٢:‏​٢-‏٩‏.‏

طوال فترة ٤٠ سنة تقريبا،‏ خلال حكم ملوك يهوذا رحبعام وأبيام (‏ابيا)‏ وآسا،‏ حدثت عدة حروب بين مملكتَي يهوذا وإسرائيل.‏ (‏١ مل ١٤:‏٣٠؛‏ ١٥:‏​٧،‏ ١٦‏)‏ لكن يهوشافاط،‏ خلف آسا،‏ صاهر ملك اسرائيل الشرير أخآ‌ب.‏ ورغم السلام الناجم عن ذلك بين المملكتين،‏ سبب زواج يهورام بن يهوشافاط من عثليا ابنة أخآ‌ب عواقب وخيمة ليهوذا.‏ فتحت تأثير عثليا صار يهورام مذنبا بارتداد فادح.‏ وخلال حكمه غزا الفلسطيون والعرب يهوذا وأسروا وقتلوا كل ابنائه ما عدا يهوآحاز (‏اخزيا)‏،‏ ابنه الاصغر.‏ وقد اتبع اخزيا ايضا،‏ عندما اصبح ملكا،‏ توجيهات عثليا الشريرة.‏ وبعد ان مات ميتة عنيفة،‏ قتلت عثليا كل النسل الملكي.‏ ولكن،‏ بفضل العناية الالهية دون شك،‏ خُبئ الطفل يهوآش،‏ الوريث الشرعي لعرش داود،‏ فنجا من الموت.‏ وفي تلك الاثناء اغتصبت عثليا العرش،‏ وتولت الملك الى ان قُتلت بأمر من يهوياداع رئيس الكهنة.‏ —‏ ٢ اخ ١٨:‏١؛‏ ٢١:‏​١،‏ ٥،‏ ٦،‏ ١٦،‏ ١٧؛‏ ٢٢:‏​١-‏٣،‏ ٩-‏١٢؛‏ ٢٣:‏​١٣-‏١٥‏.‏

كانت بداية حكم يهوآش جيدة،‏ إلا انه انحرف عن العبادة الحقة بعد موت يهوياداع رئيس الكهنة.‏ (‏٢ اخ ٢٤:‏​٢،‏ ١٧،‏ ١٨‏)‏ وفشل ابنه امصيا ايضا في الاستمرار في المسلك البار.‏ وخلال حكمه تحاربت من جديد مملكة العشرة اسباط ومملكة يهوذا بعد سنوات من التعايش السلمي،‏ فانهزمت يهوذا هزيمة مخزية.‏ (‏٢ اخ ٢٥:‏​١،‏ ٢،‏ ١٤-‏٢٤‏)‏ اما عزيا (‏عزريا)‏،‏ ملك يهوذا التالي،‏ فقد فعل ما هو صائب في عيني يهوه،‏ ما عدا اقتحامه المقدس.‏ وبرهن خلفه يوثام انه ملك امين،‏ لكن آحاز بن يوثام صار رديء السمعة اذ مارس الصنمية على نطاق واسع.‏ —‏ ٢ اخ ٢٦:‏​٣،‏ ٤،‏ ١٦-‏٢٠؛‏ ٢٧:‏​١،‏ ٢؛‏ ٢٨:‏​١-‏٤‏.‏

خلال حكم آحاز قام الادوميون والفلسطيون وكذلك المملكة الشمالية وأرام بغزو يهوذا.‏ وهدد ايضا التحالف الارامي-‏الاسرائيلي بخلع آحاز عن العرش وتنصيب شخص ليس من السلالة الداودية ملكا على يهوذا.‏ ومع ان النبي اشعيا اكد له ان ذلك لن يحدث،‏ رشا آحاز الخائن الملك الاشوري تغلث فلاسر الثالث لكي يأتي لإعانته.‏ فأدت هذه الخطوة غير الحكيمة الى رزوح يهوذا تحت نير الاشوريين الثقيل.‏ —‏ ٢ اخ ٢٨:‏​٥-‏٢١؛‏ اش ٧:‏​١-‏١٢‏.‏

رد حزقيا بن آحاز العبادة الحقة وتمرد على ملك اشور.‏ (‏٢ مل ١٨:‏​١-‏٧‏)‏ فغزا سنحاريب يهوذا واستولى على الكثير من المدن المحصنة.‏ لكنه لم يستولِ قط على اورشليم،‏ لأن ملاك يهوه قتل في ليلة واحدة ٠٠٠‏,١٨٥ جندي في معسكر الاشوريين.‏ فرجع سنحاريب الى نينوى بعد ان لحق به الخزي.‏ (‏٢ مل ١٨:‏١٣؛‏ ١٩:‏​٣٢-‏٣٦‏)‏ وقبل ذلك بثماني سنوات تقريبا،‏ سنة ٧٤٠ ق‌م،‏ انتهت مملكة العشرة اسباط بسقوط عاصمتها السامرة في يد الاشوريين.‏ —‏ ٢ مل ١٧:‏​٤-‏٦‏.‏

اما منسى بن حزقيا،‏ ملك يهوذا التالي،‏ فقد عاد وأحيا العبادة الصنمية.‏ لكنه تاب عندما اخذه ملك اشور اسيرا الى بابل.‏ وبعد ان رجع الى اورشليم قام بإصلاحات دينية.‏ (‏٢ اخ ٣٣:‏​١٠-‏١٦‏)‏ غير ان ابنه آمون ارتد الى العبادة الصنمية.‏ —‏ ٢ اخ ٣٣:‏​٢١-‏٢٤‏.‏

خلال حكم يوشيا بن آمون جرى القيام بآ‌خر حملة شاملة ضد الصنمية.‏ ولكن كان قد فات الاوان ليتوب الشعب توبة حقيقية.‏ لذلك اصدر يهوه حكما بالدمار الكلي ليهوذا وأورشليم.‏ وأخيرا،‏ قُتل يوشيا عندما حاول صد الجيوش المصرية في مجدو وهم في طريقهم لمساعدة ملك اشور في كركميش.‏ —‏ ٢ مل ٢٢:‏١–‏٢٣:‏٣٠؛‏ ٢ اخ ٣٥:‏٢٠‏.‏

كان ملوك يهوذا الاربعة الاخيرون،‏ يهوآحاز ويهوياقيم ويهوياكين وصدقيا،‏ حكاما اردياء.‏ وقد خلع فرعون نخو يهوآحاز عن العرش،‏ وفرض غرامة كبيرة على ارض يهوذا وملّك يهوياقيم اخا يهوآحاز.‏ (‏٢ مل ٢٣:‏​٣١-‏٣٥‏)‏ ولاحقا،‏ بعد ثماني سنوات من حكم يهوياقيم كما يبدو،‏ صار هذا الاخير خاضعا لنبوخذنصر ملك بابل الذي هزم في وقت ابكر المصريين في كركميش.‏ فخدمه يهوياقيم ثلاث سنوات لكنه عاد وتمرد عليه.‏ (‏٢ مل ٢٤:‏١؛‏ ار ٤٦:‏٢‏)‏ وبعد ذلك،‏ هاجم نبوخذنصر اورشليم معتزما ان يأخذ الملك المتمرد اسيرا الى بابل كما يتضح.‏ (‏٢ اخ ٣٦:‏٦‏)‏ لكن ذلك لم يحدث قط لأن يهوياقيم مات بطريقة لم يأتِ الكتاب المقدس على ذكرها.‏ فملك بعده يهوياكين.‏ وبعد ان حكم ثلاثة اشهر وعشرة ايام فقط،‏ استسلم بإرادته لنبوخذنصر وأُخذ الى السبي البابلي هو وآخرون من حاشيته الملكية والآلاف من رعاياه.‏ ثم نصّب نبوخذنصر صدقيا،‏ عم يهوياكين،‏ على عرش يهوذا.‏ —‏ ٢ مل ٢٤:‏​٦،‏ ٨-‏١٧؛‏ ٢ اخ ٣٦:‏​٩،‏ ١٠‏.‏

حكم صدقيا كملك خاضع لبابل.‏ وفي السنة التاسعة لملكه،‏ تمرد على ملك بابل والتفت الى قوة مصر العسكرية من اجل دعمه.‏ (‏٢ مل ٢٤:‏١٨–‏٢٥:‏١؛‏ ٢ اخ ٣٦:‏​١١-‏١٣؛‏ حز ١٧:‏​١٥-‏٢١‏)‏ فزحف نبوخذنصر بجيوشه الى يهوذا.‏ وبقيت اورشليم تحت الحصار ١٨ شهرا الى ان ثُغرت اسوارها اخيرا.‏ ورغم ان صدقيا تمكن من الهرب،‏ قُبض عليه وقُتل ابناؤه على مرأى منه ثم أُعميت عيناه.‏ وفي الشهر التالي أُخذ معظم الناجين الى السبي.‏ وعُين جدليا واليا على القليلين من مساكين الشعب الذين بقوا في يهوذا.‏ ولكن بعد قتله هرب الشعب الى مصر.‏ وهكذا،‏ في الشهر السابع من سنة ٦٠٧ ق‌م،‏ اصبحت ارض يهوذا خرابا تاما.‏ —‏ ٢ مل ٢٥:‏​١-‏٢٦‏؛‏ من اجل تفاصيل اضافية انظر المقالات عن كلّ من هؤلاء الملوك.‏

حكمها لا يزول:‏ لكن هذه النهاية المأساوية لمملكة يهوذا لم تعنِ ان الصولجان وعصا القيادة نُزعا عن السبط الى الابد.‏ فوفقا لنبوة يعقوب التي تفوه بها وهو على فراش الموت،‏ كان سيخرج من سبط يهوذا وريث العرش الدائم،‏ شيلوه (‏معناه:‏ «ذاك الذي له؛‏ ذاك الذي ينتمي اليه»)‏.‏ (‏تك ٤٩:‏١٠‏)‏ لذلك،‏ قبل الاطاحة بمملكة يهوذا،‏ كان من المناسب ان يوجه يهوه بواسطة حزقيال هذه الكلمات الى صدقيا:‏ «انزع العمامة وارفع التاج.‏ لن تبقى الحال هكذا.‏ ارفع الوضيع وضع الرفيع.‏ خرابا خرابا خرابا اجعله.‏ هذا ايضا لا يكون لأحد حتى يأتي الذي له الحق الشرعي فأعطيه اياه».‏ (‏حز ٢١:‏​٢٦،‏ ٢٧‏)‏ والذي له الحق الشرعي هذا ليس سوى يسوع،‏ ابن اللّٰه،‏ كما اشار اعلان الملاك جبرائيل للعذراء اليهودية مريم بعد ٦٠٠ سنة تقريبا.‏ (‏لو ١:‏​٣١-‏٣٣‏)‏ وهكذا،‏ كان من الملائم ان يحمل يسوع المسيح لقب «الاسد الذي من سبط يهوذا».‏ —‏ رؤ ٥:‏٥‏.‏

مقارنتها بالمملكة الشمالية:‏ كانت مملكة يهوذا اكثر استقرارا بكثير من المملكة الشمالية،‏ كما انها دامت فترة اطول بنحو ١٣٣ سنة.‏ وقد ساهمت عوامل عدة في ذلك:‏ (‏١)‏ بسبب عهد اللّٰه مع داود،‏ لم تنقطع السلالة الملكية في يهوذا،‏ في حين ان اقل من نصف الملوك في المملكة الشمالية خلفهم ابناؤهم.‏ (‏٢)‏ بقاء الكهنوت الهاروني في الهيكل في اورشليم بورك من يهوه وسهل على الامة غير الامينة الرجوع الى الهها.‏ (‏٢ اخ ١٣:‏​٨-‏٢٠‏)‏ من ناحية اخرى،‏ اعتُبر تأسيس واستمرار عبادة العجل في المملكة الشمالية امرا ضروريا للحفاظ على الاستقلالية عن يهوذا.‏ ويبدو انه لهذا السبب لم تُبذل اية جهود لاستئصال هذه العبادة.‏ (‏١ مل ١٢:‏​٢٧-‏٣٣‏)‏ (‏٣)‏ اربعة من ملوك يهوذا الـ‍ ١٩،‏ آسا ويهوشافاط وحزقيا ويوشيا،‏ كانوا بارزين في غيرتهم للعبادة الحقة وقاموا بإصلاحات دينية كبرى.‏

لكن تاريخ المملكتين كلتيهما يظهر حماقة تجاهل اوامر يهوه والثقة بالتحالفات العسكرية لضمان الامن.‏ كما انه يُبرز طول اناة يهوه نحو شعبه العاصي.‏ فقد ارسل مرارا انبياءه لحض الشعب على التوبة.‏ لكن،‏ في اغلب الاحيان،‏ لم تلقَ تحذيراتهم اذنا صاغية.‏ (‏ار ٢٥:‏​٤-‏٧‏)‏ وبين الانبياء الذين خدموا في يهوذا كان شمعيا،‏ عدو،‏ عزريا،‏ عوديد،‏ حناني،‏ ياهو،‏ أليعازر،‏ يحزيئيل،‏ ميخا،‏ هوشع،‏ اشعيا،‏ صفنيا،‏ حبقوق،‏ وإرميا.‏ —‏ انظر «إسْرائِيل» رقم ٢ و ٣.‏

بعد السبي:‏ في سنة ٥٣٧ ق‌م،‏ عندما اصبح مرسوم كورش ساري المفعول،‏ وهو المرسوم الذي سمح للاسرائيليين بالعودة الى ارض يهوذا وإعادة بناء الهيكل،‏ يبدو ان ممثلين عن مختلف الاسباط عادوا الى موطنهم.‏ (‏عز ١:‏​١-‏٤؛‏ اش ١١:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ وإتماما لحزقيال ٢١:‏٢٧‏،‏ لم يتولّ اي ملك من السلالة الداودية شؤون الشعب العائد الى موطنه.‏ ومن الجدير بالملاحظة ايضا ان السجل لا يأتي على ذكر غيرة بين الاسباط،‏ مما يدل ان افرايم ويهوذا اتحدا فعلا.‏ —‏ اش ١١:‏١٣‏.‏

٤-‏ يبدو انه هو نفسه هودويا،‏ او هودَوَا،‏ اللاوي الذي رجع ابناؤه الى اورشليم مع زربابل.‏ —‏ عز ٢:‏٤٠؛‏ ٣:‏٩؛‏ نح ٧:‏٤٣‏.‏

٥-‏ لاوي أُدرج اسمه بين الذين رجعوا مع زربابل.‏ —‏ نح ١٢:‏​١،‏ ٨‏.‏

٦-‏ لاوي كان بين الذين صرفوا زوجاتهم الغريبات مع البنين.‏ —‏ عز ١٠:‏​٢٣،‏ ٤٤‏.‏

٧-‏ واحد من بني بنيامين الذين سكنوا في اورشليم،‏ وقد تولى مركز اشراف هناك بعد السبي.‏ —‏ نح ١١:‏​٧،‏ ٩‏.‏

٨-‏ احد الذين ساروا في موكب التدشين الذي نظمه نحميا بعد الانتهاء من بناء سور اورشليم.‏ —‏ نح ١٢:‏​٣١،‏ ٣٤‏.‏

٩-‏ احد الموسيقيين من بني الكهنة الذين ساروا في موكب التدشين.‏ —‏ نح ١٢:‏​٣١،‏ ٣٥،‏ ٣٦‏.‏

١٠-‏ احد اسلاف يسوع في سلسلة النسب التي امتدت من ناثان الى مريم،‏ وهو ابن يوسف وأبو شمعون.‏ وقد كان من الجيل السابع بعد ناثان بن داود،‏ وبالتالي عاش قبل السبي البابلي.‏ —‏ لو ٣:‏​٣٠،‏ ٣١‏.‏

١١-‏ يهوذا الجليلي الذي اشار اليه غمالائيل عندما كان يخاطب السنهدريم.‏ (‏اع ٥:‏٣٧‏)‏ وقد قاد ثورة يهودية في ايام الاكتتاب الذي أُجري في عهد كيرينيوس حاكم سورية،‏ عام ٦ ب‌م.‏ يأتي يوسيفوس على ذكره مرات عدة،‏ ويقول عنه:‏ «حرّض مواطني بلده على الثورة،‏ موبخا وناعتا اياهم بالجبن لقبولهم تأدية الجزية للرومان واحتمالهم اسيادا زائلين بعد ان كان اللّٰه ربهم.‏ انه رجل سوفسطائي اسس بدعة خاصة به،‏ وكان مختلفا عن الآخرين».‏ (‏الحرب اليهودية،‏ ٢:‏١١٨ [٨:‏١])‏ وقد دعاه يوسيفوس في احدى المناسبات يهوذا الجولاني،‏ تسمية ينسبها البعض الى منطقة تقع شرق بحر الجليل.‏ لكنه في مناسبات اخرى يقول عنه،‏ على غرار غمالائيل،‏ انه كان جليليا.‏ (‏العاديات اليهودية،‏ ١٨:‏٤ [١:‏١]؛‏ ١٨:‏٢٣ [١:‏٦])‏ لقد شدد اولئك المتمردون على ضرورة نيل الحرية،‏ لكنهم لم ينجحوا في تحقيقها.‏ فيهوذا هذا «هلك .‏ .‏ .‏ وتبدد جميع الذين كانوا يطيعونه».‏ (‏اع ٥:‏٣٧‏)‏ وبعض المتحدرين منه اشتركوا ايضا في اشعال بعض الثورات.‏ —‏ الحرب اليهودية،‏ ٢:‏٤٣٣-‏٤٤٠ (‏١٧:‏٨)‏؛‏ ٧:‏٢٥٣ (‏٨:‏١)‏.‏

١٢-‏ احد الرسل الـ‍ ١٢،‏ ويُدعى ايضا تداوس و «يهوذا بن يعقوب».‏ فعند تعداد اسماء الرسل في متى ١٠:‏٣ و مرقس ٣:‏​١٨‏،‏ يُذكر يعقوب بن حلفى مع تداوس.‏ اما في لوقا ٦:‏١٦ و أعمال ١:‏١٣ فلا يُذكر تداوس بل «يهوذا بن يعقوب»،‏ مما يقود الى الاستنتاج ان تداوس هو اسم آخر للرسول يهوذا.‏ ولعل السبب وراء استعمال الاسم تداوس احيانا هو احتمال الخلط بين الرسولين اللذين يحملان الاسم يهوذا.‏ وينقل بعض المترجمين العبارة الواردة في لوقا ٦:‏١٦ و أعمال ١:‏١٣ الى ‹يهوذا اخي يعقوب›،‏ وذلك لأن التعبير اليوناني المستعمل لا يحدد صلة القرابة بينهما.‏ لكن البشيطة السريانية تستعمل كلمة «ابن».‏ بناء على ذلك تورد ترجمات عصرية عديدة عبارة «يهوذا بن يعقوب» (‏ع‌ج،‏ ي‌ج،‏ جد‏)‏.‏ والاشارة الوحيدة في الكتاب المقدس الى الاسم يهوذا وحده هي في يوحنا ١٤:‏٢٢ حيث يشار اليه على انه «يهوذا،‏ غير الاسخريوطي»،‏ وذلك لتحديد هوية يهوذا الذي كان يتكلم.‏

وفي متى ١٠:‏٣ تقحم ترجمة الملك جيمس عبارة «لبّاوس الملقب» قبل الاسم «تداوس»،‏ مستندة على النص المقبول.‏ لكن نص وستكوت وهورت لا يذكر هذه العبارة لأنها غير موجودة في مخطوطات كالمخطوطة السينائية.‏

١٣-‏ يهوذا الاسخريوطي ابن سمعان،‏ وهو الرسول السيئ السمعة الذي خان يسوع.‏ لا يزود الكتاب المقدس إلا معلومات قليلة تتعلق مباشرة بعائلته وخلفيته.‏ وقد دُعي هو وأبوه على السواء بالاسخريوطي (‏لو ٦:‏١٦؛‏ يو ٦:‏٧١‏)‏ مما يشير،‏ كما يُعتقد عموما،‏ الى انهما من بلدة قِريوت حصرون في اليهودية.‏ وإذا صح ذلك،‏ فعندئذ يكون يهوذا الوحيد بين الرسل الـ‍ ١٢ الذي كان من اليهودية،‏ اما الباقون فكانوا من الجليل.‏

يُذكر يهوذا لأول مرة في روايات الاناجيل عند تعداد اسماء الرسل الذين اختارهم يسوع في وقت ما بعد فصح سنة ٣١ ب‌م،‏ بعد نحو سنة ونصف من ابتداء يسوع بالخدمة.‏ (‏مر ٣:‏١٩؛‏ لو ٦:‏١٦‏)‏ ومن المنطقي الاستنتاج ان يهوذا كان تلميذا مدة من الوقت قبل ان يختاره يسوع رسولا.‏ صحيح ان كتابا كثيرين ينقلون عنه صورة سيئة جدا،‏ لكنه كما يتضح كان طوال فترة تلميذا لديه حظوة عند اللّٰه ويسوع؛‏ واختياره رسولا يدل على ذلك.‏ كما انه اؤتمن على صندوق الاموال الخاص بيسوع والرسل الـ‍ ١٢،‏ الامر الذي يُظهر انه كان موثوقا به آنذاك ويعكس مدى كفاءته وثقافته،‏ وخصوصا لأن متى لم يحظَ بهذا التعيين رغم خبرته بأمور المال والحسابات.‏ (‏يو ١٢:‏٦؛‏ مت ١٠:‏٣‏)‏ ومع ذلك صار يهوذا فاسدا تماما وعلى نحو لا يمكن تبريره.‏ ولا شك ان هذا كان السبب وراء ادراج اسمه آخرا بين اسماء الرسل ووصفه بيهوذا «الذي سلم [يسوع] في ما بعد» و «الذي تحول الى خائن».‏ —‏ مت ١٠:‏٤؛‏ لو ٦:‏١٦‏.‏

يصير فاسدا:‏ عند اقتراب فصح سنة ٣٢ ب‌م،‏ أُرسل يهوذا مع الرسل الآخرين للكرازة.‏ (‏مت ١٠:‏​١،‏ ٤،‏ ٥‏)‏ وبُعيد عودته،‏ اي بعد اقل من سنة من اختياره رسولا،‏ شهّره المسيح انما دون ذكر اسمه.‏ فعندما ترك بعض التلاميذ يسوع المسيح لأنهم صُدموا من تعاليمه،‏ قال بطرس ان الـ‍ ١٢ سيلتصقون به.‏ وردا على ذلك اعترف يسوع بأنه اختار الـ‍ ١٢،‏ لكنه قال:‏ «واحد منكم هو مفتر [باليونانية ديابولوس،‏ وتعني «ابليس» او «مفتر»]».‏ وتوضح الرواية ان الشخص الذي كان آنذاك قد اصبح مفتريا هو يهوذا الذي «سيسلمه،‏ مع انه احد الاثني عشر».‏ —‏ يو ٦:‏​٦٦-‏٧١‏.‏

يقول يوحنا في الحديث عن هذه المناسبة:‏ «يسوع كان يعرف من البداية .‏ .‏ .‏ من هو الذي سيسلمه».‏ (‏يو ٦:‏٦٤‏)‏ فالمسيح علم من نبوات الاسفار العبرانية ان عشيرا حميما كان سيسلمه.‏ (‏مز ٤١:‏٩؛‏ ١٠٩:‏٨؛‏ يو ١٣:‏​١٨،‏ ١٩‏)‏ وإذ استخدم اللّٰه قدرته على المعرفة المسبقة رأى هو ايضا ان هذا الشخص سيتحول الى خائن،‏ لكن صفات اللّٰه وتعاملاته الماضية تتعارض مع الاعتقاد ان يهوذا كان يجب ان يسقط،‏ كما لو ان ذلك مقدّر له.‏ (‏انظر «‏المعرفة المسبقة،‏ التعيين المسبق‏».‏)‏ وكما ذُكر سابقا،‏ كان يهوذا امينا للّٰه وليسوع في بداية خدمته كرسول.‏ وهكذا،‏ لا بد ان يوحنا عنى انه ‹من بداية› صيرورة يهوذا رديئا واستسلامه للنقص والميول الخاطئة ادرك يسوع ذلك.‏ (‏يو ٢:‏​٢٤،‏ ٢٥؛‏ رؤ ١:‏١؛‏ ٢:‏٢٣‏)‏ ولا شك ان يهوذا عرف انه هو ‹المفتري› الذي ذكره يسوع،‏ ومع ذلك استمر يرافق يسوع والرسل الامناء،‏ ولم يصنع اية تغييرات كما يبدو.‏

لا يناقش الكتاب المقدس بالتفصيل الدافع وراء مسلك يهوذا الفاسد.‏ لكن ما حدث في ٩ نيسان القمري سنة ٣٣ ب‌م،‏ اي قبل خمسة ايام من موت يسوع،‏ يلقي الضوء على المسألة.‏ ففي بيت سمعان الابرص ببيت عنيا،‏ سكبت مريم اخت لعازر زيتا عطرا على يسوع يساوي ٣٠٠ دينار،‏ اي ما يعادل تقريبا الاجر الذي يتقاضاه العامل في سنة.‏ (‏مت ٢٠:‏٢‏)‏ فاعترض يهوذا بشدة،‏ قائلا ان الزيت كان يمكن ان يُباع ويُعطى المال «للفقراء».‏ وكما يتضح،‏ وافق الرسل الآخرون على ما بدا فكرة سديدة،‏ لكن يسوع وبخهم.‏ لقد كان السبب الحقيقي وراء اعتراض يهوذا اهتمامه بصندوق المال لأنه كان «سارقا .‏ .‏ .‏ يستولي على الاموال» التي توضع في الصندوق.‏ وهكذا،‏ كان يهوذا لصا جشعا.‏ —‏ يو ١٢:‏​٢-‏٧؛‏ مت ٢٦:‏​٦-‏١٢؛‏ مر ١٤:‏​٣-‏٨‏.‏

ثمن خيانته:‏ لا شك ان توبيخ يسوع بشأن استخدام المال كان لاذعا ليهوذا.‏ وفي ذلك الوقت ‹دخل الشيطان في يهوذا›،‏ مما عنى على الارجح ان الرسول الخائن استسلم لمشيئة ابليس جاعلا نفسه اداة تُنفّذ بها خطة الشيطان لقتل المسيح.‏ وبعد ايام قليلة،‏ في ١٢ نيسان القمري،‏ ذهب يهوذا الى كبار الكهنة وقواد حرس الهيكل ليرى كم يدفعون له مقابل خيانته ليسوع،‏ مظهرا من جديد مدى جشعه.‏ (‏مت ٢٦:‏​١٤-‏١٦؛‏ مر ١٤:‏​١٠،‏ ١١؛‏ لو ٢٢:‏​٣-‏٦؛‏ يو ١٣:‏٢‏)‏ وفي ذلك اليوم كان كبار الكهنة قد اجتمعوا مع «شيوخ الشعب»،‏ اي الاعضاء النافذين في السنهدريم.‏ (‏مت ٢٦:‏٣‏)‏ وربما جيء بقواد حرس الهيكل بسبب نفوذهم ولإضفاء صفة شرعية على اية خطة تُرسم لاعتقال يسوع.‏

لماذا عرض القادة الدينيون اليهود ٣٠ قطعة من الفضة فقط مقابل خيانة يسوع؟‏

كان الثمن الذي عُرض على يهوذا ثلاثين قطعة من الفضة (‏٦٦ دولارا اذا كانت شواقل)‏.‏ (‏مت ٢٦:‏​١٤،‏ ١٥‏)‏ ويبدو ان القادة الدينيين حددوا هذا المبلغ لإظهار احتقارهم ليسوع،‏ معتبرينه زهيد القيمة.‏ فبحسب الخروج ٢١:‏٣٢ كان ثمن العبد ٣٠ شاقلا.‏ فضلا عن ذلك،‏ دُفع لزكريا لقاء عمله كراع للشعب ‹ثلاثون قطعة من الفضة›.‏ وقد ازدرى يهوه هذا المبلغ الزهيد معتبرا ان الاجرة التي أُعطيت لزكريا تمثل قيمة اللّٰه نفسه في نظر اليهود غير الامناء.‏ (‏زك ١١:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ اذا،‏ حين عرض القادة الدينيون ٣٠ قطعة من الفضة فقط مقابل تسليم يسوع،‏ حاولوا ان يظهروا انه عديم القيمة.‏ لكنهم في الوقت نفسه تمموا زكريا ١١:‏١٢‏،‏ معتبرين يهوه قليل القيمة بتقديمهم هذا العرض المتعلق بالممثل الذي ارسله ليرعى اسرائيل.‏ ويهوذا الفاسد «وافق [على الثمن] وأخذ يطلب فرصة ملائمة ليسلم [يسوع] اليهم بمعزل عن الجمع».‏ —‏ لو ٢٢:‏٦‏.‏

ليلته الاخيرة مع يسوع:‏ رغم ان يهوذا انقلب على المسيح،‏ استمر يرافقه.‏ وقد اجتمع مع يسوع والرسل في ١٤ نيسان القمري سنة ٣٣ ب‌م من اجل الاحتفال بالفصح.‏ وفيما كانوا يتناولون وجبة الفصح قام يسوع وابتدأ يخدم الرسل بغسل اقدامهم بتواضع.‏ فسمح يهوذا المرائي بأن يغسل يسوع قدميه.‏ لكن يسوع قال:‏ «لستم كلكم طاهرين».‏ (‏يو ١٣:‏​٢-‏٥،‏ ١١‏)‏ وقال ايضا ان واحدا من الرسل الجالسين حول المائدة سيسلمه.‏ فسأل يهوذا يسوع إن كان هو الشخص المقصود،‏ ربما لكيلا يظهر انه مذنب.‏ ولكي يحدد يسوع بشكل اوضح هوية هذا الشخص،‏ اعطى يهوذا لقمة وقال له ان يفعل بسرعة ما ينوي فعله.‏ —‏ مت ٢٦:‏​٢١-‏٢٥؛‏ مر ١٤:‏​١٨-‏٢١؛‏ لو ٢٢:‏​٢١-‏٢٣؛‏ يو ١٣:‏​٢١-‏٣٠‏.‏

وفي الحال،‏ تركهم يهوذا.‏ وتشير مقارنة متى ٢٦:‏​٢٠-‏٢٩ بيوحنا ١٣:‏​٢١-‏٣٠ ان يهوذا غادر قبل تأسيس يسوع الاحتفال بعشاء الرب.‏ وكما يتضح،‏ لم يسرد لوقا هذه الحادثة بحسب الترتيب الزمني الدقيق،‏ لأن يهوذا كان بالتأكيد قد خرج قبلما مدح المسيح الرسل على التصاقهم به؛‏ فهذا لا ينطبق على يهوذا،‏ كما ان يهوذا لم يُدخَل في ‹العهد لملكوت›.‏ —‏ لو ٢٢:‏​١٩-‏٣٠‏.‏

وفي ما بعد وجد يهوذا يسوع مع الرسل الامناء في بستان جتسيماني،‏ مكان كان يهوذا الخائن يعرفه جيدا لأنهم التقوا فيه قبلا.‏ وكان يتقدّم جمعا كثيرا،‏ بمن فيهم العسكر الروماني وأحد قواد الجند.‏ وكان الرعاع يحملون الهراوى والسيوف،‏ اضافة الى المشاعل والسرج التي كانوا سيحتاجون اليها اذا حجبت الغيوم ضوء البدر او كان يسوع في مكان مظلم.‏ على الارجح ما كان الرومان ليعرفوا يسوع،‏ لذلك حيّاه يهوذا بموجب علامة اتُّفق عليها مسبقا و«قبّله» قبلة رياء،‏ فعرّفهم به.‏ (‏مت ٢٦:‏​٤٧-‏٤٩؛‏ يو ١٨:‏​٢-‏١٢‏)‏ ولاحقا،‏ شعر يهوذا بفداحة ذنبه،‏ فحاول في الصباح ان يرد الـ‍ ٣٠ قطعة من الفضة.‏ لكن كبار الكهنة رفضوا استردادها،‏ فألقى المال في الهيكل.‏ —‏ مت ٢٧:‏​١-‏٥‏.‏

موته:‏ بحسب متى ٢٧:‏٥ شنق يهوذا نفسه.‏ لكن الاعمال ١:‏١٨ تقول:‏ «وإذ سقط على رأسه انشق من وسطه وانسكبت امعاؤه كلها».‏ فيبدو ان متى يتحدث عن الطريقة التي حاول بها الانتحار،‏ اما الاعمال فتصف النتيجة.‏ وبجمع الروايتين يُستدل ان يهوذا حاول على ما يبدو ان يشنق نفسه فوق منحدر صخري،‏ لكن الحبل او غصن الشجرة انقطع،‏ فسقط يهوذا وانشق على الصخور في الاسفل.‏ ونظرا الى تضاريس المنطقة المحيطة بأورشليم فإن حدوث ذلك امر معقول.‏

ثمة سؤال آخر مرتبط بموته وهو:‏ مَن اشترى بـ‍ ٣٠ قطعة من الفضة الحقل الذي احتوى قبرا؟‏ بحسب متى ٢٧:‏​٦،‏ ٧‏،‏ اتخذ كبار الكهنة قرارا انه لا يمكن وضع المال في الخزانة المقدسة،‏ لذلك قاموا هم باستخدامه لشراء الحقل.‏ اما الرواية في الاعمال ١:‏​١٨،‏ ١٩ فتقول عن يهوذا:‏ «فإن هذا اشترى حقلا من اجرة الاثم».‏ والجواب على ما يبدو هو ان الكهنة هم الذين اشتروا الحقل،‏ ولكن بما ان يهوذا قدم المال،‏ يمكن ان يُنسب اليه شراؤه.‏ يوضح الدكتور أ.‏ ادرشايم:‏ «لم يكن يحل وضع المال المكتسب بطريقة غير شرعية في خزانة الهيكل لشراء امور مقدسة.‏ وفي حالات كهذه،‏ كانت الشريعة اليهودية تشترط ان يُعاد المال الى من تبرع به،‏ وإذا اصر على تقديمه فكان يجب حثه ان ينفقه على امر يستفيد منه الناس عموما.‏ .‏ .‏ .‏ وبحسب القانون يُعتبر ان المال لا يزال ملكا ليهوذا وأنه هو من خصصه لشراء ‹حقل الخزاف› المعروف».‏ (‏حياة وأوقات يسوع المسيا،‏ ١٩٠٦،‏ المجلد ٢،‏ ص ٥٧٥)‏ وقد تمم شراء هذا الحقل النبوة في زكريا ١١:‏١٣‏.‏

كان المسلك الذي اتخذه يهوذا عمديا؛‏ وقد شمل المكر،‏ الجشع،‏ الكبرياء،‏ الرياء،‏ والتخطيط لفعل السوء.‏ وكما يمكن ان يحصل للقاتل عمدا بعد ارتكاب جريمته،‏ شعر يهوذا بالندم تحت وطأة الذنب الذي ارتكبه.‏ لكنه كان قد عقد بملء ارادته صفقة مع اشخاص يستوجبون ‹دينونة الهلاك في وادي هنوم›،‏ اشخاص ذكر يسوع انهم يصنعون متهودين ويجعلونهم يستحقون الهلاك في وادي هنوم ضعف ما يستحقون هم انفسهم.‏ (‏مت ٢٣:‏​١٥،‏ ٣٣‏)‏ وقد قال عنه يسوع نفسه في الليلة الاخيرة من حياته على الارض:‏ «كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد».‏ كما دعاه في وقت لاحق:‏ «ابن الهلاك».‏ —‏ مر ١٤:‏٢١؛‏ يو ١٧:‏١٢؛‏ عب ١٠:‏​٢٦-‏٢٩‏.‏

استبداله:‏ في الفترة ما بين صعود يسوع ويوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ اجتمع فريق من التلاميذ يبلغ عدده نحو ١٢٠ شخصا.‏ وقد اوضح لهم بطرس،‏ مطبقا النبوة في المزمور ١٠٩:‏٨‏،‏ انه يبدو مناسبا اختيار شخص ليحل محل يهوذا.‏ فاقتُرح اسمان ثم أُلقيَت القرعة بينهما،‏ فاختير متياس «ليشغل الخدمة والرسولية اللتين حاد عنهما يهوذا لكي يذهب الى مكانه».‏ —‏ اعمال ١:‏​١٥،‏ ١٦،‏ ٢٠-‏٢٦‏.‏

١٤-‏ ‹عبد يسوع المسيح وأخو يعقوب›.‏ هكذا يعرِّف بنفسه كاتب الرسالة الموحى بها التي تحمل اسمه والتي كتبها نحو سنة ٦٥ ب‌م.‏ ولا يبدو انه هو «يهوذا بن يعقوب»،‏ احد رسل يسوع المسيح الـ‍ ١١ الامناء.‏ (‏لو ٦:‏١٦‏)‏ فيهوذا هذا لا يقول انه رسول ليسوع المسيح بل «عبد» له،‏ كما انه يشير الى الرسل باستعمال صيغة الغائب.‏ —‏ يه ١،‏ ١٧،‏ ١٨‏.‏

تتحدث الاسفار اليونانية المسيحية عن اشخاص آخرين يحملون الاسم نفسه.‏ لكن يهوذا هذا،‏ احد كتبة الكتاب المقدس،‏ يميّز نفسه عن الآخرين بذكر اسم اخيه،‏ الامر الذي ربما يدل على ان اخاه يعقوب كان معروفا جدا بين المسيحيين.‏ ويبدو ان شخصا واحدا فقط كان بارزا جدا بين الذين يُدعون يعقوب.‏ وقد اشار اليه الرسول بولس بصفته احد «اعمدة» الجماعة في اورشليم و ‹اخا الرب›.‏ (‏غل ١:‏١٩؛‏ ٢:‏٩‏؛‏ انظر ايضا اع ١٢:‏١٧؛‏ ١٥:‏​١٣-‏٢١‏.‏)‏ فمن الواضح ان يهوذا هذا هو احد اخوة المسيح يسوع من امه.‏ (‏مت ١٣:‏٥٥؛‏ مر ٦:‏٣‏)‏ ورغم ذلك لم يستغل علاقته الجسدية بابن اللّٰه،‏ بل دعا نفسه بتواضع «عبد يسوع المسيح».‏

لا يُعرف شيء تقريبا عن حياة يهوذا.‏ ومن الواضح انه كان مع اخوته الثلاثة وأمه مريم عندما صنع يسوع عجيبة في قانا في وقت باكر من خدمته،‏ وقد سافر لاحقا مع يسوع وتلاميذه الى كفرناحوم حيث مكثوا فترة قصيرة.‏ (‏يو ٢:‏​١-‏١٢‏)‏ وبعد اكثر من سنة،‏ رافق كما يبدو مريم وإخوته عندما كانوا يبحثون عن يسوع.‏ (‏مت ١٢:‏٤٦‏)‏ وربما كان يهوذا بين الذين قالوا:‏ «انه فقد عقله».‏ (‏مر ٣:‏٢١‏)‏ على اية حال،‏ لم يكن هو وإخوته يمارسون الايمان بالمسيح يسوع سنة ٣٢ ب‌م.‏ (‏يو ٧:‏٥‏)‏ وقد جعل يسوع قُبيل موته امه المؤمنة في عهدة الرسول يوحنا،‏ مما يشير بقوة ان يهوذا وإخوته لم يكونوا بعد من تلاميذه.‏ —‏ يو ١٩:‏​٢٦،‏ ٢٧‏.‏

لكن يسوع ظهر بعد قيامته ليعقوب،‏ اخيه من امه.‏ (‏١ كو ١٥:‏٧‏)‏ ودون شك،‏ لم يساهم ذلك في اقناع يعقوب فقط بأن يسوع هو حقا المسيا،‏ بل ايضا يهوذا وأخويه الآخرين.‏ لذلك،‏ كانوا يداومون على الصلاة مع الرسل الـ‍ ١١ الامناء والآخرين المجتمعين في علية في اورشليم في الفترة ما بين صعود يسوع ويوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م.‏ ويبدو انهم كانوا ايضا بين الجمع البالغ عدده نحو ١٢٠ شخصا عندما أُلقيت القرعة واختير متياس ليحل محل يهوذا الاسخريوطي الخائن.‏ (‏اع ١:‏​١٣-‏٢٦‏)‏ وهكذا،‏ من المنطقي ان يكون يهوذا بين المؤمنين الذين نالوا اولا الروح القدس في يوم الخمسين.‏ —‏ اع ٢:‏​١-‏٤‏.‏

١٥-‏ رجل من دمشق كان يسكن في شارع المستقيم.‏ وقد اقام شاول (‏بولس)‏ في بيته بعد ان أُصيب بالعمى فور اهتدائه،‏ وإلى هناك أُرسل حنانيا ليضع يديه على شاول.‏ (‏اع ٩:‏​١١،‏ ١٧‏)‏ لا تذكر الرواية هل كان يهوذا تلميذا آنذاك،‏ ولكن يبدو ان هذا بعيد الاحتمال نظرا الى ان حنانيا والتلاميذ الآخرين ترددوا في الاقتراب من شاول بسبب صيته كمضطهد،‏ في حين استقبل يهوذا شاول في بيته.‏ —‏ اع ٩:‏​١٣،‏ ١٤،‏ ٢٦‏.‏

١٦-‏ يُدعى ايضا برسابا،‏ وهو احد التلميذين اللذين ارسلتهما الهيئة الحاكمة في اورشليم ليرافقا بولس وبرنابا عند نقلهما الرسالة عن الختان (‏نحو ٤٩ ب‌م)‏.‏ وقد اعتُبر يهوذا ورفيقه سيلا ‹رجلين متقدمين بين الاخوة›.‏ (‏اع ١٥:‏٢٢‏)‏ كانت تلك الرسالة موجهة الى «الاخوة في انطاكية وسورية وكيليكية».‏ ولا يُذكر يهوذا وسيلا إلا خلال وجودهما في انطاكية،‏ وما من اشارة الى انهما ذهبا الى مكان ابعد.‏ لقد كان عليهما ان يؤكدا شفهيا مضمون الرسالة.‏ وكان يهوذا ‹نبيا›،‏ وقد القى كخطيب زائر عدة خطابات على الاخوة في انطاكية،‏ مشجعا ومقويا اياهم.‏ —‏ اع ١٥:‏​٢٢،‏ ٢٣،‏ ٢٧،‏ ٣٠-‏٣٢‏.‏

تدل الاعمال ١٥:‏٣٣ ان يهوذا وسيلا عادا الى اورشليم بعدما «قضيا زمانا» مع المسيحيين في انطاكية.‏ غير ان بعض المخطوطات (‏مثل المجلد الافرامي والمجلد البيزي)‏ تحتوي على العدد ٣٤ الذي يُذكر فيه،‏ مع بعض الاختلافات:‏ «لكن سيلا استحسن ان يبقى هناك اكثر؛‏ اما يهوذا فسافر الى اورشليم وحده».‏ حُذف هذا العدد في المخطوطات المعتمدة الاقدم (‏السينائية،‏ الاسكندرية،‏ الفاتيكانية رقم ١٢٠٩)‏.‏ فقد كان على الارجح احد الملاحظات الهامشية لشرح العدد ٤٠‏،‏ وأُقحم لاحقا في النص الرئيسي.‏

اقترح بعض المعلقين ان يهوذا المدعو برسابا هو اخو «يوسف الذي يُدعى برسابا»،‏ تلميذ رُشح ليحل محل يهوذا الاسخريوطي.‏ (‏اع ١:‏٢٣‏)‏ ولكن ليس هنالك اي دليل يثبت ذلك غير التشابه في الاسم.‏ ولم يعد الكتاب المقدس يأتي على ذكر يهوذا هذا بعد عودته الى اورشليم.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة