مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «السماء»‏
  • السماء

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • السماء
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • ما هي السماء؟‏
    انت تسأل والكتاب المقدس يجيب
  • كيف تبدأ «سموات جديدة وارض جديدة»‏
    النجاة الى ارض جديدة
  • صُنع كل شيء جديدا —‏ كما أُنبئ
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٠
  • الأرض
    بصيرة في الاسفار المقدسة
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «السماء»‏

السماء

كما يبدو،‏ ان الكلمة العبرانية شاماييم (‏دائما بصيغة الجمع)‏،‏ التي تُترجَم الى «سماء» او «سموات»،‏ تشير بشكل اساسي الى شيء عالٍ او مرتفع.‏ (‏مز ١٠٣:‏١١؛‏ ام ٢٥:‏٣؛‏ اش ٥٥:‏٩‏)‏ اما اصل الكلمة اليونانية المترجمة الى «سماء» (‏أورانوس‏)‏ فغير معروف.‏

السموات الحرفية:‏ تشير الكلمة في اللغة الاصلية الى كل ما تشمله السموات الحرفية.‏ وعادة،‏ يساعد سياق الكلام على تحديد اي جزء هو المقصود.‏

غلاف الارض الجوي:‏ يمكن ان تنطبق كلمة «سماء» او «سموات» على كامل نطاق غلاف الارض الجوي،‏ اي الجزء المرئي الذي يحيط بالارض.‏ (‏مت ١٦:‏١-‏٣؛‏ اع ١:‏١٠،‏ ١١‏)‏ وهناك يتشكل الندى والصقيع (‏تك ٢٧:‏٢٨؛‏ اي ٣٨:‏٢٩‏)‏،‏ تطير الطيور (‏تث ٤:‏١٧؛‏ ام ٣٠:‏١٩؛‏ مت ٦:‏٢٦‏)‏،‏ تهب الرياح (‏مز ٧٨:‏٢٦‏)‏،‏ يضيء البرق (‏لو ١٧:‏٢٤‏)‏،‏ وتسبح السحب وتسكب المطر والثلج والبرَد (‏يش ١٠:‏١١؛‏ ١ مل ١٨:‏٤٥؛‏ اش ٥٥:‏١٠؛‏ اع ١٤:‏١٧‏)‏.‏

ويشير هذا الغلاف الجوي عموما الى «الجلد [بالعبرانية راقياع‏]» الذي تشكَّل خلال الفترة الخلقية الثانية المذكورة في التكوين ١:‏٦-‏٨‏.‏ ومن الواضح ان هذا هو المقصود بكلمة «سماء» في التكوين ٢:‏٤ والخروج ٢٠:‏١١ و ٣١:‏١٧ حيث يتحدث عن خلق «السموات والارض».‏ —‏ انظر «الجَلَد».‏

عندما خلق اللّٰه الغلاف الجوي،‏ فصل بين المياه التي على سطح الارض والمياه التي فوق الغلاف.‏ وهذا يفسِّر ما يقوله الكتاب المقدس عن الطوفان ايام نوح:‏ «تفجرت كل عيون الغمر العظيم وانفتحت كوى السماء».‏ (‏تك ٧:‏١١‏؛‏ قارن ام ٨:‏٢٧،‏ ٢٨‏.‏)‏ ففي الطوفان،‏ انسكبت المياه التي كانت فوق الغلاف الجوي على شكل امطار وانهمرت مثل شلالات قوية جدا.‏ وعندما فرغ مخزون المياه الكبير هذا «انسدَّت .‏.‏.‏ كوى السماء».‏ —‏ تك ٨:‏٢‏.‏

الفضاء الخارجي:‏ تمتد «السموات» الحرفية الى ابعد من غلاف الارض الجوي لتصل الى الفضاء الخارجي حيث الاجسام السماوية،‏ اي «كل جند السماء»:‏ الشمس والقمر والنجوم.‏ (‏تث ٤:‏١٩؛‏ اش ١٣:‏١٠؛‏ ١ كو ١٥:‏٤٠،‏ ٤١؛‏ عب ١١:‏١٢‏)‏ وبحسب اول آية في الكتاب المقدس،‏ خلق اللّٰه السموات المرصعة بالنجوم قبل ان يبدأ بتجهيز الارض للسكن.‏ (‏تك ١:‏١‏)‏ وهذه السموات،‏ مثلها مثل الغلاف الجوي،‏ هي عمل «اصابع» اللّٰه وتعلن عن مجده.‏ (‏مز ٨:‏٣؛‏ ١٩:‏١-‏٦‏)‏ وقد وضع اللّٰه «سُنن السموات»،‏ اي القوانين التي تضبط كل هذه الاجسام السماوية.‏ ولا يزال علماء الفلك عاجزين عن فهم هذه القوانين كاملا،‏ رغم كل معداتهم الحديثة ومعرفتهم المتقدمة في مجال الرياضيات.‏ (‏اي ٣٨:‏٣٣؛‏ ار ٣٣:‏٢٥‏)‏ لكنَّ اكتشافاتهم تؤكِّد انه يستحيل على الانسان ان يقيس الفضاء او يعدّ الاجسام السماوية.‏ (‏ار ٣١:‏٣٧؛‏ ٣٣:‏٢٢‏؛‏ انظر «النجم».‏)‏ اما اللّٰه فيعرف عددها ويعطي كلًّا منها اسما.‏ —‏ مز ١٤٧:‏٤؛‏ اش ٤٠:‏٢٦‏.‏

‏«وسط السماء» و «أقصى السموات»:‏ تنطبق عبارة «وسط السماء» و «كبد السماء» على الجزء من الغلاف الجوي الذي تطير فيه الطيور،‏ مثل النسور.‏ (‏رؤ ٨:‏١٣؛‏ ١٤:‏٦؛‏ ١٩:‏١٧؛‏ تث ٤:‏١١ [بالعبرانية «قلب السماء»])‏ وهناك عبارة اخرى تحمل نفس المعنى تقريبا هي:‏ «بين الارض والسماء».‏ (‏١ اخ ٢١:‏١٦؛‏ ٢ صم ١٨:‏٩‏)‏ اما عبارة «اقصى السموات» التي يستعملها الكتاب المقدس لوصف الهجوم على بابل فتعني كما يتضح ان المهاجمين اتوا من الافق البعيد (‏حيث يبدو وكأن الارض تلتقي بالسماء والشمس تشرق وتغيب)‏.‏ كذلك،‏ من الواضح ان «اربعة اطراف السماء» تشير الى الاتجاهات الاربعة التي تدل عليها البوصلة،‏ اي كل انحاء الارض.‏ (‏ار ٤٩:‏٣٦‏؛‏ قارن دا ٨:‏٨؛‏ ١١:‏٤؛‏ مت ٢٤:‏٣١؛‏ مر ١٣:‏٢٧‏.‏)‏ وعندما يُقال ان يهوه يرى «تحت كل السموات»،‏ يعني ذلك انه يرى كل الكرة الارضية لأن السموات تحيط بالارض من كل جوانبها.‏ —‏ اي ٢٨:‏٢٤‏.‏

الغيوم والقبة المحيطة بالارض:‏ يُستعمل تعبير عبراني آخر هو شاحاق للاشارة الى «الغمام»،‏ او الغيوم التي في السماء.‏ (‏تث ٣٣:‏٢٦؛‏ ام ٣:‏٢٠؛‏ اش ٤٥:‏٨‏)‏ وقد يشير ايضا الى «السموات»،‏ اي القبة المحيطة بالارض التي نراها زرقاء نهارا ومرصعة بالنجوم ليلا.‏ (‏مز ٨٩:‏٣٧‏)‏ في معظم الحالات،‏ من الواضح ان الكاتب يشير فقط الى ما هو عالٍ فوق رأس الانسان دون ان يحدِّد اي قسم من السماء هو المقصود.‏ (‏مز ٥٧:‏١٠؛‏ ١٠٨:‏٤‏)‏ والكلمة العبرانية تعني من حيث الاساس شيئا مدقوقا او مسحوقا (‏٢ صم ٢٢:‏٤٣‏)‏ مثل «الغبار» (‏شاحاق‏)‏ المذكور في اشعيا ٤٠:‏١٥‏.‏ وهذا المعنى مناسب جدا لأن الغيوم تتشكل عندما يرتفع الهواء الدافئ ويبرد حتى يتكثَّف بخار الماء الذي فيه ويصير جسيمات صغيرة.‏ (‏قارن اي ٣٦:‏٢٧،‏ ٢٨‏؛‏ انظر «السحاب».‏)‏ وما يؤكد ايضا ان هذا المعنى مناسب هو ان لون السماء الازرق ناتج عن انتشار اشعة الشمس في الجو بعد ان تصطدم بجسيمات الغبار،‏ وجزيئات بخار الماء،‏ وإلى حد ما جزيئات الغازات الاخرى مثل الاكسجين والنتروجين وثاني اكسيد الكربون.‏ وقد ‹طرَّق اللّٰه السموات كمرآة صلبة من معدن مسبوك› حين شكَّل هذا الغلاف الجوي،‏ اذ وضع حدًّا واضحا للقبة الزرقاء فوقنا.‏ —‏ اي ٣٧:‏١٨‏.‏

والجاذبية هي ما يُبقي الجسيمات التي تشكل الغلاف الجوي مضغوطة ضمن الحدود المرسومة لها وتمنعها من الافلات.‏ (‏تك ١:‏٦-‏٨‏)‏ ومثل المرآة،‏ تعكس هذه الجسيمات اشعة الشمس،‏ ما يجعل السماء تبدو مضيئة.‏ فلولا الغلاف الجوي لما رأينا سوى سماء سوداء تنتشر فيها اجسام متألِّقة،‏ تماما مثلما يرى مَن يقف على سطح القمر (‏الذي ليس له غلاف جوي)‏.‏ بالتباين،‏ حين ينظر رواد الفضاء الى الارض يرون غلافها الجوي هالة مضيئة ومشعة.‏

‏«سماء السموات»:‏ ان عبارة «سماء السموات» تُعتبَر اشارة الى اعالي السموات،‏ وتشمل كل نطاق السموات الحرفية الشاسعة،‏ لأنها تحيط بالارض من جميع الجهات.‏ —‏ تث ١٠:‏١٤؛‏ نح ٩:‏٦‏.‏

قال سليمان الذي بنى هيكل اورشليم ان «السموات وسماء السموات» لا تسع اللّٰه.‏ (‏١ مل ٨:‏٢٧‏)‏ فبما ان يهوه هو مَن خلق السموات،‏ فإن «اسمه وحده قد تعالى بلا مثيل.‏ وقاره فوق الارض والسماء»،‏ بمعنى انه اعلى وأسمى منها كلها.‏ (‏مز ١٤٨:‏١٣‏)‏ وهو يقيس السموات بالشبر،‏ كما يقيس الانسان شيئا بأصابعه بحيث يسع بين ابهامه وخنصره.‏ (‏اش ٤٠:‏١٢‏)‏ ولا تعني عبارة سليمان ان اللّٰه ليس لديه مكان محدد للسكن.‏ كما انها لا تعني انه كلي الوجود،‏ اي موجود حرفيا في كل مكان وفي كل شيء.‏ ونعرف ذلك مما قاله سليمان عن يهوه انه يسمع ‹من السموات،‏ مقر سكناه›،‏ اي الحيز الروحاني.‏ —‏ ١ مل ٨:‏٣٠،‏ ٣٩‏.‏

اذًا،‏ المعنى الحرفي لكلمة «سموات» واسع جدا.‏ فصحيح انها تشير احيانا الى ابعد حدود الفضاء الخارجي،‏ لكنها يمكن ان تشير ايضا الى شيء عالٍ جدا اكثر من المعتاد.‏ لذلك يُقال عن البحارة على متن سفن تتقاذفها الامواج انهم «يصعدون الى السموات،‏ ينزلون الى الاعماق».‏ (‏مز ١٠٧:‏٢٦‏)‏ ايضا،‏ كان الذين يبنون برج بابل ينوون ان يصل رأسه الى السماء،‏ اي انهم حاولوا بناء ناطحة سحاب بمفهومنا اليوم.‏ (‏تك ١١:‏٤‏؛‏ قارن ار ٥١:‏٥٣‏.‏)‏ وتصف النبوة في عاموس ٩:‏٢ رجالا يحاولون عبثا ان يفلتوا من عقاب يهوه ‹فيصعدون الى السماء›،‏ مما يعني كما يتضح انهم يحاولون ان يختبئوا في المناطق الجبلية العالية.‏

السموات الروحية:‏ ان الكلمات العبرانية واليونانية التي تُستعمل للاشارة الى السموات الحرفية تنطبق ايضا على السموات الروحية.‏ فكما رأينا سابقا،‏ لا يسكن يهوه اللّٰه في السموات الحرفية لأنه روح.‏ لكنَّ معنى الكلمة العبرانية الاساسي «عالٍ» او «مرتفع» مناسب تماما لوصف ‹علياء قدسه وبهائه› (‏اش ٦٣:‏١٥؛‏ مز ٣٣:‏١٣،‏ ١٤؛‏ ١١٥:‏٣‏)‏،‏ وذلك لأنه «العلي المرتفع» الذي يسكن «في العلاء».‏ (‏اش ٥٧:‏١٥‏)‏ ويهوه هو الذي صنع السموات الحرفية (‏تك ١٤:‏١٩؛‏ مز ٣٣:‏٦‏)‏،‏ لذلك هي ملكه.‏ (‏مز ١١٥:‏١٥،‏ ١٦‏)‏ وهو يفعل فيها اعمالا عجيبة وكل ما يشاء.‏ —‏ مز ١٣٥:‏٦‏.‏

بناء على ذلك،‏ تشير كلمة «سموات» في آيات كثيرة الى اللّٰه نفسه ومركزه كسيد اسمى.‏ فيُقال مثلا ان عرشه في السماء،‏ اي في الحيِّز الروحاني حيث يحكم ايضا.‏ (‏مز ١٠٣:‏١٩-‏٢١؛‏ ٢ اخ ٢٠:‏٦؛‏ مت ٢٣:‏٢٢؛‏ اع ٧:‏٤٩‏)‏ وهو ينظر من مكانه المقدس في الاعالي الى السماء والارض الحرفيتَين.‏ (‏مز ١٤:‏٢؛‏ ١٠٢:‏١٩؛‏ ١١٣:‏٦‏)‏ ومن هناك ايضا يتكلم،‏ يستجيب الصلوات،‏ ويعلن الاحكام.‏ (‏١ مل ٨:‏٤٩؛‏ مز ٢:‏٤-‏٦؛‏ ٧٦:‏٨؛‏ مت ٣:‏١٧‏)‏ لذلك يُقال في الكتاب المقدس ان حزقيا وإشعيا ‹صلَّيا وصرخا الى السماء› عندما كانت اورشليم في خطر كبير.‏ (‏٢ اخ ٣٢:‏٢٠‏؛‏ قارن ٢ اخ ٣٠:‏٢٧‏.‏)‏ يسوع ايضا استعمل كلمة «سماء» للاشارة الى اللّٰه عندما سأل القادة الدينيين اذا كانت معمودية يوحنا «من السماء أم من الناس».‏ (‏مت ٢١:‏٢٥‏؛‏ قارن يو ٣:‏٢٧‏.‏)‏ والابن الضال اعترف انه اخطأ «الى السماء» وإلى ابيه.‏ (‏لو ١٥:‏١٨،‏ ٢١‏)‏ لذا،‏ فإن عبارة «ملكوت السموات» لا تعني فقط ان هذه المملكة مقرها في السماء الروحية وتحكم من هناك،‏ بل ايضا انها مملكة اللّٰه.‏ —‏ دا ٢:‏٤٤؛‏ مت ٤:‏١٧؛‏ ٢١:‏٤٣؛‏ ٢ تي ٤:‏١٨‏.‏

ايضا،‏ بما ان مقر اللّٰه هو في السماء،‏ يرفع الناس والملائكة ايديهم ووجوههم الى السماء عندما يطلبون من اللّٰه ان يأخذ اجراء (‏خر ٩:‏٢٢،‏ ٢٣؛‏ ١٠:‏٢١،‏ ٢٢‏)‏،‏ يحلفون (‏دا ١٢:‏٧‏)‏،‏ ويصلُّون (‏١ مل ٨:‏٢٢،‏ ٢٣؛‏ مرا ٣:‏٤١؛‏ مت ١٤:‏١٩؛‏ يو ١٧:‏١‏)‏.‏ كما يقول يهوه عن نفسه في التثنية ٣٢:‏٤٠‏:‏ «ارفع الى السماء يدي مقسما».‏ وانسجاما مع العبرانيين ٦:‏١٣‏،‏ من الواضح ان هذا يعني ان يهوه يحلف بنفسه.‏ —‏ قارن اش ٤٥:‏٢٣‏.‏

مسكن الملائكة:‏ السموات الروحية هي ايضا ‹المسكن اللائق› لأبناء اللّٰه الروحانيين.‏ (‏يه ٦؛‏ تك ٢٨:‏١٢،‏ ١٣؛‏ مت ١٨:‏١٠؛‏ ٢٤:‏٣٦‏)‏ وعبارة «جند السموات»،‏ التي تنطبق عادة على النجوم،‏ تُستعمل احيانا للاشارة الى ابناء اللّٰه الروحانيين.‏ (‏١ مل ٢٢:‏١٩‏؛‏ قارن مز ١٠٣:‏٢٠،‏ ٢١؛‏ دا ٧:‏١٠؛‏ لو ٢:‏١٣؛‏ رؤ ١٩:‏١٤‏.‏)‏ كذلك،‏ يستخدم الكتاب المقدس التشخيص حين يتحدث عن «السموات» للاشارة الى الملائكة الذين يدعوهم «جماعة القدوسين».‏ —‏ مز ٨٩:‏٥-‏٧‏؛‏ قارن لو ١٥:‏٧،‏ ١٠؛‏ رؤ ١٢:‏١٢‏.‏

رمز الى الحُكم:‏ كما رأينا،‏ يمكن ان تشير السموات الى يهوه اللّٰه ومركزه كسيد اسمى.‏ بناء على ذلك،‏ عندما قال دانيال لحاكم بابل نبوخذنصر ان ما سيحصل له سيجعله يعرف ان «الحكم للسماء»،‏ عنى بذلك انه سيعرف ان ‏«العلي هو الحاكم في مملكة الناس».‏ —‏ دا ٤:‏٢٥،‏ ٢٦‏.‏

يمكن ان تشير كلمة «سماء» ايضا الى السلطات الحاكمة التي هي اسمى من رعاياها.‏ فإشعيا ١٤:‏١٢ تشبِّه سلالة ملوك بابل التي مثَّلها نبوخذنصر بنجم اذ تدعوهم «النيِّر،‏ ابن الفجر».‏ فعندما استولت هذه السلالة على اورشليم سنة ٦٠٧ ق م،‏ رفعت عرشها «فوق نجوم اللّٰه»؛‏ وهذه ‹النجوم› كما يتَّضح تشير الى ملوك يهوذا المتحدرين من سلالة داود (‏تماما مثلما يُدعى وريث عرش داود،‏ المسيح يسوع،‏ «نجم الصباح المتألق» في رؤ ٢٢:‏١٦‏؛‏ قارن عد ٢٤:‏١٧‏)‏.‏ وهكذا،‏ حين اطاحت بعرش داود الذي جلس عليه ملوك معيَّنون من اللّٰه،‏ رفعت نفسها الى السماء.‏ (‏اش ١٤:‏١٣،‏ ١٤‏)‏ كذلك،‏ ان الشجرة الرمزية التي وصل «ارتفاعها الى السماء» في حلم نبوخذنصر مثَّلت هذه العظمة والسمو والنفوذ الواسع.‏ —‏ دا ٤:‏٢٠-‏٢٢‏.‏

سموات جديدة وأرض جديدة:‏ ان ارتباط «السموات» بالسلطات الحاكمة يساعدنا ان نفهم معنى عبارة ‹سموات جديدة وأرض جديدة› الموجودة في اشعيا ٦٥:‏١٧؛‏ ٦٦:‏٢٢ والتي اقتبسها الرسول بطرس في ٢ بطرس ٣:‏١٣‏.‏ تقول دائرة معارف مكلنتوك وسترونغ (‏١٨٩١،‏ المجلد ٤،‏ ص ١٢٢)‏:‏ «في اش ٦٥:‏١٧‏،‏ تشير السموات الجديدة والارض الجديدة الى حكومة جديدة،‏ اي مملكة جديدة،‏ وإلى شعب جديد».‏

فمثلما تشير كلمة «ارض» احيانا الى مجتمع بشري (‏تك ١١:‏١‏؛‏ انظر «الارض»)‏،‏ كذلك يمكن ان ترمز كلمة «سموات» الى الحكومة او السلطة التي تحكم هذه «الارض».‏ ونبوة اشعيا التي تعطي الوعد بـ‍ ‹سموات جديدة وأرض جديدة› انطبقت بشكل اوليّ على رد الاسرائيليين من الاسر في بابل.‏ فاللّٰه استخدم كورش الكبير بشكل واضح ليحقق هذا الرد.‏ وعندما عاد الاسرائيليون الى موطنهم،‏ دخلوا عصرا جديدا.‏ ففي اورشليم،‏ عُيِّن زربابل (‏متحدر من داود)‏ حاكما وخدم يشوع رئيس كهنة.‏ وهذه «السموات الجديدة»،‏ اي الترتيب الحكومي الجديد،‏ وجَّهت الشعب وأشرفت عليهم،‏ انسجاما مع قصد يهوه.‏ (‏٢ اخ ٣٦:‏٢٣؛‏ حج ١:‏١،‏ ١٤‏)‏ وهكذا،‏ صارت اورشليم «للفرح وشعبها للابتهاج»،‏ كما تقول الآية ١٨ من اشعيا الفصل ٦٥‏.‏

لكنَّ اقتباس بطرس يُظهِر ان وعد اللّٰه هذا له اتمام مستقبلي.‏ (‏٢ بط ٣:‏١٣‏)‏ وبما ان الآية ٤ تُظهِر ان وعد اللّٰه في هذه الحالة مرتبط بحضور المسيح يسوع،‏ فلا بد ان ‹السموات الجديدة والارض الجديدة› ترتبط بمملكة اللّٰه برئاسة المسيح وحكمها على رعايا مطيعين.‏ فعندما أُقيم المسيح يسوع وصعد الى يمين اللّٰه،‏ صار «اعلى من السموات» (‏عب ٧:‏٢٦‏)‏،‏ اي «فوق كل حكومة وسلطة وقوة وسيادة .‏.‏.‏ ليس في نظام الاشياء هذا فقط،‏ بل في الآتي ايضا».‏ —‏ اف ١:‏١٩-‏٢١؛‏ مت ٢٨:‏١٨‏.‏

جعل اللّٰه اتباع يسوع المسيحيين،‏ الذين «لهم نصيب من الدعوة السماوية» (‏عب ٣:‏١‏)‏،‏ «ورثة» في الاتِّحاد بالمسيح،‏ الذي من خلاله قصد اللّٰه ان «يجمع .‏.‏.‏ كل الاشياء».‏ وأول مَن كانوا سيُجمعون ليكونوا في اتِّحاد باللّٰه بواسطة المسيح هم «ما في السموات»،‏ اي الذين يُدعون الى الحياة السماوية.‏ (‏اف ١:‏٨-‏١١‏)‏ فميراثهم «محفوظ في السموات».‏ (‏١ بط ١:‏٣،‏ ٤؛‏ كو ١:‏٥‏؛‏ قارن يو ١٤:‏٢،‏ ٣‏.‏)‏ انهم ‹مسجَّلون› في السماء و «مواطنيتهم» هي في السماء.‏ (‏عب ١٢:‏٢٠-‏٢٣؛‏ في ٣:‏٢٠‏)‏ وهم يشكِّلون «اورشليم الجديدة» التي شاهدها يوحنا في رؤيا «نازلة من السماء من عند اللّٰه».‏ (‏رؤ ٢١:‏٢،‏ ٩،‏ ١٠‏؛‏ قارن اف ٥:‏٢٤-‏٢٧‏.‏)‏ وبما ان يوحنا قال من البداية ان هذه الرؤيا هي عن ‹سماء جديدة وأرض جديدة› (‏رؤ ٢١:‏١‏)‏،‏ فهذا يعني ان ما يصفه لاحقا هو تمثيل لهما كلتيهما.‏ بناء عليه،‏ لا بد ان ‹السماء الجديدة› تناظر المسيح مع ‹عروسه›،‏ «اورشليم الجديدة»؛‏ و ‹الارض الجديدة› تناظر «الناس» الذين هم رعايا المسيح وعروسه والذين ينالون البركات الناتجة عن حكمهما،‏ كما هو موصوف في الآيتَين ٣ و ٤‏.‏

السماء الثالثة:‏ يتحدث الرسول بولس في ٢ كورنثوس ١٢:‏٢-‏٤ عن شخص «اختُطف .‏.‏.‏ الى السماء الثالثة» و «إلى الفردوس».‏ وبما ان الاسفار المقدسة لا تذكر شخصا آخر حدث معه هذا الامر،‏ يبدو على الارجح ان الرسول بولس هو مَن عاش هذه التجربة.‏ لقد حاول البعض ربط اشارة بولس الى السماء الثالثة بمعتقد الربَّانيين الاوائل ان السماء مؤلَّفة من طبقات (‏ما مجموعه «سبع سموات»)‏.‏ لكن لا يوجد معتقد كهذا في الاسفار المقدسة.‏ فكما رأينا،‏ لا يتحدث الكتاب المقدس بالتحديد عن السماء انها مقسَّمة الى طبقات او درجات.‏ بل علينا ان نستعين بسياق الكلام لنحدِّد هل المقصود بالسماء الغلاف الجوي المحيط بالارض،‏ الفضاء الخارجي،‏ السماء الروحية،‏ او شيء آخر.‏ بناء عليه،‏ يبدو ان عبارة «السماء الثالثة» تشير على الارجح الى سمو حكم مملكة المسيح.‏ وهذا ليس غريبا،‏ فالكتاب المقدس يكرِّر بعض الكلمات والعبارات ثلاث مرات لإبراز وتقوية فكرة معيَّنة،‏ مثل الآيات في اشعيا ٦:‏٣؛‏ حزقيال ٢١:‏٢٧؛‏ يوحنا ٢١:‏١٥-‏١٧؛‏ الرؤيا ٤:‏٨‏.‏

زوال السماء الاولى والارض الاولى:‏ تشير رؤيا يوحنا الى زوال «السماء الاولى والارض الاولى».‏ (‏رؤ ٢١:‏١؛‏ قارن ٢٠:‏١١‏.‏)‏ فماذا يعني ذلك؟‏ تُظهر الاسفار اليونانية المسيحية ان الحكومات الارضية وشعوبها خاضعة لحكم الشيطان.‏ (‏مت ٤:‏٨،‏ ٩؛‏ يو ١٢:‏٣١؛‏ ٢ كو ٤:‏٣،‏ ٤؛‏ رؤ ١٢:‏٩؛‏ ١٦:‏١٣،‏ ١٤‏)‏ كما تحدَّث الرسول بولس عن «القوى الروحية الشريرة في الاماكن السماوية» مع كل حكام العالم والحكومات والسلطات التابعة لها.‏ (‏اف ٦:‏١٢‏)‏ لذا،‏ فإن زوال «السماء الاولى» يعني نهاية الحكومات السياسية التي يسيطر عليها الشيطان وأبالسته.‏ وهذا ينسجم مع ما تذكره ٢ بطرس ٣:‏٧-‏١٢ عن دمار «السموات .‏.‏.‏ الكائنة الآن» كما لو انه بنار.‏ كذلك،‏ تصف الرؤيا ١٩:‏١٧-‏٢١ إبادة نظام سياسي عالمي مع كل داعميه؛‏ فهي تقول ان الوحش المجازي سيُطرَح «في بحيرة النار المتقدة بالكبريت».‏ (‏قارن رؤ ١٣:‏١،‏ ٢‏.‏)‏ اما بالنسبة الى ابليس نفسه فتكشف الرؤيا ٢٠:‏١-‏٣ انه سيُطرح «في المهواة» ألف سنة وأنه بعد ذلك سوف «يُحَلّ زمنا يسيرا».‏

زلزلة السموات:‏ بما ان السموات تمثِّل ما هو مرفَّع،‏ فإن إذلال ما هو سامٍ يُمثَّل احيانا بـ‍ ‹زلزلة› او ‹زعزعة› السموات.‏ مثلا،‏ عند دمار اورشليم،‏ يُقال ان يهوه «طرح جمال اسرائيل من السماء الى الارض».‏ فقد زال جمال اسرائيل،‏ الذي شمل مملكتها ورؤساءها،‏ كما لو ان نارا اكلته.‏ (‏مرا ٢:‏١-‏٣‏)‏ لكنَّ بابل،‏ التي هزمت اسرائيل،‏ هي ايضا تزعزعت ‹سماؤها› وتزلزلت ‹ارضها› عندما اجتاحها الماديون والفرس وتبرهن ان آلهتها مزيَّفة وعاجزة عن ابقاء الارض تحت سيطرتها.‏ —‏ اش ١٣:‏١،‏ ١٠-‏١٣‏.‏

ايضا،‏ أُنبئ ان مركز ادوم العالي علوّ السماء لن ينقذها من الدمار،‏ ان سيف دينونة يهوه سيرتوي في ‹سمواتها›،‏ وأن لا امل لديها بنيل المساعدة من اي مصدر سماوي،‏ او مرفَّع.‏ (‏اش ٣٤:‏٤-‏٧‏؛‏ قارن عو ١-‏٤،‏ ٨‏.‏)‏ كما ذكر الكتاب المقدس ان المتفاخرين الذين يتكلمون بكبرياء كما لو انهم «جعلوا في السماء افواههم» سيسقطون ويهلكون حتما.‏ (‏مز ٧٣:‏٨،‏ ٩،‏ ١٨‏؛‏ قارن رؤ ١٣:‏٥،‏ ٦‏.‏)‏ كذلك،‏ كان من المفترض ان تشعر مدينة كفرناحوم ان مكانتها رفيعة بسبب خدمة يسوع فيها والاهتمام الذي خصها به.‏ ولكنها لم تتجاوب مع اعماله العظيمة،‏ لذلك سألها يسوع:‏ «أتراك تُرفعين الى السماء؟‏».‏ ثم انبأ:‏ «الى هادس ستنزلين».‏ —‏ مت ١١:‏٢٣‏.‏

إظلام السموات:‏ غالبا ما يُستخدم إظلام السموات او الاجرام السماوية ليمثِّل تغيير الاحوال من النعيم والازدهار الى اجواء كئيبة يملأها التشاؤم،‏ تماما مثلما يحدث حين تخفي الغيوم السوداء اي اثر للضوء نهارا وليلا.‏ (‏قارن اش ٥٠:‏٢،‏ ٣،‏ ١٠‏.‏)‏ وهذا الاستعمال للسماء الحرفية للإشارة الى نظرة البشر الى وضعهم يشبه الى حد ما التعبير العربي القديم:‏ «انقلبت سماؤه على ارضه»،‏ اي ان حالة الشخص تدهورت كثيرا.‏ ولكن طبعا كانت السماء احيانا تظلم حرفيا عندما كان اللّٰه يستخدم ظواهر سماوية ليعبِّر عن غضبه.‏ —‏ خر ١٠:‏٢١-‏٢٣؛‏ يش ١٠:‏١٢-‏١٤؛‏ لو ٢٣:‏٤٤،‏ ٤٥‏.‏

لقد اتى يوم ظلام على يهوذا اتماما لحكم يهوه الذي نقله بواسطة النبي يوئيل.‏ وبلغ هذا اليوم ذروته بخراب يهوذا على ايدي البابليين.‏ (‏يوء ٢:‏١،‏ ٢،‏ ١٠،‏ ٣٠،‏ ٣١‏؛‏ قارن ار ٤:‏٢٣،‏ ٢٨‏.‏)‏ فبدا وكأنه ما من امل بالمساعدة من مصدر سماوي،‏ وكما أُنبئ في التثنية ٢٨:‏٦٥-‏٦٧‏،‏ ‹ارتعبوا ليلا ونهارا› دون اي راحة او امل يجلبهما ضوء الشمس نهارا او ضوء القمر مساء.‏ لكن من خلال نفس النبي،‏ حذَّر يهوه اعداء يهوذا انهم هم ايضا سيعانون الوضع نفسه حين ينفِّذ حكمه فيهم.‏ (‏يوء ٣:‏١٢-‏١٦‏)‏ كما استخدم حزقيال وإشعيا الصورة المجازية ذاتها حين انبآ بحكم اللّٰه على مصر وبابل.‏ —‏ حز ٣٢:‏٧،‏ ٨،‏ ١٢؛‏ اش ١٣:‏١،‏ ١٠،‏ ١١‏.‏

في يوم الخمسين،‏ اقتبس الرسول بطرس نبوة يوئيل ثم نصح سامعيه:‏ «اخلصوا من هذا الجيل الملتوي».‏ (‏اع ٢:‏١،‏ ١٦-‏٢١،‏ ٤٠‏)‏ والذين لم يعملوا بنصيحته من ذلك الجيل اتى عليهم يوم ظلام شديد بعد اقل من ٤٠ سنة حين حاصر الرومان اورشليم ثم دمروها لاحقا.‏ لكن قبل يوم الخمسين،‏ انبأ يسوع بأمر مشابه وأظهر انه سيتم خلال وقت حضوره.‏ —‏ مت ٢٤:‏٢٩-‏٣١؛‏ لو ٢١:‏٢٥-‏٢٧‏؛‏ قارن رؤ ٦:‏١٢-‏١٧‏.‏

السموات الحرفية لن تزول:‏ قال أليفاز التيماني عن اللّٰه:‏ «ها إن قدوسيه لا يأتمنهم،‏ والسموات ليست بطاهرة في عينيه».‏ لكنَّ يهوه قال لأليفاز انه هو وصاحبَيه ‹لم يقولوا فيه الحق كخادمه ايوب›.‏ (‏اي ١٥:‏١،‏ ١٥؛‏ ٤٢:‏٧‏)‏ وبعكس ما قاله أليفاز،‏ تشير الخروج ٢٤:‏١٠ ان السماء تمثِّل النقاوة.‏ لذلك ما من سبب يذكره الكتاب المقدس يدعو اللّٰه الى تدمير السموات الحرفية.‏

وما يؤكِّد ان السموات الحرفية لن تزول هو انها تُستعمل مجازا في ما يتعلق بالامور الدائمة الى الابد،‏ مثل السلام والعدل اللذَين حققتهما مملكة داود التي ورث عرشها ابن اللّٰه.‏ (‏مز ٧٢:‏٥-‏٧؛‏ لو ١:‏٣٢،‏ ٣٣‏)‏ من هذا المنطلق،‏ لا يجب ان تُفهم آيات كالمزمور ١٠٢:‏٢٥،‏ ٢٦‏،‏ التي تتحدث عن زوال السموات وتبديلها مثل ثوب مهترئ،‏ فهما حرفيا.‏

صحيح ان يسوع يقول في لوقا ٢١:‏٣٣‏:‏ «السماء والارض تزولان،‏ أما كلامي فلا يزول ابدا»،‏ لكنَّ آيات اخرى تقول ان «السماء والارض» باقيتان الى الابد.‏ (‏تك ٩:‏١٦؛‏ مز ١٠٤:‏٥؛‏ جا ١:‏٤‏)‏ لذا،‏ فإن «السماء والارض» هنا هما مجازيتان،‏ تماما مثل «السماء الاولى والارض الاولى» في الرؤيا ٢١:‏١‏؛‏ قارن متى ٢٤:‏٣٥‏.‏

والآيات في المزمور ١٠٢:‏٢٥-‏٢٧ تشدِّد على الفكرة ان اللّٰه إله ابدي سنواته لن تنتهي،‏ فيما السموات والارض المادية التي خلقها يمكن ان تزول او تدمَّر لو كان هذا قصده.‏ فبعكس وجود اللّٰه الابدي،‏ لا يدوم وجود اي جزء من خليقته المادية دون دعمه.‏ فكما في حالة الارض،‏ تحتاج الخليقة المادية ان تتجدد بشكل دائم كي تستمر في الوجود او كي تبقى على حالها.‏ ويُظهِر المزمور ١٤٨ ان السموات الحرفية تعتمد على مشيئة اللّٰه ودعمه.‏ فهو يتحدث عن الشمس والقمر والنجوم وغيرها من خليقة اللّٰه،‏ ثم يذكر في الآية ٦ ان اللّٰه «اقامها ابد الدهر.‏ وضع فريضة فلن تزول».‏

في الاساس،‏ انطبقت كلمات المزمور ١٠٢:‏٢٥،‏ ٢٦ على يهوه اللّٰه،‏ لكنَّ الرسول بولس اقتبسها وطبَّقها على يسوع المسيح.‏ وهذا لأن ابن اللّٰه،‏ مولوده الوحيد،‏ هو الوكيل الذي استخدمه في خلق الكون المادي.‏ وبهذه الكلمات،‏ كان بولس يُظهِر الفرق بين وجود الابن الدائم وبين وجود الخليقة المادية التي بإمكان اللّٰه،‏ اذا شاء،‏ ان ‹يلفها كمعطف› ويضعها جانبا.‏ —‏ عب ١:‏١،‏ ٢،‏ ٨،‏ ١٠-‏١٢‏؛‏ قارن حاشية ١ بط ٢:‏٣‏،‏ ك‌م‌م٨.‏

عبارات شعرية ومجازية:‏ تلعب السموات الحرفية دورا مهمًّا في دعم الحياة على الارض وتطورها،‏ وذلك من خلال اشعة الشمس،‏ المطر،‏ الندى،‏ الهواء المنعش،‏ وغيرها من العوامل الجوية المفيدة.‏ لذا،‏ يصف الكتاب المقدس السموات الحرفية بطريقة شعرية انها «مخزن [يهوه] الصالح».‏ (‏تث ٢٨:‏١١،‏ ١٢؛‏ ٣٣:‏١٣،‏ ١٤‏)‏ ويقول ان يهوه يفتح «ابواب السماء» ليبارك خدامه،‏ كما عندما انزل على الارض المنّ،‏ «قمح السماء».‏ (‏مز ٧٨:‏٢٣،‏ ٢٤؛‏ يو ٦:‏٣١‏)‏ كما يشبِّه الغيوم بـ‍ «جرار» في الغرف العلوية في هذا المخزن،‏ ويقول ان المطر ينزل كما لو انه بـ‍ «مسارب»؛‏ وبعض العوامل،‏ مثل الجبال او حتى تدخل اللّٰه عجائبيا،‏ تسبِّب تكثُّف الماء ثم تساقط الامطار في بعض المناطق.‏ (‏اي ٣٨:‏٣٧؛‏ ار ١٠:‏١٢،‏ ١٣؛‏ ١ مل ١٨:‏٤١-‏٤٥‏)‏ من ناحية اخرى،‏ يصف الكتاب المقدس بشكل مجازي الوضع حين كان اللّٰه يمنع بركته.‏ فيقول ان اللّٰه كان احيانا «يغلق» السماء فوق ارض كنعان،‏ فتصير كالحديد صلبة لا ينفذ منها شيء،‏ لها لمعان معدني بلون النحاس،‏ وجوُّها مليء بالغبار وجاف لا امطار فيه.‏ وفي الواقع،‏ ان انحباس الامطار يجعل السموات ‹المغلقة› الخالية من الغيوم تصبح حمراء بلون النحاس.‏ وذلك لأن جُسيمات الغبار المتزايدة في الجو تسبِّب انتشار اللون الازرق الى حد ان الموجات الحمراء تصير هي الطاغية،‏ تماما مثلما يبدو غروب الشمس احمر بسبب كثافة الجو الذي يجب ان تنفذ عبره اشعة الشمس.‏ —‏ لا ٢٦:‏١٩؛‏ تث ١١:‏١٦،‏ ١٧؛‏ ٢٨:‏٢٣،‏ ٢٤؛‏ ١ مل ٨:‏٣٥،‏ ٣٦‏.‏

وهذا يساعدنا ان نفهم الصورة المجازية في هوشع ٢:‏٢١-‏٢٣‏.‏ فبعدما انبأ يهوه بعواقب خيانة امة اسرائيل،‏ عاد فأخبر عن ردِّها والبركات التي ستنالها نتيجة ذلك.‏ قال:‏ «يكون في ذلك اليوم اني .‏.‏.‏ استجيب للسموات وهي تستجيب للارض،‏ والارض تستجيب للقمح والمسطار والزيت،‏ وهذه كلها تستجيب ليزرعيل».‏ من الواضح ان هذه الكلمات تُظهِر ان الاسرائيليين طلبوا بركة يهوه من خلال سلسلة من الاشياء الموجودة في خليقته.‏ وقد استُعمل هنا اسلوب التشخيص،‏ وكأن هذه الاشياء شخص قادر ان يقدِّم طلبا.‏ فالاسرائيليون يطلبون القمح والنبيذ والزيت؛‏ وهذه المنتجات هي بدورها تطلب الغذاء والماء من الارض؛‏ وكي تزوِّد الارض هذه الحاجات،‏ تطلب هي الاخرى الشمس والمطر والندى من السموات؛‏ والسموات (‏‹المُغلقة› لأن اللّٰه منع بركته)‏ لا يمكن ان تستجيب لهذا الطلب ما لم يقبله اللّٰه ويرضَ من جديد على الامة،‏ وبالتالي يشغِّل دورة الانتاج من جديد.‏ والنبوة تؤكد ان هذا ما سيفعله.‏

في ٢ صموئيل ٢٢:‏٨-‏١٥‏،‏ يبدو ان داود يستعمل صورة مجازية تصف عاصفة قوية جدا تمثِّل ما حصل حين تدخَّل اللّٰه ليحرِّره من اعدائه.‏ وبسبب شدة هذه العاصفة المجازية،‏ تتزعزع اساسات السموات،‏ و ‹تنحني› اذ تمتلئ غيوما سوداء منخفضة.‏ من اجل فهم اوضح،‏ قارن الخروج ١٩:‏١٦-‏١٨ التي تصف تأثير عاصفة حرفية؛‏ وكذلك العبارات الشعرية في اشعيا ٦٤:‏١،‏ ٢‏.‏

تقول الاسفار المقدسة تكرارا عن يهوه،‏ «ابي الانوار السماوية» (‏يع ١:‏١٧‏)‏،‏ انه ‹يبسط السموات› تماما كما تُبسط قماشة الخيمة.‏ (‏مز ١٠٤:‏١،‏ ٢؛‏ اش ٤٥:‏١٢‏)‏ فمَن ينظر من الارض،‏ يرى السموات (‏سواء الغلاف الجوي نهارا او السماء المرصعة بالنجوم ليلا)‏ وكأنها قبَّة هائلة.‏ اما اشعيا ٤٠:‏٢٢ فتتحدث عن بسط السموات «كنسيج رقيق»،‏ وليس كقماشة خيمة.‏ وهذه الكلمات تشير الى القماش الرقيق الفاخر الذي يزيِّن هذه القبَّة السماوية.‏ وبالفعل،‏ في ليلة صافية،‏ تشكِّل آلاف النجوم نسيجا من الدانتِلا مفروشا على خلفية من المخمل الاسود.‏ حتى مجرة درب التبَّانة (‏او درب اللبَّانة)‏ الهائلة التي ينتمي اليها نظامنا الشمسي،‏ تبدو لمَن ينظر اليها من الارض كنسيج رقيق شفاف.‏

يتبين مما تقدَّم انه من الضروري دائما الرجوع الى سياق الكلام لفهم معنى هذه العبارات المجازية.‏ مثلا،‏ عندما دعا موسى «السماء والارض» ان تشهدا على الامور التي اعلنها لإسرائيل،‏ لم يقصد بالطبع الخليقة الجامدة،‏ بل المخلوقات العاقلة التي تسكن السماء والارض.‏ (‏تث ٤:‏٢٥،‏ ٢٦؛‏ ٣٠:‏١٩‏؛‏ قارن اف ١:‏٩،‏ ١٠؛‏ في ٢:‏٩،‏ ١٠؛‏ رؤ ١٣:‏٦‏.‏)‏ ويصح ذلك ايضا في ارميا ٥١:‏٤٨ التي تقول ان السموات والارض ستبتهج عند سقوط بابل.‏ (‏قارن رؤ ١٨:‏٥؛‏ ١٩:‏١-‏٣‏.‏)‏ بشكل مشابه،‏ لا بد ان الآية في اشعيا ٤٥:‏٨ التي تتحدث عن سموات ‹تهطل برًّا› تشير الى السموات الروحية.‏ ولكن في حالات اخرى،‏ تكون السموات الحرفية هي المقصودة حين يُقال مجازيا ان السموات تبتهج او تصرخ.‏ ويصح ذلك في المزمور ٩٦:‏١١-‏١٣‏،‏ حيث يُقال ان السموات والارض والبحر والحقول ستفرح عندما يأتي يهوه ليحاسب الارض.‏ (‏قارن اش ٤٤:‏٢٣‏.‏)‏ كذلك،‏ تجلب السموات الحرفية التسبيح والتمجيد لخالقها،‏ تماما مثلما يجلب منتَج رائع التصميم المدح لصانعه.‏ فكما لو ان السموات تتكلم فعليا وتحدِّث بقدرة يهوه وحكمته وعظمته.‏ —‏ مز ١٩:‏١-‏٤؛‏ ٦٩:‏٣٤‏.‏

الصعود الى السماء:‏ تقول ٢ ملوك ٢:‏١١،‏ ١٢ عن النبي ايليا انه «صعد .‏.‏.‏ في عاصفة ريح الى السماء».‏ والسماء هنا تشير الى الغلاف الجوي الذي تهب فيه الرياح،‏ لا الى السموات الروحية حيث مقر اللّٰه.‏ فإيليا لم يمُت وقت صعوده الى السماء،‏ بل بقي حيًّا عدة سنين بعدما نُقل بعيدا عن النبي أليشع الذي خلفه.‏ وعندما مات،‏ لم يصعد الى السموات الروحية.‏ فحين كان يسوع على الارض قال بكل وضوح:‏ «ما من احد صعد الى السماء».‏ (‏يو ٣:‏١٣‏؛‏ انظر «‏إيلِيّا‏» رقم ١ (‏يخلفه أليشع)‏.‏)‏ كذلك،‏ قال بطرس يوم الخمسين ان داود «لم يصعد الى السموات».‏ (‏اع ٢:‏٣٤‏)‏ وفي الحقيقة،‏ لا تُظهِر الاسفار المقدسة في اي مكان ان خدام اللّٰه قبل مجيء المسيح يسوع كان لهم رجاء سماوي.‏ فأول مَن اتى على ذكر هذا الرجاء كان يسوع وهو يتحدث مع تلاميذه (‏مت ١٩:‏٢١،‏ ٢٣-‏٢٨؛‏ لو ١٢:‏٣٢؛‏ يو ١٤:‏٢،‏ ٣‏)‏،‏ وهم لم يفهموا معنى كلماته كاملا إلا بعد يوم الخمسين سنة ٣٣ ب م.‏ —‏ اع ١:‏٦-‏٨؛‏ ٢:‏١-‏٤،‏ ٢٩-‏٣٦؛‏ رو ٨:‏١٦،‏ ١٧‏.‏

تُظهِر الاسفار المقدسة ان المسيح يسوع هو اول مَن صعد من الارض الى السماء حيث مقر اللّٰه.‏ (‏١ كو ١٥:‏٢٠؛‏ عب ٩:‏٢٤‏)‏ وبصعوده الى السماء وتقديمه قيمة فديته هناك،‏ ‹فتح الطريق› لأعضاء جماعته المولودين من الروح الذين كانوا سيتبعونه.‏ (‏يو ١٤:‏٢،‏ ٣؛‏ عب ٦:‏١٩،‏ ٢٠؛‏ ١٠:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ فكي يصعد هؤلاء الى السموات الروحية،‏ يجب ان يحملوا عند قيامتهم «صورة السماوي»،‏ لأن «لحما ودما» لا يقدران ان يرثا مملكة اللّٰه السماوية.‏ —‏ ١ كو ١٥:‏٤٢-‏٥٠‏.‏

كيف يمكن لأشخاص ان يكونوا في «الاماكن السماوية» وهم لا يزالون على الارض؟‏

في الرسالة الى اهل افسس،‏ يتحدث الرسول بولس عن مسيحيين كانوا لا يزالون احياء على الارض وكأنهم استلموا مركزا سماويا،‏ قائلا انهم ‹أُقيموا وأُجلسوا معا في الاماكن السماوية في اتحاد بالمسيح يسوع›.‏ (‏اف ١:‏٣؛‏ ٢:‏٦‏)‏ يُظهِر سياق الكلام ان هذه هي نظرة اللّٰه الى المسيحيين المختارين لأنه عيَّنهم «ورثة» مع ابنه في الميراث السماوي.‏ وهكذا يكون قد ‹رفعهم›،‏ او جعلهم مكرَّمين،‏ وهم لا يزالون على الارض.‏ (‏اف ١:‏١١،‏ ١٨-‏٢٠؛‏ ٢:‏٤-‏٧،‏ ٢٢‏)‏ هذه النقاط تلقي الضوء ايضا على المعنى المجازي للرؤيا المسجَّلة في الرؤيا ١١:‏١٢‏.‏ كما تزوِّد المفتاح لفهم الصورة النبوية في دانيال ٨:‏٩-‏١٢‏،‏ حيث يُظهِر سياق الكلام ان الحديث هو عن قوة سياسية ‹تعاظمت حتى على جند السماء›،‏ حتى انها اوقعت الى الارض قسما من هذا الجيش والنجوم.‏ وفي دانيال ١٢:‏٣‏،‏ يوصف خدام اللّٰه هؤلاء الذين على الارض في وقت النهاية انهم يضيئون «كالنجوم الى الدهر والابد».‏ ايضا،‏ تتحدث الفصول ١ الى ٣ من سفر الرؤيا عن نجوم مجازية.‏ ويُظهِر السياق ان هذه «النجوم» تشير الى اشخاص من الواضح انهم يعيشون على الارض حيث يعانون التجارب والاغراءات،‏ وأنهم مسؤولون عن جماعات موضوعة تحت رعايتهم.‏ —‏ رؤ ١:‏٢٠؛‏ ٢:‏١،‏ ٨،‏ ١٢،‏ ١٨؛‏ ٣:‏١،‏ ٧،‏ ١٤‏.‏

نيل الحياة السماوية:‏ لا يكفي ان يؤمن الشخص بفدية المسيح ويبرهن عن ايمانه بطاعته لإرشادات اللّٰه كي ينال الحياة السماوية.‏ فكتابات الرسل والتلاميذ الموحى بها تُظهِر ان اللّٰه،‏ بواسطة ابنه،‏ يجب ان يدعو الشخص ويختاره.‏ (‏٢ تي ١:‏٩،‏ ١٠؛‏ مت ٢٢:‏١٤؛‏ ١ بط ٢:‏٩‏)‏ وهذه الدعوة التي تؤهِّل الشخص للميراث السماوي تشمل خطوات،‏ او اجراءات،‏ بعض منها يتَّخذها اللّٰه وأخرى يتَّخذها الذي ينال الدعوة.‏ ومن بين هذه الخطوات:‏ تبرير المسيحي المدعو،‏ اي اعتباره بلا لوم (‏رو ٣:‏٢٣،‏ ٢٤،‏ ٢٨؛‏ ٨:‏٣٣،‏ ٣٤‏)‏؛‏ ولادته كابن روحي (‏يو ١:‏١٢،‏ ١٣؛‏ ٣:‏٣-‏٦؛‏ يع ١:‏١٨‏)‏؛‏ معموديته في موت المسيح (‏رو ٦:‏٣،‏ ٤؛‏ في ٣:‏٨-‏١١‏)‏؛‏ اختياره بواسطة الروح (‏٢ كو ١:‏٢١؛‏ ١ يو ٢:‏٢٠،‏ ٢٧‏)‏؛‏ وتقديسه (‏يو ١٧:‏١٧‏)‏.‏ كما يجب ان يحافظ الشخص المدعو على الاستقامة حتى موته.‏ (‏٢ تي ٢:‏١١-‏١٣؛‏ رؤ ٢:‏١٠‏)‏ وإذا بقي امينا بعد دعوته واختياره (‏رؤ ١٧:‏١٤‏)‏،‏ يُقام الى حياة روحانية في السماء.‏ —‏ يو ٦:‏٣٩،‏ ٤٠؛‏ رو ٦:‏٥؛‏ ١ كو ١٥:‏٤٢-‏٤٩‏؛‏ انظر «‏التبرير‏»؛‏ «التقديس»؛‏ «القيامة»؛‏ «الممسوح،‏ المسْح».‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة