مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • الاتضاع في الفصح الاخير
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • سرعان ما يصل يسوع وفريقه الى المدينة ويتقدمون الى البيت الذي سيحتفلون فيه بالفصح.‏ يصعدون في السلَّم الى العلّية الواسعة حيث يجدون كل شيء معدّا لاحتفالهم الخصوصي بالفصح.‏ وكان يسوع يتطلَّع بشوق الى هذه المناسبة اذ يقول:‏ «شهوة اشتهيت ان آكل هذا الفصح معكم قبل ان اتألم.‏»‏

      تقليديا،‏ اربع كؤوس من الخمر يشربها المساهمون في الفصح.‏ وبعد ان يتناول الكأس الثالثة كما يظهر يشكر يسوع ويقول:‏ «خذوا هذه واقتسموها بينكم.‏ لاني اقول لكم اني لا اشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت اللّٰه.‏»‏

      في وقت ما خلال وجبة الطعام يقوم يسوع،‏ يضع جانبا ثيابه الخارجية،‏ يأخذ منشفة،‏ ويملأ وعاء بالماء.‏ وعادة،‏ يهتم المضيف بأن تُغسل رِجلا الضيف.‏ ولكن،‏ نظرا الى عدم وجود مضيف في هذه المناسبة،‏ يعتني يسوع بهذه الخدمة الشخصية.‏ وكان باستطاعة ايّ من الرسل ان ينتهز الفرصة لفعل ذلك؛‏ ولكن،‏ كما يظهر،‏ لان شيئا من المنافسة لا يزال موجودا بينهم،‏ لا احد يفعل ذلك.‏ والآن هم مرتبكون اذ يبتدئ يسوع بغسل ارجلهم.‏

      عندما يصل يسوع الى بطرس يعترض قائلا:‏ «لن تغسل رجليَّ ابدا.‏»‏

      ‏«ان كنتُ لا اغسلك فليس لك معي نصيب،‏» يقول يسوع.‏

      ‏«يا سيد،‏» يجاوب بطرس،‏ «ليس رجليَّ فقط بل ايضا يديَّ ورأسي.‏»‏

      ‏«الذي قد اغتسل،‏» يجيب يسوع،‏ «ليس له حاجة إلا الى غسل رجليه بل هو طاهر كله.‏ وأنتم طاهرون ولكن ليس كلكم.‏» يقول ذلك لانه يعرف ان يهوذا الاسخريوطي يخطط ليسلِّمه.‏

      عند انتهاء يسوع من غسل ارجل الـ‍ ١٢ جميعا،‏ بما فيها رِجلا مسلِّمه،‏ يهوذا،‏ يلبس ثيابه الخارجية ويتكئ على المائدة مجدَّدا.‏ ثم يسأل:‏ «أتفهمون ما قد صنعت بكم.‏ انتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك.‏ فإن كنت وأنا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فأنتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض.‏ لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا.‏ الحق الحق اقول لكم إنه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول اعظم من مرسله.‏ ان علمتم هذا فطوباكم إن عملتموه.‏»‏

      يا للدرس الجميل في الخدمة المتواضعة!‏ فالرسل يجب ان لا يطلبوا المكان الاول،‏ معتقدين انهم ذوو اهمية كبيرة بحيث يجب على الآخرين ان يخدموهم دائما.‏ ويلزمهم ان يتبعوا المثال الذي رسمه يسوع.‏ وليس ذلك مثالا لغسل الارجل الشعائري.‏ كلا،‏ ولكنه مثال للاستعداد للخدمة دون محاباة،‏ مهما كانت المهمة حقيرة او كريهة.‏ متى ٢٦:‏٢٠،‏ ٢١؛‏ مرقس ١٤:‏١٧،‏ ١٨؛‏ لوقا ٢٢:‏١٤-‏١٨؛‏ ٧:‏٤٤؛‏ يوحنا ١٣:‏١-‏١٧‏.‏

  • العشاء التذكاري
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١١٤

      العشاء التذكاري

      بعد ان يغسل يسوع ارجل رسله يقتبس الآية في المزمور ٤١:‏٩‏،‏ قائلا:‏ «الذي يأكل معي الخبز رفع عليَّ عقبه.‏» حينئذ،‏ اذ يضطرب بالروح،‏ يوضح:‏ «ان واحدا منكم سيسلّمني.‏»‏

      فيحزن الرسل ويقولون ليسوع واحدا فواحدا:‏ «هل انا.‏» وحتى يهوذا الاسخريوطي يشترك في السؤال.‏ ويوحنا،‏ المتمدِّد قرب يسوع عند الطاولة،‏ يتكئ على صدر يسوع ويسأل:‏ «يا سيد من هو.‏»‏

      ‏«هو واحد من الاثني عشر الذي يغمس معي في الصحفة،‏» يجيب يسوع.‏ «ان ابن الانسان ماض كما هو مكتوب عنه.‏ ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يُسلَّم ابن الانسان.‏ كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد.‏» وبعد ذلك يدخل الشيطانُ يهوذا ثانية،‏ مستفيدا من الثغرة في قلبه الذي صار شريرا.‏ وفي وقت لاحق من تلك الليلة يدعو يسوع يهوذا على نحو ملائم «ابن الهلاك.‏»‏

      ويقول يسوع الآن ليهوذا:‏ «ما انت تعمله فاعمله باكثر سرعة.‏» فلا يفهم احد من الرسل الآخرين ما يعنيه يسوع.‏ ويظن البعض انه بسبب احتفاظ يهوذا بصندوق المال يقول يسوع له:‏ «اشترِ ما نحتاج اليه للعيد،‏» او انه يجب ان يذهب ويعطي شيئا للفقراء.‏

      وبعد مُضِيّ يهوذا يقدِّم يسوع احتفالا جديدا كليا،‏ او إحياء ذكرى،‏ مع رسله الامناء.‏ فيأخذ خبزا ويقول صلاة شكر ويكسّر ويعطيهم قائلا:‏ «خذوا كلوا.‏» ويوضح:‏ «هذا هو جسدي الذي يُبذل عنكم.‏ اصنعوا هذا لذكري.‏»‏

      عندما يأكل كل واحد من الخبز يأخذ يسوع كأس خمر،‏ ومن الواضح انها الكأس الرابعة المستعملة في خدمة الفصح.‏ ويقول ايضا صلاة شكر عليها،‏ يمرِّرها اليهم،‏ يطلب منهم ان يشربوا منها،‏ ويقول:‏ «هذه الكأس هي العهد الجديد بدمي الذي يُسفك عنكم.‏»‏

      لذلك فان هذه،‏ في الواقع،‏ هي ذكرى موت يسوع.‏ وكل سنة في ١٤ نيسان قمري يجب ان تتكرر،‏ كما يقول يسوع،‏ لذكره.‏ فهي ستذكِّر المحتفلين بما فعله يسوع وأبوه السماوي ليزوِّدا نجاة للجنس البشري من حكم الموت.‏ وبالنسبة الى اليهود الذين يصيرون أتباع المسيح،‏ سيحلّ الاحتفال محلَّ الفصح.‏

      والعهد الجديد،‏ الذي يصير نافذ المفعول بدم يسوع المسفوك،‏ يحلّ محل عهد الناموس القديم.‏ ويتوسَّطه يسوع المسيح بين طرفين —‏ من الجهة الاولى،‏ يهوه اللّٰه،‏ ومن الاخرى،‏ ٠٠٠‏,‏١٤٤ من المسيحيين المولودين من الروح.‏ وفضلا عن تزويده الغفران للخطايا،‏ يسمح العهد بتشكيل امة سماوية من ملوك كهنة.‏ متى ٢٦:‏٢١-‏٢٩؛‏ مرقس ١٤:‏١٨-‏٢٥؛‏ لوقا ٢٢:‏١٩-‏٢٣؛‏ يوحنا ١٣:‏١٨-‏٣٠؛‏ ١٧:‏١٢؛‏ ١ كورنثوس ٥:‏٧‏.‏

      ▪ اية نبوة للكتاب المقدس يقتبسها يسوع في ما يتعلق بأحد مرافقيه،‏ وأي تطبيق يصنعه لها؟‏

      ▪ لماذا يحزن الرسل بعمق،‏ وماذا يسأل كل منهم؟‏

      ▪ ماذا يقول يسوع ليهوذا ان يفعل،‏ ولكن كيف يفسِّر الرسل الآخرون هذه التعليمات؟‏

      ▪ اي احتفال يقدِّمه يسوع بعد مُضِيّ يهوذا،‏ وأي قصد يخدم؟‏

      ▪ من هم طرفا العهد الجديد،‏ وماذا ينجز العهد؟‏

  • مجادلة تنشأ
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١١٥

      مجادلة تنشأ

      في وقت ابكر في المساء علَّم يسوع درسا ممتعا في الخدمة المتواضعة بغسل ارجل رسله.‏ وبعد ذلك أَسَّس ذكرى موته القريب.‏ والآن،‏ وخصوصا نظرا الى ما حدث منذ قليل،‏ يحصل حادث مدهش.‏ فيتورَّط رسله في مجادلة حادَّة في مَن منهم يُظَنُّ انه يكون اكبر!‏ وعلى ما يظهر،‏ هذا جزء من خلاف مستمر.‏

      تذكَّروا انه بعد ان تجلَّى يسوع على الجبل تحاجَّ الرسل في مَن منهم هو الاعظم.‏ وفضلا عن ذلك،‏ طلب يعقوب ويوحنا مركزين بارزين في الملكوت،‏ ممّا أَدّى الى خصام اضافي بين الرسل.‏ والآن،‏ في ليلته الاخيرة معهم،‏ كم احزن يسوع حتما ان يَراهم يتشاجرون مرة اخرى!‏ فماذا يفعل؟‏

      بدلا من ان يعنِّف الرسل على تصرُّفهم،‏ يباحثهم يسوع ثانية بصبر:‏ «ملوك الامم يسودونهم والمتسلِّطون عليهم يُدعَون محسنين.‏ وأمّا انتم فليس هكذا.‏ .‏ .‏ .‏ لأنْ مَن هو أكبر.‏ أَلَّذي يتَّكئ ام الذي يخدم.‏ أليس الذي يتَّكئ.‏» ثم،‏ اذ يذكِّرهم بمثاله،‏ يقول:‏ «ولكنّي انا بينكم كالذي يخدم.‏»‏

      وعلى الرغم من نقائصهم،‏ ثبت الرسل مع يسوع في تجاربه.‏ ولذلك يقول:‏ «انا اجعل لكم كما جعل لي ابي (‏عهدا لملكوت)‏.‏» وهذا العهد الشخصي بين يسوع وأتباعه الاولياء يضمُّهم اليه ليشتركوا في حكمه الملكي.‏ وعدد محدود فقط من ٠٠٠‏,‏١٤٤ يُدخلون اخيرا في هذا العهد لملكوت.‏

      وعلى الرغم من ان الرسل أُعطوا هذا الرجاء البديع للاشتراك مع المسيح في حكم الملكوت،‏ فهم الآن ضعفاء روحيا.‏ «كلكم تشكُّون فيَّ في هذه الليلة،‏» يقول يسوع.‏ ولكن،‏ اذ يخبر بطرسَ انه يصلّي لأجله،‏ يحث يسوع:‏ «متى رجعت ثبِّت اخوتك.‏»‏

      ‏«يا اولادي،‏» يوضح يسوع،‏ «انا معكم زمانا قليلا بعد.‏ ستطلبونني وكما قلت لليهود حيث اذهب انا لا تقدرون انتم ان تأتوا اقول لكم انتم الآن.‏ وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا.‏ كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا.‏ بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي إنْ كان لكم حب بعضا لبعض.‏»‏

      ‏«يا سيد الى اين تذهب،‏» يسأل بطرس.‏

      ‏«حيث اذهب لا تقدر الآن ان تتبعني،‏» يجيب يسوع،‏ «ولكنك ستتبعني اخيرا.‏»‏

      ‏«يا سيد لماذا لا اقدر ان اتبعك الآن،‏» يريد بطرس ان يعرف.‏ «اني اضع نفسي عنك.‏»‏

      ‏«أَتَضَع نفسك عني،‏» يسأل يسوع.‏ «الحق اقول لك انك اليوم في هذه الليلة قبل ان يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات.‏»‏

      ‏«ولو اضطررت ان اموت معك،‏» يؤكِّد بطرس،‏ «لا انكرك.‏» وبينما يشترك الرسل الآخرون في قول الامر نفسه يفتخر بطرس:‏ «وإنْ شكَّ فيك الجميع فأنا لا اشكُّ ابدا.‏»‏

      وإذ يشير الى الوقت حين ارسل الرسل في جولة كرازية في الجليل بلا كيس ولا مزود،‏ يسأل يسوع:‏ «هل اعوزكم شيء»؟‏

      ‏«لا،‏» يجيبون.‏

      ‏«لكن الآن مَن له كيس فليأخذه ومزود كذلك،‏» يقول،‏ «ومَن ليس له فليبع ثوبه ويشترِ سيفا.‏ لأني اقول لكم انه ينبغي ان يتمّ فيَّ ايضا هذا المكتوب وأُحصيَ مع اثمة.‏ لأن ما هو من جهتي له انقضاء.‏»‏

      يشير يسوع الى الوقت الذي فيه سيعلَّق مع فاعلي الشر،‏ او الاثمة.‏ ويدلّ ايضا ان أتباعه سيواجهون بعد ذلك اضطهادا قاسيا.‏ «يا رب هوذا هنا سيفان،‏» يقولون.‏

      ‏«يكفي،‏» يجيب.‏ وكما سنرى،‏ فإن حيازتهم السيفين ستتيح ليسوع قريبا ان يعلِّم درسا حيويا آخر.‏ متى ٢٦:‏٣١-‏٣٥؛‏ مرقس ١٤:‏٢٧-‏٣١؛‏ لوقا ٢٢:‏٢٤-‏٣٨؛‏ يوحنا ١٣:‏٣١-‏٣٨؛‏ رؤيا ١٤:‏١-‏٣‏.‏

      ▪ لماذا مجادلة الرسل مدهشة الى هذا الحدّ؟‏

      ▪ كيف يعالج يسوع المجادلة؟‏

      ▪ ماذا ينجز العهدُ الذي يصنعه يسوع مع تلاميذه؟‏

      ▪ اية وصية جديدة يعطيها يسوع،‏ وإلى اي حدّ هي مهمة؟‏

      ▪ اي افراط في الثقة يعرب عنه بطرس،‏ وماذا يقول يسوع؟‏

      ▪ لماذا تكون ارشادات يسوع عن حمل كيس ومزود مختلفة عن تلك التي اعطاها في وقت ابكر؟‏

  • إعداد الرسل لرحيله
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١١٦

      إعداد الرسل لرحيله

      ينتهي العشاء التذكاري،‏ لكنّ يسوع ورسله لا يزالون في العلية.‏ وعلى الرغم من ان يسوع سيمضي قريبا،‏ لديه امور كثيرة ليقولها بعد.‏ «لا تضطرب قلوبكم،‏» يعزِّيهم.‏ «انتم تؤمنون باللّٰه.‏» ولكنه يضيف:‏ «فآ‌منوا بي.‏»‏

      ‏«في بيت ابي منازل كثيرة،‏» يتابع يسوع.‏ «انا امضي لاعد لكم مكانا .‏ .‏ .‏ حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا.‏ وتعلمون حيث انا اذهب وتعلمون الطريق.‏» لا يفهم الرسل ان يسوع يتكلم عن الذهاب الى السماء،‏ لذلك يسأل توما:‏ «يا سيد لسنا نعلم اين تذهب فكيف نقدر ان نعرف الطريق.‏»‏

      ‏«انا هو الطريق والحق والحياة،‏» يجيب يسوع.‏ نعم،‏ فقط بقبوله والتمثل بمسلك حياته يتمكَّن الشخص من دخول البيت السماوي للآب لانه،‏ كما يقول يسوع:‏ «ليس احد يأتي الى الآب إلا بي.‏»‏

      ‏«يا سيد ارِنا الآب،‏» يطلب فيلبس،‏ «وكفانا.‏» يريد فيلبس،‏ كما يبدو،‏ ان يزوِّد يسوع تجلِّيا منظورا للّٰه،‏ كالذي مُنح في الازمنة القديمة في الرؤى لموسى،‏ ايليا،‏ واشعياء.‏ ولكن،‏ في الواقع،‏ لدى الرسل شيء افضل بكثير من رؤى من هذا النوع،‏ كما يعلِّق يسوع:‏ «انا معكم زمانا هذه مدّته ولم تعرفني يا فيلبس.‏ الذي رآني فقد رأى الآب.‏»‏

      يعكس يسوع شخصية ابيه كاملا بحيث ان العيش معه ومشاهدته يكونان،‏ في الواقع،‏ كرؤية الآب فعليا.‏ ومع ذلك،‏ فان الآب اعظم من الابن،‏ كما يعترف يسوع:‏ «الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي.‏» فيسوع يعطي على نحو لائق كل الفضل في تعاليمه لابيه السماوي.‏

      وكم يكون مشجعا دون شك ان يسمع الرسل يسوع يقول لهم الآن:‏ «من يؤمن بي فالاعمال التي انا اعملها يعملها هو ايضا ويعمل اعظم منها»!‏ لا يعني يسوع ان أتباعه سيمارسون قوى عجائبية اعظم مما عمل هو.‏ كلا،‏ لكنه يعني انهم سيواصلون الخدمة لوقت اطول بكثير،‏ على نطاق اعظم بكثير،‏ ولاناس اكثر بكثير.‏

      لن يتخلى يسوع عن تلاميذه بعد رحيله.‏ «مهما سألتم باسمي،‏» يَعد،‏ «فذلك افعله.‏» ويقول ايضا:‏ «انا اطلب من الآب فيعطيكم (‏معينا)‏ آخر ليمكث معكم الى الابد.‏ روح الحق.‏» ولاحقا،‏ بعد صعوده الى السماء،‏ يسكب يسوع على تلاميذه الروح القدس،‏ هذا المعين الآخر.‏

      ان رحيل يسوع قريب،‏ كما يقول:‏ «بعد قليل لا يراني العالم ايضا.‏» فسيكون يسوع مخلوقا روحانيا لا يمكن ان يراه انسان.‏ ولكنّ يسوع يَعد من جديد رسله الامناء:‏ «انتم .‏ .‏ .‏ ترونني.‏ اني انا حيّ فأنتم ستحيون.‏» نعم،‏ لن يظهر يسوع لهم بشكل بشري بعد قيامته وحسب بل سيقيمهم في الوقت المناسب الى الحياة معه في السماء كمخلوقات روحانية.‏

      ويذكر يسوع الآن القاعدة البسيطة:‏ «الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني.‏ والذي يحبني يحبه ابي وأنا احبه وأُظهِر له ذاتي.‏»‏

      عند ذلك يقاطعه الرسول يهوذا،‏ الذي يدعى ايضا تداوس:‏ «يا سيد ماذا حدث حتى انك مزمع ان تظهر ذاتك لنا وليس للعالم.‏»‏

      ‏«ان احبني احد،‏» يجيب يسوع،‏ «يحفظ كلامي ويحبه ابي .‏ .‏ .‏ الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي.‏» فبخلاف أتباعه المذعنين،‏ يتجاهل العالم تعاليم المسيح.‏ ولذلك لا يكشف نفسه لهم.‏

      وخلال خدمته الارضية علَّم يسوع رسله امورا كثيرة.‏ فكيف يتذكرونها كلها،‏ وخصوصا لانهم،‏ حتى هذه اللحظة،‏ يفشلون في فهم الكثير منها؟‏ من المفرح ان يسوع يَعد:‏ «(‏المعين)‏ الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي .‏ .‏ .‏ هو يعلِّمكم كل شيء ويذكِّركم بكل ما قلته لكم.‏»‏

      واذ يعزِّيهم ثانية،‏ يقول يسوع:‏ «سلاما اترك لكم.‏ سلامي اعطيكم.‏ .‏ .‏ .‏ لا تضطرب قلوبكم.‏» صحيح ان يسوع راحل،‏ ولكنه يوضح:‏ «لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لاني قلت امضي الى الآب.‏ لان ابي اعظم مني.‏»‏

      ان وقت بقاء يسوع معهم قصير.‏ «لا اتكلم ايضا معكم كثيرا،‏» يقول،‏ «لان رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء.‏» فالشيطان ابليس،‏ الذي تمكَّن من الدخول في يهوذا والسيطرة عليه،‏ هو رئيس هذا العالم.‏ ولكن ليس هنالك ضعف خطية في يسوع يمكن للشيطان ان يستغله لابعاده عن خدمة اللّٰه.‏

      التمتع بعلاقة حميمة

      بعد العشاء التذكاري،‏ كان يسوع يشجع رسله بكلام مبسَّط من القلب الى القلب.‏ ويمكن ان يكون الوقت قد تجاوز منتصف الليل.‏ ولذلك يحثّ يسوع:‏ «قوموا ننطلق من ههنا.‏» ولكن،‏ قبل ان يرحلوا،‏ اذ تدفعه محبته لهم،‏ يتابع يسوع التكلم مزوِّدا مثلا محرِّكا.‏

      ‏«انا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام،‏» يبدأ.‏ فالكرام العظيم،‏ يهوه اللّٰه،‏ زرع هذه الكرمة الرمزية عندما مسح يسوع بالروح القدس عند معموديته في خريف السنة ٢٩ ب‌م.‏ ولكنّ يسوع يتابع ليظهر ان الكرمة ترمز الى اكثر من مجرد نفسه،‏ اذ يعلِّق قائلا:‏ «كل غصن فيَّ لا يأتي بثمر ينزعه.‏ وكل ما يأتي بثمر ينقّيه ليأتي بثمر اكثر.‏ .‏ .‏ .‏ كما ان الغصن لا يقدر ان يأتي بثمر من ذاته إن لم يثبت في الكرمة كذلك انتم ايضا إن لم تثبتوا فيَّ.‏ انا الكرمة وأنتم الاغصان.‏»‏

      في يوم الخمسين،‏ بعد ٥١ يوما،‏ يصير الرسل وآخرون اغصان الكرمة عندما يجري سكب الروح القدس عليهم.‏ وأخيرا،‏ يصير ٠٠٠‏,‏١٤٤ شخص اغصان الكرمة المجازية.‏ ومع ساق الكرمة،‏ يسوع المسيح،‏ يؤلف هؤلاء كرمة رمزية تنتج ثمار ملكوت اللّٰه.‏

      يوضح يسوع المفتاح لانتاج الثمر:‏ «الذي يثبت فيَّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير.‏ لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا.‏» ولكن اذا فشل الشخص في انتاج الثمر،‏ يقول يسوع،‏ «يُطرح خارجا كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق.‏» ومن جهة اخرى،‏ يعِد يسوع:‏ «إن ثبتّم فيَّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم.‏»‏

      واضافة الى ذلك،‏ يقول يسوع لرسله:‏ «بهذا يتمجد ابي ان تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي.‏» ان الثمر الذي يرغب فيه اللّٰه من الاغصان هو اعرابهم عن الصفات الشبيهة بصفات المسيح،‏ وخصوصا المحبة.‏ وفضلا عن ذلك،‏ بما ان المسيح كان مناديا بملكوت اللّٰه،‏ فان الثمر المرغوب فيه يشمل ايضا نشاط تلمذتهم كما فعل هو.‏

      ‏«اثبتوا في محبتي،‏» يحث يسوع الآن.‏ ولكن،‏ كيف يمكن لرسله ان يفعلوا ذلك؟‏ «إن حفظتم وصاياي،‏» يقول،‏ «تثبتون في محبتي.‏» واذ يتابع،‏ يوضح يسوع:‏ «هذه هي وصيتي ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم.‏ ليس لأحد حب اعظم من هذا ان يضع احد نفسه لاجل احبائه.‏»‏

      في ساعات قليلة يعرب يسوع عن محبته الفائقة بتقديم حياته لاجل رسله،‏ بالاضافة الى جميع الآخرين الذين يمارسون الايمان به.‏ ومثاله يجب ان يدفع أتباعه لتكون لديهم محبة التضحية بالذات عينها بعضهم لبعض.‏ وهذه المحبة ستحدِّد هويتهم،‏ كما ذكر يسوع في وقت ابكر:‏ «بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض.‏»‏

      واذ يحدِّد هوية اصدقائه،‏ يقول يسوع:‏ «انتم (‏اصدقائي)‏ إن فعلتم ما اوصيكم به.‏ لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده.‏ لكني قد سميتكم (‏اصدقاء)‏ لاني اعلمتكم بكل ما سمعته من ابي.‏»‏

      فيا للعلاقة الثمينة التي يجري الحصول عليها —‏ ان يكونوا اصدقاء احماء ليسوع!‏ ولكن للاستمرار في التمتع بهذه العلاقة يجب على أتباعه ان ‹يأتوا بثمر.‏› واذا فعلوا ذلك،‏ يقول يسوع،‏ «يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي.‏» بالتأكيد،‏ هذه هي مكافأة عظيمة مقابل الاتيان بثمر الملكوت!‏ وبعد حث رسله من جديد على ‹محبة بعضهم بعضا،‏› يوضح يسوع ان العالم سيبغضهم.‏ لكنه يعزِّيهم:‏ «إن كان العالم يبغضكم فاعلموا انه قد أبغضني قبلكم.‏» ثم يكشف يسوع عن سبب بغض العالم لأتباعه،‏ قائلا:‏ «لانكم لستم (‏جزءا)‏ من العالم بل انا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم.‏»‏

      واذ يوضح على نحو اضافي سبب بغض العالم،‏ يتابع يسوع:‏ «لكنهم انما يفعلون بكم هذا كله من اجل اسمي لانهم لا يعرفون [يهوه اللّٰه] الذي ارسلني.‏» وأعمال يسوع العجائبية،‏ في الواقع،‏ تدين اولئك الذين يبغضونه،‏ كما يذكر:‏ «لو لم اكن قد عملت بينهم اعمالا لم يعملها احد غيري لم تكن لهم خطية.‏ وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني انا وأبي.‏» وهكذا،‏ كما يقول يسوع،‏ تتم الآية:‏ «أبغضوني بلا سبب.‏»‏

      وكما فعل في وقت ابكر،‏ يعزِّيهم يسوع ثانية بوعده اياهم ان يرسل المعين،‏ الروح القدس،‏ الذي هو قوة اللّٰه الفعالة القديرة.‏ «هو يشهد لي.‏ وتشهدون انتم ايضا.‏»‏

      نصح اضافي قبل الرحيل

      يسوع ورسله مستعدون لمغادرة العلية.‏ «قد كلمتكم بهذا لكي لا تعثروا،‏» يتابع.‏ ثم يعطي التحذير الخطير:‏ «سيخرجونكم من المجامع بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم انه يقدم خدمة للّٰه.‏»‏

      من الواضح ان الرسل ينزعجون بعمق من هذا التحذير.‏ ومع ان يسوع كان قد قال في وقت ابكر ان العالم سيبغضهم،‏ فانه لم يكشف مباشرة الى هذا الحد انهم سيُقتلون.‏ «لم أقل لكم [هذا] من البداية،‏» يوضح يسوع،‏ «لاني كنت معكم.‏» ولكن،‏ ما أحسن ان يُعِدّهم بهذه المعلومات قبل ان يرحل!‏

      ‏«وأما الآن،‏» يتابع يسوع،‏ «فأنا ماضٍ الى الذي ارسلني وليس احد منكم يسألني اين تمضي.‏» وفي وقت ابكر في المساء،‏ كانوا قد استعلَموا عن مكان ذهابه،‏ لكنهم الآن مرتعدون مما اخبرهم به حتى انهم يفشلون ان يسألوا المزيد عن ذلك.‏ وكما يقول يسوع:‏ «لاني قلت لكم هذا قد ملأ الحزن قلوبكم.‏» يحزن الرسل ليس فقط لانهم علموا انهم سيعانون اضطهادا رهيبا ويُقتلون بل لان سيدهم يتركهم.‏

      لذلك يوضح يسوع:‏ «انه خير لكم ان انطلق.‏ لانه إن لم انطلق لا يأتيكم (‏المعين)‏.‏ ولكن إن ذهبت ارسله اليكم.‏» كانسان،‏ يمكن ليسوع ان يكون فقط في مكان واحد كل مرة،‏ ولكن عندما يصير في السماء يمكنه ان يرسل المعين،‏ روح اللّٰه القدوس،‏ الى أتباعه حيثما كانوا على الارض.‏ وهكذا فان مغادرة يسوع ستكون نافعة.‏

      والروح القدس،‏ يقول يسوع،‏ «(‏يقدم للعالم دليلا مقنعا)‏ على خطية وعلى بر وعلى دينونة.‏» ان خطية العالم،‏ فشله في ممارسة الايمان بابن اللّٰه،‏ سيجري تشهيرها.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ سيُظهر صعود يسوع الى الآب دليلا مقنعا على برّه.‏ وفشلُ الشيطان وعالمه الشرير في كسر استقامة يسوع هو دليل مقنع على ان رئيس العالم قد دين على نحو مضاد.‏

      ‏«ان لي امورا كثيرة ايضا لاقول لكم،‏» يتابع يسوع،‏ «ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن.‏» لذلك يعد يسوع انه عندما يَسكب الروح القدس،‏ الذي هو قوة اللّٰه الفعالة،‏ سيرشدهم هذا الى فهم هذه الامور وفقا لمقدرتهم على ادراكها.‏

      يفشل الرسل خصوصا في الفهم ان يسوع سيموت ثم سيظهر لهم بعد ان يُقام.‏ وهكذا يسألون بعضهم بعضا:‏ «ما هو هذا الذي يقوله لنا بعد قليل لا تبصرونني ثم بعد قليل ايضا ترونني ولاني ذاهب الى الآب.‏»‏

      يدرك يسوع انهم يريدون ان يسألوه،‏ ولذلك يوضح:‏ «الحق الحق اقول لكم انكم ستبكون وتنوحون والعالم يفرح.‏ انتم ستحزنون ولكنّ حزنكم يتحول الى فرح.‏» ولاحقا في ذلك اليوم،‏ بعد الظهر،‏ عندما يُقتل يسوع،‏ يفرح القادة الدينيون العالميون،‏ ولكنّ التلاميذ يحزنون.‏ إلا ان حزنهم يتحول الى فرح عندما يُقام يسوع!‏ ويستمر فرحهم عندما يمنحهم السلطة في يوم الخمسين ان يكونوا شهوده بسكب روح اللّٰه القدوس عليهم!‏

      واذ يقارن حالة الرسل بتلك التي لامرأة خلال مخاضها،‏ يقول يسوع:‏ «المرأة وهي تلد تحزن لان ساعتها قد جاءت.‏» ولكن يعلِّق يسوع انها لا تعود تذكر شدتها عندما يولد طفلها،‏ ويشجع رسله،‏ قائلا:‏ «فأنتم كذلك عندكم الآن حزن.‏ ولكني سأراكم ايضا [عندما أُقام] فتفرح قلوبكم ولا ينزع احد فرحكم منكم.‏»‏

      حتى هذا الوقت لم يقدِّم الرسل قط طلبات باسم يسوع.‏ ولكنه يقول الآن:‏ «إن كل ما طلبتم من الآب باسمي يعطيكم.‏ .‏ .‏ .‏ لان الآب نفسه يحبكم لانكم قد احببتموني وآمنتم اني من عند اللّٰه خرجت.‏ خرجت من عند الآب وقد اتيت الى العالم وأيضا اترك العالم وأذهب الى الآب.‏»‏

      ان كلمات يسوع هي تشجيع عظيم للرسل.‏ «لهذا نؤمن انك من اللّٰه خرجت،‏» يقولون.‏ «أَلآن تؤمنون،‏» يسأل يسوع.‏ «هوذا تأتي ساعة وقد اتت الآن تتفرقون فيها كل واحد الى خاصته وتتركونني وحدي.‏» وعلى نحو لا يُصدَّق كما يبدو،‏ يحدث ذلك قبل ان ينتهي الليل!‏

      ‏«قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام.‏» ويختتم يسوع:‏ «في العالم سيكون لكم ضيق.‏ ولكن ثقوا.‏ انا قد غلبت العالم.‏» غلب يسوع العالم بانجاز مشيئة اللّٰه بأمانة على الرغم من كل ما حاول ابليس وعالمه ان يفعلوه لكسر استقامة يسوع.‏

      الصلاة الختامية في العلية

      اذ تدفعه المحبة العميقة لرسله،‏ يعدّهم يسوع لرحيله الوشيك.‏ والآن،‏ بعد نصحهم وتعزيتهم لوقت طويل،‏ يرفع عينيه نحو السماء ويلتمس من ابيه:‏ «مجّد ابنك ليمجدك ابنك ايضا اذ اعطيته سلطانا على كل جسد ليعطي حياة ابدية لكل من اعطيته.‏»‏

      يا له من محور مثير يقدمه يسوع —‏ الحياة الابدية!‏ واذ أُعطي «سلطانا على كل جسد،‏» يمكن ليسوع ان يمنح فوائد ذبيحته الفدائية لكل الجنس البشري المائت.‏ ولكنه يعطي «حياة ابدية» فقط لاولئك الذين يرضى الآب عنهم.‏ واذ يؤسس على محور الحياة الابدية هذا،‏ يتابع يسوع صلاته:‏

      ‏«وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته.‏» نعم،‏ يتوقف الخلاص على اخذنا المعرفة عن اللّٰه وابنه كليهما.‏ ولكن يلزم اكثر من مجرد معرفة في الرأس.‏

      فلا بد ان يأتي الشخص الى معرفتهما على نحو حميم،‏ مطورا صداقة تتسم بالفهم معهما.‏ ولا بد ان يشعر المرء كما يشعران بشأن القضايا ويرى الامور من خلال اعينهما.‏ وقبل كل شيء،‏ لا بد ان يجاهد الشخص ليتمثل بصفاتهما التي لا تُضاهى في التعامل مع الآخرين.‏

      ثم يصلّي يسوع:‏ «انا مجدتك على الارض.‏ العمل الذي اعطيتني لاعمل قد اكملته.‏» وهكذا،‏ باتمامه تعيينه الى هذا الحد وبكونه واثقا بنجاحه المستقبلي،‏ يلتمس:‏ «مجدني انت ايها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم.‏» نعم،‏ يطلب الآن ان يُعاد الى مجده السماوي السابق بواسطة القيامة.‏

      واذ يوجز عمله الرئيسي على الارض،‏ يقول يسوع:‏ «انا اظهرت اسمك للناس الذين اعطيتني من العالم.‏ كانوا لك وأعطيتهم لي وقد حفظوا كلامك.‏» استعمل يسوع اسم اللّٰه،‏ يهوه،‏ في خدمته وبيَّن لفظه الصحيح،‏ لكنه فعل اكثر من ذلك لجعل اسم اللّٰه ظاهرا لرسله.‏ لقد وسَّع ايضا معرفتهم وتقديرهم ليهوه،‏ لشخصيته،‏ ولمقاصده.‏

      واذ يكرم يهوه بصفته اسمى منه،‏ ذاك الذي يخدم تحت اشرافه،‏ يعترف يسوع بتواضع:‏ «الكلام الذي اعطيتني قد اعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينا اني خرجت من عندك وآمنوا انك انت ارسلتني.‏»‏

      واذ يميِّز بين أتباعه وباقي الجنس البشري،‏ يصلّي يسوع بعد ذلك:‏ «من اجلهم انا اسأل.‏ لست اسأل من اجل العالم بل من اجل الذين اعطيتني .‏ .‏ .‏ حين كنت معهم في العالم كنت احفظهم .‏ .‏ .‏ حفظتهم ولم يهلك منهم احد إلا ابن الهلاك،‏» اي يهوذا الاسخريوطي.‏ وفي هذه اللحظة عينها يكون يهوذا في مهمته الحقيرة لخيانة يسوع.‏ وهكذا،‏ يتمم يهوذا الاسفار المقدسة دون ان يعلم.‏

      ‏«العالم ابغضهم،‏» يستمر يسوع في الصلاة.‏ «لست اسأل ان تأخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير.‏ ليسوا (‏جزءا)‏ من العالم كما اني انا لست (‏جزءا)‏ من العالم.‏» ان أتباع يسوع هم في العالم،‏ هذا المجتمع البشري المنظم الذي يحكمه الشيطان،‏ ولكنهم منفصلون عنه وعن شره ولا بد ان يبقوا كذلك دائما.‏

      ‏«قدسهم في حقك،‏» يتابع يسوع،‏ «كلامك هو حق.‏» هنا يدعو يسوع الاسفار المقدسة العبرانية الموحى بها،‏ التي اقتبس منها دائما،‏ ‹الحق.‏› ولكنّ ما علَّمه لتلاميذه وما كتبوه لاحقا بالوحي بصفته الاسفار المقدسة اليونانية المسيحية هو كذلك ‹الحق.‏› وهذا الحق يمكن ان يقدس الشخص،‏ يغيِّر حياته كاملا،‏ ويجعله شخصا منفصلا عن العالم.‏

      لا يصلّي يسوع الآن «من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون [به] بكلامهم.‏» وهكذا يصلّي يسوع من اجل الذين سيكونون أتباعه الممسوحين والتلاميذ المقبلين الآخرين الذين سيجري تجميعهم بعدُ في «رعية واحدة.‏» وماذا يسأل من اجل جميع هؤلاء؟‏

      ان «يكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الآب فيَّ وانا فيك .‏ .‏ .‏ يكونوا واحدا كما اننا نحن واحد.‏» ان يسوع وأباه ليسا حرفيا شخصا واحدا،‏ ولكنهما على اتفاق في كل الامور.‏ ويصلّي يسوع ان يتمتع أتباعه بهذه الوحدة نفسها لكي «يعلم العالم انك ارسلتني وأحببتهم كما احببتني.‏»‏

      ومن اجل الذين سيكونون أتباعه الممسوحين يسأل يسوع اباه السماوي.‏ ماذا؟‏ «أنّ هؤلاء .‏ .‏ .‏ يكونون معي حيث اكون انا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لانك احببتني قبل انشاء العالم،‏» اي قبل ان انتج آدم وحواء ذرية.‏ فقبل ذلك بزمن طويل احبّ اللّٰه ابنه الوحيد،‏ الذي صار يسوع المسيح.‏

      واذ يختتم صلاته،‏ يشدِّد يسوع من جديد:‏ «عرَّفتهم اسمك وسأعرّفهم ليكون فيهم الحبّ الذي احببتني به وأكون انا فيهم.‏» وبالنسبة الى الرسل،‏ شمل تعلُّم اسم اللّٰه الاتيان شخصيا الى معرفة محبة اللّٰه.‏ يوحنا ١٤:‏١-‏١٧:‏٢٦؛‏ ١٣:‏​٢٧،‏ ٣٥،‏ ٣٦؛‏ ١٠:‏١٦؛‏ لوقا ٢٢:‏٣،‏ ٤؛‏ خروج ٢٤:‏١٠؛‏ ١ ملوك ١٩:‏٩-‏١٣؛‏ اشعياء ٦:‏١-‏٥؛‏ غلاطية ٦:‏١٦؛‏ مزمور ٣٥:‏١٩؛‏ ٦٩:‏٤؛‏ امثال ٨:‏​٢٢،‏ ٣٠‏.‏

      ▪ الى اين يكون يسوع ذاهبا،‏ وأي جواب يحصل عليه توما في ما يتعلق بالطريق الى هناك؟‏

      ▪ بطلبه،‏ ماذا يريد فيلبس،‏ كما يبدو،‏ من يسوع ان يزوِّد؟‏

      ▪ لماذا الذي رأى يسوع قد رأى الآب ايضا؟‏

      ▪ كيف سيعمل أتباع يسوع اعمالا اعظم مما عمل هو؟‏

      ▪ بأي معنى ليس للشيطان شيء في يسوع؟‏

      ▪ متى زرع يهوه الكرمة الرمزية،‏ ومتى وكيف يصير آخرون جزءا من الكرمة؟‏

      ▪ اخيرا،‏ كم غصنا يكون للكرمة الرمزية؟‏

      ▪ اي ثمر يرغب فيه اللّٰه من الاغصان؟‏

      ▪ كيف يمكننا ان نكون اصدقاء ليسوع؟‏

      ▪ لماذا يبغض العالم أتباع يسوع؟‏

      ▪ اي تحذير من قِبَل يسوع يزعج رسله؟‏

      ▪ لماذا يفشل الرسل ان يسألوا يسوع عن مكان ذهابه؟‏

      ▪ ماذا يفشل الرسل خصوصا في فهمه؟‏

      ▪ كيف يوضح يسوع ان حالة الرسل ستتحول من حزن الى فرح؟‏

      ▪ ماذا يقول يسوع ان الرسل سيفعلون قريبا؟‏

      ▪ كيف يغلب يسوع العالم؟‏

      ▪ بأي معنى يُعطى يسوع «سلطانا على كل جسد»؟‏

      ▪ ماذا يعني اخذ المعرفة عن اللّٰه وابنه؟‏

      ▪ بأية طرائق يجعل يسوع اسم اللّٰه ظاهرا؟‏

      ▪ ما هو ‹الحق،‏› وكيف ‹يقدس› المسيحي؟‏

      ▪ كيف يكون اللّٰه،‏ ابنه،‏ وجميع العبّاد الحقيقيين واحدا؟‏

      ▪ متى كان «انشاء العالم»؟‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة