مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بداية يوم حاسم
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١٠٥

      بداية يوم حاسم

      عندما يغادر يسوع اورشليم يوم الاثنين مساء يعود الى بيت عنيا في المنحدر الشرقي لجبل الزيتون.‏ لقد انتهى يومان من خدمته الختامية في اورشليم.‏ ودون شك،‏ يقضي يسوع الليلة مرة اخرى مع صديقه لعازر.‏ هذه هي ليلته الرابعة التي قضاها في بيت عنيا منذ وصوله من اريحا يوم الجمعة.‏

      والآن،‏ باكرا في صباح يوم الثلاثاء،‏ ١١ نيسان قمري،‏ يكون هو وتلاميذه في الطريق من جديد.‏ ويتبيَّن ان هذا هو يوم حاسم في خدمة يسوع،‏ الاكثر انشغالا حتى الآن.‏ انه اليوم الاخير الذي يَظهر فيه في الهيكل.‏ وهو اليوم الاخير لخدمته العلنية قبل محاكمته وتنفيذ الحكم فيه.‏

      يتخذ يسوع وتلاميذه الطريق عينها على جبل الزيتون نحو اورشليم.‏ وبجانب هذه الطريق من بيت عنيا يلاحظ بطرس الشجرة التي لعنها يسوع في الصباح السابق.‏ «يا سيدي انظر،‏» يهتف،‏ «التينة التي لعنْتَها قد يبست.‏»‏

      ولكن لماذا قضى يسوع على الشجرة؟‏ يشير الى السبب عندما يمضي قائلا:‏ «الحق أقول لكم ان كان لكم ايمان ولا تشكّون فلا تفعلون امر التينة فقط بل ان قلتم ايضا لهذا الجبل [جبل الزيتون الذي عليه يقفون] انتقل وانطرح في البحر فيكون.‏ وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه.‏»‏

      اذًا،‏ بجعل الشجرة تيبس،‏ يزوِّد يسوع تلاميذه درسا منظورا في حاجتهم الى امتلاك الايمان باللّٰه.‏ وكما يذكر:‏ «كل ما تطلبونه حينما تصلّون فآ‌منوا ان تنالوه فيكون لكم.‏» يا له من درس مهم ليتعلَّموه،‏ وخصوصا بالنظر الى الامتحانات المروِّعة التي كانت ستأتي قريبا.‏ ولكن هنالك رابط آخر بين جعل شجرة التين تيبس وصفة الايمان.‏

      لأمة اسرائيل،‏ كشجرة التين هذه،‏ مظهر خادع.‏ فمع ان الامة هي في علاقة عهد مع اللّٰه وقد تبدو ظاهريا متقيِّدة بفرائضه،‏ فقد اثبتت انها بدون ايمان،‏ فارغة من الثمر الجيد.‏ وبسبب عدم الايمان فانها في طور رفض ابن اللّٰه الخاص!‏ وهكذا،‏ بجعل شجرة التين غير المثمرة تيبس،‏ يُظهر يسوع على نحو تصويري ماذا ستكون النتيجة النهائية لهذه الامة العديمة الايمان والعديمة الثمر.‏

      بعد قليل يدخل يسوع وتلاميذه اورشليم،‏ وكعادتهم يذهبون الى الهيكل،‏ حيث يبتدئ يسوع بالتعليم.‏ واذ يتذكر رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب دون شك عمل يسوع في اليوم السابق ضد الصرّافين،‏ يتحدَّونه:‏ «بأيّ سلطان تفعل هذا ومن اعطاك هذا السلطان.‏»‏

      يجيب يسوع قائلا:‏ «وانا ايضا اسألكم كلمة واحدة فإن قلتم لي عنها اقول لكم انا ايضا بأيّ سلطان افعل هذا.‏ معمودية يوحنا من اين كانت.‏ من السماء أم من الناس.‏»‏

      يبدأ الكهنة والشيوخ بالتشاور في ما بينهم كيف يجيبون.‏ «ان قلنا من السماء يقول لنا فلماذا لم تؤمنوا به.‏ وان قلنا من الناس نخاف من الشعب.‏ لان يوحنا عند الجميع مثل نبي.‏»‏

      لا يعرف الرؤساء بماذا يردّون.‏ فيجيبون يسوع:‏ «لا نعلم.‏»‏

      فيقول يسوع ايضا:‏ «ولا انا اقول لكم بأيّ سلطان افعل هذا.‏» متى ٢١:‏١٩-‏٢٧؛‏ مرقس ١١:‏١٩-‏٣٣؛‏ لوقا ٢٠:‏١-‏٨‏.‏

      ▪ ما هو المهم في ما يتعلق بيوم الثلاثاء،‏ ١١ نيسان قمري؟‏

      ▪ اي درسين يزوِّدهما يسوع عندما يجعل شجرة التين تيبس؟‏

      ▪ كيف يجيب يسوع اولئك الذين يسألون بأيّ سلطان يفعل الامور؟‏

  • يشهَّرون بإيضاحين عن الكرم
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١٠٦

      يشهَّرون بإيضاحين عن الكرم

      يسوع في الهيكل.‏ وقد اربك قبل قليل القادة الدينيين الذين طلبوا ان يعرفوا بسلطان مَن يفعل الامور.‏ وقبل ان يُفيقوا من ارتباكهم يسأل يسوع:‏ «ماذا تظنون.‏» ثم بواسطة ايضاح،‏ يُظهر لهم ايّ نوع من الاشخاص هم حقا.‏

      ‏«كان لإنسان ابنان،‏» يروي يسوع.‏ «فجاء الى الاول وقال يا ابني اذهب اليوم اعمل في كرمي.‏ فأجاب وقال ما اريد.‏ ولكنه ندم اخيرا ومضى.‏ وجاء الى الثاني وقال كذلك.‏ فأجاب وقال ها انا يا سيد.‏ ولم يمضِ.‏ فأيّ الاثنين عمل ارادة الأب،‏» يسأل يسوع.‏

      ‏«الاول،‏» يجيب خصومه.‏

      لذلك يشرح يسوع:‏ «الحق اقول لكم ان العشارين والزواني يسبقونكم الى ملكوت اللّٰه.‏» وفي الواقع،‏ رفض العشارون والزواني في البداية ان يخدموا اللّٰه.‏ ولكن بعد ذلك،‏ كالابن الاول،‏ تابوا وخدموه فعلا.‏ ومن جهة اخرى،‏ ادّعى القادة الدينيون،‏ كالابن الثاني،‏ انهم يخدمون اللّٰه،‏ ولكن كما يلاحظ يسوع:‏ «يوحنا [المعمدان] جاءكم في طريق الحق فلم تؤمنوا به.‏ وأمّا العشارون والزواني فآ‌منوا به.‏ وأنتم اذ رأيتم لم تندموا اخيرا لتؤمنوا به.‏»‏

      يُظهر يسوع بعد ذلك ان فشل القادة الدينيين هؤلاء ليس في مجرد اهمال خدمة اللّٰه.‏ كلا،‏ بل هم في الواقع رجال اشرار اردياء.‏ «كان انسان رب بيت،‏» يروي يسوع،‏ «غرس كرما وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برجا وسلّمه الى كرامين وسافر.‏ ولمّا قرب وقت الاثمار ارسل عبيده الى الكرامين ليأخذ اثماره.‏ فأخذ الكرامون عبيده وجلدوا بعضا وقتلوا بعضا ورجموا بعضا.‏ ثم ارسل ايضا عبيدا آخرين اكثر من الاولين.‏ ففعلوا بهم كذلك.‏»‏

      ان ‹العبيد› هم الانبياء الذين ارسلهم ‹رب البيت،‏› يهوه اللّٰه،‏ الى ‹كرامي كرمه.‏› وهؤلاء الكرامون هم الممثِّلون القياديون لأمة اسرائيل،‏ الامة التي يحدِّد الكتاب المقدس هويتها بصفتها «كرم» اللّٰه.‏

      وبما ان «الكرامين» يسيئون معاملة ‹العبيد› ويقتلونهم،‏ يشرح يسوع:‏ «فأخيرا ارسل [صاحب الكرم] اليهم ابنه قائلا يهابون ابني.‏ وأمّا الكرامون فلما رأوا الابن قالوا فيما بينهم هذا هو الوارث.‏ هلمّوا نقتله ونأخذ ميراثه.‏ فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه.‏»‏

      والآن،‏ اذ يخاطب القادة الدينيين،‏ يسأل يسوع:‏ «متى جاء صاحب الكرم ماذا يفعل بأولئك الكرامين.‏»‏

      ‏«(‏لأنهم)‏ اردياء،‏» يجيب القادة الدينيون،‏ «يهلكهم هلاكا رديّا ويسلِّم الكرم الى كرامين آخرين يعطونه الاثمار في اوقاتها.‏»‏

      وهكذا من غير علم ينادون بالدينونة على انفسهم،‏ اذ انهم مشمولون بين «الكرامين» الاسرائيليين لِـ‍ «كرم» يهوه القومي لإسرائيل.‏ والثمر الذي يتوقَّعه يهوه من كرامين كهؤلاء هو الايمان بابنه،‏ المسيّا الحقيقي.‏ ولسبب فشلهم في تزويد ثمر كهذا يحذِّر يسوع:‏ «أمَا قرأتم قط في الكتب [في المزمور ١١٨:‏٢٢،‏ ٢٣‏].‏ الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية.‏ من قِبَل الرب كان هذا وهو عجيب في اعيننا.‏ لذلك اقول لكم ان ملكوت اللّٰه يُنزع منكم ويُعطى لأمة تعمل اثماره.‏ ومن سقط على هذا الحجر يترضَّض ومن سقط هو عليه يسحقه.‏»‏

      يدرك الكتبة ورؤساء الكهنة الآن ان يسوع يتكلَّم عليهم،‏ ويريدون ان يقتلوه،‏ «الوارث» الشرعي.‏ وهكذا فإن امتياز الكينونة حكاما في ملكوت اللّٰه يُنزع منهم كأمة،‏ وتُخلق امة جديدة من ‹كرامي الكرم،‏› امة تنتج اثمارا ملائمة.‏

      ولأن القادة الدينيين يخافون من الجموع،‏ الذين يعتبرون يسوع نبيا،‏ لا يحاولون قتله في هذه المناسبة.‏ متى ٢١:‏٢٨-‏٤٦؛‏ مرقس ١٢:‏١-‏١٢؛‏ لوقا ٢٠:‏٩-‏١٩؛‏ اشعياء ٥:‏١-‏٧‏.‏

      ▪ مَن يمثِّل الابنان في ايضاح يسوع الاول؟‏

      ▪ في الايضاح الثاني مَن يجري تمثيلهم بِـ‍ ‹رب البيت،‏› «الكرم،‏» «الكرامين،‏» ‹العبيد،‏› و «الوارث»؟‏

      ▪ ماذا سيحدث لـ‍ ‹كرامي الكرم،‏› ومَن سيحل محلّهم؟‏

  • إيضاح وليمة العرس
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١٠٧

      إيضاح وليمة العرس

      بواسطة إيضاحين شهَّر يسوع الكتبة ورؤساء الكهنة،‏ وهم يريدون ان يقتلوه.‏ ولكنّ يسوع لم ينتهِ منهم.‏ فيمضي ليذكر لهم إيضاحا آخر ايضا،‏ قائلا:‏

      ‏«يشبه ملكوت السموات انسانا ملكا صنع (‏وليمة عرس)‏ لابنه.‏ وأرسل عبيده ليدعوا المدعوّين الى (‏وليمة)‏ العرس فلم يريدوا ان يأتوا.‏»‏

      ان يهوه اللّٰه هو الملك الذي يُعدّ وليمة عرس لابنه،‏ يسوع المسيح.‏ وأخيرا،‏ ستتَّحد العروس من الأتباع الممسوحين الـ‍ ٠٠٠‏,‏١٤٤ بيسوع في السماء.‏ ورعايا الملك هم شعب اسرائيل الذين،‏ عند إدخالهم في عهد الناموس سنة ١٥١٣ ق‌م،‏ نالوا فرصة الصيرورة «مملكة كهنة.‏» وهكذا،‏ في تلك المناسبة،‏ قُدِّمت لهم في الاصل الدعوة الى وليمة العرس.‏

      ولكنّ الدعوة الاولى لأولئك المدعوّين لم تخرج حتى خريف سنة ٢٩ ب‌م حين بدأ يسوع وتلاميذه (‏عبيد الملك)‏ بعمل كرازتهم بالملكوت.‏ ولكنّ الاسرائيليين الطبيعيين الذين نالوا هذه الدعوة الصادرة عن العبيد من سنة ٢٩ ب‌م الى سنة ٣٣ ب‌م لم يريدوا ان يأتوا.‏ فأعطى اللّٰه امة المدعوّين فرصة اخرى،‏ كما يسرد يسوع:‏

      ‏«فأرسل ايضا عبيدا آخرين قائلا قولوا للمدعوّين هوذا غدائي أعددته.‏ ثيراني ومسمَّناتي قد ذُبحت وكل شيء معدّ.‏ تعالوا الى (‏وليمة)‏ العرس.‏» ان هذه الدعوة الثانية والاخيرة لأولئك المدعوّين ابتدأت يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م حين سُكب الروح القدس على أتباع يسوع.‏ واستمرت هذه الدعوة حتى سنة ٣٦ ب‌م.‏

      ولكنّ الاغلبية العظمى من الاسرائيليين رفضت ايضا هذه الدعوة بازدراء.‏ «تهاونوا ومضوا،‏» يقول يسوع،‏ «واحد الى حقله وآخر الى تجارته.‏ والباقون امسكوا عبيده وشتموهم وقتلوهم.‏» «فلمّا سمع الملك،‏» يتابع يسوع،‏ «غضب وأرسل جنوده وأهلك اولئك القاتلين وأحرق مدينتهم.‏» وحدث ذلك سنة ٧٠ ب‌م حين دكّ الرومان اورشليم الى الحضيض وقُتل اولئك القاتلون.‏

      ثم يشرح يسوع ما حدث في تلك الاثناء:‏ «ثم قال [الملك] لعبيده أمّا (‏وليمة العرس فجاهزة)‏ وأمّا المدعوون فلم يكونوا مستحقين.‏ فاذهبوا الى (‏الطرق المؤدية الى خارج المدينة)‏ وكل من وجدتموه فادعوه الى (‏وليمة)‏ العرس.‏» وفعل العبيد ذلك،‏ «فامتلأ العرس من المتكئين.‏»‏

      ان عمل جمع الضيوف هذا من الطرق خارج مدينة المدعوّين ابتدأ سنة ٣٦ ب‌م.‏ وقائد المئة الروماني كرنيليوس وعائلته كانوا اول المجموعين غير اليهود غير المختونين.‏ وتجميع غير اليهود هؤلاء،‏ الذين هم جميعا بدلاء لأولئك الذين رفضوا الدعوة في الاصل،‏ قد استمر الى القرن الـ‍ ٢٠.‏

      ويكون خلال القرن الـ‍ ٢٠ ان العرس يصير ممتلئا.‏ ويروي يسوع ما يحدث بعدئذ،‏ قائلا:‏ «فلمّا دخل الملك لينظر المتكئين رأى هناك انسانا لم يكن لابسا لباس العرس.‏ فقال له يا صاحب كيف دخلت الى هنا وليس عليك لباس العرس.‏ فسكت.‏ حينئذ قال الملك للخدام اربطوا رجليه ويديه وخذوه واطرحوه في الظلمة الخارجية.‏ هناك يكون البكاء وصرير الاسنان.‏»‏

      ان الرجل الذي بدون لباس العرس يمثِّل المسيحيين الزائفين للعالم المسيحي.‏ فاللّٰه لم يعترف بهؤلاء قط كأشخاص يملكون إثبات الهوية اللائق كإسرائيليين روحيين.‏ واللّٰه لم يمسحهم قط بالروح القدس كورثة للملكوت.‏ لذلك يُطرحون خارجا الى الظلمة حيث سيعانون الهلاك.‏

      ويختتم يسوع إيضاحه بالقول:‏ «لأن كثيرين يُدعَون وقليلين يُنتخبون.‏» اجل،‏ كان هنالك كثيرون مدعوّون من امة اسرائيل ليصيروا اعضاء عروس المسيح،‏ ولكنّ قليلين فقط من الاسرائيليين الطبيعيين جرى اختيارهم.‏ ومعظم الضيوف الـ‍ ٠٠٠‏,‏١٤٤ الذين ينالون المكافأة السماوية يتبرهن انهم غير اسرائيليين.‏ متى ٢٢:‏١-‏١٤؛‏ خروج ١٩:‏١-‏٦؛‏ رؤيا ١٤:‏١-‏٣‏.‏

      ▪ مَن هم اولئك المدعوّون في الاصل الى وليمة العرس،‏ ومتى قُدِّمت الدعوة لهم؟‏

      ▪ متى تخرج الدعوة اولا لأولئك المدعوّين،‏ ومَن هم العبيد المستخدَمون لإصدارها؟‏

      ▪ متى تُقدَّم الدعوة الثانية،‏ ومَن يُدعَون بعدئذ؟‏

      ▪ مَن يجري تمثيلهم بالرجل الذي بدون لباس العرس؟‏

      ▪ مَن هم الكثيرون المدعوّون،‏ والقليلون المنتخَبون؟‏

  • يفشلون في إيقاع يسوع في شرك
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١٠٨

      يفشلون في إيقاع يسوع في شرك

      يسوع يعلِّم في الهيكل،‏ وقد قال لأعدائه الدينيين منذ قليل ثلاثة إيضاحات تشهِّر شرَّهم،‏ فيغضب الفريسيون ويتشاورون ليوقعوه في شركِ قولِ شيءٍ يمكنهم من اجله اعتقاله.‏ فيدبِّرون مكيدة ويرسلون تلاميذهم مع الهيرودسيين ليحاولوا ان يوقعوه.‏

      ‏«يا معلِّم،‏» يقول هؤلاء الرجال،‏ «نعلم انك صادق وتعلِّم طريق اللّٰه بالحق ولا تبالي بأحد لأنك لا تنظر الى وجوه الناس.‏ فقل لنا ماذا تظن.‏ أيجوز ان تُعطى جزية لقيصر أم لا.‏»‏

      لا ينخدع يسوع بالاطراء.‏ فهو يدرك انه اذا قال،‏ ‹كلا،‏ لا يجوز او يحق دفع هذه الجزية،‏› يصير مذنبا بالتحريض على العصيان على رومية.‏ ولكن اذا قال،‏ ‹نعم،‏ يجب ان تدفعوا هذه الجزية،‏› يبغضه اليهود الذين يكرهون عبوديتهم لرومية.‏ لذلك يجيب:‏ «لماذا تجرِّبونني يا مراؤون.‏ أروني معاملة الجزية.‏»‏

      وعندما يقدِّمون له واحدة يسأل:‏ «لمَن هذه الصورة والكتابة.‏»‏

      ‏«لقيصر،‏» يجيبون.‏

      ‏«أعطوا اذًا ما لقيصر لقيصر وما للّٰه للّٰه.‏» وعندما يسمع هؤلاء الرجال جواب يسوع البارع يتعجَّبون.‏ فيمضون ويتركونه وشأنه.‏

      وإذ يرون فشل الفريسيين في ان يجدوا علَّة على يسوع،‏ يقترب اليه الصدوقيون،‏ الذين يقولون ليس قيامة،‏ ويسألونه:‏ «يا معلِّم قال موسى إن مات احد وليس له اولاد يتزوَّجْ اخوه بامرأته ويُقِمْ نسلا لأخيه.‏ فكان عندنا سبعة إخوة وتزوَّج الاول ومات.‏ وإذ لم يكن له نسل ترك امرأته لأخيه.‏ وكذلك الثاني والثالث الى السبعة.‏ وآخر الكل ماتت المرأة ايضا.‏ ففي القيامة لمَن من السبعة تكون زوجة.‏ فإنها كانت للجميع.‏»‏

      فيجيب يسوع ويقول:‏ «أليس لهذا تضلون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة اللّٰه.‏ لأنهم متى قاموا من الاموات لا يزوِّجون ولا يزوَّجون بل يكونون كملائكة في السموات.‏ وأمّا من جهة الاموات انهم يقومون أفما قرأتم في كتاب موسى في امر العلَّيقة كيف كلَّمه اللّٰه قائلا انا إله ابرهيم وإله اسحق وإله يعقوب.‏ ليس هو إله اموات بل إله احياء.‏ فأنتم اذًا تضلون كثيرا.‏»‏

      ومجدَّدا يندهش الجموع من جواب يسوع.‏ حتى ان قوما من الكتبة يُقِرّون:‏ «يا معلِّم حسنا قلتَ.‏»‏

      وعندما يرى الفريسيون ان يسوع أبكمَ الصدوقيين يجتمعون اليه معا.‏ وبغية امتحانه اكثر،‏ يسأل واحد من الكتبة بينهم:‏ «يا معلِّم اية وصية هي العظمى في الناموس.‏»‏

      فيجيب يسوع:‏ «ان اول كل الوصايا هي اسمع يا اسرائيل.‏ الرب إلهنا رب واحد.‏ وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك.‏ هذه هي الوصية الاولى.‏ وثانية مثلها هي تحب قريبك كنفسك.‏ ليس وصية اخرى اعظم من هاتين.‏» وفي الواقع،‏ يضيف يسوع:‏ «بهاتين الوصيتين يتعلَّق الناموس كله والانبياء.‏»‏

      ‏«جيدا يا معلِّم.‏ بالحق قلتَ،‏» يوافق الكاتب.‏ «لأنه اللّٰه واحد وليس آخر سواه.‏ ومحبته من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة ومحبة القريب كالنفس هي افضل من جميع المحرقات والذبائح.‏»‏

      وإذ يرى ان الكاتب اجاب بعقل،‏ يقول له يسوع:‏ «لست بعيدا عن ملكوت اللّٰه.‏»‏

      لثلاثة ايام الآن —‏ الاحد،‏ الاثنين،‏ والثلاثاء —‏ يعلِّم يسوع في الهيكل.‏ والناس سمعوه بسرور،‏ ومع ذلك يريد القادة الدينيون ان يقتلوه،‏ لكنّ محاولاتهم حتى الآن قد خابت.‏ متى ٢٢:‏١٥-‏٤٠؛‏ مرقس ١٢:‏١٣-‏٣٤؛‏ لوقا ٢٠:‏٢٠-‏٤٠‏.‏

      ▪ اية مكيدة يدبِّرها الفريسيون لإيقاع يسوع في شرك،‏ وماذا كان سينتج لو اعطى جوابا بنعم او لا؟‏

      ▪ كيف يحبط يسوع ايضا محاولات الصدوقيين لإيقاعه في شرك؟‏

      ▪ اية محاولة اضافية يقوم بها الفريسيون لامتحان يسوع،‏ وماذا تكون النتيجة؟‏

      ▪ خلال خدمته الاخيرة في اورشليم،‏ كم يوما يعلِّم يسوع في الهيكل،‏ وبأي تأثير؟‏

  • يسوع يشهِّر مقاوميه
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١٠٩

      يسوع يشهِّر مقاوميه

      لقد اربك يسوع تماما مقاوميه الدينيين حتى انهم يخافون ان يسألوه عن ايّ شيء اضافي.‏ فيأخذ المبادرة ليفضح جهلهم.‏ «ماذا تظنون في المسيح،‏» يستفسر.‏ «ابن مَن هو.‏»‏

      ‏«ابن داود،‏» يجيب الفريسيون.‏

      وعلى الرغم من ان يسوع لا ينكر ان داود هو سلف المسيح او المسيّا في الجسد،‏ يسأل:‏ «فكيف يدعوه داود بالروح [في المزمور ١١٠‏] ربًّا قائلا قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أضع اعداءك موطئا لقدميك.‏ فإنْ كان داود يدعوه ربًّا فكيف يكون ابنه.‏»‏

      يصمت الفريسيون لأنهم لا يعرفون الهوية الحقيقية للمسيح،‏ او الممسوح.‏ فالمسيّا ليس مجرد متحدِّر بشري من داود،‏ كما يؤمن الفريسيون بوضوح،‏ بل كان موجودا في السماء وكان ارفع مقاما من داود،‏ او ربَّه.‏

      وإذ يلتفت الآن الى الجموع وتلاميذه،‏ يحذِّر يسوع من الكتبة والفريسيين.‏ وبما ان هؤلاء يعلِّمون شريعة اللّٰه،‏ وقد ‹جلسوا على كرسي موسى،‏› يحثّ يسوع:‏ «كل ما قالوا لكم ان تحفظوه فاحفظوه وافعلوه.‏» ولكنه يضيف:‏ «حسب اعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون.‏»‏

      انهم مراؤون،‏ ويسوع يشهِّرهم تماما باللغة عينها التي شهَّرهم بها فيما كان يتعشّى في بيت فريسي قبل اشهر.‏ «وكل اعمالهم يعملونها،‏» يقول،‏ «لكي تنظرهم الناس.‏» وهو يزوِّد امثلة،‏ ملاحظا:‏

      ‏«يعرِّضون (‏العُلَب المحتوية على آيات التي يلبسونها كواقيات)‏.‏» وهذه العُلَب الصغيرة نسبيا،‏ التي تُلبس على الجبهة او على الذراع،‏ تحتوي على اربعة اجزاء من الشريعة:‏ خروج ١٣:‏١-‏١٠،‏ ١١-‏١٦؛‏ وتثنية ٦:‏٤-‏٩؛‏ ١١:‏١٣-‏٢١‏.‏ إلاّ ان الفريسيين يزيدون حجم هذه العُلَب ليعطوا الانطباع انهم غيورون للناموس.‏

      ويتابع يسوع انهم «يعظِّمون اهداب ثيابهم.‏» ففي العدد ١٥:‏٣٨-‏٤٠ يؤمر الاسرائيليون بأن يصنعوا اهدابا في ثيابهم،‏ إلاّ ان الفريسيين يصنعون اهدابهم اكبر مما يصنعها ايّ شخص آخر.‏ فكل شيء يُصنع للتباهي!‏ «ويحبون المتَّكأ الاول،‏» يعلن يسوع.‏

      ومن المحزن ان تلاميذه تأثَّروا بهذه الرغبة في البروز.‏ لذلك ينصح:‏ «وأمّا انتم فلا تُدعوا سيدي لأن معلِّمكم واحد المسيح وأنتم جميعا اخوة.‏ ولا تَدعوا لكم ابا على الارض لأن اباكم واحد الذي في السموات.‏ ولا تُدعوا معلِّمين لأن معلِّمكم واحد المسيح.‏» فيجب ان يتحرَّر التلاميذ من الرغبة في ان يكونوا الاول!‏ «اكبركم يكون خادما لكم،‏» ينصح يسوع.‏

      ثم يتلفَّظ بسلسلة من الويلات على الكتبة والفريسيين،‏ داعيا اياهم تكرارا مرائين.‏ انهم ‹يغلقون ملكوت السموات قدام الناس،‏› يقول،‏ وهم ‹الذين يأكلون بيوت الارامل ولعلَّة يطيلون الصلاة.‏›‏

      ‏«ويل لكم ايها القادة العميان،‏» يقول يسوع.‏ فهو يدين النقص في القيم الروحية لدى الفريسيين،‏ كما هو ظاهر من التمييزات التعسُّفية التي يصنعونها.‏ على سبيل المثال،‏ يقولون،‏ ‹ليس بشيء اذا حلف احد بالهيكل،‏ ولكنّ المرء يلتزم اذا حلف بذهب الهيكل.‏› فبوضعهم التشديد على ذهب الهيكل اكثر ممّا على القيمة الروحية لمكان العبادة هذا،‏ يكشفون عن عماهم الادبي.‏

      ثم،‏ كما فعل في وقت ابكر،‏ يدين يسوع الفريسيين لانهم يهملون «اثقل الناموس الحق والرحمة والايمان،‏» فيما يمنحون انتباها عظيما لتعشير،‏ او دفع عُشر،‏ الحشائش التافهة.‏

      ويدعو يسوع الفريسيين «القادة العميان الذين يُصَفُّون عن البعوضة ويبلعون الجمل.‏» فهم يُصَفُّون خمرهم من البعوضة لا لمجرد انها حشرة بل لأنها نجسة طقسيا.‏ ومع ذلك،‏ فإن تركهم اثقل الناموس يقارَن بابتلاع جمل،‏ حيوان نجس طقسيا ايضا.‏ متى ٢٢:‏٤١–‏٢٣:‏٢٤؛‏ مرقس ١٢:‏٣٥-‏٤٠؛‏ لوقا ٢٠:‏٤١-‏٤٧؛‏ لاويين ١١:‏٤،‏ ٢١-‏٢٤‏.‏

      ▪ لماذا يصمت الفريسيون عندما يسألهم يسوع عمّا قاله داود في المزمور ١١٠‏؟‏

      ▪ لماذا يعظِّم الفريسيون عُلَبهم المحتوية على آيات والاهداب في ثيابهم؟‏

      ▪ اية مشورة يعطيها يسوع لتلاميذه؟‏

      ▪ اية تمييزات تعسُّفية يصنعها الفريسيون،‏ وكيف يدينهم يسوع لانهم يهملون القضايا الاثقل؟‏

  • إكمال الخدمة في الهيكل
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١١٠

      إكمال الخدمة في الهيكل

      يسوع يقوم بظهوره الاخير في الهيكل.‏ وفي الواقع،‏ انه يختتم خدمته العلنية على الارض ما عدا حوادث محاكمته وتنفيذ الحكم فيه بعد ثلاثة ايام.‏ والآن يتابع تعنيفه للكتبة والفريسيين.‏

      وثلاث مرات اضافية يصرخ:‏ «ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون.‏» اولا،‏ ينادي بالويل عليهم لأنهم ينقّون «خارج الكأس والصحفة وهما من داخل مملوآن اختطافا ودعارة.‏» ولذلك ينصح:‏ «نقِّ اولا داخل الكأس والصحفة لكي يكون خارجهما ايضا نقيا.‏»‏

      ثم يتلفَّظ بالويل على الكتبة والفريسيين لأجل الفساد والنتن الداخليين اللذين يحاولون اخفاءهما بالورع الخارجي.‏ «تشبهون قبورا مبيَّضة،‏» يقول،‏ «تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام اموات وكل نجاسة.‏»‏

      وأخيرا،‏ يَظهر رياؤهم في رغبتهم في بناء المدافن للانبياء وتزيينها ليلفتوا الانتباه الى اعمالهم الخيرية.‏ ومع ذلك،‏ كما يكشف يسوع،‏ فانهم «ابناء قتلة الانبياء.‏» حقا،‏ ان مَن يجرؤ على فضح ريائهم هو في خطر!‏

      وإذ يتابع،‏ ينطق يسوع بكلمات تشهيره الاقوى.‏ «ايها الحيات اولاد الافاعي،‏» يقول،‏ «كيف تهربون من دينونة (‏جهنّا)‏.‏» فجهنّا هي الوادي المستعمل مرمًى لنفايات اورشليم.‏ وهكذا يقول يسوع انه بسبب مواصلة مسلكهم الشرير سيعاني الكتبة والفريسيون الهلاك الابدي.‏

      وفي ما يتعلَّق بأولئك الذين يرسلهم كممثِّلين له يقول يسوع:‏ «منهم تقتلون وتصلبون ومنهم تجلدون في مجامعكم وتطردون من مدينة الى مدينة.‏ لكي يأتي عليكم كل دم زكي سُفك على الارض من دم هابيل الصديق الى دم زكريا بن برخيا [المدعو يهوياداع في أخبار الايام الثانية] الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح.‏ الحق اقول لكم ان هذا كله يأتي على هذا الجيل.‏»‏

      فلأن زكريا عنَّف قادة اسرائيل «فتنوا عليه ورجموه بحجارة بأمر الملك في دار بيت الرب.‏» ولكن،‏ كما ينبئ يسوع،‏ سيدفع اسرائيل لقاء كل دم زكي سُفك كهذا.‏ وهم يدفعون بعد ٣٧ سنة،‏ في السنة ٧٠ ب‌م،‏ عندما تدمِّر الجيوش الرومانية اورشليم ويهلك اكثر من مليون يهودي.‏

      واذ يتأمَّل يسوع في هذه الحالة المرعبة،‏ يكتئب.‏ «يا اورشليم يا اورشليم،‏» ينادي مرة اخرى،‏ «كم مرةٍ أردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا.‏ هوذا بيتكم يُترك لكم خرابا.‏»‏

      ثم يضيف يسوع:‏ «انكم لا ترونني من الآن حتى تقولوا مبارك الآتي باسم الرب.‏» وذلك اليوم يكون عند حضور المسيح حين يأتي في ملكوته السماوي ويراه الناس بأعين الايمان.‏

      ينتقل يسوع الآن الى مكان حيث يمكنه ان يراقب الخزانة في الهيكل والجموع تلقي المال فيها.‏ فالأغنياء يلقون كثيرا.‏ ولكنْ بعد ذلك تتقدَّم ارملة فقيرة وتلقي فلسين قيمتهما زهيدة جدا.‏

      وإذ يدعو تلاميذه،‏ يقول يسوع:‏ «الحق اقول لكم ان هذه الارملة الفقيرة قد ألقت اكثر من جميع الذين ألقوا في الخزانة.‏» ولا بدّ انهم يتساءلون كيف يمكن ان يكون هذا.‏ لذلك يشرح يسوع:‏ «الجميع من فضلتهم ألقوا.‏ وأمّا هذه فمن إعوازها ألقت كل ما عندها كل معيشتها.‏» وبعد قول هذه الامور يغادر يسوع الهيكل للمرة الاخيرة.‏

      وإذ يتعجَّبون من حجم وجمال الهيكل،‏ يهتف واحد من تلاميذه:‏ «يا معلِّم انظر ما هذه الحجارة وهذه الابنية.‏» وفعلا،‏ يُقال ان الحجارة طولها اكثر من ٣٥ قدما (‏١١ م)‏،‏ عرضها اكثر من ١٥ قدما (‏٥ م)‏،‏ وارتفاعها اكثر من ١٠ اقدام (‏٣ م)‏!‏

      ‏«أتنظر هذه الابنية العظيمة،‏» يجيب يسوع.‏ «لا يُترك حجر على حجر لا يُنقض.‏»‏

      وبعد قول هذه الامور يعبر يسوع ورسله وادي قدرون ويصعدون الى جبل الزيتون.‏ ومن هنا يمكنهم ان يتطلَّعوا الى اسفل الى الهيكل البهي.‏ متى ٢٣:‏٢٥–‏٢٤:‏٣؛‏ مرقس ١٢:‏٤١–‏١٣:‏٣؛‏ لوقا ٢١:‏١-‏٦؛‏ ٢ أخبار الايام ٢٤:‏٢٠-‏٢٢‏.‏

      ▪ ماذا يفعل يسوع خلال زيارته الاخيرة للهيكل؟‏

      ▪ كيف يَظهر رياء الكتبة والفريسيين؟‏

      ▪ ما المقصود بـ‍ «دينونة (‏جهنّا)‏»؟‏

      ▪ لماذا يقول يسوع ان الارملة تبرَّعت اكثر من الاغنياء؟‏

  • علامة الايام الاخيرة
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١١١

      علامة الايام الاخيرة

      الآن هو الثلاثاء بعد الظهر.‏ وفيما يسوع جالس على جبل الزيتون ينظر الى الهيكل في الاسفل،‏ يأتي اليه على انفراد بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا.‏ وهم قلقون بشأن الهيكل،‏ لان يسوع قد أنبأ منذ قليل بأنه لا يُترك فيه حجر على حجر.‏

      ولكنْ يبدو ان المزيد ايضا يجول في اذهانهم فيما يتقدَّمون الى يسوع.‏ فقبل اسابيع قليلة كان قد تكلَّم عن ‹(‏حضوره)‏،‏› الوقت «الذي فيه يُظهَر ابن الانسان.‏» وفي مناسبة أبكر كان قد اخبرهم عن «(‏اختتام نظام الاشياء)‏.‏» وهكذا فإن الرسل يحبون كثيرا ان يعرفوا.‏

      ‏«قل لنا،‏» يقولون،‏ «متى يكون هذا [الذي يؤدِّي الى دمار اورشليم وهيكلها] وما هي علامة (‏حضورك واختتام نظام الاشياء)‏.‏» وفي الواقع،‏ ان سؤالهم هو سؤال من ثلاثة اجزاء.‏ اولا،‏ يريدون ان يعرفوا عن نهاية اورشليم وهيكلها،‏ ثم عن حضور يسوع في سلطة الملكوت،‏ وأخيرا عن نهاية كامل نظام الاشياء.‏

      وفي اجابته المطوَّلة يجيب يسوع عن اجزاء السؤال الثلاثة كلها.‏ ويزوِّد علامة تعيِّن متى ينتهي نظام الاشياء اليهودي؛‏ ولكنه يزوِّد المزيد.‏ فهو يعطي ايضا علامة تنبِّه تلاميذه المقبلين لكي يعرفوا انهم يعيشون في اثناء حضوره وقرب نهاية كامل نظام الاشياء.‏

      وإذ تمرّ السنون،‏ يلاحظ الرسل اتمام نبوة يسوع.‏ نعم،‏ ان الامور عينها التي أنبأ بها تبدأ بالحدوث في ايامهم.‏ وهكذا فإن المسيحيين الذين يكونون احياء بعدَ ٣٧ سنة،‏ في السنة ٧٠ ب‌م،‏ لا يدركهم بغتة دمار النظام اليهودي مع هيكله.‏

      ولكنّ حضور المسيح واختتام نظام الاشياء لا يحصلان في السنة ٧٠ ب‌م.‏ فحضوره في سلطة الملكوت يحدث بعد ذلك بكثير.‏ ولكنْ متى؟‏ ان التأمُّل في نبوة يسوع يكشف ذلك.‏

      ينبئ يسوع بأنه ستكون هنالك «حروب وأخبار حروب.‏» و «تقوم امة على امة،‏» يقول،‏ وتكون مجاعات وزلازل وأوبئة.‏ وتلاميذه يكونون مبغَضين ويُقتلون.‏ ويقوم انبياء كذبة ويضلّون كثيرين.‏ والاثم يكثر ومحبة الكثيرين تبرد.‏ وفي الوقت عينه،‏ يُكرز ببشارة ملكوت اللّٰه شهادة لجميع الامم.‏

      وعلى الرغم من ان نبوة يسوع يكون لها اتمام محدود قبل دمار اورشليم في السنة ٧٠ ب‌م،‏ فإن اتمامها الرئيسي يحصل في اثناء حضوره واختتام نظام الاشياء.‏ والمراجعة الدقيقة لحوادث العالم منذ السنة ١٩١٤ تكشف ان نبوة يسوع البالغة الاهمية تختبر اتمامها الرئيسي منذ تلك السنة.‏

      والجزء الآخر من العلامة التي يعطيها يسوع هو ظهور «رجسة الخراب.‏» ففي السنة ٦٦ ب‌م تظهر هذه الرجسة في شكل «جيوش» رومية التي تحيط بأورشليم وتقوِّض جدار الهيكل.‏ ان ‹الرجسة› تقوم حيث لا ينبغي.‏

      وفي اتمام العلامة الرئيسي،‏ الرجسة هي عصبة الامم وخليفتها،‏ الامم المتحدة.‏ وهذه المنظمة للسلام العالمي يَنظر اليها العالم المسيحي كبديل لملكوت اللّٰه.‏ فما أرجس هذا!‏ لذلك،‏ في الوقت المحدَّد،‏ سترتدّ القوى السياسية المقترنة بهيئة الامم على العالم المسيحي (‏المرموز اليه بأورشليم)‏ وتخرِّبه.‏

      وهكذا ينبئ يسوع:‏ «يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم الى الآن ولن يكون.‏» وفي حين ان دمار اورشليم في السنة ٧٠ ب‌م يكون ضيقا عظيما فعلا،‏ بمقتل اكثر من مليون وفق التقارير،‏ فهو ليس ضيقا اعظم من الطوفان العالمي في ايام نوح.‏ لذلك فإن الاتمام الرئيسي لهذا القسم من نبوة يسوع سيتحقق بعدُ.‏

      الثقة خلال الايام الاخيرة

      اذ يقترب يوم الثلاثاء،‏ ١١ نيسان قمري،‏ من نهايته،‏ يتابع يسوع المناقشة مع رسله في ما يتعلق بعلامة حضوره في سلطة الملكوت ونهاية نظام الاشياء.‏ ويحذرهم من اتِّباع المسحاء الكذبة.‏ فستجري محاولات،‏ يقول،‏ «حتى يُضلوا لو امكن المختارين ايضا.‏» ولكن،‏ كالعقبان البعيدة النظر،‏ سيجتمع هؤلاء المختارون حيث يوجد الطعام الروحي الحقيقي،‏ اي مع المسيح الحقيقي في حضوره غير المنظور.‏ فهم لن يضلوا ويجتمعوا الى مسيح كاذب.‏

      ان المسحاء الكذبة يمكنهم فقط ان يثبتوا وجودهم المنظور.‏ وعلى سبيل التباين،‏ سيكون حضور يسوع غير منظور.‏ وسيحدث ذلك في اثناء فترة مخيفة من التاريخ البشري،‏ كما يقول يسوع:‏ «تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه.‏» نعم،‏ ان هذه ستكون الفترة الاكثر اسودادا في وجود الجنس البشري.‏ وسيكون ذلك كما لو ان الشمس تظلم خلال النهار،‏ كما لو ان القمر لا يعطي ضوءه في الليل.‏

      ‏«قوات السموات تتزعزع،‏» يتابع يسوع.‏ وهكذا يشير الى ان السموات الطبيعية ستتخذ مظهرا منذرا بالشر.‏ فالسموات لن تكون مجرد منطقة للطيور،‏ ولكنها ستمتلئ من الطائرات الحربية،‏ الصواريخ،‏ والمسابر الفضائية.‏ ان الخوف والعنف سيفوقان ايّ شيء جرى اختباره في تاريخ الجنس البشري السابق.‏

      ونتيجة لذلك،‏ يقول يسوع،‏ سيكون هنالك «كرب امم بحيرة.‏ البحر والامواج تضج.‏ والناس يُغشى عليهم من خوف وانتظار ما يأتي على المسكونة.‏» فعلا،‏ ان هذه الفترة الاكثر اسودادا في الوجود البشري ستؤدي الى الوقت الذي فيه،‏ كما يقول يسوع،‏ «تظهر علامة ابن الانسان في السماء.‏ وحينئذ تنوح جميع قبائل الارض.‏»‏

      ولكن لن ينوح الجميع عندما ‹يأتي ابن الانسان بقوة› ليدمر نظام الاشياء الشرير هذا.‏ ‹فالمختارون،‏› الـ‍ ٠٠٠‏,‏١٤٤ الذين سيشتركون مع المسيح في ملكوته السماوي،‏ لن ينوحوا،‏ ولا رفقاؤهم ايضا،‏ اولئك الذين دعاهم يسوع سابقا ‹خرافه الاخر.‏› وعلى الرغم من عيشهم خلال الفترة الاكثر اسودادا في التاريخ البشري،‏ يتجاوب هؤلاء مع تشجيع يسوع:‏ «متى ابتدأت هذه تكون فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب.‏»‏

      ولكي يتمكن تلاميذه الذين يحيون خلال الايام الاخيرة من تحديد اقتراب النهاية يعطي يسوع هذا المثل:‏ «انظروا الى شجرة التين وكل الاشجار.‏ متى افرخت تنظرون وتعلمون من انفسكم ان الصيف قد قرب.‏ هكذا انتم ايضا متى رأيتم هذه الاشياء صائرة فاعلموا ان ملكوت اللّٰه قريب.‏ الحق اقول لكم انه لا يمضي هذا الجيل حتى يكون الكل.‏»‏

      لذلك،‏ عندما يرى تلاميذه الاوجه العديدة المختلفة للعلامة تتم،‏ يجب ان يدركوا ان نهاية نظام الاشياء قريبة وأن ملكوت اللّٰه سيزيل قريبا كل شر.‏ وفي الواقع،‏ ان النهاية ستحدث في غضون مدى حياة الناس الذين يرون اتمام جميع الامور التي ينبئ بها يسوع!‏ واذ ينصح اولئك التلاميذ الذين يكونون احياء خلال الايام الاخيرة الخطيرة،‏ يقول يسوع:‏

      ‏«فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة.‏ لانه كالفخ يأتي على جميع الجالسين على وجه كل الارض.‏ اسهروا اذًا وتضرعوا في كل حين لكي تحسبوا اهلا للنجاة من جميع هذا المزمع ان يكون وتقفوا قدام ابن الانسان.‏»‏

      العذارى الحكيمات والجاهلات

      كان يسوع يجيب عن طلب رسله علامة لحضوره في سلطة الملكوت.‏ وهو الآن يزوِّد اوجها اضافية للعلامة في ثلاثة امثال او ايضاحات.‏

      واتمام كل ايضاح سيتمكَّن من ملاحظته اولئك الذين يعيشون خلال حضوره.‏ وهو يقدِّم الاول بالكلمات:‏ «حينئذ يشبه ملكوت السموات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس.‏ وكان خمس منهن حكيمات وخمس جاهلات.‏»‏

      بعبارة «يشبه ملكوت السموات عشر عذارى،‏» لا يعني يسوع ان نصف الذين يرثون الملكوت السماوي هم اشخاص جهال والنصف حكماء!‏ كلا،‏ ولكنّه يعني انه في ما يتعلق بملكوت السموات هنالك وجه كهذا او ذاك،‏ او ان الامور المتعلقة بالملكوت ستكون امرا كهذا وذاك.‏

      ترمز العذارى العشر الى كل المسيحيين الذين سينالون او الذين يصرِّحون انهم سينالون الملكوت السماوي.‏ وكان في يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م ان الجماعة المسيحية خُطبت للعريس المقام،‏ الممجَّد،‏ يسوع المسيح.‏ ولكنّ العرس كان سيحدث في السماء في وقت غير محدَّد في المستقبل.‏

      في الايضاح،‏ تخرج العذارى العشر بهدف استقبال العريس والانضمام الى موكب العرس.‏ وعندما يصل يُضِئْن طريق الموكب بمصابيحهن،‏ مكرِّمات بذلك اياه فيما يجلب عروسه الى البيت المعدّ لها.‏ ولكنّ يسوع يوضح:‏ «الجاهلات .‏ .‏ .‏ اخذن مصابيحهن ولم يأخذن معهن زيتا.‏ وأما الحكيمات فأخذن زيتا في آنيتهن مع مصابيحهن.‏ وفيما أبطأ العريس نَعَسْن جميعهن ونِمْن.‏»‏

      ان ابطاء العريس المطوَّل يشير الى ان حضور المسيح كملك حاكم سيكون في المستقبل البعيد.‏ وأخيرا يأتي الى عرشه في السنة ١٩١٤.‏ وخلال الليل الطويل قبل ذلك تنام كل العذارى.‏ ولكن لا تجري ادانتهن بسبب ذلك.‏ فادانة العذارى الجاهلات تكون بسبب عدم امتلاكهن زيتا لآنيتهن.‏ ويوضح يسوع كيف استيقظت العذارى قبل وصول العريس:‏ «في نصف الليل صار صراخ هوذا العريس مقبل فاخرُجن للقائه.‏ فقامت جميع اولئك العذارى وأصلحن مصابيحهن.‏ فقالت الجاهلات للحكيمات أَعطيننا من زيتكن فان مصابيحنا تنطفئ.‏ فأجابت الحكيمات قائلات لعلَّه لا يكفي لنا ولكُنَّ بل اذهبن الى الباعة وابتعن لكُنَّ.‏»‏

      يرمز الزيت الى ذاك الذي يبقي المسيحيين الحقيقيين مضيئين كأنوار.‏ هذا هو كلمة اللّٰه الموحى بها التي يتمسك بها المسيحيون جيدا،‏ بالاضافة الى الروح القدس الذي يساعدهم على فهم هذه الكلمة.‏ فالزيت الروحي يمكِّن العذارى الحكيمات من ان ينوِّرن في استقبال العريس خلال الموكب الى وليمة العرس.‏ ولكنّ صف العذارى الجاهلات لا يملكون في انفسهم،‏ في آنيتهم،‏ الزيت الروحي اللازم.‏ لذلك يصف يسوع ما يحدث:‏

      ‏«وفيما [العذارى الجاهلات] ذاهبات ليبتعن [زيتا] جاء العريس والمستعدّات دخلن معه الى العرس وأُغلق الباب.‏ اخيرا جاءت بقية العذارى ايضا قائلات يا سيّد يا سيّد افتح لنا.‏ فأجاب وقال الحق اقول لكُنَّ اني ما اعرفكنّ.‏»‏

      بعد أن يصل المسيح في ملكوته السماوي يستيقظ صف العذارى الحكيمات للمسيحيين الممسوحين الحقيقيين الى امتيازهم لينوِّروا في هذا العالم المظلم كليا في الثَّناء على العريس العائد.‏ ولكنّ اولئك الممثَّلين بالعذارى الجاهلات يكونون غير مستعدين ليزوِّدوا ثناء الاستقبال هذا.‏ لذلك عندما يحين الوقت لا يفتح لهم المسيح الباب الى وليمة العرس في السماء.‏ فهو يتركهم خارجا في سواد ليل العالم الاكثر ظلاما،‏ ليبيدوا مع كل فاعلي الاثم الآخرين.‏ «فاسهروا اذًا،‏» يختتم يسوع،‏ «لانكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة.‏»‏

      مثل الوزنات

      يتابع يسوع المناقشة مع رسله على جبل الزيتون بإخبارهم مثلا آخر،‏ الثاني في سلسلة من ثلاثة.‏ وقبل بضعة ايام،‏ فيما كان في أريحا،‏ اعطى مثل الأمْناء ليظهر ان الملكوت كان لا يزال في المستقبل البعيد.‏ والمثل الذي يرويه الآن،‏ اذ له عدد من الاوجه المشابهة،‏ يصف في اتمامه النشاطات في اثناء حضور المسيح في سلطة الملكوت.‏ فهو يوضح ان تلاميذه يجب ان يعملوا وهم بعدُ على الارض لكي يزيدوا «امواله.‏»‏

      يبدأ يسوع:‏ «فذلك [اي،‏ الظروف المرتبطة بالملكوت] اشبه بانسان مسافر،‏ استدعى عبيده وسلَّمهم امواله.‏» (‏الترجمة التفسيرية)‏ فيسوع هو الانسان الذي،‏ قبل سفره الى السماء،‏ يسلِّم عبيده —‏ التلاميذ الذين هم في طريقهم الى الملكوت السماوي —‏ امواله.‏ وهذه الاموال ليست ممتلكات مادية،‏ ولكنها تمثِّل حقلا مزروعا عزَّز فيه امكانية الاتيان بمزيد من التلاميذ.‏

      ويسوع يأتمن عبيده على امواله قبل وقت قليل من صعوده الى السماء.‏ وكيف يفعل ذلك؟‏ بارشادهم بأن يواظبوا على العمل في الحقل المزروع بالكرازة برسالة الملكوت الى اقصى الارض.‏ وكما يقول يسوع:‏ «فأعطى واحدا خمس وزنات وآخر وزنتين وآخر وزنة.‏ كل واحد على قدر طاقته.‏ وسافر للوقت.‏»‏

      وهكذا وزِّعت الوزنات الثماني —‏ اموال المسيح —‏ على قدر طاقات العبيد،‏ او امكانياتهم الروحية.‏ ورمز العبيد الى صفوف من التلاميذ.‏ وفي القرن الاول،‏ من الواضح ان الصف الذي اخذ الخمس وزنات شمل الرسل.‏ ويتابع يسوع ليروي ان كِلا العبدين اللذين اخذا الوزنات الخمس والوزنتين ضاعفاها بكرازتهما بالملكوت والتلمذة.‏ ولكنّ العبد الذي اخذ الوزنة الواحدة اخفاها في الارض.‏

      ‏«وبعد زمان طويل،‏» يتابع يسوع،‏ «اتى سيد اولئك العبيد وحاسبهم.‏» ولم يكن حتى القرن الـ‍ ٢٠،‏ بعد نحو ٩٠٠‏,‏١ سنة،‏ ان المسيح عاد للمحاسبة،‏ فكان ذلك حقا «بعد زمان طويل.‏» ثم يوضح يسوع:‏

      ‏«فجاء الذي اخذ الخمس وزنات وقدَّم خمس وزنات أُخر قائلا يا سيد خمس وزنات سلَّمتني.‏ هوذا خمس وزنات أُخر ربحتها فوقها.‏ فقال له سيده نعمّا ايها العبد الصالح والأمين.‏ كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير.‏ ادخل الى فرح سيدك.‏» والعبد الذي اخذ وزنتين ضاعف وزنتيه ايضا،‏ ونال المديح والمكافأة نفسها.‏

      ولكن كيف يدخل هذان العبدان الامينان الى فرح سيدهما؟‏ حسنا،‏ ان فرح سيدهما،‏ يسوع المسيح،‏ هو ذاك الذي لاخذ ملكية الملكوت عندما سافر الى ابيه في السماء.‏ أما بالنسبة الى العبيد الامناء في الازمنة العصرية فلديهم فرح عظيم لانهم مؤتمنون على مسؤوليات اضافية للملكوت،‏ واذ ينهون مسلكهم الارضي سيحصلون على ذروة الفرح بإقامتهم الى الملكوت السماوي.‏ ولكن ماذا عن العبد الثالث؟‏

      ‏«يا سيد عرفت انك انسان قاس،‏» يتذمَّر هذا العبد.‏ «فخفت ومضيت وأخفيت وزنتك في الارض.‏ هوذا الذي لك.‏» لقد رفض العبد عمدا العمل في الحقل المزروع بالكرازة والتلمذة.‏ ولذلك يدعوه السيد «الشرير والكسلان» وينطق بالدينونة:‏ «خذوا منه الوزنة .‏ .‏ .‏ والعبد البطال اطرحوه الى الظلمة الخارجية.‏ هناك يكون البكاء وصرير الاسنان.‏» ان اولئك الذين من صف هذا العبد الشرير،‏ اذ يُطرحون خارجا،‏ يُحرمون من كل فرح روحي.‏

      يقدِّم هذا درسا جدّيا لجميع الذين يدَّعون انهم أتباع للمسيح.‏ فاذا كانوا يريدون ان يتمتعوا بمديحه ومكافأته،‏ ويتجنبوا طرحهم الى الظلمة الخارجية والهلاك النهائي،‏ يجب ان يعملوا من اجل زيادة اموال سيدهم السماوي بالاشتراك كاملا في عمل الكرازة.‏ فهل انتم مجتهدون في هذا المجال؟‏

      عندما يجيء المسيح في سلطة الملكوت

      لا يزال يسوع مع رسله على جبل الزيتون.‏ واستجابة لطلبهم علامة لحضوره واختتام نظام الاشياء،‏ يخبرهم الآن المثل الاخير في سلسلة من ثلاثة امثال.‏ «ومتى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه،‏» يبدأ يسوع،‏ «فحينئذ يجلس على كرسي مجده.‏»‏

      لا يستطيع البشر رؤية الملائكة في مجدهم السماوي.‏ ولذلك فان مجيء ابن الانسان،‏ يسوع المسيح،‏ مع الملائكة لا بد ان يكون غير منظور للأعين البشرية.‏ يحدث المجيء في السنة ١٩١٤.‏ ولكن لأي قصد؟‏ يوضح يسوع:‏ «ويجتمع امامه جميع الشعوب فيميِّز بعضهم من بعض كما يميِّز الراعي الخراف من الجداء.‏ فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار.‏»‏

      اذ يصف ما سيحدث لأولئك المفروزين الى جانب الرضى،‏ يقول يسوع:‏ «ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم.‏» وخراف هذا المثل لن يحكموا مع المسيح في السماء بل سيرثون الملكوت بمعنى انهم يصيرون رعاياه الارضيين.‏ و «تأسيس العالم» جرى عندما انجب آدم وحواء اولا اولادا يمكنهم الاستفادة من تدبير اللّٰه لفداء الجنس البشري.‏

      ولكن لماذا يُفرز الخراف الى يمين رضى الملك؟‏ «لاني جعت،‏» يجيب الملك،‏ «فأطعمتموني.‏ عطشت فسقيتموني.‏ كنت غريبا فآ‌ويتموني.‏ عريانا فكسوتموني.‏ مريضا فزرتموني.‏ محبوسا فأتيتم اليَّ.‏»‏

      بما ان الخراف هم على الارض،‏ فانهم يريدون ان يعرفوا كيف يمكن ان يكونوا قد فعلوا مثل هذه الاعمال الصالحة لملكهم السماوي.‏ «يا رب متى رأيناك جائعا فأطعمناك،‏» يسألون،‏ «او عطشانا فسقيناك.‏ ومتى رأيناك غريبا فآ‌ويناك.‏ او عريانا فكسوناك.‏ ومتى رأيناك مريضا او محبوسا فأتينا اليك.‏»‏

      ‏«الحق اقول لكم،‏» يجيب الملك،‏ «بما انكم فعلتموه بأحد اخوتي هؤلاء الاصاغر فبي فعلتم.‏» ان اخوة المسيح هم الباقون على الارض من الـ‍ ٠٠٠‏,‏١٤٤ الذين سيحكمون معه في السماء.‏ وفعل الخير لهم،‏ يقول يسوع،‏ هو كفعل الخير له.‏

      بعد ذلك،‏ يخاطب الملك الجداء.‏ «اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس وملائكته.‏ لاني جعت فلم تطعموني.‏ عطشت فلم تسقوني.‏ كنت غريبا فلم تأووني.‏ عريانا فلم تكسوني.‏ مريضا ومحبوسا فلم تزوروني.‏»‏

      لكنّ الجداء يتشكون:‏ «يا رب متى رأيناك جائعا او عطشانا او غريبا او عريانا او مريضا او محبوسا ولم نخدمك.‏» فيُدان الجداء بشكل غير مؤات على الاساس نفسه الذي عليه يُدان الخراف بشكل مؤات.‏ «بما انكم لم تفعلوه بأحد هؤلاء الاصاغر [اخوتي]،‏» يجيب يسوع،‏ «فبي لم تفعلوا.‏»‏

      لذلك فان حضور المسيح في سلطة الملكوت،‏ مباشرة قبل نهاية نظام الاشياء الشرير هذا في الضيق العظيم،‏ يكون وقت دينونة.‏ فالجداء ‹يمضون الى قطع ابدي والابرار [الخراف] الى حياة ابدية.‏› متى ٢٤:‏٢-‏٢٥:‏٤٦؛‏ ١٣:‏٤٠،‏ ٤٩؛‏ مرقس ١٣:‏٣-‏٣٧؛‏ لوقا ٢١:‏٧-‏٣٦؛‏ ١٩:‏٤٣،‏ ٤٤؛‏ ١٧:‏٢٠-‏٣٠؛‏ ٢ تيموثاوس ٣:‏١-‏٥؛‏ يوحنا ١٠:‏١٦؛‏ رؤيا ١٤:‏١-‏٣‏.‏

      ▪ ما الذي يثير سؤال الرسل،‏ ولكن اي امر آخر يبدو انه يجول في اذهانهم؟‏

      ▪ اي جزء من نبوة يسوع يتم في السنة ٧٠ ب‌م،‏ ولكن ماذا لا يحدث آنذاك؟‏

      ▪ متى يكون لنبوة يسوع اتمام اول،‏ ولكن متى يكون لها اتمام رئيسي؟‏

      ▪ ما هي الرجسة في اتمامَيْها الاول والأخير؟‏

      ▪ لماذا لا يكون للضيق العظيم اتمامه الاخير بدمار اورشليم؟‏

      ▪ اية احوال عالمية تسم حضور المسيح؟‏

      ▪ متى «تنوح جميع قبائل الارض،‏» ولكن ماذا سيفعل أتباع المسيح؟‏

      ▪ ايّ مثل يزوِّده يسوع ليساعد تلاميذه المقبلين على تمييز وقت اقتراب النهاية؟‏

      ▪ ايّ نصح يزوِّده يسوع لتلاميذه الذين يكونون احياء خلال الايام الاخيرة؟‏

      ▪ من هم المرموز اليهم بالعذارى العشر؟‏

      ▪ متى خُطبت الجماعة المسيحية للعريس،‏ ولكن متى يصل العريس ليأخذ عروسه الى وليمة العرس؟‏

      ▪ ماذا يمثِّل الزيت،‏ وامتلاكه يمكِّن العذارى الحكيمات من فعل ماذا؟‏

      ▪ اين تحدث وليمة العرس؟‏

      ▪ اية مكافأة عظيمة تخسرها العذارى الجاهلات،‏ وما هو مصيرهن؟‏

      ▪ اي درس يعلّمه مثل الوزنات؟‏

      ▪ من هم العبيد،‏ وما هي الاموال التي اؤتُمنوا عليها؟‏

      ▪ متى يأتي السيد للمحاسبة،‏ وماذا يجد؟‏

      ▪ ما هو الفرح الذي يدخل اليه العبدان الامينان،‏ وماذا يحدث للعبد الثالث،‏ العبد الشرير؟‏

      ▪ لماذا لا بد ان يكون حضور المسيح غير منظور،‏ وأي عمل يقوم به في ذلك الوقت؟‏

      ▪ بأي معنى يرث الخراف الملكوت؟‏

      ▪ متى جرى «تأسيس العالم»؟‏

      ▪ على اي اساس يُدان الناس إما كخراف او كجداء؟‏

  • فصح يسوع الاخير قريب
    اعظم انسان عاش على الاطلاق
    • الفصل ١١٢

      فصح يسوع الاخير قريب

      اذ يقترب يوم الثلاثاء،‏ ١١ نيسان قمري،‏ من نهايته،‏ ينتهي يسوع من تعليم الرسل على جبل الزيتون.‏ كم كان يوما حافلا بالعمل وشاقا!‏ والآن،‏ ربما فيما هو عائد الى بيت عنيا لقضاء الليل،‏ يخبر رسله:‏ «تعلمون انه بعد يومين يكون الفصح وابن الانسان يُسلَّم ليُصلب.‏»‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة