-
لماذا يجب ان نلبس الاتضاع؟برج المراقبة ١٩٩١ | ١٥ تموز (يوليو)
-
-
لماذا يجب ان نلبس الاتضاع؟
كان المؤلف الاميركي ادڠار آلان پو قد انهى قراءة قصته الجديدة على بعض اصدقائه. فقالوا على سبيل المزاح انه استعمل اسم البطل اكثر مما ينبغي. فكيف تجاوب پو؟ تذكَّر احد الاصدقاء: «روحه المتكبرة لم تتحمل مثل هذا التوبيخ الصريح، لذلك بفورة غضب، قبل ان يتمكن اصدقاؤه من منعه، طرح كل ورقة في نار ملتهبة.» فضاعت القصة «المسلّية جدا، الخالية كاملا من كآبته . . . المعتادة.» فالاتضاع كان يمكن ان ينقذها.
ومع ان الكبرياء تجعل الناس يفعلون امورا غير حكيمة، إلا انها متفشية بالعالم. ولكنَّ خدام يهوه يجب ان يكونوا مختلفين. ويجب ان يلبسوا ثوب الاتضاع المصمم جيدا.
ما هو الاتضاع؟
اشار الرسول بولس الى ثوب الاتضاع المسيحي الجميل عندما كتب الى الرفقاء المؤمنين في مدينة كولوسي القديمة. فقد حثَّ: «البسوا كمختاري اللّٰه القديسين المحبوبين احشاء رأفات ولطفا و (اتضاعا عقليا) ووداعة وطول اناة.» — كولوسي ٣:١٢.
نعم، الاتضاع هو «التواضع العقلي؛ عدم الكبرياء؛ الوداعة.» والشخص المتواضع هو «محتشم في الروح، غير متكبر.» انه «متسم بالاحترام على نحو عميق وبأدب.» (قاموس الكتاب العالمي، المجلد ١، الصفحة ١٠٣٠) والاتضاع ليس جبنا او ضعفا. وفي الواقع، الكبرياء يعكس الضعف، في حين ان اظهار الاتضاع غالبا ما يتطلب الشجاعة والقوة.
وفي الاسفار المقدسة تعني الكلمة العبرانية المنقولة الى «تواضَعْ» حرفيا «دُسْ نفسك.» وهكذا، نصح كاتب الامثال الحكيم: «يا ابني . . . ان أُخذت بكلام فيك . . . نجِّ نفسك اذا صرت في يد صاحبك. اذهب (تواضعْ) [دُسْ نفسك] وألِحَّ على صاحبك.» (امثال ٦:١-٣) اي، اطرحوا جانبا الكبرياء، اعترفوا بخطئكم، قوِّموا المسائل.
يجب ان يكون حقيقيا
ليس لدى كل الناس الذين يبدون متواضعين اتضاع حقيقي. فبعض الافراد المتواضعين كما يبدو يمكن في الواقع ان يكونوا متكبرين ويفعلون اي شيء للحصول على ما يريدون. ثم هنالك اولئك الذين يستعملون قناع الاتضاع الكاذب لكي يؤثروا في الآخرين. مثلا، التقى الرسول بولس بعض الذين اظهروا ‹(اتضاعا زائفا)،› وأشار الى ان اي شخص يفعل ذلك يكون في الواقع «قد نفخه باطلا ذهنه الجسدي.» وقد اعتقد مثل هذا الفرد على نحو خاطئ ان الحصول على رضى اللّٰه يعتمد على ما اذا اكل، شرب، او مسّ اشياء معينة او حفظ اياما دينية ام لا. صحيح انه ربما يبدو ورعا ومتواضعا، ولكنّ اتضاعه الكاذب كان باطلا. (كولوسي ٢:١٨، ٢٣) وفي الواقع، قاده ذلك الى الاعتقاد بأن جائزة الحياة تُمنح لاولئك الذين يتخلون عن الامور المادية. فأنتج ذلك ايضا شكلا ماكرا للمادية لأن المحظورات التقشفية ركّزت الانتباه على الامور المادية التي يدعي انه يحتقرها.
ومن جهة اخرى، يمنع الاتضاع الحقيقي الشخص من اظهار الاعتداد بالنفس في اللباس، في الهندام، ونمط الحياة. (١ يوحنا ٢:١٥-١٧) فالفرد الذي يلبس ثوب الاتضاع لا يلفت انتباها غير ضروري الى نفسه او قدراته. وعوضا عن ذلك، يساعده الاتضاع على معاملة الآخرين بطريقة متصفة بالاعتبار وعلى رؤية نفسه كما يراه اللّٰه. فكيف يكون ذلك؟
وجهة نظر يهوه
عندما كان النبي صموئيل على وشك ان يمسح ملكا جديدا لأمة اسرائيل اعتقد ان ابن يسَّى أليآب هو اختيار يهوه. ولكنّ اللّٰه قال لصموئيل: «لا تنظر الى منظره وطول قامته لأني قد رفضته. لأنه ليس كما ينظر الانسان. لأن الانسان ينظر الى العينين واما الرب فإنه ينظر الى القلب.» فرُفض سبعة من اولاد يسَّى. واختيار اللّٰه كان داود، الذي برهن انه رجل ايمان واتضاع. — ١ صموئيل ١٣:١٤؛ ١٦:٤-١٣.
ان ثوب الاتضاع يحمينا من الصيرورة متكبرين، مجترئين — ومرفوضين من اللّٰه. فهو «يقاوم . . . المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة.» (يعقوب ٤:٦) ورأيه ظاهر في كلمات صاحب المزمور: «الرب عالٍ ويرى المتواضع. اما المتكبر فيعرفه من بعيد.» (مزمور ١٣٨:٦؛ ١ بطرس ٥:٥، ٦) وما يتوقعه اللّٰه من خدامه واضح من هذا السؤال المطروح في ميخا ٦:٨: «ماذا يطلبه منك الرب إلا ان تصنع الحق وتحب الرحمة و (تكون محتشما في السلوك) مع الهك.»
اظهره اللّٰه والمسيح
ليس مدهشا ان يتوقع يهوه منا ان نظهر الاتضاع! فالاتضاع من صفاته الخاصة. وبعد ان انقذه اللّٰه من اعدائه رنَّم داود: «تجعل لي ترس خلاصك . . . و (اتضاعك) يعظّمني.» (مزمور ١٨:٣٥؛ ٢ صموئيل ٢٢:١، ٣٦) ومع ان يهوه في اعلى السموات، فهو «الناظر الاسافل في السموات وفي الارض المقيم المسكين من التراب. الرافع البائس من المزبلة ليُجلسه مع اشراف.» (مزمور ١١٣:٥-٨) ويظهر يهوه الاتضاع بممارسة الرحمة نحو الجنس البشري الخاطئ. ومعاملته للخطاة وتقديم ابنه ذبيحة من اجل الخطايا هما تعبيران عن اتضاعه، محبته، وصفاته الاخرى. — رومية ٥:٨؛ ٨:٢٠، ٢١.
ويسوع المسيح، الذي كان ‹وديعا ومتواضع القلب،› رسم المثال البشري الاعظم للاتضاع. (متى ١١:٢٩) وقال لتلاميذه: «فمَن يرفع نفسه يتضع ومَن يضع نفسه يرتفع.» (متى ٢٣:١٢) ولم يكن ذلك مجرد كلام منمَّق. ففي الليلة التي سبقت موته، غسَّل يسوع ارجل رسله، منجزا خدمة يقدمها عادة العبيد. (يوحنا ١٣:٢-٥، ١٢-١٧) وخدم يسوع اللّٰه بتواضع قبل مجيئه الى الارض وأعرب عن الاتضاع منذ قيامته الى مركز مرفَّع في السماء. لذلك حث بولس الرفقاء المؤمنين ان ‹يحسبوا (الآخرين اسمى منهم)› وأن يملكوا موقف يسوع المسيح المتواضع. — فيلبي ٢:٣، ٥-١١.
وبما ان اللّٰه والمسيح يظهران الاتضاع، فإن اولئك الراغبين بالرضى الالهي يجب ان يعربوا عن هذه الصفة. وإذا كنا احيانا متعجرفين، يكون من الحكمة ان نتواضع ونصلي من اجل غفران اللّٰه. (قارنوا ٢ أخبار الايام ٣٢:٢٤-٢٦.) وبدلا من امتلاك افكار متسمة بالمبالغة عن انفسنا، يلزمنا ان نطبق مشورة بولس: «غير مهتمين بالامور العالية بل منقادين الى المتضعين.» (رومية ١٢:١٦) ولكن، كيف يمكن للاتضاع ان يفيدنا والآخرين؟
فوائد الاتضاع
احدى فوائد الاتضاع هي انه يمنعنا من التباهي بأنفسنا. وهكذا نحجم عن ازعاج الآخرين ونتجنب الارتباك الشخصي ان لم يفتتنوا بانجازاتنا. فيجب ان نفتخر بيهوه، لا بأنفسنا. — ١ كورنثوس ١:٣١.
ويساعدنا الاتضاع ان نحصل على الارشاد الالهي. فيهوه ارسل ملاكا الى دانيال برؤيا لأن ذلك النبي تواضع امام اللّٰه عندما بحث عن الارشاد والفهم. (دانيال ١٠:١٢) وعندما كان عزرا على وشك ان يقود شعب يهوه الى خارج بابل مع الكثير من الذهب والفضة لتزيين الهيكل في اورشليم نادى بالصوم بحيث يمكن ان يتواضعوا امام اللّٰه. والنتيجة؟ حماهم يهوه من هجوم الاعداء خلال الرحلة الخطيرة. (عزرا ٨:١-١٤، ٢١-٣٢) وكدانيال وعزرا، فلنظهر الاتضاع ونطلب ارشاد يهوه بدلا من محاولة اتمام المهمات المعطاة من اللّٰه بحكمتنا وقدرتنا.
واذا لبسنا ثوب الاتضاع، فسنحترم الآخرين. مثلا، الاولاد الذين يملكون الاتضاع يحترمون ويطيعون والديهم. والمسيحيون المتواضعون يحترمون ايضا رفقاءهم المؤمنين من قوميات، عروق، وخلفيات اخرى، لأن الاتضاع يجعلنا عديمي المحاباة. — اعمال ١٠:٣٤، ٣٥؛ ١٧:٢٦.
والاتضاع يروج المحبة والسلام. والشخص المتواضع لا يقاتل رفقاءه المؤمنين في محاولة ليثبّت حقوقه المزعومة. فبولس فعل فقط الامور التي تبني ولا تزعج ضمير الاخ. (رومية ١٤:١٩-٢١؛ ١ كورنثوس ٨:٩-١٣؛ ١٠:٢٣-٣٣) ويساعدنا الاتضاع ايضا على ترويج المحبة والسلام بمسامحة الآخرين في خطاياهم ضدنا. (متى ٦:١٢-١٥؛ ١٨:٢١، ٢٢) ويدفعنا الى الذهاب الى الشخص المساء اليه، الاعتراف بخطئنا، طلب الغفران، وفعل ما يمكننا لنصحح اي خطإ ربما فعلناه. (متى ٥:٢٣، ٢٤؛ لوقا ١٩:٨) واذا اقترب الينا الفرد المساء اليه، يحضنا الاتضاع على بت القضايا على نحو سلمي بروح المحبة. — متى ١٨:١٥؛ لوقا ١٧:٣.
يعتمد الخلاص على اظهار الاتضاع. مثلا، في ما يتعلق باللّٰه، قيل: «تخلّص الشعب (المتواضع) وعيناك على المترفعين فتضعهم.» (٢ صموئيل ٢٢:٢٨) وعندما ‹يركب [الملك يسوع المسيح] من اجل الحق و (الاتضاع) والبر› سيخلِّص الذين يتواضعون امامه وأمام ابيه. (مزمور ٤٥:٤) واولئك الذين يظهرون الاتضاع يمكنهم ان يجدوا التعزية في الكلمات: «اطلبوا الرب يا جميع (ودعاء) الارض الذين فعلوا حكمه. اطلبوا البر. اطلبوا التواضع. لعلكم تُسترون في يوم سخط الرب.» — صفنيا ٢:٣.
الاتضاع وهيئة اللّٰه
يقود الاتضاع شعب اللّٰه الى تقدير هيئته وإلى البقاء معها كمحافظين على الاستقامة. (قارنوا يوحنا ٦:٦٦-٦٩.) وإذا لم نُعطى امتياز خدمة كنا نأمل ان نناله، يساعدنا الاتضاع على التعاون مع اولئك الذين يتحملون المسؤولية داخل الجماعة. وتعاوننا المتواضع يرسم مثالا حسنا.
ومن ناحية اخرى، يمنعنا الاتضاع من اظهار العُجْب في ما يتعلق بامتيازات خدمتنا بين شعب يهوه. ويمنعنا من طلب المدح على عمل كان لنا امتياز القيام به في هيئة اللّٰه. وعلاوة على ذلك، اذا كنا نخدم كشيوخ، يساعدنا الاتضاع على معاملة رعية اللّٰه برقة. — اعمال ٢٠:٢٨، ٢٩، عج؛ ١ بطرس ٣:٨.
الاتضاع والتأديب
يساعدنا ثوب التواضع على قبول التأديب. فالشعب المتواضع ليس كملك يهوذا عزّيا، الذي ارتفع قلبه جدا حتى انه اغتصب الواجبات الكهنوتية. و «خان الرب الهه ودخل هيكل الرب ليوقد على مذبح البخور.» وعندما حنق عزّيا على الكهنة بسبب توبيخهم اياه ضُرب بالبرص. فيا للثمن الذي دُفع بسبب عدم الاتضاع! (٢ أخبار الايام ٢٦:١٦-٢١؛ امثال ١٦:١٨) فلا تكونوا ابدا كعزّيا وتدعوا الكبرياء يمنعكم من قبول التأديب من اللّٰه بواسطة كلمته وهيئته.
ومن هذا القبيل، قال بولس للمسيحيين العبرانيين الممسوحين: «قد نسيتم الوعظ الذي يخاطبكم كبنين يا ابني لا تحتقر تأديب الرب ولا تخر اذا وبّخك. لأن الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله. . . . ولكن كل تأديب في الحاضر لا يُرى انه للفرح بل للحزن. وأما اخيرا فيعطي الذين يتدربون به ثمر بر للسلام.» (عبرانيين ١٢:٥-١١) واذكروا ايضا ان «توبيخات الادب طريق الحياة.» — امثال ٦:٢٣.
ابقوا لابسين الاتضاع
كم يكون مهما ان يلبس دائما المسيحيون ثوب الاتضاع! فذلك يدفعنا الى المثابرة كمنادين للملكوت، اذ نشهد بتواضع من بيت الى بيت بحثا عن اولئك ‹المعيَّنين للحياة الابدية.› (اعمال ١٣:٤٨؛ ٢٠:٢٠) فعلا، يساعدنا الاتضاع على البقاء طائعين للّٰه في كل وجه، على الرغم من ان المقاومين المتكبرين يكرهون مسلكنا البار. — مزمور ٣٤:٢١.
ولأن الاتضاع يقودنا الى ‹التوكل على يهوه بكل قلبنا،› فهو يقوِّم سبلنا. (امثال ٣:٥، ٦) وفي الواقع، فقط اذا لبسنا هذه الصفة الرائعة يمكننا حقا ان نسلك مع اللّٰه ونتمتع برضاه وبركته. وكما كتب التلميذ يعقوب: «اتضعوا قدام الرب فيرفعكم.» (يعقوب ٤:١٠) فلنلبس اذًا الاتضاع، ذلك الثوب الجميل الذي صممه يهوه اللّٰه.
-
-
الاجتماع السنوي — ٥ تشرين الاول ١٩٩١برج المراقبة ١٩٩١ | ١٥ تموز (يوليو)
-
-
الاجتماع السنوي — ٥ تشرين الاول ١٩٩١
ان الاجتماع السنوي لاعضاء جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا سيُعقد في ٥ تشرين الاول ١٩٩١ في قاعة محافل شهود يهوه، ٢٩٣٢ كنيدي بولڤار، جيرزي سيتي، نيو جيرزي. وسيُعقد اجتماع تمهيدي للاعضاء فقط في الساعة ٣٠:٩ صباحا يليه الاجتماع السنوي العام في الساعة ٠٠:١٠ صباحا.
وأعضاء المؤسسة ينبغي ان يُعلِموا مكتب السكرتير الآن بأيّ تغيير في عناوينهم البريدية خلال السنة الماضية لتصل اليهم رسائل الاشعار القانونية والتفويضات بعد ١ آب بوقت قصير.
ان التفويضات التي ستُرسل الى الاعضاء مع الاشعار بالاجتماع السنوي ينبغي ان تُعاد لكي تصل الى مكتب سكرتير الجمعية ليس بعد ١٥ آب. وكل عضو يجب ان يُكمل ويعيد تفويضه بسرعة، ذاكرا ما اذا كان سيكون في الاجتماع شخصيا ام لا. والمعلومات المعطاة في كل تفويض يجب ان تكون محدَّدة في هذه النقطة اذ سيجري الاعتماد عليها لتقرير مَن سيكونون حاضرين شخصيا.
ومن المتوقع ان تنتهي الجلسة كلها، بما فيها اجتماع العمل الرسمي والتقارير، في الساعة ٠٠:١ بعد الظهر او بعد ذلك بوقت قصير. ولن تكون هنالك جلسة بعد الظهر. وبسبب الفسحة المحدودة سيكون الدخول بالبطاقات فقط. ولن تُصنع اية ترتيبات لوصل الاجتماع السنوي هاتفيا بالاماكن الاخرى.
-