-
احتفال يؤثر في حياتكبرج المراقبة ٢٠٠٤ | ١٥ آذار (مارس)
-
-
احتفال يؤثر في حياتك
عندما كان يسوع المسيح على الارض، اسس احتفالا يكرم اللّٰه. وهذا الاحتفال هو المناسبة الدينية الوحيدة التي امر اتباعه ان يحتفلوا بها. انه عشاء الرب الذي يدعى ايضا «العشاء الاخير».
تخيَّل انك تراقب مجرى الاحداث التي سبقت هذه المناسبة. يجتمع يسوع وتلاميذه في عليّة في اورشليم للاحتفال بالفصح اليهودي. ويتناولون طعام الفصح الذي يتألف من خروف مشوي، اعشاب مُرّة، خبز فطير، وخمر حمراء. وبعدما ينتهون يُصرَف الرسول الخائن يهوذا الإسخريوطي. فيخرج مزمعا ان يسلِّم سيده بعد قليل. (متى ٢٦:١٧-٢٥؛ يوحنا ١٣:٢١، ٢٦-٣٠) يبقى يسوع والرسل الامناء الـ ١١ وحدهم. ومتى هو واحد منهم.
وفقا لرواية متى الذي كان شاهد عيان، اسس يسوع عشاء الرب على النحو التالي: «أخذ يسوع رغيفا [من الخبز الفطير]، وطلب بركة ثم كسره وأعطى التلاميذ، وقال: ‹خذوا كلوا. هذا يمثل جسدي›. وأيضا، أخذ كأسا [من الخمر] وشكر ثم أعطاهم، قائلا: ‹اشربوا منها كلكم؛ فإن هذا يمثل «دمي الذي للعهد»، الذي يسكب من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا›». — متى ٢٦:٢٦-٢٨.
فلماذا اسس يسوع عشاء الرب؟ ولِمَ استخدم فيه خبزا فطيرا وخمرا حمراء؟ هل يجب ان يتناول جميع اتباع المسيح من الرمزين؟ كم مرة يجب الاحتفال بهذا العشاء؟ وهل له حقا ايّ مغزى لك؟
-
-
عشاء الرب — كيف يجب ان يُحتفَل به؟برج المراقبة ٢٠٠٤ | ١٥ آذار (مارس)
-
-
عشاء الرب — كيف يجب ان يُحتفَل به؟
كتب الرسول المسيحي بولس عن الاحتفال بعشاء الرب، موضحا: «تسلَّمت من الرب ما سلَّمتكم ايضا، ان الرب يسوع، في الليلة التي كان سيُسلَّم فيها، اخذ رغيفا، وشكر ثم كسره وقال: ‹هذا يمثِّل جسدي الذي هو من اجلكم. داوموا على صنع هذا لذكري›. كذلك فعل بالكأس ايضا، بعد ان تعشّى، قائلا: ‹هذه الكأس تمثِّل العهد الجديد بدمي. داوموا على صنع هذا، في كل مرة تشربونها، لذكري›. فإنكم كل مرة تأكلون فيها هذا الرغيف وتشربون هذه الكأس، تداومون على المناداة بموت الرب، الى ان يجيء». — ١ كورنثوس ١١:٢٣-٢٦.
بحسب كلمات بولس، اسس يسوع عشاء الرب ‹في الليلة التي كان سيسلِّمه فيها› يهوذا الإسخريوطي للقادة الدينيين اليهود، الذين ضغطوا على الرومان ليقتلوه. وهكذا، تأسس هذا العشاء في وقت متأخر من مساء الخميس في ٣١ آذار (مارس) سنة ٣٣ بم. ومات يسوع على خشبة الآلام بعد ظهر يوم الجمعة في ١ نيسان (ابريل). وبما ان اليوم في التقويم اليهودي يمتد من مساء يوم الى مساء يوم آخر، فإن تأسيس عشاء الرب وموت يسوع المسيح حصلا كلاهما في اليوم نفسه، ١٤ نيسان القمري سنة ٣٣ بم.
وقد اوصى يسوع المتناولين من الخبز والخمر: «داوموا على صنع هذا لذكري». (١ كورنثوس ١١:٢٤) لذلك فإن عشاء الرب يدعى ايضا ذِكرى موت المسيح.
لِمَ يجب الاحتفال بموت يسوع؟
يمكننا نيل الجواب عندما نفهم مغزى موت يسوع. فقد مات بصفته المؤيد الابرز لسلطان يهوه، مبرهنا ان الشيطان كاذب في اتِّهامه البشر بأنهم يخدمون اللّٰه بدوافع انانية محض. (ايوب ٢:١-٥؛ امثال ٢٧:١١) وفضلا عن ذلك، بموت يسوع كإنسان كامل، «بذل نفسه فدية عن كثيرين». (متى ٢٠:٢٨) فعندما اخطأ آدم الى اللّٰه، خسر حياته البشرية الكاملة وإمكانية العيش الى الابد. لكنّ «اللّٰه أحب العالم كثيرا حتى إنه بذل الابن، مولوده الوحيد، لكي لا يهلك كل من يمارس الايمان به، بل تكون له حياة ابدية». (يوحنا ٣:١٦) حقا، «اجرة الخطية هي موت، وأما عطية اللّٰه فهي حياة ابدية بالمسيح يسوع ربنا». — روما ٦:٢٣.
وهكذا، يرتبط موت يسوع المسيح بأعظم تعبيرَين عن المحبة: المحبة العظيمة التي اظهرها يهوه للجنس البشري بالتضحية بابنه، ومحبة التضحية بالذات التي اظهرها يسوع للبشر ببذله طوعا حياته البشرية من اجلهم. وذِكرى موت يسوع تبرز هذين التعبيرين عن المحبة. وبما اننا المستفيدون من هذه المحبة، أفلا ينبغي ان نُظهِر التقدير لها؟ ان حضورنا الاحتفال بعشاء الرب هو احدى الطرائق التي نُعرِب بها عن تقديرنا.
مغزى الخبز والخمر
عندما اسس يسوع عشاء الرب، استخدم رغيف خبز وكأس خمر حمراء كرمزَين. اخذ رغيفا و «شكر ثم كسره وقال: ‹هذا [الخبز] يمثِّل جسدي الذي هو من اجلكم›». (١ كورنثوس ١١:٢٤) لقد وجب كسر الرغيف بغية توزيعه على التلاميذ ليأكلوه، لأنه كان هشًّا الى حد ما، مصنوعا من الدقيق والماء بدون خميرة. فالخميرة في الاسفار المقدسة ترمز الى الخطية. (متى ١٦:١١، ١٢؛ ١ كورنثوس ٥:٦، ٧) وبما ان يسوع بلا خطية، فقد كان جسده البشري الكامل مناسبا ليُبذَل كذبيحة فدائية عن الجنس البشري. (١ يوحنا ٢:١، ٢) فكم هو ملائم استخدام خبز فطير لتمثيل جسد المسيح اللحمي الخالي من الخطية!
ثم شكر يسوع ايضا على كأس الخمر الصرف وقال: «هذه الكأس تمثِّل العهد الجديد بدمي». (١ كورنثوس ١١:٢٥) فالخمر الحمراء في الكأس تمثِّل دم يسوع. وكما ان دم المعزى والثيران المقدَّمة ذبائح ثبَّت عهد الشريعة بين اللّٰه وأمة اسرائيل سنة ١٥١٣ قم، كذلك فإن دم يسوع المسفوك عند موته جعل العهد الجديد ساري المفعول.
مَن يجب ان يتناولوا من الرمزَين؟
لكي نعرف مَن يجب ان يتناولوا من رمزَي الذِّكرى، من الضروري ان نفهم ما هو العهد الجديد ومَن هما الطرفان فيه. يذكر الكتاب المقدس: «ها ايام تأتي يقول الرب وأقطع مع بيت اسرائيل ومع بيت يهوذا عهدا جديدا . . . اجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلها وهم يكونون لي شعبا . . . اصفح عن اثمهم ولا اذكر خطيتهم بعد». — ارميا ٣١:٣١-٣٤.
يتيح العهد الجديد الدخول في علاقة خصوصية مع يهوه اللّٰه. فبواسطة هذا العهد، يصبح فريق معين من الاشخاص شعبا للّٰه، وهو يصبح إلها لهم. وتكون شريعة يهوه مكتوبة في داخلهم، على قلوبهم. حتى الاشخاص الذين ليسوا يهودا طبيعيين مختونين بإمكانهم ان يدخلوا في هذه العلاقة مع اللّٰه التي يتيحها العهد الجديد. (روما ٢:٢٩) فلوقا، احد كتبة الكتاب المقدس، يتحدث عن ‹افتقاد اللّٰه الامم ليأخذ منهم شعبا لاسمه›. (اعمال ١٥:١٤) وعن هؤلاء تقول ١ بطرس ٢:١٠: «في ما مضى لم تكونوا شعبا، اما الآن فشعب اللّٰه». وتشير الاسفار المقدسة الى هذا الشعب بصفته «اسرائيل اللّٰه»، اي اسرائيل الروحي. (غلاطية ٦:١٦؛ ٢ كورنثوس ١:٢١) اذًا، العهد الجديد هو عهد بين يهوه اللّٰه وإسرائيل الروحي.
وفي الليلة الاخيرة التي قضاها يسوع مع تلاميذه، صنع هو ايضا عهدا معهم. فقد اخبرهم: «انا اصنع معكم عهدا، كما صنع ابي معي عهدا، لملكوت». (لوقا ٢٢:٢٩) ان هذا العهد هو عهد الملكوت. وعدد البشر الناقصين الذين أُدخِلوا فيه هو ٠٠٠,١٤٤ شخص. وهؤلاء سيحكمون مع المسيح كملوك وكهنة بعد ان يُقاموا الى الحياة في السماء. (كشف ٥:٩، ١٠؛ ١٤:١-٤) وهكذا، فإن الذين أُدخلوا في العهد الجديد مع يهوه اللّٰه أُدخلوا ايضا في عهد الملكوت مع يسوع المسيح. وهم الوحيدون الذين يحقّ لهم ان يتناولوا من الرمزَين في عشاء الرب.
ولكن كيف يعرف الذين يحق لهم التناول من رمزَي الذِّكرى انهم في علاقة فريدة مع اللّٰه وشركاء المسيح في الميراث؟ يوضح بولس: «الروح [القدس] نفسه يشهد مع روحنا [ميلنا العقلي] بأننا اولاد اللّٰه. فإن كنا اولادا، فنحن ايضا ورثة: ورثة اللّٰه، بل شركاء المسيح في الميراث، إن تألمنا معه لكي نمجد ايضا معه». — روما ٨:١٦، ١٧.
فبواسطة الروح القدس او قوة اللّٰه الفعالة، يمسح اللّٰه شركاء المسيح في الميراث. وهذا يجعل المسيحيين الممسوحين على يقين من انهم ورثة الملكوت، مولِّدا فيهم رجاء سماويا. فيعتبرون كل ما يقوله الكتاب المقدس عن الحياة السماوية موجَّها اليهم. ويكونون على استعداد للتضحية بكل ما يتعلق بالحياة الارضية، بما فيها العيش على الارض والعلاقات البشرية جمعاء. ورغم ان المسيحيين الممسوحين بالروح يدركون ان الحياة في الفردوس الارضي ستكون رائعة، فهم لا يرجون الحياة على الارض. (لوقا ٢٣:٤٣) فلديهم رجاء سماوي ثابت لم ينجم عن آراء دينية باطلة، بل عن عمل روح اللّٰه. ولذلك لهم الحق ان يتناولوا من رمزَي الذِّكرى.
لنفرض ان هنالك شخصا غير واثق تماما انه من الذين أُدخلوا في العهد الجديد وعهد الملكوت. ولنفرض ايضا انه لم ينل شهادة روح اللّٰه بأنه شريك للمسيح في الميراث. في هذه الحالة من الخطإ ان يتناول من رمزَي الذِّكرى. وفي الواقع، يغضب اللّٰه عندما يدّعي شخص ما عمدا انه مدعوّ ليكون ملكا وكاهنا في السماء، في حين انه لم ينل حقا هذه الدعوة السماوية. — روما ٩:١٦؛ كشف ٢٢:٥.
كم مرة يجب الاحتفال بالذِّكرى؟
هل ينبغي الاحتفال بذِكرى موت يسوع كل اسبوع او كل يوم؟ لقد اسس المسيح عشاء الرب وقُتِل ظلما في اليوم نفسه الذي احتُفِل فيه بعيد الفصح. وكان يُحتفَل بهذا العيد مرة واحدة فقط في السنة، في ١٤ نيسان القمري، إحياء لذِكرى انقاذ الاسرائيليين من العبودية في مصر. (خروج ١٢:٦، ١٤؛ لاويين ٢٣:٥) اذًا، ينبغي الاحتفال بموت «المسيح فصحنا» مرة واحدة فقط في السنة، وليس اسبوعيا ولا يوميا. (١ كورنثوس ٥:٧) وعندما يحتفل المسيحيون بعشاء الرب، يفعلون تماما ما فعله يسوع عندما اسس هذا العشاء.
ولكن ماذا تعني كلمات بولس: «كل مرة تأكلون فيها هذا الرغيف وتشربون هذه الكأس، تداومون على المناداة بموت الرب، الى ان يجيء»؟ ان عبارة «كل مرة» الواردة في هذه الآية لا تعني بالضرورة مرارا كثيرة في السنة. فيمكن ان تعني سنويا طوال فترة سنوات كثيرة. وهكذا، اراد بولس القول انه كلما تناول المسيحيون الممسوحون من الرمزَين، ينادون بإيمانهم بذبيحة يسوع الفدائية.
سيداوم المسيحيون الممسوحون على الاحتفال بموت المسيح «الى ان يجيء». فسيستمر الاحتفال بهذه المناسبة حتى مجيء يسوع لأخذ اتباعه الممسوحين الى السماء، بإقامتهم الى الحياة الروحانية اثناء ‹حضوره›. (١ تسالونيكي ٤:١٤-١٧) وهذا ينسجم مع ما قاله المسيح للرسل الـ ١١ الاولياء: «اذا ذهبت وهيأت لكم مكانا، آتي ثانية وآخذكم إليّ، حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا». — يوحنا ١٤:٣.
ما تعنيه الذِّكرى لك؟
هل يلزم ان يتناول المرء من رمزَي الذِّكرى للاستفادة من ذبيحة يسوع ونيل الحياة الابدية على الارض؟ كلا. فلا يوجد في الكتاب المقدس ما يشير الى ان الاشخاص الخائفي اللّٰه كنوح، ابراهيم، سارة، اسحاق، رفقة، يوسف، موسى، وداود سيتناولون من هذين الرمزَين بعد قيامتهم الى الحياة الارضية. ومع ذلك، سيكون عليهم وعلى جميع الراغبين في العيش حياة لا نهاية لها على الارض ان يمارسوا الايمان باللّٰه والمسيح وبتدبير ذبيحة يسوع الفدائية الذي هيأه يهوه. (يوحنا ٣:٣٦؛ ١٤:١) وعليك انت ايضا ان تمارس هذا الايمان لكي تنال الحياة الابدية. ان حضورك الذِّكرى السنوية لموت المسيح يذكِّرك بتلك الذبيحة العظيمة ويعمِّق تقديرك لها.
شدَّد الرسول يوحنا على اهمية ذبيحة يسوع عندما قال: «أكتب اليكم [ايها الرفقاء الممسوحون] هذا لئلا ترتكبوا خطية. وإن ارتكب احد خطية، فلنا معين عند الآب، يسوع المسيح البار. وهو ذبيحة استرضاء تكفيرية عن خطايانا، وليس عن خطايانا فقط، بل عن خطايا العالم كله ايضا». (١ يوحنا ٢:١، ٢) فمن الملائم ان يعتبر الممسوحون ان ذبيحة يسوع هي ذبيحة استرضاء تكفيرية عن خطاياهم. ولكنها ايضا ذبيحة عن خطايا العالم كله، مما يجعل الحياة الابدية ممكنة للجنس البشري الطائع!
فهل ستحضر الاحتفال بذِكرى موت يسوع في ٤ نيسان (ابريل) ٢٠٠٤؟ سيحتفل شهود يهوه حول العالم بهذه الذِّكرى في اماكن اجتماعاتهم. وإذا كنت حاضرا، فستستفيد من الاستماع الى محاضرة مهمة جدا من الكتاب المقدس. وسيجري تذكيرك بما فعله يهوه اللّٰه ويسوع المسيح من اجلنا. كما ان الاجتماع مع اشخاص يكنّون التقدير العميق للّٰه والمسيح وذبيحة يسوع الفدائية سيكون مكافئا روحيا. وستقوِّي هذه المناسبة رغبتك في ان تنال نعمة اللّٰه وبالتالي ان تحظى بالحياة الابدية. فلا تدع شيئا يعيقك عن حضور هذا الاحتفال المبهج الذي يكرم ويسِرّ ابانا السماوي، يهوه اللّٰه.
-