‹اِسْمَعْ وَٱفْهَمْ› أَمْثَالَ يَسُوعَ
«اِسْمَعُوا لِي كُلُّكُمْ وَٱفْهَمُوا». — مر ٧:١٤.
١، ٢ لِمَ لَمْ يَفْهَمْ كَثِيرُونَ مَعْنَى مَا قَالَهُ يَسُوعُ؟
عِنْدَمَا يَتَحَدَّثُ أَحَدٌ إِلَيْنَا، نَسْمَعُ صَوْتَهُ وَقَدْ تَلْفِتُنَا أَيْضًا ٱلنَّبْرَةُ ٱلَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا. وَلٰكِنْ مَا نَفْعُ كُلِّ ذٰلِكَ إِذَا لَمْ نَفْهَمْ مَعْنَى مَا قَالَهُ؟ (١ كو ١٤:٩) حَدَثَ أَمْرٌ مُشَابِهٌ فِي أَيَّامِ يَسُوعَ. فَمَعَ أَنَّ آلَافَ ٱلنَّاسِ سَمِعُوهُ يَتَحَدَّثُ إِلَيْهِمْ بِلُغَتِهِمْ، لَمْ يَفْهَمِ ٱلْجَمِيعُ مَعْنَى كَلَامِهِ. لِهٰذَا ٱلسَّبَبِ، قَالَ لِسَامِعِيهِ: «اِسْمَعُوا لِي كُلُّكُمْ وَٱفْهَمُوا». — مر ٧:١٤.
٢ فَلِمَ لَمْ يَفْهَمْ كَثِيرُونَ مَعْنَى مَا قَالَهُ يَسُوعُ؟ لَقَدْ كَوَّنَ ٱلْبَعْضُ مُسْبَقًا أَفْكَارًا خَاصَّةً بِهِمْ أَوِ ٱمْتَلَكُوا دَوَافِعَ خَاطِئَةً. لِذٰلِكَ قَالَ يَسُوعُ لِأَشْخَاصٍ كَهٰؤُلَاءِ: «بِحِذْقٍ تُبْطِلُونَ وَصِيَّةَ ٱللّٰهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ». (مر ٧:٩) فَهُمْ لَمْ يُحَاوِلُوا فِعْلًا فَهْمَ كَلَامِهِ، وَلَا أَرَادُوا تَغْيِيرَ طُرُقِهِمْ وَآرَائِهِمْ. فَمَعَ أَنَّ آذَانَهُمْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً، بَقِيَتْ قُلُوبُهُمْ مُغْلَقَةً تَمَامًا. (اقرأ متى ١٣:١٣-١٥.) فَكَيْفَ نَحْرِصُ أَنْ تَبْقَى قُلُوبُنَا مَفْتُوحَةً لِنَسْتَفِيدَ مِنْ تَعَالِيمِ يَسُوعَ؟
كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْ تَعَالِيمِ يَسُوعَ؟
٣ لِمَ تَمَكَّنَ ٱلتَّلَامِيذُ مِنْ فَهْمِ أَقْوَالِ يَسُوعَ؟
٣ يَنْبَغِي أَنْ نَتَمَثَّلَ بِتَلَامِيذِ يَسُوعَ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ. فَقَدْ قَالَ لَهُمْ: «سَعِيدَةٌ هِيَ عُيُونُكُمْ لِأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَآذَانُكُمْ لِأَنَّهَا تَسْمَعُ». (مت ١٣:١٦) وَلِمَ تَمَكَّنُوا مِنْ فَهْمِ أَقْوَالِ يَسُوعَ بِعَكْسِ كَثِيرِينَ غَيْرِهِمْ؟ أَوَّلًا، كَانُوا عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِطَرْحِ ٱلْأَسْئِلَةِ وَٱلِٱسْتِفْسَارِ عَنْ مَعْنَى كَلِمَاتِهِ. (مت ١٣:٣٦؛ مر ٧:١٧) ثَانِيًا، كَانُوا عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ أَنْ يَزِيدُوا مَا تَعَلَّمُوهُ عَلَى ٱلْمَعْلُومَاتِ ٱلَّتِي سَبَقَ أَنْ غَرَسُوهَا فِي قُلُوبِهِمْ. (اقرأ متى ١٣:١١، ١٢.) وَثَالِثًا، كَانُوا عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ أَنْ يَسْتَفِيدُوا شَخْصِيًّا مِمَّا سَمِعُوهُ وَفَهِمُوهُ، وَيُفِيدُوا بِهِ غَيْرَهُمْ أَيْضًا. — مت ١٣:٥١، ٥٢.
٤ أَيَّةُ خُطُوَاتٍ ثَلَاثٍ تَلْزَمُنَا إِنْ أَرَدْنَا فَهْمَ أَمْثَالِ يَسُوعَ؟
٤ وَعَلَى غِرَارِ تَلَامِيذِ يَسُوعَ ٱلْأُمَنَاءِ، تَلْزَمُنَا ثَلَاثُ خُطُوَاتٍ إِنْ أَرَدْنَا فَهْمَ أَمْثَالِ يَسُوعَ. أَوَّلًا، يَجِبُ أَنْ نَكُونَ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِنَصْرِفَ ٱلْوَقْتَ فِي دَرْسِ أَقْوَالِهِ وَٱلتَّأَمُّلِ فِيهَا، نَقُومَ بِٱلْبَحْثِ ٱللَّازِمِ، وَنَطْرَحَ ٱلْأَسْئِلَةَ ٱلْمُلَائِمَةَ. فَهٰذَا يُكْسِبُنَا ٱلْمَعْرِفَةَ. (ام ٢:٤، ٥) ثَانِيًا، يَجِبُ أَنْ نَرَى كَيْفَ تَنْسَجِمُ هٰذِهِ ٱلْمَعْرِفَةُ مَعَ مَعْلُومَاتِنَا ٱلسَّابِقَةِ، مُدْرِكِينَ فَائِدَتَهَا لَنَا شَخْصِيًّا. فَبِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ نَنَالُ ٱلْفَهْمَ. (ام ٢:٢، ٣) وَثَالِثًا، عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَخْدِمَ مَا نَتَعَلَّمُهُ وَأَنْ نُطَبِّقَهُ فِي حَيَاتِنَا. فَبِذٰلِكَ نُعْرِبُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ. — ام ٢:٦، ٧.
٥ أَوْضِحِ ٱلْفَرْقَ بَيْنَ ٱلْمَعْرِفَةِ وَٱلْفَهْمِ وَٱلْحِكْمَةِ.
٥ وَمَا ٱلْفَرْقُ بَيْنَ ٱلْمَعْرِفَةِ وَٱلْفَهْمِ وَٱلْحِكْمَةِ؟ تَأَمَّلْ فِي ٱلْإِيضَاحِ ٱلتَّالِي: تَخَيَّلْ أَنَّكَ تَقِفُ فِي مُنْتَصَفِ ٱلطَّرِيقِ، وَإِذَا بِشَاحِنَةٍ تَجْرِي بِٱتِّجَاهِكَ! أَوَّلًا، تُدْرِكُ أَنَّهَا شَاحِنَةٌ، وَهٰذِهِ مَعْرِفَةٌ. ثَانِيًا، تُدْرِكُ أَنَّ ٱلشَّاحِنَةَ سَتَصْدِمُكَ إِذَا بَقِيتَ مَكَانَكَ، وَهٰذَا فَهْمٌ. لِذٰلِكَ، تَقْفِزُ بَعِيدًا عَنْ طَرِيقِهَا، وَهٰذِهِ حِكْمَةٌ. فَلَا عَجَبَ أَنْ يُشَدِّدَ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ٱلْحَاجَةِ إِلَى «حِفْظِ ٱلْحِكْمَةِ ٱلْعَمَلِيَّةِ». فَهِيَ تَحْفَظُنَا أَحْيَاءً. — ام ٣:٢١، ٢٢؛ ١ تي ٤:١٦.
٦ أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ أَرْبَعَةٍ سَنَسْأَلُهَا فِيمَا نَتَفَحَّصُ سَبْعَةً مِنْ أَمْثَالِ يَسُوعَ؟ (اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ.)
٦ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ وَٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنُحَلِّلُ سَبْعَةَ أَمْثَالٍ أَعْطَاهَا يَسُوعُ، طَارِحِينَ ٱلْأَسْئِلَةَ ٱلتَّالِيَةَ: مَاذَا يَعْنِي ٱلْمَثَلُ؟ (هٰذَا يُكْسِبُنَا مَعْرِفَةً.) لِمَ أَعْطَى يَسُوعُ ٱلْمَثَلَ؟ (هٰذَا يُسَاعِدُنَا عَلَى نَيْلِ ٱلْفَهْمِ.) كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْهُ وَنُفِيدُ ٱلْآخَرِينَ أَيْضًا؟ (هٰذِهِ حِكْمَةٌ.) وَأَخِيرًا، مَاذَا يُعَلِّمُنَا ذٰلِكَ عَنْ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ؟
حَبَّةُ ٱلْخَرْدَلِ
٧ مَاذَا يَعْنِي مَثَلُ حَبَّةِ ٱلْخَرْدَلِ؟
٧ اقرأ متى ١٣:٣١، ٣٢. مَاذَا يَعْنِي مَثَلُ حَبَّةِ ٱلْخَرْدَلِ؟ تُمَثِّلُ ٱلْحَبَّةُ رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ وَمَا يَنْتِجُ عَنِ ٱلْمُنَادَاةِ بِهٰذِهِ ٱلرِّسَالَةِ، أَيِ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ. فَمِثْلَ حَبَّةِ ٱلْخَرْدَلِ ٱلَّتِي هِيَ «أَصْغَرُ جَمِيعِ ٱلْبُزُورِ»، كَانَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ صَغِيرَةً جِدًّا فِي بِدَايَاتِهَا سَنَةَ ٣٣ بم. لٰكِنَّهَا مَا لَبِثَتْ أَنْ نَمَتْ فِي غُضُونِ عُقُودٍ قَلِيلَةٍ بِسُرْعَةٍ كَبِيرَةٍ تَفُوقُ ٱلتَّوَقُّعَاتِ. (كو ١:٢٣) وَكَانَ هٰذَا ٱلنُّمُوُّ نَافِعًا جِدًّا لِأَنَّ يَسُوعَ قَالَ إِنَّ «طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ» ٱسْتَطَاعَتْ أَنْ «تَجِدَ مَأْوًى بَيْنَ أَغْصَانِهَا». وَتُمَثِّلُ طُيُورُ ٱلسَّمَاءِ مُسْتَقِيمِي ٱلْقُلُوبِ ٱلَّذِينَ يَجِدُونَ ٱلطَّعَامَ ٱلرُّوحِيَّ وَٱلْحِمَايَةَ وَٱلْمَلْجَأَ فِي كَنَفِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. — قارن حزقيال ١٧:٢٣.
٨ لِمَ أَعْطَى يَسُوعُ مَثَلَ حَبَّةِ ٱلْخَرْدَلِ؟
٨ لِمَ أَعْطَى يَسُوعُ هٰذَا ٱلْمَثَلَ؟ لَقَدِ ٱسْتَخْدَمَ ٱلنُّمُوَّ ٱلْهَائِلَ لِحَبَّةِ ٱلْخَرْدَلِ كَيْ يُوضِحَ تَوَسُّعَ مَصَالِحِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ وَقُدْرَةَ ٱلْمَلَكُوتِ عَلَى تَأْمِينِ ٱلْحِمَايَةِ وَتَخَطِّي كُلِّ ٱلْعَرَاقِيلِ. فَبَدْءًا مِنْ عَامِ ١٩١٤، كَانَ نَمُوُّ ٱلْجُزْءِ ٱلْمَنْظُورِ مِنْ هَيْئَةِ ٱللّٰهِ هَائِلًا. (اش ٦٠:٢٢) وَٱلْمُنْضَمُّونَ إِلَى تِلْكَ ٱلْهَيْئَةِ يَتَمَتَّعُونَ بِحِمَايَةٍ رُوحِيَّةٍ لَا مَثِيلَ لَهَا. (ام ٢:٧؛ اش ٣٢:١، ٢) بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذٰلِكَ، لَمْ تَنْجَحْ أَيَّةُ عَرَاقِيلَ فِي إِيقَافِ ٱلتَّوَسُّعِ ٱلْمُسْتَمِرِّ لِمَصَالِحِ ٱلْمَلَكُوتِ. — اش ٥٤:١٧.
٩ (أ) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مَثَلِ حَبَّةِ ٱلْخَرْدَلِ؟ (ب) مَاذَا يُعَلِّمُنَا ذٰلِكَ عَنْ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ؟
٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذَا ٱلْمَثَلِ؟ لَرُبَّمَا نَسْكُنُ مِنْطَقَةً فِيهَا عَدَدٌ قَلِيلٌ مِنَ ٱلشُّهُودِ أَوْ لَا نَرَى فِيهَا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلنَّتَائِجِ ٱلْفَوْرِيَّةِ لِعَمَلِنَا ٱلْكِرَازِيِّ. وَلٰكِنَّنَا سَنَتَمَكَّنُ مِنَ ٱلثَّبَاتِ وَٱلْمُثَابَرَةِ إِذَا تَذَكَّرْنَا أَنَّ ٱلْمَلَكُوتَ قَادِرٌ عَلَى تَخَطِّي كُلِّ ٱلْعَرَاقِيلِ. مَثَلًا، عِنْدَمَا وَصَلَ ٱلْأَخُ أَدْوِين سْكِينِر إِلَى ٱلْهِنْد عَامَ ١٩٢٦، كَانَ ٱلشُّهُودُ هُنَاكَ يُعَدُّونَ عَلَى ٱلْأَصَابِعِ. فِي ٱلْبِدَايَةِ، كَانَ ٱلنُّمُوُّ بَطِيئًا وَٱلْعَمَلُ بِٱلْكَادِ يَجْرِي. لٰكِنَّهُ وَاظَبَ عَلَى ٱلْكِرَازَةِ وَشَهِدَ بِعَيْنِهِ كَيْفَ تَخَطَّتْ رِسَالَةُ ٱلْمَلَكُوتِ أَضْخَمَ ٱلْعَقَبَاتِ. وَٱلْآنَ، هُنَالِكَ أَكْثَرُ مِنْ ٠٠٠,٣٧ شَاهِدٍ فِي ٱلْهِنْد، وَتَجَاوَزَ عَدَدُ حُضُورِ ٱلذِّكْرَى ٱلسَّنَةَ ٱلْمَاضِيَةَ ٠٠٠,١٠٨ شَخْصٍ. تَأَمَّلْ أَيْضًا كَيْفَ تَوَسَّعَتْ مَصَالِحُ ٱلْمَلَكُوتِ فِي زَامْبِيَا. فَفِي ٱلسَّنَةِ ذَاتِهَا ٱلَّتِي وَصَلَ فِيهَا ٱلْأَخُ سْكِينِر إِلَى ٱلْهِنْد، كَانَ ٱلْعَمَلُ قَدْ بَدَأَ لِتَوِّهِ فِي زَامْبِيَا. وَٱلْيَوْمَ، ثَمَّةَ مَا يَزِيدُ عَنْ ٠٠٠,١٧٠ نَاشِرٍ يَكْرِزُونَ فِي ذٰلِكَ ٱلْبَلَدِ. وَقَدْ حَضَرَ ٱلذِّكْرَى عَامَ ٢٠١٣ مَا مَجْمُوعُهُ ٩١٥,٧٦٣ شَخْصًا، أَيْ ١ مِنْ كُلِّ ١٨ شَخْصًا فِي زَامْبِيَا. فَيَا لَهُ مِنْ نُمُوٍّ مُذْهِلٍ!
اَلْخَمِيرَةُ
١٠ مَاذَا يَعْنِي مَثَلُ ٱلْخَمِيرَةِ؟
١٠ اقرأ متى ١٣:٣٣. مَاذَا يَعْنِي مَثَلُ ٱلْخَمِيرَةِ؟ يَتَنَاوَلُ هٰذَا ٱلْمَثَلُ أَيْضًا رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ وَمَا يَنْتِجُ عَنْهَا. فَكَمِّيَّةُ ٱلطَّحِينِ ٱلَّتِي ٱخْتَمَرَتْ ‹جَمِيعُهَا› تُمَثِّلُ كُلَّ ٱلْأُمَمِ، وَعَمَلِيَّةُ ٱلتَّخْمِيرِ تُشِيرُ إِلَى ٱنْتِشَارِ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ مِنْ خِلَالِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ. وَفِي حِينِ أَنَّ نُمُوَّ حَبَّةِ ٱلْخَرْدَلِ يُمْكِنُ مُلَاحَظَتُهُ بِوُضُوحٍ، لَا يُرَى مَفْعُولُ ٱلْخَمِيرَةِ فِي ٱلْبِدَايَةِ. فَٱلنَّتَائِجُ لَا تَظْهَرُ وَاضِحَةً إِلَّا بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنَ ٱلْوَقْتِ.
١١ لِمَ أَعْطَى يَسُوعُ مَثَلَ ٱلْخَمِيرَةِ؟
١١ لِمَ أَعْطَى يَسُوعُ هٰذَا ٱلْمَثَلَ؟ أَرَادَ يَسُوعُ بِهٰذَا ٱلْمَثَلِ أَنْ يُظْهِرَ قُدْرَةَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ عَلَى بُلُوغِ «أَقْصَى ٱلْأَرْضِ» وَإِحْدَاثِ تَغْيِيرَاتٍ فِي قُلُوبِ ٱلنَّاسِ. (اع ١:٨) غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلتَّغْيِيرَاتِ قَدْ لَا تَكُونُ مَلْحُوظَةً فِي ٱلْبِدَايَةِ. وَلٰكِنْ ثَمَّةَ تَغْيِيرٌ يَحْصُلُ، وَهُوَ لَيْسَ عَدَدِيًّا فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا تَغْيِيرٌ فِي شَخْصِيَّاتِ ٱلَّذِينَ يَقْبَلُونَ هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةَ. — رو ١٢:٢؛ اف ٤:٢٢، ٢٣.
١٢، ١٣ أَيَّةُ أَمْثِلَةٍ تُظْهِرُ أَنَّ ٱنْتِشَارَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ يُشْبِهُ مَفْعُولَ ٱلْخَمِيرَةِ فِي ٱلْعَجِينِ؟
١٢ غَالِبًا مَا يَظْهَرُ تَأْثِيرُ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بَعْدَ سَنَوَاتٍ مِنْ سَمَاعِ ٱلنَّاسِ ٱلرِّسَالَةَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى. خُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ مَا حَصَلَ مَعَ زَوْجَيْنِ ٱسْمُهُمَا فْرَانْتْس وَمَارْجِيت يَخْدُمَانِ حَالِيًّا فِي أَحَدِ مَكَاتِبِ ٱلْفُرُوعِ. فَحِينَ كَانَا فِي مَكْتَبِ فَرْعِ ٱلْبَرَازِيل عَامَ ١٩٨٢، ٱنْخَرَطَا فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ. وَبَدَأَا يَدْرُسَانِ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مَعَ عَدَدٍ مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ، بَيْنَهُمْ أُمٌّ وَأَوْلَادُهَا ٱلْأَرْبَعَةُ. وَكَانَ ٱلِٱبْنُ ٱلْأَكْبَرُ، ٱلْبَالِغُ مِنَ ٱلْعُمْرِ آنَذَاكَ ١٢ سَنَةً، خَجُولًا جِدًّا وَكَثِيرًا مَا ٱخْتَبَأَ قَبْلَ ٱلْبَدْءِ بِٱلدَّرْسِ. ثُمَّ طَرَأَ تَغْيِيرٌ عَلَى تَعْيِينِ ٱلزَّوْجَيْنِ مَنَعَهُمَا مِنْ مُتَابَعَةِ ٱلدَّرْسِ. وَلَمْ يَتَمَكَّنَا مِنْ زِيَارَةِ هٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ إِلَّا بَعْدَ ٢٥ سَنَةً. تَخَيَّلْ فَرْحَتَهُمَا حِينَ وَجَدَا هُنَاكَ قَاعَةَ مَلَكُوتٍ جَدِيدَةً فِيهَا جَمَاعَةٌ مُؤَلَّفَةٌ مِنْ ٦٩ نَاشِرًا، مِنْ ضِمْنِهِمْ ١٣ فَاتِحًا عَادِيًّا! وَمَاذَا عَنِ ٱلصَّبِيِّ ٱلْخَجُولِ؟ إِنَّهُ ٱلْآنَ مُنَسِّقُ هَيْئَةِ ٱلشُّيُوخِ! فَمِثْلَ ٱلْخَمِيرَةِ فِي مَثَلِ يَسُوعَ، نَمَتْ رِسَالَةُ ٱلْمَلَكُوتِ وَغَيَّرَتْ حَيَاةَ كَثِيرِينَ.
١٣ هٰذِهِ ٱلْقُدْرَةُ ٱلْخَفِيَّةُ لِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ عَلَى تَغْيِيرِ ٱلنَّاسِ تَظْهَرُ آثَارُهَا بِوُضُوحٍ خُصُوصًا فِي ٱلْبُلْدَانِ ٱلَّتِي تَحْظُرُ عَمَلَنَا. فَمِنَ ٱلصَّعْبِ أَنْ نَعْرِفَ مَدَى ٱنْتِشَارِ ٱلرِّسَالَةِ فِي بُلْدَانٍ كَهٰذِهِ، وَغَالِبًا مَا نَتَفَاجَأُ بِٱلنَّتَائِجِ. إِلَيْكَ مَثَلًا مَا حَدَثَ فِي كُوبَا ٱلَّتِي وَصَلَتْ إِلَيْهَا رِسَالَةُ ٱلْمَلَكُوتِ عَامَ ١٩١٠ وَزَارَهَا ٱلْأَخُ رَصِل عَامَ ١٩١٣. فَفِي ٱلْبِدَايَةِ، كَانَ ٱلنُّمُوُّ فِي ذٰلِكَ ٱلْبَلَدِ بَطِيئًا. أَمَّا ٱلْيَوْمَ فَهُنَالِكَ أَكْثَرُ مِنْ ٠٠٠,٩٦ نَاشِرٍ يَكْرِزُونَ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. وَقَدْ حَضَرَ ٱلذِّكْرَى سَنَةَ ٢٠١٣ مَا مَجْمُوعُهُ ٧٢٦,٢٢٩ شَخْصًا، أَيْ ١ مِنْ كُلِّ ٤٨ مِنْ سُكَّانِ كُوبَا. حَتَّى فِي ٱلْبُلْدَانِ ٱلَّتِي لَا حَظْرَ فِيهَا، تَبْلُغُ رِسَالَةُ ٱلْمَلَكُوتِ مَنَاطِقَ يَعْتَقِدُ ٱلشُّهُودُ ٱلْمَحَلِّيُّونَ أَنَّ ٱلْبِشَارَةَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَنْتَشِرَ فِيهَا.a — جا ٨:٧؛ ١١:٥.
١٤، ١٥ (أ) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مَثَلِ ٱلْخَمِيرَةِ؟ (ب) مَاذَا يُعَلِّمُنَا ذٰلِكَ عَنْ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ؟
١٤ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذَا ٱلْمَثَلِ؟ عِنْدَمَا نَتَأَمَّلُ فِي مَعْنَى مَثَلِ يَسُوعَ، نُدْرِكُ أَنَّهُ لَا دَاعِيَ أَنْ يُقْلِقَنَا بِإِفْرَاطٍ كَيْفَ سَتَبْلُغُ رِسَالَةُ ٱلْمَلَكُوتِ مَلَايِينَ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوهَا بَعْدُ. فَيَهْوَهُ يُمْسِكُ بِزِمَامِ ٱلْأُمُورِ. وَمَا هُوَ دَوْرُنَا نَحْنُ؟ تُجِيبُ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ: «فِي ٱلصَّبَاحِ ٱزْرَعْ زَرْعَكَ، وَإِلَى ٱلْمَسَاءِ لَا تُرِحْ يَدَكَ؛ لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُ أَيُّهُمَا يَنْجَحُ، أَهٰذَا ٱلْمَزْرُوعُ هُنَا أَمْ ذَاكَ ٱلْمَزْرُوعُ هُنَاكَ، أَمْ يَكُونُ كِلَاهُمَا جَيِّدَيْنِ عَلَى ٱلسَّوَاءِ». (جا ١١:٦) وَطَبْعًا، يَجِبُ أَنْ نُصَلِّيَ دَائِمًا إِلَى ٱللّٰهِ كَيْ يُبَارِكَ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي ٱلْبُلْدَانِ ٱلَّتِي تَحْظُرُ عَمَلَنَا. — اف ٦:١٨-٢٠.
١٥ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ، لَا يَجِبُ أَنْ نَتَثَبَّطَ إِذَا لَمْ نَرَ نَتَائِجَ فَوْرِيَّةً لِعَمَلِنَا. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ نَحْتَقِرَ أَبَدًا «يَوْمَ ٱلْأُمُورِ ٱلصَّغِيرَةِ». (زك ٤:١٠) فَرُبَّمَا تَكُونُ ٱلنَّتَائِجُ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ أَعْظَمَ وَأَحْسَنَ بِكَثِيرٍ مِمَّا تَوَقَّعْنَا. — مز ٤٠:٥؛ زك ٤:٧.
اَلتَّاجِرُ ٱلْجَائِلُ وَٱلْكَنْزُ ٱلْمُخْفَى
١٦ مَاذَا يَعْنِي مَثَلَا ٱلتَّاجِرِ ٱلْجَائِلِ وَٱلْكَنْزِ ٱلْمُخْفَى؟
١٦ اقرأ متى ١٣:٤٤-٤٦. مَاذَا يَعْنِي مَثَلَا ٱلتَّاجِرِ ٱلْجَائِلِ وَٱلْكَنْزِ ٱلْمُخْفَى؟ فِي زَمَنِ يَسُوعَ، كَانَ بَعْضُ ٱلتُّجَّارِ يَصِلُونَ فِي أَسْفَارِهِمْ إِلَى ٱلْمُحِيطِ ٱلْهِنْدِيِّ لِيَحْصُلُوا عَلَى أَحْسَنِ ٱللَّآلِئِ. وَيُمَثِّلُ ٱلتَّاجِرُ فِي هٰذَا ٱلْمَثَلِ مُسْتَقِيمِي ٱلْقُلُوبِ ٱلَّذِينَ يُضَحُّونَ بِٱلْغَالِي وَٱلنَّفِيسِ لِسَدِّ حَاجَتِهِمِ ٱلرُّوحِيَّةِ. أَمَّا ‹ٱللُّؤْلُؤَةُ ٱلْوَاحِدَةُ ٱلْعَظِيمَةُ ٱلْقِيمَةِ› فَهِيَ حَقُّ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلثَّمِينُ. وَإِذْ أَدْرَكَ ٱلتَّاجِرُ قِيمَتَهَا، كَانَ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِيَبِيعَ «فِي ٱلْحَالِ» كُلَّ مَا لَهُ لِيَشْتَرِيَهَا. كَمَا تَحَدَّثَ يَسُوعُ عَنْ إِنْسَانٍ آخَرَ وَجَدَ كَنْزًا «مُخْفًى» وَهُوَ يَعْمَلُ فِي ٱلْحَقْلِ. فَبِعَكْسِ ٱلتَّاجِرِ، لَمْ يَكُنْ هٰذَا ٱلرَّجُلُ يَبْحَثُ عَنِ ٱلْكَنْزِ. لٰكِنَّ ٱلْقَاسِمَ ٱلْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلتَّاجِرِ هُوَ أَنَّ كِلَيْهِمَا كَانَ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِيَبِيعَ «مَا لَهُ» كَيْ يَحْصُلَ عَلَى مُبْتَغَاهُ ٱلثَّمِينِ.
١٧ لِمَ أَعْطَى يَسُوعُ مَثَلَ ٱلتَّاجِرِ ٱلْجَائِلِ وَمَثَلَ ٱلْكَنْزِ ٱلْمُخْفَى؟
١٧ لِمَ أَعْطَى يَسُوعُ هٰذَيْنِ ٱلْمَثَلَيْنِ؟ كَانَ هَدَفُ يَسُوعَ أَنْ يُظْهِرَ أَنَّ ٱلنَّاسَ يَجِدُونَ ٱلْحَقَّ بِطَرَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ. فَبَعْضُهُمْ يَبْحَثُ عَنْهُ وَيُضَحِّي أَعْظَمَ ٱلتَّضْحِيَاتِ فِي سَبِيلِ إِيجَادِهِ. أَمَّا آخَرُونَ فَيَجِدُونَهُ دُونَ ٱلْبَحْثِ عَنْهُ، رُبَّمَا مِنْ خِلَالِ أَحَدِ ٱلْكَارِزِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ. وَلٰكِنْ مَهْمَا كَانَتِ ٱلْحَالَةُ، فَقَدْ قَدَّرَ كُلٌّ مِنَ ٱلرَّجُلَيْنِ فِي مَثَلَيْ يَسُوعَ قِيمَةَ مَا وَجَدَهُ وَكَانَ عَلَى ٱسْتِعْدَادٍ لِلتَّضْحِيَةِ بِأَغْلَى مَا عِنْدَهُ لِيَحْصُلَ عَلَيْهِ.
١٨ (أ) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذَيْنِ ٱلْمَثَلَيْنِ؟ (ب) مَاذَا يُعَلِّمُنَا ذٰلِكَ عَنْ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ؟
١٨ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذَيْنِ ٱلْمَثَلَيْنِ؟ (مت ٦:١٩-٢١) اِسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹هَلْ أَتَحَلَّى بِمَوْقِفِ هٰذَيْنِ ٱلرَّجُلَيْنِ؟ هَلْ أُقَدِّرُ ٱلْحَقَّ وَأَعْتَبِرُهُ كَنْزًا ثَمِينًا؟ هَلْ أَنَا مُسْتَعِدٌّ لِبَذْلِ ٱلتَّضْحِيَاتِ لِأَحْصُلَ عَلَيْهِ، أَمْ أَسْمَحُ لِأَشْيَاءَ أُخْرَى كَمَشَاغِلِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْيَوْمِيَّةِ بِأَنْ تُلْهِيَنِي عَنْهُ؟›. (مت ٦:٢٢-٢٤، ٣٣؛ لو ٥:٢٧، ٢٨؛ في ٣:٨) أَبْقِ فِي بَالِكَ أَنَّهُ كُلَّمَا كَانَ فَرَحُنَا بِإِيجَادِ ٱلْحَقِّ كَبِيرًا، قَوِيَ تَصْمِيمُنَا عَلَى إِعْطَائِهِ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ فِي حَيَاتِنَا.
١٩ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٩ فَلْنُظْهِرْ جَمِيعًا أَنَّنَا نَسْمَعُ وَنَفْهَمُ حَقًّا مَعْنَى هٰذِهِ ٱلْأَمْثَالِ. وَلْنَتَذَكَّرْ أَنَّ مَعْرِفَةَ مَعَانِيهَا لَا تَكْفِي، بَلْ يَلْزَمُنَا أَيْضًا تَطْبِيقُ ٱلدُّرُوسِ ٱلَّتِي نَتَعَلَّمُهَا مِنْهَا. وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنَتَأَمَّلُ فِي ثَلَاثَةِ أَمْثَالٍ إِضَافِيَّةٍ وَنَسْتَمِدُّ مِنْهَا دُرُوسًا أُخْرَى.
a حَصَلَتِ ٱخْتِبَارَاتٌ مُمَاثِلَةٌ فِي بُلْدَانٍ مِثْلِ ٱلْأَرْجِنْتِين (اَلْكِتَابُ ٱلسَّنَوِيُّ ٢٠٠١، ٱلرَّسْمُ ٱلْبَيَانِيُّ فِي ٱلصَّفْحَةِ ١٨٦)، أَلْمَانِيَا ٱلشَّرْقِيَّةِ (اَلْكِتَابُ ٱلسَّنَوِيُّ ١٩٩٩، ٱلصَّفْحَةُ ٨٣)، بَابْوَا غِينْيَا ٱلْجَدِيدَةِ (اَلْكِتَابُ ٱلسَّنَوِيُّ ٢٠٠٥، ٱلصَّفْحَةُ ٦٣)، وَجَزِيرَةِ رُوبِنْسُون كْرُوزُو (بُرْجُ ٱلْمُرَاقَبَةِ، ١٥ حَزِيرَانَ [يُونْيُو] ٢٠٠٠، ٱلصَّفْحَةُ ٩).