مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «يَعْقُوب»‏
  • يَعْقُوب

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • يَعْقُوب
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • يعقوب رجل قدَّر القِيَم الروحية
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٣
  • يعقوب وعيسو يتصالحان
    دروس من قصص الكتاب المقدس
  • توأمان كانا مختلفين
    كتابي لقصص الكتاب المقدس
  • اسئلة من القراء
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٧
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «يَعْقُوب»‏

يَعْقُوب

‏[ممسك بالعقب؛‏ من يعقِب]:‏

١-‏ ابن اسحاق ورفقة،‏ وهو اصغر من اخيه التوأم عيسو.‏ وقد انجب والدا يعقوب توأميهما الوحيدين هذين سنة ١٨٥٨ ق‌م بعد مضي ٢٠ سنة على زواجهما.‏ كان اسحاق آنذاك بعمر ٦٠ سنة.‏ وهكذا،‏ على غرار ابراهيم،‏ لم تُستجب صلوات اسحاق من اجل انجاب ذرية إلا بعدما امتُحن كاملا صبره وإيمانه بوعود اللّٰه.‏ —‏ تك ٢٥:‏​٢٠،‏ ٢١،‏ ٢٦؛‏ رو ٩:‏​٧-‏١٠‏.‏

تضايقت رفقة خلال الحمل لأن التوأمين تصارعا داخل رحمها.‏ وقد فسر لها يهوه معنى ذلك بأنه بداية امتين متنازعتين.‏ وذكر ايضا انه خلافا لما هو معهود،‏ سيخدم الابن الكبير اخاه الصغير.‏ انسجاما مع هذا الامر،‏ كان يعقوب الذي وُلد بعد عيسو قابضا على عقب اخيه عند الولادة.‏ ومن هنا اتى الاسم يعقوب الذي يعني «ممسك بالعقب».‏ (‏تك ٢٥:‏​٢٢-‏٢٦‏)‏ وهكذا،‏ اظهر يهوه ان باستطاعته معرفة الميل الوراثي للجنين غير المولود وأن بإمكانه استخدام معرفته المسبقة وحقه في ان يختار مسبقا الشخص الذي يحقق مقاصده،‏ غير انه لا يقدّر ابدا للافراد مصيرهم النهائي.‏ —‏ رو ٩:‏​١٠-‏١٢؛‏ هو ١٢:‏٣‏.‏

بالتباين مع ابن اسحاق المفضل عيسو،‏ الذي كان صيادا لا يهدأ يحب التجوال وجوب البراري،‏ يوصف يعقوب بأنه ‹انسان بلا لوم [بالعبرانية،‏ تام‏] يسكن الخيام›،‏ انسان يعيش حياة الرعاة الهادئة ويُتكل عليه في الاهتمام بالشؤون المنزلية،‏ وقد كانت امه تكن له محبة خصوصية.‏ (‏تك ٢٥:‏​٢٧،‏ ٢٨‏)‏ والكلمة العبرانية تام تُستخدم في اماكن اخرى لتصف الحائزين على رضى اللّٰه.‏ على سبيل المثال،‏ يُذكر ان ‹المتعطشين الى الدم يبغضون من هو بريء من اللوم›،‏ لكن يهوه يؤكد ان «عاقبة [من لا لوم عليه] سلام».‏ (‏ام ٢٩:‏١٠؛‏ مز ٣٧:‏٣٧‏)‏ وقد كان ايوب الذي حافظ على استقامته رجلا ‹بلا لوم [بالعبرانية،‏ تام‏] ومستقيما›.‏ —‏ اي ١:‏​١،‏ ٨؛‏ ٢:‏٣‏.‏

يحصل على البكورية والبركة:‏ مات ابراهيم سنة ١٨٤٣ ق‌م حين كان حفيده يعقوب بعمر ١٥ سنة.‏ لذلك حظي هذا الاخير بفرصة كافية ليسمع من جده مباشرة عن العهد الذي قطعه اللّٰه بقسم.‏ كما سمع عن هذا العهد من ابيه ايضا.‏ (‏تك ٢٢:‏​١٥-‏١٨‏)‏ ادرك يعقوب ان المساهمة في اتمام تلك الوعود الالهية هي امتياز عظيم.‏ وقد سنحت له الفرصة اخيرا ليتمكن بطريقة شرعية من شراء البكورية من اخيه مع كل ما يرتبط بها.‏ (‏تث ٢١:‏​١٥-‏١٧‏)‏ حدث ذلك حين اتى عيسو ذات يوم من الحقل متعبا وشمّ رائحة الطبيخ اللذيذ الذي اعده اخوه يعقوب.‏ فقال له:‏ «ارجوك،‏ اسرع وأعطني شيئا ألتهمه من هذا الاحمر،‏ هذا الاحمر هناك،‏ لأني متعب!‏».‏ فأجابه يعقوب:‏ «بعني اولا بكوريتك!‏».‏ ولأن ‹عيسو احتقر البكورية›،‏ تمت عملية البيع بسرعة وثُبتت بقسم.‏ (‏تك ٢٥:‏​٢٩-‏٣٤؛‏ عب ١٢:‏١٦‏)‏ وقد كانت هذه اسبابا كافية ليقول يهوه:‏ «احببت يعقوب وأبغضت عيسو».‏ —‏ رو ٩:‏١٣؛‏ مل ١:‏​٢،‏ ٣‏.‏

هل كان من اللائق ان ينتحل يعقوب شخصية عيسو؟‏

عندما شاخ اسحاق واعتقد انه مشرف على الموت،‏ ارسل عيسو ليتصيد له صيدا قائلا له:‏ «جئني به فآ‌كل،‏ لكي تباركك نفسي قبل ان اموت».‏ غير ان رفقة سمعت الحديث وبعثت يعقوب فورا ليجلب جديين من المعزى،‏ وذلك لكي تحضّر طبقا لذيذا لإسحاق.‏ وقالت ليعقوب:‏ «تجيء به الى ابيك ويأكل،‏ لكي يباركك قبل موته».‏ حتى انها وضعت على يدي يعقوب ورقبته جلود الجديين ليظن اسحاق حين يجسه انه عيسو.‏ وعندما ادخل يعقوب الطعام الى ابيه،‏ سأله اسحاق:‏ «من انت يا ابني؟‏».‏ فأجابه يعقوب:‏ «انا عيسو بكرك».‏ لقد كان يعقوب يعرف حق المعرفة انه مخول من الناحية الشرعية ان يأخذ مكان عيسو،‏ ابن اسحاق البكر.‏ وحين جس اسحاق يعقوب ليتأكد من انه حقا عيسو،‏ قال:‏ «الصوت صوت يعقوب،‏ ولكن اليدين يدا عيسو».‏ مع ذلك،‏ نجح الامر و «بارك» اسحاق يعقوب،‏ كما تقول الرواية.‏ (‏تك ٢٧:‏​١-‏٢٩‏)‏ فهل كان تصرف رفقة ويعقوب صائبا؟‏

ما من شك ابدا ان البركة كانت تحق ليعقوب.‏ فقبل ولادة التوأمين،‏ قال يهوه لرفقة:‏ «الكبير يخدم الصغير».‏ (‏تك ٢٥:‏٢٣‏)‏ ولاحقا،‏ باع عيسو بكوريته ليعقوب لقاء طاس من العدس فقط،‏ وقد دفعته الى ذلك الميول التي رآها يهوه مسبقا عنده والتي جعلته يحب يعقوب اكثر منه.‏ —‏ تك ٢٥:‏​٢٩-‏٣٤‏.‏

لا تذكر رواية الكتاب المقدس مدى معرفة اسحاق لهذه الدلائل التي تشير الى الشخص الذي تحق له البركة.‏ كما اننا لا نعرف بالضبط السبب الذي جعل رفقة ويعقوب يعالجان المسألة بتلك الطريقة،‏ فكل ما نعرفه هو انهما كليهما كانا يعلمان ان يعقوب هو الذي يستحق البركة.‏ فيعقوب لم يدّع بخبث انه عيسو لكي يحوز امرا ليس من حقه.‏ كما ان الكتاب المقدس لا يدين ما قامت به رفقة ويعقوب.‏ فقد حصل يعقوب على البركة التي تحق له.‏ وإسحاق نفسه رأى بوضوح ان مشيئة يهوه قد تمت.‏ فبُعيد هذه الحادثة،‏ وحين ارسل يعقوب الى حاران ليأخذ زوجة من هناك،‏ باركه مرة اخرى وقال له بالتحديد:‏ «اللّٰه القادر على كل شيء .‏ .‏ .‏ يعطيك بركة ابراهيم».‏ (‏تك ٢٨:‏​٣،‏ ٤‏؛‏ قارن عب ١١:‏٢٠‏.‏)‏ بناء على ذلك،‏ نستنتج على نحو صائب ان ما آل اليه الامر منسجم مع قصد يهوه.‏ والكتاب المقدس يذكر بوضوح الدرس الذي ينبغي ان نستخلصه من هذه الرواية،‏ اذ يحذرنا ان ننتبه «لئلا يكون احد عاهرا او غير مقدر للامور المقدسة،‏ كعيسو الذي تخلى عن بكوريته مقابل اكلة واحدة».‏ —‏ عب ١٢:‏١٦‏.‏

يعقوب يرحل الى فدان ارام:‏ (‏الخريطة في المجلد ١،‏ ص X‏)‏ كان يعقوب في الـ‍ ٧٧ من عمره حين رحل من بئر سبع الى ارض آبائه،‏ حيث امضى الـ‍ ٢٠ سنة التالية من حياته.‏ (‏تك ٢٨:‏١٠؛‏ ٣١:‏٣٨‏)‏ وبعدما سافر مسافة ١٠٠ كلم (‏٦٢ ميلا)‏ تقريبا في الاتجاه الشمالي-‏الشمالي الشرقي،‏ توقف ليبيت الليلة في لوز (‏بيت ايل)‏ في منطقة التلال بيهوذا واستخدم حجرا كوسادة لرأسه.‏ وفي تلك الليلة رأى يعقوب في احلامه سلما او درجا يبلغ السماء وعليه ملائكة صاعدة ونازلة،‏ ورأى يهوه واقفا على رأس السلم.‏ وقد ثبت يهوه آنذاك ليعقوب العهد الالهي الذي قُطع مع ابراهيم وإسحاق.‏ —‏ تك ٢٨:‏​١١-‏١٣؛‏ ١ اخ ١٦:‏​١٦،‏ ١٧‏.‏

بموجب هذا العهد،‏ وعد يهوه يعقوب انه سيهتم به ويحفظه ولن يتخلى عنه الى ان يعطيه الارض التي كان مضطجعا عليها،‏ وإلى ان يصبح نسله كتراب الارض لكثرة عدده.‏ وقال له ايضا:‏ «تتبارك بك وبنسلك جميع عشائر الارض».‏ (‏تك ٢٨:‏​١٣-‏١٥‏)‏ حين ادرك يعقوب كاملا مغزى ما حدث معه خلال الليل،‏ هتف قائلا:‏ «ما ارهب هذا المكان!‏ ما هذا إلا بيت اللّٰه».‏ لذلك غير اسم المكان من لوز الى بيت ايل،‏ وهو اسم معناه «بيت اللّٰه».‏ وأقام نصبا مسحه ليكون شاهدا على تلك الاحداث البالغة الاهمية.‏ كما نذر ان يقدم ليهوه عُشرا من كل شيء يحصل عليه،‏ تعبيرا منه عن الشكر للّٰه الذي وعد ان يمده بالدعم والمساعدة.‏ —‏ تك ٢٨:‏​١٦-‏٢٢‏.‏

فيما كان يعقوب مرتحلا،‏ التقى اخيرا راحيل ابنة خاله لابان في جوار حاران،‏ ودعاه خاله الى المكوث عندهم.‏ وقع يعقوب في حب راحيل وعقد اتفاقا مع ابيها ان يعمل عنده سبع سنين مقابل الزواج منها.‏ فمرت تلك السنوات «كأيام قليلة» في عيني يعقوب لأنه احب راحيل حبا شديدا.‏ ولكن في ليلة الزفاف،‏ استُبدلت راحيل بطريقة مخادعة بأختها الكبرى ليئة،‏ وبرر لابان الامر بقوله:‏ «ليس من العادة .‏ .‏ .‏ ان تُعطى الصغرى قبل البكر».‏ وبعد ان امضى يعقوب اسبوعا مع ليئة احتفالا بهذا الزواج،‏ اعطاه لابان ابنته راحيل زوجة متفقا معه ان يعمل عنده سبع سنين اخرى لقاء ذلك.‏ وأعطى لابان ايضا ابنتيه جاريتين:‏ زلفة لليئة وبلهة لراحيل.‏ —‏ تك ٢٩:‏​١-‏٢٩؛‏ هو ١٢:‏١٢‏.‏

بدأ يهوه بتأسيس امة عظيمة من خلال زواج يعقوب بليئة وراحيل.‏ فقد انجبت له ليئة اربعة ابناء على التوالي:‏ رأوبين وشمعون ولاوي ويهوذا.‏ وحين رأت راحيل انها عاقر،‏ اعطت جاريتها بلهة ليعقوب ورُزقت منها بابنَين هما دان ونفتالي.‏ في ذلك الوقت،‏ كانت ليئة متوقفة عن الولادة.‏ فأعطت هي ايضا جاريتها زلفة ليعقوب وحصلت بواسطة هذه العلاقة على ابنَين هما جاد وأشير.‏ عادت ليئة تنجب من جديد،‏ فولدت اولا يساكر يليه زبولون،‏ ثم ولدت ابنة سمتها دينة.‏ اما راحيل فقد حملت اخيرا وأنجبت يوسف.‏ نتيجة لذلك،‏ بورك يعقوب بأولاد كثيرين خلال فترة قصيرة نسبيا دامت ٧ سنين.‏ —‏ تك ٢٩:‏٣٠–‏٣٠:‏٢٤‏.‏

يعقوب يغتني قبل مغادرة حاران:‏ حين تمم يعقوب الاتفاقية التي عمل بموجبها ١٤ سنة لقاء حصوله على زوجتيه،‏ كان يتوق الى العودة الى موطنه.‏ غير ان لابان،‏ الذي لاحظ كيف باركه يهوه بسبب يعقوب،‏ اصر ان يستمر هذا الاخير في الاشراف على غنمه،‏ حتى انه سأله ان يعيّن الاجرة التي يريدها.‏ كانت الخراف والمعزى في تلك البقعة من العالم ذات لون واحد بشكل عام:‏ الخراف بيضاء والمعزى سوداء.‏ لذلك طلب يعقوب ان يُعطى فقط الخراف والمعزى التي ليست بلون واحد او التي ألوانها غير مألوفة،‏ اي كل المعزى التي فيها بياض وكل الخراف الدكناء اللون.‏ فوافق لابان على ذلك.‏ وليخفض اجرة يعقوب قدر المستطاع،‏ عمل بموجب اقتراح هذا الاخير وعزل من الغنم كل المعزى المخططة والرقطاء والبلقاء وكل الحملان الدكناء اللون.‏ وسلّمها لبنيه لكي يهتموا بها،‏ حتى انه جعل مسيرة ثلاثة ايام بينهم وبين يعقوب ليحول دون حدوث اي تزاوج بين القطيعين.‏ وكان يعقوب سيأخذ فقط الخراف والمعزى ذات الالوان غير المألوفة التي ستولد في المستقبل.‏ —‏ تك ٣٠:‏​٢٥-‏٣٦‏.‏

وهكذا،‏ بدأ يعقوب يرعى فقط الخراف البيضاء والمعزى السوداء.‏ غير انه عمل بجد وفعل ما ظن انه سيزيد عدد الحيوانات التي ليست بلون واحد او التي ألوانها غير مألوفة.‏ فقد أخذ قضبانا خضراء من اشجار اللبنى واللوز والدلب وقشّر لحاءها بحيث بدت مقلمة وفيها بقع بيضاء.‏ ثم وضعها في الاجران في مساقي مياه الحيوانات معتقدا كما يبدو انه في حال تطلعت الحيوانات الى هذه القضبان اثناء اشتداد شهوتها للتزاوج،‏ فإن ذلك سيؤثر في النسل الذي ستنتجه بحيث يكون عند الولادة مرقشا او ألوانه غير مألوفة.‏ وحرص يعقوب ايضا على وضع القضبان في المساقي فقط عندما تشتد شهوة الحيوانات القوية البنية للتزاوج.‏ —‏ تك ٣٠:‏​٣٧-‏٤٢‏.‏

وماذا كانت النتيجة؟‏ ولد الغنم نسلا ألوانه غير مألوفة او ليس بلون واحد.‏ وهكذا فإن الحيوانات التي كانت بمثابة اجرة ليعقوب فاقت في العدد حيوانات لابان ذات اللون الواحد.‏ ولأن يعقوب حصل على النتائج المرجوة،‏ ظن على الارجح ان مرد ذلك الى الخطة التي استعمل فيها قضبانا مخططة.‏ ولا شك ان فكرته هذه شبيهة بالاعتقاد الخاطئ الشائع بين الكثيرين من الناس،‏ والقائل ان لهذه الامور تأثيرا على النسل.‏ لكن يعقوب رأى حلما اخبره فيه خالقه شيئا مختلفا.‏

عرف يعقوب في الحلم ان ثمة مبادئ لها علاقة بالتركيب الوراثي كانت السبب في نجاحه وأن لا علاقة للقضبان بالامر.‏ صحيح انه كان يرعى الحيوانات ذات اللون الواحد فقط،‏ لكن الرؤيا كشفت ان التيوس كانت مخططة ورقطاء ومنمرة.‏ فكيف يُعقل هذا؟‏ يبدو ان التيوس كانت هجينة رغم انها ذات لون واحد،‏ وذلك نتيجة التزاوج بين غنم لابان قبل البدء بإعطاء اجرة ليعقوب.‏ لذلك،‏ احتوت الخلايا التناسلية لبعض هذه الحيوانات على العوامل الوراثية التي ادت الى ولادة اجيال لاحقة من الحيوانات المرقطة والمنمرة،‏ انسجاما مع قوانين الوراثة التي اكتشفها ڠريڠور مندل في القرن التاسع عشر.‏ —‏ تك ٣١:‏​١٠-‏١٢‏.‏

خلال السنوات الست التي عمل فيها يعقوب بموجب هذه الاتفاقية،‏ باركه يهوه كثيرا وجعله ينعم بالازدهار.‏ فقد زاد له عدد غنمه وأيضا عدد خدمه وجماله وحميره،‏ رغم ان لابان ظل يغير الاجرة المتفق عليها.‏ وفي آخر الامر،‏ امر «اله بيت ايل» يعقوب بالعودة الى ارض الموعد.‏ —‏ تك ٣٠:‏٤٣؛‏ ٣١:‏​١-‏١٣،‏ ٤١‏.‏

يعود الى ارض الموعد:‏ خاف يعقوب ان يحاول لابان مجددا منعه من ترك العمل عنده.‏ لذلك اخذ سرا زوجاته وأولاده وكل ممتلكاته وعبر نهر الفرات متجها الى كنعان.‏ ومن المرجح ان يعقوب كان يرعى غنمه قرب نهر الفرات حين عزم على الرحيل،‏ كما تُظهر الآية في التكوين ٣١:‏​٤،‏ ٢١‏.‏ اما لابان فكان قد ذهب ليجز غنمه ولم يعلم برحيل يعقوب إلا بعد ثلاثة ايام.‏ وربما انتظر ايضا بعض الوقت حتى انتهى من جز غنمه والقيام بالاستعدادات اللازمة قبل ان يسعى وراء يعقوب برفقة رجاله.‏ وقد اتاح ذلك ليعقوب متسعا من الوقت ليسوق قطعانه السائرة ببطء نحو منطقة جلعاد الجبلية،‏ قاطعا من حاران مسافة لا تقل عن ٥٦٠ كلم (‏٣٥٠ ميلا)‏ قبل ان يلحق به لابان.‏ لكن كان بإمكان لابان ورجال عائلته ان يقطعوا هذه المسافة بسهولة خلال سبعة ايام على ظهر جمال يسوقونها بخطى حثيثة.‏ —‏ تك ٣١:‏​١٤-‏٢٣‏.‏

عندما وجدهم لابان مخيمين على بعد بضعة كيلومترات شمال وادي يبوق،‏ طلب من يعقوب ان يفسر له امرَين:‏ لماذا رحل دون السماح له بتوديع وتقبيل اولاده وأحفاده،‏ ولماذا سرق آلهته.‏ (‏تك ٣١:‏​٢٤-‏٣٠‏)‏ كان جواب يعقوب عن الاستفسار الاول واضحا الى حد ما،‏ فقد خاف ان يمنعه لابان من الرحيل؛‏ اما بالنسبة الى السرقة فإن يعقوب لم يكن على علم بأمرها.‏ ولم يكتشف لابان حين بحث عن آلهته ان راحيل هي التي سرقت ترافيم العائلة وخبأتها في حداجة الجمل التي كانت جالسة عليها.‏ —‏ تك ٣١:‏​٣١-‏٣٥‏.‏

وأحد التفسيرات لتصرفات راحيل وقلق لابان هو ما يلي:‏ «ان امتلاك آلهة العائلة يجعل من الشخص الوريث الشرعي،‏ الامر الذي يفسر حرص لابان على استعادة تلك الآلهة من يعقوب،‏ كما يتضح في التكوين ٣١:‏٢٦ والاعداد التي تلي».‏ —‏ نصوص الشرق الادنى القديمة،‏ تحرير ج.‏ ب.‏ پريتشارد،‏ ١٩٧٤،‏ ص ٢٢٠،‏ حاشية ٥١.‏

انتهت الخصومة بين يعقوب ولابان بسلام.‏ وأقام يعقوب نصبا حجريا،‏ ثم صنع كومة من الحجارة شهدت طوال سنوات عديدة على عهد السلام الذي قطعاه عندما ذبحا ذبيحة وتناولا وليمة معا.‏ وأُطلق على كومة الحجارة هذه الاسم جلعيد (‏الذي يعني «كومة الشهادة»)‏ والاسم برج المراقبة.‏ —‏ تك ٣١:‏​٣٦-‏٥٥‏.‏

كان يعقوب مهتما الآن بمسالمة اخيه عيسو الذي لم يره منذ اكثر من ٢٠ سنة.‏ وليسكّن اي شعور بالضغينة ربما كان اخوه لا يزال يضمره تجاهه،‏ ارسل الى عيسو هدايا ثمينة:‏ مئات من المعزى والخراف والكثير من الجمال والحمير ورؤوس البقر.‏ (‏تك ٣٢:‏​٣-‏٢١‏)‏ لقد هرب يعقوب من كنعان وهو يكاد لا يملك شيئا،‏ لكنه عاد اليها رجلا غنيا بسبب بركة يهوه.‏

لماذا جعل الملاك يعقوب يعرج خلال مصارعته معه؟‏

خلال الليلة التي عبر فيها يعقوب وأهل بيته مخاضة يبوق سائرين باتجاه الجنوب لملاقاة عيسو،‏ حدث مع يعقوب امر غريب للغاية.‏ فقد تصارع مع ملاك.‏ وبسبب مثابرته خلال تلك المصارعة،‏ غُير اسمه الى اسرائيل الذي يعني «مجاهد (‏مثابر)‏ مع اللّٰه؛‏ او:‏ اللّٰه يجاهد».‏ (‏تك ٣٢:‏​٢٢-‏٢٨‏)‏ ومنذ تلك الحادثة،‏ غالبا ما يرد هذان الاسمان الواحد مقابل الآخر في اسلوب التوازي المستخدم في الشعر العبراني.‏ (‏مز ١٤:‏٧؛‏ ٢٢:‏٢٣؛‏ ٧٨:‏​٥،‏ ٢١،‏ ٧١؛‏ ١٠٥:‏​١٠،‏ ٢٣‏)‏ اثناء هذه المصارعة،‏ لمس الملاك حُق ورك يعقوب فبات يعرج طوال حياته.‏ وربما كان هدف الملاك ان يعلّم يعقوب التواضع.‏ وكان ذلك مذكرا دائما له لكيلا يترفع كثيرا على الآخرين لأن اللّٰه انعم عليه بالازدهار او لأنه تصارع مع ملاك.‏ وإحياء لذكرى هذه الاحداث البالغة الاهمية،‏ دعا يعقوب اسم المكان فنيئيل او فنوئيل.‏ —‏ تك ٣٢:‏​٢٥،‏ ٣٠-‏٣٢‏.‏

بعد اللقاء الودي بين عيسو ويعقوب،‏ ذهب التوأمان،‏ اللذان كانا آنذاك بعمر ٩٧ سنة،‏ كل في طريقه.‏ ويُحتمل انهما لم يلتقيا ثانية إلا حين دفنا معا اباهما اسحاق بعد حوالي ٢٣ سنة.‏ وقد ذهب عيسو جنوبا الى سعير ومعه هدايا اخيه في حين اتجه يعقوب شمالا ليعبر يبوق مجددا.‏ —‏ تك ٣٣:‏​١-‏١٧؛‏ ٣٥:‏٢٩‏.‏

العيش كغريب طوال الـ‍ ٣٣ سنة التالية:‏ سكن يعقوب في سكوت بعدما افترق عن عيسو.‏ وهو اول مكان يمكث فيه فترة من الوقت بعد الرجوع من فدان ارام.‏ صحيح ان السجل لا يذكر طول فترة اقامة يعقوب هناك،‏ لكنها ربما امتدت سنوات عديدة لأنه بنى بيتا وصنع ايضا مظال او مرابض مسقوفة لمواشيه.‏ —‏ تك ٣٣:‏١٧‏.‏

ارتحل يعقوب بعد ذلك غربا عبر نهر الاردن الى جوار شكيم،‏ حيث اشترى قطعة ارض من بني حمور «بمئة قطعة من المال [بالعبرانية،‏ قِسيطاه‏]».‏ (‏تك ٣٣:‏​١٨-‏٢٠؛‏ يش ٢٤:‏٣٢‏)‏ ان قيمة هذه الوحدة المالية القديمة،‏ قِسيطاه،‏ ليست معروفة اليوم.‏ غير ان مئة قِسيطاه كانت تعادل كمية كبيرة من الفضة لها وزن محدد،‏ اذ لم تكن توجد في تلك الايام نقود معدنية.‏

في شكيم،‏ بدأت دينة ابنة يعقوب تعاشر النساء الكنعانيات.‏ وقد فسح هذا الامر مجالا لشكيم بن حمور زعيم تلك الارض كي يقوم باغتصابها.‏ على إثر هذه الحادثة،‏ تطورت الامور بسرعة وخرجت عن سيطرة يعقوب.‏ فقد قتل اثنان من بنيه كل الذكور في شكيم،‏ ثم اسر بنوه الآخرون النساء والاطفال واستولوا على كل املاك وثروات المدينة.‏ فجُعلت رائحة ابيهم خبيثة بين سكان الارض.‏ —‏ تك ٣٤:‏​١-‏٣١‏.‏

بعد ذلك،‏ امر اللّٰه يعقوب ان يترك شكيم ويرحل جنوبا الى بيت ايل.‏ ففعل يعقوب كما طُلب منه.‏ ولكن قبل الرحيل،‏ امر اهل بيته ان يتطهروا،‏ يغيروا ارديتهم،‏ ويزيلوا كل آلهتهم الباطلة (‏بما فيها على الارجح ترافيم لابان)‏ والاقراط التي ربما كانوا يلبسونها كأحراز (‏ما يوضع من اجل الحماية)‏.‏ وقد طمر يعقوب تلك الآلهة والاقراط قرب شكيم.‏ —‏ تك ٣٥:‏​١-‏٤‏.‏

كان لبيت ايل،‏ «بيت اللّٰه»،‏ اهمية خصوصية عند يعقوب.‏ ففي هذا المكان نقل اليه يهوه العهد الابراهيمي،‏ ربما قبل نحو ٣٠ سنة.‏ والآن،‏ بعد ان رجع اليها وبنى مذبحا لإله آبائه العظيم،‏ كرر له يهوه العهد وأكد ايضا تغيير اسمه الى اسرائيل.‏ فأقام يعقوب نصبا وسكب عليه سكيبا وزيتا احياء لذكرى هذه الاحداث البالغة الاهمية.‏ كما انه خلال اقامته المؤقتة في بيت ايل،‏ ماتت دبورة مرضعة امه ودُفنت هناك.‏ —‏ تك ٣٥:‏​٥-‏١٥‏.‏

ان طول فترة اقامة يعقوب في بيت ايل ليست معروفة ايضا.‏ وحين غادرها واتجه جنوبا،‏ وقُبيل وصوله الى بيت لحم (‏افرات)‏،‏ تمخضت راحيل وماتت خلال ولادتها العسيرة لابنها الثاني بنيامين.‏ فدفن يعقوب زوجته الحبيبة راحيل هناك وأقام نصبا ليُعرف قبرها.‏ —‏ تك ٣٥:‏​١٦-‏٢٠‏.‏

تابع اسرائيل ارتحاله جنوبا،‏ وكان قد بورك آنذاك بعدد كامل وتام بلغ ١٢ ولدا ستتحدر منهم اسباط اسرائيل الـ‍ ١٢.‏ ويُذكر انه نصب خيمته «وراء برج عدر»،‏ اي في مكان ما بين بيت لحم وحبرون.‏ وخلال الاقامة في هذا المكان،‏ مارس ابنه الاكبر رأوبين علاقات جنسية مع بلهة سرية ابيه،‏ أم دان ونفتالي.‏ وربما اعتقد رأوبين ان اباه يعقوب لن يتخذ اجراء حيال الامر كونه متقدما جدا في السن.‏ لكن يهوه لم يرض عن فعلته هذه،‏ ولأنه مارس سفاح القربى خسر بكوريته.‏ —‏ تك ٣٥:‏​٢١-‏٢٦؛‏ ٤٩:‏​٣،‏ ٤؛‏ تث ٢٧:‏٢٠؛‏ ١ اخ ٥:‏١‏.‏

انتقل يعقوب جنوبا للمكوث في حبرون ربما قبل بيع ابنه يوسف للعبودية في مصر.‏ وكان ابوه المسن اسحاق لا يزال على قيد الحياة آنذاك.‏ غير ان تاريخ انتقاله هذا غير معروف على وجه التحديد.‏ —‏ تك ٣٥:‏٢٧‏.‏

ذات يوم،‏ ارسل يعقوب ابنه يوسف (‏الذي كان بعمر ١٧ سنة آنذاك)‏ ليرى كيف كان اخوته يتدبرون امر الاهتمام بغنم ابيهم.‏ وحين وجدهم يوسف اخيرا في دوثان التي تبعد نحو ١٠٠ كلم (‏٦٢ ميلا)‏ شمال حبرون،‏ امسكوا به وباعوه لقافلة من التجار كانت متجهة الى مصر.‏ وقد حدث ذلك سنة ١٧٥٠ ق‌م.‏ ثم جعلوا اباهم يعتقد ان وحشا افترس يوسف.‏ فحزن يعقوب على خسارة ابنه اياما كثيرة ورفض ان يتعزى قائلا:‏ «انزل الى ابني نائحا الى شيول!‏».‏ (‏تك ٣٧:‏​٢،‏ ٣،‏ ١٢-‏٣٦‏)‏ وما زاد من حزنه ايضا موت ابيه اسحاق سنة ١٧٣٨ ق‌م.‏ —‏ تك ٣٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏.‏

الانتقال الى مصر:‏ بعد مرور عشر سنوات تقريبا على موت اسحاق،‏ حدثت مجاعة في الارض كلها اجبرت يعقوب على ارسال عشرة من ابنائه الى مصر لجلب الحبوب،‏ لكن بنيامين لم يكن واحدا منهم.‏ كان يوسف مسؤولا عن الاغذية لدى فرعون،‏ وقد ميز اخوته وطلب منهم ان يحضروا معهم اخاهم الاصغر بنيامين الى مصر.‏ (‏تك ٤١:‏٥٧؛‏ ٤٢:‏​١-‏٢٠‏)‏ ولكن حين عرف يعقوب بطلبه هذا،‏ رفض في البداية ذهاب بنيامين معهم خوفا من ان يلحق الاذى بابنه المحبب هذا الذي وُلد له في شيخوخته.‏ وقد كان عمر بنيامين آنذاك ٢٢ سنة على الاقل.‏ (‏تك ٤٢:‏​٢٩-‏٣٨‏)‏ ولم يوافق يعقوب على ذهاب بنيامين إلا حين نفد كل الطعام الذي جُلب من مصر.‏ —‏ تك ٤٣:‏​١-‏١٤؛‏ اع ٧:‏١٢‏.‏

عندما تصالح يوسف مع اخوته،‏ وجه دعوة الى يعقوب كي ينزل الى ارض جاسان الخصبة في دلتا مصر مع كل اهل بيته ومواشيه وممتلكاته.‏ فكما حُدد مسبقا،‏ كانت المجاعة الشديدة ستستمر خمس سنوات اضافية.‏ حتى ان فرعون ساعد اخوة يوسف اذ زودهم بعجلات وطعام للطريق.‏ (‏تك ٤٥:‏​٩-‏٢٤‏)‏ وأثناء النزول الى مصر،‏ اكد يهوه ليعقوب ان خطوة الرحيل هذه تحوز على بركته ورضاه.‏ (‏تك ٤٦:‏​١-‏٤‏)‏ كان عدد نفوس بيت يعقوب ٧٠ نفسا،‏ بمن فيهم منسى وأفرايم وآخرون ربما وُلدوا في مصر قبل موت يعقوب.‏ (‏تك ٤٦:‏​٥-‏٢٧؛‏ خر ١:‏٥؛‏ تث ١٠:‏٢٢‏)‏ غير ان هذا العدد لا يشمل ليئة التي ماتت في ارض الموعد (‏تك ٤٩:‏٣١‏)‏،‏ بنات يعقوب اللواتي لا تُذكر اسماؤهن،‏ وزوجات بنيه.‏ —‏ تك ٤٦:‏٢٦‏؛‏ قارن تك ٣٧:‏٣٥‏.‏

بُعيد الوصول الى مصر سنة ١٧٢٨ ق‌م،‏ أُدخل يعقوب الى بلاط الملك فرعون وحيّاه ببركة.‏ ووصف يعقوب نفسه امام فرعون بالغريب (‏لأنه لم يرث الارض التي وعد اللّٰه بها،‏ تماما مثل ابراهيم وإسحاق)‏.‏ وحين سأله فرعون عن عمره،‏ اجاب انه بلغ الـ‍ ١٣٠.‏ لكنه قال ان ايامه «قليلة وشاقة» مقارنة بأيام اجداده.‏ —‏ تك ٤٧:‏​٧-‏١٠‏.‏

بارك يعقوب قُبيل موته حفيديه من ابنه يوسف.‏ وبتوجيه الهي،‏ قدّم افرايم الصغير على منسى الكبير.‏ ثم قال ليوسف الذي كان سينال ما يحق للابن البكر،‏ اي نصيب اثنين من الميراث:‏ «انا قد اعطيتك قطعة واحدة من الارض اكثر من اخوتك،‏ اخذتها من يد الاموريين بسيفي وقوسي».‏ (‏تك ٤٨:‏​١-‏٢٢؛‏ ١ اخ ٥:‏١‏)‏ بما ان يعقوب كان قد اشترى من بني حمور قطعة الارض قرب شكيم دون قتال (‏تك ٣٣:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏،‏ يبدو ان هذا الوعد ليوسف كان تعبيرا عن ايمان يعقوب.‏ فبهذه الكلمات تنبأ عن استيلاء المتحدرين منه على ارض كنعان في المستقبل كما لو انه هو نفسه فعل ذلك بسيفه وقوسه.‏ (‏انظر «‏الأمُورِيّ‏».‏)‏ اما حصة يوسف التي كانت نصيب اثنين من تلك الارض،‏ فقد تألفت من الاراضي المعينة لسبطي افرايم ومنسى.‏

استجمع يعقوب قبل موته ما يكفي من القوة ليبارك كلا من ابنائه الـ‍ ١٢.‏ (‏تك ٤٩:‏​١-‏٢٨‏)‏ وقد اعرب عن ايمان بإتمام مقاصد يهوه.‏ (‏عب ١١:‏٢١‏)‏ وبسبب ايمانه هذا ولأنه هو من ثبت له يهوه بركة العهد الابراهيمي،‏ غالبا ما تشير الاسفار المقدسة الى يهوه بأنه اله ابراهيم وإسحاق ويعقوب وليس اله ابراهيم وإسحاق فقط.‏ —‏ خر ٣:‏٦؛‏ ١ اخ ٢٩:‏١٨؛‏ مت ٢٢:‏٣٢‏.‏

سنة ١٧١١ ق‌م،‏ اي بعد ١٧ سنة من الاقامة في مصر،‏ مات يعقوب اخيرا بعمر ١٤٧ سنة.‏ (‏تك ٤٧:‏​٢٧،‏ ٢٨‏)‏ وهكذا انتهت تلك الحقبة التاريخية الممتدة من ولادته حتى مماته،‏ حقبة تملأ اكثر من نصف صفحات سفر التكوين.‏ (‏الاصحاحات ٢٥-‏٥٠)‏ وانسجاما مع رغبة يعقوب ان يُدفن في كنعان،‏ طلب يوسف من الاطباء المصريين ان يحنطوا جسد ابيه استعدادا للرحلة الى هناك.‏ ثم انطلق من مصر موكب جنائزي عظيم يليق بمقام ابنه يوسف.‏ وحين وصلوا الى منطقة الاردن،‏ أُقيمت ليعقوب مراسم النوح سبعة ايام.‏ ثم دفنه ابناؤه في مغارة المكفيلة حيث دُفن ابراهيم وإسحاق ايضا.‏ —‏ تك ٤٩:‏​٢٩-‏٣٣؛‏ ٥٠:‏​١-‏١٤‏.‏

٢-‏ غالبا ما استخدم الانبياء الاسم «يعقوب» بمعنى مجازي للاشارة الى الامة المتحدرة من هذا الاب الجليل.‏ (‏اش ٩:‏٨؛‏ ٢٧:‏٩؛‏ ار ١٠:‏٢٥؛‏ حز ٣٩:‏٢٥؛‏ عا ٦:‏٨؛‏ مي ١:‏٥؛‏ رو ١١:‏٢٦‏)‏ وفي احدى المناسبات،‏ استعمل يسوع الاسم يعقوب مجازيا حين تحدث عن الذين سيكونون في «ملكوت السموات».‏ —‏ مت ٨:‏١١‏.‏

٣-‏ ابو يوسف زوج مريم،‏ ام يسوع.‏ —‏ مت ١:‏​١٥،‏ ١٦‏.‏

٤-‏ ابو الرسول يهوذا (‏ليس يهوذا الاسخريوطي)‏.‏ —‏ لو ٦:‏١٦؛‏ اع ١:‏١٣‏.‏

٥-‏ ابن زبدي وأخو يوحنا.‏ وهو احد رسل يسوع المسيح الـ‍ ١٢.‏ (‏مت ١٠:‏٢‏)‏ ويبدو ان امه هي سالومة،‏ كما نلاحظ من مقارنة روايتين تتحدثان عن نفس الواقعة.‏ فإحدى الروايتين تذكر انها «أم ابني زبدي»،‏ فيما تدعوها الاخرى «سالومة».‏ (‏مت ٢٧:‏​٥٥،‏ ٥٦؛‏ مر ١٥:‏​٤٠،‏ ٤١‏؛‏ انظر «سالُومة» رقم ١.‏)‏ ومقارنة يوحنا ١٩:‏٢٥ ايضا تُظهر ان سالومة قد تكون هي المشار اليها بأنها اخت جسدية لمريم ام يسوع.‏ وفي هذه الحال يكون يعقوب ابن خالة يسوع.‏

بينما كان يعقوب وأخوه يعملان مع ابيهما في صيد السمك سنة ٣٠ ب‌م،‏ دعاهما يسوع —‏ بالاضافة الى شريكيهما في الصيد بطرس وأندراوس —‏ ان يصيرا من تلاميذه ويصبحا «صيادَي ناس».‏ وتلبية لدعوة يسوع،‏ ترك يعقوب ويوحنا مشروع صيد سمك كانا شريكين فيه مع بطرس وأندراوس،‏ مشروعا كبيرا الى حد انهم كانوا يستخدمون فيه أُجراء.‏ —‏ مت ٤:‏​١٨-‏٢٢؛‏ مر ١:‏​١٩،‏ ٢٠؛‏ لو ٥:‏​٧-‏١٠‏.‏

وفي السنة التالية،‏ سنة ٣١ ب‌م،‏ عين يسوع ١٢ من تلاميذه ليكونوا رسلا،‏ وكان يعقوب واحدا منهم.‏ —‏ مر ٣:‏​١٣-‏١٩؛‏ لو ٦:‏​١٢-‏١٦‏.‏

غالبا ما يذكر السجل بطرس ويعقوب ويوحنا معا كمرافقين لصيقين للمسيح.‏ على سبيل المثال،‏ لم يتواجد مع المسيح في جبل التجلي سوى هؤلاء الثلاثة (‏مت ١٧:‏​١،‏ ٢‏)‏،‏ وهم الرسل الوحيدون الذين دُعوا الى بيت يايرس ليشهدوا قيامة ابنته (‏لو ٨:‏٥١‏)‏،‏ كما كانوا الاقرب الى يسوع في جتسيماني حين كان يصلي في تلك الليلة الاخيرة.‏ (‏مر ١٤:‏​٣٢-‏٣٤‏)‏ علاوة على ذلك،‏ ان التلاميذ الذين سألوا يسوع عن وقت دمار هيكل اورشليم المنبإ به وعن علامة حضور يسوع واختتام نظام الاشياء،‏ هم بطرس ويعقوب ويوحنا وأندراوس.‏ (‏مر ١٣:‏​٣،‏ ٤‏)‏ ويُقرن يعقوب دائما بأخيه يوحنا،‏ لكن اسمه يُدرج اولا في اغلب الاحيان.‏ وربما يشير ذلك الى انه كان الاكبر سنا.‏ —‏ مت ٤:‏٢١؛‏ ١٠:‏٢؛‏ ١٧:‏١؛‏ مر ١:‏​١٩،‏ ٢٩؛‏ ٣:‏١٧؛‏ ٥:‏٣٧؛‏ ٩:‏٢؛‏ ١٠:‏​٣٥،‏ ٤١؛‏ ١٣:‏٣؛‏ ١٤:‏٣٣؛‏ لو ٥:‏١٠؛‏ ٦:‏١٤؛‏ ٨:‏٥١؛‏ ٩:‏​٢٨،‏ ٥٤؛‏ اع ١:‏١٣‏.‏

لقّب يسوع يعقوب وأخاه بالاسم بوانرجس،‏ وهو تعبير ساميّ يعني «ابني الرعد».‏ (‏مر ٣:‏١٧‏)‏ وربما اطلق عليهما هذا اللقب لأنهما كانا حيويَّين وحماسيَّين.‏ ففي احدى المناسبات مثلا،‏ حين رفض بعض السامريين استضافة يسوع،‏ اراد يعقوب ويوحنا ان يُنزلا نارا من السماء لتفنيهم.‏ صحيح ان يسوع وبخهما لأنهما ارادا الانتقام بهذه الطريقة،‏ لكن موقفهما هذا دل على سخطهما البار وإيمانهما.‏ (‏لو ٩:‏​٥١-‏٥٥‏)‏ كما طمح يعقوب ويوحنا الى المركزَين الاكثر بروزا في الملكوت،‏ الجلوس عن يمين ويسار يسوع.‏ ويبدو انهما حملا امهما (‏خالة يسوع على الارجح)‏ على الطلب من يسوع ان يسدي هذا المعروف اليهما.‏ فأوضح يسوع ان قرارات كهذه يتخذها ابوه،‏ واغتنم هذه الفرصة ليوضح قائلا:‏ «مَن اراد ان يكون الاول بينكم فليكن لكم عبدا».‏ —‏ مت ٢٠:‏​٢٠-‏٢٨‏.‏

مات يعقوب كما يتضح سنة ٤٤ ب‌م،‏ فقد قتله هيرودس اغريباس الاول بالسيف.‏ وهكذا كان اول شخص يموت شهيدا بين الرسل الـ‍ ١٢.‏ —‏ اع ١٢:‏​١-‏٣‏.‏

٦-‏ رسول آخر ليسوع المسيح وابن حلفى.‏ (‏مت ١٠:‏​٢،‏ ٣؛‏ مر ٣:‏١٨؛‏ لو ٦:‏١٥؛‏ اع ١:‏١٣‏)‏ ويُعتقد عموما ان حلفى هو نفسه كِلوبا،‏ وهو امر مرجح جدا.‏ وفي هذه الحال،‏ تكون ام يعقوب هي مريم التي يُقال انها «أم يعقوب الصغير ويوسي».‏ (‏يو ١٩:‏٢٥؛‏ مر ١٥:‏٤٠؛‏ مت ٢٧:‏٥٦‏)‏ وربما سُمي يعقوب هذا بالصغير إما لأنه اقصر قامة او لأنه اصغر سنا من الرسول يعقوب بن زبدي.‏

٧-‏ ابن يوسف ومريم وأخو يسوع من امه.‏ (‏مر ٦:‏٣؛‏ غل ١:‏١٩‏)‏ لم يكن يعقوب واحدا من الرسل،‏ ولكن من الواضح انه هو الذي كان ناظرا في الجماعة المسيحية في اورشليم (‏اع ١٢:‏١٧‏)‏،‏ وهو الذي كتب سفر الكتاب المقدس الذي يحمل اسمه.‏ (‏يع ١:‏١‏)‏ ومن المحتمل ان يعقوب وُلد بعد يسوع مباشرة،‏ اذ يُدرج اسمه اولا بين ابناء مريم الاربعة الذين ولدتهم من يوسف:‏ يعقوب ويوسف وسمعان ويهوذا.‏ (‏مت ١٣:‏٥٥‏؛‏ انظر «الأخ».‏)‏ وقد لمح بولس في رسالته الى الكورنثيين،‏ التي كُتبت نحو سنة ٥٥ ب‌م،‏ الى ان يعقوب كان متزوجا.‏ —‏ ١ كو ٩:‏٥‏.‏

من الواضح انه خلال خدمة يسوع المسيح كان يعقوب مطلعا على نشاط اخيه جيدا.‏ (‏لو ٨:‏١٩؛‏ يو ٢:‏١٢‏)‏ لكنه لم يكن احد تلاميذه او اتباعه،‏ مع انه لم يقاومه على ما يبدو.‏ (‏مت ١٢:‏​٤٦-‏٥٠؛‏ يو ٧:‏٥‏)‏ ويُرجح انه كان مع اخوته غير المؤمنين عندما حثوا يسوع ان يتجرأ ويذهب الى عيد الخيام،‏ في الوقت الذي كان فيه القادة اليهود يطلبون ان يقتلوه.‏ (‏يو ٧:‏​١-‏١٠‏)‏ وربما يكون يعقوب ايضا بين ذوي يسوع الذين قالوا انه «فقد عقله».‏ —‏ مر ٣:‏٢١‏.‏

ولكن بعد موت يسوع وقبل يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م،‏ كان يعقوب مجتمعا للصلاة مع امه وإخوته والرسل في علية بأورشليم.‏ (‏اع ١:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ ويبدو ان يسوع المقام ظهر شخصيا ليعقوب هذا الذي كان غير مؤمن في يوم من الايام لكي يقنعه انه المسيا،‏ كما تقول الرواية في ١ كورنثوس ١٥:‏٧‏.‏ وتذكرنا هذه الحادثة بظهور يسوع شخصيا لبولس.‏ —‏ اع ٩:‏​٣-‏٥‏.‏

بعد ذلك،‏ بات يعقوب «رسول» جماعة اورشليم كما يبدو وعضوا بارزا فيها.‏ (‏انظر «‏الرسول،‏ ١‏» [الرسولية في الجماعة].‏)‏ لذلك يقول بولس في زيارته الاولى للاخوة في اورشليم (‏نحو ٣٦ ب‌م)‏ انه امضى ١٥ يوما مع بطرس،‏ لكنه ‹لم يرَ احدا غيره من الرسل سوى يعقوب اخي الرب›.‏ (‏غل ١:‏​١٨،‏ ١٩‏)‏ كما ان بطرس،‏ بعدما أُطلق سراحه بشكل عجائبي من السجن،‏ اوصى الاخوة في بيت يوحنا مرقس ان ‹يخبروا يعقوب والاخوة بهذا›،‏ مما يدل ان يعقوب كان شخصا بارزا.‏ (‏اع ١٢:‏​١٢،‏ ١٧‏)‏ وحين نشأت قضية الختان نحو سنة ٤٩ ب‌م امام «الرسل والشيوخ» في اورشليم،‏ وبعدما ادلى بطرس وبرنابا وبولس شخصيا بشهادتهم،‏ اقترح يعقوب قرارا وافق عليه الحاضرون وتبنوه.‏ (‏اع ١٥:‏​٦-‏٢٩‏؛‏ قارن اع ١٦:‏٤‏.‏)‏ وفي الاشارة الى هذه الحادثة،‏ يقول بولس ان يعقوب وصفا ويوحنا اعتُبروا «اعمدة» بين الاخوة في اورشليم.‏ (‏غل ٢:‏​١-‏٩‏)‏ وعندما اوشك بولس ان ينهي جولة ارسالية قام بها لاحقا،‏ روى ليعقوب و «الشيوخ كلهم» في اورشليم ما حدث معه في خدمته،‏ ثم قدّم له هؤلاء الشيوخ مشورة لاتباعها.‏ —‏ اع ٢١:‏​١٥-‏٢٦‏؛‏ انظر ايضا غل ٢:‏​١١-‏١٤‏.‏

في مستهل رسالة يعقوب،‏ ثمة ما يشير الى ان كاتب هذا السفر هو ‹اخو يسوع›،‏ وليس ايًّا من الرسولَين اللذين يحملان نفس الاسم (‏ابن زبدي او ابن حلفى)‏.‏ فالكاتب يعرّف بنفسه انه «عبد اللّٰه والرب يسوع المسيح»،‏ ولا يقول انه رسول.‏ على نحو مماثل،‏ يعرّف اخوه يهوذا بنفسه انه ‹عبد يسوع المسيح وأخو يعقوب›.‏ (‏يع ١:‏١؛‏ يه ١‏)‏ فقد تفاديا كلاهما بتواضع ذكر انهما اخوان جسديان للرب يسوع المسيح.‏

ان لقب «البار» الذي أُطلق على يعقوب مؤسس على التقاليد التي تقول ان سبب هذه التسمية يعود الى طريقة حياته.‏ ولا تذكر الاسفار المقدسة شيئا عن موت يعقوب.‏ إلا ان المؤرخ الدنيوي يوسيفوس يقول انه خلال الفترة الفاصلة بين موت الحاكم فستوس حوالي سنة ٦٢ ب‌م وتولي خليفته ألبينُس المنصب،‏ قام رئيس الكهنة حنانيا «بجمع قضاة السنهدريم وأحضر امامهم رجلا يُدعى يعقوب،‏ هو اخو يسوع الذي كان يُدعى المسيح،‏ وأشخاصا آخرين.‏ وقد اتهمهم بانتهاك الشريعة وسلّمهم لكي يُرجموا».‏ —‏ العاديات اليهودية،‏ ٢٠:‏٢٠٠ (‏٩:‏١)‏.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة