مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «سُلَيْمان»‏
  • سُلَيْمان

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • سُلَيْمان
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • سليمان يمارس سلطته بحكمة
    الكتاب المقدس —‏ اية رسالة يحملها اليك؟‏
  • أهو مثال جدير بالاقتداء ام عبرة نتّعظ بها؟‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١١
  • فهم دور يسوع —‏ داود الاعظم وسليمان الاعظم
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٩
  • نقاط بارزة من سفر الملوك الاول
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٥
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «سُلَيْمان»‏

سُلَيْمان

‏[اسم مشتق من جذر معناه «سلام»]:‏

ابن الملك داود من سلالة يهوذا،‏ وملك اسرائيل من سنة ١٠٣٧ الى سنة ٩٩٨ ق‌م.‏ بعد التحدث عن موت الابن الذي ولده داود نتيجة علاقته المحرمة ببثشبع،‏ يمضي سجل الكتاب المقدس قائلا:‏ «وعزى داود بثشبع زوجته.‏ ثم دخل اليها واضطجع معها.‏ فولدت ابنا،‏ ودعي اسمه سليمان.‏ وأحبه يهوه.‏ فأرسل بيد ناثان النبي ودعا اسمه يديديا،‏ لأجل يهوه».‏ (‏٢ صم ١٢:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وصار لسليمان ايضا ثلاثة اشقاء من داود وبثشبع،‏ هم شمعا وشوباب وناثان.‏ —‏ ١ اخ ٣:‏٥‏.‏

وعد يهوه لداود:‏ قبل ولادة سليمان،‏ اعلن يهوه لداود انه سيولد له ابن،‏ وهذا الابن سيحمل اسم سليمان،‏ وهو الذي سيبني بيتا لاسم اللّٰه.‏ ويبدو انه دعي يديديا (‏اي «محبوب ياه»)‏ لكي يعرف داود ان زواجه ببثشبع اصبح مبارَكا في نظر يهوه وأن اللّٰه راض عن ثمرة هذا الزواج.‏ لكن الولد لم يُعرف عموما بهذا الاسم.‏ ولا شك ان الاسم سليمان (‏المشتق من جذر معناه «سلام»)‏ ارتبط بالعهد الذي قطعه يهوه مع داود،‏ والذي قال فيه ان داود لن يبني بيتا ليهوه كما كان في قلبه لأنه سفك دما كثيرا في الحروب.‏ (‏١ اخ ٢٢:‏​٦-‏١٠‏)‏ لا يعني ذلك ان حروب داود كانت امرا غير صائب.‏ فمملكة يهوه النموذجية كانت من حيث الاساس ذات طبيعة وأهداف سلمية،‏ وكانت حروبها تهدف الى القضاء على الشر وعلى الذين يقاومون سلطان يهوه،‏ توسيع دائرة نفوذ اسرائيل الى الحدود التي رسمها اللّٰه،‏ وترسيخ البر والسلام.‏ وقد اتاحت حروب داود لإسرائيل بلوغ هذه الاهداف.‏ اما حكم سليمان فكان من حيث الاساس سلميا.‏

محاولة ادونيا الاستيلاء على العرش:‏ يتحدث سجل الاسفار المقدسة عن ولادة سليمان ولكنه لا يأتي على ذكره ثانيةً حتى وقت شيخوخة داود.‏ وكان داود قد حلف لبثشبع،‏ بسبب وعد يهوه دون شك،‏ ان يخلفه سليمان على العرش.‏ وقد علم النبي ناثان بذلك.‏ (‏١ مل ١:‏​١١-‏١٣،‏ ١٧‏)‏ غير ان السجل لا يذكر هل كان ادونيا،‏ اخو سليمان من ابيه،‏ على علم بهذا القسم او بما ينوي داود فعله.‏ بأية حال،‏ سعى ادونيا الى تولي المُلك باعتماد طريقة مشابهة للطريقة التي استخدمها ابشالوم.‏ وربما كان واثقا من نجاح مسعاه بسبب ضعف الملك والدعم الذي تلقاه من يوآب رئيس الجيش ومن ابياثار الكاهن.‏ لكن فعلته كانت خيانة اذ حاول الاستيلاء على العرش فيما داود لا يزال على قيد الحياة وبدون موافقته او موافقة يهوه.‏ كما انكشف مكره عندما اعدّ ذبيحة في عين روجل حيث اراد ان ينادى به ملكا،‏ اذ دعا فقط بني الملك الآخرين ورجال يهوذا خدام الملك،‏ مستثنيا سليمان وناثان النبي وصادوق الكاهن والجبابرة الذين حاربوا الى جانب داود،‏ بمن فيهم بنايا رئيسهم.‏ فهذا دليل على ان ادونيا اعتبر سليمان منافسا له وعقبة في وجه طموحاته.‏ —‏ ١ مل ١:‏​٥-‏١٠‏.‏

تتويج سليمان ملكا:‏ كان النبي ناثان،‏ الذي اتصف دوما بالامانة ليهوه ولداود،‏ متنبها لما يحدث.‏ فأرسل اولا بثشبع وأوصاها ان تخبر الملك بالمؤامرة،‏ ثم دخل وسأل داود ما اذا كان هو مَن اوعز ان ينادى بأدونيا ملكا.‏ فاتخذ داود قرارا سريعا وحاسما،‏ طالبا من صادوق الكاهن وناثان ان يأخذا سليمان الى جيحون تحت حماية بنايا ورجاله.‏ وكان عليهم ان يُركبوا سليمان على بغلة الملك (‏اشارة الى منح الراكب شرفا رفيعا،‏ شرف خلافة الملك في هذه الحالة)‏.‏ (‏قارن اس ٦:‏​٨،‏ ٩‏.‏)‏ فاتُّبعت اوامر داود،‏ ومُسح سليمان ونودي به ملكا.‏ —‏ ١ مل ١:‏​١١-‏٤٠‏.‏

عند سماع صوت العزف في جيحون التي لا تبعد كثيرا وهتاف الشعب القائلين «ليحيَ الملك سليمان»،‏ هرب ادونيا والمتآ‌مرون معه من الخوف والارتباك.‏ وقد زود سليمان لمحة مسبقة عن السلام الذي سيتميز به ملكه عندما رفض ارتكاب عمل انتقامي يلطخ بداية حكمه،‏ ولو انقلبت الادوار لكان من المرجح جدا ان يواجه الموت.‏ وحين هرب ادونيا الى المقدس متخذا اياه ملاذا،‏ ارسل سليمان وأمر بإحضاره اليه.‏ ثم اعلمه انه سيستبقيه حيا ما لم يوجد به شر،‏ وصرفه الى بيته.‏ —‏ ١ مل ١:‏​٤١-‏٥٣‏.‏

وصية داود لسليمان:‏ قبل ان يموت داود،‏ اوصى سليمانَ ان ‹يتمم ما اوجبه يهوه الهه بالسير في طرقه،‏ وبحفظ سننه ووصاياه وأحكامه وشهاداته›.‏ كما امره ألا يدع يوآب وشمعي ‹ينزلان الى شيول بسلام›،‏ وأن يصنع لطفا حبيا الى بني برزلاي الجلعادي.‏ (‏١ مل ٢:‏​١-‏٩‏)‏ وكان داود قد اعطى سليمان التوجيهات بشأن بناء الهيكل قبل ذلك على الارجح،‏ وسلمه التصاميم التي ‹اتته بالوحي›.‏ (‏١ اخ ٢٨:‏​١١،‏ ١٢،‏ ١٩‏)‏ كما امر رؤساء اسرائيل الحاضرين ان يساعدوا سليمان ابنه ويشاركوا في بناء مقدس يهوه.‏ وفي تلك المناسبة مسح الشعب سليمان ملكا من جديد وأيضا صادوق كاهنا.‏ (‏١ اخ ٢٢:‏​٦-‏١٩؛‏ الاصحاح ٢٨؛‏ ٢٩:‏​١-‏٢٢‏)‏ وكانت بركة اللّٰه على سليمان من بداية حكمه،‏ اذ جلس على «عرش يهوه ملكا مكان داود ابيه ونجح» في ملكه وتقوَّى.‏ —‏ ١ اخ ٢٩:‏٢٣؛‏ ٢ اخ ١:‏١‏.‏

طلب ادونيا الذي ينم عن تمرد:‏ لم يمضِ وقت طويل حتى اضطر سليمان الى تنفيذ تعليمات ابيه بشأن يوآب.‏ وكان ذلك جراء امر فعله ادونيا الذي بقي يطمح الى المُلك رغم اظهار سليمان الرحمة له.‏ فقد اقترب ادونيا من والدة سليمان وقال لها:‏ «انت تعرفين ان المُلك كان لي،‏ وأن جميع اسرائيل قد جعلوا وجههم نحوي لأملك،‏ لكن المُلك تحوَّل وصار لأخي،‏ لأنه من يهوه صار له».‏ وهنا اعترف ادونيا ان يهوه وراء تتويج سليمان،‏ لكنه تفوه بعد هذه الكلمات بطلب في محاولة ماكرة لاغتصاب المُلك.‏ قال لبثشبع:‏ «من فضلك،‏ قولي لسليمان الملك .‏ .‏ .‏ ان يعطيني ابيشج الشونمية زوجة».‏ فربما ظن ادونيا انه اذا اخذ السرية التي كانت تعتني بداود (‏مع انه لم يقم معها اية علاقة جنسية)‏ فسيتمكن من إحداث انقلاب يطيح بسليمان،‏ نظرا الى عدد انصاره الكبير ودعم يوآب وأبياثار له.‏ فبحسب العادة المتبعة،‏ كانت زوجات الملك وسراريه يصرن لخلفه الشرعي وحده،‏ لذا كان اخذ هؤلاء النساء يُعتبر مطالبة بالعرش.‏ (‏قارن ٢ صم ١٦:‏​٢١،‏ ٢٢‏.‏)‏ وعندما نقلت بثشبع طلب ادونيا الى سليمان،‏ غير متنبهة لما يخطط له ادونيا،‏ ادرك سليمان فورا انه يحاول الاستيلاء على المُلك،‏ فأرسل بنايا ليقتله.‏ —‏ ١ مل ٢:‏​١٣-‏٢٥‏.‏

ابياثار يُعزل ويوآب يُقتل:‏ بعد ذلك وجّه سليمان انتباهه الى المتآ‌مرين مع ادونيا.‏ فطُرد ابياثار من الكهنوت اتماما لكلمة يهوه ضد بيت عالي (‏١ صم ٢:‏​٣٠-‏٣٦‏)‏،‏ ولكنه لم يُقتل لأنه حمل تابوت العهد امام داود وعانى معه المشقات.‏ وقد حلّ صادوق محل ابياثار.‏ ولما سمع يوآب بما فعله سليمان،‏ هرب وتمسك بقرون المذبح،‏ ولكن بنايا قتله هناك بأمر من سليمان.‏ —‏ ١ مل ٢:‏​٢٦-‏٣٥‏.‏

قتل شمعي:‏ كذلك استحلف سليمان شمعي،‏ الذي سب اباه داود،‏ ان يلتزم بشروط معينة لئلا يُقتل.‏ وعندما خالف شمعي هذه الشروط بعد نحو ثلاث سنين،‏ امر سليمان بقتله.‏ وهكذا نُفذت وصية داود لسليمان بكاملها.‏ —‏ ١ مل ٢:‏​٣٦-‏٤٦‏.‏

سليمان يطلب طلبا حكيما:‏ في بداية حكم سليمان،‏ كان الشعب يذبحون على «مرتفعات» كثيرة لأنه لم يكن هنالك بيت ليهوه،‏ مع ان المسكن كان في جبعون وتابوت العهد في خيمة على صهيون.‏ ورغم قول يهوه انه سيجعل اسمه على اورشليم،‏ فقد سمح بأن تستمر هذه الممارسة كما يتضح الى ان يتم بناء الهيكل.‏ (‏١ مل ٣:‏​٢،‏ ٣‏)‏ وفي جبعون،‏ المعروفة بأنها «المرتفعة العظمى»،‏ قرّب سليمان ألف محرقة.‏ وهناك تراءى يهوه له في حلم وقال:‏ «اطلب ماذا اعطيك».‏ لكن سليمان لم يطلب غنى ومجدا وانتصارات،‏ بل قلبا حكيما وفهيما وطائعا لكي يقدر ان يحكم اسرائيل.‏ فحسن طلب سليمان المتواضع في عيني يهوه،‏ ولم يكتفِ بتلبية طلبه بل زاد عليه غنى ومجدا ‹حتى انه لم يكن احد مثله بين الملوك كل ايامه›.‏ لكن يهوه اضاف هذه الوصية:‏ «إن سرت في طرقي حافظا فرائضي ووصاياي،‏ كما سار داود ابوك،‏ فإني اطيل ايامك».‏ —‏ ١ مل ٣:‏​٤-‏١٤‏.‏

بعيد ذلك عرضت بغيّان امام سليمان مشكلة صعبة استلزمت تحديد هوية الامّ الحقيقية،‏ فأظهر ان اللّٰه منحه فعلا الحكمة لإجراء الحكم.‏ وقد تعززت بذلك سلطته في اعين الشعب.‏ —‏ ١ مل ٣:‏​١٦-‏٢٨‏.‏

المشاريع العمرانية:‏ (‏الصور في المجلد ١،‏ ص X‏،‏ X‏،‏ X‏)‏ في السنة الرابعة من ملكه،‏ في الشهر الثاني (‏شهر زيو [نيسان-‏ايار])‏ من سنة ١٠٣٤ ق‌م،‏ ابتدأ سليمان ببناء بيت يهوه على جبل المريا.‏ (‏١ مل ٦:‏١‏)‏ وتم تشييد الهيكل بهدوء،‏ اذ كانت الحجارة تُعدّ في المقلع قبل جلبها الى موقع البناء،‏ وهكذا لم يُسمع صوت مطارق او فؤوس او اي من ادوات الحديد.‏ (‏١ مل ٦:‏٧‏)‏ وساهم حيرام ملك صور في العمل بتزويد خشب الارز والعرعر مقابل الحنطة والزيت.‏ (‏١ مل ٥:‏​١٠-‏١٢؛‏ ٢ اخ ٢:‏​١١-‏١٦‏)‏ كما ارسل عمالا بمن فيهم حرفي ماهر يدعى حيرام،‏ وهو ابن رجل صوريّ وامرأة عبرانية.‏ (‏١ مل ٧:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ وسخّر سليمان ٠٠٠‏,٣٠ رجل،‏ وكان يرسل منهم الى لبنان ٠٠٠‏,١٠ في الشهر مناوبة،‏ بحيث تعود كل مجموعة الى بيوتهم ليكونوا فيها مدة شهرين.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ استُخدم ٠٠٠‏,٧٠ حمّال و ٠٠٠‏,٨٠ قَطّاع.‏ وكانت هاتان المجموعتان الاخيرتان مؤلفتين من اشخاص غير اسرائيليين.‏ —‏ ١ مل ٥:‏​١٣-‏١٨؛‏ ٢ اخ ٢:‏​١٧،‏ ١٨‏.‏

تدشين الهيكل:‏ استغرق مشروع البناء الضخم سبع سنين ونصفا لينتهي في الشهر الثامن،‏ شهر بول،‏ سنة ١٠٢٧ ق‌م.‏ (‏١ مل ٦:‏​٣٧،‏ ٣٨‏)‏ ويبدو ان جلب العتاد وتجهيز كل شيء استلزم وقتا اضافيا،‏ ذلك لأن سليمان قدّس ودشن الهيكل في الشهر السابع،‏ ايثانيم،‏ في وقت عيد المظال.‏ (‏١ مل ٨:‏٢؛‏ ٢ اخ ٧:‏​٨-‏١٠‏)‏ لذا لا بد ان التدشين حصل في الشهر السابع من سنة ١٠٢٦ ق‌م،‏ اي بعد ١١ شهرا من انجاز اعمال البناء،‏ وليس قبل شهر من انتهائها (‏سنة ١٠٢٧ ق‌م)‏ كما يظن البعض.‏

وثمة رأي آخر يتبناه البعض،‏ وهو ان التدشين حصل في السنة الـ‍ ٢٤ لمُلك سليمان (‏سنة ١٠١٤ ق‌م)‏،‏ بعد ان كان قد بنى ايضا بيته ومباني حكومية اخرى (‏التي استغرقت ١٣ سنة اضافية)‏،‏ اي بعد ٢٠ سنة من الابتداء بأعمال البناء بمجملها.‏ ويلقى هذا الرأي دعما في الترجمة السبعينية اليونانية التي تقحم في ١ ملوك ٨:‏١ (‏٣ ملوك ٨:‏١ في سبع،‏ باڠستر)‏ بعض الكلمات غير الموجودة في النص الماسوري،‏ قائلة:‏ «وحدث لما انتهى سليمان من بناء بيت الرب وبيته بعد عشرين سنة،‏ ان الملك سليمان جمع كل شيوخ اسرائيل في صهيون،‏ لإصعاد تابوت عهد الرب من مدينة داود،‏ اي صهيون،‏ في شهر اثانين».‏ لكن اجراء مقارنة بين الروايتين في الملوك وأخبار الايام يبين عدم صحة هذا الاستنتاج.‏

فالسجل في ١ ملوك الاصحاحات ٦ الى ٨ يصف بناء الهيكل وإكماله،‏ ثم يتحدث عن مشاريع سليمان العمرانية الحكومية التي دامت ١٣ سنة.‏ وبعد ان يعود ويستفيض في الكلام عن بناء الهيكل وإدخال «الاشياء التي قدسها داود ابوه»،‏ يبدأ بسرد تفاصيل التدشين.‏ لذا يبدو ان وصف المشاريع العمرانية الحكومية (‏١ مل ٧:‏​١-‏٨‏)‏ أُورد بشكل اعتراضي،‏ اذا جاز التعبير،‏ للتحدث عن مشاريع البناء بشكل شامل.‏ اما السجل في ٢ اخبار الايام ٥:‏​١-‏٣ فيدل بطريقة مباشرة اكثر ان التدشين حصل ما إن صار الهيكل وعتاده جاهزين.‏ يذكر قائلا:‏ «وأخيرا أُكمل جميع العمل الذي عمله سليمان لبيت يهوه.‏ وأدخل سليمان الاشياء التي قدسها داود ابوه،‏ وجعل الفضة والذهب وكل العتاد في خزائن بيت اللّٰه.‏ حينئذ جمع سليمان .‏ .‏ .‏ شيوخ اسرائيل وكل رؤوس الاسباط».‏ وعقب إيراد تفاصيل حول إدخال الكهنة تابوت العهد الى الهيكل،‏ بعدما اصعدوه من مدينة داود الى اكمة الهيكل،‏ يتابع السجل الكلام واصفا التدشين.‏ —‏ ٢ اخ ٥:‏​٤-‏١٤؛‏ الاصحاحان ٦،‏ ٧‏.‏

يشك البعض في الرأي المذكور آنفا والقائل ان التدشين حصل في السنة التي تلت إكمال الهيكل،‏ وذلك لأن ١ ملوك ٩:‏​١-‏٩ تذكر ان يهوه تراءى لسليمان بعد بناء «بيت الملك» وقال له انه سمع صلاته.‏ (‏قارن ٢ اخ ٧:‏​١١-‏٢٢‏.‏)‏ وقد حدث ذلك في سنته الـ‍ ٢٤،‏ اي بعد انقضاء الـ‍ ٢٠ سنة من المشاريع العمرانية.‏ فهل انتظر اللّٰه ١٢ سنة قبل ان يستجيب الصلاة التي قدمها سليمان عند تدشين الهيكل؟‏ كلا،‏ لأنه عندما انتهى سليمان من صلاته وقت التدشين،‏ «نزلت النار من السماء وأكلت المحرقة والذبائح،‏ وملأ مجد يهوه البيت».‏ وما حدث كان دليلا مرئيا قويا على ان يهوه سمع الصلاة،‏ اذ بيّن ذلك بواسطة عمل.‏ والشعب نفسه اعتبر ما حدث دليلا انها سُمعت.‏ (‏٢ اخ ٧:‏​١-‏٣‏)‏ وقد تراءى اللّٰه لسليمان في وقت لاحق،‏ مظهرا انه لم ينسَ الصلاة التي قُدمت قبل ١٢ سنة؛‏ ورد عليها هذه المرة شفهيا بتأكيده لسليمان انها مقبولة لديه.‏ وفي هذه المناسبة الثانية التي تراءى له فيها،‏ حثه من جديد ان يبقى امينا كما كان داود ابوه.‏

صلاة سليمان:‏ في الصلاة التي قدمها سليمان عند تدشين الهيكل،‏ قال عن يهوه انه اله فوق الكل،‏ اله اللطف الحبي والولاء،‏ ومتمم الوعود التي يقطعها.‏ ومع ان الهيكل كان بيتا ليهوه،‏ ادرك سليمان ان «السماء وسماء السموات» لا تسعه.‏ كما ذكر ان يهوه يسمع الصلاة ويستجيبها،‏ وهو اله العدل الذي يكافئ البار ويجازي الشرير،‏ إلا انه يغفر للخاطئ الذي يتوب ويرجع اليه.‏ وهو ليس احد آلهة الطبيعة،‏ انما يملك سلطة على العوامل الجوية والحياة الحيوانية وعلى امم الارض ايضا.‏ كما انه ليس مجرد اله قومي لدى العبرانيين،‏ بل هو اله كل البشر الذين يطلبونه.‏ وقد ابدى سليمان في صلاته رغبة في رؤية اسم يهوه يتمجد في كل الارض،‏ وعبّر عن محبته للبر والعدل ولشعب اللّٰه اسرائيل وللغريب الذي يطلب يهوه.‏ —‏ ١ مل ٨:‏​٢٢-‏٥٣؛‏ ٢ اخ ٦:‏​١٢-‏٤٢‏.‏

خلال التدشين كان كل الكهنة يؤدون الخدمات الكهنوتية؛‏ ففي تلك المناسبة لم يكن من داع الى التقيد بالفرق التي نظمها داود.‏ (‏٢ اخ ٥:‏١١‏)‏ وكانت هنالك حاجة الى خدمات الجميع،‏ لأنه بالاضافة الى قرابين الحبوب قُدّم ٠٠٠‏,٢٢ من البقر و ٠٠٠‏,١٢٠ من الغنم كمحرقات وذبائح شركة خلال فترة العيد التي دامت سبعة ايام وانتهت بمحفل مقدس في اليوم الثامن.‏ وكان عدد الذبائح كبيرا جدا حتى ان المذبح النحاسي الكبير لم يسعها،‏ فاضطر سليمان الى تقديس جزء من الدار لهذا الغرض.‏ —‏ ١ مل ٨:‏​٦٣،‏ ٦٤؛‏ ٢ اخ ٧:‏​٥،‏ ٧‏.‏

وفي وقت لاحق،‏ اقام سليمان فرق الكهنة على خدمتهم واللاويين في وظائفهم بحسب التنظيمات التي وضعها داود.‏ وهكذا اصبح الهيكل المكان الذي يجتمع فيه كل الاسرائيليين للاحتفال بأعيادهم الموسمية وتقديم الذبائح ليهوه.‏

المباني الحكومية:‏ خلال السنوات الـ‍ ١٣ التي تلت إكمال بناء الهيكل،‏ بنى سليمان قصرا ملكيا جديدا على جبل المريا جنوب الهيكل مباشرة؛‏ وهكذا كان القصر قريبا من دار الهيكل الخارجية،‏ انما على مستوى ادنى.‏ كما بنى قربه رواق العرش ورواق الاعمدة وبيت غابة لبنان.‏ كل هذه كانت مبنية على الارض التي تنحدر من قمة الاكمة حيث بُني الهيكل الى النتوء الذي بُنيت عليه مدينة داود.‏ وبنى ايضا بيتا لزوجته المصرية،‏ اذ لم يُسمح لها ان «تسكن في بيت داود ملك اسرائيل» لأن «الاماكن التي دخل اليها تابوت يهوه هي مقدسة»،‏ كما قال سليمان.‏ —‏ ١ مل ٧:‏​١-‏٨؛‏ ٣:‏١؛‏ ٩:‏٢٤؛‏ ١١:‏١؛‏ ٢ اخ ٨:‏١١‏.‏

اعمال بناء في مختلف انحاء الامة:‏ بعد إنهاء مشاريع البناء الحكومية،‏ استهل سليمان اعمال البناء في مختلف ارجاء الامة.‏ وسخّر ذرية الكنعانيين الذين لم يحرِّمهم الاسرائيليون للهلاك خلال احتلالهم ارض كنعان،‏ غير انه لم يخفض مكانة اي اسرائيلي ويجعله عبدا.‏ (‏١ مل ٩:‏​٢٠-‏٢٢؛‏ ٢ اخ ٨:‏​٧-‏١٠‏)‏ وعمل سليمان على بناء وتحصين جازر (‏التي كان فرعون قد اخذها من الكنعانيين وأعطاها هدية لابنته زوجة سليمان)‏ وبيت حورون العليا والسفلى وبعلت وثامار،‏ وشيّد مدن الخزن ومدن المركبات ومدن الفرسان.‏ وقد استفادت كل المملكة،‏ بما فيها الاراضي الواقعة شرق نهر الاردن،‏ من اعمال البناء هذه.‏ كما عزز تحصين التل،‏ و«سد ثغرة مدينة داود».‏ (‏١ مل ١١:‏٢٧‏)‏ وربما يشير ذلك الى بنائه او توسيعه لـ‍ «سور اورشليم حواليها».‏ (‏١ مل ٣:‏١‏)‏ وقام ايضا بتحصين حاصور ومجدو.‏ وقد وجد علماء الآثار اجزاء من اسوار منيعة وبوابات محصنة يُظن انها من مخلفات سليمان في هاتين المدينتين الخربتين اليوم.‏ —‏ ١ مل ٩:‏​١٥-‏١٩؛‏ ٢ اخ ٨:‏​١-‏٦‏.‏

غناه ومجده:‏ تعاطى سليمان التجارة على نطاق واسع.‏ وقام اسطوله،‏ بالتعاون مع اسطول حيرام،‏ بجلب كميات كبيرة من الذهب من اوفير بالاضافة الى خشب «الصندل» والحجارة الكريمة.‏ (‏١ مل ٩:‏​٢٦-‏٢٨؛‏ ١٠:‏١١؛‏ ٢ اخ ٨:‏​١٧،‏ ١٨؛‏ ٩:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ وقد استُوردت الخيل والمركبات من مصر،‏ وكان التجار من كل انحاء العالم آنذاك يجلبون سلعهم بكميات وافرة.‏ بلغ دخل سليمان السنوي من الذهب ٦٦٦ وزنة (‏نحو ٠٠٠‏,٦٤٣‏,٢٥٦ دولار)‏،‏ فضلا عن الفضة والذهب والسلع الاخرى التي جلبها التجار.‏ (‏١ مل ١٠:‏​١٤،‏ ١٥؛‏ ٢ اخ ٩:‏​١٣،‏ ١٤‏)‏ كما كان «جميع ملوك الارض» يُحضرون الهدايا من اراضيهم كل سنة:‏ امتعة من ذهب وفضة،‏ زيت بلسان،‏ سلاحا،‏ خيلا،‏ بغالا،‏ وثروات اخرى.‏ (‏١ مل ١٠:‏​٢٤،‏ ٢٥،‏ ٢٨،‏ ٢٩؛‏ ٢ اخ ٩:‏​٢٣-‏٢٨‏)‏ حتى القرود والطواويس استوردت بواسطة سفن ترشيش.‏ (‏١ مل ١٠:‏٢٢؛‏ ٢ اخ ٩:‏٢١‏)‏ وكان لسليمان ٠٠٠‏,٤ مربط للخيل،‏ ومركبات (‏٤٠٠‏,١ مركبة بحسب ١ مل ١٠:‏٢٦‏)‏،‏ و ٠٠٠‏,١٢ فرس (‏او ربما فارس)‏.‏ —‏ ٢ اخ ٩:‏٢٥‏.‏

فاق سليمان في غناه كل ملوك الارض.‏ (‏١ مل ١٠:‏٢٣؛‏ ٢ اخ ٩:‏٢٢‏)‏ ولا شيء في الممالك الاخرى ضاهى روعة الممر المؤدي الى عرشه.‏ والعرش نفسه صُنع من عاج مغشى بذهب صافٍ،‏ مع ظلة مستديرة من ورائه.‏ وكان يُرتقى اليه بست درجات لها ستة اسود عند كل جانب.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ كان له اسدان واقفان بجانب مسندَي الذراعين.‏ (‏١ مل ١٠:‏​١٨-‏٢٠؛‏ ٢ اخ ٩:‏​١٧-‏١٩‏)‏ اما آنية شرب الملك فصُنعت جميعها من الذهب،‏ ويُذكر بالتحديد انه «لم يكن شيء من فضة،‏ اذ لم تكن تُحسب شيئا في ايام سليمان».‏ (‏٢ اخ ٩:‏٢٠‏)‏ ووُضعت في بيت سليمان وفي الهيكل قيثارات وآلات وترية مصنوعة من خشب الصندل،‏ ما لم يُرَ مثله قبلا في يهوذا.‏ —‏ ١ مل ١٠:‏١٢؛‏ ٢ اخ ٩:‏١١‏.‏

الطعام المزود لبيته:‏ كان مقدار الطعام المخصص لبيت سليمان الملكي يبلغ يوميا «ثلاثين كرا [٦٠٠‏,٦ ل؛‏ ١٨٨ بوشلا] من الدقيق الفاخر وستين كرا [٢٠٠‏,١٣ ل؛‏ ٣٧٥ بوشلا] من الطحين،‏ وعشرة ثيران سمينة وعشرين ثورا من المرعى ومئة خروف،‏ ما عدا الايائل والغزلان واليحامير والوقاويق المسمنة».‏ (‏١ مل ٤:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ وكان ١٢ وكيل منطقة،‏ واحد عن كل شهر من السنة،‏ يشرفون على تزويد الطعام.‏ وعُيّن لكل منهم جزء من الارض لتحقيق هذه الغاية،‏ ولم تُقسم الارض المعينة لهم بحسب حدود الاسباط بل بحسب مناطق الانتاج الزراعي.‏ كما كانوا يُحضرون العلف لخيول سليمان الكثيرة.‏ —‏ ١ مل ٤:‏​١-‏١٩،‏ ٢٧،‏ ٢٨‏.‏

ملكة سبأ تزور سليمان:‏ كانت ملكة سبأ من اشهر الزوار الذين اتوا من ارض غريبة لرؤية مجد سليمان وغناه.‏ فقد بلغت شهرة سليمان «الارض كلها»،‏ حتى ان هذه الملكة سافرت من ارضها البعيدة «لتمتحنه بمسائل محيرة».‏ فكلّمته «بكل ما كان في قلبها»،‏ و «لم يكن امر مخفيا عن الملك لم يخبرها به».‏ —‏ ١ مل ١٠:‏​١-‏٣،‏ ٢٤؛‏ ٢ اخ ٩:‏​١،‏ ٢‏.‏

بعد ان رأت الملكة روعة الهيكل وبيت سليمان،‏ قيام خدمه بخدمة المائدة وتقديم الشراب،‏ الملابس التي يرتدونها،‏ وذبائح محرقاته في الهيكل،‏ «لم يبقَ فيها روح بعد».‏ فهتفت قائلة:‏ «هوذا النصف لم أُخبَر به!‏ قد فقتَ حكمة وازدهارا على الاخبار التي سمعتُها»،‏ ثم طوبت الخدام الذين يخدمون ملكا كهذا.‏ كل ذلك دفعها الى تسبيح يهوه اللّٰه ومباركته لأنه عبّر عن محبته لإسرائيل بتعيين سليمان ملكا ليجري الحكم والبر.‏ —‏ ١ مل ١٠:‏​٤-‏٩؛‏ ٢ اخ ٩:‏​٣-‏٨‏.‏

وبعد ذلك اهدت لسليمان ١٢٠ وزنة ذهب (‏٠٠٠‏,٢٤٢‏,٤٦ دولار)‏ وعددا كبيرا من الحجارة الكريمة وكمية ضخمة جدا من زيت البلسان.‏ وسليمان بدوره اعطى الملكة كل ما سألته،‏ فضلا عما اعطاها اياه من سخاء قلبه،‏ وربما وهبها اكثر مما جلبت له.‏ —‏ ١ مل ١٠:‏​١٠،‏ ١٣؛‏ ٢ اخ ٩:‏​٩،‏ ١٢‏.‏

ازدهار حكمه:‏ بارك يهوه سليمان بالحكمة والمجد والغنى طوال فترة التصاقه بالعبادة الحقة،‏ كما نعمت امة اسرائيل حينذاك برضا اللّٰه.‏ وكان داود قد استُخدم لإخضاع اعداء اسرائيل ولتثبيت المملكة الى اقصى حدودها.‏ لذا تذكر الرواية:‏ «كان سليمان حاكما على جميع الممالك من النهر [الفرات] الى ارض الفلسطيين وإلى تخم مصر.‏ وكانوا يحضرون الهدايا ويخدمون سليمان كل ايام حياته».‏ (‏١ مل ٤:‏٢١‏)‏ وحلّ السلام في ايام سليمان،‏ «وكان يهوذا وإسرائيل كثيرين،‏ مثل الرمل الذي عند البحر في الكثرة،‏ يأكلون ويشربون ويفرحون».‏ «وسكن يهوذا وإسرائيل في امن،‏ كل واحد تحت كرمته وتحت تينته،‏ من دان الى بئر سبع،‏ كل ايام سليمان».‏ —‏ ١ مل ٤:‏​٢٠،‏ ٢٥‏؛‏ الخريطة في المجلد ١،‏ ص X‏.‏

حكمة سليمان:‏ «اعطى اللّٰه سليمان حكمة وفهما كثيرا جدا وقلبا واسع البصيرة،‏ كالرمل الذي على شاطئ البحر.‏ ففاقت حكمة سليمان حكمة جميع بني المشرق وكل حكمة مصر».‏ بعد ذكر ذلك،‏ يعدد السجل اشخاصا آخرين ذوي حكمة فائقة هم ايثان الازراحي (‏كان كما يَظهر مرنما في ايام داود وكاتبا للمزمور ٨٩‏)‏ وثلاثة حكماء آخرون في اسرائيل.‏ غير ان سليمان فاقهم حكمة،‏ «وكان صيته في جميع الامم حواليه.‏ وتكلم بثلاثة آلاف مثل،‏ وكانت اناشيده ألفا وخمسة».‏ وشمل نطاق معرفته نباتات وحيوانات الارض؛‏ وأظهرت امثاله،‏ بالاضافة الى كتاباته في سفرَي الجامعة ونشيد الاناشيد،‏ انه امتلك معرفة عميقة للطبيعة البشرية.‏ (‏١ مل ٤:‏​٢٩-‏٣٤‏)‏ ويبين سفر الجامعة انه تأمل كثيرا لكي يجد «الكلمات المسرة وكتابة كلمات الحق السديدة».‏ (‏جا ١٢:‏١٠‏)‏ كما انه اختبر امورا كثيرة،‏ اذ اختلط بالوضعاء ورفيعي الشأن وأمعن في مراقبة حياتهم وعملهم وآمالهم وأهدافهم،‏ وكذلك في التقلبات التي تحدث في حياة البشر.‏ وقد رفّع معرفة اللّٰه وشريعته،‏ وشدد قبل كل شيء على ان ‹مخافة يهوه بدء المعرفة والحكمة› وأن واجب الانسان هو ‹خوف اللّٰه وحفظ وصاياه›.‏ —‏ ام ١:‏٧؛‏ ٩:‏١٠؛‏ جا ١٢:‏١٣‏؛‏ انظر «الجامعة».‏

حيدانه عن طريق البر:‏ نعم سليمان بالازدهار حين كان يلتزم بعبادة يهوه.‏ ومن الواضح انه قال امثاله وكتب سفري الجامعة ونشيد الاناشيد ومزمورا واحدا على الاقل (‏مز ١٢٧‏)‏ خلال خدمته الامينة للّٰه.‏ لكنه اخذ يهمل شريعة اللّٰه.‏ يذكر السجل:‏ «احب الملك سليمان زوجات غريبات كثيرات مع بنت فرعون:‏ موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات،‏ من الامم الذين قال يهوه عنهم لبني اسرائيل:‏ ‹لا تختلطوا بهم ولا يختلطوا بكم،‏ فإنهم يميلون قلبكم لتتبعوا آلهتهم›.‏ فتعلق سليمان بهم وأحبهم.‏ وكان له سبع مئة زوجة اميرة،‏ وثلاث مئة سرية،‏ فأمالت زوجاته قلبه.‏ وكان في زمن شيخوخة سليمان ان زوجاته املن قلبه الى اتباع آلهة اخرى،‏ ولم يكن قلبه كاملا مع يهوه الهه كقلب داود ابيه.‏ فذهب سليمان وراء عشتورث الاهة الصيدونيين،‏ ووراء ملكوم رجس العمونيين.‏ وفعل سليمان الشر في عيني يهوه،‏ ولم يتبع يهوه تماما كداود ابيه.‏ حينئذ بنى سليمان مرتفعة لكموش رجس الموآبيين على الجبل الذي تجاه اورشليم،‏ ولمولك رجس بني عمون.‏ وكذلك فعل لجميع زوجاته الغريبات اللواتي كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن».‏ —‏ ١ مل ١١:‏​١-‏٨‏.‏

مع ان هذا حدث «في زمن شيخوخة سليمان»،‏ لا يمكن الاستنتاج ان حيدانه نجم عن الخرف،‏ لأن سليمان كان صغيرا نسبيا عندما اعتلى العرش وملكَ ٤٠ سنة.‏ (‏١ اخ ٢٩:‏١؛‏ ٢ اخ ٩:‏٣٠‏)‏ ولا يذكر السجل ان سليمان تخلى كليا عن العبادة في الهيكل وتقديم الذبائح هناك.‏ فقد حاول كما يبدو ان يمارس نوعا من الايمان الخليط بهدف ارضاء زوجاته الغريبات.‏ لذا «اشتد غضب يهوه على سليمان،‏ لأن قلبه مال عن يهوه اله اسرائيل،‏ الذي تراءى له مرتين».‏ وقال يهوه لسليمان انه سينتزع منه جزءا من المملكة بسبب ما فعله،‏ انما ليس في ايامه بل في ايام ابنه،‏ وذلك احتراما لداود ومن اجل اورشليم.‏ ولن يبقى مع هذا الابن سوى سبط واحد (‏فضلا عن يهوذا)‏ تبيّن انه سبط بنيامين.‏ —‏ ١ مل ١١:‏​٩-‏١٣‏.‏

مقاومو سليمان:‏ من ذلك الوقت فصاعدا،‏ اقام يهوه مقاومين لسليمان.‏ وكان ابرزهم يربعام من سبط افرايم الذي جعل في النهاية عشرة اسباط ينقضون ولاءهم للعرش في ايام رحبعام،‏ مؤسسا المملكة الشمالية التي صارت تدعى اسرائيل.‏ (‏كان سليمان قد عيّن الفتى يربعام على كل خدمة التسخير في بيت يوسف بسبب اجتهاده.‏)‏ كما واجه سليمان مشاكل تسبب بها هدد الادومي ورزون،‏ وهو عدو لداود صار ملكا لأرام.‏ —‏ ١ مل ١١:‏​١٤-‏٤٠؛‏ ١٢:‏​١٢-‏١٥‏.‏

كان لابتعاد الملك سليمان عن اللّٰه تأثير سلبي في حكمه.‏ فقد اصبح حكما استبداديا،‏ الامر الذي يعود في اغلب الظن الى استنزاف الموارد الاقتصادية جراء ارتفاع النفقات الحكومية التي ازدادت بإفراط دون شك.‏ كما عمّ الاستياء بين المسخَّرين،‏ ولا بد انه عمّ ايضا بين النظار الاسرائيليين الذين عليهم.‏ وعندما توقف سليمان عن اتّباع اللّٰه بقلب كامل،‏ حُرم البركة والازدهار اللذين منحه اياهما يهوه ولم يعد يحظى بالحكمة ليحكم بالبر والعدل وليحل المشاكل الناشئة.‏ وكما قال سليمان نفسه قبلا:‏ «اذا كثر الابرار يفرح الشعب،‏ وإذا حكم الشرير يتنهد الشعب».‏ —‏ ام ٢٩:‏٢‏.‏

كان ذلك هو الوضع السائد نظرا الى ما يذكره السجل حين يتحدث عن الامور التي حصلت بُعيد موت سليمان،‏ عندما صار رحبعام ملكا.‏ وكان اللّٰه قد اخبر يربعام بواسطة النبي اخيا انه سيعطيه عشرة اسباط،‏ وأنه اذا حفظ احكامه فسيبني له بيتا ثابتا كما بنى لداود.‏ بعد ذلك طلب سليمان قتل يربعام،‏ ففرّ الى مصر التي كان يحكمها خلفٌ لأبي زوجة سليمان المصرية.‏ وبقي يربعام هناك حتى موت سليمان.‏ ثم قاد الشعب في شكوى تقدموا بها الى رحبعام،‏ ودفعهم في النهاية الى التمرد.‏ —‏ ١ مل ١١:‏​٢٦-‏٤٠؛‏ ١٢:‏​١٢-‏٢٠‏.‏

مع ان قلب سليمان مال عن اتِّباع يهوه،‏ «اضطجع سليمان مع آبائه،‏ ودُفن في مدينة داود ابيه».‏ —‏ ١ مل ١١:‏٤٣؛‏ ٢ اخ ٩:‏٣١‏.‏

يسوع،‏ الوريث الشرعي لسليمان:‏ يورد متى اسماء المتحدرين من سليمان وصولا الى يوسف،‏ ابي يسوع بالتبني،‏ مظهرا بذلك ان يسوع يملك الحق الشرعي في اعتلاء عرش داود من خلال هذه السلالة الملكية.‏ (‏مت ١:‏​٧،‏ ١٦‏)‏ ويورد لوقا سلسلة نسب يسوع وصولا الى هالي (‏والد مريم كما يظهر)‏ عبر ناثان (‏ابن آخر لداود وبثشبع وبالتالي شقيق لسليمان)‏.‏ (‏لو ٣:‏​٢٣،‏ ٣١‏)‏ تلتقي سلسلتا النسب هاتان عند زربابل وشألتيئيل،‏ ثم تتفرعان الى سلسلتين.‏ (‏مت ١:‏​١٢،‏ ١٣؛‏ لو ٣:‏٢٧‏)‏ وبما ان مريم امّ يسوع تحدرت من داود عبر ناثان،‏ ويوسف ابوه بالتبني تحدر من داود عبر سليمان،‏ يكون يسوع المتحدر الطبيعي والشرعي من داود وله كل الحق في تولي الملك.‏ —‏ انظر «سلسلة نسب يسوع المسيح».‏

ضرورة صون القلب:‏ طوال الفترة التي حافظ فيها سليمان على ‹قلب طائع›،‏ امر سعى اليه في البداية،‏ نعمَ بالازدهار وبرضا يهوه.‏ لكن عاقبته الوخيمة تظهر ان المعرفة والإمكانيات الواسعة او السلطة والغنى والشهرة ليست الشيء الاهم،‏ وأن الابتعاد عن يهوه يعني التخلي عن الحكمة.‏ وقد تبينت صحة مشورة سليمان:‏ «صن قلبك اكثر من كل شيء تصونه،‏ لأن منه منابع الحياة».‏ (‏١ مل ٣:‏٩؛‏ ام ٤:‏٢٣‏)‏ وتظهر قضيته كم قلب الانسان الخاطئ غادر ويستميت الى غايته،‏ وتؤكد انه حتى اصلح القلوب يمكن ان تُغوى اذا لم يحافظ المرء على يقظته.‏ كما ان الحماية الاكيدة تأتي من محبة ما يحبه يهوه وبغض ما يبغضه،‏ مع طلب ارشاده باستمرار وفعل ما يرضيه.‏ —‏ ار ١٧:‏٩؛‏ ام ٨:‏١٣؛‏ عب ١:‏٩؛‏ يو ٨:‏٢٩‏.‏

النبوات المسيانية:‏ توجد تشابهات كثيرة بين حكم سليمان وحكم الملك العظيم يسوع المسيح،‏ كما تنبئ به الاسفار المقدسة.‏ وحين كان سليمان طائعا ليهوه كان حكمه من نواح كثيرة نموذجا مصغرا للملكوت المسياني.‏ فقد اتى يسوع المسيح ‹الاعظم من سليمان› كرجل سلام،‏ ويبدو انه انجز عمل بناء روحي يرتبط بشكل رئيسي برد العبادة الحقة بين أتباعه الممسوحين في هيكل يهوه الروحي العظيم.‏ (‏مت ١٢:‏٤٢؛‏ ٢ كو ٦:‏١٦؛‏ يو ١٤:‏٢٧؛‏ ١٦:‏٣٣؛‏ رو ١٤:‏١٧؛‏ يع ٣:‏١٨‏)‏ وكان سليمان من سلالة داود كيسوع.‏ ويتوافق اسمه (‏المشتق من جذر معناه «سلام»)‏ مع وصف يسوع المسيح الممجد ‹برئيس السلام›.‏ (‏اش ٩:‏٦‏)‏ كما ان اسمه يديديا (‏اي «محبوب ياه»)‏ ينسجم مع ما قاله اللّٰه بنفسه عن ابنه يسوع وقت معموديته:‏ «هذا هو ابني الحبيب الذي عنه رضيت».‏ —‏ مت ٣:‏١٧‏.‏

المزمور ٧٢ هو دعاء من اجل حكم سليمان:‏ «لتحمل الجبال سلاما للشعب .‏ .‏ .‏ يزهر في ايامه البار،‏ وكثرة السلام الى ان يزول القمر.‏ ويكون رعاياه من البحر الى البحر [البحر المتوسط والبحر الاحمر كما يظهر (‏خر ٢٣:‏٣١‏)‏] ومن النهر [الفرات] الى اقاصي الارض».‏ —‏ مز ٧٢:‏​٣-‏٨‏.‏

وعن المزمور ٧٢:‏٧ (‏«الى ان يزول القمر»)‏ يذكر تعليق على الكتاب المقدس،‏ تحرير كوك:‏ «هذه الآية مهمة لأنها تُظهر ان فكرة وجود ملك يدوم حكمه الى آخر الايام كانت حاضرة بقوة في ذهن صاحب المزمور.‏ وهي تعطي كامل النص طابعه المسياني».‏ وحول العدد ٨ يقول:‏ «وجب ان تكون المملكة عالمية النطاق،‏ ان تمتد الى اقاصي الارض.‏ والتوسع الذي شهدته المملكة الاسرائيلية في ظل حكم داود وسليمان كان سببا كافيا لبعث الامل،‏ وربما اعتبر صاحب المزمور توسع المملكة ضمانا لتحقيق هذا الامل.‏ ولكن اذا رُبط هذا الاعلان بالآيات السابقة،‏ نجد انه مسياني بحت».‏

فضلا عن ذلك،‏ في نبوة يُعترَف عموما بأنها مسيانية،‏ استخدم النبي ميخا الكلمات التي وصفت الاحوال السائدة خلال حكم سليمان،‏ حين كان ‹يهوذا وإسرائيل ساكنين في امن،‏ كل واحد تحت كرمته وتحت تينته،‏ كل ايام سليمان›.‏ (‏١ مل ٤:‏٢٥؛‏ مي ٤:‏٤‏)‏ ويقتبس زكريا (‏زك ٩:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ المزمور ٧٢:‏٨ في نبوة يطبقها متى على يسوع المسيح.‏ —‏ مت ٢١:‏​٤،‏ ٥‏.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة