مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • درس في الايمان من شجرة تين
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يسوع وتلاميذه يلاحظون ان شجرة التين العقيمة يبست

      اَلْفَصْلُ ١٠٥

      دَرْسٌ فِي ٱلْإِيمَانِ مِنْ شَجَرَةِ تِينٍ

      متى ٢١:‏​١٩-‏٢٧ مرقس ١١:‏​١٩-‏٣٣ لوقا ٢٠:‏​١-‏٨

      • دَرْسٌ فِي ٱلْإِيمَانِ مِنَ ٱلتِّينَةِ ٱلْيَابِسَةِ

      • تَحَدِّي سُلْطَةِ يَسُوعَ

      يَرْحَلُ يَسُوعُ عَنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ ظُهْرِ ٱلْإِثْنَيْنِ وَيَعُودُ إِلَى بَيْتَ عَنْيَا ٱلْوَاقِعَةِ عَلَى ٱلْمُنْحَدَرِ ٱلشَّرْقِيِّ لِجَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ.‏ وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ،‏ يُمْضِي لَيْلَتَهُ عِنْدَ أَصْدِقَائِهِ لِعَازَرَ وَمَرْيَمَ وَمَرْثَا.‏

      ثُمَّ فِي ٱلصَّبَاحِ،‏ صَبَاحِ ١١ مِنْ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ،‏ يَمْضِي هُوَ وَتَلَامِيذُهُ عَلَى ٱلطَّرِيقِ مُجَدَّدًا عَائِدِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ هُنَاكَ،‏ سَيَزُورُ ٱلْهَيْكَلَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأَخِيرَةِ.‏ وَهٰذَا ٱلْيَوْمُ هُوَ ٱلْيَوْمُ ٱلْأَخِيرُ مِنْ خِدْمَةِ يَسُوعَ ٱلْعَلَنِيَّةِ.‏ بَعْدَئِذٍ سَيَحْتَفِلُ بِٱلْفِصْحِ وَيُؤَسِّسُ ذِكْرَى مَوْتِهِ وَيُحَاكَمُ وَيَمُوتُ.‏

      وَفِيمَا هُمْ مُتَوَجِّهُونَ مِنْ بَيْتَ عَنْيَا إِلَى أُورُشَلِيمَ مُرُورًا بِجَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ،‏ يَقَعُ نَظَرُ بُطْرُسَ عَلَى ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي لَعَنَهَا مُعَلِّمُهُ صَبَاحَ ٱلْيَوْمِ ٱلْفَائِتِ.‏ فَيَقُولُ:‏ «رَابِّي،‏ ٱنْظُرْ!‏ إِنَّ شَجَرَةَ ٱلتِّينِ ٱلَّتِي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ».‏ —‏ مرقس ١١:‏٢١‏.‏

      فَلِمَ أَيْبَسَ ٱلْمَسِيحُ هٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ؟‏ يَكْشِفُ عَنِ ٱلسَّبَبِ بِقَوْلِهِ:‏ «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:‏ إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلَا تَشُكُّونَ،‏ لَا تَفْعَلُونَ مَا فَعَلْتُ بِٱلتِّينَةِ فَقَطْ،‏ بَلْ أَيْضًا إِنْ قُلْتُمْ لِهٰذَا ٱلْجَبَلِ:‏ ‹اِنْقَلِعْ وَٱنْطَرِحْ فِي ٱلْبَحْرِ›،‏ يَحْدُثُ ذٰلِكَ.‏ وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي ٱلصَّلَاةِ بِإِيمَانٍ،‏ تَنَالُونَهُ».‏ (‏متى ٢١:‏​٢١،‏ ٢٢‏)‏ وَهٰذِهِ ٱلْفِكْرَةُ لَيْسَتْ بِجَدِيدَةٍ.‏ فَقَدْ سَبَقَ لَهُ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ ٱلْإِيمَانَ قَادِرٌ عَلَى نَقْلِ جَبَلٍ مِنْ مَكَانِهِ.‏ —‏ متى ١٧:‏٢٠‏.‏

      وَحِينَ يُيْبِسُ يَسُوعُ شَجَرَةَ ٱلتِّينِ،‏ يُرِي تَلَامِيذَهُ بِأُمِّ عَيْنِهِمِ ٱلْحَاجَةَ إِلَى ٱلْإِيمَانِ بِٱللّٰهِ‏.‏ يَذْكُرُ:‏ «كُلُّ مَا تُصَلُّونَ لِأَجْلِهِ وَتَطْلُبُونَهُ،‏ فَآ‌مِنُوا أَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمُوهُ،‏ فَيَكُونَ لَكُمْ».‏ (‏مرقس ١١:‏٢٤‏)‏ إِنَّ هٰذَا ٱلدَّرْسَ فِي غَايَةِ ٱلْأَهَمِّيَّةِ لِأَتْبَاعِ يَسُوعَ عُمُومًا وَلِلرُّسُلِ خُصُوصًا.‏ فَهُمْ عَمَّا قَرِيبٍ سَيُوَاجِهُونَ تَجَارِبَ صَعْبَةً.‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَلْنَنْتَقِلْ إِلَى دَرْسٍ آخَرَ فِي ٱلْإِيمَانِ تُبْرِزُهُ ٱلتِّينَةُ ٱلْيَابِسَةُ.‏

      تَمَامًا مِثْلَ هٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي كَانَ مَنْظَرُهَا يَغُشُّ،‏ تَرَكَتْ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ ٱنْطِبَاعًا خَادِعًا يَغُشُّ فِي ٱلظَّاهِرِ.‏ فَشَعْبُ إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَرْبِطُهُمْ عَلَاقَةٌ خُصُوصِيَّةٌ بِٱللّٰهِ،‏ وَلَعَلَّهُمْ بَدَوْا فِي ٱلظَّاهِرِ يُطَبِّقُونَ ٱلشَّرِيعَةَ.‏ لٰكِنَّ ٱلْأُمَّةَ كَكُلٍّ أَظْهَرَتْ أَنَّهَا تَفْتَقِرُ إِلَى ٱلْإِيمَانِ وَلَا تَحْمِلُ ثَمَرًا جَيِّدًا.‏ وَقَدْ وَصَلَ بِهِمِ ٱلْأَمْرُ أَنْ يَرْفُضُوا ٱبْنَ ٱللّٰهِ بِٱلذَّاتِ!‏ لِذَا حِينَ أَيْبَسَ يَسُوعُ هٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ ٱلْعَقِيمَةَ،‏ صَوَّرَ لِتَلَامِيذِهِ ٱلنِّهَايَةَ ٱلَّتِي سَتَلْقَاهَا هٰذِهِ ٱلْأُمَّةُ ٱلْعَقِيمَةُ وَٱلْعَدِيمَةُ ٱلْإِيمَانِ.‏

      بُعَيْدَ ذٰلِكَ،‏ يَصِلُ يَسُوعُ وَتَلَامِيذُهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ وَكَعَادَتِهِ،‏ يَتَوَجَّهُ إِلَى ٱلْهَيْكَلِ وَيَرُوحُ يُعَلِّمُ.‏ إِلَّا أَنَّ كِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلشُّيُوخَ يُقَرِّرُونَ أَنْ يَتَحَدَّوْهُ،‏ فَيَقُولُونَ:‏ «بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ تَفْعَلُ هٰذَا؟‏ أَوْ مَنْ أَعْطَاكَ هٰذِهِ ٱلسُّلْطَةَ لِتَفْعَلَ هٰذَا؟‏».‏ (‏مرقس ١١:‏٢٨‏)‏ وَلَرُبَّمَا يَسْأَلُونَهُ وَفِي بَالِهِمْ مَا فَعَلَهُ بِٱلصَّيَارِفَةِ قَبْلَ يَوْمٍ وَاحِدٍ.‏

      فَيُجِيبُهُمْ يَسُوعُ:‏ «أَسْأَلُكُمْ سُؤَالًا وَاحِدًا.‏ أَجِيبُونِي،‏ فَأَقُولَ لَكُمْ بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ أَفْعَلُ هٰذَا.‏ أَمِنَ ٱلسَّمَاءِ كَانَتْ مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا أَمْ مِنَ ٱلنَّاسِ؟‏ أَجِيبُونِي».‏ وَبِهٰذَا يَقْلِبُ يَسُوعُ ٱلْآيَةَ،‏ فَيُصْبِحُ هُوَ ٱلْمُسْتَجْوِبَ وَخُصُومُهُ هُمُ ٱلْمُسْتَجْوَبِينَ!‏ فَيَتَشَاوَرُ ٱلْكَهَنَةُ وَٱلشُّيُوخُ فِي مَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ:‏ «إِنْ قُلْنَا:‏ ‹مِنَ ٱلسَّمَاءِ›،‏ يَقُولُ:‏ ‹لِمَاذَا إِذًا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟‏›.‏ وَهَلْ نَجْرُؤُ أَنْ نَقُولَ:‏ ‹مِنَ ٱلنَّاسِ›؟‏».‏ فَهُمْ «كَانُوا يَخَافُونَ ٱلْجَمْعَ،‏ لِأَنَّهُ كَانَ كُلُّهُ يَعْتَبِرُ أَنَّ يُوحَنَّا نَبِيٌّ حَقًّا».‏ —‏ مرقس ١١:‏​٢٩-‏٣٢‏.‏

      وَحِينَ لَا يَتَوَصَّلُ مُقَاوِمُو يَسُوعَ إِلَى جَوَابٍ مُنَاسِبٍ،‏ يَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَائِلِينَ:‏ «لَا نَعْرِفُ».‏ فَيُجِيبُهُمْ هُوَ بِدَوْرِهِ:‏ «وَلَا أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ أَفْعَلُ هٰذَا».‏ —‏ مرقس ١١:‏٣٣‏.‏

      • لِمَ يَوْمُ ١١ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ مُهِمٌّ؟‏

      • أَيَّ دَرْسَيْنِ يُعَلِّمُ يَسُوعُ مِنْ شَجَرَةِ ٱلتِّينِ ٱلَّتِي أَيْبَسَهَا؟‏

      • كَيْفَ يُفْحِمُ يَسُوعُ ٱلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ:‏ «بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ تَفْعَلُ هٰذَا»؟‏

  • مثلان عن الكرْم
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • فلاحون يقتلون ابن صاحب الكرم

      اَلْفَصْلُ ١٠٦

      مَثَلَانِ عَنِ ٱلْكَرْمِ

      متى ٢١:‏​٢٨-‏٤٦ مرقس ١٢:‏​١-‏١٢ لوقا ٢٠:‏​٩-‏١٩

      • مَثَلٌ عَنِ ٱبْنَيْنِ

      • مَثَلٌ عَنْ فَلَّاحِي ٱلْكَرْمِ

      لَا يَزَالُ يَسُوعُ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَقَدْ جَاوَبَ لِتَوِّهِ كِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ وَشُيُوخَ ٱلشَّعْبِ بِذَكَاءٍ بَعْدَمَا سَأَلُوهُ بِأَيَّةِ سُلْطَةٍ يَتَصَرَّفُ.‏ وَجَوَابُهُ هٰذَا أَرْبَكَهُمْ وَأَسْكَتَهُمْ.‏ وَمِنْ ثُمَّ يَتَكَلَّمُ بِمَثَلٍ يَكْشِفُ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالَ عَلَى حَقِيقَتِهِمْ.‏

      يَقُولُ:‏ «كَانَ لِإِنْسَانٍ ٱبْنَانِ فَجَاءَ إِلَى ٱلْأَوَّلِ وَقَالَ يَا ٱبْنِي ٱذْهَبِ ٱلْيَوْمَ ٱعْمَلْ فِي كَرْمِي.‏ فَأَجَابَ وَقَالَ مَا أُرِيدُ.‏ وَلٰكِنَّهُ نَدِمَ أَخِيرًا وَمَضَى.‏ وَجَاءَ إِلَى ٱلثَّانِي وَقَالَ كَذٰلِكَ.‏ فَأَجَابَ وَقَالَ هَا أَنَا يَا سَيِّدُ.‏ وَلَمْ يَمْضِ.‏ فَأَيُّ ٱلِٱثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ ٱلْأَبِ».‏ (‏متى ٢١:‏​٢٨-‏٣١‏،‏ ترجمة فاندايك‏)‏ هَلْ مِنْ شَكٍّ فِي ٱلْجَوَابِ؟‏ طَبْعًا ٱلِٱبْنُ ٱلْأَوَّلُ هُوَ مَنْ عَمِلَ أَخِيرًا إِرَادَةَ أَبِيهِ.‏

      بِنَاءً عَلَى ذٰلِكَ،‏ يَقُولُ يَسُوعُ لِمُقَاوِمِيهِ:‏ «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ جُبَاةَ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْعَاهِرَاتِ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ‏».‏ فَمَعَ أَنَّ جُبَاةَ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْعَاهِرَاتِ لَمْ يَعْبُدُوا ٱللّٰهَ فِي ٱلْبِدَايَةِ،‏ تَابُوا لَاحِقًا تَمَامًا كَٱلِٱبْنِ ٱلْأَوَّلِ وَصَارُوا يَعْبُدُونَهُ.‏ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ يُشْبِهُ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ ٱلِٱبْنَ ٱلثَّانِيَ.‏ فَهُمْ يَدَّعُونَ عِبَادَةَ ٱللّٰهِ لٰكِنَّهُمْ فِي ٱلْحَقِيقَةِ بَعِيدُونَ عَنْهَا.‏ يَذْكُرُ يَسُوعُ:‏ «يُوحَنَّا [ٱلْمَعْمَدَانُ] جَاءَكُمْ بِطَرِيقِ ٱلْبِرِّ،‏ فَلَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ.‏ أَمَّا جُبَاةُ ٱلضَّرَائِبِ وَٱلْعَاهِرَاتُ فَآ‌مَنُوا بِهِ،‏ وَأَنْتُمْ رَأَيْتُمْ هٰذَا،‏ وَلَمْ تَشْعُرُوا بَعْدَ ذٰلِكَ بِأَسَفٍ لِتُؤْمِنُوا بِهِ».‏ —‏ متى ٢١:‏​٣١،‏ ٣٢‏.‏

      ثُمَّ يُقَدِّمُ مَثَلًا آخَرَ يَفْضَحُ مِنْ خِلَالِهِ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ.‏ فَهُمْ بِحَسَبِ هٰذَا ٱلْمَثَلِ لَمْ يَفْشَلُوا فِي عِبَادَةِ ٱللّٰهِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ أَشْرَارٌ أَيْضًا.‏ يَقُولُ:‏ «إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْمًا،‏ وَأَقَامَ حَوْلَهُ سِيَاجًا،‏ وَحَفَرَ حَوْضًا لِمِعْصَرَةِ ٱلْخَمْرِ وَشَيَّدَ بُرْجًا،‏ وَأَجَّرَهُ لِفَلَّاحِينَ،‏ وَسَافَرَ.‏ وَلَمَّا آنَ ٱلْأَوَانُ،‏ أَرْسَلَ إِلَى ٱلْفَلَّاحِينَ عَبْدًا،‏ لِيَأْخُذَ مِنَ ٱلْفَلَّاحِينَ شَيْئًا مِنْ ثِمَارِ ٱلْكَرْمِ.‏ فَأَخَذُوهُ وَضَرَبُوهُ وَصَرَفُوهُ فَارِغًا.‏ فَعَادَ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدًا آخَرَ،‏ وَهٰذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَأَهَانُوهُ.‏ وَأَرْسَلَ آخَرَ،‏ وَهٰذَا أَيْضًا قَتَلُوهُ،‏ وَكَثِيرِينَ آخَرِينَ،‏ فَضَرَبُوا بَعْضَهُمْ وَقَتَلُوا بَعْضَهُمْ».‏ —‏ مرقس ١٢:‏​١-‏٥‏.‏

      هَلْ يَفْهَمُ ٱلسَّامِعُونَ مَغْزَى ٱلْمَثَلِ؟‏ لَرُبَّمَا هُمْ يَذْكُرُونَ أَنَّ إِشَعْيَا ٱنْتَقَدَ أُمَّةَ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا:‏ «إِنَّ كَرْمَ يَهْوَهِ ٱلْجُنُودِ هُوَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ،‏ وَغَرْسَ لَذَّتِهِ رِجَالُ يَهُوذَا.‏ وَقَدْ رَجَا عَدْلًا فَإِذَا كَسْرٌ لِلشَّرِيعَةِ».‏ (‏اشعيا ٥:‏٧‏)‏ وَٱلْمَثَلُ ٱلَّذِي يُقَدِّمُهُ يَسُوعُ شَبِيهٌ بِمَا كَتَبَهُ إِشَعْيَا.‏ فَرَبُّ ٱلْبَيْتِ فِي كِلَا ٱلْمَثَلَيْنِ هُوَ يَهْوَهُ وَٱلْكَرْمُ هُوَ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي سَيَّجَ حَوْلَهَا وَحَمَاهَا بِوَاسِطَةِ شَرِيعَتِهِ.‏ وَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنْبِيَاءَ لِكَيْ يُوَجِّهَهَا وَيُسَاعِدَهَا لِتُنْتِجَ ثَمَرًا جَيِّدًا.‏

      غَيْرَ أَنَّ «ٱلْفَلَّاحِينَ» أَسَاءُوا مُعَامَلَةَ ‹ٱلْعَبِيدِ› ٱلَّذِينَ أُرْسِلُوا إِلَيْهِمْ وَقَتَلُوهُمْ.‏ «وَبَقِيَ لَهُ [صَاحِبِ ٱلْكَرْمِ] وَاحِدٌ،‏ ٱبْنٌ حَبِيبٌ.‏ فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ أَخِيرًا،‏ قَائِلًا:‏ ‹سَيَحْتَرِمُونَ ٱبْنِي›.‏ وَلٰكِنَّ أُولٰئِكَ ٱلْفَلَّاحِينَ قَالُوا فِي مَا بَيْنَهُمْ:‏ ‹هٰذَا هُوَ ٱلْوَارِثُ.‏ تَعَالَوْا نَقْتُلُهُ،‏ فَيَكُونَ ٱلْمِيرَاثُ لَنَا›.‏ فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ».‏ —‏ مرقس ١٢:‏​٦-‏٨‏.‏

      فَيَسْأَلُ يَسُوعُ:‏ «مَاذَا يَفْعَلُ صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ؟‏».‏ (‏مرقس ١٢:‏٩‏)‏ يُجِيبُهُ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ:‏ «لِأَنَّهُمْ أَرْدِيَاءُ سَيُهْلِكُهُمْ هَلَاكًا رَدِيًّا وَيُؤَجِّرُ ٱلْكَرْمَ لِفَلَّاحِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ ٱلثِّمَارَ فِي أَوَانِهَا».‏ —‏ متى ٢١:‏٤١‏.‏

      وَهٰكَذَا،‏ دُونَ أَنْ يَدْرُوا،‏ يَدِينُونَ ذَاتَهُمْ.‏ فَهُمْ أَنْفُسُهُمْ ‹فَلَّاحُونَ› فِي «كَرْمِ» يَهْوَهَ،‏ أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ.‏ وَٱلثَّمَرُ ٱلَّذِي يُفْتَرَضُ أَنْ يُقَدِّمُوهُ لِلّٰهِ يَشْمُلُ ٱلْإِيمَانَ بِٱبْنِهِ،‏ ٱلْمَسِيَّا.‏ لِذَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مُبَاشَرَةً وَيَقُولُ:‏ «أَمَا قَرَأْتُمْ هٰذِهِ ٱلْآيَةَ:‏ ‹اَلْحَجَرُ ٱلَّذِي رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ هُوَ صَارَ حَجَرَ ٱلزَّاوِيَةِ ٱلرَّئِيسِيَّ.‏ مِنْ يَهْوَهَ كَانَ هٰذَا،‏ وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا›؟‏».‏ (‏مرقس ١٢:‏​١٠،‏ ١١‏)‏ ثُمَّ يَذْكُرُ بِصَرِيحِ ٱلْعِبَارَةِ:‏ «لِهٰذَا أَقُولُ لَكُمْ:‏ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تُنْتِجُ ثِمَارَهُ».‏ —‏ متى ٢١:‏٤٣‏.‏

      وَبِمَا أَنَّ ٱلْكَتَبَةَ وَكِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ يُدْرِكُونَ أَنَّ يَسُوعَ «قَالَ هٰذَا ٱلْمَثَلَ عَلَيْهِمْ»،‏ يُصَمِّمُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى أَنْ يَقْتُلُوا «ٱلْوَارِثَ» ٱلشَّرْعِيَّ يَسُوعَ.‏ (‏لوقا ٢٠:‏١٩‏)‏ غَيْرَ أَنَّهُمْ يَخَافُونَ مِنَ ٱلْجُمُوعِ لِأَنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَهُ نَبِيًّا.‏ فَيُبَيِّتُونَ ٱلْمَسْأَلَةَ حَتَّى وَقْتٍ لَاحِقٍ.‏

      • مَنْ يُمَثِّلُ ٱلِٱبْنَانِ فِي مَثَلِ يَسُوعَ؟‏

      • فِي ٱلْمَثَلِ ٱلثَّانِي،‏ مَنْ يُمَثِّلُ رَبُّ ٱلْبَيْتِ،‏ ٱلْكَرْمُ،‏ ٱلْفَلَّاحُونَ،‏ ٱلْعَبِيدُ،‏ وَٱلْوَارِثُ؟‏

      • أَيُّ مَصِيرٍ يَنْتَظِرُ «ٱلْفَلَّاحِينَ» مُسْتَقْبَلًا؟‏

  • ملك يوجِّه دعوات الى وليمة عرس
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • الملك يطرد من الوليمة شخصا لا يلبس ثوب عرس

      اَلْفَصْلُ ١٠٧

      مَلِكٌ يُوَجِّهُ دَعَوَاتٍ إِلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ

      متى ٢٢:‏​١-‏١٤

      • مَثَلُ وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ

      خِدْمَةُ يَسُوعَ تُشْرِفُ عَلَى نِهَايَتِهَا،‏ وَهُوَ لَا يَزَالُ يَتَكَلَّمُ بِأَمْثَالٍ يَفْضَحُ مِنْ خِلَالِهَا ٱلْكَتَبَةَ وَكِبَارَ ٱلْكَهَنَةِ.‏ لِذَا هُمْ مُصَمِّمُونَ عَلَى قَتْلِهِ.‏ (‏لوقا ٢٠:‏١٩‏)‏ وَهَا هُوَ ٱلْآنَ يُقَدِّمُ مَثَلًا آخَرَ يُشَهِّرُهُمْ:‏

      ‏«يُشْبِهُ مَلَكُوتُ ٱلسَّمٰوَاتِ إِنْسَانًا مَلِكًا صَنَعَ وَلِيمَةَ عُرْسٍ لِٱبْنِهِ.‏ وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ لِيَدْعُوا ٱلْمَدْعُوِّينَ إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ،‏ فَلَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا».‏ (‏متى ٢٢:‏​٢،‏ ٣‏)‏ بِمَا أَنَّ يَسُوعَ يَسْتَهِلُّ مَثَلَهُ بِٱلْحَدِيثِ عَنْ «مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ»،‏ فَمِنَ ٱلْمَنْطِقِيِّ أَنْ يَكُونَ ‹ٱلْمَلِكُ› هُوَ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ.‏ وَمَنْ يُمَثِّلُ ٱبْنُ ٱلْمَلِكِ وَٱلْمَدْعُوُّونَ إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ؟‏ مِنَ ٱلْبَيِّنِ أَنَّ ٱبْنَ ٱلْمَلِكِ هُوَ ٱبْنُ يَهْوَهَ،‏ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلَّذِي يُقَدِّمُ ٱلْمَثَلَ.‏ أَمَّا ٱلْمَدْعُوُّونَ فَوَاضِحٌ أَنَّهُمُ ٱلْأَشْخَاصُ ٱلَّذِينَ سَيَكُونُونَ مَعَ ٱلِٱبْنِ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ.‏

      وَلٰكِنْ مَنْ هُمْ أَوَّلُ ٱلْمَدْعُوِّينَ؟‏ طَوَالَ خِدْمَةِ يَسُوعَ،‏ كَانَ هُوَ وَتَلَامِيذُهُ يُبَشِّرُونَ ٱلْيَهُودَ بِٱلْمَلَكُوتِ.‏ (‏متى ١٠:‏​٦،‏ ٧؛‏ ١٥:‏٢٤‏)‏ فَقَدْ وَافَقَتْ هٰذِهِ ٱلْأُمَّةُ عَلَى عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ عَامَ ١٥١٣ ق‌م،‏ فَكَانَتِ ٱلْأَوْلَوِيَّةُ لَهُمْ لِيُؤَلِّفُوا «مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ».‏ (‏خروج ١٩:‏​٥-‏٨‏)‏ وَمَتَى دُعُوا إِلَى «وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ»؟‏ مَنْطِقِيًّا وُجِّهَتْ هٰذِهِ ٱلدَّعْوَةُ عَامَ ٢٩ ب‌م حِينَ بَدَأَ يَسُوعُ يُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ.‏

      وَمَاذَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ مُعْظَمِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟‏ كَمَا قَالَ يَسُوعُ،‏ «لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَأْتُوا».‏ فَأَغْلَبُ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ وَٱلشَّعْبِ رَفَضُوا ٱلِٱعْتِرَافَ بِيَسُوعَ بِصِفَتِهِ ٱلْمَسِيَّا وَٱلْمَلِكَ ٱلَّذِي عَيَّنَهُ ٱللّٰهُ.‏

      مَعَ ذٰلِكَ،‏ يُظْهِرُ يَسُوعُ أَنَّ ٱلْيَهُودَ سَيَحْظَوْنَ بِفُرْصَةٍ أُخْرَى.‏ يَذْكُرُ:‏ «وَأَرْسَلَ [ٱلْمَلِكُ] ثَانِيَةً عَبِيدًا آخَرِينَ،‏ قَائِلًا:‏ ‹قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ:‏ «هَا إِنِّي قَدْ هَيَّأْتُ غَدَائِي.‏ ثِيرَانِي وَحَيَوَانَاتِي ٱلْمُسَمَّنَةُ قَدْ ذُبِحَتْ،‏ وَكُلُّ شَيْءٍ مُعَدٌّ.‏ تَعَالَوْا إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ»›.‏ وَلٰكِنَّهُمْ مَضَوْا غَيْرَ مُكْتَرِثِينَ،‏ وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ،‏ وَآخَرُ إِلَى تِجَارَتِهِ،‏ وَٱلْبَاقُونَ أَمْسَكُوا عَبِيدَهُ وَأَهَانُوهُمْ وَأَسَاءُوا إِلَيْهِمْ وَقَتَلُوهُمْ».‏ (‏متى ٢٢:‏​٤-‏٦‏)‏ تُشْبِهُ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثُ إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ مَا حَصَلَ حِينَ تَأَسَّسَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ.‏ آنَذَاكَ كَانَتِ ٱلْفُرْصَةُ لَا تَزَالُ مُتَاحَةً أَمَامَ ٱلْيَهُودِ لِيَكُونُوا فِي ٱلْمَلَكُوتِ.‏ غَيْرَ أَنَّ مُعْظَمَهُمْ رَفَضُوا ٱلدَّعْوَةَ.‏ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِذٰلِكَ فَقَطْ،‏ بَلْ أَسَاءُوا إِلَى ‹عَبِيدِ ٱلْمَلِكِ› أَيْضًا.‏ —‏ اعمال ٤:‏​١٣-‏١٨؛‏ ٧:‏​٥٤،‏ ٥٨‏.‏

      وَمَاذَا حَصَدَتِ ٱلْأُمَّةُ بِٱلنَّتِيجَةِ؟‏ يَقُولُ ٱلْمَسِيحُ:‏ «سَخِطَ ٱلْمَلِكُ وَأَرْسَلَ جَيْشَهُ وَأَهْلَكَ أُولٰئِكَ ٱلْقَتَلَةَ وَأَحْرَقَ مَدِينَتَهُمْ».‏ (‏متى ٢٢:‏٧‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ هٰذَا مَا حَصَلَ لَهُمْ سَنَةَ ٧٠ ب‌م حِينَ دَمَّرَ ٱلرُّومَانُ «مَدِينَتَهُمْ» أُورُشَلِيمَ.‏

      وَلٰكِنْ هَلْ رَفْضُهُمُ ٱلدَّعْوَةَ يَعْنِي أَنَّ ٱلْمَلِكَ لَنْ يَدْعُوَ أَحَدًا آخَرَ؟‏ كَلَّا.‏ فَيَسُوعُ يُكْمِلُ:‏ «ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ:‏ ‹وَلِيمَةُ ٱلْعُرْسِ مُعَدَّةٌ،‏ وَلٰكِنَّ ٱلْمَدْعُوِّينَ مَا كَانُوا مُسْتَحِقِّينَ.‏ فَٱذْهَبُوا إِلَى ٱلطُّرُقِ ٱلْمُؤَدِّيَةِ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ،‏ وَٱدْعُوا إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ كُلَّ مَنْ تَجِدُونَهُ›.‏ فَخَرَجَ أُولٰئِكَ ٱلْعَبِيدُ إِلَى ٱلطُّرُقِ،‏ وَجَمَعُوا كُلَّ مَنْ وَجَدُوا،‏ أَشْرَارًا وَصَالِحِينَ.‏ فَٱمْتَلَأَتْ قَاعَةُ ٱلْعُرْسِ بِٱلْمُتَّكِئِينَ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ».‏ —‏ متى ٢٢:‏​٨-‏١٠‏.‏

      بِحَسَبِ ٱلسِّجِلِّ،‏ بَدَأَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ بَعْدَ فَتْرَةٍ يُسَاعِدُ ٱلْأُمَمِيِّينَ،‏ أَيْ مَنْ لَيْسُوا يَهُودًا بِٱلْوِلَادَةِ أَوْ مُتَهَوِّدِينَ،‏ لِيَصِيرُوا مَسِيحِيِّينَ حَقِيقِيِّينَ.‏ وَسَنَةَ ٣٦ ب‌م،‏ نَالَ ٱلضَّابِطُ ٱلرُّومَانِيُّ كَرْنِيلِيُوسُ وَعَائِلَتُهُ رُوحَ ٱللّٰهِ فَحَظُوا بِٱلفُرْصَةِ أَنْ يَكُونُوا فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ ٱلَّذِي أَتَى يَسُوعُ عَلَى ذِكْرِهِ.‏ —‏ اعمال ١٠:‏​١،‏ ٣٤-‏٤٨‏.‏

      لٰكِنَّ يَسُوعَ يُشِيرُ أَنَّ «ٱلْمَلِكَ» لَنْ يَقْبَلَ فِي ٱلنِّهَايَةِ جَمِيعَ ٱلْمَدْعُوِّينَ إِلَى ٱلْوَلِيمَةِ.‏ يَذْكُرُ:‏ «وَلَمَّا دَخَلَ ٱلْمَلِكُ لِيَتَفَقَّدَ ٱلضُّيُوفَ،‏ أَبْصَرَ إِنْسَانًا لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ عُرْسٍ.‏ فَقَالَ لَهُ:‏ ‹يَا صَاحِبُ،‏ كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَلَيْسَ عَلَيْكَ ثَوْبُ عُرْسٍ؟‏›.‏ فَسَكَتَ.‏ حِينَئِذٍ قَالَ ٱلْمَلِكُ لِخَدَمِهِ:‏ ‹قَيِّدُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَلْقُوهُ فِي ٱلظُّلْمَةِ ٱلْخَارِجِيَّةِ.‏ هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ ٱلْأَسْنَانِ›.‏ فَإِنَّ ٱلْمَدْعُوِّينَ كَثِيرُونَ،‏ أَمَّا ٱلْمُخْتَارُونَ فَقَلِيلُونَ».‏ —‏ متى ٢٢:‏​١١-‏١٤‏.‏

      لَعَلَّ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ لَمْ يَفْهَمُوا كَامِلًا مَعْنَى أَوِ ٱنْطِبَاقَاتِ ٱلْمَثَلِ.‏ إِلَّا أَنَّ ٱلشَّيْءَ ٱلْأَكِيدَ أَنَّهُمْ غَاضِبُونَ وَعَازِمُونَ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ هٰذَا ٱلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي لَمْ يَكُفَّ عَنْ إِحْرَاجِهِمْ قَطُّ.‏

      • فِي مَثَلِ يَسُوعَ،‏ مَنْ يُمَثِّلُ «ٱلْمَلِكُ» وَ «ٱبْنُهُ»،‏ وَمَنْ هُمْ أَوَّلُ ٱلْمَدْعُوِّينَ إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ؟‏

      • مَتَى وُجِّهَتِ ٱلدَّعْوَةُ إِلَى ٱلْيَهُودِ،‏ وَمَنْ دُعِيَ بَعْدَهُمْ؟‏

      • مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِمَّا قَالَهُ يَسُوعُ إِنَّ «ٱلْمَدْعُوِّينَ كَثِيرُونَ،‏ أَمَّا ٱلْمُخْتَارُونَ فَقَلِيلُونَ»؟‏

  • يسوع يُحبط محاولات للايقاع به
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يسوع يحمل نقد ضريبة الرأس ويجيب عن اسئلة الفريسيين الماكرة

      اَلْفَصْلُ ١٠٨

      يَسُوعُ يُحْبِطُ مُحَاوَلَاتٍ لِلْإِيقَاعِ بِهِ

      متى ٢٢:‏​١٥-‏٤٠ مرقس ١٢:‏​١٣-‏٣٤ لوقا ٢٠:‏​٢٠-‏٤٠

      • مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ

      • اَلزَّوَاجُ فِي ٱلْقِيَامَةِ

      • اَلْوَصِيَّتَانِ ٱلْعُظْمَيَانِ

      أَعْدَاءُ يَسُوعَ ٱلدِّينِيُّونَ حَانِقُونَ عَلَيْهِ.‏ فَقَدْ تَكَلَّمَ لِلتَّوِّ بِأَمْثَالٍ تَفْضَحُ شُرُورَهُمْ.‏ فَيَتَشَاوَرُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ مَعًا لِكَيْ يُوقِعُوهُ بِٱلْكَلَامِ وَيُسَلِّمُوهُ إِلَى ٱلْحَاكِمِ ٱلرُّومَانِيِّ.‏ فَيَرْشُونَ بَعْضَ تَلَامِيذِهِمْ وَيُرْسِلُونَهُمْ لِيَنْصِبُوا لَهُ فَخًّا.‏ —‏ لوقا ٦:‏٧‏.‏

      فَيَسْأَلُونَهُ بِتَمَلُّقٍ:‏ «يَا مُعَلِّمُ،‏ نَعْرِفُ أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ بِٱلصَّوَابِ وَلَا تُحَابِي،‏ بَلْ تُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ ٱنْسِجَامًا مَعَ ٱلْحَقِّ:‏ أَيَحِلُّ لَنَا أَنْ نَدْفَعَ ٱلضَّرِيبَةَ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟‏».‏ (‏لوقا ٢٠:‏​٢١،‏ ٢٢‏)‏ لَا يَخْفَى عَلَى يَسُوعَ رِيَاؤُهُمْ وَمَكْرُهُمْ.‏ فَإِذَا أَجَابَ:‏ ‹لَا يَحِلُّ دَفْعُ هٰذِهِ ٱلضَّرِيبَةِ›،‏ فَقَدْ يُتَّهَمُ بِٱلتَّحْرِيضِ عَلَى ٱلْفِتْنَةِ ضِدَّ رُومَا.‏ وَإِذَا قَالَ:‏ ‹اِدْفَعُوا هٰذِهِ ٱلضَّرِيبَةَ›،‏ فَلَعَلَّ ٱلشَّعْبَ ٱلْمُسْتَاءَ مِنَ ٱلْحُكْمِ ٱلرُّومَانِيِّ يُسِيءُ فَهْمَهُ وَيَنْقَلِبُ عَلَيْهِ.‏ فَبِمَ يُجِيبُ إِذًا؟‏

      يَرُدُّ:‏ «لِمَ تَمْتَحِنُونَنِي،‏ يَا مُرَاؤُونَ؟‏ أَرُونِي نَقْدَ ضَرِيبَةِ ٱلرَّأْسِ».‏ فَيُحْضِرُونَ إِلَيْهِ دِينَارًا.‏ فَيَسْأَلُهُمْ:‏ «لِمَنْ هٰذِهِ ٱلصُّورَةُ وَٱلْكِتَابَةُ؟‏».‏ يُجِيبُونَ:‏ «لِقَيْصَرَ».‏ فَيَرُدُّ:‏ «أَوْفُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ،‏ وَمَا لِلّٰهِ لِلّٰهِ»!‏ أَوَلَيْسَ جَوَابُهُ هٰذَا ضَرْبَةَ مُعَلِّمٍ؟‏!‏ —‏ متى ٢٢:‏​١٨-‏٢١‏.‏

      لَا عَجَبَ أَنْ يُصْعَقَ ٱلرِّجَالُ مِنْ هٰذَا ٱلْجَوَابِ ٱلذَّكِيِّ.‏ فَيَتْرُكُونَهُ عِنْدَئِذٍ وَلَا يَقُولُونَ شَيْئًا.‏ لٰكِنَّ ٱلْيَوْمَ لَمْ يَنْتَهِ بَعْدُ وَمَكَايِدُ خُصُومِهِ لَمْ تَنْتَهِ هِيَ ٱلْأُخْرَى.‏ وَٱلْآنَ،‏ بَعْدَمَا فَشِلَ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ،‏ يَأْتِي دَوْرُ فَرِيقٍ دِينِيٍّ آخَرَ لِيُوقِعَ بِيَسُوعَ.‏

      هٰذَا ٱلْفَرِيقُ هُوَ بِدْعَةُ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْقِيَامَةِ.‏ فَيَقْتَرِبُونَ مِنْ يَسُوعَ وَيَسْأَلُونَهُ عَنِ ٱلْقِيَامَةِ وَوَاجِبِ أَخِي ٱلزَّوْجِ ٱلْمُتَوَفَّى،‏ قَائِلِينَ:‏ «يَا مُعَلِّمُ،‏ قَالَ مُوسَى:‏ ‹إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلَادٌ،‏ يَقْتَرِنُ أَخُوهُ بِزَوْجَتِهِ وَيُقِيمُ نَسْلًا لِأَخِيهِ›.‏ فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ.‏ وَتَزَوَّجَ ٱلْأَوَّلُ وَمَاتَ وَلَيْسَ لَهُ نَسْلٌ،‏ فَتَرَكَ زَوْجَتَهُ لِأَخِيهِ.‏ وَحَدَثَ كَذٰلِكَ أَيْضًا مَعَ ٱلثَّانِي وَٱلثَّالِثِ،‏ إِلَى ٱلسَّبْعَةِ جَمِيعًا.‏ وَآخِرَ ٱلْكُلِّ مَاتَتِ ٱلْمَرْأَةُ.‏ فَفِي ٱلْقِيَامَةِ‏،‏ لِمَنْ مِنَ ٱلسَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟‏ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ».‏ —‏ متى ٢٢:‏​٢٤-‏٢٨‏.‏

      فَيَقْتَبِسُ يَسُوعُ مِنْ كِتَابَاتِ مُوسَى ٱلَّتِي يُؤْمِنُونَ بِهَا وَيَقُولُ:‏ «أَلَيْسَ لِهٰذَا تَضِلُّونَ،‏ إِذْ لَا تَعْرِفُونَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ وَلَا قُدْرَةَ ٱللّٰهِ؟‏ لِأَنَّهُمْ حِينَ يَقُومُونَ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ،‏ لَا يَتَزَوَّجُ ٱلرِّجَالُ وَلَا تُزَوَّجُ ٱلنِّسَاءُ،‏ بَلْ يَكُونُونَ مِثْلَ ٱلْمَلَائِكَةِ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ.‏ أَمَّا أَنَّ ٱلْأَمْوَاتَ يَقُومُونَ،‏ أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى،‏ فِي ٱلرِّوَايَةِ عَنِ ٱلْعُلَّيْقَةِ،‏ كَيْفَ قَالَ ٱللّٰهُ لَهُ:‏ ‹أَنَا إِلٰهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهُ إِسْحَاقَ وَإِلٰهُ يَعْقُوبَ›؟‏ فَهُوَ لَيْسَ إِلٰهَ أَمْوَاتٍ،‏ بَلْ أَحْيَاءٍ‏.‏ فَأَنْتُمْ تَضِلُّونَ كَثِيرًا».‏ (‏مرقس ١٢:‏​٢٤-‏٢٧؛‏ خروج ٣:‏​١-‏٦‏)‏ فَذَهِلَتِ ٱلْجُمُوعُ مِنْ هٰذَا ٱلْجَوَابِ.‏

      وَبَعْدَمَا أَسْكَتَ يَسُوعُ كِلَا ٱلْفَرِيقَيْنِ،‏ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَٱلصَّدُّوقِيِّينَ،‏ يَتَحَالَفُونَ مَعًا وَيَأْتُونَ لِيَمْتَحِنُوهُ مَرَّةً جَدِيدَةً.‏ فَيَسْأَلُهُ أَحَدُ ٱلْكَتَبَةِ:‏ «يَا مُعَلِّمُ،‏ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ ٱلْعُظْمَى فِي ٱلشَّرِيعَةِ؟‏».‏ —‏ متى ٢٢:‏٣٦‏.‏

      فَيُجِيبُ:‏ «اَلْأُولَى هِيَ:‏ ‹اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ،‏ يَهْوَهُ إِلٰهُنَا،‏ يَهْوَهُ وَاحِدٌ،‏ وَتُحِبُّ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَبِكُلِّ نَفْسِكَ وَبِكُلِّ عَقْلِكَ وَبِكُلِّ قُوَّتِكَ›.‏ وَٱلثَّانِيَةُ هِيَ هٰذِهِ:‏ ‹تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ›.‏ وَلَيْسَ مِنْ وَصِيَّةٍ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ».‏ —‏ مرقس ١٢:‏​٢٩-‏٣١‏.‏

      وَعِنْدَمَا يَسْمَعُ ٱلْكَاتِبُ جَوَابَ يَسُوعَ يَقُولُ:‏ «يَا مُعَلِّمُ،‏ أَحْسَنْتَ إِذْ قُلْتَ بِٱلْحَقِّ:‏ ‹وَاحِدٌ هُوَ،‏ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ›.‏ وَمَحَبَّتُهُ بِكُلِّ ٱلْقَلْبِ وَبِكُلِّ ٱلْفَهْمِ وَبِكُلِّ ٱلْقُوَّةِ وَمَحَبَّةُ ٱلْقَرِيبِ كَٱلنَّفْسِ،‏ أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ جَمِيعِ ٱلْمُحْرَقَاتِ وَٱلذَّبَائِحِ».‏ أَمَّا يَسُوعُ فَيَرُدُّ عَلَى هٰذَا ٱلْجَوَابِ ٱلْمُلْفِتِ قَائِلًا:‏ «لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».‏ —‏ مرقس ١٢:‏​٣٢-‏٣٤‏.‏

      ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مَضَتْ (‏٩،‏ ١٠،‏ و ١١ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ)‏ وَيَسُوعُ يُعَلِّمُ فِي ٱلْهَيْكَلِ.‏ وَٱلْبَعْضُ،‏ مِثْلَ هٰذَا ٱلْكَاتِبِ،‏ يَفْرَحُونَ بِمَا يَسْمَعُونَ.‏ أَمَّا ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ ‹فَلَا يَجْرُؤُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدُ أَنْ يَسْأَلَهُ›.‏

      • أَيُّ مَكِيدَةٍ يُدَبِّرُهَا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ لِيَسُوعَ،‏ وَهَلْ يَنْجَحُونَ؟‏

      • كَيْفَ يُفْشِلُ يَسُوعُ خُطَّةَ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ لِلْإِيقَاعِ بِهِ؟‏

      • بِمَ يُجِيبُ يَسُوعُ أَحَدَ ٱلْكَتَبَةِ بَعْدَمَا يَسْأَلُهُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ ٱلْعُظْمَى فِي ٱلشَّرِيعَةِ؟‏

  • تشهير المقاومين الدينيين
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يسوع يفضح مقاوميه الدينيين

      اَلْفَصْلُ ١٠٩

      تَشْهِيرُ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلدِّينِيِّينَ

      متى ٢٢:‏٤١–‏٢٣:‏٢٤ مرقس ١٢:‏​٣٥-‏٤٠ لوقا ٢٠:‏​٤١-‏٤٧

      • اِبْنُ مَنْ هُوَ ٱلْمَسِيحُ؟‏

      • يَسُوعُ يَفْضَحُ رِيَاءَ مُقَاوِمِيهِ

      تَبُوءُ جُهُودُ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلدِّينِيِّينَ بِٱلْفَشَلِ.‏ فَلَا يَنْجَحُونَ فِي تَشْوِيهِ صُورَةِ يَسُوعَ وَلَا ٱلْإِيقَاعِ بِهِ وَتَسْلِيمِهِ إِلَى ٱلرُّومَانِ.‏ (‏لوقا ٢٠:‏٢٠‏)‏ وَٱلْآنَ،‏ فِيمَا لَا يَزَالُ فِي ٱلْهَيْكَلِ فِي ١١ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ،‏ يَأْخُذُ ٱلْمُبَادَرَةَ وَيَكْشِفُ هُوِيَّتَهُ ٱلْحَقِيقِيَّةَ.‏ فَيَسْأَلُهُمْ هُوَ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ:‏ «مَاذَا تَظُنُّونَ فِي ٱلْمَسِيحِ؟‏ اِبْنُ مَنْ هُوَ؟‏».‏ (‏متى ٢٢:‏٤٢‏)‏ طَبْعًا،‏ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ أَنَّ ٱلْمَسِيحَ أَوِ ٱلْمَسِيَّا هُوَ مِنْ سُلَالَةِ دَاوُدَ،‏ وَهٰذَا مَا يُجِيبُونَ بِهِ.‏ —‏ متى ٩:‏٢٧؛‏ ١٢:‏٢٣؛‏ يوحنا ٧:‏٤٢‏.‏

      فَيَسْأَلُ مُجَدَّدًا:‏ «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِٱلْوَحْيِ ‹رَبًّا›،‏ قَائِلًا:‏ ‹قَالَ يَهْوَهُ لِرَبِّي:‏ «اِجْلِسْ عَنْ يَمِينِي إِلَى أَنْ أَضَعَ أَعْدَاءَكَ تَحْتَ قَدَمَيْكَ»›؟‏ فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ ‹رَبًّا›،‏ فَكَيْفَ يَكُونُ هُوَ ٱبْنَهُ؟‏».‏ —‏ متى ٢٢:‏​٤٣-‏٤٥‏.‏

      يَلْزَمُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلصَّمْتَ.‏ فَهُمْ يَتَوَقَّعُونَ أَنْ يَكُونَ ٱلْمَسِيَّا إِنْسَانًا مُتَحَدِّرًا مِنْ دَاوُدَ يُحَرِّرُهُمْ مِنْ نِيرِ ٱلرُّومَانِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي يَقْتَبِسُهَا يَسُوعُ مِنَ ٱلْمَزْمُورِ ١١٠:‏​١،‏ ٢ تُؤَكِّدُ أَنَّ ٱلْمَسِيَّا لَيْسَ مُجَرَّدَ حَاكِمٍ بَشَرِيٍّ.‏ فَهُوَ رَبُّ دَاوُدَ.‏ وَسَيُمَارِسُ سُلْطَتَهُ بَعْدَ أَنْ يَجْلِسَ عَنْ يَمِينِ ٱللّٰهِ.‏ وَهٰكَذَا يُفْحِمُ يَسُوعُ مُقَاوِمِيهِ مَرَّةً أُخْرَى.‏

      وَمِنْ ثُمَّ يَتَوَجَّهُ بِٱلْحَدِيثِ إِلَى ٱلرُّسُلِ وَكَثِيرِينَ غَيْرِهِمْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْهِ مُحَذِّرًا إِيَّاهُمْ مِنَ ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ‹جَلَسُوا عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى› لِيُعَلِّمُوا شَرِيعَةَ ٱللّٰهِ،‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ يَطْلُبُ مِنْ مُسْتَمِعِيهِ:‏ «اِفْعَلُوا كُلَّ مَا يَقُولُونَهُ لَكُمْ وَٱحْفَظُوهُ،‏ وَلٰكِنْ لَا تَفْعَلُوا حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ،‏ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلَا يَفْعَلُونَ».‏ —‏ متى ٢٣:‏​٢،‏ ٣‏.‏

      بَعْدَئِذٍ يَتَكَلَّمُ بِأَمْثِلَةٍ تَكْشِفُ رِيَاءَهُمْ.‏ فَيَقُولُ:‏ «هُمْ يُعَرِّضُونَ ٱلْعُلَبَ ٱلْمُحْتَوِيَةَ عَلَى آيَاتٍ ٱلَّتِي يَلْبَسُونَهَا كَتَعَاوِيذَ».‏ وَضَعَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ عَلَى جِبَاهِهِمْ أَوْ أَذْرُعِهِمْ عُلَبًا صَغِيرَةً نِسْبِيًّا تَحْتَوِي عَلَى مَقَاطِعَ صَغِيرَةٍ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ.‏ أَمَّا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ فَكَبَّرُوا هٰذِهِ ٱلْعُلَبَ لِيُوحُوا أَنَّهُمْ غَيُورُونَ عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ.‏ هٰذَا وَقَدْ كَانُوا «يُطِيلُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ».‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱللّٰهَ أَوْصَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَصْنَعُوا أَهْدَابًا لِثِيَابِهِمْ،‏ إِلَّا أَنَّ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ قَصَدُوا أَنْ يُطِيلُوا هٰذِهِ ٱلْأَهْدَابَ كَثِيرًا.‏ (‏عدد ١٥:‏​٣٨-‏٤٠‏)‏ كُلُّ ذٰلِكَ يَفْعَلُونَهُ «لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ ٱلنَّاسُ».‏ —‏ متى ٢٣:‏٥‏.‏

      وَٱلْجَمِيعُ عُرْضَةٌ أَنْ يَقَعُوا فِي فَخِّ ٱلْبُرُوزِ،‏ حَتَّى تَلَامِيذُ يَسُوعَ.‏ لِذَا يَنْصَحُهُمْ:‏ «لَا تُدْعَوْا رَابِّي،‏ لِأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ،‏ وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ.‏ وَلَا تَدْعُوا أَحَدًا أَبًا لَكُمْ عَلَى ٱلْأَرْضِ،‏ لِأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ،‏ وَهُوَ ٱلسَّمَاوِيُّ.‏ وَلَا تُدْعَوْا ‹قَادَةً›،‏ لِأَنَّ قَائِدَكُمْ وَاحِدٌ،‏ وَهُوَ ٱلْمَسِيحُ».‏ ثُمَّ يُرْدِفُ وَيُخْبِرُهُمْ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَيَتَصَرَّفُوا،‏ فَيَقُولُ:‏ «اَلْأَعْظَمُ بَيْنَكُمْ فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا.‏ مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ».‏ —‏ متى ٢٣:‏​٨-‏١٢‏.‏

      بَعْدَمَا يَقُولُ هٰذَا،‏ يَتْلُو سِلْسِلَةَ وَيْلَاتٍ عَلَى ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ ٱلْمُرَائِينَ:‏ «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ،‏ لِأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمٰوَاتِ قُدَّامَ ٱلنَّاسِ،‏ فَلَا أَنْتُمْ تَدْخُلُونَ،‏ وَلَا تَسْمَحُونَ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلدُّخُولَ أَنْ يَدْخُلُوا!‏».‏ —‏ متى ٢٣:‏١٣‏.‏

      ثُمَّ يَدِينُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ لِأَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ ٱعْتِبَارًا لِوُجْهَةِ نَظَرِ يَهْوَهَ،‏ بَلْ يَسُنُّونَ قَوَانِينَ ٱعْتِبَاطِيَّةً كَمَا يَشَاءُونَ.‏ فَيَقُولُونَ مَثَلًا:‏ «مَنْ حَلَفَ بِٱلْهَيْكَلِ فَلَيْسَ ذٰلِكَ بِشَيْءٍ،‏ أَمَّا مَنْ حَلَفَ بِذَهَبِ ٱلْهَيْكَلِ فَهُوَ مُلْزَمٌ».‏ أَوَلَيْسَتْ مَقَايِيسُهُمْ مُشَوَّهَةً تَمَامًا؟‏!‏ فَهُمْ يُعَلِّقُونَ أَهَمِّيَّةً عَلَى ذَهَبِ ٱلْهَيْكَلِ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى ٱلْهَيْكَلِ نَفْسِهِ حَيْثُ يَسْتَطِيعُونَ عِبَادَةَ يَهْوَهَ وَٱلتَّقَرُّبَ مِنْهُ.‏ هٰذَا عَدَا عَنْ أَنَّهُمْ يَتَجَاهَلُونَ «أَثْقَلَ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ،‏ أَيِ ٱلْعَدْلَ وَٱلرَّحْمَةَ وَٱلْأَمَانَةَ».‏ —‏ متى ٢٣:‏​١٦،‏ ٢٣؛‏ لوقا ١١:‏٤٢‏.‏

      وَيُكْمِلُ يَسُوعُ وَاصِفًا ٱلْفَرِّيسِيِّينَ أَنَّهُمْ ‹قَادَةٌ عُمْيَانٌ يُصَفُّونَ مِنَ ٱلْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ ٱلْجَمَلَ›.‏ (‏متى ٢٣:‏٢٤‏)‏ فَمَعَ أَنَّهُمْ يُصَفُّونَ خَمْرَهُمْ مِنَ ٱلْبَعُوضَةِ لِأَنَّهَا نَجِسَةٌ بِحَسَبِ ٱلشَّرِيعَةِ،‏ يَتَجَاهَلُونَ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ أَثْقَلَ مَا فِي ٱلشَّرِيعَةِ كَمَا لَوْ أَنَّهُمْ يَبْتَلِعُونَ جَمَلًا.‏ وَٱلْجَمَلُ حَيَوَانٌ نَجِسٌ هُوَ ٱلْآخَرُ بِفَارِقٍ وَحِيدٍ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْبَعُوضَةِ بِأَشْوَاطٍ!‏ —‏ لاويين ١١:‏​٤،‏ ٢١-‏٢٤‏.‏

      • لِمَ يَلْزَمُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلصَّمْتَ حِينَ يَسْأَلُهُمْ يَسُوعُ عَنْ كَلِمَاتِ دَاوُدَ ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي ٱلْمَزْمُورِ ١١٠‏؟‏

      • لِمَ يُعَرِّضُ ٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْعُلَبَ ٱلْمُحْتَوِيَةَ عَلَى آيَاتٍ وَيُطِيلُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ؟‏

      • بِمَ يَنْصَحُ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ؟‏

  • اليوم الاخير في الهيكل
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يسوع يرى ارملة فقيرة تُلقي فلسَين في صندوق الخزانة في الهيكل

      اَلْفَصْلُ ١١٠

      اَلْيَوْمُ ٱلْأَخِيرُ فِي ٱلْهَيْكَلِ

      متى ٢٣:‏٢٥–‏٢٤:‏٢ مرقس ١٢:‏٤١–‏١٣:‏٢ لوقا ٢١:‏​١-‏٦

      • يَسُوعُ لَا يَكُفُّ عَنْ إِدَانَةِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ

      • اَلْهَيْكَلُ سَيُدَمَّرُ

      • أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ تَتَبَرَّعُ بِفَلْسَيْنِ

      إِنَّهَا إِطْلَالَةُ يَسُوعَ ٱلْأَخِيرَةُ فِي ٱلْهَيْكَلِ وَهُوَ لَا يَكُفُّ عَنْ فَضْحِ رِيَاءِ ٱلْكَتَبَةِ وَٱلْفَرِّيسِيِّينَ،‏ دَاعِيًا إِيَّاهُمْ عَلَى ٱلْمَلَإِ بِٱلْمُرَائِينَ.‏ وَهَا هُوَ ٱلْآنَ يَقُولُ لَهُمْ:‏ «تُطَهِّرُونَ خَارِجَ ٱلْكَأْسِ وَٱلصَّحْنِ،‏ وَهُمَا فِي ٱلدَّاخِلِ مَمْلُوآنِ نَهْبًا وَتَطَرُّفًا!‏ أَيُّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّ ٱلْأَعْمَى،‏ طَهِّرْ أَوَّلًا دَاخِلَ ٱلْكَأْسِ وَٱلصَّحْنِ حَتَّى يَصِيرَ خَارِجُهُمَا طَاهِرًا أَيْضًا».‏ (‏متى ٢٣:‏​٢٥،‏ ٢٦‏)‏ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمَجَازِيَّةِ،‏ يُشِيرُ يَسُوعُ أَنَّ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ مُتَزَمِّتُونَ فِي مَا يَخْتَصُّ بِٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ وَٱلطُّقُوسِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِٱلتَّطْهِيرِ،‏ لٰكِنَّهُمْ يَتَجَاهَلُونَ أَهَمِّيَّةَ تَنْمِيَةِ صِفَاتٍ حَسَنَةٍ وَيَفْشَلُونَ فِي تَطْهِيرِ قَلْبِهِمِ ٱلْمَجَازِيِّ.‏

      وَيَظْهَرُ رِيَاؤُهُمْ أَيْضًا فِي أَنَّهُمْ مُسْتَعِدُّونَ أَنْ يَبْنُوا قُبُورًا لِلْأَنْبِيَاءِ وَيُزَيِّنُوهَا مَعَ أَنَّهُمْ «أَبْنَاءُ ٱلَّذِينَ قَتَلُوا ٱلْأَنْبِيَاءَ» كَمَا يَقُولُ ٱلْمَسِيحُ.‏ (‏متى ٢٣:‏٣١‏)‏ وَأَعْمَالُهُمْ تُؤَكِّدُ صِحَّةَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ.‏ أَوَلَمْ يُحَاوِلُوا مِرَارًا أَنْ يَقْتُلُوا يَسُوعَ؟‏!‏ —‏ يوحنا ٥:‏١٨؛‏ ٧:‏​١،‏ ٢٥‏.‏

      بَعْدَئِذٍ يَتَحَدَّثُ عَنْ نِهَايَةِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ فِي حَالِ لَمْ يَتُوبُوا،‏ قَائِلًا:‏ «أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ سُلَالَةُ ٱلْأَفَاعِي،‏ كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ ٱلْهَلَاكِ فِي وَادِي هِنُّومَ؟‏».‏ (‏متى ٢٣:‏٣٣‏)‏ وَبِإِشَارَتِهِ إِلَى وَادِي هِنُّومَ ٱلْمُجَاوِرِ حَيْثُ تُحْرَقُ ٱلنُّفَايَاتُ،‏ يُصَوِّرُ يَسُوعُ ٱلْهَلَاكَ ٱلْأَبَدِيَّ ٱلَّذِي سَيَلْقَاهُ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْأَشْرَارُ.‏

      ثُمَّ يُشِيرُ يَسُوعُ إِلَى تَلَامِيذِهِ.‏ فَهُمْ سَيُمَثِّلُونَهُ بِصِفَتِهِمْ «أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَمُرْشِدِينَ».‏ فَكَيْفَ سَيُعَامَلُونَ؟‏ يَتَوَجَّهُ إِلَى ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ بِٱلْقَوْلِ:‏ «بَعْضَ [تَلَامِيذِي] تَقْتُلُونَ وَتُعَلِّقُونَ عَلَى خَشَبَةٍ،‏ وَبَعْضَهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ وَتَضْطَهِدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ،‏ لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ بَارٍّ أُرِيقَ عَلَى ٱلْأَرْضِ،‏ مِنْ دَمِ هَابِيلَ ٱلْبَارِّ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا،‏ ٱلَّذِي قَتَلْتُمُوهُ».‏ وَيُحَذِّرُ:‏ «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:‏ إِنَّ هٰذَا كُلَّهُ سَيَأْتِي عَلَى هٰذَا ٱلْجِيلِ».‏ (‏متى ٢٣:‏​٣٤-‏٣٦‏)‏ وَهٰذَا مَا يَحْصُلُ بِٱلْفِعْلِ عَامَ ٧٠ ب‌م حِينَ تُدَمِّرُ ٱلْجُيُوشُ ٱلرُّومَانِيَّةُ أُورُشَلِيمَ وَيَهْلَكُ مِئَاتُ آلَافِ ٱلْيَهُودِ.‏

      وَحِينَ يُفَكِّرُ يَسُوعُ فِي هٰذَا ٱلْمُسْتَقْبَلِ ٱلْقَاتِمِ يَعْتَصِرُ ٱلْأَلَمُ قَلْبَهُ.‏ فَيَحْزَنُ وَيَقُولُ:‏ «يَا أُورُشَلِيمُ،‏ يَا أُورُشَلِيمُ،‏ يَا قَاتِلَةَ ٱلْأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا!‏ كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلَادَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا!‏ وَلَمْ تُرِيدُوا.‏ هَا هُوَ بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ».‏ (‏متى ٢٣:‏​٣٧،‏ ٣٨‏)‏ لَا بُدَّ أَنَّ سَامِعِيهِ يَرُوحُونَ يَتَسَاءَلُونَ:‏ ‹عَنْ أَيِّ «بَيْتٍ» يَتَكَلَّمُ؟‏ هَلْ يُعْقَلُ أَنَّهُ يَقْصِدُ هٰذَا ٱلْهَيْكَلَ ٱلْمَهِيبَ،‏ ٱلْهَيْكَلَ ٱلَّذِي يَحْمِيهِ ٱللّٰهُ نَفْسُهُ؟‏!‏›.‏

      بَعْدَ هٰذَا يُكْمِلُ:‏ «أَقُولُ لَكُمْ:‏ لَنْ تَرَوْنِي أَبَدًا مِنَ ٱلْآنَ حَتَّى تَقُولُوا:‏ ‹مُبَارَكٌ ٱلْآتِي بِٱسْمِ يَهْوَهَ!‏›».‏ (‏متى ٢٣:‏٣٩‏)‏ يَقْتَبِسُ ٱلْمَسِيحُ هُنَا مِنَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلنَّبَوِيَّةِ فِي ٱلْمَزْمُورِ ١١٨:‏٢٦‏:‏ «مُبَارَكٌ ٱلْآتِي بِٱسْمِ يَهْوَهَ.‏ بَارَكْنَاكُمْ مِنْ بَيْتِ يَهْوَهَ».‏ وَبِٱلطَّبْعِ حَالَمَا يُدَمَّرُ هٰذَا ٱلْهَيْكَلُ ٱلْحَرْفِيُّ‏،‏ لَنْ يَأْتِيَهُ أَحَدٌ بِٱسْمِ يَهْوَهَ.‏

      يَتَوَجَّهُ يَسُوعُ ٱلْآنَ إِلَى قِسْمٍ مِنَ ٱلْهَيْكَلِ حَيْثُ صَنَادِيقُ ٱلْخِزَانَةِ.‏ هٰذِهِ ٱلصَّنَادِيقُ عَلَى شَكْلِ بُوقٍ بِفُتْحَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْ فَوْقُ يُسْقِطُ فِيهَا ٱلنَّاسُ تَبَرُّعَاتِهِمْ‏.‏ فَيَجْلِسُ مُقَابِلَ ٱلصَّنَادِيقِ وَيَرَى ٱلْعَدِيدَ مِنَ ٱلْيَهُودِ يَتَبَرَّعُونَ،‏ بِمَنْ فِيهِمْ أَغْنِيَاءُ «يُلْقُونَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلنُّقُودِ».‏ ثُمَّ يَنْظُرُ وَإِذَا بِأَرْمَلَةٍ فَقِيرَةٍ تُلْقِي «فَلْسَيْنِ،‏ قِيمَتُهُمَا رُبْعٌ».‏ (‏مرقس ١٢:‏​٤١،‏ ٤٢‏)‏ وَهُوَ دُونَ شَكٍّ مُدْرِكٌ كَمِ ٱللّٰهُ مَسْرُورٌ بِهٰذَا ٱلتَّبَرُّعِ.‏

      فَيَدْعُو تَلَامِيذَهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ:‏ «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةَ ٱلْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ ٱلَّذِينَ أَلْقَوْا فِي صَنَادِيقِ ٱلْخِزَانَةِ».‏ وَهَلْ هٰذَا مَعْقُولٌ؟‏!‏ يَشْرَحُ:‏ «كُلُّهُمْ أَلْقَوْا مِنْ فَضْلَتِهِمْ.‏ أَمَّا هِيَ فَمِنْ عَوَزِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا تَمْلِكُ،‏ كُلَّ مَعِيشَتِهَا».‏ (‏مرقس ١٢:‏​٤٣،‏ ٤٤‏)‏ فَيَا لَلْفَرْقِ ٱلشَّاسِعِ بَيْنَ أَفْكَارِهَا وَتَصَرُّفَاتِهَا وَأَفْكَارِ وَتَصَرُّفَاتِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ!‏

      وَٱلْآنَ يُغَادِرُ يَسُوعُ ٱلْهَيْكَلَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأَخِيرَةِ.‏ وَفِيمَا هُوَ ذَاهِبٌ بِرِفْقَةِ تَلَامِيذِهِ،‏ يَقُولُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ:‏ «يَا مُعَلِّمُ،‏ ٱنْظُرْ!‏ أَيُّ حِجَارَةٍ وَأَيُّ أَبْنِيَةٍ هٰذِهِ!‏».‏ (‏مرقس ١٣:‏١‏)‏ وَبِٱلْفِعْلِ،‏ فَإِنَّ بَعْضَ ٱلْحِجَارَةِ فِي جُدْرَانِ ٱلْهَيْكَلِ ضَخْمَةٌ لِلْغَايَةِ تُشِيدُ بِقُوَّةِ وَمَتَانَةِ هٰذَا ٱلْبِنَاءِ.‏ وَعَلَيْهِ،‏ لَا بُدَّ أَنَّ كَلِمَاتِ يَسُوعَ تَبْدُو غَرِيبَةً جِدًّا إِذْ يَقُولُ:‏ «أَتَرَى هٰذِهِ ٱلْأَبْنِيَةَ ٱلْعَظِيمَةَ؟‏ لَنْ يُتْرَكَ هُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ إِلَّا وَيُنْقَضُ».‏ —‏ مرقس ١٣:‏٢‏.‏

      بَعْدَئِذٍ يَجْتَازُ هُوَ وَرُسُلُهُ وَادِيَ قِدْرُونَ وَيَصْعَدُونَ جَبَلَ ٱلزَّيْتُونِ.‏ وَفِي مَرْحَلَةٍ مَا،‏ يَأْتِيهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ رُسُلِهِ هُمْ بُطْرُسُ وَأَنْدَرَاوُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا.‏ وَمِنْ حَيْثُ هُمْ جَالِسُونَ،‏ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُعَايِنُوا ٱلْهَيْكَلَ ٱلْمَهِيبَ وَيَتَأَمَّلُوهُ مِنْ فَوْقُ.‏

      • مَاذَا يَفْعَلُ يَسُوعُ خِلَالَ زِيَارَتِهِ ٱلْأَخِيرَةِ إِلَى ٱلْهَيْكَلِ؟‏

      • مَاذَا يُنْبِئُ يَسُوعُ عَنِ ٱلْهَيْكَلِ؟‏

      • لِمَ يَقُولُ يَسُوعُ إِنَّ ٱلْأَرْمَلَةَ تَبَرَّعَتْ أَكْثَرَ مِنَ ٱلْأَغْنِيَاءِ؟‏

  • الرسل يطلبون علامة
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • يسوع يجيب عن اسئلة اربعة من رسله

      اَلْفَصْلُ ١١١

      اَلرُّسُلُ يَطْلُبُونَ عَلَامَةً

      متى ٢٤:‏​٣-‏٥١ مرقس ١٣:‏​٣-‏٣٧ لوقا ٢١:‏​٧-‏٣٨

      • أَرْبَعَةُ رُسُلٍ يَطْلُبُونَ عَلَامَةً

      • إِتْمَامَاتُ ٱلْعَلَامَةِ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ

      • أَهَمِّيَّةُ ٱلْبَقَاءِ مُتَيَقِّظِينَ

      بَعْدَ ظُهْرِ ٱلثُّلَاثَاءِ ١١ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ يَجْلِسُ يَسُوعُ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ مَعَ أَرْبَعَةٍ مِنْ رُسُلِهِ هُمْ بُطْرُسُ وَأَنْدَرَاوُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا.‏ هٰذَا ٱلْيَوْمُ يُشْرِفُ عَلَى نِهَايَتِهِ،‏ وَتُشْرِفُ مَعَهُ أَيَّامٌ مِنَ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْغَيُورَةِ عَلَى ٱلِٱنْتِهَاءِ أَيْضًا.‏ أَيَّامٌ قَضَاهَا يُعَلِّمُ فِي ٱلْهَيْكَلِ نَهَارًا وَيَبِيتُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ لَيْلًا.‏ كَثِيرُونَ أَبْدَوُا ٱهْتِمَامًا عَظِيمًا بِمَا يَقُولُهُ،‏ فَكَانُوا «يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ فِي ٱلْهَيْكَلِ لِيَسْمَعُوهُ».‏ (‏لوقا ٢١:‏​٣٧،‏ ٣٨‏)‏ أَمَّا ٱلْآنَ فَصَارَ ذٰلِكَ مِنَ ٱلْمَاضِي.‏

      يَقْتَرِبُ مِنْ يَسُوعَ ٱلرُّسُلُ ٱلْأَرْبَعَةُ عَلَى ٱنْفِرَادٍ وَبَالُهُمْ مَشْغُولٌ.‏ فَهُمْ يُقَلِّبُونَ فِي أَذْهَانِهِمْ كَلِمَاتِهِ عَنِ ٱلْهَيْكَلِ بَعْدَمَا تَنَبَّأَ:‏ «لَنْ يُتْرَكَ هُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ».‏ وَلٰكِنْ هُمْ يُفَكِّرُونَ فِي أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ.‏ فَمُعَلِّمُهُمْ سَبَقَ وَحَذَّرَهُمْ:‏ «اِبْقَوْا .‏ .‏ .‏ مُسْتَعِدِّينَ،‏ لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ».‏ (‏لوقا ١٢:‏٤٠‏)‏ كَمَا تَحَدَّثَ عَنِ «ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ يُكْشَفُ عَنِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ».‏ (‏لوقا ١٧:‏٣٠‏)‏ فَهَلْ لِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ عَلَاقَةٌ بِشَكْلٍ أَوْ بِآ‌خَرَ بِنُبُوَّةِ يَسُوعَ عَنِ ٱلْهَيْكَلِ؟‏ اَلرُّسُلُ مِنْ جِهَتِهِمْ تَوَّاقُونَ أَنْ يَجِدُوا أَجْوِبَةً عَنْ أَسْئِلَتِهِمْ،‏ فَيَتَوَجَّهُونَ إِلَى ٱلْمَسِيحِ بِٱلْقَوْلِ:‏ «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هٰذَا،‏ وَمَاذَا تَكُونُ عَلَامَةُ حُضُورِكَ وَٱخْتِتَامِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ؟‏».‏ —‏ متى ٢٤:‏٣‏.‏

      لَرُبَّمَا يَسْأَلُونَ هٰذَا وَفِي بَالِهِمْ نِهَايَةُ ٱلْهَيْكَلِ ٱلَّذِي يَرَوْنَهُ ٱلْآنَ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْهُمْ.‏ كَمَا أَنَّهُمْ يَسْتَفْسِرُونَ عَنْ حُضُورِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ.‏ فَلَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ٱلْمَثَلَ ٱلَّذِي أَعْطَاهُ يَسُوعُ عَنْ «إِنْسَانٍ شَرِيفِ ٱلنَّسَبِ» يُسَافِرُ ‹لِيُحْرِزَ سُلْطَةً مَلَكِيَّةً وَيَعُودُ›.‏ (‏لوقا ١٩:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ وَفِي ٱلْخِتَامِ يَتَسَاءَلُونَ مَاذَا يَشْمُلُ «ٱخْتِتَامُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ».‏

      يُعْطِي يَسُوعُ جَوَابًا مُفَصَّلًا.‏ فَيَتَكَلَّمُ عَنْ عَلَامَةٍ تُسَاعِدُ ٱلتَّلَامِيذَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ أَنْ يُحَدِّدُوا مَتَى سَيُدَمَّرُ نِظَامُ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْيَهُودِيُّ،‏ بِمَا فِي ذٰلِكَ ٱلْهَيْكَلُ.‏ وَتُسَاعِدُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا لِيَعْرِفُوا هَلْ هُمْ عَائِشُونَ خِلَالَ ‹حُضُورِهِ›،‏ وَهَلْ يَرَوْنَ قَرِيبًا نِهَايَةَ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْأَرْضِيِّ بِكَامِلِهِ.‏

      وَفِيمَا تَمُرُّ ٱلسِّنُونَ،‏ يَشْهَدُ ٱلرُّسُلُ بِأُمِّ عَيْنِهِمْ إِتْمَامَ ٱلنُّبُوَّةِ.‏ فَٱلْكَثِيرُ مِمَّا تَنَبَّأَ بِهِ يَسُوعُ أَخَذَ يَتِمُّ فِي أَيَّامِهِمْ.‏ وَمِنْ هُنَا،‏ فَإِنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُتَيَقِّظِينَ ٱلْعَائِشِينَ بَعْدَ ٣٧ سَنَةً،‏ أَيْ عَامَ ٧٠ ب‌م،‏ لَا يُفَاجَأُونَ بِدَمَارِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْيَهُودِيِّ وَهَيْكَلِهِ.‏ وَلٰكِنْ لَيْسَ كُلُّ مَا يَتَنَبَّأُ بِهِ يَشْهَدُ إِتْمَامَهُ عَامَ ٧٠ ب‌م وَقَبْلَهُ.‏ فَهُوَ يَكْشِفُ لِرُسُلِهِ مَاذَا يُمَيِّزُ حُضُورَهُ بِٱلسُّلْطَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ.‏

      فَيَقُولُ:‏ «تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ» وَ «تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ».‏ (‏متى ٢٤:‏​٦،‏ ٧‏)‏ كَمَا يُنْبِئُ عَنْ «زَلَازِلَ عَظِيمَةٍ،‏ وَفِي مَكَانٍ بَعْدَ آخَرَ أَوْبِئَةٍ وَمَجَاعَاتٍ».‏ (‏لوقا ٢١:‏١١‏)‏ وَيُحَذِّرُ تَلَامِيذَهُ قَائِلًا:‏ «يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَضْطَهِدُونَكُمْ».‏ (‏لوقا ٢١:‏١٢‏)‏ وَيُخْبِرُ أَيْضًا أَنَّ أَنْبِيَاءَ دَجَّالِينَ سَيَقُومُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ،‏ وَأَنَّ مَحَبَّةَ ٱلْأَكْثَرِيَّةِ سَتَبْرُدُ لِٱزْدِيَادِ ٱلتَّعَدِّي عَلَى ٱلشَّرِيعَةِ.‏ وَيُضِيفُ:‏ ‏«يُكْرَزُ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ هٰذِهِ فِي كُلِّ ٱلْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ ٱلْأُمَمِ،‏ ثُمَّ تَأْتِي ٱلنِّهَايَةُ».‏ —‏ متى ٢٤:‏١٤‏.‏

      إِنَّ بَعْضَ أَوْجُهِ ٱلنُّبُوَّةِ يَتِمُّ قَبْلَ دَمَارِ أُورُشَلِيمَ عَلَى يَدِ ٱلرُّومَانِ وَخِلَالَهُ.‏ وَلٰكِنْ هَلْ لِهٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةِ ٱلْبَالِغَةِ ٱلْأَهَمِّيَّةِ إِتْمَامٌ أَوْسَعُ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ؟‏ أَلَا تَرَى أَنْتَ بِنَفْسِكَ إِتْمَامَهَا ٱلرَّئِيسِيَّ عَصْرِيًّا؟‏

      فِي مَعْرِضِ حَدِيثِ يَسُوعَ عَنْ عَلَامَةِ حُضُورِهِ،‏ يَأْتِي عَلَى ذِكْرِ «ٱلرِّجْسَةِ ٱلْمُخَرِّبَةِ».‏ (‏متى ٢٤:‏١٥‏)‏ وَعَامَ ٦٦ ب‌م،‏ تَبَيَّنَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلرِّجْسَةَ هِيَ ‹جُيُوشُ رُومَا ٱلْمُعَسْكِرَةُ› ٱلَّتِي جَاءَتْ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلَةً رَايَاتِهَا ٱلْوَثَنِيَّةَ.‏ وَقَدْ أَحَاطَ ٱلرُّومَانُ وَقْتَئِذٍ بِأُورُشَلِيمَ وَقَوَّضُوا جُزْءًا مِنْ أَسْوَارِهَا.‏ (‏لوقا ٢١:‏٢٠‏)‏ وَهٰكَذَا قَامَتِ «ٱلرِّجْسَةُ ٱلْمُخَرِّبَةُ» حَيْثُ لَا يَنْبَغِي،‏ تَحْدِيدًا فِي «ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ» بِنَظَرِ ٱلْيَهُودِ.‏

      يُكْمِلُ يَسُوعُ:‏ «يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهُ مُنْذُ بَدْءِ ٱلْعَالَمِ إِلَى ٱلْآنَ،‏ وَلَنْ يَحْدُثَ ثَانِيَةً».‏ عَامَ ٧٠ ب‌م دَمَّرَ ٱلرُّومَانُ أُورُشَلِيمَ.‏ وَكَانَ ذٰلِكَ بِٱلْفِعْلِ ضِيقًا عَظِيمًا،‏ إِذْ إِنَّهُمْ دَمَّرُوا ‹مَدِينَةَ ٱلْيَهُودِ ٱلْمُقَدَّسَةَ›،‏ بِمَا فِيهَا ٱلْهَيْكَلُ،‏ وَقَتَلُوا ٱلْآلَافَ.‏ (‏متى ٤:‏٥؛‏ ٢٤:‏٢١‏)‏ وَهٰذَا ٱلدَّمَارُ ٱلرَّهِيبُ أَعْظَمُ بِأَشْوَاطٍ مِنْ أَيِّ خَرَابٍ تَعَرَّضَتْ لَهُ ٱلْمَدِينَةُ وَسُكَّانُهَا مِنْ قَبْلُ.‏ وَقَدْ أَزَالَ نِظَامَ ٱلْعِبَادَةِ ٱلَّذِي ٱتَّبَعَهُ ٱلْيَهُودُ عَلَى مَدَى قُرُونٍ عِدَّةٍ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ نَحْنُ بِٱنْتِظَارِ إِتْمَامٍ أَعْظَمَ سَيَكُونُ مُرَوِّعًا دُونَ شَكٍّ.‏

      مُوَاجَهَةُ ٱلْأَيَّامِ ٱلْآتِيَةِ بِإِيمَانٍ وَشَجَاعَةٍ

      لَمْ يُنْهِ يَسُوعُ بَعْدُ حَدِيثَهُ مَعَ رُسُلِهِ ٱلَّذِي يَتَنَاوَلُ فِيهِ عَلَامَةَ حُضُورِهِ فِي سُلْطَةِ ٱلْمَلَكُوتِ وَٱخْتِتَامِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ.‏ فَمَا زَالَ هُنَاكَ ٱلْكَثِيرُ لِيَقُولَهُ.‏ وَهُوَ يُحَذِّرُهُمُ ٱلْآنَ مِنَ ٱلسَّيْرِ وَرَاءَ ‹مُسَحَاءَ دَجَّالِينَ وَأَنْبِيَاءَ دَجَّالِينَ› سَيُحَاوِلُونَ أَنْ «يُضِلُّوا ٱلْمُخْتَارِينَ أَيْضًا،‏ لَوْ أَمْكَنَ».‏ (‏متى ٢٤:‏٢٤‏)‏ لٰكِنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُخْتَارِينَ لَنْ يُضَلُّوا.‏ فَٱلْمُسَحَاءُ ٱلدَّجَّالُونَ يَأْتُونَ بِشَكْلٍ مَنْظُورٍ فَقَطْ،‏ أَمَّا يَسُوعُ فَحُضُورُهُ غَيْرُ مَنْظُورٍ.‏

      وَبِٱلْحَدِيثِ عَنْ ضِيقٍ أَشَدَّ سَيَنْدَلِعُ فَجْأَةً عِنْدَ نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْحَاضِرِ،‏ يَقُولُ يَسُوعُ:‏ «تُظْلِمُ ٱلشَّمْسُ،‏ وَلَا يُعْطِي ٱلْقَمَرُ نُورَهُ،‏ وَتَسْقُطُ ٱلنُّجُومُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ،‏ وَتَتَزَعْزَعُ قُوَّاتُ ٱلسَّمٰوَاتِ».‏ (‏متى ٢٤:‏٢٩‏)‏ لَا يَعْرِفُ ٱلرُّسُلُ بِٱلضَّبْطِ كَيْفَ سَتَتِمُّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلْمُخِيفَةُ،‏ لٰكِنَّ ٱلْأَكِيدَ أَنَّ ٱلْإِتْمَامَ سَيَكُونُ صَادِمًا.‏

      فَأَيُّ أَثَرٍ سَتَتْرُكُهُ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثُ فِي ٱلْبَشَرِ؟‏ يَذْكُرُ ٱلْمَسِيحُ:‏ «اَلنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنَ ٱلْخَوْفِ وَتَرَقُّبِ مَا يَأْتِي عَلَى ٱلْمَسْكُونَةِ،‏ لِأَنَّ قُوَّاتِ ٱلسَّمٰوَاتِ تَتَزَعْزَعُ».‏ (‏لوقا ٢١:‏٢٦‏)‏ وَفِي ٱلْوَاقِعِ،‏ يَصِفُ يَسُوعُ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَكْثَرَ ٱلْفَتَرَاتِ سَوْدَاوِيَّةً فِي ٱلتَّارِيخِ ٱلْبَشَرِيِّ.‏

      غَيْرَ أَنَّهُ يُشِيرُ لِرُسُلِهِ أَنَّ ٱلْبَعْضَ لَنْ يَنُوحُوا حِينَ يَأْتِي «ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ .‏ .‏ .‏ بِقُدْرَةٍ وَمَجْدٍ عَظِيمٍ».‏ (‏متى ٢٤:‏٣٠‏)‏ وَهُوَ سَبَقَ وَأَوْضَحَ أَنَّ ٱللّٰهَ سَيَتَدَخَّلُ «لِأَجْلِ ٱلْمُخْتَارِينَ».‏ (‏متى ٢٤:‏٢٢‏)‏ لِذَا يُشَجِّعُ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ ٱلْأُمَنَاءَ أَنْ ‹يَنْتَصِبُوا وَيَرْفَعُوا رُؤُوسَهُمْ› مَتَى ٱبْتَدَأَتْ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثُ ٱلصَّادِمَةُ ‹لِأَنَّ نَجَاتَهُمْ تَقْتَرِبُ›.‏ —‏ لوقا ٢١:‏٢٨‏.‏

      وَلٰكِنْ كَيْفَ سَيَعْرِفُ ٱلتَّلَامِيذُ ٱلْعَائِشُونَ خِلَالَ هٰذِهِ ٱلْفَتْرَةِ ٱلْمُنْبَإِ بِهَا كَمْ قَرِيبَةٌ هِيَ ٱلنِّهَايَةُ؟‏ يُقَدِّمُ يَسُوعُ مَثَلًا عَنْ شَجَرَةِ تِينٍ،‏ قَائِلًا:‏ «حَالَمَا يَصِيرُ غُصْنُهَا ٱلصَّغِيرُ رَخْصًا وَيُخْرِجُ أَوْرَاقًا،‏ تَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلصَّيْفَ قَرِيبٌ.‏ كَذٰلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا،‏ مَتَى رَأَيْتُمْ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ كُلَّهَا،‏ فَٱعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى ٱلْأَبْوَابِ.‏ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَنْ يَزُولَ هٰذَا ٱلْجِيلُ أَبَدًا حَتَّى تَكُونَ هٰذِهِ كُلُّهَا».‏ —‏ متى ٢٤:‏​٣٢-‏٣٤‏.‏

      عَلَى ضَوْءِ ذٰلِكَ،‏ حِينَ يَرَى ٱلتَّلَامِيذُ أَنَّ مُخْتَلِفَ أَوْجُهِ ٱلْعَلَامَةِ تَتِمُّ،‏ يُدْرِكُونَ أَنَّ ٱلنِّهَايَةَ قَرِيبَةٌ.‏ لٰكِنَّ يَسُوعَ يُحَذِّرُ تَلَامِيذَهُ ٱلَّذِينَ سَيَعِيشُونَ خِلَالَ تِلْكَ ٱلْمَرْحَلَةِ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّةِ قَائِلًا:‏

      ‏«أَمَّا ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ وَتِلْكَ ٱلسَّاعَةُ فَلَا يَعْرِفُهُمَا أَحَدٌ،‏ لَا مَلَائِكَةُ ٱلسَّمٰوَاتِ وَلَا ٱلِٱبْنُ،‏ إِلَّا ٱلْآبُ وَحْدَهُ.‏ وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ،‏ كَذٰلِكَ يَكُونُ حُضُورُ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ.‏ لِأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلَّتِي قَبْلَ ٱلطُّوفَانِ،‏ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ،‏ وَٱلرِّجَالُ يَتَزَوَّجُونَ وَٱلنِّسَاءُ يُزَوَّجْنَ،‏ إِلَى ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ ٱلْفُلْكَ،‏ وَلَمْ يَكْتَرِثُوا حَتَّى جَاءَ ٱلطُّوفَانُ وَجَرَفَهُمْ جَمِيعًا،‏ كَذٰلِكَ يَكُونُ حُضُورُ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ».‏ (‏متى ٢٤:‏​٣٦-‏٣٩‏)‏ وَبِذٰلِكَ يُذَكِّرُ يَسُوعُ سَامِعِيهِ بِٱلطُّوفَانِ أَيَّامَ نُوحٍ،‏ حَدَثٍ تَارِيخِيٍّ مُشَابِهٍ هَزَّ ٱلْمَسْكُونَةَ بِأَسْرِهَا.‏

      دُونَ أَدْنَى شَكٍّ،‏ يُدْرِكُ ٱلرُّسُلُ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ أَهَمِّيَّةَ ٱلْبَقَاءِ مُتَيَقِّظِينَ،‏ إِذْ إِنَّ مُعَلِّمَهُمْ يَحُضُّهُمْ قَائِلًا:‏ «اِنْتَبِهُوا لِأَنْفُسِكُمْ لِئَلَّا تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ بِٱلْإِفْرَاطِ فِي ٱلْأَكْلِ وَٱلْإِسْرَافِ فِي ٱلشُّرْبِ وَهُمُومِ ٱلْحَيَاةِ،‏ فَيَدْهَمَكُمْ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمُ فَجْأَةً مِثْلَ شَرَكٍ.‏ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ ٱلسَّاكِنِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ كُلِّهَا.‏ فَٱبْقَوْا مُسْتَيْقِظِينَ،‏ مُتَضَرِّعِينَ فِي كُلِّ وَقْتٍ،‏ لِكَيْ تَتَمَكَّنُوا مِنَ ٱلْإِفْلَاتِ مِنْ كُلِّ هٰذَا ٱلْمَحْتُومِ أَنْ يَكُونَ،‏ وَمِنَ ٱلْوُقُوفِ أَمَامَ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ».‏ —‏ لوقا ٢١:‏​٣٤-‏٣٦‏.‏

      مَرَّةً جَدِيدَةً،‏ يُظْهِرُ يَسُوعُ أَنَّ نُبُوَّتَهُ لَا تُحْصَرُ فِي نِطَاقٍ ضَيِّقٍ.‏ فَهُوَ لَا يَتَنَبَّأُ عَنْ أَحْدَاثٍ سَتَتِمُّ بَعْدَ بِضْعَةِ عُقُودٍ وَتُؤَثِّرُ فَقَطْ فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ أَوِ ٱلْأُمَّةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ.‏ فَمَا سَيَحْصُلُ آنَذَاكَ «يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ ٱلسَّاكِنِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ كُلِّهَا».‏

      إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ،‏ يَتَحَدَّثُ يَسُوعُ عَنْ حَاجَةِ تَلَامِيذِهِ أَنْ يَبْقَوْا مُسْتَعِدِّينَ وَمُتَيَقِّظِينَ وَيُدَاوِمُوا عَلَى ٱلسَّهَرِ.‏ فَيُقَدِّمُ مَثَلًا جَدِيدًا لِيُشَدِّدَ عَلَى أَهَمِّيَّةِ هٰذَا ٱلْأَمْرِ.‏ يَذْكُرُ:‏ «اِعْلَمُوا أَمْرًا وَاحِدًا،‏ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ ٱلْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي ٱلسَّارِقُ،‏ لَبَقِيَ مُسْتَيْقِظًا وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُقْتَحَمُ.‏ مِنْ أَجْلِ هٰذَا كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ،‏ لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ».‏ —‏ متى ٢٤:‏​٤٣،‏ ٤٤‏.‏

      بَعْدَئِذٍ يُطْلِعُهُمْ عَلَى أَمْرٍ يَدْعُو إِلَى ٱلتَّفَاؤُلِ.‏ فَيُخْبِرُهُمْ عَنْ «عَبْدٍ» مُتَيَقِّظٍ وَنَشِيطٍ سَيَكُونُ مَوْجُودًا فِيمَا ٱلنُّبُوَّةُ ٱلْآنِفَةُ ٱلذِّكْرِ قَيْدُ ٱلْإِتْمَامِ.‏ فَيَسْتَعِينُ بِتَشْبِيهٍ مَأْلُوفٍ لِرُسُلِهِ وَيَقُولُ:‏ «مَنْ هُوَ ٱلْعَبْدُ ٱلْأَمِينُ ٱلْفَطِينُ ٱلَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِ بَيْتِهِ لِيُعْطِيَهُمْ طَعَامَهُمْ فِي حِينِهِ؟‏ يَا لَسَعَادَةِ ذٰلِكَ ٱلْعَبْدِ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ وَوَجَدَهُ يَفْعَلُ هٰكَذَا!‏ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:‏ إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ مُمْتَلَكَاتِهِ».‏ وَلٰكِنْ فِي حَالِ أَصْبَحَ لِهٰذَا «ٱلْعَبْدِ» مَوْقِفٌ رَدِيءٌ وَأَسَاءَ مُعَامَلَةَ ٱلْآخَرِينَ،‏ فَٱلسَّيِّدُ سَوْفَ «يُعَاقِبُهُ عِقَابًا شَدِيدًا».‏ —‏ متى ٢٤:‏​٤٥-‏٥١‏؛‏ قارن لوقا ١٢:‏​٤٥،‏ ٤٦‏.‏

      مَعَ ذٰلِكَ،‏ لَا يَقْصِدُ يَسُوعُ أَنَّ فَرِيقًا مِنْ أَتْبَاعِهِ سَيُصْبِحُونَ أَشْرَارًا.‏ لٰكِنَّ ٱلدَّرْسَ ٱلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَطْبَعَهُ فِي ذِهْنِ ٱلتَّلَامِيذِ هُوَ أَهَمِّيَّةُ بَقَائِهِمْ مُتَيَقِّظِينَ وَنَشِيطِينَ.‏ وَهٰذَا مَا يُوضِحُهُ فِي مَثَلٍ آخَرَ.‏

      • مَاذَا يَدْفَعُ ٱلرُّسُلَ أَنْ يَسْتَفْسِرُوا عَنْ أَحْدَاثٍ مُسْتَقْبَلِيَّةٍ،‏ وَلٰكِنْ فِيمَ كَانُوا يُفَكِّرُونَ أَيْضًا كَمَا يَبْدُو؟‏

      • مَتَى تَبْدَأُ نُبُوَّةُ يَسُوعَ بِٱلْإِتْمَامِ،‏ وَكَيْفَ؟‏

      • مَا بَعْضُ ٱلْأَوْضَاعِ ٱلَّتِي تُمَيِّزُ حُضُورَ ٱلْمَسِيحِ؟‏

      • كَيْفَ تَظْهَرُ «ٱلرِّجْسَةُ»،‏ وَمَاذَا يَحْصُلُ بَعْدَ ذٰلِكَ؟‏

      • مَاذَا سَتَكُونُ رَدَّةُ فِعْلِ ٱلنَّاسِ حِينَ يَشْهَدُونَ إِتْمَامَ نُبُوَّةِ يَسُوعَ؟‏

      • أَيُّ مَثَلٍ يَتَكَلَّمُ بِهِ يَسُوعُ لِيُسَاعِدَ تَلَامِيذَهُ أَنْ يُمَيِّزُوا هَلِ ٱلنِّهَايَةُ قَرِيبَةٌ؟‏

      • مَاذَا يَدُلُّ أَنَّ إِتْمَامَ نُبُوَّةِ يَسُوعَ يَشْمُلُ ٱلْعَالَمَ بِأَسْرِهِ؟‏

      • أَيُّ تَحْذِيرٍ يُوَجِّهُهُ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ ٱلْعَائِشِينَ فِي وَقْتِ نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ؟‏

  • درس في اليقظة من مثل العذارى
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • العذارى الخمس الفطنات يحملن سرجهن الموقدة

      اَلْفَصْلُ ١١٢

      دَرْسٌ فِي ٱلْيَقَظَةِ مِنْ مَثَلِ ٱلْعَذَارَى

      متى ٢٥:‏​١-‏١٣

      • يَسُوعُ يُقَدِّمُ مَثَلَ ٱلْعَذَارَى ٱلْعَشْرِ

      يُجِيبُ يَسُوعُ رُسُلَهُ عَنْ سُؤَالِهِمْ مَاذَا تَكُونُ عَلَامَةُ حُضُورِهِ وَٱخْتِتَامِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ.‏ وَفِي هٰذَا ٱلْإِطَارِ،‏ يَتَكَلَّمُ بِمَثَلٍ كَيْ يُوَجِّهَ إِلَيْهِمْ نُصْحًا سَدِيدًا.‏ وَٱلْعَائِشُونَ خِلَالَ حُضُورِ ٱلْمَسِيحِ سَيَشْهَدُونَ إِتْمَامَ ٱلْمَثَلِ.‏

      يَبْدَأُ بِٱلْقَوْلِ:‏ «يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ ٱلسَّمٰوَاتِ بِعَشْرِ عَذَارَى أَخَذْنَ سُرُجَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ ٱلْعَرِيسِ.‏ وَكَانَتْ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَمْقَاوَاتٍ،‏ وَخَمْسٌ فَطِنَاتٍ».‏ —‏ متى ٢٥:‏​١،‏ ٢‏.‏

      لَا يَقْصِدُ يَسُوعُ أَنَّ نَصِفَ تَلَامِيذِهِ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْمَلَكُوتَ حَمْقَى وَٱلنِّصْفَ ٱلْآخَرَ فُطَنَاءُ.‏ فَٱلنُّقْطَةُ ٱلَّتِي يُرِيدُ إِبْرَازَهَا هِيَ أَنَّ كُلًّا مِنْ تَلَامِيذِهِ يُمْكِنُهُ ٱلِٱخْتِيَارُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَقِظًا أَمْ مُتَلَهِّيًا فِي مَا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ ٱلسَّمٰوَاتِ.‏ لٰكِنَّهُ لَا يَشُكُّ أَبَدًا فِي أَنَّ خُدَّامَهُ كُلَّهُمْ دُونَ ٱسْتِثْنَاءٍ قَادِرُونَ عَلَى ٱلْبَقَاءِ أُمَنَاءَ وَنَيْلِ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي يَعِدُهُمْ بِهَا أَبُوهُ ٱلسَّمَاوِيُّ.‏

      فِي هٰذَا ٱلْمَثَلِ،‏ تَخْرُجُ ٱلْعَذَارَى ٱلْعَشْرُ جَمِيعًا لِيُرَحِّبْنَ بِٱلْعَرِيسِ وَيُشَارِكْنَ فِي مَوْكِبِ ٱلْعُرْسِ.‏ وَقَدْ أَرَدْنَ أَنْ يُضِئْنَ ٱلطَّرِيقَ بِسُرُجِهِنَّ عِنْدَ وُصُولِ ٱلْعَرِيسِ لِيُكْرِمْنَهُ فِيمَا يُحْضِرُ عَرُوسَهُ إِلَى ٱلْمَنْزِلِ ٱلْمُعَدِّ لَهَا.‏ فَهَلْ هٰذَا مَا يَحْصُلُ؟‏

      نَقْرَأُ:‏ «اَلْحَمْقَاوَاتُ أَخَذْنَ سُرُجَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا،‏ وَأَمَّا ٱلْفَطِنَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي أَوْعِيَتِهِنَّ مَعَ سُرُجِهِنَّ.‏ وَإِذْ تَأَخَّرَ ٱلْعَرِيسُ،‏ نَعَسْنَ جَمِيعًا وَنِمْنَ».‏ (‏متى ٢٥:‏​٣-‏٥‏)‏ لَا يَصِلُ ٱلْعَرِيسُ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي تَوَقَّعْنَهُ.‏ فَقَدْ أَحْسَسْنَ أَنَّهُ تَأَخَّرَ كَثِيرًا حَتَّى إِنَّهُنَّ نِمْنَ.‏ وَلَعَلَّ هٰذَا يُذَكِّرُ رُسُلَ يَسُوعَ بِمَا قَالَهُ سَابِقًا عَنْ إِنْسَانٍ شَرِيفِ ٱلنَّسَبِ «سَافَرَ إِلَى أَرْضٍ بَعِيدَةٍ»،‏ ثُمَّ «رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَحْرَزَ ٱلسُّلْطَةَ ٱلْمَلَكِيَّةَ».‏ —‏ لوقا ١٩:‏​١١-‏١٥‏.‏

      وَلٰكِنْ فِي نِهَايَةِ ٱلْمَطَافِ يَصِلُ ٱلْعَرِيسُ.‏ يُخْبِرُ يَسُوعُ:‏ «عِنْدَ نِصْفِ ٱللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ:‏ ‹هُوَذَا ٱلْعَرِيسُ!‏ اُخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ›».‏ (‏متى ٢٥:‏٦‏)‏ فَهَلِ ٱلْعَذَارَى يَقِظَاتٌ وَمُسْتَعِدَّاتٌ لِٱسْتِقْبَالِهِ؟‏

      يُكْمِلُ يَسُوعُ:‏ «حِينَئِذٍ قَامَتْ أُولٰئِكَ ٱلْعَذَارَى جَمِيعًا وَهَيَّأْنَ سُرُجَهُنَّ.‏ فَقَالَتِ ٱلْحَمْقَاوَاتُ لِلْفَطِنَاتِ:‏ ‹أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ،‏ لِأَنَّ سُرُجَنَا عَلَى وَشْكِ أَنْ تَنْطَفِئَ›.‏ فَأَجَابَتِ ٱلْفَطِنَاتُ قَائِلَاتٍ:‏ ‹لَعَلَّهُ لَا يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ.‏ اِذْهَبْنَ بِٱلْأَحْرَى إِلَى ٱلْبَاعَةِ وَٱشْتَرِينَ لِأَنْفُسِكُنَّ›».‏ —‏ متى ٢٥:‏​٧-‏٩‏.‏

      مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلْعَذَارَى ٱلْخَمْسَ ٱلْحَمْقَاوَاتِ لَسْنَ يَقِظَاتٍ وَلَا مُسْتَعِدَّاتٍ لِٱسْتِقْبَالِ ٱلْعَرِيسِ.‏ فَلَيْسَ لَدَيْهِنَّ مَا يَكْفِي مِنَ ٱلزَّيْتِ لِسُرُجِهِنَّ وَصِرْنَ بِحَاجَةٍ إِلَى بَعْضٍ مِنْهُ.‏ يَذْكُرُ يَسُوعُ:‏ «وَبَيْنَمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَشْتَرِينَ،‏ وَصَلَ ٱلْعَرِيسُ،‏ فَدَخَلَتْ مَعَهُ ٱلْعَذَارَى ٱلْمُسْتَعِدَّاتُ إِلَى وَلِيمَةِ ٱلْعُرْسِ،‏ وَأُغْلِقَ ٱلْبَابُ.‏ وَفِي مَا بَعْدُ أَتَتْ بَاقِي ٱلْعَذَارَى أَيْضًا،‏ قَائِلَاتٍ:‏ ‹يَا سَيِّدُ،‏ يَا سَيِّدُ،‏ ٱفْتَحْ لَنَا!‏›.‏ فَأَجَابَ وَقَالَ:‏ ‹اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ:‏ إِنِّي لَا أَعْرِفُكُنَّ›».‏ (‏متى ٢٥:‏​١٠-‏١٢‏)‏ بِٱلْفِعْلِ،‏ دَفَعَتِ ٱلْعَذَارَى ٱلْحَمْقَاوَاتُ ٱلثَّمَنَ غَالِيًا نَتِيجَةَ عَدَمِ ٱسْتِعْدَادِهِنَّ وَتَيَقُّظِهِنَّ.‏

      يُدْرِكُ ٱلرُّسُلُ أَنَّ ٱلْعَرِيسَ فِي ٱلْمَثَلِ هُوَ يَسُوعُ نَفْسُهُ.‏ حَتَّى إِنَّهُ فِي ٱلسَّابِقِ شَبَّهَ نَفْسَهُ صَرَاحَةً بِعَرِيسٍ.‏ (‏لوقا ٥:‏​٣٤،‏ ٣٥‏)‏ وَإِلَى مَنْ تُشِيرُ ٱلْعَذَارَى ٱلْفَطِنَاتُ؟‏ فِي ٱلسَّابِقِ،‏ حِينَ تَحَدَّثَ يَسُوعُ عَنِ «ٱلْقَطِيعِ ٱلصَّغِيرِ» ٱلَّذِي سَيُعْطَى ٱلْمَلَكُوتَ،‏ قَالَ:‏ «لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً».‏ (‏لوقا ١٢:‏​٣٢،‏ ٣٥‏)‏ لِذَا يَفْهَمُ ٱلرُّسُلُ أَنَّ ٱلْعَذَارَى ٱلْفَطِنَاتِ يُمَثِّلْنَ فِي هٰذَا ٱلْمَثَلِ ٱلتَّلَامِيذَ ٱلْأُمَنَاءَ أَمْثَالَهُمْ.‏ وَمَا ٱلْفِكْرَةُ ٱلَّتِي يُرِيدُ ٱلْمَسِيحُ إِيصَالَهَا؟‏

      لَا يَفْسَحُ يَسُوعُ ٱلْمَجَالَ لِلتَّأْوِيلِ،‏ فَيَخْتِمُ ٱلْمَثَلَ قَائِلًا لِتَلَامِيذِهِ:‏ «دَاوِمُوا عَلَى ٱلسَّهَرِ،‏ لِأَنَّكُمْ لَا تَعْرِفُونَ ٱلْيَوْمَ وَلَا ٱلسَّاعَةَ».‏ —‏ متى ٢٥:‏١٣‏.‏

      مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ يَسُوعَ،‏ فِي سِيَاقِ حَدِيثِهِ عَنْ حُضُورِهِ،‏ يَحُثُّ أَتْبَاعَهُ ٱلْأُمَنَاءَ أَنْ ‹‏يُدَاوِمُوا عَلَى ٱلسَّهَرِ‏›.‏ فَهُوَ سَيَأْتِي.‏ وَعَلَيْهِمْ عِنْدَئِذٍ أَنْ يَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ وَيَقِظِينَ كَٱلْعَذَارَى ٱلْخَمْسِ ٱلْفَطِنَاتِ.‏ وَهٰكَذَا يُبْقُونَ رَجَاءَهُمُ ٱلثَّمِينَ نُصْبَ أَعْيُنِهِمْ،‏ فَلَا يَخْسَرُونَ ٱلْجَائِزَةَ.‏

      • كَيْفَ تُظْهِرُ ٱلْعَذَارَى ٱلْخَمْسُ ٱلْفَطِنَاتُ أَنَّهُنَّ مُتَيَقِّظَاتٌ وَفَطِنَاتٌ بِعَكْسِ ٱلْخَمْسِ ٱلْحَمْقَاوَاتِ؟‏

      • مَنْ يُمَثِّلُ ٱلْعَرِيسُ،‏ وَمَنْ تُمَثِّلُ ٱلْعَذَارَى؟‏

      • مَا ٱلْفِكْرَةُ ٱلَّتِي يُرِيدُ يَسُوعُ إِيصَالَهَا مِنْ خِلَالِ مَثَلِ ٱلْعَذَارَى ٱلْعَشْرِ؟‏

  • درس في الاجتهاد من مثل الوزنات
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • عبد يُخفي كيس مال في حفرة

      اَلْفَصْلُ ١١٣

      دَرْسٌ فِي ٱلِٱجْتِهَادِ مِنْ مَثَلِ ٱلْوَزَنَاتِ

      متى ٢٥:‏​١٤-‏٣٠

      • يَسُوعُ يُقَدِّمُ مَثَلَ ٱلْوَزَنَاتِ

      لَا يَزَالُ يَسُوعُ عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ مَعَ رُسُلِهِ ٱلْأَرْبَعَةِ.‏ وَهُوَ ٱلْآنَ يُقَدِّمُ لَهُمْ مَثَلًا جَدِيدًا يُشْبِهُ إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ مَثَلَ ٱلْأَمْنَاءِ.‏ وَمَثَلُ ٱلْأَمْنَاءِ هٰذَا تَكَلَّمَ بِهِ مُنْذُ بِضْعَةِ أَيَّامٍ عِنْدَمَا كَانَ فِي أَرِيحَا لِيُظْهِرَ لِتَلَامِيذِهِ أَنَّ ٱلْمَلَكُوتَ لَا يَزَالُ بَعِيدًا جِدًّا.‏ أَمَّا ٱلْمَثَلُ ٱلَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ ٱلْآنَ فَيَأْتِي فِي سِيَاقِ رَدِّهِ عَلَى ٱلسُّؤَالِ ٱلْمُتَعَلِّقِ بِحُضُورِهِ وَٱخْتِتَامِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ.‏ وَهُوَ يُبْرِزُ أَهَمِّيَّةَ أَنْ يَجْتَهِدَ تَلَامِيذُهُ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي سَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ.‏

      يَبْدَأُ حَدِيثَهُ بِٱلْقَوْلِ:‏ «ذٰلِكَ كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ ٱسْتَدْعَى عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ مُمْتَلَكَاتِهِ».‏ (‏متى ٢٥:‏١٤‏)‏ لَا يَسْتَصْعِبُ ٱلرُّسُلُ مَعْرِفَةَ هُوِيَّةِ ‹ٱلْإِنْسَانِ› ٱلْمَذْكُورِ هُنَا.‏ فَيَسُوعُ سَبَقَ وَشَبَّهَ نَفْسَهُ بِإِنْسَانٍ سَافَرَ إِلَى أَرْضٍ بَعِيدَةٍ «لِيُحْرِزَ سُلْطَةً مَلَكِيَّةً لِنَفْسِهِ».‏ —‏ لوقا ١٩:‏١٢‏.‏

      قَبْلَ أَنْ يُسَافِرَ هٰذَا ٱلْإِنْسَانُ،‏ يَعْهَدُ إِلَى عَبِيدِهِ بِمُمْتَلَكَاتٍ قَيِّمَةٍ.‏ وَفِي ٱلِٱنْطِبَاقِ،‏ فَإِنَّ يَسُوعَ خِلَالَ خِدْمَتِهِ ٱلَّتِي دَامَتْ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ وَنِصْفًا رَكَّزَ عَلَى ٱلْكِرَازَةِ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ وَدَرَّبَ تَلَامِيذَهُ لِيَقُومُوا بِٱلْعَمَلِ نَفْسِهِ.‏ وَٱلْآنَ وَقَدْ حَانَ وَقْتُ ٱلرَّحِيلِ،‏ سَيَتْرُكُ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ وَلَدَيْهِ مِلْءُ ٱلثِّقَةِ أَنَّهُمْ سَيُوَاصِلُونَ ٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي دَرَّبَهُمْ عَلَيْهِ.‏ —‏ متى ١٠:‏٧؛‏ لوقا ١٠:‏​١،‏ ٨،‏ ٩‏؛‏ قارن يوحنا ٤:‏٣٨؛‏ ١٤:‏١٢‏.‏

      وَكَيْفَ يُوَزِّعُ ٱلرَّجُلُ فِي ٱلْمَثَلِ مُمْتَلَكَاتِهِ؟‏ يُجِيبُ يَسُوعُ:‏ «أَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ،‏ وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ،‏ وَآخَرَ وَزْنَةً،‏ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ قُدْرَتِهِ،‏ وَسَافَرَ».‏ (‏متى ٢٥:‏١٥‏)‏ فَمَاذَا سَيَفْعَلُ هٰؤُلَاءِ ٱلْعَبِيدُ بِمَا سُلِّمَ إِلَيْهِمْ؟‏ هَلْ يَعْمَلُونَ بِٱجْتِهَادٍ وَيَسْتَغِلُّونَ ٱلْوَزَنَاتِ لِمَصْلَحَةِ سَيِّدِهِمْ؟‏ نَقْرَأُ:‏

      ‏«فِي ٱلْحَالِ ذَهَبَ ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْخَمْسَ ٱلْوَزَنَاتِ وَتَاجَرَ بِهَا وَرَبِحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ.‏ وَكَذٰلِكَ ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْوَزْنَتَيْنِ رَبِحَ وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ.‏ أَمَّا ٱلَّذِي أَخَذَ وَاحِدَةً فَقَطْ،‏ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي ٱلْأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ».‏ (‏متى ٢٥:‏​١٦-‏١٨‏)‏ فَمَاذَا يَحْصُلُ عِنْدَمَا يَعُودُ ٱلسَّيِّدُ؟‏

      تُكْمِلُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «بَعْدَ زَمَانٍ طَوِيلٍ جَاءَ سَيِّدُ أُولٰئِكَ ٱلْعَبِيدِ وَسَوَّى حِسَابَهُ مَعَهُمْ».‏ (‏متى ٢٥:‏١٩‏)‏ وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟‏ لَقَدْ بَذَلَ ٱلْعَبْدَانِ ٱلْأَوَّلُ وَٱلثَّانِي وُسْعَهُمَا «كُلُّ وَاحِدٍ حَسَبَ قُدْرَتِهِ».‏ فَكِلَاهُمَا كَانَا مُجْتَهِدَيْنِ وَمُتَفَانِيَيْنِ وَنَاجِحَيْنِ فِي عَمَلِهِمَا.‏ فَٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْوَزَنَاتِ ٱلْخَمْسَ ضَاعَفَ حِصَّتَهُ تَمَامًا كَٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْوَزْنَتَيْنِ.‏ (‏كَانَتِ ٱلْوَزْنَةُ ٱلْوَاحِدَةُ آنَذَاكَ تُعَادِلُ أُجْرَةَ عَامِلٍ طَوَالَ ١٩ عَامًا تَقْرِيبًا.‏)‏ لِذَا يَمْدَحُ ٱلسَّيِّدُ هٰذَيْنِ ٱلْعَبْدَيْنِ ٱلْمَدِيحَ نَفْسَهُ قَائِلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا:‏ «أَحْسَنْتَ أَيُّهَا ٱلْعَبْدُ ٱلصَّالِحُ وَٱلْأَمِينُ!‏ كُنْتَ أَمِينًا عَلَى قَلِيلٍ،‏ فَسَأُقِيمُكَ عَلَى كَثِيرٍ.‏ اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ».‏ —‏ متى ٢٥:‏٢١‏.‏

      ١-‏ عبد يُخفي كيس مال في حفرة؛‏ ٢-‏ العبد نفسه يُرمى خارجا في الظلمة

      غَيْرَ أَنَّ ٱلْعَبْدَ ٱلَّذِي أَخَذَ ٱلْوَزْنَةَ ٱلْوَاحِدَةَ وَضْعُهُ مُخْتَلِفٌ تَمَامًا.‏ فَهُوَ يَقُولُ لِسَيِّدِهِ:‏ «يَا سَيِّدُ،‏ عَرَفْتُكَ إِنْسَانًا صَارِمًا،‏ تَحْصُدُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ،‏ وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تُذَرِّ.‏ فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي ٱلْأَرْضِ.‏ فَإِلَيْكَ مَا هُوَ لَكَ».‏ (‏متى ٢٥:‏​٢٤،‏ ٢٥‏)‏ لَمْ يُكَلِّفْ هٰذَا ٱلْعَبْدُ نَفْسَهُ حَتَّى وَيُودِعِ ٱلْفِضَّةَ عِنْدَ ٱلْمَصْرِفِيِّينَ لِيَسْتَفِيدَ سَيِّدُهُ مِنْ بَعْضِ ٱلْفَائِدَةِ.‏ وَبِذٰلِكَ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ ضِدَّ مَصَالِحِ سَيِّدِهِ.‏

      لَا عَجَبَ إِذًا أَنْ يَدْعُوَهُ ٱلسَّيِّدُ «ٱلْعَبْدَ ٱلشِّرِّيرَ وَٱلْكَسْلَانَ».‏ وَبِٱلنَّتِيجَةِ،‏ يَأْمُرُ أَنْ تُؤْخَذَ ٱلْوَزْنَةُ مِنْهُ وَتُعْطَى لِلْعَبْدِ ٱلرَّاغِبِ فِي أَنْ يَشْتَغِلَ بِكَدٍّ وَٱجْتِهَادٍ.‏ بَعْدَئِذٍ يَشْرَحُ ٱلسَّيِّدُ ٱلْمِقْيَاسَ ٱلَّذِي يَعْمَلُ عَلَى أَسَاسِهِ قَائِلًا:‏ «كُلُّ مَنْ لَهُ،‏ يُعْطَى أَكْثَرَ فَيَزْدَادُ؛‏ وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ،‏ فَحَتَّى مَا هُوَ لَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ».‏ —‏ متى ٢٥:‏​٢٦-‏٢٩‏.‏

      تلاميذ يسوع يبشرون

      يَحْمِلُ هٰذَا ٱلْمَثَلُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلدُّرُوسِ لِتَلَامِيذِ ٱلْمَسِيحِ.‏ فَيُرِيهِمْ أَنَّ مَا سَلَّمَهُمْ إِيَّاهُ مُعَلِّمُهُمْ،‏ أَيِ ٱمْتِيَازَ ٱلتَّلْمَذَةِ،‏ هُوَ عَظِيمُ ٱلْقِيمَةِ.‏ وَهُوَ يَطْلُبُ مِنْهُمْ أَنْ يَجْتَهِدُوا فِي إِتْمَامِ هٰذَا ٱلتَّوْكِيلِ.‏ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّعُ أَنْ يَقُومُوا جَمِيعًا بِمِقْدَارِ ٱلْعَمَلِ عَيْنِهِ.‏ فَكَمَا مَرَّ مَعَنَا،‏ يَنْبَغِي لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَبْذُلَ مَا فِي وِسْعِهِ «حَسَبَ قُدْرَتِهِ».‏ لٰكِنَّ هٰذَا لَا يَعْنِي إِطْلَاقًا أَنَّ يَسُوعَ يَرْضَى عَنِ ‹ٱلْكَسَالَى› وَمَنْ لَا يَبْذُلُونَ وِسْعَهُمْ لِيُرَوِّجُوا مَصَالِحَ سَيِّدِهِمْ.‏

      وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلرُّسُلَ يَفْرَحُونَ كَثِيرًا حِينَ يَسْمَعُونَ يَسُوعَ يَقُولُ:‏ «كُلُّ مَنْ لَهُ،‏ يُعْطَى أَكْثَرَ فَيَزْدَادُ».‏

      • مَنْ يُمَثِّلُ ٱلسَّيِّدُ،‏ وَمَنْ يُمَثِّلُ ٱلْعَبِيدُ فِي مَثَلِ ٱلْوَزَنَاتِ؟‏

      • أَيَّةُ دُرُوسٍ يُعَلِّمُهَا يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ؟‏

  • المسيح بسلطة الملكوت يدين الخراف والجداء
    يسوع:‏ الطريق والحق والحياة
    • اناس من كل الامم ينظرون الى السماء بانتظار دينونة يسوع

      اَلْفَصْلُ ١١٤

      اَلْمَسِيحُ بِسُلْطَةِ ٱلْمَلَكُوتِ يَدِينُ ٱلْخِرَافَ وَٱلْجِدَاءَ

      متى ٢٥:‏​٣١-‏٤٦

      • يَسُوعُ يَتَكَلَّمُ بِمَثَلِ ٱلْخِرَافِ وَٱلْجِدَاءِ

      عَلَى جَبَلِ ٱلزَّيْتُونِ،‏ يَنْتَهِي يَسُوعُ لِلتَّوِّ مِنْ تَقْدِيمِ مَثَلَيْنِ هُمَا مَثَلُ ٱلْعَذَارَى ٱلْعَشْرِ وَمَثَلُ ٱلْوَزَنَاتِ.‏ وَٱلْآنَ يَخْتِمُ جَوَابَهُ عَنِ ٱلسُّؤَالِ ٱلْمُتَعَلِّقِ بِعَلَامَةِ حُضُورِهِ وَٱخْتِتَامِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ،‏ فَيُقَدِّمُ مَثَلًا أَخِيرًا عَنِ ٱلْخِرَافِ وَٱلْجِدَاءِ.‏

      يَبْدَأُ يَسُوعُ بِتَحْدِيدِ ٱلْإِطَارِ ٱلْعَامِّ لِلْمَثَلِ،‏ فَيَقُولُ:‏ «مَتَى جَاءَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ ٱلْمَلَائِكَةِ مَعَهُ،‏ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى عَرْشِهِ ٱلْمَجِيدِ».‏ (‏متى ٢٥:‏٣١‏)‏ حِينَ يَتَكَلَّمُ عَنِ «ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ» لَا يَتْرُكُ مَجَالًا لِلشَّكِّ أَنَّ ٱلْمَثَلَ يَدُورُ حَوْلَهُ هُوَ،‏ إِذْ غَالِبًا مَا دَعَا نَفْسَهُ بِهٰذَا ٱللَّقَبِ مِنْ قَبْلُ.‏ —‏ متى ٨:‏٢٠؛‏ ٩:‏٦؛‏ ٢٠:‏​١٨،‏ ٢٨‏.‏

      يسوع يجلس على عرشه المجيد ويدين الناس الامناء بوصفهم خرافا

      وَكَمَا تُخْبِرُ ٱلْآيَةُ،‏ يَتِمُّ هٰذَا ٱلْمَثَلُ عِنْدَمَا يَجِيءُ يَسُوعُ «فِي مَجْدِهِ» مَعَ ٱلْمَلَائِكَةِ وَيَجْلِسُ «عَلَى عَرْشِهِ ٱلْمَجِيدِ».‏ وَهُوَ وَصَفَ فِي ٱلسَّابِقِ «ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سُحُبِ ٱلسَّمَاءِ بِقُدْرَةٍ وَمَجْدٍ عَظِيمٍ» وَمَعَهُ مَلَائِكَتُهُ.‏ وَمَتَى يَحْصُلُ ذٰلِكَ؟‏ ‹فِي ٱلْحَالِ بَعْدَ ٱلضِّيقِ›.‏ (‏متى ٢٤:‏​٢٩-‏٣١؛‏ مرقس ١٣:‏​٢٦،‏ ٢٧؛‏ لوقا ٢١:‏٢٧‏)‏ إِذًا،‏ يَتِمُّ ٱلْمَثَلُ عِنْدَمَا يَأْتِي يَسُوعُ بِمَجْدٍ عَظِيمٍ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ وَمَاذَا سَيَفْعَلُ آنَذَاكَ؟‏ 

      يَشْرَحُ:‏ «مَتَى جَاءَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ .‏ .‏ .‏ تَجْتَمِعُ أَمَامَهُ كُلُّ ٱلْأُمَمِ،‏ فَيَفْرِزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ،‏ كَمَا يَفْرِزُ ٱلرَّاعِي ٱلْخِرَافَ مِنَ ٱلْجِدَاءِ.‏ فَيَضَعُ ٱلْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَٱلْجِدَاءَ عَنْ يَسَارِهِ».‏ —‏ متى ٢٥:‏​٣١-‏٣٣‏.‏

      يَقُولُ يَسُوعُ عَنِ ٱلْخِرَافِ ٱلْمَرْضِيِّ عَنْهُمْ:‏ «بَعْدَ ذٰلِكَ يَقُولُ ٱلْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ:‏ ‹تَعَالَوْا،‏ يَا مُبَارَكِي أَبِي،‏ رِثُوا ٱلْمَلَكُوتَ ٱلْمُهَيَّأَ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ›».‏ (‏متى ٢٥:‏٣٤‏)‏ فَلِمَ ٱلْمَلِكُ رَاضٍ عَنْ هٰؤُلَاءِ ٱلْخِرَافِ؟‏

      يُخْبِرُهُمْ:‏ «لِأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي،‏ عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي.‏ كُنْتُ غَرِيبًا فَأَضَفْتُمُونِي،‏ عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي.‏ مَرِضْتُ فَٱعْتَنَيْتُمْ بِي.‏ كُنْتُ فِي ٱلسِّجْنِ فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ».‏ وَحِينَ يَسْأَلُهُ هٰؤُلَاءِ «ٱلْأَبْرَارُ» مَتَى عَمِلُوا هٰذِهِ ٱلْأَعْمَالَ ٱلصَّالِحَةَ،‏ يُجِيبُهُمْ:‏ «كُلَّمَا فَعَلْتُمْ ذٰلِكَ بِأَحَدِ ٱلْأَصَاغِرِ مِنْ إِخْوَتِي هٰؤُلَاءِ،‏ فَبِي فَعَلْتُمُوهُ».‏ (‏متى ٢٥:‏​٣٥،‏ ٣٦،‏ ٤٠،‏ ٤٦‏)‏ وَبِٱلطَّبْعِ هُمْ لَا يَعْمَلُونَ هٰذِهِ ٱلْأَعْمَالَ فِي ٱلسَّمَاءِ،‏ إِذْ لَا مَرَضَ وَلَا جُوعَ هُنَاكَ.‏ فَلَا بُدَّ أَنَّهُمْ عَمِلُوا صَلَاحًا مَعَ إِخْوَةِ ٱلْمَسِيحِ هُنَا عَلَى ٱلْأَرْضِ.‏

      اشخاص غير امناء يفرَزون بوصفهم جداء

      وَمَاذَا عَنِ ٱلْجِدَاءِ ٱلْمَفْرُوزِينَ إِلَى يَسَارِ ٱلْمَلِكِ؟‏ يَذْكُرُ:‏ «بَعْدَ ذٰلِكَ يَقُولُ [ٱلْمَلِكُ] أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنْ يَسَارِهِ:‏ ‹اِذْهَبُوا عَنِّي،‏ يَا مَلَاعِينُ،‏ إِلَى ٱلنَّارِ ٱلْأَبَدِيَّةِ ٱلْمُهَيَّأَةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلَائِكَتِهِ.‏ لِأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي،‏ وَعَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي.‏ كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تُضِيفُونِي،‏ عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي،‏ مَرِيضًا وَفِي ٱلسِّجْنِ فَلَمْ تَعْتَنُوا بِي›».‏ (‏متى ٢٥:‏​٤١-‏٤٣‏)‏ إِذًا يَدِينُ ٱلْمَلِكُ هٰؤُلَاءِ ٱلْجِدَاءَ دَيْنُونَةً عَادِلَةً لِأَنَّهُمْ لَمْ يُتَمِّمُوا وَاجِبَاتِهِمْ وَيُعَامِلُوا إِخْوَةَ ٱلْمَسِيحِ عَلَى ٱلْأَرْضِ مُعَامَلَةً حَسَنَةً.‏

      وَفِي ٱلْخِتَامِ،‏ يَفْهَمُ ٱلرُّسُلُ أَنَّ وَقْتَ ٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْمُسْتَقْبَلِيَّ هٰذَا أَحْكَامُهُ دَائِمَةٌ وَأَبَدِيَّةٌ.‏ فَٱلْمَلِكُ يَقُولُ لِلْجِدَاءِ:‏ «‹اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:‏ كُلَّمَا لَمْ تَفْعَلُوا ذٰلِكَ بِأَحَدِ هٰؤُلَاءِ ٱلْأَصَاغِرِ،‏ فَبِي لَمْ تَفْعَلُوهُ›.‏ فَيَذْهَبُ هٰؤُلَاءِ إِلَى قَطْعٍ أَبَدِيٍّ،‏ وَٱلْأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».‏ —‏ متى ٢٥:‏​٤٥،‏ ٤٦‏.‏

      بَهٰذَا ٱلْمَثَلِ يَنْتَهِي يَسُوعُ مِنَ ٱلْإِجَابَةِ عَلَى سُؤَالِ رُسُلِهِ.‏ وَإِجَابَتُهُ هٰذِهِ تُحَفِّزُ أَتْبَاعَهُ أَنْ يُفَكِّرُوا مَلِيًّا وَيُحَلِّلُوا مَوَاقِفَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ.‏

      • فِي مَثَلِ يَسُوعَ عَنِ ٱلْخِرَافِ وَٱلْجِدَاءِ،‏ مَنْ هُوَ «ٱلْمَلِكُ» وَمَتَى يَتِمُّ هٰذَا ٱلْمَثَلُ؟‏

      • لِمَ يَرْضَى يَسُوعُ عَنِ ٱلْخِرَافِ؟‏

      • عَلَى أَيِّ أَسَاسٍ سَيُدَانُ ٱلْبَعْضُ بِوَصْفِهِمْ جِدَاءً،‏ وَأَيُّ مُسْتَقْبَلٍ يَنْتَظِرُ ٱلْجِدَاءَ وَٱلْخِرَافَ؟‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة