مقالة الدرس ٦
هل تثِقُ بِالطَّريقَةِ الَّتي يعمَلُ بها يَهْوَه؟
«هوَ الصَّخر، وكُلُّ ما يَعمَلُهُ كامِل، لِأنَّ كُلَّ طُرُقِهِ عادِلَة. إلهٌ أمينٌ لا يَظلِمُ أبدًا، إلهٌ عادِلٌ ومُستَقيم». — تث ٣٢:٤.
التَّرنيمَة ٣ مُتَّكَلي، قُوَّتي، ورَجائي
لَمحَةٌ عنِ المَقالَةa
١-٢ (أ) لِماذا يستَصعِبُ كَثيرونَ اليَومَ أن يثِقوا بِالَّذينَ في السُّلطَة؟ (ب) ماذا سنُناقِشُ في هذِهِ المَقالَة؟
يستَصعِبُ كَثيرونَ اليَومَ أن يثِقوا بِأيِّ شَخصٍ في السُّلطَة. فهُم يرَونَ أنَّ الأنظِمَةَ القَضائِيَّة والسِّياسِيَّة غالِبًا ما تتَحَيَّزُ لِلأغنِياءِ والمُهِمِّينَ في المُجتَمَعِ وتظلِمُ الفُقَراء. والكِتابُ المُقَدَّسُ يصِفُ ذلِك بِدِقَّةٍ قائِلًا: «يتَسَلَّطُ إنسانٌ على إنسانٍ لِأذِيَّتِه». (جا ٨:٩) وتَصَرُّفاتُ رِجالِ الدِّينِ تزيدُ الطِّينَ بَلَّة. فبِسَبَبِها، خسِرَ بَعضُ النَّاسِ ثِقَتَهُم بِاللّٰه. لِذلِك عِندَما يُوافِقُ شَخصٌ أن يدرُسَ معنا الكِتابَ المُقَدَّس، علَينا أن نبذُلَ جُهدَنَا لِنَبنِيَ ثِقَتَهُ بِيَهْوَه وبِالَّذينَ يُمَثِّلونَهُ على الأرض.
٢ ولكنْ طَبعًا، الَّذينَ يدرُسونَ الكِتابَ المُقَدَّسَ لَيسوا الوَحيدينَ الَّذينَ علَيهِم أن يبنوا ثِقَتَهُم بِيَهْوَه وبِهَيئَتِه. فحتَّى لَو كُنَّا في الحَقِّ مِن سِنين، لا يجِبُ أن يغيبَ عن بالِنا أنَّ الطَّريقَةَ الَّتي يعمَلُ بها يَهْوَه هي دائِمًا الأفضَل. ولكنْ هُناكَ حالاتٌ تكشِفُ كم نثِقُ بِيَهْوَه. وفي هذِهِ المَقالَة، سنُناقِشُ ثَلاثًا مِنها: (١) حينَ نقرَأُ بَعضَ القِصَصِ في الكِتابِ المُقَدَّس، (٢) حينَ ننالُ تَوجيهًا مِن هَيئَةِ يَهْوَه، و (٣) عِندَما نُواجِهُ صُعوباتٍ في المُستَقبَل.
ثِقْ بِيَهْوَه حينَ تقرَأُ الكِتابَ المُقَدَّس
٣ لِماذا نقولُ إنَّ بَعضَ قِصَصِ الكِتابِ المُقَدَّسِ تكشِفُ كم نثِقُ بِيَهْوَه؟
٣ عِندَما نقرَأُ الكِتابَ المُقَدَّس، قد تخطُرُ على بالِنا أسئِلَةٌ حَولَ قَراراتٍ مُعَيَّنَة أخَذَها يَهْوَه، وحَولَ الطَّريقَةِ الَّتي تعامَلَ بها مع بَعضِ الأشخاص. مَثَلًا، نقرَأُ في سِفرِ العَدَد أنَّ يَهْوَه حكَمَ بِالمَوتِ على رَجُلٍ إسْرَائِيلِيٍّ لِأنَّهُ جمَعَ الحَطَبَ يَومَ السَّبت. أمَّا في سِفرِ صَمُوئِيل الثَّاني، فنقرأُ أنَّ يَهْوَه بَعدَ مِئاتِ السِّنينَ سامَحَ المَلِكَ دَاوُد مع أنَّهُ زنى وقتَل. (عد ١٥:٣٢، ٣٥؛ ٢ صم ١٢:٩، ١٣) لِذلِك قد نتَساءَل: ‹لِماذا سامَحَ يَهْوَه دَاوُد على القَتلِ والزِّنى، لكنَّهُ حكَمَ بِالمَوتِ على الإسْرَائِيلِيِّ الَّذي يبدو أنَّهُ ارتَكَبَ خَطِيَّةً أقَلَّ خُطورَة؟›. لِنُجيبَ عن هذا السُّؤال، سنتَحَدَّثُ عن ثَلاثَةِ عَوامِلَ يجِبُ أن نُبقِيَها في بالِنا حينَ نقرَأُ الكِتابَ المُقَدَّس.
٤ كَيفَ تُساعِدُنا التَّكْوِين ١٨:٢٠، ٢١ والتَّثْنِيَة ١٠:١٧ أن نزيدَ ثِقَتَنا بِأحكامِ يَهْوَه؟
٤ الكِتابُ المُقَدَّسُ لا يُخبِرُنا دائِمًا كُلَّ التَّفاصيل. مَثَلًا، نَحنُ نعرِفُ أنَّ دَاوُد تابَ تَوبَةً صادِقَة على ما فعَلَه. (مز ٥١:٢-٤) ولكنْ أيُّ نَوعٍ مِنَ الأشخاصِ كانَ الرَّجُلُ الَّذي كسَرَ وَصِيَّةَ السَّبت؟ هل ندِمَ حَقًّا على ما فعَلَه؟ هل كسَرَ شَرائِعَ يَهْوَه مِن قَبل؟ هل نالَ تَحذيراتٍ لكنَّهُ تجاهَلَها أو حتَّى رفَضَها؟ لا يُخبِرُنا الكِتابُ المُقَدَّسُ عن هذِهِ التَّفاصيل. لكنَّنا مُتَأكِّدونَ مِن هذِهِ الحَقيقَة: يَهْوَه «لا يَظلِمُ أبدًا». (تث ٣٢:٤) فهو يُؤَسِّسُ قَراراتِهِ على الحَقيقَةِ الكامِلَة، بِعَكسِ البَشَرِ الَّذينَ يتَأثَّرُ حُكمُهُم بِرَأيِهِمِ المُسبَق، بِما يقولُهُ الآخَرون، وبِأُمورٍ أُخرى. (إقرإ التكوين ١٨:٢٠، ٢١؛ التثنية ١٠:١٧.) وكُلَّما تعَلَّمنا عن يَهْوَه وعن مَقاييسِه، زادَت ثِقَتُنا بِأحكامِه. فحتَّى لَو خطَرَت على بالِنا أسئِلَةٌ عن قِصَّةٍ ما ولم نجِدِ الأجوِبَةَ الآن، فنَحنُ لَدَينا مَعلوماتٌ أكثَرُ مِن كافِيَةٍ عن إلهِنا تُؤَكِّدُ لنا أنَّهُ عادِلٌ «في كُلِّ طُرُقِه». — مز ١٤٥:١٧.
٥ كَيفَ يُؤَثِّرُ نَقصُنا على إحساسِنا بِالعَدل؟ (أُنظُرْ أيضًا الإطار: «نَقصُنا يُشَوِّهُ نَظرَتَنا إلى العَدل».)
٥ نَقصُنا يُؤَثِّرُ على إحساسِنا بِالعَدل. لقدْ خلَقَنا اللّٰهُ على صورَتِه. لِذلِك، نُحِبُّ أن نرى النَّاسَ يُعامَلونَ بِعَدل. (تك ١:٢٦) ولكنْ لِأنَّنا ناقِصون، نُخطِئُ أحيانًا في الحُكم، حتَّى لَوِ اعتَقَدنا أنَّنا نعرِفُ كُلَّ الوَقائِع. تذَكَّرْ مَثَلًا ماذا حصَلَ مع يُونَان. فهو تضايَقَ جِدًّا حينَ قرَّرَ يَهْوَه أن يرحَمَ سُكَّانَ نِينَوَى. (يون ٣:١٠–٤:١) لكنَّ رَحمَةَ يَهْوَه كانَتْ نَتيجَتُها رائِعَة. فقدْ نجا أكثَرُ مِن ٠٠٠,١٢٠ شَخصٍ مِن سُكَّانِ نِينَوَى الَّذينَ تابوا. إذًا، يُونَان هو مَن كانَ بِحاجَةٍ أن يُغَيِّرَ نَظرَتَه، لا يَهْوَه.
٦ لماذا يَهْوَه لَيسَ مُضطَرًّا أن يُبَرِّرَ لنا قَراراتِه؟
٦ يَهْوَه لَيسَ مُضطَرًّا أن يشرَحَ لِلبَشَرِ لِماذا أخَذَ قَرارًا مُعَيَّنًا. سمَحَ يَهْوَه لِبَعضِ خُدَّامِهِ في الماضي أن يُعَبِّروا عن قَلَقِهِم حَولَ قَرارٍ أخَذَه، أو كانَ على وَشْكِ أن يأخُذَه. (تك ١٨:٢٥؛ يون ٤:٢، ٣) وأحيانًا، شرَحَ السَّبَبَ وَراءَ قَرارِه. (يون ٤:١٠، ١١) لكنَّ هذا لا يعني أنَّ يَهْوَه مُضطَرٌّ أن يُبَرِّرَ لنا دائِمًا قَراراتِه. فبِما أنَّهُ الخالِق، لا يحتاجُ إلى مُوافَقَتِنا لا قَبلَ أن يأخُذَ القَرارَ ولا بَعدَه. — اش ٤٠:١٣، ١٤؛ ٥٥:٩.
ثِقْ بِيَهْوَه حينَ تنالُ تَوجيهًا
٧ أيُّ تَحَدٍّ نُواجِهُهُ أحيانًا، ولِماذا؟
٧ لا شَكَّ أنَّنا نثِقُ ثِقَةً مُطلَقَة أنَّ يَهْوَه يفعَلُ دائِمًا ما هو صَحيح. ولكنْ أحيانًا، يكونُ التَّحَدِّي أن نثِقَ بِالأشخاصِ الَّذينَ يُمَثِّلونَه. فرُبَّما نشُكُّ في الَّذينَ لَدَيهِم سُلطَةٌ في هَيئَةِ يَهْوَه، ونتَساءَلُ هل يتَصَرَّفونَ فِعلًا حَسَبَ تَوجيهاتِ يَهْوَه أم حَسَبَ رَأيِهِمِ الشَّخصِيّ. ورُبَّما هذا ما شعَرَ بهِ بَعضُ الَّذينَ عاشوا أيَّامَ الكِتابِ المُقَدَّس. لِنُفَكِّرْ مَثَلًا في القِصَّتَينِ بِالفَقْرَة ٣. فبَعدَما أصدَرَ مُوسَى حُكمَ الإعدامِ على الرَّجُلِ الَّذي كسَرَ وَصِيَّةَ السَّبت، رُبَّما تساءَلَ أحَدُ أقرِباءِ ذلِكَ الرَّجُل: ‹هلِ استَشارَ مُوسَى يَهْوَه فِعلًا، أم تصَرَّفَ حَسَبَ رَأيِه؟›. وبَعدَما زنى دَاوُد مع زَوجَةِ أُورِيَّا الحِثِّيّ، رُبَّما استَنتَجَ أحَدُ أصدِقاءِ أُورِيَّا أنَّ دَاوُد استَغَلَّ مَنصِبَهُ كَمَلِكٍ لِيُفلِتَ مِنَ العِقابِ الَّذي يستَحِقُّه. ولكنْ في الحَقيقَة، لا نقدِرُ أن نقولَ إنَّنا نثِقُ بِيَهْوَه إذا كُنَّا لا نثِقُ بِالَّذينَ يُمَثِّلونَهُ على الأرض. فيَهْوَه بِحَدِّ ذاتِهِ يثِقُ بِهؤُلاءِ الأشخاص.
٨ كَيفَ تُشبِهُ طَريقَةُ تَنظيمِ الجَماعَةِ المَسيحِيَّة اليَومَ ما نقرَأُهُ في الأعْمَال ١٦:٤، ٥؟
٨ يُوَجِّهُ يَهْوَه اليَومَ الجُزءَ الأرضِيَّ مِن هَيئَتِهِ مِن خِلالِ «العَبدِ الأمينِ الحَكيم». (مت ٢٤:٤٥) ومِثلَما كانَتِ الهَيئَةُ الحاكِمَة تعمَلُ في القَرنِ الأوَّل، يُشرِفُ هذا العَبدُ اليَومَ على شَعبِ يَهْوَه في كُلِّ العالَمِ ويُعطي التَّوجيهاتِ إلى الشُّيوخ. (إقرإ الاعمال ١٦:٤، ٥.) والشُّيوخُ بِدَورِهِم يتَأكَّدونَ أنَّ هذِهِ التَّوجيهاتِ تُطَبَّقُ في الجَماعات. ونَحنُ نُظهِرُ أنَّنا نثِقُ بِالطَّريقَةِ الَّتي يعمَلُ بها يَهْوَه حينَ نُطيعُ التَّوجيهاتِ الَّتي ننالُها مِنَ الهَيئَةِ والشُّيوخ.
٩ متى مَثَلًا قد نستَصعِبُ أن نُطَبِّقَ قَراراتِ الشُّيوخ، ولِماذا؟
٩ ولكنْ أحيانًا، نستَصعِبُ أن نُطَبِّقَ قَراراتِ الشُّيوخ. مَثَلًا في السَّنَواتِ الأخيرَة، طلَبَ الشُّيوخُ مِن بَعضِ النَّاشِرينَ أن ينتَقِلوا إلى جَماعَةٍ أُخرى، وذلِك كَي نستَفيدَ مِن كُلِّ المَقاعِدِ في قاعاتِ المَلَكوت. فدُمِجَت جَماعاتٌ كَثيرَة، وأُعيدَ تَقسيمُ الدَّوائِر. فهل طلَبَ مِنكَ الشُّيوخُ أن تنتَقِلَ إلى جَماعَةٍ أُخرى؟ في هذِهِ الحالَة، قد تستَصعِبُ أن تترُكَ أصدِقاءَكَ وعائِلَتَك. وقدْ تتَساءَل: ‹هل يُعطي يَهْوَه الشُّيوخَ تَوجيهًا مُحَدَّدًا لِيَعرِفوا أينَ يُعَيِّنونَ كُلَّ ناشِر؟›. في الحَقيقَةِ لا. لِذلِك قد نستَصعِبُ أن نتبَعَ التَّوجيهَ الَّذي ننالُه. ولكنْ لِنتَذَكَّرْ أنَّ يَهْوَه أوكَلَ هذِهِ المَسؤولِيَّةَ إلى الشُّيوخ، وهو يثِقُ بهِم. ونَحنُ أيضًا علَينا أن نثِقَ بهِم مِثلَه.b
١٠ حَسَبَ العِبْرَانِيِّين ١٣:١٧، لِماذا مُهِمٌّ أن نتَعاوَنَ معَ الشُّيوخ؟
١٠ ولِماذا مُهِمٌّ أن نتَعاوَنَ معَ الشُّيوخِ وندعَمَ قَراراتِهِم، حتَّى لَو لم تُعجِبْنا؟ لِأنَّنا عِندَما نفعَلُ ذلِك، نُقَوِّي الوَحدَةَ بَينَ شَعبِ اللّٰه. (اف ٤:٢، ٣) وحينَ يُطيعُ الجَميعُ بِتَواضُعٍ قَراراتِ هَيئَةِ الشُّيوخ، تتَقَدَّمُ الجَماعَة. (إقرإ العبرانيين ١٣:١٧.) والأهَمّ، حينَ نتَعاوَنُ معَ الَّذينَ أمَّنَهُم يَهْوَه علَينا، نُظهِرُ لهُ أنَّنا نثِقُ به. — اع ٢٠:٢٨.
١١ ماذا يُساعِدُنا أن نثِقَ أكثَرَ بِتَوجيهِ الشُّيوخ؟
١١ وماذا يُساعِدُنا أن نثِقَ أكثَرَ بِالتَّوجيهِ الَّذي ننالُهُ مِنَ الشُّيوخ؟ لِنتَذَكَّرْ أنَّهُم يطلُبونَ الرُّوحَ القُدُسَ عِندَما يُناقِشونَ مَواضيعَ تُؤَثِّرُ على الجَماعَة. وهُم أيضًا يُفَكِّرونَ جَيِّدًا في مَبادِئِ الكِتابِ المُقَدَّسِ الَّتي تنطَبِقُ على كُلِّ حالَة، ويُراجِعونَ الإرشاداتِ الَّتي تُعطيها هَيئَةُ يَهْوَه. وهُم يُريدونَ فِعلًا أن يُرضوا يَهْوَه، وأن يهتَمُّوا بِشَعبِهِ بِأفضَلِ طَريقَة. فهؤُلاءِ الرِّجالُ الأُمَناءُ يعرِفونَ أنَّ اللّٰهَ سيُحاسِبُهُم على الطَّريقَةِ الَّتي يُتَمِّمونَ بها مَسؤولِيَّاتِهِم. (١ بط ٥:٢، ٣) وهل يَهْوَه راضٍ عن عَمَلِهِم؟ فكِّرْ قَليلًا: في عالَمٍ تُقَسِّمُهُ العُنصُرِيَّةُ والدِّينُ والسِّياسَة، شَعبُ يَهْوَه يعبُدونَ بِاتِّحادٍ الإلهَ الحَقيقِيَّ الوَحيد. وهذا لا يُمكِنُ أن يحدُثَ إلَّا إذا كانَ يَهْوَه يُبارِكُ هَيئَتَه.
١٢ أيُّ عَوامِلَ يُفَكِّرُ فيها الشُّيوخُ لِيُحَدِّدوا هلِ الشَّخصُ تائِب؟
١٢ أعطى يَهْوَه الشُّيوخَ مَسؤولِيَّةً ثَقيلَة، وهي أن يُبقوا الجَماعَةَ نَظيفَة. فعِندَما يرتَكِبُ مَسيحِيٌّ خَطِيَّةً خَطيرَة، يطلُبُ يَهْوَه مِنَ الشُّيوخِ أن يُحَدِّدوا إذا كانَ هذا الشَّخصُ سيَبقى في الجَماعَة. وكَي يأخُذوا قَرارَهُم، يُفَكِّرونَ في عِدَّةِ عَوامِل. وأحَدُها هو تَوبَةُ الخاطِئ. فمُهِمٌّ جِدًّا أن يُمَيِّزوا إذا كانَ هذا الخاطِئُ تائِبًا فِعلًا. فرُبَّما يقولُ إنَّهُ تائِب، ولكنْ هل يكرَهُ فِعلًا الخَطِيَّةَ الَّتي ارتَكَبَها؟ هل هو مُصَمِّمٌ أن لا يُعيدَها؟ إذا أخطَأَ بِسَبَبِ أصدِقاءَ سَيِّئين، فهل هو مُستَعِدٌّ أن يقطَعَ عَلاقَتَهُ بهِم؟ يُصَلِّي الشُّيوخُ إلى يَهْوَه، يُفَكِّرونَ في هذِهِ العَوامِلَ على أساسِ الكِتابِ المُقَدَّس، ويَأخُذونَ بِعَينِ الاعتِبارِ مَوقِفَ الخاطِئِ مِمَّا فعَلَه. وعلى هذا الأساس، يُقَرِّرونَ إذا كانَ سيَبقى في الجَماعَة. وفي بَعضِ الحالات، يُقَرِّرونَ أنَّ الخاطِئَ يجِبُ أن يُفصَل. — ١ كو ٥:١١-١٣.
١٣ ماذا قد نتَساءَلُ إذا فُصِلَ أحَدُ أصدِقائِنا أو أفرادِ عائِلَتِنا؟
١٣ ولكنْ في بَعضِ الحالات، قد يكونُ صَعبًا علَينا أن نثِقَ بِقَرارِ الشُّيوخ. فإذا لم يكُنِ المَفصولُ مِن أصدِقائِنا المُقَرَّبينَ أو أفرادِ عائِلَتِنا، يكونُ سَهلًا علَينا عادَةً أن نقبَلَ قَرارَ الشُّيوخ. ولكنْ إذا كانَ المَفصولُ قَريبًا مِنَّا، فقدْ نقلَقُ ونتَساءَلُ إذا أخَذَ الشُّيوخُ كُلَّ العَوامِلِ بِعَينِ الاعتِبار، أو إذا كانَ يَهْوَه راضِيًا عن قَرارِهِم. فماذا يُساعِدُنا أن نثِقَ بِقَرارِ الشُّيوخ؟
١٤ ماذا يُساعِدُنا أن نقبَلَ قَرارَ الشُّيوخِ إذا كانَ المَفصولُ قَريبًا مِنَّا؟
١٤ جَيِّدٌ أن نتَذَكَّرَ أنَّ الفَصلَ هو تَرتيبٌ مِن يَهْوَه، وهو يُفيدُ الجَماعَةَ ورُبَّما الخاطِئَ أيضًا. فإذا سمَحَ الشُّيوخُ لِخاطِئٍ غَيرِ تائِبٍ أن يبقى في الجَماعَة، فقدْ يُؤَثِّرُ سَلبِيًّا علَيها. (غل ٥:٩) إضافَةً إلى ذلِك، قد لا يفهَمُ كم خَطِيَّتُهُ خَطيرَة، ولا يكونُ لَدَيهِ أيُّ دافِعٍ لِيُغَيِّرَ تَفكيرَهُ وتَصَرُّفاتِهِ كَي يستَعيدَ عَلاقَتَهُ بِيَهْوَه. (جا ٨:١١) ونَحنُ أكيدونَ أنَّ الشُّيوخَ لا يستَخِفُّونَ بِقَرارِ الفَصل، بل يأخُذونَ مَسؤولِيَّتَهُم بِجِدِّيَّة. فهُم يعرِفونَ أنَّهُم مِثلَ القُضاةِ في إسْرَائِيل قَديمًا ‹لا يقضونَ لِلإنسانِ بل لِيَهْوَه›. — ٢ اخ ١٩:٦، ٧.
الثِّقَةُ بِيَهْوَه الآنَ تُدَرِّبُكَ لِلمُستَقبَل
ماذا سيساعدنا خلال الضيق العظيم أن نثق بالتوجيهات التي ننالها وأن نطيعها؟ (أُنظر الفقرة ١٥.)
١٥ لِماذا علَينا الآنَ أن نثِقَ أكثَرَ بِتَوجيهِ يَهْوَه؟
١٥ فيما تقتَرِبُ نِهايَةُ هذا العالَمِ الشِّرِّير، علَينا أن نثِقَ الآن، أكثَرَ مِن أيِّ وَقتٍ آخَر، بِالطَّريقَةِ الَّتي يعمَلُ بها يَهْوَه. لِماذا نقولُ ذلِك؟ خِلالَ الضِّيقِ العَظيم، قد يُعطينا يَهْوَه تَوجيهاتٍ تبدو غَريبَةً أو غَيرَ عَمَلِيَّة أو غَيرَ مَنطِقِيَّة. طَبعًا، يَهْوَه لن يُكَلِّمَنا إفرادِيًّا. بل سيُعطينا هذِه التَّوجيهاتِ على الأرجَحِ مِن خِلالِ الأشخاصِ الَّذينَ يُمَثِّلونَه. ولكنْ آنَذاك، لن يكونَ الوَقتُ مُناسِبًا أبَدًا لِننتَقِدَ هذِهِ التَّوجيهاتِ أو نشُكُّ فيها ونَقول: ‹هل هي فِعلًا مِن يَهْوَه، أم إنَّ الإخوَةَ المَسؤولينَ يتَصَرَّفونَ حَسَبَ رَأيِهِم؟›. فكَيفَ ستكونُ رَدَّةُ فِعلِكَ في ذلِك الوَقتِ المُهِمِّ جِدًّا مِن تاريخِ البَشَرِيَّة؟ إنَّ نَظرَتَكَ إلى التَّوجيهاتِ الثِّيوقراطِيَّة الآنَ تُساعِدُكَ أن تُحَدِّدَ الجَواب. فإذا كُنتَ تثِقُ اليَومَ بِهذِهِ التَّوجيهاتِ وتُطيعُها فَورًا، فعلى الأرجَحِ ستفعَلُ الأمرَ نَفْسَهُ خِلالَ الضِّيقِ العَظيم. — لو ١٦:١٠.
١٦ كَيفَ يُمكِنُ لِأحكامِ يَهْوَه أن تمتَحِنَ قَريبًا ثِقَتَنا به؟
١٦ لِنُفَكِّرِ الآنَ في أمرٍ آخَر: أحكامُ يَهْوَه على النَّاسِ عِندَ نِهايَةِ هذا العالَمِ الشِّرِّير. حالِيًّا، نَحنُ نتَمَنَّى أن يتَغَيَّرَ كَثيرون، بِمَن فيهِم أقرِباؤُنا، ويَقبَلوا الحَقَّ قَبلَ أن تأتِيَ النِّهايَة. ولكنْ في هَرْمَجَدُّون، سيَأخُذُ يَهْوَه بِواسِطَةِ يَسُوع القَرارَ النِّهائِيَّ بِشَأنِ مُستَقبَلِهِم. (مت ٢٥:٣١-٣٣؛ ٢ تس ١:٧-٩) فلَسنا نَحنُ الَّذينَ نُقَرِّرُ مَن سيَستَحِقُّ رَحمَةَ يَهْوَه. (مت ٢٥:٣٤، ٤١، ٤٦) فهل سنثِقُ آنَذاكَ بِأحكامِ يَهْوَه أم سنتَوَقَّفُ بِسَبَبِها عن خِدمَتِه؟ إذا أرَدنا أن نثِقَ كامِلًا بِيَهْوَه في المُستَقبَل، يلزَمُ أن نزيدَ ثِقَتَنا بهِ الآن.
١٧ كَيفَ ستُفيدُنا أحكامُ يَهْوَه على هذا العالَمِ الشِّرِّير؟
١٧ تخَيَّلْ كَيفَ سنشعُرُ في عالَمِ يَهْوَه الجَديدِ حينَ نرى نَتائِجَ أحكامِه. فالأديانُ المُزَيَّفَة ستصيرُ مِنَ الماضي. وكذلِكَ النِّظامُ التِّجارِيُّ الجَشِع والنِّظامُ السِّياسِيُّ الَّذي قهَرَ النَّاسَ وسبَّبَ عَذابًا لا يوصَفُ على مَرِّ التَّاريخ. سننسى المَرَضَ والشَّيخوخَةَ والمَوت. سيَكونُ الشَّيطانُ وأبالِسَتُهُ مَسجونينَ ألفَ سَنَة، وسَيُزيلُ يَهْوَه كُلَّ نَتائِجِ تَمَرُّدِهِم. (رؤ ٢٠:٢، ٣) تخَيَّلْ كم سنفرَحُ آنَذاكَ لِأنَّنا وثِقنا بِالطَّريقَةِ الَّتي يعمَلُ بها يَهْوَه.
١٨ ماذا نتَعَلَّمُ مِمَّا حصَلَ معَ الإسْرَائِيلِيِّينَ في العَدَد ١١:٤-٦ و ٢١:٥؟
١٨ وهل سنُواجِهُ في العالَمِ الجَديدِ تَحَدِّياتٍ تمتَحِنُ ثِقَتَنا بِالطَّريقَةِ الَّتي يعمَلُ بها يَهْوَه؟ لِنُفَكِّرْ في ما حصَلَ معَ الإسْرَائِيلِيِّين قَديمًا. فبَعدَما تحَرَّروا مِنَ العُبودِيَّةِ في مِصْر بِفَترَةٍ قَصيرَة، بدَأَ بَعضُهُم يتَشَكَّون. وما السَّبَب؟ لقدِ اشتاقوا إلى الطَّعامِ اللَّذيذِ الَّذي كانوا يأكُلونَهُ في مِصْر، واحتَقَروا المَنَّ الَّذي أعطاهُ لهُم يَهْوَه. (إقرإ العدد ١١:٤-٦؛ ٢١:٥.) فهل يُعقَلُ أن نُفَكِّرَ مِثلَهُم بَعدَ الضِّيقِ العَظيم؟ نَحنُ لا نعرِفُ كم يلزَمُ أن نعمَلَ لِنُزيلَ آثارَ الدَّمارِ ونُحَوِّلَ الأرضَ تَدريجِيًّا إلى جَنَّة. ولكنْ على الأرجَح، سيَكونُ هُناكَ الكَثيرُ مِنَ العَمَل. ولا شَكَّ أنَّنا سنُواجِهُ بَعضَ المَشاكِلِ في البِدايَة. فهل سنجرُؤُ آنَذاكَ أن نتَشَكَّى مِنَ الأُمورِ الَّتي يُعطينا إيَّاها يَهْوَه؟ الأكيدُ هو أنَّنا إذا قدَّرنا الآنَ ما يُعطينا إيَّاهُ يَهْوَه، فعلى الأرجَحِ سنُقَدِّرُ ما يُعطينا إيَّاهُ في المُستَقبَلِ أيضًا.
١٩ كَيفَ تُلَخِّصُ الأفكارَ الرَّئيسِيَّة في هذِهِ المَقالَة؟
١٩ إنَّ الطَّريقَةَ الَّتي يعمَلُ بها يَهْوَه هي دائِمًا صَحيحَة. ولكنْ علَينا نَحنُ أن نكونَ مُقتَنِعينَ بِذلِك. وعلَينا أيضًا أن نثِقَ بِالَّذينَ أمَّنَهُم يَهْوَه لِيُوصِلوا إلَينا إرشاداتِه. فلْنتَذَكَّرْ دائِمًا ما قالَهُ يَهْوَه مِن خِلالِ النَّبِيِّ إشَعْيَا: «بِالهُدوءِ والثِّقَةِ بي تَكونونَ أقوِياء». — اش ٣٠:١٥، عج.
التَّرنيمَة ٩٨ الأسفارُ المُقَدَّسَة موحًى بها مِنَ اللّٰه
a سنَرى في هذِهِ المَقالَةِ لِماذا مُهِمٌّ أن نزيدَ ثِقَتَنا بِيَهْوَه وبِالَّذينَ يُمَثِّلونَهُ على الأرض. وسَنرى أيضًا كَيفَ يُفيدُنا ذلِكَ الآن، وكَيفَ يُجَهِّزُنا لنُواجِهَ الصُّعوباتِ في المُستَقبَل.
b هُناكَ ظُروفٌ تتَطَلَّبُ أحيانًا مِنَ الشَّخصِ أو مِنَ العائِلَةِ أن يبقَوا في جَماعَتِهِمِ الحالِيَّة. أُنظُرْ «صُندوقَ الأسئِلَة» في خِدمَتُنا لِلمَلَكوت، عَدَدِ تِشْرِينَ الثَّاني (نُوفَمْبِر) ٢٠٠٢.