الفصل السادس
‹اجراء العدل› مفتاح لمعرفة اللّٰه
١ لماذا يمتلك البشر إحساسا بالعدل؟
على مرّ التاريخ، اشتهر اشخاص عديدون بمناصرتهم للعدل. فلماذا تروق هذه الصفة للبشر؟ لأنهم مخلوقون على صورة اللّٰه. فأنت تمتلك إحساسا بالعدل وترغب ان يعاملك الآخرون بعدل لأنك مخلوق على صورة يهوه، الاله الذي ‹يُسَرّ› بالعدل. — ارميا ٩:٢٤؛ تكوين ١:٢٧؛ اشعيا ٤٠:١٤.
٢، ٣ لماذا ينبغي ان نتأمل في اسفار الانبياء الاثني عشر لنتعلم عن عدل يهوه؟
٢ فيما تقرأ مختلف اسفار الكتاب المقدس، يمكنك نيل فهم عميق لعدل اللّٰه. ولكنك ستستفيد خصوصا عند درس اسفار الانبياء الاثني عشر. فصفة العدل بارزة في هذه الاسفار حتى ان احدى جمعيات الكتاب المقدس اصدرت مجلدا يحتوي اسفار هوشع وعاموس وميخا وعَنْوَنته: العدل الآن! (بالانكليزية). تأمل مثلا في حثّ عاموس: «ليَجرِ العدل كالمياه، والبرّ كنهر دائم الجريان». ولاحِظ ايّ التزام ادرجه ميخا اولا: «ماذا يطلب منك يهوه إلا ان تمارس العدل وتحب اللطف وتسلك محتشما مع إلهك؟». — عاموس ٥:٢٤؛ ميخا ٦:٨.
٣ لذلك لكي نعرف يهوه بشكل افضل ونتمكن من الاقتداء به، يلزم ان نفهم ونقدِّر عدله. فعدل يهوه هو جزء لا يتجزأ من شخصيته، لذلك لا يمكننا القول اننا نعرفه ما لم نفهم عدله ونقدِّره. حتى خدامه القدماء عرفوا انه «يحبّ العدل». — مزمور ٣٣:٥؛ ٣٧:٢٨.
حبقوق
٤ أوضِح لماذا يمكن لكتابات الانبياء الاثني عشر ان تقوّي ثقتك بعدل اللّٰه.
٤ قبل ان ينفِّذ يهوه الدينونة في اورشليم، سأله النبي حبقوق: «الى متى يا يهوه استغيث . . . تجمد الشريعة ولا يخرج العدل ابدا. الشرير يحيط بالبار، لأجل ذلك يخرج العدل مُعْوَجًّا». (حبقوق ١:٢، ٤) فحبقوق الامين كان يعرف يهوه من خلال الاسفار المقدسة الموجودة في ايامه ومن خلال اختباره الخاص. لذلك امتلك الثقة ان اللّٰه يؤيّد العدل ويدعمه. ولكن ما اقلق النبي حبقوق هو سبب سماح يهوه بالشرّ. فأكَّد له اللّٰه انه سيعامل الامناء بالعدل. (حبقوق ٢:٤) وقد وثق حبقوق وآخرون ايضا بهذا الامر. ولكن لديك انت اليوم سبب اقوى يدفعك الى امتلاك هذه الثقة. فما هو؟ ان الكتاب المقدس الذي تملكه كامل، مما يتيح لك الاطّلاع على سجل شامل لتعاملات يهوه وكيفية إعرابه عن الصفات التي تميّز شخصيته، بما فيها العدل. لذلك يمكنك ان تتعرف به بشكل افضل وتقتنع ان عدله كامل.
٥ ايّ وجه للعدل يهمّنا بشكل خصوصي في بحثنا الآن؟
٥ شدَّد يهوه على عدله من خلال الرسل الذين ارسلهم الى امة اسرائيل. (اشعيا ١:١٧؛ ١٠:١، ٢؛ ارميا ٧:٥-٧؛ حزقيال ٤٥:٩) ولا شك ان هذا ما شدَّد عليه ايضا بواسطة الانبياء الاثني عشر. (عاموس ٥:٧، ١٢؛ ميخا ٣:٩؛ زكريا ٨:١٦، ١٧) فكل مَن يقرأ كتاباتهم يلاحظ تشديدهم على ممارسة العدل في الحياة اليومية. وهنالك طرائق عديدة يمكننا بواسطتها تطبيق الدروس التي نتعلمها من هذه الاسفار. ولكن لنناقش الآن مجالَين لممارسة العدل ركَّز عليهما هؤلاء الانبياء، ثم لنرَ كيف يمكننا ان نضع ما تعلّمناه موضع العمل.
العدل في العمل والتعاملات التجارية
٦، ٧ لماذا ينبغي ان نهتمّ جميعا بممارسة العدل في العمل والتعاملات التجارية؟
٦ قال يسوع: «لا يحيَ الانسان بالخبز وحده». (لوقا ٤:٤؛ تثنية ٨:٣) لم ينكر يسوع هنا حاجة الانسان الى الخبز لأن الطعام امر ضروري. فعلى احد افراد العائلة على الاقل ان يعمل ليؤمِّن الطعام لعائلته. وهذا ما فعله خدام اللّٰه في الماضي. فالبعض كانوا يزاولون اعمالا حرّة، مثل الزراعة او صنع اشياء كالثياب، الاثاث، او اوعية الطهي. وكان آخرون ارباب عمل يستخدمون الناس لحصد المحاصيل او لصنع الطحين، زيت الزيتون، والخمر. وآخرون كانوا تجارا يشترون البضائع ويبيعونها. كما كان هنالك اشخاص يزوِّدون الخدمات، مثل إصلاح السقوف او العزف على آلات موسيقية. — خروج ٣٥:٣٥؛ تثنية ٢٤:١٤، ١٥؛ ٢ ملوك ٣:١٥؛ ٢٢:٦؛ متى ٢٠:١-٨؛ لوقا ١٥:٢٥.
٧ فهل ترى شيئا مشتركا بين حياة هؤلاء وبين حياتك انت او اصدقائك وأقربائك؟ صحيح ان تقنيات العمل اليوم تختلف عن الماضي، ولكن ألا توافق ان نظرة اللّٰه الى العدل في مسائل كهذه لا تزال كما هي؟ فقد اظهر بواسطة الانبياء الاثني عشر انه يتوقع من شعبه ان يمارسوا العدل في مجالات الحياة هذه. وفيما نناقش بعض الامثلة، فكِّر كيف يمكنك الاعراب عن العدل الالهي. — مزمور ٢٥:٤، ٥.
٨، ٩ (أ) لماذا كانت الادانة الواردة في ملاخي ٣:٥ خطيرة جدا؟ (ب) اية نظرة متَّزنة الى الاستخدام والعمل تشجِّع عليها الاسفار المقدسة؟
٨ اعلن اللّٰه بفم ملاخي: «اقترب اليكم لأحاكمكم، وأكون شاهدا سريعا على المشعوذين، وعلى الزناة، وعلى الحالفين زورا، وعلى الذين يغبنون الاجير في اجرته . . . ولا يخافونني». (ملاخي ٣:٥) نعم، أدان يهوه الذين ظلموا مستخدَميهم. وما مدى خطورة هذا الوضع؟ لقد عدَّد اساءة معاملة الأُجراء مع الارواحية، الزنى، والكذب. والمسيحيون يعرفون ان اللّٰه سيحاكم ‹العاهرين وممارسي الارواحية وجميع الكذبة›. — رؤيا ٢١:٨.
٩ فما كان يحدث في العمل لم يكن له علاقة بالقيم الاخلاقية البشرية فقط، بل شمل عدل يهوه. لذلك قال يهوه انه ‹سيقترب الى الذين يغبنون الاجير في اجرته ليحاكمهم› بسبب غدرهم. لكنَّه في الوقت نفسه لم يقل ان رب العمل عليه ان يكون رهن اشارة موظف او مجموعة من العمّال. فمن مثَل يسوع عن رجال استُخدموا للعمل في احد الكروم يتّضح لنا ان مركز رب العمل يخوِّله تحديد الاجور وظروف العمل. (متى ٢٠:١-٧، ١٣-١٥) ومن المثير للاهتمام ان كل العمّال في مثَل يسوع دُفع لهم دينار واحد، ‹اجرة اليوم› المتَّفق عليها، سواء عملوا طوال النهار ام لا. وفي الوقت نفسه، نلاحظ ايضا ان رب العمل لم يستخدم اسلوب الاحتيال لجني ارباح اكثر على حساب مستخدَميه. — ارميا ٢٢:١٣.
١٠ لماذا ينبغي ان نهتم بكيفية معاملة مستخدَمينا؟
١٠ اذا كنت رب عمل لديه مستخدَمون — او حتى اذا استخدمتَ شخصا واحدا ليقوم بعمل ما — فهل تأخذ بعين الاعتبار الكلمات في ملاخي ٣:٥ في مجال الاجور التي تدفعها، المطالب التي تفرضها، والتعاملات المالية التي تقوم بها؟ يحسن بك ان تفكر في هذه الامور لأنه حتى الاسفار اليونانية المسيحية تدين عدم معاملة العمّال بعدل. فقد وجّه التلميذ يعقوب هذا السؤال للذين يظلمون مستخدَميهم: «أما يقاومكم [يهوه]؟». (يعقوب ٥:١، ٤، ٦) لذلك من المنطقي الاستنتاج ان الذين يظلمون «الاجير في اجرته» لا يعرفون يهوه حقا لأنهم لا يقتدون بعدله.
١١، ١٢ (أ) اي مسلك ظالم تبرزه هوشع ٥:١٠؟ (ب) كيف يمكنك تطبيق المبدإ الموجود في هوشع ٥:١٠؟
١١ والآن لنقرأ لماذا قاوم يهوه بعض الرجال البارزين في ايام هوشع: «صار رؤساء يهوذا كالذين ينقلون التخوم. عليهم أسكب سخطي كالماء». (هوشع ٥:١٠) فأيّ امر خاطئ شجبه هوشع هنا؟ كان المزارع في يهوذا يعتمد على ارضه لكسب معيشته، وكان يرسم حدودها بوضع حجارة او اعمدة. لذلك فإن ‹نقل التخوم› عنى تصغير حدود ارض المزارع وحرمانه بعضا من رزقه، اي بكلمات اخرى سرقته. وقد شبَّه هوشع رؤساء يهوذا، الذين كان يُفترَض بهم ان يؤيدوا العدل، بالذين ينقلون تخوم اراضي المزارعين. — تثنية ١٩:١٤؛ ٢٧:١٧؛ ايوب ٢٤:٢؛ امثال ٢٢:٢٨.
هل يرشدك العدل في عملك وتعاملاتك التجارية؟
١٢ في ايامنا هذه، قد يُغرى بعض الذين يعملون في مجال العقارات ‹بنقل التخوم› بهدف خداع الشارين. لكنَّ المبدأ المذكور آنفا ينطبق ايضا على التجار، ارباب العمل، الموظفين، والزبائن — اي كل شخص يتضمن عمله إبرام العقود والاتفاقيات. فالبعض في عالم التجارة اليوم لا يفضّلون عقد اتفاقيات خطية، معتقدين ان ذلك يسهِّل عليهم لاحقا عدم تنفيذ كافة الامور المتَّفَق عليها او وضع بنود جديدة. وفي حين ان اشخاصا آخرين يبرمون عقودا مكتوبة، فهم يضمِّنونها تفاصيل مبهمة بهدف تحريف معناها لمصلحتهم، حتى لو ظلموا الطرف الآخر وألحقوا الضرر به. فهل تعتقد ان شخصا يتصرف بهذه الطريقة — سواء كان تاجرا او زبونا، مستخدِما او مستخدَما — يعرف حقا اله العدل؟ قال يهوه في كلمته: «لا تنقل تخم [اليتامى]؛ لأن فاديهم قوي. هو يدافع عن قضيتهم». — امثال ٢٣:١٠، ١١؛ حبقوق ٢:٩.
١٣ بحسب ميخا ٦:١٠-١٢، اية مظالم وُجدت بين شعب اللّٰه قديما؟
١٣ تلقي ميخا ٦:١٠-١٢ مزيدا من الضوء على العدل، قائلة: «أما تزال في بيت الشرير كنوز الشر، والإيفة المُصغَّرة المُدانة؟ أأكون طاهرا مع موازين الشر ومع كيس المعايير الخادعة؟ فإن . . . سكانها يتكلّمون بالكذب، ولسانهم ماكر». نحن اليوم نقيس الحجم باللتر، وليس بالايفة؛ ونقيس الوزن بالكيلوغرام او الباوند، وليس بكيس المعايير. لكنَّ النقطة التي يرمي اليها ميخا واضحة. فالتجار او رجال الاعمال في ايامه كانوا محتالين ولا يعاملون الناس بعدل لأنهم لم يستعملوا موازين ومعايير موحَّدة. وقد وصف اللّٰه هؤلاء ‹الماكرين بفمهم› وبتعاملاتهم التجارية بأنهم ‹اشرار›. — تثنية ٢٥:١٣-١٦؛ امثال ٢٠:١٠؛ عاموس ٨:٥.
١٤ اية مظالم شائعة في ايامنا يساعدنا تحذير ميخا على تجنّبها؟
١٤ وهل تنطبق كلمات ميخا عن الموازين والمعايير الخادعة على طريقة إدارتك لعملك او تصرفاتك كمستخدَم؟ هذا امر ينبغي التفكير فيه، اذ ان هنالك طرائق كثيرة لخداع الزبائن. مثلا، يستخدم بعض المقاولين العديمي الضمير كمية من الاسمنت اقل من الكمية العادية او التي يفرضها القانون. او يستخدم بعض الحرفيين مواد اقل كلفة مما دُفع لهم ويخفون ذلك ببراعة دون ان يكتشفهم احد. او يبيع بعض التجار اغراضا مستعمَلة على انها جديدة. ولا شك انك سمعت بحيل اخرى يدعونها «اسرار المهنة» ويستخدمونها لزيادة ارباحهم. فهل يمكن ان تُغرى لتستخدم بعضها؟ ذكر احد الكتب الحديثة عن حماية خصوصية المرء ان شهود يهوه «يؤمنون بأن خالقهم يراهم، ومعظمهم يفضِّلون الموت على السرقة». وتابع: «هنالك طلب كبير عليهم في مجالات العمل حيث تكون هنالك كميات كبيرة من المال». ولماذا؟ لأن المسيحيين الحقيقيين يعرفون ان يهوه ‹يطلب منهم ان يمارسوا العدل› في كل شيء، بما في ذلك عملهم وتعاملاتهم التجارية. — ميخا ٦:٨.
«رؤساء بالعدل يترأسون»
١٥، ١٦ كيف كان القوّاد في ايام ميخا يعاملون الشعب؟
١٥ عندما تقرأ اسفار الانبياء الاثني عشر، ترى ان العدل كان مفقودا كليّا في بعض الحقبات. فأصحاب السلطة الذين يُفترض بهم ان يكونوا مثاليين في ممارسة العدل افتقروا اليه. (خروج ١٨:٢١؛ ٢٣:٦-٨؛ تثنية ١:١٧؛ ١٦:١٨) توسّل ميخا: «اسمعوا يا رؤوس يعقوب ويا قوّاد بيت اسرائيل. أما ينبغي لكم ان تعرفوا العدل؟ يا مَن تبغضون الصلاح وتحبّون الشرّ، النازعون عن الناس جلدهم، ولحمهم عن عظامهم». — ميخا ٣:١-٣؛ اشعيا ١:١٧.
١٦ لا شك ان هذه الكلمات كانت ستصدم الناس الذين يألفون الحياة القروية. فالراعي كان احيانا يجزّ خرافه التي يعتني بها ويحميها. (تكوين ٣٨:١٢، ١٣؛ ١ صموئيل ٢٥:٤) لكنَّ «قوّاد بيت اسرائيل»، الذين كان ينبغي ان ‹يعرفوا العدل›، استغلوا شعب مرعى اللّٰه كما لو انهم ينزعون الجلد واللحم عن الخراف ويكسرون عظامهم. (مزمور ٩٥:٧) ثم انتقل ميخا الى صورة اخرى مستوحاة من الحياة القروية قائلا ان الرؤساء الذين ‹يقضون لنيل المكافأة› هم اشبه بالعوسج وسياج الشوك. (ميخا ٧:٣، ٤) تخيّل انك تمرّ بمكان ملآن بالعوسج والاشواك. فعلى الارجح ستُجرَح وتتمزق ثيابك. يوضح ذلك تأثير القوّاد في شعب اللّٰه. فبدلا من معاملة إخوتهم بعدل، كانوا غادرين وفاسدين. — ميخا ٣:٩، ١١.
١٧ بحسب صفنيا ٣:٣، ايّ موقف امتلكه القوّاد؟
١٧ اوضح صفنيا امرا مماثلا حين قال: «رؤساؤها في وسطها أُسود زائرة. قضاتها ذئاب مساء لم تُبقِ عظاما لتقضمها في الصباح». (صفنيا ٣:٣) فهل تتخيل قوّاد شعب اللّٰه الذين اهملوا البرّ وتصرّفوا كأُسود مفترسة، او القضاة الذين التهموا كل شيء كذئاب ضارية نهِمة حتى انه لم يبقَ في الصباح التالي سوى العظام؟ فكيف يُعقل ان يصمد العدل في وجه هذه الظروف؟! لقد مُزِّق العدل على ايدي القوّاد الذين افترسوا الناس بدلا من الاهتمام بهم.
الرؤساء في ايام ميخا وصفنيا لم يعرفوا يهوه
١٨ كيف كان ينبغي للقضاة في اسرائيل ان يعاملوا شعب اللّٰه؟
١٨ من الواضح ان هؤلاء القوّاد لم يعرفوا اللّٰه رغم انهم انتموا الى امة منتذرة له. فلو عرفوه لأطاعوا كلمات زكريا ٨:١٦: «هذه هي الامور التي عليكم ان تفعلوها: تكلّموا بالحق بعضكم مع بعض. اقضوا في ابواب مدنكم بالحق وبقضاء السلام». فشيوخ اسرائيل كانوا يلتقون عند باب المدينة وكان عليهم ان يعالجوا القضايا القضائية، ليس بحسب الانطباع الاول او الميل الشخصي، بل بحسب تفكير اللّٰه. (تثنية ٢٢:١٥) فاللّٰه كان قد حذَّر من إظهار المحاباة للاغنياء او ذوي النفوذ او غيرهم. (لاويين ١٩:١٥؛ تثنية ١:١٦، ١٧) وتوجَّب على القضاة ان يقضوا «بقضاء السلام»، اذ يحاولون ردّ السلام بين الفريقَين المتنازعَين.
١٩، ٢٠ (أ) لماذا يمكن للشيوخ المسيحيين ان يتعلموا الكثير من اسفار الانبياء الاثني عشر؟ (ب) كيف يُظهِر الشيوخ انهم يعرفون يهوه وعدله؟
١٩ اقتبس الرسول بولس قسما من زكريا ٨:١٦ فيما كان يكتب الى المسيحيين. (افسس ٤:١٥، ٢٥) وهذا ما يؤكِّد لنا ان تحذيرات ونصائح الانبياء الاثني عشر بشأن العدل تنطبق على الجماعة اليوم. فعلى الشيوخ، او النظار، ان يكونوا مثاليين في معرفتهم ليهوه وفي تصرفهم بطريقة تعكس عدله. فإشعيا ٣٢:١ تصِفهم بأنهم «رؤساء بالعدل يترأسون». فأية نقاط عملية تتعلق بالشيوخ يمكننا ان نتعلمها من التحذيرات والنصائح الموجودة في اسفار الانبياء الاثني عشر؟
٢٠ على الشيوخ المسيحيين ان يُبقوا في ذهنهم حق الاسفار المقدسة وما تكشفه عن طريقة تفكير يهوه ويتَّخذوا قراراتهم على اساسها، وليس على اساس آرائهم الشخصية او حدسهم. ويُظهِر الكتاب المقدس انه قد تنشأ قضايا قضائية صعبة تتطلب وقتا كبيرا للاستعداد لها، اذ يلزم القيام ببحث في الكتاب المقدس والمطبوعات التي تحتوي على المشورة الحكيمة والتي يُعدّها صف العبد الامين الفطين. (خروج ١٨:٢٦؛ متى ٢٤:٤٥) وعندما يبذل الشيوخ جهدا دؤوبا كهذا، من المرجح انهم سيبغضون الشرّ ويحبون الخير من وجهة نظر اللّٰه. وهذا ما سيساعدهم ان ‹يقيموا العدل في الباب› لكي ‹يقضوا بالعدل قضاء الحق›. — عاموس ٥:١٥؛ زكريا ٧:٩.
٢١ لماذا لا ينبغي ان يكون الشيوخ محابين، ولكن ماذا قد يغريهم بفعل العكس؟
٢١ حتى لو امتلك الشخص الذي لديه مسؤولية القضاء معرفة الكتاب المقدس، فقد يُظهِر احيانا المحاباة. قال ملاخي بكل اسف للكهنة الذين كان يُفترَض انهم مصدر المعرفة: «حابيتم في الشريعة». (ملاخي ٢:٧-٩) فكيف كان يمكن ان يحدث ذلك؟ قال ميخا ان بعض الرؤساء كانوا ‹يقضون بالرشوة، والكهنة يعلّمون بالاجرة›. (ميخا ٣:١١) فكيف يمكن ان يقع الشيخ ضحية تفكير كهذا؟ لربما كان الشخص المعني بالقضية كريما مع الشيخ في الماضي، او لربما يتوقع الشيخ ان يستفيد منه بطريقة ما في المستقبل. او قد تجمعه مع الشخص الذي تُعالَج قضيته قرابة دم او قرابة بالزواج. فهل يدَع حكمه يتأثر بالروابط العائلية ام بالمبادئ الروحية؟ وقد يوضع عدم محاباة الشيخ ايضا على المحك عند معالجة قضية تشمل ارتكاب خطية او عند التقرير هل يملك شخص ما المؤهلات حسب الاسفار المقدسة لنيل المزيد من امتيازات الخدمة في الجماعة. — ١ صموئيل ٢:٢٢-٢٥، ٣٣؛ اعمال ٨:١٨-٢٠؛ ١ بطرس ٥:٢.
على الشيوخ ان ‹يقيموا العدل في الباب› في كل تعاملاتهم
٢٢ (أ) اية مسؤولية لدى الشيوخ في ما يتعلق بإجراء العدل؟ (ب) اية صفات إلهية اخرى ينبغي ان يعرب عنها الشيوخ عند التعامل مع اشخاص ارتكبوا خطايا خطيرة؟
٢٢ عندما يرتكب احد خطية خطيرة، يحاول الرعاة الروحيون ان يحموا الجماعة من ايّ تأثير خطِر وفاسد. (اعمال ٢٠:٢٨-٣٠؛ تيطس ٣:١٠، ١١) ولكن اذا اعرب الخاطئ عن توبة اصيلة، يرغب الشيوخ في ‹إصلاح مثل هذا بروح الوداعة›. (غلاطية ٦:١) وبدلا من ان يكونوا قساة وعديمي الرأفة، يطبِّقون الارشاد: «اقضوا بالعدل قضاء الحق، واصنعوا لطفا حبيّا ومراحم بعضكم الى بعض». (زكريا ٧:٩) وفرائض يهوه بشأن معالجة القضايا القضائية في اسرائيل القديمة تُبرِز عدله ورحمته. فكان لدى القضاة المعيّنين مساحة من الحرية في اتِّخاذ الكثير من قراراتهم، اذ كان بإمكانهم إظهار الرحمة حسبما تقتضي الظروف وبناء على موقف الخاطئ. على نحو مماثل، يجب ان يسعى النظار المسيحيون ان يقضوا «بالعدل قضاء الحق» وأن يعربوا عن ‹اللطف الحبي والمراحم›، مظهرين بذلك انهم يعرفون يهوه.
٢٣، ٢٤ (أ) كيف يروِّج الشيوخ «قضاء السلام»؟ (ب) ايّ امر يتعلق بالعدل ساعدك الانبياء الاثنا عشر على فهمه؟
٢٣ تذكّر ما تقوله زكريا ٨:١٦: «اقضوا في ابواب مدنكم بالحق وبقضاء السلام». بأيّ هدف؟ «قضاء السلام». حتى في ايام الرسل، كانت تنشأ الخلافات او النزاعات الشخصية بين بعض المسيحيين. وكما ساعد بولس افودية وسنتيخي، يلزم ان يمدّ الشيوخ اليوم يد العون. (فيلبي ٤:٢، ٣) فينبغي ان يجاهدوا ليقضوا «قضاء السلام»، اذ يحاولون ردّ السلام بين الفريقَين المتنازعَين. وينبغي ان يروِّج موقفهم والمشورة المؤسسة على الاسفار المقدسة التي يقدِّمونها السلام في الجماعة والسلام مع اللّٰه. وهكذا يُظهِرون انهم حقا يعرفون يهوه وعدله.
٢٤ ان مناقشتنا للمجالَين المذكورَين سابقا توضح كم هو مهمّ ان نطبِّق في حياتنا اليومية النصيحة التي قدّمها الانبياء الاثنا عشر حول العدل. ويا لها من بركة حين نسعى نحن والذين نعاشرهم الى ‹إجراء العدل›!