مواجهين المستقبل بثقة وليس بقلق
١ يمكن للقلق ان يكون مؤذيا لخير المرء. فيمكن ان يقود الى الكآبة، سالبا المرء القوة والمبادرة الى العمل. يقول المثل الموحى به: «الغمُّ في قلب الرجل يحنيه.» (امثال ١٢:٢٥) فيمكن ان تكون هنالك ظواهر جسدية خطيرة من القلق.
٢ ان الضرر الروحي الذي يمكن ان يقود اليه القلق المفرط هو اخطر بكثير. وأشار يسوع المسيح الى ان تقدير «كلام اللّٰه» يمكن ان يخنقه تماما القلق على المشاكل التي تكون غالبا جزءا من الحياة في نظام الاشياء الحاضر. وكما ان الشوك يمكن ان يوقف النباتات عن بلوغ النضج وانتاج الثمر، هكذا يمكن لقلق كهذا ان يعوق التقدم الروحي وانتاج ثمر لتسبيح اللّٰه. (مرقس ٤:١٨، ١٩؛ لوقا ٨:٧، ١١، ١٤) نعم، يصير البعض قلقين بشأن الغد. ولديهم جميع انواع القلق بشأن ما قد يحدث في المستقبل. فماذا يجب ان نفعل اذا واجهنا قلقا كهذا؟ في هذا البلد، ويوميا تقريبا، نواجه تطوُّرات جديدة تسبِّب الكثير من القلق. فكيف يجب ان نواجه قلقا كهذا؟
تجنُّب القلق المفرط
٣ ان الثقة التامة باهتمام يهوه الحبّي بخير خدامه يمكن ان تساعد المرء على تجنب الاستسلام للقلق غير الضروري. (اشعياء ١٢:٢؛ ارميا ١٧:٧، ٨) وصنع يسوع المسيح الملاحظة عينها في موعظته على الجبل. واختتم مشورته في ما يتعلق بالقلق بالكلمات: «لا تهتموا للغد. لان الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره.» (متى ٦:٢٥-٣٤) وبالنسبة الى المسيحي، هنالك ما يكفي من المشاكل كل يوم دون ان يضيف المرء اليها القلق بشأن الشيء الذي قد يحدث في اليوم التالي والذي يمكن، في الواقع، ان لا يقع ابدا. وثقة المرء بمساعدة اللّٰه يمكن ان تحرره من القلق. وبواسطة روحه، سيدعم يهوه المسيحي في اية حالة. واذا خططنا بعناية لجعل مصالح ملكوت اللّٰه تأخذ المكان الاول في حياتنا، فسيزول قلقنا كضباب الصباح. (متى ٦:٣٣، ٣٤) ولن يتخلى يهوه ابدا عن اولئك الذين يبقونه اولا في افكارهم وحياتهم. — مزمور ٣٧:٢٥، ٢٦.
امثلة للتذكُّر
٤ حثَّ بطرس وبولس الرفقاء المسيحيين ان لا يكونوا قلقين بشأن ايّ شيء بل ان يسلموا كل همومهم الى يهوه. (فيلبي ٤:٦، ٧؛ ١ بطرس ٥:٦، ٧) وكم تكون ملائمة هذه المشورة! فليس هنالك شيء اطلاقا يعجز العليُّ عن فعله او السيطرة عليه لمصلحة اولئك المتعبِّدين له باخلاص. (مرقس ١٠:٢٧؛ ١٢:٢٩، ٣٠) ومهما سمح به اللّٰه يمكن للمؤمنين ان يتحمَّلوا لانه يعطيهم ‹قوة على جميع الاشياء.› (فيلبي ٤:١٣؛ عج؛ ١ كورنثوس ١٠:١٣؛ مزمور ٣٧:٥) نعم، افعلوا بايمان المشيئة الالهية وليس هنالك اساس للذعر والقلق الساحق. وعوضا عن ذلك، هنالك سبب سليم لامتلاك السلام الداخلي، حتى وسط الشدة والاضطراب. ولكن الى ايّ حد عظيم هو هذا السلام؟ هل نحن قادرون على امتلاك هذا السلام على الرغم مما يقع حولنا؟
٥ عرف الرسول المسيحي بولس من الاختبار ان الاشخاص التقويين لا يملكون سببا للقلق المفرط، لان يهوه معهم. لقد جرى سجن بولس، ضربه، رجمه، وغالبا ما قارب الموت، واختبر اخطارا كثيرة. لكنّ اللّٰه لم يتركه قط. والتفت الرسول باستمرار الى ابيه السماوي في صلاة حارة، اذ ألقى القلق عليه ولم يختبر قط خيبة الامل. — ٢ كورنثوس ٤:٧-٩؛ ١١:٢٣-٢٧.
٦ وهكذا بثقة اعظم كان انّ بولس حثَّ الرفقاء المسيحيين ان لا يكونوا قلقين بشأن ايّ شيء، بل ان يجعلوا طلباتهم معروفة لدى اللّٰه، آخذين كل شيء اليه في الصلاة والدعاء مع الشكر. وماذا ينتج من فعلهم ذلك؟ تابع الرسول: «وسلام اللّٰه الذي يفوق كل فكر سيحرس قلوبكم وقواكم العقلية بواسطة المسيح يسوع.» — فيلبي ٤:٦، ٧؛ عج.
سلام «يفوق كل فكر»
٧ ان «سلام اللّٰه» هو الهدوء والطمأنينة اللذان يتمتع بهما شهود يهوه المنتذرون حتى وسط اصعب الظروف. وكلما هاجم المسيحي شيءٌ يمكن ان يجعله قلقا، مالئا اياه اضطرابا وخشية، وجب ان يلتفت الى ابيه السماوي في الصلاة. وهكذا يمكنه ان ‹يلقي همَّه على يهوه،› واثقا بأن الذي يعتني به سيسمعه. (١ بطرس ٥:٧) وستكون النتيجة هدوءا داخليا، سلام اللّٰه، الذي يحفظ القلب والقوى العقلية. وعميقا في داخله، في قلبه، سيجري تحرير المسيحي من الاضطراب، توقُّع الشر، والذعر، ولن يكون العقل مشوَّشا بالتلهيات والارتباك التي تنتج من القلق. — فيلبي ٤:٦، ٧.
٨ في جميع الاوقات، لا بد ان نبقي رؤية وعود يهوه المجيدة متألقة على نحو ساطع امام اعيننا، لئلا نضلَّ ابدا عن الطريق المشع الذي يضيء امامنا. ولا بد ان ندرس لكي نساهم في غلبة الايمان. «كل من وُلد من اللّٰه يغلب العالم. وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا.» — ١ يوحنا ٥:٤.
٩ وما اذا ملكنا حقا كمنتذرين ليهوه «سلام اللّٰه» يصير واضحا على نحو خصوصي عندما تحدث امور تؤثر فينا عميقا ولكنها فوق سيطرتنا. واذ نتكلم من الناحية البشرية، نحن عاجزون عن التغلب على قلق كهذا. فهل نجد انفسنا احيانا في هذه الظروف؟ لا شك في ذلك، اذ نأخذ بعين الاعتبار الاحوال المحلية التي اختبرناها ونختبرها في لبنان. فكم يكون مناسبا ان نصلّي حينئذ بحرارة، اذ نتكلم بالتخصيص في طلباتنا ونقدِّم التماسات محدَّدة من اجل العون او التوجيه الالهي! — قارنوا قضاة ٦:٣٦-٤٠.
١٠ وبعد ذلك، لا بدّ ان ننتظر يهوه لكي يعمل. وفي هذه الاثناء، اذا كنا نملك «سلام اللّٰه،» يمكن ان نشعر بمساعدة روح يهوه القدوس ونبقى مطمئنين، منتظرين بصبر لنرى كيف سيحل العلي المشكلة. وليس هنالك ايّ شيء طائش بشأن هذا الموقف، لان المرنم الملهم داود قال: «ألقِ على الرب همك فهو يعولك. لا يدع الصديق يتزعزع الى الابد.» (مزمور ٥٥:٢٢) وفضلا عن ذلك، عندما تنحل المشكلة على هذا النحو وينتهي الامتحان، نعرف ان «الاله الذي يعطي السلام» قد استجاب صلواتنا. — رومية ١٥:٣٣؛ عج.