الثقة بيهوه رغم الشدة الاقتصادية
١ «لا اهملك ولا اتركك حتى اننا نقول واثقين الرب معين لي فلا اخاف.» كم تكون حقيقية وفعَّالة هذه الكلمات لوعد يهوه في العبرانيين ١٣:٥، ٦! ان سنوات من العيش في هذا العالم الذي يعاني الشدة جعلت اتكالنا على دعم يهوه ثابتا اكثر من ايّ وقت مضى. ولكن، الى ايّ حد متين هو الاساس لثقتنا بيهوه تحت الشدة الاقتصادية؟ كيف يجب ان نتغلب على مستوى العيش المنخفض على الدوام في هذا البلد؟ ماذا يجب ان نفعل في مواجهة الصعوبات الاقتصادية؟ اية مبادئ مشجعة مؤسسة على الكتاب المقدس يجب ان نركِّز عليها؟
٢ ان العيش في نظام الاشياء هذا وشراء ضرورات الحياة يتطلبان مالا. ومعظم الناس اليوم لا يصيرون اغنياء. فهم مهتمون اكثر بمجرد كسب ما يكفي من المال لدفع النفقات. وقد يشعر البعض بالانزعاج اذ ان بعض الواجبات المادية لا يمكن تجنبها. وقد يكون ذلك صحيحا، وخصوصا عندما تفكرون في الثمن العالي للطعام، الايجار، الملابس، نفقة التعليم، الادوية، وأمور اخرى. ويخسر الاشخاص اعمالهم ولذلك يخسرون مداخيلهم. ولهذه الاسباب، او غيرها، قد يصير البعض متورطين اكثر فاكثر في اكتشاف موارد جديدة لزيادة مدخولهم، حتى إن لم يجنوا احيانا فائدة معادلة لعملهم.
٣ يصير الآخرون قلقين ومتحيِّرين بشأن الحاجات المادية للغد. ويمكن ان ينضاف ذلك الى عبء ساحق من الضغط الذي قد يُتلف الجسم والعقل. فهل تختبرون ايّا من الامور المذكورة آنفا؟ اذًا لنرَ كيف ان مزج حياتنا اليومية ببعض مبادئ الكتاب المقدس والتركيز عليها يمكن ان يساعدنا!
تجنُّب القلق
٤ ان الشخص الذي يحصر رغباته في الحد الادنى المعقول، والذي يكون مستعدا لقبول الاقل ماديا، ليس لديه الكثير جدا ليخسره. صحيح ان خسارة الامور المادية قد تسبب ضيقا. ولكن هل من الحكمة ان يصير المرء مولعا جدا عاطفيا بأشياء كالبيوت والاثاث، مهما كانت ممتعة في الوقت الحاضر؟ ليس الامر ان يهوه يدين ممتلكات كهذه، ولكنه يعرف ان الولوع بها يمكن ان يكون خطيرا، كما حدث مع امرأة لوط. (لوقا ١٧:٣١، ٣٢) وبدلا من ذلك، يجب ان نتطلع الى الوقت الذي فيه في نظام اللّٰه الجديد، بأمن شامل، يمكن لخدامه ان يبنوا بيوتا صالحة للسكن الى الابد. — اشعياء ٦٥:٢١-٢٣.
٥ على الرغم من ان المرء يجب ان يخطط بحكمة لمستقبله الاقتصادي، فهو غير نافع ان ينزعج ويكون قلقا. (متى ٦:٣٤) والامر هو: اذا وضع المرء ثقته باللّٰه وبملكوته بدلا من الامور المادية، فحينئذ يمكن ان يكون متحررا من الكثير من القلق والضغط. (لوقا ١٢:٢٢-٣١) فالحريق، الشغب او العنف قد تدمر بيته، ولكنها لا تقدر ان تدمر الامن الحقيقي الذي يأتي من يهوه.
٦ يريد اناس كثيرون حسابا مصرفيا ضخما، شاعرين بأن ذلك سيمنحهم الامن. ولكن يظهر التاريخ الحديث ان الامر ليس كذلك. ففي الكساد الاعظم اقفلت آلاف المصارف حول العالم، بخسارة فادحة بالنسبة الى المودِعين. وأيضا، تأكَّلت قيمة المال بالتضخم، تماما كما تذوب كتلة الجليد في الشمس. فهل لاحظتم او ربما اختبرتم ايضا مثل هذا الامر في هذا البلد؟ هل تأكَّل بعض مالكم الاحتياطي الثمين بالتضخم؟ هل فكرتم ان سنوات من اعمالكم الشاقة في خطر؟ حقا، ان تاريخ المال يلخَّص بكلمة واحدة: عدم الامن.
ضرورات الحياة مضمونة
٧ ان العلاج للكثير جدا من الضغط هو الثقة باللّٰه وملكوته، اذ يضع المرء هذا الملكوت اولا في حياته. ثم يمكن للمسيحي ان يركِّز على الاعتناء بحاجات كل يوم ولا يضطر ان يكون في ‹قلق› بشأن الغد، كالناس من الامم. (لوقا ١٢:٢٩) فالناس من الامم ليس لديهم أب سماوي محب، لكنّ المسيحيين الحقيقيين لديهم أب سماوي يعتني بهم. فهل يزوِّد اللّٰه الاجتماعات من اجل التقوية الروحية، والفرص للكرازة بالبشارة عن النظام الجديد الآتي، ومع ذلك لا يدعم خدامه الذين يضعون مصالح اللّٰه اولا في حياتهم؟ وأيضا، بما ان اللّٰه نفسه يقول ان ‹مَن لا يعتني بخاصته هو شر من غير المؤمن،› ألا يلتزم هو نفسه بهذا المبدإ عينه؟ (١ تيموثاوس ٥:٨) «ألعل عند اللّٰه ظلما. حاشا،» يؤكد الرسول بولس. — رومية ٩:١٤.
٨ ان خادم اللّٰه الذي يختبر المشاكل بسبب الصعوبات الاقتصادية لديه افضلية كبيرة على اولئك الذين لا يخدمون يهوه. فهو يتعزى بالواقع ان الاله الذي يخدمه يعرف حالته افضل مما يعرفها هو، وكأب محب، يمكن الوثوق به للاعانة في وقت الحاجة. وبالتأكيد، يمكننا ان نكون واثقين بأن الذي يملك كل الذهب والفضة قادر كاملا على امداد خدامه بضرورات الحياة. (حجي ٢:٨) فلماذا نكون في حيرة اقتصادية قلقة؟
٩ وكيف يمكننا ان نبني اتكالا كهذا على الامن الذي يزوِّده يهوه؟ يقدِّر المسيحي المتزن انه «ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم اللّٰه.» (متى ٤:٤) وهكذا فيما يفعل المرء ما في وسعه بضمير حي لايجاد وظيفة لسدّ حاجاته، يمكنه التركيز على بناء الاتكال على يهوه ووعوده. ولا يمكن للظروف الاقتصادية السيئة ان تدمر الامن الحقيقي الذي يأتي من يهوه. (امثال ١:٣٣) ويمكن لشخص كهذا ان يقول على نحو ملائم: «بسلامة اضطجع بل ايضا انام. لانك انت يا رب منفردا في طمأنينة تسكنني.» — مزمور ٤:٨.
١٠ من اجل امتلاك اتكال كهذا على الامن الذي يزوِّده يهوه، لا بد ان نفعل ما قد فعله كل شخص يملك هذا الامن: درس كلمة اللّٰه، الكتاب المقدس؛ تحديد ما هي مشيئة اللّٰه؛ واتِّباعها. وحينئذ تتأكدون حتما ان اللّٰه سيُعنى بمصالحكم الافضل. وسيعينكم في وقت حاجتكم. (١ كورنثوس ١٠:١٣) والمسيحي المتزن، اذ يثق بيهوه، لن يدع حالته الاقتصادية تتعارض مع اجتماعه مع المسيحيين الآخرين من اجل درس كلمة اللّٰه. وهو لا يدع اهتماما كهذا يؤثر في خدمته. فهو يُبقي في المكان الاول الامور الاكثر اهمية المتعلقة باللّٰه ومشيئته. — فيلبي ١:١٠، عج.
يحرس القلوب والقوى العقلية
١١ اذا اصابنا القلق المفرط، فان ميولنا ودوافعنا قد تتأثر على نحو هدّام وقد نتصرف بطريقة غير متزنة او غير لائقة. وبدلا من الكينونة قلقين ومحاطين بأفكار مضطربة كثيرة، فاننا نثق حقا بيهوه، وبالتالي تُحرس ‹قوانا العقلية.› واذا كنا نملك حقا «سلام اللّٰه» وكنا مقتنعين بأنه «سامع الصلاة،» فسنكون قادرين على التغلب على القلق. (مزمور ٦٥:٢) وسنشعر دائما بأن لدينا المساعدة الالهية، وفي ذلك هنالك سلام عظيم للقلب والعقل. فكم يكون افضل اذًا ان نصلّي من اجل التوجيه الدقيق ونضع دائما المصالح الروحية اولا في الحياة! — متى ٢١:٢٢؛ ١ يوحنا ٥:١٤؛ اشعياء ٢٥:٩.
الطريق الى النجاح الحقيقي
١٢ لا يمكننا ان نتمتع في الحياة بنجاح اعظم من الاتيان الى والحفاظ على علاقة حميمة بيهوه اللّٰه. والرغبة القوية في ارضائه ستدفعنا الى جلب الاكرام له بكلماتنا وأفعالنا التقويّة لعمل الخير للرفقاء البشر والاشتراك معهم في «انجيل مجد اللّٰه المبارك.» (١ تيموثاوس ١:١١) وسيكون فرحنا عظيما اذا كان بامكاننا ان نساعد الآخرين على التعلُّم عن مقاصد يهوه الرائعة والاتيان ايضا الى علاقة انتذار ثمينة به. وحينئذ، مثلنا، سيتعلمون ان يتغلبوا على قلق الحياة. وهم ايضا سيأتون الى التمتع بـ «سلام اللّٰه الذي يفوق كل فكر.» — فيلبي ٤:٤-٨، عج.
١٣ اذا منحنا الامور الروحية الاهمية العظمى في حياتنا، فسيساهم ذلك في سلام قلبنا وعقلنا. وبالتأكيد، يمكننا ان نكون واثقين بأن ضرورات الحياة ستكون مضمونة. وحينئذ يمكننا ان ننضم الى صاحب المزمور في هتافه: «على اللّٰه توكلت فلا اخاف.» — مزمور ٥٦:١١.