امور لم يستطع اعصار اندرو تدميرها
هنالك اعاصير مدمِّرة، وهنالك ايضا اعاصير اكثر تدميرا.a والبعض منها ليس اكثر من رياح عاتية، جالبا مطرا غزيرا ومقتلعا الاشجار. وهنالك ايضا الاعاصير الاكثر تدميرا كإعصار اندرو في جنوب فلوريدا (٢٤ آب ١٩٩٢) ولويزيانا (٢٦ آب ١٩٩٢)، اعصار إِنيكي في كاواي، هاوايي (١٢ ايلول ١٩٩٢)، وتَيفون عُمَر في ڠوام (٢٨ آب ١٩٩٢).
احدثت هذه خرابا بلغ بلايين الدولارات. وهلك عشرات الاشخاص في فلوريدا. وتُركت آلاف العائلات دون بيوت. وكان وكلاء التأمين يهرعون حول البيوت المدمرة باحثين عن المُلّاك ومحرِّرين الشيكات.
وثمة تقرير من لجنة اغاثة فورت لودردايل لشهود يهوه قال ان ٥١٨ من الـ ٠٣٣,١ بيتا لشهود يهوه في المنطقة يمكن ترميمها. واذا طُبِّقت هذه النسبة على بيوت السكان عموما، يعني ذلك ان ٥٠ في المئة على الاقل من كل البيوت في مسار اندرو قد دُمِّر. ثم ان اولئك الموفَّقين كفاية ليكون لهم بيت صالح بعدُ للسكن كانوا يحاولون تجفيف اثاثهم وستائرهم وازالة الوحل الابيض الذي احدثته المواد المغشِّية السقف التي سقطت تحت وطأة فيضان المطر المتخلل في السقوف المتضررة. واستصعب كثيرون النظر الى انقاض بيوتهم. وقد يكون سكَّان البيوت المتنقلة او المقطورات الاقل متانة هم الاسوأ حالا.
اعصار اندرو لم يستثنِ احدا
لِنَرد وتيري كيفر كانا زوجَين من هؤلاء. وعندما ذهبا ليتفقَّدا ثانية موقف بيتهما المتنقل في مدينة فلوريدا، كان عليهما ان يثبتا هويتهما عند نقطة تفتيش عسكرية لكي يدخلا المنطقة. وما رأياه كان موقف بيوت متنقلة بدا وكأنه اصيب بمئات القنابل الشديدة الانفجار — دون ان تترك ايّ حُفر. وكانت الاشجار مقتلعة. وصفائح الالمنيوم الممزق، التي كانت سابقا جدران البيوت وسطوحها، كانت ملتفَّة حول الاشجار ومتدلِّية من الفروع الكبيرة وكأنها نوع من زِيَن الاعياد الموضوعة بطريقة غريبة. وكانت خطوط الطاقة الكهربائية على الارض في كل مكان، اذ انقصمت الاعمدة الخشبية كعيدان كبريت. وكانت السيارات مقلوبة ومحطَّمة.
بوب ڤان دايك، الذي أُعلن ان بيته الجديد غير صالح للسكن، وصف المنظر في منزله: «انهار السقف، محطِّما ما يتحطم، لاويا ما يلتوي ومرعبا ايانا، نحن الذين نرتعب.»
كانت الممتلكات الشخصية، اللُّعب، الثياب، الصور، الكتب، مبعثرة كمذكِّرات محزنة بنمط حياة سابق. وكانت هرة سوداء وحيدة تهيم بين الحطام. فعادت وحدَّقت الى عائلة كيفر بتحيُّر. وكانت عظايا صغيرة تهرع فوق ما كان سابقا ممتلكات ثمينة لشخص ما. وانتشرت في الهواء الرائحة الكريهة للطعام الفاسد الذي سقط من البرادات المحطَّمة. وكان منظر الدمار العنيف في كل اتجاه — كل ذلك سبَّبته رياح، رياح قوية، تعصف بسرعة تزيد على ١٦٠ ميلا في الساعة (٢٦٠ كلم/سا).
كان ذلك مفجعا بالنسبة الى مُلَّاك وسكَّان هذه البيوت. فبعد سنين كثيرة من تربية عائلة ومشاركتها العيش في بيوتهم الخاصة المتميِّزة، عادوا بعد العاصفة ليجدوا كل شيء محطما ومبعثرا. وكان الزوجان كيفر قد انقذا بعضا من ممتلكاتهما في تفقد سابق، انما كان من المؤلم جدا ان يفتشا باعتناء بين الحطام المنزلي الذي بقي. ومع ذلك، كانا مقدِّرَين لواقع انهما لا يزالان على قيد الحياة وقادرَين على خدمة اللّٰه.
لم يستثنِ اعصار اندرو شيئا. فمجمَّعات التسوُّق، المصانع، المستودعات — كلها اصبحت هدف هجوم الطبيعة العنيف. ولم تصمد قوانين البناء البشرية الواهية في وجه الامتحان.
افضل واسوأ ما في الطبيعة البشرية
بدأت المساعدة تتدفق على فلوريدا من جميع انحاء البلاد اذ تنظَّمت وكالات اغاثة مختلفة. وتجاوبت فورا الهيئة الحاكمة لشهود يهوه في بروكلين، نيويورك، وعيَّنت لجنة اغاثة لتعمل من قاعة محافل فورت لودردايل. وخصصت ايضا مبلغا كبيرا من المال لشراء المواد، الطعام، والاشياء المستعملة في الحالات الطارئة. ونتيجة لذلك، كان الشهود بين الاوائل الذين تجاوبوا مع الوضع وبدأوا يستدعون المتطوِّعين. وفي الواقع، حضر كثيرون دون ان يجري استدعاؤهم.
قدِم العمال الشهود من كاليفورنيا، كارولينا الشمالية، اوريڠون، ولاية واشنطن، پنسلڤانيا، ميسوري، وأماكن كثيرة اخرى. وقامت لجنة بناء اقليمية في ڤرجينيا، تبني عادةً قاعات ملكوت، بارسال فريق من ١٨ شاهدا لترميم السطوح. ولزمتهم ١٨ ساعة ليبلغوا المكان بالسيارة. وأخذ عمال الاغاثة وقت عطلة او اجازات من العمل وقادوا سياراتهم عبر البلاد، مئات وحتى آلاف الاميال، ليصلوا الى رفقائهم الشهود الذين هم في ضيق.
وكان الفريق الذي اتى من منطقة تشارلستون في كارولينا الجنوبية عونا لا يُقدَّر بثمن. فقد كان لهم اختبار مع اعصار هوڠو قبلا في السنة ١٩٨٩. وكانوا يعرفون ما يتوقعونه فنظموا سريعا مخزونا للاغاثة، بما في ذلك المولِّدات الكهربائية ومواد البناء. وفي غضون اسبوعين كانت فرق المتطوعين قد جفَّفت نحو ٨٠٠ بيت ورمَّمت سطوحا كثيرة.
وكثيرون من رفقاء الزواج والجيران غير الشهود استفادوا من المساعدة التي قدمتها فرق المرمِّمين الشهود. اخبر رون كلارك من هومْسْتد الغربية: «تأثر حقا رفقاء الزواج غير المؤمنين بكل ذلك. ودمعت عيونهم، اذ ربكهم ما كان الشهود قد فعلوه من اجلهم.» وعن زوج شاهدة غير مؤمن، اضاف: «انه مبتهج للغاية — فالشهود الآن هناك يضعون له سقفه.»
وأخبر شاهد آخر عن جيرانه غير الشهود الذين كان يتفقدهم كل ليلة. كانوا يقولون انهم بخير. وفي اليوم الخامس، لم تتمالك الزوجة عن البكاء. «لا نملك ايّ حفاضات للطفل. ونحن تقريبا بدون طعام للاطفال. ولا نملك ما يكفي من الطعام والماء.» وكان الزوج محتاجا الى خمسة ڠالونات (٢٠ ل) من البنزين ولكنه لم يتمكن من الحصول عليه من ايّ مكان. في اليوم نفسه، جلب الشاهد كل ما احتاجوا اليه من مخزن اغاثة قاعة الملكوت. فبكت الزوجة اعترافا بالجميل. وقدَّم الزوج هبة من اجل عمل الاغاثة.
ولعب شيوخ الجماعة والخدام المساعدون دورا حاسما اذ عملوا معا في تنظيم الاغاثة في مختلف قاعات الملكوت المرمَّمة في منطقة الكارثة. وقد عملوا دون كلالة على ايجاد جميع الشهود وتحديد حاجاتهم. وعلى نحو متباين، اقتُبس من ضابط في سلاح الجو قوله عن مساعي الاغاثة في منطقة اخرى: «جميع الرؤساء يريدون فقط ان يكونوا رؤساء، ولكن لا احد يريد ان يشرع في المهمة ويقوم فعلا بالعمل الوسخ.»
يمكن للكوارث ان تُبرز افضل واسوأ ما في الناس. والنهب انما هو مَثَل للاخير. فقد قررت عائلة من الشهود انه يمكنها على الاقل انقاذ برادها وغسالتها لكي يُستعملا في مركز الاغاثة في قاعة الملكوت المحلية. فذهبوا الى القاعة للحصول على شاحنة. وقبل ان يعودوا، كان الناهبون قد سرقوهما كليهما!
اخبر شاهد عيان: «اذ كنا نجول في الشوارع المقفرة، رأينا بيوتا تحمل لافتات تحذر الناهبين من الاقتراب. وكان بعض اللافتات يذكر، ‹الموت للناهبين› و ‹ستُطلق النار على الناهبين.› وذكرت اخرى، ‹أُطلقت النار على ناهبَين. ومات واحد.› وكانت المتاجر والمجمَّعات قد سُلبت.» ووفقا لرقيب في الفرقة المجوقلة الـ ٨٢، قبض الناس على ناهب واحد على الاقل وأُعدم دون محاكمة.
جرى القيام باعتقالات كثيرة. ويبدو ان العنصر الاجرامي مستعد، في اية كارثة، للانقضاض كالنسور. وحتى من يُسمَّون بالناس العاديين ينجرفون في تيار النهب. ويبدو ان الدين، الاخلاق، والآداب تتبخَّر تحت اغراء الحصول على شيء بلا مقابل.
وأُخبرت استيقظ! انه في البداية سرق ناهبون مسلَّحون حتى البنادق غير المحشوَّة من بعض الجنود. وسُمع بعض الجنود يقولون انهم يعتبرون مركز اغاثة قاعة الملكوت واحةً في الصحراء «لانكم،» كما قالوا، «لا تحملون بنادق.»
«لا تقفوا مكتوفي الايدي»
ماذا تعلَّم شهود يهوه من اختباراتهم مع الكوارث الطبيعية؟ لقد تعلَّموا تجديد النشاطات الروحية بأسرع وقت ممكن. وإد رُمْسي، ناظر في هومْسْتد، اخبر استيقظ! ان قاعة ملكوت مزدوجة كانت جاهزة للاجتماعات يوم الاربعاء الذي تلا اعصار يوم الاثنين. كان بعض مواد التسقيف قد اختفى، والمواد المغشية السقف قد انهارت، ونفذ الماء. فعمل المتطوعون بسرعة لاعادة قاعتي الملكوت الى ما كانتا عليه من اجل الاجتماعات ولاستعمالهما كمركزَي قيادة ميدانيَّين يُدار منهما عمل الاغاثة في منطقتهما الخرِبة. وأقيمت مطابخ لكي يكون ممكنا تقديم الوجبات للضحايا وعمال الاغاثة.
اخبر فرمين پاسْترانا، شيخ من جماعة پرنستن الاسپانية، ان سبع عائلات، في جماعته المؤلفة من ٨٠ شاهدا، فقدت بيوتها كاملا. فأيّ علاج اقترحه على رفقائه الشهود؟ «احزنوا اذا لزم ان تحزنوا. ولكن من ناحية اخرى لا تقفوا مكتوفي الايدي. كونوا نشاطى في مساعدة الآخرين، والى الحد الممكن، اخرجوا في الخدمة. لا تفوِّتوا اجتماعاتنا المسيحية. حُلُّوا ما يمكن حَلُّه، ولكن لا تقلقوا بشأن ما لا حل له.» ونتيجة لذلك، سرعان ما كان الشهود يكرزون ويأخذون صناديق الاغاثة من بيت الى بيت. فأندرو لم يذهب بحماسهم.
‹في المرة التالية سنُخلي المكان!›
شارون كاسترو، التي تبلغ من العمر ٣٧ سنة من كتْلر ريدج اخبرت استيقظ! قصتها: «قرر ابي ألّا نخلي المكان. ولأن الاعصار السابق تحوَّل عن ضرب ساحل فلوريدا، فقد شعر بأن اندرو سيفعل الامر عينه. حتى انه لم يكن ينوي سدَّ النوافذ بألواح خشبية. ولحسن التوفيق، جاء اخي لزيارتنا وأصر على تغطية النوافذ بخشب رقائقي معاكس. وعمله انقذ حياتنا دون شك. فلولا ذلك لَتحطمت نوافذنا وتمزَّقنا إربا.
«نحو ٣٠:٤ صباحا انقطعت الكهرباء. وكانت الاصوات في الخارج مرعبة. فكانت كصوت قطار سكة حديدية ضخم. وكانت هنالك قعقعة فيما انقصمت الاشجار والابنية تحطمت. واكتشفنا لاحقا ان الصريف المخيف كان صوتَ المسامير الطويلة في سقفنا وهي تنقلع. وطارت العلِّيَّة في الهواء، وتحطم ثلث السقف. وفي النهاية اضطررنا، نحن الـ ١٢، بمن فينا امي العاجزة وجدتي البالغة من العمر ٩٠ سنة، الى الاحتماء في غرفة تتوسط البيت لا نوافذ لها. وشعرنا بأننا سنموت هناك لا محالة.»
وأيّ درس تعلَّمته من هذا الاختبار؟ «في المرة المقبلة التي يقولون لنا فيها ان نخلي المكان، نُخلي — دون طرح اسئلة. وسنصغي الى التحذيرات. لقد تعلَّمتُ ايضا ان اشارك وأن اعيش على القليل القليل. وأعرف انه لا بأس إن بكيت، حزنت، وبعد ذلك يجب ان اواجه الواقع ببسالة.»
ردود فعل الصحافة
حتى وسائل الاعلام لاحظت كم كان الشهود حسني التنظيم. فقد حملت ساڤانا إيڤننڠ پرس العنوان الرئيسي «شهود يهوه يجدون انه مرحَّب بهم في جنوب فلوريدا،» وأعلنت ميامي هيرالد: «الشهود يهتمون بخاصتهم — وبالآخرين.» وذكرت: «لا احد في هومْسْتد يغلق الابواب في وجه شهود يهوه هذا الاسبوع — حتى ولو بقيت هنالك ابواب لتُغلق. فنحو ٠٠٠,٣ شاهد متطوع من انحاء البلاد تجمعوا في المنطقة المنكوبة، اولا لمساعدة خاصتهم، ثم لمساعدة الآخرين. . . . وقد تحسد اية منظمة عسكرية الشهودَ على الدقة، الانضباط والفعالية.»
اعتاد الشهود تنظيم عمليات اطعام الأعداد الكبيرة في محافلهم. وعلاوة على ذلك، نظَّموا مئات من لجان البناء الاقليمية في كل انحاء العالم لبناء قاعات ملكوت وقاعات محافل كبيرة. وهكذا درَّبوا قوة عاملة مستعدة للاستجابة في غضون ساعات قليلة.
ولكن، يوجد عامل آخر — موقفهم. تابع التقرير نفسه: «ليست هنالك بيروقراطية. ليست هنالك روح الأنا المحارِبة. وبدلا من ذلك، يبدو العمال مبتهجين ومتعاونين مهما شعروا بالحَر، غطَّاهم الوسخ او أعيَوا.» فكيف فُسِّر ذلك؟ اجاب شاهد: «هذا يأتي من علاقة باللّٰه تدفعنا الى اظهار محبتنا للآخرين.» وكان ذلك امرا آخر لم يستطع اندرو ان يبدِّده، محبة الشهود المسيحية. — يوحنا ١٣:٣٤، ٣٥.
وثمة مقارنة مثيرة للاهتمام تعلَّمها الشهود من الاشجار كما يبدو. وقد عبَّر شاهد عيان عن ذلك على هذا النحو: «فيما كنت اجول هنا وهناك، لم يَسَعْني إلا ان ألاحظ مئات اشجار التين Ficus الضخمة التي اقتُلعت وسقطت على الارض. فلماذا كان ذلك؟ لقد ابدت مقاومة شديدة للريح بسبب حجمها، وكانت لها شبكة جذور واسعة الانتشار ولكنها قليلة العمق. ومن ناحية اخرى، بقي معظم النخل الممشوق منتصبا. لقد مال مع الريح، وبعضه فقدَ سعفه، لكنَّ معظمه بقي متأصلا في الارض.»
كانت للشهود جذور ايمان عميقة بكلمة اللّٰه وكانوا مرنين في ردود فعلهم. فالممتلكات والبيوت لم تكن كل شيء بالنسبة اليهم. انهم احياء على الاقل، ويمكنهم ان يستمروا في خدمة يهوه بالرغم من الشدة. والحياة هي امر لم يسلبهم اياه اندرو.
كيف أُنجز ذلك؟
وهبت شركة أَنْهُويْزر بوش حمولة شاحنة من ماء الشرب. وعند وصوله، سأل السائق الرسميين اين يجب ان يسلِّم الماء. فقيل له ان الوحيدين الذين يملكون شيئا منظما هم الشهود. وفي الواقع، خلال اسبوع بعد ضربة اندرو، وصلت حمولات نحو ٧٠ جرَّارا للمقطورات من المؤن الى قاعة محافل فورت لودردايل لشهود يهوه.
يخبر متطوع هناك: «وهكذا تسلَّمنا حمولة شاحنة كاملة من ماء الشرب. وللوقت ضممنا ذلك الى المواد الغذائية الاخرى التي كنا نرسلها الى مراكز التوزيع في قاعات الملكوت. وتشارك فيه الاخوة والجيران في تلك المنطقة الذين كانوا في عوز.» ووهبت شركة ورق في ولاية واشنطن ٠٠٠,٢٥٠ صحن ورقي.
في البداية، كانت سلطات المدينة ترسل متطوعين من غير الشهود الى قاعات الملكوت، قائلة، ‹انهم الوحيدون المنظَّمون على نحو لائق.› وأخيرا، تولَّت القوات المسلحة زمام الامور وبدأت تقيم مراكزَ اغاثة للطعام والماء ومدنَ خيام.
اقامت لجنةُ الاغاثة مركزَ توزيع المؤن الاصليَّ الخاص بالشهود في قاعة محافل فورت لودردايل، على بعد نحو ٤٠ ميلا (٦٠ كلم) شمالي منطقة الكارثة الرئيسية المحيطة بهومْسْتد. ولتخفيف بعض الضغط، أُنشئ مركز توزيع اولي في قاعة محافل پلانْت سيتي قرب اورلاندو، نحو ٢٥٠ ميلا (٤٠٠ كلم) شمالي غربي منطقة الكارثة. فكان معظم مواد الاغاثة يتوجه الى هناك للفرز والحزم. وكانت اللجنة تطلب حاجاتها من پلانْت سيتي على اساس يومي، واستُخدِمت جرَّارات ضخمة للمقطورات لتغطي رحلة الخمس ساعات الى فورت لودردايل.
وبدورها، قامت محطة التوزيع هذه بتزويد الطعام، المواد، الماء، المولِّدات، وغيرها من الحاجات لثلاث قاعات ملكوت رُمِّمت في وسط المنطقة المنكوبة. وهناك، نظَّم شهود مقتدرون فرقَ بناء وتنظيف لزيارة مئات البيوت التي احتاجت الى اهتمام. وفُتحت ايضا مطابخ وصفوف لأخذ الطعام على ارض قاعات الملكوت، وجرى الترحيب بكل من يأتي للمساعدة. حتى ان بعض الجنود تمتعوا بوجبة وشوهدوا لاحقا يلقون الهبات في صناديق التبرعات.
وفيما كان الرجال مشغولين بتصليح المنازل، كان بعض النساء يعددن الوجبات. وكانت اخريات خارجا يزرن ايًّا من الناس الذين يستطعن ايجادهم لكي يشاركنَهم في تفسير الكتاب المقدس للكوارث الطبيعية ويوزِّعن ايضا صناديق مؤن الاغاثة على المعوزين. وكانت تيريزا پِريدا واحدة منهنّ. فقد تضرَّر بيتها، وتحطمت نوافذ سيارتها — ومع ذلك كانت السيارة محمَّلة صناديق الاغاثة الجاهزة لاجل جيرانها. وزوجها، لَسارو، كان مشغولا بالعمل في احدى قاعات الملكوت. — جامعة ٩:١١؛ لوقا ٢١:١١، ٢٥.
وبالنسبة الى كثير من المشرَّدين، فقد وُجدت وسائل بديلة للراحة في بيوت الشهود التي لم تتأثر بأندرو. ومكث آخرون في مقطورات أُعيرت او وُهبت لهذا الغرض. والبعض انتقلوا الى مدن الخيام التي انشأتها القوات المسلحة. وآخرون اعتبروا بيوتهم خسائر وانتقلوا للعيش مع اصدقاء وأقرباء في انحاء اخرى من البلاد. فلم تكن عندهم بيوت ولا وظائف. ولم تكن هنالك كهرباء، ولا ماء، ولا شبكة مجارير مناسبة — ولذلك اختاروا افضل حل لهم.
ثمة درس تعلَّمه الجميع، عبَّر عنه حسنا شاهد يتكلم الاسپانية: «نحن شاكرون جدا على الدرس الذي تعلَّمناه بشأن اهدافنا في الحياة. فكما تعرفون، يمكنكم ان تعملوا ١٥ أو ٢٠ سنة في بناء بيتكم، تجميع الامور المادية، ثم في مجرد ساعة واحدة يمكن ان يضيع كل شيء. يساعدنا ذلك على تحديد اهدافنا روحيا، جعل الحياة ابسط والتأمل حقا في خدمة يهوه.»
يشبه ذلك كثيرا ما ذكره الرسول بولس: «ما كان لي ربحا فهذا قد حسبته من اجل المسيح خسارة. بل اني احسب كل شيء ايضا خسارة من اجل فضل معرفة المسيح يسوع ربي الذي من اجله خسرت كل الاشياء وأنا احسبها نفاية لكي اربح المسيح.» — فيلبي ٣:٧، ٨.
الكوارث الطبيعية هي جزء من الحياة في عالمنا الحاضر. واذا انتبهنا لتحذيرات السلطات، فقد ننقذ حياتنا على الاقل. وقد تُفقد البيوت والممتلكات، لكنَّ علاقة المسيحي بـ «اله كل تعزية» يجب ان تُقوَّى. وحتى لو هلك البعض في كارثة، فقد وعد يسوع بقيامة لهم في عالم اللّٰه الجديد على ارض مستردَّة — ارض لن ترى ابدا البؤس والموت اللذين تسببهما الكوارث الطبيعية. — ٢ كورنثوس ١:٣، ٤؛ اشعياء ١١:٩؛ يوحنا ٥:٢٨، ٢٩؛ رؤيا ٢١:٣، ٤.
[الحاشية]
a الاعصار المقصود هنا هو «اعصار مداري يتشكل فوق المحيط الاطلسي الشمالي حيث تصل الرياح الى سرعات اكبر من ٧٥ ميلا في الساعة (١٢١ كلم/سا).» (دائرة المعارف الكولومبية الموجزة) والتَّيفون هو «اعصار يحدث في المحيط الهادئ الغربي او بحر الصين.» قاموس التراث الاميركي للغة الانكليزية.
[الاطار في الصفحة ٢٠]
دُهش تماما
سافر فريق من ١١ شاهدا ابيض من تامپا، فلوريدا، ليساعدوا في عمل الاغاثة. فحصلوا على مواد وبدأوا يرمِّمون سقف بيت شاهد اسود. وعندما وصل ابنُ اخيه غيرُ الشاهد، لم يستطع تصديق عينيه — فقد دُهش تماما ان يجد فريقا من الشهود البيض وصلوا قبله وكانوا يجدِّدون بيت عمه. فتأثر جدا بحيث ساعد في عمل البناء.
وقال انه في المرة القادمة التي يزوره فيها الشهود في بيته، سيطلب درسا في الكتاب المقدس. واذ كان يكلِّم فريق تامپا، اتضح انه من منطقتهم. وبدون تأخير صنع احد الشيوخ في الفريق الترتيبات من اجل درس في الكتاب المقدس في الاسبوع التالي! وكما ذكر احد الشهود، يبرهن ذلك انكم لستم مضطرين الى مجرد طرق الابواب لتقدموا شهادة — فيمكنكم ان تطرقوا السقوف!
[الصور في الصفحة ١٥]
لم يستثنِ اعصار اندرو شيئا، وأبنية قليلة تمكنت من الصمود
بيت عائلة كيفر المتنقل — وما بقي منه
[الصور في الصفحة ١٧]
ربيكا پيريز، بناتها، و ١١ شخصا آخر نجوا بحياتهم في هذه الفسحة الصغيرة
القوات المسلحة تدخلت لمنع النهب (فوق الى اليمين)؛ متاجر منهوبة (الى اليمين)
الاعصار نَزَع السقوف، وقُلبت المركبات
[الصور في الصفحة ١٦]
نُظِّمت الاغاثة في قاعات الملكوت
بيوت متنقلة ملتفة حول الاشجار؛ لُعب ولد متروكة على حشيَّة؛ مطبوعات للكتاب المقدس بين الانقاض؛ شهود، مثل تيريزا پِريدا، سلَّموا جيرانهم مؤنا
مواد بناء وُهبت. فرز الملابس
[الصور في الصفحة ١٨]
متطوعون من كل انحاء الولايات المتحدة ساعدوا في عمل الاغاثة