مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ع٩٦ ٢٢/‏٦ ص ١٨-‏٢٣
  • كنتُ خارجا على القانون

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • كنتُ خارجا على القانون
  • استيقظ!‏ ١٩٩٦
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • لماذا صرت خارجا على القانون
  • نشاطي كخارج على القانون
  • السجن والعقوبة
  • تعلُّم حقائق الكتاب المقدس
  • المقاومة من كاهن السجن
  • قاعة ملكوت في السجن
  • المعمودية في السجن
  • التلمذة في السجن
  • مناسبات مفرحة جدا
  • الرجاء الوحيد بالعدل
  • حياة مبهجة
  • ‏«لقد غيّرتم رأيي في شهود يهوه»‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٩
  • من اسد زائر الى حَمَل وديع
    استيقظ!‏ ١٩٩٩
  • من مجاهِد سياسي الى مسيحي حيادي
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢
  • فراري الى الحق
    استيقظ!‏ ١٩٩٤
المزيد
استيقظ!‏ ١٩٩٦
ع٩٦ ٢٢/‏٦ ص ١٨-‏٢٣

كنتُ خارجا على القانون

كان ذلك في ١ ايار ١٩٤٧ في صقلية.‏ ونحو ٠٠٠‏,٣ شخص،‏ بمن فيهم النساء والاطفال،‏ احتشدوا في ممرّ جبلي احتفالا بعيد العمّال السنوي.‏ وكانوا غافلين عن الخطر الكامن في التلال المجاورة.‏ ربما قرأتم عن المأساة التي حدثت بعد ذلك او حتى رأيتموها في الافلام.‏ دُعيت المجزرة «مذبحة پورتلّا دلّا جينيسْترا،‏» وقد اسفرت عن مصرع ١١ شخصا وجرح ٥٦.‏

ومع اني لم أُسهم في تلك المأساة،‏ إلّا انني كنت انتمي الى جماعة الانفصاليين المسؤولة عنها.‏ كان يترأسها سلڤاتوري جوليانو،‏ وقد ترعرعنا معا في قرية مونْتيليپْري.‏ وكان يكبرني بسنة واحدة فقط.‏ وفي سنة ١٩٤٢،‏ عندما كنت في الـ‍ ١٩ من العمر،‏ استُدعيت الى الخدمة في الجيش خلال الحرب العالمية الثانية.‏ وكنت قد وقعتُ في اوائل تلك السنة في حبِّ ڤيتا موتيزي وتزوجتُها.‏ ووُلد لنا في ما بعد ثلاثة اولاد،‏ وكانت ولادة اولهم سنة ١٩٤٣.‏

لماذا صرت خارجا على القانون

في سنة ١٩٤٥ وضعَت الحرب العالمية الثانية اوزارها،‏ وانضممتُ الى الفرقة الغربية لـ‍ «جيش المتطوِّعين من اجل استقلال صقلية.‏» كان هذا الجيش الشعبةَ شبه العسكرية للحزب السياسي الانفصالي المعروف باسم «حركة استقلال صقلية.‏» وكانت الجهات العليا في الجيش والحزب قد عيَّنت سلڤاتوري جوليانو،‏ الذي كان فارًّا آنذاك،‏ آمِرا لفرقتنا.‏

وكان يجمعني بسلڤاتوري حبُّنا لجزيرتنا صقلية وشعبها.‏ وكانت تُغضبنا المظالم التي عانيناها.‏ لذلك تبنَّيت قضية جماعة جوليانو التي نادت بضمّ صقلية الى الولايات المتحدة الاميركية بحيث تكون ولايتها الـ‍ ٤٩.‏ وهل كان هنالك سبب حملنا على الاعتقاد ان ذلك ممكن؟‏ طبعا،‏ لأن المسؤولين في حركة استقلال صقلية كانوا يؤكدون لنا انهم على علاقة وثيقة بالعاصمة واشنطن وأن رئيس الولايات المتحدة هاري س.‏ ترومان يؤيد الضمّ.‏

نشاطي كخارج على القانون

كان عمل مجموعتي يقوم بشكل رئيسي على خطف الاشخاص البارزين واحتجازهم طلبا للفدية.‏ وبهذه الطريقة كنا نحصل على الاموال لشراء المؤن الضرورية.‏ ولم يتأذَّ قط ايّ من المخطوفين الذين كنا ندعوهم «ضيوفنا.‏» وعند اطلاق سراحهم،‏ كنا نعطيهم ايصالا يستعملونه لاستعادة مال الفدية الذي نحصل عليه.‏ فكان يقال لهم انه يمكنهم استعمال الايصال لاسترجاع اموالهم بعد ان نحرز النصر.‏

اشتركت في نحو ٢٠ عملية خطف،‏ واشتركت ايضا في هجمات مسلَّحة على ثكنات الـ‍ «كارابِنْييري،‏» وهي شرطة وطنية ذات طابع عسكري.‏ ولكن يسرّني ان اقول انني لم اقتل احدا.‏ أما هجماتنا الانفصالية فقد بلغت ذروتها في العملية غير الحكيمة على قرية پورتلّا دلّا جينيسْترا.‏ وقد نظَّمها نحو اثني عشر شخصا من مجموعة جوليانو وكانت موجَّهة ضد الحزب الشيوعي.‏

مع ان قتل الناس العاديين —‏ بمن فيهم الجيران والمؤيدون —‏ لم يكن مقصودا،‏ فقد ظنَّ الناس،‏ الذين كانوا يؤيدوننا ويعتبرون انفسهم تحت حمايتنا،‏ اننا خُنَّاهم.‏ ومن ذلك الحين فصاعدا ابتدأت مطاردة عنيفة لجماعة جوليانو الخارجة على القانون.‏ وبعد تسريب معلومات الى الشرطة،‏ اعتُقل كثيرون من زملائي.‏ وفي ١٩ آذار ١٩٥٠ وقعت في كمين وأُوقفت.‏ وفي صيف تلك السنة قُتل جوليانو.‏

السجن والعقوبة

في احد سجون پالرمو،‏ حيث احتُجزت بانتظار المحاكمة،‏ حزنت جدا لابعادي عن زوجتي الشابة وأولادي الثلاثة.‏ ولكنَّ الرغبة في النضال من اجل ما اعتبرت انه الحق حمتني من الغرق في يأس مطبق.‏ وابتدأت اقرأ لملء الوقت.‏ وأثار احد الكتب الرغبة فيَّ لقراءة الكتاب المقدس.‏ كان الكتاب سيرةً ذاتية لسيلڤيو پلّيكو،‏ وهو ايطالي سُجن لاسباب سياسية خلال القرن الـ‍ ١٩.‏

كتب پلّيكو انه كان معه دائما في السجن قاموس وكتاب مقدس.‏ ومع اني وعائلتي من الكاثوليك،‏ لم اكن قد سمعت شيئا عن الكتاب المقدس.‏ لذلك تقدمت الى السلطات بطلب للحصول على نسخة.‏ فقيل لي ان ذلك ممنوع،‏ ولكنهم اعطوني نسخة من اناجيل متى،‏ مرقس،‏ لوقا،‏ ويوحنا.‏ وتمكنت لاحقا من الحصول على نسخة للكتاب المقدس الكامل،‏ ولا ازال احتفظ بها كتذكار عزيز.‏

اخيرا،‏ ابتدأت محاكمتي سنة ١٩٥١ في ڤيتربو قرب روما.‏ ودامت المحاكمة ١٣ شهرا.‏ وصدر في قضيَّتي حكمان بالسجن المؤبد بالاضافة الى ٣٠٢ سنة!‏ وعنى ذلك انني لن اخرج حيًّا من السجن.‏

تعلُّم حقائق الكتاب المقدس

عندما عدت الى السجن في پالرمو،‏ عُيِّنتُ في قسم كان مسجونا فيه ايضا احد اعضاء مجموعتنا،‏ وهو احد اقرباء جوليانو.‏ وكان هذا الشخص قد اعتُقل قبلي بثلاث سنوات.‏ وكان قد التقى سابقا في السجن شخصا من شهود يهوه من سويسرا،‏ وتحدث اليه عن وعود الكتاب المقدس الرائعة.‏ وهذا الرجل أُوقف مع شاهد آخر من پالرمو فيما كانا يكرزان ببشارة ملكوت اللّٰه.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وقيل لي لاحقا ان اعتقاله كان بتحريض من بعض رجال الدين.‏

رغم نشاطاتي المخالفة للقانون،‏ كنت أومن باللّٰه وبتعاليم الكنيسة.‏ لذلك صُدمت حين علمت ان اكرام ما يُعرف بالقديسين ليس مؤسسا على الاسفار المقدسة وأن احدى الوصايا العشر تحرِّم استعمال الصور في العبادة.‏ (‏خروج ٢٠:‏٣،‏ ٤‏)‏ فاشتركت في مجلتَي برج المراقبة و استيقظ!‏ اللتين صارتا عزيزتَين جدا عليّ.‏ لم اكن افهم كل ما اقرأه،‏ ولكن كلما قرأت اكثر زاد شعوري بضرورة الهروب،‏ لا من السجن،‏ بل من اسْر الاباطيل الدينية والعمى الروحي.‏

وعلى مرِّ الوقت ادركت انه لكي ارضي اللّٰه يلزم ان اخلع شخصيتي العتيقة وألبس شخصية جديدة —‏ شخصية وديعة تشبه شخصية يسوع المسيح.‏ (‏افسس ٤:‏٢٠-‏٢٤‏،‏ ع‌ج‏)‏ وكان تغيُّري يجري بطريقة تدريجية.‏ ولكنني ابتدأت فورا اساعد السجناء معي،‏ وحاولت ان اتحدث اليهم عن الامور العظيمة التي تعلّمتها.‏ وهكذا ابتدأتْ في سنة ١٩٥٣ فترة مفرحة بالنسبة اليّ.‏ ولكن كانت هنالك عوائق.‏

المقاومة من كاهن السجن

بعد ستة اشهر من اشتراكي في برج المراقبة و استيقظ!‏،‏ لم تعد تُسَلَّم اليّ.‏ فذهبت الى رقيب رسائل السجناء وأعلمته بالامر.‏ فقال لي ان كاهن السجن هو الذي اوقف التسليم.‏

فطلبت رؤية كاهن السجن.‏ وخلال المناقشة أريتُه القليل الذي كنت اعرفه من الكتاب المقدس،‏ بما في ذلك آيات كخروج ٢٠:‏٣،‏ ٤ وإشعياء ٤٤:‏١٤-‏١٧ بشأن استعمال الصور في العبادة.‏ وقرأت عليه ايضا كلمات يسوع المسجلة في متى ٢٣:‏٨،‏ ٩‏،‏ ان «لا تدعوا لكم ابا على الارض.‏» وإذ شعر بالاهانة،‏ اجاب قائلا انه لا يمكنني فهم الكتاب المقدس لأني جاهل.‏

كان من الجيد انني ابتدأت قبلا بتغيير شخصيتي —‏ وإلّا فلا ادري ماذا كنت فعلت.‏ فأجبته وأنا محافظ على هدوئي:‏ «نعم،‏ هذا صحيح؛‏ انا جاهل.‏ أما انت فقد درست،‏ ولم تفعل شيئا لتعليمي حقائق الكتاب المقدس.‏» فأجاب الكاهن انه لكي احصل على مطبوعات شهود يهوه،‏ يجب ان اتقدم بطلب الى وزارة العدل اتخلى فيه عن ديني الكاثوليكي.‏ وهذا ما فعلته فورا،‏ ولكنَّ الطلب لم يُقبل.‏ ومع ذلك استطعت لاحقا ان اتسجل كواحد من شهود يهوه وهكذا صار بإمكاني الحصول على المجلات من جديد.‏ ولكن كان عليّ ان الجَّ كثيرا في ذلك.‏

قاعة ملكوت في السجن

كنت،‏ طوال فترة من الوقت،‏ اطلب من مدير السجن ان يدبِّر لي عملا اكسب منه المال وأرسله الى عائلتي.‏ وكان دائما يقول انه اذا دبَّر لي عملا،‏ فسيضطر الى تدبير عمل للآخرين ايضا،‏ وهذا غير ممكن.‏ ولكن في ٥ آب ١٩٥٥ صباحا انبأني المدير بخبر سارّ —‏ يمكنني ان اعمل ككاتب داخل السجن.‏

مكَّنني عملي من كسب احترام مدير السجن،‏ وقد تكرَّم بالسماح لي باستخدام مخزن لعقد اجتماعات لدرس الكتاب المقدس.‏ وهكذا،‏ في سنة ١٩٥٦،‏ باستعمال اخشاب خزائن الملفات المرميّة،‏ اعددت مقاعد من اجل ما يمكن اعتباره قاعة ملكوت،‏ كما تدعى اماكن اجتماعات شهود يهوه.‏ وكنت اجتمع هناك كل يوم احد بسجناء آخرين،‏ ووصلت ذروة الحضور الى ٢٥ في مناقشاتنا للكتاب المقدس.‏

في النهاية علم كاهن السجن بأمر الاجتماعات التي اعقدها،‏ وكان غضبانا جدا.‏ ونتيجةً لذلك،‏ نُقلت في صيف ١٩٥٧ من پالرمو الى سجن پورتو أَزورو في جزيرة إلبا.‏ وكان للمكان صيت مخيف.‏

المعمودية في السجن

عندما وصلت،‏ وُضعت في حبس انفرادي ١٨ يوما.‏ وهناك لم يُسمح لي حتى بالاحتفاظ بكتابي المقدس.‏ وبعد ذلك كتبت من جديد الى وزارة العدل طالبا السماح لي بالتخلي عن الدين الكاثوليكي.‏ ولكني طلبت هذه المرة المساعدة من مكتب فرع شهود يهوه في روما.‏ وبعد عشرة اشهر وصل الجواب الذي طالما انتظرته.‏ لقد قبلت الوزارة بتغيير ديني!‏ ولم يعنِ ذلك فقط انه بإمكاني الحصول على كتاب مقدس،‏ المجلات،‏ وغيرها من مطبوعات الكتاب المقدس بل ايضا يمكن ان يزورني بانتظام خادم ديني من شهود يهوه.‏

لم تكد الدنيا تسعني من الفرح عندما زارني للمرة الاولى جوزيپّي رومانو من مكتب فرع شهود يهوه في ايطاليا.‏ وبإذن من مسؤولي السجن،‏ صُنعت الترتيبات لكي ارمز اخيرا الى انتذاري ليهوه بمعمودية الماء.‏ وفي ٤ تشرين الاول ١٩٥٨،‏ بحضور مدير السجن،‏ الآمر المسؤول عن الانضباط،‏ ومسؤولين آخرين،‏ عمَّدني الاخ رومانو مع سجين آخر في الحوض الكبير المستخدم لريّ حديقة السجن.‏

ومع انه كان باستطاعتي دائما تقريبا درس برج المراقبة مع سجناء آخرين،‏ الّا انه كان عليّ ان احتفل بالذكرى السنوية لموت المسيح في زنزانتي وحدي لأن الاحتفال يجري بعد غروب الشمس.‏ فكنت اغمض عينيّ وأصلّي،‏ متخيِّلا انني مجتمع برفقائي الشهود.‏

التلمذة في السجن

في سنة ١٩٦٨ نُقلت الى السجن في فوسومْبروني في اقليم پيزارو.‏ وهناك حصلت على نتائج جيدة من تحدثي الى الآخرين عن حقائق الكتاب المقدس.‏ كنت اعمل في مستوصف السجن حيث كان من السهل ايجاد الفرص للشهادة.‏ وقد سرَّني خصوصا ان ارى تقدُّم احد السجناء،‏ ايمانْويلي ألْتَڤيلّا.‏ فبعد شهرين من الدرس،‏ ادرك انه يجب ان يطبِّق المشورة في اعمال ١٩:‏١٩ وأتلف كتابه عن الفنون السحرية.‏ وصار ايمانْويلي لاحقا واحدا من شهود يهوه.‏

وفي السنة التالية نُقلت الى السجن في جزيرة پروتْشيدا،‏ عند الطرف الآخر من الخليج حيث تقع ناپولي.‏ وبسبب سلوكي الحسن،‏ عُيِّنت من جديد في مستوصف السجن.‏ وهناك التقيت ماريو مورينو الذي كان سجينا كاثوليكيا مُنح سرّ التثبيت.‏ وكان هو ايضا في مركز مسؤولية،‏ اذ كان يعمل في قسم المحاسبة.‏

في احدى الامسيات طلب مني ماريو شيئا ليقرأه،‏ فأعطيته كتاب الحق الذين يقود الى الحياة الابدية.‏a فأدرك في الحال اهمية ما يقرأه،‏ وابتدأنا بدرس الكتاب المقدس.‏ توقف ماريو عن تدخين ثلاث علب سجائر كل يوم.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ ادرك انه يجب ان يسلك باستقامة حتى في عمل المحاسبة الذي يقوم به في السجن.‏ وابتدأ يشهد لخطيبته،‏ وقبلت هي ايضا تعاليم الكتاب المقدس.‏ وبُعيد ذلك تزوَّجا في السجن.‏ واعتمدت زوجة ماريو في محفل في ناپولي سنة ١٩٧٥.‏ وكم كانت فرحتها كبيرة عندما سمعت ان زوجها اعتمد في اليوم نفسه في السجن!‏

سُمح لي بإجراء محادثات اسبوعية مع الشهود الذين يزورونني في پروتشيدا.‏ وسُمح لي ايضا بأن اعدَّ الوجبات لنتناولها معا في صالة الزوار.‏ وكان يحضر حتى عشرة اشخاص كل مرة.‏ وعندما كان النظار الجائلون لشهود يهوه يقومون بزياراتهم،‏ كان يُسمح لي بعرض الصور المنزلقة التي يجلبونها.‏ وفي احدى المرات كان لي امتياز ادارة درس برج المراقبة خلال زيارة ١٤ شاهدا.‏ وكانت السلطات تثق بي كاملا كما يبدو.‏ وفي ايام معينة،‏ نحو المساء،‏ كنت اذهب للكرازة من زنزانة الى زنزانة.‏

في سنة ١٩٧٤،‏ بعد قضاء ٢٤ سنة في سجون مختلفة،‏ زارني قاضٍ شجعني على التقدم بالتماس للعفو.‏ ولكني لم اعتبر ذلك ملائما لأن ذلك يعني اعترافي بالتورُّط في مذبحة پورتلّا دلّا جينيسْترا التي لم اشترك فيها.‏

مناسبات مفرحة جدا

في سنة ١٩٧٥ اجاز قانون جديد منح أُذون بالخروج وقتيا من السجن.‏ وهكذا سنحت لي فرصة الذهاب الى اول محفل احضره لشهود يهوه في مدينة ناپولي.‏ وتمتعت بخمسة ايام لا تُنسى،‏ اذ التقيت خلالها اخوة وأخوات مسيحيين اكثر مما رأيت في حياتي.‏

وفرحتي الكبرى كانت انني،‏ بعد سنين طويلة،‏ عدت واتَّحدتُ بعائلتي.‏ لقد بقيت زوجتي ڤيتا امينة لي،‏ وصار ابنائي شبانا في عشريناتهم وثلاثيناتهم.‏

في السنة التالية —‏ التي سُمح لي فيها بالخروج من السجن عدة مرات —‏ اقتُرح عليَّ تقديم طلب اخلاء سبيل من السجن.‏ وفي تقرير القاضي المعني بوضعي تحت المراقبة،‏ اوصى بقبول طلبي.‏ كتب:‏ «يمكن القول بشكل جازم ان مانينو اليوم،‏ بالمقارنة مع الشاب المتعطش للدم الذي كان ينفذ اوامر جوليانو،‏ هو انسان آخر؛‏ فقد تغير كليا.‏»‏

وفي النهاية طلبت سلطات السجن في پروتشيدا اصدار عفو عني.‏ وأخيرا مُنح العفو،‏ وفي ٢٨ كانون الاول ١٩٧٨ أُطلق سراحي من السجن.‏ ويا له من فرح ان اعود حرًّا بعد اكثر من ٢٨ سنة في السجن!‏

الرجاء الوحيد بالعدل

عندما كنت خاطفا تحت امرة سلڤاتوري جوليانو،‏ حاربت من اجل ما اعتقدت انه سيجلب الحرية الحقيقية لعائلتي وأبناء جزيرتي.‏ ولكني تعلمت من الكتاب المقدس ان البشر،‏ مهما كانت نيتهم صادقة،‏ لا يمكنهم إحلال العدل الذي تقت اليه في شبابي.‏ وأحمد اللّٰه لأن معرفة الكتاب المقدس ساعدتني ان ارى ان ملكوت اللّٰه بين يدي ابنه يسوع المسيح وحده قادر على تزويد الراحة من الظلم التي نتوق اليها بشدة.‏ —‏ اشعياء ٩:‏٦،‏ ٧؛‏ دانيال ٢:‏٤٤؛‏ متى ٦:‏٩،‏ ١٠؛‏ رؤيا ٢١:‏٣،‏ ٤‏.‏

علّقت صحف كثيرة على التغيير في شخصيتي الذي يعود الفضل فيه الى معرفة الكتاب المقدس.‏ مثلا،‏ اقتبست پاييزي سيرا (‏بالايطالية)‏ من آمر سجن پروتشيدا قوله:‏ «لو كان كل السجناء كفرانك،‏ لاختفت السجون؛‏ فلم يكن في سلوكه شيء يُعاب،‏ ولم يتشاجر قط مع احد،‏ حتى انه لم يوجَّه اليه ايّ توبيخ.‏» وقالت صحيفة اخرى تدعى أَڤينيري (‏بالايطالية)‏:‏ «انه سجين مثالي،‏ سجين غير عادي.‏ لقد تخطى تأهيله كل التوقعات.‏ انه يحترم الانظمة ومأموري السجن ولديه اهتمام رائع بالامور الروحية.‏»‏

حياة مبهجة

اخدم منذ سنة ١٩٨٤ في احدى جماعات شهود يهوه كشيخ وفاتح،‏ كما يدعى الخدام الدينيون كامل الوقت.‏ وفي سنة ١٩٩٠ اتصل بي حارس في احد السجون كنت قد قدمت له معرفة الكتاب المقدس قبل ١٥ سنة وقال لي انه صار هو وعائلته من شهود يهوه.‏

ولكن اسعد اختبار لي حدث في شهر تموز من سنة ١٩٩٥.‏ ففي تلك السنة فرحت كثيرا بحضور معمودية زوجتي العزيزة ڤيتا.‏ فبعد سنين طويلة جدا تبنَّت هي ايضا تعاليم الكتاب المقدس.‏ فعسى ان يَقبل ابنائي الثلاثة يوما ما،‏ الذين لا يشاركونني حتى الآن في ايماني،‏ ما تعلّمتُه من كلمة اللّٰه.‏

ان اختباراتي بشأن مساعدة الآخرين على تعلّم حقائق الكتاب المقدس تمنحني سرورا لا يضاهى.‏ فكم هو مبهج ان يقتني المرء المعرفة التي تؤدي الى الحياة الابدية وأن يتمكن من إخبار المستقيمي القلوب بها!‏ —‏ يوحنا ١٧:‏٣‏.‏ ‏—‏ كما رواه فرانك مانينو.‏

‏[الحاشية]‏

a اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

‏[الصورة في الصفحة ١٨]‏

الممر الجبلي في صقلية حيث حدثت المذبحة

‏[الصورة في الصفحة ١٩]‏

عندما تزوجنا في سنة ١٩٤٢

‏[الصورة في الصفحة ٢١]‏

غالبا ما كنت اخبر حراس السجن بحقائق الكتاب المقدس

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

مع زوجتي

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة