مأساة موت الاحداث
«يخالجني الشعور بأن جيلنا يلفظ انفاسه الاخيرة». — جوهانا پ.، ١٨ سنة، فتاة جامعية في سنتها الاولى، كونكتيكت، الولايات المتحدة الاميركية.
كان مشهد مروِّع بانتظار رجال الشرطة في مزرعة تقع في ضواحي هوبارت، عاصمة تسمانيا، الولاية الجزيرة لأوستراليا. فداخل المنزل وُجدت اربع فتيات تتراوح اعمارهن بين ١٠ و ١٨ سنة. وكنَّ كلهن ميِّتات، اذ قتلهن والدهن الذي كان ملقى الى جانبهن وفي رأسه جرح مميت على اثر طلقة بندقية. وكان قد قطع يده اليمنى بالفأس. هزّ هذا الحادث الذي جمع بين الجريمة والانتحار جميع سكان تسمانيا. وترك سؤالا محيّرا في اذهان الناس — لماذا؟ لماذا كان يجب ان تموت تلك الفتيات الاربع البريئات؟
ولا تزال بلجيكا مضطربة بسبب اعتداء جنسي على ست فتيات وقتل اربع منهن قام به مغتصب كان قد خرج من السجن بكفالة. ويراود الاذهان السؤال نفسه — لماذا كان يجب ان تموت الفتيات؟ وفي الارجنتين تعتقد بعض الامهات ان ٠٠٠,٣٠ شخص، كثيرون منهم من ابنائهن وبناتهن، فُقِدوا في ما يُعرف اليوم بالحرب القذرة.a وبعض هؤلاء عُذِّبوا، خُدِّروا، ثم أُلقوا من الطائرة الى البحر وغرقوا. وكثيرون منهم جرى رميهم وهم بعد احياء. فلماذا كان يجب ان يموتوا؟ لا تزال امهاتهم بانتظار الجواب.
والكونڠرس العالمي للامهات اعلن في سنة ١٩٩٥ ان الحرب عبثية وأن الكونڠرس هو «قبل كل شيء صرخة عظيمة، صرخة انذار تطلقها كل النساء اللواتي يجاهدن لحماية اولادهن، كبارا وصغارا، من الشرور التي تجلبها الحرب والاستعدادات لها». ومن السخرية ان عدد الاحداث الذين يموتون في النزاعات الدموية منذ انعقد ذلك الكونڠرس يستمر في التصاعد عالميا — جيل يختفي وتختفي معه امكانية ولادة مواهب وقدرات جديدة متنوعة.
تاريخ طويل من ميتات الاحداث
ان صفحات التاريخ مضرَّجة بدماء الاحداث. وحتى في قرننا العشرين الذي دُعي منوَّرا، استهدفت المذابح في النزاعات العرقية والقبلية الاحداث بشكل رئيسي. فيبدو ان عليهم دفع حياتهم ثمنا لأخطاء وطموحات الكبار.
وفي بلد افريقي، ثمة فرقة من الجنود المراهقين الدينيين تدعو نفسها «جيش الرب للمقاومة» شُرِّبت الفكرة ان الرصاص لا يخترق جنودها، كما تخبر مجلة ذا نيو ريپبليك (بالانكليزية). فلا عجب ان تحمل المقالة عنوان «ارض المراهقة القاحلة»! ولذلك من حق العائلات التي حرمها الموت ابناء وبناتا — تبين ان الرصاص يخترقهم — ان تسأل: لماذا كان يجب ان يموت احداثنا؟ وإلام كان يرمي كل ذلك؟
وتُضاف الى كل هذا البؤس والعذاب ضريبة الانتحار التي يدفعها الاحداث.
[الحاشية]
a نشب ما يُدعى بالحرب القذرة، خلال حكم مجلس عسكري (١٩٧٦-١٩٨٣) جرى فيه قتل آلاف من الناس اشتُبه في انهم من المخرِّبين. وذكرت تقديرات اخرى ان عدد الضحايا يتراوح بين ٠٠٠,١٠ و ٠٠٠,١٥.