الفصل الثامن
«ماذا يطلب منك يهوه؟»
١، ٢ لماذا تتشجع حين تعرف كيف تصرف يهوه حيال انحطاط المقاييس الادبية بين شعبه قديما؟
تسمع الفتاة قرْعا قويا على الباب، فيستولي عليها الذعر. فهي تخشى ان يكون التاجر الفاسد الذي استدانت عائلتها المال منه قد اتى للمطالبة بسداد الدَّين. وهذا التاجر يحتال على اشخاص كثيرين لأنه يستعمل موازين غش ويفرض فوائد غير شرعية. ولينجو بفعلته هذه، يعمد الى إعطاء الرشوة لقادة المدينة لكي يسدّوا آذانهم عن سماع صراخ الضحايا. كما ان والد الفتاة هجر عائلته ليتزوج بامرأة اصغر سنّا. وقد تُباع هي ووالدتها للعبودية. امام هذا الوضع، تشعر الفتاة المسكينة ان لا حول لها ولا قوة.
٢ يجمع هذا المشهد المركّب بين عدة ممارسات شجبها الانبياء الاثنا عشر. (عاموس ٥:١٢؛ ٨:٤-٦؛ ميخا ٦:١٠-١٢؛ صفنيا ٣:٣؛ ملاخي ٢:١٣-١٦؛ ٣:٥) فماذا تفعل لو كنت عائشا آنذاك؟ مهما بدت الظروف الموصوفة آنفا حالكة، فأنت تتشجع بالاوجه الايجابية لتعاملات يهوه مع شعبه في ايام هؤلاء الانبياء. ففي الاسفار الاثني عشر، ترى ان اللّٰه يشدِّد على صفات ومواقف نبيلة. وهذا التشجيع يقوّيك على الالتصاق بالمقاييس الادبية ويدفعك الى فعل الصلاح وتسبيح يهوه. وبما ان يوم دينونة يهوه يدنو بسرعة، فإن الانتباه للرسالة المشجِّعة في هذه الاسفار يمكن ان يمنحك فهما عميقا لما يطلبه منك اللّٰه. فلنبدأ بمناقشة الحوادث في ايام ميخا الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد.
يهوه يرى الفساد والظلم
ماذا يطلب منك يهوه؟
٣، ٤ (أ) اية مناشدة رائعة يتضمنها سفر ميخا؟ (ب) كيف يؤثر فيك شخصيا السؤال المطروح في ميخا ٦:٨؟
٣ عندما تقرأ سفر ميخا، قد تشعر للوهلة الاولى انه لائحة طويلة من الاتّهامات الموجّهة الى الاسرائيليين العصاة. بالفعل، كان يهوه مدركا تماما لانحطاط الآداب المتفشي بين شعبه المنتذر، الذين وُصفوا بأنهم ‹يبغضون الصلاح ويحبون الشر›. (ميخا ٣:٢؛ ٦:١٢) ولكن إضافة الى الشجب، يحتوي هذا السفر على احدى اروع نصائح الكتاب المقدس التي تحثّ على العمل. فميخا يركِّز على مصدر المقاييس البارة ويطرح هذا السؤال الذي يحضّ على التفكير: «ماذا يطلب منك يهوه إلا ان تمارس العدل وتحب اللطف وتسلك محتشما مع إلهك؟». — ميخا ٦:٨.
٤ فهل بمقدورك ان تستشفّ من هذه الكلمات المناشدة التي يوجِّهها خالقنا؟ تذكِّرنا هذه الكلمات بمحبة بالمواقف الايجابية التي يمكننا تبنّيها بدلا من السماح للشرّ المستفحل بأن يجعلنا نحيد عمّا هو صائب. ويعرف يهوه اننا نحن البشر الاولياء نرغب في الاقتداء بصفاته، وهو يثق بنا. فكيف تجيب اذا سُئلت: ‹ماذا يطلب منك يهوه›؟ هل بإمكانك ان تحدِّد مجالات في حياتك تؤثر فيها، او يجب ان تؤثر فيها، مقاييس اللّٰه الادبية؟ ان علاقتك باللّٰه ونوعية حياتك ستتحسنان كثيرا اذا استمررت في اتِّباع هذه المقاييس. وإذ يكمن الفردوس العالمي امامك، تشجَّع بهذا الحض: «ازرعوا لأنفسكم بالبر، واحصدوا باللطف الحبي. افلحوا لأنفسكم أرضا صالحة للزراعة، ما دام يوجد وقت لتطلبوا يهوه إلى أن يأتي ويعلِّمكم بالبر». (هوشع ١٠:١٢) فلنناقش الآن بعض النقاط الرئيسية في النصيحة السديدة الموجودة في ميخا ٦:٨.
‹اسلك محتشما›
٥ لماذا من المهم ان نكون «محتشمين» في السلوك مع اللّٰه؟
٥ من الجدير بالملاحظة ان ميخا قال ان يهوه يطلب منا ‹ان نسلك محتشمين معه›. والاحتشام مفيد لنا لأن ‹الحكمة مع المحتشمين›. (امثال ١١:٢) ويعني الاحتشام ان ندرك الحدود التي تفرضها علينا خطية آدم. فاعترافنا بأننا وُلدنا في الخطية هو من اول الخطوات المهمة التي نخطوها في جهادنا لتجنُّب اية خطية عمدية. — روما ٧:٢٤، ٢٥.
٦ كيف يمكننا ان نستفيد اذا كنا محتشمين وأدركنا عواقب الخطية؟
٦ ولماذا الاحتشام، المقترن باتّضاع العقل، مهمّ جدًّا لتجنُّب الخطية العمدية؟ ان الشخص المحتشم يدرك مدى تأثير الخطية. (مزمور ٥١:٣) وهوشع يساعدنا ان ندرك ان الخطية يمكن ان تكون مغرية وأنها تجلب دائما نتائج مدمِّرة في النهاية. مثلا، وعد يهوه ان ‹يحاسب› شعبه القديم على عصيانهم. وهذا لا يوحي البتة ان اولئك الخطاة غير المحتشمين سيفلتون من عواقب افعالهم كلها، رغم انهم ربما كانوا يأملون ذلك. فالخطية غالبا ما تخدع الخاطئ وتستعبده. والاهم هو انها تفصل الخطاة عن اللّٰه، ربما جاعلة اياهم يبلغون هذا الوضع المزري: «أعمالهم لا تدعهم يرجعون إلى إلههم». فالخطية العمدية تنتج انحطاطا تدريجيا في آداب الخاطئ، محوِّلة اياه الى ‹فاعل سوء›. كما انها تجعل حياته عقيمة. ورغم انه قد يبدو ناجحا فترة من الوقت، إلا ان هذا الخاطئ غير التائب لن ينال رضى اللّٰه. — هوشع ١:٤؛ ٤:١١-١٣؛ ٥:٤؛ ٦:٨.
٧ كيف يتجاوب الاشخاص المحتشمون مع إرشاد يهوه؟
٧ والاشخاص المحتشمون يعترفون ايضا بأنهم يحتاجون الى ارشاد اللّٰه لتجنُّب العواقب الوخيمة للخطية. فقد تنبأ ميخا عن وقت (اي عن ايامنا) حين ستسعى حشود بتوق ان ‹تتعلم عن طرق يهوه وأن تسلك في سبله›. وهؤلاء الحلماء يطلبون ‹شريعة وكلمة يهوه›. ولا شك انك سعيد بأن تكون بين الذين يرغبون في ‹السير باسم يهوه›، وذلك بحفظ مطالبه. لكنك قد تكون ايضا كميخا مهتما بأن تبقى «طاهرا» ادبيا بطرائق اخرى. (ميخا ٤:١-٥؛ ٦:١١) والسعي باحتشام الى فعل ما يطلبه منك يهوه سيساعدك كثيرا.
تبنَّ مقاييس ادبية سامية
٨ ماذا تلاحظ بخصوص الآداب في العالم اليوم؟
٨ بما ان يهوه مهتم بخيرنا الروحي والجسدي، فهو يطلب منا ان نكون طاهرين ادبيا رغم انحطاط الآداب المتفشي في العالم حولنا. (ملاخي ٢:١٥) فنحن نُمطَر بوابل من الايحاءات الجنسية. وكثيرون يشعرون ان مشاهدة الصور والافلام الاباحية، القراءة عن الممارسات الجنسية الفاسقة، والاصغاء الى كلمات الاغاني الفاحشة هي امور طبيعية في حياتنا. إضافة الى ذلك، هنالك رجال لا يُظهِرون الاحترام للنساء، معتبرينهن مجرد اهداف جنسية. او قد «يطعِّم» الاحداث في المدرسة حديثهم بالنكات البذيئة والتلميحات الجنسية. فكيف يمكنك ان تقاوم تأثيرات مُفسِدة كهذه؟
٩ كيف اخفق كثيرون في تأييد مقاييس يهوه في ايام الانبياء الاثني عشر؟
٩ ان الانبياء الاثني عشر الذين نحن بصدد التأمل في كتاباتهم يقدِّمون لنا نصحا قيِّما. ورغم انهم عاشوا قبل إنشاء دُور السينما ومحلات الفيديو بزمن طويل، فقد شاع في ايامهم استعمال رموز القضيب الذكري، البغاء المقدس، وممارسات الاختلاط الجنسي الفاضحة. (١ ملوك ١٤:٢٤؛ اشعيا ٥٧:٣، ٤؛ حبقوق ٢:١٥) وهذا ما تدلّ عليه الكلمات التي كتبها هؤلاء الانبياء. قال احدهم: «الرجال انفردوا بالعاهرات وذبحوا مع بغايا الهياكل». وقال نبي آخر: «يذهب رجل وأبوه الى فتاة واحدة ليدنِّسا اسمي القدوس». والبعض كانوا يعطون دائما ‹اجرة للبغي› عند ممارسة شعائر الخصب.a كما تفشى الزنى، اذ كان رفقاء الزواج الخائنون ‹يذهبون وراء عشاقهم›. — هوشع ٢:١٣؛ ٤:٢، ١٣، ١٤؛ عاموس ٢:٧؛ ميخا ١:٧.
١٠ (أ) ما هو السبب الرئيسي الذي يكمن وراء السلوك الفاسد ادبيا؟ (ب) كيف كان شعب اللّٰه قديما مذنبين بالعهارة الروحية؟
١٠ انت تدرك على الارجح ان الفساد الادبي الجنسي ينتج عن موقف الشخص ودوافعه. (مرقس ٧:٢٠-٢٢) فقد قال يهوه عن شعبه الفاسد ادبيا انهم «يمارسون الفجور» وإن «روح العهارة اضلّهم»، او حسبما تنقلها الترجمة الانكليزية المعاصرة: «الشهوة العارمة الى الجنس اضلّتهم». (هوشع ٤:١٢؛ ٦:٩)b وأتى زكريا على ذكر «روح النجاسة». (زكريا ١٣:٢) فمسلك الشعب كان ينمّ عن موقف وقح، اي تجاهل او حتى احتقار لمقاييس يهوه وسلطته. لذلك، لكي يقوِّم المرء دوافعه، عليه ان يجري تغييرا جذريا في طريقة تفكيره وحالة قلبه. وإدراك ما يتطلبه هذا التغيير ينبغي ان ينمّي لدى المسيحيين امتنانا اكبر للمساعدة التي ينالونها بغية تجنُّب الفساد الادبي وعواقبه المأساوية.
حافِظ على الطهارة
١١ ما هي بعض عواقب الفساد الادبي الجنسي؟
١١ ربما تعرف ان الانحلال الخلقي غالبا ما يؤدي الى تفكّك العائلات، حرمان الاولاد من الارشاد الابوي، الاصابة بأمراض كريهة، والاجهاض الذي هو انهاء لحياة الجنين. فالذين يتجاهلون مطالب الخالق في المسائل الجنسية يلمّ بهم في معظم الاحيان الاذى الجسدي والعاطفي. كتب ميخا: ‹من أجل نجاسة [الشخص] يهلك، ويكون الهلاك مكدِّرا›. (ميخا ٢:١٠) ومعرفة ذلك تقوّي عزم الاشخاص الاتقياء، فيتجنبون تدنيس قلوبهم وعقولهم بالتأمل في أفكار نجسة. — متى ١٢:٣٤؛ ١٥:١٨.
١٢ كيف نستفيد من تبني نظرة يهوه الى الجنس؟
١٢ لكنَّ المسيحيين لا يمتنعون عن الفساد الادبي فقط لأنهم يخشون الاصابة بالمرض او الحبل بولد غير شرعي. فهم يدركون اهمية تنمية المحبة لشريعة اللّٰه وتبني نظرته الى الآداب الجنسية. فيهوه قد وضع في البشر رغبة فطرية في ممارسة العلاقات الجنسية كوسيلة للاعراب عن المحبة بين الزوجين. وكان هذا جزءا من قصده عندما خلق آدم وحواء. فالعلاقات الجنسية تجلب البركات إذا ما أُبقيت ضمن إطارها الصحيح — الزواج. فهي توحّد الزوج والزوجة وتؤدي احيانا الى إنجاب الاولاد. اما عندما يُمارَس الجنس خارج نطاق الزواج فيكون له اثر مدمِّر جدا، كما يشهد على ذلك الانبياء الاثنا عشر. فالفساد الادبي الجنسي جعل الاسرائيليين يدفعون ثمنا باهظا: خسارة رضى اللّٰه. واليوم ايضا، يدفع كل مَن يمارس الفساد الادبي الثمن الباهظ نفسه.
١٣ كيف يمكننا ان ‹ننزع العهارة› ونتجنب الاغراءات؟
١٣ التمس هوشع من معاصريه ان يزيلوا او ‹ينزعوا عهارتهم من امامهم›، مما تطلب منهم ان يتّخذوا إجراء محدّدا لصون آدابهم. (هوشع ٢:٢) اما في حالتنا نحن اليوم، فمن الحكمة ان نتجنب ايّ وضع قد يغرينا بارتكاب الخطإ. مثلا، قد تواجه تجربة متكررة في المدرسة او منطقة سكنك. ورغم انك قد لا تتمكن من تغيير مدرستك او مكان اقامتك، هنالك طرائق اخرى لتجنُّب الاوضاع التي تغريك بارتكاب الخطإ. وهكذا ‹تنزع العهارة من امامك›. مثلا، بإمكانك ان تعلن للآخرين انك مسيحي حقيقي، واحد من شهود يهوه. وبإمكانك ان تشرح لهم بوضوح واحترام قيمك ومعتقداتك. كما يلزم ان تحرص على إعلام الآخرين بأنك مصمِّم على الالتصاق بمقاييس يهوه الرفيعة. (عاموس ٥:١٥) والوسيلة الاخرى ‹لنزع العهارة› هي تجنُّب الفن الاباحي والتسلية المشكوك فيها. وقد يتطلب ذلك التخلص من مجلة او البحث عن عشراء جدد، اشخاص يحبون يهوه ويوافقون انه ينبغي ان تفعل ما يطلبه منك. (ميخا ٧:٥) نعم، بمساعدة يهوه، يمكنك ان تتجنب التلوث بالفساد الادبي في العالم.
إعلان معتقداتك المسيحية بوضوح هو حماية لك
‹أحبِب اللطف›
١٤، ١٥ (أ) ماذا تعني ‹محبة اللطف›؟ (ب) كيف تساعدنا محبة اللطف لنكون بلا لوم؟
١٤ شدَّد ميخا ان يهوه يطلب منا ان ‹نحبّ اللطف›. واللطف يشمل القيام بأمور صالحة للآخرين بدل إلحاق الاذى بهم. وهو مزية ادبية ويرتبط ارتباطا وثيقا بالصلاح. وامتلاك اللطف يتطلب منا ان نكون مستقيمين وعادلين في شؤوننا الشخصية وفي تعاملاتنا مع الآخرين. وفي الفصل السادس من هذا الكتاب، تحدثنا عن مجالات مهمة في حياتنا، مثل العمل والتعاملات التجارية، حيث يلعب العدل والاستقامة دورا حيويا. لكنَّ هذين المجالين ليسا الوحيدين اللذين ينبغي ان نعرب فيهما عن العدل والاستقامة واللطف.
١٥ فالذين يحبون اللطف ويريدون ان يفعلوا الصلاح للآخرين يسعون ان يكونوا بلا لوم. قال يهوه للاسرائيليين الذين لم يوفوا بالتزاماتهم المادية المتعلقة بالعبادة النقية: «أنتم تسلبونني». (ملاخي ٣:٨) فهل يمكنك تمييز بعض الطرائق التي يمكن ان ‹يسلب› بها المرء اللّٰه اليوم؟ ما القول في مسيحي بإمكانه التصرف بالتبرعات المقدّمة لترويج مصالح الملكوت في جماعته او في مكان آخر؟ فلمَن هي هذه التبرعات؟ ان اموالا كهذه هي في النهاية مُلك ليهوه، لأنها تُقدَّم لدعم عبادته. (٢ كورنثوس ٩:٧) فهل لأحد الحق في التفكير ان بإمكانه «استعارة» هذه الاموال المتبرَّع بها لسدّ نفقات حالة طارئة شخصية او استعمالها لأمر آخر دون تفويض؟ كلا بالتأكيد! فهذا الامر هو بمثابة سرقة اللّٰه. ولا شك ان تصرّفا كهذا لا ينمّ عن اللطف او العدل تجاه الذين تبرعوا بالمال من اجل تقدّم عمل اللّٰه. — امثال ٦:٣٠، ٣١؛ زكريا ٥:٣.
١٦، ١٧ (أ) كيف اعرب البعض في ايام عاموس وميخا عن جشعهم؟ (ب) ما هي نظرة اللّٰه الى الطمع؟
١٦ علاوة على ذلك، يدفع اللطف والصلاح المسيحيين الى تجنُّب الطمع. ففي زمن عاموس، كان الجشع الشديد مستشريا. فالاستغلاليون النهمون وصلوا الى حدّ ‹بيع الابرار› — رفقائهم العبّاد — من اجل الحصول على «الفضة». (عاموس ٢:٦) وكان الوضع مشابها في ايام ميخا. فأثرياء يهوذا وضعوا يدهم على املاك الذين هم اضعف من ان يدافعوا عن انفسهم، مستولين عليها بالقوة اذا لزم الامر. (ميخا ٢:٢؛ ٣:١٠) واغتصاب هؤلاء الاشخاص الجشعين لأراضي رفقائهم كان انتهاكا لشريعة يهوه، بما فيها الوصية الاخيرة من الكلمات العشر والفرائض التي تحرِّم بيع الارض التي ورثها المرء عن آبائه بيعا دائما. — خروج ٢٠:١٣، ١٥، ١٧؛ لاويين ٢٥:٢٣-٢٨.
١٧ ربما ليس شائعا في ايامنا ان يُباع البشر او يُستعبَدوا كما جرت العادة في ايام الانبياء. ولكن ما القول في استغلال الآخرين ماديا؟ لا شك ان المسيحي الذي يحبّ اللطف لن يستغل رفقاءه العبّاد. مثلا، يدرك المسيحي ان الابتداء بمشروع تجاري او الترويج لاستثمار يستهدف الرفقاء المؤمنين كزبائن رئيسيين ليس بالامر الصائب او اللطيف. فالتخطيط لجني ارباح سريعة عن طريق استغلال الرفقاء المسيحيين هو دليل على الجشع، الذي يُحذَّر منه المسيحيون. (افسس ٥:٣؛ كولوسي ٣:٥؛ يعقوب ٤:١-٥) وتتجلى هذه الصفة في محبة المال، التوق الى السلطة او الربح، حتى في الشره الى الطعام والشراب والجنس وأمور اخرى. وقد اظهر ميخا ان الاشخاص الجشعين الذين يهتمون بمصالحهم فقط ‹لا يشبعون›. ويصحّ هذا الامر في ايامنا ايضا. — ميخا ٦:١٤.
يهتم مسيحيون كثيرون بمحبة بحاجات الاجانب الروحية
١٨، ١٩ (أ) ماذا قال بعض الانبياء الاثني عشر عن اهتمام يهوه ‹بالغريب›؟ (ب) كيف يساهم الاهتمام الحبي بالذين يعيشون في منطقتك في تحسين علاقاتك معهم؟
١٨ كما اوصى يهوه شعبه ألا ‹يغبنوا غريبا›. وأعلن بفم ملاخي: ‹أقترب اليكم لأحاكم الذين يسلبون حق الغريب›. (زكريا ٧:١٠؛ ملاخي ٣:٥) فهل تشهد المنطقة التي تسكن فيها تغييرا بسبب تدفق المهاجرين او الآخرين الذين ينتمون الى قومية او عرق او خلفية اخرى؟ لربما انتقل هؤلاء بحثا عن الامن، الوظائف، او الظروف المعيشية الافضل. فما هي نظرتك الى الذين يتكلمون لغة مختلفة ولديهم نمط حياة مختلف؟ هل تشعر ان لديك ايّ ميل الى التحامل الذي يتعارض تماما مع اللطف؟
١٩ في هذه الحال، فكِّر في الانطباع الايجابي الذي ستتركه لدى الناس اذا اظهرت ان الذين يأتون من بلدان او خلفيات اخرى جديرون كغيرهم بسماع حق الكتاب المقدس. وسيمنعك اللطف ايضا من التفكير ان هؤلاء الوافدين الجدد هم اشخاص متطفلون لأنهم يستعملون امورا ليست من حقهم، مثل قاعة الملكوت او الموارد الاخرى. ففي القرن الاول، ذكَّر الرسول بولس بعض المسيحيين من اصل يهودي كانوا متحاملين على غير اليهود ان لا احد يستحق فعلا الخلاص؛ فنعمة اللّٰه وحدها هي ما يمكِّن ايًّا كان من نيل الخلاص. (روما ٣:٩-١٢، ٢٣، ٢٤) وإظهار اللطف للآخرين سيجعلنا نفرح لأن محبة اللّٰه تبلغ اليوم اشخاصا كثيرين لم تُتَح لهم سابقا فرصة سماع البشارة. (١ تيموثاوس ٢:٤) وغالبا ما يكون هؤلاء الاجانب الآتون من بلدان او خلفيات اخرى اشخاصا فقراء. لذلك يجب ان نُظهِر لهم الاهتمام واللطف، مرحبين بهم في وسطنا ومعاملين كلًّا منهم «كالوطني» بيننا. — لاويين ١٩:٣٤.
اسلك مع الاله الحق
٢٠ الى مَن لجأ بعض الاسرائيليين طلبا للارشاد؟
٢٠ شدَّد ميخا ايضا على السلوك مع اللّٰه الذي يتطلب منا ان نثق به بصفته الاله الحق ونطلب ارشاده. (امثال ٣:٥، ٦؛ هوشع ٧:١٠) فبعدما عاد اليهود من السبي، لجأ البعض الى العرّافين وقارئي البخت والآلهة الباطلة، ربما طلبا للمساعدة خلال احدى فترات القحط. ولكنهم كانوا في الواقع يناشدون القوى الروحية الشريرة لتساعدهم، رغم ان يهوه شجب بوضوح كل هذه الممارسات. (تثنية ١٨:٩-١٤؛ ميخا ٣:٦، ١١؛ ٥:١٢؛ حجاي ١:١٠، ١١؛ زكريا ١٠:١، ٢) فكان هؤلاء اليهود يتعاملون مع مخلوقات روحانية مقاوِمة للاله الحق.
٢١، ٢٢ (أ) اية ممارسات ارواحية هي شائعة في منطقتك؟ (ب) لماذا لا يعبث خدّام يهوه الحقيقيون بعلوم الغيب؟
٢١ يعتقد البعض اليوم ان الارواح الشريرة المذكورة في الاسفار المقدسة هي مجرد رمز الى مفهوم الشرّ. لكنَّ الكتاب المقدس يكشف ان الشياطين حقيقيون وهم وراء ممارسات كالتنجيم، الشعوذة، وبعض انواع السحر. (اعمال ١٦:١٦-١٨؛ ٢ بطرس ٢:٤؛ يهوذا ٦) وتماما كما ان الشياطين حقيقيون، كذلك هي مخاطر الممارسات الارواحية. والناس في حضارات عديدة يلجأون الى المشعوذين او الشامانات، اي الاطباء الارواحيين الذين يدّعون امتلاك قدرات خارقة. ويطلب آخرون الارشاد بواسطة الابراج، ورق اللعب المستعمل للتنبؤ، قراءة الفنجان او الكف او الوجه. كما انه من الشائع جدا محاولة الاتصال بأرواح الموتى. حتى ان بعض السياسيين، كما يُقال، يلجأون الى التنجيم والوسطاء الارواحيين لمساعدتهم على اتِّخاذ القرارات. ومن الواضح ان كل هذه الممارسات تتعارض تماما مع نصيحة ميخا ان نسلك مع الاله الحق ونتبع إرشاده.
٢٢ بما انك من خدام يهوه الحقيقيين، فعليك ان تتجنب هذه الممارسات. فلا تظنَّ البتة ان اللّٰه يستخدم السحر او علوم الغيب ليكشف مشيئته او ليُظهِر نفوذه. بدلا من ذلك، انه «يكشف سرّه لخدّامه الانبياء»، كما تؤكد عاموس ٣:٧. علاوة على ذلك، يؤدي العبث بعلوم الغيب الى صيرورة المرء تحت تأثير ونفوذ الشيطان، رئيس الابالسة، الذي هو كاذب ويهدف الى خداع الناس. كما انه هو وأتباعه كانوا على مرّ التاريخ عنفاء، وهم عاقدو العزم على إلحاق الضرر بالناس، وحتى قتلهم. (ايوب ١:٧-١٩؛ ٢:٧؛ مرقس ٥:٥) لذلك يمكننا ان نفهم لماذا شجب ميخا العرافة والشعوذة حين حثّنا على السلوك مع الاله الحق.
يجب ان يتجنب خدّام اللّٰه ممارسات علوم الغيب
٢٣ مَن هو الوحيد الذي بإمكانه استجابة طلباتنا اللائقة؟
٢٣ لا يمكننا نيل الارشاد الروحي الحقيقي إلا من يهوه وعبادته النقية. (يوحنا ٤:٢٤) فقد قال النبي زكريا: «اطلبوا من يهوه». (زكريا ١٠:١) وحتى لو تعرّضت لهجمات وتجارب من القوى الروحية الشريرة، فتذكَّر ان «كل مَن يدعو باسم يهوه ينجو». (يوئيل ٢:٣٢) وهذه الطمأنة مهمة فيما نبقي يومه العظيم قريبا في الذهن.
٢٤ اية دروس تعلّمتها من ميخا ٦:٨؟
٢٤ ان كلمات ميخا ٦:٨ تزوِّدنا بأفكار كثيرة للتأمل فيها. فلكي نحافظ على مقاييس ادبية رفيعة، يجب ان نمتلك دوافع لائقة وصفات ترضي اللّٰه. وهوشع زوَّدنا نحن العائشين «في آخر الايام» بالتشجيع. فقد قال انه في ايامنا، سيطلب الاشخاص الاتقياء صلاح يهوه. (هوشع ٣:٥) كما اكّد لنا عاموس دعوة اللّٰه: «اطلبوا الخير . . . لكي تحيوا». وحثّنا ايضا: «احبوا الخير». (عاموس ٥:١٤، ١٥) وفعْلنا ما يطلبه يهوه منا سيجلب لنا الانتعاش.
a يقول مترجم الكتاب المقدس جوزيف رذرهام عن الامم الكنعانية التي حذا الاسرائيليون حذوها: «تميّزت عبادتها بالانغماس في الفسق وبالوحشية الفظيعة. فقد تخلّت النساء عن طهارتهن إكراما للآلهة. واستُعملَت الاماكن المقدسة كبيوت دعارة. وجرى تمثيل الاعضاء التناسلية على الملإ برموز مثيرة للاشمئزاز. كما كان للشعوب رجال ونساء يمارسون البغاء المقدّس (!)».
b كان شعب اللّٰه ايضا مذنبين بالعهارة الروحية. فقد سعوا الى إقامة علاقات محرّمة مع امم وثنية وخلطوا عبادة بعل بالعبادة الحقة.