مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٩١ ١/‏٩ ص ١٠-‏١٤
  • ‏‹الزرع بالدموع والحصاد بابتهاج›‏

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • ‏‹الزرع بالدموع والحصاد بابتهاج›‏
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩١
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • تعلُّم الحق
  • الاهتمام بالاخَوين المسجونَين
  • السَّجن ثانية
  • الاستجواب
  • تجديد المعاشرة مع الشهود
  • محاولة تدريب الطفل
  • العودة الى اليابان
  • تقديم ابنتي ليهوه
  • هل تقدِّرون حقا بركات يهوه؟‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٨
  • اخيرا التأم شمل العائلة!‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٦
  • يهوه يجتذب المتواضعين الى الحق
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٣
  • اكثر من ٥٠ سنة من ‹العبور›‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٦
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩١
ب٩١ ١/‏٩ ص ١٠-‏١٤

‏‹الزرع بالدموع والحصاد بابتهاج›‏

كما روتها مِييو إيدي

‏«انني اموت!‏ انني اموت!‏ ساعدوني!‏» كان ابي يقوم بجهود كبيرة لينادي بصوت عال.‏ ملأ صوته الهواء فيما اندفعت الى خارج المنزل.‏ كان منتصف الليل،‏ وكان ابي قد اصيب بنوبة قلبية.‏ فأسرعت الى نسيبي،‏ الذي كان يعيش في الجوار،‏ ولكن عندما عدنا لم يعد من الممكن الشعور بنبض ابي.‏

حدث ذلك في ١٤ كانون الاول ١٩١٨.‏ وبعمر الـ‍ ١٣،‏ تُركت دون والدَين.‏ فأمي ماتت عندما كنت في السابعة من العمر.‏ واذ خسرت والدَيّ كليهما باكرا جدا في حياتي،‏ بدأت اتساءل،‏ ‹لماذا يموت الناس؟‏ وماذا يحدث بعد الموت؟‏›‏

بعد ان تخرّجت من مدرسة للمعلمين،‏ اصبحت معلمة في طوكيو وعلّمت في مدرسة شينَڠاوا الابتدائية.‏ وفي ما بعد،‏ قدّمني احد المعارف لشاب،‏ موتوهيرو،‏ تزوجت به في الـ‍ ٢٢ من العمر.‏ وطوال السنوات الـ‍ ٦٤ الماضية،‏ تشاركنا في اختبارات الحياة الحلوة والمرّة.‏ وسرعان ما انتقلنا الى تايوان،‏ التي كانت آنذاك تحت الحكم الياباني.‏ في ذلك الوقت لم اعتقد انني سأجد سببا للابتهاج في تلك المنطقة.‏

تعلُّم الحق

في ربيع سنة ١٩٣٢،‏ عندما كنا نعيش في ضواحي تْشياي في وسط تايوان،‏ زارنا رجل يدعى سَبورو أوتْشياي.‏ وأشار الى ان نبوات الكتاب المقدس تشمل الوعد بقيامة للاموات.‏ (‏يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ ويا له من رجاء رائع!‏ فكثيرا ما كنت اريد ان ارى امي وابي ثانية.‏ وبحججه المنطقية،‏ وتوضيحاته المعقولة،‏ ودليله المتين من الكتاب المقدس،‏ كانت لكلماته رنّة الحق.‏ ومرّ الوقت سريعا فيما قضينا اليوم كله نناقش في الكتاب المقدس.‏ فأصبح الكتاب المقدس فجأة كتابا جذابا بالنسبة اليّ.‏

وسرعان ما غادر السيد أوتْشياي الى مكان آخر،‏ تاركا معنا كتبا مثل الخليقة،‏ قيثارة اللّٰه،‏ الحكومة،‏ النبوة،‏ النور،‏ والمصالحة،‏ وجميعها نشرتها جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.‏ فأصبحت منهمكة في قراءتها،‏ واذ فعلت ذلك،‏ شعرت بالدافع الى إخبار الآخرين بما كنت اقرأه.‏ واذا بدأ يسوع خدمته في بلدته الناصرة،‏ فلمَ لا ابدأ حيث اعيش انا؟‏ فزرت جارتي التي في المنزل المجاور.‏ ولم يعلّمني احد كيف اكرز،‏ لذلك ذهبت من بيت الى بيت مع كتابي المقدس والكتب التي كنت قد قرأتها،‏ كارزة بأفضل طريقة ممكنة لي.‏ وتجاوب الناس على نحو مؤاتٍ وقبلوا المجلات.‏ فطلبت من تودَيْشا،‏ كما كانت تدعى جمعية برج المراقبة في اليابان في ذلك الوقت،‏ ان ترسل اليّ ١٥٠ نسخة من الكراس بعنوان الملكوت،‏ رجاء العالم،‏ ووزّعتها.‏

ذات يوم اخبرني شخص قَبِل مطبوعات ان الشرطة اتت مباشرة بعد ان تركتُ وصادرت الكتب.‏ وسرعان ما اتى اربعة رجال مباحث الى منزلي بعد ذلك وصادروا كل كتبي ومجلاتي.‏ وتركوا الكتاب المقدس فقط.‏ وطوال خمس سنوات،‏ لم اقابل احدا من شعب يهوه،‏ لكنّ نار الحق بقيت تشتعل في قلبي.‏

ثم اتى كانون الاول ١٩٣٧!‏ وزارني اثنان من الموزعين الجائلين للمطبوعات من اليابان.‏ واذ دُهشت،‏ سألت:‏ «كيف وجدتمانا؟‏» فقالا:‏ «لدينا اسمكما هنا.‏» لقد تذكّرَنا يهوه!‏ والشاهدان،‏ يوريتشي أوي ويوشيوتشي كوسَكا،‏ ركبا دراجتين قديمتين حوالي ١٥٠ ميلا،‏ من تايپيه الى تْشياي،‏ وامتعتهما مكدَّسة عاليا على الظهر.‏ وفيما تكلما معنا،‏ شعرت كالخصي الحبشي الذي قال:‏ «ماذا يمنع ان اعتمد؟‏» (‏اعمال ٨:‏٣٦‏)‏ وفي الليلة التي وصلا فيها،‏ اعتمدنا كلانا زوجي وأنا.‏

الاهتمام بالاخَوين المسجونَين

في سنة ١٩٣٩ اتت الاعتقالات لشهود يهوه على نحو غير متوقع وسريعا في كل مكان من اليابان.‏ وسرعان ما وصلت موجة الاضطهاد الى تايوان.‏ وفي نيسان اعتُقل الاخَوان أوي وكوسَكا كلاهما.‏ وبعد شهرين اعتُقلنا نحن ايضا.‏ ولأنني معلِّمة،‏ أُطلق سراحي في اليوم التالي،‏ لكنّ زوجي أُبقي في السجن اربعة اشهر.‏ وبعد ان أُطلق سراح زوجي،‏ انتقلنا الى تايپيه.‏ واذ كنا الآن اقرب الى السجن حيث أُبقي الاخَوان،‏ تبرهن ذلك انه ترتيب جيد.‏

كان سجن تايپيه سجنا ذا امن مشدَّد.‏ واذ اخذت لباسا وطعاما،‏ ذهبت لأرى الاخَوين.‏ اولا،‏ ظهر الاخ كوسَكا مع حارس ورجل مباحث خلف نافذة مربّعة ذات شبكة مثبَّتة من الاسلاك من ١٢ إنشا (‏٣٠ سم)‏.‏ وكان شاحبا وشفتاه حمراوان كالفريز الطازج.‏ فقد أُصيب بالسلّ.‏

ثم خرج الاخ أوي بابتسامة على وجهه مردّدا بسعادة:‏ «جيد انكِ استطعتِ المجيء.‏» واذ كان وجهه اصفر ومتورما،‏ سألته عن صحته.‏ «انني في صحة جيدة تماما!‏» اجاب.‏ «انه مكان جيد جدا.‏ فلا يوجد بقّ الفراش او القمل.‏ حتى انه يمكنني ان آكل رؤوس الحنطة السوداء.‏ انه كالڤيلا،‏» قال.‏ فلم يستطع الشرطي والحارس ان يحبسا ضحكهما وقالا:‏ «آه،‏ لا يمكننا ان نهزم هذا الرجل أوي.‏»‏

السَّجن ثانية

نحو منتصف الليل في ٣٠ تشرين الثاني ١٩٤١،‏ بعد ايام قليلة من عودتي الى البيت من زيارة الاخَوين،‏ كان هنالك قرع شديد للباب.‏ ورأيت خيالات قبعات تشبه الجبال من خلال الباب الزجاجي المنزلق.‏ وعددت ثمانية منهم.‏ لقد كانوا رجال شرطة.‏ فاقتحموا منزلنا وقلبوا كل شيء في البيت.‏ لكنّ كل ذلك كان عبثا.‏ وبعد ساعة من التفتيش الدقيق للمكان،‏ صادروا بعض ألبومات الصور وأمرونا بأن نذهب معهم.‏ فتذكرت ان يسوع أُلقي القبض عليه في منتصف الليل.‏ (‏متى ٢٦:‏٣١؛‏ يوحنا ١٨:‏٣-‏١٢‏)‏ وفكرة ان ثمانية رجال يثورون علينا بسبب امر تافه اضحكتني.‏

أُخذنا الى مبنى غير مألوف كان كبيرا ومظلما.‏ واكتشفنا في ما بعد انه كان سجن تايپيه هيتشيزي.‏ وأُجلسنا امام مكتب كبير،‏ وبدأ الاستجواب.‏ وسألوا مرارا وتكرارا:‏ «مَن تعرفون؟‏» فأجاب كل واحد منا:‏ «لا اعرف احدا.‏» فكيف كان بامكاننا ان نعرف الاخوة في البر الرئيسي من اليابان؟‏ فقد كنا نعرف الاخَوين أوي وكوسَكا فقط ولم نبحْ بأية اسماء اخرى يمكن ان نكون قد سمعناها بطريقة غير مباشرة.‏

وسرعان ما صارت الساعة الخامسة صباحا،‏ فأخذني اثنان من رجال المباحث الى زنزانتي.‏ ومضى بعض الوقت قبل ان اتمكن من الاعتياد على المحيط الجديد.‏ وللمرة الاولى في حياتي واجهت بق الفراش.‏ وهذه الحشرات الصغيرة،‏ المصمِّمة على الاحتفال بالوافدين الجدد،‏ ضايقتني بقساوة،‏ تاركة المرأتين الاخريين في الزنزانة وشأنهما —‏ على الرغم من انني كنت اسحق تلك التي كانت تتجه نحوي.‏ وأخيرا استسلمت وسمحت لها بالتغذّي بدمي.‏

كان طعامنا كوبا من الأَرُزّ المطبوخ جزئيا،‏ لكنّ فمي استمر في اعتباره أَرُزّا نيئا.‏ وكانت ترافق الأَرُزّ كمية ضئيلة من اوراق الدَيكون (‏الفجل الياباني)‏ المملَّحة مع آثار رمل لا تزال عليها.‏ وفي البداية،‏ لأن رائحة الطعام كانت كريهة وكان الطعام قذرا،‏ لم استطع تحمُّله،‏ فكان النزلاء الآخرون يأتون ويأكلونه.‏ وطبعا،‏ تكيَّفت تدريجيا لكي ابقى على قيد الحياة.‏

والحياة في السجن كانت مريعة.‏ ففي احدى المناسبات سمعت رجلا،‏ جرى اتهامه بأنه جاسوس،‏ يصرخ يوما بعد يوم من التعذيب.‏ ورأيت ايضا شخصا في الزنزانة المجاورة يموت من الالم المبرِّح.‏ ومع كل هذا الذي يحصل امام عينيّ،‏ شعرت بشدة ان هذا النظام القديم يجب ان ينتهي،‏ وصار رجائي بمواعيد اللّٰه اقوى من اي وقت مضى.‏

الاستجواب

حُجزت في السجن حوالي سنة وأُخضعت للاستجواب خمس مرات.‏ وذات يوم اتى المدّعي العام للمرة الاولى،‏ وجرى اقتيادي الى غرفة استجواب صغيرة جدا.‏ والشيء الاول الذي قاله كان:‏ «مَن هو الاعظم،‏ أمَتِرَسو أوميكَمي [الاهة الشمس] ام يهوه؟‏ اخبريني!‏» ففكرت للحظة كيف اجيب.‏

‏«اخبريني مَن هو الاعظم،‏ والا فسأضربك!‏» نظر اليَّ بغضب.‏

فأجبت بهدوء:‏ «في بداية الكتاب المقدس،‏ مكتوب،‏ ‹في البدء خلق اللّٰه السموات والارض.‏›» وشعرت بأنه لا تلزم اضافة اي شيء.‏ فحدّق في وجهي دون كلمة ثم غيَّر الموضوع.‏

ولكن،‏ لأي سبب جرى ابقائي في السجن؟‏ ذكر سجلّ التحقيق:‏ «يُخشى ان تضلل الشعب بكلامها واعمالها.‏» لهذا السبب جرى احتجازي دون محاكمة.‏

كان يهوه دائما بقربي فيما كنت اختبر كل ذلك.‏ وبلطف يهوه،‏ جرى تزويدي بالاسفار اليونانية المسيحية بحجم الجيب.‏ وقد رماها احد رجال المباحث الى زنزانتي ذات يوم،‏ قائلا:‏ «سأدعك تحصلين على هذا.‏» كنت اقرأها كل يوم الى درجة استظهار ما كنت اقرأه.‏ والامثلة الجريئة لمسيحيي القرن الاول في سفر الاعمال اصبحت مصدرا كبيرا للتشجيع.‏ ورسائل بولس الـ‍ ١٤ قوّتني ايضا.‏ فبولس اختبر اضطهادا فوق الحدّ،‏ لكنّ الروح القدس كان يدعمه دائما.‏ وهذه السجلات قوّتني.‏

اصبحت نحيلة وضعيفة جدا،‏ لكنّ يهوه ساندني،‏ وغالبا بطرائق غير متوقعة.‏ وذات يوم احد اتى رجل مباحث لم اقابله من قبل قط بعلبة ملفوفة بمنديل.‏ وفتح باب الزنزانة واخذني خارجا الى الباحة.‏ وعندما وصلنا الى شجرة كافور كبيرة،‏ فتح العلبة.‏ ويا للعجب!‏ فقد كان في الداخل موز وكعك محلّى.‏ فقال لي ان آكلها هناك.‏ وعلّق رجل المباحث:‏ «جميعكم اناس صالحون جدا.‏ ولكننا مضطرون ان نعاملكم هكذا.‏ وأنا اريد ان اترك هذا العمل سريعا.‏» وهكذا بدأ الحراس ورجال المباحث يعاملونني بلطف.‏ ووثقوا بي وسمحوا لي بتنظيف غرفهم وسلموني انواعا اخرى عديدة من الاعمال الخصوصية.‏

وفي وقت متأخر من سنة ١٩٤٢ دعاني احد رجال المباحث الذين القوا القبض عليّ.‏ «رغم انك تستحقين عقوبة الموت،‏ سيُطلق سراحك اليوم،‏» اعلن.‏ وكان زوجي قد عاد الى المنزل قبل اطلاق سراحي بحوالي شهر.‏

تجديد المعاشرة مع الشهود

بينما كنا في السجن،‏ دخلت اليابان الحرب العالمية الثانية.‏ ثم،‏ في ١٩٤٥،‏ سمعنا ان اليابان خسرت الحرب،‏ وقرأنا في الصحف انه سيُطلق سراح السجناء السياسيين.‏ وعرفنا ان الاخ كوسَكا كان قد مات من المرض في السجن،‏ لكنني ارسلت فورا رسائل الى السجون في تايپيه،‏ شِنتشو،‏ ومدن اخرى وسألت عن مكان وجود الاخ أوي.‏ ولكن،‏ لم اتسلّم اي جواب.‏ وفي ما بعد اكتشفت ان فرقة الاعدام اعدمت الاخ أوي.‏

في سنة ١٩٤٨ تسلّمنا رسالة غير متوقعة من شَنغهاي.‏ وكانت من الاخ ستانلي جونز،‏ الذي كان قد أُرسل الى الصين من جلعاد،‏ مدرسة ارسالية لشهود يهوه جرى تأسيسها حديثا.‏ لقد تذكّرَنا يهوه مجددا!‏ فامتلأت ابتهاجا بأن نحصل على هذا الاتصال بهيئة يهوه.‏ كانت قد مرّت سبع سنوات منذ رأينا الاخ أوي وبالرغم من انني كنت معزولة كل ذلك الوقت،‏ كنت اخبر الآخرين بالبشارة.‏

وعندما زارنا الاخ جونز للمرة الاولى،‏ كان ذلك وقتا للابتهاج.‏ وكان ودّيا جدا.‏ وبالرغم من اننا لم نقابله من قبل قط،‏ شعرنا وكأننا نرحّب في بيتنا بقريب حميم.‏ وبعد ذلك بفترة قصيرة،‏ غادر الى تايتونڠ،‏ عبر الجبال،‏ مع زوجي كمترجم له.‏ وعادا بعد حوالي اسبوع،‏ وكانا قد عقدا خلاله محفلا ليوم واحد وعمّدا نحو ٣٠٠ من قبيلة أميس الساحلية الشرقية.‏

وكانت زيارة جونز ذات معنى بطريقة اخرى بالنسبة اليّ.‏ فقد كنت اكرز وحدي حتى ذلك الحين.‏ والآن اعتمد زوجان خلال زيارة الاخ جونز،‏ والزوج هو صاحب الملك.‏ ومنذ ذلك الحين،‏ اختبرت مرارا كثيرة فرح التلمذة بالاضافة الى فرح اعلان الملكوت.‏ ولاحقا انتقلنا الى شِنتشو،‏ حيث زارنا الاخ جونز ثلاث مرات،‏ وكل مرة لمدة اسبوعين.‏ وقد تمتعت تماما بالمعاشرة المفيدة.‏ وفي المناسبة الاخيرة،‏ قال:‏ «في المرة التالية،‏ سأجلب رفيقي هارولد كينڠ.‏» لكنّ «المرة التالية» تلك لم تأتِ قط،‏ لأنه بعد ذلك بوقت قصير سُجنا كلاهما في الصين.‏

وفي سنة ١٩٤٩،‏ وصل جوزيف مَڠرا وسيريل تشارلز،‏ مرسلان من صف جلعاد الـ‍ ١١،‏ الى تايوان.‏ فوسّعا العمل في تايوان،‏ مستعملين منزلنا كقاعدة لهما.‏ وشجعني مثالهما حقا.‏ ولكنّ الوضع السياسي اجبرهما على السفر الى هونڠ كونڠ.‏ ولم استطع ان احبس دموعي وهما يغادران مع رجل الشرطة.‏ «لا تبكي،‏ مِييو،‏» قال جو.‏ وأضاف:‏ «شكرا لك،‏» وأعطاني قلم الحبر الذي له ذا الرأس الكروي المستعمَل كثيرا كتذكار.‏

محاولة تدريب الطفل

لم يكن لدينا زوجي وأنا اولاد،‏ لذلك تبنَّينا ابنة اخت زوجي عندما كان عمرها ٤ اشهر.‏ فقد كانت حياة والدتها معرّضة للخطر من الربو.‏

وفي سنة ١٩٥٢،‏ الاخ لويد باري،‏ الذي كان يخدم كمرسل في اليابان،‏ زار تايوان كي يطلب اعترافا قانونيا بنشاطات شهود يهوه.‏ فمكث عندنا وشجعنا كثيرا جدا.‏ وبحلول ذلك الوقت كانت ابنتنا بعمر الـ‍ ١٨ شهرا.‏ فحملها وسألها:‏ «ما هو اسم اللّٰه؟‏» واذ دُهشتُ،‏ سألته:‏ «تعني اننا يجب ان نعلّمها عندما تكون صغيرة جدا؟‏» «نعم،‏» اجاب بعزم.‏ ثم تحدث معي عن اهمية تدريب الطفل من سنواته الاولى.‏ وكلماته:‏ «انها هبة من يهوه لتعزيتكم،‏» بقيت في ذهني.‏

وفورا،‏ باشرت تدريب ابنتي،‏ أكِمي،‏ لتعرف وتحب يهوه ولتصبح خادمته.‏ وعلّمتها الرموز الصوتية،‏ ابتداء من الحروف الثلاثة إِ‏،‏ هو‏،‏ و با التي تشكِّل الكلمة ‏«إِهوبا،‏»‏ او يهوه،‏ باليابانية.‏ وعند بلوغ السنتين من العمر،‏ كانت قادرة على فهم ما اقوله لها.‏ ولذلك كل ليلة قبل ان تذهب الى السرير،‏ كنت اخبرها قصصا من الكتاب المقدس.‏ وكانت تستمع باهتمام وكانت تتذكرها.‏

وعندما اصبحت في الثالثة والنصف من العمر،‏ زارنا الاخ باري ثانية وأعطى أكِمي كتابا مقدسا مكتوبا باليابانية العامية.‏ فدارت في الغرفة مع الكتاب المقدس،‏ قائلة:‏ «كتاب أكِمي المقدس،‏ كتاب أكِمي المقدس!‏» ثم بعد بضع دقائق،‏ قالت فجأة ودون تفكير:‏ «كتاب أكِمي المقدس ليس فيه يهوه!‏ لا اريد هذا!‏» فرمته.‏ واذ ذهلتُ،‏ فحصت المحتويات.‏ وفتحت اولا الى اشعياء الاصحاح ٤٢،‏ العدد ٨‏.‏ وهناك جرى ابدال الاسم يهوه بالكلمة «رب.‏» فبحثت في آيات اخرى،‏ لكنني لم اجد الاسم الالهي،‏ يهوه.‏ لكنّ أكِمي هدأت عندما اظهرت لها ثانية اسم يهوه في كتابي المقدس القديم،‏ الذي كان باليابانية القديمة.‏

العودة الى اليابان

عدنا الى اليابان في سنة ١٩٥٨ وعاشرنا جماعة سَنّومِييا في كوبِ.‏ واذ كانت لدي اسباب كثيرة لأكون شاكرة ليهوه،‏ اردت ان اعبّر عن شكري بالصيرورة فاتحة —‏ خادمة كامل الوقت من شهود يهوه.‏ فبذلت جهدي في خدمة الفتح.‏ ونتيجة لذلك،‏ تمكنت من ادارة دروس بيتية كثيرة في الكتاب المقدس وذقت فرح مساعدة حوالي ٧٠ الى ٨٠ شخصا في المجيء الى الحق.‏ ولفترة من الوقت كان لدي ايضا امتياز الخدمة كفاتحة خصوصية،‏ عاملة اكثر من ١٥٠ ساعة كل شهر في الحقل،‏ فيما اهتممت ايضا بزوجي وابنتي.‏

اذ كنا قد عشنا في تايوان اكثر من ٣٠ سنة،‏ كانت الحياة في اليابان صدمة حضارية،‏ فمررت باختبارات شاقة عديدة.‏ وفي مثل هذه الاوقات اصبحت أكِمي تعزيتي ودعمي،‏ تماما كما اخبرني الاخ باري قبل سنوات.‏ فعندما كنت اكتئب،‏ كانت تقول لي:‏ «امي،‏ تشجعي.‏ فيهوه سيهيئ المنفذ.‏» «نعم،‏ سيفعل،‏ أليس كذلك؟‏» كنت اجيب واعانقها بشدة.‏ يا له من مصدر للتشجيع!‏ ولا يسعني إلا ان اشكر يهوه!‏

تقديم ابنتي ليهوه

اصبحت أكِمي ناشرة عندما كانت في الـ‍ ٧ واعتمدت عندما كانت في الـ‍ ١٢،‏ في صيف سنة ١٩٦٣.‏ وحاولتُ ان اقضي وقتا معها قدر المستطاع.‏ (‏تثنية ٦:‏٦،‏ ٧‏)‏ وكانت هنالك اوقات صعبة فيما كانت في سن المراهقة،‏ ولكن بالامثلة الجيدة والتشجيع من الفاتحين الخصوصيين الذين أُرسلوا الى جماعتنا،‏ جعلتْ أكِمي اخيرا هدفها ان تخدم كفاتحة في مقاطعات جديدة.‏

وفي المحفل الكوري في سنة ١٩٦٨،‏ مثَّلتْ دور ابنة يفتاح في مسرحية للكتاب المقدس.‏ وفيما كنت اشاهد المسرحية،‏ قررت،‏ كما فعل يفتاح،‏ ان اقدّم ابنتي الوحيدة،‏ التي كنت اعزها حتى ذلك الحين،‏ ليهوه من اجل الخدمة كامل الوقت.‏ فماذا ستكون عليه الحياة دون ابنتي بقربي؟‏ لقد كان ذلك تحدِّيا،‏ اذ كنت في ذلك الحين فوق الـ‍ ٦٠.‏

وفي سنة ١٩٧٠ حان الوقت لتتركنا ابنتنا.‏ فحصلتْ على اذن من زوجي وذهبت الى كيوتو لتخدم كفاتحة.‏ واذ فهمتْ مشاعرنا،‏ بدا ان قلبها ينفطر حزنا وهي تتركنا.‏ فاستشهدتُ بالمزمور ١٢٦:‏٥،‏ ٦ كآ‌ية وداعية لها:‏ «الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج.‏ الذاهب ذهابا بالبكاء حاملا مِبذَر الزرع مجيئا يجيء بالترنّم حاملا حزمه.‏» وكانت هذه الكلمات مشجعة لي ايضا.‏

في ما بعد تزوجت أكِمي وتابعت خدمة الفتح الخصوصي مع زوجها.‏ ومنذ سنة ١٩٧٧،‏ عندما جرى تعيين زوجها كناظر دائرة،‏ يخدمان في العمل الجائل.‏ وأمدّ خريطة قانونيا و «اسافر» على الخريطة مع ابنتي.‏ وهو امر مبهج ان اسمع اختباراتهما وأتعرَّف باخوات كثيرات من خلال ابنتي.‏

انا الآن في الـ‍ ٨٦.‏ والايام التي مضت تبدو كمجرد هزيع خلال الليل.‏ ولا استطيع ان اعمل كالسابق،‏ لكنّ خدمة الحقل لا تزال تجلب لي الفرح.‏ وعندما افكّر في الـ‍ ٦٠ سنة التي انقضت منذ تعلمت الحق،‏ ينبع وعد يهوه المطمئن في قلبي.‏ نعم،‏ يهوه الذي يعمل بولاء مع الاولياء يجعلنا نحصد فرحا وافرا.‏ —‏ مزمور ١٨:‏٢٥‏،‏ ع‌ج.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة