مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٩٦ ١/‏١ ص ٢٤-‏٢٨
  • يهوه لم يتركنا قط

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • يهوه لم يتركنا قط
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٦
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • تعلُّم حق الكتاب المقدس
  • الكرازة رغم المقاومة
  • مصاعب خلال الحرب العالمية الثانية
  • الامتحان في مسألة الحياد
  • العودة الى مسقط رأسنا
  • انقطاع الامداد بالمطبوعات
  • المصاعب تزداد
  • تغييرات جذرية
  • من اجل ملكوت اللّٰه فقط
  • يهوه يمنح «القدرة التي تفوق ما هو عادي»‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٢
  • خدموا بروح طوعية في ألبانيا وكوسوفو
    تجارب عاشها شهود ليهوه
  • إرواء عطشي الروحي
    استيقظ!‏ ٢٠٠٣
  • في الشرق والغرب،‏ يهوه يقوِّي شعبه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٤
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٦
ب٩٦ ١/‏١ ص ٢٤-‏٢٨

يهوه لم يتركنا قط

كما رواه ناشو دوري

مبرِشْتان قرية جبلية صغيرة في جنوبي ألبانيا،‏ وهي لا تبعد كثيرا عن اليونان.‏ وُلدتُ هناك سنة ١٩٠٧.‏ وعندما كنت في الخامسة من العمر،‏ ابتدأت اذهب الى مدرسة يونانية،‏ لكنَّ تعليمي المدرسي توقف عندما غزت القوات الايطالية ألبانيا خلال الحرب العالمية الاولى.‏ وبعد الحرب استأنفت دراستي انما باللغة الألبانية.‏

مع ان والديَّ لم يكونا متديِّنَين كثيرا،‏ كانا يحفظان تقاليد الكنيسة الارثوذكسية الألبانية.‏ وكان احد اقربائنا كاهنا في مبرِشْتان،‏ لذلك خدمتُ في الكنيسة وصرت ارى ما يجري في الداخل.‏ كانت الطقوس تبدو تافهة،‏ وانزعجتُ من الرياء.‏

ووفقا للعادة المحلية،‏ اختار لي والداي شابة لأتزوجها.‏ لقد كانت أرڠيرو من قرية ڠرابوڤا المجاورة،‏ وتزوجنا سنة ١٩٢٨،‏ عندما كانت في الـ‍ ١٨ من العمر.‏

تعلُّم حق الكتاب المقدس

في ذلك الوقت تقريبا عبَّرتُ لأحد اقربائي القادم من الولايات المتحدة في زيارة عن استيائي من الكنيسة الارثوذكسية.‏ فأجاب قائلا:‏ «في اميركا،‏ قرب بيتي،‏ هنالك فريق من الناس ليست لديهم كنيسة،‏ ولكنهم يدرسون الكتاب المقدس.‏» فأعجبتني فكرة درس الكتاب المقدس بدون كنيسة.‏ لذلك طلبت اليه ان يرسل اليّ بعض مطبوعات الكتاب المقدس.‏

لكني نسيت تماما كل ما تحدثنا به الى ان تلقيت بعد سنة تقريبا طردا بريديا من مدينة مِلْووكي في ولاية ويسكونسن الاميركية.‏ وفيه كان كتاب قيثارة اللّٰه بالألبانية و برج المراقبة باليونانية.‏ تصفحتُ الكتاب ولاحظت وجود اشارة الى الكنيسة الحقة.‏ فاستأت من ذلك.‏ وقلت لنفسي:‏ ‹لا اريد شيئا له علاقة بكنيسة.‏› لذلك لم اقرأ كل الكتاب.‏

في سنة ١٩٢٩ دخلت الجيش وأُرسلت الى مدينة تيرانا عاصمة ألبانيا.‏ وهناك التقيتُ ستاثي موتْشي الذي كان يقرأ كتابا مقدسا باليونانية.‏ فسألته:‏ «هل تذهب الى الكنيسة؟‏» فأجاب:‏ «كلا.‏ لقد تركت الكنيسة.‏ وأنا الآن واحد من تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم.‏» ذهبتُ مع جندي آخر الى اجتماع برفقة ستاثي يوم الاحد.‏ وهناك علمت ان الكنيسة الحقة ليست بناء او دينا،‏ بل هي مؤلفة من خدام المسيح الممسوحين.‏ عندئذ فهمت ما قصده كتاب قيثارة اللّٰه.‏

كان ناشو إدْريزي وسپيرو ڤروهو قد عادا الى ألبانيا من الولايات المتحدة في اواسط عشرينات الـ‍ ١٩٠٠ وأخذا ينشران حقائق الكتاب المقدس التي تعلَّماها هناك.‏ ابتدأت احضر الاجتماعات في تيرانا مع عدد قليل من تلاميذ الكتاب المقدس.‏ وسرعان ما تبين لي انني وجدت هيئة يهوه.‏ لذلك اعتمدت في نهر قريب في ٤ آب ١٩٣٠.‏

بعد ذلك عدت الى مبرِشْتان لأواصل مهنتي كصانع احذية.‏ ولكنَّ الاهم هو انني ابتدأت ايضا أُخبر الآخرين بحقائق الكتاب المقدس التي تعلمتُها.‏ وكنت اقول لهم:‏ «يسوع المسيح ليس كالأيقونات في الكنيسة.‏ انه حيّ!‏»‏

الكرازة رغم المقاومة

في سنة ١٩٢٥ تولَّى احمد بك زوغو السلطة وجعل نفسه الملك زوغو الاول سنة ١٩٢٨،‏ وحكم حتى سنة ١٩٣٩.‏ ومنح وزير حقوق الانسان في وقته الموافقة على عملنا المسيحي.‏ ولكن اعترضتنا مشاكل.‏ وكان ذلك لأن وزير الداخلية موسى يوكا كان حليفا وثيقا للبابا في روما.‏ وأمر يوكا بأن لا يُعترف إلا بثلاثة اديان —‏ الاسلام والارثوذكسية والكاثوليكية.‏ وحاولت الشرطة ان تصادر كتبنا وتوقف كرازتنا،‏ لكنها لم تنجح.‏

خلال ثلاثينات الـ‍ ١٩٠٠ غالبا ما كنت ازور بيرات،‏ مدينة كبرى في ألبانيا كان ميهال سڤيتْسي يوجِّه منها عملنا الكرازي.‏ وقد رتَّبنا الامور للقيام بجولات كرازية في كل انحاء البلد.‏ فأُرسلتُ مرةً الى بلدة شكودير لأسبوعين،‏ وهناك تمكنت من توزيع مطبوعات كثيرة.‏ وفي سنة ١٩٣٥ استأجر فريق منا باصا للكرازة في بلدة كلْسيرا.‏ ثم وُضع برنامج للقيام بجولة اكبر في ألبانيا شملت البلدات پيرميت،‏ لسْكوڤيك،‏ ارسيكا،‏ كورسا،‏ پوڠراديك،‏ وإيلباسان.‏ وأنهينا الجولة في تيرانا تماما في الوقت المحدد للاحتفال بذِكرى موت المسيح.‏

ساعدَنا مخزون من الطعام الروحي على البقاء اقوياء روحيا،‏ لذلك لم نشعر قط بأننا متروكون.‏ ومن سنة ١٩٣٠ الى سنة ١٩٣٩ كنت اتلقى برج المراقبة باليونانية بانتظام.‏ وكان هدفي ايضا ان اقرأ الكتاب المقدس ساعة واحدة على الاقل كل يوم،‏ الامر الذي فعلته طوال ٦٠ سنة تقريبا قبل ان يشحّ نظري.‏ والكتاب المقدس الكامل لم يصر متوفرا باللغة الألبانية إلّا مؤخرا،‏ لذلك انا مسرور لأنني تعلمت اليونانية في صغري.‏ وفي تلك الايام الباكرة تعلَّم شهود ألبان آخرون ايضا قراءة اللغة اليونانية ليتمكنوا من قراءة كامل الكتاب المقدس.‏

في سنة ١٩٣٨ اعتمدت أرڠيرو.‏ وبحلول سنة ١٩٣٩ كان قد وُلد سبعة من اولادنا العشرة.‏ والمحزن ان ثلاثة من اولادنا السبعة الاوائل ماتوا وهم صغار.‏

مصاعب خلال الحرب العالمية الثانية

في نيسان ١٩٣٩،‏ قُبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية،‏ هاجمت الجيوش الفاشية الايطالية ألبانيا.‏ وبعد ذلك بوقت قصير حُظر عمل شهود يهوه،‏ لكنَّ فريقنا الصغير المؤلَّف من نحو ٥٠ مناديا بالملكوت استمر يكرز.‏ وصودر نحو ٠٠٠‏,١٥ كتاب وكراس من مطبوعاتنا وأُتلفت خلال الحرب العالمية الثانية.‏

كانت لدى ياني كومينو غرفة كبيرة ملاصقة لبيته يخزن فيها المطبوعات.‏ عندما علمت القوات الايطالية ان الكتب مطبوعة في الولايات المتحدة،‏ استاءوا كثيرا.‏ وقالوا:‏ «انتم مروِّجون لدعايتهم!‏ الولايات المتحدة هي ضد ايطاليا!‏» فاعتُقل الاخوَان الحدثان الغيوران توماي وڤاسيلي كاما،‏ وعندما علموا ان الكتب التي كانا يوزِّعانها اتت من عند كومينو،‏ اعتُقل هو ايضا.‏ وسرعان ما استدعتني الشرطة للاستجواب.‏

سألوني:‏ «هل تعرف هؤلاء الرجال؟‏»‏

اجبت:‏ «نعم.‏»‏

‏«هل تعمل معهم؟‏»‏

اجبت:‏ «نعم.‏ نحن شهود ليهوه.‏ ولسنا ضد الحكومات.‏ نحن حياديون.‏»‏

‏«هل كنت توزِّع هذه المطبوعات؟‏»‏

عندما اجبت بنعم،‏ كبَّلوني،‏ ووُضعت في السجن في ٦ تموز ١٩٤٠.‏ وهناك انضممت الى خمسة آخرين من قريتي —‏ يوسف كاتْسي،‏ لوكان بارْكو،‏ ياني كومينو،‏ والأخوَين كاما.‏ وفيما كنا في السجن التقينا ثلاثة شهود آخرين —‏ ڠوري ناتْشي،‏ نيكوديم شيتي،‏ وليونيداس پوپه.‏ وكنا نحن التسعة جميعا محشورين في زنزانة مساحتها ٦ اقدام في ١٢ (‏٨‏,١ م في ٧‏,٣)‏!‏

بعد ايام قليلة قُيِّدنا معا وأُخذنا الى مدينة پيرميت.‏ وبعد ثلاثة اشهر نُقلنا الى السجن في تيرانا وأُبقينا هناك ثمانية اشهر اضافية دون اجراء تحقيق.‏

وأخيرا مثلنا امام محكمة عسكرية.‏ وحُكم علينا الاخ شيتي وأنا بالسجن ٢٧ شهرا،‏ الاخ كومينو ٢٤ شهرا،‏ وأُطلق سراح الآخرين بعد ١٠ اشهر.‏ ونُقلنا الى سجن ڠيروكاسْتر،‏ وهناك تمكَّن الاخ ڠوله فلوكو من تدبير اطلاق سراحنا سنة ١٩٤٣ .‏ وبعد ذلك استقرت عائلتنا في مدينة پيرميت حيث صرت ناظر الجماعة الصغيرة.‏

مع ان عملنا كان محظورا والحرب العالمية الثانية محتدمة في البلدان المحيطة بنا،‏ استمررنا في بذل ما في وسعنا لإتمام تفويضنا ان نكرز برسالة الملكوت.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وفي سنة ١٩٤٤ كان ما مجموعه ١٥ شاهدا في السجن.‏ ولكن في تلك الاوقات الصعبة لم نشعر قط بأن يهوه تركنا.‏

الامتحان في مسألة الحياد

مع ان الحرب انتهت سنة ١٩٤٥،‏ استمرت مصاعبنا حتى انها ازدادت سوءا.‏ فقد فُرض التصويت الالزامي خلال انتخابات ٢ كانون الاول ١٩٤٦.‏ وكل من تجرأ وامتنع عن الاشتراك اعتُبر عدوا للدولة.‏ فابتدأ اعضاء جماعتنا في پيرميت يسألون،‏ «ماذا يجب ان نفعل؟‏»‏

كنت اجيب:‏ «اذا كنتم تثقون بيهوه،‏ فلا يجب ان تسألوا ماذا يجب فعله.‏ فأنتم تعلمون ان شعب يهوه حيادي.‏ وهم ليسوا جزءا من العالم.‏» —‏ يوحنا ١٧:‏١٦‏،‏ ع‌ج‏.‏

وأتى يوم الانتخابات،‏ وجاء مندوبو الحكومة الى منزلنا.‏ وابتدأوا حديثهم بهدوء:‏ «لنتناول فنجان قهوة ونتحدث.‏ هل تعلم ماذا هنالك اليوم؟‏»‏

اجبت:‏ «نعم،‏ اليوم تجري الانتخابات.‏»‏

فقال احد الضباط:‏ «من الافضل ان تسرع،‏ وإلّا تأخرت.‏»‏

فأجبت:‏ «لا،‏ انا لا افكر في الذهاب.‏ فصوتنا هو ليهوه.‏»‏

‏«حسنا،‏ تعال وصوِّت للمعارضة.‏»‏

فأوضحت لهم ان شهود يهوه حياديون تماما.‏ وعندما صار موقفنا معروفا جيدا،‏ جرت ممارسة ضغط اكبر علينا.‏ وأُمرنا بالتوقف عن عقد اجتماعاتنا،‏ لذلك ابتدأنا نجتمع سرًّا.‏

العودة الى مسقط رأسنا

في سنة ١٩٤٧ عدت مع عائلتي الى مبرِشْتان.‏ وبعد ذلك بوقت قصير،‏ بعد ظهر احد ايام كانون الاول الباردة،‏ استُدعيت الى مكتب البوليس السري (‏سيڠوريمي‏)‏‏.‏ وهناك سألني الضابط:‏ «هل تعلم لماذا استدعيتك؟‏»‏

فأجبت:‏ «اتصور ان السبب لأنك سمعت اتهامات ضدي.‏ لكنَّ الكتاب المقدس يقول ان العالم سيبغضنا،‏ لذلك فإن الاتهامات لا تدهشني.‏» —‏ يوحنا ١٥:‏١٨،‏ ١٩‏.‏

فردَّ بحدة:‏ «لا تكلِّمني عن الكتاب المقدس.‏ وإلّا ادقّ رأسك.‏»‏

ثم غادر الضابط ورجاله المكتب،‏ ولكنهم امروني بأن اقف خارجا في البرد.‏ وبعد برهة استدعاني الى مكتبه وأمرني بأن اتوقف عن عقد الاجتماعات في بيتنا.‏ وسأل:‏ «كم شخصا يعيش في قريتك؟‏»‏

فقلت:‏ «مئة وعشرون.‏»‏

‏«ما هو دينهم؟‏»‏

‏«ارثوذكس ألبان.‏»‏

‏«وأنت؟‏»‏

‏«انا واحد من شهود يهوه.‏»‏

‏«مئة وعشرون شخصا يمضون في طريق وأنت تمضي في طريق اخرى؟‏» ثم امرني بأن اضيء شموعا في الكنيسة.‏ وعندما قلت له اني لن افعل ذلك،‏ ابتدأ يضربني بعصا.‏ وكانت الساعة قد قاربت الواحدة صباحا عندما أُطلق سراحي اخيرا.‏

انقطاع الامداد بالمطبوعات

بعدما انتهت الحرب العالمية الثانية عدنا نتلقى من جديد برج المراقبة بالبريد،‏ ولكن اخيرا لم تعد تصلنا المجلات.‏ ثم في الساعة العاشرة في احدى الليالي استدعاني البوليس السري.‏ وقالوا لي:‏ «لقد وصلت مجلة باليونانية،‏ ونريد ان تشرح لنا كل شيء عنها.‏»‏

فقلت:‏ «انا لا اعرف اللغة اليونانية جيدا.‏ جاري يعرفها احسن مني.‏ ربما بإمكانه ان يساعدكم.‏»‏

فأخرج احد الضباط بعض النسخ اليونانية لمجلة برج المراقبة وقال:‏ «لا،‏ نريد ان تشرحها انت لنا.‏»‏

فهتفتُ قائلا:‏ «آه،‏ هذه لي!‏ طبعا بإمكاني ان اشرحها.‏ كما ترون تأتي هذه المجلات من بروكلين في نيويورك.‏ فهناك يقع المركز الرئيسي لشهود يهوه.‏ وأنا واحد من شهود يهوه.‏ ولكن يبدو انهم اخطأوا بالعنوان.‏ فكان يجب ان تُرسل هذه المجلات اليَّ لا اليكم.‏»‏

لم يعطوني المجلات،‏ ومنذ ذلك الحين حتى سنة ١٩٩١،‏ اي بعد اكثر من ٤٠ سنة،‏ لم نتلقَّ اية مطبوعة للكتاب المقدس في ألبانيا.‏ وخلال كل تلك السنوات واصلنا الكرازة مستعلمين الكتاب المقدس فقط.‏ ونحو ٢٠ شاهدا كانوا في السجن سنة ١٩٤٩؛‏ وبعضهم محكوم عليهم بالسجن خمس سنوات.‏

المصاعب تزداد

في خمسينات الـ‍ ١٩٠٠ أُمر الناس بأن يحملوا وثائق تُظهر تأييدهم للقوات المسلحة.‏ لكنَّ شهود يهوه رفضوا حمل وثائق كهذه.‏ وبسبب ذلك قضيتُ مع الاخ كومينو شهرين آخرين في السجن.‏

خلال الفترة التي سمحت فيها الدولة بوجود بعض الاديان،‏ تمتعنا بمقدار من الحرية.‏ ولكن في سنة ١٩٦٧ حُظرت كل الاديان،‏ مما جعل ألبانيا رسميا بلدا ملحدا كليًّا.‏ واستمر الشهود يحاولون عقد الاجتماعات،‏ لكنَّ ذلك صار صعبا جدا.‏ وكان بعضنا يخيط جيبا خصوصيا في بطانة سترته لإخفاء كتاب مقدس صغير.‏ وكنا نذهب الى احد الحقول لقراءته.‏

أُلقي القبض على شهود في تيرانا وهم يقرأونه،‏ وحُكم على ثلاثة منهم بقضاء خمس سنوات في معسكرات عمل بعيدة.‏ وبسبب ذلك تألمت عائلاتهم.‏ أما نحن العائشين في القرى الصغيرة والمعزولة،‏ فلم يجرِ ابعادنا لأننا لم نُعتبَر تهديدا خطرا.‏ لكنَّ حيادنا ادَّى الى حذف اسمائنا من قوائم الذين يحصلون على الطعام.‏ وهكذا صارت الحياة شاقة جدا.‏ ومات ايضا اثنان آخران من اولادنا.‏ ومع ذلك لم نشعر قط بأن يهوه تركنا.‏

كان الخوف سائدا في ألبانيا.‏ فكل شخص كان مراقَبا،‏ والبوليس السري يكتب تقارير عن كل من يتجرأ ويعبِّر عن رأي مخالف لرأي الحزب الحاكم.‏ لذلك كنا نحذر كثيرا من كتابة تقارير عن نشاطنا.‏ ولم يكن بإمكاننا الاجتماع لتبادل التشجيع الروحي ضمن مجموعات اكبر من شخصين او ثلاثة.‏ ومع ذلك لم نتوقف قط عن الكرازة.‏

وفي محاولة لخلق حالة من الفوضى بين الاخوة،‏ نشر البوليس السري شائعة تقول ان شاهدا بارزا في تيرانا هو جاسوس.‏ فجعل ذلك البعض يفقدون الثقة وزعزع وحدتنا الى حد ما.‏ وبسبب عدم وجود اية مطبوعات اخيرة للكتاب المقدس وعدم امكانية الاتصال بهيئة يهوه المنظورة،‏ استسلم البعض للخوف.‏

وبالاضافة الى ذلك،‏ نشرت السلطات شائعة تقول ان سپيرو ڤروهو،‏ وهو شيخ مسيحي محترم جدا في ألبانيا،‏ انتحر.‏ وكانوا يقولون:‏ «أرأيتم،‏ حتى ڤروهو استسلم.‏» واتضح لاحقا ان الاخ ڤروهو قُتل.‏

في سنة ١٩٧٥ اقمت وأرڠيرو مع ابننا في تيرانا شهورا قليلة.‏ وفي فترة الانتخابات،‏ ضغطت علينا السلطات في المدينة بهذا التهديد:‏ «اذا لم تصوِّتا،‏ فسنطرد ابنكما من عمله.‏»‏

فأجبت:‏ «ان ابني هو في عمله منذ ٢٥ سنة.‏ ولديكم سجلات شخصية مفصَّلة عنه وعن عائلته.‏ وقد مضى اكثر من ٤٠ سنة وأنا لم اصوِّت.‏ ومن الطبيعي ان تكون هذه المعلومات موجودة في سجلات العاملين.‏ وإذا كانت غير موجودة،‏ فهذا يعني ان سجلاتكم ليست منظَّمة.‏ وإذا كانت موجودة في سجلاتكم،‏ فعندئذ تكونون غير اولياء للحزب لأنكم سمحتم له بالعمل سنين طويلة.‏» وعندما سمعوا ذلك،‏ قالت السلطات انه اذا عدنا الى مبرِشْتان،‏ فلن يثيروا الموضوع.‏

تغييرات جذرية

في سنة ١٩٨٣ انتقلنا من مبرِشْتان الى مدينة لاتش.‏ وبعد ذلك،‏ في سنة ١٩٨٥،‏ مات الدكتاتور.‏ وكان قد حكم ابتداءً من تلك الانتخابات الالزامية سنة ١٩٤٦.‏ وفي النهاية أُزيل تمثاله الذي كان يرتفع في الساحة الرئيسية في تيرانا وأزيل معه تمثال ستالين.‏

خلال عقود الحظر على نشاطنا،‏ عومل شهود كثيرون بوحشية،‏ والبعض قُتلوا.‏ قال رجل لبعض الشهود في الشارع:‏ «في ايام الشيوعيين تخلينا جميعا عن اللّٰه.‏ لكنَّ شهود يهوه وحدهم بقوا امناء له رغم المحن والصعوبات.‏»‏

اذ مُنح المزيد من الحرية،‏ قدم تسعة تقريرا عن نشاطهم في الخدمة المسيحية في حزيران ١٩٩١.‏ وفي حزيران ١٩٩٢،‏ بعد شهر من رفع الحظر،‏ شارك ٥٦ شخصا في عمل الكرازة.‏ وفي وقت ابكر من تلك السنة فرحنا كثيرا بحضور ٣٢٥ شخصا ذِكرى موت المسيح.‏ ومنذ ذلك الوقت ارتفع عدد الكارزين الى اكثر من ٦٠٠،‏ وحضر ما مجموعه ٤٩١‏,٣ شخصا الذِّكرى في ١٤ نيسان ١٩٩٥!‏ لقد كان فرحا لا يوصف ان ارى في السنوات الاخيرة احداثا كثيرين ينضمون الى جماعاتنا.‏

بقيت أرڠيرو امينة ليهوه ومخلصة لي طوال كل هذه السنوات الكثيرة.‏ فإذا كنت في السجن او مسافرا في العمل الكرازي،‏ كانت تهتم بصبر بحاجات عائلتنا دون تذمر.‏ وقد اعتمد احد ابنائنا وزوجته سنة ١٩٩٣.‏ فأسعدَنا ذلك كثيرا.‏

من اجل ملكوت اللّٰه فقط

انا مسرور برؤية هيئة يهوه في ألبانيا متحدة جيدا وتتمتع بالازدهار الروحي.‏ اشعر كسمعان المسن في اورشليم الذي مُنح قبل ان يموت امتيازا عظيما —‏ ان يرى المسيَّا الموعود به منذ زمن طويل.‏ (‏لوقا ٢:‏٣٠،‏ ٣١‏)‏ وعندما أُسأل الآن ايّ شكل من الحكومات افضِّل،‏ اقول:‏ «انا لا افضِّل الشيوعية ولا الرأسمالية.‏ فليس المهم ما اذا كان الشعب او الدولة يملك الارض.‏ الحكومات تشق الطرقات،‏ تمدّ القرى البعيدة بالكهرباء،‏ وتوفر مقدارا من النظام.‏ لكنَّ حكومة يهوه،‏ ملكوته السماوي،‏ هي الحل الوحيد للمشاكل الصعبة التي تواجه ألبانيا وباقي العالم ايضا.‏»‏

ان ما ينجزه خدام اللّٰه في كل الارض كارزين بملكوت اللّٰه ليس عمل ايّ انسان.‏ انه عمل اللّٰه.‏ ونحن خدامه.‏ ورغم اننا اختبرنا صعوبات كثيرة في ألبانيا وقضينا فترة طويلة دون ايّ اتصال بهيئة يهوه المنظورة،‏ لم يتركنا قط.‏ لقد كان روحه معنا دائما.‏ ووجَّه كل خطوة من خطواتنا.‏ وقد عاينتُ ذلك طوال حياتي.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة