مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٩٩ ١/‏٤ ص ٢٣-‏٢٧
  • بحثا عن فردوس

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • بحثا عن فردوس
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٩
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • عودة الى احضان الطبيعة
  • ايماني باللّٰه يصحو
  • استجابة صلواتي
  • التقدم روحيا
  • العون في خضمّ المحن
  • السعي الى الافضل
  • بيت ايل —‏ فردوس روحي فريد
  • بالغة هدف طفولتي
    استيقظ!‏ ١٩٨٦
  • هل يمكنكم ان تتطوّعوا؟‏
    خدمتنا للملكوت ٢٠٠١
  • أهي المهنة الفضلى لكم؟‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠١
  • لم أتوقف أبدًا عن التعلم
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏ ٢٠٢٤
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٩
ب٩٩ ١/‏٤ ص ٢٣-‏٢٧

بحثا عن فردوس

كما رواه پاسكال ستيزي

كان الليل قد اسدل ستاره منذ وقت طويل،‏ وكانت الطرقات مقفرة في بلدة بيزيه في جنوب فرنسا.‏ وجدنا انا وصديقي حائط مكتبة دينية مطليا حديثا،‏ فأخذنا نخربش عليه بحروف سوداء كبيرة كلمات الفيلسوف الالماني نيتشه:‏ ‹الآلهة ميتة.‏ يحيا الانسان الاسمى!‏›.‏ فما الذي اقحمني في كل هذا؟‏

وُلدت في فرنسا عام ١٩٥١ في عائلة كاثوليكية من اصل ايطالي.‏ عندما كنت ولدا،‏ كنا نذهب في العطَل الى جنوب ايطاليا.‏ وهناك يوجد في كل قرية تمثال لمريم العذراء.‏ كنت اسير مع جدي،‏ وأتبع هذه التماثيل الضخمة المكسوة بالثياب في موكب لا نهاية له عبر الجبال ولكن دون ايّ اقتناع اطلاقا.‏ انهيت تعليمي الاساسي في مدرسة متدينة يديرها اليسوعيون.‏ لكنني لا اذكر انني سمعت قط شيئا بنى حقا ايماني باللّٰه.‏

بعد ان تسجلت في احدى جامعات مونپيلييه لأدرس الطب،‏ ابتدأت افكر في القصد من الحياة.‏ فقد أُصيب ابي بجروح خلال الحرب وكان الاطباء يلازمون سريره دائما.‏ ألَم يكن من الافضل انهاء الحرب بدل صرف الكثير من الوقت والجهد لشفاء الناس من اضرارها؟‏ ومع ذلك،‏ كانت الحرب الڤيتنامية في أوجها.‏ بالنسبة الي،‏ ان الطريقة المنطقية الوحيدة لمعالجة سرطان الرئة،‏ مثلا،‏ هي ازالة السبب الرئيسي:‏ التبغ.‏ وماذا عن الاعتلالات التي نتجت عن سوء التغذية في البلدان النامية وتلك التي نتجت من التخمة في البلدان الغنية؟‏ ألا يُستحسَن ان نزيل الاسباب بدل ان نحاول معالجة العواقب الجسيمة؟‏ لماذا يكثر الألم الى هذا الحد على الارض؟‏ شعرت بأن هنالك خطأ فادحا في هذا المجتمع الانتحاري،‏ وحمَّلت الحكومات كامل المسؤولية.‏

كان كتابي المفضَّل من مؤلَّفات احد الدعاة الى النظرة الفوضوية،‏ وكنت أنسخ جملا منه على الجدران.‏ وتدريجيا،‏ اصبحت انا ايضا فوضويا،‏ شخصا فقد الايمان والمقاييس الادبية لا يريد الها له ولا سيِّدا.‏ ففي رأيي،‏ اللّٰه والدين من اختراع الاثرياء وذوي النفوذ لكي يسيطروا على الباقين منا ويستغلوهم.‏ وكأنهم يقولون:‏ ‹كدّوا من اجلنا على الارض يكن ثوابكم عظيما في الفردوس في السماء›.‏ لكنَّ زمن الآلهة قد ولّى.‏ وكان يلزم ان يعلم الناس بالامر.‏ والشعارات كانت احدى الطرائق لإخبارهم.‏

نتيجة لذلك،‏ حلَّت دروسي في مرتبة ادنى.‏ في تلك الاثناء كنت قد تسجلت لأدرس الجغرافيا وعلم البيئة في جامعة اخرى في مونپيلييه حيث ساد العصيان المسلَّح.‏ وكلما توغلت في علم البيئة زاد اشمئزازي من التلوث الذي يصيب كوكبنا الجميل.‏

وكل سنة،‏ خلال فرصة الصيف،‏ كنت اتجول راكبا السيارات مجانا وقاطعا آلاف الكيلومترات في أرجاء اوروپا.‏ وأثناء رحلاتي وأحاديثي مع مئات السائقين،‏ رأيت بأم عيني الشر والانحطاط اللذين آلت اليهما احوال المجتمع البشري.‏ وذات مرة،‏ فيما كنت ابحث عن الفردوس،‏ مررت بشواطئ رائعة في جزيرة كريت الجميلة فوجدتها مليئة بالنفط.‏ فانفطر قلبي لهذا المشهد.‏ حقا،‏ شعرت بأنه لم تعد هنالك حتى ولا زاوية فردوسية على هذه الارض!‏

عودة الى احضان الطبيعة

كان علماء البيئة في فرنسا يؤيدون العودة الى احضان الطبيعة كحل لويلات المجتمع.‏ وبما انني اردت ان اعمل بيديّ،‏ اشتريت بيتا حجريا قديما في قرية صغيرة تقع على تلة عند سفح احد جبال سيڤين جنوبي فرنسا.‏ وعلى الباب علَّقتُ لافتة تقول:‏ «الفردوس الآن»،‏ شعار الهپِّيين الاميركيين.‏ وثمة فتاة المانية كانت مسافرة ومرّت في الجوار فأصبحت رفيقتي.‏ كان التزوج امام رئيس البلدية امرا غير وارد عندي،‏ فهو ممثل للحكومة.‏ وماذا عن التزوج في الكنيسة؟‏ لا تفكروا ايضا في الامر.‏

في معظم الاحيان كنا نسير حفاة،‏ وكان شعري طويلا ولحيتي مهمَلة.‏ وكانت زراعة الفواكه والخضر امرا يروقني.‏ في الصيف،‏ كانت السماء زرقاء وزيز الحصاد يطلق صوته في الغناء،‏ وأزهار العلّيق تبعث أريجها الطيب،‏ والفاكهتان من الشرق الاوسط اللتان زرعناهما —‏ العنب والتين —‏ كانتا لذيذتين للغاية!‏ لقد بدا لي اننا وجدنا مكاننا في الفردوس.‏

ايماني باللّٰه يصحو

في الجامعة،‏ كنت قد درست علم احياء الخلية،‏ علم الأجنّة،‏ والتشريح،‏ فكان لتعقيد وانسجام كل هذه الآليات عميق الاثر في داخلي.‏ الآن وقد سنحت لي الفرصة ان اتأمل وألاحظ الخليقة عن قرب كل يوم،‏ كان جمالها والطاقة الكامنة فيها تملآنني اعجابا.‏ ويوما بعد يوم،‏ كان كتاب الخليقة ينفتح امامي صفحة تلو الاخرى.‏ وذات يوم خلال نزهة طويلة في التلال وبعد ان اعملت فكري مليًّا في الحياة،‏ توصلت الى الاستنتاج انه لا بد من وجود خالق.‏ وقررت في قلبي ان أومن باللّٰه.‏ سابقا،‏ كنت اشعر بفراغ يملأ قلبي،‏ وحدة مخيفة.‏ ولكن يوم بدأت أومن باللّٰه،‏ قلت لنفسي:‏ ‹يا پاسكال،‏ لن تكون وحيدا بعد الآن›.‏ كان هذا الشعور شديد الروعة.‏

بُعيد ذلك،‏ رُزقنا انا ورفيقتي بطفلة صغيرة اسميناها أماندين.‏ فكانت قُرَّة عيني.‏ والآن بعد ان غدوت أومن باللّٰه،‏ صرت احترم المقاييس الادبية القليلة التي اعرفها.‏ فتوقفت عن السرقة والكذب،‏ وسرعان ما ادركت ان هذا ساعدني على تجنب مشاكل جمّة مع مَن حولي.‏ نعم،‏ كانت لدينا مشاكلنا،‏ ولم يكن فردوسي تماما كما تمنيته.‏ فالكرّامون المحليون كانوا يستخدمون مبيدات للحشرات ومبيدات للاعشاب لوَّثت محاصيلي ايضا.‏ ولم يزل سؤالي عن سبب الشر دون جواب.‏ أضف الى ذلك ان قراءتي للكثير من المؤلَّفات عن الحياة العائلية لم تحل دون النزاعات الساخنة بيني وبين رفيقتي.‏ كان لنا اصدقاء قليلون إنما اصدقاء زائفون؛‏ حتى ان البعض منهم حاولوا جعل رفيقتي تخونني!‏ فكان لا بد من وجود فردوس افضل.‏

استجابة صلواتي

بطريقتي الخاصة،‏ كنت اصلي تكرارا الى اللّٰه طلبا لإرشاده في حياتي.‏ وفي صباح يوم احد،‏ قرعت بابنا امرأة ودية اسمها إيرين لوپيز ومعها ابنها الصغير.‏ كانت شاهدة ليهوه.‏ اصغيت الى ما كانت تريد قوله وقبلت ان يزورني الشهود مرة اخرى.‏ فأتى رجلان لرؤيتي.‏ ومن الحديث الذي دار بيننا،‏ علق في ذهني امران:‏ الفردوس وملكوت اللّٰه.‏ فانطبعت هاتان الفكرتان في قلبي،‏ ومع مرور الشهور،‏ أدركت انه يوما ما عليّ ان اسوِّي حياتي بشكل ينسجم مع مقاييس اللّٰه اذا اردت ان انعم بضمير طاهر وأجد السعادة الحقيقية.‏

ولجعل حياتي على انسجام مع كلمة اللّٰه،‏ كانت رفيقتي مقتنعة في بادئ الامر ان تتزوجني.‏ ثم بدأت تعاشر اشخاصا اردياء يهزأون باللّٰه وشرائعه.‏ وذات مساء في ايام الربيع،‏ عندما عدت الى البيت،‏ تلقيت صدمة مريعة.‏ كان بيتنا مقفرا.‏ لقد رحلت رفيقتي وأخذت معها ابنتنا ذات السنوات الثلاث.‏ طوال ايام،‏ انتظرت عودتهما دون جدوى.‏ ولكن بدل ان ألقي اللوم على اللّٰه،‏ صلّيت له طلبا للعون.‏

بُعيد ذلك،‏ تناولت الكتاب المقدس،‏ جلست تحت شجرة التين،‏ وبدأت اقرأ.‏ والحق أقول ان كلماته أسكرتني.‏ فمع انني كنت قد قرأت كل انواع الكتب لمحلِّلين نفسيين واختصاصيين في علم النفس،‏ لم يحدث ان وجدت حكمة مماثلة.‏ فلا بد ان هذا الكتاب موحى به من اللّٰه.‏ وتعاليم يسوع وتفهمه للطبيعة البشرية اذهلتني.‏ وعزّتني المزامير وأدهشتني الحكمة العملية في سفر الامثال.‏ وسرعان ما ادركت انه فيما يكون درس الخليقة جيدا لتقريب المرء الى اللّٰه،‏ فهو لا يكشف سوى «اطراف طرقه».‏ —‏ ايوب ٢٦:‏١٤‏.‏

اعطاني الشهود ايضا كتابَي الحق الذي يقود الى الحياة الابدية وجعل حياتكم العائلية سعيدة.‏a وبعد قراءتهما أُزيحت الغشاوة عن عينيّ.‏ لقد ساعدني كتاب الحق ان افهم لماذا يواجه الانسان التلوث الوبائي،‏ الحروب،‏ العنف المتزايد،‏ وتهديد الابادة النووية.‏ وتماما كما ان احمرار السماء التي رأيتها من حديقتي يعلن ان الطقس سيكون جميلا غدا،‏ برهنت هذه الوقائع ان ملكوت اللّٰه على الابواب.‏ وبالنسبة الى كتاب حياتكم العائلية،‏ تمنيت لو أستطيع ان أريه لرفيقتي وأخبرها اننا يمكن ان نسعد اذا وضعنا نصائح الكتاب المقدس موضع العمل.‏ لكنَّ الامر كان محالا.‏

التقدم روحيا

اردت ان اعرف المزيد،‏ لذلك طلبت من روبير،‏ احد الشهود،‏ ان يزورني.‏ وكم فوجئ عندما اخبرته انني اريد ان اعتمد،‏ فبدأنا بالدرس.‏ ومباشرة بدأت اخبر الآخرين عمّا اتعلمه وأوزع المطبوعات التي كنت احصل عليها في قاعة الملكوت.‏

ولكي أعيل نفسي،‏ انخرطت في مقرَّر لتعلم عمل البناء.‏ وإذ ادركت ما تجلبه كلمة اللّٰه من فوائد للشخص،‏ كنت اغتنم كل فرصة سانحة لأكرز بطريقة غير رسمية للمعلمين ورفاقي التلاميذ.‏ وذات مساء،‏ التقيت سيرج في احد الممرات.‏ كان يمسك ببعض المجلات.‏ فقلت له:‏ «أرى انك تحب المطالعة».‏ اجاب:‏ «نعم،‏ لكنَّ هذه المجلات مملّة».‏ فسألته:‏ «هل ترغب في الحصول على مجلات جديرة بأن تُقرأ؟‏».‏ وأجرينا مناقشة رائعة عن ملكوت اللّٰه.‏ وبعد ذلك قبِل مطبوعات للكتاب المقدس.‏ وفي الاسبوع التالي،‏ اتى معي الى قاعة الملكوت،‏ وابتدأنا بدرس في الكتاب المقدس.‏

ذات يوم،‏ سألت روبير هل استطيع ان اكرز من بيت الى بيت.‏ فتوجَّه الى خزانة الملابس ووجد لي بدلة.‏ ويوم الاحد التالي،‏ بدأت برفقته خطواتي الاولى في الخدمة.‏ وأخيرا،‏ في ٧ آذار (‏مارس)‏ ١٩٨١،‏ اعلنت جهرا انتذاري ليهوه اللّٰه بواسطة المعمودية.‏

العون في خضمّ المحن

في تلك الاثناء،‏ علمت ان أماندين وأمها تعيشان خارج البلاد.‏ ومن المؤسف ان امها منعتني من رؤيتها،‏ وذلك بطريقة شرعية وفقا للقوانين في البلد حيث تعيش.‏ فشعرت بأنني انتهيت.‏ وتزوجت أم أماندين،‏ وبلغ يأسي حدّه الاقصى عندما تلقيت إشعارا رسميا بأن زوجها تبنّى ابنتي،‏ وذلك دون اية موافقة مني.‏ فلم تعد لي اية حقوق على طفلتي.‏ وباءت بالفشل محاولتي ان اكسب،‏ بمساعدة القانون،‏ حقوق الزيارة.‏ فشعرت وكأن عبئا يثقل كاهلي.‏ لقد كان ألمي مبرِّحا.‏

لكنَّ كلمة يهوه دعمتني بطرائق عديدة.‏ ذات يوم،‏ كنت مكتئبا الى اقصى الحدود،‏ فصرت اردِّد تكرارا كلمات الامثال ٢٤:‏١٠‏:‏ «إن ارتخيت في يوم الضيق ضاقت قوتك».‏ ساعدتني هذه الآية ألّا أنهار.‏ وفي مناسبة اخرى،‏ بعد فشل احدى محاولاتي لرؤية ابنتي،‏ خرجت في الخدمة وتشبثت بمقبض حقيبتي بكل قوتي.‏ وفي خضمّ هذه اللحظات المرّة،‏ اختبرت صحة المزمور ١٢٦:‏٦ الذي يقول:‏ «الذاهب ذهابا بالبكاء حاملا مبذر الزرع مجيئا يجيء بالترنم حاملا حزمه».‏ لقد تعلمت درسا قيِّما هو:‏ عندما تعانون محنا خطيرة،‏ وبعد ان تفعلوا كل ما في وسعكم لحلِّها،‏ يلزم ان ترموا بها الى الوراء وتواصلوا خدمتكم ليهوه بكل تصميم.‏ هذه هي الوسيلة الوحيدة لتحافظوا على فرحكم.‏

السعي الى الافضل

بعد ان رأى والداي العزيزان على قلبي التغييرات التي أجريتها،‏ عرضا عليّ ان يساعداني على متابعة دراستي في الجامعة.‏ فشكرتهما على ذلك،‏ ولكنني الآن اسعى نحو هدف آخر.‏ لقد حرَّرني الحق من الفلسفة البشرية،‏ التصوُّف،‏ والتنجيم.‏ ولديَّ الآن اصدقاء حقيقيون لا يقتلون واحدهم الآخر ابدا في الحروب.‏ وحصلت أخيرا على الجواب على اسئلتي المتعلقة بسبب كثرة الالم على الارض.‏ وبدافع الشكر،‏ أردت ان اخدم اللّٰه بكل ما أُوتيت من قوة.‏ لقد وقف يسوع نفسه كاملا لخدمته،‏ وأودّ ان أحذو حذوه.‏

سنة ١٩٨٣،‏ تخليت عن عملي كبنّاء لأصبح خادما كامل الوقت.‏ واستجابة لصلواتي،‏ وجدت عملا بدوام جزئي في حديقة عامة لكي أعيل نفسي.‏ وكم ابتهجت بحضور مدرسة الفاتحين مع سيرج،‏ الشاب الذي شهدت له في مدرسة البناء!‏ وبعد ثلاث سنوات في الفتح القانوني،‏ شعرت برغبة في فعل المزيد في خدمة يهوه.‏ ولذلك،‏ سنة ١٩٨٦،‏ عُيِّنت فاتحا خصوصيا في بلدة پروڤان الساحرة،‏ وهي غير بعيدة عن پاريس.‏ وفي المساء،‏ بعد عودتي الى البيت،‏ غالبا ما كنت أجثو على ركبتيّ وأصلي شاكرا يهوه على اليوم الرائع الذي قضيته في التحدث الى الآخرين عنه.‏ وفي الواقع،‏ ان اكثر ما يسرّني في الحياة هو التكلم مع اللّٰه والتكلم عن اللّٰه.‏

هنالك امر آخر افرحني جزيل الفرح هو معمودية امي بعمر ٦٨ سنة.‏ وقد كانت تعيش في سيبازان،‏ قرية صغيرة في جنوب فرنسا.‏ عندما بدأت أمي تقرأ الكتاب المقدس،‏ أرسلت اليها اشتراكين في برج المراقبة واستيقظ!‏.‏ انها شخص منطقي،‏ وسرعان ما أدركت رنّة الحق في ما كانت تقرأه.‏

بيت ايل —‏ فردوس روحي فريد

عندما قرَّرت جمعية برج المراقبة ان تخفِّض عدد الفاتحين الخصوصيين،‏ قدَّمت طلبا للانخراط في مدرسة تدريب الخدام وآخر للخدمة في بيت ايل،‏ مكتب فرع شهود يهوه في فرنسا.‏ أردت ان أترك الامر بين يدي يهوه ليقرِّر هو بأية طريقة يمكنني ان اخدمه بالشكل الافضل.‏ وبعد اشهر قليلة،‏ في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٨٩،‏ دُعيت الى بيت ايل في لوڤييه،‏ شمال غربي فرنسا.‏ كان ذلك النتيجة الافضل،‏ لأن الموقع مكَّنني من مساعدة اخي وزوجته على الاعتناء بوالديّ عندما اشتد عليهما المرض.‏ لم أكن لأتمكن من ذلك لو كنت في الخدمة الارسالية على بعد آلاف الكيلومترات.‏

اتت أمي لزيارتي في بيت ايل عدة مرات.‏ ومع انها كانت تقوم بتضحية لأنها تعيش بعيدا عني،‏ غالبا ما كانت تقول لي:‏ «إبقَ في بيت ايل يا بنيّ.‏ انا سعيدة لأنك تخدم يهوه بهذه الطريقة».‏ للأسف،‏ مات والداي كلاهما.‏ كم اتحرَّق شوقا الى رؤيتهما في ارض تكون قد تحولت الى فردوس حرفي!‏

انني متيقن انه لو وُجد بيت يستحق ان يُدعى:‏ «الفردوس الآن»،‏ فسيكون هذا البيت بيت ايل،‏ «بيت اللّٰه»،‏ لأن الفردوس الحقيقي هو قبل ايّ شيء آخر فردوس روحي،‏ والامور الروحية مزدهرة في بيت ايل.‏ فنحن نتمتع بامتياز تنمية ثمر الروح.‏ (‏غلاطية ٥:‏٢٢،‏ ٢٣‏)‏ والطعام الروحي السخي الذي نتناوله من خلال مناقشة الآية اليومية من الكتاب المقدس والدرس العائلي لـ‍ برج المراقبة يساعد على تقويتي في خدمة بيت ايل.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ فإن معاشرتي لإخوة وأخوات ذوي تفكير روحي يخدمون يهوه بأمانة منذ عقود تجعل من بيت ايل مكانا فريدا للنمو روحيا.‏ ورغم انني أُبعدت عن ابنتي منذ ١٧ سنة حتى الآن،‏ إلا انني وجدت في بيت ايل كثيرين من الاحداث الغيورين وأنا أعتبرهم ابناء لي،‏ وبتقدمهم الروحي أفرح كثيرا.‏ في السنوات الثماني الماضية،‏ نلت سبعة تعيينات مختلفة.‏ ومع ان هذه التغييرات لم تكن سهلة دائما،‏ فإن هذا التدريب مفيد على المدى البعيد.‏

في الماضي،‏ كنت أزرع نوعا من الفاصولياء ينتج مئات اضعاف عدده.‏ وبشكل مماثل،‏ اختبرت انه عندما يزرع المرء ما هو سيئ يحصد مئات اضعافه امورا اسوأ،‏ وليس مجرد حصاد واحد.‏ ان الاختبار مدرسة حيث كلفة الدروس باهظة جدا.‏ كنت أفضِّل لو انني لم اتعلم في هذه المدرسة،‏ وبالاحرى،‏ لو انني تربيت في طرق يهوه.‏ ما اروع الامتياز الذي ينعم به الاحداث الذين يربّيهم والدون مسيحيون!‏ فدون شك،‏ من الافضل ان يزرع المرء ما هو جيد في خدمة يهوه وأن يحصد مئات المرات مزيدا من السلام والاكتفاء.‏ —‏ غلاطية ٦:‏٧،‏ ٨‏.‏

عندما كنت فاتحا،‏ كنت امرّ احيانا بالمكتبة الدينية حيث كتبنا على الجدار شعار الفوضويين.‏ لقد دخلتها ايضا وتحدثت الى صاحب المحل عن اللّٰه الحي وقصده.‏ نعم،‏ اللّٰه اله حي!‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ يهوه،‏ الاله الحقيقي الوحيد،‏ هو اب امين لا يترك اولاده ابدا.‏ (‏كشف ١٥:‏٤‏)‏ أرجو ان تجد جموع اكثر فأكثر من كل الامم الفردوس الروحي الآن والفردوس المسترد القادم بخدمة وتسبيح الاله الحي،‏ يهوه!‏

‏[الحاشية]‏

a اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.‏

‏[الصورتان في الصفحة ٢٦]‏

بعد ان تأثرت بعجائب الخليقة،‏ قررت في قلبي ان أومن باللّٰه.‏ (‏في اليمين)‏ في خدمة بيت ايل اليوم

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة