مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٠٤ ١/‏١١ ص ٢٤-‏٢٨
  • الوقوف بثبات الى جانب يهوه

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • الوقوف بثبات الى جانب يهوه
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٤
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • المعاناة من تأثيرات الحرب
  • حكم اللّٰه يصير حقيقة
  • الخدمة اصبحت طريقة حياتنا
  • حيادنا المسيحي يُمتحن
  • نيل التشجيع اللازم
  • ‏«اعداء الدولة»‏
  • المضي قدما رغم التقدم في السن
  • الايمان تحت الامتحان في سلوڤاكيا
    استيقظ!‏ ٢٠٠٢
  • اكثر من ٤٠ سنة تحت الحظر الشيوعي
    استيقظ!‏ ١٩٩٥
  • تعلمت الاتكال على يهوه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٨
  • الايمان باللّٰه وجَّهني في بلد شيوعي
    استيقظ!‏ ١٩٩٦
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٤
ب٠٤ ١/‏١١ ص ٢٤-‏٢٨

قصة حياة

الوقوف بثبات الى جانب يهوه

كما رواها ميكال جوبراك

بعد ان امضيت شهرا في السجن الانفرادي،‏ اقتادني الحراس الى الاستجواب.‏ وما هي إلا لحظات حتى احمرّ وجه المحقق وصاح فيّ:‏ «انتم جواسيس!‏ جواسيس اميركيون!‏».‏ لم اعرف سبب غضبه.‏ فكل ما فعلته هو الاجابة بأنني واحد من شهود يهوه بعدما سألني عن ديني.‏

وقعت هذه الحادثة منذ اكثر من نصف قرن.‏ في تلك الفترة،‏ كان البلد الذي اعيش فيه خاضعا للحكم الشيوعي.‏ ولكننا،‏ قبل ذلك بوقت طويل،‏ واجهنا ايضا مقاومة شرسة بسبب عمل التعليم المسيحي الذي نقوم به.‏

المعاناة من تأثيرات الحرب

عندما اندلعت الحرب العالمية الاولى سنة ١٩١٤،‏ كنت في الثامنة من عمري.‏ في تلك الاثناء،‏ كانت قريتي زالوجيتس تحت سيطرة الامبراطورية النمساوية-‏المجرية.‏ لكن هذه الحرب لم تغيّر خارطة العالم فحسب،‏ بل جعلتني اكبر قبل الاوان.‏ ففي السنة الاولى لبدء المعارك،‏ توفي والدي الذي كان يخدم في الجيش.‏ وهكذا اصبحنا انا ووالدتي وأختاي الاصغر سنا نعيش في فقر مدقع.‏ وبما انني البكر والصبي الوحيد في العائلة،‏ اضطررت ان اتحمل الكثير من المسؤوليات المتعلقة ببيتنا ومزرعتنا الصغيرة.‏ كنت منذ صغري متدينا جدا.‏ حتى ان قسّ الكنيسة المصلَحة (‏الكالڤنية)‏ التي انتمينا اليها كان يطلب مني ان احلّ محله وأعلِّم رفاقي في المدرسة اثناء غيابه.‏

انتهت الحرب الكبرى سنة ١٩١٨،‏ فتنفسنا الصعداء.‏ وبما ان الامبراطورية النمساوية-‏المجرية تفككت،‏ اصبحنا مواطنين في الجمهورية التشيكوسلوفاكية.‏ وسرعان ما عاد الى الوطن العديد ممن تركوا المنطقة وسافروا الى الولايات المتحدة.‏ وبين هؤلاء كان ميكال پتريك الذي قَدِم الى قريتنا سنة ١٩٢٢.‏ وعندما قام ميكال بزيارة احدى العائلات في الجوار،‏ دُعينا انا ووالدتي ايضا الى ذلك المنزل.‏

حكم اللّٰه يصير حقيقة

كان ميكال احد تلاميذ الكتاب المقدس،‏ كما كان شهود يهوه يدعون آنذاك.‏ وفي تلك الزيارة،‏ راح ميكال يتكلم عن مواضيع مهمة من الكتاب المقدس حيَّرتني جدا،‏ وأهمها عن ملكوت يهوه القادم.‏ (‏دانيال ٢:‏٤٤‏)‏ لذلك،‏ عندما ذكر ان اجتماعا مسيحيا سيُعقد في قرية زاهور يوم الاحد التالي،‏ قررت حضوره.‏ في ذلك اليوم،‏ استيقظت في الساعة الرابعة صباحا وسرت حوالي ٨ كيلومترات لأصل الى منزل احد اقربائي لأستعير منه دراجة.‏ وبعد ان أصلحت الاطار المثقوب،‏ قطعت مسافة ٢٤ كيلومترا لأبلغ قرية زاهور.‏ لم اكن اعرف مكان انعقاد الاجتماع،‏ لذلك سرتُ ببطء في احد الشوارع.‏ وفجأة سمعت ترنيمة للملكوت تُرنَّم في احد المنازل،‏ فطار قلبي فرحا.‏ دخلت ذلك البيت وأوضحت للعائلة سبب قدومي الى القرية.‏ فدعوني الى مشاركتهم في طعام الفطور،‏ ثم اصطحبوني الى مكان الاجتماع.‏ وقد اضطررت ان اجتاز مسافة ٣٢ كيلومترا لأعود الى المنزل،‏ لكنني لم اعرف مطلقا معنى التعب.‏ —‏ اشعياء ٤٠:‏٣١‏.‏

لقد اذهلني الشرح الدقيق المؤسس على الكتاب المقدس الذي قدمه شهود يهوه.‏ وقد مست قلبي فكرة التمتع بحياة سعيدة مانحة للاكتفاء في ظلّ حكم اللّٰه.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏٢٨‏)‏ لذلك قررنا انا ووالدتي الاستقالة من الكنيسة التي ننتمي اليها.‏ وقد اثار ذلك ضجة كبيرة في القرية،‏ حتى ان البعض توقفوا عن التكلم معنا فترة من الوقت.‏ لكننا تمتعنا بمعاشرة بناءة مع العديد من الشهود في منطقتنا.‏ (‏متى ٥:‏١١،‏ ١٢‏)‏ وبعد فترة قصيرة،‏ اعتمدت في نهر يُو.‏

الخدمة اصبحت طريقة حياتنا

لقد اغتنمنا كل فرصة للكرازة ببشارة ملكوت يهوه.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤‏)‏ وصببنا اهتمامنا بشكل خصوصي على الحملات الكرازية الحسنة التنظيم التي قمنا بها ايام الاحاد.‏ وبما ان الناس عموما كانوا يستيقظون باكرا،‏ كنا نبدأ كرازتنا في ساعة مبكرة جدا.‏ وفي وقت لاحق من ذلك اليوم،‏ كان يُعقد اجتماع عام.‏ لم يكن معظم معلّمي الكتاب المقدس آنذاك يتقيدون بمجمل محدَّد،‏ بل كانوا يكيّفون المواد وفق عدد الناس المهتمين،‏ خلفياتهم الدينية،‏ والمواضيع التي تستقطب انتباههم.‏

وقد فتح حق الكتاب المقدس الذي كرزنا به عيون العديد من ذوي القلوب المستقيمة.‏ مثلا،‏ بعيد معموديتي خدمت في قرية تروڤيشتيه.‏ وفي احد المنازل تحدثت الى سيدة لطيفة وودودة جدا تُدعى زوزانا موسكال.‏ كانت هي وعائلتها ينتمون الى الكنيسة الكالڤنية التي كنت في السابق عضوا فيها.‏ ورغم اطلاعها الواسع على الكتاب المقدس،‏ لم تجد الجواب على العديد من الاسئلة التي كانت تراودها حول الكتاب المقدس.‏ فتناقشنا طوال ساعة وفي النهاية قدمت لها كتاب قيثارة اللّٰه (‏بالانكليزية)‏.‏a

سرعان ما جعلت عائلة موسكال قراءة هذا الكتاب جزءا من جلساتها الاعتيادية لقراءة الكتاب المقدس.‏ كما اظهرت عائلات اخرى في تلك القرية اهتماما وبدأت تحضر الاجتماعات،‏ مما دفع بقسّ الكنيسة الكالڤنية الى تحذير الناس بشدة من الاستماع الينا او قبول مطبوعاتنا.‏ فاقترح عليه بعض الاشخاص المهتمين ان يحضر احد الاجتماعات ويدخل في مناظرة علانية مع الشهود يدحض فيها تعاليمنا.‏

وهذا ما فعله القسّ،‏ لكنه عجز عن تقديم دليل واحد من الكتاب المقدس يدعم تعاليمه.‏ وفي محاولة منه للدفاع عن نفسه،‏ قال:‏ «لا يجب تصديق كل ما يذكره الكتاب المقدس،‏ فكتبَتُه كانوا في النهاية بشرا.‏ كما ان المسائل الدينية يمكن تفسيرها بطرائق مختلفة».‏ فشكَّل كلامه هذا نقطة تحول بالنسبة الى كثيرين.‏ فقد اخبره البعض انهم لن يأتوا للاصغاء الى عظاته بعد اليوم ما دام لا يؤمن بالكتاب المقدس.‏ وهكذا انفصلوا عن الكنيسة الكالڤنية واتخذ نحو ٣٠ شخصا من تلك القرية موقفا ثابتا الى جانب حق الكتاب المقدس.‏

صارت الكرازة ببشارة الملكوت طريقة حياتي.‏ لذلك كان من الطبيعي ان ابحث عن رفيقة من عائلة قوية روحيا.‏ كان يان پتروشكا،‏ الذي تعلم الحق في الولايات المتحدة،‏ احد رفاقي في الخدمة.‏ وقد اثر فيّ كثيرا استعداد ابنته ماريا لتقدِّم الشهادة الى كلّ من تلتقيهم،‏ تماما مثل ابيها.‏ وفي سنة ١٩٣٦،‏ تزوجت بماريا التي ظلت رفيقتي الامينة طوال ٥٠ سنة حتى موتها عام ١٩٨٦.‏ ووُلد ابننا الوحيد إدوارت سنة ١٩٣٨.‏ في تلك الفترة،‏ كانت حرب اخرى في اوروبا تلوح في الافق.‏ فكيف اثر ذلك في عملنا؟‏

حيادنا المسيحي يُمتحن

عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية،‏ كانت سلوفاكيا واقعة تحت تأثير الحكم النازي.‏ مع ذلك،‏ لم تتخذ الحكومة اية اجراءات محدَّدة ضد شهود يهوه كهيئة.‏ صحيح اننا اضطررنا الى العمل في السر وخضعت مطبوعاتنا للرقابة،‏ لكننا تابعنا نشاطاتنا بحذر.‏ —‏ متى ١٠:‏١٦‏.‏

ومع ازدياد حدة الحرب،‏ استدعيتُ الى الخدمة في الجيش رغم انني تجاوزت الخامسة والثلاثين من العمر.‏ فرفضت الاشتراك في الحرب بسبب حيادي المسيحي.‏ (‏اشعياء ٢:‏٢-‏٤‏)‏ والمفرح انه،‏ قبل ان تقرِّر السلطات الاجراءات التي ستتخذها بحقي،‏ سُرّح كافة الاشخاص من فئة العمر التي انتمي اليها.‏

لقد عرفنا ان اخوتنا في المدن اضطروا،‏ في سعيهم الى تأمين قوتهم،‏ ان يواجهوا صعوبات اكبر من تلك التي نواجهها نحن في الارياف.‏ فرغبنا ان نشاركهم في ما نملكه.‏ (‏٢ كورنثوس ٨:‏١٤‏)‏ لذلك كنا نحمل معنا اكبر قدر ممكن من الطعام ونسافر الى براتسلاڤا قاطعين اكثر من ٥٠٠ كيلومتر.‏ وهكذا،‏ متّنت سنوات الحرب تلك أواصر الصداقة والمحبة المسيحية بيننا.‏ فقوّانا ذلك لنجتاز المحن التي كانت ستأتي علينا في الاعوام التالية.‏

نيل التشجيع اللازم

بعد الحرب العالمية الثانية،‏ عادت سلوفاكيا جزءا من تشيكوسلوفاكيا.‏ وبين سنتي ١٩٤٦ و ١٩٤٨،‏ عُقدت في بيرنو وپراڠ محافل شملت كافة الشهود في البلد.‏ وكنا نحن الشهود في شرق سلوفاكيا نسافر على متن قطارات خاصة بمندوبي المحافل.‏ ويمكن ان تُسمَّى هذه القطارات «القطارات المرنِّمة» لأننا كنا نرنّم طوال الطريق.‏ —‏ اعمال ١٦:‏٢٥‏.‏

ما زال محفورا في ذاكرتي المحفل الذي عُقد في بيرنو سنة ١٩٤٧.‏ فقد حضر هذا المحفل ثلاثة نظار مسيحيين من المركز الرئيسي العالمي،‏ وأحدهم كان ناثان ه‍.‏ نور.‏ ولدعوة الناس الى حضور الخطاب العام،‏ جاب عديدون منا شوارع المدينة حاملين لافتات تعلن عن محور الخطاب.‏ لكن ابننا إدوارت،‏ الذي كان آنذاك في التاسعة من العمر،‏ شعر بحزن كبير لأنه لم يحصل على لافتة.‏ لذلك صنع الاخوة لافتات اصغر حجما وأعطوها لكثيرين من الاولاد الصغار وليس فقط لإدوارت.‏ وقد نجح هذا الفريق الفتي في دعوة الناس الى حضور الخطاب.‏

في شباط (‏فبراير)‏ سنة ١٩٤٨،‏ استلم الشيوعيون زمام السلطة.‏ فأدركنا انه لن يمضي وقت طويل قبل ان تتخذ الحكومة تدابير لحظر عمل الكرازة.‏ وفي ايلول (‏سبتمبر)‏ من السنة نفسها،‏ عُقد محفل في پراڠ.‏ وقد تأثرنا كثيرا،‏ اذ كنا نتوقع ان تمنع الحكومة تجمعاتنا بعد مرور ثلاث سنوات فقط على نيلنا الحرية لعقد الاجتماعات والمحافل.‏ وفي نهاية المحفل تبنينا القرار الذي ينص في جزء منه:‏ «نحن شهود يهوه المجتمعين هنا .‏ .‏ .‏ مصممون ان نزيد هذه الخدمة المقدسة اكثر فأكثر،‏ ونثابر بنعمة ربنا على هذه الخدمة في وقت مؤات وفي وقت محفوف بالمتاعب،‏ وننشر بشارة ملكوت اللّٰه بغيرة اكبر بعد».‏

‏«اعداء الدولة»‏

بعد مرور شهرين فقط على المحفل الذي عُقد في پراڠ،‏ داهم البوليس السري بيت ايل قرب پراڠ.‏ ووضعوا يدهم على المكان وصادروا كل المطبوعات التي عثروا عليها.‏ كما اوقفوا كافة اعضاء عائلة بيت ايل بالاضافة الى بعض الاخوة الآخرين.‏ ولكن هذه لم تكن سوى البداية.‏

في ليل ٣-‏٤ شباط (‏فبراير)‏ سنة ١٩٥٢،‏ مشطت قوى الامن البلد وألقت القبض على اكثر من ١٠٠ شاهد.‏ وكنت انا واحدا منهم.‏ فنحو الساعة الثالثة صباحا ايقظت الشرطة كافة افراد عائلتي.‏ وبدون تقديم اي تفسير طلبوا مني مرافقتهم.‏ ثم كبلوني وعصبوا عينيّ ووضعوني مع عدد من الاشخاص في صندوق شاحنة.‏ وانتهى بي المطاف الى السجن الانفرادي.‏

مرّ شهر كامل دون ان اتكلم مع احد.‏ فطوال تلك الفترة لم ارَ سوى الحارس الذي كان يرمي لي بوجبة صغيرة من خلال فتحة في الباب.‏ وفي النهاية،‏ استدعاني المحقق الذي ذكرته في المقدمة.‏ وبعد ان نعتني بالجاسوس،‏ تابع قائلا:‏ «الدين جهالة.‏ فاللّٰه غير موجود!‏ ولا يمكننا ان نسمح لكم بخداع الطبقة العاملة.‏ وأنت بالتاكيد إما ستُشنق او ستتعفَّن في السجن.‏ وإذا جاء إلهك الى هنا،‏ فسنقتله هو ايضا!‏».‏

وبما ان السلطات كانت تعي جيدا ان ما من قانون محدَّد يحظر نشاطاتنا المسيحية،‏ فقد ارادت ان تحوّر حقيقة نشاطاتنا لتتلاءم مع القوانين السارية المفعول.‏ لذلك وصفتنا بأننا ‹اعداء للدولة› وجواسيس تابعون لدول اجنبية.‏ وليثبتوا ادعاءهم هذا،‏ كان عليهم ان يحطموا عزيمتنا ويجعلونا «نقرّ» بذنوب لم نقترفها.‏ عند انتهاء الاستجواب تلك الليلة،‏ لم يُسمح لي بالنوم.‏ وبعد بضع ساعات استُجوبت من جديد.‏ هذه المرة،‏ ارادني المحقق ان اوقع على اقرار خطي ينص:‏ «انا،‏ بصفتي عدوا لدولة تشيكوسلوفاكيا الديموقراطية الشعبية،‏ لم انضم الى [المزرعة التعاونية] لأنني كنت انتظر الأميركيين».‏ وعندما رفضت التوقيع على ما يحتويه هذا الاقرار من كذب،‏ ارسلني الى زنزانة التعذيب.‏

هناك منعت من النوم،‏ التمدد ارضا،‏ او حتى الجلوس.‏ فكل ما كان بإمكاني فعله هو الوقوف او التنقل في ارجاء الغرفة.‏ ولكن في النهاية تعبت وتمددت ارضا.‏ عندئذ قادني الحراس مرة اخرى الى مكتب المحقق الذي سألني:‏ «هل ستوقع الآن؟‏».‏ وعندما رفضت ضربني على وجهي،‏ فبدأت انزف.‏ فأمر الحراس وهو يغلي غضبا:‏ «يريد ان ينتحر،‏ لذلك أبقوه تحت المراقبة المستمرة».‏ وهكذا عدت الى السجن الانفرادي.‏ وطوال ستة اشهر،‏ واجهت اساليب الاستجواب نفسها مرة بعد اخرى.‏ لكنّ كل وسائل الاقناع والمحاولات التي اعتمدوها لحملي على الاعتراف بأنني عدو للدولة لم تضعف تصميمي على المحافظة على استقامتي امام يهوه.‏

قبل شهر من موعد محاكمتي،‏ جاء مدعٍ عام من پراڠ واستجوب كل فريقنا المؤلَّف من اثني عشر اخا.‏ سألني المدعي العام:‏ «ماذا تفعل لو هاجمت القوات الإمبريالية الغربية وطنك؟‏».‏ فأجبته:‏ «سأفعل الامر نفسه الذي قمت به عندما تعاون هذا البلد مع هتلر في مهاجمة الاتحاد السوفياتي.‏ في ذلك الوقت لم اقاتل،‏ ولن اقاتل الآن لأنني مسيحي محايد».‏ فقال لي:‏ «لا يمكننا التساهل مع شهود يهوه.‏ فنحن بحاجة الى جنود في حال هاجمتنا القوات الإمبريالية الغربية،‏ ونحن بحاجة الى جنود لتحرير الطبقة العاملة في الغرب».‏

في ٢٤ تموز (‏يوليو)‏ سنة ١٩٥٣،‏ اقتادنا الحراس الى قاعة المحكمة.‏ واستُدعينا نحن الاثني عشر اخا،‏ الواحد تلو الآخر،‏ للمثول امام منصة القضاة.‏ فاغتنمنا الفرصة لنقدِّم شهادة عن ايماننا.‏ وبعد ان اجبنا عن التهم الملفقة التي أُلصقت بنا،‏ وقف احد المحامين وقال:‏ «دخلت قاعة المحكمة هذه مرات عديدة.‏ وغالبا ما سمعت الكثير من الاعترافات وعبارات التوبة والندم،‏ حتى انني رأيت البعض يبكون.‏ لكنّ هؤلاء الرجال سيغادرون المحكمة وهم يتحلون بقوة اكبر».‏ أُدنَّا جميعا بتهمة التآ‌مر على الدولة.‏ وحُكم علي بثلاث سنوات في السجن وصادرت الدولة جميع ممتلكاتي.‏

المضي قدما رغم التقدم في السن

عندما رجعت الى المنزل،‏ بقيت تحت مراقبة البوليس السري.‏ لكن ذلك لم يمنعني من استئناف نشاطاتي الثيوقراطية والحصول على امتياز الخدمة كناظر في جماعتنا.‏ ومع ان الحكومة سمحت لنا بالعيش في بيتنا الذي صادرته،‏ لم نتمكن من استرداد ملكيته بطريقة رسمية إلا بعد حوالي ٤٠ سنة عند سقوط النظام الشيوعي.‏

لم اكن الفرد الوحيد في عائلتي الذي دخل السجن بسبب ايمانه.‏ فلم يمرّ على عودتي الى البيت سوى ثلاث سنوات حتى استُدعي إدوارت الى الخدمة العسكرية.‏ وبسبب ضميره المدرب على الكتاب المقدس،‏ رفض الانخراط في الجيش وبالتالي أُرسل الى السجن.‏ وبعد سنوات،‏ مرّ حفيدي پيتر ايضا بالمحنة نفسها رغم ان صحته كانت ضعيفة.‏

سنة ١٩٨٩،‏ انهار النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا.‏ وكم كانت فرحتي عظيمة عندما تمكنت بعد اربعة عقود من الحظر ان اكرز بحرية من بيت الى بيت!‏ (‏اعمال ٢٠:‏٢٠‏)‏ وقد تمتعت بهذا النوع من الخدمة بقدر ما سمحت لي صحتي.‏ انا اليوم في الثامنة والتسعين من عمري،‏ ولم تعد صحتي كما كانت في السابق.‏ لكنني سعيد لأنه ما زال بإمكاني اخبار الناس عن وعود يهوه المجيدة للمستقبل.‏

استطيع ان اسمي ١٢ رئيسا لخمس دول مختلفة حكمت بلادي.‏ وقد شمل هؤلاء حكاما طغاة ورؤساء جمهوريات وملكا.‏ ولكن لم يتمكن اي منهم من تقديم حلّ دائم للمشاكل التي شغلت بال الناس اثناء فترة حكمه.‏ (‏مزمور ١٤٦:‏٣،‏ ٤‏)‏ وأنا ممتن جدا ليهوه لأنه اتاح لي فرصة التعرف به في وقت باكر من حياتي.‏ وهكذا تمكنت من تقدير الحل الذي يقدِّمه بواسطة الملكوت المسياني،‏ فتجنبت العيش حياة لا معنى لها بدون اللّٰه.‏ لقد اشتركت بنشاط في نشر افضل بشارة طوال اكثر من ٧٥ سنة،‏ وقد اعطى ذلك حياتي معنى وجعلني اشعر بالاكتفاء.‏ كما منحني رجاء مبهجا بالعيش الى الابد على الارض.‏ أوَليس هذا كلّ ما يتمناه الانسان؟‏!‏b

‏[الحاشيتان]‏

a اصدار شهود يهوه،‏ لكنه لم يعد يُطبع الآن.‏

b من المحزن ان الاخ ميكال جوبراك استسلم اخيرا للموت فيما كان هذا المقال قيد الاعداد للنشر.‏ وقد مات امينا واثقا بأن يهوه سيقيمه.‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٦]‏

بعيد زفافنا

‏[الصورة في الصفحة ٢٦]‏

مع إدوارت في اوائل اربعينات القرن العشرين

‏[الصورة في الصفحة ٢٧]‏

نحمل لافتات للاعلان عن المحفل في بيرنو سنة ١٩٤٧

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة