مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ش‌ك الفصل ١٦ ص ١٤١-‏١٥٠
  • ‏«اُعبُر الى مقدونية»‏

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • ‏«اُعبُر الى مقدونية»‏
  • اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • ‏«اَللّٰهُ قَدِ ٱسْتَدْعَانَا» (‏اعمال ١٦:‏٦-‏١٥‏)‏
  • ‏«قَامَ ٱلْجَمْعُ مَعًا عَلَيْهِمَا» (‏اعمال ١٦:‏١٦-‏٢٤‏)‏
  • ‏«اِعْتَمَدَ فِي ٱلْحَالِ» (‏اعمال ١٦:‏٢٥-‏٣٤‏)‏
  • ‏«أَفَٱلْآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟‏» (‏اعمال ١٦:‏٣٥-‏٤٠‏)‏
  • ليديّة —‏ امرأة مضياف متعبدة للّٰه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٦
  • سيلا —‏ مصدر للتشجيع
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٩٩
  • فيلِبِّي
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • ‏«سلام اللّٰه .‏ .‏ .‏ يفوق كل فكر»‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏ ٢٠١٧
المزيد
اشهدوا كاملا عن ملكوت اللّٰه
ش‌ك الفصل ١٦ ص ١٤١-‏١٥٠

الفصل ١٦

‏«اُعْبُرْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ»‏

اَلْبَرَكَاتُ ٱلنَّاجِمَةُ عَنْ قُبُولِ ٱلتَّعْيِينَاتِ وَٱحْتِمَالِ ٱلِٱضْطِهَادِ بِفَرَحٍ

مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٦:‏٦-‏٤٠

١-‏٣ (‏أ)‏ كَيْفَ لَمَسَ بُولُسُ وَرَفِيقَاهُ تَوْجِيهَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نُرَاجِعُ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟‏

تُغَادِرُ مَجْمُوعَةٌ مِنَ ٱلنِّسْوَةِ مَدِينَةَ فِيلِبِّي فِي مَقْدُونِيَةَ.‏ وَسُرْعَانَ مَا يَصِلْنَ إِلَى نَهْرٍ صَغِيرٍ هُوَ نَهْرُ جَانْجِيتِيس.‏ وَكَعَادَتِهِنَّ يَجْلِسْنَ عَلَى ضَفَّةِ ٱلنَّهْرِ يُصَلِّينَ إِلَى إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ؛‏ يُصَلِّينَ عَلَى مَرْأًى مِنَ يَهْوَهَ .‏ .‏ .‏ —‏ ٢ اخ ١٦:‏٩؛‏ مز ٦٥:‏٢‏.‏

٢ فِي هٰذِهِ ٱلْأَثْنَاءِ،‏ وَعَلَى بُعْدِ أَكْثَرَ مِنْ ٨٠٠ كلم شَرْقِيَّ فِيلِبِّي،‏ يُغَادِرُ بُولُسُ وَسِيلَا وَتِيمُوثَاوُسُ مَدِينَةَ لِسْتَرَةَ جَنُوبَ غَلَاطِيَةَ.‏ وَإِذَا بِهِمْ بَعْدَ أَيَّامٍ أَمَامَ طَرِيقٍ رُومَانِيَّةٍ رَئِيسِيَّةٍ تَتَّجِهُ غَرْبًا نَحْوَ أَكْثَرِ ٱلْمَنَاطِقِ ٱكْتِظَاظًا فِي إِقْلِيمِ آسِيَا.‏ يَعُدُّ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلدَّقَائِقَ حَتَّى يَجْتَازُوا هٰذِهِ ٱلطَّرِيقَ ٱلْمُعَبَّدَةَ وَيُوصِلُوا ٱلْبِشَارَةَ عَنِ ٱلْمَسِيحِ إِلَى آلَافِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْقَاطِنِينَ فِي أَفَسُسَ وَمُدُنٍ أُخْرَى.‏ وَلٰكِنْ قَبْلَ ٱلْبَدْءِ بِرِحْلَتِهِمْ،‏ يُوقِفُهُمُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ بِطَرِيقَةٍ مَا وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ فِي آسِيَا.‏ وَمَا ٱلسَّبَبُ؟‏ لَقَدْ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَقُودَ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ عَبْرَ آسِيَا ٱلصُّغْرَى وَبَحْرِ إِيجَه إِلَى ضِفَّةِ ذَاكَ ٱلنَّهْرِ ٱلصَّغِيرِ ٱلْمَدْعُوِّ جَانْجِيتِيس،‏ فَٱسْتَخْدَمَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِهٰذَا ٱلْغَرَضِ.‏

٣ وَبِٱلْفِعْلِ تَوَجَّهَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ.‏ وَٱلْأُسْلُوبُ ٱلَّذِي ٱعْتَمَدَهُ يَسُوعُ فِي تَوْجِيهِهِمْ خِلَالَ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّةِ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ دُرُوسًا قَيِّمَةً لَنَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ.‏ فَلْنَتَوَقَّفْ إِذًا عِنْدَ بَعْضِ ٱلْمَحَطَّاتِ فِي جَوْلَةِ بُولُسَ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ ٱلَّتِي ٱسْتَهَلَّهَا نَحْوَ ٱلْعَامِ ٤٩ ب‌م.‏

‏«اَللّٰهُ قَدِ ٱسْتَدْعَانَا» (‏اعمال ١٦:‏٦-‏١٥‏)‏

٤،‏ ٥ (‏أ)‏ مَاذَا حَدَثَ لِبُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ قُرْبَ بِيثِينِيَةَ؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ قَرَارٍ ٱتَّخَذَهُ ٱلتَّلَامِيذُ،‏ وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟‏

٤ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ وَرَفِيقَاهُ بَعْدَمَا مُنِعُوا مِنَ ٱلْكِرَازَةِ فِي آسِيَا؟‏ تَوَجَّهُوا شَمَالًا لِيُبَشِّرُوا مُدُنَ بِيثِينِيَةَ.‏ وَلِبُلُوغِ وُجْهَتِهِمْ رُبَّمَا مَشَوْا أَيَّامًا عَلَى طُرُقَاتٍ غَيْرِ مُعَبَّدَةٍ تَرْبِطُ بَيْنَ مِنْطَقَتَيْ فَرِيجِيَةَ وَغَلَاطِيَةَ حَيْثُ ٱلْكَثَافَةُ ٱلسُّكَّانِيَّةُ مُنْخَفِضَةٌ.‏ وَلٰكِنْ عِنْدَمَا دَنَوْا مِنْ بِيثِينِيَةَ،‏ ٱسْتَخَدَمَ يَسُوعُ لِلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِمَنْعِهِمْ مِنْ مُتَابَعَةِ سَيْرِهِمْ.‏ (‏اع ١٦:‏٦،‏ ٧‏)‏ فَمَاذَا إِذًا؟‏!‏ لَا بُدَّ أَنَّ ٱلرِّجَالَ وَقَعُوا فِي حَيْرَةٍ.‏ فَقَدْ عَرَفُوا بِمَ يَكْرِزُونَ وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ،‏ لٰكِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا أَيْنَ يَكْرِزُونَ.‏ قَرَعُوا بَابَ آسِيَا،‏ وَإِذَا بِهِ مُوْصَدٌ فِي وَجْهِهِمْ.‏ قَرَعُوا بَابَ بِيثِينِيَةَ،‏ فَلَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ حَالًا.‏ فَهَلْ أَلْقَوُا ٱلسِّلَاحَ وَٱسْتَسْلَمُوا؟‏ إِطْلَاقًا!‏ فَٱلرَّسُولُ بُولُسُ كَانَ عَازِمًا أَنْ يُدَاوِمَ عَلَى ٱلْقَرْعِ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ.‏ عِنْدَئِذٍ ٱتَّخَذُوا قَرَارًا يَبْدُو لِلْوَهْلَةِ ٱلْأُولَى ٱعْتِبَاطِيًّا.‏ فَقَدْ مَشَوْا غَرْبًا نَحْوَ ٥٥٠ كلم مُتَجَاوِزِينَ ٱلْمَدِينَةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى حَتَّى بَلَغُوا مَرْفَأَ تَرُوَاسَ،‏ بَوَّابَةَ مَقْدُونِيَةَ ٱلطَّبِيعِيَّةَ.‏ (‏اع ١٦:‏٨‏)‏ وَهُنَاكَ قَرَعَ بُولُسُ بَابًا ثَالِثًا؛‏ فَإِذَا بِهِ يُفْتَحُ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ!‏

٥ يُطْلِعُنَا كَاتِبُ ٱلْإِنْجِيلِ لُوقَا ٱلَّذِي ٱنْضَمَّ إِلَى بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ فِي تَرُوَاسَ عَلَى تَفَاصِيلِ مَا جَرَى.‏ يَقُولُ:‏ «فِي ٱللَّيْلِ تَرَاءَتْ لِبُولُسَ رُؤْيَا:‏ رَجُلٌ مَقْدُونِيٌّ وَاقِفٌ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ:‏ ‹اُعْبُرْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ وَأَعِنَّا›.‏ فَمَا إِنْ رَأَى ٱلرُّؤْيَا حَتَّى طَلَبْنَا أَنْ نَنْطَلِقَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ،‏ إِذِ ٱسْتَنْتَجْنَا أَنَّ ٱللّٰهَ قَدِ ٱسْتَدْعَانَا لِنُبَشِّرَهُمْ».‏a (‏اع ١٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وَأَخِيرًا،‏ عَرَفَ بُولُسُ أَيْنَ يَكْرِزُ!‏ فَأَبْحَرَ ٱلرِّجَالُ ٱلْأَرْبَعَةُ مِنْ فَوْرِهِمْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ.‏ وَيَا لَلْفَرْحَةِ ٱلَّتِي غَمَرَتْ بُولُسَ إِذْ أَكْمَلَ ٱلْمَسِيرَةَ وَلَمْ يَسْتَسْلِمْ!‏

بولس وتيموثاوس في سفينة

‏«فأقلعنا من ترواس».‏ —‏ اعمال ١٦:‏١١

٦،‏ ٧ (‏أ)‏ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِمَّا حَدَثَ خِلَالَ رِحْلَةِ بُولُسَ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنْ مُثَابَرَةِ بُولُسَ؟‏

٦ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ؟‏ لَاحِظْ مَا يَلِي:‏ لَمْ يَتَدَخَّلْ يَسُوعُ مِنْ خِلَالِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ إِلَّا بَعْدَمَا ٱنْطَلَقَ بُولُسُ فِي رِحْلَتِهِ؛‏ وَلَمْ يُوقِفْهُ عَنِ ٱلتَّقَدُّمِ إِلَّا بَعْدَمَا ٱقْتَرَبَ مِنْ بِيثِينِيَةَ؛‏ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ إِلَّا بَعْدَمَا وَصَلَ إِلَى تَرُوْاسَ.‏ وَٱلْيَوْمَ،‏ قَدْ يَتَعَامَلُ مَعَنَا يَسُوعُ رَأْسُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ بِطَرِيقَةٍ مُشَابِهَةٍ.‏ (‏كو ١:‏١٨‏)‏ فَلَعَلَّكَ تُفَكِّرُ مُنْذُ بَعْضِ ٱلْوَقْتِ فِي ٱلِٱنْهِمَاكِ فِي خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ أَوِ ٱلِٱنْتِقَالِ إِلَى مِنْطَقَةٍ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إِلَى نَاشِرِينَ لِلْمَلَكُوتِ.‏ وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَلَّا يُوَجِّهَكَ يَسُوعُ بِوَاسِطَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ إِلَّا بَعْدَمَا تَتَّخِذُ خُطُوَاتٍ مُحَدَّدَةً لِبُلُوغِ هَدَفِكَ.‏ فَهَلْ لِلسَّائِقِ أَنْ يُوَجِّهَ سَيَّارَتَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا إِذَا لَمْ تَكُنْ تَسِيرُ؟‏!‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ لَا يُرْشِدُنَا يَسُوعُ لِنُوَسِّعَ خِدْمَتَنَا فِي حَالِ لَمْ نَبْذُلْ جُهْدًا حَقِيقِيًّا لِبُلُوغِ هَدَفِنَا.‏

٧ وَلٰكِنْ مَاذَا لَوْ لَمْ تُثْمِرْ جُهُودُنَا عَلَى ٱلْفَوْرِ؟‏ هَلْ نَسْتَسْلِمُ ظَنًّا مِنَّا أَنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ لَا يُوَجِّهُنَا؟‏ لِنَتَذَكَّرْ أَنَّ بُولُسَ أَيْضًا وَاجَهَ ٱلْعَرَاقِيلَ،‏ إِلَّا أَنَّهُ ثَابَرَ عَلَى ٱلسَّعْيِ حَتَّى وَجَدَ بَابًا يُفْتَحُ لَهُ.‏ وَفِي حَالِ ثَابَرْنَا نَحْنُ أَيْضًا،‏ سَيُفْتَحُ أَمَامَنَا دُونَ شَكٍّ «بَابٌ كَبِيرٌ يُؤَدِّي إِلَى ٱلنَّشَاطِ».‏ —‏ ١ كو ١٦:‏٩‏.‏

٨ (‏أ)‏ صِفُوا مَدِينَةَ فِيلِبِّي.‏ (‏ب)‏ أَيُّ حَدَثٍ سَارٍّ نَجَمَ عَنْ كِرَازَةِ بُولُسَ فِي «مَكَانِ صَلَاةٍ»؟‏

٨ بَعْدَ ٱلْوُصُولِ إِلَى إِقْلِيمِ مَقْدُونِيَةَ،‏ سَافَرَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى فِيلِبِّي،‏ مَدِينَةٍ يَعْتَزُّ سُكَّانُهَا بِمُوَاطِنِيَّتِهِمِ ٱلرُّومَانِيَّةِ.‏ وَقَدْ أَقَامَ فِيهَا جُنُودٌ رُومَانٌ مُتَقَاعِدُونَ،‏ فَكَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمُسْتَعْمَرَةُ فِي نَظَرِهِمْ نُسْخَةً مُصَغَّرَةً عَنْ إِيطَالِيَا؛‏ بِمَثَابَةِ رُومَا صَغِيرَةٍ نَابِتَةٍ فِي أَحْضَانِ مَقْدُونِيَةَ.‏ وَخَارِجَ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ عِنْدَ نَهْرٍ صَغِيرٍ،‏ وَجَدَ ٱلْمُرْسَلُونَ مَوْضِعًا ظَنُّوا أَنَّهُ «مَكَانُ صَلَاةٍ».‏b فَنَزَلُوا فِي ٱلسَّبْتِ إِلَى هُنَاكَ وَوَجَدُوا عِدَّةَ نِسَاءٍ مُجْتَمِعَاتٍ لِعِبَادَةِ ٱللّٰهِ.‏ فَجَلَسُوا إِذَّاكَ وَٱبْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ مَعَهُنَّ.‏ «وَكَانَتْ تَسْمَعُ ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُهَا لِيدِيَةُ .‏ .‏ .‏ فَفَتَحَ يَهْوَهُ قَلْبَهَا».‏ وَقَدْ تَأَثَّرَتْ جِدًّا بِمَا سَمِعَتْهُ لِدَرَجَةِ أَنَّهَا ٱعْتَمَدَتْ هِيَ وَأَهْلُ بَيْتِهَا.‏ ثُمَّ «أَلْزَمَتْ» بُولُسَ وَرِفَاقَهُ أَنْ يَمْكُثُوا عِنْدَهَا.‏c —‏ اع ١٦:‏١٣-‏١٥‏.‏

٩ كَيْفَ يَقْتَدِي كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ بُولُسَ،‏ وَأَيَّ بَرَكَاتٍ يَحْصُدُونَ؟‏

٩ تَخَيَّلِ ٱلسَّعَادَةَ ٱلَّتِي غَمَرَتِ ٱلْحَاضِرِينَ جَمِيعًا عِنْدَ مَعْمُودِيَّةِ لِيدِيَةَ.‏ فَكِّرْ بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ بِشَكْلٍ خَاصٍّ.‏ كَمْ فَرِحَ دُونَ شَكٍّ لِأَنَّ يَهْوَهَ قَرَّرَ ٱسْتِخْدَامَهُ هُوَ وَرِفَاقِهِ لِٱسْتِجَابَةِ صَلَوَاتِ ٱلنِّسَاءِ ٱلْمُتَعَبِّدَاتِ!‏ وَكَمْ سُرَّ لِأَنَّهُ قَبِلَ ٱلدَّعْوَةَ أَنْ ‹يَعْبُرَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ›!‏ وَفِي أَيَّامِنَا،‏ يَنْتَقِلُ إِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ كَثِيرُونَ —‏ صِغَارًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا،‏ عُزَّابًا أَوْ مُتَزَوِّجِينَ —‏ إِلَى مَنَاطِقَ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى مُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ.‏ صَحِيحٌ أَنَّهُمْ يُوَاجِهُونَ ٱلصُّعُوبَاتِ،‏ لٰكِنَّهَا تَبْدُو كَلَا شَيْءٍ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ ٱلِٱكْتِفَاءِ ٱلَّذِي يَلْمُسُونَهُ عِنْدَ إِيجَادِ أَشْخَاصٍ يَعْتَنِقُونَ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَمَا فَعَلَتْ لِيدِيَةُ.‏ فَهَلْ فِي وِسْعِكَ أَنْ تُعَدِّلَ فِي حَيَاتِكَ بِحَيْثُ ‹تَعْبُرُ› إِلَى مُقَاطَعَةٍ ٱلْحَاجَةُ فِيهَا مَاسَّةٌ؟‏ تَأَكَّدْ أَنَّ بَرَكَاتٍ وَافِرَةً فِي ٱنْتِظَارِكَ.‏ وَثَمَّةَ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذٰلِكَ.‏ تَأَمَّلْ مَثَلًا فِي آرُون،‏ أَخٍ فِي عِشْرِينَاتِهِ ٱنْتَقَلَ إِلَى أَمِيرْكَا ٱلْوُسْطَى.‏ يُعَبِّرُ قَائِلًا:‏ «سَاعَدَتْنِي ٱلْخِدْمَةُ خَارِجَ بَلَدِي أَنْ أَنْمُوَ رُوحِيًّا وَأَقْتَرِبَ إِلَى يَهْوَهَ.‏ وَخِدْمَةُ ٱلْحَقْلِ هُنَا رَائِعَةٌ،‏ فَأَنَا أُدِيرُ ثَمَانِيَةَ دُرُوسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ!‏».‏

اختان تبشران حيث الحاجة اعظم

كيف ‹نعبر الى مقدونية› اليوم؟‏

‏«قَامَ ٱلْجَمْعُ مَعًا عَلَيْهِمَا» (‏اعمال ١٦:‏١٦-‏٢٤‏)‏

١٠ كَيْفَ سَاهَمَتْ يَدٌ إِبْلِيسِيَّةٌ فِي إِيقَاعِ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ فِي وَرْطَةٍ؟‏

١٠ مِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ ٱسْتَشَاطَ غَضَبًا لِأَنَّ بِذَارَ ٱلْحَقِّ ٱنْغَرَسَ فِي مِنْطَقَةٍ مِنَ ٱلْعَالَمِ حَيْثُ كَانَ هُوَ وَأَبَالِسَتُهُ يَعْمَلُونَ عَلَى كَيْفِهِمْ.‏ فَلَا نَسْتَغْرِبْ إِذًا أَنَّ يَدًا إِبْلِيسِيَّةً سَاهَمَتْ فِي إِيقَاعِ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ فِي وَرْطَةٍ.‏ إِلَيْكَ مَا حَدَثَ:‏ بَيْنَمَا وَاصَلَ ٱلْمُبَشِّرُونَ زِيَارَةَ مَكَانِ ٱلصَّلَاةِ،‏ لَاقَتْهُمْ جَارِيَةٌ بِهَا رُوحٌ شَيْطَانِيَّةٌ كَانَتْ تُكْسِبُ أَرْبَابَهَا ٱلْمَالَ بِٱلتَّكَهُّنِ.‏ وَٱسْتَمَرَّتْ تَتْبَعُهُمْ وَتَصْرُخُ:‏ «هٰؤُلَاءِ ٱلنَّاسُ هُمْ عَبِيدُ ٱللّٰهِ ٱلْعَلِيِّ،‏ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ ٱلْخَلَاصِ».‏ لَرُبَّمَا جَعَلَهَا ٱلشَّيْطَانُ تُنَادِي بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ لِيُوهِمَ ٱلسَّامِعِينَ أَنَّ تَكَهُّنَاتِهَا وَتَعَالِيمَ بُولُسَ مِنَ ٱلْمَصْدَرِ نَفْسِهِ.‏ وَهٰكَذَا يُشَتِّتُ ٱنْتِبَاهَهُمْ عَنْ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ.‏ غَيْرَ أَنَّ بُولُسَ أَسْكَتَهَا بِإِخْرَاجِ ٱلشَّيْطَانِ مِنْهَا.‏ —‏ اع ١٦:‏١٦-‏١٨‏.‏

١١ مَاذَا حَدَثَ لِبُولُسَ وَسِيلَا بَعْدَ طَرْدِ ٱلشَّيْطَانِ مِنَ ٱلْجَارِيَةِ؟‏

١١ حَالَمَا عَلِمَ أَرْبَابُ ٱلْجَارِيَةِ أَنَّ مَصْدَرَ رِبْحِهِمِ ٱلسَّرِيعِ قَدْ تَبَخَّرَ،‏ حَزَّ ٱلْغَيْظُ فِي قُلُوبِهِمْ.‏ فَجَرُّوا بُولُسَ وَسِيلَا إِلَى سَاحَةِ ٱلسُّوقِ حَيْثُ كَانَ مَأْمُورُو ٱلْإِدَارَةِ (‏رَسْمِيُّونَ يُمَثِّلُونَ ٱلسُّلْطَةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ)‏ يَبُتُّونَ بِٱلدَّعَاوَى ٱلْقَضَائِيَّةِ.‏ ثُمَّ خَاطَبُوا رُوحَهُمُ ٱلْوَطَنِيَّةَ وَحَرَّكُوا ٱلنُّعَرَةَ ٱلْعُنْصُرِيَّةَ لَدَيْهِمْ،‏ إِذْ قَالُوا مَا فَحْوَاهُ:‏ ‹هٰذَانِ ٱلْيَهُودِيَّانِ يُثِيرَانِ ٱضْطِرَابًا بِتَعْلِيمِ عَوَائِدَ لَا يَحِلُّ لَنَا نَحْنُ ٱلرُّومَانِيِّينَ قُبُولُهَا›.‏ وَكَانَ لِكَلِمَاتِهِمْ مَفْعُولٌ فَوْرِيٌّ.‏ «فَقَامَ ٱلْجَمْعُ [فِي سَاحَةِ ٱلسُّوقِ] مَعًا عَلَيْهِمَا [بُولُسَ وَسِيلَا]» وَأَمَرَ ٱلْقُضَاةُ أَنْ «يُضْرَبَا بِٱلْعِصِيِّ».‏ بَعْدَئِذٍ ٱقْتِيدَ ٱلرَّجُلَانِ ٱلْجَرِيحَانِ إِلَى ٱلْحَبْسِ،‏ فَأَلْقَاهُمَا ٱلسَّجَّانُ فِي ٱلسِّجْنِ ٱلدَّاخِلِيِّ وَثَبَّتَ أَرْجُلَهُمَا فِي ٱلْمِقْطَرَةِ.‏ (‏اع ١٦:‏١٩-‏٢٤‏)‏ وَحِينَ أَوْصَدَ ٱلْبَابَ خَلْفَهُمَا،‏ جَلَسَا فِي عَتَمَةِ ٱلزِّنْزَانَةِ بِٱلْكَادِ يَرَيَانِ وَاحِدُهُمَا ٱلْآخَرَ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ كَانَ ثَمَّةَ مَنْ يُرَاقِبُ!‏ —‏ مز ١٣٩:‏١٢‏.‏

١٢ (‏أ)‏ كَيْفَ نَظَرَ تَلَامِيذُ ٱلْمَسِيحِ إِلَى ٱلِٱضْطِهَادِ،‏ وَلِمَاذَا؟‏ (‏ب)‏ أَيَّةُ أَسَالِيبَ لَا يَزَالُ ٱلشَّيْطَانُ وَعُمَلَاؤُهُ يَعْتَمِدُونَهَا فِي مُقَاوَمَةِ شَعْبِ ٱللّٰهِ؟‏

١٢ قَبْلَ سَنَوَاتٍ،‏ قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ بِكُلِّ صَرَاحَةٍ:‏ «سَيَضْطَهِدُونَكُمْ».‏ (‏يو ١٥:‏٢٠‏)‏ لِذٰلِكَ حِينَ عَبَرَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ كَانُوا مُهَيَّئِينَ لِمُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ.‏ وَحِينَ ٱضْطُهِدُوا لَمْ يَسْتَنْتِجُوا أَنَّ يَهْوَهَ غَيْرُ رَاضٍ عَنْهُمْ،‏ بَلِ ٱعْتَبَرُوا هٰذِهِ ٱلْمِحْنَةَ دَلَالَةً عَلَى غَضَبِ ٱلشَّيْطَانِ.‏ وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا،‏ يَعْمِدُ عُمَلَاءُ إِبْلِيسَ إِلَى أَسَالِيبَ مُشَابِهَةٍ.‏ فَٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلْمَاكِرُونَ يُشَوِّهُونَ صُورَتَنَا فِي ٱلْمَدَارِسِ وَأَمَاكِنِ ٱلْعَمَلِ مُؤَجِّجِينَ بِٱلتَّالِي نَارَ ٱلِٱضْطِهَادِ.‏ وَفِي بَعْضِ ٱلْبُلْدَانِ،‏ يَجُرُّنَا ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلدِّينِيُّونَ إِلَى ٱلْمَحَاكِمِ.‏ وَٱلتُّهْمَةُ فِي ٱلْحَقِيقَةِ هِيَ كَمَا يَلِي:‏ ‹هٰؤُلَاءِ ٱلشُّهُودُ يُثِيرُونَ ٱضْطِرَابًا بِتَعْلِيمِ عَوَائِدَ لَا يَحِلُّ لَنَا نَحْنُ «ٱلْمُحَافِظِينَ» قُبُولُهَا›.‏ وَفِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ،‏ يُضْرَبُ رُفَقَاؤُنَا ٱلْمُؤْمِنُونَ وَيُزَجُّونَ فِي ٱلسِّجْنِ.‏ وَلٰكِنْ لِنَتَذَكَّرْ،‏ ثَمَّةَ مَنْ يُرَاقِبُ!‏ —‏ ١ بط ٣:‏١٢‏.‏

‏«اِعْتَمَدَ فِي ٱلْحَالِ» (‏اعمال ١٦:‏٢٥-‏٣٤‏)‏

١٣ مَاذَا دَفَعَ ٱلسَّجَّانَ أَنْ يَسْتَفْسِرَ عَنِ ٱلسَّبِيلِ إِلَى ٱلْخَلَاصِ؟‏

١٣ لَا بُدَّ أَنَّ ٱسْتِيعَابَ أَحْدَاثِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلصَّعْبِ ٱسْتَلْزَمَ وَقْتًا،‏ لٰكِنَّهُ لَمْ يَعْصِ عَلَى بُولُسَ وَسِيلَا.‏ فَبِحُلُولِ مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ نَجِدُهُمَا «يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ ٱللّٰهَ بِٱلتَّرْنِيمِ».‏ وَلٰكِنْ فَجْأَةً ضَرَبَ زِلْزَالٌ عَظِيمٌ حَتَّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ ٱلْحَبْسِ.‏ فَٱسْتَيْقَظَ ٱلسَّجَّانُ وَإِذَا بَٱلْأَبْوَابِ مَفْتُوحَةٌ!‏ فَتَمَلَّكَهُ ٱلْخَوْفُ ظَانًّا أَنَّ ٱلسُّجَنَاءَ قَدْ هَرَبُوا.‏ عِنْدَئِذٍ «ٱسْتَلَّ سَيْفَهُ وَأَوْشَكَ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ»،‏ عَالِمًا أَنَّهُ سَيُعَاقَبُ عَلَى هُرُوبِهِمْ.‏ فَصَاحَ بُولُسُ قَائِلًا:‏ «لَا تُؤْذِ نَفْسَكَ،‏ لِأَنَّنَا جَمِيعًا هُنَا!‏».‏ فَسَأَلَ ٱلسَّجَّانُ مَذْعُورًا:‏ «يَا سَيِّدَيَّ،‏ مَاذَا عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟‏».‏ إِلَّا أَنَّ خَلَاصَهُ لَمْ يَكُنْ لَا بِيَدِ بُولُسَ وَلَا سِيلَا،‏ بَلْ بِيَدِ يَسُوعَ وَحْدَهُ.‏ فَأَجَابَا:‏ «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ».‏ —‏ اع ١٦:‏٢٥-‏٣١‏.‏

١٤ (‏أ)‏ كَيْفَ سَاعَدَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلسَّجَّانَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ بُورِكَ بُولُسُ وَسِيلَا لِٱحْتِمَالِهِمَا ٱلِٱضْطِهَادَ بِفَرَحٍ؟‏

١٤ فَهَلْ طَرَحَ ٱلسَّجَّانُ سُؤَالَهُ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ؟‏ لَمْ يُشَكِّكْ بُولُسُ إِطْلَاقًا فِي صِدْقِهِ وَإِخْلَاصِهِ.‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلرَّجُلَ كَانَ أُمَمِيًّا غَيْرَ مُطَّلِعٍ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ،‏ لَزِمَ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَيَقْبَلَ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْأَسَاسِيَّةَ قَبْلَ ٱعْتِنَاقِهِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ.‏ فَخَصَّصَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلْوَقْتَ لِيُكَلِّمَاهُ «بِكَلِمَةِ يَهْوَهَ».‏ وَلَعَلَّ ٱنْهِمَاكَهُمَا فِي تَعْلِيمِهِ أَلْهَاهُمَا عَنْ وَجَعِهِمَا نَتِيجَةَ ٱلضَّرْبِ ٱلْمُبَرِّحِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلسَّجَّانَ ٱنْتَبَهَ لِحَالَتِهِمَا،‏ فَأَخَذَهُمَا وَغَسَّلَ جِرَاحَاتِهِمَا.‏ ثُمَّ «ٱعْتَمَدَ فِي ٱلْحَالِ» هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ.‏ فَيَا لَلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي حَصَدَهَا بُولُسُ وَسِيلَا إِذِ ٱحْتَمَلَا ٱلِٱضْطِهَادَ بِفَرَحٍ!‏ —‏ اع ١٦:‏٣٢-‏٣٤‏.‏

١٥ (‏أ)‏ كَيْفَ يَتَّبِعُ شُهُودٌ عَدِيدُونَ ٱلْيَوْمَ مِثَالَ بُولُسَ وَسِيلَا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ عَلَيْنَا ٱلْمُوَاظَبَةُ عَلَى زِيَارَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى؟‏

١٥ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَسِيلَا،‏ يَكْرِزُ شُهُودٌ عَدِيدُونَ ٱلْيَوْمَ فِيمَا هُمْ مَسْجُونُونَ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ،‏ فَيَحْصُدُونَ نَتَائِجَ رَائِعَةً.‏ خُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ بَلَدًا كَانَ عَمَلُنَا مَحْظُورًا فِيهِ.‏ فَفِي وَقْتٍ مِنَ ٱلْأَوْقَاتِ،‏ بَلَغَتْ نِسْبَةُ ٱلشُّهُودِ ٱلَّذِينَ تَعَرَّفُوا إِلَى ٱلْحَقِّ وَهُمْ فِي ٱلسِّجْنِ ٤٠ فِي ٱلْمِئَةِ مِنْ مَجْمُوعِ ٱلْإِخْوَةِ هُنَاكَ!‏ (‏اش ٥٤:‏١٧‏)‏ لَاحِظْ أَيْضًا أَنَّ ٱلسَّجَّانَ لَمْ يَطْلُبِ ٱلْمُسَاعَدَةَ إِلَّا بَعْدَمَا ضَرَبَ ٱلزِّلْزَالُ.‏ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ،‏ لَا يَتَجَاوَبُ ٱلْبَعْضُ ٱلْيَوْمَ مَعَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ إِلَّا بَعْدَمَا يَهْتَزُّ عَالَمُهُمْ بِفِعْلِ كَارِثَةٍ مَا.‏ لِذَا لِنُوَاظِبْ بِأَمَانَةٍ عَلَى زِيَارَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى،‏ فَنُوَفِّرَ لَهُمُ ٱلْمُسَاعَدَةَ حَالَمَا يَطْلُبُونَهَا.‏

‏«أَفَٱلْآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟‏» (‏اعمال ١٦:‏٣٥-‏٤٠‏)‏

١٦ كَيْفَ ٱنْقَلَبَتْ كُلُّ ٱلْمَوَازِينِ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي؟‏

١٦ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي،‏ قَرَّرَ مَأْمُورُو ٱلْمَدِينَةِ إِخْلَاءَ سَبِيلِ بُولُسَ وَسِيلَا.‏ إِلَّا أَنَّ بُولُسَ أَجَابَ:‏ «جَلَدُونَا عَلَانِيَةً غَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْنَا،‏ وَنَحْنُ رَجُلَانِ رُومَانِيَّانِ،‏ وَأَلْقَوْنَا فِي ٱلسِّجْنِ.‏ أَفَٱلْآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟‏ كَلَّا!‏ بَلْ لِيَأْتُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ وَيُخْرِجُونَا».‏ وَمَا إِنْ عَلِمَ ٱلْمَسْؤُولُونَ أَنَّ بُولُسَ وَسِيلَا مُوَاطِنَانِ رُومَانِيَّانِ حَتَّى «خَافُوا» كَثِيرًا لِأَنَّهُمُ ٱنْتَهَكُوا حُقُوقَهُمَا.‏d فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ ٱنْقَلَبَتْ كُلُّ ٱلْمَوَازِينِ!‏ فَبَعْدَ أَنْ ضُرِبَ ٱلتِّلْمِيذَانِ عَلَى ٱلْمَلَإِ،‏ وَجَبَ ٱلْآنَ عَلَى مَأْمُورِي ٱلْمَدِينَةِ أَنْفُسِهِمْ أَنْ يُقَدِّمُوا لَهُمَا ٱعْتِذَارًا عَلَنِيًّا!‏ فَأَتَوْا وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِمَا طَالِبِينَ مِنْهُمَا ٱلِٱنْصِرَافَ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ.‏ أَمَّا ٱلتِّلْمِيذَانِ فَلَمْ يَرُدَّا طَلَبَهُمْ،‏ وَلٰكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا ٱلْقِيَامُ بِأَمْرٍ أَخِيرٍ.‏ فَقَدْ أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا وَيُشَجِّعَا ٱلتَّلَامِيذَ ٱلْجُدُدَ أَوَّلًا وَمِنْ ثَمَّ يُغَادِرَا.‏

١٧ أَيُّ دَرْسٍ مُهِمٍّ أُتِيحَ لِلتَّلَامِيذِ ٱلْجُدُدِ تَعَلُّمُهُ بِفَضْلِ ٱحْتِمَالِ بُولُسَ وَسِيلَا؟‏

١٧ لَوْ لَمْ تُنْتَهَكْ حُقُوقُ بُولُسَ وَسِيلَا ٱلْقَانُونِيَّةُ،‏ لَتَمَكَّنَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مِنْ تَفَادِي ٱلضَّرْبِ.‏ (‏اع ٢٢:‏٢٥،‏ ٢٦‏)‏ وَلٰكِنْ رُبَّمَا يُخَيَّلُ عِنْدَئِذٍ لِلتَّلَامِيذِ فِي فِيلِبِّي أَنَّهُمَا ٱسْتَغَلَّا وَضْعَهُمَا لِلْإِفْلَاتِ مِنَ ٱلْمُعَانَاةِ فِي سَبِيلِ ٱلْمَسِيحِ.‏ وَأَيُّ أَثَرٍ سَيَتْرُكُهُ ذٰلِكَ فِي إِيمَانِ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلَّذِينَ لَا يَحْمِلُونَ ٱلْجِنْسِيَّةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ؟‏ فَهٰؤُلَاءِ لَمْ يُؤَمِّنْ لَهُمُ ٱلْقَانُونُ ٱلْحِمَايَةَ مِنَ ٱلْجَلْدِ.‏ لِذٰلِكَ حِينَ تَحَمَّلَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلْعِقَابَ،‏ أَظْهَرَا لِلْمُؤْمِنِينَ ٱلْجُدُدِ بِمِثَالِهِمَا أَنَّ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ قَادِرُونَ عَلَى ٱلثَّبَاتِ فِي وَجْهِ ٱلِٱضْطِهَادِ.‏ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى،‏ حِينَ سَعَيَا إِلَى ٱلْحُصُولِ عَلَى حُقُوقِهِمَا ٱلرُّومَانِيَّةِ،‏ أَجْبَرَا ٱلْمَأْمُورِينَ عَلَى ٱلِٱعْتِرَافِ بِخَرْقِ ٱلْقَانُونِ أَمَامَ ٱلرَّأْيِ ٱلْعَامِّ.‏ وَلَعَلَّ هٰذَا يَرْدَعُهُمْ مِنَ ٱلْإِسَاءَةِ إِلَى ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَيُوَفِّرُ لِلْإِخْوَةِ مِقْدَارًا مِنَ ٱلْحِمَايَةِ ٱلْقَانُونِيَّةِ فِي وَجْهِ هَجَمَاتٍ مُمَاثِلَةٍ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏

١٨ (‏أ)‏ كَيْفَ يَقْتَدِي ٱلنُّظَّارُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ بُولُسَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَعْمَلُ عَلَى «ٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتِهَا قَانُونِيًّا» فِي أَيَّامِنَا؟‏

١٨ وَفِي أَيَّامِنَا،‏ يَقُودُ ٱلنُّظَّارُ أَعْضَاءَ ٱلْجَمَاعَةِ بِرَسْمِ ٱلْمِثَالِ أَمَامَهُمْ.‏ فَهُمْ لَا يَتَوَقَّعُونَ مِنْ رُفَقَائِهِمِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أُمُورًا لَيْسُوا مُسْتَعِدِّينَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ لِلْقِيَامِ بِهَا.‏ وَفِي مَجَالٍ آخَرَ أَيْضًا نَتَمَثَّلُ جَمِيعُنَا بِبُولُسَ حِينَ نَدْرُسُ جَيِّدًا كَيْفَ وَمَتَى نَسْتَعْمِلُ حُقُوقَنَا ٱلْقَانُونِيَّةَ لِطَلَبِ ٱلْحِمَايَةِ.‏ فَعِنْدَ ٱلْحَاجَةِ،‏ نَرْفَعُ دَعْوَانَا إِلَى ٱلْمَحَاكِمِ ٱلْقَضَائِيَّةِ،‏ ٱلْمَحَلِّيَّةِ وَٱلْوَطَنِيَّةِ وَٱلدُّوَلِيَّةِ،‏ لِلْحُصُولِ عَلَى حِمَايَةٍ قَانُونِيَّةٍ تَكْفِلُ لَنَا حُرِّيَّةَ ٱلْعِبَادَةِ.‏ وَهَدَفُنَا مِنْ ذٰلِكَ لَيْسَ ٱلْإِصْلَاحَ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّ،‏ بَلِ «ٱلدِّفَاعُ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتُهَا قَانُونِيًّا»،‏ حَسْبَمَا كَتَبَ بُولُسُ إِلَى جَمَاعَةِ فِيلِبِّي بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا.‏ (‏في ١:‏٧‏)‏ وَمَهْمَا كَانَتْ نَتَائِجُ هٰذِهِ ٱلدَّعَاوَى،‏ فَنَحْنُ مُصَمِّمُونَ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَرُفَقَائِهِ أَنْ نُوَاصِلَ ‹ٱلْبِشَارَةَ› حَيْثُمَا يُوَجِّهُنَا رُوحُ يَهْوَهَ.‏ —‏ اع ١٦:‏١٠‏.‏

a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏لُوقَا:‏ كَاتِبُ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ‏».‏

b يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلْيَهُودَ مُنِعُوا مِنْ إِقَامَةِ مَجْمَعٍ فِي ٱلْمَدِينَةِ بِسَبَبِ طَابِعِهَا ٱلْعَسْكَرِيِّ.‏ أَوْ رُبَّمَا لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهَا عَشَرَةُ رِجَالٍ يَهُودٍ،‏ وَهُوَ ٱلْحَدُّ ٱلْأَدْنَى ٱلْمَطْلُوبُ لِتَأْسِيسِ مَجْمَعٍ.‏

c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏لِيدِيَةُ:‏ بَائِعَةُ ٱلْأُرْجُوَانِ‏».‏

d كَفِلَ ٱلْقَانُونُ ٱلرُّومَانِيُّ حَقَّ ٱلْمُوَاطِنِينَ فِي ٱلْخُضُوعِ لِمُحَاكَمَةٍ بِحَسَبِ ٱلْأُصُولِ ٱلْمَرْعِيَّةِ،‏ وَمَنَعَ إِنْزَالَ أَيِّ عِقَابٍ عَلَنِيٍّ فِي مُتَّهَمٍ لَمْ تَثْبُتْ إِدَانَتُهُ.‏

لُوقَا:‏ كَاتِبُ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ

يَسْتَعْمِلُ كَاتِبُ ٱلْأَعْمَالِ صِيغَةَ ٱلْغَائِبِ مِنْ بِدَايَةِ ٱلسِّفْرِ وُصُولًا إِلَى ٱلْإِصْحَاحِ ١٦ ٱلْعَدَدِ ٩‏.‏ فَيَقْصِرُ دَوْرَهُ بِٱلتَّالِي عَلَى رِوَايَةِ أَقْوَالِ وَأَفْعَالِ ٱلْآخَرِينَ.‏ وَلٰكِنْ يَطْرَأُ تَغْيِيرٌ فِي ٱلْأُسْلُوبِ فِي ٱلْأَعْمَال ١٦:‏١٠،‏ ١١‏.‏ فَفِي ٱلْعَدَدِ ١١ مَثَلًا،‏ يُشْرِكُ ٱلْكَاتِبُ نَفْسَهُ فِي أَحْدَاثِ ٱلرِّوَايَةِ،‏ قَائِلًا:‏ ‏«أَقْلَعْنَا مِنْ تَرُوَاسَ وَسِرْنَا فِي ٱتِّجَاهٍ مُسْتَقِيمٍ إِلَى سَامُوتْرَاقِيَا».‏ وَلٰكِنْ رُبَّمَا نَتَسَاءَلُ:‏ ‹كَيْفَ لَنَا أَنْ نَعْرِفَ أَنَّ لُوقَا هُوَ ٱلْكَاتِبُ مَعَ ٱلْعِلْمِ أَنَّ ٱسْمَهُ لَا يَرِدُ فِي ٱلسِّفْرِ بَتَاتًا؟‏›.‏

لوقا

نَسْتَدِلُّ عَلَى ٱلْجَوَابِ مِنْ مُقَدِّمَتَيْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ وَإِنْجِيلِ لُوقَا.‏ فَكِلْتَاهُمَا مُوَجَّهَتَانِ إِلَى ٱلْمَدْعُوِّ «ثَاوُفِيلُسَ».‏ (‏لو ١:‏١،‏ ٣؛‏ اع ١:‏١‏)‏ نَقْرَأُ فِي ٱلْكَلِمَاتِ ٱلِٱفْتِتَاحِيَّةِ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ:‏ «أَنْشَأْتُ ٱلرِّوَايَةَ ٱلْأُولَى،‏ يَا ثَاوُفِيلُسُ،‏ عَنْ جَمِيعِ مَا ٱبْتَدَأَ يَسُوعُ يَفْعَلُهُ وَيُعَلِّمُ بِهِ».‏ وَبِمَا أَنَّ ٱلْمَرَاجِعَ ٱلْقَدِيمَةَ تُجْمِعُ أَنَّ لُوقَا هُوَ مَنْ أَنْشَأَ «ٱلرِّوَايَةَ ٱلْأُولَى»،‏ أَيِ ٱلْإِنْجِيلَ،‏ فَلَا بُدَّ إِذًا أَنْ يَكُونَ هُوَ نَفْسُهُ كَاتِبَ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.‏

فَمَنْ هُوَ لُوقَا؟‏ فِي ٱلْوَاقِعِ،‏ لَا نَعْرِفُ ٱلْكَثِيرَ عَنْهُ.‏ فَٱسْمُهُ لَا يَرِدُ سِوَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ لٰكِنَّ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ يَدْعُوهُ «ٱلطَّبِيبَ ٱلْحَبِيبَ» وَأَحَدَ ‹ٱلْعَامِلِينَ مَعَهُ›.‏ (‏كو ٤:‏١٤؛‏ فل ٢٤‏)‏ أَمَّا ٱلْأَجْزَاءُ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ ٱلْمَكْتُوبَةُ بِصِيغَةِ ٱلْمُتَكَلِّمِ ٱلْجَمْعِ،‏ أَيْ تِلْكَ ٱلَّتِي يُشْرِكُ فِيهَا لُوقَا نَفْسَهُ فِي ٱلرِّوَايَةِ،‏ فَتُشِيرُ أَنَّهُ رَافَقَ بُولُسَ أَوَّلًا مِنْ تَرُوَاسَ إِلَى فِيلِبِّي نَحْوَ ٱلْعَامِ ٥٠ ب‌م.‏ وَلٰكِنْ عِنْدَمَا غَادَرَ ٱلرَّسُولُ ٱلْمَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ لُوقَا بِرِفْقَتِهِ.‏ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ عَادَا وَٱجْتَمَعَا فِي فِيلِبِّي قُرَابَةَ ٱلسَّنَةِ ٥٦ ب‌م وَسَافَرَا بِرِفْقَةِ سَبْعَةِ إِخْوَةٍ آخَرِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَيْثُ ٱعْتُقِلَ بُولُسُ.‏ بَعْدَ سَنَتَيْنِ،‏ رَافَقَ لُوقَا ٱلرَّسُولَ ٱلَّذِي كَانَ لَا يَزَالُ رَهْنَ ٱلِٱعْتِقَالِ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ إِلَى رُومَا.‏ (‏اع ١٦:‏١٠-‏١٧،‏ ٤٠؛‏ ٢٠:‏٥–‏٢١:‏١٧؛‏ ٢٤:‏٢٧؛‏ ٢٧:‏١–‏٢٨:‏١٦‏)‏ وَحِينَ أَدْرَكَ بُولُسُ فِي فَتْرَةِ سَجْنِهِ ٱلثَّانِيَةِ فِي رُومَا أَنَّ إِعْدَامَهُ وَشِيكٌ،‏ كَانَ «لُوقَا وَحْدَهُ» مَعَهُ.‏ (‏٢ تي ٤:‏٦،‏ ١١‏)‏ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ هٰذَا ٱلطَّبِيبَ ٱلْحَبِيبَ قَطَعَ مَسَافَاتٍ شَاسِعَةً وَٱحْتَمَلَ ٱلْمَشَقَّاتِ طَوْعًا فِي سَبِيلِ ٱلْبِشَارَةِ.‏

لَمْ يَزْعَمْ لُوقَا أَنَّهُ شَهِدَ مَا كَتَبَهُ عَنْ يَسُوعَ.‏ بَلْ عَلَى ٱلْعَكْسِ،‏ ٱعْتَرَفَ أَنَّهُ أَخَذَ عَلَى عَاتِقِهِ «تَأْلِيفَ رِوَايَةٍ عَنِ ٱلْوَقَائِعِ» بِنَاءً عَلَى إِفَادَاتِ «شُهُودِ عِيَانٍ».‏ كَمَا أَنَّهُ ‹تَتَبَّعَ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ مِنَ ٱلْأَوَّلِ بِدِقَّةٍ،‏ عَازِمًا أَنْ يَكْتُبَهَا بِٱلتَّرْتِيبِ›.‏ (‏لو ١:‏١-‏٣‏)‏ وَثَمَرَةُ أَعْمَالِهِ تُبَيِّنُ أَنَّهُ بَاحِثٌ دَقِيقٌ.‏ فَلَرُبَّمَا حَاوَرَ أَلِيصَابَاتَ وَمَرْيَمَ أُمَّ يَسُوعَ وَأَشْخَاصًا آخَرِينَ لِيَسْتَقِيَ مَعْلُومَاتِهِ.‏ وَتَجْدُرُ ٱلْإِشَارَةُ أَنَّ إِنْجِيلَهُ ٱنْفَرَدَ بِذِكْرِ أُمُورٍ لَا تَرِدُ فِي ٱلْأَنَاجِيلِ ٱلْأُخْرَى.‏ —‏ لو ١:‏٥-‏٨٠‏.‏

وَيُخْبِرُنَا بُولُسُ أَنَّ لُوقَا كَانَ طَبِيبًا.‏ وَٱهْتِمَامُهُ بِٱلْمَرْضَى يَظْهَرُ جَلِيًّا فِي كِتَابَاتِهِ.‏ لَاحِظْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ لَا ٱلْحَصْرِ بَعْضَ ٱلتَّفَاصِيلِ ٱلَّتِي أَوْرَدَهَا:‏ حِينَ شَفَى يَسُوعُ رَجُلًا بِهِ شَيْطَانٌ،‏ «خَرَجَ مِنْهُ دُونَ أَنْ يُؤْذِيَهُ»؛‏ كَانَتْ حَمَاةُ بُطْرُسَ تُعَانِي «حُمَّى شَدِيدَةً»؛‏ إِحْدَى ٱلنِّسَاءِ ٱللَّوَاتِي أَبْرَأَهُنَّ يَسُوعُ كَانَتِ «ٱمْرَأَةً بِهَا رُوحٌ أَمْرَضَهَا مُنْذُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً،‏ وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْتَصِبَ أَلْبَتَّةَ».‏ —‏ لو ٤:‏٣٥،‏ ٣٨؛‏ ١٣:‏١١‏.‏

غَنِيٌّ عَنِ ٱلْقَوْلِ إِنَّ «عَمَلَ ٱلرَّبِّ» كَانَ أَوَّلًا فِي حَيَاةِ لُوقَا.‏ (‏١ كو ١٥:‏٥٨‏)‏ فَهٰذَا ٱلطَّبِيبُ لَمْ يَسْعَ فِي مِهْنَتِهِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ وَلَمْ يَطْلُبِ ٱلْبُرُوزَ يَوْمًا.‏ بَلْ كَانَ كُلُّ هَمِّهِ أَنْ يُسَاعِدَ ٱلْآخَرِينَ عَلَى مَعْرِفَةِ يَهْوَهَ وَخِدْمَتِهِ.‏

لِيدِيَةُ:‏ بَائِعَةُ ٱلْأُرْجُوَانِ

عَاشَتْ لِيدِيَةُ فِي فِيلِبِّي،‏ ٱلْمَدِينَةِ ٱلرَّئِيسِيَّةِ فِي مَقْدُونِيَةَ.‏ أَصْلُهَا مِنْ مَدِينَةِ ثِيَاتِيرَا ٱلْوَاقِعَةِ فِي مِنْطَقَةِ لِيدِيَا غَرْبِيَّ آسِيَا ٱلصُّغْرَى.‏ غَيْرَ أَنَّهَا ٱنْتَقَلَتْ إِلَى ٱلْجَانِبِ ٱلْآخَرِ مِنْ بَحْرِ إِيجَه بِحُكْمِ عَمَلِهَا فِي بَيْعِ ٱلْأُرْجُوَانِ.‏ فَكَانَتْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ تُتَاجِرُ بِبَضَائِعَ أُرْجُوَانِيَّةٍ مُتَنَوِّعَةٍ،‏ مِنْ سَجَّادَاتٍ وَمُطَرَّزَاتٍ وَأَقْمِشَةٍ وَأَصْبَاغٍ.‏ وَيَشْهَدُ نَقْشٌ ٱكْتُشِفَ فِي فِيلِبِّي عَلَى وُجُودِ رَابِطَةٍ لِبَائِعِي ٱلْأُرْجُوَانِ هُنَاكَ.‏

ليدية

تُوصَفُ لِيدِيَةُ بِأَنَّهَا «عَابِدَةٌ لِلّٰهِ» مِمَّا يَعْنِي عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَهَوِّدَةً.‏ (‏اع ١٦:‏١٤‏)‏ وَلَرُبَّمَا تَعَرَّفَتْ إِلَى عِبَادَةِ يَهْوَهَ فِي مَدِينَتِهَا ٱلْأُمِّ.‏ فَبِعَكْسِ فِيلِبِّي،‏ ضَمَّتْ ثِيَاتِيرَا مَجْمَعًا يَهُودِيًّا.‏ وَيَعْتَقِدُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ ٱسْمَهَا هُوَ فِي ٱلْحَقِيقَةِ مُجَرَّدُ لَقَبٍ أَطْلَقَهُ عَلَيْهَا أَهْلُ فِيلِبِّي وَمَعْنَاهُ «ٱمْرَأَةٌ مِنْ لِيدِيَا».‏ وَلٰكِنْ ثَمَّةَ وَثَائِقُ تُظْهِرُ أَنَّ «لِيدِيَةَ» ٱعْتُبِرَ أَيْضًا ٱسْمًا عَلَمًا.‏

عُرِفَ أَهْلُ لِيدِيَا وَٱلْمِنْطَقَةِ ٱلْمُجَاوِرَةِ بِبَرَاعَتِهِمْ فِي صِبَاغَةِ ٱلْأُرْجُوَانِ مُنْذُ أَيَّامِ هُومِيرُوس فِي ٱلْقَرْنِ ٱلتَّاسِعِ أَوِ ٱلثَّامِنِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ.‏ وَٱشْتَهَرَتْ مِيَاهُ ثِيَاتِيرَا بِأَنَّهَا تُنْتِجُ أَزْهَى دَرَجَاتِ ٱللَّوْنِ ٱلْأُرْجُوَانِيِّ وَأَكْثَرَهَا ثَبَاتًا.‏

وَقَدْ كَانَتِ ٱلْمَصْنُوعَاتُ ٱلْأُرْجُوَانِيَّةُ مُقْتَنَيَاتٍ فَاخِرَةً فِي مُتَنَاوَلِ ٱلْأَثْرِيَاءِ فَقَطْ.‏ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلصِّبَاغَ ٱلْأُرْجُوَانِيَّ ٱسْتُخْرِجَ مِنْ مَصَادِرَ عِدَّةٍ،‏ إِلَّا أَنَّ أَفْضَلَ أَنْوَاعِهِ وَأَغْلَاهَا أَتَى مِنْ أَصْدَافٍ وُجِدَتْ عَلَى شَاطِئِ ٱلْبَحْرِ ٱلْمُتَوَسِّطِ.‏ وَقَدِ ٱسْتُخْدِمَ فِي صِبَاغَةِ ٱلْكَتَّانِ ٱلْجَيِّدِ.‏ وَكَانَتْ كُلُّ صَدَفَةٍ تُنْتِجُ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَقَطْ مِنَ ٱلصِّبَاغِ.‏ لِذٰلِكَ ٱسْتَلْزَمَ إِنْتَاجُ مُجَرَّدِ غِرَامٍ وَاحِدٍ مِنْ هٰذَا ٱلسَّائِلِ ٱلنَّفِيسِ نَحْوَ ٠٠٠‏,٨ صَدَفَةٍ.‏ فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنَّ ٱلْأَقْمِشَةَ ٱلْأُرْجُوَانِيَّةَ بِيعَتْ بِأَسْعَارٍ بَاهِظَةٍ.‏

كَانَتْ لِيدِيَةُ عَلَى ٱلْأَغْلَبِ تَاجِرَةً نَاجِحَةً وَغَنِيَّةً.‏ فَقَدِ ٱشْتَغَلَتْ فِي تِجَارَةٍ تَطَلَّبَتْ رَأْسَ مَالٍ مُهِمًّا،‏ كَمَا ٱمْتَلَكَتْ مَنْزِلًا كَبِيرًا ٱتَّسَعَ لِٱسْتِضَافَةِ بُولُسَ وَسِيلَا وَتِيمُوثَاوُسَ وَلُوقَا دُفْعَةً وَاحِدَةً.‏ أَمَّا عِبَارَةُ «أَهْلِ بَيْتِهَا» فَرُبَّمَا عَنَتْ أَنَّ أَقَارِبَهَا سَكَنُوا مَعَهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ،‏ وَلَعَلَّهَا أَشَارَتْ أَيْضًا أَنَّهَا ٱمْتَلَكَتْ عَبِيدًا وَخَدَمًا.‏ (‏اع ١٦:‏١٥‏)‏ وَبِمَا أَنَّ بُولُسَ وَسِيلَا ٱلْتَقَيَا بَعْضَ ٱلْإِخْوَةِ عِنْدَ لِيدِيَةَ قَبْلَ مُغَادَرَةِ ٱلْمَدِينَةِ،‏ نَسْتَنْتِجُ أَنَّهَا فَتَحَتْ مَنْزِلَهَا لِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوَائِلِ فِي فِيلِبِّي.‏ —‏ اع ١٦:‏٤٠‏.‏

بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا،‏ حِينَ رَاسَلَ بُولُسُ جَمَاعَةَ فِيلِبِّي،‏ لَمْ يَأْتِ عَلَى ذِكْرِ لِيدِيَةَ.‏ لِذٰلِكَ فَإِنَّ ٱلْإِصْحَاحَ ١٦ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ هُوَ ٱلْمَصْدَرُ ٱلْوَحِيدُ لِمَعْلُومَاتِنَا عَنْهَا.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة