مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «الموسيقى»‏
  • الموسيقى

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • الموسيقى
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • الملك داود وشغفه بالموسيقى
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٩
  • هل تعلم؟‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏ ٢٠٢٤
  • الموسيقى التي تُسِرّ اللّٰه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٠
  • الحياة في زمن الكتاب المقدس:‏ الآلات الموسيقية
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١٢
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «الموسيقى»‏

الموسيقى

احدى عطايا اللّٰه التي يقدِّم الانسان من خلالها التسبيح والشكر لخالقه ويعبِّر عن مشاعره وأفراحه وأحزانه.‏ صحيح ان الترنيم احتل مكانة مهمة في عبادة يهوه اللّٰه،‏ الا ان العزف على الآلات لعب هو الآخر دورا كبيرا.‏ ولم تُستخدم الآلات لمرافقة المغنين فحسب،‏ بل كمَّلت غناءهم ايضا.‏ لا عجب اذًا ان يشير الكتاب المقدس تكرارا من بدايته الى نهايته الى الموسيقى الغنائية والعزف كليهما،‏ سواء ارتبطا بالعبادة الحقة ام لا.‏ —‏ تك ٤:‏٢١؛‏ ٣١:‏٢٧؛‏ ١ اخ ٢٥:‏١؛‏ رؤ ١٨:‏٢٢‏.‏

تاريخها:‏ يذكر الكتاب المقدس الموسيقى اول مرة في فترة ما قبل الطوفان في الجيل السابع بعد آدم.‏ نقرأ:‏ «يوبال .‏.‏.‏ ابو كل عازف بالقيثارة والناي».‏ وربما تصف هذه الكلمات ابتكار اولى الآلات الموسيقية،‏ او انشاء شكل من اشكال المهن الموسيقية.‏ —‏ تك ٤:‏٢١‏.‏

في زمن الآباء الاجلاء،‏ لعبت الموسيقى على ما يبدو دورا اساسيا حسبما نستشف من رغبة لابان ان يودِّع يعقوب وابنتيه بالموسيقى والاغاني.‏ (‏تك ٣١:‏٢٧‏)‏ وكان الغناء والعزف الموسيقي وجها بارزا ايضا خلال الاحتفال بالخلاص عند البحر الاحمر وعند عودة يفتاح وداود وشاول من الحرب منتصرين.‏ —‏ خر ١٥:‏٢٠،‏ ٢١؛‏ قض ١١:‏٣٤؛‏ ١ صم ١٨:‏٦،‏ ٧‏.‏

وفي المحاولتَين لنقل التابوت الى اورشليم،‏ كان هنالك مرنمون وعازفون.‏ (‏١ اخ ١٣:‏٨؛‏ ١٥:‏١٦‏)‏ وفي اواخر ايام داود،‏ نظَّم يهوه الموسيقى في المَقدس عن طريق النبيين ناثان وجاد.‏ —‏ ١ اخ ٢٣:‏١-‏٥؛‏ ٢ اخ ٢٩:‏٢٥،‏ ٢٦‏.‏

وفي هيكل سليمان،‏ طُبِّق كاملا التنظيم الموسيقي الذي وضعه داود.‏ وقد كانت للموسيقى رهبة وعظمة عند تكريس الهيكل،‏ بحيث ان عدد النافخين في الابواق بلغ وحده ١٢٠ شخصا.‏ (‏٢ اخ ٥:‏١٢،‏ ١٣‏)‏ ولكن حين تراخت الامة وتخلت عن امانتها ليهوه،‏ تضررت كل اوجه العبادة الحقة فيها،‏ بما في ذلك الموسيقى.‏ غير ان الوضع تبدل في وقت لاحق،‏ تحديدا عندما اجرى الملكان حزقيا ويوشيا اصلاحاتهما وبعدما عاد اليهود من السبي البابلي.‏ فقد بُذلت جهود لإحياء الترتيبات الموسيقية كما ارادها يهوه في الاساس.‏ (‏٢ اخ ٢٩:‏٢٥-‏٢٨؛‏ ٣٥:‏١٥؛‏ عز ٣:‏١٠‏)‏ وبعد مدة،‏ حين دشَّن نحميا سور اورشليم،‏ اضفى غناء المرنمين اللاويين مع المرافقة الموسيقية الكاملة البهجة على المناسبة.‏ (‏نح ١٢:‏٢٧-‏٤٢‏)‏ ومع ان الاسفار المقدسة لا تأتي على ذكر الموسيقى في الهيكل بعد زمن نحميا،‏ تُخبر سجلات اخرى مثل التلمود ان الموسيقى ظل صداها يتردد هناك حتى دمار اورشليم عام ٧٠ ب‌م.‏

كم بلغ عدد الموسيقيين والمغنين العاملين في هيكل اورشليم؟‏

في اطار التحضيرات لبناء هيكل يهوه،‏ خصص داود ٠٠٠‏,٤ لاوي للخدمات الموسيقية.‏ (‏١ اخ ٢٣:‏٤،‏ ٥‏)‏ ومن بينهم كان ٢٨٨ «مدربين على الترنيم ليهوه،‏ وكلهم ذوو خبرة».‏ (‏١ اخ ٢٥:‏٧‏)‏ وكانت الترتيبات بكاملها تحت اشراف ثلاثة موسيقيين ماهرين هم آساف وهيمان ويدوثون (‏يُدعى ايضا ايثان على ما يبدو)‏.‏ وبما ان هؤلاء الرجال الثلاثة متحدرون تباعا من جرشوم وقهات ومراري،‏ اي ابناء لاوي الثلاثة،‏ كانت عائلات اللاويين الرئيسية الثلاث جميعها ممثلة في الترتيبات الموسيقية في الهيكل.‏ (‏١ اخ ٦:‏١٦،‏ ٣١-‏٣٣،‏ ٣٩-‏٤٤؛‏ ٢٥:‏١-‏٦‏)‏ وبلغ عدد ابناء هؤلاء الرجال الثلاثة ٢٤ خدموا جميعهم ضمن الموسيقيين الماهرين الـ‍ ٢٨٨ المذكورين سابقا.‏ وقد عُيِّن كل ابن بالقرعة على رأس فرقة من الموسيقيين.‏ وخدم تحت اشرافه ١١ موسيقيا ‹ذا خبرة› اختيروا من بين ابنائه ومن اللاويين الآخرين.‏ وهكذا كان الموسيقيون اللاويون الخبراء الـ‍ ٢٨٨ (‏[١ + ١١] × ٢٤ = ٢٨٨)‏ موزعين على ٢٤ فرقة.‏ وإذا قسَّمنا كل ‹التلاميذ› الـ‍ ٧١٢‏,٣ المتبقين،‏ اي ١٥٥ رجلا كمعدل،‏ على كلٍّ من الفرق الـ‍ ٢٤،‏ نجد ان كل خبير يُشرف بالاجمال على ١٣ لاويا في مختلف مراحل التعليم والتدريب الموسيقيين.‏ (‏١ اخ ٢٥:‏١-‏٣١‏)‏ وبما ان النافخين في الابواق كانوا كهنة،‏ يُضاف عددهم الى الموسيقيين اللاويين.‏ —‏ ٢ اخ ٥:‏١٢‏؛‏ قارن عد ١٠:‏٨‏.‏

الآلات الموسيقية:‏ يأتي الكتاب المقدس على ذكر اكثر من ١٢ آلة موسيقية،‏ لكنه لا يعطي الكثير من المعلومات عن شكلها ومواصفاتها.‏ لذلك يتكل معظم العلماء الى حد بعيد على ما اكتشفه علماء الآثار عن موسيقى الشعوب المجاورة في ذلك العصر.‏ لكن هذا المصدر ليس بالضرورة دليلا يُعتمد عليه لأن امة اسرائيل تفوَّقت في الموسيقى كما يبدو على الامم المجاورة.‏ فضلا عن ذلك،‏ يربط البعض عدة آلات في الاسفار المقدسة بآ‌لات تُستعمل اليوم في الشرق الاوسط وتعود الى ازمنة باكرة على ما يُفترض.‏ لكن هذا ايضا مجرد تخمين.‏

يمكن تقسيم الآلات الموسيقية في الكتاب المقدس كما يلي:‏

الآلات الوترية:‏ السنطير،‏ العود،‏ القيثارة.‏

آلات النفخ:‏ البوق،‏ القرن،‏ المِزمار،‏ مزمار القربة،‏ الناي،‏ (‏ربما)‏ نحيلوث.‏

آلات القرع:‏ الدف،‏ الصلاصل،‏ الصنج.‏

لمزيد من المعلومات،‏ انظر المقالات عن كلٍّ من الآلات المذكورة اعلاه.‏

لا مبرر للاعتقاد ان الآلات الموسيقية في اسرائيل كانت بدائية من حيث التصميم او الصنع او نوعية الصوت.‏ فالكتاب المقدس يذكر ان القيثارات والآلات الوترية المستعملة في الهيكل صُنعت من افخر انواع خشب الصندل المستورد،‏ اما البوقان فكانا من فضة.‏ (‏١ مل ١٠:‏١١،‏ ١٢؛‏ عد ١٠:‏٢‏)‏ ولا شك ان آلات الهيكل الموسيقية صنعها امهر الصنَّاع.‏

وتشهد الاسفار المقدسة ومخطوطات اخرى عائدة الى ما قبل الميلاد على نوعية الآلات وكفاءة الموسيقيين في اسرائيل القديمة.‏ وتذكر ادراج البحر الميت ان عددا من الابواق ادت نداءات معينة معقدة «بفم واحد».‏ ولم يتطلب ذلك موسيقيين مهرة فحسب،‏ بل آلات متقنة الصنع بحيث يمكن تعديل طبقة الصوت كي تتوافق كل الاصوات معا.‏ والسجل الملهم عن الموسيقى في تدشين هيكل سليمان يصف خلوها من النشاز قائلا:‏ «صوَّت النافخون [المئة والعشرون] في الابواق والمرنمون كواحد وهم يُسمِعون صوتا واحدا».‏ —‏ ٢ اخ ٥:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

لا يعدِّد الكتاب المقدس سوى اربع آلات استخدمتها الفرقة الموسيقية في الهيكل:‏ الابواق،‏ القيثارات،‏ الآلات الوترية (‏بالعبرانية:‏ نِڤاليم‏)‏،‏ والصنوج.‏ صحيح ان هذه الفرقة لا تُعتبر اوركسترا كاملة وفقا للمقاييس العصرية،‏ لكن من الاساس لم يُقصد لها ان تكون اوركسترا سمفونية،‏ بل ان ترافق الغناء في الهيكل فحسب.‏ وهذه المجموعة من الآلات كانت تفي بالمطلوب.‏ —‏ ٢ اخ ٢٩:‏٢٥،‏ ٢٦؛‏ نح ١٢:‏٢٧،‏ ٤١،‏ ٤٢‏.‏

بالانتقال الى الوقت الذي عُزف فيه على الآلات الموسيقية المقدسة،‏ تعدِّد الاسفار المقدسة المناسبات التالية بالنسبة الى البوقَين:‏ «في يوم فرحكم وفي مواسم اعيادكم وفي رؤوس شهوركم،‏ تنفخون في البوقَين فوق محرقاتكم وذبائح شركتكم».‏ (‏عد ١٠:‏١٠‏)‏ ويُرجح ان الآلات الاخرى أُضيفت الى البوقَين،‏ في هذه المناسبات الخصوصية وغيرها،‏ بعد تنظيم الموسيقى في الهيكل.‏ وتسلسل الاحداث عندما احيا الملك حزقيا الخدمات المقدسة بعد تطهير الهيكل يشير كما يبدو الى هذا الاستنتاج،‏ ويدلنا ايضا على النهج الموسيقي المتبع آنذاك.‏ نقرأ:‏ «عند ابتداء المحرقة،‏ ابتدأت ترنيمة يهوه،‏ والابواق ايضا بقيادة آلات داود ملك اسرائيل.‏ وكانت الجماعة كلها تسجد في اثناء إنشاد الترنيمة والنفخ في الابواق،‏ كل ذلك الى ان انتهت المحرقة».‏ (‏٢ اخ ٢٩:‏٢٧،‏ ٢٨‏)‏ وبما ان الابواق كانت تحت «قيادة آلات داود»،‏ نستنتج كما يظهر ان النافخين فيها عزفوا ليكمِّلوا الآلات الاخرى،‏ لا ليغطُّوا عليها.‏ وقد وقف كل الموسيقيين «شرقي المذبح».‏ —‏ ٢ اخ ٥:‏١٢‏.‏

الموسيقى الغنائية:‏ كان المغنون في الهيكل رجالا لاويين.‏ ولا تذكر الاسفار المقدسة اية مغنيات في الهيكل.‏ ويشير احد الترجومات تعليقا على الجامعة ٢:‏٨ انهن لم يشاركن في فرقة المرنمين.‏ وبما ان النساء مُنعن من دخول بعض الاماكن في الهيكل،‏ فمن المنطقي انهن مُنعن من تولي اي منصب رسمي فيه.‏ —‏ ٢ اخ ٥:‏١٢؛‏ نح ١٠:‏٣٩؛‏ ١٢:‏٢٧-‏٢٩‏.‏

كان الغناء في الهيكل على جانب كبير من الاهمية.‏ فالاسفار المقدسة تشير مرارا وتكرارا الى المرنمين وتُخبر انهم «كانوا معفَين من الواجبات الاخرى» التي تولاها غيرهم من اللاويين،‏ وذلك كي يكرسوا انفسهم كاملا لخدمتهم.‏ (‏١ اخ ٩:‏٣٣‏)‏ وعند العودة من بابل،‏ يُذكر المرنمون على حدة مما يدل انهم ظلوا متميزين عن اللاويين الآخرين.‏ (‏عز ٢:‏٤٠،‏ ٤١‏)‏ حتى انهم أُعفوا هم وبعض الفئات المميزة الاخرى من ‹الضريبة والجزية والرسم› بأمر من الملك الفارسي ارتحشستا الطويل اليد.‏ (‏عز ٧:‏٢٤‏)‏ وفي وقت لاحق،‏ امر الملك ان يُخصَّص «للمرنمين نصيب ثابت كل يوم حسب حاجتهم».‏ ومع ان هذا الامر يُنسب الى ارتحشستا،‏ من المرجح ان عزرا هو مَن اصدره على اساس السلطة الممنوحة اليه من الملك.‏ (‏نح ١١:‏٢٣؛‏ عز ٧:‏١٨-‏٢٦‏)‏ لا نستغرب اذًا ان يُبرز الكتاب المقدس المرنمين كمجموعة مميزة بالقول:‏ «اللاويون والمرنمون»،‏ مع ان المرنمين هم لاويون ايضا.‏ —‏ نح ٧:‏١؛‏ ١٣:‏١٠‏.‏

اضافة الى العبادة في الهيكل،‏ تأتي الاسفار المقدسة على ذكر مغنين آخرين،‏ رجالا ونساء.‏ مثلا،‏ كان هناك مغنون ومغنيات في بلاط سليمان،‏ ونحو ٢٠٠ مغنٍّ ومغنية عادوا مع الموسيقيين اللاويين من بابل.‏ (‏جا ٢:‏٨؛‏ عز ٢:‏٦٥؛‏ نح ٧:‏٦٧‏)‏ وهؤلاء المغنون غير اللاويين كثر وجودهم في اسرائيل وغنوا في مناسبات مفرحة متنوعة ورفعوا المراثي في المناسبات الحزينة ايضا.‏ (‏٢ صم ١٩:‏٣٥؛‏ ٢ اخ ٣٥:‏٢٥؛‏ ار ٩:‏١٧،‏ ٢٠‏)‏ وعلى ما يبدو،‏ ظل الناس يستعينون بالموسيقيين المحترفين في اوقات الحزن والفرح على السواء حتى ايام يسوع على الارض.‏ —‏ مت ١١:‏١٦،‏ ١٧‏.‏

صحيح ان الاسفار اليونانية المسيحية لا تُبرز الموسيقى كما الاسفار العبرانية،‏ لكنها في الوقت نفسه لا تصرف النظر عنها.‏ فمع ان العزف على الآلات في العبادة الحقة لا يرد فيها الا بمعنى مجازي (‏رؤ ١٤:‏٢‏)‏،‏ يبدو ان الترنيم كان شائعا بين خدام اللّٰه.‏ فيسوع ورسله رنموا تسابيح بعد عشاء الرب.‏ (‏مر ١٤:‏٢٦‏)‏ ويُخبرنا لوقا ان بولس وسيلا رنَّما في السجن،‏ كما ان بولس نفسه شجع الرفقاء المؤمنين ان يرفعوا التسابيح ليهوه.‏ (‏اع ١٦:‏٢٥؛‏ اف ٥:‏١٨،‏ ١٩؛‏ كو ٣:‏١٦‏)‏ وكلمات بولس في ١ كورنثوس ١٤:‏١٥ عن الترانيم تدل كما يظهر انها كانت وجها ثابتا من العبادة المسيحية.‏ وفي رؤيا يوحنا الملهمة،‏ أخبر الرسول عن مخلوقات سماوية عديدة ترنم للّٰه والمسيح.‏ —‏ رؤ ٥:‏٨-‏١٠؛‏ ١٤:‏٣؛‏ ١٥:‏٢-‏٤‏.‏

خصائص الموسيقى في الكتاب المقدس:‏ يُبيِّن الشعر والنثر في الاسفار العبرانية المُثُل السامية عند الاسرائيليين قديما وتفوقهم في الانتاج الادبي.‏ وهذا يرجِّح تفوق الامة في الموسيقى على الامم الاخرى آنذاك.‏ ولا شك ان مصدر الهامهم كان اسمى بكثير من مصدر الهام الامم المجاورة.‏ ومن المثير للاهتمام ان نقشا اشوريا قليل البروز يصوِّر الملك سنحاريب وهو يطالب الملك حزقيا بجزية هي عبارة عن موسيقيين وموسيقيات.‏ —‏ نصوص الشرق الادنى القديمة،‏ تحرير ج.‏ بريتشارد،‏ ١٩٧٤،‏ ص ٢٨٨.‏

منذ وقت طويل،‏ يرى البعض ان الموسيقى العبرانية كانت عبارة عن الحان فقط دون توافق صوتي.‏ لكن مجرد التفكير في اهمية القيثارة والآلات الوترية الاخرى في اسرائيل يُضعف هذا الاحتمال الى حد كبير.‏ فمن المستبعد جدا ان يعزف موسيقي على آلة متعددة الاوتار ولا يلاحظ ان الجمع بين نغمات معينة يُنتج صوتا حسن الوقع،‏ او ان سلسلة محددة من النوتات كما في صوت تتابعي (‏arpeggio)‏ تُصدر صوتا عذبا.‏ ويذكر كورت ساكس الخبير في تاريخ الموسيقى:‏ «لا اساس منطقيا للفكرة المتحيزة القديمة بأن التوافق الصوتي وتفرع الاصوات [الجمع بين جزءين موسيقيين او صوتين او اكثر] حكر على الغرب منذ القرون الوسطى وإلى يومنا».‏ فعلى حد قوله،‏ نجد حتى في المجتمعات البدائية امثلة كثيرة عن موسيقى ببُعد صوتي خماسي ورباعي وثلاثي،‏ وثماني ايضا.‏ ويضيف ان هذه الشعوب،‏ بما فيها بعض قبائل الاقزام،‏ شهدت تطور المجاوبة الصوتية المتداخلة (‏تناوب فرقتين على الغناء)‏ وصولا الى الإتباع العادي.‏

وبناء على ابحاث عالمية،‏ يستنتج ساكس ان «جوقات المغنين والفرق الموسيقية في الهيكل بأورشليم توحي بمستوى عالٍ من الثقافة والمهارة والمعرفة الموسيقية».‏ ويُضيف:‏ «من المهم ان ندرك ان موسيقى الشرق الادنى قديما تختلف كثيرا عما اعتقده المؤرخون في القرن التاسع عشر .‏.‏.‏ ومع اننا لا نعرف ما كانت عليه تلك الموسيقى القديمة،‏ لدينا دليل وافٍ على تأثيرها وسموِّها ورقيِّها».‏ —‏ نشأة الموسيقى في العالم القديم:‏ في الشرق والغرب،‏ ١٩٤٣،‏ ص ٤٨،‏ ١٠١،‏ ١٠٢.‏

والاسفار المقدسة نفسها تلمح الى استنتاج مماثل.‏ على سبيل المثال،‏ ترد عبارة «لقائد الغناء» (‏ع ج‏)‏ اكثر من ٣٠ مرة في عناوين المزامير.‏ (‏مز ١١‏،‏ وغيره)‏ وتذكر ترجمات اخرى:‏ «لإمام المغنين» (‏ع أ؛‏ يس؛‏ ي‌ج‏)‏،‏ «لقائد المُنشدين» (‏تف‏)‏،‏ «لكبير المغنين» (‏جد‏)‏،‏ «لقائد المرنمين» (‏ت‌ع‌م‏)‏.‏ وكما يبدو،‏ تشير العبارة العبرانية الى مَن يقود بطريقة معينة تنفيذ الاغنية،‏ توزيعها،‏ تمرين وتدريب المغنين اللاويين،‏ او مَن يوجه اداءها الرسمي.‏ وربما يُقصد بالعبارة رئيس احدى الفرق الموسيقية الـ‍ ٢٤ في المَقدس،‏ او موسيقي ماهر آخر؛‏ فالسجل يخبرنا انهم عُيِّنوا «لقيادة الغناء».‏ (‏١ اخ ١٥:‏٢١؛‏ ٢٥:‏١،‏ ٧-‏٣١‏)‏ وفي ٢٠ مزمورا آخر تقريبا نجد عناوين اكثر تحديدا مثل:‏ «لقائد الغناء على الآلات الوترية»،‏ «لقائد الغناء على الديوان الأخفض»،‏ إلخ.‏ (‏مز ٤،‏ ١٢ وغيرهما؛‏ انظر «شمينيت».‏)‏ اضافة الى ذلك،‏ تشير الاسفار الى «رؤوس للمرنمين» وإلى ‹خبراء› و ‹تلاميذ›.‏ وهذه الادلة جميعها تشهد على مستوى موسيقي عالٍ.‏ —‏ نح ١٢:‏٤٦؛‏ ١ اخ ٢٥:‏٧،‏ ٨‏.‏

على ما يظهر،‏ كان اغلب الغناء الجماعي في اسرائيل على طريقة المجاوبة الصوتية.‏ فكان مغنٍّ منفرد يتناوب مع جوقة غنائية تجاوبه،‏ او كانت الجوقة الغنائية تُقسم نصفين يتناوب كلٌّ منهما على غناء اسطر متوازية.‏ وهذا ما تسميه الاسفار المقدسة على ما يبدو ‹مجاوبة› او ‹ترديدا›.‏ (‏خر ١٥:‏٢١؛‏ ١ صم ١٨:‏٦،‏ ٧‏)‏ ونلاحظ اشارة الى هذا النوع من الغناء في طريقة كتابة بعض المزامير مثل المزمور ١٣٦‏.‏ كما ان الكلام عن جوقتَي الشكر الكبيرتين ايام نحميا وعن دورهما في تدشين سور اورشليم يدل انهما غنَّتا بهذا الاسلوب.‏ —‏ نح ١٢:‏٣١،‏ ٣٨،‏ ٤٠-‏٤٢‏؛‏ انظر «الاغنية».‏

وثمة اسلوب في الاداء الموسيقي يقع بين الغناء والكلام.‏ فمن حيث طبقة الصوت هو رتيب وتكراري،‏ ويشدد على الايقاع.‏ وفي حين لا يزال هذا الاسلوب رائجا اليوم في بعض اديان العالم الرئيسية،‏ ينحصر استعماله في الكتاب المقدس على ما يظهر في المراثي،‏ كما عندما رثا داود صديقه يوناثان والملك شاول.‏ (‏٢ صم ١:‏١٧؛‏ ٢ اخ ٣٥:‏٢٥؛‏ حز ٢٧:‏٣٢؛‏ ٣٢:‏١٦‏)‏ ففي الرثاء والندب وحدهما يُفضَّل هذا الاسلوب على اللحن الموسيقي من جهة،‏ وعلى التشديد وإبراز المشاعر في الكلام وحده من جهة اخرى.‏ —‏ انظر «المرثاة».‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة