مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • بص «بُولُس»‏
  • بُولُس

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • بُولُس
  • بصيرة في الاسفار المقدسة
  • مواد مشابهة
  • بَرْنابا
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • تِيمُوثاوُس
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • الرسول،‏ ١
    بصيرة في الاسفار المقدسة
  • سفر الكتاب المقدس رقم ٤٤:‏ اعمال
    ‏«كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع»‏
المزيد
بصيرة في الاسفار المقدسة
بص «بُولُس»‏

بُولُس

‏[قليل؛‏ صغير]:‏

اسرائيلي من سبط بنيامين ورسول ليسوع المسيح.‏ (‏اف ١:‏١؛‏ في ٣:‏٥‏)‏ ويُظن ان هذا الرسول كان يحمل من صغره الاسم العبراني شاول والاسم الروماني بولس (‏اع ٩:‏١٧؛‏ ٢ بط ٣:‏١٥‏)‏،‏ ولكن ربما كان السبب في اختياره ان يُعرف باسمه الروماني تفويضه ان يعلن البشارة لغير اليهود.‏ —‏ اع ٩:‏١٥؛‏ غل ٢:‏​٧،‏ ٨‏.‏

وُلد بولس في طرسوس،‏ احدى ابرز مدن كيليكية.‏ (‏اع ٢١:‏٣٩؛‏ ٢٢:‏٣‏)‏ وكان والداه عبرانيين،‏ وكما يتضح من اتباع الفريسيين الذين يشكلون احدى فئات الديانة اليهودية.‏ (‏اع ٢٣:‏٦؛‏ في ٣:‏٥‏)‏ وقد حصل على المواطنية الرومانية من الولادة (‏اع ٢٢:‏٢٨‏)‏،‏ اذ ربما مُنحت لوالده لقاء خدمات قدمها.‏ وعلى الارجح تعلم حرفة صنع الخيام من ابيه.‏ (‏اع ١٨:‏٣‏)‏ كما تلقى بولس الارشاد في اورشليم من العلّامة الفريسي غمالائيل،‏ مما يدل على انتمائه الى عائلة مرموقة.‏ (‏اع ٢٢:‏٣؛‏ ٥:‏٣٤‏)‏ وكان ضليعا في اللغتين العبرانية واليونانية على الاقل.‏ (‏اع ٢١:‏​٣٧-‏٤٠‏)‏ خلال اسفاره كمرسَل لم يكن بولس متزوجا (‏١ كو ٧:‏٨‏)‏،‏ وإنما كانت له اخت وابن اخت يسكنان بأورشليم في تلك الفترة او ربما من قبل.‏ —‏ اع ٢٣:‏​١٦-‏٢٢‏.‏

حظي الرسول بولس بامتياز كتابة اسفار،‏ او رسائل،‏ في الاسفار اليونانية المسيحية اكثر من اي شخص آخر.‏ وقد نال رؤى (‏٢ كو ١٢:‏​١-‏٥‏)‏ وتمكن بواسطة الروح القدس من التكلم بألسنة اجنبية عديدة.‏ —‏ ١ كو ١٤:‏١٨‏.‏

اضطهاده للمسيحيين،‏ اهتداؤه،‏ وخدمته الباكرة:‏ في اول ذكر لشاول،‏ او بولس،‏ في سجل الكتاب المقدس،‏ يشار اليه بأنه ‹الشاب› الذي وضع شهود الزور الذين رجموا استفانوس تلميذ المسيح ارديتهم عند قدميه.‏ (‏اع ٦:‏١٣؛‏ ٧:‏٥٨‏)‏ وكان بولس راضيا بقتل استفانوس.‏ وبسبب اعرابه عن غيرة في غير محلها للتقليد،‏ اطلق حملة اضطهاد وحشي على اتباع المسيح.‏ وكان يؤيد اعدامهم حين يُقترع على ذلك،‏ ويحاول ان يجبرهم على جحد معتقدهم خلال محاكمتهم في المجامع.‏ ولم ينحصر اضطهاده في المسيحيين الذين في اورشليم،‏ بل شمل ايضا الذين يعيشون في مدن اخرى.‏ حتى انه حصل من رئيس الكهنة على تفويض خطي يجيز له البحث عن تلاميذ المسيح في دمشق،‏ الواقعة في سورية الى الشمال من اورشليم،‏ وتقييدهم وإحضارهم الى اورشليم ليحاكَموا امام السنهدريم على الارجح.‏ —‏ اع ٨:‏​١،‏ ٣؛‏ ٩:‏​١،‏ ٢؛‏ ٢٦:‏​١٠،‏ ١١؛‏ غل ١:‏​١٣،‏ ١٤‏.‏

وفيما كان بولس يقترب من دمشق،‏ اظهر المسيح يسوع نفسه له بنور بارق وفوض اليه ان يكون خادما وشاهدا بما رآه وسيراه.‏ وفي حين ان الذين كانوا مع بولس سقطوا هم ايضا على الارض بسبب هذا الظهور وسمعوا صوتا يتكلم،‏ فإن بولس وحده فهم الكلمات التي تقال وأصيب ايضا بالعمى،‏ مما استلزم ان يقاد بيده الى دمشق.‏ (‏اع ٩:‏​٣-‏٨؛‏ ٢٢:‏​٦-‏١١؛‏ ٢٦:‏​١٢-‏١٨‏)‏ طوال ثلاثة ايام بقي بولس لا يأكل ولا يشرب.‏ وبعد ذلك،‏ فيما كان يصلي في بيت شخص يدعى يهوذا في دمشق،‏ شاهد في رؤيا تلميذ المسيح حنانيا يأتي ويرد له بصره.‏ وعندما تحققت هذه الرؤيا،‏ اعتمد بولس ونال الروح القدس وتناول طعاما وتقوَّى.‏ —‏ اع ٩:‏​٩-‏١٩‏.‏

يتحدث السجل في اعمال ٩:‏​٢٠-‏٢٥ عن صرف بولس بعض الوقت مع التلاميذ في دمشق وابتدائه «حالا» بالكرازة في المجامع هناك.‏ وهو يصف نشاطه الكرازي حتى الوقت الذي أُجبر فيه على مغادرة دمشق بسبب خطة خبيثة مدبَّرة للقضاء عليه.‏ ومن ناحية اخرى،‏ يذكر بولس في رسالته الى اهل غلاطية انه ذهب بعد اهتدائه الى بلاد العرب ثم رجع الى دمشق.‏ (‏غل ١:‏​١٥-‏١٧‏)‏ ولا يمكن ان يُعرف بالتحديد متى قام بولس بهذه الرحلة الى بلاد العرب ضمن تسلسل الاحداث هذا.‏

ربما ذهب بولس الى بلاد العرب بعد اهتدائه مباشرة لكي يتأمل في مشيئة اللّٰه المتعلقة به.‏ وفي هذه الحالة يكون مقصد لوقا من استعمال كلمة «حالا» ان بولس ابتدأ يكرز حالما رجع الى دمشق وصار يعاشر التلاميذ هناك.‏ ومن ناحية اخرى،‏ من الواضح ان بولس كان يركز في غلاطية ١:‏١٧ على عدم صعوده الى اورشليم حالا،‏ وعلى ان المكان الوحيد خارج دمشق الذي ذهب اليه خلال تلك الفترة الباكرة هو بلاد العرب.‏ ولذلك ليس ضروريا ان يكون قد قام بالرحلة الى بلاد العرب حالما اهتدى.‏ فربما قضى اولا بضعة ايام في دمشق مبادرا الى اعلان تخليه عن مسلك المقاومة السابق بالمجاهرة في المجامع بإيمانه بالمسيح،‏ وبعد ذلك قام بالرحلة الى بلاد العرب (‏دون ان يُذكر الهدف من هذه الرحلة)‏،‏ ثم استأنف عند رجوعه كرازته في دمشق وازداد قوة فيها حتى ان مقاوميه ارادوا قتله.‏ وهكذا تكون الروايتان متكاملتين لا متناقضتين،‏ والشيء الوحيد الذي يبقى غير معروف هو التسلسل الدقيق للاحداث الذي لا يورده السجل.‏

عندما وصل بولس الى اورشليم (‏ربما في سنة ٣٦ ب‌م،‏ اذ ان السنين الثلاث المذكورة في غلاطية ١:‏١٨ تشير على الارجح الى اجزاء من ثلاث سنين)‏،‏ وجد ان الاخوة هناك لم يصدّقوا انه صار تلميذا.‏ لكن ‹برنابا اخذ بيده وجاء به الى الرسل›،‏ اي الى بطرس و «يعقوب اخي الرب» كما يتبين.‏ (‏مع ان يعقوب ليس من الـ‍ ١٢،‏ يمكن الاشارة اليه بكلمة رسول لأنه كان يرسَل من قِبل جماعة اورشليم.‏)‏ مكث بولس عند صفا (‏بطرس)‏ ١٥ يوما.‏ وأثناء وجوده في اورشليم اخذ يتكلم باسم يسوع بجرأة.‏ وحين علم الاخوة ان اليهود الذين يتكلمون اليونانية يسعون الى قتله،‏ «انزلوه الى قيصرية وأرسلوه الى طرسوس».‏ —‏ اع ٩:‏​٢٦-‏٣٠؛‏ غل ١:‏​١٨-‏٢١‏.‏

يَظهر ان بولس حظي (‏نحو سنة ٤١ ب‌م)‏ بامتياز نيل رؤيا بدت حقيقية جدا،‏ حتى انه لم يعلم هل اختُطف الى «السماء الثالثة» في الجسد ام خارج الجسد.‏ ويبدو ان «السماء الثالثة»‏ تشير الى سمو حكم مملكة اللّٰه برئاسة يسوع المسيح.‏ —‏ ٢ كو ١٢:‏​١-‏٤‏.‏

وفي وقت لاحق،‏ اتى برنابا بشاول من طرسوس للمساعدة في العمل الجاري في انطاكية بين السكان الذين يتكلمون اليونانية.‏ وبعد سنة من العمل في انطاكية،‏ نحو سنة ٤٦ ب‌م،‏ ذهب بولس وبرنابا الى اورشليم حاملين اعانة ارسلتها الجماعة بيدهما للاخوة هناك.‏ (‏اع ١١:‏​٢٢-‏٣٠‏)‏ ثم عادا الى انطاكية ومعهما يوحنا مرقس.‏ (‏اع ١٢:‏٢٥‏)‏ وبعد ذلك امر الروح القدس بفرز بولس وبرنابا لعمل خصوصي.‏ —‏ اع ١٣:‏​١،‏ ٢‏.‏

الرحلة الارسالية الاولى:‏ (‏الخريطة في المجلد ٢،‏ ص X‏)‏ عملا بتوجيه الروح،‏ انطلق بولس في رحلته الارسالية الاولى (‏نحو ٤٧-‏٤٨ ب‌م)‏ وذهب معه برنابا ويوحنا مرقس كخادم لهما.‏ فأبحروا الى قبرص من سلوقية التي هي ميناء انطاكية البحري.‏ وفي مجامع سلاميس على ساحل قبرص الشرقي،‏ ابتدأوا ‹ينادون بكلمة اللّٰه›.‏ ثم اجتازوا الجزيرة حتى وصلوا الى بافوس على الساحل الغربي.‏ وهناك،‏ حين حاول عليم الساحر ان يقاوم الشهادة المقدمة الى الوالي سرجيوس بولس،‏ جعله بولس يُضرب بعمى مؤقت.‏ فذهل سرجيوس بولس مما حدث وصار مؤمنا.‏ —‏ اع ١٣:‏​٤-‏١٢‏.‏

ابحر بولس ورفيقاه من بافوس الى آسيا الصغرى.‏ وعند وصولهم الى برجة في اقليم بمفيلية الروماني،‏ تركهما يوحنا مرقس وعاد الى اورشليم.‏ اما بولس وبرنابا فتوجها شمالا الى انطاكية في بيسيدية.‏ ومع انهما لقيا اهتماما كبيرا هناك،‏ طُردا في الآخِر من المدينة بتحريض من اليهود.‏ (‏اع ١٣:‏​١٣-‏٥٠‏)‏ لكن هذا لم يثبط عزمهما،‏ بل سافرا في الاتجاه الجنوبي الشرقي حتى وصلا الى إيقونية،‏ وهناك ايضا حرض اليهود الجموع عليهما.‏ وعندما علما بأن هنالك محاولة لرجمهما،‏ هربا الى لسترة في منطقة ليكأونية.‏ وهناك،‏ بعد ان شفى بولس رجلا وُلد مقعدا،‏ ظن سكان لسترة ان بولس وبرنابا هما إلهان متجسدان.‏ غير ان يهودا من إيقونية وأنطاكية بيسيدية اتوا لاحقا وجعلوا الجموع ينقلبون على بولس،‏ حتى انهم رجموه وجروه الى خارج المدينة ظانين انه مات.‏ ولكن لما احاط به الرفقاء المسيحيون،‏ قام ودخل الى لسترة.‏ وفي الغد مضى مع برنابا الى دربة.‏ وبعد ان تلمذا كثيرين هناك،‏ عادا الى لسترة وإيقونية وأنطاكية (‏في بيسيدية)‏،‏ يقويان ويشجعان الاخوة ويعينان شيوخا للخدمة في الجماعات المتشكلة في هذه الاماكن.‏ ثم كرزا في برجة وأبحرا من ميناء اتالية الى مدينة انطاكية السورية.‏ —‏ اع ١٣:‏٥١–‏١٤:‏٢٨‏.‏

مسألة الختان:‏ نحو سنة ٤٩ ب‌م،‏ اتى قوم من اليهودية الى انطاكية وأخذوا يدّعون انه يجب على غير اليهود ان يختتنوا بحسب الشريعة الموسوية لينالوا الخلاص.‏ فجادلهم بولس وبرنابا في الامر.‏ لكن بولس،‏ رغم كونه رسولا،‏ لم يأخذ على عاتقه البت في المسألة بما له من سلطة،‏ بل ذهب مع برنابا وتيطس وآخرين الى اورشليم لعرضها امام الرسل وشيوخ الجماعة هناك.‏ فاتُّخذ قرار نصَّ على عدم إلزام المؤمنين الامميين بالاختتان،‏ على ان يمتنعوا عن الصنمية وأكل الدم وشربه وممارسة الفساد الادبي الجنسي.‏ وبالاضافة الى إعداد رسالة تورد نص هذا القرار،‏ ارسل الاخوة في جماعة اورشليم يهوذا وسيلا كممثلين لهم من اجل ايضاح المسألة في انطاكية.‏ كما اتُّفق خلال مناقشة مع بطرس (‏صفا)‏ ويوحنا والتلميذ يعقوب ان يواصل بولس وبرنابا تبشير الامميين غير المختونين.‏ —‏ اع ١٥:‏​١-‏٢٩؛‏ غل ٢:‏​١-‏١٠‏.‏

بعد فترة اتى بطرس نفسه الى انطاكية سورية وأخذ يعاشر المسيحيين الامميين.‏ ولكن عندما اتى يهود من اورشليم،‏ راح يتنحى عن غير اليهود،‏ مستسلما لخوف الانسان دون شك ومخالفا بالتالي توجيهات الروح التي تُظهر ان اللّٰه لا تهمه الفوارق الجسدية.‏ حتى ان برنابا انقاد له.‏ وعندما رأى بولس ذلك،‏ انتقد بشجاعة بطرس في العلن،‏ لأن تصرفه هذا كان يؤثر سلبا في تقدم المسيحية.‏ —‏ غل ٢:‏​١١-‏١٤‏.‏

الرحلة الارسالية الثانية:‏ (‏الخريطة في المجلد ٢،‏ ص X‏)‏ في وقت لاحق،‏ ارتأى بولس وبرنابا ان يزورا الاخوة في المدن التي سبق ان كرزا فيها خلال رحلتهما الارسالية الاولى.‏ ولكن نشأ خلاف بينهما بشأن اخذ يوحنا مرقس معهما بعدما تركهما في المرة الاولى،‏ وهذا ما ادى الى افتراق بولس عن برنابا.‏ اختار بولس سيلا (‏سلوانس)‏ واجتاز في سورية ودخل الى آسيا الصغرى (‏نحو ٤٩-‏٥٢ ب‌م)‏.‏ ولا شك انه اتخذ في لسترة الترتيبات اللازمة لكي يرافقه الشاب تيموثاوس،‏ وقام ايضا بختنه.‏ (‏اع ١٥:‏٣٦–‏١٦:‏٣‏)‏ صحيح ان الختان ليس مطلبا مسيحيا،‏ ولكن لو بقي تيموثاوس (‏اليهودي من جهة امه)‏ غير مختون،‏ لأدى ذلك دون ريب الى تنفير اليهود من كرازة بولس.‏ وبتفادي هذا العائق المحتمل،‏ عمل بولس بموجب ما كتبه لاحقا الى اهل كورنثوس:‏ «صرت لليهود كيهودي».‏ —‏ ١ كو ٩:‏٢٠‏.‏

في احدى الليالي،‏ حين كان بولس في ترواس على بحر إيجه،‏ تراءت له رؤيا عن رجل مقدوني يتوسل اليه قائلا:‏ «اعبر الى مقدونية وأعنّا».‏ فاستنتج بولس ورفيقاه في العمل الارسالي،‏ وكذلك لوقا الطبيب الذي كان قد انضم اليهم،‏ ان هذه مشيئة اللّٰه وأبحروا الى مقدونية في اوروبا.‏ في فيلبي،‏ المدينة المقدونية الرئيسية،‏ صارت ليدية وأهل بيتها مؤمنين.‏ كما زج ببولس في السجن مع سيلا لأنه جعل فتاة تفقد قدرتها على التكهن بطرد شيطان منها.‏ ولكن وقع زلزال ادى الى تحررهما،‏ وأصبح السجّان وأهل بيته مسيحيين.‏ وبإصرار من بولس ارتكز فيه على مواطنيته الرومانية،‏ اتى مأمورو الادارة المدنية بأنفسهم ليخرجوه هو وسيلا من السجن.‏ وبعد تشجيع الاخوة،‏ سافر بولس ومَن معه عبر امفيبوليس وأبولونية وأتوا الى تسالونيكي.‏ وتأسست هناك جماعة من المؤمنين.‏ لكن اليهود الغيورين اثاروا اعمال شغب ضد بولس،‏ مما دفع الاخوة الى ارساله هو وسيلا الى بيرية حيث صار كثيرون مؤمنين ايضا.‏ لكن اليهود الذين من تسالونيكي اثاروا المشاكل،‏ مما اجبر بولس على الرحيل.‏ —‏ اع ١٦:‏٨–‏١٧:‏١٤‏.‏

رافق الاخوة الرسول الى اثينا.‏ وبسبب كرازته في ساحة السوق هناك اقتيد الى اريوس باغوس.‏ ونتيجة لدفاعه اعتنق المسيحية ديونيسيوس،‏ احد قضاة المحكمة التي تلتئم هناك،‏ وأشخاص آخرون ايضا.‏ (‏اع ١٧:‏​١٥-‏٣٤‏)‏ بعد ذلك ذهب بولس الى كورنثوس ومكث عند زوجين يهوديين هما اكيلا وبريسكلا،‏ وصار يعمل معهما جزءا من وقته في صناعة الخيام.‏ ويبدو ان بولس كتب من كورنثوس رسالتيه الى اهل تسالونيكي.‏ وبعد ان علّم في كورنثوس سنة ونصفا وأسس جماعة فيها،‏ تقدم اليهود بدعوى ضده امام غاليون.‏ لكن غاليون رفض النظر فيها.‏ (‏اع ١٨:‏​١-‏١٧‏)‏ وفي وقت لاحق ابحر بولس الى قيصرية،‏ ولكنه توقف اولا في افسس وكرز هناك.‏ وعند وصوله الى قيصرية «صعد وسلّم على الجماعة»،‏ الجماعة التي في اورشليم دون شك،‏ ثم ذهب الى انطاكية سورية.‏ (‏اع ١٨:‏​١٨-‏٢٢‏)‏ وربما كتب رسالته الى اهل غلاطية من انطاكية سورية او من كورنثوس التي كان فيها سابقا.‏

الرحلة الارسالية الثالثة:‏ (‏الخريطة في المجلد ٢ ص X‏)‏ في رحلته الارسالية الثالثة (‏نحو ٥٢-‏٥٦ ب‌م)‏،‏ زار بولس افسس من جديد وعمل فيها نحو ثلاث سنوات.‏ ومن افسس كتب رسالته الاولى الى اهل كورنثوس وأرسل تيطس على ما يبدو ليساعد المسيحيين هناك.‏ وعلى اثر اعمال شغب حرض عليها صائغ الفضة ديمتريوس ضد بولس،‏ غادر هذا الاخير افسس الى مقدونية.‏ ولما سمع بولس،‏ وهو في مقدونية،‏ اخبارا من تيطس تتعلق بكورنثوس،‏ كتب رسالته الثانية الى الكورنثيين.‏ وقبل ان يغادر اوروبا حاملا معه تبرعا من الاخوة في مقدونية وأخائية للمسيحيين المعوزين في اورشليم،‏ وحين كان في كورنثوس في اغلب الظن،‏ كتب رسالته الى اهل روما.‏ —‏ اع ١٩:‏١–‏٢٠:‏٤؛‏ رو ١٥:‏​٢٥،‏ ٢٦؛‏ ٢ كو ٢:‏​١٢،‏ ١٣؛‏ ٧:‏​٥-‏٧‏.‏

لما كان بولس في طريقه الى اورشليم،‏ ألقى في ترواس محاضرة وأقام الى الحياة افتيخوس الذي قضى من جراء حادث وقع له.‏ كما توقف في ميليتس حيث التقى نظار جماعة افسس،‏ مستعرضا خدمته في مقاطعة آسيا،‏ ومشجعا اياهم على التمثل به.‏ —‏ اع ٢٠:‏​٦-‏٣٨‏.‏

اعتقاله:‏ فيما كان بولس يواصل رحلته،‏ اخذ انبياء مسيحيون على طول الطريق يتنبأون بأن قيودا تنتظره في اورشليم.‏ (‏اع ٢١:‏​٤-‏١٤؛‏ قارن ٢٠:‏​٢٢،‏ ٢٣‏.‏)‏ وقد تمت النبوات التي تفوهوا بها.‏ فبينما كان بولس في الهيكل يتطهر،‏ اهاج يهود من آسيا الرعاع ضده،‏ لكن الجنود الرومان تمكنوا من انقاذه.‏ (‏اع ٢١:‏​٢٦-‏٣٣‏)‏ وفيما كان يصعد الدرج الى الثكنة،‏ حصل على اذن بمخاطبة اليهود.‏ وما إن اتى على ذكر تفويضه ان يكرز للامم حتى اندلع العنف من جديد.‏ (‏اع ٢١:‏٣٤–‏٢٢:‏٢٢‏)‏ وفي داخل الثكنة مدَّ الجنود بولس ليضربوه بالسوط حتى يعرفوا نوع الجرم الذي ارتكبه،‏ فأخبرهم انه يحمل المواطنية الرومانية لكي يمنعهم من ضربه.‏ وفي الغد طُرحت قضية بولس امام السنهدريم.‏ وإذ لاحظ كما يبدو انه لن يحظى بجلسة استماع منصفة،‏ حاول ان يُحدث انقساما بين الفريسيين والصدوقيين بطرح مسألة القيامة في قضيته.‏ فبما انه يؤمن بالقيامة وهو «ابن فريسيين»،‏ قال عن نفسه انه فريسي ونجح بالتالي في اثارة الصدوقيين (‏الذين لا يؤمنون بالقيامة)‏ على الفريسيين والعكس بالعكس.‏ —‏ اع ٢٢:‏٢٣–‏٢٣:‏١٠‏.‏

كانت خطة خبيثة تُدبَّر ضد بولس السجين،‏ فاستلزم الامر نقله من اورشليم الى قيصرية.‏ وبعد بضعة ايام،‏ اتى الى قيصرية رئيس الكهنة حنانيا مع بعض شيوخ اليهود وخطيب يدعى ترتلس.‏ وكان الهدف من مجيئهم تقديم شكوى ضد بولس امام فيلكس الحاكم،‏ اذ اتهموه بإثارة الفتن ومحاولة انتهاك حرمة الهيكل.‏ عندئذ اظهر الرسول انه لا توجد ادلة تدعم ما يتهمونه به.‏ لكن فيلكس ابقى بولس مسجونا طوال سنتين املا في الحصول على رشوة.‏ وعندما حل فستوس محل فيلكس،‏ جدد اليهود تهمهم ضد بولس.‏ فأعيد النظر في القضية في قيصرية،‏ ولكي يحُول بولس دون نقل المحاكمة الى اورشليم،‏ رفع دعواه الى قيصر.‏ وفي وقت لاحق،‏ بعدما عرض بولس قضيته امام الملك هيرودس اغريباس الثاني،‏ أُرسل مع سجناء آخرين الى روما نحو سنة ٥٨ ب‌م.‏ —‏ اع ٢٣:‏١٢–‏٢٧:‏١‏.‏

سَجنه الاول والثاني في روما:‏ في الطريق الى روما،‏ تحطم المركب الذي كان ينقل بولس ومن معه على جزيرة مالطة.‏ وبعد ان شتّوا هناك،‏ وصلوا اخيرا الى روما.‏ (‏الخريطة في المجلد ٢،‏ ص X‏)‏ وهناك سُمح لبولس ان يمكث في بيت استأجره لنفسه،‏ وإنما تحت حراسة جندي.‏ وبُعيد وصوله رتب لعقد اجتماع مع اعيان اليهود،‏ لكن قليلين فقط آمنوا.‏ واستمر الرسول يكرز لكل من يأتي اليه طوال سنتين،‏ من نحو ٥٩ الى ٦١ ب‌م.‏ (‏اع ٢٧:‏٢–‏٢٨:‏٣١‏)‏ وخلال هذه الفترة كتب ايضا رسائله الى اهل افسس (‏٤:‏١؛‏ ٦:‏٢٠‏)‏،‏ فيلبي (‏١:‏٧،‏ ١٢-‏١٤‏)‏،‏ كولوسي (‏٤:‏١٨‏)‏،‏ وإلى فليمون (‏العدد ٩‏)‏،‏ والعبرانيين ايضا دون شك.‏ (‏الصورة في المجلد ٢،‏ ص X‏)‏ ويبدو ان القيصر نيرون حكم ببراءة بولس وأطلق سراحه.‏ ومن الواضح ان بولس جدد نشاطه الارسالي بمرافقة تيموثاوس وتيطس.‏ وبعد ترك تيموثاوس في افسس وتيطس في كريت،‏ كتب بولس (‏من مقدونية على الارجح)‏ الى كل منهما رسالة تناولت ما عليهما من واجبات.‏ (‏١ تي ١:‏٣؛‏ تي ١:‏٥‏)‏ وليس معروفا هل تمكن الرسول من توسيع نشاطه الى اسبانيا قبل سَجنه الاخير في روما.‏ (‏رو ١٥:‏٢٤‏)‏ وخلال ذلك السَّجن (‏نحو سنة ٦٥ ب‌م)‏،‏ كتب رسالته الثانية الى تيموثاوس التي لمح فيها الى ان موته وشيك.‏ (‏٢ تي ٤:‏​٦-‏٨‏)‏ ومن المحتمل ان بولس استشهد بُعيد ذلك بأمر من نيرون.‏

مثال جدير بالاقتداء:‏ اتبع الرسول بولس مثال المسيح بكل امانة،‏ لذلك تمكن من القول:‏ «كونوا مقتدين بي».‏ (‏١ كو ٤:‏١٦؛‏ ١١:‏١؛‏ في ٣:‏١٧‏)‏ وكان حريصا على اتباع توجيهات روح اللّٰه.‏ (‏اع ١٣:‏​٢-‏٥؛‏ ١٦:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ ولم يتصرف كبائع جائل لكلمة اللّٰه،‏ بل تكلم عن اخلاص.‏ (‏٢ كو ٢:‏١٧‏)‏ ومع انه كان مثقفا،‏ لم يحاول ان يبهر الآخرين بكلامه (‏١ كو ٢:‏​١-‏٥‏)‏ ولم يسعَ الى ارضاء الناس.‏ (‏غل ١:‏١٠‏)‏ كما انه لم يصرّ على فعل ما له الحق في فعله،‏ بل تكيف مع الناس الذين يكرز لهم وحرص على عدم اعثار الآخرين.‏ —‏ ١ كو ٩:‏​١٩-‏٢٦؛‏ ٢ كو ٦:‏٣‏.‏

عمل بولس بكد وغيرة طوال خدمته،‏ مسافرا آلاف الكيلومترات بحرا وبرا ومؤسسا جماعات كثيرة في اوروبا وآسيا الصغرى.‏ لذا لم يكن بحاجة الى رسائل توصية مكتوبة بحبر،‏ بل كان باستطاعته الاشارة الى رسائل حية:‏ اشخاص صاروا مؤمنين بفضل الجهود التي بذلها.‏ (‏٢ كو ٣:‏​١-‏٣‏)‏ ومع ذلك اعترف بتواضع انه عبد (‏في ١:‏١‏)‏ وملزم بأن يبشر.‏ (‏١ كو ٩:‏١٦‏)‏ ولم ينسب الفضل الى نفسه في شيء،‏ بل اعطى كل المجد للّٰه لأنه هو الذي يُنمي (‏١ كو ٣:‏​٥-‏٩‏)‏ وهو الذي اهّله للخدمة.‏ (‏٢ كو ٣:‏​٥،‏ ٦‏)‏ وقد علق هذا الرسول اهمية كبيرة على خدمته،‏ فمجّدها واعتبرها تعبيرا عن رحمة اللّٰه وابنه.‏ (‏رو ١١:‏١٣؛‏ ٢ كو ٤:‏١؛‏ ١ تي ١:‏​١٢،‏ ١٣‏)‏ كتب الى تيموثاوس:‏ «لهذا السبب نلت رحمة،‏ ليُظهر المسيح يسوع بي،‏ انا ابرز الخطاة،‏ كل طول اناته نموذجا للذين يؤسسون ايمانهم عليه للحياة الابدية».‏ —‏ ١ تي ١:‏١٦‏.‏

بما ان بولس كان يضطهد المسيحيين،‏ لم يعتبر نفسه جديرا بأن يدعى رسولا،‏ واعترف بأنه ما كان ليصير كذلك لولا نعمة اللّٰه.‏ ولئلا تكون هذه النعمة عليه عبثا صار يكد اكثر من الرسل الآخرين،‏ مدركا انه قادر بنعمة اللّٰه فقط على انجاز خدمته.‏ (‏١ كو ١٥:‏​٩،‏ ١٠‏)‏ كتب قائلا:‏ «اني استطيع كل شيء بذاك الذي يمنحني القوة».‏ (‏في ٤:‏١٣‏)‏ لقد عانى بولس مشقات كثيرة،‏ ولكنه لم يتذمر.‏ وعندما قارن تجاربه بتجارب الآخرين،‏ كتب (‏نحو سنة ٥٥ ب‌م)‏:‏ «في الكد اكثر جدا،‏ في السجون اكثر جدا،‏ في الضربات فوق الحد،‏ في الاشراف على الموت مرارا كثيرة.‏ من اليهود خمس مرات تلقيت اربعين جلدة إلا واحدة،‏ ثلاث مرات ضُربت بالعصي،‏ مرة رُجمت،‏ ثلاث مرات تحطمت بي السفينة،‏ ليلة ونهارا قضيت في عرض البحر،‏ بأسفار مرارا كثيرة،‏ بأخطار انهار،‏ بأخطار من قطاع الطرق،‏ بأخطار من جنسي،‏ بأخطار من الامم،‏ بأخطار في المدينة،‏ بأخطار في البرية،‏ بأخطار في البحر،‏ بأخطار بين اخوة دجالين،‏ في كد وتعب،‏ في سهر ليالٍ مرارا كثيرة،‏ في جوع وعطش،‏ في الامتناع عن الطعام مرارا كثيرة،‏ في برد وعري.‏ يضاف الى هذه الامور الخارجية ما يزدحم علي يوما فيوما،‏ همّ كل الجماعات».‏ (‏٢ كو ١١:‏​٢٣-‏٢٨؛‏ ٦:‏​٤-‏١٠؛‏ ٧:‏٥‏)‏ وبالاضافة الى كل ذلك وإلى ما عاناه في السنوات اللاحقة،‏ تحمّل ايضا «شوكة في الجسد» (‏٢ كو ١٢:‏٧‏)‏،‏ ربما مشكلة في عينيه او مشكلة من نوع آخر.‏ —‏ قارن اع ٢٣:‏​١-‏٥؛‏ غل ٤:‏١٥؛‏ ٦:‏١١‏.‏

عانى بولس،‏ كإنسان ناقص،‏ صراعا دائما بين عقله وجسده الخاطئ.‏ (‏رو ٧:‏​٢١-‏٢٤‏)‏ لكنه لم يستسلم،‏ بل قال:‏ «اقمع جسدي وأستعبده،‏ حتى بعدما كرزت للآخرين،‏ لا اصير انا نفسي غير مرضي عني».‏ (‏١ كو ٩:‏٢٧‏)‏ كما ابقى دائما جائزة الحياة الخالدة المجيدة في السموات نصب عينيه.‏ واعتبر كل الآلام كلا شيء بالمقارنة مع المجد الذي سيناله مكافأةً على امانته.‏ (‏رو ٨:‏١٨؛‏ في ٣:‏​٦-‏١٤‏)‏ وهذا ما مكنه من ان يكتب،‏ دون شك قبل وقت غير طويل من موته:‏ «جاهدت الجهاد الحسن،‏ انهيت الشوط،‏ حفظت الايمان.‏ ومنذ الآن محفوظ لي تاج البر».‏ —‏ ٢ تي ٤:‏​٧،‏ ٨‏.‏

امتلك بولس السلطة،‏ بوصفه رسولا ملهما،‏ ليوصي او يعطي الاوامر،‏ وقد فعل ذلك (‏١ كو ١٤:‏٣٧؛‏ ١٦:‏١؛‏ كو ٤:‏١٠؛‏ ١ تس ٤:‏​٢،‏ ١١‏؛‏ قارن ١ تي ٤:‏١١‏)‏،‏ لكنه فضّل الالتماس من الاخوة باسم المحبة،‏ مناشدا اياهم «برأفة اللّٰه» و «بوداعة المسيح ولطفه».‏ (‏رو ١٢:‏١؛‏ ٢ كو ٦:‏​١١-‏١٣؛‏ ٨:‏٨؛‏ ١٠:‏١؛‏ فل ٨،‏ ٩‏)‏ وقد كان مترفقا وحنونا عليهم،‏ حاثّا ومعزّيا اياهم كأب.‏ (‏١ تس ٢:‏​٧،‏ ٨،‏ ١١،‏ ١٢‏)‏ وفي حين كان يحق له ان يحصل على دعم مادي من الاخوة،‏ اختار ان يعمل بيديه كي لا يكون عبئا مكلفا.‏ (‏اع ٢٠:‏​٣٣-‏٣٥؛‏ ١ كو ٩:‏١٨؛‏ ١ تس ٢:‏​٦،‏ ٩‏)‏ وبسبب ذلك نشأ رباط وثيق من المودة الاخوية بين بولس والذين خدمهم.‏ فقد تألم نظار جماعة افسس كثيرا وراحوا يبكون عندما علموا انهم قد لا يرون وجهه بعد.‏ (‏اع ٢٠:‏​٣٧،‏ ٣٨‏)‏ وكان بولس مهتما جدا بخير الرفقاء المسيحيين الروحي،‏ وأراد ان يفعل كل ما في وسعه لمساعدتهم على جعل دعوتهم السماوية اكيدة.‏ (‏رو ١:‏١١؛‏ ١٥:‏​١٥،‏ ١٦؛‏ كو ٢:‏​١،‏ ٢‏)‏ وكان يذْكرهم دائما في صلواته (‏رو ١:‏​٨،‏ ٩؛‏ ٢ كو ١٣:‏٧؛‏ اف ٣:‏​١٤-‏١٩؛‏ في ١:‏​٣-‏٥،‏ ٩-‏١١؛‏ كو ١:‏​٣،‏ ٩-‏١٢؛‏ ١ تس ١:‏​٢،‏ ٣؛‏ ٢ تس ١:‏٣‏)‏،‏ وطلب منهم ان يصلوا من اجله.‏ (‏رو ١٥:‏​٣٠-‏٣٢؛‏ ٢ كو ١:‏١١‏)‏ كما استمد التشجيع من ايمان الرفقاء المسيحيين.‏ (‏رو ١:‏١٢‏)‏ وفي المقابل،‏ لم يساير بولس قط على حساب الحق،‏ اذ لم يتردد حتى في تقويم رسول آخر حين كان ذلك ضروريا من اجل تقدم البشارة.‏ —‏ ١ كو ٥:‏​١-‏١٣؛‏ غل ٢:‏​١١-‏١٤‏.‏

هل كان بولس من الرسل الـ‍ ١٢؟‏

رغم اقتناع بولس الشديد برسوليته وامتلاكه براهين تؤكدها،‏ لم يشمل نفسه قط بين «الاثني عشر».‏ فقبل يوم الخمسين،‏ ونتيجة مناشدة بطرس المؤسسة على الاسفار المقدسة،‏ اخذت الجماعة المسيحية تبحث عن بديل ليهوذا الاسخريوطي الخائن.‏ فاختير تلميذان كمرشحين لتولي هذا المركز،‏ ربما باقتراع الاعضاء الذكور في الجماعة (‏كان بطرس يتوجه بكلامه الى ‹الرجال الاخوة›؛‏ اع ١:‏١٦‏)‏.‏ وبعد ذلك صلوا الى يهوه اللّٰه (‏قارن اع ١:‏٢٤ بـ‍ ١ صم ١٦:‏٧؛‏ اع ١٥:‏​٧،‏ ٨‏)‏،‏ طالبين منه ان يُظهر هو مَن اختار من بين هذين الاثنين ليحل محل الرسول الخائن.‏ وبعد الصلاة ألقوا القرعة،‏ «فوقعت القرعة على متياس».‏ —‏ اع ١:‏​١٥-‏٢٦‏؛‏ قارن ام ١٦:‏٣٣‏.‏

لا يوجد سبب للشك في اختيار اللّٰه لمتياس.‏ صحيح ان دور بولس بعد اهتدائه كان بارزا جدا وأن اعماله فاقت ما فعله جميع الرسل الآخرين (‏١ كو ١٥:‏​٩،‏ ١٠‏)‏،‏ ولكن لا يوجد ما يُظهر ان اللّٰه قضى وقدّر لبولس شخصيا ان يكون رسولا،‏ ممتنعا بذلك عن الاستجابة لصلاة الجماعة المسيحية ومبقيا على المركز الذي شغره يهوذا الى ان يهتدي بولس،‏ مما يجعل بالتالي تعيين متياس مجرد اجراء اعتباطي اتخذته الجماعة المسيحية.‏ على العكس،‏ فهناك ادلة متينة تظهر ان متياس كان البديل المعين من اللّٰه.‏

ففي يوم الخمسين نال الرسل قوى فريدة بفضل انسكاب الروح القدس،‏ وكانوا هم وحدهم القادرين كما يَظهر على وضع الايدي على المعتمدين حديثا ونقل مواهب الروح العجائبية اليهم.‏ (‏انظر «‏الرسول،‏ ١‏» [القوى العجائبية].‏)‏ ولو لم يكن متياس في الحقيقة الشخص الذي اختاره اللّٰه،‏ لما امتلك هذه القدرات،‏ الامر الذي كان سيلاحظه الجميع دون شك.‏ ولكن يُرى من السجل ان هذا لم يحدث.‏ كما ان لوقا،‏ كاتب سفر الاعمال،‏ كان رفيق بولس في السفر وفي بعض المهمات،‏ ولا يوجد شك في ان سفر الاعمال يعكس نظرة بولس الى الامور وينسجم معها.‏ وهذا السفر يقول ان ‹الاثني عشر› قاموا بتعيين سبعة رجال ليعالجوا مشكلة توزيع الطعام.‏ وقد حدث ذلك بعد يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م وقبل اهتداء بولس.‏ وهكذا يُعترف هنا بأن متياس هو احد ‹الاثني عشر›،‏ وأنه شارك الرسل الآخرين في وضع الايدي على الرجال السبعة الذين اختاروهم.‏ —‏ اع ٦:‏​١-‏٦‏.‏

اذًا،‏ اسم مَن يظهر بين الاسماء المكتوبة على ‹حجارة الاساس الاثني عشر› في اورشليم الجديدة بحسب رؤيا يوحنا؟‏ اسم متياس ام اسم بولس؟‏ (‏رؤ ٢١:‏​٢،‏ ١٤‏)‏ اذا نُظر الى الموضوع من زاوية معينة،‏ فقد يبدو ان اسم بولس هو المرجح اكثر،‏ وذلك لأنه قدم الكثير للجماعة المسيحية من خلال خدمته،‏ وخصوصا كتابته قسما كبيرا من الاسفار اليونانية المسيحية (‏تُنسب الى بولس كتابة ١٤ رسالة)‏.‏ وفي هذا المجال فاق بولس متياس الذي لا يعود السجل يذكره بطريقة مباشرة بعد الاصحاح ١ من سفر الاعمال.‏

ولكن عندما يفكر المرء جيدا في المسألة،‏ يجد ان بولس ‹فاق› ايضا كثيرين من الرسل الـ‍ ١٢ الاصليين،‏ اذ نادرا ما يُذكر اسم بعضهم في غير قوائم الرسل.‏ كما ان الجماعة المسيحية،‏ اسرائيل الروحي،‏ تأسست وبقيت تنمو لسنة تقريبا او حتى اكثر قبل ان يهتدي بولس.‏ ومن الواضح ان بولس لم يكتب رسالته القانونية الاولى حتى نحو سنة ٥٠ ب‌م (‏انظر «تسالونيكي،‏ الرسالتان الى أهل»)‏،‏ اي بعد ١٧ سنة من تأسُّس امة اسرائيل الروحي الجديدة يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م.‏ وهذه العوامل،‏ بالاضافة الى البراهين الواردة قبلا في هذه المقالة،‏ تجيب عن السؤال المطروح.‏ لذا يبدو من المنطقي القول ان اختيار اللّٰه متياس،‏ ليأخذ مكان يهوذا بين «رسل الحمل الاثني عشر»،‏ كان اختيارا نهائيا ولم يتأثر بصيرورة بولس رسولا في وقت لاحق.‏

ماذا كان القصد اذًا من رسولية بولس؟‏ يتضح من كلام يسوع نفسه انه وُجد قصد محدد لذلك.‏ فبولس كان سيصير ‹رسولا للامم› لا بديلا ليهوذا.‏ (‏اع ٩:‏​٤-‏٦،‏ ١٥‏)‏ وقد اعترف بولس بأن هذا هو القصد من كونه رسولا.‏ (‏غل ١:‏​١٥،‏ ١٦؛‏ ٢:‏​٧،‏ ٨؛‏ رو ١:‏٥؛‏ ١ تي ٢:‏٧‏)‏ وعليه،‏ لم تكن هنالك حاجة الى ان تكون رسوليته احد الاساسات عندما تشكل اسرائيل الروحي يوم الخمسين سنة ٣٣ ب‌م.‏

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة