مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • اتخذتْ موقفا الى جانب شعب اللّٰه
    اقتد بإيمانهم
    • استير

      اَلْفَصْلُ ٱلْخَامِسَ عَشَرَ

      اِتَّخَذَتْ مَوْقِفًا إِلَى جَانِبِ شَعْبِ ٱللّٰهِ

      ١-‏٣ (‏أ)‏ لِمَ رُبَّمَا شَعَرَتْ أَسْتِيرُ بِٱلرَّهْبَةِ وَهِيَ تُحَاوِلُ مُقَابَلَةَ زَوْجِهَا؟‏ (‏ب)‏ أَيُّ سُؤَالَيْنِ عَنْ أَسْتِيرَ سَنُجِيبُ عَنْهُمَا ٱلْآنَ؟‏

      تُحَاوِلُ أَسْتِيرُ أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ خَفَقَانِ قَلْبِهَا وَهِيَ تَقْتَرِبُ مِنْ دَارِ ٱلْقَصْرِ فِي شُوشَنَ.‏ إِنَّهَا قَادِمَةٌ عَلَى خُطْوَةٍ لَيْسَتْ سَهْلَةً أَلْبَتَّةَ.‏ فَكُلُّ مَا يَخُصُّ تِلْكَ ٱلْقَلْعَةَ يُوحِي بِٱلرَّهْبَةِ:‏ اَلنُّقُوشُ ٱلْمُلَوَّنَةُ مِنَ ٱلْآجُرِّ ٱلْمَصْقُولِ لِثِيرَانٍ مُجَنَّحَةٍ وَرُمَاةِ سِهَامٍ وَأُسُودٍ،‏ ٱلْأَعْمِدَةُ ٱلْحَجَرِيَّةُ ٱلْمُحَزَّزَةُ،‏ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلْمَهِيبَةُ،‏ وَٱلْمَوْقِعُ ٱلْمُمَيَّزُ فِي أَعْلَى ٱلسُّهُولِ ٱلْفَسِيحَةِ ٱلْمُجَاوِرَةِ لِجِبَالِ زَغْرُوسَ ٱلَّتِي تُكَلِّلُهَا ٱلثُّلُوجُ وَٱلْمُطِلَّةِ عَلَى مِيَاهِ نَهْرِ كَرْخَةَ ٱلصَّافِيَةِ.‏ أَفَلَا يُوقِعُ ذٰلِكَ ٱلْخَوْفَ فِي نَفْسِ ٱلزَّائِرِ وَيُذَكِّرُهُ بِٱلسُّلْطَةِ ٱلْهَائِلَةِ ٱلَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهَا ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي تَنْوِي أَسْتِيرُ مُقَابَلَتَهُ؟‏!‏ إِنَّهُ يَدْعُو نَفْسَهُ «ٱلْمَلِكَ ٱلْعَظِيمَ»،‏ وَهُوَ أَيْضًا زَوْجُهَا.‏

      ٢ نَعَمْ،‏ كَانَ ٱلْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ زَوْجَ أَسْتِيرَ.‏ وَلٰكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلزَّوْجِ ٱلَّذِي تَحْلُمُ بِهِ أَيُّ فَتَاةٍ يَهُودِيَّةٍ أَمِينَةٍ!‏a فَهُوَ لَمْ يَقْتَدِ بِأَشْخَاصٍ أَمْثَالِ إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي قَبِلَ بِتَوَاضُعٍ إِرْشَادَ ٱللّٰهِ أَنْ يَسْمَعَ لِٱمْرَأَتِهِ سَارَةَ.‏ (‏تك ٢١:‏١٢‏)‏ وَبِٱلْكَادِ عَرَفَ شَيْئًا عَنْ يَهْوَهَ،‏ إِلٰهِ أَسْتِيرَ،‏ أَوْ عَنْ شَرِيعَتِهِ.‏ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ كَانَ مُلِمًّا بِٱلشَّرِيعَةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ ٱلَّتِي تُحَرِّمُ مَا تُوشِكُ أَسْتِيرُ أَنْ تَفْعَلَهُ ٱلْآنَ.‏ فَقَدْ نَصَّ ٱلْقَانُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَظْهَرُ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ ٱلْفَارِسِيِّ دُونَ دَعْوَةٍ مِنْهُ يَسْتَوْجِبُ ٱلْمَوْتَ.‏ وَمَعَ أَنَّ ٱلْمَلِكَ لَمْ يَسْتَدْعِ أَسْتِيرَ،‏ ذَهَبَتْ لِمُقَابَلَتِهِ.‏ وَلَعَلَّهَا شَعَرَتْ وَهِيَ تَدْنُو مِنَ ٱلدَّارِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ،‏ حَيْثُ تُصْبِحُ عَلَى مَرْأًى مِنَ ٱلْعَرْشِ،‏ أَنَّهَا تَسِيرُ بِرِجْلَيْهَا إِلَى ٱلْمَوْتِ.‏ —‏ اقرأ استير ٤:‏١١؛‏ ٥:‏١‏.‏

      ٣ فَلِمَ خَاطَرَتْ بِحَيَاتِهَا؟‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ إِيمَانِ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْمُمَيَّزَةِ؟‏ لِنَرَ أَوَّلًا كَيْفَ حَدَثَ أَنْ أَصْبَحَتْ مَلِكَةً فِي فَارِسَ.‏

      خَلْفِيَّةُ أَسْتِيرَ

      ٤ مَاذَا نَعْرِفُ عَنْ خَلْفِيَّةِ أَسْتِيرَ،‏ وَلِمَ أَصْبَحَتْ تَعِيشُ مَعَ ٱبْنِ عَمِّهَا مُرْدَخَايَ؟‏

      ٤ تَيَتَّمَتْ أَسْتِيرُ وَهِيَ بَعْدُ طِفْلَةٌ.‏ وَلَا نَعْلَمُ سِوَى ٱلْقَلِيلِ عَنْ وَالِدَيْهَا ٱللَّذَيْنِ سَمَّيَاهَا هَدَسَّةَ،‏ وَهُوَ ٱسْمٌ عِبْرَانِيٌّ يَعْنِي «ٱلْآسَ»،‏ شُجَيْرَةً جَمِيلَةً أَزْهَارُهَا بَيْضَاءُ ٱللَّوْنِ.‏ وَحِينَ مَاتَ وَالِدَاهَا أَشْفَقَ عَلَيْهَا ٱبْنُ عَمِّهَا،‏ رَجُلٌ لَطِيفٌ ٱسْمُهُ مُرْدَخَايُ كَانَ يَكْبُرُهَا بِكَثِيرٍ.‏ فَأَتَى بِهَا إِلَى بَيْتِهِ وَعَامَلَهَا مُعَامَلَةَ ٱلْأَبِ لِٱبْنَتِهِ.‏ —‏ اس ٢:‏​٥-‏٧،‏ ١٥‏.‏

      استير تقدِّم وجبة طعام لمردخاي في بيته

      كَانَ لَدَى مُرْدَخَايَ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِيَفْتَخِرَ بِٱلِٱبْنَةِ ٱلَّتِي رَبَّاهَا

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ كَيْفَ رَبَّى مُرْدَخَايُ أَسْتِيرَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَمْضَى مُرْدَخَايُ وَأَسْتِيرُ أَيَّامَهُمَا فِي شُوشَنَ؟‏

      ٥ كَانَ مُرْدَخَايُ وَأَسْتِيرُ مِنَ ٱلْمَسْبِيِّينَ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ سَكَنُوا فِي ٱلْعَاصِمَةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ شُوشَنَ.‏ فَتَعَرَّضَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ لِلِٱزْدِرَاءِ وَٱلتَّحَامُلِ لِأَنَّهُمَا كَانَا يَعْتَنِقَانِ دِينًا آخَرَ وَيَحْرِصَانِ عَلَى ٱتِّبَاعِ ٱلشَّرِيعَةِ.‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ عَلَاقَةَ أَسْتِيرَ بِٱبْنِ عَمِّهَا قَوِيَتْ فِيمَا رَاحَ يُعَلِّمُهَا عَنْ يَهْوَهَ،‏ ٱلْإِلٰهِ ٱلرَّحِيمِ ٱلَّذِي سَبَقَ وَأَنْقَذَ شَعْبَهُ مِنَ ٱلْمَصَاعِبِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً وَسَيُنْقِذُهُ مَرَّةً أُخْرَى.‏ (‏لا ٢٦:‏​٤٤،‏ ٤٥‏)‏ فَلَا شَكَّ أَنَّ رَابِطًا مَتِينًا قَائِمًا عَلَى ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْوَلَاءِ نَمَا بَيْنَهُمَا.‏

      ٦ كَانَ مُرْدَخَايُ كَمَا يَتَّضِحُ رَسْمِيًّا فِي قَلْعَةِ شُوشَنَ،‏ إِذْ جَلَسَ بِٱنْتِظَامٍ عِنْدَ بَوَّابَتِهَا مَعَ آخَرِينَ مِنْ خُدَّامِ ٱلْمَلِكِ.‏ (‏اس ٢:‏​١٩،‏ ٢١؛‏ ٣:‏٣‏)‏ أَمَّا أَسْتِيرُ فَلَا نَعْلَمُ يَقِينًا كَيْفَ أَمْضَتْ أَيَّامَ صِبَاهَا.‏ إِنَّمَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّهَا ٱعْتَنَتْ بِٱبْنِ عَمِّهَا وَبِبَيْتِهِ ٱلْوَاقِعِ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي حَيٍّ مُتَوَاضِعٍ عَلَى ٱلضَّفَّةِ ٱلثَّانِيَةِ مِنَ ٱلنَّهْرِ مُقَابِلَ ٱلْقَلْعَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ.‏ وَلَعَلَّهَا كَانَتْ تَتَمَتَّعُ بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلسُّوقِ فِي شُوشَنَ،‏ حَيْثُ عَرَضَ تُجَّارُ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَغَيْرُهُمْ بَضَائِعَهُمُ ٱلْجَمِيلَةَ.‏ وَمَا كَانَ لِيَخْطُرَ عَلَى بَالِهَا قَطُّ أَنَّهَا سَتَنْعَمُ يَوْمًا بِرَفَاهِيَّاتٍ كَهٰذِهِ،‏ فَلَمْ تَكُنْ لَدَيْهَا أَدْنَى فِكْرَةٍ عَمَّا يُخَبِّئُهُ لَهَا ٱلْمُسْتَقْبَلُ.‏

      ‏«جَمِيلَةُ ٱلْمَنْظَرِ»‏

      ٧ لِمَ خُلِعَتْ وَشْتِي عَنِ ٱلْعَرْشِ،‏ وَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذٰلِكَ؟‏

      ٧ ذَاتَ يَوْمٍ،‏ حَدَثَتْ بَلْبَلَةٌ فِي بَيْتِ ٱلْمَلِكِ ضَجَّتْ شُوشَنُ عَلَى أَثَرِهَا بِٱلْأَخْبَارِ وَٱلْأَقَاوِيلِ.‏ فَأَثْنَاءَ حَفْلٍ كَبِيرٍ أَغْدَقَ فِيهِ أَحَشْوِيرُوشُ عَلَى ضُيُوفِهِ وَنُبَلَائِهِ مَا لَذَّ وَطَابَ مِنَ ٱلْأَطْعِمَةِ وَٱلْخُمُورِ،‏ قَرَّرَ أَنْ يَسْتَدْعِيَ مَلِكَتَهُ ٱلْجَمِيلَةَ وَشْتِيَ ٱلَّتِي كَانَتْ تَحْتَفِلُ مَعَ ٱلنِّسَاءِ عَلَى حِدَةٍ.‏ غَيْرَ أَنَّهَا رَفَضَتْ طَلَبَهُ،‏ فَشَعَرَ بِإِهَانَةٍ كَبِيرَةٍ وَغَضَبٍ شَدِيدٍ وَسَأَلَ مُشِيرِيهِ أَيَّ عِقَابٍ تَسْتَحِقُّهُ.‏ فَكَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ أَنْ خُلِعَتْ عَنِ ٱلْعَرْشِ.‏ عِنْدَئِذٍ،‏ ٱنْطَلَقَ خُدَّامُ ٱلْمَلِكِ يَبْحَثُونَ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ عَنْ فَتَيَاتٍ عَذَارَى حَسْنَاوَاتٍ لِتُنْتَقَى مِنْهُنَّ مَلِكَةٌ جَدِيدَةٌ.‏ —‏ اس ١:‏١–‏٢:‏٤‏.‏

      ٨ (‏أ)‏ لِمَ رُبَّمَا شَعَرَ مُرْدَخَايُ بِٱلْقَلَقِ وَهُوَ يَرَى أَسْتِيرَ تَكْبُرُ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَتَبَنَّى نَظْرَةَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْمُتَّزِنَةَ إِلَى ٱلْجَمَالِ ٱلْخَارِجِيِّ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْأَمْثَال ٣١:‏٣٠‏.‏)‏

      ٨ لَا بُدَّ أَنَّ مُرْدَخَايَ كَانَ يَنْظُرُ بِإِعْزَازٍ إِلَى أَسْتِيرَ وَهِيَ تَكْبُرُ،‏ شَاعِرًا بِفَخْرٍ مَمْزُوجٍ بِٱلْقَلَقِ وَهُوَ يَرَى ٱبْنَةَ عَمِّهِ ٱلصَّغِيرَةَ تَنْضَجُ وَتَغْدُو شَابَّةً رَائِعَةَ ٱلْجَمَالِ.‏ نَقْرَأُ:‏ «كَانَتِ ٱلْفَتَاةُ حَسَنَةَ ٱلشَّكْلِ وَجَمِيلَةَ ٱلْمَنْظَرِ».‏ (‏اس ٢:‏٧‏)‏ إِنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يَتَبَنَّى نَظْرَةً مُتَّزِنَةً إِلَى ٱلْجَمَالِ ٱلْخَارِجِيِّ،‏ فَهُوَ مَسَرَّةٌ لِلْعَيْنِ.‏ وَلٰكِنْ حِينَ لَا يَكُونُ مَصْحُوبًا بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلتَّوَاضُعِ،‏ يُوَلِّدُ فِي ٱلْقَلْبِ ٱلْغُرُورَ وَٱلْكِبْرِيَاءَ وَصِفَاتٍ قَبِيحَةً أُخْرَى.‏ ‏(‏اقرإ الامثال ١١:‏٢٢‏.‏‏)‏ فَهَلْ تَرَى صِحَّةَ هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةِ؟‏ وَفِي حَالَةِ أَسْتِيرَ،‏ هَلْ عَادَ عَلَيْهَا جَمَالُهَا بِٱلنَّفْعِ أَمْ بِٱلضَّرَرِ؟‏ اَلْوَقْتُ وَحْدَهُ كَفِيلٌ بِإِعْطَاءِ ٱلْجَوَابِ.‏

      ٩ (‏أ)‏ مَاذَا حَدَثَ حِينَ لَفَتَتْ أَسْتِيرُ أَنْظَارَ خُدَّامِ ٱلْمَلِكِ،‏ وَلِمَ كَانَ ٱفْتِرَاقُهَا عَنْ مُرْدَخَايَ صَعْبًا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ سَمَحَ مُرْدَخَايُ لِأَسْتِيرَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِشَخْصٍ وَثَنِيٍّ؟‏ (‏اُشْمُلِ ٱلْإِطَارَ‏.‏)‏

      ٩ لَفَتَتْ أَسْتِيرُ أَنْظَارَ خُدَّامِ ٱلْمَلِكِ.‏ فَضَمُّوهَا إِلَى ٱلْفَتَيَاتِ ٱلْأُخْرَيَاتِ ٱللَّوَاتِي جَمَعُوهُنَّ،‏ وَأَخَذُوهَا مِنْ مُرْدَخَايَ إِلَى ٱلْقَصْرِ ٱلْكَبِيرِ عِبْرِ ٱلنَّهْرِ.‏ (‏اس ٢:‏٨‏)‏ لَا شَكَّ أَنَّ لَحْظَةَ فِرَاقِهِمَا كَانَتْ مُؤَثِّرَةً جِدًّا،‏ فَقَدْ جَمَعَتْ بَيْنَهُمَا عَلَاقَةُ ٱلْأَبِ بِٱبْنَتِهِ.‏ هٰذَا وَإِنَّ مُرْدَخَايَ مَا كَانَ لِيُحَبِّذَ أَنْ تَقْتَرِنَ أَسْتِيرُ بِرَجُلٍ غَيْرِ مُؤْمِنٍ،‏ حَتَّى لَوْ كَانَ مَلِكًا.‏ لٰكِنَّ ٱلْأَمْرَ خَرَجَ عَنْ سَيْطَرَتِهِ.‏b أَمَّا أَسْتِيرُ فَلَا بُدَّ أَنَّهَا أَصْغَتْ بِكُلِّ ٱنْتِبَاهٍ لِلنَّصَائِحِ ٱلَّتِي أَسْدَاهَا إِلَيْهَا ٱبْنُ عَمِّهَا قَبْلَ أَنْ تُغَادِرَ ٱلْبَيْتَ.‏ وَفِي ٱلطَّرِيقِ إِلَى قَلْعَةِ شُوشَنَ،‏ جَالَتْ فِي رَأْسِهَا تَسَاؤُلَاتٌ كَثِيرَةٌ.‏ تُرَى أَيُّ حَيَاةٍ تَنْتَظِرُهَا هُنَاكَ؟‏

      نَالَتْ حُظْوَةً «فِي عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ رَآهَا»‏

      ١٠،‏ ١١ (‏أ)‏ كَيْفَ كَانَ يُمْكِنُ لِأَسْتِيرَ أَنْ تَتَأَثَّرَ بِبِيئَتِهَا ٱلْجَدِيدَةِ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَظْهَرَ مُرْدَخَايُ ٱهْتِمَامَهُ بِسَلَامَةِ أَسْتِيرَ؟‏

      ١٠ وَجَدَتْ أَسْتِيرُ نَفْسَهَا تَدْخُلُ عَالَمًا جَدِيدًا غَرِيبًا لَا عَهْدَ لَهَا بِهِ.‏ فَهِيَ كَانَتْ بَيْنَ «فَتَيَاتٍ كَثِيرَاتٍ» جُمِعْنَ مِنْ كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ،‏ وَلِكُلِّ فَتَاةٍ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ لُغَتُهَا وَعَادَاتُهَا وَأَفْكَارُهَا.‏ وَقَدْ عُهِدَ بِهِنَّ إِلَى مُوَظَّفٍ ٱسْمُهُ هَيْجَايُ،‏ وَخَضَعْنَ طَوَالَ سَنَةٍ لِعِنَايَةٍ تَجْمِيلِيَّةٍ مُكَثَّفَةٍ تَضَمَّنَتْ تَدْلِيكَهُنَّ بِزُيُوتٍ عَطِرَةٍ.‏ (‏اس ٢:‏​٨،‏ ١٢‏)‏ فِي جَوٍّ كَهٰذَا،‏ كَانَ مِنَ ٱلسَّهْلِ أَنْ تُصْبِحَ هٰؤُلَاءِ ٱلْفَتَيَاتُ مَهْوُوسَاتٍ بِمَظْهَرِهِنَّ ٱلْخَارِجِيِّ،‏ وَأَنْ يَنْمُوَ فِي قُلُوبِهِنَّ ٱلْغُرُورُ وَحُبُّ ٱلْمُنَافَسَةِ.‏ فَهَلْ تَأَثَّرَتْ أَسْتِيرُ بِذٰلِكَ؟‏

      ١١ مَا مِنْ أَحَدٍ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْلَقَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ مُرْدَخَايَ.‏ فَٱلرِّوَايَةُ تَقُولُ إِنَّهُ ٱعْتَادَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ أَنْ يَتَمَشَّى أَمَامَ بَيْتِ ٱلنِّسَاءِ،‏ مُقْتَرِبًا مِنْهُ قَدْرَ ٱلْإِمْكَانِ لِيَسْتَعْلِمَ عَنْ سَلَامَتِهَا.‏ (‏اس ٢:‏١١‏)‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ وَجْهَهُ كَانَ يُشِعُّ فَرَحًا وَٱعْتِزَازًا بِهَا كُلَّمَا سَرَّبَ إِلَيْهِ،‏ رُبَّمَا خَدَمٌ مُتَعَاوِنُونَ فِي ٱلْبَيْتِ،‏ نُتَفًا مِنَ ٱلْمَعْلُومَاتِ عَنْهَا.‏ وَمَا ٱلسَّبَبُ؟‏

      ١٢،‏ ١٣ (‏أ)‏ أَيُّ أَثَرٍ تَرَكَتْهُ أَسْتِيرُ فِي مَنْ حَوْلَهَا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ سُرَّ مُرْدَخَايُ حِينَ عَرَفَ أَنَّ أَسْتِيرَ لَمْ تُفْصِحْ عَنْ أَصْلِهَا ٱلْيَهُودِيِّ؟‏

      ١٢ أُعْجِبَ هَيْجَايُ بِأَسْتِيرَ أَشَدَّ ٱلْإِعْجَابِ حَتَّى إِنَّهُ أَظْهَرَ نَحْوَهَا لُطْفًا حُبِّيًّا كَبِيرًا،‏ فَوَضَعَ فِي خِدْمَتِهَا سَبْعَ فَتَيَاتٍ وَأَعْطَاهَا أَفْضَلَ مَكَانٍ فِي بَيْتِ ٱلنِّسَاءِ.‏ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ أَيْضًا:‏ «كَانَتْ أَسْتِيرُ تَنَالُ حُظْوَةً فِي عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ رَآهَا».‏ (‏اس ٢:‏​٩،‏ ١٥‏)‏ فَهَلْ تَرَكَتْ هٰذَا ٱلْأَثَرَ ٱلرَّائِعَ فِي كُلِّ مَنْ حَوْلَهَا بِسَبَبِ جَمَالِهَا فَقَطْ؟‏ كَلَّا.‏ فَثَمَّةَ مَزَايَا أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَحَلَّتْ بِهَا.‏

      استير تتأمل في الطبيعة فيما الفتيات الاخريات يزيِّن انفسهن

      عَرَفَتْ أَسْتِيرُ أَنَّ ٱلتَّوَاضُعَ وَٱلْحِكْمَةَ أَثْمَنُ بِكَثِيرٍ مِنَ ٱلْجَمَالِ ٱلْخَارِجِيِّ

      ١٣ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «لَمْ تُخْبِرْ أَسْتِيرُ عَنْ شَعْبِهَا وَأَنْسِبَائِهَا،‏ لِأَنَّ مُرْدَخَايَ أَوْصَاهَا أَلَّا تُخْبِرَ».‏ (‏اس ٢:‏١٠‏)‏ فَهُوَ كَانَ قَدْ طَلَبَ مِنْهَا أَلَّا تُفْصِحَ عَنْ أَصْلِهَا ٱلْيَهُودِيِّ،‏ ذٰلِكَ لِأَنَّهُ لَمَسَ دُونَ شَكٍّ تَحَامُلًا كَبِيرًا عَلَى شَعْبِهِ ضِمْنَ ٱلْأُسْرَةِ ٱلْمَالِكَةِ.‏ فَكَمْ سُرَّ حِينَ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَزَالُ تُعْرِبُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ وَٱلطَّاعَةِ رَغْمَ غِيَابِهَا عَنْ نَظَرِهِ!‏

      ١٤ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْمُرَاهِقِينَ ٱلْيَوْمَ ٱلِٱقْتِدَاءُ بِمِثَالِ أَسْتِيرَ؟‏

      ١٤ عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ،‏ يُمْكِنُ لِلْمُرَاهِقِينَ ٱلْيَوْمَ أَنْ يُدْخِلُوا ٱلسَّعَادَةَ إِلَى قَلْبِ وَالِدِيهِمْ أَوِ ٱلْأَوْصِيَاءِ عَلَيْهِمْ.‏ فَحِينَ لَا يَكُونُونَ عَلَى مَرْأًى مِنْهُمْ،‏ فِي وِسْعِهِمْ أَنْ يُقَاوِمُوا ٱلتَّأْثِيرَاتِ ٱلسَّيِّئَةَ وَيَلْتَصِقُوا بِٱلْمَقَايِيسِ ٱلَّتِي يَعْرِفُونَ أَنَّهَا صَائِبَةٌ،‏ حَتَّى لَوْ كَانُوا مُحَاطِينَ بِأَشْخَاصٍ سَطْحِيِّينَ أَوْ فَاسِدِينَ أَدَبِيًّا أَوْ عُنَفَاءَ.‏ وَبِفِعْلِهِمْ ذٰلِكَ عَلَى غِرَارِ أَسْتِيرَ،‏ يُفَرِّحُونَ قَلْبَ أَبِيهِمِ ٱلسَّمَاوِيِّ يَهْوَهَ.‏ —‏ اقرإ الامثال ٢٧:‏١١‏.‏

      ١٥،‏ ١٦ (‏أ)‏ كَيْفَ فَازَتْ أَسْتِيرُ بِحُبِّ ٱلْمَلِكِ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ يُرَجَّحُ أَنَّ ٱلتَّغْيِيرَاتِ فِي حَيَاةِ أَسْتِيرَ كَانَتْ صَعْبَةً عَلَيْهَا؟‏

      ١٥ لَمَّا حَانَ ٱلْوَقْتُ لِتَمْثُلَ أَسْتِيرُ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ،‏ سُمِحَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ مَا يُعْوِزُهَا بَعْدُ مِنْ لَوَازِمَ،‏ رُبَّمَا لِتَزِيدَ مِنْ تَأَنُّقِهَا وَجَمَالِهَا.‏ لٰكِنَّهَا أَعْرَبَتْ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ فَلَمْ تَطْلُبْ إِلَّا مَا قَالَ عَنْهُ هَيْجَايُ.‏ (‏اس ٢:‏١٥‏)‏ فَقَدْ أَدْرَكَتْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّهَا لَنْ تَرْبَحَ قَلْبَ ٱلْمَلِكِ بِٱلْجَمَالِ وَحْدَهُ،‏ بَلْ أَيْضًا بِٱلرُّوحِ ٱلْمُتَوَاضِعَةِ وَٱلْمُحْتَشِمَةِ ٱلَّتِي لَا بُدَّ أَنَّهَا كَانَتْ عُمْلَةً نَادِرَةً جِدًّا فِي ذٰلِكَ ٱلْبَلَاطِ.‏ فَهَلْ أَصَابَتْ فِي تَفْكِيرِهَا؟‏

      ١٦ تُجِيبُ ٱلرِّوَايَةُ:‏ «أَحَبَّ ٱلْمَلِكُ أَسْتِيرَ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ ٱلنِّسَاءِ،‏ فَنَالَتْ حُظْوَةً وَلُطْفًا حُبِّيًّا أَمَامَهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ ٱلْعَذَارَى.‏ فَوَضَعَ ٱلْعِمَامَةَ ٱلْمَلَكِيَّةَ عَلَى رَأْسِهَا وَجَعَلَهَا مَلِكَةً مَكَانَ وَشْتِي».‏ (‏اس ٢:‏١٧‏)‏ كَمْ صَعُبَ دُونَ شَكٍّ عَلَى أَسْتِيرَ،‏ هِيَ ٱلْفَتَاةُ ٱلْيَهُودِيَّةُ ٱلْمُتَوَاضِعَةُ،‏ أَنْ تَتَكَيَّفَ مَعَ هٰذَا ٱلتَّغْيِيرِ ٱلْجَذْرِيِّ فِي حَيَاتِهَا!‏ إِنَّهَا ٱلْآنَ ٱلْمَلِكَةُ ٱلْجَدِيدَةُ،‏ زَوْجَةُ أَعْظَمِ حَاكِمٍ فِي ذٰلِكَ ٱلزَّمَانِ!‏ فَهَلِ ٱنْتَشَى قَلْبُهَا مِنْ مَجْدِ هٰذَا ٱلْمَنْصِبِ وَٱمْتَلَأَ كِبْرِيَاءً؟‏ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ.‏

      ١٧ (‏أ)‏ مَاذَا يُبَيِّنُ أَنَّ أَسْتِيرَ ظَلَّتْ مُطِيعَةً لِمُرَبِّيهَا مُرْدَخَايَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مِثَالُ أَسْتِيرَ مُهِمٌّ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟‏

      ١٧ لَقَدْ ظَلَّتْ أَسْتِيرُ مُطِيعَةً لِمُرَبِّيهَا مُرْدَخَايَ وَأَبْقَتْ صِلَتَهَا بِٱلشَّعْبِ ٱلْيَهُودِيِّ طَيَّ ٱلْكِتْمَانِ.‏ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ،‏ حِينَ كَشَفَ مُرْدَخَايُ مُؤَامَرَةً تَرْمِي إِلَى ٱغْتِيَالِ أَحَشْوِيرُوشَ وَأَرَادَ إِبْلَاغَهُ بِذٰلِكَ،‏ أَطَاعَتْهُ عَلَى ٱلْفَوْرِ وَنَقَلَتْ تَحْذِيرَهُ إِلَى ٱلْمَلِكِ،‏ فَأُحْبِطَتِ ٱلْمَكِيدَةُ وَعُوقِبَ ٱلْمُجْرِمَانِ.‏ (‏اس ٢:‏​٢٠-‏٢٣‏)‏ فِعْلًا،‏ ٱسْتَمَرَّتْ أَسْتِيرُ تُعْرِبُ عَنِ ٱلْإِيمَانِ بِإِلٰهِهَا مِنْ خِلَالِ تَحَلِّيهَا بِٱلتَّوَاضُعِ وَٱلطَّاعَةِ.‏ فَمَا أَحْوَجَنَا ٱلْيَوْمَ إِلَى مِثَالِهَا ٱلْجَيِّدِ،‏ نَحْنُ ٱلْعَائِشِينَ فِي زَمَنٍ أَصْبَحَ فِيهِ ٱلتَّمَرُّدُ هُوَ ٱلْقَاعِدَةَ وَٱلطَّاعَةُ هِيَ ٱلِٱسْتِثْنَاءَ!‏ لٰكِنَّ ٱلَّذِينَ يَمْتَلِكُونَ إِيمَانًا أَصِيلًا يُقِيمُونَ وَزْنًا كَبِيرًا لِلطَّاعَةِ مِثْلَ أَسْتِيرَ.‏

      إِيمَانُ أَسْتِيرَ يُوضَعُ عَلَى ٱلْمِحَكِّ

      ١٨ (‏أ)‏ لِمَ رَفَضَ مُرْدَخَايُ ٱلِٱنْحِنَاءَ لِهَامَانَ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏ (‏ب)‏ كَيْفَ يَقْتَدِي رِجَالُ وَنِسَاءُ ٱلْإِيمَانِ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ مُرْدَخَايَ؟‏

      ١٨ حَظِيَ رَجُلٌ ٱسْمُهُ هَامَانُ بِمَرْكَزٍ مَرْمُوقٍ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ.‏ فَقَدْ عَيَّنَهُ أَحَشْوِيرُوشُ كَبِيرَ ٱلْوُزَرَاءِ،‏ فَأَصْبَحَ مُشِيرَهُ ٱلْأَوَّلَ وَٱلرَّجُلَ ٱلثَّانِي فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ.‏ حَتَّى إِنَّ ٱلْمَلِكَ أَصْدَرَ مَرْسُومًا يَأْمُرُ كُلَّ مَنْ يَرَى هَامَانَ بِٱلسُّجُودِ لَهُ.‏ (‏اس ٣:‏​١-‏٤‏)‏ سَبَّبَ هٰذَا ٱلْقَانُونُ مُشْكِلَةً لِمُرْدَخَايَ ٱلَّذِي يَعْرِفُ أَنَّ عَلَيْهِ إِطَاعَةَ ٱلْمَلِكِ،‏ وَلٰكِنْ لَيْسَ عَلَى حِسَابِ ٱحْتِرَامِ ٱللّٰهِ.‏ هٰذَا وَإِنَّ هَامَانَ كَانَ أَجَاجِيًّا،‏ مَا يَعْنِي حَسْبَمَا يَتَّضِحُ أَنَّهُ مُتَحَدِّرٌ مِنْ أَجَاجَ مَلِكِ عَمَالِيقَ ٱلَّذِي قُتِلَ عَلَى يَدِ نَبِيِّ ٱللّٰهِ صَمُوئِيلَ.‏ (‏١ صم ١٥:‏٣٣‏)‏ وَٱلْعَمَالِيقِيُّونَ كَانُوا أَشْرَارًا جِدًّا بِحَيْثُ أَصْبَحُوا أَعْدَاءً لِيَهْوَهَ وَإِسْرَائِيلَ.‏ لِذَا أَدَانَهُمُ ٱللّٰهُ كَشَعْبٍ وَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِٱلْفَنَاءِ.‏c (‏تث ٢٥:‏١٩‏)‏ فَهَلْ يُعْقَلُ أَنْ يَخُرَّ يَهُودِيٌّ أَمِينٌ لِعَمَالِيقِيٍّ؟‏ طَبْعًا لَا.‏ وَهٰذَا مَا لَمْ يَفْعَلْهُ مُرْدَخَايُ ٱلَّذِي بَقِيَ ثَابِتًا عَلَى مَوْقِفِهِ.‏ وَعَلَى غِرَارِهِ،‏ لَا يَزَالُ رِجَالُ وَنِسَاءُ ٱلْإِيمَانِ حَتَّى يَوْمِنَا هٰذَا يُجَازِفُونَ بِحَيَاتِهِمْ تَمَسُّكًا مِنْهُمْ بِٱلْمَبْدَإِ ٱلْقَائِلِ:‏ «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ ٱللّٰهُ حَاكِمًا لَا ٱلنَّاسُ».‏ —‏ اع ٥:‏٢٩‏.‏

      ١٩ مَاذَا صَمَّمَ هَامَانُ أَنْ يَفْعَلَ،‏ وَكَيْفَ نَجَحَ فِي إِقْنَاعِ ٱلْمَلِكِ؟‏

      ١٩ اِمْتَلَأَ هَامَانُ سُخْطًا عَلَى مُرْدَخَايَ.‏ لٰكِنَّ قَتْلَهُ هُوَ وَحْدَهُ مَا كَانَ لِيَشْفِيَ غَلِيلَهُ.‏ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يُبِيدَ ٱلْيَهُودَ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ،‏ وَنَجَحَ فِي إِقْنَاعِ ٱلْمَلِكِ بِذٰلِكَ مُشَوِّهًا صُورَتَهُمْ أَمَامَهُ.‏ فَدُونَ ذِكْرِهِمْ بِٱلِٱسْمِ،‏ أَوْحَى أَنَّهُمْ عَدِيمُو ٱلْأَهَمِّيَّةِ،‏ شَعْبٌ «مُتَبَدِّدٌ وَمُتَفَرِّقٌ بَيْنَ ٱلشُّعُوبِ».‏ وَتَمَادَى فِي ٱلِٱفْتِرَاءِ عَلَيْهِمْ مُدَّعِيًا أَنَّهُمْ لَا يُطِيعُونَ قَوَانِينَ ٱلْمَلِكِ،‏ فَوَضَعَهُمْ بِٱلتَّالِي فِي مَصَافِّ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ ٱلْخَطِرِينَ.‏ ثُمَّ عَرَضَ أَنْ يَضَعَ فِي خِزَانَةِ ٱلْمَلِكِ مَبْلَغًا طَائِلًا مِنَ ٱلْمَالِ لِتَغْطِيَةِ نَفَقَاتِ إِبَادَتِهِمْ فِي كُلِّ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ.‏d فَمَا كَانَ مِنْ أَحَشْوِيرُوشَ إِلَّا أَنْ أَعْطَاهُ خَاتَمَهُ كَيْ يَخْتِمَ بِهِ أَيَّ أَمْرٍ يَنْوِي إِصْدَارَهُ.‏ —‏ اس ٣:‏​٥-‏١٠‏.‏

      ٢٠،‏ ٢١ (‏أ)‏ مَاذَا كَانَ وَقْعُ مَرْسُومِ هَامَانَ عَلَى ٱلْيَهُودِ فِي أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ،‏ بِمَنْ فِيهِمْ مُرْدَخَايُ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا ٱلْتَمَسَ مُرْدَخَايُ مِنْ أَسْتِيرَ؟‏

      ٢٠ وَسُرْعَانَ مَا ٱنْطَلَقَ ٱلسُّعَاةُ عَلَى صَهْوَةِ خُيُولِهِمْ إِلَى كُلِّ زَاوِيَةٍ فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلشَّاسِعَةِ لِيُسَلِّمُوا ٱلرَّسَائِلَ ٱلَّتِي تَضَمَّنَتْ حُكْمَ ٱلْمَوْتِ عَلَى ٱلْيَهُودِ.‏ تَخَيَّلْ وَقْعَ هٰذَا ٱلْإِعْلَانِ حِينَ بَلَغَ أُورُشَلِيمَ ٱلْبَعِيدَةَ،‏ حَيْثُ كَانَتْ بَقِيَّةٌ مِنَ ٱلْيَهُودِ ٱلْعَائِدِينَ مِنَ ٱلسَّبْيِ ٱلْبَابِلِيِّ تُكَافِحُ لِإِعَادَةِ بِنَاءِ مَدِينَةٍ مَا زَالَتْ دُونَ سُورٍ يَحْمِيهَا.‏ لَرُبَّمَا فَكَّرَ مُرْدَخَايُ فِيهِمْ حِينَ سَمِعَ ٱلْأَخْبَارَ ٱلْمُرِيعَةَ،‏ وَكَذٰلِكَ فِي أَصْدِقَائِهِ وَأَقْرِبَائِهِ ٱلْمُقِيمِينَ فِي شُوشَنَ.‏ وَمِنْ شِدَّةِ ٱضْطِرَابِهِ وَحُزْنِهِ،‏ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَلَبِسَ مِسْحًا وَوَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ رَمَادًا،‏ ثُمَّ رَاحَ يَصْرُخُ صُرَاخًا عَظِيمًا فِي وَسَطِ ٱلْمَدِينَةِ.‏ أَمَّا هَامَانُ فَجَلَسَ يَشْرَبُ مَعَ ٱلْمَلِكِ غَيْرَ آبِهٍ بِٱلْأَسَى ٱلَّذِي غَمَرَ قُلُوبَ ٱلْيَهُودِ وَأَصْدِقَائِهِمْ فِي شُوشَنَ.‏ —‏ اقرأ استير ٣:‏١٢–‏٤:‏١‏.‏

      ٢١ أَدْرَكَ مُرْدَخَايُ أَنَّ عَلَيْهِ ٱتِّخَاذَ إِجْرَاءٍ مَا.‏ وَلٰكِنْ مَاذَا عَسَاهُ يَفْعَلُ؟‏ حِينَ سَمِعَتْ أَسْتِيرُ بِحُزْنِهِ،‏ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ ثِيَابًا لِيَلْبَسَهَا وَيَنْزِعَ عَنْهُ ٱلْمِسْحَ،‏ غَيْرَ أَنَّهُ رَفَضَ أَنْ يَتَعَزَّى.‏ لَعَلَّ مُرْدَخَايَ كَانَ يَقْضِي أَيَّامًا وَلَيَالِيَ يَتَسَاءَلُ لِمَ سَمَحَ إِلٰهُهُ يَهْوَهُ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ أَسْتِيرُ ٱلْعَزِيزَةُ وَتُصْبِحَ زَوْجَةَ حَاكِمٍ وَثَنِيٍّ.‏ وَلٰكِنْ يَبْدُو أَنَّ ٱلسَّبَبَ بَدَأَ يَنْجَلِي ٱلْآنَ.‏ لِذَا بَعَثَ إِلَى ٱلْمَلِكَةِ يَلْتَمِسُ مِنْهَا أَنْ تَتَوَسَّطَ عِنْدَ ٱلْمَلِكِ «مِنْ أَجْلِ شَعْبِهَا».‏ —‏ اس ٤:‏​٤-‏٨‏.‏

      ٢٢ لِمَ خَافَتْ أَسْتِيرُ مِنَ ٱلْمُثُولِ أَمَامَ زَوْجِهَا ٱلْمَلِكِ؟‏ (‏اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.‏)‏

      ٢٢ لَا بُدَّ أَنَّ قَلْبَ أَسْتِيرَ رَجَفَ بَيْنَ ضُلُوعِهَا عِنْدَمَا سَمِعَتْ طَلَبَ مُرْدَخَايَ.‏ كَانَ هٰذَا ٱلْمَوْقِفُ أَهَمَّ ٱمْتِحَانٍ لِإِيمَانِهَا.‏ وَقَدْ عَبَّرَتْ عَنْ خَوْفِهَا ٱلشَّدِيدِ بِصَرَاحَةٍ فِي جَوَابِهَا لِمُرْدَخَايَ.‏ فَذَكَّرَتْهُ بِقَانُونِ ٱلْمَلِكِ ٱلَّذِي يَحْكُمُ بِٱلْمَوْتِ عَلَى كُلِّ مَنْ يَدْخُلُ إِلَى حَضْرَتِهِ دُونَ ٱسْتِدْعَاءٍ،‏ إِلَّا إِذَا مَدَّ لَهُ صَوْلَجَانَهُ ٱلذَّهَبِيَّ.‏ فَهَلْ لَدَيْهَا أَسَاسٌ لِتَتَوَقَّعَ ٱلرَّحْمَةَ مِنَ ٱلْمَلِكِ،‏ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ ٱلْمَصِيرِ ٱلَّذِي لَاقَتْهُ ٱلْمَلِكَةُ وَشْتِي حِينَ رَفَضَتِ ٱلْمُثُولَ أَمَامَهُ؟‏ فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ،‏ أَخْبَرَتْ أَسْتِيرُ مُرْدَخَايَ أَنَّ زَوْجَهَا لَمْ يَسْتَدْعِهَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا.‏ وَهٰذَا ٱلْإِهْمَالُ أَثَارَ فِي رَأْسِهَا هَوَاجِسَ كَثِيرَةً.‏ فَمَاذَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ قَدْ خَسِرَتْ حُظْوَتَهَا لَدَى هٰذَا ٱلْمَلِكِ ٱلْمُتَقَلِّبِ ٱلْمِزَاجِ؟‏e —‏ اس ٤:‏​٩-‏١١‏.‏

      ٢٣ (‏أ)‏ مَاذَا قَالَ مُرْدَخَايُ لِأَسْتِيرَ كَيْ يُشَدِّدَ إِيمَانَهَا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مِثَالُ مُرْدَخَايَ جَدِيرٌ بِٱلِٱقْتِدَاءِ؟‏

      ٢٣ أَجَابَ مُرْدَخَايُ أَسْتِيرَ بِحَزْمٍ لِيُشَدِّدَ إِيمَانَهَا.‏ فَأَكَّدَ لَهَا أَنَّ خَلَاصَ ٱلْيَهُودِ سَيَأْتِي مِنْ مَصْدَرٍ آخَرَ إِنْ لَمْ تَتَّخِذْ قَرَارَهَا وَتَتَصَرَّفْ.‏ وَحَذَّرَهَا أَلَّا تَتَوَقَّعَ ٱلنَّجَاةَ بِحَيَاتِهَا مَتَى بَدَأَ ٱلِٱضْطِهَادُ يَتَفَاقَمُ.‏ لَقَدْ بَرْهَنَ مُرْدَخَايُ عَنْ إِيمَانِهِ ٱلرَّاسِخِ بِيَهْوَهَ ٱلَّذِي مَا كَانَ لِيَسْمَحَ أَبَدًا أَنْ يَفْنَى شَعْبُهُ أَوْ تَسْقُطَ وُعُودُهُ دُونَ إِتْمَامٍ.‏ (‏يش ٢٣:‏١٤‏)‏ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ سَأَلَ مُرْدَخَايُ أَسْتِيرَ:‏ «مَنْ يَدْرِي إِنْ كُنْتِ لِمِثْلِ هٰذَا ٱلْوَقْتِ قَدْ بَلَغْتِ مَقَامَ ٱلْمُلْكِ؟‏».‏ (‏اس ٤:‏​١٢-‏١٤‏)‏ أَوَلَيْسَ مِثَالُهُ جَدِيرًا بِٱلِٱقْتِدَاءِ؟‏ لَقَدْ وَثِقَ بِإِلٰهِهِ يَهْوَهَ ثِقَةً مُطْلَقَةً.‏ فَمَاذَا عَنَّا؟‏ —‏ ام ٣:‏​٥،‏ ٦‏.‏

      إِيمَانٌ يَتَحَدَّى ٱلْمَوْتَ

      ٢٤ كَيْفَ أَعْرَبَتْ أَسْتِيرُ عَنِ ٱلْإِيمَانِ وَٱلشَّجَاعَةِ؟‏

      ٢٤ آنَ ٱلْأَوَانُ أَنْ تَحْسِمَ أَسْتِيرُ أَمْرَهَا.‏ فَطَلَبَتْ مِنْ مُرْدَخَايَ أَنْ يَدْعُوَ أَبْنَاءَ شَعْبِهَا إِلَى ٱلصَّوْمِ مَعَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ،‏ وَٱخْتَتَمَتْ رِسَالَتَهَا بِعِبَارَةٍ صَغِيرَةٍ يَتَرَدَّدُ صَدَاهَا حَتَّى هٰذَا ٱلْيَوْمِ لِمَا تُجَسِّدُهُ مِنْ إِيمَانٍ وَشَجَاعَةٍ:‏ «إِنْ هَلَكْتُ،‏ هَلَكْتُ».‏ (‏اس ٤:‏​١٥-‏١٧‏)‏ لَا بُدَّ أَنَّ أَسْتِيرَ لَمْ تُصَلِّ فِي حَيَاتِهَا بِقَدْرِ مَا صَلَّتْ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ ٱلثَّلَاثَةِ.‏ وَأَخِيرًا،‏ أَتَتِ ٱلسَّاعَةُ.‏ فَٱرْتَدَتْ أَفْضَلَ حُلَلِهَا ٱلْمَلَكِيَّةِ،‏ وَفَعَلَتْ كُلَّ مَا يَلْزَمُ لِتَرُوقَ فِي عَيْنَيِ ٱلْمَلِكِ،‏ ثُمَّ ذَهَبَتْ لِمُقَابَلَتِهِ.‏

      استير تدخل بلاط الملك احشويروش مرتدية حلتها الملكية

      خَاطَرَتْ أَسْتِيرُ بِحَيَاتِهَا كَيْ تَحْمِيَ شَعْبَ ٱللّٰهِ

      ٢٥ مَاذَا حَدَثَ فِيمَا تَوَجَّهَتْ أَسْتِيرُ إِلَى قَصْرِ ٱلْمَلِكِ؟‏

      ٢٥ تَوَجَّهَتْ أَسْتِيرُ إِلَى بَلَاطِ ٱلْمَلِكِ حَسْبَمَا قَرَأْنَا فِي بِدَايَةِ ٱلْفَصْلِ.‏ مَنْ يَدْرِي كَمْ هَاجِسًا دَارَ فِي رَأْسِهَا وَكَمْ صَلَاةً حَارَّةً رَفَعَتْ إِلَى إِلٰهِهَا؟‏!‏ وَحِينَ وَصَلَتْ إِلَى ٱلدَّارِ ٱلدَّاخِلِيَّةِ حَيْثُ ٱلْمَلِكُ جَالِسٌ عَلَى عَرْشِهِ،‏ رُبَّمَا حَاوَلَتْ أَنْ تَقْرَأَ تَعَابِيرَ وَجْهِهِ،‏ هٰذَا ٱلْوَجْهِ ٱلْفَارِسِيِّ ذِي خُصَلِ ٱلشَّعْرِ ٱلْمُجَعَّدَةِ ٱلْمُتَنَاسِقَةِ وَٱللِّحْيَةِ ٱلْمُرَبَّعَةِ ٱلشَّكْلِ.‏ وَلَوْ طَالَ ٱنْتِظَارُهَا،‏ لَبَدَتْ لَهَا كُلُّ لَحْظَةٍ دَهْرًا مِنَ ٱلزَّمَانِ.‏ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ تَمْضِ هُنَيْهَةٌ حَتَّى وَقَعَ نَظَرُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا.‏ فَبَانَتْ عَلَيْهِ ٱلدَّهْشَةُ دُونَ شَكٍّ،‏ وَلٰكِنْ سُرْعَانَ مَا لَانَتْ مَلَامِحُهُ وَمَدَّ لَهَا صَوْلَجَانَهُ ٱلذَّهَبِيَّ.‏ —‏ اس ٥:‏​١،‏ ٢‏.‏

      ٢٦ لِمَ يَحْتَاجُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ إِلَى شَجَاعَةِ أَسْتِيرَ،‏ وَمَاذَا كَانَ يَنْتَظِرُهَا؟‏

      ٢٦ لَقَدْ نَجَحَتْ أَسْتِيرُ فِي مَسْعَاهَا.‏ فَهَا هُوَ ٱلْمَلِكُ يُعِيرُهَا أُذُنًا صَاغِيَةً.‏ نَعَمِ،‏ ٱتَّخَذَتْ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ مَوْقِفًا إِلَى جَانِبِ إِلٰهِهَا وَشَعْبِهَا،‏ رَاسِمَةً بِذٰلِكَ مِثَالًا رَائِعًا فِي ٱلْإِيمَانِ لِكُلِّ خُدَّامِ ٱللّٰهِ حَتَّى يَوْمِنَا ٱلْحَاضِرِ.‏ وَٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ يُقَدِّرُونَ أَمْثِلَةً كَهٰذِهِ.‏ فَيَسُوعُ قَالَ إِنَّ ٱلسِّمَةَ ٱلَّتِي سَتُمَيِّزُ أَتْبَاعَهُ هِيَ مَحَبَّةُ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ.‏ ‏(‏اقرأ يوحنا ١٣:‏​٣٤،‏ ٣٥‏.‏‏)‏ وَغَالِبًا مَا يَتَطَلَّبُ إِظْهَارُ هٰذِهِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلِٱتِّصَافَ بِٱلشَّجَاعَةِ مِثْلَ أَسْتِيرَ.‏ لٰكِنَّ ٱلْخُطْوَةَ ٱلْجَرِيئَةَ ٱلَّتِي ٱتَّخَذَتْهَا فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لَمْ تَكُنْ إِلَّا ٱلْبِدَايَةَ.‏ فَكَيْفَ عَسَاهَا تُقْنِعُ ٱلْمَلِكَ أَنَّ مُشِيرَهُ ٱلْمُفَضَّلَ هَامَانَ لَيْسَ سِوَى رَجُلٍ شِرِّيرٍ يُدَبِّرُ ٱلْمَكَايِدَ؟‏ وَكَيْفَ لَهَا أَنْ تُنْقِذَ شَعْبَهَا؟‏ سَنُجِيبُ عَنْ هٰذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ فِي ٱلْفَصْلِ ٱلتَّالِي.‏

      a يُعْتَقَدُ عُمُومًا أَنَّ أَحَشْوِيرُوشَ هُوَ زَرَكْسِيسُ ٱلْأَوَّلُ ٱلَّذِي حَكَمَ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةَ ٱلْفَارِسِيَّةَ فِي أَوَائِلِ ٱلْقَرْنِ ٱلْخَامِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ.‏

      b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏أَسْئِلَةٌ عَنْ أَسْتِيرَ‏» فِي ٱلْفَصْلِ ١٦.‏

      c رُبَّمَا كَانَ هَامَانُ بَيْنَ آخِرِ ٱلْمُتَبَقِّينَ مِنْ شَعْبِ عَمَالِيقَ.‏ فَفِي أَيَّامِ ٱلْمَلِكِ حَزَقِيَّا،‏ قُضِيَ عَلَى «بَاقِي» مَنْ نَجَا مِنْهُمْ.‏ —‏ ١ اخ ٤:‏٤٣‏.‏

      d عَرَضَ هَامَانُ عَلَى ٱلْمَلِكِ ٠٠٠‏,١٠ وَزْنَةٍ مِنَ ٱلْفِضَّةِ،‏ مَا يُعَادِلُ ٱلْيَوْمَ مِئَاتِ مَلَايِينِ ٱلدُّولَارَاتِ.‏ وَإِذَا كَانَ أَحَشْوِيرُوشُ هُوَ نَفْسُهُ زَرَكْسِيسَ ٱلْأَوَّلَ،‏ فَمِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ أَنَّ هٰذَا ٱلْمَبْلَغَ أَغْرَاهُ بِقُبُولِ عَرْضِ هَامَانَ.‏ فَهُوَ كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى ثَرْوَةٍ طَائِلَةٍ فِي حَرْبِهِ ٱلطَّوِيلَةِ ضِدَّ ٱلْيُونَانِ ٱلَّتِي ٱنْتَهَتْ بِخَسَارَتِهِ.‏

      e عُرِفَ زَرَكْسِيسُ ٱلْأَوَّلُ بِطَبْعِهِ ٱلْمِزَاجِيِّ ٱلْعَنِيفِ.‏ وَقَدْ أَوْرَدَ ٱلْمُؤَرِّخُ ٱلْيُونَانِيُّ هِيرُودُوتُسُ أَمْثِلَةً عَلَى ذٰلِكَ مِنَ ٱلْحَرْبِ ٱلَّتِي خَاضَهَا ضِدَّ ٱلْيُونَانِ.‏ فَهُوَ أَمَرَ بِبِنَاءِ جِسْرٍ عَائِمٍ مِنَ ٱلسُّفُنِ عِنْدَ مَضِيقِ هَلِّيسْبُونْتَ.‏ وَلٰكِنْ حِينَ هَبَّتْ عَاصِفَةٌ وَحَطَّمَتِ ٱلْجِسْرَ،‏ حَكَمَ بِقَطْعِ رُؤُوسِ ٱلْمُهَنْدِسِينَ.‏ حَتَّى إِنَّهُ طَلَبَ مِنْ رِجَالِهِ «مُعَاقَبَةَ» ٱلْمَضِيقِ بِضَرْبِ مِيَاهِهِ بِٱلسَّوْطِ،‏ وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ تِلَاوَةَ إِعْلَانٍ مُهِينٍ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ.‏ وَفِي ٱلْحَمْلَةِ عَيْنِهَا،‏ تَوَسَّلَ إِلَيْهِ رَجُلٌ غَنِيٌّ أَنْ يُعْفِيَ ٱبْنَهُ مِنَ ٱلِٱلْتِحَاقِ بِٱلْجَيْشِ،‏ فَمَا كَانَ مِنْ هٰذَا ٱلطَّاغِيَةِ إِلَّا أَنْ شَطَرَ ٱلِٱبْنَ إِلَى نِصْفَيْنِ وَعَرَضَ جُثَّتَهُ عِبْرَةً لِلْآخَرِينَ.‏

      فَكِّرْ .‏ .‏ .‏

      •  كَيْفَ بَيَّنَتْ أَسْتِيرُ أَنَّهَا مُتَوَاضِعَةٌ وَمُطِيعَةٌ؟‏

      •  كَيْفَ سَاعَدَ مُرْدَخَايُ أَسْتِيرَ أَنْ تَتَصَرَّفَ بِأَمَانَةٍ؟‏

      •  كَيْفَ بَرْهَنَتْ أَسْتِيرُ عَنْ شَجَاعَتِهَا؟‏

      •  كَيْفَ تَنْوِي ٱلِٱقْتِدَاءَ بِإِيمَانِ أَسْتِيرَ؟‏

  • تصرفتْ بحكمة وشجاعة وعدم انانية
    اقتد بإيمانهم
    • الملكة استير

      اَلْفَصْلُ ٱلسَّادِسَ عَشَرَ

      تَصَرَّفَتْ بِحِكْمَةٍ وَشَجَاعَةٍ وَعَدَمِ أَنَانِيَّةٍ

      ١-‏٣ (‏أ)‏ كَيْفَ شَعَرَتْ أَسْتِيرُ وَهِيَ تَدْنُو مِنْ عَرْشِ زَوْجِهَا؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلْمَلِكِ حِيَالَ زِيَارَةِ أَسْتِيرَ؟‏

      دَنَتْ أَسْتِيرُ مِنَ ٱلْعَرْشِ خُطْوَةً فَخُطْوَةً وَدَقَّاتُ قَلْبِهَا تَتَسَارَعُ.‏ يُخَيِّمُ اَلسُّكُونُ عَلَى ٱلْقَاعَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ ٱلضَّخْمَةِ دَاخِلَ ٱلْقَصْرِ ٱلْفَارِسِيِّ فِي شُوشَنَ،‏ سُكُونٌ عَمِيقٌ إِلَى حَدٍّ تَسْمَعُ مَعَهُ أَسْتِيرُ وَقْعَ خُطُوَاتِهَا ٱلنَّاعِمَةِ وَحَفِيفَ حُلَّتِهَا ٱلْمَلَكِيَّةِ.‏ لَا بُدَّ أَنَّهَا حَرِصَتْ فِي تِلْكَ ٱللَّحَظَاتِ ٱلْحَرِجَةِ أَلَّا تَتَلَهَّى بِأُبَّهَةِ ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ،‏ أَوْ بِأَعْمِدَتِهِ ٱلْمَهِيبَةِ،‏ أَوْ بِٱلنُّقُوشِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي تُزَخْرِفُ سَقْفَهُ ٱلْمَصْنُوعَ مِنْ أَرْزِ لُبْنَانَ.‏ فَكُلُّ ٱنْتِبَاهِهَا مُنْصَبٌّ عَلَى ذَاكَ ٱلرَّجُلِ ٱلْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّ ٱلْمُلْكِ،‏ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي حَيَاتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ.‏

      ٢ أَمَّا هُوَ فَرَاحَ يُمْعِنُ ٱلنَّظَرَ فِيهَا وَهِيَ تَقْتَرِبُ،‏ مَادًّا لَهَا صَوْلَجَانَهُ ٱلذَّهَبِيَّ.‏ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْإِيمَاءَةَ عَلَى بَسَاطَتِهَا عَمِيقَةُ ٱلْمَغْزَى.‏ فَهِيَ تَعْنِي أَنَّ ٱلْمَلِكَ ٱسْتَحْيَاهَا صَافِحًا عَنْ ذَنْبٍ ٱرْتَكَبَتْهُ لِلتَّوِّ،‏ أَلَا وَهُوَ ٱلْمُثُولُ أَمَامَهُ دُونَ دَعْوَةٍ مَلَكِيَّةٍ.‏ وَفِيمَا هِيَ تَتَقَدَّمُ نَحْوَ ٱلْعَرْشِ،‏ تَمُدُّ يَدَهَا وَتَلْمُسُ رَأْسَ ٱلصَّوْلَجَانِ بِكُلِّ ٱمْتِنَانٍ.‏ —‏ اس ٥:‏​١،‏ ٢‏.‏

      الملكة استير تقترب من عرش الملك احشويروش فيما يمدّ لها صولجانه الذهبي

      شَكَرَتْ أَسْتِيرُ ٱلْمَلِكَ بِتَوَاضُعٍ عَلَى إِظْهَارِهِ ٱلرَّحْمَةَ

      ٣ كُلُّ مَا يَخُصُّ ٱلْمَلِكَ يَنْطِقُ بِٱلْعَظَمَةِ وَٱلْقُوَّةِ وَٱلْغِنَى.‏ فَٱلْحُلَّةُ ٱلْمَلَكِيَّةُ ٱلَّتِي تَسَرْبَلَ بِهَا ٱلْحُكَّامُ ٱلْفُرْسُ فِي تِلْكَ ٱلْأَزْمِنَةِ كَلَّفَتْ،‏ بِحَسَبِ ٱعْتِقَادِ ٱلْعُلَمَاءِ،‏ مَا يُعَادِلُ ٱلْيَوْمَ مِئَاتِ مَلَايِينِ ٱلدُّولَارَاتِ.‏ رَغْمَ كُلِّ ذٰلِكَ،‏ ٱسْتَشَفَّتْ أَسْتِيرُ دِفْئًا فِي نَظَرَاتِ زَوْجِهَا.‏ فَهُوَ يُكِنُّ لَهَا ٱلْحُبَّ وَلَوْ عَلَى طَرِيقَتِهِ ٱلْخَاصَّةِ.‏ قَالَ لَهَا:‏ «مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ ٱلْمَلِكَةُ،‏ وَمَا سُؤْلُكِ؟‏ وَلَوْ كَانَ نِصْفَ ٱلْمَمْلَكَةِ،‏ فَإِنَّهُ يُعْطَى لَكِ!‏».‏ —‏ اس ٥:‏٣‏.‏

      ٤ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ كَانَتْ تَكْمُنُ أَمَامَ أَسْتِيرَ؟‏

      ٤ لَقَدْ بَرْهَنَتْ أَسْتِيرُ عَنْ إِيمَانِهَا وَشَجَاعَتِهَا بِمُجَرَّدِ مَجِيئِهَا إِلَى ٱلْمَلِكِ لِتَحْمِيَ شَعْبَهَا مِنَ ٱلْمَكِيدَةِ ٱلْهَادِفَةِ إِلَى إِبَادَتِهِمْ.‏ وَقَدْ حَالَفَهَا ٱلنَّجَاحُ حَتَّى تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ.‏ غَيْرَ أَنَّ تَحَدَّيَاتٍ أَكْبَرَ كَانَتْ تَكْمُنُ أَمَامَهَا.‏ فَعَلَيْهَا أَنْ تُقْنِعَ هٰذَا ٱلْحَاكِمَ ٱلْمُتَشَامِخَ بِأَنَّ مُشِيرَهُ ٱلْمَوْثُوقَ بِهِ مَا هُوَ إِلَّا رَجُلٌ شِرِّيرٌ مُخَادِعٌ جَرَّهُ إِلَى إِنْزَالِ حُكْمِ ٱلْمَوْتِ بِشَعْبِهَا.‏ فَهَلْ تَتَوَفَّقُ فِي مَسْعَاهَا؟‏ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ إِيمَانِهَا؟‏

      اِخْتَارَتْ بِحِكْمَةٍ ‹ٱلْوَقْتَ لِلتَّكَلُّمِ›‏

      ٥،‏ ٦ (‏أ)‏ كَيْفَ طَبَّقَتْ أَسْتِيرُ ٱلْمَبْدَأَ فِي ٱلْجَامِعَة ٣:‏​١،‏ ٧‏؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ أَعْرَبَتْ أَسْتِيرُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ؟‏

      ٥ هَلْ كَانَ مِنَ ٱلْمُنَاسِبِ أَنْ تَطْرَحَ أَسْتِيرُ ٱلْمُشْكِلَةَ عَلَى ٱلْمَلِكِ أَمَامَ جَمِيعِ ٱلْحَاضِرِينَ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ؟‏ لَوْ فَعَلَتْ ذٰلِكَ،‏ لَرُبَّمَا أَهَانَتْهُ بِتَصَرُّفِهَا وَمَنَحَتْ مُشِيرَهُ هَامَانَ ٱلْوَقْتَ أَنْ يَدْحَضَ ٱلتُّهَمَ.‏ فَمَاذَا فَعَلَتْ إِذًا؟‏ قَبْلَ قُرُونٍ،‏ كَتَبَ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَكِيمُ سُلَيْمَانُ بِٱلْوَحْيِ:‏ «لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ مُعَيَّنٌ،‏ .‏ .‏ .‏ لِلصَّمْتِ وَقْتٌ،‏ وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ».‏ (‏جا ٣:‏​١،‏ ٧‏)‏ وَلَا بُدَّ أَنَّ أَسْتِيرَ تَعَلَّمَتْ مَبَادِئَ كَهٰذِهِ وَهِيَ تَكْبُرُ فِي كَنَفِ أَبِيهَا بِٱلتَّبَنِّي،‏ ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ مُرْدَخَايَ.‏ فَبَاتَتْ تُدْرِكُ دُونَ شَكٍّ أَهَمِّيَّةَ ٱخْتِيَارِ ‹ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ لِلتَّكَلُّمِ›.‏

      ٦ قَالَتْ:‏ «إِنْ حَسُنَ عِنْدَ ٱلْمَلِكِ،‏ فَلْيَأْتِ ٱلْمَلِكُ وَهَامَانُ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْمَأْدُبَةِ ٱلَّتِي أَقَمْتُهَا لَهُ».‏ (‏اس ٥:‏٤‏)‏ فَنَزَلَ ٱلْمَلِكُ عِنْدَ رَغْبَتِهَا وَٱسْتَدْعَى هَامَانَ.‏ هَلْ تَرَى كَمِ ٱتَّصَفَتْ أَسْتِيرُ بِٱلْحِكْمَةِ؟‏ لَقَدْ حَافَظَتْ عَلَى كَرَامَةِ زَوْجِهَا وَرَتَّبَتْ أَنْ تَكْشِفَ لَهُ عَنْ هَوَاجِسِهَا فِي مُنَاسَبَةٍ مُؤَاتِيَةٍ أُخْرَى.‏ —‏ اقرإ الامثال ١٠:‏١٩‏.‏

      ٧،‏ ٨ كَيْفَ كَانَتِ ٱلْمَأْدُبَةُ ٱلْأُولَى ٱلَّتِي أَعَدَّتْهَا أَسْتِيرُ،‏ وَلِمَ أَرْجَأَتِ ٱلْإِفْصَاحَ عَمَّا فِي قَلْبِهَا؟‏

      ٧ لَا رَيْبَ أَنَّ أَسْتِيرَ أَعَدَّتْ تِلْكَ ٱلْوَلِيمَةَ بِعِنَايَةٍ فَائِقَةٍ،‏ وَحَرِصَتْ عَلَى إِرْضَاءِ ذَوْقِ ٱلْمَلِكِ بِأَدَقِّ ٱلتَّفَاصِيلِ.‏ وَلَمْ تَخْلُ مَأْدُبَتُهَا مِنَ ٱلْخَمْرِ ٱلْفَاخِرَةِ ٱلَّتِي تَطِيبُ لَهَا ٱلنَّفْسُ.‏ (‏مز ١٠٤:‏١٥‏)‏ فَقَضَى أَحَشْوِيرُوشُ وَقْتًا مُمْتِعًا،‏ وَسَأَلَهَا مُجَدَّدًا عَنْ طِلْبَتِهَا.‏ فَهَلْ آنَ ٱلْأَوَانُ لِتَتَكَلَّمَ؟‏

      ٨ رَأَتْ أَسْتِيرُ أَنَّ ٱلْوَقْتَ لَمْ يَحِنْ بَعْدُ.‏ فَدَعَتِ ٱلْمَلِكَ وَهَامَانَ إِلَى مَأْدُبَةٍ ثَانِيَةٍ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي.‏ (‏اس ٥:‏​٧،‏ ٨‏)‏ وَلِمَاذَا أَرْجَأَتِ ٱلْإِفْصَاحَ عَمَّا فِي قَلْبِهَا؟‏ لَا يَغِبْ عَنْ بَالِكَ أَنَّ شَعْبَ أَسْتِيرَ بِرُمَّتِهِ كَانَ يَتَهَدَّدُهُ خَطَرُ ٱلْمَوْتِ بِفِعْلِ مَرْسُومِ ٱلْمَلِكِ.‏ وَنَظَرًا إِلَى هٰذَا ٱلْوَضْعِ ٱلْحَرِجِ لِلْغَايَةِ،‏ لَزِمَ أَنْ تَتَحَيَّنَ ٱلْوَقْتَ ٱلْأَنْسَبَ لِلْكَلَامِ.‏ فَقَرَّرَتِ ٱلِٱنْتِظَارَ،‏ وَهَيَّأَتْ فُرْصَةً أُخْرَى تُبَرْهِنُ مِنْ خِلَالِهَا لِزَوْجِهَا كَمْ تُقَدِّرُهُ وَتَحْتَرِمُهُ.‏

      ٩ مَا أَهَمِّيَّةُ ٱلصَّبْرِ،‏ وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ أَسْتِيرَ فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ؟‏

      ٩ إِنَّ ٱلصَّبْرَ مَزِيَّةٌ نَادِرَةٌ وَقَيِّمَةٌ.‏ فَرَغْمَ قَلَقِ أَسْتِيرَ ٱلشَّدِيدِ وَرَغْبَتِهَا ٱلْقَوِيَّةِ فِي قَوْلِ مَا عِنْدَهَا،‏ ٱنْتَظَرَتْ بِصَبْرٍ ٱللَّحْظَةَ ٱلْمُؤَاتِيَةَ.‏ فَكَمْ نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهَا فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ!‏ فَجَمِيعُنَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ نَرَى أَخْطَاءً يَلْزَمُ تَصْوِيبُهَا.‏ لِذَا عِنْدَمَا نَسْعَى إِلَى إِقْنَاعِ شَخْصٍ فِي مَرْكَزِ مَسْؤُولِيَّةٍ بِمُعَالَجَةِ مُشْكِلَةٍ مَا،‏ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَكُونَ صَبُورِينَ ٱقْتِدَاءً بِهَا.‏ تَقُولُ ٱلْأَمْثَال ٢٥:‏١٥‏:‏ «بِٱلصَّبْرِ يُسْتَمَالُ صَاحِبُ ٱلْأَمْرِ،‏ وَٱللِّسَانُ ٱللَّيِّنُ يَكْسِرُ ٱلْعَظْمَ».‏ فَإِذَا ٱنْتَظَرْنَا ٱلْوَقْتَ ٱلْمُنَاسِبَ بِصَبْرٍ وَتَكَلَّمْنَا بِلُطْفٍ وَوَدَاعَةٍ،‏ مِثْلَ أَسْتِيرَ،‏ نَتَمَكَّنُ مِنْ تَلْيِينِ ٱلْمَوَاقِفِ ٱلْمُتَصَلِّبَةِ وَٱلْمُعَانِدَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قَاسِيَةً كَٱلْعَظْمِ.‏ وَهَلْ بَارَكَ يَهْوَهُ،‏ إِلٰهُ أَسْتِيرَ،‏ صَبْرَهَا وَحِكْمَتَهَا؟‏

      اَلصَّبْرُ يُثْمِرُ

      ١٠،‏ ١١ لِمَ تَغَيَّرَ مِزَاجُ هَامَانَ بَعْدَمَا غَادَرَ ٱلْمَأْدُبَةَ ٱلْأُولَى،‏ وَعَلَامَ حَثَّتْهُ زَوْجَتُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ؟‏

      ١٠ مَهَّدَ صَبْرُ أَسْتِيرَ ٱلسَّبِيلَ لِسِلْسِلَةٍ مِنَ ٱلْحَوَادِثِ ٱلْهَامَّةِ.‏ لَقَدْ غَادَرَ هَامَانُ ٱلْمَأْدُبَةَ ٱلْأُولَى «فَرِحًا وَطَيِّبَ ٱلْقَلْبِ» لِأَنَّ ٱلْمَلِكَ وَٱلْمَلِكَةَ خَصَّاهُ بِمُعَامَلَةٍ مُمَيَّزَةٍ.‏ وَفِيمَا هُوَ يَعْبُرُ بَوَّابَةَ ٱلْقَلْعَةِ،‏ وَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ ٱلَّذِي بَقِيَ رَافِضًا أَنْ يَنْحَنِيَ لَهُ.‏ وَكَمَا لَاحَظْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ،‏ لَمْ يَكُنْ قَصْدُ مُرْدَخَايَ أَنْ يُقَلِّلَ مِنِ ٱحْتِرَامِ هَامَانَ،‏ بَلْ أَرَادَ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى ضَمِيرٍ طَاهِرٍ وَعَلَاقَةٍ جَيِّدَةٍ بِيَهْوَهَ ٱللّٰهِ.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ تَذْكُرُ ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ هَامَانَ «ٱمْتَلَأَ سُخْطًا».‏ —‏ اس ٥:‏٩‏.‏

      ١١ وَعِنْدَمَا أَخْبَرَ زَوْجَتَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ بِهٰذِهِ ٱلْإِهَانَةِ،‏ حَثُّوهُ أَنْ يُعِدَّ خَشَبَةً ضَخْمَةً طُولُهَا أَكْثَرُ مِنِ ٢٢ م،‏ ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ ٱلْمَلِكَ فِي تَعْلِيقِ مُرْدَخَايَ عَلَيْهَا.‏ فَرَحَّبَ بِٱلْفِكْرَةِ وَبَادَرَ فَوْرًا إِلَى تَنْفِيذِهَا.‏ —‏ اس ٥:‏​١٢-‏١٤‏.‏

      ١٢ لِمَ قُرِئَتْ سِجِلَّاتُ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلرَّسْمِيَّةُ عَلَى ٱلْمَلِكِ،‏ وَلِأَيِّ أَمْرٍ تَيَقَّظَ بَعْدَ سَمَاعِهَا؟‏

      ١٢ بَعْدَ ٱنْتِهَاءِ ٱلْمَأْدُبَةِ ٱلْأُولَى،‏ أَمْضَى أَحَشْوِيرُوشُ لَيْلَةً غَيْرَ ٱعْتِيَادِيَّةٍ.‏ فَقَدْ ‹طَارَ ٱلنَّوْمُ› مِنْ عَيْنَيْهِ،‏ حَسْبَمَا يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ.‏ لِذَا أَمَرَ أَنْ تُقْرَأَ عَلَى مَسْمَعِهِ سِجِلَّاتُ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلرَّسْمِيَّةُ،‏ وَفِيهَا وُجِدَ خَبَرُ ٱلْمَكِيدَةِ ٱلَّتِي دُبِّرَتْ لِٱغْتِيَالِهِ.‏ فَتَذَكَّرَ تِلْكَ ٱلْحَادِثَةَ وَأَنَّ ٱلرَّجُلَيْنِ ٱللَّذَيْنِ تَآ‌مَرَا عَلَيْهِ ٱعْتُقِلَا وَأُعْدِمَا.‏ وَلٰكِنْ مَاذَا صُنِعَ لِمُرْدَخَايَ ٱلَّذِي كَشَفَ ٱلْمُؤَامَرَةَ؟‏ حِينَ تَيَقَّظَ ٱلْمَلِكُ فَجْأَةً لِهٰذِهِ ٱلْفِكْرَةِ ٱلْمُهِمَّةِ،‏ ٱسْتَعْلَمَ كَيْفَ كُوفِئَ مُرْدَخَايُ عَلَى مَعْرُوفِهِ.‏ وَمَاذَا كَانَ ٱلْجَوَابُ؟‏ مَا مِنْ شَيْءٍ أَلْبَتَّةَ عُمِلَ لِهٰذَا ٱلرَّجُلِ.‏ —‏ اقرأ استير ٦:‏​١-‏٣‏.‏

      ١٣،‏ ١٤ (‏أ)‏ كَيْفَ بَدَأَتِ ٱلْأُمُورُ تَنْقَلِبُ عَلَى هَامَانَ؟‏ (‏ب)‏ حِينَ أَخْبَرَ هَامَانُ زَوْجَتَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ بِمَا حَدَثَ،‏ مَاذَا قَالُوا لَهُ؟‏

      ١٣ اِسْتَاءَ أَحَشْوِيرُوشُ وَأَرَادَ تَصْحِيحَ ٱلْخَطَإِ،‏ فَسَأَلَ إِنْ كَانَ هُنَاكَ أَيٌّ مِنَ ٱلرَّسْمِيِّينَ لِمُسَاعَدَتِهِ فِي ذٰلِكَ.‏ وَلٰكِنْ مِنْ بَيْنِهِمْ جَمِيعًا،‏ لَمْ يُوجَدْ فِي ٱلْبَلَاطِ حِينَذَاكَ سِوَى هَامَانَ!‏ فَعَلَى مَا يَظْهَرُ،‏ بَكَّرَ فِي ٱلْمَجِيءِ إِلَى ٱلْمَلِكِ مُتَحَمِّسًا لِٱسْتِئْذَانِهِ فِي إِعْدَامِ مُرْدَخَايَ.‏ وَلٰكِنْ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِطَلَبِهِ،‏ سَأَلَهُ ٱلْمَلِكُ عَنِ ٱلْوَسِيلَةِ ٱلْفُضْلَى لِتَكْرِيمِ رَجُلٍ نَالَ ٱسْتِحْسَانَهُ.‏ وَلَمَّا ظَنَّ هَامَانُ أَنَّهُ ٱلْمَقْصُودُ،‏ ٱقْتَرَحَ تَكْرِيمًا فِي غَايَةِ ٱلْعَظَمَةِ:‏ أَنْ يُلْبَسَ ٱلرَّجُلُ لِبَاسًا مَلَكِيًّا،‏ وَيُؤْخَذَ عَلَى ٱلْفَرَسِ ٱلْمَلَكِيِّ فِي مَوْكِبٍ رَسْمِيٍّ ضَخْمٍ فِي أَنْحَاءِ شُوشَنَ،‏ وَيُنَادَى عَلَى كُلِّ ٱلْمَلَإِ بِحَسَنَاتِهِ.‏ وَلٰكِنْ تَخَيَّلْ مَلَامِحَ وَجْهِهِ حِينَ عَلِمَ أَنَّ ٱلْمَقْصُودَ هُوَ مُرْدَخَايُ!‏ وَمَنْ يَا تُرَى عَيَّنَ ٱلْمَلِكُ لِيُشِيدَ بِمَزَايَا هٰذَا ٱلرَّجُلِ؟‏ لَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ!‏ —‏ اس ٦:‏​٤-‏١٠‏.‏

      ١٤ نَفَّذَ هَامَانُ بِٱمْتِعَاضٍ هٰذِهِ ٱلْمُهِمَّةَ ٱلْبَغِيضَةَ،‏ ثُمَّ أَسْرَعَ إِلَى بَيْتِهِ مَغْمُومًا يَجُرُّ أَذْيَالَ ٱلْخَيْبَةِ.‏ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ إِنَّ مَا حَدَثَ لَا يُنْذِرُ إِلَّا بِٱلشَّرِّ،‏ فَمَعْرَكَتُهُ ضِدَّ مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ خَاسِرَةٌ.‏ —‏ اس ٦:‏​١٢،‏ ١٣‏.‏

      ١٥ (‏أ)‏ كَيْفَ أَثْمَرَ صَبْرُ أَسْتِيرَ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نُعْرِبَ عَنْ مَوْقِفِ ‹ٱلِٱنْتِظَارِ›؟‏

      ١٥ لَقَدْ أَثْمَرَ صَبْرُ أَسْتِيرَ.‏ فَهٰذَا ٱلْيَوْمُ ٱلْإِضَافِيُّ ٱلَّذِي ٱنْتَظَرَتْهُ قَبْلَ أَنْ تُعْلِمَ ٱلْمَلِكَ بِطَلَبِهَا جَعَلَ هَامَانَ يَحْفِرُ قَبْرَهُ بِيَدَيْهِ.‏ أَوَلَيْسَ مُحْتَمَلًا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ يَهْوَهُ وَرَاءَ ٱلْأَرَقِ ٱلَّذِي أَصَابَ ٱلْمَلِكَ؟‏ (‏ام ٢١:‏١‏)‏ لَا عَجَبَ إِذًا أَنْ تُشَجِّعَنَا كَلِمَةُ ٱللّٰهِ عَلَى تَبَنِّي مَوْقِفِ ‹ٱلِٱنْتِظَارِ›.‏ ‏(‏اقرأ ميخا ٧:‏٧‏.‏‏)‏ فَحِينَ نَنْتَظِرُ ٱللّٰهَ،‏ نَجِدُ أَنَّ ٱلْحُلُولَ ٱلَّتِي يُهَيِّئُهَا لِمُعَالَجَةِ مَشَاكِلِنَا أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ أَيَّةِ حُلُولٍ نَبْتَكِرُهَا نَحْنُ.‏

      جَاهَرَتْ بِٱلْحَقِّ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ

      ١٦،‏ ١٧ (‏أ)‏ مَتَى حَانَ ‹ٱلْوَقْتُ لِتَتَكَلَّمَ› أَسْتِيرُ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱخْتَلَفَتْ أَسْتِيرُ عَنْ زَوْجَةِ ٱلْمَلِكِ ٱلسَّابِقَةِ وَشْتِي؟‏

      ١٦ لَمْ تَجْسُرْ أَسْتِيرُ أَنْ تَسْتَنْفِدَ صَبْرَ ٱلْمَلِكِ.‏ فَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُطْلِعَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي مَأْدُبَتِهَا ٱلثَّانِيَةِ.‏ وَلٰكِنْ كَيْفَ؟‏ كَمَا يَتَبَيَّنُ،‏ أَتَاحَ لَهَا هُوَ نَفْسُهُ هٰذِهِ ٱلْفُرْصَةَ حِينَ سَأَلَهَا مُجَدَّدًا عَنْ طِلْبَتِهَا.‏ (‏اس ٧:‏٢‏)‏ وَهٰكَذَا،‏ حَانَ ‹ٱلْوَقْتُ لِتَتَكَلَّمَ›.‏

      ١٧ لَعَلَّ أَسْتِيرَ قَدَّمَتْ صَلَاةً صَامِتَةً إِلَى إِلٰهِهَا قَبْلَ أَنْ تَقُولَ لِزَوْجِهَا:‏ «إِنْ نِلْتُ حُظْوَةً فِي عَيْنَيْكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ،‏ وَإِنْ حَسُنَ عِنْدَ ٱلْمَلِكِ،‏ فَهَبْ لِي نَفْسِي وَشَعْبِي،‏ هٰذِهِ هِيَ طِلْبَتِي وَهٰذَا هُوَ سُؤْلِي».‏ (‏اس ٧:‏٣‏)‏ لَاحِظْ أَنَّهَا عَبَّرَتْ لِلْمَلِكِ عَنِ ٱحْتِرَامِهَا لِمَا يَرَاهُ صَائِبًا.‏ فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ ٱلسَّابِقَةِ وَشْتِي ٱلَّتِي تَعَمَّدَتْ تَحْقِيرَهُ!‏ (‏اس ١:‏​١٠-‏١٢‏)‏ أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّهَا لَمْ تَنْتَقِدْهُ عَلَى ثِقَتِهِ ٱلْعَمْيَاءِ بِهَامَانَ،‏ بَلْ تَوَسَّلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَحْمِيَهَا مِنْ خَطَرٍ مُحْدِقٍ بِهَا.‏

      ١٨ كَيْفَ طَرَحَتْ أَسْتِيرُ ٱلْمُشْكِلَةَ؟‏

      ١٨ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْتِمَاسَ أَسْتِيرَ أَثَارَ دَهْشَةَ ٱلْمَلِكِ.‏ فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَجْرُؤُ عَلَى تَهْدِيدِ مَلِيكَتِهِ؟‏!‏ تَابَعَتْ أَسْتِيرُ:‏ «إِنَّنَا مَبِيعُونَ أَنَا وَشَعْبِي لِلْإِبَادَةِ وَٱلْقَتْلِ وَٱلْهَلَاكِ.‏ فَلَوْ كُنَّا مَبِيعِينَ عَبِيدًا وَجَوَارِيَ فَقَطْ لَسَكَتُّ.‏ لٰكِنْ لَا يُمْكِنُ ٱلْقُبُولُ بِهٰذِهِ ٱلْمِحْنَةِ لِمَا يُرَافِقُهَا مِنْ ضَرَرٍ بِٱلْمَلِكِ».‏ (‏اس ٧:‏٤‏)‏ لَاحِظْ أَنَّهَا طَرَحَتِ ٱلْمُشْكِلَةَ بِصَرَاحَةٍ،‏ لٰكِنَّهَا أَضَافَتْ أَنَّهَا مَا كَانَتْ لِتُفَاتِحَهُ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ لَوِ ٱقْتَصَرَتِ ٱلنَّتِيجَةُ عَلَى عُبُودِيَّتِهَا هِيَ وَشَعْبِهَا.‏ غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْإِبَادَةَ تُلْحِقُ بِهِ ضَرَرًا كَبِيرًا لَا يُمْكِنُ ٱلسُّكُوتُ عَنْهُ.‏

      ١٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ أَسْتِيرَ عَنْ فَنِّ ٱلْإِقْنَاعِ؟‏

      ١٩ يُعَلِّمُنَا مِثَالُ أَسْتِيرَ ٱلْكَثِيرَ عَنْ فَنِّ ٱلْإِقْنَاعِ.‏ فَإِذَا أَرَدْتَ يَوْمًا أَنْ تَعْرِضَ مُشْكِلَةً خَطِيرَةً عَلَى أَحَدِ أَحِبَّائِكَ أَوْ عَلَى شَخْصٍ يَشْغَلُ مَنْصِبًا هَامًّا،‏ يُسَاعِدُكَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلصَّبْرِ وَٱلِٱحْتِرَامِ وَٱلصِّدْقِ عَلَى بُلُوغِ مُرَادِكَ.‏ —‏ ام ١٦:‏​٢١،‏ ٢٣‏.‏

      ٢٠،‏ ٢١ (‏أ)‏ كَيْفَ شَهَّرَتْ أَسْتِيرُ هَامَانَ،‏ مِمَّا أَثَارَ أَيَّ رَدِّ فِعْلٍ لَدَى ٱلْمَلِكِ؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا فَعَلَ هَامَانُ بَعْدَمَا كُشِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ؟‏

      ٢٠ سَأَلَ أَحَشْوِيرُوشُ:‏ «مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ ذَاكَ ٱلَّذِي يَتَجَرَّأُ أَنْ يَفْعَلَ هٰكَذَا؟‏».‏ تَخَيَّلْ أَسْتِيرَ تُشِيرُ بِإِصْبَعِهَا قَائِلَةً:‏ «اَلرَّجُلُ ٱلْخَصْمُ وَٱلْعَدُوُّ هُوَ هَامَانُ هٰذَا ٱلشِّرِّيرُ».‏ لَقَدْ نَزَلَتْ كَلِمَاتُهَا عَلَيْهِمَا نُزُولَ ٱلصَّاعِقَةِ.‏ فَٱسْتَحْوَذَ ٱلرُّعْبُ عَلَى قَلْبِ هَامَانَ.‏ أَمَّا ٱلْمَلِكُ فَٱسْتَشَاطَ غَضَبًا حِينَ أَدْرَكَ أَنَّ مُشِيرَهُ ٱلْمَوْثُوقَ بِهِ خَدَعَهُ وَجَرَّهُ إِلَى تَوْقِيعِ مَرْسُومٍ كَانَ سَيُودِي بِزَوْجَتِهِ ٱلْحَبِيبَةِ.‏ فَخَرَجَ ثَائِرًا إِلَى ٱلْحَدِيقَةِ لِيَسْتَعِيدَ هُدُوءَهُ.‏ —‏ اس ٧:‏​٥-‏٧‏.‏

      استير تخبر الملك احشويروش بكل شيء في المأدبة الثانية التي اقامتها وتشير بشجاعة الی هامان

      فَضَحَتْ أَسْتِيرُ بِشَجَاعَةٍ شَرَّ هَامَانَ

      ٢١ عِنْدَئِذٍ،‏ وَقَعَ هَامَانُ ٱلْخَسِيسُ عِنْدَ قَدَمَيِ ٱلْمَلِكَةِ مُتَذَلِّلًا بَعْدَمَا شُهِّرَ كَذِبُهُ وَكُشِفَتْ مَكِيدَتُهُ.‏ وَعِنْدَمَا عَادَ ٱلْمَلِكُ إِلَى ٱلْغُرْفَةِ وَرَآهُ عَلَى أَرِيكَتِهَا يَتَوَسَّلُ إِلَيْهَا،‏ ثَارَتْ ثَائِرَتُهُ وَٱتَّهَمَهُ بِمُحَاوَلَةِ ٱغْتِصَابِهَا فِي عُقْرِ دَارِهِ.‏ فَكَانَ ٱتِّهَامُهُ هٰذَا بِمَثَابَةِ حُكْمٍ بِٱلْإِعْدَامِ عَلَى هَامَانَ ٱلَّذِي أُخِذَ إِثْرَ ذٰلِكَ مُغَطَّى ٱلْوَجْهِ.‏ بَعْدَ ذٰلِكَ،‏ أَخْبَرَ أَحَدُ ٱلرَّسْمِيِّينَ ٱلْمَلِكَ عَنِ ٱلْخَشَبَةِ ٱلضَّخْمَةِ ٱلَّتِي أَعَدَّهَا هَامَانُ لِمُرْدَخَايَ.‏ فَمَا كَانَ مِنْ أَحَشْوِيرُوشَ إِلَّا أَنْ أَصْدَرَ أَمْرًا بِتَعْلِيقِ ذَاكَ ٱلرَّجُلِ ٱلشِّرِّيرِ عَلَيْهَا.‏ —‏ اس ٧:‏​٨-‏١٠‏.‏

      ٢٢ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا مِثَالُ أَسْتِيرَ أَلَّا نَسْتَسْلِمَ أَوْ نَفْقِدَ ٱلْأَمَلَ أَوْ نَخْسَرَ إِيمَانَنَا؟‏

      ٢٢ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْمَلِيءِ بِٱلْمَظَالِمِ،‏ قَدْ نَخَالُ أَنَّ ٱلْعَدْلَ لَنْ يَأْخُذَ مَجْرَاهُ أَبَدًا.‏ فَهَلْ رَاوَدَكَ يَوْمًا هٰذَا ٱلشُّعُورُ؟‏ إِنَّ أَسْتِيرَ لَمْ تَسْتَسْلِمْ قَطُّ،‏ وَلَا فَقَدَتِ ٱلْأَمَلَ،‏ وَلَا خَسِرَتْ ذَرَّةً مِنْ إِيمَانِهَا.‏ فَحِينَ آنَ ٱلْأَوَانُ،‏ جَاهَرَتْ بِٱلْحَقِّ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ وَٱتَّكَلَتْ عَلَى يَهْوَهَ كَيْ يَتَكَفَّلَ بِٱلْبَاقِي.‏ فَلْنَحْذُ جَمِيعُنَا حَذْوَهَا!‏ فَيَهْوَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ،‏ وَمَا زَالَ قَادِرًا عَلَى إِيقَاعِ ٱلْأَشْرَارِ وَٱلْمُخَادِعِينَ فِي نَفْسِ ٱلْحُفْرَةِ ٱلَّتِي حَفَرُوهَا لِلْآخَرِينَ،‏ تَمَامًا كَمَا فَعَلَ مَعَ هَامَانَ.‏ —‏ اقرإ المزمور ٧:‏​١١-‏١٦‏.‏

      شَابَّةٌ غَيْرُ أَنَانِيَّةٍ

      ٢٣ (‏أ)‏ كَيْفَ كَافَأَ ٱلْمَلِكُ مُرْدَخَايَ وَأَسْتِيرَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ تَحَقَّقَتِ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلَّتِي تَفَوَّهَ بِهَا يَعْقُوبُ عَلَى فِرَاشِ ٱلْمَوْتِ بِشَأْنِ بِنْيَامِينَ؟‏ (‏اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «‏نُبُوَّةٌ تَتَحَقَّقُ‏».‏)‏

      ٢٣ أَخِيرًا،‏ عَرَفَ أَحَشْوِيرُوشُ أَنَّ مُرْدَخَايَ لَيْسَ ٱلرَّجُلَ ٱلْوَلِيَّ ٱلَّذِي حَمَاهُ مِنَ ٱلِٱغْتِيَالِ فَحَسْبُ،‏ بَلْ أَيْضًا وَالِدُ أَسْتِيرَ بِٱلتَّبَنِّي.‏ فَوَلَّاهُ مَنْصِبَ رَئِيسِ ٱلْوُزَرَاءِ ٱلَّذِي كَانَ يَشْغَلُهُ هَامَانُ.‏ وَأَعْطَى بَيْتَ هَامَانَ،‏ بِمَا فِي ذٰلِكَ ثَرْوَتُهُ ٱلطَّائِلَةُ،‏ لِأَسْتِيرَ ٱلَّتِي أَقَامَتْ مُرْدَخَايَ مُشْرِفًا عَلَيْهِ.‏ —‏ اس ٨:‏​١،‏ ٢‏.‏

      ٢٤،‏ ٢٥ (‏أ)‏ لِمَاذَا لَمْ يَهْدَأْ بَالُ أَسْتِيرَ حَتَّى بَعْدَمَا فُضِحَتْ مَكِيدَةُ هَامَانَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ جَازَفَتْ أَسْتِيرُ بِحَيَاتِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً؟‏

      ٢٤ بَعْدَمَا أَصْبَحَتْ أَسْتِيرُ وَمُرْدَخَايُ فِي أَمَانٍ،‏ هَلْ زَالَ ٱضْطِرَابُهَا وَقَلَقُهَا؟‏ لَوْ كَانَتْ أَنَانِيَّةً لَهَدَأَ بَالُهَا وَٱرْتَاحَتْ.‏ وَلٰكِنْ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ،‏ كَانَ مَرْسُومُ هَامَانَ ٱلْقَاضِي بِقَتْلِ ٱلْيَهُودِ فِي طَرِيقِهِ إِلَى كُلِّ زَاوِيَةٍ فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ.‏ فَهٰذَا ٱلشِّرِّيرُ كَانَ قَدْ أَلْقَى ٱلْقُرْعَةَ،‏ أَوِ ٱلْفُورَ ٱلَّتِي هِيَ كَمَا يَتَّضِحُ شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِ ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ،‏ كَيْ يُحَدِّدَ ٱلْيَوْمَ ٱلْأَنْسَبَ لِتَنْفِيذِ هُجُومِهِ ٱلْوَحْشِيِّ عَلَى ٱلْيَهُودِ.‏ (‏اس ٩:‏​٢٤-‏٢٦‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّ أَشْهُرًا لَا تَزَالُ تَفْصِلُهُمْ عَنِ ٱلْمَوْعِدِ،‏ إِلَّا أَنَّ ٱلْأَيَّامَ تُوَلِّي بِسُرْعَةٍ.‏ فَهَلْ يُمْكِنُ تَفَادِي ٱلْكَارِثَةِ؟‏

      ٢٥ مِنْ جَدِيدٍ،‏ أَعْرَبَتْ أَسْتِيرُ عَنْ عَدَمِ ٱلْأَنَانِيَّةِ وَخَاطَرَتْ بِحَيَاتِهَا،‏ فَمَثَلَتْ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ دُونَ دَعْوَةٍ مِنْهُ.‏ وَهٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ،‏ بَكَتْ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهَا وَتَوَسَّلَتْ إِلَى زَوْجِهَا كَيْ يُلْغِيَ ٱلْمَرْسُومَ ٱلْمُرِيعَ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْقَوَانِينَ ٱلَّتِي تَصْدُرُ بِٱسْمِ ٱلْمَلِكِ ٱلْفَارِسِيِّ لَا يُمْكِنُ إِبْطَالُهَا.‏ (‏دا ٦:‏​١٢،‏ ١٥‏)‏ لِذَا،‏ عَهِدَ أَحَشْوِيرُوشُ إِلَى أَسْتِيرَ وَمُرْدَخَايَ بِسَنِّ قَانُونٍ جَدِيدٍ.‏ فَأُصْدِرَ بَلَاغٌ ثَانٍ يَمْنَحُ ٱلْيَهُودَ حَقَّ ٱلدِّفَاعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ.‏ وَسَارَعَ ٱلسُّعَاةُ عَلَى صَهْوَةِ خُيُولِهِمْ إِلَى كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ حَامِلِينَ إِلَيْهِمْ هٰذِهِ ٱلْأَخْبَارَ ٱلسَّارَّةَ.‏ فَأُضْرِمَ ٱلْأَمَلُ مُجَدَّدًا فِي قُلُوبِ كَثِيرِينَ.‏ (‏اس ٨:‏​٣-‏١٦‏)‏ تَخَيَّلِ ٱلْيَهُودَ فِي أَرْجَاءِ هٰذِهِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلشَّاسِعَةِ يَتَسَلَّحُونَ وَيُعِدُّونَ ٱلْعُدَّةَ لِلْحَرْبِ.‏ فَلَوْلَا ٱلْمَرْسُومُ ٱلْجَدِيدُ،‏ لَٱسْتَحَالَ عَلَيْهِمْ فِعْلُ ذٰلِكَ.‏ لٰكِنَّ ٱلْأَهَمَّ:‏ هَلْ يَقِفُ «يَهْوَهُ ٱلْجُنُودِ» إِلَى جَانِبِ شَعْبِهِ؟‏ —‏ ١ صم ١٧:‏٤٥‏.‏

      استير ومردخاي يُملِيان علی الكاتب البلاغ الثاني

      أَرْسَلَ مُرْدَخَايُ وَأَسْتِيرُ بَلَاغًا إِلَى كُلِّ ٱلْيَهُودِ فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ

      ٢٦،‏ ٢٧ (‏أ)‏ أَيُّ هَزِيمَةٍ أَنْزَلَهَا شَعْبُ ٱللّٰهِ بِأَعْدَائِهِمْ؟‏ (‏ب)‏ مَا هِيَ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلَّتِي تَمَّتْ بِهَلَاكِ أَبْنَاءِ هَامَانَ؟‏

      ٢٦ عِنْدَمَا حَانَ أَخِيرًا ٱلْيَوْمُ ٱلْمُعَيَّنُ،‏ كَانَ شَعْبُ ٱللّٰهِ عَلَى أَتَمِّ ٱلِٱسْتِعْدَادِ لِلْمُوَاجَهَةِ.‏ حَتَّى إِنَّ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلرَّسْمِيِّينَ ٱلْفُرْسِ ٱصْطَفُّوا إِلَى جَانِبِهِمْ،‏ لِأَنَّ خَبَرَ تَعْيِينِ مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ رَئِيسًا جَدِيدًا لِلْوُزَرَاءِ كَانَ قَدِ ٱنْتَشَرَ فِي طُولِ ٱلْبِلَادِ وَعَرْضِهَا.‏ وَقَدْ مَنَحَ يَهْوَهُ شَعْبَهُ نَصْرًا عَظِيمًا.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ زَوَّدَهُمْ بِٱلْحِمَايَةِ،‏ مُلْحِقًا بِأَعْدَائِهِمْ هَزِيمَةً سَاحِقَةً لِئَلَّا يُحَاوِلُوا ٱلِٱنْتِقَامَ مِنْهُمْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ.‏a —‏ اس ٩:‏​١-‏٦‏.‏

      ٢٧ وَبِمَا أَنَّ مُرْدَخَايَ كَانَ سَيَتَعَرَّضُ لِلْخَطَرِ لَوْ أَشْرَفَ عَلَى بَيْتِ هَامَانَ فِيمَا أَبْنَاؤُهُ ٱلْعَشَرَةُ لَا يَزَالُونَ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ،‏ قُضِيَ عَلَيْهِمْ هُمْ أَيْضًا.‏ (‏اس ٩:‏​٧-‏١٠‏)‏ وَهٰكَذَا تَمَّتْ إِحْدَى نُبُوَّاتِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّتِي تَحَدَّثَ فِيهَا ٱللّٰهُ عَنِ ٱلْهَلَاكِ ٱلتَّامِّ لِلْعَمَالِيقِيِّينَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَعْدَاءِ شَعْبِهِ ٱلْأَلِدَّاءِ.‏ (‏تث ٢٥:‏​١٧-‏١٩‏)‏ وَيُرَجَّحُ أَنَّ أَبْنَاءَ هَامَانَ كَانُوا بَيْنَ آخِرِ ٱلْبَاقِينَ مِنْ تِلْكَ ٱلْأُمَّةِ ٱلْمُدَانَةِ بِٱلْهَلَاكِ.‏

      ٢٨،‏ ٢٩ (‏أ)‏ لِمَ شَاءَ يَهْوَهُ أَنْ تَخُوضَ أَسْتِيرُ وَشَعْبُهَا حَرْبًا ضِدَّ أَعْدَائِهِمْ؟‏ (‏ب)‏ لِمَ مِثَالُ أَسْتِيرَ بَرَكَةٌ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟‏

      ٢٨ لَقَدْ حَمَلَتْ أَسْتِيرُ عَلَى أَكْتَافِهَا حِمْلًا ثَقِيلًا وَهِيَ بَعْدُ فَتِيَّةٌ،‏ مِثْلَ ٱلْمُسَاهَمَةِ فِي إِصْدَارِ مَرَاسِيمَ مَلَكِيَّةٍ تَقْضِي بِٱلْحَرْبِ وَٱلْإِعْدَامِ.‏ وَلَمْ يَكُنْ ذٰلِكَ بِٱلْأَمْرِ ٱلْهَيِّنِ.‏ إِلَّا أَنَّ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ ٱسْتَلْزَمَتْ حِمَايَةَ شَعْبِهِ مِنَ ٱلْفَنَاءِ.‏ فَمِنْ أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ كَانَ سَيَأْتِي ٱلْمَسِيَّا ٱلْمَوْعُودُ بِهِ،‏ مَصْدَرُ ٱلرَّجَاءِ ٱلْوَحِيدِ لِكُلِّ ٱلْبَشَرِ.‏ (‏تك ٢٢:‏١٨‏)‏ أَمَّا ٱلْيَوْمَ فَٱلْوَضْعُ مُخْتَلِفٌ.‏ فَخُدَّامُ ٱللّٰهِ مَسْرُورُونَ لِأَنَّ ٱلْمَسِيَّا يَسُوعَ حِينَ أَتَى إِلَى ٱلْأَرْضِ حَرَّمَ عَلَى أَتْبَاعِهِ ٱلِٱشْتِرَاكَ فِي ٱلْحُرُوبِ.‏ —‏ مت ٢٦:‏٥٢‏.‏

      ٢٩ إِلَّا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَخُوضُونَ حَرْبًا مِنْ نَوْعٍ ثَانٍ:‏ حَرْبًا رُوحِيَّةً.‏ فَٱلشَّيْطَانُ يَتُوقُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى إِلَى كَسْرِ إِيمَانِنَا بِيَهْوَهَ.‏ ‏(‏اقرأ ٢ كورنثوس ١٠:‏​٣،‏ ٤‏.‏‏)‏ فَكَمْ نَحْنُ شَاكِرُونَ لِلّٰهِ عَلَى مِثَالِ أَسْتِيرَ!‏ فَلْنَسِرْ عَلَى خُطَاهَا وَنُظْهِرِ ٱلْإِيمَانَ.‏ كَيْفَ؟‏ حِينَ نَتَحَلَّى بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلصَّبْرِ عِنْدَ إِقْنَاعِ ٱلْآخَرِينَ،‏ نَتَّصِفُ بِٱلشَّجَاعَةِ،‏ وَنَسْعَى بِعَدَمِ أَنَانِيَّةٍ إِلَى تَأْيِيدِ شَعْبِ ٱللّٰهِ.‏

      أَسْئِلَةٌ عَنْ أَسْتِيرَ

      لِمَاذَا سَمَحَ مُرْدَخَايُ لِأَسْتِيرَ أَنْ تَتَزَوَّجَ شَخْصًا وَثَنِيًّا؟‏

      يَدَّعِي بَعْضُ ٱلْعُلَمَاءِ أَنَّ مُرْدَخَايَ شَخْصٌ ٱنْتِهَازِيٌّ أَرَادَ تَزْوِيجَ أَسْتِيرَ بِٱلْمَلِكِ طَمَعًا بِٱلْمَرْكَزِ وَٱلْجَاهِ،‏ لٰكِنَّ ٱدِّعَاءَهُمْ هٰذَا لَا أَسَاسَ لَهُ.‏ فَبِصِفَتِهِ يَهُودِيًّا أَمِينًا،‏ مَا كَانَ لِيُحَبِّذَ هٰذَا ٱلزَّوَاجَ.‏ (‏تث ٧:‏٣‏)‏ وَلَعَلَّهُ حَاوَلَ أَنْ يَمْنَعَ وُقُوعَهُ،‏ حَسْبَمَا يَذْكُرُ ٱلتَّقْلِيدُ ٱلْيَهُودِيُّ ٱلْقَدِيمُ.‏ وَلٰكِنْ كَمَا يَبْدُو،‏ لَا خِيَارَ لَهُ أَوْ لِأَسْتِيرَ فِي هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ.‏ فَهُمَا مُجَرَّدُ غَرِيبَيْنِ يَعِيشَانِ فِي أَرْضٍ يَحْكُمُهَا طَاغِيَةٌ ٱعْتُبِرَ فِي مَصَافِّ ٱلْآلِهَةِ.‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ تَبَيَّنَ بِوُضُوحٍ أَنَّ يَهْوَهَ ٱسْتَخْدَمَ هٰذَا ٱلزَّوَاجَ وَسِيلَةً لِحِمَايَةِ شَعْبِهِ.‏ —‏ اس ٤:‏١٤‏.‏

      لِمَاذَا لَا يَأْتِي سِفْرُ أَسْتِيرَ عَلَى ذِكْرِ ٱسْمِ ٱللّٰهِ ٱلشَّخْصِيِّ يَهْوَهَ؟‏

      مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ مُرْدَخَايَ هُوَ ٱلْكَاتِبُ ٱلْمُلْهَمُ لِسِفْرِ أَسْتِيرَ.‏ وَلَعَلَّ هٰذَا ٱلسِّفْرَ ٱحْتُفِظَ بِهِ بِدَايَةً مَعَ ٱلسِّجِلَّاتِ ٱلرَّسْمِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ قَبْلَ أَخْذِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ فَلَوْ وَرَدَ فِيهِ ٱسْمُ يَهْوَهَ،‏ لَرُبَّمَا عَمَدَ عُبَّادُ آلِهَةِ ٱلْفُرْسِ إِلَى إِتْلَافِهِ.‏ وَلٰكِنْ فِي كُلِّ ٱلْأَحْوَالِ،‏ إِنَّ دَوْرَ يَهْوَهَ فِي ٱلرِّوَايَةِ وَاضِحٌ وُضُوحَ ٱلشَّمْسِ.‏ وَجَدِيرٌ بِٱلْمُلَاحَظَةِ أَنَّ ٱلنَّصَّ ٱلْعِبْرَانِيَّ ٱلْأَصْلِيَّ لِلسِّفْرِ يَحْتَوِي ٱسْمَ ٱللّٰهِ ٱلشَّخْصِيَّ ضِمْنَ كَلِمَاتٍ رُتِّبَتْ عَمْدًا تَرْتِيبًا مُتَعَاقِبًا بِحَيْثُ تُجْمَعُ أَوَّلُ أَوْ آخِرُ حُرُوفِهَا فَتُشَكِّلُ ٱسْمَ ٱللّٰهِ.‏ —‏ اس ١:‏​٢٠‏،‏ حَاشِيَةُ اَلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ —‏ تَرْجَمَةُ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ،‏ بِشَوَاهِدَ (‏بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)‏.‏

      هَلْ سِفْرُ أَسْتِيرَ غَيْرُ دَقِيقٍ تَارِيخِيًّا؟‏

      يُوَجِّهُ ٱلنُّقَّادُ هٰذِهِ ٱلتُّهْمَةَ إِلَى سِفْرِ أَسْتِيرَ.‏ بِٱلْمُقَابِلِ،‏ يَرَى بَعْضُ ٱلْعُلَمَاءِ أَنَّ كَاتِبَهُ كَشَفَ عَنْ مَعْرِفَةٍ مُفَصَّلَةٍ وَمُذْهِلَةٍ بِبِلَادِ فَارِسَ عَلَى صَعِيدِ ٱلْأُسْرَةِ ٱلْمَالِكَةِ وَٱلْهَنْدَسَةِ ٱلْمِعْمَارِيَّةِ وَٱلْعَادَاتِ.‏ صَحِيحٌ أَنْ لَا ذِكْرَ لِلْمَلِكَةِ أَسْتِيرَ فِي ٱلْوَثَائِقِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ ٱلَّتِي وَصَلَتْ إِلَى أَيْدِينَا،‏ لٰكِنَّهَا لَا أَوَّلُ وَلَا آخِرُ شَخْصِيَّةٍ مَلَكِيَّةٍ يُغْفَلُ عَنْ ذِكْرِهَا فِي ٱلسِّجِلَّاتِ ٱلْعَامَّةِ.‏ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ،‏ تُبَيِّنُ ٱلسِّجِلَّاتُ ٱلدُّنْيَوِيَّةُ أَنَّ رَجُلًا يُدْعَى مَرْدُوكَا،‏ ٱسْمٌ بِٱلْفَارِسِيَّةِ يُقَابِلُ مُرْدَخَايَ،‏ خَدَمَ كَرَسْمِيٍّ فِي ٱلْبَلَاطِ فِي شُوشَنَ خِلَالَ ٱلْفَتْرَةِ ٱلَّتِي يُغَطِّيهَا ٱلسِّفْرُ.‏

      نُبُوَّةٌ تَتَحَقَّقُ

      تَمَّمَ مُرْدَخَايُ وَأَسْتِيرُ بِمُدَافَعَتِهِمَا عَنْ شَعْبِ ٱللّٰهِ نُبُوَّةً قَدِيمَةً فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ فَقَبْلَ أَكْثَرَ مِنِ ١٢ قَرْنًا،‏ أَوْحَى يَهْوَهُ إِلَى ٱلْأَبِ ٱلْجَلِيلِ يَعْقُوبَ أَنْ يَتَنَبَّأَ عَنْ أَحَدِ أَبْنَائِهِ:‏ «بِنْيَامِينُ يَفْتَرِسُ كَٱلذِّئْبِ.‏ فِي ٱلصَّبَاحِ يَأْكُلُ فَرِيسَةً،‏ وَفِي ٱلْمَسَاءِ يُقَسِّمُ غَنِيمَةً».‏ (‏تك ٤٩:‏٢٧‏)‏ فِي «صَبَاحِ» تَارِيخِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ،‏ أَيْ بِدَايَتِهِ،‏ ضَمَّ ٱلْمُتَحَدِّرُونَ مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ رِجَالًا مِثْلَ ٱلْمَلِكِ شَاوُلَ وَغَيْرِهِ مِنَ ٱلْمُحَارِبِينَ ٱلْأَشِدَّاءِ ٱلَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِ شَعْبِ يَهْوَهَ.‏ وَفِي «مَسَاءِ» هٰذَا ٱلتَّارِيخِ،‏ أَيْ نِهَايَتِهِ،‏ بَعْدَمَا غَابَتِ ٱلشَّمْسُ عَنْ سُلَالَةِ إِسْرَائِيلَ ٱلْمَلَكِيَّةِ،‏ حَقَّقَتْ أَسْتِيرُ وَمُرْدَخَايُ —‏ وَكِلَاهُمَا مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ —‏ نَصْرًا عَظِيمًا عَلَى أَعْدَاءِ يَهْوَهَ.‏ وَيُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّهُمَا قَسَّمَا أَيْضًا غَنِيمَةً،‏ بِمَعْنَى أَنَّهُمَا حَصَلَا عَلَى مُمْتَلَكَاتِ هَامَانَ وَثَرْوَتِهِ ٱلضَّخْمَةِ.‏

      a مَنَحَ ٱلْمَلِكُ ٱلْيَهُودَ يَوْمًا ثَانِيًا لِيَتَغَلَّبُوا نِهَائِيًّا عَلَى خُصُومِهِمْ.‏ (‏اس ٩:‏​١٢-‏١٤‏)‏ وَلَا يَزَالُ ٱلْيَهُودُ حَتَّى ٱلْآنَ يُحْيُونَ ذِكْرَى هٰذَا ٱلنَّصْرِ كُلَّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ أَذَارَ ٱلَّذِي يُقَابِلُ فِي تَقْوِيمِنَا نِهَايَةَ شُبَاطَ (‏فِبْرَايِر)‏ وَأَوَائِلَ آذَارَ (‏مَارِس)‏.‏ وَيُدْعَى هٰذَا ٱلِٱحْتِفَالُ عِيدَ ٱلْفُورِيمِ نِسْبَةً إِلَى ٱلْفُورِ،‏ أَيِ ٱلْقُرْعَةِ ٱلَّتِي أَلْقَاهَا هَامَانُ سَعْيًا إِلَى إِهْلَاكِ إِسْرَائِيلَ.‏

      فَكِّرْ .‏ .‏ .‏

      •  كَيْفَ أَعْرَبَتْ أَسْتِيرُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ فِي ٱخْتِيَارِ ‹وَقْتٍ لِلتَّكَلُّمِ›؟‏

      •  أَيَّةُ بَرَكَاتٍ نَجَمَتْ عَنْ صَبْرِ أَسْتِيرَ؟‏

      •  كَيْفَ بَرْهَنَتْ أَسْتِيرُ عَنْ شَجَاعَتِهَا وَعَدَمِ أَنَانِيَّتِهَا فِي سَعْيِهَا إِلَى حِمَايَةِ شَعْبِهَا؟‏

      •  كَيْفَ تَنْوِي ٱلِٱقْتِدَاءَ بِإِيمَانِ أَسْتِيرَ؟‏

المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
الخروج
الدخول
  • العربية
  • مشاركة
  • التفضيلات
  • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
  • شروط الاستخدام
  • سياسة الخصوصية
  • إعدادات الخصوصية
  • JW.ORG
  • الدخول
مشاركة