مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب١٢ ١/‏١ ص ٢٤-‏٢٩
  • تصرفت بحكمة وشجاعة وعدم انانية

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • تصرفت بحكمة وشجاعة وعدم انانية
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١٢
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • اختارت بحكمة ‹الوقت للتكلم›‏
  • الصبر يمهد السبيل لإجراء العدل
  • جاهرت بما لديها بكل شجاعة
  • اعربت عن عدم انانية
  • تصرفتْ بحكمة وشجاعة وعدم انانية
    اقتد بإيمانهم
  • اتخذتْ موقفا الى جانب شعب اللّٰه
    اقتد بإيمانهم
  • سفر الكتاب المقدس رقم ١٧:‏ استير
    ‏«كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع»‏
  • اتخذَت موقفا الى جانب شعب اللّٰه
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١١
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١٢
ب١٢ ١/‏١ ص ٢٤-‏٢٩

اقتدِ بإيمانهم

تصرفت بحكمة وشجاعة وعدم انانية

اقتربت استير من العرش بخطى متئدة وقلبها تتسارع دقاته.‏ تخيل سكونا يخيم فجأة على القاعة الملكية الكبيرة داخل القصر الفارسي في شُوشَن،‏ سكونا مطبقا بحيث تتمكن من سماع وقع خطاها الناعم وحفيف حلتها الملكية.‏ في هذه اللحظات الحرجة،‏ لا يسعها ان تجيل النظر في عظمة البلاط الملكي،‏ بأعمدته المهيبة وغنى نقوش سقفه المصنوع من خشب ارز لبنان.‏ فكل ما يستأثر بانتباهها هو ذاك الجالس على كرسيّ المُلك،‏ الرجل الذي يتوقف مصيرها على اشارة منه.‏

وفيما هي تقترب،‏ حدق اليها الملك ومدّ لها صولجان الذهب.‏ اشارة بسيطة انقذت حياتها!‏ فمن خلالها،‏ ابدى الملك انه صفح عن جنحة ارتكبتها للتوّ،‏ ألا وهي المثول امامه دون دعوة منه.‏ فتقدمت ولمست رأس الصولجان بكل امتنان.‏ —‏ استير ٥:‏١،‏ ٢‏.‏a

كل ما يخص الملك دل على عظمة قوته وغناه.‏ وحسبما يعتقد العلماء،‏ كلفت الحلة الملكية لملوك فارس قديما ما يعادل مئات ملايين الدولارات.‏ رغم ذلك،‏ استشفت استير شيئا من الدفء في نظرات زوجها.‏ لا شك انه كان يحبها،‏ انما بطريقته الخاصة.‏ فقد قال لها:‏ «ما لك يا استير الملكة،‏ وما سؤلك؟‏ ولو كان نصف المملكة،‏ فإنه يُعطى لك!‏».‏ —‏ استير ٥:‏٣‏.‏

ان مجرد مجيء استير الى الملك لتحمي شعبها من المكيدة المحاكة لإبادتهم هو خير دليل على ايمانها وشجاعتها الرائعين.‏ وقد كان النجاح حليفها حتى تلك الساعة.‏ بيد ان تحديات اكبر كمنت امامها.‏ فبقي ان تقنع هذا الحاكم المتشامخ بأن مشيره الذي اولاه كامل ثقته هو رجل شرير خدعه وجرّه الى انزال حكم الموت بشعبها.‏ فكيف ستتوصل الى ذلك؟‏ وماذا نتعلم من ايمانها؟‏

اختارت بحكمة ‹الوقت للتكلم›‏

هل وجب ان تكشف استير للملك المشكلة بكاملها امام جميع الحاضرين في القاعة الملكية؟‏ لو فعلت ذلك،‏ لربما اذله تصرفها هذا ومنح مشيره هامان وقتا ليحاول دحض التهم.‏ فكيف تصرفت اذًا؟‏ قبل قرون،‏ كتب الملك الحكيم سليمان بالوحي:‏ «لكل شيء زمان معين،‏ .‏ .‏ .‏ للصمت وقت،‏ وللتكلم وقت».‏ (‏جامعة ٣:‏١،‏ ٧‏)‏ ولا بد ان استير تلقنت مبادئ كهذه على يد الرجل الامين مردخاي حين كانت في عهدته.‏ وباتت تدرك دون شك اهمية اختيار ‹الوقت المناسب للتكلم›.‏

قالت:‏ «إن حسن عند الملك،‏ فليأتِ الملك وهامان اليوم الى المأدبة التي اقمتها له».‏ (‏استير ٥:‏٤‏)‏ فنزل الملك عند رغبتها واستدعى هامان.‏ هل ترى مدى الحكمة التي تجلت في كلمات استير؟‏ لقد حافظت على كرامة زوجها،‏ وعملت على خلق جو مؤات لتكشف له عن مخاوفها.‏

ولا ريب انها اعدت تلك الوليمة بمنتهى العناية،‏ وحرصت ان توافق ذوق الملك بأدق التفاصيل.‏ ومع الاطباق الشهية قدمت خمرا جيدة تطيب لها النفس.‏ (‏مزمور ١٠٤:‏١٥‏)‏ فقضى احشويروش وقتا ممتعا،‏ ما حدا به ان يسألها مجددا عن طلبتها.‏ فهل آن لها الاوان لتتكلم؟‏

رأت استير ان الوقت لم يحن بعد.‏ فدعت الملك وهامان الى مأدبة ثانية اقامتها في اليوم التالي.‏ (‏استير ٥:‏٧،‏ ٨‏)‏ ولماذا ارجأت الافصاح عن مرادها؟‏ لا يغب عن بالك ان شعب استير برمته كان يواجه خطر الموت بسبب مرسوم الملك.‏ ونظرا الى هذا الوضع الحرج،‏ لزم ان تتحين اللحظة المناسبة لتدلي بما لديها.‏ فقررت الانتظار،‏ متيحة بذلك فرصة اخرى لتبين لزوجها مدى تقديرها له.‏

لا شك ان الصبر مزية نادرة وقيِّمة.‏ فرغم الكرب الذي انتاب استير وتوقها ان تصرح بما في نفسها،‏ انتظرت بصبر اللحظة المؤاتية.‏ ونحن بإمكاننا ان نتعلم الكثير من مثالها،‏ لأننا جميعا على الارجح نرى اخطاء يلزم تصويبها.‏ لذلك عندما نسعى الى اقناع شخص في مركز سلطة بمعالجة مشكلة ما،‏ قد نحتاج الى التحلي بالصبر اقتداء بها.‏ تقول امثال ٢٥:‏١٥‏:‏ «بالصبر يُستمال صاحب الامر،‏ واللسان الليِّن يكسر العظم».‏ فإذا انتظرنا الوقت المناسب بصبر وتكلمنا بلطف ولين،‏ كما فعلت استير،‏ نتمكن اذا جاز التعبير من «كسر» المقاومة حتى لو كانت قاسية كالعظم.‏ فهل بارك يهوه،‏ إله استير،‏ صبرها وحكمتها؟‏

الصبر يمهد السبيل لإجراء العدل

مهد صبر استير السبيل لسلسلة من الحوادث الهامة.‏ فقد غادر هامان المأدبة الاولى «فرِحا وطيب القلب» لأنه نال حظوة كبيرة عند الملك والملكة.‏ وفيما هو يعبر بوابة القصر،‏ وقع نظره على مردخاي اليهودي الذي بقي رافضا ان يقدم له اجلالا خصوصيا.‏ إلا ان موقف مردخاي هذا لا يُعزى الى عدم اتصافه بالاحترام،‏ بل الى ضميره وعلاقته بيهوه اللّٰه.‏ ومع ذلك،‏ تذكر الرواية ان هامان «امتلأ سخطا».‏ —‏ استير ٥:‏٩‏.‏

وعندما اخبر زوجته وأصدقاءه بما حصل،‏ حثوه ان يعدّ خشبة ضخمة يبلغ طولها اكثر من ٢٢ مترا،‏ ويستأذن الملك ليعلق مردخاي عليها.‏ فرحب هامان بالفكرة وبادر فورا الى تنفيذها.‏ —‏ استير ٥:‏١٢-‏١٤‏.‏

في غضون ذلك،‏ امضى الملك ليلة غير اعتيادية.‏ يخبرنا الكتاب المقدس ان ‹النوم طار› من عينيه،‏ فأمر ان تُقرأ على مسمعه سجلات المملكة الرسمية،‏ وفيها وُجد مكتوبا خبر المكيدة التي دُبرت لاغتياله.‏ عندئذ،‏ تذكَّر الملك تلك الحادثة.‏ فالرجلان اللذان حاولا قتله اعتُقلا وأُعدما،‏ ولكن ماذا عن مردخاي الذي كشف المؤامرة؟‏ حين لمعت هذه الحقيقة في ذهنه،‏ استعلم كيف كوفئ مردخاي على مبادرته.‏ فكان الجواب:‏ «لم يُعمل له شيء».‏ —‏ استير ٦:‏١-‏٣‏.‏

استاء احشويروش وسأل مَن من رسميي البلاط موجود لمساعدته على تسوية هذا السهو الذي صدر عنه.‏ لم يكن في البلاط سوى هامان!‏ فالظاهر انه بكَّر في المجيء لتوقه الى استئذان الملك بإعدام مردخاي.‏ ولكن قبل ان يتقدم بطلبه،‏ استفسر منه الملك عن الوسيلة الفضلى لتكريم رجل نال استحسانه.‏ وإذ ظنّ هامان انه المعني بالامر،‏ ابتكر تكريما في غاية العظمة:‏ ان يُلبس الرجل لباس المُلك،‏ ويُقام له استعراض رسمي ضخم في شُوشَن فيما هو يمتطي الفرس الملكي،‏ ويُنادى على الملإ بكل حسناته.‏ ولكن تخيل وقع الخبر على هامان حين علم ان المقصود هو مردخاي!‏ ومَن ذا الذي عيّنه الملك ليشيد بمزايا هذا الرجل؟‏ ليس آخر سواه!‏ —‏ استير ٦:‏٤-‏١٠‏.‏

نفّذ هامان مكرها هذه المهمة البغيضة،‏ ثم اسرع الى بيته مغموما.‏ فما كان من زوجته وأصدقائه إلا ان اكدوا ان المنحى الذي اتخذته الاحداث ينذر بالشر،‏ ولم يعد ينتظره في صراعه مع مردخاي اليهودي سوى الفشل.‏ —‏ استير ٦:‏١٢،‏ ١٣‏.‏

وهكذا اثمر صبر استير.‏ فبانتظارها يوما اضافيا لتعلِم الملك بطلبها،‏ أُتيح لهامان الوقت ليسعى برجليه الى سقوطه.‏ أوَلا يمكن ان يكون يهوه وراء الارق الذي اصاب الملك؟‏ (‏امثال ٢١:‏١‏)‏ لا عجب اذًا ان تشجعنا كلمة اللّٰه على تبني موقف ‹الانتظار›.‏ (‏ميخا ٧:‏٧‏)‏ فحين ننتظر اللّٰه،‏ نجد ان الحلول التي يهيئها لمعالجة مشاكلنا افضل بكثير من تلك التي نعتمدها نحن.‏

جاهرت بما لديها بكل شجاعة

لم تجسر استير ان تستنفد صبر الملك.‏ فكان عليها ان تخبره بكل شيء في المأدبة الثانية.‏ ولكن كيف؟‏ كما يتبين،‏ اتاح لها هو نفسه هذه الفرصة حين سألها مجددا عن طلبتها.‏ (‏استير ٧:‏٢‏)‏ وهكذا،‏ حان ‹الوقت لتتكلم›.‏

لربما قدمت استير صلاة صامتة الى إلهها قبل ان تقول لزوجها:‏ «إن نلت حظوة في عينيك ايها الملك،‏ وإن حسن عند الملك،‏ فهَبْ لي نفسي وشعبي،‏ هذه هي طلبتي وهذا هو سؤلي».‏ (‏استير ٧:‏٣‏)‏ لاحظ انها اعربت للملك عن احترامها للحكم الذي يراه حسنا.‏ فشتان ما بينها وبين زوجته السابقة وشتي التي تعمدت تحقيره!‏ (‏استير ١:‏١٠-‏١٢‏)‏ اضف الى ذلك انها لم تنتقده على ثقته بهامان،‏ بل توسلت اليه ان يحميها من الخطر المحدق بها.‏

ولا شك ان التماسها هذا اثّر في الملك وأذهله.‏ فمَن ذا الذي يجرؤ على تهديد ملكته؟‏!‏ تابعت استير:‏ «اننا مبيعون انا وشعبي للإبادة والقتل والهلاك.‏ فلو كنا مبيعين عبيدا وجواري فقط لسكتّ.‏ لكن لا يمكن القبول بهذه المحنة لما يرافقها من ضرر بالملك».‏ (‏استير ٧:‏٤‏)‏ لاحظ انها عرضت المشكلة بصراحة،‏ لكنها اضافت انه لو كان الخطر منوطا بالعبودية فقط،‏ لبقيت صامتة.‏ غير ان هذه الابادة تُلحق بالملك ضررا كبيرا،‏ لذا لم تستطع ان تلزم الصمت.‏

يعلِّمنا مثال استير الكثير عن فن الاقناع.‏ فإذا اردت يوما ان تعرض مشكلة خطيرة على احد احبائك او حتى على مسؤول في السلطة،‏ يساعدك دون شك التحلي بالصبر والاحترام والصدق.‏ —‏ امثال ١٦:‏٢١،‏ ٢٣‏.‏

ولكن ماذا كان رد فعل احشويروش حيال كلام استير؟‏ سألها:‏ «من هو وأين هو ذاك الذي يتجرأ ان يفعل هكذا؟‏».‏ تخيل استير وهي تشير بإصبعها قائلة:‏ «الرجل الخصم والعدو هو هامان هذا الشرير».‏ ويا للصدى المدوّي الذي احدثته تهمتها هذه!‏ فقد استحوذ الرعب على قلب هامان.‏ ولا بد ان وجه الملك امتقع غضبا لإدراكه ان مشيره الذي وضع فيه ثقته خدعه وحدا به الى توقيع مرسوم يرمي الى اهلاك زوجته الحبيبة!‏ فخرج ثائرا الى الحديقة ليستعيد هدوءه.‏ —‏ استير ٧:‏٥-‏٧‏.‏

بعدما شُهّر هامان الجبان وكُشفت مكيدته،‏ وقع عند قدمي الملكة متذللا.‏ وإذ بالملك يعود الى الغرفة ويراه ساقطا على اريكتها يتوسل اليها.‏ فثارت ثائرته واتهمه بمحاولة اغتصابها في عقر داره.‏ وكان اتهامه هذا بمثابة حكم بالاعدام على هامان،‏ الذي أُخذ إثر ذلك مغطى الوجه.‏ بعدئذ،‏ اخبر احد الموظفين الملك عن الخشبة الضخمة التي اعدها هامان لمردخاي.‏ فأمر احشويروش على الفور ان يعلَّق هذا الشرير عليها.‏ —‏ استير ٧:‏٨-‏١٠‏.‏

في هذا العالم الذي يسوده الظلم،‏ من البديهي الاعتقاد ان العدل لن يأخذ مجراه ابدا.‏ فهل راودتك هذه الفكرة يوما؟‏ ان استير لم تستسلم،‏ ولا فقدت الامل،‏ ولا خسرت ايمانها اطلاقا.‏ بل حين آن الاوان،‏ جاهرت بالحق بكل شجاعة واتكلت على يهوه ليتكفل بالباقي.‏ فلنحذُ حذوها!‏ فيهوه لم يتغير،‏ وما زال قادرا على جعل الاشرار يقعون في الحفرة نفسها التي يحفرونها للآخرين،‏ تماما كما فعل مع هامان.‏ —‏ مزمور ٧:‏١١-‏١٦‏.‏

اعربت عن عدم انانية

اخيرا،‏ عرف احشويروش ان مردخاي ليس فقط الرجل الولي الذي حماه من عملية الاغتيال،‏ بل ايضا والد استير بالتبني.‏ فولّاه منصب رئيس الوزراء الذي كان يشغله هامان.‏ وأعطى استير بيت هامان،‏ بما في ذلك ثروته الطائلة.‏ فأقامت مردخاي مشرفا عليه.‏ —‏ استير ٨:‏١،‏ ٢‏.‏

الآن وقد اصبحت استير هي ومردخاي في امان،‏ هل يمكنها ان ترتاح؟‏ كلا على الاطلاق!‏ فهي لم تتسم بالانانية.‏ وعدم انانيتها حتم عليها التحرك بسرعة،‏ لأن مرسوم هامان الذي قضى بقتل اليهود اجمعين كان في طريقه الى كل اصقاع الامبراطورية الفارسية.‏ فقد ألقى هذا الشرير القرعة،‏ او الفُور التي ربما هي شكل من اشكال الارواحية،‏ كي يحدد الوقت المناسب لتنفيذ هجومه الوحشي.‏ (‏استير ٩:‏٢٤-‏٢٦‏)‏ صحيح انه لا تزال هنالك اشهر على موعد الهجوم هذا،‏ إلا ان الايام تولّي بسرعة.‏ فهل يمكن تفادي الكارثة؟‏

من جديد،‏ اعربت استير عن عدم انانية وخاطرت بحياتها،‏ اذ مثلت امام الملك دون دعوة منه.‏ لكنها هذه المرة بكت من اجل شعبها،‏ وتوسلت الى زوجها كي يلغي المرسوم الرهيب.‏ غير انه لم يكن بالامكان إبطال اي قانون يصدر باسم الملك الفارسي.‏ (‏دانيال ٦:‏١٢،‏ ١٥‏)‏ لذلك،‏ خوّل احشويروش استير ومردخاي وضع مراسيم جديدة.‏ فأُرسل بلاغ ثانٍ يمنح اليهود حق الدفاع عن انفسهم.‏ وسارع السعاة على صهوة جوادهم الى كل انحاء الامبراطورية حاملين معهم الاخبار السارة.‏ فأُضرم الامل مجددا في قلوب كثيرين.‏ (‏استير ٨:‏٣-‏١٦‏)‏ تخيل اليهود في كل ارجاء هذه الامبراطورية المترامية الاطراف يعدّون العدة للحرب التي يستحيل عليهم القيام بها لولا هذا المرسوم.‏ لكن الاهم من هذا كله:‏ هل يكون «يهوه الجنود» مع شعبه؟‏ —‏ ١ صموئيل ١٧:‏٤٥‏.‏

عندما حان اليوم المعين،‏ كان شعب اللّٰه على اتم الاستعداد لمواجهة العدو.‏ حتى ان كثيرين من الرسميين الفارسيين وقفوا الى جانبهم،‏ لأن خبر تعيين اليهودي مردخاي رئيسا للوزراء كان قد انتشر في طول البلاد وعرضها.‏ فمنح يهوه شعبه نصرا عظيما.‏ ومما لا شك فيه انه حرص على ان ينهزم اعداؤهم شر هزيمة كي لا ينتقموا لأنفسهم في وقت لاحق.‏b —‏ استير ٩:‏١-‏٦‏.‏

اضف الى ذلك ان مردخاي لا يكون مطلقا في امان إن هو اشرف على بيت هامان فيما ابناء هذا الشرير العشرة لا يزالون على قيد الحياة.‏ لذلك قُتلوا هم ايضا.‏ (‏استير ٩:‏٧-‏١٠‏)‏ وهكذا تمت نبوة من نبوات الكتاب المقدس،‏ اذ سبق ان انبأ اللّٰه عن الهلاك التام لعماليق،‏ اعداء شعبه الألداء.‏ (‏تثنية ٢٥:‏١٧-‏١٩‏)‏ ولربما كان ابناء هامان بين آخر الباقين من تلك الامة المدانة بالهلاك.‏

لقد اضطرت استير ان تحمل على اكتافها حملا ثقيلا وهي بعد فتية،‏ كمساهمتها مثلا في اصدار مراسيم ملكية تتعلق بالحرب والاعدام.‏ ولم يكن ذلك بالامر الهين.‏ لكن مشيئة يهوه اقتضت حماية شعبه من الفناء.‏ فمن امة اسرائيل كان سيأتي المسيا الموعود به،‏ مصدر الرجاء الوحيد لكل البشر.‏ (‏تكوين ٢٢:‏١٨‏)‏ واليوم،‏ يسر خدام اللّٰه ان يعرفوا ان المسيا،‏ يسوع،‏ حرّم الاشتراك في الحروب حين اتى الى الارض.‏ —‏ متى ٢٦:‏٥٢‏.‏

بيد ان المسيحيين يخوضون حربا روحية.‏ فالشيطان يتوق اكثر من اي وقت مضى الى كسر ايماننا بيهوه اللّٰه.‏ (‏٢ كورنثوس ١٠:‏٣،‏ ٤‏)‏ ويا لها من بركة ان نحظى بمثال كأستير!‏ فاقتداء بها،‏ لنعرب عن الايمان من خلال التحلي بالحكمة والصبر عند اقناع الآخرين،‏ الاتصاف بالشجاعة،‏ والسعي بعدم انانية الى دعم شعب اللّٰه.‏

‏[الحاشيتان]‏

a رأينا في المقالة السابقة من هذه السلسلة ان استير اليتيمة جرى تبنيها من قبل ابن عمها مردخاي الذي يكبرها بسنوات كثيرة،‏ وأنها اختيرت لاحقا لتصبح زوجة احشويروش ملك فارس.‏ هذا اضافة الى ان هامان مشير الملك دبّر مكيدة تهدف الى ابادة اليهود،‏ شعب مردخاي،‏ ما جعل هذا الاخير يقنع استير بالتوسل الى الملك من اجل ابناء شعبها.‏ —‏ انظر المقالة ‏«اقتدِ بإيمانهم —‏ اتخذَت موقفا الى جانب شعب اللّٰه»،‏ عدد ١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٠١١ من برج المراقبة.‏

b منح الملك اليهود يوما ثانيا ليتغلبوا نهائيا على خصومهم.‏ (‏استير ٩:‏١٢-‏١٤‏)‏ وحتى يومنا هذا،‏ يحيون ذكرى هذا النصر كل سنة في شهر أذار القمري،‏ الذي يقابل اواخر شباط (‏فبراير)‏ وأوائل آذار (‏مارس)‏ في تقويمنا العصري.‏ وهو عيد يدعى الفوريم نسبة الى الفُور،‏ اي القرعة التي ألقاها هامان في سعيه الى اهلاك اسرائيل.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٨]‏

اسئلة عن استير

لماذا سمح مردخاي لأستير ان تتزوج شخصا وثنيا؟‏

يدعي بعض العلماء ان مردخاي شخص انتهازي اراد ان تتزوج استير من الملك طمعا بالمركز والجاه،‏ لكن ادعاءهم هذا لا اساس له.‏ فبصفته يهوديا امينا،‏ لا يمكن ان يوافق على زواج كهذا.‏ (‏تثنية ٧:‏٣‏)‏ والتقليد اليهودي القديم يقول انه حاول منعه.‏ من ناحية اخرى،‏ يبدو انه لم يكن امام استير ومردخاي اي خيار في هذه المسألة،‏ لكونهما مجرد غريبين في ارض يحكمها طاغية اعتُبر في مصاف الآلهة.‏ ومع الوقت،‏ بات من الواضح ان يهوه استخدم زواج استير وسيلة لحماية شعبه.‏ —‏ استير ٤:‏١٤‏.‏

لماذا لا يأتي سفر استير على ذكر اسم اللّٰه الشخصي يهوه؟‏

من المرجح ان مردخاي هو الكاتب الملهم لسفر استير.‏ ولعل هذا السفر احتُفظ به بدايةً مع السجلات الرسمية لمملكة فارس قبل ان يؤخذ الى اورشليم.‏ فلو استُخدم اسم يهوه فيه،‏ لربما اندفع عباد آلهة الفرس الى اتلافه.‏ لكن دور يهوه في الرواية واضح في جميع الاحوال.‏ ومن الجدير بالملاحظة ان اسم اللّٰه الشخصي مخفي في النص العبراني الاصلي ضمن كلمات رُتِّبت عمدا ترتيبا متعاقبا بحيث يتكوّن منها اسم اللّٰه حين تُجمع اول او آخر حروفها.‏ —‏ استير ١:‏٢٠‏،‏ حاشية الكتاب المقدس —‏ ترجمة العالم الجديد،‏ بشواهد (‏بالانكليزية)‏.‏

هل سفر استير تاريخ غير دقيق؟‏

يوجّه النقاد هذه التهمة الى السفر.‏ لكن بعض العلماء يرون ان كاتبه ملمّ بالتفاصيل المتعلقة بالاسرة المالكة والهندسة المعمارية والعادات في بلاد فارس.‏ صحيح ان الملكة استير غير مذكورة في الوثائق الدنيوية التي لا تزال محفوظة حتى الآن،‏ بيد انها لم تكن الشخصية الملكية الوحيدة التي لا يؤتى على ذكرها في السجلات العامة.‏ علاوة على ذلك،‏ تبين السجلات الدنيوية ان رجلا يدعى مردوكا،‏ اسما بالفارسية يقابل مردخاي،‏ خدم كرسمي في البلاط في شُوشَن خلال الفترة الزمنية نفسها التي يتحدث عنها السفر.‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٩]‏

نبوة تتحقق

تمّم مردخاي وأستير نبوة اخرى من نبوات الكتاب المقدس في دفاعهما عن شعب اللّٰه.‏ فقبل اكثر من ١٢ قرنا،‏ اوحى يهوه الى الاب الجليل يعقوب ان يتنبأ عن احد ابنائه:‏ «بنيامين يفترس كالذئب.‏ في الصباح يأكل فريسة،‏ وفي المساء يقسِّم غنيمة».‏ (‏تكوين ٤٩:‏٢٧‏)‏ في «صباح» تاريخ ملوك اسرائيل،‏ اي بدايته،‏ كان الملك شاول وغيره من رجال الحرب الاشداء الذين قاتلوا في سبيل شعب يهوه ينتمون الى سبط بنيامين.‏ وفي «مساء» هذا التاريخ،‏ اي نهايته،‏ بعدما غابت الشمس عن سلالة اسرائيل الملكية،‏ انتصر مردخاي وأستير —‏ وكلاهما من سبط بنيامين —‏ في الحرب ضد اعداء يهوه.‏ كما انهما قسَّما غنيمة،‏ بمعنى انهما حصلا على املاك هامان الشاسعة.‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٥]‏

اعربت استير بتواضع عن امتنانها للملك على رحمته

‏[الصورة في الصفحتين ٢٦،‏ ٢٧]‏

فضحت استير بشجاعة شر هامان

‏[الصورة في الصفحتين ٢٨،‏ ٢٩]‏

استير ومردخاي ارسلا بلاغا الى اليهود في الامبراطورية الفارسية

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة