مراجع دليل اجتماع الخدمة والحياة المسيحية
٢-٨ آذار (مارس)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٢٢–٢٣
«امتحن اللّٰه ابراهيم»
لماذا طلب اللّٰه من ابراهيم ان يقدّم ابنه ذبيحة؟
تأمل في كلمات يهوه لإبراهيم: ‹خُذ، من فضلك، ابنك وحيدك الذي تحبه، اسحاق، وقرِّبه محرقة›. (تكوين ٢٢:٢) لاحظ ان يهوه اشار الى اسحاق بأنه الابن ‹الذي يحبه› ابراهيم. فقد ادرك تماما كم كان اسحاق غاليا على قلب ابيه. وعرف ايضا المشاعر التي يكنها هو لابنه يسوع. فقد احبه جدا حتى انه تكلم من السماء مرتين مشيرا اليه مباشرة بعبارة: «ابني الحبيب». — مرقس ١:١١؛ ٩:٧.
علاوة على ذلك، شملت كلمات يهوه لإبراهيم عبارة «من فضلك». ويرى احد علماء الكتاب المقدس ان استخدام اللّٰه لهذه العبارة دلالة ان «الرب يدرك الكلفة الباهظة التي يستلزمها طلبه». فلا بد ان الحزن الذي انتاب ابراهيم جراء ذلك كان شديدا جدا؛ وبشكل مماثل، لا بد ان الالم الذي اعتصر قلب يهوه لدى رؤية ابنه الحبيب يتعذب ويموت كان عميقا الى حد لا يمكن تصوره. وهو دون شك اعظم ألم اختبره او سيختبره على الاطلاق.
وهكذا، رغم ان التفكير بما طلبه يهوه من ابراهيم قد يثير نفورنا، من الحكمة ان نتذكر انه لم يدعه يقدم ابنه ذبيحة. بل جنَّبه اسوأ خسارة يمكن ان يختبرها الاب، اذ حمى اسحاق من الموت. لكنه بالمقابل «لم يمسك عنا ابنه، بل أسلمه من اجلنا جميعا». (روما ٨:٣٢) فلماذا عرّض يهوه نفسه لهذه المحنة الرهيبة؟ لقد فعل ذلك لكي «نحيا». (١ يوحنا ٤:٩) فيا له من مذكِّر قوي بمحبته لنا! أوَلا يدفعنا ذلك ان نعرب نحن بدورنا عن محبتنا له؟
٦ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ أَيْضًا ٱسْتَخْدَمَ عِبَارَاتِ قَسَمٍ مِثْلَ: «حَيٌّ أَنَا»، وَذلِكَ لِفَائِدَةِ ٱلْبَشَرِ. (حز ١٧:١٦) وَيَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَكْثَرَ مِنْ ٤٠ مُنَاسَبَةً حَلَفَ فِيهَا يَهْوَهُ ٱللّٰهُ. وَلَعَلَّ أَشْهَرَ مِثَالٍ عَلَى ذلِكَ يُرَى فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ. فَقَدْ أَعْطَاهُ وُعُودًا عَدِيدَةً تُظْهِرُ، إِذَا مَا جُمِعَتْ، أَنَّ ٱلنَّسْلَ ٱلْمَوْعُودَ بِهِ سَيَتَحَدَّرُ مِنْ هذَا ٱلْأَبِ ٱلْجَلِيلِ بِوَاسِطَةِ ٱبْنِهِ إِسْحَاقَ. (تك ١٢:١-٣، ٧؛ ١٣:١٤-١٧؛ ١٥:٥، ١٨؛ ٢١:١٢) وَبَعْدَ ذلِكَ، أَخْضَعَهُ لِٱمْتِحَانٍ قَاسٍ حِينَ أَمَرَهُ بِتَقْرِيبِ ٱبْنِهِ ٱلْحَبِيبِ. فَأَطَاعَ إِبْرَاهِيمُ دُونَ إِبْطَاءٍ، وَكَانَ عَلَى وَشْكِ أَنْ يُقَدِّمَ ٱبْنَهُ ذَبِيحَةً لَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ. عِنْدَئِذٍ أَقْسَمَ يَهْوَهُ: «بِنَفْسِي أَحْلِفُ . . . أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هٰذَا ٱلْأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ٱبْنَكَ وَحِيدَكَ، لَأُبَارِكَنَّكَ وَأُكَثِّرَنَّ نَسْلَكَ كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ وَكَٱلرَّمْلِ ٱلَّذِي عَلَى شَاطِئِ ٱلْبَحْرِ، وَيَمْتَلِكُ نَسْلُكَ أَبْوَابَ مُدُنِ أَعْدَائِهِ. وَتَتَبَارَكُ بِنَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ ٱلْأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي». — تك ٢٢:١-٣، ٩-١٢، ١٥-١٨.
البحث عن جواهر روحية
دعاه يهوه «صديقي»
١٣ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ خَادِمَيْهِ، قَالَ لَهُمَا: «اُمْكُثَا أَنْتُمَا هُنَا مَعَ ٱلْحِمَارِ، وَأَمَّا أَنَا وَٱلصَّبِيُّ، فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنُؤَدِّي ٱلْعِبَادَةَ وَنَعُودُ إِلَيْكُمَا». (تك ٢٢:٥) فَمَاذَا قَصَدَ بِذٰلِكَ؟ هَلْ كَانَ يَكْذِبُ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ إِنَّ إِسْحَاقَ سَيَعُودُ، وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ سَيُقَدِّمُهُ ذَبِيحَةً؟ كَلَّا. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُعْطِينَا فِكْرَةً عَمَّا جَالَ فِي خَاطِرِهِ. (اقرإ العبرانيين ١١:١٩.) فَهُوَ يَقُولُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ «حَسِبَ أَنَّ ٱللّٰهَ قَادِرٌ أَنْ يُقِيمَ [إِسْحَاقَ] حَتَّى مِنْ بَيْنِ ٱلْأَمْوَاتِ». فَقَدْ آمَنَ بِٱلْقِيَامَةِ، إِذْ سَبَقَ أَنْ رَأَى كَيْفَ أَحْيَا يَهْوَهُ قِوَاهُ ٱلتَّنَاسُلِيَّةَ هُوَ وَسَارَةَ فِي شَيْخُوخَتِهِمَا. (عب ١١:١١، ١٢، ١٨) وَهٰكَذَا أَدْرَكَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ لَا شَيْءَ يَسْتَحِيلُ عَلَى يَهْوَهَ. لِذَا كَانَ وَاثِقًا أَنَّهُ مَهْمَا حَصَلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، فَسَيَرُدُّ يَهْوَهُ إِلَيْهِ ٱبْنَهُ إِسْحَاقَ لِكَيْ تَتِمَّ كُلُّ وُعُودِهِ. لَا عَجَبَ إِذًا أَنْ يُدْعَى إِبْرَاهِيمُ «أَبًا لِجَمِيعِ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ».
بص «المعرفة المسبقة، التعيين المسبق»
المعرفة المسبقة، التعيين المسبق
المعرفة المسبقة الانتقائية: ان الفكرة البديلة عن القضاء والقدر، وهي ان اللّٰه يستخدم قدرته على معرفة المستقبل بطريقة انتقائية، ينبغي ان تنسجم مع مقاييسه البارة ومع ما يكشفه عن نفسه في كلمته. فبالتباين مع نظرية القضاء والقدر، يشير عدد من الآيات ان اللّٰه يفحص وضعا معينا سائدا ثم يتَّخذ قرارا على اساس هذا الفحص.
مثلا، تذكر التكوين ١١:٥-٨ ان اللّٰه وجَّه انتباهه الى الارض ليطَّلع على الاوضاع في بابل ويحدِّد اي اجراء يجب اتِّخاذه آنذاك لإعاقة المشروع الذي كان مخالفا لمشيئته. ويروي سفر التكوين ايضا انه بعد تزايد الشر في سدوم وعمورة، اعلم يهوه ابراهيم بقراره ان يستكشف الاوضاع هناك (بواسطة ملائكته) قائلا: «لأرى هل يعملون بالتمام بحسب ما يأتي اليَّ من صراخ عليها، وإلا فأعلم». (تك ١٨:٢٠-٢٢؛ ١٩:١) كما تقول الاسفار المقدسة ان اللّٰه ‹عرف ابراهيم›. ولكن بعد ان وصل ابراهيم الى حد الشروع في تقديم اسحاق ذبيحة، قال له يهوه: «اني الآن عرفت انك خائف اللّٰه فلم تمسك ابنك وحيدك عني». — تك ١٨:١٩؛ ٢٢:١١، ١٢؛ قارن نح ٩:٧، ٨؛ غل ٤:٩.
٩-١٥ آذار (مارس)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٢٤
«اختيار زوجة لإسحاق»
«أذهب»
وطلب ابراهيم من أليعازر ان يحلف له ألَّا يأخذ زوجة لإسحاق من بنات الكنعانيين. والسبب هو ان الكنعانيين لم يكرموا يهوه اللّٰه ولم يعبدوه. وكان ابراهيم يعرف ان يهوه سيعاقبهم في الوقت المناسب على اعمالهم الشريرة. ولم يرد ابراهيم ان تربط ابنه الغالي اي صلة بهذا الشعب وبأعماله الفاسدة. وأدرك ابراهيم ايضا ان ابنه سيلعب دورا هاما في اتمام وعود اللّٰه. — تكوين ١٥:١٦؛ ١٧:١٩؛ ٢٤:٢-٤.
«أذهب»
واصل أليعازر كلامه مخبرا بتوئيل ولابان انه حين وصل الى البئر قرب حاران، رفع صلاة الى يهوه اللّٰه ملتمسا منه بصريح العبارة ان ينتقي هو الزوجة المناسبة لإسحاق. ولكن كيف ذلك؟ سأل أليعازر اللّٰه ان تأتي الفتاة التي اختارها الى البئر، وتلبي طلبه ان يشرب الماء، وتعرض عليه بروح طوعية ان تستقي لجماله ايضا. (تكوين ٢٤:١٢-١٤) وها قد حضرت رفقة الى البئر وفعلت كل ذلك بحذافيره! تخيَّل شعور رفقة لو كانت تستمع الى أليعازر يروي هذا القصة لعائلتها . . .
«أذهب»
قبل اسابيع، طرح أليعازر المسألة عينها على ابراهيم قائلا: «ماذا لو لم تأتِ المرأة معي؟». فأجابه: «تكون بريئا من الالتزام بقسمي». (تكوين ٢٤:٣٩، ٤١) وفي منزل بتوئيل ايضا، أُخذت تفضيلات هذه الشابة بعين الاعتبار. فإذ كان أليعازر متحمسا لإكمال مهمته، طلب من العائلة في الصباح التالي ان يصرفوه حالا كي يرجع الى كنعان بصحبة رفقة. لكن العائلة ارادت ان تبقى الفتاة عندهم عشرة ايام على الاقل. وفي نهاية المطاف، فُضَّ الجدال بالاقتراح: «ندعو الفتاة ونسألها». — تكوين ٢٤:٥٧.
وقفت رفقة عندئذ امام مفترق طرق. فماذا تفعل؟ هل تستغل عطف والدها وأخيها وتتنصل من هذه الرحلة نحو المجهول؟ ام تعتبره شرفا لها ان تشارك في احداث توجِّهها يد يهوه؟ كشف جوابها عن حقيقة شعورها تجاه هذا التغيير المفاجئ بل المخيف الذي طرأ على حياتها. فهي اجابت بكل بساطة: «أذهب». — تكوين ٢٤:٥٨.
البحث عن جواهر روحية
«أذهب»
وفي عصر احد الايام، بعد ان ملأت جرتها ماء، ركض نحوها رجل طاعن في السن وقال لها: «من فضلك، اسقيني قليلا من الماء من جرَّتك». كان طلبه بسيطا وفي غاية اللباقة. وحين انتبهت رفقة ان الرجل قادم من سفر بعيد، انزلت فورا جرة الماء عن كتفها وناولته ليشرب لا رشفة واحدة فقط، بل حتى يروي ظمأه من الماء المنعش البارد. ثم لاحظت ان معه عشرة جمال اناخها على مقربة منه وأن الحوض لا ماء فيه. وأحست ان هذا الرجل اللطيف يراقبها باهتمام كيفما تحركت، فأرادت ان تعبِّر له عن فيض كرمها. قالت له: «أستقي لجمالك ايضا حتى تنتهي من الشرب». — تكوين ٢٤:١٧-١٩.
لاحظ ان رفقة لم تعرض ان تستقي الماء فحسب، بل ان تستمر في جلبه حتى تفرغ الجمال العشرة من الشرب. والجدير بالذكر ان الجمل العطشان يشرب اكثر من ٩٥ لتر ماء، فما بالك بعشرة جمال ظمآنة؟ لا بد ان ذلك عنى ساعات من العمل الشاق. ولكن كما يتبين، لم تكن الجمال على الارجح ظمآنة جدا. الا ان رفقة لم تعلم ذلك قبل عرض خدماتها. فهي أبدت استعدادها وتوقها لتلبي الحاجة مظهرة الضيافة للشيخ الغريب. وما كان منه الا ان وافق عن طيب خاطر وراح يتبعها بناظريه وهي تروح وتجيء وتملأ جرَّتها وتفرغها مرة بعد اخرى في حوض المياه. — تكوين ٢٤:٢٠، ٢١.
«أذهب»
كان المساء قد حل. والرواية لا تتضمن اية دلالة ان رفقة بقيت عند البئر ساعات طويلة، ولا تلمِّح ان اهلها كانوا نياما حين عادت الى البيت او ان احدا اتى ليرى لمَ استغرقت مهمتها الكثير من الوقت.
«أذهب»
وأخيرا بعد عناء طويل، اشرفت الرحلة على نهايتها كما ورد في مستهل المقالة. وبينما كانت القافلة تجتاز صحراء النقب والافق يصطبغ بحمرة المغيب، لاح لرفقة من بعيد رجل يتمشى في الحقول. لقد بدا مسترسلا في التأمل، مستغرقا في التفكير. فعلى الفور «نزلت عن الجمل»، ربما دون ان تنتظر حتى يبرك ارضا، وسألت قائد القافلة أليعازر: «من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائنا؟». وحين عرفت انه اسحاق غطَّت رأسها بخمارها. (تكوين ٢٤:٦٢-٦٥) وعلى ما يظهر، دلَّت هذه البادرة على احترامها العميق للرجل الذي كان سيصبح رفيق دربها. ان هذا النوع من الخضوع يصدم بعض الناس اليوم باعتباره جزءا من العادات التي عفَّى عليها الزمن. لكن سواء كنا رجالا او نساء، نتعلم درسا هاما من تواضعها. فمن منا ليس بحاجة الى تعزيز هذه الصفة المحببة في شخصيته؟!
١٦-٢٢ آذار (مارس)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٢٥–٢٦
«عيسو يبيع حقوق الابن البكر»
يَعْقُوب
بالتباين مع ابن اسحاق المفضل عيسو، الذي كان صيادا لا يهدأ يحب التجوال وجوب البراري، يوصف يعقوب بأنه ‹انسان بلا لوم [بالعبرانية، تام] يسكن الخيام›، انسان يعيش حياة الرعاة الهادئة ويُتكل عليه في الاهتمام بالشؤون المنزلية، وقد كانت امه تكن له محبة خصوصية. (تك ٢٥:٢٧، ٢٨) والكلمة العبرانية تام تُستخدم في اماكن اخرى لتصف الحائزين على رضى اللّٰه. على سبيل المثال، يُذكر ان ‹المتعطشين الى الدم يبغضون من هو بريء من اللوم›، لكن يهوه يؤكد ان «عاقبة [من لا لوم عليه] سلام». (ام ٢٩:١٠؛ مز ٣٧:٣٧) وقد كان ايوب الذي حافظ على استقامته رجلا ‹بلا لوم [بالعبرانية، تام] ومستقيما›. — اي ١:١، ٨؛ ٢:٣.
لمَ نعبِّر عن تقديرنا؟
١١ مَعَ ٱلْأَسَفِ، لَمْ تُعْرِبْ بَعْضُ ٱلشَّخْصِيَّاتِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنِ ٱلتَّقْدِيرِ. فَمَعَ أَنَّ عِيسُو تَرَبَّى عَلَى يَدِ وَالِدَيْنِ يُحِبَّانِ يَهْوَهَ وَيَحْتَرِمَانِهِ، لَمْ يُقَدِّرِ ٱلْأُمُورَ ٱلْمُقَدَّسَةَ. (اقرإ العبرانيين ١٢:١٦.) فَكَيْفَ ظَهَرَ مَوْقِفُهُ؟ تَسَرَّعَ وَبَاعَ بَكُورِيَّتَهُ لِأَخِيهِ ٱلْأَصْغَرِ يَعْقُوبَ، مُقَابِلَ مُجَرَّدِ صَحْنِ طَبِيخٍ. (تك ٢٥:٣٠-٣٤) لَاحِقًا، نَدِمَ عِيسُو بِمَرَارَةٍ عَلَى مَا فَعَلَ. وَلٰكِنْ بِسَبَبِ قِلَّةِ تَقْدِيرِهِ، لَمْ يَحِقَّ لَهُ أَنْ يَتَذَمَّرَ حِينَ لَمْ يَنَلِ ٱلْبَرَكَةَ ٱلَّتِي يَنَالُهَا ٱلْبِكْرُ.
هل تعلم؟
اية امتيازات ومسؤوليات ترافق حق البكورية؟
منذ ايام الآباء الاجلاء، اعطى خدام اللّٰه حقوقا خصوصية للابن البكر. فعند موت الاب، كان ابنه الاكبر يتولى مسؤوليات رأس العائلة. فيعتني بها ويمارس سلطته على افرادها العائشين تحت سقف بيته. كما انه مثَّلها امام اللّٰه. وفي ما يتعلق بالميراث، نال كل الابناء نصيبا منه، اما هو فأُعطي النصيب الاكبر، اذ كانت حصته ضعف ما يرثه كل من الابناء الآخرين.
وقد كان ممكنا في زمن الآباء الاجلاء ان يتخلى الابن الاكبر عن بكوريته او يخسرها. على سبيل المثال، باع عيسو بكوريته لأخيه الاصغر. (تكوين ٢٥:٣٠-٣٤) وكذلك، نقل يعقوب حق البكورية من ابنه البكر رأوبين الى يوسف. فقد خسر رأوبين هذا الامتياز جراء سلوكه الفاسد ادبيا. (١ اخبار الايام ٥:١) ولكن ما كان بإمكان الرجل المتعدد الزوجات في ظل الشريعة الموسوية ان يحرم بكره، المولود من احدى زوجاته، الامتيازات والمسؤوليات المنوطة بالبكورية بغية منحها لبكر زوجة اخرى، لمجرد انها الاحب الى قلبه. فوجب على الاب ان يحترم حق ابنه المولود اولا الذي اكتسبه بحكم الطبيعة. — تثنية ٢١:١٥-١٧.
البحث عن جواهر روحية
اسئلة من القراء
فِي زَمَنِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، هَلْ كَانَتِ ٱلْبَكُورِيَّةُ شَرْطًا لِيَكُونَ ٱلشَّخْصُ مِنْ سُلَالَةِ نَسَبِ ٱلْمَسِيَّا؟
فِي ٱلسَّابِقِ، وَرَدَتْ هٰذِهِ ٱلْفِكْرَةُ فِي مَطْبُوعَاتِنَا. وَبَدَا أَنَّهَا تَنْسَجِمُ مَعَ ٱلْعِبْرَانِيِّين ١٢:١٦ ٱلَّتِي تَقُولُ إِنَّ عِيسُو ‹لَمْ يُقَدِّرِ ٱلْأُمُورَ ٱلْمُقَدَّسَةَ› وَ «تَخَلَّى عَنْ بَكُورِيَّتِهِ [لِيَعْقُوبَ] مُقَابِلَ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ». فَقَدِ ٱسْتَنْتَجْنَا مِنْهَا أَنَّ يَعْقُوبَ صَارَ مِنْ أَسْلَافِ ٱلْمَسِيَّا حِينَ أَخَذَ ‹ٱلْبَكُورِيَّةَ›. — مت ١:٢، ١٦؛ لو ٣:٢٣، ٣٤.
لٰكِنْ حَسْبَمَا يَظْهَرُ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ٱلرَّجُلُ مِنْ أَسْلَافِ ٱلْمَسِيَّا حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنِ ٱلْبِكْرَ. إِلَيْكَ بَعْضَ ٱلْأَدِلَّةِ.
كَانَ رَأُوبِينُ ٱلِٱبْنَ ٱلْبِكْرَ لِيَعْقُوبَ (إِسْرَائِيلَ) مِنْ لَيْئَةَ. وَيُوسُفُ كَانَ أَوَّلَ ٱبْنٍ وُلِدَ لَهُ مِنْ رَاحِيلَ. وَعِنْدَمَا ٱرْتَكَبَ رَأُوبِينُ ٱلْعَهَارَةَ، ٱنْتَقَلَ حَقُّ ٱلْبَكُورِيَّةِ إِلَى يُوسُفَ. (تك ٢٩:٣١-٣٥؛ ٣٠:٢٢-٢٥؛ ٣٥:٢٢-٢٦؛ ٤٩:٢٢-٢٦؛ ١ اخ ٥:١، ٢) إِلَّا أَنَّ ٱلْمَسِيَّا لَمْ يَتَحَدَّرْ مِنْ رَأُوبِينَ وَلَا مِنْ يُوسُفَ، بَلْ مِنْ يَهُوذَا، رَابِعِ ٱبْنٍ أَنْجَبَتْهُ لَيْئَةُ. — تك ٤٩:١٠.
وَسُلَالَةُ نَسَبِ ٱلْمَسِيَّا تَذْكُرُ فِي لُوقَا ٣:٣٢ خَمْسَةَ رِجَالٍ كَانُوا ٱلْأَبْكَارَ عَلَى مَا يَبْدُو. فَبُوعَزُ أَنْجَبَ عُوبِيدَ، وَعُوبِيدُ أَنْجَبَ يَسَّى. — را ٤:١٧، ٢٠-٢٢؛ ١ اخ ٢:١٠-١٢.
لٰكِنَّ ٱلسُّلَالَةَ تَذْكُرُ أَيْضًا دَاوُدَ بْنَ يَسَّى مَعَ أَنَّهُ كَانَ ٱلْأَصْغَرَ بَيْنَ ٨ أَبْنَاءٍ. (١ صم ١٦:١٠، ١١؛ ١٧:١٢؛ مت ١:٥، ٦) كَمَا يَرِدُ ٱسْمُ سُلَيْمَانَ بَعْدَ دَاوُدَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ ٱلْبِكْرَ. — ٢ صم ٣:٢-٥.
لَيْسَ ٱلْمَقْصُودُ بِذٰلِكَ أَنَّ ٱلْبَكُورِيَّةَ كَانَتْ بِلَا أَهَمِّيَّةٍ. فَٱلْبِكْرُ تَمَتَّعَ بِمَرْكَزٍ مُهِمٍّ وَغَالِبًا مَا أَصْبَحَ رَأْسَ ٱلْعَائِلَةِ. كَمَا أَنَّهُ وَرِثَ حِصَّةً مُضَاعَفَةً. — تك ٤٣:٣٣؛ تث ٢١:١٧؛ يش ١٧:١.
وَحَقُّ ٱلْبَكُورِيَّةِ ٱنْتَقَلَ أَحْيَانًا مِنَ ٱلْبِكْرِ إِلَى ٱبْنٍ آخَرَ. فَعِنْدَمَا طَرَدَ إِبْرَاهِيمُ ٱبْنَهُ إِسْمَاعِيلَ، ٱنْتَقَلَ حَقُّ ٱلْبَكُورِيَّةِ إِلَى إِسْحَاقَ. (تك ٢١:١٤-٢١؛ ٢٢:٢) وَكَمَا ذَكَرْنَا، ٱنْتَقَلَ أَيْضًا هٰذَا ٱلْحَقُّ مِنْ رَأُوبِينَ إِلَى يُوسُفَ.
لِنَعُدِ ٱلْآنَ إِلَى ٱلْعِبْرَانِيِّين ١٢:١٦ ٱلَّتِي تَقُولُ: «لِئَلَّا يَكُونَ أَحَدٌ عَاهِرًا أَوْ غَيْرَ مُقَدِّرٍ لِلْأُمُورِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، كَعِيسُو ٱلَّذِي تَخَلَّى عَنْ بَكُورِيَّتِهِ مُقَابِلَ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ». فَمَا ٱلْمَقْصُودُ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ؟
لَمْ يَكُنِ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ يَتَحَدَّثُ هُنَا عَنْ سُلَالَةِ ٱلنَّسَبِ. فَفِي ٱلْأَعْدَادِ ٱلسَّابِقَةِ، شَجَّعَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يَصْنَعُوا ‹سُبُلًا مُسْتَقِيمَةً لِأَقْدَامِهِمْ›. وَهٰكَذَا لَا يُحْرَمُونَ «مِنْ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ»، بِٱرْتِكَابِ ٱلْعَهَارَةِ مَثَلًا. (عب ١٢:١٢-١٦) أَمَّا إِذَا وَقَعُوا فِي هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةِ، فَيَكُونُونَ مِثْلَ عِيسُو ٱلَّذِي ‹لَمْ يُقَدِّرِ ٱلْأُمُورَ ٱلْمُقَدَّسَةَ›.
فَعِيسُو عَاشَ فِي أَيَّامِ ٱلْآبَاءِ ٱلْأَجِلَّاءِ، وَرُبَّمَا قَدَّمَ ٱلذَّبَائِحَ عَنْ عَائِلَتِهِ فِي بَعْضِ ٱلْمُنَاسَبَاتِ. (تك ٨:٢٠، ٢١؛ ١٢:٧، ٨؛ اي ١:٤، ٥) لٰكِنَّهُ رَكَّزَ عَلَى ٱلْأُمُورِ ٱلْجَسَدِيَّةِ، وَتَخَلَّى عَنْ كُلِّ ٱلِٱمْتِيَازَاتِ ٱلَّتِي تَحِقُّ لَهُ بِصِفَتِهِ ٱلْبِكْرَ مُقَابِلَ صَحْنِ طَبِيخٍ. وَرُبَّمَا أَرَادَ أَنْ يَتَجَنَّبَ ٱلْمُعَانَاةَ ٱلَّتِي تَنَبَّأَ يَهْوَهُ أَنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ. (تك ١٥:١٣) وَأَظْهَرَ أَيْضًا قِلَّةَ تَقْدِيرِهِ لِلْأُمُورِ ٱلْمُقَدَّسَةِ عِنْدَمَا تَزَوَّجَ ٱمْرَأَتَيْنِ وَثَنِيَّتَيْنِ نَكَّدَتَا حَيَاةَ وَالِدَيْهِ. (تك ٢٦:٣٤، ٣٥) فَكَمِ ٱخْتَلَفَ عَنْ يَعْقُوبَ ٱلَّذِي حَرِصَ أَنْ يَتَزَوَّجَ ٱمْرَأَةً تَعْبُدُ ٱللّٰهَ! — تك ٢٨:٦، ٧؛ ٢٩:١٠-١٢، ١٨.
مَاذَا نَسْتَنْتِجُ إِذًا بِخُصُوصِ سُلَالَةِ نَسَبِ ٱلْمَسِيَّا؟ لَمْ تَقْتَصِرِ ٱلسُّلَالَةُ عَلَى ٱلْأَبْكَارِ. وَقَدْ عَرَفَ ٱلْيَهُودُ هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ وَقَبِلُوهَا. فَٱعْتَرَفُوا مَثَلًا أَنَّ ٱلْمَسِيَّا سَيَتَحَدَّرُ مِنْ دَاوُدَ، أَصْغَرِ أَبْنَاءِ يَسَّى. — مت ٢٢:٤٢.
الكذِب — هل هو مبرَّر احيانا؟
طبعا، ان الكينونة صادقين لا تعني اننا مجبَرون على البوح بكل المعلومات لأي شخص يسألنا عنها. حذّر يسوع في متى ٧:٦: «لا تعطوا الكلاب ما هو مقدس، ولا تلقوا أمام الخنازير لآلئكم، لئلا . . . تستدير فتمزقكم». على سبيل المثال، لا يحقّ لذوي النيّات الشريرة ان يعرفوا امورا معيَّنة. ويعي المسيحيون انهم يعيشون في عالم عدائي. لذلك اوصى يسوع تلاميذه ان يكونوا «حذرين كالحيات» فيما يبقون «أبرياء كالحمام». (متى ١٠:١٦؛ يوحنا ١٥:١٩) لم يكشف يسوع دائما الحقيقة بكاملها، وخصوصا عندما كان اظهار كل الوقائع سيسبِّب اذى غير ضروري له او لتلاميذه. ومع ذلك، لم يكذب يسوع حتى في اوقات كهذه. وقد اختار بدلا من ذلك إما التِزام الصمت او تحويل موضوع المحادثة. — متى ١٥:١-٦؛ ٢١:٢٣-٢٧؛ يوحنا ٧:٣-١٠.
كان رجال ونساء امناء مذكورون في الكتاب المقدس كابراهيم، اسحاق، راحاب، وداود، ايضا حكماء وحذرين في تعاملاتهم مع الأعداء المحتملين. (تكوين ٢٠:١١-١٣؛ ٢٦:٩؛ يشوع ٢:١-٦؛ ١ صموئيل ٢١:١٠-١٤) والكتاب المقدس يصنِّف رجالا ونساء كهؤلاء بأنهم عبّاد امناء تميَّزت حياتهم بالطاعة، ممّا يجعلهم جديرين بالاقتداء. — روما ١٥:٤؛ عبرانيين ١١:٨-١٠، ٢٠، ٣١، ٣٢-٣٩.
٢٣-٢٩ آذار (مارس)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٢٧–٢٨
«يعقوب ينال البركة التي يستحقها»
رفقة — امرأة تقية تحلّت بروح المبادرة
لا يذكر الكتاب المقدس إن كان اسحاق قد عرف ان عيسو سيُستعبد ليعقوب. ولكنَّ رفقة ويعقوب كليهما يعلمان ان البركة ليعقوب. لذلك تتخذ رفقة اجراء فوريا حين تسمع ان اسحاق ينوي مباركة عيسو عندما يعود اليه بطعام مما يصطاده. فلا تزال رفقة تتحلى بروح المبادرة والغيرة تماما كما كانت في عزّ شبابها. ‹فتأمر› يعقوب ان يجلب لها جديَين من المعزى لكي تعدّ طعاما لزوجها كما يحب. وتطلب من يعقوب ان ينتحل شخصية عيسو لينال البركة. لكنه يرفض ذلك خوفا من ان يكتشف ابوه الامر ويلعنه. إلا ان رفقة تصرّ قائلة: «لعنتك عليَّ يا ابني». ثم تُعِدّ الطعام، وتجعل يعقوب يتنكر وترسله الى ابيه. — تكوين ٢٧:١-١٧.
لا نعرف لماذا تصرفت رفقة بهذه الطريقة. وكثيرون يعترضون على ما فعلته، لكنّ الكتاب المقدس لا يذكر ان اللّٰه ادان رفقة. كما انه لا يشير ان اسحاق لامها على ذلك عندما اكتشف ان يعقوب هو الذي تلقى البركة، بل أسهب في مباركة يعقوب. (تكوين ٢٧:٢٩؛ ٢٨:٣، ٤) وبما ان رفقة تعرف ان يهوه تفوه بنبوة تتعلق بولديها، تحرص ان ينال يعقوب البركة التي تحق له. فمن الواضح ان تصرفها هذا منسجم مع مشيئة يهوه. — روما ٩:٦-١٣.
اسئلة من القراء
لا يعطي الكتاب المقدس كل التفاصيل عن سبب تصرف رفقة ويعقوب بهذه الطريقة، لكنه يشير ان هذا الظرف نشأ فجأة. ومن الجدير بالملاحظة ان كلمة اللّٰه لا تبرر ولا تدين تصرف رفقة ويعقوب، وبالتالي لا تؤسس سابقة تبيح الكذب والخداع. لكنها تقدِّم لنا معلومات اخرى مرتبطة بالمسألة.
اولًا، توضح الرواية ان يعقوب، بخلاف عيسو، كان يحقّ له نيل بركة ابيه. فقد اشترى البكورية من اخيه التوأم الذي لم يقدِّرها، بل باعها مقابل اكلة واحدة ليُشبع جوعه. فباتت حقا شرعيا ليعقوب. وأكثر من ذلك، يقول الكتاب: «احتقر عيسو البكورية». (تكوين ٢٥:٢٩-٣٤) لذلك حين دخل يعقوب الى ابيه سعى الى نيل بركة تحقّ له.
اسئلة من القراء
ثانيًا، حين علم اسحاق انه اعطى البركة ليعقوب، لم يتراجع عما فعله. فلربما تذكَّر ما قاله يهوه لرفقة قبل ولادة التوأمين: «الكبير يخدم الصغير». (تكوين ٢٥:٢٣) والجدير بالملاحظة ايضا انه عندما اوشك يعقوب على الرحيل الى حاران، زاد اسحاق على البركة التي باركه بها من قَبل. — تكوين ٢٨:١-٤.
البحث عن جواهر روحية
أُسس التواصل الناجح مع رفيق زواجك
وهل نمّى اسحاق ورفقة مهارات تواصل جيدة؟ بعد ان تزوّج ابنهما عيسو اثنتين من بنات حثّ، نشأت مشكلة عائلية خطيرة. يقول الكتاب المقدس ان رفقة ظلّت تقول لإسحاق: «قد مقتّ حياتي هذه بسبب ابنتَيْ حث. ان كان يعقوب [ابنهما الاصغر] يأخذ زوجة من بنات حث . . . فما نفع حياتي؟». (تكوين ٢٦:٣٤؛ ٢٧:٤٦) من الواضح اذًا انها عبّرت عن مخاوفها بطريقة محدّدة لا غموض فيها.
فأوصى اسحاق يعقوب، شقيق عيسو التوأم، ألّا يأخذ زوجة من بنات كنعان. (تكوين ٢٨:١، ٢) وهكذا نجح هذان الزوجان، بعد ان عبّرت رفقة عن رأيها، في تبادل الافكار والآراء بشأن مسألة عائلية حساسة، صائرين بالتالي مثالا حسنا لنا نحن اليوم. ولكن ماذا اذا كان رفيقا الزواج لا يستطيعان الاتفاق حول بعض المسائل؟ ماذا يمكن فعله؟
نقاط بارزة من سفر التكوين — الجزء ٢
٢٨:١٢، ١٣ — علامَ دلّ حلم يعقوب المتعلق ‹بسلّم›؟ دلّت هذه ‹السلّم›، التي ربما شابهت دَرَجا حجريا، على وجود اتصال بين الارض والسماء. وأظهر صعود ونزول ملائكة اللّٰه عليها ان الملائكة هم خدام ليهوه يقومون بدور هام بينه وبين البشر الحائزين رضاه. — يوحنا ١:٥١.
٣٠ آذار (مارس)–٥ نيسان (ابريل)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٢٩–٣٠
«يعقوب يتزوج»
كانت الخطبة تشمل دفع مهر لعائلة العروس. وقد حدّدت الشريعة الموسوية لاحقا ان يدفع الرجل ٥٠ شاقلا من الفضة اذا اغوى عذراء بارتكاب العهارة. يعتقد العالِم ڠوردن وِنَم ان هذا المبلغ كان «اغلى هدية زواج» وأن معظم الهدايا كانت قيمتها «اقل بكثير». (تثنية ٢٢:٢٨، ٢٩) لم يكن في مقدور يعقوب ان يدفع المهر. لذلك عرض على لابان ان يخدمه سبع سنين. وكما يتابع وِنَم: «بما ان اجرة العمّال غير الدائمين كانت تتراوح بين نصف شاقل وشاقل في الشهر في زمن البابليين القدماء [بين ٤٢ شاقلا و ٨٤ شاقلا في سبع سنوات كاملة]، فقد عرض يعقوب على لابان هدية ثمينة مقابل التزوج براحيل». فقبل لابان على الفور. — تكوين ٢٩:١٩.
صراع اختَين ‹بَنَتا بيت اسرائيل›
فهل تآمرت ليئة مع ابيها ليخدعا يعقوب ام كانت مجبرة على إطاعته؟ وماذا عن راحيل؟ هل كانت على علم بما يجري؟ وإذا كان الامر كذلك، فماذا كان شعورها حيال ذلك؟ هل كان في مقدورها ان تتحدى ارادة والدها المستبد؟ لا يجيب الكتاب المقدس عن هذه التساؤلات. ولكن مهما كان رأي راحيل وليئة في الموضوع، فقد اثارت الخطة سخط يعقوب في ما بعد. وقد احتج لدى لابان، وليس ابنتيه، حول ما جرى قائلا: «أليس براحيل خدمت عندك؟ فلماذا احتلتَ علي؟». لكن لابان اجابه: «ليس من العادة . . . ان تُعطى الصغرى قبل البكر. أكمل اسبوع هذه. ثم تُعطى لك تلك ايضا بالخدمة التي تخدمها عندي سبع سنين اخرى». (تكوين ٢٩:٢٥-٢٧) وهكذا خُدع يعقوب ليتزوج بامرأتين، مما اثار لاحقا غيرة مرة.
لَيْئَة
اصبحت ليئة الزوجة الاولى ليعقوب لأن لابان خدعه في ظلمة الليل بإعطائها له زوجة عوضا عن راحيل التي احبها. فاحتج يعقوب لأن لابان احتال عليه، لكن هذا الاخير تذرع بالحجة انه ليس من العادة عندهم تزويج الابنة الصغرى قبل البكر. وعلى الارجح، كانت ليئة تستتر بحجاب تماشيا مع العادة الشرقية القديمة التي تقتضي ان تكون العروس العتيدة مغطاة كليا، الامر الذي ساهم دون شك في نجاح الحيلة. خدم يعقوب سبع سنوات من اجل راحيل، غير انه حصل لقاء ذلك على ليئة. وبعد ان امضى برفقتها اسبوعا من سبعة ايام احتفالا بهذا الزواج، أُعطي راحيل زوجة. ولكن كان عليه ان يعمل سبع سنوات اخرى مقابل زواجه بها. — تك ٢٩:١٨-٢٨.
البحث عن جواهر روحية
صراع اختَين ‹بَنَتا بيت اسرائيل›
في تلك الايام، كان العقم يُعتبر بلية. فقد وعد اللّٰه ابراهيم واسحاق ويعقوب انه ‹بنسلهم› تتبارك جميع عشائر الارض. (تكوين ٢٦:٤؛ ٢٨:١٤) إلا ان راحيل لم تنجب الاولاد. وكان يعقوب مقتنعا ان اللّٰه وحده قادر ان يعطيها البنين، ممكِّنا اياها من لعب دور في منح هذه البركات. لكنَّ راحيل فقدت صبرها، وقالت لزوجها: «هوذا امتي بلهة. ادخل عليها، فتلد على ركبتي ويكون لي منها بنون». — تكوين ٣٠:٢، ٣.
قد نستصعب فهم طريقة راحيل في التفكير. لكن عقود الزواج القديمة المكتشَفة في منطقة الشرق الادنى تشير انه كان امرا اعتياديا ان تعطي العاقر زوجَها جارية بغية انجاب وريث. (تكوين ١٦:١-٣) وفي بعض الحالات، كان اولاد الجارية يُعتبرون اولاد الزوجة.
نقاط بارزة من سفر التكوين — الجزء ٢
٣٠:١٤، ١٥ — لماذا تخلّت راحيل مرة عن الاضطجاع مع زوجها مقابل الحصول على بعض اللُّفَّاح؟ قديما، كانت ثمرة نبتة اللُّفَّاح تُستعمل في الطب للتخدير والوقاية من التشنُّجات او تخفيفها. واعتُقد ان هذه الثمرة تثير ايضا الرغبة الجنسية وتزيد القدرة على الاخصاب او تساعد على الحمل. (نشيد الانشاد ٧:١٣) لا يكشف الكتاب المقدس دافع راحيل الى المقايضة. فربما ظنَّت ان اللُّفَّاح سيساعدها على الحمل وينزع العار الناجم عن كونها عاقرا. ولكن مرّت سنوات عديدة قبل ان ‹فتح يهوه رحمها›. — تكوين ٣٠:٢٢-٢٤.