مراجع دليل اجتماع الخدمة والحياة المسيحية
٤-١٠ ايار (مايو)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٣٦–٣٧
«يوسف يقع ضحية الغيرة»
«اسمعوا هذا الحلم»
يروي الكتاب المقدس: «لمّا رأى اخوته ان اباهم يحبه اكثر من جميع اخوته، ابغضوه ولم يقدروا ان يكلموه بسلام». (تكوين ٣٧:٤) صحيح ان غيرتهم ليست مستغربة، ولكن لم يكن من الحكمة ان يسمحوا لهذه المشاعر السامة بأن تتأصل في قلوبهم. (امثال ١٤:٣٠؛ ٢٧:٤) وماذا عنك؟ هل سبق ان تآكلتك الغيرة حين حظي احد بامتيازات او كرامة اردتها لنفسك؟ لا يغب عن بالك اخوة يوسف. فحسدهم دفعهم الى اقتراف اعمال ندموا عليها لاحقا اشد الندم. ومثالهم يذكّر المسيحيين كم هو احكم بكثير ان ‹يفرحوا مع الفرحين›. — روما ١٢:١٥.
طبعا، لم يخفَ على يوسف الحقد الذي اضمره له اخوته. فهل تجنب ارتداء ثوبه الثمين حين تواجد معهم؟ ربما لمعت هذه الفكرة في رأسه. ولكن لا ننسَ ان يعقوب اراد ان يكون الثوب علامة تؤكد رضاه ومحبته. ويوسف لم يرِد ان يخيِّب ظن ابيه، لذلك لبس الثوب معربا عن اخلاصه له. ومثاله هذا مفيد لنا اليوم. فمع ان ابانا السماوي ليس محابيا البتة، فهو يخصّ خدامه الاولياء احيانا بحظوة خصوصية. ويطلب منهم ان يكونوا مختلفين عن هذا العالم الفاسد المنحط. وكما ان ثوب يوسف ميَّزه عن غيره، يتميز المسيحيون الحقيقيون عمّن حولهم من خلال سلوكهم، ما يثير احيانا مشاعر الغيرة والحقد. (١ بطرس ٤:٤) ولكن هل يجب ان يخفي المسيحي هويته الحقيقية كخادم للّٰه؟ كلا، تماما مثلما فعل يوسف الذي لم يخفِ ثوبه. — لوقا ١١:٣٣.
«اسمعوا هذا الحلم»
كان هذان الحلمان من عند يهوه اللّٰه، فهما حلمان نبويان. واللّٰه قصد ان ينقل يوسف الرسالة التي تضمناها. فوجب عليه ان يفعل ما فعله كل الانبياء لاحقا الذين نقلوا رسائل اللّٰه وأحكامه الى شعبه المعاند.
قال يوسف لإخوته بكل لباقة: «اسمعوا هذا الحلم الذي حلمت». ففهم اخوته الحلم، لكنه لم يرقهم البتة. فسألوه بامتعاض: «أتملك علينا ملكا ام تتسلط علينا تسلطا؟». ثم تتابع الرواية: «وازدادوا ايضا بغضا له بسبب احلامه وبسبب كلامه». وحين قصّ يوسف حلمه الثاني على ابيه وإخوته، لم يكن رد فعلهم افضل بكثير. نقرأ: «فابتدأ ابوه ينتهره ويقول له: ‹ما هذا الحلم الذي حلمت؟ أنأتي انا وأمك وإخوتك ونسجد لك الى الارض؟›». لكنّ يعقوب ظل يقلّب المسألة في ذهنه. ولعله تساءل في قرارة نفسه: تُرى هل يكلم يهوه الصبي؟ — تكوين ٣٧:٦، ٨، ١٠، ١١.
لم يكن يوسف اول ولا آخر خادم ليهوه يُطلب منه نقل رسالة نبوية لن تلقى الاستحسان فحسب بل تؤدي الى الاضطهاد ايضا. فيسوع كان اعظم من حمل هذا النوع من الرسائل، وهو نبّه اتباعه: «إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم ايضا». (يوحنا ١٥:٢٠) حقا، يتعلم المسيحيون من شتى الاعمار الكثير من ايمان وشجاعة الشاب يوسف.
البحث عن جواهر روحية
أدُوم
[احمر]:
الأدُومِيُّون: ادوم اسم ثان او لقب حمله عيسو، شقيق يعقوب التوأم. (تك ٣٦:١) وهذا الاسم أُطلق عليه لأنه باع بكوريته لقاء طبيخ عدس احمر. (تك ٢٥:٣٠-٣٤) وقد اتفق ان عيسو كان شديد الحمرة عند الولادة (تك ٢٥:٢٥)، كما ان لونا مماثلا كان سائدا في اجزاء من الارض التي سكنها لاحقا هو والمتحدرون منه.
الحراسة
فحين يتعهد راعٍ بحراسة قطيع، يصبح مسؤولا عنه في نظر الشريعة. فهو يأخذ على عاتقه ان يطعم القطيع ويحميه من السرقة، وإلَّا يدفع تعويضا للمالك. لكن المسؤولية لم تقع عليه دائما. فإذا واجه ظروفا خارجة عن سيطرته، مثل هجوم الحيوانات البرية، كانت الشريعة تعفيه من المسؤولية. ولكن في هذه الحالة، لزم ان يقدِّم للمالك دليلا يثبت ما حدث، مثل اشلاء الفريسة. وبعدما يتفحص المالك الدليل، كان يحكم ببراءة الراعي.
وعموما، انطبق المبدأ نفسه على اي امانة، حتى ضمن العائلة. مثلا، كان الابن الاكبر يُعتبر وصيا شرعيا على اخوته الاصغر. وهذا يفسِّر لماذا اهتم الابن الاكبر رأوبين بسلامة اخيه يوسف. فحين اراد اخوته ان يقتلوا يوسف، قال لهم رأوبين: «‹لا نقتل نفسه› . . . ‹لا تريقوا دما . . . ولا تمدوا عليه يدا›. وكان هدفه ان ينقذه من يدهم لكي يرده الى ابيه». (تك ٣٧:١٨-٣٠) وعندما لاحظ رأوبين ان يوسف ليس موجودا، قلق كثيرا لدرجة انه «مزق ثيابه» وصرخ: «الولد اختفى! فأنا الى اين اذهب؟». فقد عرف انه سيُعتبَر مسؤولا عن فقدانه. ولكي يخلِّصه اخوته من المسؤولية، اختلقوا دليلا يوهم اباهم بأن وحشا افترس يوسف. فغمسوا قميص يوسف في دم تيس، ثم قدَّموه لأبيهم الذي كان يُعتبَر قاضيا في زمن الآباء الاجلاء. وعلى اساس قميص يوسف المغمَّس في الدم، ظن يعقوب ان وحشا افترسه. عندئذ برَّأ رأوبين من المسؤولية. — تك ٣٧:٣١-٣٣.
١١-١٧ ايار (مايو)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٣٨–٣٩
«يهوه لم يترك يوسف ابدا»
كيف أرتكب هذا الشر العظيم؟
«اما يوسف فأُنزل الى مصر، واشتراه فوطيفار، رسميّ في بلاط فرعون ورئيس الحرس الخاص، وهو مصري، من يد الاسماعيليين الذين انزلوه الى هناك». (تكوين ٣٩:١) بهذه الكلمات القليلة، يصوِّر لنا الكتاب المقدس الذلّ الذي ذاقه هذا الشاب عند بيعه لسيّد جديد. لقد تاجروا به كمَن يتاجر بسلعة. فهل تتخيَّله يمشي وراء سيّده في الشوارع المكتظة المزدحمة بأكشاك صغيرة متَّجها الى بيته الجديد؟
وكم يختلف هذا البيت عن المكان الذي كبر فيه يوسف! فعائلته تعيش حياة ترحال، تسكن في خيام، وتعتني بقطعان الغنم. اما الاغنياء المصريون مثل فوطيفار، فيعيشون في بيوت انيقة زاهية اللون. وحسبما يخبر علماء الآثار، كان المصريون قديما يحبون الحدائق المسوَّرة الغنَّاء حيث يمتد ظل الشجر ويخيِّم السكون على البرك المزيَّنة بالنباتات المائية كالبردي واللوطس. لذلك بنى البعض بيوتهم وسط الحدائق لحجبها عن الاعين. وجهَّزوها بشرفات تتيح لهم التنعم بالنسيم العليل وبنوافذ عالية تُدخِل الهواء النقي الى غرفها الكثيرة، بما فيها غرفة طعام ضخمة وقسم مخصص للخدم.
كيف أرتكب هذا الشر العظيم؟
صحيح ان معرفتنا محدودة عن السجون المصرية في تلك الايام، لكنَّ علماء الآثار كشفوا عن خرائب لها. فوجدوا انها ابنية شبيهة بالقلاع تحتوي زنزانات بعضها تحت الارض. وقد وصف يوسف لاحقا المكان بأنه «جب»، مما يوحي بمكان مظلم كئيب. (تكوين ٤٠:١٥) وتطلعنا المزامير ايضا ان يوسف تعرَّض لعذابات اضافية، قائلة: «آذوا بالقيود قدميه، وبالحديد طوَّقوا عنقه». (مزمور ١٠٥:١٧، ١٨، كتاب الحياة — ترجمة تفسيرية) ففي بعض الاحيان، استعمل المصريون قيودا ثبَّتت ذراع السجين عند الكوع. وفي احيان اخرى، جعلوا في عنقه اغلالا حديدية مشدودة. فهل تتخيَّل كم عزَّ على يوسف ان تُساء معاملته هكذا، وهو لم يرتكب ما يستحق اللوم؟!
فضلا عن ذلك، لم تكن محنة يوسف هذه مجرد نكسة عابرة. فالرواية تكشف انه «بقي هناك في بيت السجن». لقد أمضى هذا الشاب سنوات في ذلك المكان الرهيب. ولم يعرف هل يأتيه الفرج يوما. فكيف تفادى الوقوع فريسة اليأس فيما امتدت معاناته اياما وأسابيع وشهورا؟
تطمئننا الرواية نفسها ذاكرة: «يهوه كان مع يوسف، وبسط اليه لطفا حبيًّا». (تكوين ٣٩:٢١) فلا اسوار ولا قيود ولا زنزانات مظلمة تقدر ان تفصل محبة يهوه المجبولة بالولاء عن خدامه. (روما ٨:٣٨، ٣٩) ولا يصعب علينا ان نتصوَّر يوسف يسكب عذابه امام ابيه السماوي في الصلاة، ثم يحسّ بالسكينة والسلام اللذين لا يهبهما الا «إله كل تعزية». (٢ كورنثوس ١:٣، ٤؛ فيلبي ٤:٦، ٧) وكيف بارك يهوه يوسف ايضا؟ «أناله حظوة في عيني مأمور بيت السجن».
كيف أرتكب هذا الشر العظيم؟
تطمئننا الرواية نفسها ذاكرة: «يهوه كان مع يوسف، وبسط اليه لطفا حبيًّا». (تكوين ٣٩:٢١) فلا اسوار ولا قيود ولا زنزانات مظلمة تقدر ان تفصل محبة يهوه المجبولة بالولاء عن خدامه. (روما ٨:٣٨، ٣٩) ولا يصعب علينا ان نتصوَّر يوسف يسكب عذابه امام ابيه السماوي في الصلاة، ثم يحسّ بالسكينة والسلام اللذين لا يهبهما الا «إله كل تعزية». (٢ كورنثوس ١:٣، ٤؛ فيلبي ٤:٦، ٧) وكيف بارك يهوه يوسف ايضا؟ «أناله حظوة في عيني مأمور بيت السجن».
البحث عن جواهر روحية
أُونان
[اسم مشتق من جذر معناه «خصوبة؛ طاقة»]:
احد ابناء يهوذا، وهو الابن الثاني الذي انجبه من ابنة شوع الكنعانية. (تك ٣٨:٢-٤؛ ١ اخ ٢:٣) كان لأونان اخ اكبر يدعى عيرًا، وقد اماته يهوه بسبب فعله السوء قبل ان ينجب اولادا. فقال يهوذا لأونان ان يتزوج بثامار ارملة اخيه ويقوم لها بواجب اخي الزوج. وفي حال انجبت ثامار ابنا، فلن يكون هذا الابن مؤسس عائلة اونان، كما كان سينال ميراث الابن البكر بصفته وريثا لعير. اما في حال لم تنجب ايّ وريث، فكان اونان سيأخذ الميراث لنفسه. وهكذا عندما دخل اونان على ثامار، «بدد منيه على الارض» عوض منحه لها. ولم يكن اونان يمارس بذلك العادة السرية لأن الرواية تقول انه كان «اذا دخل على زوجة اخيه» بدد منيه. فكما يبدو، كان ذلك حالة «جماع منقطع» تعمد فيها اونان ان يمنع قذف منيه داخل المجرى التناسلي لثامار. وهكذا يكون يهوه قد اماته بسبب عصيانه على ابيه وطمعه وخطيته ضد الترتيب الالهي للزواج، وليس بسبب ممارسته العادة السرية. ولم يكن له هو ايضا اولاد. — تك ٣٨:٦-١٠؛ ٤٦:١٢؛ عد ٢٦:١٩.
اسئلة من القراء
لقد اخطأ يهوذا عندما لم يعطِ ثامار لابنه شيلة اتماما لوعده. كما انه اقام علاقة جنسية مع امرأة ظنها زانية معبد. وهذا مخالف لقصد اللّٰه ان يقيم الانسان علاقات جنسية ضمن اطار الزواج فقط. (تكوين ٢:٢٤) ولكن يهوذا في الواقع لم يُقم علاقة مع زانية، بل حلَّ عن غير قصد محل ابنه شيلة وأنجب بالتالي اولادا شرعيين.
اما ثامار فلا تُعتبر زانية. وولداها التوأمان ليسا ابني زنى. فعندما تزوج بوعز براعوث الموآبية كزواج اخي الزوج، اشاد شيوخ بيت لحم بفارص بن ثامار، قائلين لبوعز: «ليكن بيتك كبيت فارص الذي ولدته ثامار ليهوذا من النسل الذي يعطيك الرب من هذه الفتاة». (راعوث ٤:١٢) ويرد اسم فارص ايضا بين اسماء اسلاف يسوع المسيح. — متى ١:١-٣؛ لوقا ٣:٢٣-٣٣.
١٨-٢٤ ايار (مايو)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٤٠–٤١
«يهوه يخلِّص يوسف»
«أليست التفاسير للّٰه؟»
ربما نسي رئيس السقاة يوسف، لكن يهوه لم ينسَه اطلاقا. فذات ليلة، يُري فرعون حلمين بقيا محفورين في ذهنه. في الحلم الاول، يرى الملك سبع بقرات حسنة المنظر وسمينة خارجة من نهر النيل تتبعها سبع بقرات قبيحة وهزيلة. فتأكل البقرات الهزيلة البقرات السمينة. وفي الحلم الثاني، يرى فرعون سبع سنابل قمح ممتلئة في ساق واحدة، ثم تنمو سبع اخرى رقيقة وملفوحة بالريح وتبتلعها. وفي الصباح، يستيقظ فرعون مضطربا مشغول البال، فيستقدم كل حكماء مصر والكهنة السحرة ليوضحوا له المغزى من حلميه. لكنهم يفشلون جميعا فشلا ذريعا. (تكوين ٤١:١-٨) وهل عنى ذلك انهم وقفوا مصعوقين وانعقد لسانهم، ام انهم راحوا يقدِّمون العديد من التفاسير المتضاربة؟ لا نعلم ماذا حصل. لكن فرعون كان دون شك محبطا مخذولا يتحرق الى حلّ هذا اللغز.
هنا، يتذكر رئيس السقاة الشاب المميز يوسف الذي التقاه في السجن. فيبكته ضميره ويخبر فرعون ان هذا الشاب فسَّر له ولرئيس الخبازين حلميهما منذ سنتين، وقد صحّ تفسيره تماما. فيستدعي فرعون يوسف من السجن على جناح السرعة. — تكوين ٤١:٩-١٣.
«أليست التفاسير للّٰه؟»
يكنّ يهوه المحبة لكل من يعرب عن التواضع والايمان به. فلا عجب ان منح يوسف القدرة على تفسير ما عجز الحكماء والكهنة عن فهمه. فيوضح يوسف لفرعون ان لحلميه معنى واحدا. وقد كرَّر يهوه الفكرة نفسها كي يؤكد ان الامر «مثبَّت» اي سيتحقق لا محالة. فالبقرات السمينة والسنابل الممتلئة هي سبع سنين من الشبع ستأتي على مصر، اما البقرات الهزيلة والسنابل الرقيقة فتمثِّل سبع سنين من المجاعة تتبع سنوات الوفرة السبع. فالمجاعة في مصر ستستنزف كل خيرات الارض. — تكوين ٤١:٢٥-٣٢.
«أليست التفاسير للّٰه؟»
ينفِّذ فرعون كلامه بحذافيره. فيُلبس يوسف على الفور ثيابا من كتان جيد ويعطيه خاتما يصادق به على الوثائق، قلادة من ذهب، مركبة ملكية، وسلطة مطلقة ليجوب البلاد بطولها وعرضها ويضع خطته موضع التنفيذ. (تكوين ٤١:٤٢-٤٤) فبين صباح ومساء، تحرر يوسف من السجن ودخل قصر الملك. فهو استفاق سجينا ذليلا، وخلد الى النوم حاكما ثانيا بعد فرعون. وأخيرا، فعل ايمانه باللّٰه فعله في حياته! فيهوه رأى كل المظالم التي مرمرت حياة خادمه على مدى سنوات طويلة، فعالج المسألة في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة. ولم يكن في بال يهوه انصاف يوسف فحسب، بل ايضا انقاذ الشعب الذي كان سيصبح لاحقا امة اسرائيل. وسنرى كيف فعل ذلك في مقالة لاحقة من هذه السلسلة.
البحث عن جواهر روحية
هل تعلم؟
لماذا حلق يوسف قبل مقابلة فرعون؟
تذكر الرواية في سفر التكوين ان فرعون لجَّ في طلب السجين العبراني يوسف ليفسِّر له حلميه المزعجين. كان يوسف آنذاك قد امضى سنوات عديدة في السجن. ورغم إلحاح فرعون، صرف يوسف وقتا في الحلاقة. (تكوين ٣٩:٢٠-٢٣؛ ٤١:١، ١٤) وهنا يلفتنا إلمام الكاتب بعادات المصريين اذ لم يغفل عن ذكر تفصيل يبدو تافها.
قديما، كان ارخاء اللحية عادة تتَّبعها شعوب كثيرة، بما فيها العبرانية. بالمقابل، «وحدهم المصريون القدامى بين كل حضارات الشرق رفضوا ارخاء اللحية»، حسب دائرة معارف المطبوعات الكتابية واللاهوتية والكنسية (بالانكليزية) لواضعَيها مكلنتوك وسترونغ.
وهل كانوا يحلقون لحاهم فقط؟ ترجِّح مجلة علم آثار الكتاب المقدس (بالانكليزية) ان بعض العادات المصرية فرضت على الرجل ان يستعد لمقابلة فرعون مثلما يستعد لدخول معبد. وفي هذه الحال، لزم ان يحلق يوسف كل شعر رأسه وجسمه ايضا.
التحلي بالآداب الحسنة كخدام للّٰه
١٤ حَرِصَ ٱلْوَالِدُونَ ٱلْأَتْقِيَاءُ فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَلَى تَعْلِيمِ أَوْلَادِهِمْ آدَابَ ٱلسُّلُوكِ ٱلْأَسَاسِيَّةَ فِي ٱلْبَيْتِ. لَاحِظْ، مَثَلًا، ٱلْأُسْلُوبَ ٱلْمُهَذَّبَ ٱلَّذِي تَخَاطَبَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ فِي ٱلتَّكْوِينِ ٢٢:٧. كَمَا أَنَّ أَثَرَ ٱلتَّرْبِيَةِ ٱلصَّالِحَةِ يُرَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ. فَقَدْ كَانَ مُهَذَّبًا حَتَّى مَعَ رُفَقَائِهِ فِي ٱلسِّجْنِ، فَخَاطَبَهُمْ مُسْتَعْمِلًا لَفْظَةً عِبْرَانِيَّةً تُحَوِّلُ ٱلصِّيغَةَ مِنَ ٱلْأَمْرِ إِلَى ٱلطَّلَبِ بِرِفْقٍ. (تك ٤٠:٨، ١٤) وَيُظْهِرُ كَلَامُهُ مَعَ فِرْعَوْنَ أَنَّهُ تَعَلَّمَ ٱلْأُسْلُوبَ ٱللَّائِقَ لِمُخَاطَبَةِ أَصْحَابِ ٱلْمَنَاصِبِ ٱلْعُلْيَا. — تك ٤١:١٦، ٣٣، ٣٤.
٢٥-٣١ ايار (مايو)
كنوز من كلمة اللّٰه | تكوين ٤٢–٤٣
«يوسف يضبط نفسه»
«هل انا مكان اللّٰه؟»
وماذا عن يوسف؟ لقد عرف اخوته في الحال! وحين رآهم ساجدين امامه، عادت به الذاكرة الى ايام الصبا الاولى. تخبرنا الرواية: «حالا تذكَّر يوسف الاحلام» التي أراه إياها يهوه وهو لم يزل صبيّا غضّا. فهذه الاحلام انبأت ان اخوته سيسجدون امامه في يوم من الايام. وها هو الآن يرى بأم عينه هذه النبوة تغدو واقعا ملموسا! (تكوين ٣٧:٢، ٥-٩؛ ٤٢:٧، ٩) فما عساه يفعل؟ هل يلاقيهم بالاحضان، ام يثأر لنفسه؟
ادرك يوسف ان عليه ألَّا يتهور وينقاد وراء رغبته أيًّا كانت. فمن الواضح ان ليهوه يدًا في هذا التغير الكبير في مجرى الاحداث بهدف تحقيق قصده. فهو سبق ووعد يعقوب ان يصبح نسله أمة عظيمة. (تكوين ٣٥:١١، ١٢) وإذا كان اخوة يوسف ما زالوا كعهده بهم رجالا عنفاء انانيين لا ضمير لهم، فلا بد ان النتائج البعيدة المدى ستكون كارثية. فضلا عن ذلك، اذا تصرف يوسف بتهور، فربما يتزعزع السلام في العائلة ويتعرَّض والده وبنيامين للخطر. اساسا، هل هما على قيد الحياة؟ قرَّر يوسف ألَّا يكشف عن هويته ريثما يمتحن اخوته ويرى اي نوع من الرجال هم الآن. وعندئذ يتضح له ماذا يريده يهوه ان يفعل.
لن تجد نفسك على الارجح في هذا الظرف الاستثنائي. الا ان الانقسامات والنزاعات خلف جدران المنازل باتت امرا شائعا في عالمنا اليوم. وحين نواجه محنا كهذه، قد نميل الى اتِّباع قلبنا والتصرف بتهور وفق رغباتنا الناقصة. ولكن أليس من الحكمة ان نقتدي بيوسف ونحاول ان نميِّز كيف يريدنا اللّٰه ان نعالج المسألة؟ (امثال ١٤:١٢) ولا ننسَ انه مهما بلغت اهمية السلام مع افراد العائلة، فإن السلام مع يهوه وابنه اهم بكثير. — متى ١٠:٣٧.
«هل انا مكان اللّٰه؟»
بدأ يوسف بسلسلة من الامتحانات وهدفه كشف النقاب عن مكنونات قلوب اخوته. فراح يكلِّمهم بقسوة من خلال مترجم متَّهما اياهم بالتجسس. ودفاعا عن انفسهم، اخبروه عن عائلتهم وعن اخيهم الاصغر الذي بقي عند أبيه. فأمسك يوسف بطرف الخيط، اذا جاز التعبير، ولمعت في ذهنه فكرة يتابع من خلالها خطته الذكية. فحاول ان يخفي حماسته وتساؤلاته عن اخيه الصغير إن كان فعلا بخير، وقال لإخوته: «بهذا تُمتحنون». وطلب بعد ذلك ان يرى اخاهم ليتأكد من صحة اقوالهم. ثم أذن لهم بالعودة الى ديارهم لكي يحضروه شريطة ان يبقى واحد منهم رهينة عنده. — تكوين ٤٢:٩-٢٠.
يُوسُف
جعلت هذه التطورات اخوة يوسف يشعرون بأن اللّٰه يعاقبهم لأنهم باعوه للعبودية قبل عدة سنوات. وأمام اخيهم الذي لم يكونوا قد عرفوه بعد، تبادلوا الحديث بشأن الذنب الذي اقترفوه. عندما سمع يوسف كلامهم، الذي يدل على توبتهم، لم يقوَ على ضبط مشاعره وخرج من عندهم وأخذ يبكي. ثم رجع وقيّد شمعون، مبقيا اياه في الحبس حتى يعودوا ومعهم اخوهم الاصغر. — تك ٤٢:٢١-٢٤.
البحث عن جواهر روحية
رَأُوبِين
برزت بعض صفات رأوبين الجيدة عندما اقنع اخوته التسعة برمي يوسف في بئر جاف عوضا عن قتله، عاقدا النية على العودة سرا لإنقاذ يوسف من البئر. (تك ٣٧:١٨-٣٠) وبعد اكثر من ٢٠ سنة، حين استنتج هؤلاء الاخوة نفسهم انهم اتُّهموا بالتجسس في مصر لأنهم اساءوا معاملة يوسف، ذكّرهم رأوبين انه لم يشترك معهم في التآمر على قتله. (تك ٤٢:٩-١٤، ٢١، ٢٢) فضلا عن ذلك، عندما رفض يعقوب ان يدع بنيامين يرافق اخوته في رحلتهم الثانية الى مصر، كان رأوبين مَن قدّم ابنيه كضمانة قائلا: «اقتل ابني كليهما إن لم اعد به [بنيامين] اليك». — تك ٤٢:٣٧.
نقاط بارزة من سفر التكوين — الجزء ٢
٤٣:٣٢ — لماذا كان تناول الطعام مع العبرانيين رجسا عند المصريين؟ من المرجح ان يكون السبب هو التحامل الديني او التفاخر العنصري. بالاضافة الى ذلك، كان المصريون يعتبرون الرعاة رجسين. (تكوين ٤٦:٣٤) ولماذا؟ ربما كان الرعاة مدرَجين في اسفل النظام الطبقي المصري. او ربما احتقر المصريون الرعاة لأنهم كانوا يبحثون عن مرعى لقطعانهم في بلد اراضيه الزراعية محدودة.