نهاية التلوُّث بادية للعيان؟
ان الامل بأرض نظيفة لمبهج حقا. ولكن هل هو واقعي؟ حسنا، تحاول بعض البلدان بجهد ان تحسِّن الحالة في ما يتعلَّق بالتلوُّث. ويبلَّغ الآن بنقص في تلوُّث الهواء بسبب الاجراءات المشدَّدة لضبط محتوى عوادم السيارات من الرصاص. وفي بعض المناطق يبدو ان التلوُّث الصناعي قد نقص ايضا. لكنّ ذلك لا ينجم دائما عن المراقبة الصارمة. وبالاحرى، يكون ذلك احيانا نتيجة لإعادة تنظيم الصناعة التي سبَّبتها ورطة العالم الاقتصادية.
الارض — مصمَّمة لتنظِّف نفسها؟
اضافة الى ذلك، هنالك آليّاتُ تنظيفٍ طبيعية فعّالة. مثلا، ان العوالق النباتية phytoplankton هي احد عوامل البحر الرئيسية المضادّة للتلوُّث، بحسب الدكتور اوبر من مركز علم البحار الطبي في نيس، فرنسا. فهذه العضويات البالغة الصِّغَر تفرز مضادّات حيوية طبيعية تقضي على التلوُّث. ومن المؤسف انها تُحمَّل اكثر من طاقتها. ففي ايطاليا تكتسح الطحالبُ البندقيةَ والبحرَ الادرياتي المجاور. وفي الادرياتي يُنتج التلوُّثُ «الطحالبَ، هلام نتن ولزج، اصفر، اسمر ورمادي، التي تنتشر جنوبا مئات الكيلومترات» في الصيف. (ذا ڠلوب آند ميل، تورونتو، كندا) وأحد العوامل المساهمة هو التصريف من نهر الپو، «بأقذار المجارير غير المعالَجة من اكثر من ١٥ مليون شخص، الفضلات من الكثير من صناعات ايطاليا الرئيسية . . . وزبل اكثر من خمسة ملايين خنزير.»
وماذا عن تلوُّث التربة؟ كشف البحث بواسطة شركة كيميائية كبرى بالاشتراك مع دائرة الطاقة للولايات المتحدة عن وجود انواع كثيرة من البكتيريا، الفطريات، والأميبات في الارض، والبعض على عمق ٨٥٠ قدما تحت السطح. وقد علَّق الدكتور دايڤيد بالكْوِل من جامعة ولاية فلوريدا: «هذه العضويات الخَفِيّة من الممكن جدا انها تنقّي المكمن المائي [مياه الارض الطبيعية].» إلا ان الدكتور بالكْوِل يأمل ان يكون المهندسون الوراثيون قادرين على حثّ هذه العضويات الجوفية ان «تهضم مواد ملوِّثة معيَّنة.»
ولكن، على نحو واقعي، لا بدّ ان نستنتج ان الحالة الحاضرة لا تبشِّر بنهاية سريعة لفساد الارض المادي. ولكنْ يمكننا ان نتأكَّد ان نهاية التلوُّث بادية للعيان. ولماذا؟
ازالة التلوُّث الادبي
لكي يكون الكوكب السيّار بيتا نظيفا حقا للجنس البشري لا بدّ ان يكون سكّانه أناسا نظفاء، ادبيا وكذلك جسديا. ولا بدّ للبشر ان يتغلَّبوا على تركيزهم الاساسي على الذات ويطوِّروا صفات غير انانية، مظهرين الاعتبار لرفقائهم البشر والحيوانات المجاورة لهم. فهل يمكن ان يحصل ذلك؟
على مرّ العقود وجد شهود يهوه ان ذلك يمكن ان يحصل. لقد وضعوا تحت الامتحان قوة الكتاب المقدس على سبك الشخصية، وقد وجدوا ان لهذا الكتاب قوة على تغيير الناس، بتأثيرات نافعة في البيئة. مثلا، يتحمَّس رسميّو مدرَّجات الالعاب الرياضية لترتيب ونظافة الجموع الذين يحضرون المحافل الكبيرة لشهود يهوه. والتعليق المتكرِّر هو ان ‹المدرَّج تُرك أنظف ممّا كان عندما دخله الشهود.›
وأحد اعضاء مستخدَمي مجمَّع رياضي في لشبونة، الپرتغال، اوضح لأحد شهود يهوه: «عندما يسألني الناس عن رأيي فيكم لا يمكنني ان اكذب. فأُخبرهم ان لشهود يهوه سلوكا، نظافة وتنظيما جيدا جدا. . . . وإذا حدث أنْ وسَّختم شيئا واحدا تنظِّفون ٩٩!»
ان إصرار الشهود على النظافة الجسدية له علاقة بمبادئهم الادبية السامية. اية مبادئ؟ تلك المبيَّنة في الكتاب المقدس، الذي هو كلمة اللّٰه المكتوبة. وعن المرتدّين عن الطريق القويم يقول الكتاب المقدس ان طرق اللّٰه ‹تعلو عن طرقهم وأفكاره عن افكارهم.› (اشعياء ٥٥:٧-٩) ومع ذلك، يمكننا ان نتعلَّم طرق اللّٰه لأن اللّٰه نفسه يجعل شرائعه متوافرة لأولئك الذين يرغبون في العيش بموجبها. وهذه الثقافة الالهية حيوية لمستقبلنا.
وملايين الشهود اليوم يحاولون بجدّ ان يحيوا بموجب هذه المقاييس الادبية النظيفة، وهم يستفيدون فائدة عظيمة. ولكن، بالنسبة الى كثيرين، عنى ذلك تغييرات كبيرة في عاداتهم وأنماط حياتهم.
المخدرات، الضرب، والغَلَبة
خذوا حالة ماري، واحدة من عائلة مؤلَّفة من ١٣ شخصا من منطقة تَغْلبُ عليها الجريمة في مدينة في انكلترا.
«كانت عائلتي معروفة جيدا بالخشونة، وكالباقي منهم كان معروفا انني مستأسدة على الاضعف مني. في الـ ١٥ من العمر أجهضت. وبعد سنتين وُلدت ابنتي، فتُركت لأعتني بها وحدي. واحتُجز صديقي في مدرسة [اصلاحية]. ففرَّ، وحبلت ثانية. جرَّبت كل انواع الطرائق لأُنهي هذا الحبَل وأخيرا نجحت، ولكنني كدت اخسر حياتي.
«ابتدأ صديقي يدخِّن الماريجوانا وصار عنيفا جدا معي، مع انني كنت حاملا من جديد. وتورَّطت انا ايضا، في تدخين العشبة الضارّة وفي بيعها على السواء. وبحلول ذلك الوقت كنت اسكن في بيت ملآن مومسات. وكنت اعتني لهن بأولادهن.
«عندما صرت اهتمّ بشاب آخر وضع صديقي الاول حدًّا للعلاقة بطعنه ثماني مرات. ومن اجل ذلك اعتُقل ثانية. وبعد اطلاق سراحه من السجن تزوَّجنا وانطلق كلانا في حيِّز نشاط المخدرات على نطاق كبير.»
بعد الاتِّصال بشهود يهوه ودرس الكتاب المقدس معهم ابتدأت هذه الحدثة تحضر الاجتماعات وتدريجيا حدث التغيير. توضح ماري:
«ابتدأت ادرك ان التدخين وتعاطي المخدرات امر خاطئ. وبعد ان اخبرت زوجي انني اتوقَّف عن كل ذلك كان ينفخ الدخان من سيجارة الماريجوانا التي له في وجهي، محاولا اغرائي ان استأنف تعاطي المخدرات. وحبلت ثانية ايضا. وبُعَيْد ذلك ابتدأ زوجي يبقى غائبا عن البيت الليل كله.
«بعد ثمانية اشهر اخذ كل امتعته من البيت وتركني. فصلَّيت الى يهوه كي يساعدني ان اتغلَّب على ذلك، وقد فعل. ثم بعد ثلاثة اشهر عاد زوجي. فصلَّيت من اجل القوة لأفعل ما هو صائب. ومرة اخرى حاولت ان اجعل زواجي ناجحا، ولكن في أقلّ من ستة اشهر كنت اعالج ١٤ غُرزة حول عيني، نتيجة عنف زوجي؛ فالمخدرات كانت لا تزال حبه الاول. وصار بيتنا مستودع المخدرات الرئيسي لكامل المنطقة. وكان ملآن من ‹اصدقائه،› الذين كان معظمهم على مستوى عالٍ في تعاطي المخدرات.
«بمساعدة يهوه استجمعت الشجاعة وواجهت الرجال. وطلبت منهم بأدب ان يذهبوا الى الخارج اذا ارادوا ان يستمروا في تدخين مخدراتهم. وعندما سمع زوجي ذلك فقد رشده، دعاني الى المطبخ، وابتدأ يخبط برأسي الحائط. جاهدت لأقول له انني مهتمة بالاولاد وأريد ان امنحهم الفرصة ليكبروا في جو نظيف سليم. فاندفع بعنف الى الخارج عائدا الى اصدقائه. انتظرت وأنا اصلّي. فدخل المطبخ ثانية، وظننت انه سيقتلني.
«ولكن من ذلك الحين فصاعدا هدأت الامورُ كثيرا. وفي ما بعد انتقلنا. وعندما اتى مدمنو المخدرات للزيارة لم يسبّوا او يتكلَّموا عن حياتهم الفاسدة ادبيا كالسابق. وبدا انهم يظهرون الاحترام لنا.»
ان وقوف ماري الى جانب الآداب النظيفة والحياة غير الملوَّثة أثَّر في زوجها، وهو ايضا درس اخيرا الكتاب المقدس مع شهود يهوه. وماري وزوجها كلاهما الآن شاهدان معتمدان ومشغولان بمساعدة الآخرين على تنظيف حياتهم بمساعدة معرفة الكتاب المقدس. تقول ماري:
«عندما اسمع زوجي يقدِّم الصلاة، او عندما اسمعه يعبِّر عن محبته ليهوه، كم يدقّ قلبي! والتغيير في مظهره الخارجي يذهل اصدقاءه السابقين. والآن فإن عائلتنا متَّحدة حقا. لم اشعر قط بمثل هذه السعادة، ولم اتوقَّف قط عن شكر يهوه على اخراجنا من نظام الاشياء الملوَّث هذا.»
ان نجاحا كهذا في محاربة التلوُّث الادبي يظهر قوة كلمة اللّٰه. وفضلا عن ذلك، انه يشير الى الرجاء بنهاية باكرة لكل انواع التلوُّث. فماذا يقول الكتاب المقدس عن ذلك؟
ارض نظيفة — امر محقَّق
تظهر الدراسة الدقيقة للكتاب المقدس اننا نعيش في «الايام الاخيرة» لنظام الاشياء الحاضر. (٢ تيموثاوس ٣:١-٥) وحالة البيئة هي مجرد جزء واحد من الدليل الذي يبرهن ذلك. فماذا يعني ذلك بالنسبة الى رجائنا بأرض نظيفة؟
انه يعني ان اللّٰه سيتدخَّل قريبا في الشؤون البشرية. وسيعمل قريبا بطريقة قوية لإزالة كل التلوُّث الادبي والمادي من كوكبنا. ففي سفر الرؤيا يعد بأن «يهلك الذين كانوا يهلكون الارض.» — رؤيا ١١:١٨.
حقا، اللّٰه وحده لديه القدرة على جلب ارض نظيفة غير ملوَّثة. ومن المثير ان نعرف انه يعتزم فعل ذلك عينه. وعندما يعمل في المستقبل القريب سيكون الامر كما يقول هو نفسه: «ها انا اصنع كل شيء جديدا.» (رؤيا ٢١:٥) وعندئذ، اخيرا، سيكون كوكبنا بيتا ملائما لأناس نظفاء مستقيمين سيتمتَّعون بوفرته الى الابد.