مكتبة برج المراقبة الإلكترونية
برج المراقبة
المكتبة الإلكترونية
العربية
  • الكتاب المقدس
  • المطبوعات
  • الاجتماعات
  • ب٠٤ ١/‏٩ ص ١٩-‏٢٥
  • حياة غنية وسعيدة مليئة بالتضحيات

لا تتوفر فيديوات للجزء الذي اخترته.‏‏

عذرًا، حصل خطأ عند تشغيل الفيديو.‏

  • حياة غنية وسعيدة مليئة بالتضحيات
  • برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٤
  • العناوين الفرعية
  • مواد مشابهة
  • ‏«پولندا الصغيرة»‏
  • ميراث روحي ثمين
  • الانخراط في الخدمة كامل الوقت
  • مسؤوليات اضافية
  • حياة غنية
  • ظروفنا تتغير
  • يهوه يعتني بنا دائما
  • الكتاب المقدس:‏ رفيقي الدائم الذي يمدني بالقوة
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠١١
  • خدمة الفتح وجَّهت حياتي
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ١٩٨٧
  • أبرز حوادث السنة الماضية
    الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ٢٠٠٨
  • ‏«تعلمت الكثير من الآخرين»‏
    برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه (‏الطبعة الدراسية)‏ —‏ ٢٠٢١
المزيد
برج المراقبة تعلن ملكوت يهوه —‏ ٢٠٠٤
ب٠٤ ١/‏٩ ص ١٩-‏٢٥

قصة حياة

حياة غنية وسعيدة مليئة بالتضحيات

كما رواها ماريان وروزا زوميڠا

يقول المزمور ٥٤:‏٦‏:‏ «طوعا أذبح لك» (‏ترجمة تفسيرية‏)‏.‏ كانت هذه العبارة محور حياة ماريان زوميڠا وزوجته روزا اللذين يعيشان في فرنسا.‏ وقد تحدثا مؤخرا عن بعض الامور البارزة في حياتهما الغنية والطويلة التي قضياها في خدمة يهوه.‏

ماريان:‏ كان والداي مهاجرَين پولنديين ينتميان الى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.‏ ورغم انه لم يُتَح لأبي الذهاب الى المدرسة،‏ فقد تعلّم القراءة والكتابة اثناء تأدية الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الاولى.‏ كما كان رجلا متديّنا،‏ لكنّ الكنيسة سببت له خيبات الامل في كثير من الاحيان.‏

ثمة حادثة رسخت بشكل خاص في ذاكرة ابي.‏ ففي يوم من ايام الحرب،‏ زار رجل دين الوحدة العسكرية التي ينتمي اليها.‏ لكنه فرّ مذعورا عندما انفجرت قذيفة في مكان مجاور،‏ وراح يضرب حصانه بالصليب لحثه على الركض.‏ فصُدم ابي لأن «ممثلا» عن اللّٰه استعمل اداة «مقدسة» لدفع الحصان الى العجلة.‏ رغم الاختبارات المماثلة التي مر بها ابي وأهوال الحرب التي شهدها،‏ لم يضعف ايمانه باللّٰه.‏ وغالبا ما كان ينسب الفضل الى اللّٰه في عودته سالما من الحرب.‏

‏«پولندا الصغيرة»‏

في سنة ١٩١١،‏ تزوج ابي فتاة من قرية مجاورة اسمها آنّا تسيسوڤسكي.‏ وفي سنة ١٩١٩،‏ بُعَيد انتهاء الحرب،‏ هاجرا من پولندا الى فرنسا حيث وجد ابي عملا في منجم للفحم.‏ وقد وُلِدتُ في كانياك ليه مين الواقعة جنوب غرب فرنسا في آذار (‏مارس)‏ ١٩٢٦.‏ بعد ذلك،‏ استقر والداي بمنطقة يسكنها الپولنديون في لوسان ڠُوال القريبة من لنس في شمال فرنسا.‏ وكان الفرّان واللحّام وكاهن الابرشية جميعا پولنديين.‏ فلا عجب ان دُعيت تلك المنطقة پولندا الصغيرة.‏ لقد انهمك والداي في النشاطات الاجتماعية.‏ وغالبا ما كان ابي ينظِّم عروضا تتضمّن مسرحية،‏ موسيقى،‏ وغناء.‏ كما أجرى بانتظام مناقشات مع الكاهن،‏ ولكنه لم يقتنع عندما كان يجيبه بأن المسألة التي يناقشانها هي سر من اسرار الكنيسة.‏

وذات يوم في سنة ١٩٣٠،‏ دقّت بابنا امرأتان من تلاميذ الكتاب المقدس،‏ كما دُعي شهود يهوه آنذاك.‏ فأعطتا ابي كتابا مقدسا،‏ وهو كتاب كان يرغب في قراءته منذ سنوات.‏ وقرأ ابي وأمي بشغف المطبوعات المؤسسة على الكتاب المقدس التي تركتها المرأتان وتأثّرا بها.‏ ورغم حياتهما الناشطة،‏ بدأا يحضران الاجتماعات التي عقدها تلاميذ الكتاب المقدس.‏ فصار النقاش مع الكاهن يحتدم اكثر فأكثر،‏ الى ان هدَّد هذا الاخير بطرد اختي ستيفاني من صفوف التعليم الديني اذا استمر والداي في معاشرة تلاميذ الكتاب المقدس.‏ لكنّ ابي اجاب:‏ «لا تزعج نفسك.‏ من الآن فصاعدا ستحضر ابنتي وأولادي الآخرون اجتماعات تلاميذ الكتاب المقدس معنا».‏ ثم انسحب ابي من الكنيسة واعتمد هو وأمي في اوائل سنة ١٩٣٢.‏ في ذلك الوقت لم يكن في فرنسا سوى ٨٠٠ ناشر للملكوت تقريبا.‏

روزا:‏ كان والداي من هنڠاريا.‏ وقد استقرّا،‏ كعائلة ماريان،‏ في شمال فرنسا للعمل في مناجم الفحم.‏ وُلِدت سنة ١٩٢٥.‏ وفي سنة ١٩٣٧ بدأ احد شهود يهوه،‏ اوڠوست بوڠان او بابا اوڠوست كما دعوناه،‏ يجلب لوالدَيّ برج المراقبة بالهنڠارية.‏ ورغم انهما وجدا هذه المجلات مثيرة للاهتمام،‏ لم يصبح ايٌّ منهما شاهدا ليهوه.‏

مع انني كنت حدثة،‏ تأثرت قلبيا بما قرأته في برج المراقبة.‏ وقد اظهرَت سوزان،‏ كنّة بابا اوڠوست،‏ اهتماما شخصيا بي.‏ فسمح لها والداي بأخذي الى الاجتماعات.‏ ولكن لاحقا،‏ عندما بدأت أعمل،‏ صار ابي ينزعج من حضوري الاجتماعات يوم الاحد.‏ ورغم انه رجل طيب،‏ تذمر قائلا:‏ «انت تتغيبين خلال الاسبوع،‏ ثم تذهبين الى اجتماعاتك يوم الاحد!‏».‏ ومع ذلك،‏ داومت على حضور الاجتماعات.‏ وذات يوم،‏ قال لي ابي:‏ «احزمي امتعتك وارحلي!‏».‏ كان الوقت متأخرا وكنت فقط في الـ‍ ١٧ من العمر،‏ فلم اعرف الى اين اذهب.‏ وانتهى بي المطاف الى منزل سوزان وأنا اذرف دموعا غزيرة.‏ فمكثت عندها حوالي اسبوع،‏ الى ان ارسل ابي اختي لتعيدني الى البيت.‏ ورغم طبعي الخجول،‏ ساعدتني الفكرة المذكورة في ١ يوحنا ٤:‏١٨ على الثبات الى جانب الحق.‏ تقول الآية:‏ «المحبة الكاملة تلقي الخوف خارجا».‏ وقد اعتمدت سنة ١٩٤٢.‏

ميراث روحي ثمين

ماريان:‏ اعتمدت سنة ١٩٤٢ مع اختيّ ستيفاني وميلاني وأخي ستيفان.‏ كانت حياتنا العائلية تتمحور حول كلمة اللّٰه.‏ وكان ابي يقرأ علينا الكتاب المقدس بالپولندية فيما نجلس جميعا حول الطاولة.‏ وغالبا ما أمضينا الامسيات في الاستماع الى الاختبارات التي تمتع بها والدانا في عمل الكرازة بالملكوت.‏ لقد علَّمتنا هذه اللحظات الغنية روحيا ان نحب يهوه ونثق به اكثر فأكثر.‏ وقد استمر ابي في الاعتناء بنا روحيا وماديا رغم انه اضطُر الى ترك عمله بسبب صحته الضعيفة.‏

وإذ اصبح لدى ابي وقت فراغ،‏ بدأ بعقد درس اسبوعي في الكتاب المقدس بالپولندية مع الاحداث في الجماعة.‏ وهكذا تعلّمت قراءة الپولندية.‏ كما شجَّع ابي الاحداث بطرائق اخرى.‏ فذات مرة،‏ عندما زار جماعتنا الاخ ڠوستاڤ سوپفير الذي اشرف آنذاك على عمل شهود يهوه في فرنسا،‏ نظّم ابي جوقة مرنِّمين وأعد مسرحية من الكتاب المقدس بالزي القديم عن وليمة الملك بيلشاصر والكتابة على الحائط.‏ (‏دانيال ٥:‏١-‏٣١‏)‏ فلعب لويس بييشوتا،‏ الذي وقف لاحقا بثبات في وجه النازيين،‏ دور دانيال.‏a في هذا الجو الروحي نشأت أنا وإخوتي.‏ وكنا نلاحظ ان والدَينا منشغلان على الدوام بالامور الروحية.‏ واليوم،‏ انا أُدرك كم ثمين هو الميراث الذي تركاه لنا.‏

عند اندلاع الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٣٩،‏ كان النشاط الكرازي لشهود يهوه محظورا في فرنسا.‏ وفي احدى المناسبات،‏ خضعت قريتنا للتفتيش.‏ فأحاط الجنود الالمان بجميع البيوت.‏ كان ابي قد صنع ارضية زائفة في خزانة للثياب،‏ فخبأنا تحتها مطبوعات الكتاب المقدس.‏ لكنّ عدة نُسَخ من كراس الفاشية أم الحرية كانت موضوعة في احد الجوارير في غرفة الطعام.‏ فأخفاها ابي بسرعة في جيب سترة معلَّقة في الممر.‏ دخل بيتنا جنديان وشرطي فرنسي وبدأوا عملية التفتيش.‏ وفيما راحوا يبحثون في ارجاء البيت،‏ كنا نترقب بخوف ما سيحدث.‏ ثم توجّه احد الجنديَّين الى الممر وأخذ يفتش الملابس المعلَّقة هناك.‏ وبعد وقت قصير دخل المطبخ،‏ حيث كنا،‏ ممسكا بيده الكراريس.‏ ثم حدَّق الينا،‏ وضع الكراريس على الطاولة،‏ وتابع التفتيش في مكان آخر.‏ فأخذتُ الكراريس بسرعة وخبأتها في جارور انتهوا من تفتيشه.‏ ولم يطلب الجندي الكراريس قط،‏ كما لو انه نسي امرها!‏

الانخراط في الخدمة كامل الوقت

سنة ١٩٤٨،‏ قررت ان اخدم يهوه كامل الوقت بالانخراط في عمل الفتح.‏ وبعد بضعة ايام،‏ تسلّمت رسالة من مكتب فرع شهود يهوه في فرنسا.‏ فقد عُيِّنت لأخدم كفاتح في جماعة سيدان،‏ قرب بلجيكا.‏ كم سُرّ والداي لرؤيتي اتبنى خدمة يهوه بهذه الطريقة!‏ ومع ذلك،‏ اوضح لي ابي ان خدمة الفتح ليست بالامر السهل.‏ فهي تتطلب جهودا دؤوبة.‏ كما اخبرني انه سيرحِّب بي دائما في منزله وأن بإمكاني الاعتماد عليه اذا واجهت المشاكل.‏ ورغم ان والدَيّ لم يملكا الكثير من المال،‏ اشتريا لي دراجة جديدة.‏ لا ازال احتفظ بالوصل،‏ وعندما انظر اليه تغرورق عيناي بالدموع.‏ مات ابي وأمي سنة ١٩٦١،‏ لكنّي لا ازال اتذكر كلمات ابي الحكيمة؛‏ وقد منحتني التشجيع والتعزية طوال سنوات خدمتي.‏

ضمّت جماعة سيدان اختا مسيحية في الـ‍ ٧٥ من عمرها اسمها ايليز مُوت.‏ وكانت هي ايضا مصدر تشجيع لي.‏ اثناء الصيف،‏ كنت اذهب على دراجتي الى القرى النائية لأكرز فيها.‏ وكانت ايليز توافيني بالقطار.‏ ولكن ذات يوم،‏ أضرَب مهندسو القطار عن العمل،‏ ولم تستطع ايليز العودة الى البيت.‏ والحل الوحيد الذي خطر ببالي هو ان اضعها على دراجتي وآخذها الى بيتها،‏ حلّ غير مريح البتة.‏ وفي اليوم التالي،‏ جلبت معي وسادة وأخذت ايليز من بيتها،‏ فلم تعد تستقل القطار.‏ وبالمال الذي وفّرته كانت تشتري لنا شرابا ساخنا في فترة الغداء.‏ مَن كان يظن ان دراجتي ستُستخدَم كوسيلة للنقل العام؟‏!‏

مسؤوليات اضافية

سنة ١٩٥٠،‏ طُلِب مني ان اخدم كناظر دائرة في فرنسا الشمالية كلها.‏ وبما انني لم اكن قد تجاوزت الـ‍ ٢٣ سنة،‏ شعرت بالخوف.‏ واعتقدت ان مكتب الفرع ارتكب خطأ!‏ كما راودتني اسئلة كثيرة:‏ ‹هل انا مؤهل روحيا وجسديا لأقوم بهذا التعيين؟‏ كيف يمكن ان اتحمل المكوث بأماكن مختلفة كل اسبوع؟‏›.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ أُعاني منذ سنّ السادسة عجزا في العين يُدعى الحول المتباعد،‏ مما يجعل احدى عينَيّ تتجه الى الخارج.‏ لهذا السبب،‏ كنت دائما اشعر بالخجل وأقلق بشأن ردّ فعل الناس.‏ لكنّ ستِفان بيهونيك،‏ احد خرّيجي مدرسة جلعاد الارسالية،‏ منحني الكثير من المساعدة.‏ رُحِّل الاخ بيهونيك من پولندا بسبب نشاطه الكرازي،‏ ثم أعيد تعيينه في فرنسا.‏ فأُعجِبت حقا بشجاعته.‏ وقد كان هذا الاخ يكنّ احتراما عميقا ليهوه ويقدِّر الحق كثيرا.‏ ومع ان البعض اعتقدوا انه قسا علي،‏ تعلَّمت الكثير منه.‏ وساعدتني جرأته ان أنمي ثقتي بنفسي.‏

بفضل العمل الدائري،‏ تمتعت باختبارات رائعة في خدمة الحقل.‏ ففي سنة ١٩٥٣ طُلِب مني زيارة شخص يعيش في جنوب باريس يُدعى السيد پاوُلي.‏ وكان هذا السيد قد اشترك في مجلة برج المراقبة.‏ فالتقينا وعلمت انه تقاعد عن عمله في الجيش وأنه يجد برج المراقبة رائعة.‏ وقد اخبرني انه بعدما قرأ مقالة تتناول ذكرى موت المسيح في عدد صدر مؤخرا،‏ احتفل بالذِّكرى وحده وأمضى باقي امسيته في قراءة المزامير.‏ استغرقت مناقشتنا جزءا كبيرا من بعد الظهر.‏ وقبل ان أغادر،‏ تحدثنا بإيجاز عن المعمودية.‏ ثم ارسلت له لاحقا دعوة الى حضور محفلنا الدائري الذي كان سيُعقَد في اوائل سنة ١٩٥٤.‏ فلبَّى الدعوة وكان بين الـ‍ ٢٦ شخصا الذين اعتمدوا في ذلك المحفل.‏ لا تزال اختبارات كهذه مصدر فرح لي.‏

روزا:‏ في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٤٨،‏ انخرطت في خدمة الفتح.‏ وبعدما خدمت في أنُور قرب بلجيكا،‏ عُيِّنت مع فاتحة اخرى اسمها إيرين كولنسكي (‏الآن لوروا)‏ لنخدم في باريس.‏ فسكنّا في غرفة صغيرة في سان جرمان دي پريه في قلب المدينة.‏ ولأنني فتاة ريفية،‏ كنت ارهب الباريسيين.‏ فقد تصوَّرتهم جميعا اشخاصا متمدنين وشديدي الذكاء.‏ ولكن عندما كرزت لهم،‏ سرعان ما أدركت انهم كباقي الناس.‏ وكان من الصعب الابتداء بدروس في الكتاب المقدس لأن بوَّابي المباني كانوا يطردوننا في كثير من الاحيان.‏ ورغم ذلك،‏ قَبِل بعض الناس رسالتنا.‏

اثناء محفل دائري انعقد سنة ١٩٥١،‏ أُجريت مقابلة معنا انا وإيرين حول خدمة الفتح.‏ واحزر مَن اجرى المقابلة؟‏ ناظر دائرة شاب اسمه ماريان زوميڠا.‏ كنا قد التقينا مرة في السابق.‏ ولكن بعد المحفل،‏ بدأنا نتراسل.‏ لقد كان لدينا الكثير من الامور المشتركة،‏ بما فيها معموديتنا في السنة نفسها وانخراطنا في خدمة الفتح في السنة نفسها.‏ والاهم من ذلك هو رغبتنا المشتركة في الاستمرار في الخدمة كامل الوقت.‏ وهكذا،‏ بعد درس المسألة بروح الصلاة،‏ تزوّجنا في ٣١ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٥٦.‏ بهذه الخطوة بدأتُ حياة جديدة كليا.‏ فلم يكن عليّ ان اعتاد على دوري كزوجة فحسب،‏ بل ايضا على مرافقة ماريان في عمله الدائري،‏ مما يعني النوم في سرير مختلف كل اسبوع.‏ في البداية كان ذلك صعبا جدا عليّ،‏ لكنّ افراحا عظيمة كانت بانتظارنا.‏

حياة غنية

ماريان:‏ على مر السنين،‏ حصلنا على امتياز المساعدة في الترتيب لعدة محافل.‏ وأتذكر بإعزاز محفلا انعقد في بوردو سنة ١٩٦٦.‏ كان نشاط شهود يهوه محظورا في الپرتغال آنذاك.‏ لذلك قُدِّم برنامج المحفل بالپرتغالية ايضا لفائدة الشهود الذين تمكّنوا من المجيء الى فرنسا.‏ فمئات الاخوة والاخوات المسيحيون وصلوا من الپرتغال،‏ الامر الذي انشأ مشكلة تأمين المنامة لهم.‏ وبما ان بيوت الاخوة في بوردو لم تسعهم جميعا،‏ استأجرنا دار سينما غير مستعملة ليمكث فيها الاخوة.‏ فنزعنا جميع المقاعد واستخدمنا ستارة من المسرح لتحويل الدار الى غرفتَي نوم،‏ واحدة للاخوة والأخرى للاخوات.‏ كما ركّبنا أدشاشا ومغاسل،‏ ووضعنا قشا على الارضية الاسمنتية،‏ ثم غطّيناها بشراشف سميكة.‏ فسُرّ الجميع بهذا الترتيب.‏

بعد انتهاء فترات المحفل،‏ كنا نزور اخوتنا وأخواتنا في دار السينما.‏ لقد كان الجو رائعا.‏ وكم تشجعنا بسماع الاختبارات التي تمتعوا بها رغم المقاومة التي احتملوها طوال سنوات!‏ لقد اغرورقت عيوننا بالدموع عندما غادروا المكان في نهاية المحفل.‏

في سنة ١٩٦٤،‏ اي قبل سنتين من ذلك المحفل،‏ نلت امتيازا آخر اذ طُلِب مني ان اخدم كناظر كورة.‏ فتساءلت مجددا هل انا مؤهل للقيام بهذه المهمة.‏ لكنني قلت لنفسي:‏ ‹بما ان الاخوة المسؤولين عن اعطاء التعيينات يطلبون مني قبول التعيين،‏ فهذا يعني انهم مقتنعون بأنني اهل للقيام به›.‏ كانت خدمتي بشكل لصيق مع النظار الجائلين الآخرين اختبارا رائعا.‏ فقد تعلّمت الكثير منهم.‏ فالعديدون بينهم هم امثلة حقيقية للصبر والمثابرة،‏ صفتان مهمتان جدا في نظر يهوه.‏ كما أدركت انه اذا تعلّمنا الانتظار،‏ فلن يغفل يهوه عنا.‏

في سنة ١٩٨٢،‏ فوجئنا عندما طلب منا ايضا مكتب الفرع الاهتمام بفريق صغير من ١٢ ناشرا پولنديا في بولونْي بييانكور بضواحي باريس.‏ فقد كنت اعرف التعابير الثيوقراطية بالپولندية لكنني أستصعب تركيب الجمل.‏ غير ان اللطف والتعاون الطوعي اللذين اظهرهما هؤلاء الاخوة ساعداني كثيرا.‏ واليوم،‏ هنالك حوالي ١٧٠ ناشرا في تلك الجماعة،‏ بينهم ٦٠ فاتحا تقريبا.‏ وفي وقت لاحق،‏ زرنا ايضا انا وروزا فرقا وجماعات پولندية في المانيا،‏ الدانمارك،‏ والنمسا.‏

ظروفنا تتغير

كنا نقدِّر كثيرا زيارة شتى الجماعات،‏ لكنّ تدهور صحتي اضطرنا الى التوقف عن خدمتنا الجائلة سنة ٢٠٠١.‏ فسكنّا في شقة ببلدة پيتيڤييه،‏ حيث تعيش اختي رُوت.‏ وقد أظهر مكتب الفرع لنا اللطف بتعييننا فاتحَين خصوصيَّين وخفْضِ مطلب الساعات ليتوافق مع ظروفنا.‏

روزا:‏ كانت السنة الاولى بعد توقفنا عن العمل الدائري صعبة جدا عليّ.‏ فقد كان التغيير جذريا،‏ وشعرت بأنني عديمة النفع.‏ لكنني ذكّرت نفسي:‏ ‹ما زال بإمكانك استخدام وقتك وقوتك المتبقية بشكل فعال في خدمة الفتح›.‏ واليوم،‏ يسرّني ان اعمل الى جانب الفاتحين الآخرين في جماعتنا.‏

يهوه يعتني بنا دائما

ماريان:‏ اشكر يهوه كثيرا على ان روزا كانت رفيقتي طوال الـ‍ ٤٨ سنة الماضية.‏ فقد دعمتني الى حد بعيد خلال كل السنوات التي قضيناها في العمل الجائل.‏ ولم اسمعها مرة تقول:‏ ‹اتمنى لو نستقر ويكون لنا بيتنا الخاص›.‏

روزا:‏ احيانا كان البعض يقولون لي:‏ «حياتكما ليست عادية،‏ فأنتما تعيشان دائما مع الآخرين».‏ ولكن ما هي حقا ‹الحياة العادية›؟‏ غالبا ما نحيط انفسنا بأمور كثيرة يمكن ان تعيق مساعينا الروحية،‏ مع ان كل ما نحتاج اليه حقا هو سرير مريح،‏ طاولة،‏ وبضعة امور اساسية اخرى.‏ صحيح اننا فقراء ماديا لأننا فاتحان،‏ ولكن كان لدينا كل ما يلزم لفعل مشيئة يهوه.‏ وفي احيان اخرى،‏ كان البعض يسألونني:‏ «ماذا ستفعلان عندما تشيخان وأنتما لا تملكان بيتا او تتقاضيان راتبا؟‏».‏ عندئذ أقتبس كلمات المزمور ٣٤:‏١٠‏:‏ «اما طالبو الرب فلا يعوزهم شيء من الخير».‏ فيهوه يعتني بنا دائما.‏

ماريان:‏ هذا صحيح!‏ وفي الواقع،‏ منحنا يهوه اكثر مما هو ضروري.‏ على سبيل المثال،‏ جرى اختياري سنة ١٩٥٨ لتمثيل دائرتنا في المحفل الاممي في نيويورك.‏ ولم نكن نملك المال لشراء تذكرة سفر لروزا.‏ ولكن في احدى الامسيات،‏ اعطانا اخ ظرفا كُتب عليه:‏ «نيويورك».‏ وبالهبة التي تضمنها الظرف تمكنت روزا من مرافقتي!‏

لم نندم انا وروزا مطلقا اننا قضينا كل هذه السنوات في خدمة يهوه.‏ فنحن لم نخسر شيئا،‏ بل ربحنا الكثير:‏ حياة غنية وسعيدة قضيناها في الخدمة كامل الوقت.‏ ان يهوه اله رائع،‏ وقد تعلّمنا ان نثق به كاملا،‏ فعمقت محبتنا له.‏ ان بعض اخوتنا المسيحيين يدفعون حياتهم ثمنا لأمانتهم.‏ ولكن برأيي يمكن ان يبذل المرء حياته كل يوم على مر السنين.‏ وهذا ما نجاهد انا وروزا لفعله حتى الآن،‏ وما نصمِّم ان نفعله في المستقبل.‏

‏[الحاشية]‏

a نُشِرت قصة حياة لويس بييشوتا،‏ «اجتزت ‹مسيرة الموت›»،‏ في برج المراقبة سنة ١٩٨١.‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٠]‏

فرنسوا وآنّا زوميڠا وأولادهما ستيفاني،‏ ستيفان،‏ ميلاني،‏ وماريان نحو سنة ١٩٣٠.‏ ماريان واقف على طاولة صغيرة

‏[الصورة في الصفحة ٢٢]‏

في الاعلى:‏ عرض مطبوعات الكتاب المقدس على طاولة في سوق في أرمانتْيير،‏ شمال فرنسا،‏ سنة ١٩٥٠

‏[الصورة في الصفحة ٢٢]‏

الى اليمين:‏ ستِفان بيهونيك مع ماريان سنة ١٩٥٠

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

ماريان وروزا في اليوم الذي سبق زفافهما

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

روزا (‏اقصى اليسار)‏ مع رفيقتها الفاتحة إيرين (‏الرابعة من اليسار)‏ تعلنان عن المحفل سنة ١٩٥١

‏[الصورة في الصفحة ٢٣]‏

كانت الدراجة وسيلة النقل الرئيسية التي استخدمناها اثناء الزيارات الدائرية

    المطبوعات باللغة العربية (‏١٩٧٩-‏٢٠٢٥)‏
    الخروج
    الدخول
    • العربية
    • مشاركة
    • التفضيلات
    • Copyright © 2025 Watch Tower Bible and Tract Society of Pennsylvania
    • شروط الاستخدام
    • سياسة الخصوصية
    • إعدادات الخصوصية
    • JW.ORG
    • الدخول
    مشاركة